آخر 10 مشاركات
567 - قانون التجاذب - بيني جوردان - قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          ملك لمصاص الدماء (11) للكاتبة Rachel Lee الجزء الأول من سلسلة التملك .. كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيـ الغرام ـاد -ج2 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائــد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          قلبي فداك (14) للكاتبة: Maggie Cox *كاملة+روبط* (الكاتـب : monaaa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-02-21, 11:52 PM   #711

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل التاسع والثلاثون
***
لعنة الحب تشبه لعنة الفراعنة، وهو فرعون سطر لعنته بيديه وألقى تعويذتها الأبدية عليه فأصبح لا فرار من طوقها الجحيمي!
صياد أطلق فريسته وتريث!
قذف أولى طلقاته وأصاب الهدف!
راقب ركضها جريحةً وصبر!
والآن.. حان وقت ضربته التالية، لكن هذه المرة ستكون أشد، أجرأ، وأقوى!
هدير مجدي العجمي..
***

الأداة!
كلمة لم تفارق عقلها طوال طريق العودة، طفلة تم دس السم في أذنيها وشابة حاولت أمها استغلالها لتحقيق أطماع مادية وامرأة يُحاك حولها مؤامرة للإطاحة بمعتصم في عمله، كم يستهين الجميع بها!
صعدت الدرج تقرب بيلا من صدرها، قد سرى البرد إلى أوصالها فراح قلبها ينتفض خلف ضلوعها، هذا الشخص المدعو عُبيدة خبيث لأبعد حد، قد عرف عنها أمور بالغة الخصوصية وهذا يعني أن بيت جدها قد تم اختراقه من قبل خصومهم في العمل، استخدمت مفتاحها ودلفت إلى الشقة فعانقها الدفء، أغلقت الباب وقصدت غرفتها مباشرة، أغلقت على نفسها الباب وتركت بيلا تنزلق من بين كفيها وتسير أرضًا ببطء، جلست على الفراش تنكس رأسها متنهدة بقلق، كلمات هذا الشيطان تتسلل إلى عقلها بأفعوانية، تذكرت الطريقة المُهينة التي طلقها بها معتصم، لو كان حفظ كرامتها ما كان هذا الغريب حدثها بتلك الطريقة..
رُغمًا عنها تساءلت لماذا لم يتحدث أحد عن إرثها حتى هذه اللحظة، تنهدت تعيد خصلاتها الشقراء الداكنة للخلف وتزيح تلك الافكار السوداء كلها، بحثت عن هاتفها في جيب سترتها فوجدته، طلبت جدها تكتم أنفاسها المضطربة حتى رد عليها بلهفته المعتادة:
ـ اشتقت إليكِ يا حبيبة جدك..
نطقت اسمه مرفقًا بتنهيدة متعبة:
ـ جدي، كيف حالك..
أخبرها بصدق بالغ واشتياق:
ـ حالي ليس بخير بدونك، والله يا فتاة ما أنام ولا أصحو إلا على صورتك المحببة إلى قلبي..
همست بمشاعر دافئة:
ـ أتعرف كم أحبك؟
ضحك ببال مرتاح:
ـ ليس كما أفعل أنا..
انسابت عبرة اشتياق فأغرقت وجنتيها، سألته بصوت خافت:
ـ ماذا ستفعل إن أخطأت خطأً كبيرًا يا جدي..
وترها صمته الذي استمر دقيقتين لا يقطعه إلا أنفاسها القصيرة المتلاحقة، زفر ومن ثم أجابها برفق:
ـ سأقرص أذنيك يا بيسان، وأحضرك إلى هنا وأخبئك من العالم كله..
ازدادت عبراتها سيولًا:
ـ وماذا إن هربت منك..
تلك المرة لم يمنح للصمت مجالًا، أرجأه كما أرجأ القلق الذي بدأ في نهش قلبه:
ـ لم يعد في عمري بقية ولا أطيق ابتعادك..
غلبه خوفه عليها فسألها مترقبًا:
ـ ماذا فعلتِ يا ابنتي..
هزت رأسها بعنف كأنما يراها:
ـ صدقني لم أفعل شيئًا..
لم تهدأ سريرته وأيقن أن شيئًا ما يحدث من خلف ظهره لكن حكمته سبقت كل شيء وجعلته يهدأ كي يسمعها جيدًا، سمعها تسأله بترقب:
ـ كيف تراني ياجدي، هل ما زلت كما أنا؟
سمعت أنفاسه البطيئة تسبق قوله الرصين:
ـ لا يا حبيبتي لقد تغيرتِ، أميرتي الصغيرة أصبحت كما أتمناها بالضبط..
تنهد بهدوء قبل أن يخبرها بصدق ويعلم أن هذا أكثر ما تحتاجه:
ـ كما أنني أثق بك يا حبيبة جدك، ابنتي امرأة ناضجة لن تخذلني أبدًا..
ابتسمت رُغم دموعها وقالت تعبر عما يعتمر بقلبها:
ـ أنا أحبك يا جدي، أطال الله في عمرك وحفظك لنا..
سألها برفق:
ـ ألن تقولي لي ماذا حدث؟
قصت عليه كل شيء تفصيليًا فجلس محله من هول الصدمة، بيسان في خطر بشع يكاد يقتله قتلًا، اندفع الدم عبر أوردته بجنون جعله ينتفض من مكانه بزعقة ذعر:
ـ أين أنتِ الآن؟
أخبرته أنها بالمنزل وأقسمت له أنها بأمان فازدرد لعابه وأمرها:
ـ اغلقي الباب جيدًا ولا تخرجي من غرفتك حتى يأتي أمين إليكِ ويأخذك..
شعرت بأنها قد وقعت في ورطة لا تفهم أبعادها فسألته بقلق:
ـ لماذا كل هذا!
زعق دون سيطرة على غضبه المتسارع:
ـ عبيدة هذا خطر، خطر جدًا يا ابنتي، نفذي ما أقول دون أسئلة..
لم تفهم شيئًا، أثار رعبها وكان ذلك جيد كيلا تخاطر وتخالف أوامره، لم يمهلها لتفتح فمها بشيء وأخبرها بتأكيد:
ـ سأتحدث إليكِ بعد قليل وحين يأتي عمك أمين اذهبي معه دون نقاش..
رغم أنها لم تفهم أطاعته حتى يأتي عمها وتفهم منه..

