آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          بريّة أنتِ (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          261-سحابة من الماضي - ساره كريفن ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          تريـاق قلبي (23) -غربية- للمبدعة: فتــون [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          سيدة القصر المظلم *مكتملة * (الكاتـب : CFA - )           »          236-واحة القلب -جيسيكا هارت -عبير مكتبة مدبولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          1-لمن يسهر القمر؟-آن هامبسون -كنوز أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-09-20, 05:02 AM   #81

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل العاشر
***
مُبهر أن تمتلك الخيوط كلها، تديرها بين أصابعك وطاعة الجميع فرض، تتحكم باللعبة فارضًا سطوة وجبروت، فأنتَ الملك بلا ريب لكن
ماذا إن علمت أنك ومن أول لحظة كنتَ الماريونيت!
***
بحثت عنه هنا وهناك ولم تجده فهداها تفكيرها إلى أنه ربما قد ارتاد مكانه الخاص،
عزلته التي يلجأ إليها صباحًا باعتياد ومساءً إن ملَّ..
لم تطرق الباب الخشبي الضخم وفتحته بغتة، وجدته جالسًا تحت سماء نوفمبر المفعمة بالنجوم اللامعة والهواء البارد،
التفت إليها باسمًا برضا وعلم أنها لم تتحمل أن يغضب منها ولو بشكل طفيف، تقدمت صوبه تكتم انفعال الرفض؛
فصبر مفترشة الأرض تمسك بيدها أداة معدنية تلتقط بها جمرات صغيرة ترتبها باحترافية على القمة الخزفية للنارجيلة التي يفضلها إن أعدتها بنفسها، ومرة تلو مرة صار يثرثر وهي تسمع، ربما هي أكثر من يترك له أذنيه ويعقب حسب الحاجة وبما يريد أن يسمع منها فقط..
مطَّت شفتيها تعضهما بغيظ، هي لا تحب اقتراب صبر منه ولا تقبل بالصداقة التي تجمعهما لكنها تعرف جيدًا إن أظهرت رفضها سيوبخها ويتهمها بقلة العقل ومعتصم صارم مُتبجح لا يهمه أحد، وجدته يحث صبر على النهوض تقديرًا لها فنهضت الأخرى وبدا على وجهها الإعياء البسيط..
تقدمت بيسان منه وجلست جواره تضم نفسها إليه متلمسة الدفء، تركتهما صبر وهمت بالرحيل وعند الباب التفتت صوبهما بغيوم عينين مظلمة؛
ستتركه لها تهنئ به بعض الوقت
فصبر تخط تاريخها سطرًا تلو سطر
الأول كان زواجها من مصعب ولأسبوع واحد انتهى بصفعة..
والتالي!
التالي معتصم..
كانت بيسان غافلة، وجودها معه أعماها عن نظرة صبر الحاقدة، لم ترَ سوى غنيمتها وعشقها الذي وُلد وبقى أن ترويه حتى يزدهر، همست له بعشق يليق به:
ـ أريد الدوران مع المجرة.
لم يمهلها لحظة إلا وقد نهض وامتلك كفها الرقيق، وقف قبالتها وانتفض قلبها بسعادة فاضت من مقلتيها اللامعتين، والنظرة منه تُحيي قلبها وتمنحه الرضا، معتصم في العشق لا يتمهل، انحني يحاوط ظهرها بذراع وأسفل ركبتيها بآخر وحملها، ترنحت ساقاها في الهواء ودفنت ضحكاتها الخجول في صدره دون اعتراض، انسل بها عبر بوابة خلفية واستقل سيارة إلى الفندق المنشود، في المصعد التصقت به عمدًا وعند الدوران بادرت ب قبلة خجول، وهو رجل يجيد حسن المعاملة يرد الضيافة بأحسن منها، كان ليغرق بين أحضانها لو لم يتحلى بنذر يسير من التعقل منعه عنها وأصر على العودة إلى القصر فتبعته دون ممانعة، وجدا القصر قد خلا ممن فيه وخلدوا للنوم استعدادًا لزفاف الغد، على باب غرفتها مال يستند إلى الحائط سابحًا في سحر مقلتيها وطلب بكياسة:
ـ اسمحي لي مرافقتك الليلة.
نظرت إليه بضع دقائق تُفكر، لا تمانع صُحبته لكنها تخاف العواقب، ول علمها بمكانته الرفيعة وأنه لن يتوانى عن مجابهة الجميع مثبتًا إياها خلف ظهره بحمائية إن علَّق أحد جعلها تذعن له وتفسح الطريق ببطء ليدلف بثقة بالغة،
عشقه يدير الرأس بثبات كدوران المجرات
هو رجل تنحني أمامه الحصون طواعية
يغازل بلا تكلف ويجتاح بلا مجهود
ظنته قاسيًا جل وقته لكنه خيب ظنها ومعها راح يتلاشى كل بأسٍ ويمنحها بجودٍ من عشقه زخات..
تركت له نفسها أن يسرقها إلى أراضٍ لم تطأها من قبل؛
المتحفظة صارت تكسر القوانين لأجل عاشقها
فمن يصدق أنها تسمح له أن يرافقها إلى غرفتها الخاصة بعد جولة ليلة قضاها بعدما تسللا من الحفل، وقف خلفها بأريحية ويديه في جيبي سرواله يترصدها بنظراته الوقحة، وهي تلاطمت دماؤها الحارة في أوردتها خجلًا من موقفها، قبل أن تغلق الباب تفقدت الممر بأعين خائفة متوترة من أن يفتضح الأمر وتقابل غضب جدها؛ فليس بحسنٍ أن تستقبله في غرفتها بتلك الجرأة ليلة الحناء، أغلقت الباب واستدارت تتنفس بصعوبة هامسة بأعين متوسلة:
ـ سأسمح لك بالمبيت هنا لكن سنضع بيننا وسادة.
اقترب يداعب خصلاتها الناعمة بأطراف أنامله هامسًا:
ـ لن تحميكِ مني كل وسائد العالم.
تقهقرت للخلف بذعر فارتطم ظهرها بالباب، اقترب ما ابتعدته يرسم من عينيه لعينيها جسرًا من عشق، وهمس بصوت أجش:
ـ لكنني أريدك عذراء بالأبيض.
أسبلت أهدابها بوجنتين محترقتين، جرأته تدعس حيائها الذي تجاهد كي تخلص منه بالأصل، وجدها وقد أطرقت فاقترب أكتر وبدأ قصة عشق مبتورة تنتظر اكتمالها في الغد، فالملك أصدر فرمانه وعليها القبول وأوامره فرض لا يُرد..
***
ليس هوسًا لكنها استفزته، قلبه لن يُخمش لأنه خارج المعادلة؛ الغرائز لا تحتاج قلوبًا على أية حال
استقر في غرفته بالقصر قبل ساعات، لزم فراشه وغطَّ في نوم عميق استيقظ بعده بمزاج رائق جدًا مشتهيًا القفز فوق أسلاك كهربية مكشوفة، التقط هاتفه من فوق الكومود بجانبه واعتدل يتمطى بعدما رفع عنه غطائه، تأخر الرد لكنه مثابر في العبث ولن يتراجع سريعًا..
كانت عزة راقدة على فراشها بوضع مقلوب رأسها متدليًا وخصلاتها مفترشة الأرض الباردة، وجهها ساكنًا ملتصقًا بحافة الفراش كيرقة لم تعتد الحركة..
رن هاتفها فنهضت بخمول تلتقطه من موضعه فوق الوسادة، وجدته رقمًا خاصًا فعقدت حاجبيها لوهلة ومن ثم أعادته إلى مكانه، طالبها مخطئ بالتأكيد هي لا تعرف أحدًا يمتلك أرقامًا خاصة، جلست مطأطأة الرأس تنظر أمامها بشرود، الملل يكاد يخنقها وحدها، مدت يدها تلتقط حبة تمر مثلجة كانت رفقة قد أحضرت طبقًا مملوءً بها قبل أن تذهب للدراسة مع صديقتها، رن الهاتف مجددًا فالتقطته بزفرة غاضبة وردت بمزاجية مغلقة:
ـ الرقم خطأ!
سمعت ضحكته الخشنة قبل تأكيد بسيط:
ـ هذا أنا عزة.
اللكنة واضحة واللهجة واثقة ورجل واحد يمتلك الاثنين، استشاطت غضبًا وصاحت:
ـ كيف وصلت إلى رقمي.
نهض عن فراشه يتحرك بتكاسل عبر غرفته الفسيحة وصولًا إلى النافذة الكبيرة المطلة على النهر، هواء بارد جدًا لفح صدره العاري ولم يتأثر، فالنار لا يقتلها بردًا..
طال صمته فسبته بغضب ولم يتأثر كمن يعرف أنها ستفعل، تجاهل نزقها وصدمها بسؤاله العابر بلا اكتراث:
ـ هل غسلتِ خصلاتك اليوم؟
تهدل فكها وتلقائيًا جذبت خصلة تتشممها ولم تعجبها رائحتها فهتفت بقلة تهذيب:
ـ لا شأن لك يا حقير!
شعر بها قد رفعت خصلة إلى أنفها ووصله صوت الهواء الذي استنشقته فابتسم بمكر وصمت مستمتعًا باشتعالها، لكنها لم تتوقف عند ذلك الحد وتمادت أكثر حين أردفت:
ـ هل تظن نفسك رجلًا وتحاول استمالتي؟
لم يصلها سوى صمتًا لا تدرى لِمَ ساهم في إثارة رُعبًا طفيفًا استنكرته في نفسها، وعنده فكانت حدقتاه متحجرتين بنظرة مخيفة نحو ظلام الأفق، هناك باردون وناريون وهناك مصعب زايد
قطعة ثلج مع جمرة في بوتقة واحدة..
استدعى قناع الثلج وسألها وكأنه لا يشتعل من الداخل:
ـ أين رفقة الآن؟
صابتها صاعقة، كيف له أن يعرف رفقة ولماذا يسأل عنها بتلك الأريحية، نهضت بغتة فسمع صوت انتفاضتها فابتسم، منتظرًا وابل الشرر الذي لم يتأخر:
ـ من أين لك تعرفها ولماذا تسأل عنها؟
تسلحت بالغطرسة والبأس وكل شيء ممكن لكنه هدم كل ذلك ببساطة رجل بساطته تعقيد، رجل يعرف كل ماعليه معرفته ولا تفوته فائتة:
ـ أعرف كل شيء يخصك، أنا رجل ينتقي أصدقائه جيدًا.
اشتعال أنفاسها كان وقوده ليردف بذات البساطة المُعقدة:
ـ أعرف كل شيء، رفقة، سهيل، عمك حماد، وحتى أعرف قيمة النقود التي حصلتِ عليها جراء استغلال سُهيل الأبله..
ذُهلت حقًا أنيّ له أن يصل إلى تلك التفاصيل، لن تستطيع الكذب ونفي خوفها، ترجمت حيرتها سريعًا:
ـ كيف لك أن تعرف كل هذا.
مال بجذعه إلى النافذة وانسدل ستار من مكر خالص فوق مقلتيه:
ـ قُلت لكِ لا تسألي مُصعب زايد مثل تلك الأسئلة الساذجة.
سحبت نفسًا عميقًا تستجمع به بأسها:
ـ لا أهتم من الأساس.
وصلتها ضحكته الخافتة قبل جملة قصد بها استفزازها:
ـ لم أطلب خِطبتك بعد، هي مجرد صداقة لا أكثر..
أشعل غضبها فردت بفظاظة:
ـ أنتِ مخبول بالتأكيد.
لم يُعقب ولقنها مفردات البداية بحروف قصيرة:
ـ سنتقابل بعد عدة أيام، سأنهي بعض الأشياء العالقة وأعود إليكِ.
تمتمت خلفه ضاحكة فالأمر بات يستدعي السخرية:
ـ تعود إليّ.
أكد بكبر وخيلاء:
ـ أجل.
قهقهت باستهزاء:
ـ سأحجز لك جناحًا في مشفى الأمراض العقلية حالما تعود إليّ.
لم يمنحها ردًا سوى إغلاق الهاتف في وجهها دون استئذان فاتسعت حدقتيها ذهولًا وقلبت الهاتف بين راحة كفها مغمغمة:
ـ ابن الألمانية الحقير..
***
صبيحة الزفاف أمر الحاكم كل من في القصر من العائلة مشاركته مائدة الإفطار فتجمع الجميع والتفوا حول مائدته الضخمة التي احتل رأسها، بدا الشباب وكأنهم لم يغفوا للحظة واحدة بالأمس، مصعب مستند برأسه فوق ذراعه المستندة إلى الطاولة وغافٍ بالفعل، ناظره جده باستياء وانتقلت عيناه إلى البقية وصولًا إلى معتصم الجالس بجانبه والمتركزة عيناه على بيسان الغارقة في خجلها، انتهى ب رحيمة التي تلتقط ما يلتقطه فابتسمت له وأسبلت أهدابها بغموض، التفت صوب معتصم بصوت مهيب:
ـ أود التراجع، لا أريد التفريط في دُرتي الثمينة.
ارتد معتصم إلى ظهر مقعده ببطء وأسند مرفقه إلى جانب المقعد بتعالٍ سائلا إياه متصنعًا الجهل:
ـ عفوًا.
انتبه الجميع وتراقصت البسمات المستمتعة على الوجوه فحدجه جده باستخفاف خلفه فخر يلاحظه الجميع:
ـ حفيدتي تستحق الأفضل.
اعتدل معتصم وارتكن بساعده إلى الطاولة:
ـ هل لديك حفيدة عزباء؟
ضرب السيد سليمان الطاولة فاهتزت أدوات الطعام، انتفض الجمع واستيقظ مصعب يتأفف:
ـ لا داعي للدراما أرجوكم، لقد زوج الجد العظيم حفيداته الماجدات لأحفاده المفضلين.
سرق البساط فقهقوا لتتندر رحيمة وتنظر صوب السيدة ريلا التي تتابع الحديث بفضول ولا تفهم منه شيئًا:
ـ المفضلون ربتهم الجنوبية.
أعاد خصلاته النافرة وناظرها بأعين ناعسة:
ـ أنتم عنصريون ضد الهجين..
بتر السيد سليمان ذلك العرض المسرحي بأمر إلى رحيمة لا يقبل مفاوضة:
ـ ابحثي للهجين عن عروس تليق بدماء زايد.
انتفض مصعب واقفًا وقد استنفر تأهبه للرفض القاطع:
ـ ماذا؟
رفع جده عينيه إليه ببأس:
ـ اجلس ياولد!
أذعن وجلس بانفعال مكبوت وغمغم من بين أسنانه ناظرًا إلى رحيمة:
ـ اطيعي جدي يا عمتي.
..
انتهى الإفطار وانصرف الجميع لمعاودة النوم أو للتحضير لزفاف المساء، بقى فقط معتصم وأمه مع مصعب، مصعب الذي نهض وجلس على المقعد قبالة معتصم يسأله بمكر:
ـ كنتَ على وشك الاعتراف ب ...
أخرسته رحيمة التي نهضت وهتف:
ـ اصمت يا ولد.
التفت صوبها بغل مفتعل:
ـ لماذا يدعوني الجميع ب ولد، لا تضطريني للبوح بما لا يصح.
كانت قد وصلته بأرستقراطيتها المعتادة ووقفت بجانبه تسند كفه إلى كتفه:
ـ الألمانية فاشلة، لم تمر عليكَ أي التربية.
التقط كفها يُقبله ويسلب قلبها عنوة:
ـ أشك أنها أمي بالفعل.
ملصت يدها منه ومسدت خصلاته بها:
ـ عُد إليّ وسأعيد تربيتك من جديد.
نظر إلى عينيها بجدية وابتسم لها:
ـ أنا بخير.
زفرت وجلست على المقعد المجاور له فنهض يوجه كلامه إلى معتصم الذي راقبهما بملامح هادئة:
ـ أتريد أي شيء معتصم.
كز معتصم على أسنانه قبل أن يشيح بوجهه ولم يرد، ضحك مصعب وغادر مغمغًا:
ـ لا تستحق خلاصة الملاعب.
وبخته رحيمة بنزق وهددته:
ـ الزيارة القادمة ستجد العروس تنتظرك وسننهي مسيرة الملاعب المُشرفة.
انصرف مصعب وهو يدمدم:
ـ سأنتقم منكم وأقتل حفيد زايد المُفضل.
تجاهلت مصعب والتفتت صوب معتصم تؤنبه:
ـ كيف تسمح للخادمات بأن تراك تغادر غرفة بيسان في السادسة صباحًا.
انحنى يستند إلى الطاولة بساعده وقال بابتسامة:
ـ لاتقلقي أمي، شرف العائلة في أيد أمينة.
استدعى ضحكاتها رُغما عنها:
ـ جدك لن يمررها ببساطة إن علم بذلك.
اتشحت عيناه بفطنة وسألها:
ـ هل تظنين أنه لايعرف؟.
كتفت أناملة الناعمة معًا وأجابته:
ـ يعرف بالتأكيد.
التقط كوب العصير وقبل أن يشرب منه قال:
ـ هو يعلم بكل شيء ويجيد التجاهل، ونحن نوهم نفسنا أننا نجيد الاختباء.
***
في المساء انطلق الاحتفال بالزفاف، عيار ناريّ أطلقه الحاكم بنفسه تبعه وابلًا أشعل سماء المدينة حد أنه أضاء صفحة النهر تبعه ألعاب نارية توالت بلا نهاية..
..
امرأة الممرات لها في كل ممر حكاية
اختبأت صبر في الحمام وحيدة ولساعة كاملة؛ هاربة من شعور الدونية الذي يكتنفها في مناسبة كتلك، غادرته بعدما عدلت ملابسها ومضت شاردة، في الدوران ارتطم كتفها بذراع صلب لمسته ترجف القلب فضخ الدم كفيضان فوّار وصل عقلها فهز كيانها، صدمة لقياه وجهًا لوجه على تلك المقربة تشبه الطرق فوق الرأس،
حاول دعمها متخطيًا صدمته المماثلة لكنها ابتعدت تترنح:
ـ إياكَ أن تفعل.
ابتعد خطوات بصمت، بوجوم ملامح وجسد متيبس، فتلك التي كانت عصفورة بالأمس استحالت إلى طير جارح مُحصن بلافتة ممنوع اللمس..
وهي التي لم ترفض لا اللمسة ولا القُبلة وكانت في حبه ثملة..
تلكأت عيناه من شفتيها إلى جيدها ببغض فقد ترك الماضي وراء ظهره ومضى داعسًا إياها بأقدامه
نظراته اليابسة أغضبتها أكثر فدمدمت بكره حين قارنتها بلمسته الحنونة لوجنتيها وقتما كانت تظن أنه لها:
ـ لقد أصبحتُ حاقدة.. لا أحب أحد ولا أتمنى الخير لأي امرأة هنا.
قسوة عينيه لم تردعها فأسهبت بأسف:
ـ حتى زاد.
أشعلت غضبه جوار القسوة فحذرها بوجه مُحتقنٍ:
ـ ابتعدي عنها تمامًا.
سرقته إليهما إليه وإليها حين أردفت بصوت أبح:
ـ كرهت نفسي معك .
أطرقت بخزى قائلة بصوت أكثر خفوتًا:
ـ وبدونك!
تقدم صوبها خطوة واحدة رفع خصلاته للخلف وكز على أسنانه رافضًا انسياقه خلفها فصبر كانت صفحة في الماضي ومزقها بيده والآن صار جديدًا بحياة جديدة:
ـ ارحلي صبر، يكفينا قتلًا لبعضنا بعضًا.
للحظة اجتاحها الوهن وأيدت اقتراحه بهزة رأس خفيفة، رفعت بعدها عينيها إليه، المتجهم بصلابة أمامها كان فيما مضى لين القلب، إن حكى لها كل العالم عن قسوة قلبه فهي تعرف أنهم ليسوا على حق كليًا، هي من التحم قلبها ذات يوم بقلبه وتعرف تناقضه جيدًا، قلبه منشطر إلى نصفين نصف يكرهها ونصف هو مجرتها وحدها..
وإن كان يريد حربًا فهي لها، فقد خاصمت واديهما الأمطارُ وحلَّ محل فردوسه قفارٌ
غرست غرسها المسموم بحقد:
ـ لم تبرد نيراني بعد، حين يموت قلبي سأرحل..
تركته خلفها ومضت تحفر الأرض بخطوات راسخة عازمة على حرق قلبه ولم تلتفت مثله للخلف، مُتيقن أن خلفها كارثة ستزلزل رواسي القصر، ضرب الحائط بقبضته بعجز، مُكبل عن إبعادها أكثر من ذلك، غمغم من بين أسنانه بعد زفرة حارة:
ـ اللعنة علينا يا صبر..

