آخر 10 مشاركات
جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          منطقة الحب محظورة! - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::سارة عاصم - كاملة+روابط (الكاتـب : noor1984 - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وإني قتيلكِ ياحائرة (4) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طريقة صنع البخور الملكي (الكاتـب : حبيبة حسن - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          في بلاط الماركيز(71)-غربية-للكاتبة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[حصرياً]كاملة بالرابط -مميز (الكاتـب : منى لطفي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-10-20, 09:37 PM   #151

بارعة ط

? العضوٌ??? » 472564
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » بارعة ط is on a distinguished road
افتراضي


شكرا لكم عاى جهودكم الطيبة

بارعة ط غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-20, 10:30 PM   #152

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دعاء احمد1 مشاهدة المشاركة
أول مرة اقراها إن شاء الله تكون حلوة
شرفتيني والله💙💙💙💙💙💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-20, 12:01 AM   #153

هي لله

? العضوٌ??? » 473474
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 73
?  نُقآطِيْ » هي لله is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

هي لله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-20, 11:43 AM   #154

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هي لله مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-20, 01:04 PM   #155

كريم الشيخ

? العضوٌ??? » 452317
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 303
?  نُقآطِيْ » كريم الشيخ is on a distinguished road
افتراضي


طوق من جمر الجحيم ..



اسم فخم كبير جذاب يلفت الانتباه ..وكما يقال دائما العمل من عنوانه ..
لا استطيع ان نعرف اكثر عنهم الا بعد التعمق اكثر والشرح عنهم والتعرف على حياتهم ..من القادم ..
مملكة زايد مملكة نارية مشتعلة وفيها الكثير


كريم الشيخ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-20, 02:01 PM   #156

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
Rewitysmile10

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بارعة ط مشاهدة المشاركة
شكرا لكم عاى جهودكم الطيبة
عفوا حبيبتي شرفتيني والله💙💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-20, 02:02 PM   #157

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كريم الشيخ مشاهدة المشاركة

طوق من جمر الجحيم ..



اسم فخم كبير جذاب يلفت الانتباه ..وكما يقال دائما العمل من عنوانه ..
لا استطيع ان نعرف اكثر عنهم الا بعد التعمق اكثر والشرح عنهم والتعرف على حياتهم ..من القادم ..
مملكة زايد مملكة نارية مشتعلة وفيها الكثير
شرفتني يافندم والله
مبسوطة جدا ان الاسم والمحتوى عجب حضرتك 💙💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-20, 08:49 PM   #158

