آخر 10 مشاركات
سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رواية: ثورة مواجِع من عُمق الورِيد (الكاتـب : القَصورهہ - )           »          زوجة ساذجة (85) للكاتبة : سارة مورغان ..كامله (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          عديل الروح- شرقية-للكاتبة المبدعة:منى الليلي( ام حمدة )[زائرة] *مكتملة مع الروابط (الكاتـب : أم حمدة - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (الكاتـب : الحكم لله - )           »          خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          482-خفقات مجنونة -ميشيل ريد (كتابة /كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-10-20, 07:20 AM   #141

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس التائهين مشاهدة المشاركة
الرواية قمر فعلاا💜💜💜💜
تسلمي لي يارب💙💙💙💙💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-20, 07:22 AM   #142

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس التائهين مشاهدة المشاركة
الف مليار مبارك ى سمور المقدمة مايتشبعش منها حقيقى شابوه وبالتوفيق حبيبتى
الله يبارك فيكي يارب القادم يعجبك بإذن الله😍😍💙💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-20, 07:23 AM   #143

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهى عطار مشاهدة المشاركة
رواية مشوقة اتمنى لك التوفيق ومتابعة معك الى النهاية
نورتيني والله يا نهى يارب القادم يعجبك بإذن الله💙😍😍


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-20, 01:25 PM   #144

احمد الأكرم

? العضوٌ??? » 424798
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » احمد الأكرم is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله شكرا للتميز الدائم

احمد الأكرم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-20, 02:50 PM   #145

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد الأكرم مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله شكرا للتميز الدائم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تسلمي يارب القادم يعجبك يارب💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-20, 09:25 PM   #146

همس الرحمة

? العضوٌ??? » 472430
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 259
?  نُقآطِيْ » همس الرحمة is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

همس الرحمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-20, 03:18 AM   #147