***
ناظرت نفسها بانبهار كما انبهر من حولها بطلتها، عروس من حكايات الأساطير كل ما فيها مميز لافت للأنظار، ثوبها راقٍ منسدل خلفها أكمامه قصيرة شفافة، كان كثوب ملكة عرشها في انتظارها لا ينقصها سوى لحظة التتويج، تقدمت منها أمها تحتضنها:
ـ مبارك بنيتي.
ابتسمت برقة وسعادة بالغة مبلغ عشقها وهمست:
ـ هل أبدو جيدة؟
اتسعت ابتسامة أمها وشددت من احتضانها:
ـ تبدين كالملكات.
كان الجميع حولها سعيدًا سوى صبر التي كانت ترمقها بجمود دون مشاعر واضحة، ارتبكت بيسان وتراجعت للخلف قليلًا، استغربت نظرات صبر صوبها لكنها تغافلت واستسلمت لمباركات النسوة من العائلة، انفض الجمع من حولها وتركوها لبعض الوقت بمفردها، جلست تسترخي قليلًا على مقعد وثير تنتظر معتصم حتى يهبط بها إلى الأسفل، وردتها رسالة نصية فنهضت تلتقط الهاتف المستكين فوق طاولة الزينة، فتحت الرسالة ليسكن الهلع ملامحها
( تُبلين حسنًا بيسان)
اختل اتزان جسدها وسيطرت على ارتجافته بأعجوبة، طلبت الرقم في عُجالة فلم يتأخر عليها بفتح الخط وأجابها باسترخاء:
ـ مبارك لابنة عمي العروس.
هتفت بصوت مرتجف وكيان متزلزل:
ـ ماذا تريد مصعب وكيف تُحدثني بتلك الطريقة.
تجاهل غطرستها معه وفند ما لديه بهدوء:
ـ لم أفضح أمرك من أجل سعادة معتصم.
تسلل الرعب فأرجف أوصالها:
ـ ماذا تقصد، عن أي أمر تتحدث؟
وصلتها ضحكته الواثقة، تجاهل منحها تفسيرًا ونص عليها شروطه:
ـ لن أتفوه بحرف لاتقلقي، كل شيء مرهون ب رضا معتصم.
غمغمت بخفوت:
ـ لا أفهم.
رد سريعًا دون أن يمهلها فرصة للتفكير:
ـ أريد لتلك العلاقة اللطيفة أن تستمر.
سألته بنفاد صبر وأناملها تقبض على حافة الطاولة بقوة:
ـ وما الذي يمنعها من الاستمرار.
قهقه بصوت كرهته كما كرهت وضعها في هكذا موقف:
ـ لا داعي للمراوغة، كلانا يعي جيدًا ما خططتِ له.
كادت تبكي وتفقد ثباتها لكنها وسارعت بالنفي:
ـ لم أخطط لشيء ولا أدري عمّا تتحدث.
صاح فيها بقسوة فليس هو من تنطلي عليه مثل تلك الألاعيب:
ـ كفاكِ ادعاءً بيسان، نفذي ما طلبته دون نقاش.
وكما فتح الخط فجأة أغلقه فجأة وتركها مترنحة، غارقة في ذعرها، رُعبها من هدم عالمها الذي شيدته بنفسها جعلها تبغض مصعب واللحظة والشعور الكريه الذي اجتاحها الآن بسببه..
..

