آخر 10 مشاركات
1183 - كبرياء متشرد - د.ن ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          1182 - وجهك وضوء القمر ( عدد جديد ) - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          مُعَلقّة بـ أسّتَار السّمَاءْ~ (3) *مميزة & مكتملة* سلسلة البَتلَاتْ الموءوُدة. (الكاتـب : البَتلَاتْ الموءوُدة - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          47 - تسرقين العمر - آن هامبسون (كتابة / كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إمرأة لرجل واحد (2) * مميزة و مكتملة * .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          001- بعد كل هذا الحب - دار الكتاب العربي- حصرية لروايتي فقط ((كتابة& ورابط التحميل )) (الكاتـب : اسفة - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-01-21, 02:28 AM   #591

Lool_a

? العضوٌ??? » 459620
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » Lool_a is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الها مشاهدة المشاركة
المقدمة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كل عام وجميع الأمة الإسلامية بألف خير وكل عام وأحبائي ومتابعي وكل من قرأ لي

سطراً في يوم بألف ألف خير , جعل الله عيدكم رخاء وجميع أيامكم أعياد وكل من فقد له

شخص عزيز على قلبه هذا العيد جعل الله عيده في الجنة بألف عيد , وحقن الله دماء

الليبيين وجميع المسلمين في كل بلاد تعاني



عدت وموعدي اللقاء مع أحبتي ، تأخرت عنكم وكان التقصير مني متكررا لكن كان اللقاء

بفضل الله وحده ، الظروف باعدت بيني وبين لقائنا من جديد لكن المركب سيسير إن شاء الله ويكمل رحلته مهما كانت الصعوبات وبمساندة كل حبيباتي متابعات ومحبات جنون المطر



مؤكد يذكر كل واحد منكم جنون المطر في جزئها الأول وإن كنتم نسيتم التفاصيل ، تذكرون
الحلم الذي بنيناه معا وشجعناه ... صفقنا له وتطلعنا له بأعين متفائلة ( التراب الواحد الأرضالموحدة والعيش بكرامة وعزة ) كانت أسطر في رواية لكنها حاكت حلمي وحلم كل ليبي وكل عربي يعاني في بلاده .. ينام خائفا ويستيقظ متوجسا .. مهجراً داخل وطنه غريب بين أهله
أو موجود خارجه ويموت في اليوم مئة مرة حسرة عليه .



طبعا من لم يتسنى له قراءة الجزء الأول من الرواية سيصعب عليه قراءة الجزء الثاني مهما حاول لأنها تختلف عن الروايات التي تستلم في كل جزء منها قصة لبطلين أو مجموعة أبطال ثم في الجزء الجديد تبدأ مع غيرهم ففي جنون المطر ختمنا الجزء الأول وجميع أبطالنا فيه
قصصهم بقيت معلقة فكان للجزء نهاية لكنها لم تكن النهاية لأي من قصصهم .



لذلك دعوني أولا أذكركم بشخصيات روايتنا اللذين فصلتنا عنهم أشهر عديدة حتى تتذكروهم جميعا لأن أطفال روايتنا بالأمس باتوا اليوم شبانا والقصص التي كانت تداعبها نسائم الطفولة ستتحول لتاريخ من العشق والمتاهات .



نذكر جميعا بالتأكيد بطلينا الأساسيين ( مطر & غسق )
وابنتهما ( تيما)

غسق ورباها شراع صنوان أشقائها ( الكاسر ، رماح ، رعد ، جبران ) وعمتها ( جويرية ) ورعد وحده من بقيت له قصة معلقة مع الفتاة الثنانية ( آستريا )



مطر .... شقيقته جوزاء لها ابنين ( أبان ، غيهم ) سيكونان ضمن أبطالنا الجدد وسنتعرف على باقي عائلتها

عمه ( صقر ) وعمته ( نصيرة ) وابنها المختفي ( قاسم ) وسيكون أحد أبطالنا الجدد أيضا .



ولا ننسى طبعا أطفالنا الذين تعلقنا بهم عشنا قصصهم بكينا لبكائهم وفرحنا لفرحهم

وغضبنا لمأساتهم وسنراهم اليوم وقد كبروا وتغيرت ملامحهم التي نسجناها لهم في أعماق مخيلاتنا .



( ماريه ) الطفلة البريئة التي انتهى الجزء الأول ولم نمسح دمعتها بعد ، و ( تيم ) الفتى الذي هاجر وقلبه اليتيم ينزف كرها قبل الألم .



(زيزفون ) الطفلة المريضة التي عانت الظلم وتقاذفتها أيدي البشر وستوصلها اليوم لعائلة جدها ( ضرار ) تحمل لكم معها من ماضيها المبهم الكثير .



( وقاص ) الفتى الذي اجتهد منذ صغره ليعلم عن خبايا أمر تلك الطفلة ودوره الذي سيلعنه مجددا في حياتها



وعائلة ضرار سلطان تتكون من الجد ( ضرار ) أبنائه ( إسحاق ) وهو والد زيزفون

(سلطان ) وله ثلاث زوجات وأربعة أبناء ( وقاص ، نجيب ، رواح ، ضرار)

وطبعا لن ننسى الطفلة ( ساندرين)



جميع هؤلاء الأطفال وغيرهم سيكونون أبطال الجزء الجديد متمنية من الله أن يكون له في قلوبكم وقع الجزء الأول وأكثر وأن نواصل تحقيق الحلم حتى نهايته



طبعا المدة بين الجزأين 14 عاما بعضكم رآها مدة طويلة خصوصا فيما يتعلق بمطر وغسق

والبعض انتقد كون ابنتهما ( تيما ) ستكون إحدى الأبطال خاصة أنها في مواجهة ( قاسم)

الذي سيكون في السادسة والثلاثين , فأبشركم ثمة بطلة جديدة أصغر منها !!

فدعونا لا نحكم على الأمور من البداية ولنعتبرها تسليط ضوء على فئة من الفتيان لنقترب من الصعوبات التي تواجههم خاصة أن الزواج في مثل هذا السن أمر شائع جدا وليس غريب أبدا كما سبق ورأيتموه .



نقطة أخرى أحب أن أنوه عنها وهي المقتطفات التي ختمت بها الجزء الأول وكانت تخص الجزء الثاني فقد تلاحظون تغير بسيط جدا في فقرة أو اثنتين مع أحداث هذا الجزء لذلك
سنترك تلك الأسطر خلفنا ولن نفكر فيها ونبدأ مع أبطالنا من جديد على بركة الله وبمعونته

راجية أن أختمها معكم على خير وإن حدث مني أي تقصير مستقبلا فالتمسوا لي العذر من قلوبكم الواسعة لأن الحال لا يعلمه إلا الله






وقبل الفصل وقبل أن نبدأ روايتنا أحب أن أشكر الغاليات على قلبي

(فيتامين سي ، لامارا ، طعون)

لما قدمنه ويقدمنه من عون لن أنساه لهم ما حييت ، وأشكر لامارا الغالية على

اختيارها الموفق لصور الأبطال ، رغم تعبها الكبير معي فلم تضجر ولم تمل وكانت نعم الأخت ونعم المشرفة لذلك أتمنى أن تقبل مني هذا الجزء هدية لها


فالجزء الثاني من جنون المطر هدية للغالية ( لامارا)[/b]
الكاتبه رجعت تكمل الرواية🥺🥺🥺


Lool_a غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 03:27 PM   #592

sma0
 
الصورة الرمزية sma0

? العضوٌ??? » 381314
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 454
?  نُقآطِيْ » sma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الها مشاهدة المشاركة
المقدمة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كل عام وجميع الأمة الإسلامية بألف خير وكل عام وأحبائي ومتابعي وكل من قرأ لي

سطراً في يوم بألف ألف خير , جعل الله عيدكم رخاء وجميع أيامكم أعياد وكل من فقد له

شخص عزيز على قلبه هذا العيد جعل الله عيده في الجنة بألف عيد , وحقن الله دماء

الليبيين وجميع المسلمين في كل بلاد تعاني



عدت وموعدي اللقاء مع أحبتي ، تأخرت عنكم وكان التقصير مني متكررا لكن كان اللقاء

بفضل الله وحده ، الظروف باعدت بيني وبين لقائنا من جديد لكن المركب سيسير إن شاء الله ويكمل رحلته مهما كانت الصعوبات وبمساندة كل حبيباتي متابعات ومحبات جنون المطر



مؤكد يذكر كل واحد منكم جنون المطر في جزئها الأول وإن كنتم نسيتم التفاصيل ، تذكرون
الحلم الذي بنيناه معا وشجعناه ... صفقنا له وتطلعنا له بأعين متفائلة ( التراب الواحد الأرضالموحدة والعيش بكرامة وعزة ) كانت أسطر في رواية لكنها حاكت حلمي وحلم كل ليبي وكل عربي يعاني في بلاده .. ينام خائفا ويستيقظ متوجسا .. مهجراً داخل وطنه غريب بين أهله
أو موجود خارجه ويموت في اليوم مئة مرة حسرة عليه .



طبعا من لم يتسنى له قراءة الجزء الأول من الرواية سيصعب عليه قراءة الجزء الثاني مهما حاول لأنها تختلف عن الروايات التي تستلم في كل جزء منها قصة لبطلين أو مجموعة أبطال ثم في الجزء الجديد تبدأ مع غيرهم ففي جنون المطر ختمنا الجزء الأول وجميع أبطالنا فيه
قصصهم بقيت معلقة فكان للجزء نهاية لكنها لم تكن النهاية لأي من قصصهم .



لذلك دعوني أولا أذكركم بشخصيات روايتنا اللذين فصلتنا عنهم أشهر عديدة حتى تتذكروهم جميعا لأن أطفال روايتنا بالأمس باتوا اليوم شبانا والقصص التي كانت تداعبها نسائم الطفولة ستتحول لتاريخ من العشق والمتاهات .



