شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   رواية باب الجنة * مكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t472940.html)

فاطمة طلحة 30-08-20 12:09 PM

رواية باب الجنة * مكتملة *
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




المقدمة و الجزء الأول (الفصل الاول -الثاني -الثالث)

أتمني ان يكون لي بينكم فسحة

و تيمة روايتي ....... أتمني أن لا يأخذكم الشك حيث لا أريد


((باب الجنة))


عندما ينقذنا الحلم بعدما يخذلنا الواقع

..........

أصعب ما في الحكايا بدايتها

كيف تصوغها ترتب الحروف تقيم الجُملة

تحيك النص ليُكَوِّن سرد قصة

تصل بها الى الغاية

و الغاية ليست نهاية الطريق هي فقط بداية

لحكاية أخري ربما تصل بك حتى باب الجنة

.....................

أتمني أن لا يأخذكم الشك حيث لا أريد

الفصل الأول

..........

هي

...............

تلك الكلمة التي تستهل بها حديثك مع غريب يريد بك الموت

قد تنجيك إن ما استجمعتها جيداً

أو بكل بساطة تكون لك المقصلة

...........

لهاث و ضيق شديد بدأ يصيب صدرها

تركض

أنفاسها المتعثرة و تشوش بصرها لم يعيقها عن ملاحظة اللوحة المعدنية لشاحنة نقل

كانت متوقفة علي جانب الطريق

ثوان و كانت تحت كومة من الخيش و القماش تجاور بعض جوالات الملح الخشن

لم يمر وقت حتي بدأت السيارة في التحرك

................

مكان مظلم بعيد عن العيون في زقاق ضيق

صمت ثقيل

ونداء الطبيعة

لم يلعن اللحظة و العمل و العادات المقيتة التي اكتسبها مع مرور الوقت حتى أصبحت جزء لا يتجزأ من تكوينه

تلك الرفاهية حرمها علي نفسه

فهو يستحق المقت عن جدارة

عيونه على شاحنته لن يتركها تُسرق مرة أخري

حركة أقدام سريعة وصوت جهوري

من بعيد, اعتدل يرتب ملابسه بسرعة

و خيال راكض أسود بحجاب أحمر يتسلق حافة الشاحنة العالية ويختبئ أسفل كومة خيش يغطى بها البضائع التي يقوم بنقلها

إنها فتاة

هاربة

و هو شيطان مطرود من الفردوس

و خمسة وستون ثانية توقفهم علي حافة الشاحنة يناظر الخيش و الخيال المختبئ أسفله

...............

كانت حماقة و ستدفع ثمنها الكثير

و تلك خاطرة بدأت تتكثف قطراتها داخل اروقة عقلها الشفاف ما إن بدأت دقات قلبها المؤلمة تهدأ

وقت كثير جداً قضته داخل تلك العربة التي إلى الأن لم يتوقف سائقها حتى هاتفها البسيط توقف عن العمل بعد أن فرغت بطاريته منذ وقت طويل و ذلك كان بعد مرور خمس ساعات من ركوبها السيارة

إنه الليل من جديد و هي تئن

كل ما بها يئن

جائعة وعطشة تريد دخول المرحاض و للمرة الألف تتفقد مالها التي خبئتة بين طيات ثيابها الداخلية

المال

الذي كشف خطتها مبكراً مما اضطرها للهرب سريعاً

والارتجال

...................

ماذا سيفعل بها؟

سؤال

لماذا تحرك بالعربة من الأساس و هو يعلم أنها بداخلها

وتلك الخاطرة التي مرت في عقله و أشعلت جسده كجمرة

و بحسبة سريعة كان المفتاح يدور

و السيارة تتحرك و الوجهة التي لم يخطوها منذ زمن بعيد

بلدته الحدودية

..................


نفضة سريعة للغطاء الخشن أرجفت بدنها و عيونه واجهتها بأسوأ تعبير ممكن على الاطلاق

عيون قط كمش فأر في المصيدة

- اتركني .... أرجوك

و بين الكلمتين جرها لتقف على الأرض الترابية بغبار يلوح في الجو حولها

يبدو أن النوم غافلها فجأة و لم تلحظ أن السيارة توقفت

أرجوك لا تفعل بي سيء

و السيء كان باب حديدي صدئ يصدر صوتاً كأنين المتألمين

سأعطيك مالاً مقابل توصلي إلى هنا

أرجوك سامحني علي التسلل

و خطواته تجرها في الظلام

إلي ممر بدا من الدجى أنه لن ينتهي

حتي صَكت أسماعها طقطقة مفاتيح

و باب خشبي ثقيل يُدفع

هاجمتها رائحة عفونه

كما ضوء أصفر شاحب

زاد من رعبها وضوح ملامحة الشرسة

لحية سوداء كثة بشارب يغطي شفته العلوية شعر أشعث أسفل قبعة رياضية

رفعها للتو

و حواجب ملتحمه

و عيون شرسة غاضبة و في الخلفية شررٌ مخيف

حاولت التغافل عنه

و بدا كحد ذابح

تحاول أن تستجمع حروف كلماتها

مع هذا الغريب

تخشي الموت

و عليها الأن أن تنجو من المقصلة

......................









الفصل الثاني

.......................

أنت السائر مغصوب في ذلك الدرب

أنت من بعيد ذلك الذنب

ارتويت فاكتفيت و نضح الإناء بالمقت

تزوده فيلفُظك , تركض عنه فيسحبك , فتعود طائعاً مهما هربت

................

بيت والديه

.....

كانت ترتعد بين يديه و ذلك ما أراده تماماً

بلا قصد

و الأفضل أن تخشاه كما تخشي الموت

حاولت إخراج شيء ما من صدرها

لفافه أموال تقدمها له بشفاه مرتعشة

- إنهم خمسمائة جنية مقابل ركوبي لسيارتك

أخذ المال من بين يديها بخطف

و تراجع خطوة و هو يدسه في جيبة

يرسم القسوة علي ملامحة بلا حاجة

و بلهجة آمرة

- نظفي المكان

تجمدت فاغرة فاهها لا تصدق ما قال

-سيدي لقد أخذت أجرة الطريق

هل لي أن أغادر أرجوك

عيونه لا زالت علي استعارها و صوته خشن به بحة شراهة مدخن

- هل أنتِ صماء

قلت لك نظفي المكان و لا تزعجيني

لا تحاولي الهروب

و قاربها حد الالتصاق

يرفع بأطراف أنامله المحمومة ذقنها التي لم تصل لكتفه هامساً من بين أسنانه مؤكداً

- لا تحاولي الهروب و إلا قتلتك

سقطت أرضاً تولول

لم تعد قدماها قادرتان ,جسدها أعلن التخاذل

روحها رفعت راية اليأس

و عيناها فاضتا بالدموع

................

لم يستهجن حاله هو بالأساس مجرم قاتل

فلتتلبسه روح الشيطان إذاً

و لابأس من الاستمتاع بتلك الرعشات التي تنفضها بين يديه

فليضحك و ليهنأ قد أتته الفرصة تركض حتي قدميه

فتاه صغيرة هاربه عودْ نَعنع بض وهش

و منذ متي لم يمس امرأة

تبسم ساخراً من نفسه

بينما هي تجول في البيت أمامه تتلمس الحيطان و الأرضية المتربة كالطير الذبيح

هو لم يمس امرأة طوال حياته لقد صام عن النساء صام عن كل ملامح الحياة


لم يتقبل روحه بين الموتى حينما حاول قتل نفسه

هو خلاصة الخطيئة و ملامح المعاصي

هو المُعبد بالشوك

بئر المر

هو المحترق بالجمر ليلاً

شبح النهار

كيان رجل علي الهامش منذ أن خاض اللعنة

وخطي إلي الجحيم

......................


مجوفه

فارغه

تشعر أن الريح تمر من خلالها

رُغم أن لا تيار في المكان

إلا أن هناك عواصف تدور

و أحزان تُجتر و رثاء هادر يحرق صدرها

لعنات تصبها علي نفسها

علي تسرعها , تهور اللحظة الأخيرة لينقلب كل تخطيطها في لمح البصر

إلي ذلك العبث

جلس يراقبها من الزاوية

جلسة أرضية, فراش لا يبدو لونه واضح من كثرة الغبار وسائد قطنية ثقيلة كانت تحركها لتنظف أسفلها و هي تنهت من وزنها

تتعثر في حزنها و دموعها تغشي عيناها

لا تفكر بالطعام و لا بدخول المرحاض

هي فقط

تخشي القادم

تخاف الأسوأ

تلك الشذرات التي لمحتها وتجاهلت

دعت الله أن يرزقها الرحمة

أن تَسلم من الأذى

تتمتم يا رب

يا رب

يا رب

لم تلحظ أن رجفتها زادت و المكان تغشاه الظُلمة

حتي خرت أرضاً فاقدة للوعي

..........

يا رب

لوهلة مُفاجِئة كانت قدماه استقامتا يحاول متعثراً

التقاطها بين يديه

لكنه تجمد تلك الثانية التي سمع فيها

يا رب

وازت سقوطها أرضاً

- تناجي الاله

فلينقذها الله إذاً

فليقيها السقوط , يحميها من الألم , يرحمها من ذلك العذاب

أما هو فلن يهدئ له بالاً حتي يستخدمها

يمتص منها ليملئ ماعونه

الناضب

حملها بين يديه و كانت لا تزن شيئاً

مدد ذلك الجسد الذي يعده بالكثير بلا حروف

و خطي نحو الغرفة ثم

لا

لن يخطو غرفة والديه الأن

لذلك لحظة موعودة لم يتمناها يوم ما في أحد أجمح خيالاته

لكنها الحياة فرصة تلو فرصة و يكفي ما أهدر منها إلى الأن

مع استقامته يتراجع عنها

لمحه معلق

رغم سواد لونه كان ينير يُشرق كعادته وسط غياهب قلبه

قلبه المر

حمله من علي الحائط و حمل صورة الأم المضيئة

حمل صورة أبيه المغدور به

ود لو ضمهم إلى قلبه , لو التحم بهم

لكنه بائس يائس شوه المسير

مزق الخريطة عامداً ليضل طريقه

فلا عودة لمن مثلة

من أناملهم خُضبت بالدم

..................




الفصل الثالث

.....................

دعونا نتحدث عن المنطق

.........

نور الشمس و رغيف خبز جاف , قطعة جبنُ صفراء , حبة بندورة و دورق مياه

و لا أثر له

استقامت فزعة و عقلها يستجمع ما كان بالأمس

تبحث عن مرحاض

باب صغير ميزته علي الفور ما إن دارت عيناها في المكان

وقفت علي بابه و الماء يقطر من وجهها و يديها

وبهدوء توجهت للطعام

هدوء استقر بقلبها فور اداركها أنها لم تُنتَهك و هي فاقدة للوعي

تلوك طعامها وهي تتفحص المكان

لم تدرك كم كانت جائعة ,عَطشة

إلا عندما أجهزت علي المتروك لها و لم يكن بالكثير

كومة التراب التي تركتها بالأمس بُعثرت و يبدو أنه غير موجود

مطبخ صغيرـــ مغسلة و مسطح خشبي ,موقد له عين واحدة و بعض الأواني

غرفة بابها مغلق لم تستطيع فتحه

و الأخرى بها فراش يبدو أنها استُخدم حديثا ً

رغم كثافة الغبار

خزانة و مكتب خشبي

لتقول مستغربة

- هل نام عليه من دون أن ينفضه حتى

فاجأها صوته

هزها قربه , أعاد عليها تيه الأمس و الذعر بدد الهدوء

رغم خفوت حروفه بجوار أذنيها

- ذلك عملُكِ الغير مكتمل

عيناه شديدتا البياض تُناقض سواد حدقتيه

و لوهلة سُحق المنطق بينهما

هتفت تستجديه و العزم باد

- سيدي لقد أخذت كل ما لدي من أموال بالأمس

لو على تلك الحظيرة سأنظفها لك

علي أن تتركني أذهب إلي حال سبيلي

ضحك و معها تراجع خطوة للخلف

ضحكة ممزقة

ساخرة بالية كثوب مهلل أكلته العثة منذ زمن

لكنها ضحكة

زادت توسع شدقيها مع نظرتها البلهاء

كرد فعل لذلك الصوت الذي خدش طلبة أذنيها بحدة

ليكسر الضحكة بزمجرة

- أحفظي لسانك كي لا أستمتع بقطعُه لكِ

المال نظير إنقاذك ممن كانوا يركضون خلفك و أنتِ كُلك مقابل التسلل


خطوة للخلف

نظرة إلي السماء ,رجفة بالبدن ,حدقة تدور

أقدامها تتراجع برتم منتظم تدهس الأرضية و حفيف عباءتها السوداء صرير وسط السكون

و أين المنطق

.....





بتعريف أنيق ويكيبيديا تقول أن

المنطق بشكل تقليدي يشتمل على تصنيف الحُجج والكشف المنهجي المشترك بين جميع تلك الحُجج الصحيحة

ودراسة البرهان والاستدلال به بما في ذلك المفارقات والمغالطات، ودراسة بناء الجملة والدلالات،

كما يُعرَّف المنطق أيضاً بأنه آلةُ قانونيةُ تَعصم مراعاتُها الذهنَ عن الخطأِ في التفكير

........


و هنا سُحق المنطق

قُتل قتلاً و مُزقت جثته علي مذبح يديه

التي امتدتا لها تجرها جراً حتي مدخل المطبخ و أكياس بها على ما يبدو خُضار و قطعة لحم


و المطلوب

تنظيف المنزل

تجهيز الطعام

و ربما مشاركته الفراش بعد ذلك

و الجريرة التسلل

إذن فقد مات المنطق و الأن تقام جنازته و لا عزاء لها

................

الغريب صاحب المقصلة

................

قَبل ساعتين

خطت قدماه الأرض الإسفلتية, ألف متر بين بيته و أول بيوت القرية

كان ذلك منذ زمن بعيد

موضع احتجاج رفع لها رايات العصيان

أما الأن فهو يستحق البعد

لن يقود الشاحنة رغم حاجته للإسراع كي لا تهرب

فلتهرب

و لينجدها الرب و يحميها مِن من هم علي شاكلته

ربما سمع دعواتها بالأمس, فليستجيب كي تنجو

و لتفشل خُطته و تذوي خاطرته كالسراب

اللعنة عليه و علي تلك الخطة و ليظل يلعن و يلعن

لم يعد يربطه بالسماء سوي اللعنات

- كيف حالك يا بني

جال بفكره أنه دخل السوق و اشتري الطعام , طاف علي معظم المحال لم يخاطبه أحد بكلمة زائده عن الحاجة

رغم الهمسات التي ناوشت أذنيه

صاحب اللقب

قاتل أبيه

قاهر أمه

ليأتي الحاج جلال ... الشيخ بلا عمة

و الإمام دون امامة

...

و ربما إجابة دعوتها أن يتعطل معه فتهرب

- كيف حالك يا ابن صديقي

علي مصطبة اسمنتية جوار جدار

جلسا متجاورين فلا صمت دام و لا كلام

حتى استهل الحاج

- كيف الحال

و الرد مقتضب – بخير

و الخير مجازاً أن هناك أخيراً دماء تنبض في عروقه

تسعى

ولو لشر

- أما أن الأوان يا بني

نهض بغتة رافض نكء الجرح , رافض الخوض في النور

شكر سؤاله و في داخله ظل يردد

لتستجيب لكِ السماء

لتكوني هربتِ

يلعن اللحظة باستمرار

فلم يعد يربطه بالسماء سوى اللعنات و صوت الشيخ جلال يدعو له يا رب اصلح حال ابن رزق

....................

لم تهرب و ألف علامة تعجب!