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون
***
انتصر ينتصر انتصارًا
ومنصور المنتصر دائمًا وأبدًا قد غرق في انهزامه، ولم يكن يومًا في هكذا موضع..
وقف على باب جده للحظة واحدة يلتقط أنفاسه قبل أن يقتحم المجلس بكل اندفاع ممكن:
ـ لن أبرح مكاني حتى أفهم..
كان جده جالسًا يتصفح عدة أوراق مهمة وانتبه له، ودلوف حفيده بتلك الطريقة نبأه بقدوم عاصفة والعواصف تحتاج رواسي شامخات، خلع منظاره الطبي ووضعه فوق الأوراق التي حطّ بها فوق منضدة صغيرة أمامه واستقام يقابله في منتصف الطريق، رمقه ببأس لثوانٍ قبل أن يتخطاه مغمغًا:
ـ اطلب لي قهوتي واتبعني إلى الحديقة..
كانت عدة دقائق مهمة ليرتب فيها الجد أفكاره ويتماسك، لن يبرح موقفه العتيد حتى يطوي تلك الصفحة إلى الأبد، هبط الدرج الرئيسي وحده فيما تبعه منصور الذي أوصى إحدى الخادمات بإحضار القهوة إلى الحديقة، عبر الجد ممرًا حجريًا وهبط عدة درجات أخرى إلى حديقة غناء، مد أقدامه يخطو بها فوق العشب فجاوره منصور يوازيه بالخطوات، حانت من الجد التفاتة إليه بنظرة صارمة:
ـ هات ما عندك يا منصور..
واندفاع منصور جعله يلقي ما في جعبته دفعة واحدة دون تؤدة:
ـ زاد تعرضت لانتهاك ما قبل اقتراني بها..
توقف السيد سليمان بغتة متسع العينين متشنج عضلات الفك والجبهة، واجهه بصلابة وسأله:
ـ وتوصلت لتلك التراهات وحدك أم ساعدك أحد في ذلك؟
اشتم منصور رائحة السخرية فاستشاط غضبًا وحين يغضب يسيء التقدير ويخطئ التصويب:
ـ مَن مِن أحفادك تحرش بزوجتي؟
صاب الجد صاعقة فهدر تلقائيًا بصلف:
ـ اخرس قبل أن أقطع لسانك..
استعر في عيني منصور لهب أخضر:
ـ من يستطيع فعلها غيرهم؟
والحديث اتجه لمنحى مقيت سيجعل العائلة برمتها تتقاتل داخل دائرة من نار ولن ينجو منهم أحد، تجلى جبروت الجد دون مجهود ورد بقسوة:
ـ من برأيك يفعلها منهم ويظل حيّا بعد ذلك؟
وتسديدة الجد موقفة جعلت عزم منصور يتقهقر فتترسخ دعائم جده أكثر، أطرق الحفيد يحكُّ جبهته، شكوكه طوقت عنقه إضافة إلى طوق اندفاعه فوقف على أرض من طمي تبتلعه رويدًا حتى كاد وحل أفكاره أن يطمسه حتى أذنيه، عاد يسأل ويبوح بهواجسه:
ـ من اعتدى عليها إذًا..
أظلمت عينا الجد بل أظلمت كل ملامحه، يسير معه على حد سيف وعشوائية الخطوات ستدمي أقدامها معًا، تنهد السيد سليمان بهدوء، ف عليه بالرويِّة وإلا هلكوا جميعًا:
ـ لابد أن تنتصر على نفسك يابني، أفكارك السلبية ستفسد لك حياتك..
رمقه منصور المتعب بأعين مُعذبة وغمغم:
ـ حاولت أن أتجاهل الإشارات.. أوشكت مرة على البوح وأوقفتها كيلا يخرب ما بيننا..
تركه الجد يفرغ كل ما يحويه بجعبته حتى يختار الخيط المناسب ويشده، أردف الآخر بقنوط:
ـ لكنني ما عدت قادرًا على التغافل أكثر من ذلك لاسيما وأن الإشارات واضحة وضوح الشمس وحياتي معها خربة بالفعل..
سأله الجد بترقب:
ـ إشارات ماذا يامنصور..
زفر منصور فيما ازدادت سخونة الدماء في أوردته:
ـ كنت أظنها تنفر مني بسبب ماحدث ليلة زفافنا..
وأطرق فتلك الذكرى مُخزية لم يعد يتحملها، التقط أنفاسه وأردف بصوت مشحون:
ـ لكنها تتصلب ويتبدل حالها إذا مر أي رجل من جوارها..
وجد الجد خيطه فشدد على حروفه ساخرًا:
ـ وهل عليها أن تألف وجود الرجال قربها!
الإهانة الواضحة جعلت حواس منصور تستنفر فغمغم من بين أسنان مصطكة:
ـ لا أقصد ذلك بالتأكيد..قصدت في الظروف العادية مثل مرور شخص عابر جوارها..
استجمع الجد الخيوط كلها ولفها حول قبضته، حمحم بخفوت قبل أن يبدأ حديثه بحكمة:
ـ زاد تتوتر في وجود الرجال بسبب نشأتها في بيئة محافظة، وما أوصل الأمر لحيز الرُهاب هو ما حدث ليلة الزفاف كما تعلم..
صمت يراقب وقع ما تفوه به على وجه حفيده، حفيده الذي أخبره ببغض:
ـ وطلبت مني الزواج من غيرها، ألهذا تفسير أيضًا؟
غضب الجد بشكل جعله يدمدم بحنق:
ـ لذات الأسباب با منصور، لديها رُهاب من قربك منها وبالتالي تشعر بالنقص لأنها عاجزة عن منحك حقوقك ولأنها تخاف الله طلبت منك ذلك..
وغضبه لم يكن من منصور تلك المرة فزاد لها نصيب الأسد، الحمقاء ستخسر زوجها من فرط تخبطها..
صمت منصور الذى أُلجمت شكوكه ف استغل الجد سكوته وأردف:
ـ شيطانك يصور لك أوهامًا كي ينغص عليك حياتك يابني..
أشاح منصور بوجهه وفرك عينيه بتعب، لم يعلق على كلام جده وكأنه يقلبه برأسه يقف على جسر من شك تحته نيران عاتية ستحرقه وتحرق حبيبته إن استسلم وسقط ، والإنسان يصدق ما يود تصديقه، لذا ولأن نجاته تقبع نهاية ذاك الجسر فغريزيًا مال إلى تحطيمه وجاء إلى جده خصيصًا، انتبه من شروده على سؤال الجد المُباغت :