نذكر جميعا بالتأكيد بطلينا الأساسيين ( مطر & غسق )
وابنتهما ( تيما)

غسق ورباها شراع صنوان أشقائها ( الكاسر ، رماح ، رعد ، جبران ) وعمتها ( جويرية ) ورعد وحده من بقيت له قصة معلقة مع الفتاة الثنانية ( آستريا )



مطر .... شقيقته جوزاء لها ابنين ( أبان ، غيهم ) سيكونان ضمن أبطالنا الجدد وسنتعرف على باقي عائلتها

عمه ( صقر ) وعمته ( نصيرة ) وابنها المختفي ( قاسم ) وسيكون أحد أبطالنا الجدد أيضا .



ولا ننسى طبعا أطفالنا الذين تعلقنا بهم عشنا قصصهم بكينا لبكائهم وفرحنا لفرحهم

وغضبنا لمأساتهم وسنراهم اليوم وقد كبروا وتغيرت ملامحهم التي نسجناها لهم في أعماق مخيلاتنا .



( ماريه ) الطفلة البريئة التي انتهى الجزء الأول ولم نمسح دمعتها بعد ، و ( تيم ) الفتى الذي هاجر وقلبه اليتيم ينزف كرها قبل الألم .



(زيزفون ) الطفلة المريضة التي عانت الظلم وتقاذفتها أيدي البشر وستوصلها اليوم لعائلة جدها ( ضرار ) تحمل لكم معها من ماضيها المبهم الكثير .



( وقاص ) الفتى الذي اجتهد منذ صغره ليعلم عن خبايا أمر تلك الطفلة ودوره الذي سيلعنه مجددا في حياتها



وعائلة ضرار سلطان تتكون من الجد ( ضرار ) أبنائه ( إسحاق ) وهو والد زيزفون

(سلطان ) وله ثلاث زوجات وأربعة أبناء ( وقاص ، نجيب ، رواح ، ضرار)

وطبعا لن ننسى الطفلة ( ساندرين)



جميع هؤلاء الأطفال وغيرهم سيكونون أبطال الجزء الجديد متمنية من الله أن يكون له في قلوبكم وقع الجزء الأول وأكثر وأن نواصل تحقيق الحلم حتى نهايته



طبعا المدة بين الجزأين 14 عاما بعضكم رآها مدة طويلة خصوصا فيما يتعلق بمطر وغسق

والبعض انتقد كون ابنتهما ( تيما ) ستكون إحدى الأبطال خاصة أنها في مواجهة ( قاسم)

الذي سيكون في السادسة والثلاثين , فأبشركم ثمة بطلة جديدة أصغر منها !!

فدعونا لا نحكم على الأمور من البداية ولنعتبرها تسليط ضوء على فئة من الفتيان لنقترب من الصعوبات التي تواجههم خاصة أن الزواج في مثل هذا السن أمر شائع جدا وليس غريب أبدا كما سبق ورأيتموه .



نقطة أخرى أحب أن أنوه عنها وهي المقتطفات التي ختمت بها الجزء الأول وكانت تخص الجزء الثاني فقد تلاحظون تغير بسيط جدا في فقرة أو اثنتين مع أحداث هذا الجزء لذلك
سنترك تلك الأسطر خلفنا ولن نفكر فيها ونبدأ مع أبطالنا من جديد على بركة الله وبمعونته

راجية أن أختمها معكم على خير وإن حدث مني أي تقصير مستقبلا فالتمسوا لي العذر من قلوبكم الواسعة لأن الحال لا يعلمه إلا الله






وقبل الفصل وقبل أن نبدأ روايتنا أحب أن أشكر الغاليات على قلبي

(فيتامين سي ، لامارا ، طعون)

لما قدمنه ويقدمنه من عون لن أنساه لهم ما حييت ، وأشكر لامارا الغالية على

اختيارها الموفق لصور الأبطال ، رغم تعبها الكبير معي فلم تضجر ولم تمل وكانت نعم الأخت ونعم المشرفة لذلك أتمنى أن تقبل مني هذا الجزء هدية لها


فالجزء الثاني من جنون المطر هدية للغالية ( لامارا)[/b]

شكلك ملخبطه في العنوان 🧐 هنا رواية الكاتبه الجميله سمر حمدان


sma0 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 03:29 PM   #593

sma0
 
الصورة الرمزية sma0

? العضوٌ??? » 381314
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 454
?  نُقآطِيْ » sma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond reputesma0 has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة om noor2 مشاهدة المشاركة
هما الاسبوعين خلصوا ولا لسه


خلصوا الاسبوعين 💔💔💔
عسى المانع خير
طمنينا عنك ياسمر يارب تكوني بأتم صحه وعافيه

ننتظرك بكل شوووق 🥰😘


sma0 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 11:48 PM   #594

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل السادس والثلاثون
***
التقاء الشمس مع القمر في لحظة وداع هو أكثر وقت مناسب للقصاص!
***
يحكى إن!
عفوًا يكفينا حكايات أيها الملك التعيس، الذي
اعتصم بالجبروت ذات مرة كما اعتصامه بالعشق وخسر عشق سنين عمره في لحظة فارقة..
قرر أن يأخذ هدنة، عطلة قصيرة يقضيها برفقة صديقه القديم، زميل دراسته الذي تخرج معه من قسم إدارة الأعمال في ذات السنة في نفس الجامعة الدولية
حيدر سعدالدين نُصير
ابن العمة أسرار الذي ترك عائلته وأحلامه خلفه وسكن مدينة ساحلية بعيدة عن كل ما يذكره بماضيه، اشتاق صُحبته وسافر إليه دون ترتيب مسبق، لم يخبره حتى وترك الصدمة تعتلي ملامحه حين وجده أمامه، على شاطئ البحر والموج يعزف حولهما بأنغام مترابطة، ترك حيدر المجداف الأبيض من يده يسقط أرضًا وركض صوبه يحفر بأقدامه على الرمال وقع خطواته، عانقه بحرارة من اشتاق لدمه لكن كبرياؤه يمنعه العودة، بادله معتصم العناق بسعادة، حيدر يماثله طولًا وبنية جسدية ويقاربه في لون البشرة الحنطية لكن بخصلات بنية وزقة عينين داكنة، تشبه ذلك الموج حين تخاصمه الشموس، مازحه حيدر بلكمة قاسية لكتفه:
ـ أهلا بابن خالي العريس المُطلق..
تأفف معتصم وبادله اللكمة بواحدة هزته متأوهًا بضحك عارم، اعتدل يقف قبالته ببسمة هادئة، من يراه يضحك هكذا يعتقد بأنه يمتلك مقاليد السعادة، سأله معتصم باهتمام بالغ:
ـ كيف حالك يا حيدر..
تلفت حوله مشيرًا بديه في حركة مسرحية:
ـ حالي جيد جدًا، ماء ورمال وسماء زرقاء وأجنبيات بوجوه حسنة..
مط معتصم شفتيه بسخرية فحيدر أبعد ما يكون عن العبث الذي يتصنعه، أشار حيدر برأسه صوب الفندق:
ـ هي احجز غرفة ريثما أحضر لك طعامًا لا يتضمن مأكولات بحرية، سأساعدك على تجميد هرموناتك..
ضحك معتصم بقوة فمسح على وجهه قبل أن يرد مازحًا:
ـ أجل أرجوك، لا أريدها أن تضطرب..
افترقا لمدة ساعة ذهب فيها معتصم إلى غرفة في الطابق الثاني تطل على البحر الهادئ مباشرة، وقف في شرفتها بعدما بدل ملابسه بشورت وقميص قطني أزرق بنصف أكمام، الطقس في تلك المدينة دافئ وقد راق له، يحتاج إلى عطلة طويلة بعيدة عن نزاعات العالم برفقة...بيسان.
لم يعش معها لحظات رضا قط، دومًا يبغى المزيد، المزيد من الوقت ومن الحب، يشعر تجاهها بالجشع دومًا، هو مثلها لا يريد التعافي منها، طرق حيدر الباب فترك مكانه وتقدم صوب الباب يفتحه، وجده مستندًا بميل يبتسم له باتساع، حيدر شخص متحفز يعامل الجميع برسمية ويستثني من القاعدة عدة أشخاص فقط، معتصم أولهم وقائمته تتضمن مدين أيضًا، سأله عنه مضيقًا عينيه:
ـ وصلني أنه تزوج صبارته المرة..
تأفف معتصم الذي أشاح بوجهه بامتعاض:
ـ يعيش معها حياته التي يستحقها..
أظلمت عينا حيدر وعلق بقسوة:
ـ أكاد أتخيل كيف يفرغ غضبه منها..
زفر معتصم دون تعقيب فمط الآخر شفتيه بأسف مصطنع:
ـ لقد دعوت الله لها كيلا تموت بين يديه، لك أن تخيل كيف تؤذي الثيران الهائجة..
كتف معتصم ذراعيه أمام صدره وسأله بنزق:
ـ كم ساعة سنقضيها في مناقشة أمور مدين الخاصة..
رفع حيدر سبابته يريحها على أنفه بنصف ابتسامة تكاد تكون عابثة:
ـ لم أقصد ذلك، كنت أقصد كيف يتشاجر معها وهو يرتدي كل ملابسه..
أشار بالسبابة صوب وجه معتصم وهز رأسه:
ـ الزواج بدلك يا معتصم، كنت رجلًا صالحًا لا تفكر بتلك الدناءة..
أطرق معتصم بتنهيدة أسف حقيقية انتقلت عدواها إلى حيدر صاحب القلب المتضخم من عظم ما مر به:
ـ لماذا وقعنا في حب هؤلاء النسوة يا معتصم، لماذا نُكسر هكذا ونحن نعشق بصدق..
استند معتصم إلى الباب يفكر فيما قاله حيدر، سؤاله صعب والمقارنة غير منصفة أبدًا، كلٌ منهم له ظروف مختلفة:
ـ ازددت قسوة يا حيدر، لم تكن هكذا قط..
استدار يرحل تاركًا معتصم خلفه وتمتم بوجوم:
ـ لدي تعليق لن تتحمله أذن أحد لذا لن أتفوه به..
انصرف وتبعه ابن خاله الذي أدار عينيه بين على طول مساره في الفندق الفاخر والذي أعجبته الخدمة فيه وصلا إلى المطعم وجلسا على طاولة منعزلة تطل على حديقة غناء، أثناء الطعام أخبره معتصم أن الجميع بخير فلم يكترث لذلك، لقد مرت سنوات لم يرَ فيه أحد سوى معتصم ومدين وأخيه الوحيد حبيب الذين يزورونه أحيانًا..
بعد الغداء ذهبا إلى البحر واستلقيا متجاورين على مقاعد بحر مريحة ينظران إلى الموج المنساب بنعومة، ارتشف حيدر من مخفوق ألافوكادو ووضع الكوب على الطاولة قائلًا بصبر:
ـ متى ستتحدث!
عدل معتصم من وضع نظارته الشمسية بأطراف أصابعه ورد ساخرًا:
ـ من قال أنني أرفض التحدث في الأمر..
مالت ابتسامة حيدر:
ـ لديك تصالح مع نفسك تُحسد عليه..
اعتدل معتصم وجلس متربعًا يركز أنظاره على رذاذ البحر الذي يتطاير بخفة وقص عليه كل شيء، كانت عينا الآخر تتسعان بالتدريج، التفاصيل صادمة، ترك كل شيء وركز على النقطة الأهم:
ـ إذًا طلقتها في أسوأ وضع ممكن..
صمت صاحب المشكلة تمامًا يراقب تداعيات الأمر على وجه الآخر، الآخر الذي صاح بضحكة غير مصدقًا:
ـ سأتخذ الجانب النسوي مع الأسف، أنتم يا معشر الرجال قتلة..
امتنع معتصم عن تعليق قاسٍ قرأه حيدر واضحًا وزفر بقوة:
ـ حسنًا، هناك نساء تقتل أيضًا..
انحسرت ابتسامته بأسف قبل أن يسأله بفضول:
ـ والآن ماذا تريد؟!
تراجع معتصم للخلف برأسه وجسده في وضع رقود، يسمح لصوت الموج أن يتسلل إلى أذنيه، ويطبق أجفانه على صورة قرص الشمس المتوهج بحدة، عاد كل ماضيه دفعة واحدة، كل لحظات ألمه تلاشت مقابل نظرة حب صادقة، العشق يأتي مرة وهو تعب فراقها:
ـ الآن أريدها يا حيدر، بيسان جزء مني..
صمت يراقب ابتسامة الاستحسان على محيا حيدر فعقد حاجبيه بفضول والآخر بدوره قرأ ما يجول بخاطره فاستلقى على المقعد يشرد في البحر هازئًا:
ـ ظننت أنني سأعارضك بحجة أن كل النساء مثل بعضهن..
تنهد معتصم فأردف بشرود:
ـ لو خرجت من البحر حورية ترتدي ملابس سباحة من قطعتين ووقعت في حبها ربما أتزوجها ويكون لدي أسرة سعيدة..
ضحك معتصم بخفوت، ليستكمل الآخر بعدائية:
ـ مع افتراض طبعًا أن الشاطئ لا يحوي غيري أنا وهي لأنني سأفقأ عيني من يراها وقتها ..
تعالت ضحكات معتصم فراح حيدر يخبره بتواطؤ:
ـ لست معقدًا من كل بنات حواء لأن حكايتي كانت مع واحدة فقط، سأتعقد حين أمر عليهن كلهن..
رفع ساعده يريحه فوق عينيه وغمغم بشرود:
ـ لو وجدت امرأة مناسبة سأتزوج لكن تلك المرة سأكون أكثر حرصًا ولن أمنحها قلبي..
يتبع