سَحقت المنطق

لو فقط وضعت يديها علي المقبض لفُتح الباب

لنجت منه و من تدبيره

صغيرة بلهاء

تستحق المقصلة

تعيثُ في البيت, تهمهم بكلام خافت بل و تزيد الأتون حطب

جائع و حالم , مشتهي و رافض , يقاوم الغيث ,يجلده الذنب

......

على نار الموقد تُحمص البصل و رائحة مع السمن أغرته بالعودة الي الوراء

- لا تمد يدك في الإناء يا صغيري

- ستحترق

يضحك بجزل طفل , يحاول الوصول لقطع البصل المكرملة

بحلاوة

يا أمي الرب

يحرسني


فتضحك أمه منه و من شقاوته المغنّجة

تناغشه بيديها و بالأخرى تمد له ملعقة معدنية كبيرة

و هي تدعو الله بمناجاتها المحببة لأذنيه

ليحرسك الله

يا ابن القس

........................ فاطمة طلحة ........





***************



روابط الفصول

الفصول 1، 2، 3.... اعلاه
الفصول 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13 ، 14 بالأسفل

الفصل 15، 16
الفصل 17

قصص من وحي الاعضاء 30-08-20 02:10 PM

رواية (باب الجنة )
 
اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


ارجو الإلتزام بحجم الفصل المطلوب ضمن القوانين
15 صفحة ورد وبحجم خط 18



واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


فاطمة طلحة 05-09-20 08:00 PM

الفصل الرابع و الخامس و السادس
من رواية باب الجنة
اتمني لو عجبتكم بعض التفاعل
..................................................
الفصل الرابع
.........................
للبيع في سوق النخاسة
و الثمن ورقة
وحبر
........
بصل كرملته في السمن ودت لو كان سمن بلدي ذو الرائحة و الطعم الشهي كما تعودت عليه في بيت أبو عبده لكن هذا الشحاذ السارق
الغاصب
أحضر لها كيس بلاستيكي صغير لنوع ردئ من السمن
لولا خوفها منه لأسمعته وصلة خاصة منها ملحنة بمزاج
عن مدى سوء ذوقه و اختياره للخضار
فالبصل له تلك الفروع الخضراء التي تفقده حلاوة مذاقه
بطاطس محفرة ثقوبها ملأنة بالطين
بندورة معطوبة و ربما
ربما
كان اختيار قطعية اللحم جيداً
فهي تناسب طنجرة البطاطس المطبوخة بشدة
ناعمة و لامعة و دهونها موزعة بنظام
و شكراً
أم عبده صاحبة الفضل في أنها تعلمت الطبخ و التنظيف و أمور البيت جيداً
سحبة شفاه
بمصمصة علي حالها الذي تبدل
لمحته علي باب المطبخ الصغير يسده بجسده العريض
بتجبر سألها
- ما أسمك
ناظرته بخنوع متذمر
هامسة – مريم
لملم حروف اسمها يتذوق كيفية خروجه من بين شفتيه
خطي للمكان بسطوة حتي أن أنفاسها تعثرت و الضوء خفت
- و مما كنتي تهربين يا..... مريم

- سأقول لك ربما تأخذك بي شفقة
و ترحمني
يرفع كفه للأعلى يسكتها
حركته رغم ضخامة جسده في تلك اللحظة غير محسوسة لا بقربٌ و لا بعد
- أطلبي الرحمة من الله مريم فأنا لن أرحمك
و من مريم لا رد
ماذا تقول بعد قوله
أقامت الطنجرة من علي النار
و في ذات السمن حمصت حبيبات الأرز
أضافت الماء و قليل من الملح و هَدْأت النيران
و داخلها جذوة تقتات علي روحها
- أين نحن
سؤال جاء متأخر لكنه أتي
اتكأ علي الحائط عاقد ذراعيه يتأمل و النبرة تحمل
الحُزن خالط السخرية
بمزيج ذا نحيب رغم ملامحة الجامدة
- في الفردوس
بلدة علي الحدود الغربية
رفعت عيناها عن نار الموقد إليه
مسترسلة ولما نبدو و كأننا في الصحراء وحدنا البيوت بعيدة جداً
.............
علي الطبلية
كانت الأطباق مرصوصة
أطباق من الصاج الأبيض تلمع تحت الضوء الشاحب للمصباح الأصفر المعلق فوق رؤوسهم
لم تعبث بالطعام كما المفترض بل أكلت صحن
الأرز كاملاً و قطعة اللحم بشراهة و سرعة استدعت مع التأمل حَيرة
سفاحة المنطق
- لم تجب عن سؤالي لما البيوت بعيدة هكذا
تنهد بعمق و قرر المصارحة
فليلقي ما بجعبته عله يهدأ ليهنئ
- تلك كانت بقعة أبي المفضلة في فردوسهِ المزعوم
كانوا ثلاثة من أشقاء الروح اشتركوا في ثمن الأرض و قرروا الجوار بعد الفُرقة
أبي كان الأكبر و الأسرع في الزواج و البناء
و لم يبني هنا أحد غيره
و تلك كانت أولى محطات الخذلان
عاد لها بعيناه كأنما يعود من الماضي للأن

- هل تعرفين زهر الأقحوان
هزت رأسها بلا و هي تتناول أخر قطع البطاطا من الصحن
- هناك الكثير منها خلف البيت بالخارج
............
و الكثير الكثير من اللا منطق

و جال في خاطرها
- تَسلم يدي فرغم المكونات الرديئة التي أحضرها
إلا أن طعامي
بسم الله ما شاء الله
و النتيجة صحون فارغة

و ما دخل الأقحوان و غيره الأن في حديثنا هذا
رفعت له عيونها
بتردد بدأت الحديث
أبي مات ...
و هي تلملم الصحون فوق بعضها بألية و عيونه تتابع حركتها
و أمي تزوجت برجل أخر قريب لها من بعيد
و الملاعق الفضية تقرع الصحون مع حركة أيديها المرتعشة
ما إن أتممت الخامسة عشر
زوجني صاحب العمل
أبو عبده
رأيت الورقة التي كانت بينهم مرة وأنا أنظف غرفته هو وزوجته
ميزت أسمي و أسمه الذي لم أجرؤ يوماً علي نطقه
أربع سنوات في بيته خادمة نهاراً و عاهرة ليلاً إن أراد
أُضرب و أُهان و أُشج
كنت أزور أمي كل شهر مرة , أشكو لها المر و الحزن و الوجع الذي بي
و هي تربت بيدها علي ظهري ربته رغم خفتها تؤلم
لتهمس و عيونها علي الباب
هلمي بنيتي السائق ينتظرك لتعودي لبيت زوجك
أربعة أعوام حتي حدث ما لم أتوقعه يوماً ما
و الشُكر لــــــعبده
فطلقتني أبو عبده
و حمدت الله
عدت لبيت أمي و يا ليتني ما عدت علمت أني كنت مُباعة و هم قبضوا الثمن و أنا تحصلت علي الذُل
و سكتت

ثم رفعت عيناها التي لم تحركها عن الصحون منذ بداية حديثها
و أفزعها ما رأت
ذلك الجمووووود في حدقتيه السوداء و علي ملامحه هالها
أين التعاطف أين الشفقة
تلك قصتها حقيقةً لم تكن تكذب
استقامت
فزعة و الصحون وقعت علي الأرض
عيناها هربت الي الباب و استجابت أقدامها فوراً
والمقبض لم يستجيب
لم يتحرك من مكانه إلا بعد أن استدارت له يائسة تبكي مسترسلة
- لقد هربت منهم لأن ....
خطواته كانت تتقدم و جموده علي حاله
صارت تهتف وهي تصرخ
- اياك أن تقترب مني
صراخ شابه صراخها في أمها و زوجها عندما رفضت زواجها من أخر يشبه أبو عبده
حتي قبض علي معصميها بقبضتيه و هو يجابهها بذات النبرة الخافتة المخيفة
- أنا أيضاً أبي مات.... مريم .... ولكني أنا من قتلته



الفصل الخامس
........................
غرفة والديه
...............
الفقد.... ذلك الانطفاء الذي تشعر به في قلبك
الجزء المظلم الذي لن يطاله النور و لو أقامت البشرية الأفراح
شعور الغصة الذي يلازمك مدي الحياة
مهما تجرعت من أكواب السعادة
...........
لا هو أقام يوماً فرح و لا ذاق طعماً للسعادة
دثرت نفسها جيداً علي المساند القطنية تحاول جاهدة كتم رعشتها الشديدة
بكت كثيراً حتي أنها كانت تولول في بعض الأحيان
كلما لمحت بسمته
لم تدرك السخرية و لا الحزن و لا بُغض الأيام
المرتسم في عيونه و علي ملامحه
كل من يجاوره يفقد السعادة , تتبدل حياته إلي سواد
أحضر المفتاح من درج خزانة صغيرة يتأمله
كم كان حريصاً دائماً علي غلق تلك الغرفة
ليكون الباب الموصد دائما رادعاً له
سداً في طريق روضة روحه
الغرفة التي تحمل روح النور و طعم السكينة , اطمئنان الضمة, رائحة أمه و أبيه
لِما فتحها اليوم
رتب اشيائه فيها

و أقام الفراش و معه سنواته الأولى ألعابه الصغيرة شطائر البطاطا و الركض في التراب دلال أمه و حزم أبيه

نَفض الغبار , سنوات الدراسة و الصداقة و عِشرة العمر محمد و حسن و مينا علي التبة و غروب الشمس
الأفق الملون و الغد المنتظر
قبضته اشتدت على عصا المكنسة خبطاتها تَدك البلاطات القديمة تكاد تفكك حصاها عن بعضه

حَكمت المحكمة حضوريا ًعلي كلاً من
محمد جلال الزاهي
مينا رزق متي
حسن ناصر راعي
بالسجن المشدد ثلاث سنوات مع الشغل و النفاذ
و لم يتحمل قلب رزق الضعيف
سقط و هو يري ابنه الوحيد يجر مُصفد بالحديد
أغمض عينيه علي مرئى ولده و لن يفتحهما مرة أخري
ثلاث سنوات قلبه محترق بين القضبان
تتأكل روحه في غياهب السجن كل يوم يمر يزيد القلب ثِقل و يخفُت معه الضياء ,تتلون الحياة بعده بلون الحداد
قاتل أبيه قاهر أمه , نعت بها نفسه قبل أن تتداول بين الألسنة, كره الرفقة و قاطعهم
غاص في لجُّيّ جلد الذات
حتي كره نفسه , احتقرها , روحه الأثمة التي ضعفت أمام سحر مخدر يسري في عروقه
بل ويحوز منها ما يكفي لإيداعه سجن الوهم
مرتكب ذنب لا يجوز لابن القس
روحه التي
استخسر فيها الحياه فقرر بترها
لولا متابعة رفقاء الخُطى و الخطيئة له
لكان ميت وسط بركة من الدماء
.................
أمام مرآة الغرفة
عيونه ميته و لو عاش ألف عام
ماتت يوم أن مات أبية أمام ناظريه
إلا أمام الزهرات
تلك البتلات الصغيرة أخدت من روحه الكثير
فيما مضي
حتي باتت تهديه النبضات كلما وقف أمامها يتذكر أمه
و قصتها مع الأقحوان
لا يدرك لما ربطهم ببعض
الهاربة لا تشابه البتلات البيضاء في شيء
ربما لونها الباهت قارب الأصفر المستدير بقلب الزهرة
و ربما ذكرته بحكاية أمه معهم
هنا لاحظ
أنه مغبر و كالح الهيئة ملابسة التي لها ثلاثة أيام علي جسده لم يُبْدلها
خَطي بخفة خارج الغرفة و كما فتحها أغلقها
تخيل أنها الحلم و استعادة الروح
فإذ بها جددت مُر الخطيئة وأعادت الهدم
و هو لم يقيم ذاته بعد
لازالت مستيقظة وهو لن ينام الليلة
فلا داع إذاً لتأجيل المحتوم لقد خطي جُحر الشوك بقدميه و انتهي
لَظّي جسده بنار الفكرة
هو
يستحق الانغماس بجهنم
إذاً ليسير علي الجمرات فالطريق مُعبد بها من الأساس
رفع الغطاء من عليها بغتته بفظاظة
_ أمي كانت دائماً ما تحتفظ ببعض قطع اللوف في إحدى الخزائن لا أتذكر أين هي , هل أحضرتِ قطعه لي أنا سأذهب لأستحم
.............................
أنت تتشرب الواقع من حولك , تتكيف ، تعايشه مزامنة مع وقع انفاسك ,تخلق قوقعة اعتيادك لأنها أيام و يجب أن تمر و أنت مُجبر
...........
الكل يختبئ في خنه كالدجاجات ما إن تطرق الساعة التاسعة دقاتها
حتي أبو عبده ذاته لا يخرق تلك القاعدة أبداً
فراش أم عبده أو فراشها لا فارق
هي قاعدة ,ناموس للكون
يجن الليل تلتحف بالغطاء تتمني العودة لحضن أبيها الذي لم تري من بعده هناء
تغمض عيونها فاليوم بعد تنظيفها للمنزل و تحضيريها للطعام لا واجبات أخري تستدعي
خلع ملابسها و البقاء عارية ف الفراش تنتظر
فتحت عيونها فزعة علي لهاث لمساته
تقابلت الأحداق
و تناثر الواقع مهشماً علي الفراش فتي يكبرها في العمر بثلاثة أعوام مدلل لكنه ليس أخرق
هو يعي ماذا يفعل عيونه أقرت و شفاهه نطقتها بهمس خفيف شحذت أذنيها له
إلا أن صرختها التي رنت في المحيط حولها دون إرادتها صرخة فطرية أنقذتها من الهتك
.......
عشر دقائق بعد اختفائه وراء الباب المرحاض الصغير
وتحركت .... ما من لذلك بُد

توقفت علي باب المطبخ , هي تعلم جيداً مكان قطع اللوف المهترئة لمحتهم في الخِزانة بينما كانت تطهو الطعام
تقلب فيها بحثاً عن أدوات الطهي
واستدارت
مجرد التفاتة بالرأس
تجاه باب البيت
...................
طرقت علية باب المرحاض
مد يده المبللة من خلفه وجذبها بهوادة للداخل
ثم أغلق الباب بالمزلاج











الفصل السادس
......................
الضباب
..................
يا خاطرة من شرر النار طافت ف الأركان
يا عود النعنع الهش خالط جمرات البركان
يا صمود أعوج وحضور باهت و لوحة مشتتة الألوان
أزامات مرّت , أحزان حضرت, و المأساة الأن
.......................
عندما يغشاك الضباب تلك الإحاطة التي لا مهرب منها سوي بالاستكانة , أنت تعلم جيداً أنك مهماً قاومت أو عشوائياً تخبطت
أنت تواجه سديم
.................

