آخر 10 مشاركات
أُحُبُّكِ مُرْتَعِشَةْ (1) *مميزة & مكتملة * .. سلسلة عِجافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          وابتسم القدر(وعندما اقتربت النهاية...ابتسم القدر) *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : فاتن عبدالعظيم - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          1011 - ها قد اتت المتاعب - ديبى ماكومبر - د.نـــ (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] نار الغيرة تحرق رجل واطيها،للكاتبة/ black widow (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-10-20, 11:29 PM   #111

رزان عبدالواحد

? العضوٌ??? » 364959
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,014
?  نُقآطِيْ » رزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond reputeرزان عبدالواحد has a reputation beyond repute
افتراضي


عجبني اسلووبك جداا مبدعة صراحة من زمان ماقرات سلاسة واسلوب زي هيك 👏👏
موفقة حبيبتي وان شالله متابعتك ❤


رزان عبدالواحد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-20, 01:46 AM   #112

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رزان عبدالواحد مشاهدة المشاركة
عجبني اسلووبك جداا مبدعة صراحة من زمان ماقرات سلاسة واسلوب زي هيك 👏👏
موفقة حبيبتي وان شالله متابعتك ❤
نورتيني وشرفتيني يارزان والله كلامك أسعدني جدا والله يارب القادم يعجبك😍


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 09:50 PM   #113

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس عشر
***

ثمة حب عابر ينمحي بطرفة عين وثمة لعنة تتملك شغاف القلب..
لا تموت بعموم الضباب ولا حتى باحتراق الشمس..

***


دلفت بها رحيمة وأجلستها على أريكة مقابلة لفراشها، لحسن حظها فزوجها في إحدى سفراته ولن يعود قبل عدة أيام، بين يديها بكت صبر بأنين، ومن بين نشيجها راحت تهذر بقهر:
ـ لقد عاد خالتي، عاد يقتلني من جديد.
شهقت بغصة مختنقة تعيد خصلاتها التي التصقت بجبهتها وأردفت:
ـ من أجل أخيه.
آلمتها شفتها المجروحة فرفعت سبابتها تتحسسها بوجع وقالت بصدق:
ـ أقسم لكِ لقد صُدمت مثلكم وأكثر، لايوجد شيء بيني وبين منصور أبدًا.
هدهدتها رحيمة تمسد جانبي رأسها حيث تسترسل خصلاتها وتومئ بتصديق:
ـ لم أشك بك لحظة يا ابنتي.
أزاحت صبر عبراتها التي تساقطت مدرارًا تغرق وجنتيها فتوالت بعدها أخريات، سيول لا تنتهي وقلبها فائض بأنينه وأوجاعه، همست بصوتها المبحوح:
...... ـ لقد شعرت بالهوان حين
صمتت بخزي لم تستطع نطقها ورفعت أناملها تتحسس موضع الكدمات الصغيرة المؤلمة التي خلَّفها عدوانه عليها مدت رحيمة أناملها تقبض بها على كفي صبر تؤازرها، ومع كل حرف تتفوه به يزداد سخطها على مدين وأمه، هما السبب فيما آل إليه حال تلك المسكينة، انتحب صبر مجددًا تبرر:
ـ كنتُ قد حضّرت أغراضي في حقائب لأرحل في الصباح كما أخبرتك.
تبدلت الأدوار لتتمسك هي بكفي رحيمة تتوسلها:
ـ قولي له أني لن أبقى هنا ولن أزعج أحدًا.
رفعت كفيها تضمهما إلى جيدها بعجز:
ـ أنا خائفة منه خالتي، لن يتركني بسلام.
زمت رحيمة شفتيها تكتم انفعالها، يرهبها فوق أنه قذر متبجح ظلمها فيما مضى واليوم أتي يمتهنها من جديد، انتوت أن تتخذ خطوة جدية تجاهه، لقد تمادى في حماقاته ولن تتركه يؤذيها أكثر من ذلك..
كفكت المنتحبة دموعها وهمست بغصة:
ـ مدين يكرهني كثيرًا.
مدت رحيمة أناملها تزيح تلك العبرات اللعينة عن وجنتيها قائلة بمقت:
ـ مدين لا يستحق دموعك.
وبرقت عيناها بتصميم:
ـ يستحق أن تكرهيه ياصبر، لقد شوهك.
رفرفت أهدابها الندية وتباعدت أجفانها فتجلى انطفاء عينيها لترد بخفوت:
ـ مرت سنوات طويلة وأنا أحاول، بكل الطرق حاولت.
أشفقت الأخرى عليها،