أغلق الهاتف وتحدث إلى ولديه أمجد وأحمد هاتفيًا وأمرهما بالمجيء إليه سريعًا دون أن يخبرهما السبب عبر الهاتف، قبل أن يصلا إليه كان قد تحدث إلى ابنه أمين الذي سافر بعد انتهاء إجراءات عزة وأخبره بكل شيء فوعده بالذهاب إليها في أسرع وقت ممكن، طلب منه أن يطمئن ويثق به..
بعد قليل دلف ابناه أمجد وأحمد إليه يتبادلان النظرات القلقة، فقابلهما على الباب وأشار لهما ليدلفا فازدادا حيرة حين أغلق الباب بنفسه واستدار إليهما بوجه يفيض ذعرًا وتوترًا، اقترب منه أحمد يسأله باستغراب لحالته:
ـ ما الأمر يا أبي؟
قصّ عليهما كل ما قالته بيسان وتفهما خطورة الحالة برمتها، أمرهما بصرامة:
ـ تصرفا بعيدًا عن معتصم..
رفع رأسه لأعلى بجمود يغالب الخوف الذي غزاه دون تمهيد:
ـ لا أريده قاتلًا..
غمرتهما الرهبة إثر ما تفوه به، علق أمجد على ذلك يبث في نفس أبيه الاطمئنان:
ـ سنتصرف بعيدًا عنه لا تقلق أبدًا..
تم التنسيق بين الأخين كل شيء، أحمد سيهتم بشئون العمل وإلهاء معتصم بينما يسافر أمجد إلي بيسان وأمين يعود إلى عمله في برلين، وقبل كل ذلك مكالمة فيديو جماعية جمعت أبناء السيد سليمان الثلاثة مع حفيديه مدين ومصعب..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:53 PM   #712

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
حاولت بيسان النوم حتى تقلل من ضيقها بسبب الانتظار، فشلت وراحت تتفحص هاتفها لعدة ساعات بين جدران غرفتها حتى أتى العم أمين في الصباح الباكر مغلق التعابير قلقًا، تخطت دهشة أمها وأخبرتها ببرود أنها ستذهب مع عمها لعدة أيام، حاولت أمها الرفض فتدخل العم أمين الواقف على الباب نافد الصبر:
ـ لا نأخذ رأيك..
منحت ابنتها نظرة سخط وانصرفت إلى غرفتها، انضمت إليه بيسان الجاهزة بحقيبة ملابسها، أخذها إلى فندق عريق وأخبرها بهدوء مصطنع:
ـ سنظل هنا لبعض الوقت حتى أجد شقة مناسبة..
أجلت الأسئلة التي تدور برأسها والهواجس الكُثر حتى تجد الوقت المناسب لذلك، كان الصباح قد أرسل خيوطه وملأ الأفق بالنور، لم تنم بالأمس ولا للحظة واحدة وجائعة بشدة، منحها ابتسامة غامضة وسألها:
ـ جائعة!
تنهدت وأخبرته فيما تجتاز برفقته باب الجناح ذي الغرفتين:
ـ أجل..
تناولت برفقته الفطور في الشرفة الباريسية وسألته باهتمام وفضول:
ـ ماذا يحدث، من هو عُبيدة بالضبط وماهو مدى خطره عليّ؟
وضع الشوكة بهدوء متنافٍ تمامًا مع معالم وجهه التي زادت قتامة وغموضًا:
ـ عُبيدة غبي، هو خصم في العمل كما قال لكِ ولا تهتمي به أكثر..
أطبقت أجفانها لوهلة قبل أن تفرقها وتحاول الهدوء:
ـ لا أهتم بشخصه، كما أنني أفضل ألا أتصرف بجهل..
سألها بعينين نصف مغلقتين:
ـ ألا تثقين بنا؟
نفت بتنهيدة قصيرة:
ـ بل أثق بشدة لكنني أحب أن أفهم..
نهض تاركًا الطاولة ودلف إلى الصالة الداخلية:
ـ اقتلي فضولك هنا يا بيسان، من أجل الجميع واطمئني تمامًا، لا عبيدة ولا غيره سيقترب منكِ ثانية..
نهضت خلفه تدلف وتكتف ذراعيها فتندر عليها بسخرية:
ـ تصرفي كامرأة ناضجة واستخدمي عقلك للتفكير..
أنهى جملته يشير إلى جانب رأسه ببسمة هازئة، توسعت أحداقها وأخبرته فيما ترفع رأسها لأعلى بترفع:
ـ عمي أمجد يعاملني أفضل من ذلك ولا يتنمر عليّ أبدًا..
ضحك بقوة ورفع حاجبيه متسليًا:
ـ جيد.. حين يأتي أمجد عانقيه ونامي قريرة العين مثل الأطفال..
حلت وثاق ذراعيها وتقدمت منه غير مصدقة بأنه ينعتها بالطفلة ورغم ذلك لم تعترض:
ـ أليس لديك القليل من الحنان الأبوي إلى حين حضوره؟
فتح لها أحد ذراعيه باسمًا:
ـ لدي القليل فقط، اقتربي..
اقتربت وضمها إلى صدره يقبل رأسها، أخبرها باسمًا:
ـ أنتِ لطيفة مقارنة بمعتصم المتعجرف..
أسبلت أهدابها بخجل وسألته مازحة:
ـ هل تخطط لتزويجي من مصعب مثلا!
ضحك بقوة ودفعها للخلف برفق:
ـ رباه!.. لا أخطط لإنهاء حياتك بتلك الطريقة البشعة..
ضحكت بقوة ورفعت كفيها للسماء:
ـ لندعو الله من أجل عزة..
ابتسم بغموض:
ـ لن أحبها أبدًا لقد استولت على نصف ما أمتلك..
اعترتها صدمة:
ـ حقًا!..
أومأت بإيجاز:
ـ لن تحمل غيرها أحفاد لي، فلما لا!
هزت رأسها بالتفهم وابتسمت له بمودة:
ـ حظًا سعيدًا أيها الجد الرائع..
أشار إلى حقيبته:
ـ أحضرت الشطرنج، هيا أعلمك كيف تلعبينه..
وهكذا قضت وقتها في الخسارات المتتالية أمامه حتى مهاتفة الجد سليمان لها، استأذنت عمها أن تذهب إلى غرفتها فأخبرها أنه بحاجة للنوم أيضًا وتوجه صوب غرفته، تقدمت بدورها صوب غرفتها وفتحت الخط ليصلها صوت جدها المهتم، طمأنته على نفسها وقصت عليه ما حدث في الساعات الأخيرة، ابتسم ولم يغادره قلقه:
ـ أريد أن أخبرك بشيء مهم:
ـ ماذا يا جدي؟
كان جلسًا على أريكته المعتادة، مسد لحيته ببطء وشرد أمامه:
ـ ستغضبين مني..
هزت رأسها بالنفي:
ـ مهما قلت لي لن أغضب أبدًا..
باغتها بقوله الثابت:
ـ لقد خدعتك يا بيسان، لا توجد وصية لي تخص الوريث..
تصلبت بيسان كليًا فيما تباعدت أجفانها صدمة، كان الصمت ثقيلًا عليهما فقتله الجد بقوله الخافت:
ـ سامحي العجوز الذي يحبك، ما فعلت ذلك إلا لتأتي إليّ..
كانت تختض باكية والذهول قد تملك منها:
ـ كنت تستغل أسوأ صفاتي!
عليه الاعتراف ولن يكابر في تلك اللحظة، بيسان تستحق منه أن يعترف:
ـ كان عليّ استغلال الجيد فيكِ، لقد أخطأت وأسأت التقدير..
سمع نشيجها قبل قولها الحزين:
ـ لن أتحدث معكَ ثانية..
تنهد بتعب:
ـ حين أراكِ أمامي سأعتذر لكِ..
مس قلبها، ليست صغيرة كيلا تتفهمه، المشكلة أنها تجد أسبابه مقنعة لكنها كانت مجرد لعبة في يده مثلما كانت في يد أمها:
ـ لن أعود إليك ثانية، لن أكون لعبة في يد أحد بعد الآن..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:55 PM   #713