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 11:50 PM   #595

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
حكايات الحب تبدأ بنبضة، وحكايتها بدأت بخدعة
بيسان زايد
الرقيقة بما يوازي قطة، القطط تمتهن المكر أحيانًا، واليوم لم تعد تريد أن ترى سوى انعاكس وجهها الصريح على صفحة ماء رقراقة، سجلت نفسها بالجامعة وبدأت تلتهي بدارستها بالفعل، قسمت وقتها بين القراءة والجامعة والجلوس شاردة على مقعد خشبي وحيدة في الشرفة الباريسية تطالع السماء بثبات، الشتاء القارص يزيد قلبها برودة، أوحشها عناق معتصم، كانت سعيدة معه للحظات لم تختبر مثلها قط، يا للبرد اللعين الذي يذكرها، تمسكت بالقلم وحاولت التشاغل بالدفتر بين يديها، قد قالت له في رسالة بأنها ستتعافى من كل شيء عدا عناقه لقلبها بعشق خالص، معتصم لا يعانق الجسد بشهوانية صادمة بل يعانق القلب والروح أيضًا فيمنحها الأمان مع الحب، هل جملتها تلك تعنى أنها في انتظاره!
تبًا لا تريده أن يفهم ذلك رغم أنها قصدته، تنهدت بأسف، يسرقها من حالها ويشتت تركيزها فتغرق فيه رغم أنفها، طرقت الخادمة الباب برفق فنهضت تاركة متعلقاتها على المكتب، أخبرتها أن رجلًا من عائلتها ينتظرها على الباب وأبى الدخول إلى المنزل، همست بلا صوت تزامنًا مع اندلاع ثورة نبضات مجنونة خلف ضلوعها:
ـ معتصم!
ارتدت للخلف بلهاث تجلس على الفراش، تساءلت على المفترض بها فعله،
أتسأله ماذا يريد؟
تشاجره؟
تعانقه؟
تطلب منه أن يرحل دون رجعة؟
تدعوه للدخول للمنزل وتبتسم له؟
تخبره أنها تكرهه؟
تحبه؟
تبًا لقد جُنت كليًا، مسحت عنقها بأنامل كفها الذي تعرق إثر حرارة جسدها التي دبت فجأة نيتجة الصدمة، تمالكت نفسها ونهضت، قتلتها اللهفة شوقًا إليه، اضطرابها ازداد بعدما ارتدت ملابسها وصففت خصلاتها في عجالة واجتازت الردهة الطويلة إلى الصالة ثم الباب الموارب، قررت أن تجعل رد فعلها مناسبًا لما سيحدث، لن تقدم خطوة لم يجذبها عنوة إليها، ستحفظ كرامتها مهما حدث ولن تكون سهلة الاستسلام، ستأمل أن تكون صعبة مستحيلة لا يصل إليها أبدًا..
مدت يدها المرتجفة إلى الباب تفتحه، وجهها المتورد غرق في خيبة الأمل حين وجدته عمها أمجد، عمها الذي تفحص وجهها للحظتين وفهم كل شيء، لقد توقعته معتصم واضطربت كليًا، ابتسم بمحبة وتقدم يعانقها دون حروف، غمرها عناقه فبادلته إياه واستندت إلى صدره تدفن وجهه بخجل، اتسعت ابتسامته ورفع كفه يمسد رأسها برفق:
ـ جيد أنني أتيت لم أكن أعلم بأنكِ في انتظاري..
ضحكت بخفوت وابتعدت تعيد خصلاتها للخلف بكلا كفيها:
ـ مرحبًا عمي، لقد اشتقت إليك..
ناظرها باشتياق:
ـ وأنتِ أيضًا حبيبتي، هيا حضري ثيابك، لقد حجزت لكِ غرفة جوار غرفتي بالفندق سنقضي بعض الوقت سويًا..
توسعت أحداقها دهشة وأطرقت بخجل:
ـ لا أريد تضييع وقتك..
مد يده يقبض على كفها برفق:
ـ لقد أتيت إليكِ بنفسي، ثم إنك لابد أن تغتنمي الفرصة وتأتي لننطلق وحدنا، المرة القادمة سأحضر عمتك لبيبة معي..
ابتسمت بخفر وأومأت تشير للداخل:
ـ تفضل إلى الداخل حالما أحضر أغراضي..
تجمدت معالم وجهه، لا يريد أن يجتمع بأمها في مكان واحد حتى لا يفسد حياة بيسان بغضبه من تلك المرأة، وقد منع أخاه أمين من التدخل حين قص عليه كل شيء لأنه سيأتي ويأخذ بيسان عنوة ملقنًا أمها درسًا لن تنساه، قد اتفق مع الجميع أن يهتم لأمر بيسان بنفسه كي يحسن التصرف ولا يؤذها بأي شكل، لم تتأخر عليه كثيرًا وأخرجت الخادمة حقيبة ملابسها إلى خارج الشقة، وعلى إثرها خرجت بيسان التي بدلت ملابسها بأخرى ثقيلة وأكثر عملية، ذهبت برفقته إلى الفندق وقضت برفقته عدة ساعات بين طعام وسير على الأقدام، سألها حين غرة بينما كان الهواء البارد يهدهد وجنتيها المشرئبتين بحمرة محببة:
ـ هل تتذكرين أباكِ..
توقفت محلها تطالعه ببسمة متوترة، باتت لا تذكر وجه أبيها ولا ترى أبًا سوى جدها، صارحته بذلك آسفة:
ـ لا أتذكر ملامحه وأخاف البحث في صورة فلا أتذكر معه لحظات من الماضي..
أومأ بتفهم مبتسمًا بوقار، كان أبوها الأقرب إليه، أخذت منه نظرة عينيه وبساطة طباعه، يعجبه فيها أنها لا تتعالى على أحد، لاحظ ذلك في تعاملها البسيط مع خادمات قصر زايد وعمال الفندق، تبتسم ببشاشة في وجه الجميع دومًا، سألها بلين:
ـ وجدك!
اتسعت بسمتها وجذبت دفقة هواء باردة ملأت صدرها وزفرته بهدوء:
ـ أشعر بأنه أبي..
تقدم منها متصنعًا الحنق:
ـ سأغار منه..
اغرورقت عيناها بعبرات خفيفة:
ـ لقد تعلقت بك، أتساءل كيف كنت أفوت على نفسي تلك الراحة في قربك..
تقدم أكثر وحاوط ظهرها بذراعه ضامًا إياها إلى صدره:
ـ لا تعرفين أنتِ كيف أكون سعيدًا حين ترمين حمولك إليّ..
يغمرها بحبه لها واهتمامه، ولا يضغط عليها أبدًا، لولا عمله لطاوعته في اتخاذ شقة بباريس وعاشت برفقته، أخرجت الهاتف من حقيبتها واعتدلت تخبره مشيرة إلى الهاتف:
ـ هيا نحدث جدي لقد اشتقت إليه..
طلبت رقم جدها فرد سريعًا بارد العم أمجد ضاحكًا:
ـ لقد اشتاقت إليك وهي برفقتي، تلك الصغيرة مشاكسة..
قهقه السيد سليمان وأخبره:
ـ هذا لأنني أكثر من يحبها في تلك العائلة..
منحها الهاتف ومط شفتيه بحنق مصطنع:
ـ لن أزيد حرفًا أنتم تهمشون وجودي..
التقطت منه الهاتف ووضعته على أذنها ضاحكة:
ـ اشتقت إليكَ يا جدي، أريد أن أخبرك أنني سعيدة وأقضي وقتًا رائعًا مع عمي..
تنهد السيد سليمان براحة، لقد طلب من أمجد أن يعوضعها عن أبيها وعنه حين يرحل، أخبره أمجد بأنه يحبها بشدة ويرى فيها ابنته التي لم ينجبها، شعور الجد بسعادة بيسان يريحه، يشعر بأن شيئًا مهمًا سيحدث قريبًا وقد قرأ ذلك في ذهاب معتصم إلى حيدر، يريد دعم صديقه في خطوته المهمة بالطبع، سأل بيسان مباشرة :
ـ هل ستعودين إلى معتصم إن طلب؟
اختلجت عضلات فكيها، وانحسرت أناملها فوق الهاتف، تسارعت نبضاتها فلاحظ العم اضطرابها، تساءل بعينيه عما يحدث فأجابت جدها متصنعة البهجة:
ـ بالطبع لا، أنا سعيدة الآن ولا أفكر به أبدًا..
غُص صوتها في منتصف الجملة فازدردت لعابها بعسر، ربت عمها الذي قرأ كل شيء على محياها على عضدتها برفق، مد يده الأخرى يطلب منها الهاتف فمنحته له بتردد، وضع السيد أمجد الهاتف على أذنه محدثًا والده بحزم:
ـ أراك تناسيت ما فعله حفيدك المهم، أنا لن أمنحه ابنتي هكذا ببساطة، ثم أنني مشغول لعدة سنوات قادمة ولن أقابله إلا بسبب العمل..
كتمت بيسان ابتسامتها، تفهم رسائلها جيدًا وتسعدها أكثر من أي شيء، لا تنكر أن سؤال جدها أربكها لكن إجابة عمها أرستها على مرساها الصحيح..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 11:55 PM   #596