ـ هل لديك ذرة شك بها يامنصور؟.
هز رأسه نفيًا باترًا وصدقه لسانه:
ـ أبدًا ولا لحظة، كل شكوكي لا تدينها بل تدين شيئًا قسريًا خارجًا عن إرادتها..
والجد يعلم الإجابة جيدًا وذي قبل هدده بالطلاق إن كان يشك ولو مقدار ذرة غبار، لكن استراتيجية الصوت المرتفع ما عادت تجدي نفعًا، الآن عليه احتواء اندفاع منصور بحكمة وحذر، تنهد الجد براحة ساعدت على ارتخاء تقاسيم وجهه، وسأله بجدية:
ـ هل ستصدقني ونطوي تلك الصفحة إلى الأبد؟
أومأ له منصور بسرعة فضحت لهفته كي يجد الراحة، أطرق الجد للحظات ارتقب فيها الحفيد شيئًا ربما يغير حياته، والسيد سليمان على عهده القديم بشأن زاد، ليس ذنبها أنها بريئة في عالم يعج بالقذارة، وتأكد أن وجود منصور بالخارج أثناء حادث زاد كان لحكمة رتبها القدر لاسيما وأنه تلقائيًا أمر معتصم بتعطيل منصور في العمل لأطول فترة ممكنة والفترة امتدت لثلاثة أشهر كاملة، الآن علم سبب ذلك، رفع رأسه يطالعه بتعبير مُحايد، ولأنه مهتم بحفدته جميعًا دون تفرقة قال بهدوء :
ـ لقد أعطيتك صغيرتي عفيفة ..
وهو مُحق؛ حفيدته عفيفة قلبًا وروحًا حتى وإن مر عليها الدنس عنوة ستظل بعفتها،
ظلا يتناظران للحظات، بحث منصور على وجه جده عن أي شيء يغذي شكوكه وكل ما رآه دحضها كليًا، وكلمة الرجال بينهم عهد كعهد الشرف والجد قتل هواجسه في الوقت المناسب، تنهد منصور مطمئنًا فليس بعد عهد جده عهدًا، مد السيد سليمان يده يشدد على عضد منصور:
ـ شكوكك تتفاقم بسبب سوء علاقتك بها،
يكفيك لوم نفسك والبكاء على لبن انسكب وتشربته الأرض..
تساءل منصور بعينيه، فجاء رد الجد سريعًا:
ـ وضعها النفسي مضطرب، تحتاح أخصائي نفسي.
أومأ منصور موافقًا:
ـ أجل قلت لها ذلك..
ابتسم له جده مشجعًا:
ـ جيد، وعليك أيضًا أن تكف عن جلد نفسك ربما تأتيك المنحة من رحم المحنة..
***
أشبعها تحقيرًا ومهانة، ظلت تبكي كرامتها المنكوبة وحيدة بغرفتها متشبثة بقطتها البيضاء الرابضة فوق ساقيها، كانت متربعة على فراشها تتذكر عطره ببؤس، لوهلة أعادها برائحته المؤثرة إلى أول همسة حب دغدغ بها مسامعها، شهقت باختناق قبل أن تزيح عبراتها عن وجنتيها بعنف، جدها كان مُحقًا معتصم في أسوأ حالاته ويجدر بها الابتعاد عنه قدر المستطاع، ردت أمها بعد انتظار مُضني على هاتفها:
ـ ما الأمر بيسان، ما سبب كل هذا الإلحاح..
شهقة بيسان المقهورة سبقت شكوتها الحزينة:
ـ لست بخير يا أمي..
صمتت قليلًا تلملم شتاتها وتهتف:
ـ معتصم يعاملني باحتقار شديد وكرهت وجودي هنا..
هاجمتها الأم ببرود:
ـ هذا لأنك فاشلة، وتعجزين عن غواية زوجك..
انسلت دمعة حارقة على وجنة بيسان التي تذكرت هوانها بين يديه وهي تعرض عليه نفسها بكل رُخص ممكن، توسعت أعينها تُغالب سيل العبرات ومع نفس عميق اتخذت قرارها وهتفت به في التو:
ـ لم أعد أريد الإرث.
تذكرت نعتها بالجارية قبلا إضافة آخر ماهمس به في أذنها وما طرح ما تبقى من كرامتها أرضًا حيث أخبرها صريحة وباستهانة أنه قد ابتاع واقيًا سيمنع الحمل، لامته بينها وبين نفسها وطفقت تلوم نفسها أكثر منه ف علا صوتها بامتعاض:
ـ كنت حقيرة أتحداه بوقاحة وأصر على أنه سيستسلم، وفي الحقيقة كنت أخسر نفسي وكرامتي..
سمعت ارتطام أنفاس أمها الرافضة بالهاتف قبل أن يصلها وابلًا من التوبيخ:
ـ لا توجد امرأة فاشلة في استمالة زوجها سواكِ..
أشعرتها بالعجز بالفعل فتنهدت بيسان بيأس وغمغمت:
ـ أجل أنا عاجزة عن استمالته ولم أعد أريد ذلك بعد اليوم..
علمت أن طوفانًا من التنكيل كان على وشك البدء فقاطعته كله سائلة بترقب:
ـ لماذا لم تعودي إلى بيت جدي بعد وفاة أبي، كنت سأعيش بينك وبينه وربما وقتها كان ليهتم بي كما يجب.
انفلت غضب الأم من عقاله وصاحت بلا تردد:
ـ وأدفن نفسي ووظيفتي في قصره!
أتاها الرد مباغتًا كرصاصات حرب ضروس أسقطتها جريحة في التو واللحظة، والرد على قسوته يدعم رواية جدها وعمتها رحيمة، كانت طيلة سنوات عمرها داخل شرنقة من وهم تغزل الأم خيوطها بحنكة حتى أحجبت عنها شمس الحقيقة، ركزت نظرها على زرقة أعين قطتها وتمتمت كاذبة بخفوت:
ـ أنا مريضة يا أمي الآن وأريدك بجانبي..
تأففت الأم بنزق:
ـ لدي عمل مهم ولا أستطيع..
كانت بيسان تتوقع ذلك لكنها عاندت يقينها قائلة:
ـ لا أحد يهتم بي هنا كما تعرفين..