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
ليس انتقامًا، بل قرصة أذن..
عُبيدة النجار
نقلته ذكية يستحق عليها نقطة لكنه بالأصل غبي ترك ظهره مكشوفًا والضربة في الظهر بمائة نقطة، ظن أنها إذا ما سافرت من أجل الدراسة بعيدًا ستكون مخفية عن أعين ثعالب زايد لاسيما وأنها تسكن مدينة صغيرة في النرويج
توليب النجار
سبعة وخمسون كيلو جرامًا من الجموح الخالص في هيئة فتاة شقراء قد تخطت العشرين ربيعًا قبل شهرين، لكل إنسان ثغرة وثغرتها الأدرينالين..
نصف ما تفعله بحياتها بهدف رفع معدلاته لأقصى حد، وذلك النصف مخفي عن العائلة، فهي ذات وجهين، واحد وديع تقابل به أمها وأخاها وبعض الأصدقاء والآخر متوارٍ خلف ستار الأول، وذاك الثاني كارثة
غطس تحت سِتر الليل
تسلق جبال شاهقة
قفز بمظلات
وتجربة أنواع مختلفة من المخدرات لكن بجرعات معينة في فترات متباعدة لا تصل بها إلى حيز الإدمان..
ساعدها على الحفاظ على تلك الحياة السرية الثقة العمياء وتصديقهم لكونها تدرس مع صديقاتها بشكل متواصل، وبالفعل هي مميزة دراسيًا إلى حد يجعلهم يطمئنون عليها أكثر ويتركونها تقضي ساعات طويلة برفقة أصدقائها الذين يشاركونها تلك الحياة، كرهت شعورها بالتكبيل الذي لازمها حين فرض عليها عبيدة وأمها السفر وترك كل ذلك خلف ظهرها، تعيش بمفردها في ضاحية قرب أوسلو والأم لم تغادر الوطن تسكن منزل العائلة كيلا تبتعد عن المشفى الذي يرتاده أخوها الأكبر زين منذ عدة سنوات وعبيدة منذ شب ويحمل على عاتقه إرث الأب من أعمال تجارية وينتقل من بلد لآخر، يزورها أحيانًا مرددًا على أذنها ألا تثق في الغرباء، ليست غبية لتثق في أحد غير أصدقائها المقربين الذين ابتعدت عنهم قسريًا، هاتفوها يحكون عن مغامرة جديدة، لم يخبروها عنها شيئًا وتعمدوا ذكر أنها مفاجأة صادمة، تركوها ليلة كاملة على جمر تود العودة إليهم ومشاركتهم تلك اللذة، وسوست لها صديقة أن تأتي إلى الوطن دون أن تخبر أحد وتقضي معهم أسبوعًا واحدًا ومن ثم تعود إلى النرويج دون أن يعلم أحد، الملل والإنفراد بالذات كثيرًا إضافة إلى وجود صُحبة تعيش أقصى درجات جموحها بعيدًا جعلها تتخذ قرارها وتوافق..
بعثت رسالة إلى أمها من هاتفها قبل أن تغلقه
( أمي سأغلق الهاتف عدة أيام لأنني منشغلة جدًا بامتحانات مهمة، لا تقلقي سأكون بخير وأهتم بنفسي جيدًا)
والهاتف سقط وتهشم بفعل فاعل قبل أن يصل إلى يد الأم التي كانت لتشك في حدوث أمر كارثي فلم ترى الرسالة في وقتها..
وعدها أصدقاؤها أن ينتظروها في المطار فتحمست أكثر، هبطت بها الطائرة بعد اثني عشرة ساعة من التحليق، في تلك الأثناء كان عُبيدة تحت تأثير منوم قوي وضعه له مدير أعماله، وعن توليب فقد هبطت أرض المطار تسرع بخطواتها بحثًا عن أصدقائها تحمل حقيبة ظهر ضخمة وتشرئب برأسها تنظر يمينًا ويسارًا، انتابها القلق لاسيما وأن هواتفهم مغلقة، غادرت المطار بحثًا عن سيارة أجرة تقلها إلى منزل صديقتها، وجدت سيارة تنقلها وفي منتصف الطريق تعمد السائق ترك السيارة تنحرف قليلًا سألته ما الأمر فسبها ببذاءة، حذرته من التمادي فتوقف بالسيارة وأجبرها على الهبوط، جنح بالسيارة تاركًا إياها خلفه على قارعة طريق منعزل نسبيًا، تلفتت حولها تزفر بنزق ولا أحد مر ينقذها من ورطتها تلك، النجوم لامعة والطقس يلفحها برياح حارة نسبيًا، تحركت للأمام تقلب رأسها يمينًا ويسارًا، زفرت بقوة فلا تحب الانتظار أبدًا، سارعت خطواتها مغادرة المطار ودون مؤشرات وجدت قدميها تغادران الأرض، ترتفع إلى مسافة كبيرة بشهقة ذعر، ذراع صلبة تحاوط خصرها تضمها إلى صدر رجل أكثر صلابة، وصوت أجش يرحب بها بغلظة:
ـ مرحبًا توليب، أتيتِ في موعدك تمامًا..
أخذتها الصدمة فتوسعت أحداقها تحاول الرؤية تحت أشعة الأضواء الباهتة من حولها، لاصقة على الفم وتكبيل كلي ليديها وساقيها أنهيا مقاومتها تمامًا، وجدت نفسها جالسة في سيارة في المقعد الخلفي بين رجلين، والسيارة تنطلق بها بسرعة فائقة، أدارت رأسها بين الرجلين والخوف يغمرها كليًا، هاجس مجنون غمرها، تلك هي المغامرة التي حكى عنها أصدقاؤها، تذكرت الخاطف الوسيم في قصص المراهقات وهي مخطوفة من اثنين أحدهما داكن النظرة والطلة بل داكن في كل شيء والآخر أكثر برودًا وألوانًا عيناه آسرتين بلون مميز يمضغ العلكة ببطء ويبتسم لها بتسلية، احتقن وجهها الشاحب بحمرة وسخونة، حاولت التنفس من أنفها عدة مرات ولم تفتر عيناها عن عبرة واحدة، طاقة من جموح اجتاحت أوردتها رغمًا عنها فمدمنة الأدرينالين قد نالت الحد الأقصى وهي على مشارف كارثة اختطاف بإمكانها أن تودي بحياتها، نظرت أمامها بنظرة ثابتة مما استرعى انتباه مدين الذي توقع سيل من البكاء والعويل، نظرت إليه بطرف عينيها ببسمة بترتها اللاصقة فوق فمها، كأنما تخبره عن ترحيبها بما يحدث ولسان عقلها الجامح يردد
هكذا الاختطاف!
أثارت غضبه فمد يده يقبض على خصلاتها الشقراء الخفيفة ويضغط بقوة آلمتها يهمس في أذنها بوحشية:
ـ لسنا في رحلة، أنتِ على وشك السقوط في الجحيم، أصدقاءك ليسوا أوفياء أبدًا..
لن تنكر أنها خافت وارتعدت أوصالها، تحركت أهدابها بارتجاف قليلًا، سألها بصوت مشحون:
ـ فهمتِ شيئًا..
أومأت ببطء تزدرد لعابها، الوضع حرج بالفعل وليست مزحة من أصدقائها إذًا!
وصلت بهم السيارة إلى منزل مظلم منعزل كليًا، فور توقفها فتح مدين الباب وأنزلها جرًا من خصلاتها التي تمزقت في يده، بكت بحرقة وذعر حين سقط جسدها على الأرض، تدخل مصعب يخلص شعرها من يديه فابتعد مدين بسبة نابية اخترقت أذن الفتاة فجعلتها تمتعض، انحنى مصعب يوقفها أمامه يزيح عبرات الألم عن وجنتيها، كانت تتنفس بصعوبة فزفر بغضب:
ـ سأنزع اللاصقة، اصرخي كما يحلو لكِ فلن يسمعك أحد غيرنا..
نزعها عنها ولم تصرخ، سألته باكية:
ـ من أنتم وماذا تريدون مني..
نظرت إلى يديها وقدميها المكبلين بأسى ونقلت بصرهما بينهما، تقدم مدين يزيح مصعب ويقف أمامها مباشرة فتطلعت إليه مذعورة، كان يضع الهاتف على أذنه ينفث الغضب مضاعفًا:
ـ هل استيقظت!
أتبعها بسبة نابية أخرى ينعت بها الذي يهاتفه، عرفت هويته توًا حين أردف وعينه لا تفارقان عينيها:
ـ أختك هنا معنا، أنتَ من أجبرتنا إدخال النسوة بيننا، حاولنا المرة السابقة ألا نؤذي فتاة دون ذنب..
مد مصعب يده إليه فأعطاه مدين الهاتف، واللطيف الذي ساعدها لتستقيم قبل دقيقة الآن يناظرها بفجاجة بينما يحدث أخاها عبر الهاتف:
ـ أتوق لخلع ملابسها بيدي، سنرسلها إليك حامل..
جذب مدين الهاتف بقسوة ووضعه على أذنه يخبره بسادية:
ـ بل سنرسلها لك بعد الإجهاض واستئصال الرحم..
كانت مبهوتة تناظرهما بخبال، قد وقعت بين براثن هاربين من مشفى عقلي، عجزت عن الصراخ رغم أنها تستطيع، ظلت تتطلع إليهما بذهول حتى سمعت الغليظ الداكن يخبر عبيدة بغطرسة:
ـ ننتظرك هنا، احضر كفنك معك..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:57 PM   #714

