آخر 10 مشاركات
الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          غريق.. بين أحضانك (108) للكاتبة: Red Garnier *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          خائف من الحب (161) للكاتبة : Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] عقلي عنده ، للكاتبة/ لينا المنفي " ليبية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-06-21, 12:22 AM   #1121

نهى محسن

? العضوٌ??? » 423686
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 232
?  نُقآطِيْ » نهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond reputeنهى محسن has a reputation beyond repute
افتراضي طوق من جمر الجحيم


الفصل ممتع بتنقليني بين الأحداث والأبطال بسلاسة وحرفيه عاليه
ما زال مدين موجوع وصبر أكثر وجعا لكن هيقدروا يبعدوا عن بعض بعد كل السنوات والأحداث الي مروا بيها
بيسااااان يخربيت دماغها وتفكيرها
عززززة نفسي ارتاح وتريح مجنونه جدا خليها تنهد بقي
سلمت يداك عزيزتي


نهى محسن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 12:39 AM   #1122

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن والأربعون
***
أسطورة عشق تتحقق بقلب ناسك يتألم
يهزمه الوجع ويتهذب
يعلمه العشق الصبر فيتعلم
والشوق لعين يتجدد
فيجن العاشق يتمرد
يدمر كل حصون الفرقة
ويحدد أهدافه ويسدد
***
فطور على صوت النارجيلة تتناوله برفقته في الصباح الباكر كل يوم، يسبقها إلى مكانه الخاص فتهتم بالرضيعة الخلابة وتتركها لجدتها رحيمة قبل أن تحتضن قطتها بيلا وتهبط إليه تشاركه جلسته الصباحية، تفعل ذلك عن محبة ورغبة في مجالسته رُغم نومها المتأخر فلياليه صاخبة!
أنجبت طفلتهما منذ ثلاثة أشهر
ميّاس معتصم زايد
التي خلبت لب العائلة وأطاحت أرضًا بالجليد الذي باعد بين جدها الأكبر سليمان وأبيها، فقد أصرت بيسان على العودة إلى كنف الجد في شهرها الخامس من الحمل، أجبرت معتصم على الامتثال لرغبتها فهي مثله عنيدة تمتلك القدرة على الإصرار والتنفيذ إن أرادت، خطت قصر زايد برفقة معتصم وكانت قد تكورت بطنها ببروز زادها فتنة وزاد وجهها إشراقًا..
الجميع استغرب هيئة معتصم الجديدة، فالذي كان يحافظ على تفاصيل رسمية دلف إليهم بسروال من الجينز القصير وقميص ملون بنصف أكمام، وخصلاته استطالت إلى حد ملفت، مظهره يليق بنزهة على البحر دون رتوش إضافية..
استكانت بيسان يومها بين أحضان جدها الذي أعرض عن معتصم تمامًا، معتصم الذي كتف ذراعيه واقفًا على مسافة مناسبة وصوته اتشح بترفع اكتسبه من جده في الأصل:
ـ كيف حالك يا جدي.
أشاح الجد بوجهه يغالب لين قلبه الذي تسببت فيه حفيدته التي هدمت حصون جبروته حين رآها تدلف إليه ومعالم الحمل قد ظهرت عليها، تنحنح يجيب سؤاله متغطرسًا:
ـ ليس بيننا سلام ولا كلام يا معتصم، اتركها واذهب حيث جئت..
برمت بيسان شفتيها تتصنع الدلال رُغم فهم الجد لما تفعله:
ـ تريده أن يتركني في ظروفي تلك، هل يرضيك أن أنام حزينة كل يوم دونه!
كبح معتصم ضحكته المتسلية فأكثر ما لا يعجبه فيها هو ذلك الجزء الطفولي، وللأسف استغلال هذا الجانب منها يؤتي بثماره في تلك اللحظة تحديدًا، حيث شدد الجد على ضمها مربتًا على ظهرها وسألها في حنو بالغ:
ـ هل الحمل يتعبك؟
أومأت له في وداعة فأشار إلى معتصم بيده دون أن ينظر إليه:
ـ تعال ساعدها كي ترتاح في غرفتها واهتم بها جيدًا.
ساعدها معتصم على النهوض ومغادرة المجلس فيما شيعهما الجد بنظرة راضية، فقد اكتفى بقطيعة معتصم وبُعد بيسان عنه خمسة أشهر كاملة، عند ولادة ميّاس طار عقله بها، هو الذي يذوب قلبه في حضور فتياته الصغيرات جاءت الرضيعة التي لا تختلف عن أمها في شيء وسرقت ما تبقى من قلبه، فأضحى يمضي ساعات طويلة يحمل ميّاس على ساقيه المتربعين فوق الأريكة ومُعز يملأ المنزل بالصخب..
هبطت بيسان إلى معتصم الجالس وحده في مكانه الخاص، تقدمت منه تجلس قبالته وتبتسم له في إغواء صباحيّ ينتهي نهاية مشوقة حين يصعد للتحضر للعمل، نظرت إلى الطبق أمامه بعدم رضى:
ـ دومًا تتناول الطعام قبلي ولا تنتظرني!
نفث دخان نارجيلته بعيدًا وعاد ينظر إليها باسمًا:
ـ تأتين متأخرة.
شرعت في تناول طعامها متذمرة:
ـ هيا كي توصلني إلى العمل.
مط شفتيه يشاغبها:
ـ اطلبي من عمك أمجد الذي تحتمين به أن يوصلك.
مطت شفتيها فيما تجذب قدح قهوتها:
ـ أوصلني أنتَ وسأحتمي بك!
ضحك في خفوت فقد أصبحت مرواغة مرنة تجيد تطويع الحديث لمصلحتها، كما نظمت حياتها بين عمل بنصف دوام وحياتها الخاصة تحظي باهتمام أكثر، رقة صوتها وكياسة طلبها جعلته يومئ في مكر:
ـ أريد رشوة.
سحبت كفها تزيح خصلاتها تتخلف باسمة:
ـ ما رأيك أن نترك ميّاس الليلة مع عمتي وندور مع المجرة فوق سطح الفندق.
تراجع برأسه مسترخيًا على الأريكة يستل من نارجيلته وينفث دخانها:
ـ نأخذها معنا نعلمها الدوران مع المجرة.
وفي المساء أخذها إلى مكانهما المفضل، استلقيا على الفراش المستدير ووضعاها بينهما، ناظرت السماء بعينيها البنيتين الصغيرتين ككل ما فيها، مال معتصم برأسه إلى وجه صغيرته الساحرة يلقنها بصوت خفيض قرب أذنها:
ـ أريدك أن تكوني مميزة تأخذين قرارتك وحدك فأنت ابنة معتصم زايد.
كزت بيسان على أسنانها ومالت إلى الصغيرة من الجهة الأخرى تلقنها بدورها ما تؤمن به تمامًا:
ـ إياك وجنون العظمة يا صغيرتي، الأميرة لابد أن تكون بسيطة ومتواضعة.
تمطى معتصم على الفراش ينظر للسماء ضاحكًا فاقتنص قلب حبيبته لمرة غير معلومة الترتيب، عشقته بكل مافيه من مميزات ومايراه الناس عيوبًا، اقتربت حد المعرفة، فالملك صاحب الهيبة والجبروت وكل تلك الأشياء التي تزرع الرهبة في القلوب أحيانًا يأتي إلى أحضانها عاشقًا ويسكن!
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 12:41 AM   #1123