- لماذا لم تقاوميني مريم
استهلالٌ لرجل شبة عارٍ في ركن الغرفة القصي
غرفة ضعيفة الإنارة من الأساس ملامحة غير كاملة الوضوح أسفل شارب و لحية أخفت نصف وجهه
أبيض البشرة كأمة ضخم الحجم كأبية
يعاني بوادر اعتلال ف القلب لا يدرك عنها شيء
و اعتلال الروح هو مغموس فيه منذ عشرين عاماً
قد خاض للتو و لأول مرة الغمار علي جسد امرأة
- أنتَ عقابي
اعتدل لوهلة من علي مقعده المتهالك يواجه المتدثرة أمامه بملابسها الصغيرة التي لازالت مبتلة من ماء استحمامه المتناثر عليها بينما كانت تحك سواد الأعوام الماضية من علي جسده
فلا دثار علي الفراش ولا حتي شرشف
لا يوجد ما يسترها أمامه
بعد ما نزع عنها كل شيء
ترفع له عيناها الخاوية لتدحض ما تبقي من المنطق علي وجه الأرض بسؤالها
- ما أسمك
..................
كيف تتفادي الموجة العالية
لو كانت مرّتك الأولي فستخدعك قوتك الزائفة أمام نعومة مياه البحر الزرقاء في صباح صيفي رائق
فتجد نفسك مغموس في القاع
أما خضرمتك التي اكتسبتها من خوض المياه المالحة مراراً وتكراراً
فستأهلك و بجداره علي التماهي مع الموجة حتي تمر بسلام
....................
- ما أسمك
عيونه توسعت حاجباه ارتفعا حتي كدا يتوسطا جبهته العريضة وبدأ في الضحك
ضحك خشن مجروح حتي أصبته شَرقة فأخذ يسعل مع ضحكه الأن فقط فكرت أن تعرف اسمه
ضحك جذبها عنوه بغضب من بين سديمها الكثيف
الذي بدأت قطراته تتكاثف بين جفونها وتنزلق كعبرات
تتحرك من رقادها المخجل بتعثر مشين
ترتدي ثيابها بتخبط
تجابهه باقتراب , تخبره بسخط
ممزوج بدموع و ذنب تستحق عليه عقاب
- سمعت زوج أمي يترجى أخر ف الهاتف أن يؤجل له سداد دينه بخنوع يستحلفه بالله أن يصبر عليه قليلاً حتي يتدبر بعض المال ثم يصرخ و يخبره أن لديه ابنه يستطيع تزويجه إياها تجدد له شبابه الضائع مقابل التغافل عن الدين
سأباع جارية مره أخري رخيصة مرة أخري
و يا ليتني فعلتها

أنتَ عقابي الذي استحققته عند جدارة عندما رفضت رجل في الحلال كان سيصبح زوجي علي سنة الله ورسوله
كانت تدور حول نفسها في محيط الغرفة الصغير و عقلها المحدود به تلك الخاطرة كنبتة متشعبة جذورها في أرض الذنب الخصِبة

في تلك اللحظة هي هناك تحدثه من العدم
تدرك حقيقتها المجردة
أنها مفعول به فيما مضي و ستظل ،
أنها لا شيء في مواجهة الضباب
وتستحق عن جدارة نصل المقصلة
..................
في تعريف القوة لا ثوابت
ميزان بخلل كلما زاد اضطرابه زادت واقعيته
لا كفه قد تُرَجْح إلا بخسارات موصومة بالضعف
......
و عودة للوراء قليلاً لن تضرّ
......
كانت معه تحت الماء المنهمر
يدرك بلا جُهد الفرق بين قطرات المياه المنسابة و دفقات دموعها علي الوجنة
عيناها مثبته علي صدره لم تكن خجلة بقدر ما كانت مقهورة تحرك قطعة اللوف الخشنة بضعف و أطنان من الخسارات
أما عنه فهو مركز القوة الأن
ينظر إلي المرأة التي سيعاشرها بعد قليل
يدفع بالدماء دفعاً إلي أوردته و شرايينه
يضخ قلبه الدم في سائر جسده بنشوة
سيعاشرها بقوة مقته للحياة سيدفعها حتي الحافة و ستقفز ليتلذذ هو بسقوطها الحر
و حين أتي وقت السقوط وجد الضعف عَلِمَ الخلل
اضطرب الميزان بزلزلة فسقطت كّفْتاه و الكل علي فراش الخطيئة خاسرون
....................
كان لازال علي وضعه
- عقابك إذاً إلهي يا مريم

توقفت منذ مدة عن الدوران الذي بدأته معه
تنظر له كفضائي من خارج الكوكب
- و هل هذا سؤال و من سيعاقب إلا الله
تقدم منها بعض خطوات يدهس الأرض يعاندها
و هل تؤمنين بالله
ارتجت لوهلة هل هذا سؤال جائز
لتعانده بسؤال ربما تبطل عليه حُجته
- وما هو الإيمان ؟
لا إرادياً كان جوابه حاضراً و كأن ما مضي لم يمر ها هنا
الإيمان هو "الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى"
الإيمان هو
التصديق والإيقان أو الثقة في شيء أو شخص خاصة في غياب الأدلة المنطقية.
الايمان هو الثقة والتكريس في الله

(المصدر GotQuestions.org ) ماذا يقول الكتاب المقدس عن الإيمان )

و كان رداً ثابت بلا اضطراب ولا خلل
له مقدار و له اتجاه يؤثر على الأجسام فيسبب تغييراً في حالة الجسم أو اتجاهه أو موضعه أو حركته
و ذلك تعريفاً فيزيائياً للقوة أضاف لها نقطة ثبات

- ما قلته الأن يزيدني إيماناً أني أعاقب من الله
لهذا أنا رضخت أنا أؤمن بالله ,و أنك عقاب أتقبله بنفس راضيه
كانت يداه تتخلل خصلاته بجذب مؤذي بينما حروفها تتقاطر و نبرته مذهولة من منطقها المـُستسلم
و ما هو الإيمان يا مريم ...؟
و مريم لم تدرس يوماً معني للإيمان
لم تدرك نصاً أو تحفظ لفظاً, هي كحال الكثيرين تستشعر ,تؤمن بالبصيرة و تفند بالفطرة
توقن أن الله أنقذها يوماً ما من فخ الغي
و لا تعلم لما الأن هي في الدرك الأسفل منه




فاطمة طلحة 22-09-20 12:01 AM




الفصل السابع
.....................
السقوط الحر
..........
سقوط الجسم باتجاه مركز الأرض من دون التأثير عليه بقوة أخرى غير القوة المكتسبة من الجاذبية
و بحسب قوانين نيوتن : هناك مجال جاذبية متماثل بدون مقاومة للهواء وذلك لا يعنينا بشيء
((و من نحن لنلغي المقاومة))
وهناك مجال جاذبية متماثل مع تأثير السَحْب المضطرب
يحكمه عدة عوامل تحددها معادلة فيزيائية لم أفهمها حتى مع الكثير من المحاولات البائسة
مكوناتها كالاتي :
كتلة الجسم :- لدينا رجل يعاني خلل
:- لدينا امرأه تعاني خلل
عجلة الجاذبية :- حياة هو يهرب منها وهي تبحث عنه
:- حياة هي تبحث عنها و الحياة تهرب منها

معامل السحب : - اعتبرها خطوة للجحيم و هو يستحق
:- اعتبرته عقاب إلهي و هي تستحق

سرعة السقوط العمودي :
له : طالب جامعي ابن رجل دين مع أصدقائه الوجهاء مصفدين بالحديد في قفص اتهام و هناك قاض
و لها : أبو عبده
أم عبده
عبده
و زوج أم رغم خفة ربتتها على
الكتف تؤلم

مساحة مقطع الجسم العمودية على تدفق الهواء
: له زهر الأقحوان
: ولها السمن البلدي

كثافة الهواء : منزل والديه

و لها :
أغمضت عيناها قليلاً
وعادت طفلة مُشعثه الشعيرات مغبرة الملابس أثر لعب دام خمس ساعات في الحارة الضيقة
حتي لمحته من بعيد
أسرعت إليه و قبل القُبلة كانت تفتش بيديها الاثنتين في جيوبه الشبه خاوية عن حلواها
جيوبه التي لم تخرج منها أبداً صفر اليدين

.................
استيقظت صباحاً علي تأوه وصلها قوى حاد
رغم بعده
أمام مرأة الحمام الغبشة , بشفرة حادة و مقص حديدي صغير يشذب ذقنه و شاربه و شعر رأسه من الخلف
يسب و أثر دماء خفيفة على الشفرة
..........
و بمعطيات المعادلة السابقة و بفرض السقوط الحر من نقطة الصفر
فأنت خرجت من الضباب إلي صفحة بيضاء
حيث تعطي السرعة الختامية علاقة
فَسِّرها كما شئت فأنت في سقوطٍ حر
و بمكاملة السرعة بالنسبة إلى الزمن
تناولت من بين يده الشفرة و المقص
وبدأت هي تشذب تلك الشعيرات المتطاولة
وهذا يفسر سبب ثبات سرعة الأجسام بعد مسافة معينة من سقوطها
مهما زاد الارتفاع
فتظن أنك تمتلك الدفة ,يستقر قلبك , أنت مؤمن بالقدر
إذاً فسقوطك كان أمراً محتوم و السرعة ثابتة فلا مجال إذاً للخلل
ثم ترّتَجْ

- فلنتزوج
.......................





ثبات سرعة الأجسام بعد مسافة معينة من سقوطها
مهما زاد الارتفاع
(حقيقة علمية) لا مجال لإنكارها
قد ساعدت في نجاح الكثير في محاولات القفز من دون مظلة و الحفاظ علي حياة أصحابها
..................
سفاحة المنطق تنتهج النظرية بالفطرة
لم يرد علي الارتجاج ظَل ثابتاً
شكرها على المساعدة بتهذيب و بدأ في خلع ملابسه توجهت هي للخارج فوراً
تقرع أذنيها كلمته بترجيٍ ساخر
- ابقي

أغلقت الباب خلفها بقوة , ليزيد سخطها سخريته
الباردة من خلف الخشب المتأكل
.................
اغمض عيناه و الماء ينهمر
لا مجال للتراجع كان اختياره واضح ومحدد
بإرادته , بكِبره , بغَضبه
اختار
كان يظن أنه سيدفعها حتي الحافة تقفز ,ليتلذذ شيطانه بسقوطها الحر
والنتيجة رجل بائس و امرأة يائسة
معلقان ف الهواء
و صليب منقوش في نهاية معصمه
لم تلاحظه حتي الأن
...............
علي ذات الطبلية
مرصوص في الأطباق ما يبدو أنه إفطار
قابلها في جلستها
بدأ يتناول طعامه
- أنا ثيّب أستطيع تزويج نفسي من دون ولي ,معي بطاقتي الشخصية
تبرم خصلاتها البنية الباهتة تخلت عن حجابها , تخلت عن ملابسها , تخلت عن كل شيء سقطت من على الحافة
و سرعتها ثابتة , تحاول النجاة
- ما أسمك
رفع عيناه إليها و الفكرة تفور من بركانها الخامد
أيخبرها بحقيقته
ينسف ما تبقي لديها من ثبات ويحصل على الارتطام
الذي كان ينشده من أول لحظة
أم يكذب فتستمر المعادلة دون نتيجة نهائية
....................
هل تذكرون المقاومة

سأذكركم بها أياً كان حالكم الأن سأهديكم شرحاً ربما أعطاكم ذلك هدنة

مقاومة الهواء للجسم الساقط حراً مدفوعاً بالجاذبية
تحدث نتيجة احتكاك الجسم بذرات الهواء مخَلِفة ورائها دفعاً معاكس لاتجاه الجاذبية
أو بما يسمي
(قوة الاحتكاك)
.................

- لا
سهلة سلسة بسيطة خرجت من فمه كطلقة نافذة لقناص في مقتل
لترد له الطلقة من منطلق تساوي القوى
و اضطراب ميزانها
- ما حدث بيننا يستوجب زواج ، يستوجب توبة

و المقاومة
أو ما يسمى بقوة الاحتكاك تولد طاقة حرارية

أتونه اشتعل
و الوقود دموع في عيون زجاجية
تتطلع إلى الأرض ببؤس و قلة حيلة

قائلة
- بعد فعلتك تلك أنت الأن كل ما أملك
أنت زوجي أمام الله
حتى و إن أنتَ رفضت و ليستمر العقاب حتي أحصل على غفراني من الله
.................

إذاً و بمعادلة واضحة المفهوم
متوافرة المعطيات
و بحسبة بسيطة قد قدرنا
سرعة السقوط
و نتيجته
(الارتطام العنيف)
مما يسبب كسر رقبة يؤدي
إلي الوفاة مباشرة

و لن تجد أحداً يدفن جثتك
و لن يقام عليكَ صلاة
و ستصفد بسلاسل من سجيل إلي يوم يبعثون
فحظك التعس أرساك
بعقل
كاتب يدعي الجنون
أو


فاطمة طلحة 26-09-20 10:08 AM

الفصل الثامن و التاسع من
باب الجنة اتمني لكم الكثير من الاستمتاع
الفصل الثامن
.........................
هل لي من غفران
.................................
أبانا الذي في السموات ليتقدس اسمك ،ليأت ملكوتك،
لتكن مشيئتك ،كما في السماء كذلك على الأرض،
اعطنا خبزنا كفاف يومنا، واغفر لنا ذنوبنا و خطايانا ،كما نحن نغفر أيضآ لمن اخطأ واساء الينا،
ولا تدخلنا في التجربة، ولكن نجنا من الشرير
لأن لك المُلك والقدرة والمجد إلى أبد الدهور.
آمين.
المصدر : /ar.wikipedia.org/wiki/الصلاة_الربية


علي مقعد في أخر باحة الكنسية كفاه مضمومتان بأصابع متشابكة مرتكن برأسه إليها و بكاء , دموع تنهال بصمتٍ مذنب
ثلاثة أعوام و هو معقود في تلك اللقطة
أبيه يسقط علي الأرض و بريق عينيه يزوي بسرعة فائقة لا يستوعبها من وراء القضبان المعدنية يصرخ
أبي ي
و لا مجيب ... قبل أن تحجزه عنه الجدران المدفوع إليها
كان عَلِم أنه مات
........................
ربتةٌ خفيفة ورجل دين جاوره علي ذات المقعد في أخر الصف
- لما لا تجلس في الأمام و تكون في المقدمة
مسح دمعاته ونظر له بحدة مشروخة ليكمل القس بتساؤل - مُذنب
اطلب الصفح من الله إذاً
افحص ضميرك - أقرر بخطاياك ، و أسمع الإرشاد، وأخيرًا التكفير أو التعويض بأي من الصلوات أو الأعمال المحبة تعويضًا عن الأضرار الناجمة عن خطيئتك.
المصدر:
ar.wikipedia.org/wiki/
سر التوبة