تعمدت ذكر ما سقته لها على مدار حياتها علها تدرك حاجتها إليها وأمها كانت في واديها لا تابه بشيء:
ـ اهتمي أنتِ بنفسك وكفي عن التصرف كطفلة مدللة..
أغشت عينيها العبرات فيما انتحبت بعنف:
ـ سأعود إلى فرنسا..
وكانت تلك محاولة أخيرة فاشلة علَّ الأخرى تدرك ما يعتريها، فصعقتها حقًا حين صاحت غير أبهة بالغصة التي تتقاطر من صوت ابنتها:
ـ لا تعودي إلا حين تحصلي على إرثك الذي تركه لكِ أبوكِ من جدك كاملة..
لم تشعر باختناق أنفاسها أيضًا وأكملت ما بدأته بذات النبرة الحاقدة:
ـ يكفي السنوات الطويلة التي حرمنا من مال أبيكِ..
رفعت بيسان يدها الباردة تكتم بها شهقتها، حاولت التقاط أنفاسها من أنفها وعجزت عن ذلك، تركت الهاتف ينزلق من يدها دون قدرة على تمالك أعصابها، أزاحت يدها من فوق شفتيها بحثًا عن أنفاسها العسيرة، مالت بجسدها ترقد على الفراش فنهضت قطتها تجلس بجانب رأسها بانكماش، سمعت صيحة أمها الغاضبة التي أغلقت الهاتف وما أعادت مهاتفتها ثانية..
رقدت لوقت طويل على حالها، ومن ثم نهضت بعد حين بإعياء وتوجهت صوب النافذة، فتحتها فوجدت السماء الحالكة تُمطر أسندت رأسها الثقيل إلى الزجاج فودت العودة إلى الفراش، كرهت تلك الوحدة والوحشة برمتها ف توجهت إلى خزانة ملابسها والتقطت مئزرًا ثقيلًا وارتدته فوق ملابسها، هبطت الدرج وتوجهت مباشرة صوب غرفة جدها، رأت ساعة الحائط في الممر تشير إلى منتصف الليل، طرقت بابه عدة مرات حتى فتحه لها وقابلتها نظراته القلقة، دون مقدمات ارتمت في أحضانه فتلقفها ومسد خصلاتها الشقراء، جذبها من كفها إلى الداخل وأغلق الباب، كانت متورمة الجفون حمراء الوجنتين، أطرقت بحزن وغمغمت باستحياء:
ـ أريد الغفوة بجانبك..
ابتسم من قلبه ف تلك الصغيرة تمس منه العمق رُغم أنها تحزنه على حالها، ربت على وجنتها بحنو، بدت مشحونة العواطف ولم يسألها عما حدث حتى تهدأ، سألها مازحًا:
ـ هل تغفين سريعًا أم ستجبريني على رواية قصة ما قبل النوم..
ابتسمت بتعب وشاكسته:
ـ لستُ طفلة.
مسد لحيته البيضاء ببطء وضحك:
ـ لكنكِ طفلتي ولن تكبري أبدًا..
حاوطت خصره بذراعيها وأراحت رأسها على صدره متنهدة براحة:
ـ إذا كنت تفضل ذلك، سأظل طفلتك إلى الأبد..
غمرها بعناقه الدافئ:
ـ أجل أفضل ذلك..
وبالفعل يفضل، يفضل أن تظل بريئة لا يلوثها جشع ولا أذى، وأن تبرأ من الزلّات وتعود له كأن لم يمس قلبها أطماع..
***
لدى دميانة الحياة تسير على منوال واحد ونمطها رتيب نوعا ما، صلاة وعمل وأعمال خيرية قدر استطاعتها، وحدتها فرضت عليها ذلك، كانت جالسة في حديقتها الصغيرة المزدانة بأغصان النعنع والريحان تحيك كنزات صوفية لأطفال الحي حين رن هاتفها الموضوع على المنضدة أمامها، وضعت الكنزة والإبرة وبكرة الصوف على الطاولة قبل أن تلتقط الهاتف وتجيب باسمة:
ـ مرحبا عزة، كيف حالك؟
ردت عزة بمسرحية تمازحها:
ـ مرت ساعة وأنا أدق الباب وأنتِ تتجاهليني..
نهضت دميانة بحماس ولهفة، فركت كفيها الباردين متلمسة القليل من الدفء فيما ارتقت سُلم من درجتين ومرت على صالة منزلها البسيطة وفتحت بابها الخشبي العتيق، أنزلت عزة الهاتف عن أذنها وسارعت باحتضانها:
ـ اشتقت إليكِ خالتي..
بادلتها العناق وردت صادقة:
ـ أنا أيضًا حبيبتي، تفضلي إلى الداخل..
دلفت عزة برفقتها إلى الحديقة، تركتها دميانة بمفردها عدة دقائق قبل أن تعود حاملة أنية من الفخار بها جمرات صغيرة من الفحم المشتعل وضعتها على الطاولة فلاحظت عزة وجود برّاد صغير به ماء، ووضعت دميانة عليه حفنة من حبيبات الشاي الأحمر ومالت تقطف براعم النعنع اليانعة وغسلته بماء من إبريق صغير كان سلفًا فوق الطاولة، وضعت النعنع فوق الماء والشاي وغطت البراد وجلست متنهدة بصوت مسموع، ضحكت عزة بصوت مرتفع:
ـ مهمة شاقة جدًا..
ابتسمت دميانة بتواطؤ:
ـ لكن الطقس بارد ونحتاج لبعض الدفء.
أشارت عزة برأسها وعينيها للخلف:
ـ نستطيع الجلوس بالداخل.
سألتها مستنكرة:
ـ ونترك تلك الجنة لمن؟
تلفتت عزة حولها فدميانة تهول الأمر، هي لا تزيد عن عشر أمتار طولًا ومثلهم عرضًا مزروعة بشجيرات مترامية بعشوائية، سعلت ضاحكة وأومأت:
ـ لن نترك الجنة، سنجلس فيها حتى نتجمد..
عادت دميانة تلتقط عدتها لتستأنف حياكة الكنزة، راقبتها عزة بفضول تعمل باحترافية لأنها خبيرة في ذاك العمل، ف لديها مشغل صغيرة تديره مع صديقتها..