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
منعها الجد من الرحيل رغم إلحاحها، انفعلت بشكل ملحوظ لعيني دميانة التي عادت من زيارتها للدير ومنزل السيد يوسف فوجدتها متوترة متبدلة الحال كليًا، أخبرته عزة بصوت مكتوم:
ـ لا أريد البقاء أبدًا..
هادنها كما يهادن طفلة صغيرة وأخفض صوته يتمسك بكفيها:
ـ لا أحب إجبارك على شيء لكنني أريد منك لمرة واحدة الثقة بي..
كانت جالسة برفقته مع رفقة ودميانة في مطعم الفندق، بدا على ملامحه الصارمة التوتر، وبدا أكثر كتمانه لأمر يغضبه، زفرت عزة قبل أن توافق:
ـ حسنًا عدة أيام فقط..
كزت على أسنانها بغضب:
ـ ولا أريد رؤيته هنا مجددًا..
التفت الجميع إليها مندهشين، لا يعلم أحد بأنها رأته، تداركت نفسها وأشاحت بوجهها عنهم:
ـ حقي أن أقرر كل شيء وبالفعل لا أود رؤيته في أي مكان..
تنهد السيد سليمان بتعب:
ـ حقك يا ابنتي..
قالها ونهض يجذب عكازه يودعهن برفق:
ـ سأنصرف الآن ولنا حديث طويل..
شيعت رحيله بشرود، كان منهك القوى ليس الرجل الذي عرفته أبدًا، تغاضت عن ذلك ومر اليوم تلاه آر، كل يوم تحدثه هاتفيًا تسأله متى تستطيع الرحيل، زارتها السيدة رحيمة عدة مرات وتلك المرأة تغمرها بحنوها أكثر من اللازم فتتخذ عزة من جمودها واجهة، بالنهاية سمح لها الجد بأن ترحل إلى بيتها الذي أخبرها عنه:
ـ حضرت لكِ بيتًا خاصًا، خذي وقتك به إلى حين استعدادك العودة إلى بيتك بجانبي..
يحدثها بتقارب لا تستسيغه، يجعلها تتباعد بحذر، رحلت مع دميانة ورفقة إلى وجهة لا تعرفها، في طريقها فكرت لماذا تثق في الجد سليمان رُغم كل ما حدث، دارت في عقلها الأسئلة بشتات لكن إجابة واحدة حسمت كل شيء، لم يمنحها أحد ما منحه إياها هذا العجوز، الرجل يعظم من شأنها أمام الجميع ولا يتوانى عن نعتها بابنته، تنهدت عزة التي أنهكتها الرحلة، باتت تضطرب جسديًا وإرهاق بدايات الحمل يتملك منها دون هوادة، توسعت أحداقها حين خطت السيارة مجمع سكني تعرفه، اعتدلت تتفقد الشوارع تتأكد، بالفعل هو الحي الذي تسكنه صديقتها ليلى مع زوجها الوغد، سألت السائق باندهاش:
ـ هل أنتَ متأكد أن هذا هو الحي..
أومأ لها الرجل بتهذيب فسألتها دميانة بفضول:
ـ ما الأمر..
عقدت عزة جبينها بتفكير عميق:
ـ هنا تسكن صديقتي ليلى..
هزت دميانة رأسها بتفهم، فتقدم الرجل أكثر، الشوارع واسعة والحي هادئ جدًا، توقف الرجل أمام بيت بعينه وصدمتها قد تضاعفت، منزلها هو المقابل تمامًا لمنزل ليلى، صحيح أنه بعيد نسبيًا لأن المنازل تتمتع بخصوصية كبيرة لكنها الآن واقفة ترى بوابة ليلى بوضوح..
ما زاد الأمر دهشة كان وصول جود بحيويتها تهبط من سيارتها تدير أنظارها حولها بسعادة بالغة:
ـ اختيار موفق!
مسحت عزة جبهتها بزفرة غاضبة:
ـ لماذًا أتيتِ إلى هنا؟
احتضنتها عنوة ومن ثم عانقت رفقة ودميانة اللتين لا تفهمان شيئًا، أشارت جود إلى باب المنزل الخشبي الضخم خلف عزة:
ـ هيا قبل أن تصل ليلى وتمضي ليلتها باكية، لا أريد أن يغرق حذيفة في النكد وهو مازال عريسًا جديدًا..
تبادلت دميانة ورفقة نظرات جاهلة فيما كزت عزة على أسنانها واستدارت تفتش في حقيبتها عن المفتاح الذي أعطاه لها السيد سليمان، فتحت الباب بسلاسة ودلفت ليدلفن من خلفها ويحضر السائق لهن الحقائب، المنزل حجمه متوسط بالغ الرقي والحميمية وكأنه جنة قد صنعت من أجل عاشقين، تخطت عزة ذلك الهاجس بسخرية تلتفت صوب جود الباسمة:
ـ هل أتيتِ للإيقاع بحذيفة؟!
أعادت جود غرتها النافرة وأطلقت ضحكة رنانة عانق صداها المدى:
ـ أنا مستعدة للزواج منه للمرة الثالثة..
سألت رفقة بخفوت:
ـ أ ليس متزوجًا من ليلى!
أومأت لها جود تخبرها ببسمة رائقة:
ـ أجل، متزوج من ليلى الرقيقة..
تأففت عزة وكتفت ذراعيه تحدجها بسخط:
ـ لا تسخري من صديقتي..
تقدمت جود منها تربت على ظهرها:
ـ لا أسخر منها أقسم لكِ، لكنه ربما يحب الجمع بين زوجتين إحداهما رقيقة والثانية ثلاثية الأبعاد..
قالتها وابتعدت قليلًا تمرر يدها بخفة أعلى جانبها مرورًا إلى خصرها وحتى فخذها غامزة بمكر..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:59 PM   #715