كان يستمع للكلمات بصوت أخر و ملامح قس يحفظها عن ظهر قلب
يداه ترتعشان و أسنانه تصتك و صوت صريخ أمه في ذات اللقطة يَقطُر قهر
انتفض واقف و بشدة تراجع للخلف
- أنت لا تدرك أي ذنب اقترفت و في حق من أذنبت
خُطوة وكلمة
وخطوة و قاع لا قرار له
و خطوة و دموع تتحجر ,قلب يتفتت
باب الكنيسة الكبير يقترب
و نور الشمس في الخارج لم يكن ضي
الضي كان بالداخل عند المذبح
هو هجره منذ زمن بعيد ,لا يستحق غُفران لا يستحق حياة , فقط حفرة يدُفن بها ليتلقى عقابه
المسمى بين أروقة الكتب (جلد الذات)
و الواقع هو أسوء بكثير من أن تصفه حروف علي ورق
......................
غفراني من الله
..............
لقد استدعت المارد أتت به وبكل سهولة بين الجدران الضيقة
فأختنق
هو بالأساس مارد ضعيف روحه نزقه قصير الأنفاس غير مثابر ,مدلل
خرج من بين الجدران الضيقة إلي الرحب الواسع يتنفس بعُسر و الهواء البارد يشق صدره يوجعه
دار حول البيت و الأفق ممتد ظِل خفيف و الوقت ظهيرة
و أشعة الشمس تكسرها بعض الغيمات
و حقل صغير جداً ممتد لزهور الأقحوان
نبضات الحياة
طالما استكثرها علي نفسه لكنه لم يستطيع أبداً الاقتراب منها أو مسها بسوء
عكس من بالداخل
التي دمر حياتها في لحظة حالكة بقرار أرعن و فورة هرمونات حقيرة مكبوتة منذ زمن
و قرار تتضح معالمه بقسوة أمامه
سيخبرها بحقيقته و لتنتهي المهزلة
سيرد لها أموالها و ما معه من أموال
يهيئ لها مأوي و إن استطاع عمل و بذلك يكون قد ساعدها في تحقيق شيء ما حسناً لها
سيكفر عن ذلك الذنب ,يكفيه ما يقيد عنقه
والمارد يتنفس جيداً الأن
أكسجين نقي و أشعة الشمس ترتطم بالبتلات البيضاء لتزهو أكثر و أعمق تنير جزء شديد الظلمة في روحه بأشعة خفيفة من الضياء
لم ينكره و لن يفعلها أبداً
..............................
و من منا يستطيع الإنكار
أن تلك اللحظة قد مرت ها هنا وأنها
حرقت روحنا و تركتنا مدفونون في الرماد
تركها خلفه و ركض إلي خارج
و هي
أسفل الماء المنهمر
لحظة !!
هل تكرر ذلك المشهد من قبل
أجل ربما مرتان, إذاً فلنجعلها ثلاثة لأنها يجب أن تغتسل و مع الغُسل
محتم عليها اجترار ذكراه علي جسدها و هي تفرك أثاره بشده أحدثت شقوق و احمرار شديد
لو قارنا كفتا الميزان بعضهما ببعض لرجحت كفة فداحة ذنبها علي كفه مقتها له
و النتيجة صفر إلا إذا ....
وافقها المبتدئ علي الاقتراح وليد المقاومة
مبتدئ!! ... كان ذلك واضح جداً
و ابتسمت بسمه حنظل انفرجت من مرّها الشفاه
(هو لم يشعر به)
وتشابكت أصابع يداها بين جبهتها والجدار تبكي
........
هزة قوية لأصابع صلدة أفاقتها من نومها المضطرب
- أفيقي يا تعيسة
أجل هي تعيسة حاضت بعد زفافها بيومان ,كاد يفتك بها الكهل عندما أخبرته بذلك
و رغم حداثة سنها ما غاب عنها فرح عجوزه العارم و الأن هي في عيادة الطبيبة النسائية معها
و وسيلة تمنع الحَمل بالسنين و أبو عبده لم يتذمر من الفكرة هي هنا جاريته لمتعته فقط لكنه كان يبغض تلك الوسيلة و ما تُخلفه من ضيق أثناء العلاقة
كانت الحبوب أفضل يا أم عبده
و أم عبده ترد بقوة ملكة القهر التي لا تلتفت لفتات أشباه البشر
- و حينما تنسي واحدة ماذا سنفعل يا أبو عبده
وسيلة كانت تُصر الطبيبة علي زيارتها كل سته أشهر تراجعها للاطمئنان
لم تخبر أمها لم تكن لتهتم من الأساس
و الأساس عطِب
الأساس كان بالفطرة يقول يا رب و لم يسجد للرب يوماً
أم عبده كانت تسجد بالليل و تتجبر عليها بالنهار
و أبو عبده كان يسجد بالنهار و يتسَّيد علي روحها وجسدها في الليل
و الرحمة خارج الحِسبة و الإنسانية
ليست طرفاً في تلك المعادلة
فلتحضُر المأساة و لتبدأ المهزلة (سأغوى المبتدئ)
تفكير منحط
أجل و أنا كذلك منحطة مثل تفكيري
امرأة خَرِبة تركت رجل يجردها من ملابسها
يركض كفرس أهوج فوق جسدها في لحظة يأس
...........
لا زال خارج المنزل, تبحث بين ملابسه المبعثرة في خزانته علي ما يليق بها لاستكمال خطة إغوائه
لن تفعلها بعباءة سوداء مرة أخري

فتعثرت بسجادة صلاة
ومن نحن لنلغي المقاومة
فافي معادلة السقوط لها نصيب الأسد

أسفل الماء المنهمر
( لآ هذا كثير)
حقاً أنا أسفة - فلنجعلها مرة رابعة و لا أعدكم أنها ستكون الأخيرة

تغسل كفيك ثلاثة
تستنشق
تتمضمض ثلاثة
تغسل وجهك
يداك حتي المرفقين ثلاثة
تمسح علي رأسك و أذنيك
خلل الماء أصابع رجليك
و التَحِفْ بالستر
قف علي السجادة و استقبل القبلة
قل بقلبك قبل لسانك الله أكبر
اخفض عيناك أسفل بخشوع
استهِل بالفاتحة
و اقرأ الإخلاص
إركع و سبح الله العظيم
و اسجد
وسبح الله الأعلى
و أبكي و ادعى
واترك الهم يتساقط من بين خلاياك تمتصه الأرض
يا الله لقد عصيتك يا الله لقد أذنبت
يا الله انا ما لي سواك يا الله أعلم أني أخطأت
ارفع مقتك عني ارفع غضبك عني
لا تتخلى عن عبد ضعيف مثلي و لا تجعله يتخلى عني

حتي وإن قاطعت شهقاتك الدعاء
حتي وإن أعمت عيناك الدموع عن ظِله الممدود علي الأرض
حتي و إن زادت ضربات قلبك تلهث كالراكض في العدم
حتي و إن حاوطتك ظلمة بها أصبحت كغيمة ثقيلة
لم تعد تحتمل ثقل المطر فأنهرت
ثم
غابت عن الحياة
فقدت الوعي















الفصل التاسع
.......................
مينا رزق متّى
................
بطل الحكاية بلا منازع سيظل يخطو و يخطو فوق السطور دون كلل
و لن يلتفت لكم
بطل الحكاية انتهج الذنب و سطر القصة و طاف بالسرد أمام العيون
شحذ السكين و سن القوانين و أطل بعباءة راوي لا تليق به
نفي عن نفسة الحبكة و ظل يسرد التفاصيل
خارقاً مجمل المواثيق و عهود من قبل قد تُليت في
أروقة الكنائس و ساحات المساجد

الإيمان خلل الثقة وجع الأمل قاتل و حارق و سارق و مبكي
و الحب اسود
هو و ظله سيان تمتلكه كأنك امتلكت الوهم
و منذ متي و الوهم يصنع فارق
فيا بطل الحكاية
رفقا بقلب انتهج الوهم مِلة
و الوجع مبدأ
و الخلل ميثاق
لازلت تمتلك الدفة
لا ترفع الراية
لا تعلن الاستسلام
...........................
أخذتها الجاذبية بلا هوادة في احتضان صلد مع الأرض
أمام ناظريه
تحرك سريعاً يحاول إفاقتها من دورق المياه يسقيها جرعات ماء يبلل شفتيها , وجنتيها بالقطرات
يتذكر ... كانت هناك زجاجة عطر علي السراحة في غرفة والديه يركض حتي الباب الذي لا يُفتح
و الهلع يقوض قفصه الصدري
و المارد عاد يتخبط بين القضبان بذات الضيق المفجع
لما لا ينفتح لما لا يطاوعه المِقْبض
لماذا دائماً هناك عقبات
حتي أتاه الهمس من خلفه بحشرجة
كانت تترنح لا يعينها شيء علي الوقوف إلا مقاومة الوهن
فعاد لها مسرعاً
يحتويها بين ذراعيه
رفعت حدقتيها الزجاجيتين من بين تقويضه لها و قالت
- لا أعلم لك اسم حتي الأن
بنبرة خالط فيها الوهن الخوف والخوف خالط الوجع و الوجع خالط اليأس و اليأس خالط الأمل و الأمل خالط الإيمان و الإيمان خالط الثقة
و الثقة خالطت الفطرة
أن الله مجيب الداعي إذا دعاه
رفع عيونه عنها إلي ظل الصليب الخال ِ مكانه علي الحائط
وهمس
- محمد
أسمي هو محمد
............................
هل يجوز هنا سرد
لا أعتقد أنا نفسي توقفت بعد أن ظننت من قبل أن بي تلك المقدرة
إذاً
فلتأخذنا الأحداث حيث ما كانت و لنستمر حتي ننتهي
......................
هي الأن لا تحتاج للعطر
شربت القليل من الماء و طافت عيناها بالمكان
و لازالت نبرتها متوجة بالفطرة
- هل فكرت بكلامي محمد
و عيونه علي شفتيها تنطق حروف الاسم بتمهل
تظنه لهفة لها و بداخله هو جزع
- محمد لنكتب عقد
استقام من جلستهم المتجاورة منتفضا بحدة
- لا
و قبل أن تسترسل في وصلة تمني و ترجي و تذلل
هو في غني عنها الأن يكفيه كوارث... يكفيه
- أنا زوجك أمام الله
و زلزال تخلل خلاياه, قشعريرة باردة أرجفت أوصاله مما نطق به لسانه
و أنتِ زوجتي أمام الله
و عيونها تحتضن البلاطات أسفل منها بانقباض

- وكفي
استقامت تتشبث بذراعه بقوة ناقضت وهنها السابق أجفلته
- ولما لا نكتب عقد ليكون كل ما بيننا من الأن و صاعداً شرعي
حرر ذراعه و ابتعد خطوات مستنكرة يداه تحيط رأسه و عقله يصرخ فلتَكُفْ و لتكتفي
لتنتهي تلك المهزلة الأن
فيصرخ بها من علي حافة الخلل
- منذ قليل كانت دعواتك فقط أن لا أتخلي عنك
و الأن تريدين المزيد
لن يصنع العقد فارق أنتِ لا أهل لكِ من الأن إلا أنا
وأنا لا أهل لي إلاكى
ولسان حاله التناقض رغم صراخه يرفعها بكلماته إلي السماء
و يخسف بحالة أسفل سافلين

يسقط و سقوطه ليس حراً هو علي حافه البركان والقاع مسطح بالحمم
حمم تُشظى روحه تذيب خلاياه تحرق أعصابه
تُسعّر عيناه تزيده مقت
تعود به للمربع صفر

...................
- كم تريد؟
بنبره كلها لهفة أن الخلاص قد حان
- إيجار الغرفة خمسون جنيها في الليلة ستتشاركينها مع تسع أخريات
لترد متذمرة بخيبة
- تسعة
ناوش بمبسم نارجيلته الفضي الهواء حولها متجبراً
- هذا ما لدي ستدفعين إيجار الغرفة لمدة أسبوع ومن أول راتب بعد استلام العمل في المشغل بأسبوع ستدفعين الإيجار و هكذا
و أهم شيء بطاقتك الشخصية لن تسكني أو تعملي بدون بطاقتك الشخصية

رجل عثرت عليه بعد الكثير و الكثير من الكذب حتي تستطع الخروج من المنزل بدون إثارة شكوكهم نحوها
و كان حلم قصير المد و المدي
من أين لها بالمال أمها لا تملك إلا الفتات و نائبة الدهر زوجها يحتفظ بالمال في درج يغلقه بمفتاح
الحل سرقة إذاً
و بطريقة لا تستدعي شك
ورقة بمائة و سبع بخمسين و خمس وريقات من فئة العشرة جنيه إحداهما مقطوعة
و بعض الجنيهات المعدنية
حسناً كانت تتوقع ان يكونوا أكثر من ذلك لكن لا بأس حمداً لله أنهم ليسوا أقل
حينما يطلع النهار ستأخذ شنطة ملابسها من أسفل الدَرج و تهرب
لن تتركهم يبيعوها مرة أخري هم يقبضون الثمن وهي تتذوق الذل والهوان بكل أشكاله
ستعمل و تكد تستجمع مال لتؤجر منزل لها وحدها
و ربما تكمل تعليمها يكون لها صديقات يكون لها حياة تتنفس أخيراً
و ربما ,ربما تصادف رجل يجذبها و تجذبه
يهادنها و تهادنه يحمل لها من المشاعر أحلاها
و هي تبادله
رجل تبني معه الحلم تتسربل بالسعادة
تخطو معه ما تبقي من العمر في أمان ذراعيه
وجنة وجوده
........................
- مريم ... مريم
كانت خشنة زاعقة نفضت عنها الذكري وأحضرتها هنا للفردوس
- هيا... اخلعي ملابسك






فاطمة طلحة 30-09-20 01:06 PM

الفصل العاشر من رواية باب الجنة
.................
الفصل العاشر
........................
فخ الاعتياد
.............................
حكمت المحكمة حضورياً علي كلاً من
مريم سعيد السيد
مينا رزق متى
لحظة واحدة هناك لَبْس.... سوف نعيد اللقطة مجدداً
حكمت المحكمة حضورياً علي كلاً من
مريم سعيد السيد
و محمد رزق متى
بالحبس معاً في جزيرة من الخُبــــال وسط بحر من الغفلة يتجرعون سعادة وهمية
ظاهرها الرحمة باطنها العذاب
.......................
- أين عثرتي علي تلك السجادة
كانت تلملم فوضي اشتعالهم السابق في المكان
توقفت تمعن النظر في عيونه مستغربة
- في خزانتك بين ملابسك
و عادت تكمل دون اكتراث .... اغضبه
توجه إلي علبة تبغه .... التبغ هو متنفس غضبه الكامن في عروقه منذ زمن يلفظه كعادة لجئ إليها بعد إقلاعه مجبراً عن المخدرات في السجن ويهرب به من ضغط الحياة عليه
- من أذَن لك بالعبث في ملابسي
- حقاً...
استدارت له بجسدها كلياً و العزم باد في عيونها و علي ملامحها
تقمصت دوراً وإن كان يرفضه فستجعله يقبله برضاه أو مغصوب عليه
- من الواضح أنك لم تعتاد وجود امرأة في حياتك و ظني الذي لا يخيب أنني الأولى
عيونه عليها ساخطة
عيونها علية متوجسة لكنها لن تتراجع الأن
أنا أريد ملابس بكل أنواعها أنا أنثي و أظنك تدرك ذلك جيداً
بإشارة الي جسدها الذي كان ينهت عليه منذ قليل
سكوته شجعها بالاستمرار في الحديث دون مواربة
- هذا المنزل كله يحتاج تجديدات
لن نقوم بها دفعة واحده أولاً نحسن الإضاءة
النور الضعيف يؤذي عيني سنقوم بتجديد لون الحيطان بلون أبيض أنا أحب اللون الأبيض
و قدميها تتحرك بها لاإرادياً خارج الغرفة
- خشب الأثاث ممتاز أنا أعلم ذلك
و لهجتها تتفاخم
- يدعي زان سنقوم بتلميعه
ترفع ذراعيها للأعلى في الهواء ترسم لوحة للغد تعيش الحلم
تتناسي أن تساقطت منه أجزاء كثيرة كانت مهمة في مشوارها الحتمي أجزاء كانت ستبني الوعي و الإدراك
إدراك كان ينمو و يتعاظم أمام عينه أنه غير موجود
وأن الفتاة الهاربة بيضاء السر والسريرة
بدرجة مفزعة
ساحقة المنطق عن جدارة
استغل ضعفها أسفل وطء ضعفه
و النتيجة تتجلي الأن أمام عيناه
ألقت ما مضي في يومان بجعبة نسيانها العميقة تبني صرح خاص بها تقيم أوصاله و لو كان بلا أساس تغرز أناملها بالتربة الجدباء و تتوقع ازدهار غابات
ترسم لوحة مشتتة الألوان تناظرها علي أنها معجزة
و ببرجها العالي تتناسي أن زمن المعجزات ولي و فات