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث والعشرون
***
بعض الحكايات تبدأ من المنتصف..
***
فكر مليًا في وضع زاد، لا تتقدم خطوة واحدة تضمن لها ولمنصور حياة سوية، طلبها وأمها بشكل خاص وحازم، نحى لينه جانبًا فالأمر منوط بحياة زوجية مقدسة والموقف المائع سيودي بها إلى الاضمحلال..
حضرتا إلى مجلسه فنهض يغلق دفتي الباب بنفسه، أشار لهما كي تجلسا ففعلتا بإذعان، جذب مقعدًا وجلس عليه قبالة زاد بدون حائل بينهما، كانت مطرقة الرأس تتهرب من تفحص عينيه وعيني أمها، أمها التي زاد قلقها أضعافًا من وقت أخذ منصور لابنتها إلى خارج المنزل وإلى هذه اللحظة لم تنفرد بها وتفهم ما بها وما أرادت قوله قبل قدوم زوجها، حمحم السيد سليمان قبل أن يغمغم من بين أسنانه محدثًا رحيمة ونظراته مُركزة على زاد:
ـ ابنتك طلبت من زوجها أن يتخذ زوجة غيرها..
صاب السيدة رحيمة صاعقة جعلتها تنهض في عجالة وتجلس جوارها، حاوطت كتفيها بذراعها واستنطقتها بحذر:
ـ هل فعلتِ ذلك حقًا يا زاد؟
رفعت زاد كفيها تخفي وجهها وهمست بضعف:
ـ أنا امرأة ناقصة ولا أصلح لأكون زوجة..
شهقت أمها بذعر من سلبية أفكار ابنتها، ورفعت كفها تكتم صوت شهقتها، تدخل جدها يزجرها بحدة خافتة:
ـ كفى هراء يافتاة..
رفعت إليه عينين لائمتين فتجاهل ذلك ووبخها بتسلط:
ـ وكنتِ على وشك الاعتراف له لولا منعه لكِ، أليس كذلك؟..
أغشت عينيها عبراتٌ حارقة كحرقة حلقها وقلبها تمامًا:
ـ أجل..
رفع يده يضرب بها ركبته بغيط ومال يقول قرب أذنها بخفوت:
ـ تعرفين نتيجة ذلك أم لا؟
رفرفت أهدابها وانفرجت شفتاها بلهاث خانق فأستكمل يضغط على حروفه:
ـ رعونتك ستخسرك الكثير جدًا..
رفع سبابته يحذرها بقرار حاسم:
ـ لن تعترفي له بحرف، ستخرب العائلة بأكملها إن فعلتِ..
ارتفع صوته المحتد بشكل طفيف:
ـ إن سامح لأنك ضحية لن يسامح في خديعته..
وقبل أن تعلق عاجلها بحزم:
ـ وسأخدعه مليون مرة إن تكرر الأمر يا زاد..
زفر بقوة وانخفض صوته قليلًا:
ـ لكن الرجال لا تغفر مثل هذه الأمور يا ابنتي..
وجدها قد انكمشت بوجع خالص فشددت أمها على احتضانها كأنها تحاول إخفائها منه، ناظرها بعطف وأكد بخفوت:
ـ لم يعد يجدي نفعًا الآن، ما حدث قد حدث وكشفه سيتسبب في كارثة..
كان يجدر به الصمت بعد ما قال فصمت ومن ثم سألها بلذوعة:
ـ تظنينه سيجد الراحة بعد اعترافك؟
سمع نشيجها واختضاض جسدها ازداد أمام عينيه، لان قلبه لها فأشار لأمها كي تنهض وتتركها ففعلت على مضض، جلس مكانها وجذبها عنوة يسكنها أحضانه، هدهدها حتى صمتت إلا من أنّات خافتة متباعدة، مسح على رأسها بحنو وشفقة:
ـ قلت لك وسأكررها مدى الدهر، لو كان الله يريد فضح ما حدث ما كان ليستره من البداية..
أراح رأسها فوق صدره وواصل تمسيده فوق حجابها:
ـ عليكِ بالإيمان ياصغيرتي كما قلت لكِ قبلًا..
وكررها بحزم:
ـ عليك به وإلا هلكنا جميعًا..
ابتعدت عن أحضانه تزدرد لعابها العسير وتطرق صامتة، وجدها أشار إلى رحيمة التي ظلت على وقفتها تناظرهما بصمت متألم:
ـ سأتحدث مع طبيبتها النفسية التي باشرتها مدة الشهرين بالمشفى النفسي..
هز رأسه كأنه يصدق على حديثه:
ـ سأحسم معها الأمر ولن يعرف منصور بشيء.
التفت إلى زاد الهاربة بعينيها يؤكد لها يقينه:٩
ـ إن لم تحكِ له زاد بنفسها لن يعرف أبدًا..
مد يده يجذبها مجددًا إلى صدره الحاني:
ـ وابنتي ستعدني الآن وعد يضاهي الحياة والموت بأنها لن تفعل..
مال يقبل رأسها ويربت على ظهرها يلملم شتاتها بعاطفته الأبوية الصادقة:
ـ عديني يا زاد بأنه لن يعرف أبدًا..
صمتت زاد وارتجف جسدها تدريجيًا، يطلب منها خنق ضميرها داخل قفص حتى يفارق الحياة رويدًا..
هزت رأسها نفيًا بعنف فتقدمت أمها التي تفهم بالضبط أبعاد الكارثة الوشيكة الحدوث إن انطلق لسان زاد بشيء عن حادثها، حاوطت رأس ابنتها بكلا كفيها، وأجبرتها على النظر في عينيها بحزن جم :
ـ عدينا يا زاد، من أجلك ومن أجل منصور..
وغُصّ قلبها في الثالثة:
ـ ومن أجل معتصم..
رفعت زاد رأسها بأعين حائرة فأجابت الأم سؤالها غير المنطوق بعبرة ساخنة:
ـ إن تواجها بعد كشفك للحقيقة سيقتل أحدهما الآخر يا بنتي..
اجتاح جسد زاد رعدة هزت كيانها هزًا دون سيطرة، الأمر الذي جعلها تومئ ببطء، كان بياض عينيها قد حال لونه إلى الأحمر بفعل احتقان العبرات في أحداقها،وهمست بصوت مبحوح مشبع باليأس:
ـ أعدكما..
قالتها بغير اقتناع حقيقي، ولولا تلك الحرقة التي سيطرت على قلبها ما قطعت هكذا وعدًا..
***
دعت بكرها للقاء بعد العشاء في غرفتها ومؤخرًا كان يتلاشى الاختلاط بأفراد العائلة يأسًا منهم جميعًا، لبى دعوتها وطرق بابها لتفتحه ببسمة حنون دافئة، غمرته بعناق محبب إلى نفسه فقبل كفها بتبجيل، أشارت له للداخل وجلس على مقعد مقابل لمقعدها في جلسة ثنائية، تشعر بما يمر به وتتفهمه، مثاليته تتعارض مع كل ما يدور حوله، ابتسمت له و مازحته بلطف:
ـ لو كانت صبر هنا لجعلتها تصنع لنا قهوتها المميزة بنفسها..
كاد يشرد في حكاية صبر وأجبرته أمه أن يبحر في حكايته هو عنوة :
ـ أريد التحدث معك عن بيسان..
تصلب فكه وكظم غيظه هو للحق لا يود سماع اسمها حتى، سألها ساخرًا:
ـ ماذا عنها، هل تبكي لأن دميتها تمزقت؟!
كان يشير إلى طفولية بيسان المقيتة التى تثير حنقه، زمت الأم شفتيها بعدم رضا، معتصم يلتزم موقفه حيال بيسان ومهمتها شاقة وتحتاج إلى مثابرة ورويّة:
ـ تحدثت مع جدك بشأنها وأريد وضع ما توصلت إليه نصب عينيك ..
نجحت في إثارة اهتمامه بشكل طفيف جعله يقطب جبينه ويسألها:
ـ ما الذي توصلتِ إليه يا أمي..
كانت ملامحها لينة عطوفة كعادتها:
ـ غرست أمها بداخل عقلها أفكارًا مغلوطة، عن إهمالنا لها خصوصا جدك..
لو لم تكن المتحدثة أمه لسخر من سذاجة ما تتفوه به، تلك مجرد حجة واهية تصلح مع طفل صغير ولن يلقي لها بالًا كز على أسنانه غيظًا وغمغم:
ـ وكل فتاة تشعر بإهمال أهلها ستفعل ما فعلته بيسان؟
حصرها في خانة ضيقة فزفرت لتنتقي كلماتها، لا تعول على حجة بيسان بل تقصد الضغط على مشاعره التي مازال يكنها لزوجته، في شريعة المُحبين الحجج الواهية تضحى أسبابًا مقنعة إن أرادوا ذلك:
ـ ليست سيئة كما بدا منها..
اكتفى بإشاحة وجهه عنها بصمت، لم يرى منها سوى الزيف والسوء ولن ينتهي الأمر ببضعة كلمات عاطفية..
فمدت يدها تقبض على يده:
ـ حاول أن تفهم يابني، بيسان تربت منذ طفولتها على تلك الأفكار وحين كبرت ...