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
النشوة!
كلمة واحدة تلخص كل شيء ما أجمل أن تكون مقامرًا ترمي النرد في حركة مدروسة ويحالفك الحظ!
خطى بقدميه قصر جده منتشيًا بما حقق، أهداهم هدية تخفف وطأة ما فعل، الأولاد دومًا ما يدركون أن أهليهم لن يتخلوا عنهم كليًا حين الخطأ، وشخص مثله على دراية بطباع الجميع من السهل عليه حصر ردود أفعالهم في عدة احتمالات..
صعد الدرج الأمامي تحت ذهول كل من قابله، وزع ابتسامات واثقة هنا وهناك، توجه مباشرة صوب غرفة جده، تزعزع جزء لا بأس به من ثقته التي دلف بها، اهتزاز طفيف صاب قشرة قلبه، العجوز الذي سقط في غيابه يفرض عليه احترامه وحبه في ذات الوقت، لا ينكر وجود الحب الذي يكنه للبعض..
يحب جده وأباه وأمه ورحيمة ومعتصم وزاد ومدين ومنصور أيضًا والباقون في خانة تعادل، أما عن نفرتاري وطفلها فهما منه وله..
طرق الباب بخفة فوصله صوت جده مباشرة: ـ إياكَ أن تخطو خطوة واحدة إلى غرفتي، اذهب حيث جئت..
اتسعت ابتسامة مصعب الماكرة تدريجيًا، الثعلب يعرف بحضوره قبل أن يحضر أصلًا وكان في انتظاره، تنحنح مصعب قبل أن يقول بتهذيب لا يخلو من طريقته المعتادة:
ـ لكنني اشتقت إليكَ وأريد أن أبشرك ببشرى سعيدة..
يضغط على حروفه بخبث ويعلم أن الجد سليمان هو أول من عرف بخبر حمل عزة، تعمد أن يذكره بذلك كي يكتسب حق رمية النرد الأولى، وصل صوت جده الهازئ بذات جملة أبيه ذي قبل:
ـ أخيرًا فعلت شيئًا مهمًا..
علق مصعب مسبلًا أهدابه مع اتساع بسمة لعوب على ثغره:
ـ كل أفعالي مهمة..
قاطعه الجد الرابض خلف الباب بغلظة:
ـ بعضها دنيء لا يليق بحفدة زايد..
تصلبت عضلات فكي مصعب كما حال جسده:
ـ إلا الهجين الضال..
سأله الجد بترفع:
ـ أليس له ديار؟!..
برقت عينا مصعب التي تركزت على الباب المغلق، رأى ما خلف الواقع وما خلف الظروف والخطايا:
ـ احضِرها لي وسأسكنها إلى ما لا نهاية.
بتر جده استرسال أحلامه متشفيًا:
ـ فات الأوان..
فرد مصعب كفه على الباب يسبل أهدابه وقد حفرت الجدية معالم وجهه:
ـ ربما..
سمع وقع خطوات الجد تبتعد عن الباب فاستدار متجهًا صوب مكان رحيمة، سأل إحدى الخادمات عنها فأخبرته أنها في مجلس النساء الخلفي، توجه صوبها بحركته البطيئة المتعمدة، وجدها جالسة وحيدة، راح يشرد في جلستها تلك دون أن ينبهها، رحيمة هي أكثر من قدم له في ذاك المنزل، شعرت بوجود شخص يتأملها فأدارت رأسها للخلف ليسقط بصرها عليه، انتفض قلبها كما جسدها بخفة واستدارت كما كانت متجاهلة إياه كليًا، تقدم ببسمة بطيئة إليها ومال يحاوطها بذراعيه محتضنًا إياها ومقبلًا رأسه بعمق، انتفض قلبها أكثر ودفعته متصنعة الغضب، والحقيقة أن مجرد وصوله جعلها تشعر برغبة عارمة في ضمه، ابتعد قليلًا ودار حولها جلس أمامها يرتكز على إحدى ركبتيه أرضًا ويتمسك بركبتها، أشاحت بوجهها عنه تمامًا فتأملها دون قدرة على إخفاء شوقه:
ـ ألم تشتاقي إليّ!
التفتت إليه بحدة:
ـ لا..
مط شفتيه للحظة قبل أن يخبرها بضحكة عالية:
ـ لكنني اشتقت إليكِ ولا أريد الرحيل مجددًا..
اختلط لومها بالحزن متذكرة الفتاة التي تركها خلفه:
ـ تجيد الرحيل في أوقات عصيبة..
أعاد غرته للخلف وحك رأسه بقوة، لا يريد الخوض في سيرة عزة الآن، الوقت قادم لذلك ولن يتهرب وقتها:
ـ أريدك أن تسامحي معتصم..
رفعت أحد حاجبيها ساخرة:
ـ اطلب السماح لنفسك أولًا..
نهض ببطء وجلس جوارها، شاركها الشرود في الشجيرات الصغيرة أمامها:
ـ أطلب له لأنه فعلها بسبب الصدمة ولم يخطط، لكن أنا خططت..
تغضن جبينها بزفرة تعب:
ـ ولماذا فعلت، عزة تألمت بشدة.. لقد ذكرتني ب زاد..
حاوطها ثانية بذراعية وأراح ذقنه على كتفها هامسًا:
ـ أنا آسف..
نفضت نفسها لتعتدل في جلستها وتواجهه:
ـ أجبني أولًا، لماذا فعلت بها ذلك..
أشارت بكفيها إلى المنزل سائلة بعجب:
ـ لماذا أتيت بها إلى هنا وتزوجتها بتلك الطريقة..
نشوته التي شعر بها منذ قليل تبددت، رحيمة تركز له على جرح عزة دون أفعالها، راوغ قليلًا في إجابته:
ـ كنت أقتص منها لأنها أهانت رجولتي..
هزت رأسها بعنف وركزت بصرها في عمق عينيه:
ـ أنتَ تفهم مقصدي، أسأل لماذا هنا بالذات ولمَ يحدث الحمل..
أغمض عينيه متخليًا عن كل تناقضاته هنا، الآن يجلس بين يديها كطفلها المذنب، لن تفلح معها مناوراته أبدًا، أعادت سؤالها بصيغة أخرى:
ـ لو أردت الانتقام فقط لكنت تزوجتها وطلقتها بعيدًا..
كز على أسنانه وأطرق قائلًا في صراحة :
ـ أردت الإنجاب منها..
أومأت بتفهم، واتسعت ابتسامتها المريرة:
ـ ولماذا هي بالذات!
تحفز قليلًا قبل أن يجيبها:
ـ مناسبة..
اتسعت ابتسامة رحيمة الشامتة:
ـ بل تحبها..
وكما فعل مع جود ذي قبل عارضها بشدة:
ـ بل أكرهها..
ضحكت رحيمة بإنطلاق لأول مرة منذ زمن:
ـ مشاعرك تجاهها ستكون عقابك يا ولدي...
تهرب من التعليق فتندرت بسخرية:
ـ تعمدت أن تجعلني جدة في شبابي..
رفع كلا حاجبيه بمكر:
ـ ساعدتِ بيسان لتتزوج معتصم لذات السبب..
مطت شفتيها بعدم رضا فمد يده يلتقط كفها الناعم ويقبله بعمق:
ـ أقسمت أن أنجب لكِ حفيدًا قبله..
كادت تبارك له لكنها تراجعت، يكفي تنازلات إلى هنا، لقد دلف إلى المنزل وجلس معها دون أن تنتقم لعزة منه، وستظل تؤنب نفسها على ذلك طويلًا..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 11:57 PM   #597