ارتدى حُلة الزفاف، سروالًا أسود اللون وقميصًا ناصح البياض، كان أمام مرآته يتفقد تصفيفة شعره الفاحم ويحكم غلق ساعته الثمينة في ذات الوقت، سعادته فاقت المدى، اليوم سيقتنص حبه دون هوادة..
والليلة هي ليلة لعنات الهواتف والرسائل الغامضة، وصلته رسالة على أحد برامج التواصل الاجتماعي وكانت مقطع فيديو قصير، مقطع انتهاء العرض فالمخرج كان ساذجًا وفُضحت خطته، مقطع صغير فيه خادمة وديعة غرَّاء لم تفلح في دور الكومبارس ولم تشعر أن ما تفعله يتم تسجيله صوتًا وصورةً، تضع حبة صغيرة وتقلبه مع عصير، اتسعت عيناه صدمة واستمر ذهوله حين تتبعتها عيناه تنطلق وترتقي الدرج وصولًا إلى غرفة زاد، تلك الخادمة غبية اعتادت فعل ما تفعله حد أنها لم تتخذ حذرها وتصرفت وكأنها لا تعمل داخل قصر كل من فيه يتلصص، اشتعلت نيران بداخله غير قابلة للانطفاء فأيًا من يكون الفاعل فقد خطَّ نهاية حياته بيده القذرة، صاعقته الكُبري حدثت حين تحدثت الخادمة على الهاتف ونطقت آخر اسم من الممكن له أن يكون صاحب تلك المؤامرة، ساورته شكوك عديدة حول كنه تلك الحبة، ارتج جسده من فرط انفعاله فالليلة لن تمر إلا وتكون قد وقعت طامة كُبرى، ما يحدث إما أن يكون مؤامرة قد حيكت واستهدفت ذلك الشخص وحينها سيقتص له وإن وصل الأمر للقتل، وإما أن يكون هو المتآمر بالفعل وتلك أكبر كارثة من الممكن أن تحدث له على الإطلاق، همَّ بترك الغرفة وحرق المملكة بأكملها لكن مقطع آخر وصله فأسقطه أرضًا، الفاعل يعترف!
يفند الخطة بالتفصل مع شريكه وإن كان الأول صاعقة فالثاني برق ضرب الأرض وقتل من فيها..
لكم الحائط لكمة وثالثة وعشرة حتى أدمت قبضته وتناثرت دمائه الفائرة، التقط منديلًا يجفف قطرات الدماء، شعور الهزيمة يقتل، كيف لملك أن يُهزم دون حرب !
الملوك يُهزمون بالخديعة وقد حيكت حوله أسوأ مؤامرة ممكنة، ارتفع ضغط دمه، الطعن في الظهر علقم، قلبه يتضخم وروحه تجوب الكون سُدى ولا بديل عن المواجهة، التقط الهاتف الذي لم يشعر به حين سقط، وانحنى يقبض على سترة حُلته يرتديها بحدة، طلب على الهاتف أحد الأرقام وفُتح الخط سريعًا، صاح بقسوة:
ـ انتظريني في مكاني الخاص صبر.
..
دار حول نفسه نيرانه تتعاظم ويجاهد كي يطفئها، القصر يعج بأغراب جاءوا لحفل زفاف ولن يقدم لهم الفضيحة كوليمة دسمة، ما يحدث بقصر زايد سيظل بداخل وأهله أولى بصراعاته، أخذ وقته كي يهدأ ورُغما عنه سيفعل، اتجه صوب غرفة بيسان، طرق بابه ففتحته مُتهربة من عينيه، لم يغازل حُسنها ولم يلقي حتى تحية، قبض على أناملها وسألها بنظرة ثاقبة:
ـ هل أنتِ مستعدة؟
أومأت مُطرقة فجذبها لتغادر الغرفة ومنحها ذراعه لتتأبطه ويهبط بها إلى قاعة النساء، في الطريق ورُغم التصاقها به كانا متنافرين كلٌ في سعيره يشتعل، أوصبلها إلى قاعة النساء وذهب إلى مكانه الخاص حيث كانت صبر تنتظره..
***
جرب أبغض المشاعر، تلك التي انتابت آدم حين نُبذ من الجنة
تُرى هل فكر آدم في العودة!
وإن عاد هل سيعاود الخطيئة؟
هل الاشتهاء خطيئة
ربما كان نهمًا وقضم بعد الأولى أُخريات
في اعتقاده أن سبب الطرد ليس القضمة بل لأنه لم يلتهم التفاحة بأكملها!
تتبعها تمضي أمامه في القصر دون أن تلاحظ وجوده، عمَّ المساء وأُقيم حفل الزفاف ، رأي السعادة تغمر عينيها فارتاحت تقاسيم وجهه، انعزلت النسوة وغابت معهن عنه، كان الحفل في بدايته وهو لايهتم بأي شيء سواها، أرسل إحدى الخادمات تدعوها له ووقف على باب ممر قاعة النساء فخرجت تتهادى على استحياء، نظرته استنفرت حواسها، عيناه تجيشان بمشاعر خاصة، خاصة جدًا لم يُظهرها لها بشكل واضح هكذا من قبل، وصلت إليه بأنفاسها التي تقطعت رُعبًا ووقفت قبالته بصمت، فابتسم وأسر كفها، سألته مرتعشة النبرة:
ـ ما الأمر؟
انحنى قليلًا ليوازي رأسها برأسه:
ـ اتركي الحفل وتعالي نذهب إلى غرفتنا.
ارتجفت شفتاها تحسبًا للقادم:
ـ لماذا؟
عزمه مهول حد أنها شعرت أنه قد أوشك على حملها على كتفه وخطفها عنوة:
ـ لقد قلتِ أنك مستعدة لفعل ما تستطعين من أجل حياة طبيعية.
ردت بإذعان خافت:
ـ أجل قلتُ ذلك.
سحبها خلفه فانصاعت بلا إرادة ودمدم:
ـ جيد.
كل خطوة تمضيها خلفه يوازيها داخليًا ألف خطوة هروب للخلف جبُنب على فعلها فانساقت بصمت:
فتح باب جناحهما واستدار يضعها أمامه ويدفعها برفق متجاهلًا تجمد جسدها، ناظرها بتقييم ذكوري، تغويه إلى حد لا تدركه، هي له حبيبة وزوجة لم تسنح له فرصة استكشاف أنوثتها التي تتعمد إخفائها عنه، وجدت الضوء الخافت مشتعلًا وغلالة مُلقاة على الفراش باهتمام، استدارت تناظره فرأته مبتسمًا لها ببال رائق، علمت بأنه فتش بين ملابسها الخاصة وعثر على ما يرضيه قبل أن يذهب إليها ويُحضرها، تركها في الغرفة وحدها وذهب صوب الشرفة مانحًا إياها مساحتها الخاصة:
ـ لن أتأخر.
تركها خلفه وحيدة على جبهتين تحارب نفسها، لم تدم وقفتها كثيرًا لأنها تعلم إن طال صراعها ستتراجع وتخذله، التقطت الغلالة وتوجهت صوب غرفة تبديل الملابس، بدلت ملابسها وحررت خصلاتها، الرعب لم يفارقها لكنها حاولت أن تتغلب عليه، أجفلت حين طرق الباب ولم يمهلها حتى تفتحه هي وفتحه بنفسه، انطبق قفصها الصدري على رئتيها وشحب لونها، لوهلة عندما ناظرها أشفق عليها وفكر في التراجع لكنه انتظرها كثيرًا من قبل ومازالا يقفان عن ذات النقطة دون تقدم، دنا منها وسحب كفها للخارج، تشبثت قدماها بالأرض لحظة ومن ثم طاوعته مستسلمة، وصلا الغرفة وعند الفراش توقف ومال يفتح الكومود والتقط علبة دواء مُغلفة، فتحها وأخرج منها حبة صغيرة توسعت عيناها رهبة حين رأتها بين سبابته وإبهامه، سألته بوجل:
ـ ماهذا الدواء.
قابلتها ملامحه مُصرة عازمة وبرر بصوت خافت:
ـ مُهدئ..
دون تفكير مدت يدها وخطفتها منه، ظن أنها سترفض أو تتوجس ولم يكن يدرك أنها رأت في تلك الحبة الصغيرة خلاصًا من عذاب كان يحرق روحها بالتدريج، ابتلعتها وأتبعتها بجرعة ماء من كوب كان على الكومود، مرت دقائق وتركت نفسها له، ليده تعبث بخصلاتها وشفتيه تحطان على جبهتها، خيالات القبول والرفض تناضحتا داخلها، لاتعرف أيهما انتصر وقتل الآخر حقًا، شعرت بثقل أنفاسها وبعثرة روحها دون هدى، تثاقلت أجفانها التي فتحهما على رأسه المستريح جوار رأسها على الوسادة بجانب بسمته الراضية وهمسه العاشق حين مرر أنامله على وجنتها:
ـ أُحبك زادي، قُربك إكسير سعادة..
تراخت أجفانها وغفت قسريًا، تلاشى إدراكها كما فعلت حسابات الوقت، استفاقت بعد حين مُدركة فوجدته غافيًا يضمها إلى صدره، تملصت منه ونهضت تهبط على الأرض مترنحة، تأملته بأحداق متحجرة وقلب حزين؛ لم تكن سعيدة لأنها خدعته، شعور الخديعة مُر كقطرات العلقم، كانت كمن خاض حربًا ضد السراب وخارت قواها هباءًا، تولت جلد نفسها فيما أخذتها خطواتها الواهنة صوب الحمام، حرام أن ترفض اتباع زوجها وحين تبعته شعرت أنها تمرغت في الخطيئة أكثر، وصلت الحمام وانهارت على أرضه الباردة منهكة القوى، غشت عينيها العبرات وانهارت سدودها قاطبة، أما للعذاب أن يموت والروح تتحرر؟
مال للذنوب تتعاظم والعنق يتكبل!
تركت لعبراتها العنان عسى أن تغسل روحها وجسدها المُدنس لكنها كانت كماء يغرق الثرى فتنزلق في الوحل أكثر، نهضت بغير طاقة تتشبث بحوض الاستحمام، اغتسلت وتوضأت دون صلاة وعادت تتدثر بالأغطية بعيدة عنه..
***
العشق لا يتوج بالخديعة..
انتهى حفل الزفاف به متحفزًا، أجاد تمثيل دوره جيدًا أمام الجميع، كتم انفعاله حتى حين..
والحين قد آن أوانه، أُغلق عليهما باب جناح خاص، عروسه المُبهرة التي عشقها في صباه وشبابه، الآن أمامه في أبهى صورها، أجواء الزفاف خففت ضغطها وصارت أكثر راحة، نظرت إليه بتطلع فوجدته يشيح بوجهه عنها ويتشاغل بهاتفه، تركها وذهب إلى الشرفة فذهبت بنفسها إلى غرفة تبديل الملابس، وعنه فقد جلس على مقعد هزار يرفع قدميه إلى سور الشرفة ويدخن الماريحوانا بهدوء حافة بركان قبل الانفجار بلحظات، نجوم الليلة مختبئة خلف غيوم مُخملية فمنحت الأفق الرهبة بجانب العتمة، نهض بعدها وثورته اتقدت مجددًا، شعرت بدلوفه فغادرت غرفة الملابس باستحياء وقد ارتدت غلالتها المغوية برقي، يفوح منه عطرها المثير وفي موقف غير ذلك كان ليلتهمها دون تردد، وقفت أمامه بخجل يغرقها، قالت لها أمها أنه سوف يصلي بها وحين لم يطلب ذلك تأكدت أنه ليس بخير، رفعت عينيها إليه بتوجس فوجدته متصلب، متجمد الجسد تمامًا وهي التي ظنت أنها ستغويه دون مجهود يُذكر، مد يده إلى الكومود والتقط كأس العصير يمدها إليها فزوت ما بين حاجبيها وازدردت لعابها بصعوبة مدت يدها تلتقطها منها وغمغمت:
ـ لا أريد العصير.
ابتسم بقسوة وعيناه منحتها الجحيم في نظرة:
ـ لا أريد الإنجاب بيسان.
شهقت بصدمة عظيمة، كيف يطلب طلبًا كهذا في ليلة كتلك؟
شرر عينيه سبق حقارة نبرته:
ـ من مثلك لاتصلح لذلك..
ارتدت للخلف تترنح فسقط من يدها الكأس وتهشم لتتناثر قطرات العصير والشظايا بأرجاء الغرفة، ارتجف قلبها فدمدمت مُرتعشة:
ـ كيف تُحدث زوجتك بتلك الطريقة..
اشتد خيلائه وتجبره فيما كان يناظرها ف
فوق عروش وادي الملوك كلٌ له محراب لا يتشابهون
يتفاوتون بين عفة ومجون..
وهو لا تقدر عليه أشد النساء ولا يزلزل عرشه إغواء
هو ملك لملكة ولا تهزه جواري
أمال إلى أذنها وهمس بفحيح
ـ عندما تفهمين معني جملة زوجة معتصم
حينها ستكونين ..
واليوم ملكته تدنت إلى منزلة الجارية ولن يمسها حتى وإن كانت من أمامه تلك هي حواء بنفسها..
حسابه معها عسير وسيذيقها نيرانه جرعات، سألها متجبرًا:
ـ لماذا استأجرتِ خادمة تضع ل زاد حبوب منع الحمل في العصير..
شهقت واهتز جسدها غير قادرة على احتمال الزلازل، لم تدافع عن نفسها وهتفت بحرقة:
ـ كيف عرفت بالأمر، هل أخبرك مُصعب؟
استهزأ متعمدًا:
ـ ومصعب أيضًا يعرف!
ومصدره كانت صبر، ذهب إليها وأحضرت له الخادمة التي اعترفت خيفة جبروته، أحرقها ازدراء نظراته فذهبت إلى غرفة الملابس ارتدت مئزرًا ثقيلًا تخفي عُريها منه، احترقت مقلتاها بعبرات ساخنة، وعادت إليه بخزيها، وقفت أمامه تتنفس بصعوبة وتغمغم بحشرجة:
ـ بإمكاني التبرير.
انحنى إليها وقبض على كتفها بقوة آلمتها وهتف:
ـ أتعرفين ماذا يُطلق على من تأتي للفراش تحقيقًا لغاياتها؟
تتحمل التوبيخ أو التقريع وعن الإهانة تثور:
ـ لا أسمح لك بذلك، سأخبر جدي ولن أتحمل إهانة كتلك.
أنهت جملتها بشهقة رفض واستنكار حيث كان يدفعها صوب باب الغرفة، كانت قدماها