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***

اشتاقت إلى بيتها وعزلتها الصغيرة، ذلك العالم الفارغ الذي لا يحتوي غيرها وبعض شجيرات النعنع والريحان، عادت وفي قلبها انطبع أثر لذكريات بعضها صعب لكنه مشبع بعبق الصُحبة، عزة التي عانت لحظات عصيبة ورفقة الصغيرة رقيقة الطباع المترقبة دومًا كأرنب خجول، فتحت دميانة باب المنزل الخارجي ودلفت، البيت موحش دونها، تنسدل من حولها بوادر الظُلمة، دلفت إلى الداخل وفتحت الباب الخشبي، غريب حال هذا العالم، تركت منزلها والطقس في أقصى برودته وعادت والصيف قد أثبت وجوده، تنهدت تنهيدة العائد من سفر طويل ودلفت تضع حقيبتها أرضًا، الغبار يعبق الهواء من حوالها وتستقر ذرات منه كغطاء رقيق يغطي كل الأثاث وأرض البيت..
دلفت إلى الحمام اغتسلت وبدلت ثيابها بثوب منزلي قطني حد الكاحل ونصف أكمام، جلست على أريكتها حتى غفت، داعب أحلامها چون الصغير الذي يحادثها دومًا، شاركه الحلم الخمسة أطفال الذين لم يقتربوا منها حين زارت منزل السيد يوسف، في الحلم ظلوا صامتين يتطلعون إليها بفضول حذر كيوم التقت بهم تمامًا، وعلى أرض الأحلام زارها المخاض وترتيب الطفل كان عدد زوجي جعلها تنهض لاهثة عطشى يتصبب جسدها عرقًا، استقامت تتقدم صوب المطبخ، جذبت كوب زجاجي وملأته بماء الصنبور وتجرعته دفعة واحدة، كان الفجر على وشك البزوغ فتناولت عدة لقيمات من طعام أحضرته معها بالأمس وبدأت في تنظيف المنزل، حاولت إنهاك جسدها كيلا يرهقها عقلها بإعادة الحلم مرارًا وتكرارًا فهي شخص لا يركض كثيرًا خلف الأحلام المستحيلة..
في اليوم التالي استأنفت حياتها، قضت الوقت في صنع مشغولاتها الصوفية، الشتاء انتهى لكنها ستظل تعمل، سقت شجيرات حديقتها الصغيرة التي أوصت إحدى الجارات بالاعتناء بها فظلت يانعة كما تركتها، الأيام مرت كأوراق خريف سريعة التساقط وعزة تطلب منها كل يوم أن تعود للعيش معها مع رفقة والمتطفلة چود ودميانة ترفض بلطف وتعدها بزيارات كثيرة قادمة..
كانت جالسة أمام التلفاز قبيل الغروب، النسيم الصيفي اللطيف الذي ولد فور رحيل الشمس كان يهدهد الستار الفاصل بين المنزل والحديقة، سمعت جرس الباب يدق فنهضت ترى من قصدها في تلك الساعة، فتحت الباب الخشبي تنظر عبر فتحة صغير بعين واحدة، اعترتها دهشة ورجفة بسيطة سيطرت على أناملها العشرة، أغلقت الباب بهدوء ودلفت إلى غرفتها تبدل الملابس البيتية بأخرى رسمية من تنورة سوداء وقميص قطني أزرق، وقفت أمام المرآة فوجدت امرأة ترتدي ملابس حداد وجهها شاحب بلا مساحيق تجميل ولا حتى رونق، استدارت ببطء صوب الخزانة تبدل قميصها الداكن بآخر بلون السكر، بدت أكثر نضارة حين نظرت في المرآة ثانية، صففت خصلاتها وعقصتها للخلف في ذات الربطة الكلاسيكية العتيقة التي لا تنتهج غيرها..
ظنت أن الطارق قد ملّ ورحل لكنه كان واقفًا محله، وقد لاحظ أنها فتحت الباب وأغلقته بعدما عرفت هويته، تحلى بالصبر حتى خرجت له ثانية تتقدم بحرج إليه، وقفت أمامه وبينهما بوابة حديدية عتيقة ترفع رأسها إليه:
ـ مرحبًا سيد يوسف..
ابتسم لها بتقدير جعلها تطرق برأسها قليلًا:
ـ أنا أعيش وحدي..
لم يبدُ عليه الاندهاش، يعلم بعض الأشياء عنها مسبقًا، صمت للحظات قصيرة قبل أن يسألها بهدوء:
ـ هل بإمكاننا الجلوس قليلًا في أي مقهى من فضلك..
لم تكف أناملها عن الارتجاف وتلك الرهبة اللعينة تسكن صدرها بلا بسبب، أشارت برأسها للخلف:
ـ إن انعطفت يسارًا ومضيت عدة خطوات ستجد باب حديقتي الصغيرة، بإمكانك احتساء كوب شاي فيها..
أشرق مُحياه يومئ ببسمة رائقة:
ـ شكرًا لرقي أخلاقك آنستي..
توقفت عند جملته لحظة واحدة قبل أن تتراجع للخلف دون النظر إليه وجد يوسف باب الحديقة الخلفي مفتوح فدلف دون أن يغلقه خلفه، رأى الحديقة الصغيرة جدًا تعج بالنعنع والريحان في كل مكان، يكاد لا يجد سوى موضع لقدمه فقط ومقعدين عتيقين وطاولة خشبية، بينهما، جلس على مقعد ينتظرها حتى أتته بصينية صغيرة عليها أكواب شفافة وعدة أشياء، جلست أمامه ببسمة خجول متحفظة وأشعلت موقد صغير تضع فوقه براد شاي سألته بخفوت دون أن تنظر إليه:
ـ تحب الشاي مع النعنع أم الريحان؟
هدهد وجهها بنظرة بطيئة قبل أن يخبرها مبتسمًا:
ـ سأتقبل كرم ضيافتك كما تفضلينه أنتِ..
ازدردت لعابها فانتبه لارتجاف شفتيها وسقط ببصره إلى أناملها التي لاحظها منذ الوهلة الأولى، وجوده يوترها لسبب يجهله، سألته فيما تصب له كوبًا من الشاي فوق أوراق النعنع التي غسلتها توًا:
ـ حضرتك مُرحبًا بك بالطبع لكن هل لي أن أعرف سبب الزيارة..
أجابها مراوغًا:
ـ زيارة عمل..
نجح في تشتيت حرجها قليلًا فسألته بجبين منعقد:
ـ عمل!
أومأ لها ببساطة:
ـ أريد مشاركتك في مشروع المشغولات الصوفية..
أشارت له ومن ثم أشارت لنفسها:
ـ تريد مشاركتي أنا ياسيد يوسف.. علق ببسمة غامضة:
ـ يوسف فقط..
اندهشت تمنحه نظرة ثاقبة، عبست كليًا وسألته بصرامة:
ـ ماذا تريد يا سيد يوسف..
ارتشف من الشاي الساخن متلذذًا قبل أن يستند بساعده إلى الطاولة جاذبًا مجالها البصري:
ـ تريدين الصدق أم ابن خالته..
لم تبتسم واستندت بساعدها مثله تخبره:
ـ والدته، أريد والدة الصدق نفسها..
قهقه يرتكن بظهره للخلف، فارتجفت أناملها بضراوة ثانية، لم تكن أناملها فقط من ارتجفت إثر ضحكته المنطلقة، توقف عن الضحك واكتفى ببسمة بسيطة:
ـ والدتي أنا هي السبب، لا تكف عن السؤال عنكِ..
سألته بعدما بللت شفتها بطرف لسانها بتوتر:
ـ ماذا بعد!..
تخطى سؤالها بسؤال رآه مهم:
ـ لماذا لم تتزوجي إلى الآن!
وجدتها وقاحة فردتها بالمثل:
ـ لماذا تفعل أنت؟
أجابها بصدق:
ـ لأنني لم أجد المرأة المناسبة..
احتد صوتها دون قصد:
ـ وما شأني أنا!
استند بكلا مرفقيه للطاولة واستهدف عينيها بقصد، نظر إليها نظرة رجل يعرف ماذا يريد، لا يرواغ ولا يتهرب ولا يكذب على نفسه:
ـ شأنك أنني شعرت براحة حين رأيتك، طاقة سلام وهدوء كنتِ مصدرها وغمرتني كليًا..
أجبرها على الاستمرار في الإنصات حين لم يحرر بصرها:
ـ شأنك أنني لم أتزوج لأنني أردت امرأة أسكنها..
لا تعرف لماذا عاد حلم الأمس يداعب مخيلتها، أنينها وآلام المخاض والطفل ووالده!
زاد توترها وارتجاف أناملها فتحركت يدها بعشوائية لتحرك كوب الشاي فتسقط بضع قطرات منه على يدها، نهضت ونهض تهربت ببصرها منه:
ـ رأيتني مرة واحدة..
ابتسم برفق:
ـ رأيتك أكثر من مرة ولم تريني بالمناسبة، لكن بالنسبة للمرة الأولى فكانت كافية..
همست بحرجها الأثير تثنيه عمّا يقوله:
ـ سيد يوسف!
ابتسم باتساع يخبرها بلطف:
ـ بل يوسف فقط..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 12:00 AM   #716