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


***

روعة الصبار في تكيفه، وعن زهره فموسمي ولم يحن له أن يزدرهر بعد..
مر أسبوع كامل على زواجهما، واحتلالها للأريكة وتجاهلها التام له، لم يبرح أي منهما المنزل وظلا يعيشان منفصلين تحت سقف جناح واحد، فضلت أن تعتني بالنظافة بنفسها دون مساعدة الخادمات، فقضت معظم وقتها بين تنظيف المكان والعنابة بنفسها، فازدادت الغرفة نظافة وهي ازدادت جاذبية، صارت أكثر إبهارًا ولشخص مبهور أصلا تلك معضلة..
مرت من جانب الفراش دون اكتراث له، ووقفت أمام طاولة الزينة توليه ظهرها ترتب بعض العلب، كانت ترتدي ما يشبه غلالة حريرية سوداء طويلة بحملات رفيعة وتكشف عن ظهرها كله، سبها في سره فكل ثيابها التي ارتدتها منذ أسبوع بذات التصميم تقريبًا، رفع عنه الغطاء جزئيًا ومال يستند بمرفقه إلى الفراش ويتندر عليها ببسمة ساخرة:
ألا تشعرين بالبرد؟.. ـ
أدارت رأسها إليه بديناميكية تمشطه كليًا، كان عاري الصدر يرفع الغطاء إلى خصره، عادت إلى عينيه الوقحتين تجيبه:
ـ حياتك دافئة حبيبي..
اتسعت ابتسامته الخبيثة وسألها كأنما يتسلى على حسابها:
ـ لماذا تنامين على الأريكة في الخارج والفراش هنا واسع جدًا بإمكانه تحملنا معًا..
استندت للحائط وأمالت رأسها فهبط شلال الخصلات الأسود جانبًا وراحت تمسده ببطء:
ـ الأريكة خالية من الساديين..
امتعض وجهه واعتدل يجلس متربعًا على الفراش، رفع كفه يشير إليها باستهانة:
ـ وكيف تضمنين أنها ستظل خالية منهم كثيرًا..
اعتدلت في وقفتها تشبك ذراعيها أمام صدرها وتتحداه:
ـ حتى إن قرر أحدهم اقتحام أريكتي أنا جديرة به..
رسالتها بسيطة بساطة الرفض، ويعلم أنه لن يصل لشيء إن ظل على جمود قلبه تجاهها، تلك المرأة مفتاحها الحب، الحب الذي يعجز عن منحها إياه في ظل ظروفهما معًا..
مط شفتيه وأدار عينيه أرجاء الغرفة وسألها مغيرًا الدفة صوب حكاية أخرى:
ـ لما تنظفين بنفسك بإمكانك طلب المساعدة..
ابتسمت بقسوة وتقدمت منه بثقة وصلت إليه وجلست بأناقة على الفراش بجانبه، تدير إليه ظهرها العاري وتضع ساقًا فوق أخرى مستندة بكفيها إلى الأغطية البيضاء، مالت برأسها للخلف وأخذت عينيه في رحلة عبر غيوم عينيها الرائقة:
ـ أخاف على الخادمات الصغيرات، لسنَّ في مأمن وأنتِ هنا..
ضربتها قاضية أصابت العمق، عصفت عيناه بما لا تحب أن تراه، مرت دقيقة كاملة قبل أن يميل إليها ويمد سبابته يمررها على عضدها البض ويهمس بخشونة قرب أذنها:
ـ لماذا أراود الصغيرات عن أنفسهن وأنتَ هنا..
تجمدت كليًا فتشجع أكثر حين أصاب هدفه، ابتسم لعينيها بقسوة وزاد من ضغط سبابتها على لحمها حتى أوشك ظفره على جرح جلدها:
ـ ثم إن لي حقوق شرعية تبخلين بها..
استجمعت نفسها من ذلك الشتات الذي سببه، حلت وثاق ساقيها ورفعتهما إلى الفراش لتجلس قبالته، اتشحت مقلتاها بالمكر وأخبرته هامسة:
ـ أتوق لمنحك كل حقوقك حبيبي..
تجمدت عضلات فكيه فأتبعت قولها بذات الهمس:
ـ لكن لدي شرط واحد..
لم يسألها وظل على ذات الجمود يرمقها، فمدت كفها تتلمس بأناملها لحيته النابتة:
ـ اعترف بأنك تحبني كما أفعل، وأنك افتعلت كل تلك القصة الخاصة ب زاد ومنصور لأنك تموت بدوني..
قبض على أناملها بقوة آلمتها فأغمضت عينيها لتهمس بمرارة:
ـ قلها مرة واحدة فقط..
تمتم من بين أسنان مصطكة:
ـ قوليها أنتِ؟ فرقت أجفانها تجيبه بصدق العالم:
ـ أحبك وأموت بدونك..
قبض بيده الأخرى على خصلاتها فتجمدت عيناها تواجهه بجسارة، ظلت على حالها تتطلب منه اعترافًا فقرّب رأسها من وجهه بيده المتمسكة بأناملها يخبرها:
ـ لا...أحبك..
تهدج صوته مع الحروف الأخيرة فاعتراه الغضب وأردف بحدة:
ـ لا أحبك يا صبر وستدفعين ثمن اليوم الذي خنتني فيه بقية عمرك..
نزعت خصلاتها وأناملها منها ودفعته بقوة ليرتد للخلف مستقرًا برأسه إلى الوسادة فتنهض برشاقة تشرف عليه من علو، يتشح وجهها بحمرة قانية تغزو سمارها القاهر لثباته، تتنفس بصعوبة فيما يظل جامدًا في رقدته لا يحرك ساكنًا سوى سخط النظرات، بادلته الغضب بالغضب وكزت على أسنانها:
ـ أنتَ هو الخائن يا مدين..
كانت تقبض على عضلات ذراعيه بقوة أظافرها:
ـ كنت تريديني مجرد شيء ينتظرك مهما فعلت وخنت حبي لك..
تخدر تدريجيًا وكأنها بوضعها ذلك ألقت تهويدة تقتل منه كل عزيمة، لاحظت تسرب ابتسامة بطيئة إلى شفتيه قبل أن يعلق بسخرية:
ـ الأمر بسيط إذًا، أنا خنتك وهذا بشع لكن بيعك لنفسك كان شيئًا تافهًا لا يجب الوقوف عنده أليس كذلك!
رد كيدها فتوترت أحداقها قليلًا وتلاحقت أنفاسها، أشعل الجحيم في صدرها وكانت ستنهار كليًا لكن لحظها الجيد قد طرق بابهما مجهول، زادت من قبضها على ذراعيه قبل أن تبتعد عنه بحدة وتزفر بقوة، ساوت خصلاتها للخلف تحت وقع نظراته ونهضت تغادر الغرفة، زعق بينما نهض بدوره:
ـ لا تقولي أنكِ ستفتحين باب الغرفة هكذا.
استدارت برأسها إليه ببسمة سمجة:
ـ لا تكن قديم الطراز..
تعلم أنها إحدى الخادمات جاءت بالطعام ولا مانع من استفزازه، هز رأسه بلا استيعاب وردد ببلاهة:
ـ قديم الطراز!
كانت قد اختفت من أمام أنظاره فأثارت غضبه، تلفت حوله قبل أن يندفع صوب غرفة الملابس يلتقط قميصًا قطنينًا ويرتديه فوق الشورت الذي كان يرتديه منذ البداية..
اندفع إلى الباب بغية جذبها من خصلاتها وجرها خلفه وإغلاق الباب الذي سمعها تفتحه، وصل وتنفس الصعداء فقد كانت والدته تقف أمام صبر، ابتسم في داخله فنظرتها الشذرة التي ترمقها بها وشت بأنها ستقتص له منها الليلة..
وقف بجانب صبر المتحفزة يبتسم لأمه التي نقلت بصرها إليه بذات النظرة الحانقة وقالت:
ـ جئت أطمئن عليكَ لماذا لم نرك منذ أسبوع كامل..
أعادت عينيها إلى صبر فلاحظت بقايا خدوش متناثرة على رقبتها وجيدها، قطبت لذلك الأمر الغريب، لاحظت أيضًا أنها ليست جديدة بل مر عليها أيام وأوشكت على الاختفاء فتجاهلتها متعمدة، ومدت يدها تقبض على حمالة ملابس صبر بسبابتها وإبهامها وتعلق هازئة:
ـ لك كل الحق يا مدين في أن تظل هنا ما دامت ترتدي أثناء النهار تلك الملابس الفاضحة..
انتفضت صبر للخلف بنظرة حارقة وتوالت زفراتها الغاضبة، فأوقفها مدين بحزم كفه التي استقرت على ظهرها، التفتت إليه بتوحش لتتسع ابتسامته المستفزة وينظر إلى أمه ويعقب:
ـ أنتِ مُحقة أمي، انظري إليها..
عشتار يا أمي عشتار..
تلكؤ أنامله الوقح على ظهرها كبلها كليًا فراحت تناظره متسعة العينين ولم يرتدع، تنفست ببطء وواجهت أمه بكلمات مبطنة:
ـ لا تقلقي عليه ولدك بخير، يقضي وقته كله بين النوم وألعاب الفيديو..
صمتت تراقب صدمة مدين ووالدته قبل أن تبتسم بخبث وتردف:
ـ لا يفعل شيء مهم..
شهقت السيدة لبيبة ومشطت بعينيها الخدوش الصغيرة وأوشكت على سؤالها عن سببها ما دام ابنها بذلك الفشل، ألجمت تعليقها لتوقعها بأن صبر ستنعته بالهمجي، زفرت بقوة فتولّى ابنها عنها مهمة قصف جبهة صبر كليًا، تقدم من الأم وقبل رأسها بهدوء قبل أن يتراجع للخلف، طوق صبر بذراعه وضمها لصدره بعنف فيما أخبر أمه ببسمة ملتوية:
ـ بعد إذنك أمي اذهبي إلى غرفتكِ الآن سأهبط إليكِ في المساء، والآن سأقضي بعض الوقت برفقة صبر وألبي لها كل رغباتها المكبوتة..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 11:59 PM   #598