صمتت الأم بخزي من دورها في القصة، فقد ساعدت والدة بيسان في تنمية الجشع بداخل الفتاة، رأى الحسرة تشق طريقها إلى تقاسيم وجهها فمد يده يربت بها على كفها:
ـ لقد تجاوزت ما يخصك فيما حدث يا أمي، لكن بيسان ظلت تكابر حتى احترقت كل سُفنها معي..
وصدق فإن كان لديه مصرف يعج بالفرص من أجل بيسان فقد نفد رصيدها عنده عن آخره، أردف بعد زفرة مختنقة يضع الحقيقة نُصب عينيها:
ـ لقد كنت أهتم بها...كانت حبيبتي وزوجتي ولم أقصر بأي اهتمام يخصها..
تبينت أنه قد أغلق أبوابه كلها في وجه بيسان فطفقت تهادنه؛ علّ وقوفها بجانب بيسان ينعكس بشكل جيد على ابنتها، فالأعمال الطيبة تعود بالخير على أصحابها كما يُفترض، مدت يدها تتمسك بيده برفق:
ـ بيسان صغيرة السن و وقليلة الخبرة، لا تكن قاسيًا معها هكذا..
انتفض واقفًا يناظرها من علو بتوحش :
ـ قاسيًا، أنا لم أتعاملها بقسوة حقيقية رُغم أنني أستطيع..
لوح لها بسبابته يفند وجهة نظره:
ـ وتعرفين ما المشكلة؟.. المشكلة أنني تزوجت من فتاة صغيرة بلا شخصية ولا أهمية..
بدا منزعجًا بجانب ندمه، نهضت تقابله واقفة وتحدثه بلين:
ـ هي صغيرة بالفعل ومشتتة إلى حد كبير لكنك مازلت تحبها، أريدك أن تتفهمها وتهدأ في قرارتك فيما يخصها فقط..
وبعض الناس مثل رحيمة، رحمة قلوبهم تسبق عقولهم، وابنها رُغم تورط قلبه إلا إنه ليس عاطفيًا في ردود أفعاله مثلها، غمغم من بين أسنانه بسخط:
ـ ألجم غضبي معها كيلا أكسرها يا أمي..
تقدمت صوبه تفرد كفها على صدره بفخر أمومي:
ـ أعرف بني وأقدر نبلك معها رغم غضبك الشديد منها لكنني أريد راحتك، ولا أظنك ستجد الراحة إلا بها..
أشاح بوجهه بجمود:
ـ أنا بخير دونها لا تقلقي..
من مثله يدعس على مشاعره إن لزم الأرض وخضوعه ضرب خيال..
***
بعض الحصار لا يخنق لاسيما وإن كان على مبعدة مع بسمة مطمئنة!
حاصرها بلا تعقيدات، مهاتفة كل نصف ساعة ونبرة خافتة تمنحها الوطن ببساطة؛ البعض لا يستوطن أراضين الحب ويتمرغ في وديان الصداقة..
كانت متعبة فغفت لتستيقظ مساء وتجد عدة مكالمات منه، هاتفته تطلب بنفسها موعدًا في الغد، كان ينتظر منها تلك الخطوة واقتنصها جيدًا..
في اليوم التالي قابلت صديقتيها ليلى وأمل في بيت الأولى، ووبختها فقد أرسلت زوجها للبلد الذي تسكنه طليقته بكل سذاجة، وبعد حين ودعتهما مازحة بأنها على موعد مع القدر، والقدر كان ينتظرها بالفعل، جالس باسترخاء في مقعد وثير بداخل مقهى كلاسيكي خافت الإضاءة، يهاتف معتصم الذي سأله:
ـ متى ستعود إلى المنزل، بدأت الشكوك تساور جدك حولك.
مكوثه بالعاصمة يثير شكوك الجميع ليس جده فحسب، الكل يهاتفه ويسأل عن سبب غيابه هناك دون العودة إلى دياره، ويراوغ دون تبريرٍ شافٍ فالمفاجئة ستكون مدوية وصادمة للجميع، أرخى رأسه للمقعد ضاحكًا بخفوت:
ـ أبلغ عمتي أنني وجدت جمرة النار.
انتبه له معتصم الذي استفهم باهتمام:
ـ أي جمرة؟
ضحك مصعب مجددًا وأجابه:
ـ قل لها ذلك فقط وهي ستفهم..
وصلته عزة فأنهى المكالمة ووضع الهاتف أمامه على الطاولة، جلست بزفرة تعب فابتسم وطلب لها مشروبًا دافئًا وله مثله، رغم سوء مذاقه وعدم اعتياده على هكذا نوع من المشروبات إلا إنه احتساه..
منحها نظرة فاحصة وقال حين غرة:
ـ حدثيني عن أبويكِ..
انحسرت أناملها فوق جدار الكوب، اتسعت الهوة الفارغة بداخلها وردت بخفوت:
ـ فارقا الحياة منذ طفولتي..
كان قد ترك كوبه في المنتصف فاقدًا شغف اتمامه و أشعل لفافة تبغ ينفث دخانها ببطء ويراقبها من خلف خيوطه، خياله الماجن في خفوت الضوء نسج له معها حكاية ملحمية، نحى أفكاره جانبًا و سألها برفق:
ـ كيف تشعرين دونهما..
كان يريد رؤية العبرات تغشي مقلتيها، أو يستشعر ضعفها فخيبت ظنه، هي ضعيفة بلا حيلة كطفلة وحيدة في العراء لكنها تكابر ولن تمنحه لذته، بدلًا عن البكاء قطبت مابين حاجبيها فطل من عينيها وجع صريح إنما ليس ضعفًا، سألها بتركيز جم:
ـ ما هي أحلامك؟..ألا تريدين عائلة تخصك؟
ناظرته باستنكار:
ـ هل تظنني تلك الوردية ذات الضفائر التي ستتمنى زوجًا وسيمًا وأطفالًا يشبهونه!
لم تلن أحداقها بل زادت توحشًا:
ـ أريد حرق من سرقني..
ضغط على حروفه:
ـ عمك وأولاده وزوجته؟
نفت بصدق:
ـ أولاده لايمتون له ب صلة خصوصا سهيل ورفقة..
أسندت ساعدها إلى الطاولة مغمغمة من بين أسنان تتقابل بسطوة الغيظ:
ـ تعرف؟.. ما زالت زوجته لا تعنيني.. أريد قهره أكثر منها.
ولحظته قد حانت فاستغلها أفضل استغلالًا، استحوذ على انتباها بالكامل حين صمت برهة ومن ثم ضغط على حروفه:
ـ ومن يساعدك في قهره بل واقتناص إرثك كاملًا..
ما يتفوه به يشبه أقصوصة وردية لما قبل النوم ، لم تروقها المزحة ف هتفت بتهكم:
ـ أصنع له تمثالًا..
ومصعب واثقًا في خطاه ملكًا للخديعة، مشط وجهها بتباطؤ وضحك بمكر:
ـ إذًا حضّري لي التمثال من الآن..
استشعرت الجدية فيما يقوله وهي التي ظنته يمزح أو يتندر، منحته جل انتباهها ثانية وانتصب جسدها كله ترقبًا لما سيقول:
ـ كيف ستساعدني؟
كتف ذراعيه على الطاولة ومال إليها يسبي وعيها:
ـ سأقول لكِ ماذا سنفعل.....
وقال، قال كثيرًا بتفاصيل دقيقة، خطة من نسج هجين الثعلب مع إبليس، غزل حول عقلها غمامة وقذفها بعنف ككرة مطاط بين جبلين فهتفت باستنكار:
ـ ما هذا الذي تقوله...هل جننت؟
نهضت تشرف عليه من علو، ابتلعت سُبة قبل التلفظ بها وغمغمت بتعابير مغلقة:
ـ أنا المجنونة لأني جلست أستمع إلى هذا الجنون كله..
جذبت حقيبتها ورحلت بحدة وعنه فابتسم بمكر وأشعل لفافة تبغ جديدة أتبعها بعلكة بنكهة النعنع المنعش، لم يتوقع منها أن توافق هكذا ببساطة، كان مجرد زرع للفكرة فقط والأفكار لا تنبت في لحظة غرسها، تربتها خصبة والماء المنهمر من حقد أهلها وظلمهم لها سيملأ وديان عقلها بغابة كاملة من سموم الأفكار..
...
ذهب إلى الفندق بتلك النشوة الفائقة، لديه قناعة تامة بأن المسألة مسألة وقت فقط، هاتف جود التي ردت سريعًا:
ـ مرحبا زير النساء..
ضحك بقوة ومازحها:
ـ أحقد على حذيفة لأنه سرق مني أجملهن.. وعلى سيرة حذيفة صمتت، كلاهما يعرف بأنه في برلين وأنها ستقابله في إطار العمل وستجيد التصرف حيال ذلك، علقت مبتسمة وكأنها تخطته بالفعل:
ـ إن عاد بنا الزمن كنت سأسمح له بأن يسرقني مرارًا وتكرارًا، حذيفة رجل لن يتكرر في حياتي لكنني الآن سعيدة من أجله..
ورغم سعادتها تحاوط عقلها أفكار فضولية حوله سرعان ما أفضت بها إلى مصعب:
أتساءل لماذا جاء إلى هنا وترك زوجته سريعًا رُغم يقيني بأنه يعشقها..
أجابها بصدق:
ـ لا أعرف..
كان مبتسمًا، جود أكثر الناس تكيفًا مع حياتها، امرأة تواجه الصعاب بابتسامة واسعة، لا تعرف لما تذكرت عزة في تلك اللحظة ف سألته مرتابة:
ـ من صديقة عزة التي قصدتها في المرة القادمة؟
لا مفر من الاعتراف مهما تعمد إخفاء الأمر زفر وأجابها بخفوت:
ـ زوجته..
سمع ضحكتها الخافتة قبل تعليقها المازح:
ـ بالتأكيد لن يبحث عني في وجوه النساء..
وسارعت بسؤاله:
ـ تعرف لماذا؟
شاركها الضحك:
ـ لماذا؟
سمع ضحكة رنانة قبل تفسير عقلاني:
ـ لأنني موجودة بالفعل، لماذا يبحث عني وأنا هنا، وهو يعلم أنني لن أرفضه إن عاد للمرة الثالثة ..
تنهدت بعمق وأردفت:
ـ حتى لو كنا متطابقتين هو يحبها وحدها ولهذا هما الآن متزوجان..
أثنى على ما توصلت إليه، فطرق باب المزاح ليخفف من وطأة الحديث:
ـ أنتِ فتاة صالحة ياجود..
تخطت حكايتها مع حذيفة بأن سلكت طريق يتعمد منعها من خوضه:
ـ ماذا عن عزة..
سؤالها المباشر حاصره وهو صادقًا معها مهما بلغت وعورة المسألة، أكد لها ببساطة معقدة:
ـ زوجتي..
ثقته تقلقها على الفتاة لاسيما وأنها لاحظت جهل عزة بما يدور برأسه:
ـ وهي تعرف أنك تزوجتها؟
هز كتفيه بلا مبالاة:
ـ ولا تعرف أنني أنجبت منها ثلاثة أطفالًا أيضًا..
قطبت جبينها وسألته بتوجس:
ـ ماذا تنوي حيالها يامصعب..
صمت دون رد وصداقتهما تحتم التراجع عن السؤال إن رفض أحدهما الإجابة..
اكتفت بنصيحته بجدية:
ـ أرجوك يا مصعب صارحها بما تريد في القريب العاجل..
وصلتها تنهيدته البطيئة دون حروف شافية تحسم الأمر.
***
للقهوة لذة لأنها مُرة وبعض السكر قد يفسد مذاقها..
كانت واقفة أمام الموقد تصنع القهوة، ترتفع عيناها الرماديتين تناظران ارتطام حبيبات المطر بزجاج النافذة الصغيرة، ماء وبُن داكن في دلة مع رشة سكر وتقليب حتى الذوبان ووجه القهوة قد أوشك على الفوران بينما عيناها لا تفارقان المطر، رعدة وومضة برق جعلتاها تجفل، ويد زوجة أبيها ربتت على ظهرها بخفة:
ـ انتبهي ياصبر!
تداركت نفسها قبل فساد الوجه ونقلت الدلة لتصب آخر فنجان قهوة وأكثرهم تميزًا، حملت الصينية وغادرت المطبخ إلى صالة الاستقبال، مع كل خطوة تسربلت ذكرى قريبة، السيد سليمان طلبها وأجلسها أمامه، طلب منها أن تحضر حقيبتها لكي يوصلها بنفسه لبيت أبيها كي يطلبها منه مدين، أومأت بتفهم دون تعليق، نهضت تستأذنه كي تحضر نفسها لذلك فأوقفها بإشارة حازمة، أبلغها أنه وضعها منزلة حفيدتيه ولا يريد منها إلا أن ترتب أمورها مع مدين دون أن يتدخل بينهما أحد..
وذكرى تالية لاتصال هاتفي طلب فيه السيد سليمان من والدها أن يحدد لهم موعدًا ليأتوا لخطبة صبر لحفيده مدين، ارتبك الرجل وتطلع إليها بتساؤل، لم يكن لديها ما تقوله، بل لم يرتسم على وجهها أي انفعال، وذكرى ثالثة كانت اتصالًا من معتصم يسألها إن كانت متأكدة مما تفعل، ونصحها بالتراجع وصمت ف قرأت من صمته نيته لطلبها للزواج فتندرت عليه ضاحكة( لن تكون زوجًا مثاليًا ولن أخاطر بالزواج منك يا معتصم)
رد متهكمًا( لكنني سأكون أفضل منه)
صمت مجددًا وتنهد ومن ثم أردف( على الأقل إن لم يجمعنا الحب لن نجرح قلوب بعضنا بعضًا ياصبر)
انسلت على وجنتها دمعة، فمحظوظة من ستظفر بذلك الرجل إن أحبها سيغمرها بحبه ولن يسبب لها الألم، وإن لم يفعل لن يظلمها يومًا، زفرت تغالب حرقتها( لكنني سأظلمك معي ولا أرضى لكَ بذلك)..
انتهت ذكرياتها على باب صالة الاستقبال، دلفت مطرقة برأسها، كان السيد سليمان يجلس بهيبته في صدارة المجلس بجانبه السيد أمجد زايد الذي ابتسم لها ابتسامة واسعة كما عودها، هذا الرجل بشوش خلافًا لأولاده، تحرجت من مبادلته البسمة فتهربت بعينيها لتقع في عيني مدين الذي مشطها بعدم رضا، كان ثوبها محتشمًا بأكمام وطول ساترين لكن خصلاتها التي عقصتها كذيل حصان أثارت غضبه، أشاحت بوجهها إلى السيدة رحيمة التي نهضت كي تحتضنها بمحبة، قدمت للجميع قهوته وانتهت رُغمًا عنها به لتقدم له كوب القهوة المميز ذي رشة السكر الذي صنعته مؤخرًا، لم تلمسها أنامله حين منحته القهوة لكن عيناه التصقت بها، نظرته لاهبة ستحرقها إن تمادت في مبادلته النظر، جلست جوار السيدة رحيمة مطرقة برأسها..
لم تدم الجلسة طويلًا وأصر السيد سليمان استنطاقها وسماع موافقتها أمام الجميع فتمتمت بموافقتها وانتهى الأمر، هكذا دون مبالغة انتهى بمنتهى السلاسة، نهضوا تحضرًا للمغادرة فقصد مدين أبيها بطلبه:
ـ إذا سمحت لي أريد قضاء بعضة دقائق برفقة عروسي..
ذيّل طلبه بنظرة ساخرة رمى بها صبر، التي بادلته إياها بأكثر سخرية، حمحم الأب بخفوت قبل أن يقبل طلبه:
ـ لا بأس بذلك..
انصرف الجميع من غرفة الاستقبال ومضى الأب يودعهم فيما تقدمت صبر صوب باب الغرفة تغلقه فكان خلفها تمامًا يلف ذيل الشعر الحريري حول قبضته ويهمس بفحيح قرب أذنيها:
ـ ماذا قلت..
كتمت أنة خافتة قبل أن يسمعها أحد وردت بتحدٍ:
ـ من أنتَ لتقول؟
مرت أطراف أنامل يده الأخرى على جانب خصرها فارتجفت بتأثر ليهمس بوقاحة:
ـ أذكرك!
أرجعت رأسها إلى صدره فتتلاقى العينين ويزيد تحديها له ببسمة خبيثة:
ـ ذكرني..
أهدافها لا تخطئ مرماها أبدًا وقد أحرزت واحدًا للتو، ابتعد بعد قبضة غليظة آلمت منابت شعرها..
ظلت واقفة أمامه مولية إياه ظهرها وزاد عقد ذراعيها أمام صدرها، تستفزه ليتحرر الوحش الكامن بداخله والمكان والزمان خاطئتين فألجم غضبه بأعجوبة، أزاحها قليلًا وفتح الباب مغادرًا لتتنفس بعمق وتعود وتجلس على المقعد الذي تركه قبل قليل وترفع فنجانه وطبقه الصغير، رجّت بقايا القهوة فيه قبل أن تضعه مقلوبًا ومن ثم ترفعه وترى خطوط البن المتعرجة والمتشابكة على جدران الفنجان، لا تصدق ترهات الطالع لكنه صدق في تلك اللحظة، طريقهما سويًا حافل بالتعرجات والقصص المعقدة..
***
إن سألوها عنه ستقول ما لن يقوله أحد، قاسيًا كحجر صلب لن يفتته الماء مهما انهمر، وهذا ما يعرفه الجميع، وعن قلبها فيعرفه أكثر مما يجب، فلم يكن ل يلتحم بقطعة من حجر بل كان شعلة متأججة بالحياة نابضًا..
كان الطقس باردًا وهي تميل بجسدها على حاجز الشرفة، تستند بجبهتها إلى أحبال مطاطية وتشرد في الأسفل تراقب أرنب أبيض اللون يركض بذعر، خصلاتها الحرة تطايرت مع الرياح الباردة وتبعثرت من اتجاه لآخر، كانت تسمع هاتفها يتعالى رنينه بصخب ولا تكترث، فالأرنب يجيد الهرب، يختبئ بين الحشائش الغضة حينًا ومن ثم يخرج رأسها الصغير يراقب ما حوله قبل معاودة الركض، الفرائس الذكية مثيرة للاهتمام وقد أثار فضولها لتعرف نهايته، تعالى صوت الهاتف واقترب أكثر، لكزت ظهرها سبابتها سلمى الصغيرة التي ناولتها هاتفها باسمة برقة حين أدارت لها رأسها:
ـ لم ينفك عن الرنين..
اعتدلت صبر فارتد شعرها ينزلق بقوة خلف ظهرها، استدارت تستند إلى حاجز الشرفة وتناظر الفتاة ببسمة مماثلة:
ـ شكرًا لكِ..
التقطت منها الهاتف وشردت في الأرقام التي لم تحفظها باسم صاحبها، صاحبها الواقف بالأسفل تتراقص الأشباح الغاضبة حول رأسه نصف التفاتة منها للخلف وكانت تراه بوضوح، وحيدًا تحت شجرة وارفة يتمنى كمش رقبتها بقبضته، رنين الهاتف العجول استجلب إلى ثغرها ابتسامة متشفية، فتحت الخط وهاجمتها ثورة أنفاسه تبعها فحيح صوته:
ـ سأقتلك يا صبر.
استدارت له فدار شعرها حول وجهها ليستقر إلى ظهرها باسترسال مُهلك، لفحهما صمت ود خنقها بعد استنشاق عبير الخزامى على جيدها، مالت قليلًا تستند إلى حاجز الشرفة بساعدها، لا تعلم من أين اكتسبت ذاك البرود الذي همست به:
ـ أم تريد التسلق إلى هنا..
وقاحتها تزيد من سخطه عليها، تتعمد مبارزته دون شرف النزال، ولايليق به سوى ذلك، تعمد تجاهل جملتها وبدل الدفة:
ـ لا أحب دور المغفل ولن أسمح بالتلاعب..
سمع ضحكتها الخافتة قبل صمت تام، انتصبت تتحداه كما اعتادت مؤخرًا، ومجبور على القبول بأحكام جده، حين عادوا إلى المنزل وقد اطمئن أن كل الأمور تسير كما أراد تمامًا فاجئه جده بأنه اتفق مع صبر على تأجيل عقد القران بطلب منها، وقتها أُجبر على ابتلاع صدمته وغضبه ووقف أمامه ساخطًا بصمت، بل وترفع عن التعليق سوى بكلمة واحدة مرفقة بأداة نفي
( لا يهم )
وكانت لحفظ ماء الوجه فقط، مر يوم كامل على لقائه بجده، دار حول بيتها ووصل إلى السهل الأخضر لفح جسده البرد واجتاحته رجفة زاد من غيظه، استند إلى شجرة مقابلة للمنزل وبعد حين وجدها تخرج إلى الشرفة وتتعمد إغوائه في العراء، وحتى إن تتعمد هي تغويه لمجرد وجودها على نفس المجرة، سألته ببرود:
ـ ومن وضعك في دور المغفل.
سمعت اصطكاك أسنانه قبل رده الوقح:
ـ لا أحد يستطيع فعلها..
عاجلته بالرد:
ـ لا يستطيع فعلها أحد غيرك.. أنت من وضعت نفسك منزلة المغفل....حُبي.
تعمدت نطقها بتلكؤ مستفز، ولن يتوقف عندها، لأسباب تخصه لن يفصح عنها مهما حدث، سألها ساخرًا:
ـ ما غايتك من تأجيل العقد..
وهي امرأة بروح متمردة لا يرضيها تكبيله لها، طلبت ذلك كنوع من فرض رأيها بأي صورة، ردت بهدوء مصطنع ومن داخلها تريد الصراخ بذلك:
ـ أريد هدنة...إجازة... مساحة تنفس بعيدًا عنكم..
قاطعها بحدة فلم يعجبها منطقها:
ـ أم تخافين من القادم..
أشاحت بوجهها وقبضت على الهاتف بأناملها بغضب، طرقت على حاجز الشرفة بقبضتها بحزم قائلة:
ـ اتفاقنا واضح ولا مجال لخطط أخرى..
سمعت حفيف أنفاسها يرتفع بخشونة، مما أجبرها على العودة والنظر إليه:
ـ تظنين نفسك في مأمن الآن؟
رفعت كفها تمسد خصلاتها باستفزاز:
ـ وسأكون بمأمن دومًا..
ضحك ساخرًا:
ـ ما الذي يمنعني من التسلق وإتمام الزواج دون عقد..
أشعل غضبها فضمت شفتيها كيلا تصيح به وتفتعل فضيحة مدوية، غمغمت من بين أسنانها مغتاظة:
ـ أنتَ مقرف..
كان الطقس بينهما قد شُحن، إهانتها أغضبته فوق غضبه فرد بضاعتها بقسوة:
ـ ومازلتِ تحبين المقرف..
رفعت رأسها لأعلى، كانت مشرئبة العنق ممشوقة الجسد:
ـ أحبه ولا أخضع..
كان قد اكتفى من جدالها، غمغم بهدوء:
ـ سأرحل..
أغلق الهاتف مباشرة وكلامها يعلم بأنها ترقص رقصة التمرد قبل دخولها قفصه ووقتها سيرتجل وهي مثله سترتجل فلا أحد منهما مُدرب على اقتران حياته بحياة الآخر..
***
تجمعهما أخوة ذات طابع فريد، إن تعدى الأغيار على أحدهما مزقه الآخر بأسنانه وذات بينهما يتناوشان حد خمش الأظافر وسيل الدم أحيانا وآخر ما قد يجمعهما هو القتال على امرأة، طلبه منصور في بداية يومه ومدين تلكأ في الذهاب إليه، كان سيتجاهل تلك الدعوة ويتهرب منه لكن منصور فرض عليه اللقاء فرضًا، بعد اجتماع جمعهما طلب منه مرافقته ولم يتحرك إلا حين انصاع أخوه وتبعه، استقلا المصعد إلى طابق علوي حيث يقبع مكتب منصور الذي دلف أولًا واحتل مقعده خلف مكتب بطراز عصري راقٍ، تقدم خلفه مدين بتباطؤ وجلس قبالته، وضع ساقًا فوق أخرى ونظر أمامه بصمت، ارتكن منصور بمرفقيه للمكتب وتفحصه بفطنة، مدين غاضب تفضحه نظراته ولغة جسده المتأهبة لقتال على ساحة نزال منذ فترة وجيزة وتحديدًا من اليوم الذي طلب فيه منصور صبر للزواج..
ناوشت ثغرة ابتسامة مُهادنة واستهل حديثه بحمحمة خافتة:
- مبارك خطبتك من صبر..
لم يلتفت له مدين واكتفت عيناه بدورة مشط بها الفراغ أمامه بسأم، بدت لمنصور مشقة الأمر فأردف بصدق:
- لم أكن على علم بنيتك في طلبها للزواج.. عند تلك النقطة التفت برأسه بحدة وغمغم بنبرة قاسية:
- وهذا مبرر ل طلبك الزواج من امرأتي! زوى منصور مابين حاجبيه ببسمة مستغربة وردد خلفه:
- امرأتك؟!
أشاح مدين وجهه ليعود وينظر أمامه مجددًا مما أثار فضول الآخر، الذي سأله مستنكرًا:
- متى صارت امرأتك؟، لم يمر على طلبك إياها للزواج سوى بضعة أيام فقط..
وهنا استدار له مدين كليًا، أجيج النيران المشتعلة في عينيه أوشكت على الفتك به، كز على أسنانه حد شعوره بالألم، من اللحظة الأولى وهي له وإن لم يتمسك بالأمس فاليوم لن يُفرط، ضغط على حروفه بتملك:
- منذ ثمانية سنوات يامنصور..
وحقًا الأمر صادم، ثمانية أعوام عُمر آخر، لم يجل بخاطره يومًا وجود ارتباط بينهما، تخطى صدمته وابتسم بلين:
- أعتذر منك أخي، لم أتصور وجود علاقة قط، أرجوك تقبل اعتذاري وس......
قاطعه مدين بانتفاضة وقوف أوشكت الأرض من تحت أقدامه على الاهتزاز:
- لا تعتذر لها ولا تقترب منها خطوة واحدة.. ضحك منصور بقوة وارتد يرتكن برأسه لظهر مقعده بينما لاحقت عيناه تحفز خلجات الآخر: - جيد، اعتذر لها بالنيابة عني..
لم يعيره مدين اعتبارًا واستدار راحلًا بخطوات حادة تدك الأرض بعنف
***
قبل عودته للمنزل وصلته رسالة من زوجة عمه، فتحها منصور فوجدها تطلب منه لقائه فور عودته للمنزل لأمر هام، وحين عاد قصدها مباشرة وجلس برفقتها في غرفة معيشة منعزلة عن آذان الجميع، رحبت به بشدة فمنصور أكثر شباب العائلة كياسة وتقديرًا للآخرين:
ـ مرحبًا بك بُني، قد طلبتك في أمر مهم.
منحها نظرة قلقة ترجمها سؤاله المهتم:

ـ ما الأمر عمتي..
كانت قد حضرت نفسها جيدًا وانتقت كلماتها قبل حضوره، لا تريد سوى سلام الجميع ويهمها أمر منصور قدر أولادها:
ـ زاد تعاني بعض الاضطرابات كما تعلم يامنصور..
اتشحت ملامحه بغمامة حزن عميقة، لم يعد يتحمل ذلك الشتات والفُرقة بينه وبين زوجته وعلى استعداد تمام لفعل ما بوسعه من أجلها، منح السيدة رحيمة إيماءة بسيطة وأجابها:
ـ أعلم عمتي بالتأكيد وليتني أجد حلًا جذريًا لذلك..
كادت تتنهد براحة فقد قصر عليها المسافة، ابتسمت له بتقدير مغمغمة:
ـ بوركتَ يا بني..
جاشت بعيناها مشاعر مبهمة، حزن عميق ومزيد من الشفقة:
ـ ابنتي تحتاج إلى اختصاصي نفسي..
أطرق يحك جبهته:
ـ تحدثت مع جدي في الأمر وأؤيد ذلك بشدة..
شجعها لتعرض وجهة نظر جديدة ربما يكون لها فضل في حل تلك الأزمة:
ـ لديّ رأي أرجوك فكر به مليًا قبل أن تقبله أو ترفضه..
قطب ما بين حاجبيه وسألها بتوجس:
ـ خير عمتي ما الأمر..
التقطت كوب ماء ارتشفت منه جرعة بسيطة وأعادته محله قبل أن تتنهد بخفوت :
ـ البيت هنا ليس مناسبًا لكمًا، تريدان طقسًا هادئًا أكثر من ذلك..
جملتها استجلبت منه ضحكة خافتة، هي محقة فالمنزل بات مؤخرًا يعج بالمشاحنات والعراك ما يكاد ينتهي حتى يبدأ من جديد، وافقها الرأي بهدوء:
ـ أؤيد رأيك أيضًا، نحتاج مناخًا صحيًا بالفعل..
ضيقت عينيها وأكدت:
ـ أريدك أن تفكر جيدًا..
اتسعت ابتسامته الراضية:
ـ الأمر لا يحتاج إلى تفكير عمتي زوجتي أهم من عملي هنا..
أراحها بتفهمه فالبعض قد يعتقد بأنها تزيحه من طريق ابنها في العمل لأن منصور يحقق نجاحات مستمرة ويشيد الجميع بكفاءته، أردف برصانة:
ـ وعملي في العاصمة مُعطل منذ فترة وستكون فرصة جيدة لاستئنافه..
تنفست الصعداء، ف زاد لن تتقدم خطوة واحدة في أجواء كارثية مثل أجواء القصر، حك حاجبه بسبابته وفكر لوهلة ومن ثم أفضى إليها:
ـ لدي فقط بعض الأمور العالقة هنا في العمل سأنهيها وأمهد الأمر ل زاد أيضًا وبعد ذلك نذهب إلى العاصمة..
شكرته على تفهمه ورقي أفكاره ورحل تاركًا إياها تفكر في مساعدة بإقناع زاد..
***