...................
قدميها ظلت تسوقها علي البلاطات الباردة حتي باب المرحاض
و من ثم اختبأت خلفه
يزداد يقينها بعبثية جدوى ما تفعله معه و لكن لا مفر
إنه فرصتها الأولى و الأخيرة والوحيدة
لم يعد هناك خيارات أخرى متاحة في الحياة إلاه
((محمد))
بيته بسيط مقارنة ببيت زوجها السابق و لكنه أفضل
هو بيتها وحدها و ستستغل ذلك جيداً
ستوافقه علي كل متطلباته
ستشبعه منها حتي أخر فتات جوعه
لن تتركه يتلفت إلا و يجد لمستها قد حاوطته
ستمحي ماضية الذي يطل من عينيه بتعاسة كلما غاب عن واقعه معها
ستطبخ له طعامه
تنظف له منزله تدفئ له فِراشه ستَجُره بنعومة الاحتضان و سلاسة الصمت و انسيابية اللمسات
إلي فخ الاعتياد
........................
حكمت المحكمة حضورياً علي مينا رزق متي
و بجلسة سرية
لم يحضرها حضرات المستشارين ولا المدعي العام و لا محامي الدفاع
فقط هو و............. قاضيه
بالحبس في زنزانة العتمة بقاع بئر جاف في صحراء الإثم القاحلة
والجريرة فتاة تعلق ذنبها برقبته
كلا .... الجريرة موشومة أسفل معصمه
الجريرة أنه تناسي هويته
الجريرة أنه و في سَقطة مستمرة مد يده علي أحد مناديله القماشية و لفها حول صليبه ليخفيه
.......................
داخل المطبخ الصغير ترتدي بنطاله المحكوم حول خصرها بحجابها الاحمر و إحدى كنزاته القطنية
تعيد ترتيبه قطعة جوار قطعة تبثها عزمها المعقود بداخلها منذ أن أقرت رسم القادم بفرشاتها الخاصة
تتناسي الماضي تتغافل عن المستقبل
و الحرب رغماً عنها تدور رحاياها بالداخل مسطح من مياه ساكنه و القاع يغلي
....
- كيف مساءك المر هذه الليلة يا عجوز
والعجوز تنظر إلي ربيبتها , ابنة الخامسة عشر الغرة
أصبحت غولاً في العشرين
- علقم كأيامك القادمة حتي أخر العمر يا بُريص الحوائط
للملت حالها المبعثر من الأساس في محاولة لا طائل منها كالعادة
- أما آن لنا أن نفترق يا زوجة الكهل لقد مللتك و مللت زوجك المقزز هذا حقاً
أصبحتم تثيرون غثياني كلما جمعتنا أنفاس الهواء في ذات المكان
تتقدم اتجاهها بغنج متسلق مثير للحنق
عامدة القرب راغبة في الفورة لقد أصبحت تستلذ العذاب , يشتاقه الجسد ويقتات عليه وجع الروح
التصقت بها
و العجوز مصابة بالتهاب المفاصل الذي لا علاج له
فتخبرها
- هل تبغين سماع حكاية صغيرة حدثت بالأمس تدور حول رجل مستنزف البنية فوق جسد صبية
و نالته
بكل حرارته و قسوته ذلك الارتجاج الذي يصيب عينيك ,يطن في أذنيك , يدور بك في فلك الحسرة ثم يُسقطك بلا قيمة
لم يمنع العجوز التهاب مفاصلها و لا الألم و مشقته في كل يوم و ليلة
لم يمنعها
أن تقتص لحال زوجة طالما كانت السند ، كانت الاساس الذي بُني عليه معبد حياتها في زوج و أولاد
لتفاجئ بأخري يستوطنها شريك عمرها تقاسمها تراتيل العبادة و جني طرح لم تسقي أرض زرعه في يوم ما

صفعة عَلمت أصابعها الخمس فيها علي الوجنة الباهتة
و العجوز رغم الألم تكابر
- أردتيها ونلتيها يا عديمة القيمة
فتتبسم المغلوبة علي أمرها بجزل قميء لنفس ممزقة
و خطواتها تتراجع حتي كأس عصير المانجو البارد الذي كان ينتظرها فوق صنيه تقديمه
حملته بخنوع و خَطت بعيداً جداً كحَجَرٍ صغير مُصمت قُذف لأعلي وهبط أمام باب حُجرة عبده





فاطمة طلحة 10-10-20 11:49 AM

الفصل الحادي عشر
......................
أبغي هدنة ..... كيف حالكم معها
...............
لا تهتمي في ايقاع الوقت و اسماء السنوات أنت امرأة تبقي امرأة في كل الأوقات
أنت امرأة لا أحسبها بالساعات و بالأيام
, أنت امرأة تسكن جسدي قبل ملايين الأعوام
أنت امرأة صنعت من فاكهة الحب
و من ذهب الأحلام
يا سيدتي ليس هنالك شيء يملئ عيني لا الأضواء و
لا الزينات
و لا أجراس العيد
و لا شجر الميلاد
لا أتذكر الا وجهك أنتِ
لا أتذكر صوتك أنتِ
تعالي تعالي تعالي
هاتي يديكِ اليمني كي اتخبئ فيها
تعالي تعالي تعالي
هاتي يديك اليسرى كي استوطن فيها
قولي أي عبارة حب
حتي تبتدئ الاعياد
سوف يظل حنيني أقوى مما كان، وأعنف مما كان
أنت امرأة، لا تتكرر في تاريخ الشعر
و في ذاكرة الزنبق و الريحان
فاكهة الحب ــــــ كاظم الساهر
..............
لا جدال أن تلك الكلمات تتمني سماعها كل امرأة
(فطرة حواء)
إذن أغلقي قصتي الكئيبة المريبة تلك
و حلقي أنتِ مع اللحن .... اغمضي عيناكِ و طيري بين الغيمات
أنت امرأه كلك قُدسٌ، كلك صدق، مزدانة بثبات
مهماً كنتي عروسة بحر أو جنية أو ساحرة للعنات
أنتِ الحلم علي أرض الواقع ،أنتِ حقيقة الخرافات
أنت قصة كل كتاب حكايا , مفتاح بداية كل الروايات

.......................

و ذلك السرد لا يخصنا في شيء
هدنتنا ها هنا
حكاية رجل يخالط امرأة
......................
سيف طروادة
..........................
و كما تقول الأسطورة طالما السيف سيظل في أيدي الطرواديين فسيظل لهم مستقبل ويبنوا شعبهم من جديد
..........................
ذات صبيحة ككل صباح شروق شمس رائق على الفردوس
مريم تُرسخ القاعدة ,تغزل بأناملها أسوار وهمية تحيطه , يرتطم بها كلما حاول الفرار
و طروادة مدينة
تحكي أسطورتها أن بوسيدون إله البحر بناها برفقة أبولو إله الشعر والفنون فأقاما مدينة يشهد لها من في الأرض بالعزة والجبروت
............
- ما هذه الملابس التي أحضرتها لي
- ما بها الملابس
و التبغ بين أصابع يديه لا يفارقه
- كلها واسعة أكمامها طويلة و أين ملابسي الداخلية
و أريد قمصان قصيرة وبلا أكمام تكون قطن صافي
ليست عباءات طويلة كأني عجوز في التسعين
ثم أن الجو حار
نريد مروحة أنت لا تتركني أفتح حتى نافذة وأنت لست بالبيت
فيرد عليها ببرود الأباطرة
- كر كر كر
و يداه تدور أمام عيونها
و لن يدخر جهداً في الإشارة إلي آلة الزن التي جلبها بنفسه لنفسه تقيم على جمجمته احتفالا بقرع الطبول

و تتابع الأسطورة بأن هناك مولود للملك تتنبأ كساندرا أخت الملك أنه سيكون السبب في دمار المدينة يدعونه (باريس) أمر الملك بقتلة إلا أن الخادمة وضعته علي الجبل
لينشأ راعياً للأغنام
................
- مالك أنتِ ومال القمصان القصيرة
فتتشبث به كطفلة تتطلع لحلوي العيد
- أريد أن أتزين لزوجي العزيز
و يزداد قرع الطبول و يزداد سحبة لأنفاس التبغ
...............
و علي جبل الأوليمبس تتناحر ثلاثة من الآلهة الحسناوات
أفروديت إلهة الجمال
أثينا إلهة الحكمة و المجد
هيرا أم الآلهة ... إلهة السلطة و السيطرة
............
- أريد خلاط
- ماذا
وضعت كوب الشاي الساخن على الطبلية بحزم
- أريد خلاط لأعصر البندورة محمد
تلك القوة التي تتحدث بها تليق بقائد كتيبة تستعد لحرب
- و كيف كنتي تعصرين البندورة الشهريين الماضيين
و مريم تفند حركاته
عاقداً ذراعيه أمام صدره أول خطوة في طريق المعركة
- بيدي .... لكني تعبت
يكفي أنك فاشل في انتقاء الخضروات
أحتاجها للسلاطة تحضرها طرية لا تصلح
أريدها لليخنة تحضرها مثل الحجارة
..........................
و الملكات الثلاثة كانوا يتبارزن من منهن الأجمل
و ليكون الحكم لإنسي
وباريس يسير بين الوديان يرعي أغنامه
و الحرب خدعه الحرب ليست عادلة
أثينا أغرته بحكمة لا تنتهي أبداً
_كيف أعصر بندورة بيدي يا زوجي العزيز

هيرا أغرته بالقوة و السلطة
- و أنت الحاكم الآمر المسيطر هنا

و أفروديت أغوته بأنها ستهديه أجمل نساء العالم لتكون بين طوع يديه متى اشتهى
و تلك حكاية أخرى تحاك خيوطها خلف بابهم المغلق كل ليلة تجمعهم سوياً

و اختار باريس
أفروديت فأهدته هليين الطروادية ملكة إسبرطة
زوجه مينالاوس الإغريقي و أعادته أميراً مرة أخرى على طروادة
.................
و كساندرا ظلت تطوف بين الطرواديين تثنيهم عن قبول باريس بينهم و الكل صار ينبذها
فكساندرا منذ زمن أحبها الاله أبولو و لما صدته برفض
وهبها البصيرة و لعنها بأن لا يصدقها أحد
فصارت وسط الطرواديين كالمجنونة
و مجنونتنا
تظل محبوسة بين الجدران بالأيام وهو بالخارج يعمل على شاحنته ,
ممنوع عليها في غيابة أن تفتح نافذة
و حينما يعود يأخذها قرب الغروب للتبة تلهو برمالها الناعمة
يتطلعان للشمس و هي تغيب
أو يتجول بها في الفردوس بالشاحنة بعد منتصف الليل والناس نيام
و مزارها المفضل جوار الأقحوان
يحكي لها مغامرة أمه مع تلك الزهرات
أما عن جنونها الذى يزداد ليلاً
فتقيم المنزل رأسا على عقب

حتى أنها كانت احياناً تتجاهل أوامره بالاقتراب من غرفة أبويه متعللاً بأنها ذكراهم التي لا يرغب بأن تمس
و يقين حاله يكاد ينطقها أن تُدنس
فتحاول أن تفتحها
أو تبحث عن المفتاح


و الدنس في الأسطورة

أن افروديت لتفك دينها من باريس أرسلته إلى اسبرطة، فاستغل غيبة مينالاوس وأغوى زوجته هيلين التي فاقت كل نساء الدنيا جمالًا،
والتي حين جاءها كل ملوك الإغريق خاطبين، اختارت منهم مينالاوس ملك اسبرطة
وطلب أبوها منهم جميعًا أن يقسموا على حماية شرفها,
ليهرب بعدها باريس الطروادي
بها إلى طروادة
فثار الإغريق لشرفهم، بينما لم يستطيع الطرواديين تسليمها لهم
فقامت الحرب
..................

- ما هذا...
بشراسة حادة
- ليس هذا الشامبو الذي طلبته منك هذا غير ملائم لشعري
- كله شامبو يا مريم
و مريم تقلب في الزجاجة التي بين يديها باستنكار
- كلا لقد طلبت منك نوع أخر وصفته لك قلت لك على اسمه
يتقدم منها الخطوات الفارقة بتهديد متراخ
- لقد وجدته ووجدت أن ثمنه خمسة و سبعون جنية
هذا ثمنه ثلاثون سينظف شعرك ايضاً
والوضع يحتاج نبرة صوت عالية فمحور حديثهم هنا عن العزيز الغالي
- سيتلفه و ماذا فيها إن دفعت خمسة و سبعون جنية في زجاجة شامبو لي
و بنبرة خافتة تثير خوفها رغماً عنها
- أنا لا أجد النقود ملقاة في الطرقات يا مريم
أنا رجل أعمل بكد و جهد
غير أن العربة تحتاج الى مصاريف يجب أن أهتم بها إنها من تطعمنا
فتتباكي مسكينتنا هنا
- و أنا ماذا أفعل
فيستحوذها بلين و ضمة
- أنتِ تطعميني أنا
و هنا تدق طبول الحرب و يزداد القرع بدفعة من يديها تهز ثباته
- إذاً يجب أن تهتم بي مثل عربتك أيها الأحمق الضخم

- أنا أهتم بك مريم، أنا أحضرت لك شامبو ,أنا لم أتركك تغسلين السيد شعرك المبجل بالصابونة كما أفعل أنا بشعري

و المقدمة ضربها العدو الصديق بمنجنيق المنطق
و ناحرة عنق المنطق لو كان رجلاً
الأن تتقهقر
- أنت جيداً إذاً و أنا العجوز الشريرة
- كلا مريمي بل أنا هنا الشرير الضخم
..................
عشر سنوات و لم تهدأ الحرب
بين طروادة و الإغريق
طرفان متعادلان في القوة و الدهاء
و عشرة أشهر قضتها مريم بين جدران هذا البيت تتشرب تفاصيله قطرة قطرة
حتي زوجها أصبح له مفاتيح أدركتها مع الوقت
لها أن تنقش معه يومها بكل حرية متاحة حتى عنان السماء , لا نبش في وجع الماضي و لا حديث عن أمل في المستقبل
و طروادة قوية لا تُقهر تحت أي حصار
استمرت عشر سنين
حتي ليلة أتي فيها سينون جاسوس إغريقي
أقنع الطرواديين بأن يتقبلوا حصان الإغريق عربون المهادنة
و بالرغم من تحذيرات
كساندرا
احتفل الطرواديون برفع الحصار
وعندما خرج الإغريق من الحصان داخل المدينة، كان أهل طروادة في حالة سُكر و تلاهي.
ففتح المحاربون الإغريق بوابات المدينة للسماح لبقية جيشهم بدخولها
.................................
تشتاق لمعلقة سمن بلدي
معلقة واحدة فقط
وهو غائب له أربعة أيام ولا تعلم متى سيعود بالضبط
حالها متغير أصبحت تقضي أغلب فترة غيابة في خمول متسطحة على وسائد المعيشة بالقميص القطني الوحيد الذي أحضره لها
بعد معاناة
وفكرة مجنونة تلوح بالأفق عادتها الشهرية لم تعودها منذ شهر
و ها هو الشهر التالي يكاد ينقضي
.........
تتذكر ليلة استفاقت علي صوته يهمهم و هو نائم
ماري
فتبخر ما بجعبتها من هوادة تدفعه و هو نائم أفزعته
ليصرخ مبهوتاً و صوته محشرج
- ماذا
- من ماري أنطق
كان مذهولاً يطالع يديها التي انطبقت أظافرها تخمش جلد صدره بافتراس يستجمع أنه حقاً كان يحلم بها
-أمي
انطلقت منه بغتة جمدتها حتى عاد عقلها يعمل
بنبرة ساخرة تكذبه
- أمك اسمها ماري
تضيق عيونها تبارز حدقتيه الثابتين عليها
و هو صامت لم يرف له جفن
فتعاود الحديث متراجعة
- حسناً أنا أصدقك
و هو كاذب ها هنا و لن تصنع تلك الكذبة فارق
أمه تدعي ماريانا
دلال ماري كان خاصته هو فقط غير مسموح لأحد استخدامه
نفض حاله من قاع الكذب المظلم المنغمس به منذ زمن و تطلع إليها بمكر و بنبرة ناعمة
- هل تغارين يا مريم هل تحبيني
يداه تحاوط وجنتيها يحاول بث طمأنينة يمزجها بدلاله لها
وفي تلك اللحظة هي تتبدل لأخرى
- توقف
تدق كتفه بخشونة تتباعد عن مرمي يداه بصلابة
يتقاطر القهر من بين حروفها
- أنا أخشي أن تتركني و ترحل فحسب
أي كان السبب
أما الحب يا عزيزي للبلهاء ، من مثلي لا يمتلك رفاهية الحب
و اعتدلت تتطلع له بتحفز كأنها ستقول سر حربي
- أم عبده كانت لديها ابنه
فيتراجع عنها بملامح منقبضه هو يكره تلك السيرة
و هي تتحدث عنهم كأنهم من أنجبوها و ليس من أذاقوها العذاب و الهوان
تسترسل بطلاقة أم تحكي قصة قبل النوم
فاضجع علي جانبه مستسلم
كفه أسفل وجنته ينظر لها بشفاه مقلوبة
يستعد لوصلة من الثرثرة عن أسرة الفضل و الفضيلة, يغمغم
- احكي يا شهرزاد
و هي تتطلع له باستنكار مسترسلة
- كانت كل يوم أو يومان تأتي لأمها
تشتكي من زوجها و تبكي و تبكي كثيراً جداً
كنت أتلصص عليهم بالساعات
تبكي دموعا لم أكن أبكيها حتى عندما أُضرب
و تتكسر عظامي تحت قوة عكاز العجوز