أمعنت عزة فيها النظر، كانت منكمشة بسبب البرد ترتدي سترة صوفية رمادية اللون تلف خصلاتها في هيئة قرص فوق رأسها، دون ترتيب أو مقدمات غمغمت عزة بصوت مسموع:
ـ وكأنك تضعين أحزانك وخيباتك وخيانة العم نيكولاس فوق رأسك..
توقفت أنامل دميانة عن العمل، وإن ركزت عزة أنظارها ستلاحظ رجفة طفيفة قد صابت أناملها، ما قالته عزة حقيقيّا حد عجز دميانة عن نفيه، وضعت كل ما بيدها على المقعد المجاور ومد يدها ترفع غطاء البراد وتتفقد نضج الشاي، كأنها لم تسمع تعليق عزة ، لم يكن قد نضج بعد فوضعت الغطاء في مكانه، ارتكنت إلى ظهر مقعدها بتنهيدة طويلة:
ـ زارني نيكولاس أول أمس..
صمتت قليلًا تشرد لليوم المقصود:
ـ كان بصحبة ابنه جون..
طاف على مُحياها ارتخاء طفيف وبسمة محبة:
ـ كان لطيفًا ومشاغبًا..
شردت أكثر وعلقت بحنين:
ـ يحتاج إلى أم..
استشاطت عزة غضبًا، بدا لها أن نيكولاس قد أجاد اختيار حصانه الرابح، فعقبت ببغض:
ـ فليشتري له أمًا..
استدارت لها دميانة بكل جسدها، زمت شفتيها وهزت رأسها بتأثر:
ـ الأمومة لا تُشترى يا عزة..
ندا عن عزة صوت هازئ:
ـ لكن الحب يُباع!..
ودميانة ناضجة بما يكفي، امرأة تعرف أين تثبت أقدامها وأين يتحتم عليها الرحيل، علاوة على أنها لا تضع نفسها موضع البديل لهذا ظلت طوال تلك السنوات وحدها فنصف حل لا يناسبها، حين صمتت دميانة عن الرد سألتها عزة:
ـ ماذا كان ردك على طلب الزواج..
ابتسمت دميانة وسألتها:
ـ كيف عرفتِ أنه طلب الزواج؟
هزت رأسها يمينًا ويسارًا:
ـ هذا تأثير مصعب..
انتبهت لها دميانة وتساءلت بعينيها فضحكت عزة التي تحدثت عنه عفويًا:
ـ تتذكرين الشاب الذي جاء إلى هنا بسيارته وقال إنه صديقي؟
أومأت دميانة بتشكيك وانتظرت القادم، وعندها اتسعت ابتسامة عزة حتى شملت وجهها كله:
ـ قد أصبح صديقتي بالفعل.
ظنت أنها أخطات السمع لكن تأكيد عزة صدمها:
ـ أجل صديقتي..
اعتدلت دميانة بجلستها تحدثها باهتمام بالغ:
ـ كيف صديقتك يا عزة، تبدوان كثنائي، توقعت أن يتقدم لحظبتك حين أتى خلفك إلى هنا..
سعلت عزة ضاحكة ونفت بجدية:
ـ لا.. الأمر ليس كذلك، نحن أصدقاء جيدون جدًا..
قطبت دميانة ما بين حاجبيها وأكدت بجدية:
ـ هناك شيء خاطئ..
ارتفع غطاء البراد إثر دفع البخار له فتقدمت دميانة تزيله وتضعه جانبًا، وملأت كوبين الشاي لتعطي عزة أحدهما فتناولته تتلمس فيه بعض الدفء لأناملها، وجدت أن مسار الحديث قد انحرف صوب مصعب فأعادتها بسلاسة إلى نيكولاس:
ـ قولي لي أولًا ماذا كان ردك على العم نيكولاس..
ارتشفت دميانة من كوبها مرة وسألتها بأعين ضيقة:
ـ برأيك أنتِ ما المفترض عليّ فعله..
فردت عزة كفها أمامها ببديهة:
ـ تطردينه..
رمشت دميانة عدة مرات قبل أن تجيبها:
ـ حصلت على رقم جون..
ضربت عزة جبهتها بيدها بأمل مفقود:
ـ لقد أجاد اختيار سلاحه..
ابتسمت دميانة بلا تعليق وبعد برهة سألتها عن مصعب فأجابتها عزة:
ـ قصة طويلة سأحكيها لكِ من البداية..
...
وحكاياته تبدأ حين يريد تمامًا، وأراد معها بداية لحكاية لم يعش مثلها قط..
كان ينتظرها عن باب دميانة بسيارته، ترجل حين انفتح الباب وتقدم يصافحها بتهذيب:
ـ كيف حالك..
ابتسمت له دميانة بلباقة، دعته لاحتساء الشاي واعتذر واعدًا إياها بأن يأتيها مع عزة في مرة قادمة، سبقته عزة بسيارتها مغمغمة:
ـ تظننا ثنائي.
ابتسم وتبعها بسيارته دون أن يعقب، شيعتهما دميانة بشعور غريب، تأكدت من وجود شيء خاطئ، لا يبدون كأصدقاء كما تزعم عزة أو تعتقد، نظراته التملكية لا تخطؤها عين خبيرة ولا يبدو نصف رجل كما تزعم عزة، ربما يجاريها كي تعتاد فكرة وجوده جوارها، أرجأت دميانة خواطرها إلى وقت عودة عزة إليها فتبوح لها بما شعرت به..
على الطريق سبقها مصعب فتبعته حتى وصلا إلى نادٍ رياضي شهير، صفت سيارتها خلفه وهبطت تتقدم صوبه، أخرج من سيارته طردًا وحمله بين يديه، وقفت أمامه يفصلهما الطرد فسألته باستهجان:
- هل أحضرت لي غلالة تلك المرة؟!
تلكأت عيناه على وجهها، البرودة تكسبه احمرارًا طفيفًا وتمنح شفتيها لونًا قرمزيًا مثيرًا لحواسه، تراقص شبح الابتسامة على محياه قبل أن يناوشها:
-إذا أخبرتني عن مقاسك..
إن كان يقصد أن يتواقح فلن يقول ذلك دفعت الطرد بقوة فارتد للخلف ضاحكًا ولوح بكفه:
- أنا أمزح.
دفعته أكتر بغل وهتفت :
- يكفي مزحًا وهديتك الإباحية السابقة سأحرقها أيضًا، لا تكرر تلك الأمور ثانية..
تمادت في دفعها للطرد فتوقف فجأة متصلبًا ولم تستطع إزاحته قيد أنملة، توترت من قوته العضلية التي استهانت بها قبل قليل وتوقفت تناظره بدهشة:
- تبدو أقوى مما تصورت..
عادا يتواجهان فانحسرت ابتسامته ودمدم:
- لديكِ مشاكل في الرؤية..
تخصرت ورفعت حاجبًا مستنكرًا وأشارت إلى عينيها:
- أراكَ جيدًا.
طافت عيناه عليها كلها وابتسم بضياع أمل:
- ليتك تفعلين..
مطت شفتيها استخفافًا وسألته بفضول مشيرة إلى الطرد الذي يحمله:
- ما هذا؟
رفع كفه يزيح خصلاته الناعمة اللامعة بنضارة إلى الخلف وضحك بخفوت:
- روتين العناية بخصلاتي الرائعة..
أخفضت نظرها إلى الطرد الضخم وسألت نفسها عن محتواه، ظنته يستخدم نوع واحد من غسول الشعر ويجففه فقط، بدا لها الأمر معقدًا فقالت بكبرياء:
- سأدفع ثمنه كله، كم يتكلف كل هذا..
حين أبلغها بقيمته سعلت بقوة وسألته بتشكك:
- بالعملة المحلية؟!
هز رأسه بابتسامة واسعة:
- بعملة الاتحاد الأوربي!
سعلت بقوة أكبر حتى مالت إلى الأمام فضحك بقوة، اعتدلت تجذب الطرد وتحتضنه بمحبة:
- قبلت هديتك ولن أشكرك عليها..
أومأ لها متفهمًا واستدار يتوجه إلى داخل النادي:
- تحبين سباق الدراجات؟
وضعت طرد مستحضرات الشعر في سيارتها وتبعته سريعًا ترد بصوت خافت حتى لا يسمعها أحد:
- أحب لكن اليوم أول أيام عادتي الشهرية ومتعبة جدًا أجلها للأسبوع القادم..
توقف فجأة يناظرها بصدمة فوقفت بدورها تعقب بلا مبالاة:
- لا أخفي شيء عن صديقاتي..
أشار لصدره بأنفاس ثائرة:
- وأنا صديقتك!
كتفت ذراعيها أمام صدرها وأشاحت بوجهها:
- لو اعتبرتك رجلًا لن أصل معك إلى هنا..
هناك قصص تصل إلى الحافة، إلى النهاية وما بعدها يحتاج قلوب من فولاذ لئلا يفتتها دمار الهاوية، استأنف خطواته ومضت بجانبه ولحظها أن الأفكار بكماء لا تنطق، وبعض الفخاخ ناعمة مريحة بل وجاذبة أيضًا، ولو كان فخًا صريحًا لهربت منه لكنها أمنت مكره ومضت إليه بنفسها، وسيتلقفها برحابة صدر ويحكم ذراعيه حولها جيدًا..
***
أحكم الحصون حول مدائنه جيدًا ونام قرير العينين، أو تظاهر بذلك لا أحد يستطيع الجزم!
انطوى الليل وأدركه الصباح، أيقظه منبه عند السابعة صباحًا فنهض عن فراشه بحيوية، تحضّر للمغادرة استعدادًا لعهد جديد، فصل جديد من حياته وضع حجر أساسه بنفسه، مر على غرفتها وتوقف يناظر بابها المغلق لثانيتين قبل أن يستأنف طريقه ويرحل، مكث في عمله معظم النهار يعمل بمزاجية رائقة، عاد في المساء وكان أول مقاصده هو بابها..
مال إليه وطرقه فجاوبه الصمت، طرق مرة تالية ولم يجد جديد، اعتدل في وقفته وقد شعر بشعور مبهم وشيء ما يضيق سعة رئتيه، زاد من حدة الطرق ولا مُجيب، ومنذ متى يطرق بابها!
هكذا سأل نفسه قبل أن يفتحه بعنف ويقتحم الغرفة، كانت مرتبة هادئة فدار أرجائها كالمجنون؛ في حالة كحالة صبر لن تترك غرفتها وتتجول القصر وكأن شيئًا لم يكن، ظنها ستلزمها والشعور الذي تسربل إليه كان مقيتًا، كان كالذي قبض على الجمر في يده وتحمل الاحتراق ومن ثم استيقظ قابضًا على سراب دون أن يفارقه الألم!
انطلق إلى رحيمة وبحث عنها فوجدها في الأسفل في مجلس شتوي مترتبة أرائكه بأناقة، كانت جالسة وحدها مع خادمة تحضر لها قهوتها، اقتحم الصالة دون استئذان ووقف أمامه بقلة تهذيب يسأل:
-أين صبر؟
وزوجة عمه ترفعت عن إجابته، مدت يدها إلى أريكة جانبية وقالت بابتسامة متشفية:
-اجلس يا مدين لماذا تظل واقفًا هكذا؟
لولا وجود الخادمة لكان أظهر وجهًا لا يصح مواجهة زوجة عمه به، لكنه جلس على الأريكة مُحاطًا بالجمر حتى انتهت الخادمة من عملها، انصرفت بعدما منحت السيدة رحيمة فنجان قهوتها نفاذ الرائحة الذكية لترتشف منه بتلذذ، وتنظر صوب مدين تتندر عليه:
- ماذا حدث، هل فتحت باب غرفتها دون إذن ولم تجدها؟!
وقد وصل إلى مداه بالفعل فهتف بوقاحة:
- فتحت بابها دون إذن أو فتحته بنفسها لا فارق، تعلمين أنها لا تمانع.
كانت تتوقع رده فابتسمت بمكر:
- ولماذا تتزوج امرأة لا تمانع؟
أظلم وجهه كليًا وغمغم من بين أسنانه بغلظة:
- لا تمانعني أنا فقط.
ارتشفت من قهوتها وأمعنت في التفكير، يستحق أن تجلده وتقول أن التي لا تمانعه تزوجت مصعب قبله وهو ظل لسنوات عديدة يتهرب من الزواج ولكنها ألجمت لسانها لأجل صبر وليس لأجله، بذات البسمة التي أشعلت غيظه تمتمت:
- والدتك طردتها..
انتفض واقفًا بسخط وهتف:
- تتلاعبين بي فلو كانت أمي قد فعلت ذلك لكنتِ أول من يقف في وجهها..