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

لم يؤثر فيها قدر الأمومة، ولم تصيبها عشوائية النبض فقلبها يدق بثبات وقوة، تشعر بأنها صاحبة حق وتأخذ حقها من فم السبع، ولم لا فهي ملكة في وكر ثعالب.
ينادونها عزيزة كما يفعل الحاكم، وذلك مكانها الذي تستحق ولا يرضيها أقل، كانت فوق فراشها نصف مسلقية، يغفو طفلها الذي عودته النوم قرب قلبها، رأسه مستقر فوق كتفها ونصفه فوقها حد أن قدمه تستقر فوق بطنها، بطنها التي تكورت بحملها الثاني، الحمل الذي مرت شهوره كلمح البصر وأمعنت فيها في استغلال الأب!
الأب الذي دلف لتوه وخطى إليها ببطء، يعاملها كمثل المفترس الذي يهادن قبلما ينقض، أغمضت عينيها حين شعرت بحركته المعتادة ففهم لعبتها واستغل!
قواسمهما المشتركة غير قابلة للعد، زحفت بسمة خبيثة إلى ثغره فتلك دعوة ضمنية لقبول انضمامه، خلع حذائه وسترته احتل الفراش جوارها من الجهة الأخرى فأضحت مأسورة بينه وبين مُعز، دفن وجهه في رقبتها يتنشق عبيرها، صارت أمومية في معظم تفاصيلها، حنون وللغرابة لمستها ازدادت دفئًا حتى نظرتها التي اعتاد منها الحدة تلين شيئًا فشيئًا، مجرد صمتها وهدوءها ضوء أخضر له حتى يظل، فترة الحمل ممتعة بالنسبة له فالهرمونات تؤرجحها حتى تستقر في أحضانه، همس برفق قبل أن يستسلم للغفوة جوارها:
ـ لم أقابل مثلك ماما.
غفى بجانبها تلك الليلة وغيرها حتى حان وقت ولادتها، طلب منها الجد أن تلد في المنزل طالما ولادتها طبيعية، حاولت رحيمة الإصرار على المشفى خوفًا عليها لكن عزة أيدته، تجهيزات المشفى من السهل إحضارها في المنزل، وكمثل المرة الأولى ستلد على الطريقة الحديثة تحت الماء الدافئ، حين جاءها المخاض تفجرت ينابيع مشاعرها فبكت ثانية، عزة لا تبكي إلا في وقت المخاض على ما يبدو، كانت في غرفتها تقطع المكان الفراغ ذهابًا وإيابًا وتجلس على مقعد حين يباغتها الطلق، تنهض حين تشعر بتحسن فيدعم خصرها وتدفعه بعنف صارخة:
ـ ابتعد عني أيها الوغد، أنتَ السبب..
أشارت لنفسها في ألم:
ـ أنت من خربت حياتي كلها!
كبح ضحكته وشدد على ضمها إليه:
ـ سأعيدك إلى عمك وعودي إلى حياتك العامرة.
شهقت في ألم تلكمه وتتأوه:
ـ تعايرني بعمي!
قلد صوتها بقصد إغاظتها:
ـ أجل أعايرك بعمك.
لكزته في خاصرته قبل أن تسير وحدها بجهد مضاعف ترغي وتزبد:
ـ ابتعد قبل أن أمزقك بأظافري وأسناني..
لم يبالي بغيظها واقترب منها يتمسك بعضدها، سيطر عليها كليًا واقتنص قبلها أججت غضبها فدفعته صارخة:
ـ تختار أوقات لعينة مثل وجهك.
ضحك بقوة وصاح مبتعدًا كالمسلوع حين عضت يدها في غل، جلست على المقعد تمسك بظهرها وبطنها وتبكي بحرقة:
ـ أكرهك...سأظل أكرهك.
مسد يده المتألمة واقترب منها يزفر بقوة، جثا على ركبته يتمسك بركبتيها وأخبرها صادقًا فيما يطوف ببصره على ملامحها المتغضنة:
ـ لم أطلب الحب يومًا، وجودك معي يكفيني.
تلاشى ألمها رويدًا فمد يده يزيح عبراتها الساخنة، فأشاحت بوجهها وخرج صوتها متعبًا:
ـ أريد أن أقف.
استقام وساعدها كي تنهض ففعلت تعطيه يديها، طوقها بذراعيه وضمها لصدره، همس قرب أذنها يستفزها:
ـ تذكري أنكِ من أردتِ الحمل تلك المرة وليس أنا.
وغد وحقير مستفز، أشعل غيظها فصرخت بقوة تدفعه، سمعا طرق الباب فذهب مصعب يفتحه فوجد مساعدة الطبيب، أخبرته أن الطبيب يطلب السيدة عزة فقد حضروا كل شيء، سمح لها بالدلوف ليجد زاد وبيسان تأتيان بدورهما، ابتسم لزاد التي تمشي الهوينا نتيجة ثقل حملها، خرجت إليهم عزة التي أشارت لزاد تنصحها:
ـ عليكِ بالولادة بدون ألم.
ابتسمت زاد التي عانقت الشهر السابع في الحمل ومسدت بطنها تهدهد توأميها وتعلق:
ـ ما يفعله الله خير يا عزة.
تأوهت عزة التي تقدم إليها مصعب يساعدها للذهاب إلى الغرفة التي حضروها لولادتها، قال في بزفرة يأس من رأسها اليابس:
ـ هل كان ضروريًا الولادة دون مخدر مثل المرة السابقة..
زجرته عزة تتمسك بظهرها فيما تحاول التنفس بصعوبة:
ـ كيف أكون والدتهم وأنا ألدهم دون ألم!
ابتسمت بيسان لزاد دون تعقيب، للتو نصحت زاد بتجنب الألم ورأيها متناقض تمامًا، أخذوها إلى الغرفة الأخرى وبدأت ولادتها..
في أوج ألمها شددت بالقبض على كف مصعب الذي لم يتركها، انتهت رحلة المخاض بصراخ رضيعة هدهدت شغاف قلبها، صوت صراخ أطفالها يثلج صدرها، يجعلها تشعر أنها موجودة ومهمة..
كانت في حالة مزرية متعرقة ووهنها يطبق أواصره عليها وقد أنجبت طفلتها توًا، قبل كفها قبل أن يقترب من أذنها ويتحدى عنفوانها يخبرها:
ـ شكرًا لأنك تتشبثين بجذوري إلى هذا الحد.
نقلوها إلى فراش مريح وساعدوها لتغفو قليلًا، حين استطاعوا نقلوها إلى غرفتها ومعها الرضيعة، نامت لبعض الوقت وزارها السيد سليمان بعدما استعادت جزء من طاقتها، قبّل رأسها وجلس على مقعد قربه مصعب من فراشها قبل قليل، كانت رحيمة جالسة جوار عزة على فراشها، فحملت الصغيرة ضمتها لصدرها قليلًا قبل أن تعطيها لجدها، ابتسم مصعب ولم يفارق وجه طفلته، سطت على قلبه مثل مُعز وأكثر، لها خصلات ناعمة كثة مثله ومثل طفله لكن بشرتها بيضاء مشرئبة بحمرة مثل بشرة أمه وعزة بالتأكيد تكتم سخطها الآن عليه وعلى أمه التي وعدته أن تحضر بعد يومين لتحتفل معه بمولدته الجديدة ، قتله الفضول ليعرف لون عيني الصغيرة لكنها لم تفتحها منذ لحظة ميلادها، تلقفها الجد من رحيمة وكبر قرب أذنها بدوره قبل أن يبتسم لعزة في تقدير:
ـ تمنحيني الهدية الغالية تلو الأخرى يا عزيزة.
ابتسمت له عزة تنظر إلى مُصعب فتنحسر ضحكتها ويحل الشراسة محلها:
ـ وسأمنحك الكثير من الهدايا مستقبلًا.
مرر مصعب نظرته الماجنة عليها صعودًا وهبوطًا مستغلًا وقفته خلف جده وانشغال رحيمة بالرضيعة..
تساءلت رحيمة في رفق:
ـ ماذا سنسميها يا عمي؟
نظر السيد سليمان إلى حفيدته بفخر و ثم أجابها:
ـ عاصي.
عقدت عزة جبينها تردد خلفه:
ـ عاصي!
نطقتها مندهشة، فابتسم لهايؤكد:
ـ عاصي زايد.
تذكرت بطلة دراما تركية تكرهها واستنكرت مغتاظة:
ـ كيف نسمي الفتاة عاصي؟
هدهد جبين الرضيعة الأخاذة بأطراف أصابعه وعاد ينظر إلى أمها متندرًا:
ـ إن لم نسمي ابنة مصعب اسمًا عصيّا ستمرغ رؤوسنا في الوحل وتجلب لنا العار مثل أبيها..
تعالت الضحكات واستنكر مصعب يميل إليه مشيرًا إلى نفسه:
ـ أنا المخطئ لأنني تزوجت أصلًا، ما كان عليّ الزواج منها ولا إحضارها إلى هنا.
تعالت ضحكات نسوة العائلة اللاتي دلفن، بيسان تحمل طفلتها ميّاس وزاد تتحرك ببطء فيما تنضم إليهن السيدة لبيبة التي تتمسك بكف مُعز ، مُعز الذي حرر يده الصغيرة منها واندفع صوب أبيه فحمله مصعب يدغدغه فيضحك بانطلاق ويسترق النظر إلى أخته الصغيرة في فضول، تقدمت السيدة لبيبة تحمل الرضيعة الجديدة وتبارك لعزة سلامتها، باتت تشغل نفسها بأحفاد العائلة الصغار مذ جاءت عزة بطفلها وبعدها أنجبت بيسان طفلتها، استدارت إلى زاد تضحك بفورة مشاعر جديدة عليها تمامًا:
ـ العُقبى لكِ يا زاد.
ردت زاد في تهذيب تمازحها:
ـ سيكون لديكِ حضانة صغيرة يا عمتي..
تباسطت لبيبة تمامًا تخبرها:
ـ الأطفال الصغار أروع شيء في هذا المنزل يملأون حياتنا بهجة.
وافقها الجميع وتمنت زاد أن يمر حملها بخير وتسعد بطفليها وتُسعد منصور معها، ومر الشهران بسلام بالفعل، كان القدر سخيّا معها، باغتها المخاض دون مقدمات فنقلوها إلى المشفى وأنجبت الطفلين بعملية جراحية، كان يومًا عصيبًا كما حال الحمل، فحالتها النفسية تأثرت بالحمل وساعدتها طبيبتها النفسية لتخطي الأمر، في المشفى تجمعت العائلة، ابتهل جدها الذي أصر على الذهاب إليها والمكوث جوار فراشها حين غفت بعد الجراحة تحت تأثير المسكنات القوية، انفرد بها قليلًا يحدثها قرب أذنها رُغم علمه بغيابها التام في نوم عميق، استيقظت بعد عدة ساعات واهنة، تفرق أجفانها وتتلفت بعينيها يمينًا ويسارًا، ساعدتها مساعدة الطبيب وبعد ذلك أحضروا إليها توأميها، منحت المساعدة منصور أحدهما ومنحت زاد الآخر كي تراه، ارتجفت كلها حين مسته يدها، معجزة من القدر ومنحة غالية، تقدم الجد إليها يبتسم فيما ترافقه رحيمة تاركين بقية العائلة بالخارج، رفعت زاد وجهها إلى جدها تبتسم له:
ـ الفرحة لا تساعك أليس كذلك..
ضحك العجوز في مكر:
ـ لدي الحق كله..
شاركته رحيمة ضحكاته:
ـ تحققت أمنياتك كلها ياعمي..
غامت عيناه بحزن دفين:
ـ ليست كلها يا رحيمة.
عبست تلوم نفسها على تسرعها، ربتت على كتفه في حنو:
ـ لقد تحدثت معه قبل قليل عبر الهاتف ووعدني أن يأتي بعد عدة أيام.
زفر وأومأ لها في فهم، تدخل منصور محاولًا التخفيف عن جده:
ـ زاد تريد تسميتهما معتصم وعاصم.
امتعض وجه الجد وعلق غاضبًا:
ـ معتصم من!... لن نسمي أحد بهذا الاسم ثانية، نفقد السيطرة عليه كليًا..
على سيرة معتصم حضر وقطع حديثهم مختالًا:
ـ الرائع في الأمر أنه سيكون معتصم زايد أيضًا..
ضحكوا جميعًا إلا الجد الذي ضيق عينيه في وجوم مصطنع:
ـ لن يحدث أبدًا..
نهض منصور يقدم الرضيع لجده باسمًا، تلقفه الجد وقبله قبل أن يشير إليه:
ـ هذا منذر..
أشار إلى الآخر الذي تحمله زاد:
ـ وهذا مروان.
ابتسم الحضور باستحسان حتى معتصم الذي أخذ منذر من جده وعانده:
ـ لا يهم الاسم، سأعلمه طباعي جيدًا..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 12:44 AM   #1124