و تتحول نبرتها لأسى و هو يزداد غيظاً منهم و من جبروتهم
ومنها ومن تعاطفها الأخرق

- كانت تبكي كَسرة القلب, لم يكن يضربها مثلما كانوا يفعلون معي
كان يخونها ,يهملها و يهينها بالعين لا بالكلمة
و المسكينة كانت تتكسر من الداخل يُفتتها فعله

و الجريرة أنها كانت تحبه
الحب أسود يا محمد
الحب قاتل و سارق
الحب مبكي و حارق
الحب مفجع و قاسي حين يتملكك يستعبدك
و العبيد في الأرض للإهانة والذل و الشَقَي

ظل على وضعه يتطلع لحدقتيها بتيه
كأنها طرقت علي وتر داخله فأحدثت زلزلة
فعاودت الحديث بحزن هامسة
- أريد أن أخبرك بسر من الضروري أن تعلمه
أغلق عيناه فترددت
فتحها ثانية بنظرة مختلفة كأنه كان يهيئ نفسه
لتقص عليه حكاية وسيلة منع الحمل
و رغم أن ملامح الراحة التي تفضلها دائماً في تفاصيله
كانت بادية عليه بقوة
إلا أنها و لأول مرة تحزن منها معه
.................
كان ذلك منذ زمن
و الأن على أرض الواقع هي تشك وبشدة أن ثمرة تلك
الليالي تتشكل برحمها كيف
لا تعلم
لقد كانت الطبيبة دائماً ما تصر على المراجعة
متعللة بعلل لم تفقه منها شيء

رغم حرارة الأجواء
إلا أن برودة تسللت لأوصالها
فقامت تتلمس الدفء على الفراش








فاطمة طلحة 11-10-20 06:37 PM

الفصل الثاني عشر
.............................
حصان طروادة
..............
طالما تغنى به فلاسفة الإغريق و شعرائهم
أسطورة النصر الدائم أبد البشرية

حصان خشبي
ضخم جداً بناء متكامل أجاد بنائه الإغريق
يقال أن هيلين الطروادية سبب الحرب من الأساس و أمير يدعى هيكتور قاما بفحص الحصان بنفسيهما
للتأكد أنه ليس خدعة أو مكيدة ما من الإغريق للنيل من طروادة بأي شكل
الحصان كان بداخله كتيبة من أمهر جنود جيش الإغريق أجادوا إخفاء أنفسهم بشدة
............

لم يكن يتخلى عن منديله القماشي
حتي أنها أصبحت عادة لديه لم تتسأل عنها أبداً كان يلمح التساؤل بعيونها في البداية , يتغافل عنه و هي بالأصل فتاة مهادنة حاولت من قبل سؤاله عن والديه وكان حاسماً في تلك المسألة
محمد الزاهي
و إن كان استغل اسم صديقه فلا ضير من استخدام كنيته ايضاً
فقط الغرفة المغلقة علي سره كانت المشكلة
وجدها تعبث بالباب مرة ونهرها بعذر واه
و مرة بزمجرة
و مرة ناطحته فيها ... غرفة ببيتي أريد استغلالها
و مرة كادت أن تختنق بين ذراعيه في تقويضة قوية
و هو يهمس بنبرته المخيفة
لماذا مريم....
لماذا لا تكفي عن الاقتراب من تلك الغرفة
و مريم تتبتل بين يديه
تناغمه بهوادة تمتص حنقه
بمهادنة مخضرمة تزداد نضج كلما مر بينهم وقت
(أريد أن أتعرف عليهم من خلالها)
وتقصم قلبه و تدق عموده الفقري بكلمات
و تزداد اللعنات
و هو لم يدخلها منذ أخر مرة كان فيها
تلك الليلة التي بعدها تغير كل شيء أخفى
المفتاح جيداً
و أصبح هاجسه أن تعثر يوماً عليه و تكتشف الحقيقة
عمله , عمره , تلك جُل معرفتها به
و اسم والدته الذي أقر به في أحلامه تلك الليلة التي لن ينساها أبداً
تلك الليلة التي أفزعته من نومه
كانت أمامه بوجه لم يره فيها من قبل
تَشَقْق صدره و هو يسمعها
سحبته بحبال غليظة لفتها حول عنقه خنقته بمجرد كلمات
كان يتمني أن يغرق معها في وهم الحب و لو لبرهة خداعة , لكنها فاجئته

ساحقة المنطق أخيراً نطقت كلمة حق ..
أجل الحب سارق و حارق , مفجع و مبكي
أباه أحبه و حبه سرق منه روحه في لحظة قصد من الغفلة
حرق قلب أمه عليهما الأثنان معاً فماتت قهراً وكمداً بعد سجنه بأقل من عام
و هو يبكيهم
و الطريق خالٍ والشمس في طريقها للمغيب
و ها هو يعود لقلعته و أميرتها المجنونة
يحمل بعض الخضروات و الفواكه تعمد أن لا ينتقيها هو مخصوص عل و عسى تُعجب المتنمرة وينال الثناء المُحال
والبيت خالِ
و لا مجيب لندائه إلا الصدى
وجيوش الإغريق خرجت من الحصان لم تجد الطرواديين سكاري يترنحون في الأروقة يحتفلون بانتهاء الحصار
..................
و بجوار باب معبد أبولو كانت تغزل ثوباً وتنظم شعراً
برسيس
أجمل عذروات طروادة وابنة عم الملك لمحها من بعيد و بصدفة مُقَدرة
أشجع شجعان الجيش
أخيل الذي لا يُقهر قائد الجيش الإغريقي مهما طالته السهام أو الخناجر لا تخترق جسده أبداً
و لمحة لذلك الجسد الفتان
أشعلت نيران بداخله لم تُوقد من قبل فاعتاد النظر بافتتان واعتادت هي تلك النظرة
هل وقع في الحب .... أم في الفخ
تلك ميثولوجيا إغريقية
لا علم لي بها
ما أعلمة ويذكره التاريخ أن
بعد نجاح خطة حصان طروادة خرج أخيل يبحث عن الجميلة
وجدها كما تعَوّد لم تبارح المعبد و بين يديه كان يرفعها لأعلى استعداداً للهرب بها
إلا أن سهم باريس النافذ إلي كَعبُه بالمصادفة
كانت نهايته
أخبرها باريس وهي في أحضان أخيل تبكي بأنه يوجد ممر سرى بالقصر يؤدي إلى بر الأمان خارج المدينة تماماً ويجب اللحاق بالطرواديين للذهاب إلى مكان آمن ليحافظوا على سيف طروادة

هل تذكرون السيف
كان مستلقي كالعادة بعد قيلولة دامت ساعتين
يحث نفسه على الحركة
فالملل هنا قاتل من دونه
لا راديو و لا تلفاز ولا توجد أموال لتلك الرفاهيات أصلاً
ولا طعام .... أجهزت عليه كله
و تريد غلالة
و لسخرية القدر ستكون تلك مرتها الأولى بعد زواجها من الكهل و كل تلك الليالي
تتماهي معه في سِرب الوهم
غلالة تتذوق بها خجل العذروات و إن كان الأوان قد فات
فهي لا تتذكر مما للعذروات سوي القهر

و أمام مرآة المرحاض الغبشة قرأت في عيونها تلك الرغبة الطواقة
هي جائعة لكنه جوع بنكهة مختلفة
لا تريد لذلك الشعور من تفسير يكفيها أن عيناها تتلألأ
سترتدي عباءتها السمراء و حجابها الأحمر و ستذهب لسوق القرية سيفاجئ أن خوفه عليها غير مبرر و أنها ليست تلك الغافلة التي يعتقد
وتبدل الحال لا إرادياً
................
هي تعلم جيداً أن من مثلها لا يُخشي عليه
...............
علي الطريق تسير
أموالها في حافظة قماشية صغيرة أحضرها لها مرة من سفرة
تجاورهم بطاقتها و مفتاح الباب الخشبي الخاص بها
كان متواجد أمامها من قبل في جارور صادفته مئات المرات
لكن بعد إهدائه لها صار أثمن ما امتلكت في كل حياتها
مفتاح القلعة
و الطريق طويل و الشمس حارقة




و عصير المانجو بارد
منعش
كانت تترك به بعض القطع من اللحم الأصفر الشهي لأن ذلك يسعده
عبده
كانت تتعمد ارتداء عباءات واسعة لأنها تثير خياله
و هو يستكشف بيديه جسدها قطعة قطعة
و بدأت القصة المقيتة بمشهد علي التلفاز لسيد المنزل يغازل الخادمة
و ليلة بعد ليلة تختمر المكيدة
و الفتى ليس أخرق هو يعي ما يفعله جيداً
بذرة خَربة من الأساس
أب لاهي
و أم لا وجود لها إلا علي مائدة الطعام
و هي ...
أخرى مزق القهر و الانتهاك أوصالها
إن لم تنجد حالها الأن لن يشفي غليلها منهم إلا القتل
فقط الصبر المر هي كل ما تحتاجه
وخُطة لاستدراجه

و تركت للفتى منها كل شيء , كل شيء إلا الذروة

ووعداً أن الليلة الموعودة ستكون في غرفتها
هي

فَتحت عيونها فزعة على لهاث لمساته
تقابلت الأحداق
و تناثر الواقع مُهشماً على الفراش
المُدلل حضر
هو يعي ما هو مقبل عليه عيونه أقرت و شفاهه نطقتها بهمس خفيف شحذت أذنيها له
- لقد أتيت على الموعد
إلا أن صرختها التي رنت في المحيط حولها بإرادتها صرخة تعمدتها عالية رجت البيت بأسره
و عليها كان زوجها المتغافل وعجوز المكيدة في الغرفة
تبكي وتولول وتقسم أنه لمسها و يداه انتهكتها
وتحمد الله أن ألهمها الصراخ
الذي أنقذها من الهتك
.......................
هل أخبرتكم أن حرب طروادة خدعة
وأن هوميروس الإغريقي كان به من الخُيلاء و العزة بالإثم
أن يؤلف ملحمتين جبارتين في الأحداث (الإلياذة و الأوديسة )
بناءً علي كذبة
و أن لا أثر لطروادة على الأرض , أن لا وجود لباريس
و لا هيلين
أن مينالاوس تزوج جارة قصره الحسناء و عينها ملكة قلعته و انجبوا صبية حسناء أسموها أثينا
و حكم اسبرطة بكل عدل و يقين

أن برسيس خيال و قوة أخيل أكذوبة

...............
أخبرك
أن مهما كانت أسفل منك الأرض صلبة لا تأمن فخ السقوط
و أن لا هناك حصان و لا وجود لسيف طروادة
السيف الذي طالما ظل في أيدي الطرواديين فسيظل لهم مستقبل ويبنوا شعبهم من جديد





فاطمة طلحة 25-10-20 11:07 AM

الفصل الثالث عشر
..................................
الارتطام العنيف
.................
صوت الطرقات علي البوابة الحديدية أخرجته من المنزل بسرعة
يا إلهي
و عيونه علي السماء في تضرع
فلتكون هي
تكون بخير و لم تكتشف الحقيقة
و محمد أمامه
أخر من كان من الممكن أن يطرق بابه
صاحب الذنب
أصابته لوثة يريد الصراخ في وجهه ما أتي به هنا الأن وألف قفل صدئ مهترئ بعدد أيام عشرون عاماً مضت يجثم فوقه يكتم أنفاسه
يمنعه
يتركه في حالة من الجمود أصبحت متأصلة بين ثناياه
وكلمة البداية لم تكن له
نطقها محمد
.....................

طافت السوق تباع ما تحتاج
أول خطوة لها داخل السوق وأمام بائع الخضروات دفنت أمها و زوج أمها و أعوام من الخذلان لطفلة مسلوبة الإرادة أصبحت امرأة مقهورة
(هلمي يا بنتي السيارة تنتظرك لتعودي إلي بيت زوجك)
(لدي ابنة سأزوجها لك تجدد بها شبابك)
و الكلمات تتساقط أرضاً تتساوي بالتراب
و أمام بائع الدجاج ذبحت أبو عبده دمائه تتساقط إلي القاع كدماء تلك الدجاجة المسكينة
كدماء عذرية علي المخدع
لطفلة همس بأذنيها في أول خلوة لهم
(أريدك عارية أمامي و تسلقي الفراش)
...................
أخيراً وجدتها
سيدة عجوز تجلس علي مقعد خشبي أمامها الكثير و الكثير من الملابس النسائية و ملابس للأطفال
و مريم تخطو لها بكل قوة و ثبات
خطوة , خطوة
و مخيلتها ترسم عجوز الخراب
تدهس أناملها التي طالما امتدت لها بكل أذى
تدهس عيناها و كل نظرة ازدراء تلقتها كطلقة بصدرها
تدهس لسانها الذي لم يتوجه لها سوي بكل بذئ و مؤذي أوامر كانت تقض أيامها و لياليها في سُخرة
كالعبيد
و السيدة العجوز تتبسم لها بسمة مشجعة للحديث
- أريد غلالة
و إشارة لصف غلالات كثيرة معلقة علي الحائط
تتوجه لها كالمنومة و احمرار وجنتيها صادق

والعجوز تسألها كيف تريدين لونها
(أحمر) فتحرك رأسها بلا
حسنا تحبين( الأسود ) فتعقد لها حاجبيها , تتراجع العجوز
حتي تقع عيون مريم عليها
غلالة طويلة بيضاء و مثيرة
و العجوز تبتسم بجزل فالثمن الذي سيُدفع غالي و الرضا عن البضاعة المعروضة موجود
- لم أرك في القرية من قبل أنتِ جديدة هنا
و عينها ترسم الحلم
- أجل
و الطبلية الخشبية في وسط معيشة بيتهم فوقها مفرش مزركش
- متزوجة
- أجل

يتوسطها صحن كبير فيه دجاجة محمرة و محشوة أرز بالخلطة و فوقها معلقة سمن بلدي واحدة

- ممن في القرية؟

و بجوار الدجاجة صحن أخر ليخنة خضروات تعلم جيداً أنه يعشقها و طبق سلاطة
- محمد الزاهي