مشاعرها صادقة دافئة ومدين اللعين لا يقدرها حق قدرها، زفرت باختناق وفي لحظة أمومة أنانية تحسرت على معتصم، لماذا لم تحبه صبر ويحبها، كانت لتغمره في عشقها وتسعده بلاشك، هزت رأسها تزيح أفكارها المتطرفة قبل أن تتجمع العبرات في عينيها نهضت وحثت صبر على أن تنهض بدورها وتغسل وجهها، بعد برهة كانت قد طلبت من إحدى الخادمات أن تحضر لها ملابسها وأجبرتها أن تبدل ملابسها، وأصرت أن تجاورها في فراشها خوفًا من أن يفتعل فضيحة جديدة، وأرجأت شكواها له عند والدته للصباح..
***
انتظر طيلة الليل رسالة معينة وجاءته في الثامنة بالضبط
(لقد غادرت سيدتي رحيمة جناحها وذهبت إلى جناح سيدتي لبيبة)
ردود أفعالهم متوقعة إلى حد ممل، التقط سترته الجلدية الملقاة على الفراش وارتداها في عجالة، أمامه خمسة عشر دقيقة فقط قبل أن يغادر إلى اجتماع مهم، توجه صوب جناح عمه أحمد واقتحامه لم يكن بالأمر الصعب، أغلق الباب بعد دلوفه بهدوء، وتوجه صوب الفراش، وكما توقع تمامًا كانت غافية بانكماش مثير للشفقة، بالتأكيد جافاها الوسن طيلة الليل ووقعت أسيرته عنوة حين حلّ الصباح، التفَّ حول الفراش وجثى على إحدى ركبتيه كاتمًا أنفاسه يحجب ضي النافذة الذي تسلل بخجل شتوي إلى الغرفة، أمعن فيها النظر بجمود، لعنة متجسدة في هيئة امرأة سمراء، تنام على جانبها فتحتضن وجنتها الناعمة وسادة بيضاء، خصلاتها سوداء لامعة تسترسل على كتفها بفوضوية، آثار غارته التي شنها عليها بالأمس قد أصبحت داكنة منتاثرة على رقبتها وجيدها تشي بقسوة عدوانه، تورمت شفتها ومازال جرحها ملتهبًا، توتر أجفانها استدعى ابتسامة هازئة إلى جانب ثغره، قد استشعرت وجود خطأ ما حولها، ومدين هو الخطأ بذاته متجسدًا، فرقت أجفانها بغتة وعلى أقصى اتساع غير مصدقة كيف اخترق خلوتها بتلك البساطة، كابوسها الذي لازم لحظات غفوتها لم يرحم واقعها وغزاه هو الآخر، هبّب منتفضة تهتف بجزع:
ـ كيف دلفت إلى هنا؟
اغتصب ابتسامة قاسية وأشار برأسه للخارج بسخرية:
ـ عمتي ذهبت تشكوني لأمي.
هبطت الفراش تتعمد الابتعاد فكان لخطواتها بالمرصاد واقترب إلى حد الالتصاق بها فاختض جسدها وابتعدت هاربة ليهتف من خلفها:
ـ ما رأيك أن نمنحها مشهدًا أيروتيكيًا في غرفتها.
شهقت بهلع حقيقي ودارت حول نفسها تغالب ضيق صدرها قبل أن تغادر بقعتها إلى صالة الاستقبال، إلى أي مكان سوى حيز الفراش، تبعها باعتياد دون عجالة أو تؤدة، كأن القادم تحصيل حاصل، كانت مرتبكة تبحث عن مخرج، خافت أن تغادر الجناح بملابس نومها الحريرية تلك في وضح النهار وأيضًا خافت أن تصرخ فتلوك سمعتها الألسنة، وضعها في مأزق وما بيدها حيلة، استدارت تناظره بوجل:
ـ أتوسل إليكَ اتركني وشأني.
غصتها لازمت صوتها وعيناها صارتا مرتعًا للوجع، وهو؟ هو لم يبدُ عليه تأثر، رد توسلها ـ ببساطة نافضًا كتفيه:
ـ فات الأوان.
كانت مذعورة بقلب يقرع بلا رحمة، ملامحها تائهة لا تجد مخرجًا فنطقت أول ماجال بخاطرها:
. ـ سأغادر أعدك بذلك
وضع كفيه في جيبي سرواله الجينز قائلًا بجمود وسيطرة كمن يعرف الأزقة قبل الشوارع الرئيسية:
ـ إذا كنتِ إبرة في كومة قش سأحرقه ونيراني لن ترحمك.
رفعت كفيها إلى عنقها تتلمس موضع اختناقها، يضيق عليها السبل ويزيد غطرسة، غافلتها عبرة وسقطت هامسة:
. ـ أفضل الموت
عندها اغتال المسافة ووقف مواجهًا لها، يناظر عينيها المحتجبتين خلف ستار المطر الشفاف فتنفذ نظراته إلى روحها تمنحها الألم ببرود، وبرود عينيه خادع، يشبه رشفة القهوة الثانية، يُهيء لمن يتذوقها أنها دافئة فيغتر ويرتشف لتصفعه حرارتها اللاهبة وفي باطنها تكاد تحرق أكثر من الأولى فالمكر سيد اللعبة هاهنا..
همس بخفوت وكأنه يمنحها وعدًا بالحب الأبدي:
ـ إن أردتِ الموت حقًا فامنحيني شرف قتلك.
تراقصت العبرات بين أجفانها فانتشى بانتصاره، في قهرها لذة ولن ينكر ذلك، ابتعد خطوات مغادرًا ومع كل واحدة يمليها أمرًا :
. ـ عودي إلى غرفتك وانتظريني حتى أعود
ـ انسي أمر المغادرة فلدينا الكثير كي نفعله.
ـ لا تسمحي لمعتصم بأن يتدخل.
ابتسم ساخرًا قبل أن يقر بشيء آخر قبل المغادرة:
ـ قبلي لي وجنة عمتي رحيمة وقولي لها إن تبقت مدائن عامرة ف مدين الملعون سيخربها كلها.
وقفت مجمدة ذاهلة مما تسمعه، تضاعف ذعرها فتبجحه تخطى حاجز المزح، بعدما فتح الباب وقبل أن يغادر قبض على الباب وضرب جبهته بدراما رديئة:
نسيت إبلاغك أنه قد آن الأوان لتدفعي ثمن ما اقترفته على مدار سنوات.