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


***
ألحوا في طلب زيارته لهم، كل ليلة تحدثه أمه وتتوسل، ورحيمة أخبرته بميلاد طفلي أخيه، قرر العودة فالشتاء الثاني قد حان، عاد ليلًا وبارك ولادة زاد، وجد أجواء المنزل تتغير، باتت أكثر صخبًا ووجود الأطفال أضاف اللطف بين الأروقة والجدران، كلما مر من ممر وجد إحداهن تحتضن طفلًا وتسير به إلى وجهات غير معلومة، حضانة السيدة لبيبة كما أخبرته زاد، قصد غرفة أمه بعد حضوره بليلة، قرر أن يقضي سهرته معها يسمعها وقرر ألا يحكي شيئًا فليس لديه حكايات يرويها، عانقته أمه وغالبت البكاء، حاولت ألا تثقل عليه فوق ما يتحمله، دلف أبوه فوجد رأسه تستقر على ساق أمه التي تجلس على نفس الأريكة وتمسد خصلاته بأناملها، اقترب منهما وجلس على المقعد المقابل، حاول مدين الاعتدال احترامًا له فرفضت الأم بحزم:
ـ بالتأكيد لن يغضب إن بقيت هكذا لبعض الوقت، مر عام وأنتَ بعيد عني وعام قبله أيضًا.
تنهد مدين وظل محله، ابتسم السيد أمجد لهما:
ـ لبيبة صارت حنونة الآن استغل ذلك.
ابتسم مدين مسبلًا أهدابه فيما امتعضت لبيبة تسأله:
ـ هل كنت جاحدة دومًا!
هادنها زوجها بكلا كفيه ضاحكًا:
ـ حاشا لله، أنا الجاحد فقط.
أدار الدفة صوب مدين يسأله في رفق:
ـ ألم يحن الأوان بعد، يكفي سفر يا مدين.
تدخلت الأم في حذر:
ـ أرجوكَ ابقَ معنا وسأبحث لكَ عن عروس..
تخافت صوتها في آخر الحروف فمدين فتح عينيه كليًا يناظرها من وضع معكوس، تباطأت أهدابه مبديًا رغبته:
ـ أجل يا أمي ابحثي لي عن عروس.
عم الصمت فأردف بصوت جامد:
ـ عروس اسمها صبر ولها قلب سليم.
أكد على أمه فنحر قلبها:
ـ احرصي على أن يكون قلبها سليمًا، اتفقنا.
أطرق الأب في عجز، فيما مالـت أمه إليه تحتضن كل ما تطاله منه، فآخر مرة رأت صبر كان قبل عامين تحديدًا في اليوم الذي سافر فيه مدين أول مرة، بعد رحيل ابنها إلى المطار أخذها قلبها إلى قبر طفله الذي لم يرَ النور، وجدت صبر هناك تبكي بحرقة فلعنت نفسها لم تكن لتتسبب في وجع أي شخص لهذا الحد، تقدمت منها على استحياء وحين شعرت صبر انتفضت بشراسة تغالب صدمتها وتصرخ في وجهها:
ـ أنا هنا من أجل مجد، أبكي على ابني فقط لكن ابنك ابكي عليه أنتِ وحدك.
وقتها تراجعت لبيبة دون قدرة على الرد، اليوم ينخلع لبها على ابنها الذي يعيش مثل الآلة بالضبط، ومن داخلها يأست فعن أي يقلب سليم يبحث، قلب الأم المكتوي لا يجد سلامة أبدًا..
انتظر ساعة مطر حتى يزورها، فعشقه لها تغذيه الزخات، قصد متجرها وكانت لحظة واحدة بين رؤيته لها من خلف الزجاج منهمكة في العمل وبين اختفائها كليًا، طرفة عين فصلت كل شيء، رأته وهبطت من فوق مقعدها أرضًا، زحفت هاربة تحت مراقبة أسماء المندهشة، وحين دلف لم يجدها، رحلت صبر من الباب الخلفي للمتجر وسارعت بالهرب إلى المنزل!
وذلك العام لم يرها، فشل في ملاحقتها واستحى من اقتحام منزل والدها وطلب رؤيتها مباشرة فبأي صفة سيطلب ذلك!
حبست نفسها في المنزل تراه أحيانًا تحت شجرة بعيدة في السهل، مجرد خيال أسود في الظلام يتطلع إلى نافذتها، ذات مرة أتتها أسماء بالهاتف، كان الوقت ليلًا والنجوم غافية، قدمت أسماء الهاتف لها في حزم:
ـ تحدثي إليه مرة واحدة.
ارتجفت أناملها فيما تلتقط الهاتف تضعه على أذنها، سمع هسيس أنفاسها فأخبرها:
ـ أنا في المطار سأعود إلى برلين ثانية.
اكتنفهما الصمت، فليس أبلغ منه حديثًا يجمعهما، تحركت تلقائيًا إلى النافذة تبحث عن الطيف قرب الشجرة فلم تجده لقد رحل بالفعل، نجحت في مسعاها وأبعدته، وصله صوتها المبحوح الذي يعرفه لاهثًا:
ـ تصحبك السلامة.
***
مر عام آخر
العام الثالث الذي تغربه وقبله ستة أشهر من تاريخ الانفصال
ثلاثة أعوامًا ونصف من الفراق، طلبه جده وأخبره ألا يأتِ أبدًا إن لم يفعلها هذا الأسبوع، العجوز قد سئم ما يفعله مدين، عاد تحت ضغوطهم بالفعل، لاحظوا الهدوء الذي بات يحفه، صار هادئًا انطوائيًا أكثر من اللازم حتى في العمل، كانت السيدة لبيبة قد شكته لجده باكية:
ـ افعل أي شيء وأعد لي ابني، لا يقبل العودة ويرفض كليًا سفري إليه.
**
ارتدت ملابسًا رياضية بعد الشروق مباشرة، وغادرت المنزل قاصدة السير على الطريق الممهد المحاذي للسهل، هدهد وجنتيها السمراوين نسيم الصباح فأسبلت أهدابها قبل أن تلتفت وتغلق الباب وتشرع في المضي، المنطقة منعزلة تبيح الخصوصية التامة برفقة شجيرات يانعة على حواف الطريق، قطعت مسافة مناسبة ومن ثم شعرت بوجود صحبة فأسرعت في سيرها دون التفات، وجدت نفسها قد نجحت في التهرب ممن تطفل عليها بضعة دقائق قبل أن تشعر بخطواته تتسارع ويصلها، تسابقت معه حتى تخطته تمامًا، فقد ملأها الضيق منه، أكملت طريقها، بعيدًا عنه حتى وصلت قرب منزلها من الطريق المعاكس، اجتازت سياج يحاوط المنزل، ضربها النبض فجأة فتوقفت محلها، شعور من الماضي اجتاح تلك المضغة اللينة التي ما انفكت عن إيلامها، استدارت متراجعة للخلف، في بطء وسارت مسافة عشرين مترًا يلاحق بصرها المدى من الأرض للسماء للزروع المترامية فوجدت الفراغ يغمر كل ذلك، ما من أحد حولها أبدًا، هبط عزمها وهدلت أكتافها تلعن مشاعرها المراهقة التي التصقت بها وقد عانقت الثلاثين بالفعل، استدارت تعود للمنزل ينسدل ستار من عبرات شفافة فوق مقلتيها، تنهدت وأخبرت نفسها خفية أنها ستبكي نصف ساعة فقط، بل ساعة لا غير ستذرف عبراتها خلسة دون أن يدري أحد وتعود لجمودها ثانية، عليها بالهرولة إلى غرفتها قبل أن تفتر أجفانها عن العبرات ويفتضح أمرها..
قبل أن تصل إلى المنزل بعشرة خطوات تخطاها، تجمدت محلها يتناقض معدل ضربات قلبها وتأخذها بواقع يحتله حبيب الأمس، كان صامتًا تتلهف عيناه على اختلاج وجهها، لم يهبط بصره لأبعد من عينيها ووجنتيها وأنفها، تلقائيًا راجعت في عقلها حال حجابها وثوبها الفضفاض، حمدت ربها أنها أحكمت الوشاح جيدًا وملابسها كلها ساترة، أخفضت طرفي كُميها تخفي أطراف أصابعها وتتراجع للخلف، تبرر الدمع الذي أغشى حدقتيها بخفوت:
ـ الغبار يؤذي عيني.
أمعن في مقلتيها النظر قبل أن يعلق في تهذيب:
ـ أفهم.
هزت رأسها بلا معنى وقطعت خطوة تتخطاه فتبعها مسرعًا يعترض طريقها مبررًا:
ـ أردت الاطمئنان عليكِ.
عقدت جبينها تشيح بوجهها في عبوس:
ـ أنا لا أعرفك.
قالتها وقطعت خطوة أخرى سريعة تخطاها بدوره فأجبرها على التوقف أمامه، وضع كفيه في جيبي سرواله يشد قامته المديدة ويعقب:
ـ أنا أيضًا لا أعرفك.
عادت بعينيها إليه مبهوتة في صمت قاتل فابتسم في مرارة:
ـ ربما تقابلنا قبل ذلك ولا نتذكر.
هزت رأسها بحدة تخبره في حسم:
ـ كلا لم نتقابل.
أومأ متفهمًا:
ـ تقابلنا الآن للمرة الأولى.
أخرج كفه من جيبه يشير به إلى صدره:
ـ أنا مدين.
صعدت حمرة طفيفة إلى وجنتيها وأطبقت شفتيها في قوة قبل أن تهرول صوب المنزل مغمغمة:
ـ لم يرُق لي اسمك.
نادها من خلفها بنبرة تترجى شريان الحياة أن يغمرها:
ـ عِطر.
أدارت رأسها له بلا فهم فحرك أكتافه ومط شفتيه قبل أن يفسر:
ـ لا أعرف اسمك ورأيت أن عِطر يليق بكِ.
افتر ثغرها عن أنفاس متهدجة وأعادت رأسها للأمام تسير ثانية، والعبرات الخائنة مثل القلب تسيل وتغرق الوجنتين، قررت أن تسمح لها أن تأخذ حيزها الذي تلح عليها به، ستبكي يوم وليلة فقط وبعد ذلك ستكون بخير..
احتمت بغرفتها وتوجهت صوب خزانتها قاصدة كل ما تبقى لها، جوارب صغيرة ملونة!
لم تأخذ شيئًا يذكرها به ولم تكتب مشاعرها كالسابق على أوراق مفكرة فتلطخها بأحبار الفراق، كان كل شيء بداخلها حيّ لا يموت أبدًا، خلعت حجابها وسقط أرضًا، جلست أمام الفراش وفردت عليها الجوارب الصغيرة، مررت أناملها عليها وعيناها مارست طقوسها، عبرات صغيرة شفافة كاللؤلؤ تتساقط بلا حيلة، همست بضعف ورأسلها يميل قليلًا:
ـ مجد!
تنهدت بعدها وأردفت تمنح بين الجمل فواصل مناسبة:
ـ رأيت بابا قبل قليل
لا أعرف كيف ستسامحني على ذلك لكن قلبي اختلج بقوة
لاحظت عدة شعيرات بيضاء قد غزت لحيته
لم تكن موجودة حين رأيته آخر مرة منذ عامين
تتذكر!
لقد قصصت عليك يوم مجيئه إليّ وطلبه للقهوة
تهربت منه من وقتها
لا أريد أن أراه ثانية
لا أريد خذلانك
صدقني اليوم لو كنت أعلم بوجوده لكنت تهربت منه
لكنني رأيته
أشعر بألم في صدري واختناق
لم يمضي في حياته
من المفترض أنني نسيته كما أخبرتك
لكنني أبكي..أبكي كثيرًا
لا شيء يساعدني
حتى وهو بعيد عن عيني
أنا آسفة
ليتك هنا كنت اكتفيت بك
لكنني أعدك ألا أسمح للطمع بأن يسيطر عليّ ثانية
لن أطمع في قربه أبدًا أبدًا وسأظل هنا معكَ وحدنا.
***
طال مكوثها في المنزل وفشلت سلمى في التخفيف عنها، فنصحتها أسماء بأن تدفعها للسير في الهواء البارد وحدها عسى أن تخفف عنها الطبيعة وطأة من يعتريها..
بعد محاولات عديدة وافقت على التنزه قليلًا..
بين ما كانت عليه وكيف أصبحت حكاية عشق وألم، وبعد زوال الحكاية غمر روحها الحنين، أخفته جيدًا ومن الجيد أنه أصم وأبكم لن يشي بها، هبطت درجات المنزل تسير إلى السهل الذي من كثرة سيرها على حشائشه وتمشيط أفقه بعينيها أضحت تحفظ أين تضع الطيور أعشاشها والبيض وتعرف أين تختبئ الأرانب وتبدأ رحلة الفراشات، الشتاء عاد بسطوة أطاحت بالشمس تمامًا، هبت نسائم بادرة مشبعة بعطره، تساءلت أحضر فعلا أم أن الذكرى تلاعبها، عطره قاتل يتسلل من أنفها إلى قلبها مباشرة، أحكمت شالها حول جسدها الذي اهتز برجفة حنين، لم يتأخر ووازى خطواتها ينظر أمامه ويسألها بخفوت:
ـ كيف عرفتِ أنني هنا!
التفتت ترفع رأسها، باغتها بنظرة عينين تسبيانها في حكاية جديدة خلف الغيوم، حمحمت كيلا يظهر ضعف صوتها قبل أن تجيبه:
ـ عرفت عطرك.
أمعن في عينيها النظر بمكر:
ـ عطري فقط!
تنفست بصوت مسموع فسألها بابتسامة بسيطة:
ـ ألم تشعري برجفة تهز قلبك!
بلى شعرت لكنها أنكرت بهزة رأس حازمة:
ـ كففت عن حبك.
هز رأسه بأسف وغمغم بضيق:
ـ يحزنني ذلك.
زفرت وأحكمت الشال مجددًا تتلفت حولها وتقول بعدم رضى:
ـ لا يصح أن تأتي إلى هنا، ماذا سيقول الناس إن رأونا وحدنا؟
رفع كلا حاجبيه يجيبها ببديهية:
ـ كل الكون يعرف أنني أحبك.
كانت الرجفة تلك المرة عنيفة وملحوظة، تلك أول مرة تسمعها، سنوات عجاف سقاها فيها القهر جرعات ولم يفارقها شعور بأنه يحبها، كانت تعلم أن قهره وقسوته نابعين من حب متألم كحبها، لكن بساطة نطقه لها أربكتها، كبحت الضعف الذي شرع في اكتنافها، دفنته وشدت عودها توجهه جامدة:
ـ لا يهم، لم يعد يهم.
اقترب كل المسافة التي تتباعدها، وقبل ملامسة جسدها توقف، أصلًا الكف عن ملامستها حرب، يريد لمسها وعناقها والغرق بين أحضانها، تجهم بدوره يستنكر:
ـ ما الذي لا يهم!.. أنا أحبك.
آن لغيوم عينيها أن تمطر:
ـ اذهب يا مدين، لم يتبقَ شيء مني هنا، لقد انتهيت من قبل..
رفع كفه في نية لإزاحة عبراتها فتراجع قبل أن يفعلها، كانت تناظره بتشوش تلعن حظها لأنها غادرت المنزل من الأصل، لا تدري لماذا تذكرت مجد، كان سيركض حولهما الآن إن لم يرحل، شعرها بها تغيب عنه فتنهد بعمق يخبرها:
ـ لم أعد أريد رؤية قهرك يا صبر، يكفينا فراقًا.
أشاح بوجهه لحظة يردف:
ـ أنتِ مدينتي، سماء وأرض وحياة، لم أعد أطيق العيش بالخارج.
صمت لحظة يمعن في وجهها المنقبض النظر:
ـ أريدك هدية عيد مولدي، سأُتم الثالثة والثلاثين قريبًا.
حين صمتت تشجع يتمادى:
ـ إن لم توافقي سأتهمك بإغوائي.
أشعل غضبها فهتفت:
ـ ومتى أغويتك!
ابتسم بمكر يسألها:
ـ ستوافقين على العودة؟
هزت رأسها نفيًا تغلق الطريق أمامه كليًا:
ـ لستُ تلك الحمقاء التي تُلدغ من ذات الجحر مرتين.
تنفس بصوت مسموع فأكملت:
ـ مهما فعلت لن أعود لقد انتهينا ألا تفهم؟.. انتهينا!
كان صوتها حادًا باترًا حفر لليأس ينابيع وأنهار بداخله..
يتبع..