يوم أن عرض عرضه الكارثي للمساعدة،
قادت عزة سيارتها إلى المنزل والفكرة التي زرعها احتلت جنبات عقلها، صفت سيارتها وطرقت باب المنزل، أول فكرة سلبية أنبتت بعد فكرة مصعب الأم، كانت فكرة استفزازهم بامتلاكها للمفتاح، أخرجت من حقيبتها نسخة المفتاح التي أعطاه لها سُهيل وفتحت باب المنزل، وجدت زوجة عمها في صالة المنزل تحتسى القهوة فشهقت بصدمة حين دلفت عزة دون إنذار، نهضت تصيح بسؤالها المستنكر:
ـ كيف حصلتِ على المفتاح..
أغلقت عزة الباب ولوحت لها به إمعانًا في غيظها:
ـ ابنك الطبيب..
قالتها واندفعت إلى الباب الداخلي لتتوجه إلى شقتها عبر السلم تاركت الأخرى خلفها ترغي وتزبد..
مرت عدة أيام والفكرة تختمر تدريجيًا برأسها، ومصعب أبلغها بعزمه على الرحيل وحثها صراحة أن تحسم أمرها، هبطت الدرج في المساء حين علمت من رفقة بأنهم يتناولون طعام العشاء، لم يعيرها عمها ولا زوجته اهتمامًا، جلست على مقعد مواجه له وراحت تراقبه باستهانة، كان يتناول طعامه بشراهة حد التماع الدهن على شفتيه، وزوجته صاحبة المصوغات الرنانة كانت تثني كميها حد مرفقيها و تقطع له اللحم المشبع بالشحم بكفيها العاريتين، تصنعت عزة الكياسة رُغم شعور الغثيان الذي انتابها في حضرتهما، قالت بخفوت مهذب:
ـ أريد بعض الطعام..
التفتت إليها زوجة عمها بازدراء تطالعها بعينيها صعودًا وهبوطًا بكره صريح قبل أن تزيح طبق متسخ ليستقر أمام عزة وتقذف به قطعة شحم دون لحم بحدة فتتناثر قطرات الحساء على ملابس عزة، عزة التي لم تجفل لذلك بل نظرت إلى عمها قائلة:
ـ زوجتك تهينني.
لم يتحرك به سوى بؤبؤي عينيه اللذان ناظراه باستنكار وغمغم بمقت:
ـ هذا لأنكِ عديمة التربية و الحياء..
رمشت بعينيها عدة رمشات متابعة وارتجفت شفتاها لوهلة قبل أن تتجمد ملامحها وتنهض بآلية تغادر الطابق كله وتصعد، صعدت لأعلى نقطة بالمنزل هدمت الجسر بينها وبينهم وحطمته عن آخره، فقد اختارت السباحة في منتصف النهر وحدها، وقفت حيث حيز منفصل هي والسماوات المظلمة وفقط، توهجت نجوم فوق رأسها وانطفأت، فردت ذراعيها في الهواء ورفعت رأسها تناظر السماء بجمود ملامح وصلابة عينين تضاهيان الليل ظُلمة، حاولت التحليق بلا أجنحة فقدرها أن تشرد عن سربها مهما حدث وقررت بمحض إرادتها أن تفعل، أنزلت ذراعيها وأخفضت نظرها لأسفل، شعرت بدوار طفيف جعلها تترنح قبل أن تتوازن وتقف ثابتة، مدت يدها في جيب ثوبها وطلبت رقمه ليرد عليها سريعًا:
ـ ماذا عزة..
شردت في الفراغ بتصميم:
ـ موافقة مُصعب .. خطتك جيدة وعمي يستحق فضيحة مُدوية..
***