قالها وغادر صافقًا الباب بقوة..
ارتجف قلبها فسرت الرعشة إلى جسدها كله، بأي حق يحاسبها وإن كانت تمادت أوليس هو من بدأ الأمر، أعادها إلى لحظة قديمة قدم نحرها، حين أصدر مرسومًا بحرق مدينة كانت له بقلب غر..
عادت إلى عمر الثمانية عشر، وقتها كان قد مر عام على أول نبضة عشق ينبضها قلبها له، تجرأت وذهبت إلى غرفته خلسة وفتحت بابه دون طرق، لمّا رآها نهض بغتة وتقدم يقف أمامها يطالع هيئتها المريبة بترقب،كان لها خصلات غير مرتبة وعينان تنضحان بالدمع، سالت عبراتها على وجنتيها البضتين فالتمع كالؤلؤ فوق سمارهما المحبب إليه كما زعم مرارًا، شعرت وكأنه يمنع يده من أن ترتفع وتزيح دموعها ويشبع تلكما الوجنتين تقبيلًا، همست بصوت مذبوح:
ـ لماذا فعلت ذلك.
أشاح بوجهه مُطبق الشفتين، لم يفكر في الأمر كثيرًا، حين أقنعته أمه بخطبة ابنة خاله، تصرف وكأن الأمر بديهي، سألها بجفاف دون النظر إليها:
ـ فعلت ماذا يا صبر.
تقدمت منه كل المساحة الفارقة ووقفت أمامه ترتجف، دفء جسدها مارس عليه غواية لم يرفضها وضمها فاستكانت هامسة:
ـ لماذا طعنت قلبي.
رفع يده يمررها على عضدها ليزداد ارتجافها، فالذي يعتقلها بين أحضانه الآن كان قبل ساعتين معها في غرفتها يجتاحها تقبيلًا وعناقًا وتركها لتمر ساعة واحدة وتسمع خبر خطبته الأمر الذي جمدها تمامًا واستحضر لعقلها ألاف التساؤلات والشكوك، عند ذلك الخاطر انتفضت، وابتعدت تمنحه صقيعًا مفاجئًا بدلًا عن جسدها الدافئ فسألها بحدة:
ـ ما المانع إن تزوجت.
تمتمت ذاهلة:
ـ تتزوج!
رفع عينيه الوقحة يطالعها بفجاجة:
ـ ماذا في ذلك.
أشارت إلى صدرها بأنامل مرتجفة وعيناها تغيمان بانفجار من رماد:
ـ تزوجني أنا.
كتف ذراعيه أمام صدره فيبدو أنها أوَّلت الأمر بشكل خاطئ، ليست سوى فتاة غرة تجذبه وينهل من قربها قدرما يستطيع دون أن يفرض على نفسه مسئولية تجاهها، لاحظ تشنج جسدها وتتبُع عيناها لانفعالاته فركز عينيه في عينيها باترًا كل تصوراتها وهادمًا قلاعها كلها في لحظة:
ـ لن أتزوج ابنة الخادمة.
ليس هدفًا تلك رصاصة تلقتها وارتدت للخلف بتعثر دون إرادة فسقطت أرضًا، تقدم منها يدعمها فنفضت يده وقلبها العصي تضخم من فرط تعاظم الألم فيه، سألته بصوت أبح وعيناها تنزفان:
ـ ابنة الخادمة المتاحة؟!
مد أنامله يداعب ظهر كفها فانكمشت يدها ليهمس بصوت أجش
ـ سنظل كما نحن.
راحت تتلفت حولها بأعين زائغة وتساءلت بخبال:
ـ وكيف نحن.
صمت وتركها تهذي كما يحلو لها فأردفت تسأل مجددًا:
ـ أكون عشيقة سرية بينما أنتَ تتزوج قريبتك المناسبة وتنجب منها!
حاول ضمها إلى صدره فانتقضت بحدة ونهضت تطالعه من علو بأعين مقهورة نازفة:
ـ ابنة الخادمة المتاحة ماتت، مبارك خطبتك وزواجك ياسيدي.
يومها قالتها ورحلت بإيعاز من بقايا كرامة كانت تمتلكها، وكأنها كانت زيفًا مر به عابرًا وانتهى، مضى في طريقه دون التفات لها وأعلن خطبته بالفعل ومن يومها وغصة الألم لم تفارق قلبها قط، تعيش تضحك وتتمتع بحياتها حد أنها في أمسيات صاخبة ترقص، بالرُغم من أنه الوجع مازال ساكنًا لم تزحزحه سربلة السنون، عادت إلى واقعها بجناح رحيمة وكانت قد جلست أرضًا تنتحب دون هوادة، ملعون قلبها وجسدها به، ليتها تموت وتكون نسيًا منسيًا لا يأتي على ذكره أحد..
كفكفت دموعها، ونهضت تطلب خادمة تأتيها بثياب، عليها العودة إلى غرفتها والتفكير في حل بنفسها، لن تطلب مساعدة من أحد وتورطه أو تورط نفسها معه، فقد تورطت مع منصور دون جريرة ولو تواصلت مع معتصم بأي صورة سيتفاقم الوضع أكثر..
***