قالها واستدار ينصرف بحدة قاصدًا مجلس جده، قبل أن يصل وقف في الممر يهاتف الخادمة الغبية التي لم تخبره بمكان صبر ولا تحركاتها طيلة النهار، فأبلغته برهبة أن السيد سليمان بنفسه هو من منعها من ذلك، أغلق هاتفه ووضعه في جيب سرواله وتوجه صوب جده كما كان ينوي، وضعوه داخل مرجل ووصل حد الغليان ولن يمرر الأمر هكذا، لن يكون لعبة بين يدي أحد وسيقتنصها من فم الأسد وحسابها سيكون على يديه عسيرًا ما إن يعثر عليها فأنياب الثعلب لا ترحم فرائسه لاسيما وإن كانت فريسته الوحيدة والأهم على الإطلاق..
دلف إلى جده، مشحونًا وعلى أهبة الانفجار، دون مقدما سأله وكأنه يمتلك الحق لذلك:
- أين ذهبت صبر..
وجده كان ينتظره، منع الخادمة من إخباره كيلا يفسد الأمر ويزيده سوءً، مسد العجوز لحيته وأشار له ليجلس والآخر رفض، ظل منتصبًا على أقدامه منتظرًا الرد فأجابه جده بسؤال هازئ:
- أين ستذهب برأيك؟!
هز مدين رأسه دون انتظار:
- لا علم لدي..
لم يبتسم الجد وظل يناظره بعدم رضا، والوقح كان محتقن الوجه عاقدًا ما بين حاجبيه كيلا يفقد المتبقي من تهذيبه أمام جده، زفر الجد وأجاب سؤاله الذي جاء من أجله :
- ذهبت إلى بيت أبيها.
تمتم مدين خلفه باستغراب:
- بيت أبيها!!
قبض السيد سليمان على مسبحته وأكد بمهابة:
- أجل بيت أبيها، من يريد امرأة يخطبها من أبيها..
اشتعل غضب مدين وهتف:
- حسنًا سأفعل..
غادر مجلس جده وهاتفها مرارًا ورفضت كل مكالماته، كانت في بقعة مغايرة من المدينة، قد وصلت عصرًا إلى منزل الأب، منزله ذو الثلاثة طوابق الذي يقع في مكان منعزل، خلفه سهل أخضر بطول المدى وأمامه طريق أسفلتي، أوصلتها سيارة السيد سليمان الخاصة، وقفت على باب المنزل المتطرف تحت وطأة الرياح الباردة تطرق الباب وبجانبها حقيبتها، فتح لها أبوها الباب الحديدي الخارجي فألقتها في وجهه هكذا دون مقدمات:
- لقد تركت العمل..
احتضنها بعد صمت دام لسبع ثوانٍ وشدد على عناقها، فبرغم أنه قد صنع لنفسه عائلة بعد وفاة أمها وتمسك السيدة رحيمة زايد بها إلا إنه يشتاق إليها ويكن لها حبًا خالصًا لأنها أكبر أبناءه، قبض على كفها وسحبها للداخل فسحبت حقيبتها خلفها وأغلق الباب، فتح الباب الداخلي وأدخلها بحسم إلى الصالة وكأنه يفرضها فرضًا على ذويها، له امرأة تدعى أسماء، عادية الطباع لم تظهر أي تأفف بل بالعكس رحبت بها لكنها ظلت مترقبة بأنظارها، وجذب إخوتها الذين يعرفونها سلفًا لكنها لم تجالسهم قبلا إلا في مناسبات عابرة، سلمى عمرها ثمانية سنوات وعمار عمره ستة، احتضنتهم صبر بهدوء قبل أن يصطحبها الأب إلى الأعلى حيث غرفة شاسعة لها طلتين، شرفة واسعة تطل على السهل ونافذة تطل على الطريق العام، رحبوا بها كما يجب وقدموا لها الطعام فور حضورها، لزمت فراشها بعد الغداء حتى هاتفها مدين، أغلقت الاتصال بعنف وتوحشت عيناها، ستذيقه المر ولن يردعها أحد، عاود الاتصال وعاودت رفضه، مرات عديدة، عديدة بشكل أشعل غضبه فبعث رسالة حازمة:
- افتحي الخط وإلا تسلقت إليكِ..
هل عليها الدهشة؟
كلا لن تندهش!
أجابته بصوت ناعس، لا خوفًا منه بل احترامًا لوجودها في منزل أبيها:
- ماذا تريد؟
صوتها هادئ به بحة غفوة، تمتم بلا تصديق:
- كيف استطعتِ النوم بتلك البساطة؟
رمشت بأهدابها عدة مرات قبل أن تتأفف:
- هل عليّ البكاء لفراقك؟... أنا من تركتك..
إن تمادت سيتسلق الحائط إليها، لا لأي هدف سوى صفعها بقوة فمراوغتها تثير حنقه..
سألها باهتمام:
- أين غرفتك؟
أجابته بخشونة:
- في نهاية الممر..
كاد يطلق سبة بذيئة وتمالك نفسه وزفر بسخط:
- افتحي النافذة..
قالها وعيناه تتفقد جميع نوافذ المنزل المطلة على الطريق العام..
كانت لا تزال مستلقية على الفراش متدثرة بأغطية شتوية سميكة،
حانت منها التفاتة صوب النافذة عن يسارها وابتسمت ببطء ماكر:
- غرفتي بلا نوافذ!
ضرب السيارة بقبضته وأمرها بقسوة:
- اخرجي الآن..
تصلبت ملامحها فلن تتقبل أن يحادثها بتلك الطريقة، أغضبها أن يعاملها كالحاكم بأمره فغمغمت باشتعال كالتي تسير على حافة ساخنة:
- في بيت أبي لا أحد يستغل أحد، وما دمت هنا لا يحق لأحد مخاطبتي هكذا، إذا أردت امرأة تتخطى حدودك معها فارحل بلا رجعة..
صمتت وبدوره لم يرد، تعانقت أنفاسهما عبر الهاتف لوهلة قبل أن يغلقه ويستقل السيارة، سمعت صوت مكابحها يصدح قبل أن تنطلق، نهضت في عجالة تزيح الغطاء وتركض صوب النافذة تشاهد رحيله من خلف ستارها، لانت ملامحها تناغمًا مع غلالة مقلتيها الشفافة، وعن نبضاتها فقد هرولت خلفه..
انتهي الفصل