ru'a, حلا هشام and egmannou like this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 12:50 AM   #1125

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

وقيل في درب التوابين في العشق جزايا عوضٍ يتحاكى بها، حسبه من الهوى أن أودع قلبه في محراب نسكها، خاشعًا وكله يتضرع ألّا تلفظه من ملتها، يغزوه مشيب الفرقى على غفلة معصية أوهن الشجن قلبه، وحجة لسانه اللهج بذكرها..
لميس الخوالدة

تعلمت قمع الأحلام والنوم في سلام تام، وإن زارها في الحلم مرة ونغص عليها الغفوة تدفنه صباحًا في أقاصي الذكرى، تجاهلت وجوده، ولا تعلم إن ظل أو سافر فلم يصلها منه خبر بعد آخر لقاء وقد مر أسبوع عليه..
ذات صباح شتوي بارد أيقظها الأخ الهادئ والأخت المشاغبة على صخب معتاد، تقدمت أسماء من الفراش ببسمة ساطعة، مالت إليها تتخلل ما تبقى من شرنقة النوم:
ـ هيا يا صبر، أريد مساعدتك، أبوكِ دعا أصدقاء للعشاء معنا اليوم..
نفضت عنها الغطاء متذمرة:
ـ لكن لدينا عمل اليوم، اطلبي منه تأجيل الزيارة للغد..
مطت زوجة الأب شفتيها تهز رأسها بأسف مصطنع:
ـ ليس بوسعي ذلك، لقد ذهبت معه للسوق قبل ساعة وأحضرنا الأغراض اللازمة للطهو..
نفضت عنها الغطاء في نزق وهبطت ترتدي حذاءها المنزلي ذا الفرو الوردي الذي اختارته لها سلمى على ذوقها كحال كل شيء في تلك الغرفة، وعلى مدار اليوم نظفت المنزل مرتين وانهمكت في تحضير الطعام وتلك أعمال تسرقها من نفسها فتقوم بها على أكمل وجه،
طلبت منها أسماء أن تُعد أصناف طعام خاصة على ذوقها فأطاعتها..
لزمت غرفتها بعد الغروب مع اقتراب ضيوب أبيها، احتست مشروبها العشبي المسائي بعد حمامها الدافئ واحتلت الفراش تشاهد فيلمًا، تناهى إلى مسامعها أصوات غير معتادة من الخارج، على غير عادة منطقتها المنعزلة فالمساء دومًا هادئ تمامًا، غادرت الفراش تاركة حاسوبها ومشروبها وتوجهت صوب النافذة المقابلة للفراش تزيح ستارها وتسترق النظر إلى الخارج، آخر ما توقعته قد حدث، صدمتها جمدتها فتمسكت بالقماش السميك دون التقاط للشهيق لعدة ثوانٍ حتى استجدتها رئتيها فتنفست ببط، عدة سيارات بعضها اصطف بالفعل والبعض يتخذ مكانًا إلى جانب الرصيف، رأت معتصم يساعد جده في الهبوط من السيارة وقد سبقهما نسوة العائلة ورجالها، ومدين يستند إلى سيارته السوداء ويركز بصره عند نافذتها التي تحتمي خلفها مباشرة، رأى توتر حركة الستار وأعجبه أن يضعها في مصيدته ويشوش تفكيرها ولو لبعض اللحظات..
وعنها فدارت حول نفسها بالداخل تضرب رأسها لتسعفها، لابد أن تفكر وتجد مخرجًا، وضعوها في موقف حرج بتلك الزيارة المفاجئة والغريب حقًا هو التواطئ المفاجئ بين أبيها ومدين..
طُرق بابها فاندفعت صوبه تفتحه بعدائية، وجدتها زاد تقف بسماحة وجه جوار سلمى الفضولية، أشارت للداخل بزفرة ثقيلة:
ـ تفضلي يا زاد، رغم غضبي منك الآن..
دلفت زاد ببسمة مشرقة تلكزها في خصرها:
ـ ما رأيك في المفاجأة!
حدجتها متذمرة:
ـ تتحدثين وكأن أمورنا بخير، تعرفين كل شيء..
قلبت زاد عينيها في ملل:
ـ وآن الأوان ليرتاح يا صبر..
تخصرت صبر مصدومة منها، عن أي راحة يبحثون عندها:
ـ أنتِ في أي جانب؟
عانقتها كأخت تتمنى لها الأفضل..
ـ في جانب ابن عمي بالتأكيد..
تحفزت صبر مبتعدة عنها ومنع اندلاع ثورتها دلوف زوجة أبيها التي تهربت بعينيها تكبح ابتسامتها:
ـ الضيوف ينتظرونك بالأسفل..
سيطرت على غيظها وتخطهتها متوعدة إياها بنظرة غاضبة، قررت أن تهبط تقديرًا لزيارتهم لمنزل أبيها فقط دون استسلام لأي مما لا ترضاه، فلا أحد يستطيع إجبارها على شيء..
ستكف عن التوتر الذي اكتنفها حين رأته قبل قليل، وتتماسك جيدًا حتي تنهي تلك المهزلة..
هبطت بعدما بدلت ملابسها فقابلتها رحيمة في نهاية الدرج وطوقتها بذراعيها مغدقة عليها حنوها دون بخل، شعرت بطاقة الرفض المهولة التي تختزنها بداخلها فجذبت كفها بلطف إلى مجلس النسوة في الصالة فوجدت السيدة لبيبة جالسة بوقارها تلتحف بوجه محايد كأنما وازنت قرارها حسبما يريد أصحاب الشأن وصبر لا تهتم؛ أمرها مع مدين محسوم، سترفض طلبه برفق وتظل كما هي على وضعها الذي اختارته قبلًا بنفسها، نهضت تمد يدها بمصافحة وترت صبر أكثر فليس من عادة أمه المبادرة بالخير:
ـ كيف حالك ياصبر..
صافحتها صبر بذات الحياد وأخبرتها أنها في أحسن حال، لم تتوقع السيدة لبيبة منها أكثر فجلست محلها ثانية دون إضافات، عانقتها بيسان وهمست قرب أذنها باسمة:
ـ جئت كي أطمئن أنك ستبتعدين عن زوجي إلى الأبد..
ردت لها صبر همستها ماكرة:
ـ هل تعجزين عن إبعاده بنفسك!
ضحكت بخفوت قبل أن تخبرها على طريقة معتصم المتغطرسة:
ـ أتركه يظن أن له خيارات منفردة، تعرفينه يحب دوره كملك دون وصاية.
تدخلت زوجة مصعب التي لا تنعتها صبر إلا بزوجة مصعب تحيها:
. وجدت المنزل سيكون فارغًا حين يخرج الجميع قاصدين منزلك فطلبت منهم الانضمام إليهم وأتيت، لا أحب المكوث بمفردي..
مطت صبر شفتيها ولم تخفي امتعاضها:
ـ كان عليكِ النوم لبعض الوقت أو التنزه برفقة زوجك أفضل..
أشاحت عزة بوجهها تكبح ابتسامة مستمتعة:
ـ في المرة القادمة سآخذ بنصيحتك..
تناهى إلى مسامعهن ضحكات عالية تأتي من مجلس الرجال الذي يقبع بابه في نهاية ممر الصالة، استدارت صبر إلى رحيمة تمنحها نظرة طويلة قبل أن تخبرها والعزم فائض من عينيها:
ـ سأدلف إليهم..
نهتها رحيمة فيما تقترب وتتمسك بذراعها:
ـ انتظري قليلًا يا صبر..
هزت صبر رأسها في حزم:
ـ آسفة، لابد أن ينتهي الأمر قبل أن يبدأ..
تركت أعين النسوة تناظرها في فضول فيما وصلت إلى باب المجلس، وقفت أمامه لحظة واحدة تلتقط أنفاسها العسيرة و مدت قدمها للأمام دون محاذير، نهض حين رآها تدلف غاضبًا بل غارقًا في غضبه، اندفع صوبها يسألها كأنما ذلك حقه فعلًا:
ـ كيف تأتين إلى هنا دون إذن مني..
اعترت الجميع دهشة عارمة ولم تكن صدمتها أقل منهم، أجفلت وتجمدت محلها عدة ثوانٍ قبل أن تتمالك نفسها وتستنكر:
ـ إذن!
زعق دون اعتبار للحضور:
ـ أجل إذن.
كزت على أسنانها تغالب اشتعال فورة غضبها:
ـ لا آخذ الإذن من أحد.
تواقح فوق وقاحته:
ـ لم أطلب منك أخذ إذن أحد غيري! مفاجأته صادمة وطريقته معها أكثر غرابة، قررت أن تلجأ إلى كبيره الذي يجلس صامتًا مفسحًا المجال لحفيده كليًا، تقدمت إلى جده متجاهلة إياه، مالت إلى السيد سليمان تقبل يده وترحب به كما يفعل حفدته تمامًا، ربت على رأسها بخفة:
ـ باركك الله يا ابنتي..
شكت للرجل بنظراتها ما يحدث فابتسم لها راضيًا عمّا يراه وفهمت أنه لن يقف في صفها اليوم، وجدت نفسها في مهب الريح وحدها فاعتدلت تزفر بضيق مكتوم تتوجه صوب مدين مباشرة، فأجفلها وزعق بقوة:
ـ اخرجي إلى النساء ثانية ولا تأتِ إلا حين أسمح لكِ..
كانت ثورته قد اندلعت من جديد، تقدم إليها بعدائية حد أن معتصم ومنصور نهضا يحتجزانه بعيدًا عنها، وضعها في مأزق، لم تتوقع منه ذلك، بالتأكيد لأن تلك الشخصية التي تقف أمامها مُعدلة بعض الشيء هو مدين بوقاحته ولسانه الذي يمطر حجارة قاتلة لكن طريقته في فرض نفسه بالقوة مستحدثة، وحتى إن فرض نفسه عليها لا يجاهر بذلك مثلما يفعل الآن، متى تعلم معاداتها هكذا أمام الجميع، تلفتت حولها مستاءة من تلك الطريقة الفظة، سألته مستنكرة:
ـ ومن أنتَ لتسمح لي بأي شيء أو لا تسمح..