قبل ذلك بنصف ساعة كانت السيدة لبيبة قد أرسلت في طلب زاد إلى جناحها، فأبلغتها إحدى الخادمات بذلك، جميع من بالقصر يعلم باعتيادها الاستيقاظ قبل آذان الفجر، تمكث في غرفتها التي اتخذتها محرابًا لها، تصلي ثم تصلي ثم تصلي ثم تسبح وتبتهل وبعدها تفتح نافذتها بمناجاة صامتة حتى تنسدل أشعة الشمس بتسلل حنون فتغتسل روحها بالنور، بدلت ثياب صلاتها بجلباب فضفاض رمادي وحجاب أبيض، ما حدث بالأمس مرهق جدًا، التفكير فيه يستجلب الدم فائرًا إلى رأسها، قد شوهوا منصور، لم يكن يومًا يتعمد الجرح هكذا، ضيقوا الخناق حول عنقه وما فعل سوى أن ثار عليهم، للغرابة ليست غاضبة منه قدر حزنها عليه، وصلت إلى باب جناح عمها وطرقته بخفوت لتفتحه زوجته العمة لبيبة التي حدجتها بعدم رضا، أفسحت لها الطريق فدلفت بتهذيب متوجهة صوب الأريكة، جلست زاد بقلة راحة، الوضع غير مريح بالمرة، جلست الأخرى أمامها وأسندت ساعدها إلى منضدة أمامها ودون مراوغة أصابت لب الموضوع:
ـ لماذا تركتِ زوجك يازاد.
توترت زاد كثيرًا حد تقلص قبضتها وزمة شفتها في محاولة للسيطرة على النفس، لا يوجد شخص على الأرض يحب أن يستجوبه أحد ويبرر له ولاسيما إن كان الأمر يتعلق بحياته الخاصة، زفرت زاد ببطء كيلا لا يظهر على وجهها الاستياء رغم أنها كانت مستاءة بالفعل:
ـ عذرا عمتي لكن لا أريد التحدث فيما يحدث بيني وبين زوجي.
رمقتها الأخرى بغضب طفيف:
ـ زوجك!.. الذي تركته ولم يمر سوى بضعة أشهر على زفافكما.
اتشح وجه المرأة بتساؤل وسرعان ما ترجمه لسانها:
ـ ما الذي يدفع منصور إلى طلب الزواج من صبر أصلًا؟
أطرقت زاد تطبق شفتيها، فقد أثارت زوجة عمها حفيظتها، من حقها بالطبع الاطمئنان على ابنها لكن زاد ترفض رفضًا قاطعًا أن يطلع أحد على أسرارها مع منصور، تنحنحت بخفوت قبل أن ترفع رأسها وترد بثبات:
ـ لا أعتقد أنه كان يعنيها حقًا، كان يشعر بالضيق فقط.
قاطعتها السيدة لبيبة بحدة:
ـ ولماذا تدفعينه للشعور بالضيق.
قد اتخذ الحديث مسارًا لم يرق لزاد التي تجلى بعينيها الرفض ولم تتكبد عناء إخفاءه فقالت بحزم لم يفقر للتهذيب بعد:
ـ لا أفضل أن تخرج تفاصيل علاقتي مع ومنصور من بيننا.
قبل أن تهم زوجة عمها بتوبيخها بشكل أكثر حدة انطلق طرق الباب يعلن عن حضور زائرة أخرى، نهضت السيدة لبيبة تتوجه صوب بابها وتفتحه فوجدت رحيمة تقف بتحفز غاضب، زوت لبيبة ما بين حاجبيها وأفسحت لها الطريق فدلفت لتجد زاد قد نهضت بدورها تستطلع هوية الطارق، حين وجدت أمها اندفعت صوبها وكأنها وجدت خلاصًا من جلسة الاستجواب تلك، اندهشت رحيمة من وجود ابنتها في غرفة زوجة عمها وبعدها فهمت المغزى من ذلك فالتفت صوب لبيبة قائلة بإقرار:
ـ لا داعي للضغط على ابنتي، سندعمها في أي قرار يخص زواجها.
اتسعت عينا السيدة لبيبة صدمة واستفهمت: - ماذا تقولين يا رحيمة، ابنتك دفعته لطلب الزواج من صبر أمام العائلة، هل هذا هين؟ ستدعمونها في ماذا!
زمت رحيمة شفتيها غيظًا فاسترسلت لبيبة بحنق:
ـ لا أصدق أنا هذا كان منصور المراعي، إن كان مدين كنت قد صدقت، ما الذي أوصله لذلك.
اضطرب تنفس رحيمة بغضب عارم وهتفت: - على سيرة مدلل أمه لدينا حديث مهم.
قالتها وأشارت إلى زاد تأمرها بلين:
ـ غادري الآن حبيبتي سأعود إليكِ بعد قليل. غادرت زاد مندهشة فقد بدتا متحفزتين وكأن حربًا عائلية على وشك الانطلاق، بعدما أغلقت الباب بهدوء غمغمت رحيمة من بين أسنانها بسخط:
ـ ابنك المتبجح يحتاج إلى تربية من جديد. رفعت لبيبة حاجبيها بغضب وهتفت بغية الدفاع عنه:
ـ ماذا فعل يارحيمة.
هزت الأخرى رأسها استهزاءً:
ـ قولي ماذا لم يفعل، في أي شرع أو ميثاق ينتهك الرجال حرمات بيوتهم.
شهقت لبيبة بقوة وتوسعت عيناها فحديث رحيمة من شأنه إراقة دماء إن صحّ فسألتها متوجسة:
ـ ماذا تقصدين؟.
ردت رحيمة مغتاظة بأعين ساخطة:
ـ زين شباب زايد ذهب إلى غرفة الفتاة ليلًا وأتت إليّ راكضة بعلامات دامية على جسدها.
شهقت أمها تفغر فاهها مصعوقة، لم يجل بخاطرها لحظة أن يفعل ذلك، أبلغته بما فعله منصور وتساءلت لماذا يفعل ذلك وخمنت بصوت مرتفع أن تكون صبر قد أغوته، وقتها سمعت حفيف أنفاسه الثائرة عبر الهاتف وكان جل تركيزها منصبًا على كارثة منصور، والآن تود صفع نفسها فهي السبب فيما تسرده رحيمة، هي لا تحب صبر أبدًا لكنها في هاته اللحظة قد شعرت بالشفقة تجاهها لم تجد ما ترد به على رحيمة فقد ألجمتها الصدمة، والأخرى ظلت ترمقها بذات الغضب العارم فهتفت:
ـ منزلة صبر عندي لا تقل عن زاد، وابنك يؤذي ابنتي يا لبيبة.
رُغمًا عنها تسلل إلى صوتها غصة حزن، من طبعها الرحمة وصبر مسّت عمق قلبها حين أتتها كطفلة مذعورة هاربة بلا حيلة:
ـ لطالما كان يؤذيها ولم يحمها منه أحد.
رفرفت أهداب لبيبة بتأثر، كرهت ما آل إليه الأمر وغضبت من ولدها بشدة، رحيمة عاطفية تورِط قلبها ورغم أنها عقلانية إلا إن مدين بكل الحسابات الممكنة مذنبٌ، زفرت عاجزة عن الرد فتنهدت الأخرى قبل أن تهم بالمغادرة ودمدمت:
ـ ابعديه عنها قبل أن يحدث الأسوأ.
***
عروس بدرجة بائسة، رفيقة الهواجس متعطشة الاهتمام، سيئة الحظ بما يكفي كي يتركها زوجها ليلة الزفاف، بل هي صاحبة الحظ الأسوأ على الإطلاق فلم يرتبط زهده فيها بسبب لا أخلاقي لا سمح الله، لذا فوجدت أن رد فعله مبالغ فيه، ظنت لأول وهلة كشف فيها أمرها أنه سيعنفها ويغضب بشدة لكن أن تعافها نفسه هكذا لهو شيء مقيت جدًا..