الحياة فصول، وتكاد لحظة منها أن تكون فصلًا كاملًا حين يُتخذ في القرار الأهم على الإطلاق..
وتلك اللحظة لا تُدرك إلابعد معاناة، ليلة تعهدت لجدها وأمها بألا تفصح لمنصور بسرها خافت زاد أن تقرب الصلاة بلا ضمير، بكت على سجادة صلاتها، تشكل بعقلها مسارات وصور، تحب منصور وتعترف، تمنت أن تهديه نفسها دون حواجز تقتلها، ارتعش جسدها حين تلاشت واحتل مكانها هاجس مقيت، ستموت إن طال أخاها مكروه بسببها، تمنت أن تخطو بأقدامها فوق كومة من سحاب وتموت الآلام، وأن تغتسل روحها المُعذبة بماءٍ وثلج وبرد، نهضت بغتة وكأنها تذكرت شيئًا مصيريًا، اغتسلت بعبراتها مع ماء المرش حتى استمعت إلى صوت النظافة ما إن فركت أناملها ببعض، تلحفت بإزار صلاتها وأفرغت حمولة قلبها وروحها كله فوق سجادة الصلاة، كل الإشارات السابقة حثتها على الكتمان وتبقت ثغرة وحيدة، تحركت على ركبتيها حتى وصلت إلى هاتفها فوق الكومود، سيطرت على ارتجاف أناملها وفقدت السيطرة على اختلاج قلبها حين كتبت رسالتها الطويلة إلى دار الإفتاء، قصت كل شيء فيها وسقط من بين يديها الهاتف بعد ضغطها زر الارسال، تحتاج إلى لبنة تغلق بها تلك الثغرة اللعينة التي تؤرقها كل حين، مضت أربع وعشرون ساعة كاملة في عبادات متواصلة عاملة بالآية الكريمة
بسم الله الرحمن الرحيم
( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)
صدق الله العظيم
وصلتها رسالة قصيرة جدًا، رسالة كالروح لجسدها إن جاز التعبير، آتاها اليقين الذي انتظرته، ف مفاد الرسالة أن الله لم يسترها حتى تفضح أمرها لاسيما أنها ضحية، تعلم أن خداع منصور خطيئة لكن البوح بعد الستر خطيئة أكبر وهذا ما آمنت به أخيرًا، حسمت أمرها واتخذت قرارها من وقفتها أمام شرفتها المفتوحة تناظر السماء المفتوحة وستائر بيضاء تتراقص حولها، لن تحكي لمنصور مهما حدث وستؤثر ستر الله على وجع ضميرها وستحطم ذلك الطوق بيدها..
انتهى الفصل


قراءة ممتعة💙🥰


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-20, 02:27 AM   #159

انجيلانا

? العضوٌ??? » 438582
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 59
?  نُقآطِيْ » انجيلانا is on a distinguished road
افتراضي

احداث مثيرة جدا والقصة بدأت تأخذ منحنيات جديدة ومشوقة في انتظار الفصل الجديد على احر من الجمر 😁

انجيلانا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-20, 02:13 AM   #160

omhamzamizo

? العضوٌ??? » 415394
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 320
?  نُقآطِيْ » omhamzamizo is on a distinguished road
افتراضي

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
ربي انى مسنى الضر وانت ارحم الراحمين
ربي انى لما أنزلت الي من خير فقير
ربي لا تذرني فرداً وانت خير الوارثين واصلحلى فى ذريتى
موفقه بإذن الله تعالى


omhamzamizo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:23 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.