تصنع الصدمة وفغر فاهه يقلب عينيه في عيني من حوله ويعود إليها متغطرسًا كصاحب الأرض وحدودها مشيرًا إلى صدره بسبابته:
ـ أنا الأحمق الذي تركك تتدللين ثلاثة سنوات ونصف، ما كان عليّ تحريرك من الجحيم..
منح أبوها نظرات غاضبة للسيد سليمان الذي هادنه دون حروف طالبًا منه ترك المجال كليًا لمدين، قد تواصل معه قبل عدة أيام وطلب منه بشكل خاص أن يتقدم حفيده للزواج مرة ثانية من صبر والرجل حاول الرفض حفاظًا على سلامة ابنته النفسية وتحدث معه السيد سليمان باستفاضة في هذا الموضوع، وبالنهاية وافق الأب بعدما اقتنع بوجهة نظر الثعلب العجور..
باغت مدين الجميع حين حاول الانقضاض عليها أمامهم فلم يرف لها جفن، رفعت صوتها بقصد إغضابه أكثر فإن كان وقحًا هي لن تُجبر عليه أبدًا:
ـ ماذا تريد بعد يا مدين؟
تجاهلها ووجه حديثه إلى أبيها الواقف على مقربة:
ـ شكرًا لحفاظك على أمانتي في غيابي لكنني أريد امرأتي يا عمي بعد إذنك..
استنكرت صبر منفعلة من نبرته التملكية:
ـ لست امراتك..
توجه إليها بوجه محتقن:
ـ كفى هراء..
يعاملها معاملة الفريسة، يكبلها داخل مصيدة ويضيق عليها الخناق، وجدت أن وضعه في مأزق هو أسلم حل للتخلص من ضغطه:
ـ لا جديد سيحدث مهما فعلت، سأطلبها للمرة المليون، ارحل أرجوك..
اختبأت جيدًا خلف جمودها وتوجهت للحضور في هدوء خلفه بركان:
ـ أنا آسفة للجميع لا أريد العودة إليه.
منحها ذات النظرة التي تكرهها، التي تستقر في عمق قلبها فتحرقه، مازال يبثها شعوره بالحرمان دونها، أشاحت بوجهها عنه وأخفضت صوتها:
ـ أنا آسفة يامدين لأنني أضعك في موقف حرج لكنني لا أناسبك..
حاول التقدم إليها وقد نسي الجمع من حولهما تمامًا، من ينظر إليه ويمعن عن كثب سيرى قلبه النازف جليًا، أمسكه معتصم قبل أن يفقد السيطرة يهديء من روعه قدر استطاعته، توجه مدين بالحديث إلى أبيها:
ـ هل تسمح لي ببعض الوقت معها وحدنا.
زفرت صبر تغمض عينيها في يأس يصر على حرث البحر ولن يجد عندها جديد يطيب خاطره، لم يدهشها قبول الأب الذي لمست تواطؤه منذ البداية، أشار أبوها للخارج:
ـ تفضلا إلى غرفة المعيشة.
هز مدين رأسه ببطء:
ـ بل في الخارج.
تقدم منها الأب وطلب في هدوء حذر:
ـ تفضلي معه يا صبر، اسمعيه فقط.
كبحت صبر انفعالها وغادرت الحجرة تضرب الأرض بحدة خطواتها، تبعها مدين إلى الخارج تمامًا، لفحتهما دفقات الريح الباردة وصفيرها الخافت، وجدها تقف تدير جسدها له وتكتف ذراعيها أمام صدرها في عدائية:
ـ ألم أقل لك ابحث عن امرأة أخرى!
وصلها ووقف قبالتها تمامًا:
ـ وجدت بدل المرأة اثنتين.
توقفت أجفانها عن الرفرفة وتباطأ النبض خلف ضلوعها ففسر جملته فيما يفرك رقبته بتعب:
ـ قابلت فتاة خلابة شقراء ورائعة.
أنزل يدها إلى جانبه وتقدم منها قاصدًا كسب مساحة سيطرة فتراجعت للخلف تسمعه يردف:
ـ وقابلت امرأة فريدة، جذابة جميلة بشدة وعقلها راجح إلى حد لا يوصف.
أخفت توابع النار التي شبت بداخلها وسألته:
ـ ولماذا لم تتزوج واحدة منهما أو حتى الاثنتين..
سؤالها سخيف بالنسبة إليه لا محل له من الإعراب، أجابها كمن يجيب على الحماقات بأكثر الحقائق صحة:
ـ لأن امرأتي هنا ياصبر.
أغرق قلبها في الضلال القديم فأثقلها العشق الذي منه تتهرب، همست بصوت مرتجف:
ـ ما الذي تغير فينا!
استنكرت خنوع صوتها فزادت عليه غلظة تشير إليه:
ـ أنتَ كما أنتَ قلبك مثل الحجر.
أشارت لنفسها بعد ذلك في يأس تتساءل:
ـ وأنا...ماذا عني أنا!
تنهدت وصدرها يصرخ من فرط الألم:
ـ ربما تحت السكون الذي تراه جحيم لم ينطفئ بعد.
علق في يقين:
ـ لا أرى سكونًا بالعكس، مازلت أرى النار التي تخفينها جيدًا.
أشاحت وجهها في وجوم:
ـ ما هي ضماناتك يا مدين، كيف تضمن أنني سأعود إليكَ في يوم من الأيام.
تنهد وأطرق يخبرها بصدق:
ـ ليس لدي أي ضمانات.
تساءلت فيما تقلب عينيها حولهما في عجب:
ـ إذًا لماذا أتيت.
ركز بصره في عينيها، الضوء الخافت ينعكس على صفحتها الرمادية فتضيع وسط قتامتها العاصفة:
ـ مجرد تجربة.
كل حرف ينطقه تُشبعه الغصة، يمرر لها احتياجه ويأسه ويعول على المضغة التي تعشقه خلف ضلوعها، أعادت سؤالها ثانية:
ـ وما الذي تغير، نحن كما نحن لا نصلح لبعضنا بعضًا وأنت تعلم، الخراب بداخلنا أكبر من الحب.
مرر أنامله على جبهته قبل أن تسمع ضجيج أنفاسه الثائرة:
ـ هناك شيء أكبر من الخراب الذي بداخلنا.
فرد كفه مفتوحة أمامه يخفض صوت قدرما يستطيع:
ـ حين حملت مجد بين كفي كان بلا حياة، وكان ألمي وقتها يساع الكون بأكمله.
رفع عينه إليها كأنما يرجوها أن تتفهمه:
ـ أريد طفلًا غيره يتنفس ياصبر.
خلع قلبها من محله، انهمرت عبراتها مع دبيب نبضات هادر، خرج صوتها مجروحًا بغصة:
ـ تزوج يا مدين قلت لك، من حقك أن تجد الراحة بعيدًا عني.
مرر أنامله داخل خصلاته وابتعد ينظر للمدى البعيد ويزفر بعمق:
ـ تعرفين أنني لن أمس امرأة غيرك ما حييت، في قرارة نفسك تعرفين ذلك.
حاولت احتضان جسدها، لم تكلف نفسها عناء إزاحة العبرات لأن غيرها وغيرها سيهطل دون هوادة:
ـ لم يكن في زواجنا كله شيء يجعلني أفكر في العودة، كانت حياتنا جحيمًا يا مدين.
تقدم منها إلى حد خطر يسألها:
ـ ليس لدينا ولو ذكرى جيدة واحدة!
ضمت شفتيها تغلق الباب أمام انفعالها:
ـ لا ليس لدينا أي ذكريات جيدة.
صمت ينظر إليها تنفرج شفتيه ويتنفس ببطء:
ـ كان هناك ليلة واحدة فقط كنت فيها حقيقًا معكِ.. ألا تتذكرينها!
أظلمت عيناها تجمع كل التناقضات:
ـ تقصد ليلة زفافنا البائسة التي نشبت فيها أظافرك في جسدي حتى سالت دمائي وأرضتك.
كانت جريحة النظرات والقلب وفيض حزنها يغرقه، هز رأسه نفيًا، تتحرك تفاحة آدم خاصته بعسر فتؤلمه أكثر:
ـ بل الليلة التي دفنت كل وجعي بعيدًا وتركت العنان لقلبي..
صمت يرى كيف تتأثر وتترنح، تتماسك وتقف دون سقوط مخل لثباتها الواهي، عاد يغزو بلا هوادة:
ـ تلك الليلة التي أوشكت فيها على الإقرار بأنني أحبك ولا أريد سوى حضنك ياصبر.
تراجعت تتعثر فتقدم لتوقفه بحزم كفها، ترفع رأسها للسماء وقد توقفت عيناها عن ذرف الدموع:
ـ تذكرت، هذه هي الليلة التي عرفت فيها أنني لا شيء، وأنك إذا قضيت الليلة مع امرأة ما فهذا لايعني أنك تحبها..
خانتها عيناها وتركت لعبراتها العنان ثانية:
ـ تعلمت من هذه الليلة ألا أطمع.
قاطعها بصوت أجش:
ـ لستِ أي امرأة يا صبر.. أنتِ حبيبة العمر.
رفعت كفيها إلى وجنتيها تزيح العبرات وتتنفس:
ـ دع هذا العمر يمر ربما يموت الألم معنا، وإن لم ينتهي الحب سأكون لكَ في حياة أخرى..
تقدمت تلك المرة بنفسها تضع صكوك تقيدها:
ـ أعدك إن تقابلنا في عالم آخر سأحبك مهما حدث ولن أخونك أبدًا، أبدًا يا مدين.
شعر بالموج يجرفه معها إلى حيث لا يفضل، شد عوده المديد وقرر تغيير مساره معها بنفسه، رفع صوته وتخلى عن كل الضعف والتوسل:
ـ دعينا من هذا الهراء..
تخصر يميل إليها يرفع أحد حاجبيه ويستنكر:
ـ ألا تشبعين من الدراما!..
أشار إلى وجهها بسبابته حانقًا:
ـ أقسم لكِ يا صبر إن لم تكفي عن هذا العته الذي تتمادين فيه لآخذك عنوة دون زواج حتى..
احتقن وجهها بدماء حارة تغضب وتستنكر بصوت مرتفع:
ـ مدين!
باغتها ببسمة عاشقة وهذا أحد المستحيلات التي تحققت، ابتسم لها بعشق في أوج النزاع بينهما، تقدم يخفض صوته يكسبه حميمية:
ـ مدين سيموت بدونك.
أضعفها فوق ضعف وزاد بسؤال دمر دروعها كلها:
ـ ألا تريدين طفلًا.
اضطرب نبضها أكثر وزادها هشاشة حين أردف:
ـ ألم تشتاقي إليّ!.. لقد أضناني الشوق إليكِ.
احتضنت نفسها تحاول الحماية من بطشه بها وبرودة الطقس من حولهما تزيد الوضع سوءً، خرج صوتها واهنًا:
ـ يكفي.
اقترب إلى حد مربك لثباتها كله:
ـ ألا تطوقين للنوم جواري.
غمرها شعور مزلزل حد أنها تاهت بين واقعها والخيال، شعرت بيده تتلكأ على خصرها وأنفاسه الحارة تلفحها، ارتجف جسدها ونهرته بصوت مكتوم:
ـ لا تلمسني!
رفع كفيه أمامها مبتسمًا في مرارة فلم يقترب منها أصلًا وعقلها الباطن هوالذي يصور لها ذلك:
ـ لا ألمسك حبيبتي.
تراجعت للخلف مترنحة تشيح بوجهها في حزن:
ـ لا تقل حبيبتي.
ابتسم لها ثانية، ابتسامة كسول تحفر خيالاته الجامحة:
ـ لكنكِ حبيبتي بالفعل.
أعادت طلبها الذي يبغضه وكررته آلاف المرات:
ـ ارحل.
تاه في تفاصيلها والقلب ما عاد فيه قدرة على الصمود:
ـ إن رحلت لن أعود للوطن ما دمنا سنظل هكذا.
أطبقت أجفانها وازدردت لعابها بعسر فأكمل يسألها:
ـ هل يرضيكِ أن أفارق أهلي بقية حياتي.
لم تعلق فأشار لباب المنزل من خلفه يخبرها بحزم:
ـ أنا لا يرضيني ذلك لذا سأذهب وأخبرهم أنكِ وافقتِ.
هزت رأسها عدة مرات وعيناها تشعان بالخوف:
ـ لست مستعدة أبدًا للزواج، اعتدت الحياة دون رجل.
قاطعتها بنفاد صبر وبداية غضب:
ـ لأنني لم أكن هنا، وها قد أتيت.
زفرت بقوة فقد أرهقها كليًا، شعر بها وزفر يبتسم لها يهدهد قلبها حين شعر بها:
ـ أوحشتني يا عِطر.
عاندته غاضبة:
ـ اسمي صبر ولن أعود مهما فعلت.
علق في ملل:
ـ ستعودين رغم أنفك الجميل هذا.
حطم كل حصونها التي شيدتها في ليالٍ طوال، وصل إلى أعمق نقطة بداخلها، تلك النقطة التي لم تتخلَ عن حبه مهما حدث، تلفتت حولها في ضياع سيطرة على نفسها وتفوهت بأول ما جال في خاطرها:
ـ أريد بيتًا منفصلًا.
كانت تتهرب الليلة حتى تفكر في حل يقيها حصاره غدًا، قالتها كي تفر من أمامه فقط ولم تقصدها حقًا، توسعت ابتسامته ومنحها العشق كله في تنهيدة راحة:
ـ وأين تريدين هذا البيت.
لعنت غبائها فقد أوقعت نفسها في الفخ، ضربت الأرض بقدميها تتحداه:
ـ هنا!
أدار عينيه في السماء المفتوحة والأشجار المترامية داخل وخارج سياج المنزل، ضحك بخفوت يتحداها أكثر:
ـ منطقة شاعرية وأنا موافق..
باغتها بسحبها خلفه من كُم ثوبها دون أن يمس يدها، تعثرت قبل أن تتمالك نفسها وتهرول خلفه رغم رفضها لذلك، قوته العضلية ألجمت كل مقاومة منها فهتفت:
ـ كف عن جنونك هذا..
دلف بها إلى المنزل تحت أنظار المراقبين المنتظرين لهما في الداخل، أخبر الجميع متجاهلًا التي تكاد تحترق خلفه من فرط الغضب:
ـ لقد وافقت باركوا لنا..
انهالت عليهما المباركات فانسلت صبر هاربة تصعد الدرج وتتركهم فناداها مدين أمامهم ببسمة خبيثة:
ـ لم ننتهِ بعد.. المأذون في الخارج..
برقت عيناها وفغرت فاهها فلم يصل خيالها لأبعد من قبول مبدئي بإمكانها التملص منه، حاولت كبح حدة صوتها قدر استطاعتها:
ـ حين تجهز المنزل نتحدث في هذا الأمر.
صدمها بأن وضع يديه في جيبي سرواله يعلق في برود:
ـ لا أضمنك نصف ساعة..
كزت على أسنانها فنسوة عائلته كلهن يكتمن الضحكات من حولهما حتى أسماء ضحكت هي الأخرى، هبطت الدرجات التي ارتقتها قبل لحظة ووصلت إلى مدين الوقف أمام الباب متندرًا، أخفضت صوتها تحذره بعينيها:
ـ ليس بتلك الطريقة، سأرفض كليًا وأفسد عليك حفلتك.
تدخل الأب الذي غادر مجلس الرجال قبل قليل وسمعها، حاوط كتفيها ومال إليها يسألها:
ـ هل ستتزوجين رجلًا غيره يومًا ما؟
كان صادقًا ودودًا يهتم لأمرها وحدها، أطرقت فيما تقف أمام مدين مباشرة، مدين الذي لم يتدخل بل ظل يراقبها، تتسارع نبضاته ويحافظ على ثباته بأعجوبة، رفعت صبر وجهها إلى مدين وقد اغرورقت عيناها بدموع شفافة وأدارت وجهها إلى جانبها صوب أبيها تجيبه في خفوت:
ـ لا يا أبي، لن أستطيع.
سمعت تنهيدة مدين وأطربت مسامعها، لا يكلف نفسه عناء إخفاء حبه ويفعل كل شيء الليلة ليثبت ذلك أمام الجميع، ابتسم لها الأب وأعطاها رأيه مرتاحًا:
ـ إذًا تزوجيه الآن، لقد وعدني أن يحترمك ويهتم بكِ.
استرقت النظر إلى الواقف أمامها يمنحها الطمأنينة في ابتسامته، ومع الأسف قد ازداد جاذبية مرهقة لقلبها، هادنها بطلبه وكأنه ينتظر رأيها أصلًا:
ـ هل أطلب من المأذون أن يأتي!
شردت لحظة تلتقط أنفاسها قبل أن تومئ له بالإيجاب، تعالت الزغاريد من حولهما، وجذبتها رحيمة للخلف وأجلستها جوار السيدة لبيبة التي أخرجت من حقيبتها علبة بها مجوهرات من إرث العائلة الذي تركته الجدة الكبيرة زوجة الحاكم وقد تم توزيعه بالتساوي بين الجميع، فتحت رحيمة العلبة أمامها كان به عقد وبعض الأساور، مدت صبر كفها تبعدها عنها بلطف وتعتذر:
ـ شكرًا لكم لكن لا أستطيع قبولها.
صمت النسوة يراقبن ما يحدث فسارعت رحيمة بالربت على ظهرها تثنيها عن عنادها:
ـ ولماذا يا صبر، أنتِ لكَ حق أخذ تلك الهدية، ليست مني ولا من لبيبة إنها من جدة مدين رحمها الله.
أطبقت صبر شفتيها وأطرقت بلا رد فشجعتها رحيمة أكثر:
ـ كل بنات العائلة أخذن هدايا مثلها..
قاطعتها صبر متسرعة:
ـ لكنني لستُ..
توقفت في آخر لحظة تغير مجرى الحديث:
ـ لكنني لا أريد.
نهضت السيدة لبيبة تمسك بيديها وتلتقط العلبة من يد رحيمة فتمنحها لصبر مباشرة:
ـ لكنكِ ستتزوجين ابننا ومن حقك الهدية مثل الثلاث فتيات السابقات فلستِ أقل منهن في شيء.
ابتسمت رحيمة وضمت صبر إلى صدرها قبل أن تتركها تأخذ الهدية من السيدة لبيبة وتهمس في هدوء:
ـ شكرًا.
تعالت الزغاريد بعد عقد القران وخرج مدين إلى مجلس النسوة تاركًا الرجال جميعًا بالداخل، تقدم صوب صبر الجالسة بين أمامه وزوجة عمه على الأريكة تشبك كفيها ببعض، كاد يضحك ويسألها أين المرأة الحديدية التي أحبها، وقف على بعد مترين منها فنهضت وتبعتها رحيمة حين شعرت بها تترنج، استغلت وقوف رحيمة واختبأت خلفها تتهرب منه كليًا ضحكت رحيمة التي وجدت نفسها في مواجهة مدين وحدها، ضحك مدين بصوت مسموح ومال برأسه قليلًا يترصدها:
ـ أريد يديكِ يا صبر.
لم تمنحه ردًا فنهضت زاد التي تجلس جوار عزة وبيسان اللتين تكتمان الضحكات بأعجوبة، وصلتهم زاد ورفعت كف صبر اليسرى تقدمها لابن عمها باسمة:
ـ تفضل يدها.
قبضت صبر على كفها وكادت تلكمه بها أمامهن لتزيل ابتسامته المستفزة الخلابة تلك، التقط كفها يغمره بين رحابة يده فيشعرها بلذة اللمسة بعد طول فراق، في لمسته حياة وتوق وعشق وأشياء كثيرة، كثيرة جدًا تملأ القلب وتؤنسه، جعل جمود كفها يرتخي وتستسلم، ألبسها حلقة بل مجموعة حلقات رفيعة متماسكة مرصعة كلها بماسات صغيرة جدًا فتشكل رمزًا لما يحمعهما، مجموعة من الدوائر القيمة المتماسكة تناغمت مع سمرتها المحببة، أخبرها بصوت أجش:
ـ لا تخلعيه أبدًا..
جذبت كفها منه تنزلها إلى جانبها وتقبض عليها بقوة ومازالت على حالها مختبئة..
***
كسحابة مارة ممتلئة بالماء
تمطر فتسقي أرضي القاحلة الجرداء
تروي بذور قلبي التي جفت
فتزهر بعد عناء
تمنحني حياة وأرض وثمار
وتكسوها بشتى أنواع الأزهار
تمامًا كبدر ينير السماء
كبؤرة تنير طريقي في الظلام
كملجأ ومرسى لي في الزحام
هكذا أنتَ لي في الحياة
بدور السالمي
( رواية أنوار)