أمضت ليلة الأمس بأكلمها ساهدة باكية في فراشها تمسد فراء قطتها الحبيبة، في الصباح كانت متعبة فغطت في نوم عميق بلا راحة فعلية، كوابيسها جثمت فوق صدرها، ما فعله أمام الجميع قهرها، رآوه يهينها بدفعها بعيدًا عنه وكأنها علقة مقززة وجب التخلص منها، بل وحمائيته من أجل صبر كان وقعها كالطعن بسكين حاد لأنسجة قلبها، معتصم زوجها وحبيبها هي فقط وهي الوحيدة صاحبة الحق فيه، لوهلة فكرت أن تكون صبر هي من وشت بها لديه، ليخفت شكها في مصعب، وفكرت لماذا يفعلها مصعب وهو من رهن افتضاح الأمر بتعاسة معتصم، لو كان هو ماكان حدثها هاتفيًا يوم زفافها أصلا..
ربما تكون صبر فعلا وتكون طامعة فيه، لم تحب صداقتهما على أية حال وسكوتها كان خوفًا من ردة فعله، أبلغتها خادمة كانت قد أحضرت لها عشاءها في غرفتها بأنه قد حضر منذ ساعة وقبع بغرفته من وقتها، ترددت كثير قبل أن تغادر غرفتها عازمة على مواجهته، لن تقبل بهذا الوضع ثانية، ارتقت الدرج متوجهة صوب جناحهما، كل ذكرى حدثت ليلة زفافها المشؤومة انهالت على رأسها واستجلبت معها غصات مريرة، ترنحت بخفة قبل أن تضم قطتها إلى صدرها بكلا ذراعيها، ثقل يجثم فوق قلبها يغضبها بشدة، دون طرق فتحت باب الجناح، أوليس من حقها أن تدلف إلى مملكتها الصغيرة دون استئذان!
قابلها هدوء تام فظنته قد غادر إلا إن حفيف نجم عن حركة بعيدة أنبأها بوجوده، رهبة طاغية سرت عبر أطرافها فازدردت لعابها بتوجس، أغلقت الباب وتولت عيناها أمر استراق النظر، تخطت الممر إلى غرفة النوم فشعر بوجودها والتفت لتتقابل نظراتهما بحدة منه وتوسل ضمني منها، استنكرت توسلها ذاك ونفضت رأسها هي الآن غاضبة مستاءة فقط، احتدت خطواتها صوبه فارتفع أحد حاجبيه ولم تغب نظراته الداكنة، نظرته مرعبة، لقد كان مرعبًا حين تشاجر معها قبلًا ومع منصور بالأمس، لديه جانب جديد عليها مغاير تماما لجانب العاشق الذي غمرها به فترة الخِطبة
وصلت إليه ووقفت أمامه، تقبض على فراء القطة دون وعي وهتفت باستياء:
ـ كيف تهين كرامتي هكذا أمام العائلة، لقد دفعتني مرتين وكأنني ...وكأنني....
صمتت تزفر بغضب عارم، والموقف هزلي جدًا، أجبرت جانبه المظلم على الحضور دون مجهود، فتوحشت عيناه وأشار إلى جسدها بقلة تهذيب:
ـ أنتِ آخر من يتحدث عن الكرامة.
للحق لحظة المشاجرة مع منصور حين دفعها لم يكن بوعيه وحين مدت يدها إلى وجهه بغية ملامسة جرح شفتيه لم يرَ سوى امرأة مزيفة تتنازل عن كبريائها من أجل إرث لعين، والآن هو غاضب وأكثر من اللازم، تحدثه بطفولية بغيضة وكأن لها حق لومه، تجمدت مكانها واغروقت عيناه بالدموع فلم تؤثر به، اختنق صوتها وهمست بضعف:
ـ أنا أغار يا معتصم، أغار من صبر التي وقفت تزعق في الجميع من أجلها.
استهزأ بها متعمدًا:
ـ لا تقارني نفسك بها، ليتك مثلها.
طعنة جديدة سددها ببراعة فترنحت، تبللت كلا وجنتيها بالعبرات وهتفت بلا استيعاب:
ـ ألهذه الدرجة؟...أنا لا أقبل ما تقوله.
ابتسم بقسوة ورد هازئًا:
ـ آااااه أنتِ بيسان زايد، التي رسمت طريقها إلى فراشي كي تحصل على وريث.
طعنة تلو أخرى وجروحها صارت بلا حصر، ومن فرط جرحها كان عليها أن تستخدم أظافرها وتخمش مثله:
ـ أنتَ بالنهاية أصبحت زوجي شئت أو أبيت فنحن الآن معًا ولن أتنازل قيد أنملة .
وخمشها لا يزن شيئًا مما يقدر عليه، لديه مخالب قادرة على إسالة دمائها دون مجهود، مد يده يجذب قطتها ويحررها ومن ثم يجذبها هي إليه بخشونة ويضمها بعنف، عبقها كاسح لن يكذب ولن ينكر تأثيرها عليه، حبها مـتأصل في جيناته على مابيدو، وسحرها مُهلك لأي رجل في موضعه، لأي رجل سواه، هو لن يقع أسيرًا لها مهما حدث، وكالمرة السابقة، حطَّ من قدرها ولامس جسدها بمجون، دون تقدير أو مراعاة، قاومته فهمس بوقاحة:
ـ اطلبي من خادمتك المخلصة كوب عصير به حبة مانع للحمل واتركي الباقي لي.
أهانها بحقارة فانتحبت وتملصت منه ليتركها تقف أمامه تنهت، أعينه لا ترف ونظراته لا تلين، لوهلة أصابتها عدوى توحش النظرات منه فصاحت بأعين متصلبة:
ـ أنت لي يا معتصم، سنتزوج وننجب أطفالًا عدة لا طفلًا واحدًا.
أذهلته حقًا، مازالت على غيها وتظنه سيرضخ، أنفاسها الثائرة لم ترحمها فعادت تقول بتعثر:
ـ إن أردت سنقتسم الإرث سويًا.
إلى هنا واكتفى، كاد يهدم كل شيء ويرمي يمين الطلاق بكل غضب وسخط ممكنين، لكنه، أجابها بجمود وازدراء:
ـ لا نحتاجه، كلانا يمتلك ما يكفي أجيالًا قادمة.
هزت رأسها ومازالت عيناها مغتربة في توحشها:
ـ مهما امتلكت أنا وأنت سأظل أريد إرث زايد.
لم يفهم منطقها ولا يمتلك في هاته اللحظة بالًا كي يفنده، أشار إلى الباب بزفرة حارة قائلًا بنبرة كره صريحة:
ـ إلى الخارج يابيسان، انتهى وقتك.
كزت على أسنانها بغل وهتفت:
ـ أنا زوجتك.
أتبعها برد باتر:
ـ أنتِ لا شيء.
عاجلته متبجحة:
ـ أنا كل شيء.
هل حدث وتمنى أحد العشاق أن يموت أحد أطراف تلك العلاقة، ليته يموت الآن أو تموت هي وينفصهم ذاك الطوق الذي يكبل عنقه أو عنقها، شتان الفارق بين طوق الجشع وطوق العشق، وملعونة هي كل حين من تشعر رجل مثله بالعجز، عاجز عن تحريرها وعاجز عن ضمها، أشعلت جحيمه ومازالت ترمي الحطب دون رحمة:
ـ اهدأ يا معتصم وتقبل الأمر.
فاض كيله فاقترب يغرس أنامله في لحم عضدها:
ـ سأتركك هكذا، دون زواج ودون انفصال.
ومال يهمس قرب أذنها:
ـ لست شهوانيًا إلى حد يسيل لعابي على الجواري.
رفعت رأسها بحدة تناظره ببغض لما تفوه به وهمست بذهول:
ـ جواري!
رد بملامح متصلبة بجبروت لا يزول:

ـ لن أنعت ابنة عمي بلفظ أكثر دونية..
شهقت بوجه محتقن، محترقة الثبات تمامًا فضربته ضربة قوية استقرت في صدره قبل أن تهرول للخارج وهتفت بحرقة:
ـ سأعود يا معتصم وأنتَ سترضخ أعدك بذلك.

***


حب بلا اتزان بين أطرافه يعني خيطًا مشدودًا من جانب ومتراخيًا من آخر والتتمة بعثرة
اندفاع نتيجة الخوف من الفقد والحال برمته مهزلة..
ابتعد عنها يومًا كاملًا، ساعات طويلة لا تغيب عن باله ولا ينزاح طيفها قيد أنملة، سكن غرفة مجاورة لها بشرفة موازية لشرفتها، وصوت عزفها للناي يأتيه حزينًا فيُكبل عنقه بحزنها، روح حبيبته معتلة وقلبه المعتل بها يئن لأجلها..
اشتاقها والشوق في عقيدة المغرمين معضلة، إما الاحتراق بصمت أو طلب الغوث دون تؤدة، وقف أمام بابها يستند إلى الحائط بحيرة، آخر مرة طردته منها ورده كان أسوأ بكثير، تعمد جرحها في لحظة مقيتة، بل لحظة سادية له ولها، طلب رقم هاتفها ورفع الهاتف إلى أذنه، ظنها ستتجاهله لكنها خيبت ظنه وردت فسمع تنهيدتها البطيئة، أغمض عينيه وحكَّ جبهته قبل أن يهمس:
ـ لا أعرف من أين أبدأ.
سمعها تستغفر بخفوت قبل أن تفتح له الباب وترفع رأسها إليه، أجفل وأنزل يده بالهاتف إلى جانبه، اقترب منها فأنزلت هاتفها وأطرقت، وضع هاتفه بجيب سرواله ومال دون مقدمات يحطُّ بشفتيه فوق رأسها، سمع تلاطم أنفاسها فابتعد قليلًا يُشبع عشب عينيه من ندى حضورها، بللت شفتها بطارف لسانها، لا تعرف ما عليها قوله أو فعله، لم تقرر ماذا سيحدث، طوال وقتها في غرفتها تتهرب من الحسم، مد يده يلامس أطراف أناملها:
ـ لايوجد اعتذار يكافئ خطئي بحقك.
ندت عنها أنة خافتة لماذا يكون لين القلب هكذا، عليها هي أن تعتذر، عليهم جميعًا أن يعتذروا له لا العكس، رفعت عينيها إليه قائلة بجدية راسخة دون وهن:
ـ أنا أفهم يا منصور، لم تتعمد ما حدث.
ارتفعا حاجباه صدمة، لقد جاء ليبرر وجرب ألف صيغة كي يوضح الأمر وهي نسفت كل ذلك بحروف بسيطة، تراجعت للخلف تفسح له الطريق كي يدلف، فدلف وأغلق الباب، جلسا سويًا على أريكة متجاورين، كانا هادئين بشكل غريب، وكأنها لم تطرده من جنته وكأنه لم يهددها بالزواج من أخرى، مد يده يلتقط كفها فمانعته ولم يصر، قالت بصوت مبحوح:
ـ سامحني يا منصور، لم أكن زوجة حقيقية.
اقترب منها قليلًا ولم ينتهك المسافة كلها، ترك لها مساحة بسيطة بينهما:
ـ لا أفهم أسبابك يا زاد.
انكمش قلبها قبل أن تجيبه هامسة:
ـ المشكلة بي كما قلتُ لك.
سمع اصطكاك أسنانها حين أردفت مطرقة الرأس كيلا يرى عينيها:
ـ لا أطيق أي لمسة.
أغلقت عليه كل أبواب الشك حين بترت الأمر بحزم:
ـ وحتي لا يصنع رأسك خيالات ليست حقيقية فهذه طبيعتي، لا أحب أي لمسة إطلاقًا والأمر لا يتعلق بك.
لا تتوانى عن كيل الصدمات إليه، عاد يتهم نفسه، هو السبب كما قال جده، زفر بحدة:
ـ بل أنا السبب، كان علينا استشارة طبيبًا نفسيًا.
أجفلت وتوترت أحداقها تنتظره أن يكمل، تذكرت أيامًا عصيبة عايشتها بمشفى نفسي لشهرين كاملين دون استجابة، لم تكن تريد الحياة أصلًا كي تستجيب، توسلت لأخيها ليأخذها وفعل تحت ضغطها عليه، عادت بعد ذلك إلى القصر وصاحبت سجادة صلاتها والمسبحة حد أنها صدقت بزوال علتها، وما أعادها للخلف ثانية كان زواجها المزري من منصور، عادت إلى واقعها وقد دبَّ الرعب في أوصالها، لكنه جعلها تتنفس الصعداء حين أردف:
ـ ما حدث ليلة زفافنا كان بشعًا.
رفت أجفانها وازدردت لعابها هامسة:
ـ أنتَ مخطئ.
تمسك بكفها مغالبًا رفضها:
ـ بل مخطئ.
اختنقت وحاولت التقاط أنفاسها، لم يعد لديها قدرة على مواصلة الحديث فلاحظ ذلك وآثر سلامتها، ربت على كتفها بحنو قبل أن ينهض قائلًا بلين:
ـ لا داعي لإجهاد نفسك يا زاد، حاولي أن تنالي قسطًا من الراحة الآن.
غادر وتركها خلفه متألمة العينين مجددًا فالدائرة لا تنقطع أبدًا مهما حاولت..