و هي تطل عليه بالغلالة تتطلع إلية بوجنة محمرة من كثرة الخجل
-لكني أعلم زوجه محمد الزاهي جيداً هل تزوج بأخرى و أحضرها إلى هنا
و الغلالة في حقيبة بلاستيكية برتقالية
مستقرة بأحضانها
تتطلع الي العجوز بنقمة و لن تتراجع الأن ... لن تسلبها الحلم و لو بلَبْس بسيط بين الشخصيات يجب أن تصححه لها
تخبرها والعيون تتجابه بتحدي
- لا أنا زوجته الوحيدة و متزوجون منذ ما يقارب سنة
و العجوز تنتفض بطقطقة من على الكرسي
- أنصتِ يا غريبةٌ أنتِ... لا يوجد سوى محمد زاهي واحد
و زوجته فوزية ابنه عمه أعرفها جيداً و لو كنتِ زوجة أخرى له لأخبرتُ زوجته و أبوه الحاج جلال حالاً
تصرخ بها مريم بقوة ظهر الحق
- هكذا إذاً ... هل رأيتِ أنكِ مخطئة أبو زوجي مات و زوجي يتيم
تخرج لها لسانها و لأم عبده و لأبو عبده و لأمها
ستعيش الحلم رغماً عنهم جميعاً
و العجوز مُصرة
- أين تقطنين إذاً حتي لا تفلتي مني لو كنتي خطافة رجال متزوجين
و مريم تُصر علي أسنانها بصراخ مكتوم
خارج القرية عند التبة حتى تتركيني في حالي يا عجوز الخراب أنتِ لن أعاود القدوم إليكِ مرة أخرى
والعجوز التي صدمها الرد
نطقتها

تلك الجملة التي كنا ننتظرها جميعاً

- لا يوجد عند التبة سوي بيت القس رحمه الله و لا يقطنه سوي ابنه مينا
سقطت الحقيبة البرتقالية من يد مريم عن عمد و تقدمت لها بهوادة مفترس قبض علي فريسته في الفخ
و أم عبدة تخرج لها لسانها
حسناً
مريم تلك المرة لن تعطيها وجنتها لتصفعها , لا تلك المرة ستقتص منها
فكانت العجوز ممددة علي الأرض تصرخ
و النساء تحاول تخليصها من بين يدي مريم المطبقتين علي عنقها تصرخ بها صراخ يصل إلي أخر المدى
ابتعدي عني يا عجوز الخراب ابتعدي
......................
و هنا يأتي سؤالي .... أأسرد لكم كيف اكتشفت الحقيقة بالتفاصيل
أم أجيز لكم بقية الحدث و اكفيكم شر سرد المهزلة

سيداتي انساتي سادتي
تقام الأن علي أرض الفردوس معركة ضارية بالأيدي بين فتاة صغيرة ظنت أنها أخيراً نالت الحلم أثر سقوطها المتعمد من علي الحافة
مع عجوز فجأتها أنها ما تحصلت نتيجة السقوط إلا على
(الارتطام العنيف)
و بعد شد و جذب ثم الإنقاذ وحمداً لله أن المعمرة لازال في عمرها بقية
أثمرت المباحثات بمفاوضة عن التالي
كوب من الماء بسكر لأن مريم تعاني دوخة و غثيان و خبطات مؤلمة بصدرها
و كوب أخر للمرأة التي كادت أن تموت مخنوقة
العجوز تقص القصة و لو كانت النظرات تقتل لماتت فقط من نظرة مريم
التي ظلت تردد بصوت عالي كاذبة
كاذبة
كاذبة
حتي حضرت فوزية بخطي مرتعبة بعد ما وصلها الخبر (محمد تزوج عليها)
وصل محمد من بعدها يقسم أنه لا يعرفها بتاتاً
وصل الشيخ جلال من بعده
و صل حسن أيضاً
و تحولت الفردوس من روضة مزعومة الهدوء
إلي فوهة بركان ثائر
و هي لا تعي من كل ذلك الحديث الراكض حولها و الصراخ عن العرض و الدين والشرف
و الإسلام والمسيحية
إلا
اسم ظل يتردد بكثرة دون إدراك لهويته بعد
مينا
....................
من مينا ؟



فاطمة طلحة 29-10-20 11:03 PM

الفصل الرابع عشر
.....................
يرسلنا الله بعضنا لبعض رحمات
( الإمام الشافعي)
...............
الأقحوان
.................
استيقظت مبكراً كعادتها و بعد إفطار عامر جمعهم هم الثلاثة
أحضرت وشاحها القطني تلملم به خصلاتها مفرطة النعومة في ضمة
مسدت ملابسها تتأكد من هندمتها حتي وإن كانت فقط ستلتف حول الحائط الخلفي للمنزل
تقتلع الأقحوانات
ماريانا تصرخ
- رزق تعال و أبحث معي عن الخاتم
و رزق يضحك في قرارة نفسه بشدة دون إظهار أي نوع من الابتسامات
يعلم جيداً أن مصيره سيكون مدفون بجانب البتلات إن لمحته يسخر منها
القرد الصغير بعمر السنتان وجد خاتم الزواج الخاص بأمه وألقاه من النافذة ببراءة الأطفال وبراعة لاعب كرة سلة

ومن يومها و ماريانا كل يوم تقضي ساعتين في إقتلاع الأقحوانات الكثيفة علها تجد خاتمها ....
يثير ذهولها أنها تعاود النمو مجدداً كأنها تحاربها بالبقاء ستظل موجودة مهما دفعتها للفناء
و ماريانا فقط تريد خاتم زواجها الذي ابتلعته الأقحوانات تقتات عليه
حتي أتى يوماً قدم لها فيه حبيبها كوب من مشروب عطري دافئ
أمسكت الكوب، تنشقته بتمهل مدركة المغزى و ابتسامة رقيقة
أن فعلته تلك تعويض عن خاتمها العزيز الذي ضاع، بذكرى تظل قائمة بينهم أبد الدهر
جاورته مع البتلات عيونها علي الأفق تناظر مينا الذي ما إن اقترب من الزهور يمارس مهمته في اقتلاعها مع أمه
حتي أوقفته بحزم لطيف تنتهج معه عهداً جديد
بنظرة جديدة
سنجلس كل يوم أنا و بابا وأنتَ نحتسي مشروب البابونج اللطيف
ثم أخذته من أذنه بقليل من الحدة تحذره من رمي الأشياء من النافذة مرة أخرى
لقد ارتضت ماري ... بحب جوار حقل الأقحوان عوضًا عن خاتم الحب
.................
الأقحوان أو بالمعني الدارج (البابونج)
تختلف أشكالها في إطار أربع أنواع من الزهرات
الدارج منهم في مصر زهرة صغيرة وريقاتها بيضاء والداخل أصفر تتحول كلها للون الأصفر مع التخزين
و الشائع استخدامه كمشروب مهدئ
غير أنه يستخدم لعلاج أمراض كثيرة
ليس منها الصمت
الذي انتهجته مريم أخذتها زوجة الحاج جلال بعد أن انفض الجمع بأمر منه حتي عندما حاول شيخ المسجد هو احتواء الموقف بِحُكم أن المسكينة التي خدعها المسيحي
موضع حجر ضخم في بناء صَرح الفتنة الطائفية
إلا أن الحاج جلال و بعض كبار رجال القرية
فضلوا أن لا يتطور الموضوع أكبر من ذلك
مينا سيعاقب
و يكفيهم أن يأخذوها منه
و يلزموه إلزاما شديداً بعدم تكرار الموقف و ربما زوجوه بفتاة من دينه
يبني معها حياه تشغله
و جلال يدرك أنه مهما دافع عن مينا لن يوفي دين القس الذي في رقبته
صديق العمر و شقيق الروح
الروح التي زُهقت في لحظة لم تكن في الحسبان
.......................
رفضت تغير عباءتها أو حتي السماح لفوزية بنفضها من الغبار جلست علي أريكة خشبية في المضيفة
ساهمة في الفراغ عادت إلي الضباب , عادت تدور في تلك الدوائر
و من بعيد تناظرها زوجة الحاج و فوزية
التي تقاوم بشدة سيل أسئلتها العرم
قلتي زوجك ...... كيف لم تكتشفي دينه ... ألم تلاحظي أنه لا يصلي ... هل كان يعاشرك ... ألم تلاحظي صليب الحائط ... كيف تزوجتيه دون عقد ... ألم تلاحظي صليب يديه ... هل تدركين عقاب من ارتكبت ذنبك عند الله
و مريم فوق السحاب
صاعدة بسرعة الصاروخ للأعلى
مع خطى محمد الزاهي إلى الغرفة ينهر زوجته البلهاء عن الحديث
و أمه لسكوتها عن تلك الأسئلة
فترد أمه بحسرة عليها
- أتركها يا بني لو ظلت تسألها للصباح لن تجاوبها المسكينة بحرف
و
هي هناك بين النجوم علي بوابة الثقب الأسود تستعد للفناء في العدم
...................

هل الإنسان مسير أم مخير
إن كان مسيراً فأين الاختبار إذاً و إن كان مخيراً
فكيف لكل واحد منا قدره
جَدَلِية
طالما تطاحن بها علماء الدين الفيصل هنا في
العقل
إدراك التغيرات التي تمر من حولك ومرونة التعامل مع الغيبيات التي تفاجئك وأنت في المسار
فطرتك السليمة و إيمانك هما الدفة التي تقود اندفاعك توجهه حيثما أردت
أنت تريد الخير، تسعي لإعمار الأرض، إعمار حياتك
لكن ماذا سيحدث إن كانت العلة في الإيمان
و التشوه في اليقين
............
عشر دقائق بعد اختفائه وراء الباب الصغير
وتحركت .... ما من لذلك بُد
توقفت على باب المطبخ هي تعلم جيداً مكان قطع اللوف
لمحتهم في الخِزانة بينما كانت تطهو الطعام
تقلب فيها بحثًا عن أدوات الطهي
واستدارت
مجرد التفاتة بالرأس
تجاه باب البيت
...........
المفتاح الكبير في ثقب الباب تحدق إليه دون رفة جفن
مفتاح قديم صدئ وحيد
مثلها تماماً أقدامها تسوقها حتى المقبض تديره فيدور
ينصاع لها بسلاسة مجردة علي عِظم صعوبة كل مرحلة مرت بها من يوم أن وعت على تلك الحياة
ماذا بعد ذلك يا مريم
لقد وضع لك المفتاح ترك لك الاختيار
ماذا لو ألقيته من النافذة الأن ما سيحدث له
ذلك تماما ما سيحدث لكِ
تلك آخر فرصة
و القادم أنتِ تعلميه جيداً
مررتِ به ، تشربتيه ، التحمت به خلاياكِ حتي أصبح يغطي بدنك بالكامل
و الطريقان المتوازيان، رغم مخالفة النظرية يتقاطعان
و مريم اختارت على قدر العلة و بحجم التشوه
طرقت علية باب المرحاض
مد يده المبللة من خلفه وجذبها بهوادة للداخل
ثم أغلق الباب بالمزلاج
....................
- مريم عند أبي في داره
لو اجتمعت صرخات العالم أجمع لن تكفيه أو توفي حق ذلك الشرخ الذي شق صدره
كأنه تيتم مرة أخري
كأنه يفقد الروح، يذوب الجسد
يزوي وسط الحمم في قاع البركان

توقف بشاحنته جانب الطريق ثلاثة أمتار وباب منزل الحاج جلال
أمامه بعض الرجال و شيخ المسجد و بعض ٍ لا يعرفهم و لا يعنيه ذلك في شيء
سيأخذ زوجته و يرحل الي بيته
ليتركوه بحاله و يعاودوا النبذ كما اعتادوا
قاهر أمه قاتل أبيه
-عمي الحاج أريد زوج..
بأنفاس تخرج من صدره كحمم
تُقَطّع حروف كلماته
يستجمع بعضه بعضاً و النظرات عليه ما بين شفقة علي بؤس حاله و بُغض
- مريم أريد مريم
و الحاج جلال يدرك ناره الداخلية يتقدم خطواته بالقرب فيتباعدها مينا رافض
و الجمع تزيد فيه الهمهمات و شيخ المسجد يقترب بتؤدة منه
- أنت مدرك يا مينا ماذا فعلت ذلك ضد الشرع
شرعها وشرعك و من الواضح أن الفتاة لم تكن تعلم حقيقة هويتك
و مينا لم ينظر له نظرة واحدة لم تحد عيناه عن باب الدار الذي يعلم أنها تختبئ فيه
رفع الحاج جلال يده لأعلى بإشارة لابنه أن يُسكت الجمع المحيط
ومينا يتقدم بخطوات حثيثة اتجاه باب البيت
يتمتم و لا أحد يسمعه - زوجتي أريد زوجتي
حتي ظهر ابن أخ الحاج جلال
- ماذا تفعل يا هذا هل ستقتحم البيت من دون اذن أصحابه
بمناطحة رجل لرجل
و مينا يتقدم و الرجل يدفعه بجسده في شبه التحام
فيأتي محمد من الخلف يهتف بقريبة أن يتوقف
- مينا يعلم الحدود و يحترم حرمات البيوت جيداً يا سعد
و آخر من بعيد يسخر
- - عن أي حرمات تتحدث يا محمد بعد فِعلته مع الفتاة
و حسن الذي كان رابضاً دون حديث يتدخل بيديه يفض اشتباك صديقه الغاضب مع ابن عم محمد بيده طالب الهدوء و الحديث برويه
و الجمع يهتف يدلو فيه كلاً بدلوه و الحاج الذي تخطي عمره السبعين يهتف بهم
و قد اعتلت قدماه
- ارجوكم توقفوا أو أرحلوا
حتي تجمد الكل بلقطة
لقطة فيها تخلي محمد عن تقيد يد ابن عمه يذود عن رفيقه... ليقي أباه شر سقطة
لقطة لم يعي فيها حسن أن قبضة الرجل أخطئت وجه مينا و أصابته حتى فاجأه الألم بين عينيه
لقطة كانت قبضة مينا فيها تلتحم بوجه الرجل الذي كان يناطحه وضرب حسن ولا يعلم اسمه حتى
ولا أحد وعى للعصى الخشبية
التي غافلتهم جميعاً و انهالت علي ظهر مينا بيد أحدهم
فأهالته علي الأرض من شدة الألم

لكن الكل وعي لتلك الصرخة التي شقت عباب سواد السماء
و النبرة المتوحشة التي صاحبتها و عيونها علي حامل العصى تكاد تفتك به
فجمّدت الكل بلقطة
- اتركوه
أخيراً ظهرت و ردت فيه الروح

تتقدم بينهم برتم خطوات بطيئة و حفيف عباءتها السوداء يجرجر الحصى علي الأرض بخرمشة
يعقدون الآمال كلاً علي هواه فتتصدر أهوائهم واجهات العيون
حتي توقفت بجانبه و عيونه تعلقت بعيونها الذابلة
يناظرها من الأسفل بكل آلام جسده و روحه
تهبط له أرضا علي ركبة واحدة
تهمس بجدية حتي لا يسمعها أحد
- قف
أنا أريد لابني القادم أباً يزود عنه المساوئ لا يستسلم من أول جولة
كانت عيونها تجوب عليهم جميعاً في سرعة متحفزة
و هو اتسعت عيناه بشدة
هاتفاً بأعلى صوته
- ماذا
لتخفض صوتها أكثر
- أنت تريد و أنا أريد و الله يفعل ما يريد
ثم ترفع صوتها قليلاً و عيونها تتجه نحو حسن
ساحقة المنطق - هل هذا الجزار صديقك
فشعر لوهلة
أن دقات قلبه علي وشك التوقف
ليهتف بذات النبرة – ماذا
فتعلوا نبرتها كأنهم يتسامرون عصراً بجوار الأقحوانات
فيسمعها الجميع
- هذا الرجل... الجزار صديقك
ينظر لحسن من ثم إليها
و يشير برأسه وسط ذهوله و ذهول من حوله
بنعم
لتقول بنبرة خفيضة لائمة
- هذا إذاً سر قطع اللحم الجيدة
وتحتد النبرة قليلاً - مينــــــــا
تمطها و تشكلها و تمدها و تنطقها بلغة عربية صحيحة تجمع فيها حلاوة الحلم و خذلان الواقع