انصرف الجميع وظنته سيذهب معها وستنفرد بنفسها أخيرًا لكنه وجدته قد وقف جوارها حين ودعوهم وخرج الأب وأسماء لتوديعهم للخارج، أمسك بيدها وجذبها إلى المجلس الذي غادره الرجال توًا وأغلق الباب خلفهما، لم يمنحها وقتًا ولا فرصة للرفض أو التفوه بحرف وجذبها بغتة يسكنه صدره، عانقها كلها وأخفاها خلف ذراعيه اللذين حاوطاها بتملك، حطم طوق الثلج بقبضة، ودك حصون القلب بضمة، كتمت أنفاسها تمنع نفسها من السقوط المدوي، عطره وقربه سيقضيان عليها كليًا، كانت تطبق أجفانها بقوة تعتصرها حد الألم، سمعته يهمس لها بحميمية مزلزلة:
ـ كم أشتاق إليكِ يا صبر..
شعر بها تتحفز وتنكمش على ذاتها، خفف من ضمها قليلًا ولم يحررها، ظلل العشق بسمته الهادئة:
ـ تنفسي حبيبتي.
لم تتنفس إلا حين نفضت نفسها منه وحررها لتتراجع للخلف، كتفت ذراعيها تسأله في سخط:
ـ هل كان يتطلب الأمر كل تلك السنوات حتى تقولها!
ضحك وحاول الاقترب ومد يده فهربت للخلف قبل أن يمسك بها، دار خلفها يسمع شكواها التي توالت غاضبة:
ـ اثنا عشر عامًا يا مدين..
أشارت لنفسها ولم تكف عن الهروب منه:
ـ اثنا عشر عامًا من عمري وانا أنتظر..
أشارت إليه في اتهام صدمه:
ـ لو كنت أنجبت كل عام طفل لكان الآن لدي دستة أطفال.
ردد خلفها يضحك مندهشًا:
ـ دستة أطفال!
نجح أخيرًا في احتجازها بينه وبين الحائط، يد احتضنت وجنتها والأخرى عانقت خصرها النحيل فأرجفها:
ـ ستكونين أروع أم في العالم يا عطر.
تجمد جسدها وحاولت التملص تغمغم:
ـ اسمي صبر.
بتر نزقها:
ـ يكفينا صبر، لقد نفد صبري يا صبر.
انتهت جملته قرب أذنها فقد عاود عناققها ثانية يضمها إلى قلبه يهمس لها:
ـ عانقيني.
ترددت لحظة قبل أن ترفع ذراعيها وتحاوط رقبته فيشدد وثاق ذراعيه حول خصرها..
لم ينتهج المكر في قربه، لم يمس شفتيها حتى، كان يريد الضمة إلى القلب التي تعيد الحب لأصله، رحل بعد ساعة من المناوشات السعيدة معها، وفي سيارته التقط هاتفه وطلب رقمًا بعينه ورد الآخر سريعًا بضحة عاليًا، شاركه مدين ضحكاته:
ـ لقد تم الأمر، أنت داهية يا ابن العم!
كان مصعب على الجهة الأخرى يحمل عاصي ويسير بها في حديقة قصر زايد، لم يذهب معهم ولم يحضر كل ذلك الحفل لكنه كان المايسترو الذي خطط لكل شيء بإيعاز من الجد الذي طلب منه مباشرة أن يعيد مدين إلى زوجته بأي طريقة..
قبل أسبوع طلب من مدين أن يخرجان لتتنزه في الخارج وقد قرأ في عينيه اليأس بعد مقابلة صبر، كانا فوق الجبل مستندين إلى سيارة مدين يشردان في الأفق حيث النجوم والأضواء البعيدة تتلألأ، سأله مصعب دون مقدمات:
ـ إلى أي مدى بإمكانك التطرف.
أدار مدين وجهه صوبه يجيبه في ملل:
ـ بالطبع لن أخطتفها وأجبرها على الزواج مني.
فكر مصعب قليلًا وابتسم له ماكرًا:
ـ أتعرف أنها قد تخطت الثلاثين.
تساءل مدين بزفرة ملل:
ـ ماذا في ذلك.
استدار له مصعب كليًا:
ـ المرأة في سن الثلاثين أكثر عاطفية.. أكثر انطلاقًا وجموحًا وبالتالي تتأثر أسرع بالطرف الآخر..
قبل أن يغضب مدين ويلكمه علق ببسمة خبيثة:
ـ أنا منتظر أن تصل امرأتي لسن الثلاثين حتى أبدأ معها قصة جديدة ربما نستقر.
سأله مدين في اهتمام:
ـ ألم تستقر في حياتك أبدًا، حتى بعد إنجاب طفلين!.
تنهد مصعب بقوة فالحياة الزوجية بدوام متقطع لا ترضيه:
ـ لا لم أستقر حتى الآن!
ضحك بانطلاق يتبع ذلك:
ـ لكنني سعيد معها، عزة تناسبني بشدة.
أومأ له مدين فنحى مصعب سيرة عزة وسدد رميته:
ـ نعود إلى صبر، الحل معها هو الضغط عليها.
ابتسم في خبث:
ــ كلهن تحببن سيطرتك لكن سيطر بذكاء كيلا ينقلب كل شيء فوق رأسك.
فكر مدين بلا جدوى فسأله:
ـ وكيف أفعل ذلك.
اتسعت ابتسامة مدين وفرد يديه أمامه:
ـ في البداية ستباغت بتملك سافر حقير وقذر وتضعها في مأزق ولا تنسى أن تثير غيظها..
ابتسم مدين في استغراب:
ـ وبعد ذلك!
ضيق مصعب عينيه كثعلب مخضرم:
ـ وبعد ذلك ستمرر بعض الضعف والاحتياج.
التمعت عينا مدين فأخفض مصعب صوته بتواطؤ:
ـ وبعدها ستضغط ضغطة مشاعر ولا مانع من بعض الأسرار الخاصة.
رفع أحد حاجبيه يردف:
ـ إن كان لديكما أسرار خاصة أصلًا.
علق مدين في غضب:
ـ سأحطم وجهك.
هادنه مصعب برفع كفيه أمامه:
ـ أنا أساعدك، أرجوك اظهر لي بعض الاحترام.
مط مدين شفتيه فاستند مصعب إلى السيارة ينظر أمامه:
ـ بالتأكيد سترفض بعد كل ذلك وتبكي لك وتقول لك ارحل يا مدين وهذا العته الذي يخص النسوة فقط.
تأفف مدين يسأله:
ـ وماذا أفعل إن كانت سترفض.
لكزه في صدره يجيبه:
ـ سنعود للنقطة الأولى وتسيطر مجددًا.
تجهم وجه مدين ثانية يسأله:
ـ ولماذا كل ذلك طالما سأعود لأول نقطة.
أجابه مصعب بفطنة باسمًا:
ـ ستكون قد أوهنت حصونها، وإصرارك النهائي سيؤتي بثماره في النهاية.
ابتسم مدين فأردف الآخر متخابثًا:
ـ إذا سرت على الخطة جيدًا لن تمر الليلة إلا وهي في عصمتك.
فكر مدين لحظة قبل أن يبتسم ويقدم قبضته ليلكمها مصعب في قوة وتحدٍ..
انتهى الفصل
قراءة ممتعة🔥❤
الختام الاثنين القادم بإذن الله❤🌹