***
لن يشتري أحد بضاعتك إن لم يكن يحتاجها، وإن كان بالفعل لا يحتاجها ف عليك بخلق احتياجه لها..
-آزا..
استدارت بحدة وعيناها قدحتا شررًا وصححت له بنزق:
- عزة.
ضحك بقوة هزت جسده وأعاد الكرَّة بمكر:
- آزا .
زفرت من أنفها وحافظت على فمها المزموم بغضب، ألا يكفي تطفله؟!
عادت تواصل طريقها مجددًا نحو السيارة ودمدمت بسخرية:
- ألم تعلمك أمك طريقة نطق حرف ال ع ؟!
سبقها بالخطوات يلوح بكفيه مع زمة شفتين وحركة أكتاف لا مبالية:
- لا تستطيع نطقها.
ضربت جبهتها بمسرحية متصنعة التذكر:
ـ كان عليّ فهمها بنفسي.
رفعت سبابتها تلوي شفتيها قبل أن تعقب بقلة تهذيب:
ـ بالمناسبة عائلتك يكرهونك بشدة.
لأول مرة يبتسم ابتسامة رائقة ويتقدم بتراخٍ هادئ ويسألها باهتمام:
ـ كيف عرفتِ؟
كادت تسخر مثله وترد بعليائية فارغة مثلما يفعل
( لا تسأل عزة الراعي كيف عرفتِ)
لكنها آثرت استهدافه مباشرة حين رفعت أحد حاجبيها بقصد استفزازه:
ـ اسمك به أصعب حروف اللغة، صعب على أمثالك نطقه.
اتسعت ابتسامته لتتشجع وتنطقها بطريقة هزلية:
ـ موووصآااااب.
غبية ولا تدرك ماجال بخاطره وهي تنطق اسمه وتمط شفتيها بتلك الطريقة، وقتها لم يكن هدفه قبلة، لن يرضيه أقل من قضمة..
أتمت ماظنته يستفزه وحسبت أن الأمر انتهى إلى هذا الحد ف همَّت بالانصراف واستدارت تتركه خلفها، منحها لذة النصر لحظة واحدة واقتنصها في الأخرى حين هدر بخشونة:
ـ توقفي!
التفتت إليه بحدة مستخفة وردت زعقته بأخرى:
ـ لا ترفع صوتك.
تحداها ببرود:
ـ وماذا ستفعلين إن رفعته أكثر.
كزت على أسنانها واشتعلت عيناها فانتشى وابتسم مستجلبًا كل سخطها عليه، ظلت تشتعل بصمت فتجاهلها وأشعل تبغه، تأففت فقد لاحظت أنه لا يتخلى عن التبغ ولا العلكة التي تثير غضبها، تقدم منها بتباطؤ متعمد حتي احتجزها بينه وبين السيارة الساكنة خلفها وهمس بتلكؤ:
ـ حين أقدم القهوة اقبليها بسعادة.
فغرت فاهها فأعطى صدمتها ضربة أخرى:
ـ وحين أطلب صداقة اقبليها أيضًا وكوني ممتنة.
وأكد على حروفه:
ـ ستكون صداقة فقط.
صمت يعطي تبغة لحظة وعاد إليها يردف مازحًا و يناوشها بعينيه:
ـ لا أريد الزواج الآن لكن بإمكانك الإنضمام إليّ في المنزل ونعيش سويًا.
تحت ذهول عينيها استكمل بعد تنهيدة حارة:
ـ أحب المشاركة في كل شيء.
اختنقت من هذا القرب الغير مسموح به فمدت كفها تدفعها في صدره ليثبت كفها في موضعها وتستشيط غضبًا فتدفعه أكثر، آثر السلامة وابتعد فزفرت وسخرت:
ـ ومن سيغير حفاضات الأطفال.
تراقص طيف البسمة على ثغره ونفث التبغ مجيبًا إياها بمكر:
ـ سأكون أبًا جيدًا.
مهما حاولت يجد ردًا لكل شيء، فعزمت على ألا تخرج خاسرة وسلكت أسوأ درب من الممكن لها أن تخطو إليه قدماها:
ـ ومن منا سيحمل بهم!.
حرب كونية قد حدثت بداخله تناوشت فيها النار والجليد حد التفافهما حول بعضها بعضًا، بين فنية وأخرى تبدل حاله من أقصى درجات التطرف إلى لحظة سكينة وكأن ما مر عليه كان كالنسيم ، فبعدما كاد ينقض عليها كأشرس ذئب خطت أقدامه أرض البرية في اللحظة الثانية كان قد تملك زمام مكابحه وابتسم بغموض ،
ما قالته لن يغير في الأمر شيئًا بل سيعززه فقط، قد حضّر لها ما سيبهرها حقا وسيكون منتشيًا أكثر حين يحدث، تقدم منها خطوة يمضغ علكته دون تأثر بما تفوهت به، لم تلاحظ تأثرًا منه سوى ومضة بسيطة ومضتها عيناه وسرعان ما انطفأت، نفث التبغ مرة واحدة وابتسم بمؤازرة عقدت لها حاجبيها، هز رأسه بتأثر كبير قبل أن يرد بهدوء:
ـ هل لديكِ مشكلة في رحمك؟
وزم شفتيه مغمضًا عينيه وتنهد بصدق، كل ما افتعله بدا حقيقيًا حد أنها اعتقدت بأنه لم يفهم ما قالته، وما زاد من تشوشها كان جملته الثانية حين فتح أعينه ببسمة طفيفة:
ـ لن أتخلى عنكِ أبدًا إن لم يحل الطب مشكلتك بإمكاننا استإجار رحمًا بديلًا وليرحمنا الله ويغفر لنا..
همّت بنسف ما قاله والتطاول عليه فاستوقفها بكفه الحازمة وأردف بثقة:
ـ لكنكِ تُسيئين تقدير الأمر، أنا لا أريد زواجًا، هي صداقة لا أكثر..
راقب وقع كلماته على صفحة وجهها ورفع أحد حاجبيه:
ـ وللعلم فقط أنا لا أخوض أي علاقة إلا في إطار الزواج.
فيما يتفوه به شيء غامض ف زوت ما بين حاجبيها واستفهمت:
ـ وكم مرة تزوجت؟.
هز رأسه باسمًا وأجابها ببساطة:
ـ أقصد هذا ما سيحدث مستقبلًا، لن أخوض علاقة بلا زواج..
على سيرة الزواج عادوا للمربع صفر فابتسمت باستخفافها المعتاد:
ـ لا أراك رجلا..
كان قريبًا يناظرها من علو وبين عينيه وعينيها جسر من جمود صلب:
ـ ماهي معاييرك؟
أجابته بلا مبالاة:
ـ الارتباك..
أمالت برأسها قليلًا فلم ينقطع تواصل العينين:
ـ لا أرتبك في وجودك.. مثلا حذيفة زوج صديقتي يشعرني بعدم الراحة وأكرهه..
وابتسمت بسماجة ترفع حاجبًا واحدًا:
ـ أكرهك أنتَ أيضًا لكنك لا تشعرني بالخطر.
زفرت ببطء وناوش ثغرها ابتسامة أنثى لديها من الثقة الكثير لتقف وتتحداه:
ـ لا تستنفر لدي غريزة الفرار..
وبالفعل كان يهيء لها الوضع كيلا لا تشعر بأي خطر فالفريسة المطمئنة تسير صوب الفخ بنفسها، رفع أنامله يزيح خصلاته التي مالت إلى جبهته وضغط على كل حرف:
ـ الأصل في الصداقة هو أن نطمئن..
تأففت بنزق وكادت تغادر رامية إياه بأي شيء يحط من قدره، فبتر كل ذلك بقنبلته التي أتى بها من البداية، يعرف عنها وعن عائلتها كل شيء، وصلته معلومة صغيرة من شأنها إشعال النار في بيت عمها بيدها ومن واقع معرفته بتاريخها الحافل معهم فستخرج من المعركة خاسرة ووقتها سيكون هو بالجوار كما وعدها من قبل، وستكون مغتربة وفي أمس الحاجة إليه،
همت بالرحيل فاستوقفها بجدية ونبرة صديق يهتم لأمر صديقته وكل ما يخصها:
ـ مصطفى..
نجح في سرقة اهتمامها وانتباهها فلم يتوانى عن إطلاق صافرة الحرب:
ـ يتعاطى حبوبًا مخدرة..
انتهى الفصل
قراءة ممتعة💙🌸