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


***

آن للسلام أن يسكن قلبًا مزقته قسوة الانتهاك!
لن تكذب وتحتال بأنها قد تحضرت للحظة البوح، زاد كانت تتهرب ولم تجسر على استعادة الذكرى بينها وبين نفسها حتى فبعض الذكريات يليق بها الدفن..
خطت بأقدامها بوابة المشفى بعدما ودعت منصور الذي شيعها بمرارة الانتظار، طال انتظاره لها ولن يسمح لنفسه بأن يمل..
ذات الانقباض في القلب وذات البرودة التي تكتنفها حين تمر بردهة الطبيبة، ذلك العلاج يحتاج إرادة من حديد تفتش دومًا بداخلها عنها، قابلتها مساعدة الطبيبة ببشاشة ورافقتها حتى الباب، أبلغت الطبيبة بوجودها فنهضت ترحب بها بنفسها، بادلتها زاد المصافحة ودلفت بخطاها المترددة، ابتسمت في وجهها وجلست لتبدأ جلسة العلاج، حثتها على الثرثرة في البداية كي تضمن لها جلسة مريحة تؤهلها للقادم، عدلت الطبيبة نورا من وضع عويناتها بخفة :
ـ عليكِ أن تسردي لي الحكاية من بدايتها..
تعلم بتفاصيل الحالة مسبقًا، زاد كانت مريضتها من وقت الحادث، حاولت مع طاقم طبي آخر مساعدتها ولم تتفوه بشيء، اتبعوا معها خطة علاجية متبعة في تلك الحالات، عانت من الكرب المصاحب للصدمة بحذافيره ولم تساعدهم في نجاح الخطة وخرجت من المشفى بعدها غير متعافية..
صمت زاد الممتزج بقسمات القهر جعل الطبيبة تخفض صوتها وتخبرها:
ـ لابد أن تفهمي أولًا أن العلاج النفسي لا يمحو ما حدث في الماضي، هو فقط يساعدك على التعايش بسلام، بإمكانك التجاوز وممارسة حياتك دون أن تقف تلك العقدة كعائق كبير..
أومأت زاد بتفهم، احتارت مقلتاها بين البكاء الغزير والتصلب، جفتا طويلًا واليوم لديها رغبة عارمة في البكاء، بالتأكيد لأنها تعرف أن ما ستحكيه سينحرها ثانية لا محالة..
انتظرتها نورا بصبر حتى استجمعت شظايا روحها المبعثرة في كل اتجاه وأطرقت بوجهها الرقيق تناظر انقباض أناملها المتعرقتين، عادت زاد إلى ست سنوات ماضية، انفتحت نافذة الماضي على فتاة ضئيلة الجسد ذات شعر بني طويل معقوص للخلف كذيل حصان تمشي كحمامة سلام بيضاء بين أروقة معهد مرموق يدرس الموسيقى، كان يومها الأول، ملابسها بسيطة من سروال جينز وكنزة خريفية بيضاء، تضم حقيبتها التي تحملها على ذراعها إلى صدرها وتمد قدميها بحذائها الرياضي على الطريق الإسفلتي، كانت الشمس ساطعة والزروع من حولها متوجهة بالأخضر وكل شيء مثالي، مثالي مثل حياتها بالضبط، مدللة لا ينقصها نواقص سوى دراسة شيء تحبه، بعد شجار طويل مع معتصم ومحاولات فاشلة لإقناعه وافق على مضض بعد استعانتها بمصعب، والشيء الأكثر صعوبة في تنفيذه هو الانسلاخ من كنية العائلة، زاد أحمد فقط دون زايد، ظلت جل عمرها مُحاطة بسياج زايد الذي كان دومًا ما يجعل البعض يتحفزون منها، إما صداقات كلها رياء وإما ابتعاد متعمد عن طريقها، بالنهاية سجلت في المعهد دون أن يعرف أحد إلى أي عائلة تنتمي، فقط فتاة عادية اسمها زاد عائلتها من الجنوب وتسكن في مكان قريب من المعهد لم يهتم أحد بتحديده..
حضرت دروسها بانتظام وانطوت قليلًا إذ أن الطقس العام لا يناسبها كثيرًا، قد تربت في بيئة محافظة ولم ترق لها فكرة الذوبان في هذا المجتمع كثيرًا، تعرفت بالكاد على عدة فتيات وأحبت صُحبتهن، ذات يوم سارت برفقتهم تتسكع بين أروقة المعهد في وقت فارغ، سمعت عزف مميز للجيتار يأتي من مسافة قريبة، تقدمت برفقة الفتيات إلى الباحة التي يتجمع فيها الطلبة حول.....
حول أبولو بذاته
جلسته أسطورية كما لو كان على أحد جبال الأوليمب يعزف الجيتار تحت الشمس الساطعة فوق رأسه، تصلبت عينا زاد عليه، يشبه الإغريقي ذاك في جاذبيته ومهابة طلته، كان وسيمًا إلى حد لا يصدق، بسمته الآسرة تسرق القلوب وكانت قد ملت من تجاهل منصور الذي أنفقت في حبه أربع سنوات صامتة، هزت رأسها تنفي عن نفسها التهمة، فالإعجاب من نظرة واحدة لا يعني الحب أبدًا، تناهى إلى مسامعها الهمس عنه فعرفت اسمه دون سؤال
زين النجار
أعجبها اسمه كما أعجبتها ملامحه، شعرت بحمرة الخجل تغزو وجنتيها من جنوح أفكارها واستدارت ترحل، لم تكن تعلم أن السيد المتجسد في هيئة أبولو قد سُرق انتباهه مع تلك البجعة الجديدة التي ناظرته بانبهار قبل لحظة..
مرت عدة أيام تجنبت فيها السير بين الأروقة خوفًا من أن تقابله وتضطرب دون سيطرة، وضعت جل تركيزها في دراستها حتى جاء اليوم الذي وجدته أمامها مباشرة حين خروجها متأخرة من قاعة الدراسة، رفعت رأسها بصدمة إليه وارتدت للخلف، شرع في دعم جسدها فأوقفته بكفها الحازمة دون أن تلمسه، اتسعت ابتسامته ببطء فيما تقوست عيناه النصف مغلقتين:
ـ مرحبًا زاد..
مباغتة موفقة فقد ارتبكت وزادت من تراجعها للخلف، تقدم بثقة صوبها مستحوذًا على مجال رؤيتها كليًا، مد يده ببراءة بدت حقيقية:
ـ أنا زين..
قبل أن تستوعت شيئًا علق ضاحكًا:
ـ هل لاحظتِ أننا متوافقان جدًا..
رفرفت أهدابها بجهل وتوتر فأردف:
ـ أسماؤنا تبدأ بذات الحرف..
غرقت في خجلها فمشط بعيناه السماء متعمدًا عدم الضغط عليها بنظراته الفاحصة ليمنحها الفرصة تتمالك نفسها وتتجاوزه وفي نيتها الرحيل..
تركها تسير وسار خلفها بتباطؤ هامسًا:
ـ فرصة سعيدة يا زاد، من الجيد أننا تقابلنا..
هربت من محيطه متشوشة تعج رأسها بأفكارها وفضولها حوله، عادت إلى الشقة الخاصة التي تسكنها مع أمها في العاصمة ولم تنتبه حتى لتحية الحارس الذي عينه معتصم، قضت ليلتها تفكر في ذاك الغريب الذي اقتحم مساحتها الخاصة بتلك الثقة، مر أسبوع كامل لم تقابله حد أنها باتت تتلفت حولها كلما خطت أقدامها بوابة المعهد، باغتها مرة من خلف أذنها هامسًا بخبث:
ـ هل تبحثين عني؟
نفت بحدة فيما قالت بتهذيب:
ـ أنا لا أعرفك..
مد يده مجددًا كالمرة السابقة:
ـ قلت لكِ قبلًا أنا زين..
تنهدت بهدوء قبل أن تحاول الانصراف:
ـ لا يصح ذلك..
ضحك من خلفها بخفوت بدا لها كفحيح مغوي:
ـ نحن زملاء، ما المشكلة..
أخبرته قبل رحيلها:
ـ المشكلة أنني لا أهتم..
رفع حاجبيه وشيع رحيلها بجمود، من تلك التي لا تهتم به!