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 01:13 AM   #1126

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 128 ( الأعضاء 33 والزوار 95)
‏Lamees othman, ‏الرسول قدوتى, ‏Moon roro, ‏nes2013, ‏hlkdi, ‏Dall, ‏bas bas, ‏Diego Sando, ‏samar hemdan+, ‏Om noor2, ‏ايمان صفي, ‏ابتهال نور اليقين, ‏Heba Abdallah, ‏لمار خالد, ‏القرنفله, ‏ام زينبو, ‏la luz de la luna, ‏يمنى الحمد, ‏sara osama, ‏نسيم88, ‏Yara1, ‏نيلام حامد, ‏كوثر أحمد محمود قطب, ‏د/ميمونة, ‏asaraaa, ‏هاجر داود, ‏Electron, ‏شىماء نبيل بس, ‏ميسون روريتا, ‏شهباروزا, ‏Aiosha, ‏لينا الحربي, ‏فارتوهي
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع


Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 01:16 AM   #1127

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 111 ( الأعضاء 28 والزوار 83)
‏Lamees othman, ‏nes2013, ‏hlkdi, ‏حبة الكراميل, ‏Om noor2, ‏لمار خالد, ‏Yara1, ‏القرنفله, ‏الرسول قدوتى, ‏Kemojad, ‏سيدرا 1978, ‏Moon roro, ‏Dall, ‏bas bas, ‏samar hemdan+, ‏ايمان صفي, ‏ابتهال نور اليقين, ‏Heba Abdallah, ‏ام زينبو, ‏يمنى الحمد, ‏sara osama, ‏نسيم88, ‏نيلام حامد, ‏كوثر أحمد محمود قطب, ‏د/ميمونة, ‏هاجر داود, ‏شىماء نبيل بس, ‏ميسون روريتا


Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 01:17 AM   #1128

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي

حين يوهب القلم لمن يستحق❤❤

بورك قلمك يا سمر ليالي اللصيف وشجنها❤❤


Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 01:43 AM   #1129

ابتهال نور اليقين

? العضوٌ??? » 404751
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,090
?  نُقآطِيْ » ابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond reputeابتهال نور اليقين has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع ومليء بالمشاعر من امومة الى ابوة الى عشق .
بانتظار النهاية اتمنى تكون سعيدة ومنصفة لابطالنا


ابتهال نور اليقين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-21, 01:53 AM   #1130

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 135 ( الأعضاء 31 والزوار 104)
‏Lamees othman, ‏براءةاليمان, ‏hlkdi, ‏تلوشه, ‏ابتهال نور اليقين, ‏Yara1, ‏زهرة البست, ‏Lool_a, ‏عاشقة الاوركيد, ‏قطر الند, ‏هبه سمير, ‏ltoofsi, ‏سيدرا 1978, ‏Laila1405, ‏نيلام حامد, ‏نوروتيلا, ‏رحاب نبيل, ‏rokkaa, ‏nes2013, ‏حبة الكراميل, ‏لمار خالد, ‏الرسول قدوتى, ‏Kemojad, ‏bas bas, ‏ايمان صفي, ‏Heba Abdallah, ‏ام زينبو, ‏يمنى الحمد, ‏sara osama, ‏نسيم88
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع


Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.