تتشبثان بالأرض بوهن ولا تقوى على الصمود أمامه، وصل بها إلى الباب وفتحه، ألقاها خارجًا بكل قسوة ممكنة وصفق الباب خلفها بجبروت..


انتهى الفصل
قراءة ممتعة💙🌸


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-20, 08:23 AM   #82

عنك

? العضوٌ??? » 168167
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,058
?  نُقآطِيْ » عنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond reputeعنك has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

عنك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-20, 01:45 PM   #83

Waafa

? العضوٌ??? » 403827
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » Waafa is on a distinguished road
افتراضي

فصل ولا اروع دسم بالأحداث وبداية كشف الأسرار سلمت يديّيك بانتظار الفصول القادمة👍

Waafa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-20, 05:46 PM   #84

منال سلامة

قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 408582
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,077
?  نُقآطِيْ » منال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

طوق من جمر الجحيم ..
الفصل التاسع والعاشر ..
فصلين اثارة وتشويق وغموض وتلاعب من الكاتبة وادخال القارئ متاهات ..

زاد وطلعت نبيهة وقفت شرب عصير اللي انا كنت شاكه فيه من الاول ..
بيسان هي من وراء ذلك الكوب اليومي وواضح انه هناك اسباب انانية خلف ذلك العمل الاجرامي ..
مصعب راجل مزواج واضح ان قصة الهجين وامه الالمانية عامل مؤثر في حياته طلع متزوج من صبر لمدة سنة دون علم احد ..
ولا زلت عند راي هناك (م) اخر غير مصعب ومعتصم ..
هناك من تقابله صبر اول حرف من اسمه ميم ولكنه لا يزال غامض يعرف ايضا ما يحاك من دسائس ومكر في القصر كونه واحد منهم لكن الكاتبة لا تزال تجعله غير مرئي للغموض والتشويق والفصول والتستؤلات الكثيرة ..
مافعله معتصم تستاهل عليه بيسان صحيح قتل فرحتها لكنها تستاهل فلا مبرر مهما كان يبيح لعا ما تفعل مع زاد ..يكفي ما هي فيه وحالتها النفسية ..

والتوهان والخديعة والضغط النفسي الذي تعيشه مع منصور ..رغم انه يفعل كل ما يقدر ليجعلها سعيدة لكن شعوؤها بالذنب لا زال يلازمها ..
فصلين روووعة تسلم ايدك سمر ..بانتظار القادم ..


منال سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 11:36 AM   #85

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عنك مشاهدة المشاركة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
تسلمي يارب كلك ذوق💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 11:37 AM   #86

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة waafa مشاهدة المشاركة
فصل ولا اروع دسم بالأحداث وبداية كشف الأسرار سلمت يديّيك بانتظار الفصول القادمة👍
تسلمي يارب القادم يعجبك بإذن الله💙💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-20, 11:49 AM   #87

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منال سلامة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

طوق من جمر الجحيم ..
الفصل التاسع والعاشر ..
فصلين اثارة وتشويق وغموض وتلاعب من الكاتبة وادخال القارئ متاهات ..

زاد وطلعت نبيهة وقفت شرب عصير اللي انا كنت شاكه فيه من الاول ..
بيسان هي من وراء ذلك الكوب اليومي وواضح انه هناك اسباب انانية خلف ذلك العمل الاجرامي ..
مصعب راجل مزواج واضح ان قصة الهجين وامه الالمانية عامل مؤثر في حياته طلع متزوج من صبر لمدة سنة دون علم احد ..
ولا زلت عند راي هناك (م) اخر غير مصعب ومعتصم ..
هناك من تقابله صبر اول حرف من اسمه ميم ولكنه لا يزال غامض يعرف ايضا ما يحاك من دسائس ومكر في القصر كونه واحد منهم لكن الكاتبة لا تزال تجعله غير مرئي للغموض والتشويق والفصول والتستؤلات الكثيرة ..
مافعله معتصم تستاهل عليه بيسان صحيح قتل فرحتها لكنها تستاهل فلا مبرر مهما كان يبيح لعا ما تفعل مع زاد ..يكفي ما هي فيه وحالتها النفسية ..