وغير المهتمة صارت هدفه الأساسي، ظهر لها كظلها في كل مكان ترتاده، وجدت في ذلك حصارًا لم تحبه بدد إعجابها اللحظي به في أول لقاء، قابلته في حفل لميلاد إحدى الصديقات، ومعتصم هاتفها طلب منها أن تعود للمنزل خلال نصف ساعة على أقصى تقدير فاضطرت للعودة باكرة تاركة الحفل، عند المغادرة وجدت يدًا رجولية خشنة تجذبها إلى ممر جانبي منعزل وينتهك شفتيها في قبلة أثارت بداخلها أعاصير من تقزز وغضب عارمين، دفعته بكل ما أوتيت من قوة وانهالت عليه لكمًا باكية، توعدته بأن تمحوه من على وجه الأرض وهو لايعرف عاقبة ما فعل وسيندم ندمًا لا يكفي حياته بأكملها، تركته خلفها لاهثًا بعنف يتوعدها بدوره وعيناه تقدحان بشرر من عمق الجحيم، لم تكن تدرك زاد أن هذا الشخص سيطوق عنقها بطوق الجحيم قريبًا، ذهبت إلى البيت متورمة الوجه من فرط البكاء الحار في طريق عودتها، فكرت أن تهاتف معتصم وتحكي له ما حدث، وتراجعت في آخر لحظة، معتصم سيفرض عليها العودة إلى المنزل ويحرمها من دراستها التي تحب، لعنت زين الحقير واضطرت أن تلتزم الصمت وتبرر لأمها هيئتها بشعورها بالمرض، أمضت في فراشها يومين دون مغادرة المنزل، شعرت أمها بالريبة مما يحدث لابنتها، حاولت التحدث معها وطمأنتها زاد ومن داخلها اعتزمت على التصدي لذاك الحقير بنفسها و قطع الطرق أمامه كليًا..
بعد ثلاثة أيام عادت إلى الجامعة بشحوب واضح سألتها صديقتها لميس صاحبة حفل عيد الميلاد باهتمام:
ـ ماذا حدث لكِ يا زاد لماذا غادرتِ الحفل مبكرة؟
ازدردت زاد لعابها بعسر وأخبرتها بأن أخاها قد طلب ذلك، أطرقت الأخرى بتفكير وهمست دون ترتيب:
ـ الخادمة أخبرتني بما حدث يوم الحفل في الممر..
ارتبكت زاد وتلاحقت أنفاسها فيما انفجرت الدماء ساخنة بين أوردتها فأحرقت وجنتيها مما استرعى خوف الأخرى وشفقتها فنصحتها بصدق:
ـ أرى أنك لابد أن تخبري أحد أفراد عائلتك، لا أعرف من دعاه للحفل أنا لم أدعوه مطلقًا..
قلق لميس زاد من قلقها الذي جاهدت لدفنه
فكرت زاد لوهلة أن الصديقة محقة وأنها كانت مخطئة حين قررت ألا تخبر معتصم، وعدتها أن تخبر أخاها إن ضايقها بأي صورة فهي لا تود إثارة غضبهم عليها، ودعتها وغادرت متوجهة صوب المنزل، خرجت إلى الطريق العام في انتظار السائق كما اتفقت معه مرت بها سيارة جانحة بأجنحة الموت تركت الرصيف فارغًا منها، بعد ذلك كان الكابوس تمامًا، هي مع زين بداخل سيارة مع اثنين من أصدقائه كبلاها من يديها وقدميها ووضعا لاصقة على فمها وتركوها له على المقعد الخلفي تعجز عن الصراخ والاستغاثة، أشار لصديقيه اللذين هبطا بإشارة النصر وانطلق بالسيارة على أقصى سرعة ممكنة، أخذها إلى مستودع يخص أبيه، فابن رجل الأعمال المرموق يفعل ما يحلو له أينما شاء، ووجد تلك الصغيرة لا تستحق أن يأخذها إلى شقته وقرر أن يؤدبها في هذا المكان الحقير الذي تفوح منه رائحة البنزين..
أوقف السيارة أمام المستودع الفارغ وأنزل زاد التي استحالت عيناها إلى لون الدم ووجهها يحترق من فرط انفعالها، جذبها أرضًا بعنف فتمزق جلد ساعديها أثناء جره لها على الأرض، بالداخل قيد يديها وساقيها وحرمها حرية الصراخ أو المقاومة، آخر ما رأته كان شراسة عينيه والباقي قتل بوحشية دون موت، سلب السلام والعذرية ووجودها على الأرض، ماتت دون أن تفارق الحياة وبالنهاية نهض يبصق على جسدها المسجي بهشاشة دون حراك، كانت تضيع في غياب الوعي طوعًا وكرهًا، سمعته من بين ثنايا الظلام الكثيف من حولها يهتف:
ـ من أنتِ؟.
أتبع سؤاله بسبة نابية تستهدف والدتها، وأنهى كل شيء بغطرسة شياطين تحمل الموت بين جنباتها:
ـ أيًا من تكونين سأرمي لعائلتك بضعة قروش وسيلتقطونها من على الأرض مثل الكلاب..
استفاقت من ظلمة وقهر ذكراها على أياد تهدهدها، كانت قد انهارت بالكامل أثناء سردها لحكايتها، لم تكن تدرك تعالي نشيجها واضطرابها الحاد، وقد استعانت الطبيبة بمساعدتها وحقنتها بحقنة مهدئة بل وقد ساعدتاها لتستلقي على فراش طبي تتلوى مثل المذبوحة، جلست الطبية المتغضنة الجبين تشيد في نفسها بجسارة تلك المريضة التي قصت مأساتها دفعة واحدة دون فرصة لالتقاط أنفاسها، بدت لها كأنما ترمي حملًا ثقيلًا قد أرق كاهلها لسنوات طويلة، زاد تريد الحياة والبوح هو بداية الراحة..
...
بعد ساعتين هدأت زاد في رقدتها على الفراش تنظر للسقف أمامها بشرود وبقايا نشيجها الخافت تتلاشى في الفراغ العامر بألمها، كان وجهها قد تورم وعيناها المغسولتان بعبراتها قد جفتا، ابتسمت لها الطبيبة بفخر خفي:
ـ أنتِ بطلة يا زاد..
مالت زاد إليها ببطء خاملة، فسألتها الطبيبة بترقب:
ـ هل تعرفين ماذا حدث له بعد ذلك..
نفت زاد بهزة طفيفة:
ـ سألت معتصم ولم يخبرني..
علقت الطبيبة بحكمة:
ـ إذًا عليه أن يخبرك..
معرفة الضحية لمصير الجاني يشكل فرقًا في العلاج، فالقصاص يساعد في الشفاء حتى لو كان قدريًا..
تنهدت الطبيبة حين عم الصمت وأشارت إلى حقيبة زاد باسمة:
ـ زوجك هاتفك قبل قليل والمساعدة أخبرته أنك في الجلسة..
ارتبكت زاد ورفرفت بأهدابها فقابلها ود الأخرى:
ـ لا تقلقي لقد طمأنته تمامًا سيأتي خلال ساعة..
أشارت إلى النافذة من خلفها:
ـ بإمكانك السير قليلًا في الحديقة الطقس رائع وسيساعدك على الاسترخاء..
تمتمت زاد بشرود:
ـ أريد السير حافية القدمين..
تعالت ضحكات الطبيبة التي نهضت بحيوية:
ـ لكِ هذا بالتأكيد..
..
هبطت زاد إلى الحديقة وحدثت معتصم عبر الهاتف وبعد السؤال عن حاله سألته عن مصير زين بعد الحادث، صمت معتصم طويلًا جدًا دون إجابة شافية، أخبرته أن الطبيبة قد طلبت ذلك، فزفر بعمق وأجابها:
ـ النفس بالنفس يا زاد، قتلك فقتلته..
ذُهلت زاد مما تسمع وسألته بصوت متحشرج:
ـ مات!
سمعت زفرة ثانية لأخيها قبل أن يصحح:
ـ ما زال يتنفس لكنه ميت..
ارتجف جسد زاد فيما تلفتت حولها، لا تعرف كيف تفسر ذلك الشعور جيدًا، ليست قاسية لتفرح بذلك وليست متعاطفة مع قاتل روحها، سمع معتصم تهدج أنفاسها فأخبرها بجمود:
ـ كان يستحق وأكثر، لست نادمًا أبدًا، ليت الزمن يعود وأقتله قبل أن يؤذيكِ..
تنهدت وأخبرته بشفتين مرتجفتين وعبرة ساخنة غافلتها وسقطت على وجنتها:
ـ أحبك أخي..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-21, 12:02 AM   #599