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 01:09 AM   #114

انجيلانا

? العضوٌ??? » 438582
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 59
?  نُقآطِيْ » انجيلانا is on a distinguished road
افتراضي

رواية رائعة ما شاء الله عليك مبدعة اسلوب السرد والحوار والاحداث حلوة كتير وبالعادة بتكون الروايات تقريبا عنفس الوتيرة متشابهات بعض الشي بس روايتك فيها صدمات كهربائية واحداث جديدة غير متوقعة فيها مغناطيس جذبني وخلصت الفصول كلها بتلات ايام سلمت اناملك الذهبية 😘😘😍
سؤال فضولي مبينة النهاية ولا لسا مطولة متشوقة كتير للأحداث
والبطلات قلبي عميحترق عليهن ما رح يتصلح حالن للمستقبل
وشكرا كاتبتنا العظمية رواية من الخيال 😘💋


انجيلانا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 01:17 AM   #115

انجيلانا

? العضوٌ??? » 438582
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 59
?  نُقآطِيْ » انجيلانا is on a distinguished road
افتراضي

بالتوفيق ان شاء الله ورح اكون من المتابعين المنتظرين على احر من الجمر كل جديد وابداع

انجيلانا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 05:22 PM   #116

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انجيلانا مشاهدة المشاركة
رواية رائعة ما شاء الله عليك مبدعة اسلوب السرد والحوار والاحداث حلوة كتير وبالعادة بتكون الروايات تقريبا عنفس الوتيرة متشابهات بعض الشي بس روايتك فيها صدمات كهربائية واحداث جديدة غير متوقعة فيها مغناطيس جذبني وخلصت الفصول كلها بتلات ايام سلمت اناملك الذهبية 😘😘😍
سؤال فضولي مبينة النهاية ولا لسا مطولة متشوقة كتير للأحداث
والبطلات قلبي عميحترق عليهن ما رح يتصلح حالن للمستقبل
وشكرا كاتبتنا العظمية رواية من الخيال 😘💋
الله كلامك يجنن تسلمي بجد مبسوطة قوي قوووي انه عجبتك نورتيني والله يارب القادم يعجبك مستنية رأيك في كله لسة النهاية عليها كتير مطولين شوية الرواية كبيرة بإذن الله🥰


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 05:23 PM   #117

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انجيلانا مشاهدة المشاركة
بالتوفيق ان شاء الله ورح اكون من المتابعين المنتظرين على احر من الجمر كل جديد وابداع
هلا وغلا بيكي ياحبيبتي شرفتيني كتير والله💙💙💙🥰🥰


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-20, 01:40 AM   #118

إكرام النافلة

? العضوٌ??? » 478947
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » إكرام النافلة is on a distinguished road
افتراضي

أول مرة بعد رواية السد لمحمود المسعدي أجد اسم مدين رغم كثرة ما قرأت روايتك جميلة جدا ومشوقة واسلوبك متفرد في السرد في انتظار بقية الأحداث على نار علما وأني التهمت الفصول السابقة في قضمة واحدة دمت مبدعة

إكرام النافلة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-20, 01:47 AM   #119

إكرام النافلة

? العضوٌ??? » 478947
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » إكرام النافلة is on a distinguished road
افتراضي

تعديل : مدين هو بطل رواية مولد النسيان للمسعدي ليس السد ولكن هل سيكون في روايتك مثله بطلا متفردا ؟

إكرام النافلة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-20, 11:04 PM   #120

منال سلامة

قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 408582
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,076
?  نُقآطِيْ » منال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond repute
افتراضي

كان عندي حق مفتاح البداية للقادم والماضي "الميم المجهول "
الان أصبح معلوم مديييين سيد الرجال ..
من فعل هذا وذاك سبب مصائب القصر .
الفصل ناري مشتعل ...
جاري قراءة الفصل السادس عشر ..
👏👏👏👏👍👍❤❤


منال سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:27 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.