والتوهان والخديعة والضغط النفسي الذي تعيشه مع منصور ..رغم انه يفعل كل ما يقدر ليجعلها سعيدة لكن شعوؤها بالذنب لا زال يلازمها ..
فصلين روووعة تسلم ايدك سمر ..بانتظار القادم ..
الله يسلمك يا منال ريفيو وافي جدا كعادتك
بالظبط بيسان ملهاش أي مبرر


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-09-20, 12:15 AM   #88

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الحادي عشر
***

اغترَّ بسراب الحب، ف مضى بلا تؤدة ودون عقل
أطلق لقلبه العنان وحين اكتمال العشق تاه منه الدرب..
***

أغلق الباب أمام وجهها، لم يهمه صرختها ولا هتافها باسمه في لوعة، كما لم يكترث بالانهيارات البادية عليها، قبل أن يصفقه رآها حُطام ترتطم في عينيها مجرات وتتصدع عوالم، وقفت على الباب كمنحوتة من فولاذ بقلب يفور الدم فيه وعقل يكاد يُجن وضعها مُخزٍ فتلك لحظة تكسر وتذبح أي امرأة، وبالداخل كان كفرعون قد قُبر دون مراسم، فهو الملك الذي أهدى قلبه على طبق من ذهب فدعسته أقدام الجارية..
اختنق حقًا فخلع رابطة عنقه وألقاها أرضًا بغل، خلع سترته مزمجرًا، طوق من نار حاوط عنقه فحلَّ أزرار قميصه وود لو ينسلخ من جلده، طرقت الباب ولمس في طرقها التوسل ، لم يعيرها اهتمامًا وتهالك على مقعد قريب وأطرق يسند جبهته براحة يده مناشدًا الانعزال عنها، فوق حرق قلبه قد مست كبريائه ولولا ذرة إنسانية يمتلكها ل كان أرداها قتيلة..
..
في جناح منصور وزاد وهو الأقرب ل جناح معتصم استيقظت زاد فزعة على صوت بيسان، اندهشت بشدة ونهضت متخطية ألم رأسها ووهن جسدها، وصلت إلى باب جناحها وأسندت أذنها إليه، تبغض التلصص لكن الذعر الذي تملك قلبها أجبرها لتفعل، سمعت اسم أخيها تنطقه بيسان بصوت ملتاع فارتجف قلبها ذعرًا، وضعت كفها على قلبها غير مسيطرة على سريان الرعب فيه، سمعت طرقًا على باب فلم يعد لديها عقل لتظل مكتوفة الأيدي هكذا، ذهبت إلى غرفة الملابس والتقطت ثوبًا ارتدته وغادرت غرفتها تسللًا كيلا توقظ منصور..
قطعت الممر بتعثر قاصدة غرفة معتصم، شعرت بالخجل فالتوقيت غير مناسبٍ البتة لكن طرق الباب العجول لم يريح صدرها، سلكت الدوران المؤدي إلى الجناح والذي يضمن الخصوصية، شهقت حين وجدت بيسان تقف بمئزرها على الباب بهيئة مزرية تطرقه بيأس، التفت صوبها بيسان حين سمعت حفيف خطواتها لتندفع إليها زاد بقلق ودهشة تسألها:
ـ ماذا حدث بيسان.
تهربت بيسان بعينيها المتحجر الدمع فيهما، حين لم تبُح، اعتصر الألم قلب زاد التي تذكرت تفصيلًا ما حدث ليلة عرسها، لكن الأمر لا يبدو بتلك البشاعة التي عايشتها، لم تنطفئ دهشتها واستنطقت بيسان:
ـ لقد قلقت بشدة أرجوكِ بيسان قولي أي شيء.
لم تتلقَ منها سوى زيغ نظرات وملامح منقبضة..
انفتح الباب بغتة فانتفضت بيسان بشهقة مكتومة، بدا لها وكأن قبيلة من ملوك الجن تتراقص أمام عينيه، كل شيء خططت له يُهدم أمامها وعاجزة عن الإتيان بحل يريحها مما تعانيه، وإن كانت زاد قد تعاطفت مع بيسان فروياها لهيئة أخيها مزق نياط قلبها، الوجع في عيني معتصم كان متجسدًا في مادته الخام، انطلقت صوبه بوجل تقبض على ذراعه وهمست بحشرجة:
ـ أخي!
لم يلتفت إليها وتركزت عيناه في عيني بيسان التي تترجاه الغفران، وغفرانه كان صك من ورق لامسته النيران فاحترق، أنفاسه الثائرة كانت تغادر شفتيه المنفرجتين فتأجج الهواء غير عابئة ببرودة الطقس، كان مبعثر الهيئة والمشاعر حتى ربتات زاد الحنونة على كتفه لم تفلح في لملمة شتاته، سالت دموع أخته بغير إرادة، عجزت عن التخفيف عنه كما لم تجرؤ عن طلب أسباب تفسر لها ما تراه، لن تفكر السوء ب بيسان فهي في نظر نفسها أكثر من يغرق في الخطايا وربما مايحدث هو سوء تفاهم لكنها عجزت عن تجاهل الدمار البادي على أخيها فاحتضنت ذراعه وضمت نفسها إليه تسند رأسها إلى عضده، فلم يعجبه أن يكون مثيرًا للشفقة وهمس بأنفاس متهدجة:
ـ ارحلي يا زاد.
قالها وحرر نفسه منها بغتة فيما قبض على ذراع بيسان التي تأوهت متألمة ودفعها لداخل الجناح فصرخت حين ارتطمت بالحائط، دلف وصفق الباب في وجه زاد التي التاعت تتقافز في ذعر تطرق الباب بهستيريا:
ـ لا تؤذها معتصم.
سمع صوت زاد المجروح فاتسعت عيناه وسحب الهواء كله في شيق واحد، فتح الباب فوجدها على حافة الانهيار، زفر مختنقًا فكل شيء يُحتمل إلا دمارها من جديد، احتضن جانبي رأسها بكفيه وراح يتنفس بسيطرة حتى يهدأ، زاغت نظراتها فأعادها بهمس حنون:
ـ اهدأي زاد، لن أمس منها شعرة .

رفرفت بأهدابها المبتلة بالعبرات الساخنة، كانت تكز على أسنانها وتنظر إليه كطفلة قتلها القهر قبلًا فلم تعد تثق بأحد، ظل يكرر جملته حتى انتبهت كليًا فحدثها بأعين متسعة تركيزًا في لب عينيها:
ـ سأتحدث معها فقط، هي زوجتي يا زاد ولن أؤذيها.
سألته بأحداق متصلبة:
ـ لماذا تعاملها هكذا؟.