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


باتت رحيمة وحيدة بعد رحيل الجميع عنها، كل بناتها هربن من هذا المنزل..
زاد تحدثها عن راحتها المستحدثة كل يوم وينشرح قلبها من أجلها وقبل أن يمتلئ بالسعادة
تعود تتذكر صبر التي اكتوت بجمرات الحب فيغص قلبها بالحزن، تغيب لوهلة مع عزة التي نهضت من جديد واختارت نفسها وطفلها، وقبل أن تغمرها الراحة
تسافر بعقلها وقلبها إلى بيسان التي أخذت قلب بكرها معها ورحلت..
كانت جالسة وحدها في الحديقة تحتسي قهوة لا يروق لها مذاقها فبعد قهوة صبر ما عاد يعجبها شيئًا، أتتها السيدة لبيبة ترفل بعباءة مريحة، وصلتها وجلست على المقعد المقابل لها، أشاحت رحيمة بوجهها عنها، تتباعد عن الجميع بشكل عام وعن لبيبة بشكل خاص، قد هاتفت صبر وعرفت منها كل شيء وأدركت أن رحيلها تلك المرة بلا رجعة فعلًا، سألتها لبيبة بصوت مشحون:
ـ ماذا يا رحيمة، هل أنتِ غاضبة مني من أجل حبيتك؟
استشاطت رحيمة غضبًا وسألتها محتدة:
ـ هل لديكِ فكرة عمّا تسببتِ فيه لابنك؟
أجابتها بعقلانية:
ـ ابني رجل، سيتزوج غيرها وينجب ويعيش سعيدًا..
تنهدت رحيمة بعمق، بحزن دفين، تعرف أن مدين لن يتخطاها مهما حدث:
ـ لقد ذهبت إلى عمي غاضبة وحزينة، أشكو له ما فعله ابنك بها، قال لي انظري إلى تاريخه معها، مدين لن يستطيع الزواج من غيرها..
ركزت بصرها في عمق عيني الأخرى تخبرها بتأكيد:
ـ عمي مُحق، ابنك لن يستطيع مس أخرى، لو استطاع لكان فعلها قبلًا..
كزت رحيمة على أسنانها، لا تصدق في تلك المشاعر، عقلها يتحكم بها كليًا:
ـ إذا اتخذ الخطوة سيتعايش دونها..
وضعت رحيمة قدح قهوتها أمامها وسألتها بعصبية:
ـ ولماذا تكرهينها وتسعين لتفريقها عنه هكذا، صبر تحبه يا امرأة..
احتلت السخرية وجه لبيبة:
ـ والحب دافع لتصرفاتها!
صمتت رحيمة تضغط شفتيها بغضب فيما نطقت لبيبة من بين أسنانها:
ـ لم تمانعه مرة واحدة، لا أستسيغ فكرة أن يجذبها من كفها وتترك نفسها له..
زفرت رحيمة بوجه محتقن:
ـ ولمَ لم تصفعي ابنك الناقص تربية، وتعلمينه ألا ينتهك الحرمات..
حاوطت لبيبة ذقنها بكفيها تخبرها بغلظة:
ـ هو رجل، إن عاشر عشر نسوة سيعود إلينا رجلًا..
تحشرجت أنفاس رحيمة ببوادر بكاء، أهانها أن تتحدث عن صبر هكذا فضربت المنضدة بعنف:
ـ ما هذا الجبروت الذي تتحدثين به، ابنك السبب، هو من علقها وأهانها ومازال يهينها وأنتِ شريكته في كل شيء..
كتفت لبيبة ذراعيها أمام صدرها بتعالٍ:
ـ الفكرة أنني لا أفضل لابني امرأة تفرط في نفسها، لو كانت مانعته كنت أول من يخطبها له لكنها تتصرف برخص، تلهث خلفه كلما أشار إليها..
زاد انفعال رحيمة:
ـ لا أبرر لها، صبر أخطأت في حق نفسها كثيرًا، لكن كوني منصفة واعترفي أن مدين مخطيء مثلها وأكثر..
وباغتتها بجملة ذات مغزى:
ـ واعترفي أيضًا أنه يلهث خلفها أيضًا..
نهضت لبيبة وشرعت في المغادرة تغمغم بسخط:
ـ سيأتي يوم ويكف عن ذلك، أعدك يارحيمة..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 12:04 AM   #717