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


***
كان معتصم جالسًا على فراشه في الفندق بعدما استيقظ من غفوة قصيرة، هاتفته زاد وأعادته إلى أسوأ فترة مرت عليه في حياته، يومًا عصيبًا ماتت شمسه باكرًا، هاتفته أمه قلقه تخبره بتأخر زاد عن المنزل، أثارت ريبته لكنه حاول تجاوز ذلك حتى ساد الليل تمامًا ولم تعد أيضًا، ساعة تلو أخرى والقلق قد دب في أوصال الجميع، مما جعل جده بنفسه ينهض ويخبره، سأذهب للبحث عنها بنفسي، نقلتهما طائرة إلى العاصمة فقابلهما والدها القلق بشدة وبدأت رحلة البحث عنها، طلب من جده أن ينتظر مع أبيه وأمه بالمنزل ولن يعود إلا بها..
استعان معتصم الذي فقد صبره بأصدقاء له في الأجهزة الأمنية بلا جدوى، بالنهاية هاتفته فتاة تُدعى لميس وأعطته طرف الخيط، قصت عليه ما حدث يوم عيد مولدها وأخبرته بشكوكها تجاه زين النجار، أدار معتصم الدفة إلى تلك الجهة وكانت صدمته الطاحنة، لم يستهدف زين أولًا، استهدف كلابه قبله، صديقين يرافقانه كظله، أيمن عبود يتاجر في المواد الممنوعة ومروان دياب يعشق شيئين فقط في الحياة
النقود والمومسات
بعد نصف ساعة كانا يُلقيان بعنف تحت أقدام معتصم مقيدين تمامًا ويشير إليه ضابط شرطة له أعين في كل مكان:
ـ هذا السيد معتصم سليمان زايد، هل سمعتما عن امبراطورية زايد من قبل؟
تبادل الشابان النظرات بذعر، لا أحد يخفى عليه وقع الاسم، رجال أعمال مرموقين وأعضاء مجلس شعب لهم أسماء مهمة يندرجون تحت هذه الكنية، زين وأبيه مجرد أسماك صغيرة في محيط الحيتان ذاك، اعترفا له مرتجفين بكل شيء دون أي ضغوط ظنًا منهما أن هذا يضمن لهما الخلاص..
في أقل من ربع ساعة كان معتصم قد وصل إلى المكان المنشود، طلب أن يدلف إلى الداخل وحده، كان مصعب الذي أخذ أول طائرة حين أخبرته رحيمة باختفاء زاد قد لحق به، دلف معتصم إلى المستودع وأقدامه التي لطالما كانت راسخة الآن اهتزت ، اهتز كيانه كله، هناك لحظات تأتي وتسلب معها الراحة أبد الأبدين، كانت هذه إحداها، دفقة وجع تملكت قلبه وكيانه، صغيرته مسجاة على الأرض مضرجة بدمائها النقية منتهكة تكاد تلفظ آخر أنفاسها، تقدم منها ركضًا وجثا على ركبتيه، وصراخه هو ما شج الصمت القاتل من حوله مما جعل مصعب يدلف بدوره ركضًا وتصعقه هيئة زاد السابحة في بركة دماء، أدار رأسه إلى الحائط وراح يلكمه بقبضتيه حتى نزفتا دماء ساخنة، من خلفه نهض معتصم الذي تمزق قلبه وسالت من عينيه عبرات لأول مرة مذ أضحى رجلًا، حملها فتلوثت كل ثيابه بالدماء، كانت كالذبيحة الشاحبة بين يديه، أخذها إلى المشفى وتصلب كليًا بنظرة كالجحيم، أقسم ألا تمر الليلة إلا ويكون قد وجده واقتص منه، لم يخلع معتصم ملابسه الملطخة بدماء أخته التي أودعوها العناية الفائقة إلا حين أحضروا إليه اللعين زين النجار..
..

مكان وزمان تم تحديدها كمحاكاة لآخرين
قد حدث فيهما فاجعة في الأمس
المكان
كان مستودعًا عطن الرائحة أجواءه خانقة وأرضه ملوثة ببقع بنزين .
والزمان
عند التقاء الشمس والقمر في لحظة وداع
بعد تجهيز كل شيء بقي أمر واحد
هو تكرار الحدث
ولم يكن ذلك صعبًا إطلاقًا؛ جسد مسجي على الأرض وصاحبه معصوب العينين مقيد الأيدي والأقدام كل في اتجاه
مع فارقين
الجسد تلك المرة جسد ذكر وليس لأنثى مغلوب على أمرها كالمرة السابقة ..
والفارق الثاني ضحية اليوم كان جلاد الأمس
مهلًا هناك فارق ثالث
الضحية تلك المرة لا تعرف هوية من قيدها وعصب عينيها..
والحدث كان انتهاكًا
سمع المقيد على الأرض خطوات بطيئة من حوله تزيد قلبه رهبة ووجلًا، هو يعلم ما فعل جيدًا وقد علم أنه هاهنا هالك لا محالة
والخطوات كانت لرجال من نسل فرعون يتخطى جحوده كل مدى
انتقامهم يتخطى المثل ويتوجونه بالدم!
انحنى معتصم قليلًا نحو معصوب العينين وقال بفحيح يُحدث مصعب المستند إلى أحد الحوائط بتراخٍ ينفث دخان تبغه ويمضغ العلكة:
ـ قل لي يا ابن العم، ما عقابه المناسب؟
اعتدل مصعب وشد عوده المديد، ألقى لفافة التبغ المشتعلة واقترب بتباطؤ أشاع الذعر في نفس المقيد حين غزا أنفه عطر ثقيل
قال مصعب ببساطة وكأنه يقول رأيه في لون سترة:
ـ أن يُغتصب بالمثل.
ودارت عيناه في المكان ببريق قسوة:
ـ هنا والآن وهو مقيد مثلها..
سأله معتصم ببرود لا يعرف من أين حط عليه، ربما هي سطوة الانتقام الذي يكون أكثر فتكًا حين يمتزج بالثلج:
ـ أتفعلها أنت؟
زمجر مصعب باشمئزاز قبل أن يرد:
ـ ليس نوعي المفضل أنتَ تعرف .
ضحك معتصم باختلال وعرف الرجل على مصعب ببساطة:
ـ يبدو كمدلل لكنه جيد في العلاقات..
والمذعور على الأرض تجمعت قطرات العرق البارد على جبينه وكاد يكسر أسنانه من فرط ضغطه عليها وزاد خوفه حين سمع المشمئز يقول للآخر:
ـ افعلها أنت معتصم..
مال مصعب إلى أذن زين يخبره كمن يرميه بكرات من نار:
ـ لم نعرفك بنا بعد، نحن إخوة زاد حفيدة سليمان زايد..
دب الرعب في أوصال زين الذي تلوى بلا فائدة، تجاهله مصعب والتفت صوب معتصم يحثه بخشونة:
ـ هيا يا معتصم..
ألقى معتصم سبة اعتراض فجة قبل أن يقول بقرف:
ـ سأتقيأ من مجرد التخيل..
لوح مصعب لابن عمه بمهادنة واقترح ببرود وكأن الخيرات كُثر:
ـ حسنًا معتصم ما رأيك في استخدام ذلك المقص.
وأخد يحك نصلي المقص الذي التقطه من على الأرض فيصدران صوتًا جعل معصوب العينين يشهق ذعرًا فيما يسمع حروف تتشكل بقسوة:
ـ ونخلصه من ذكورته التي أذلّ بها ابنة زايد .
ضحك معتصم بقسوة قبل أن يخبره بلا مبالاة:
ـ هذا العقاب مُستهلك مصعب، فكر في شيء آخر..
مط مصعب شفتيه بتفكير قبل أن يحك إبهامه ووسطاه فيصدران فرقعة وكأنه وجد الحل
ـ وجدتها!
التقط زجاجة ذات رقبة طويلة ولوح بها أمام عيني معتصم:
ـ أنا أعشق الابتكار..
لم يفهم زين ما يحدث إلا حين تقدم منه حارس جرده من ملابسه وشعر بألم الانتهاك غير منقوصًا، كان السبق لمعتصم تلا مصعب ولمدة أسبوعين كاملين، كان الحارس يطعمه بضع لقيمات تساعده على البقاء على قيد الحياة وهما يتناوبان في المهمة بتلذذ الانتقام البشع، كل ذلك كان تحت مراقبة عيني مدين الذي لا يحرك ساكنًا فقط يأتي ويقف على بعد خمسة أمتار يشاهد بصمت، بعد خمسة عشر يومًا تقدم بضعة خطوات زائدة عن كل مرة جثى على إحدى ركبتيه يمرر نصل مدية حادة على حافة أنفه وينطلق صوته بفحيح أرجف زين فوق ارتجافه:
ـ هل حققتم العدل؟...... أنا أشتهي الدم..
تبع جملته بحركة خاطفة بمديته شاركته فيها يد معتصم التي قبضبت على يده تؤازه، مررا نصل المدية بقسوة جعلت دماء زين تنساب فتغرق فخذيه بغزارة وتزامن ذلك مع صراخ حاد لم ينقطع إلا بسقوط صاحبه فاقدًا للوعي، فانهال معتصم عليه ركلًا بكل قوته، اشتد انفعاله فأبعد أبناء عمه مكبلين جسده بعيدًا، هنا تدخل طبيب تسلم مهمته حفاظًا على حياته، لا يريدونه أن يمت، الأسوأ أن يحيا مدمرًا نفسيًا وجنسيًا هكذا..
وبالنسبة لصديقيه فكل أكل من عمل يديه، أحدهما قُبض عليه متلبسًا في قضية مخدرات كبيرة والآخر تم اتهامه بإدراة شبكة للأعمال المشبوهة..
تلبس حفدة زايد وقتها شبح الانتقام والجبروت بغير ندم..
وبالنهاية كان المنتهك يستحق الانتهاك وأكثر..
انتهى الفصل
قراءة ممتعة


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-21, 12:26 AM   #600

Om noor2
 
الصورة الرمزية Om noor2

? العضوٌ??? » 445147
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 267
?  نُقآطِيْ » Om noor2 is on a distinguished road
افتراضي

عود حميد ..الفصل يحمل الكثير من تعقيدات الماضي وتاثيرها ع الحاضر
الفصل النهاردة تجسيد واضح بمعني العائلة المصرية مهما حمل من اختلافات وتناقضات الا انها مترابطة وموجودة عند اللزوم
ومن الان برغم كل الاحداث المهمة ..اعلن اعجابي بالجد وابنه امجد


Om noor2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:24 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.