أطلق زفيرًا من عمق الجحيم واشتعلت عيناه فأرهبها:
ـ أنا غاضب منها فقط، لكن مهما بلغ غضبي لن تمسها يدي.
هدأت حرب نبضاتها قليلًا فتنفست ببطء، أنزل يديه يحتضن كفيها باحتواء، انتكاستها ستتسبب في قتله ل بيسان، زاد هي أكثر ما يوجعه، فقد كان في كسرها قهره وحبه ل بيسان لا يزن شيئًا أمام عظم ما عانته زاد التي سألته بتطلع:
ـ ماذا حدث لك.
رد كذبًا:
ـ شيء بسيط.
قالت باكية فوجعه واضح وضوح الشمس:
ـ لستَ بخير.
تنهد بقنوط وحكَّ جبهته يغالب احتراق قلبه:
ـ سأكون بخير، أعدك بذلك.
أشارت خلفه هامسة بخوف:
ـ وبيسان.
انحنى يوازي رأسها وسألها بجدية:
ـ ألا تثقين بي.
زاغت عيناها قليلًا ومن ثم ردت بخفوت:
ـ لا أعرف.
احتضنها وربت على ظهرها مطمئنًا:
ـ عليكِ الثقة بي إذًا.
أومأت له بهدوء نسبي وابتعدت هامسة باستحياء:
ـ سأرحل الآن.
شيعها ترحل بتعثر، لم يدلف إلى جناحه واستند بظهره إلى الحائط خلفه شاردًا علَّ صلابتها تحمل هموم رأسه..
وصلت زاد إلى غرفتها وقد تسربلت إليها بعض الثقة به، فتحت بابها فوجدت الفراش خاليًا من منصور الذي سمعت وقع خطواته يخرج من الحمام بخصلات ندية، اندفع صوبها بقلق يسألها:
ـ أين كنتِ زاد.
هاله تبدل حالها وانهمار العبرات على وجنتيها فقبض على كتفيها ينظر إليها ويستفهم منها في عجالة:
ـ ماذا حدث لكِ.
ظن أن مايراه بسبب المهدئ فسألها دون مواربة:
ـ ألهذه الدرجة يازاد؟!
أطبق شفتيه يتنفس من أنفه بزفرة حارة وأردف:
ـ أنا لم أقصد...
قاطعته بنفي تام قبل أن يسترسل وتضايقت بشدة من نفسها لأنها أشعرته بتلك المشاعر السلبية:
ـ لا يا منصور لستَ السبب أقسم لك.
انعقد حاجباه بغير استيعاب، جذبها يضمها إلى صدره فتجمدت لوهلة قبل أن يربت على ظهرها ويهدهدها وترتخي، رفع ذقنها بأنامله ليجعلها تنظر في عينيه وسألها بصوت حنون:
ـ ماذا إذًا..لماذا هربتِ.
هزت رأسها فيما أشاحت بعينيها عنه هامسة بخفوت مس قلبه:
ـ لم أهرب.
ازدادت حيرته وحثها بعينيه كي تنطق لتسأله هي بتردد:
ـ ألم تسمع أي جلبة من الخارج؟
نفي بخفة واشتد قلقه فسألها:
ـ ماذا حدث بالخارج، كنت بالحمام.
تجمعت العبرات في مآقيها وارتجفت شفتاها فيما ردت بحزن عميق:
ـ معتصم وبيسان قد تشاجرا.
توسعت عيناه استغرابًا لكنها رفعت كفها تلوح له في الهواء بيأس و تعض شفتها بخجل، فأومأ متفهمًا
أشاح بوجهه وتهكم كي يصرف عقلها وعقله عما لا يخصهما:
ـ معتصم يُعاني داء العظمة هو المُخطئ بالتأكيد.
حررت نفسها منه بحدة واندهش من ارتفاع صوتها ببكاء حار:
ـ أخي يتألم، قلبه يؤلمه بشدة يا منصور، أرجوك لا تزيد ثقل قلبي.
ضمها إلى صدره يحتويها بذراعيه مجددًا يغمرها بلين قلبه هامسًا:
ـ أراح الله قلبك حبيبتي.
مد يده يزيح دموعها عن وجنتيها غير قادرًا على التغلب على صدمته، فما الذي يقدر على معتصم ويفعل به ما تقوله زاد، تنهد وراح يربت على ظهرها بخفة فلم تتحمل قربه بعد ما تفوه به عن أخيها، فاندفع صوبها وتلمس أناملها قبل أن يجذبها يريح رأسها إلى صدره رابتًا على مؤخرة رأسها:
ـ أنا آسف لا تغضبي..
استسلمت وبكت بحرقة فاحترم مشاعرها ولم يعقب بكلمة، فقط ظل يزيح عبراتها عن وجنتيها ومن ثم أخذها إلى الفراش، لم تجد في نفسها القدرة على إخبار والدتها بما حدث حتى لا تفزعها بذلك الوقت المتأخر، شردت حتى غفت تمامًا متكورة قرب صدره..
شرد فيما قالته منذ قليل، لن ينتهك خصوصية معتصم ويسأل عما يحدث، رغم غيرته منه التي دفعته للتحايل كي يفوز بقرب زاد الذي احتار في تحديد شعوره به حين حدث، فهو حزين لأجله الآن، يعرف شعور أن تُفسد ليلة زفافه جيدًا ولا يحب أن يشعر به أحد..
***
تململت بيسان بداخل الغرفة فالتفتت بعينيها صوب الباب متمنية أن يأتي من الخارج ف المواجهة أهون من حرب الأعصاب التي تعايشها، توجهت بتردد صوب باب الجناح المفتوح لتجد المكان أمامها فارغًا فاستمرت في المسير المتردد، غادرت إلى الخارج تمامًا ووجدته مستندًا إلى الحائط ينظر أمامه بتجهم، همست بصوت مُهتز:
ـ معتصم.
رفع عينيه إليها بغتة فنتفض خافقها وجلًا حين سمعته يقول بصوت شديد البأس:
ـ تلك هي أختي زاد، انتابها الرعب وخافت أن أؤذيك، وأنتِ!
دارت عيناه عليها باشمئزاز:
ـ وأنتِ كنتِ مثالًا حيًا للوضاعة يا بيسان.
كتمت نشيجها وقبضت بكفها على عضد الذراع الأخرى، همست بخفوت:
ـ لم أقصد إيذائها أبدًا.
تجمدت عيناه كما تصلب وجهه وتحفز جسده، وعده لزاد هو ما يمنعه عنها الآن، صوتها الكريه يؤذي مسامعه، نفض رأسه بحدة وزفر بعنف ورد همسها بفحيح:
ـ لا تبرري الحقارة.
همّت بالاقتراب منه فأمرها بحدة وأعينه تبرق:
ـ لا تقتربي بيسان خطوة واحدة.
ارتجف قلبها من نبرته تلك وتقهقرت للخلف، اعتدل دون أن ينظر نحوها وتخطاها إلى الدخل، تبعته بتباطؤ وجسدها يرتج كحال قلبه، لم يعيرها اهتماما حين دلفت خلفه، دلف إلى غرفة تبديل الملابس وعاد بعد برهة بملابس النوم غير مكترثًا بوجودها في حيز غرفته، النار تقتات عليه دون قدرة على التخلص منها، حين رأته يتحرك هكذا دون اهتمام بها وكأنه ركلها خارج حياته اندفعت صوبه تتلمس كتفه بأطراف أناملها وكانت تلك الشظية التي اندلع على إثرها الانفجار فدفعها بقوة لتسقط على الأرض الباردة وتتأوه بألم، لم يتأثر بها فقد قُدّ من القسوة ولن يهتم إن التقطت أنفاسها الأخيرة الآن، ظلت مكانها تطالعه بأعين باكية فانحنى وارتكن بركبته وكفيه على الأرض أمامها قائلًا بتهكم بارد:
ـ انهضي يا عروس!
توسلته بصوت باكٍ:
ـ أرجوكَ معتصم.
صوتها يؤجج نيرانه، نظراتها لا تساعد في تهدئته، بات يمقت رقتها الزائفة بل بات يبغضها كلها ولا يرى منها إلا خبثًا، حاول تمالك جزء من أعصابه كي لا تسمع زاد صوته مجددًا ويحدث أكثر ما يكره حدوثه، نهض يبتعد ويشيح بوجهه عنها، فتح النافذة الكبيرة على مصرعيها فاندفع طوفان الهواء البارد إلى الداخل، شعلة نار من درك جهنم السُفلي قابعة فوق صدره، شتوية ذلك العام قاسية فتلمس منها خلاصًا ولم تجدي معه نفعًا، نهضت بدورها وتوجهت صوبه، وقفت خلفه بدموع لا تنضب:
ـ اسمعني فقط، سأوضح لك.
استدار بغتة وما رأته في عينيه جعل جسدها يختل دون سيطرة، حاوطت نفسها بذراعيها التماسًا لبعض الدفء عله يزيح عنها بعض قساوة البرد، تبعثر شعرها واشتد الوخز في حدقتيها، اقترب خطوة واحدة ومال إليها يحدثها بازدراء قاتم:
ـ علمتُ سبب عودتك من فرنسا وقبولك الزواج بتلك البساطة.
اختلجت عضلات وجهها وتبعثر ثباتها الواهي في الأساس وسـألته بحذر:
ـ ما الذي علمته بالضبط.
لم يستطع السيطرة على غضبه منها أكثر فمد يده يقبض على خصلاتها بقوة لترتد رأسها للخلف متألمة لفح وجهها بسعير أنفاسه وهاله ثورة صدره ارتفاعًا وانخفاضًا دون رادع وبأس صوته كان قصة أخرى :
ـ وريث زايد... أليس كذلك!
رجاء عينيها أن يعطيها فرصة كي تبرر لم يؤثر فيه ومضى في درب السخط قائلًا من بين أسنانه التي سمعت اصطكاكها:
ـ أتيتِ للزواج وإنجاب الوريث...وممن!
هل تعرفينني جيدًا حتى تلعبي معي تلك اللعبة؟
هزت رأسها بهلع سكن مقلتيها فحررها بحدة قاسية وكأنه يشمئز من لمسها، سألته بحيرة عينين وأنفاس ثائرة:
ـ كيف علمت بالأمر؟
سار صوب الكومود يدكُّ الأرض بخطواته والتقط الهاتف، ضغط عدة نقرات بحدة وفتح مقطع الفيديو وثبت الهاتف أمام عينيها لينبعث صوت أمها القلق
(لن ترحمك رحيمة إن علمت بشأن كأس العصير)
تلاه صوت بيسان يطمئنها
( لا تقلقي أمي، لن يطول الأمر كثيرًا سأوقف الحبوب التي تضعها الخادمة ل زاد حين يحدث الحمل لي، أخاف أن تحمل طفلها قبلي فيفسد كل شيء)
انطلق صوت أمها القلق
( لستُ مرتاحة لكل ذلك)
فردت عليها بيسان
(لابد أن يتم الأمر كما خططت مع عمتي رحيمة وبعدها سيحصل طفلي أنا ومعتصم على نصف إرث جدي كما تنص الوصية)
تنهيدة أمها سبقت جملتها المرتابة
( لست مُرتاحة لتلك القصة برمتها، أشعر أن هناك خطأ ما لا أستطيع تحديده)
بررت بيسان باهتمام
( لا أرى أي خطأ، جدي يريد وريثًا يحمل دماء زايد أبًا وأمًا كي يورثه نصف ما يمتلك وأرى في ذلك ذكاء منه)
قاطعتها أمها بحسم
( لا أرى منه سوى الدهاء، هذا الرجل ليس سهلًا كما تظنين)
مع كل كلمة كان يُفتح من أبواب الجحيم واحدٌ، كانا أمام بعضهما ينهتان، تهز رأسها بنفي صامت وهو ثابت أمامها بأعين بنية داكنة تنفجر بداخلها البراكين، يسمع كلامها للمرة الثانية ومع ذلك أحرقه أكثر، فتح فمه يسألها بقسوة وازدراء:
ـ هذا هو تبريرك، أليس كذلك!
ازدردت لعاب حلقها الجاف وهمَّت باتخاذ خطوة صوبه لكنه ارتدَّ للخلف بحدة يهتف:
ـ لا تلمسيني.
همست بحشرجة وعيناها تزيغان في كل مكان في الغرفة عدا عينيه:
ـ كان ذلك قبل أن نتزوج.
تصلبت عضلات وجهه ورد بفحيح:
ـ الخادمة أعطت كأس عصير ل زاد الليلة.
قبضت كفيها بجانبها وأطرقت بخزي، قلبها بلغ الحُنجرة من فرط انفعالها:
ـ كان الاتفاق قبل أن أتقرب منك وظننت...
صمتت تزدرد لعابها الوهمي فمال إليها يتلمس منها ذرة ندم أو جملة واحدة تقنعه، انفعال واحد يشفع له لكنها أطاحت بكل ذلك حين
التقطت أنفاسها وغالبت النشيج وسألته بانفعال ما أسوأ ما يكون:
ـ ما الضير في الحصول على الإرث والحب معًا.
اتشحت عيناه بقسوة مضاعفة فالغبية ظنته بيدق تستطيع تحريكه بيديها، حين رأته كرهه لما تفوهت به جليًا في عينيه
رفعت كفيها تمسح عبراتها عن وجنتيها بحدة وتهتف:
ـ أنتَ أكثر من يعرف مقدار ثروة جدي و...
دفعها دون وعي للخلف فارتطمت بالحائط خلفها بقوة حد أن شاع الألم أرجاء جسدها فتأوهت باكية،
ساد بينهما صمت صاخب بالنبض الثائر، لم تنهار صلابة عينيه، بحثت بين خلجاته عن ثغرة تعبر خلالها إليه فقابلتها فولاذيته ومتانة رد فعله قد أطاحت بكبريائه وقلبه في ذات الوقت وما لها موضع قدم لديه، تقدم صوبه قابضًا، على خصلاتها فكاد يقتلعها لتبكي بحرقة متألمة:
ـ وجود زاد في ذات الطابق هو ما يمنعني عنكِ عليكِ شكر صنيعها.
اقترب من شفتيها يحرقها بسخونة أنفاسها القريبة منها قائلًا
ـ ثروة جدك أكثر قيمة من
صمت يتنفس بعسر قبل أن يردف بتقطع
ـ من أي شيء ، أنتِ مُحقة.
تركها وابتعد فرفعت كفها تمسد موضع الألم على رأسها ومن ثم اقتربت منه تلامس جسده المتصلب كجبل غير قابل للاهتزاز تربت على كتفه بكفها الرقيق فأزاحه عنه ببغض لتهمس بصدق لم يمس قلبه ولا لوهلة:
ـ لا معتصم، أنا أحبك بصدق، أقسم لك لقد أحببتك ، لكنني
قاطعها يرفع كفه أمامها بصلابة:
ـ كفى لا أريد المزيد.
همَّت بالنطق فهدر فيها لتنتفض بذعر:
ـ بيسان، تلك هي الليلة الأولى والأخيرة التي سنمضيها معًا في غرفة واحدة.
قالها واستدار يوليها ظهره، أحضر دثارًا وترك لها الغرفة وذهب إلى غرفة الاستقبال العصرية الملحقة بالجناح، وخلفه كانت الدماء في عروقها تغلي، لقد فقدت كل شيء ولم يعد يساعدها شيء..
***
انقشع الظلام ولم يغفَ منهما أحدٌ، كان مستلقيًا على أريكةٍ وثيرة ينظر للسقف بجمود، اختنق من استكانة جسده وثورة أفكاره، حديثها بالأمس يصم أذنيه كلما أُعيد دورانه في رأسه تتعلى وتيرته بطنين مؤذٍ زاد ضيقه واختناقه، تلك الجمل اللعينة التي قالتها لأمها لها وقع حارق على قلبه كقطرات من معدن منصهر وعند ذكر أمه تراقصت الشياطين أمام وجهه فنهض يركل الغطاء بقدمه وزمجر بقوة، دلف إلى غرفة النوم فوجدها مُحتلة منتصف الفراش مستيقظة تحتضن ساقيها المضمومين إلى صدرها فانتفضت بحدة حين رأته، وهبطت الفراش تندفع صوبه، حاولت أن تمد يدها فوقف أمامها كأحد مردة جهنم يهمس بفحيح:
ـ الليلة انتهت إياكِ والتواجد أمامي بعد الآن.
بللت شفتيها الجافتين بلسانها وناظرته بأعينها الغائرة بعزم:
ـ لا لم ينتهِ الأمر بيننا.
سخر بميل شفتين وأعين كارهة،
لغة جسده أرهبتها وبدلًا عن صفع وجهها لكم الحائط بغل وتركها خلفه للوهم الذي تنسجه، اندفع صوب غرفة الملابس، التقط سترة رياضية سوداء ارتداها فوق ملابسه وغادر تاركًا إياها تعود للفراش باكية بانهيار..
..
هبط الدرج يسأل نفسه بحيرة أيرفع رأسه كما اعتاد طوال عمره حين كانت تجوب خطواته أروقه القصر وخارجه أم ينكسها ويهدل أكتافه التي تثاقل فوقها ركام كبريائه وحطام عشقه!
طعنة بيسان تنخر قلبه وكبريائه وطعنة أمه أشد وطأة فقد استهدفت روحه..
دوافع زوجته على حقارتها قابلة للفهم لكن دوافع أمه مهما كانت لن يتفهمها أبدًا..
كيف ستقف أمامه وتفند حجتها وأي حجة تلك التي دفعتها لتكسره مثل ذلك الكسر!
مع كل خطوة ثقيلة يهبطها على الدرج يسقط من دروعه واحدًا، تجبُره الذي تسلَّح به أمام بيسان تلاشى على عتبة أمه،
وصل باب جناحها أعزل بقوى خائرة، رفع كفه يطرقه برتابة وخمول، فتحته أمه الباكية بحدة وعجالة فدلفت وتراجعت ليغلق الباب بقدمه ويستند إليه، شهقت حين رأته مهزومًا هكذا بكرها وحبة قلبها يقف أمامها شاحب الوجه بأعين مُنطفئة تتحرك تفاح آدم خاصته بعسر ينم عن غصة متملكة لحلقه اندفعت إليه بهرولة تحتضنه وتغمره بعناق يمحو عن قلبه تلك القتامة التي حاوطته أعصابها المتأهبة للاحتراق احترقت حين وقعت عيناها عليه، كانت زاد قد حدثتها عبر الهاتف حين استيقظت منذ ساعة وأبلغتها بحالة معتصم وبيسان بتوتر وحزن وخوف شديد، أعربت لها عن رعبها مما رأته بالأمس، استنتجت أنه عرف ما كانتا تحيكانه في الخفاء ف ضاق صدرها وغار قلبها عند قدميها لكنها عجزت عن طرق بابه في ذلك الصباح الباكر ومن وقتها تذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا تلوم نفسها ألف مرة وتغرق في اليأس مليون، بكت ندمًا وضيقًا من نفسها، سألها زوجها عن سبب ما يعتريها فاعترفت له بكل شيء من بدايته ليوبخها بسخط ويتركها تتلظى بندمها وحدها، خيّم فوق قلبها غمامة حزن إضافية حين استشعرت يأسه فشددت عناقه ولم يبتعد معتصم عنها، تركه نفسه لعناقها فتعالى نشيجها بُحرقة، كان حزينًا بشكل لم تره عليه من قبل، هو وحيدها الذي تُكحل بطلَّتِه عيناها ويحزنها قلبها على حاله، تملص منها وابتعد يترك مسافة ذراع بينهما ومن ثم تهدلت أكتافه قائلًا بمرارة:
ـ لقد خذلتني يا أمي.
علا نشيجها أكثر واقتربت تلامس كتفه وترفع عينيها ناظرة إليه من بين دموعها:
ـ لم أفعل ذلك إلا لأجلك يا بني.
لم تكن بيسان لتأتِ إليكَ بغير وسيلة.
هز رأسه ببطء ورمقها بأعين نازفة لن يسمح لأحد برؤياها غير أمه:
ـ لم أكن أريد امرأة جشعة تأتيني من أجل المال فقط.
ارتج جسد رحيمة التي تبعثر ثباتها ولم تعد قادرة على درء توابع ما اقترفته يداها، سمعته يدمدم باحتراق:
ـ لم أعد أريدها.
تجمدت حدقتاه اللتان توسعتا بقسوة وعزم:
ـ سأطلقها يا أمي.
شهقت أمه مختنقة بأنفاسها فأردف بضعف لم يزره قبلًا:
ـ أوشكت على فعلها بالأمس عشرات المرات لكنني كنت أتوقف في اللحظة الأخيرة، لم أكن لأطلق ابنة عمي ليلة الزفاف.
رفعت كفيها إلى وجنتيها بوجل، توسلته بعينيها المتسعتين ويفيض الدمع منهما أن يرحم قلبها ويهدأ، لكنه إن غضب يصبح عصي القلب ولا يرحم، مد كفه يستند بها إلى الحائط ومال إلى أمه يمنحها سخطه الذي لم يستطيع إخفائه في جملة:
ـ لقد ساعدتِ بيسان كي تدعس كرامتي تحت قدميها.
آلمه قلبه لأجل أمه حقًا لكنه يشتعل وإن لم يبُح سيموت حرقًا:

ـ أتعلمين، كانت بيسان تضع ل زاد حبوب منع الحمل في العصير بشكل يومي.
ضربتها صاعقة فتصلبت متسعة متحجرة الأحداق، لم تتفق معها على ذلك، كانت تستغل جشع بيسان كي تعود من الخارج وتتزوج من ابنها الذي عاف النساء جميعًا لأجلها وظل بلا زواج وتوجسه من الرفض وإهدار كبريائه كان يمنعه من اتخاذ خطوة صوب حبيبته، فلجأت للاتفاق معها وبيسان رحبت بشدة حين علمت مقدار ثروة جدها وكم من المال سيعود عليها إن نفذت الخطة ببراعة، وكانت خطة بارعة بالفعل دون ثغرات لكن غباء بيسان وتصرفها دون الرجوع إليها قد أدى إلى فشلها وافتضاح الأمر برمته، والنتيجة سيئة بشكل لا يوصف فبدلًا من اكتمال سعادة معتصم قذفته بيدها إلى جحيم لن ينطفئ، ما تفوه به كان أقل بكثير مما يعتريه، عذرها قبيح حقًا ولن يتقبله أبدًا لكنه مُشفق على أمه مما تعانيه معه، تباعدت خطواته عنها فغصَّ صدرها كمدًا، فتح الباب الذي أغلقه منذ قليل وغمغم بهزيمة:
ـ سأبتعد عن المنزل عدة أيام أرجوكم لا أريد ضغوطًا من أحد..
تركها بحزن عميق يضاهي جرحه الغائر، لعنة زايد وإرثه كانت أكبر نقمة على بكرها ولن تسامح نفسها على الانجراف بتلك الطرقة البشعة..
..
ما إن تركها حتى انطلقت تأكل درجات السُلم بقدميها متوجهة إلى بيسان، وصلت جناح معتصم وطرقت الباب بحدة ففتحة والدة بيسان بغضب لا يقل عن غضب رحيمة نفسها، أفسحت لها الطريق فدلفت بقوة تهتف:
ـ أين العروس.
قابلتها بيسان بحركة واهنة بدلت لها أمها ملابسها وألبستها بيجامة بيتية، أجفانها متورمة وطال وجهها الشحوب هي الأخرى، غارت قدماها في السجادة الوثيرة وأنقذت نفسها من التعثر فتقدمت من أمها لتدعم وقوفها أمام رحيمة، رحيمة التي علا صوتها باستياء:
ـ هل ما قاله صحيح؟، أنتِ جعلت خادمة تضع حبوب تمنع حمل زاد في عصير تقدمه لها يوميًا.
كانت زاد قد سألتها عن تلك الخادمة من قبل وتوجست لحظيًا وقتها ومن ثم نسيت الأمر لم يجول بخاطرها أن تتصرف بيسان بتلك الطريقة من خلف ظهرها، واجتها بيسان بوهنها وقالت:
ـ خِفت أن تحمل طفلًا قبل حملي وتفشل خطتنا.
قبضت رحيمة على رسع زوجة ابنها بغلظة وصاحت:
ـ اتفقنا على الزواج منه فقط دون بنود أخرى.
ملصت بيسان يدها من قبضة رحيمة واحتضنت نفسها بضعف:
ـ سأحاول إقناعه.
سخرت رحيمة بصوت مرتفع وناظرته بقسوة لم تكن من طباعها يومًا، لكن حرقة قلبها على ولدها تفعل ماهو أكثر:
ـ سيطلقك.
شهقت بيسان ورفعت أناملها المرتجفة إلى فمها فتدخلت أمها تجابه رحيمة على ساحة واحدة:
ـ لماذا لم يفعلها بالأمس حين علم.
ورفعت حاجبها تكيل لها كيدًا:
ـ ابنك يحبها وسيعود لها راكعًا.
كزت رحيمة على أسنانها ومن بينها غمغمت بخيبة أمل:
ـ لم يفعلها لأنه رجل، فكري إن كان طلق ليلة عرسها ماذا كان سيحدث لها.
قالتها وأطرقت بحزن كبير وغضب:
ـ إن عاد اليوم وطلقها لن أقف في طريقه.
نفضت بيسان نفسها من ذراعها أمها وتمسكت بكف رحيمة باكية:
ـ لقد أخطأت فيما يخص زاد عمتي لم أقصد إيذائها.
ناظرتها الأخرى بصمت وأعين ناقمة، جشع بيسان فاق الحد، طوال الوقت كانت تلوم نفسها على خطتها معها وإغوائها بالمال الذي جعلها تترك فرنسا وتعود، حينما وجدت معتصم سعيد بها وهي منسجمة معه ارتاح بالها وسكن ضميرها، لكن ما حدث جعلها تمقت تلك الخطة اللعينة وتنفر من بيسان وتصرفاتها، ابتعدت خطى رحيمة راحلة فتشبثت بها بيسان أكتر وقال بخفوت:
ـ في البداية كنت أنفذ الخطة لأجل الخطة فقط لكنني الآن أحبه.
هزت رحيمة رأسها يأسًا:
ـ كنت أظن ذلك حتى صباح اليوم.
قالتها ولم تترك لبيسان فرصة أخرى تتحدث،
..
قطعت المسافة إلى غرفة عمها تتثاقل خطواتها كما الحبو، طرقت بابه بخفوت فوجدته جالسًا على فراشه مُطرقًا وقد نال من هيبته عظم الحزن، تقدمت صوبه رحيمة وجلست بجواره، لا تعرف أتلومه أم تلوم نفسها:
ـ لقد رحل ابني وترك لكم القصر، لم يعد يريد حفيدتك.
رفع رأسه إليها فغصَّ قلبه من أجل نظرته، ذات يوم دعاها وأتته ليجلسا جلسة مغلقة، قال وقتها وقد نحى جبروته جانبًا:
ـ أريد حفيدتي.
سألته زاوية مابين حاجبيها:
ـ كيف؟.
وقتها فند الخطة بدهاء جم:
ـ سنسرب لها خبر الوصية وستأتي بنفسها وتتزوجه.
كان الكل يعلم بحب معتصم لها ووقوف كبريائه في طريق ذلك الحب، فحاك تلك الخطة واطمأن لسيرها على مايرام لكنها انكشفت في اللحظة الفارقة، عاد من شروده يقبض على مسبحته وقد استعاد جزء من هيبته رويدًا:
ـ كيف يترك زوجته ويهرب هكذا؟
نهضت رحيمة بغتة تواجهه بعنفوان:
ـ ابني لم يهرب بل تركها كي لا يزهق روحها بين يديه أو يطلقها وتنالكم الفضيحة.
عليكم شكر له صنيعه لا اتهامه بالهروب.
قبل أن يرد فُتح الباب بغتة وطلت منه أسرار زايد ابنة سليمان زايد الصغرى المتزوجة من سعد الدين نُصير أحد أهم أقطاب الاقتصاد والطبقة العليا التي ينتمي إليها عائلة زايد، وأسرار لا تحضر أعراس مؤازرة وحزنًا على ابنها حيدر المنعزل عن عائلة أمه وأبيه ويعيش بمفرده في شقة صغيرة بالعاصمة، دلفت أسرار ترفل بثوبها الراقي ووقفت أمام رحيمة تهتف:
ـ كل ذلك بسبب الملعونة صبر.
استدارت صوبها رحيمة بحدة وصاحت:
ـ هل سنتهم صبر بكل ما يحدث هنا؟
مال جانب وجهها بسخرية مريرة:
ـ أنتم من لعنتم صبر يا أسرار، لم ينصفها أحد وأنتِ أول من ظلمها.
كتفت أسرار ذراعيها أمام صدرها وردت بصلابة كتصلب وجهها ومآقيها السوداوين:
ـ أنتِ نصفتها وبعدها أقسمت على أن تمر على شباب العائلة واحدًا تلو الأخر وقد حان دور ابنك.
عند ذلك الحد كان السيد سليمان قد اكتفى منهما ونهض يتمسك بعكازه ويضرب بها الأرض، صبر ربيبته ويحبها مثل أحفاده لكن خطأها قد فاق المدى ومس أحفاده أكثر من ذي قبل، وجه حديثه إلى رحيمة آمرًا:
ـ اجعليها تترك القصر حالًا.
توحشت نظرات رحيمة ولم تفقد رحمتها تجاه صبر، هي ابنتها التي لم تنجبها ولن تخذلها حتى وإن خذلتها الأخرى:
ـ سأترك القصر قبلها.
قذفتها في وجههم بما لا يقبل نقاشًا ورحلت يلتف ثوبها حول ساقيها إثر حدة خطواتها..
***
كان مصعب قد غادر القصر قرابة الفجر ووصل المطار كي يلحق بطائرته المتوجهة إلى برلين، لديه عدة أعمال عالقة قررأن ينهيها قبل أن يحصل على إجازة طويلة ومن ثم يعود ويقضيها في مصر متفرغًا لجولة خاصة جدًا مع المجنونة المدعوة عزة، ورده اتصالًا من روضة الخادمة أثناء جلوسه مسترخيًا على مقعد وثير يعقد ذراعيه فوق عينيه غافيًا في انتظار نداء الطائرة الأخير، فتح الخط متكاسلًا فوصله صوتها المتوتر حين قالت :
( سيد مصعب، لقد علم سيدي معتصم بشأن كوب العصير بالأمس وفي الصباح ترك القصر ولا أحد يعرف تفاصيل أكثر)
انتفض من جلسته تلك ساخطًا ودون تفكير عاد إلى القصر، الدائرة منحسرة على فاعل واحد فقط ولم يشك بغيره، هو الشخص الوحيد المستفيد من تخريب حياة بيسان التي يعلم سرها ولم يفشِه لمعتصم لأنه علم بتورط عمته رحيمة وجده واستنتج دوافعهما بالإضافة إلى أنه اعتبر تأجيل حمل زاد ليس بذلك السوء ف رب ضارة نافعة؛ زاد ليست مؤهلة للإنجاب الآن على أية حال، وصل القصر و قصد بابًا بعينه وفتحه دون إذن، فزعت صبر التي كانت ماكثة في غرفتها تحتفل بالنصر، قابلته في منتصف الطريق بعدوٍ ساخطة عليهم جميعًا، احتقن وجهها بغلٍ وحرقها شعور بالدونية كيف لهم أن يتجرأوا على مد الخطوات بداخل غرفتها دون اعتبارات، لم يردعه قميصها القطني الكاشف ولا هيئتها الفوضوية عن انتهاك مسافة الثلاث أمتار التي حكم بها جده و لا عن انقباض أنامله الخشنة على لحم عضدها الأسمر، زمجرت غضبًا وصاحت فيه بعنف وحاولت التملص منه:
ـ كيف تجرؤ على دلوف غرفتي بتلك الطريقة.
لم ينفعل ويمنحها سعادة نصر ونظر إليها بثبات بعثر ثباتها فهتفت بحرقة:
ـ هل أنتم معتادون على انتهاك حُرمة غرف قصركم دومًا؟
مال ثغره بسخرية ورد كيدها قائلًا بهدوء لا يناسب نيران غضبه منها:
ـ إن سمحت هي بذلك.
ضربها في مقتل فاهتز جسدها وتجسدت الأوجاع بعينيها، مجروحة ويعلم لكنه يكرهها بشدة، ذات يوم وقف أمام جده مُطرق الرأس بسببها واعتذر وهو الذي لم يفعلها قبلًا، نالت من كبريائه وقتها وكره اللحظة التي أقدم على زواجها فيها، كانت طالبة في السنة الثانية من الجامعة، جذبته كأيٍ غيرها وحين طلب زواجها سرًا لم ترفض، وكانت
نقطة سوداء في تاريخه
تاريخه الحافل
أحضانها كالجمر لم يتفقا بأي شكل، صبر والطريق إليها مُعبدٌ بالشوك
حاول معها والعيب كان فيها، من أول لحظة شعر بوجود خطأ ما لكنه كان مستترًا لم يفقه له قط..
غالب شكوكه ومضى إلى دربها كأي امرأة قد تكون مكانها، هو رجل يجيد اقتناص المتعة لكنها كانت كسمكة عذب فُرات كافحت كي تلتقط أنفاسها بين أحضان الملح الأُجاج وفشلت
فرفعت الرايات..
نزلت على رأسه طامة كبري من السماء حين تجمعت أمام عينيه الأحجية، والآن وبعد كل تلك السنوات ها هي أمامه لم تتغير ومازالت تُحيك المؤامرات، مال إلي أذنها يهمس بفجاجة:
ـ لماذا تبحثين عن رجلٍ آخر من أحفاد زايد وأنا موجود، ألم تشتاقي إليّ.
ثار الدخان في عينيها فلم يرهبه، وجيب دقاتها اشتد بشكل آلم صدرها، لن تضعف أمامهم ثانية وسترد الكيد بالكيد:
ـ هل ستكون رجلًا تلك المرة؟
تلكأت عيناه عليها بوقاحة فلا يستأذن المُجَّان حين يعبرون عن مجونهم:
ـ ألم أكن رجلًا حين جمعنا فراش واحد.
مدت قبضتها تلكم صدره فترك ذراعها لتهتف بانهيار:
ـ لا تعرف عن الرجولة شيئًا فالرجل لا يخفي زوجته.
أمسك يدها الثائرة بقبضته وشدد عليها الضغط هامسًا بفحيح:
ـ لن أسمح لكِ باستهداف معتصم يا صبر.


