12-08-20, 08:43 PM
| #1 | |||||||||||
| مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء 
|  الشهاب _ أ.رءوف وصفى   الشهاب أ.رءوف وصفى ******** كانت صرخة رائد الفضاء لا تزال ترن في القمرة .. أخذ يحاول في يأس أن يصل إلى أجهزة القيادة، دون جدوى .. انقطعت وسيلة الاتصال بمركز المتابعة في كوكب الأرض .. انقلبت سفينة الفضاء في وضع رأسي في محاولة للتغلب على شلال الصخور المندفع نحوها .. تمكن رائد الفضاء من النهوض بصعوبة وهو يترنح، ولمح الصخور ذات اللون الرمادي الكئيب، وهي تنحدر في مجموعات تجاهه من مسافة كيلومترات قليلة.. حتى في هذه اللحظات التي اعتراه فيها الفزع، أمكنه أن يدرك وجود أمر غريب حول هذا الحاجز الصخري المندفع نحو سفينة الفضاء بهذه السرعة الهائلة .. إن الموت قريب جدًا منه .. حاول عدة مرات أن يعيد الاتصال بمركز المتابعة فوق كوكب الأرض .. صرخ في جنون .. ثم القى بالأجهزة في عنف، فأطاح ببعض المعدات الإلكترونية التي تملأ القمرة.. لقد كانت هذه أول رحلة إلى كوكب المشترى .. عملاق المنظومة الشمسية .. ومحاولة الاقتراب إلى أقل حد ممكن من سطحه .. واكتشاف سر البقعة الحمراء الغامضة .. التي حيرت علماء الفلك .. ولكن لسبب مجهول دخلت سفينة الفضاء في متاهة من الصخور الهائلة .. الكويكبات .. المحيط الكوني الهائج الذي يتوسط المسافة بين كوكبي المريخ والمشتري .. إن الجنس البشري الذي لم يكن له وجود في الكون إلا على مدى زمني ضيق .. ساكن الكهف بالأمس القريب .. الذي كان يحلم بالمستحيل... بغزو النجوم .. قد خلف الأرض وراءه .. وتطلع للكون .. اللانهائي .. الإنسان الذي كان بالأمس عاريًا، بالغ الضعف إلى حد يرثى له .. فاقد الأمل في الدفاع عن نفسه .. غلف نفسه بالصلب، واندفع في سفن فضاء تعمل بالهيدروجين السائل .. ووصل بها إلى القمر والمريخ والزهرة، ثم كان في طريقه إلى المشترى .. | |||||||||||
|  |
|
12-08-20, 08:43 PM
| #2 | |||||||||||
| مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
|  ـ 2 ـأصاب سفينة الفضاء إعصار من الكويكبات الصغيرة، الموزعة في شريط كبير حول الشمس .. أقزام سابحة في فراغ الكون .. شيء لطم سفينة الفضاء من كل جانب .. ملايين المطارق الفولاذية .. اندفع داخل القمرة المهتزة بعنف .. صفير مدوٍّ .. كان أشد الأصوات التي سمعها رائد الفضاء، إثارة للفزع والرعب .. انبعثت فجأة شرارات كهربية بألوان خاطفة ومتعددة، من الأجهزة الإلكترونية الموجودة في لوحة القيادة .. وانبثق شق أحمر قانٍ .. سحب رائد الفضاء جهاز التنفس بأصابع مرتعشة متيبسة، من تحت مقعده، أحكمه فوق رأيه .. وبمجرد أن انتهى، حتى اهتزت سفينة الفضاء في عنف بالغ، كاد أن يحطمها .. شد أطرافه استعدادًا للصدمة التي لا مفر منها .. وانفجرت سفينة الفضاء، وتناثرت شظاياها بسرعة هائلة في كل اتجاه .. ووجد رائد الفضاء نفسه كواحدة من تلك الشظايا، يتجه عائدًا إلى كوكب الأرض .. وحيدًا .. | |||||||||||
|
| |
|
12-08-20, 08:43 PM
| #3 | |||||||||||
| مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| ـ 3 ـ كان يرتدي رداء الفضاء المحكم المقاوم للصدمات، المصنوع من البلاستيك المقوى والمطاط الفولاذي .. يغلفه في عالم صغير محدود .. خاص به .. لا يشعر داخله ببرودة الكون التي لا تحتمل .. اندفع يهبط بسرعة تبلغ آلاف الكيلومترات .. تطلع خلفه، ليجدب بقايا سفينة الفضاء، وقد اختفت وراء غبشة السحر الرمادية، وذلك الظلام الكثيف، الأبدي .. استمر يهبط بهذه السرعة الهائلة .. أصابته الصدمة بدوار كاد أن يفقده عقله، وظل قلبه المعذب يضرب جنبات صدره في عنف .. ورئتاه تهددان بالانهيار في أية لحظة .. كان عاجزًا عن التفكير، فقد أذهلته الصدمة وأصابته بشبه فقدان للذاكرة .. ولكنه كان يستطيع أن يتخيل مكانًا صغيرًا فوق كوكب الأرض .. مدينة صغيرة .. وطريق ممهد مشمس تظلله الأشجار .. ومنزل أبيض من طابقين .. وزوجته .. وابنته .. الحب .. والحنان .. والدفء .. والسعادة .. أين كل هذه المشاعر الآن؟ إنه حتى لا يجد مبررًا لموته .. ما أعجب الإنسان .. يقف فوق ذرة من الرمال .. يتطلع لغزو المحبط الكوني اللانهائي . وينفق البلايين على أبحاث الفضاء .. وهناك من بني جنسه من يموت، لأنه لا يجد الطعام، بكل كسرة الخبز .. كم من ملايين البشر سيسعدون بجزء فقط من الأموال المخصصة لأبحاث الفضاء .. وغزو الكون .. إنها موازنة بين الحياة لملايين البشر، وبين محاولة غزو كواكب ميتة .. ويختار الإنسان ما يرضي غروره .. ورغبته في التظاهر .. كان رائد الفضاء يهبط كقطعة من حجر .. فقاعة بيضاء في بئر أسود لا قرار له .. وهو مستسلم بلا إرادة .. قدر لا يملك دفعه .. صرخ بأعلى صوته .. دون جدوى .. بكى رغمًا عنه .. أخذ يتجه نحو كوكب الأرض .. كسمكة هلامية فضية .. في بحر كثيف الظلمة لا حدود له .. تصارع الموت .. ولكن بلا أمل .. قال بصوت هامس مفعم باليأس: ـ وداعًا أيتها الأرض .. بكل ما تحتويه .. أيها الناس .. إنكم لن تسمعوني .. ولكني أتحدث إليكم من عمق الكون .. وأنا على حافة الموت .. رفقًا بأشقائكم بني البشر .. كونوا أكثر رحمة بهم .. وداعًا .. جاءته فجأة فكرة غريبة، سيطرت تمامًا على ذهنه .. عندما سيدخل المجال الجوي لكوكب الأرض .. سيحترق كالشهاب .. لقد رأى خلال حياته القصيرة عشرات من الشهب .. فهل كان يتصور أنه سيصبح يومًا ما أحد تلك الشهب؟ أغمض عينيه في يأس .. صلى .. ثم انتظر الموت .. | |||||||||||
|
| |
|
12-08-20, 08:44 PM
| #4 | |||||||||||
| مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| ـ 4 ـ في تلك اللحظات .. طفل صغير ضعيف .. كأنه خيال عصىّ .. يقف بجانب أمه الهزيلة .. أمام كوخهما الحقير .. في هذا الليل شديد الحرارة .. الرطب .. رفع إصبعه الدقيق المرتعد للفضاء، وقال: ـ انظري يا أمي .. إنه شهاب .. كان جسن رائد الفضاء يبدو كشهاب .. يحترق .. يضيء .. يتوهج .. ابتسمت الأم في وهن، لا يخلو من حزن، وأردفت: ـ تقول الأساطير بأنك إذا طلبت أمنية .. وأنت تشاهد الشهاب الساقط.. تحققت .. قال الابن بلهفة، بكل الأمل: ـ أتمنى أن يتوفر لنا الطعام .. كل يوم .. وانطفأ الشهاب فجأة .. وبدا الليل أكثر ظلمة .. ووحشة. | |||||||||||
|
| |
 |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
العرض العادي