قراءة ممتعة💙😍


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-20, 12:46 PM   #148

Nidal Bayrakdar

? العضوٌ??? » 442924
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 257
?  نُقآطِيْ » Nidal Bayrakdar is on a distinguished road
افتراضي

تسلم الانامل ما بعرف ليه الكل بيعرف قصة زاد الا منصور وايش الفكرة منها وخاصة انه بحبها فاكيد رح يقف جنبها ويساعدها الصراحة المجتمع الموجودين فيه لم اعرفه شرقي او غربي

Nidal Bayrakdar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-20, 01:51 PM   #149

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nidal bayrakdar مشاهدة المشاركة
تسلم الانامل ما بعرف ليه الكل بيعرف قصة زاد الا منصور وايش الفكرة منها وخاصة انه بحبها فاكيد رح يقف جنبها ويساعدها الصراحة المجتمع الموجودين فيه لم اعرفه شرقي او غربي
صباح الخير💙
أولا شرفتيني والله
ثانيا فكرة زاد في إنه مش هيسامح.. جدها واخوها عايزين لها حياة سليمة من غير ما جوزها يعرف الماضي ويحصل شرخ بينهم مهما كانت مشاكلهم مستحيل تكون بالصعوبة اللي هتحصل لو منصور عرف منصور مندفع ورد فعله الأولى مش حيكون كيوت خالص هيجرحها وهي مش هتستحمل ده
هما عايزينها تتخطى الصعوبات وتتعايش كأن شيئا لم يكن
ثالثا واقع الرواية افتراضي زي المكان والزمان
هي طابع شرقي لكن الخيال مسيطر على الحالة


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-20, 03:05 PM   #150

دعاء احمد1

? العضوٌ??? » 433295
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 102
?  نُقآطِيْ » دعاء احمد1 is on a distinguished road
افتراضي

أول مرة اقراها إن شاء الله تكون حلوة

دعاء احمد1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.