كز على أسنانه وسمح لشظية من جحيمه بأن تتطاير حين قست عينيه بشدة:
ـ كما لن أسمح لكِ بهدم أواصر تلك العائلة.
هزت رأسها بقوة فتبعثر شعرها الحريري الأسود ولم يغويه بأي شكل تلك المرأة مُحرمة عليه حُرمة الدم، رغم بغضه لها وبكل أسف يشفق، مشوهة حد اشتهاء الأذى ولن يردعها شيء، ستظل تثابر وإن وصلت


غايتها سينهدم القصر على رؤوس من فيه، ابتعدت عنه تنهت، دماء أوردتها وصلت للغليان وصاحت فيه بحدة:
ـ تلك العائلة تستحق الهدم، كلكم مُدلسين قُساة القلب.
أشاح بوجهه عنها فحقًا لم يعد يتحمل رؤيتها وهددها بجدية :
ـ عليكِ بالهروب من القصر، فإما الخلاص أو الزواج مني أنا يا صبر.


همَّت بركله خارج غرفتها لكن مالم يُحسب حسابه أحد دوما ما يحدث، انفتح الباب بقوة وفرض صوت ساخط نفسه، تسلل صوتهما المرتفع إلى الخارج الغرفة فانتهى الأمر بهتاف حاد:
ـ ماذا يحدث هنا؟!


انتهى الفصل
قراءة ممتعة💙🌸


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-09-20, 04:30 PM   #89

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

معتصم جبروووووت بحسه اكتر واحد شبيه لجده في محاولات الحفاظ على العيله وتماسكها
بس على مكر شويتين ثلاثه 🤣
مصعب شخص معندوش وسط وأهم حاجه عنده زاد ايلي اتأذت وهوه بيحاول يحميها حتى لو على كان من أهم شخص عنده

بيسان اتغابت أو طمعت وماعملتش حساب القلوب المطعونه


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-09-20, 07:32 PM   #90

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي

يالله بتحسي العيلة كلها مؤامرات وخطط وطعن بالظهر يا ساتر مااحلى عايلاتنا 😍😂. اسلوبك سلس وجميل بالرغم من سوداوية الاحداث انتي مبدعة ومتألقة بانتظارك دايما.. انا عادة مااعرف اعلق واكتب ريفيو بس دخلت اخربط لعيونك 🤣😎

سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.