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الملك لا يتحرك بعشوائية وحتى لو كانت النتيجة غير مضمونة عليه بالمجازفة للحفاظ على مكانته..
سافر إليها معتصم، أوحشته ولن يخفي عنها ذلك، صعد إلى عنوان الشقة الجديدة، انتقلت إليها حديثًا وعمهما أمجد ترك عمل مهم وسافر إليها، تفاصيل مريبة تغاضى عنها وأعزاها إلى سوء طباع أمها..
وقف أمام الباب دقيقة واحدة قبل أن يشد عوده المديد ويضغط على الجرس ومن ثم يتخذ وضع الانتظار، وبالداخل استمعت بيسان إلى صوت الجرس، نهضت من جلستها على الأريكة الكلاسيكية في الصالة وتوجهت صوب الرواق، وجدت الخادمة في مقابلتها متوجسة، قلقت من أن يزورها أحد دون موعد، عمها أخبرها ألا تثق بأحد مطلقًا وألا تفتح الباب إلا في وجوده، سألتها الخادمة بخفوت فيما تميل للأمام قليلًا:
ـ هل أهاتف السيد أمجد؟
تنفست بيسان عدة مرات متوترة قبل أن تلوح لها بهدوء:
ـ لننظر عبر العين السحرية أولًا، إن كان غريبًا سنهاتف عمي بالتأكيد..
أومأت لها الخادمة فاستدارت بيسان إلى باب الشقة، وصلته مباشرة ووقفت على أطراف أصابع قدميها تشرئب وتنظر عبر الفتحة الدائرية بعين واحدة مُضيقة العين الأخرى، استسلمت خلجاتها لسكون حرج، كل ما فيها ثبت على وضع متجمد إلا حدقتيها وقلبها الذي اختل اتزان نبضاته، فقدت السيطرة على جسدها فمالت بغتة إلى الباب ليصل الواقف بالخارج صوت ارتطام خفيف مكتوم، جعله يرفع رأسه وحاجبيه باندهاش، ضغط زر الجرس ثانية فاستدارت تستند إلى الباب تحاول تنظيم أنفاسها المتلاحقة، لقد أتى!
تتقافز فرحًا أم تختبئ رهبة!
لابد أن تكون على قدر من الثبات والهدوء كيلا يعرف أنها كانت في انتظاره أو الاسوأ.. أن يدرك أنها كانت تبتهل كي يأتي إليها..
لم تدرك أنها أطالت استنادها إلى الباب إلا حين سمعت طرقتين خفيفتين جعلتاها تنتفض واقفة يتحفز جسدها، ابتعدت عن الباب
ووصلت إلى مرآة دائرية على إحدى الحوائط القريبة، نظرت إلى نفسها للحظة تحاول السيطرة على الاضطراب والحمرة التي غزت وجنتيها، أعادت خصلاتها للخلف بتمشيط طفيف بأطراف أناملها، ومن ثم مسدت وجنتيها برفق محاولة التنفس ببطء، اتسعت ابتسامتها دون سيطرة على انفعالها وقضمت شفتها كيلا يتوقف قلبها من الترقب، استدارت متوجهة صوب الباب متصنعة الجمود البعيد كل البُعد عنها..
مدت يدها عدة مرات إلى مقبض الباب وأعادتها إلى جانبها، ضغط على الجرس ولاحظت عصبيته من طول ضغطته، صبره سينفد ويهدم اللقاء فوق رأسيهما، أطبقت أجفانها قبل أن تزفر ببطء وتحسم قرارها بفتح الباب..
قابلتها زفرة ارتياحه وغيابه في تفاصيلها بسكينة، ابتسم ومن هي كيلا ترد بسمته!
تعانقت النظرات بشوق كأنما لم يفترقا بالطريقة الأصعب على الإطلاق، مرت لحظة واحدة وتذكرت كل شيء دفعة واحدة فانحسرت ابتسامتها واجتاح عينيها طيف من حزن دفين جعله يبدل ابتسامته العاشقة بأخرى مريرة، كلاهما يحزن على مافات، يلوم نفسه كما يلوم الآخر، أسبلت أهدابها تلتقط أنفاسها بهدوء ومن ثم ترفع رأسها إليه، ترفعها بشموخ، بترفع ابنة زايد التي لن تهبط من علوها أبدًا، جاهدت بضع لحظات لتحافظ على واجهة الحياد فوق محياها، باعدت بين لهفة القبول الفاضحة وانقباض الرفض والتزمت بالمنتصف، هيئتها استرعت ابتسامة غامضة شملت ثغره، هو الرجل الذي ينجذب بالنظر إلى ملكة واحدة لأعلى ولا تستهويه دونية الجواري، سألته بصوت متوسط:
ـ كيف حالك معتصم؟
أعجبه ما يرى وطريقتها في سؤاله، اعتدل باستقامة جعلت الفرق في طوليهما يتضح أكثر، وضع كفيه في جيبي سرواله العصري ورد بسؤال تلذذ بنطق حروفه:
ـ كيف حالك أنتِ يا بيسان؟
صوته..عطره.. طلته..هيبته..كل ما فيه يثبط عزمها، رفرفت بأهدابها بخجل هو طبع أصيل فيها وتمتمت:
ـ بخير..
اتسعت ابتسامته ومال قليلًا صوبها يأسر بصرها دون جهد:
ـ لكن أنا لستُ بخير..
باغتها ومن الصعب الإنكار، تهربت ببصرها فأعادها إليه حين أردف:
ـ أشعر بالسوء لأنكِ بعيدة عني..
همست بضعف غلف نبرتها:
ـ معتصم..
كاد يضمها إليه واكتفى بالاقتراب، أطرقت بقلب متسارعة نبضاته وخجل حاوطها فابتعدت، ابتسم بحنين يضمها في نظرة:
ـ اشتقت إليكِ ولم أتعافى من حبك..
قضمت شفتها وابتعدت أكثر فتخطى عتبة الباب إلى الداخل وأغلقه، نظرت إليه وإلى الباب المغلق من خلفه فسرقها إليه بحروفه البطيئة:
ـ في الحقيقة لا أريد التعافي، عشقي لكِ كان أروع شيئًا حدث لي..
ستضعف أكثر وهذا ليس بمحله، لا ينبغي لها الخضوع بتلك البساطة، شدت جسدها ووقف أمامها دون رفة جفن تخفي ما يدور بداخلها، لن تنكر فالربيع قد أزهرت زهوره ابتداء من قلبها وحتى أوصالها، لكنها إن أظهرت ذلك ستكون مجرد فتاة بلهاء تركض خلفه دون كرامة، وعوضًا عن تنازلها بسبب الجشع مسبقًا ستفعل ذات الشيء بسبب الحب..
لن ينكر أن ثباتها المثير للإعجاب أثار استغرابه أيضًا، أخبرها بغموض:
ـ لقد أخبرت عمي أمجد أنني سأزورك، وطلب مني أن يخبرك مسبقًا لكنني طلبت ألا تعرفي..
تصلبت رموشها والنظرة الساكنة أحداقها:
ـ كان ينبغي إخباري أولًا ربما كنت مشغولة بدراسة شيء ما..
ضحك بخفوت قبل أن يهز رأسه:
ـ لهذا تعمدت المجيء في ساعة فراغك..
رفعت أحد حاجبيها وسألته باستحسان:
ـ تجيد اختيار الوقت المناسب..
أومأ لها ببطء، تنهد يدور ببصره أرجاء الصالة:
ـ هل بإمكاننا التحدث فيما يجمعنا؟
داخلها يضطرب، تريد العودة إليه وتخاف أن تكون متسرعة في القبول، أشار إليها تبعها بإشارة إلى نفسه:
ـ أنتِ أخطأتِ وأنا أخطأت..
رفع رأسه بترفع واعترف بشيم الملوك:
ـ لكنني خطئي أكثر يا ابنة عمي..
يعرف طباعه جيدًا جبار في حقه لا يتوانى عن أخذه بكل بقوة، حاول الابتعاد عنها لأنه يعرف أن صلابته ستكسرها، واليوم هو عاشق لا ينكر ذلك، سيعتصم بالعشق فقط تلك المرة:
ـ أريد أن أخبرك أمرًا قبل أن أخيرك في العودة إليّ أو الاستمرار في الانفصال..
أثار ريبتها واهتمامها على حد سواء فسألته بقلق:
ـ تخبرني بماذا يا معتصم..
غامت نظرته بحزن، بألم وفقد لا مجال للتغاضي عنهم:
ـ أنا لا أنجب يا بيسان..
شيء ما قد حدث، هدم وانكسارات، ضياع.. تيه وانهيارات، رمقته بغير تصديق، تعثر تنفسها وراحت تبحث في ملامحه عن إجابة نفي تريحها، لم تجد سوى شيء واحد، كان الصدق حليف نظرته ومحياه، همست بموت:
ـ قل شيئًا آخر..
اقترب منها حد تعانق الأنفاس، انتقل إليها شعور العجز الذي يضمره، ارتجفت كلها بعبرات ساخنة تهمس بصوت مبحوح:
ـ ألن يكون لنا طفل واحد فقط؟
ازدرد لعابه ببطء، كأنما أنكأت جرحه فنزف واشتد ألمه، هز رأسه بحركة بطيئة كئيبة استقرت في عمق قلبها، همس لها ببقايا الوجع وعظم الآلام:
ـ نحن منفصلين..حبيبتي..
مالت صوب صدره تستند بكلا ساعديها إليه، تضم كفيها المضمومين إلى قلبها، وعيناها الغارقتين في العبرات تناظران عينيه بتشوش:
ـ كنت أريد منك أطفالًا يا معتصم..
صدقها أحرق قلبه، شعر بمرارة العالم تستقر في حلقه، رفع كفيه يزيح عن وجهها العبرات الساخنة:
ـ عليكِ الآن أن تختاري بيني وبين الإنجاب..
قبل جبينها مغمضًا عينيه يودعها، أجلسها على أريكة قريبة وجثى على ركبيته أرضًا، كان مختنق بمشاعره يريدها أن ترمي العالم خلف ظهرها وترتمي فوق صدره، لكنه سيتركها تقرر بنفسها دون ضغط:
ـ سأرحل الآن وأنتظر منك الرد، خذي وقتك كما تشائين أن لن أمل انتظارك أبدًا..
ربت على رأسها برفق ورحل تاركًا إياها باكية حائرة بينه وبين أمومتها
انتهى الفصل
قراءة ممتعة😍❤


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 12:27 AM   #718

mooogah

? العضوٌ??? » 289098
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 738
?  نُقآطِيْ » mooogah is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع هل عبيده اخو زين اللى اغتصب زاد وانتقمو منو مدين ومعتصم لذالك يرد الانتقام منهم

بيسان اختيار وقرار صعب جدا


mooogah غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 12:37 AM   #719

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 513
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

حزنت على معتصم وبيسان قرار صعب جدا اكثر ما يؤلم في هذه القصة هي صبر

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 01:01 AM   #720

ألشن

? العضوٌ??? » 481858
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 44
?  نُقآطِيْ » ألشن is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع تسلم ايديكي❤❤

ألشن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:38 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.