ليقترب محمد قليلاً من حسن الذاهل من حوارها المختل و يقول له مفسراً
تلك أعراض اضطراب ما بعد الصدمة تغافل عنها يا صديقي بالأمس كادت تقبل يدي لأتخلى عن أسمي لمينا كانت تتحدث بشراسة و لم تهبط من عيونها دمعة واحدة

ناظرتهم بحقد الاثنين يهمهمون يخربون عليها بطولة اللقطة
كل ذلك و مينا ينظر لها بذهول
كل ما تقوله خارج حدود العقل
لا يعلم أنها هناك علي بوابة الثقب تتماهي مع العدم
....................
أقام ذاته
و الكل لحظتها تقدم خطوة
الارتجال سيد الموقف الأن كُلاً على هواه
و متى حارب أي منا هواه و متى حَكِمنا ذات القانون
ومنذ متى كنا جميعاً على قلب رجل واحد
و الكل عاد يهمهم ، يتمرد علي الوضع ، يتطاول فيتناول و يَلوك
صرخت فيهم - سأذهب مع زوجي
الذي ضمها تحت ذراعه و بها يقيم ذاته
- بنتي هذا لا يصح
- ما تفعلينه حرام شرعاً و غير مقبول قانونا
- تلك دعارة و ذلك عهر
- هل ستسمحون لهم بالذهاب
- فليمسك بها أحدكم أنا لن أنجس يدي
- لو استمريتي معه أنتِ أذاً كافرة
و كُلاً منهم يدلو بدلوه و البئر مائه ضحلة و الأرض عفنة و العطب منتشر وأنت مضطر أن تشرب


.......................
قاد الشاحنة
صامت و ألم ظهره يخفت و ألم روحه يزاد
يتطلع لها وهي تناظر سماء الليل يتيمة القمر من النافذة
حتي وصلا المنزل
فتحت باب الشاحنة و خبطته بقوة
الباب الحديدي لم يكن مغلق بقفله كعادتهم
فأغلقته في وجهه
ثم وقفت أمام الباب الخشبي دون إدراك أين فقدت حافظتها القماشية
ففتح لها الباب بمفتاحه و هو صامت
فدخلت أولا ً تتسابق معه و هو يناديها باسمها دون كلمة زيادة
لا يعلم من أين يبدأ
صراع مُتقد
حتي فوجئ بها أمام غرفة والديه
تأمره - افتحها
فيرد - لا مريم
تصرخ به علي شفا الجنون
- افتحها مينــــــــــــــــــا
و مينا تلك غير سابقتها
اختفى اللوم و ظهر الغضب
طعنه لفظ اسمه بتلك الطريقة و تغافل عن أنها هي الأخرى تنزف
يديها علي المقبض تحاول فتحها و كالعادة لا يستجيب
ناظرته للخلف يرفع حرف الخزانة الثقيلة في غرفته بجهد شديد لأعلى يجذب المفتاح من أسفلها بطرف قدمه
ناولها إياه فتناولت كفه بين يديها برجفة تفكك عقدة المنديل القماشي
عيناها تتشرب الصليب الموشوم أعلى نبضه تتحسسه بوعي جديد عليها في صمت
و لا يوجد فُسحة بداخلها للذهول بعد الآن
لقد امتلت جعبتها حتى الفوهة
هي فقط تحتاج تلك الشرارة
لتشتعل و تتآكلها النار كيفما تشاء ... ثم تذوي كالعادة بلا ثمن
...........................
فتحت باب الحجرة المظلمة
و أغلقته خلفها
حاول الدخول معها فمنعته بكفيها واغلقت في وجهه الباب
أخذت تتحس مكان القابس حتي فاجأها الوهج
عيونها لمحت صليب خشبي على الفور يتوسط الحائط فوق الفراش
صورة للأم المضيئة و آخر يشبه مينا بزي رجل دين، قادتها قدماها حتى صورة متوسطة على الكومود لفتاة تقاربها في العمر رقيقة الملامح بشدة
همست باسمها الذي تعلمه من دون مشقة
- ماري
لم تلحظ أنها ترتجف إلا حينما خرجت الحروف من فمها متقطعة
تتذكر تلك الليلة
ليلة استفاقت علي صوته يهمهم و هو نائم
ماري
فتبخر ما بجعبتها من هوادة تدفعه فأفزعته
ليصرخ مبهوتاً و صوته محشرج
- ماذا
- من ماري أنطق
-أمي
بنبرة ساخرة تكذبه
- أمك اسمها ماري
و هو صامت لم يرف له جفن
ثم
- حسنا أنا أصدقك
(أنا أصدقك)
وهنا اشتعلت الشرارة
أنتِ صدقت وهم الحلم و بنيت على أساسه الخيالي صرح في الواقع فانهار فوق رأسك و انتهى
....................................
صوت شهقاتها يأتيه من خلف الباب المغلق
ناحر لم يسمعها تبكي هكذا من قبل حتى تلك الليلة التي بدأ بها كل هذا
يعلم أنه لو أدار المقبض لأنفتح الباب، باب روضة روحه
لكن ثِقل ذلك الجبل على قلبه يمنعه جبل الذنوب الذي ظل يجمع حبات رماله من يوم تعرف على المخدرات
حاول البكاء و الدموع أبت طالما استطاع أن يبكي حاله حينما كان في خانة المظلومين
لكنه الإدراك المتأخر
أن بك العلة و أنتَ اخترت اعوجاج الطريق
اخترت التشوه

حركة الباب الحديدي و تلك الخبطات نبأته أن هناك أحد بالخارج
هل أتُم خلفه
خرج تحركه طاقة الغضب و السخط و الذنب
إذ بحسن أمامه و محمد بالخلفية
يداه عرفت بمن تتشبث ...
- أنت السبب في كل ذلك و منذ عشرون عاما ً
تخلص محمد من قبضته بصعوبة ينهت ثقل سنين الإثم بصراخ
- أعلم
أنا آسف مينا آسف على الفقد الذي تجرعته وحدك
أسف علي الزلزلة التي لم يشعر بهولها غيرك
و صراخه كان يرتج في المكان بلا صدى سوى أوجاعهم التي تمزق الصدور
صمت مينا بتراجع و قلبه يتشقق بألم (ماذا بعد)
ليكمل حسن محاولاً جلب بعض الهدوء المزعوم
- اسمعني جيداً مينا
مهماً طحنتنا الأيام برحاها هناك ثوابت على هذه الأرض لا يجب أن تُمس و أولها العقيدة يا صديقي
و يستمر تراجع صاحب الخطى
- اتركني حسن هي زوجتي .... و بصوت أعلى زايد وهج نجمات السماء
- أمام الله زوجتي
يصرخ محمد به و قد هالته حالة صاحبه - تعقل يا رجل هي مسلمة وأنتَ مسيحي لا دينك يقبل و لا دينها ، لا يوجد عقد، لا يوجد ميثاق على الأرض و لا في السماء يجمعكما معاً
يجابهه مينا
- ربما الله يقبل
فتخرج من محمد ترج الأقحوان
الله لا يقبل بذلك زواج
و يعم الصمت بالمكان و عيون مينا لا إراديا تترامى في اتجاه التبة المظلمة
يتذكر
- ربما إلهنا الذي ألقانا في طريق بعضنا البعض رحمات
يتقبل يا محمد
و تلك كانت جملة محمد المفضلة طالما كررها علي آذانهم
و بمعرفة كاملة يعلم تماماً أن ذلك لم يعد مينا صديق الطفولة و الصبا لقد تغير تماماً
رفع كفه له بحافظتها القماشية
ليهمس بحرج
- أمي أخبرتني أنها لها و طلبت مني اللحاق بك لأُخبرك أنهم لن يتركوك بحالك ربما مع الفجر تجدهم ببابك
هم فقط ينالون قسط من الراحة لمعاودة التسلية
و توصيك أن تعتني بالفتاة جيداً و بطعامها الفترة القادمة
وأبي يقرئك السلام و يخبرك أن ذلك لن يُعجب عمي رزق البته
لكن بعد الوضع الجديد يجب أن ترحل بالفتاة عن الفردوس
و رفع يده الأخرى بمفتاح
- ذلك مفتاح شقة صغيرة لوالدي بالعاصمة في حي(....) اسأل فيه عن الحاج يسري السمسار سيدلك على مكانها بالتفصيل
يجب أن تتحركوا الآن مينا
و ليهديك الله إلي الصواب

فاطمة طلحة 01-11-20 11:23 PM

الفصل الخامس عشر
............................
أين العلة و ما هو مقدار التشوه ؟
.......................

يحكى أن غولاً جائعاً كان يركض بالغابة
اكتشف مغارة مليئة بأقواس قزح الملونة
ظل يأكل منها بسعادة ويتضخم
و يأكل و يتضخم بشراهة كأن ما أقامه في يوم زاد
و يتضخم
حتى سقط سقفها فوق رأسه و خسر المغارة و خسر الأقواس الملونة
..................
و من قال أنه كان غولاً واحداً
...........
دخل إلى البيت و الحمل أثقل و القلق يزداد
الموضوع صار أكبر و أخطر عليها و عليه
و العلة في البشر
طالما اعتزلهم يرفل في مداره الفلكي البعيد حتى نسى من هم و ما جُبلوا عليه

يجب أن يرحل حقاً
وجدها تستند على الوسائد القطنية و باب الغرفة موصد كما كان و كأنه على العهد
بالهجر


تقدم منها
يجاورها و هي لم تزحزح عيناها عن الفراغ

- مريم
هنا قامت بحدة من مكانها متوجهة للخارج
بخطي حادة
– لقد سمعت كل ما دار بينك و بين أصدقائك
ملابسنا في حقيبة بالغرفة أغلق أنت البيت أنا سأنتظرك بالشاحنة

- مريم هل لي بمفتاح غرفة أبواي
- لا
و اختفت
....................




(ظلام وسع الكون)
جملة ذات وقع غريب غير معتاد إلا أنها الأصلح الأن في وصف الحالة

(ظلام وسع الكون)
إبتَلَعِك و ابتلع من جوارك و ابتلع القلعة و ابتلع التبة
و ابتلع الأقحوان
انتهت المملكة دمروها بأنفسهم
لم تكن هناك حاجة لخطط ماكرة أو أحصنة خشبية أو معاهدة سلام زائفة أو انتهاء خادع للحصار
..............
-مريم هل ما قلتيه لي في الفردوس حقيقي
تجاوبه بلا رغبة
- لا أعلم ... هل تريده أنتَ حقيقي
ليهمس بتردد
- لا أعلم
ثم يسترسل و أصابعه ترتعش علي المقود
- أم محمد تعلم

لم تحيد عن الظلام و لن تفعلها
- أجل .... لم تكن تتركني أخرج من باب المنزل
لو لم أخبرها أني أحمل طُفلك

و في شبه ابتسامة مُرَة و زفرة ساخنة قال
- تلك تثير قشعريرة في البدن
(أحمل طفلك)

فتتحامل على قاع الظلام
إلي مراجل الجحيم
- الآن ... الآن انتابتك القشعريرة ... ألم تكن تنتابك و أنتَ معي على الفِراش

عيونه على الطريق المظلم المقفر ، قد اعتاد الظلام منذ عشرون عاماً و تكيف معه، تمازج متعمداً
واختار الدرب
- أنتِ من أتيتِ لي برضاكِ
أنا واثق أنكِ رأيتِ المفتاح في الباب
استمرارك معي كان خيارك الحر
واستدارتها له بغضب لا تعني أنها تخلت عن الظلام

لا

هي فقط تستدعي الوحش

ليكمل المهمة
- كنت اظن أنه بإمكاننا الاستمرار سويا قد بدوت بائسا جداً وأنت تخبرني أنك تريدني في فراشك

و لاستدعاء الوحش طقوس يجب أن تشهدها الغابة
بأكملها
أولاً : أتلو التعويذة بفحيح غاضب

- أجل كُنتُ مسكين و بائس و المكان هو من كان مخيفاً لأنك بدوتِ مرتعبة حينها
-
ثانياً : أشعل ناراً ضخمة
و أدعو شريك الظلام يأتيك سعياً

- مرتعبة لأنك دمرت أحلامي و ما كنت أخطط له كنت
أظن انك ستتوقف خارج حدود العاصمة لأستطيع الهرب ، لا خارج حدود الدولة
في تلك القرية التعسة الفقيرة

ثالثا : استعد للمواجهة ، و لا هناك ما هو أهم من الاستعداد
- لا تسبي الفردوس مريم


رابعا : و أخيراً .... واجه الوحش

- سأسبها و أسبك و أسب الكون كله متى أريد محمد

و (محمد) كانت بحكم العادة و إن حملت تلك المرة طعم الحنظل المر
و عليهم أن يتجرعوه سوياً
.................


كان أكثر ما يستعذب به
هو طريق السفر الطويل يتنقل بين المدن يعف التعامل مع البشر إلا في أضيق الحدود
ينام في شاحنته أو يقود
يَصِل الليل بالنهار يقاطع الفردوس حتى يقوده القدر إليها مجبراً في نقلةٍ للبضائع
فيمر علي بيت أبيه يقضي ليله في فراش طفولته و صباه و يعاود في الصباح
استكمال الهروب
..................
- طالما تسألت كيف احتملتِ كل تلك المسافة في الصندوق

لم ترد علية تتابع من بعيد الشروق و عمار الأرض بدأ يحتل المشهد

- أنتِ قوية من الأصل يا فتاة لقد تعمدت أن استمر بالقيادة أنا معتاد على هذا
لذلك لم أتوقف أبداً
منذ أن وقعت عيناي عليكِ تتسلقي صندوق شاحنتي و أنا أضمر لك شيئاً واحداً فقط
حتي دخلتي باب بيتي ترتجفين من الخوف
صرتْ أُقوض رغبتي بكِ التي استعرت من العدم
لتأتي أنتِ وتهزميني بجُملك البلهاء
تشتتِ عقلي و تذيبِ أعصابي احتراقا لكِ
أترك لك فرصٌ للهرب مرة واثنتان و ثلاثة و انتِ عازمة على البقاء
التصاقكْ زادني إليكِ توق .
غير منطقي ... أنا أعلم
و ما في حكايتنا منطقي نحن
نَحرنا المنطق
و خضنا على جثته الغِمار معاً
.......................


والشمس تصدح بأقوى ما في جعبتها من شعاع منير تَصُك أعينهم بقوة و على واجهة الشاحنة تبرق
(أنا هنا لا يمكنكم التغافل عني)
حتى و إن تجاهلتموني من قبل
ذلك عواركم يا سادة
العلة ليست في البصر أنا في الأعلى ها هنا زاهية لا تستطيعون انكار حقيقتي
العلة في البصيرة التي أضررتموها بخياراتكم السقيمة
و ألصقتموها بالقدر
......................
رفع لها حقيبة بلاستيكية كانت بجوارها و عيناه لم تحيد عن الطريق

آمراً
- تناولي منه
لم تهتم و لا تريد و الغضب طاقة تنتشر في الجسد تُتَوج العند ملك الأحاسيس و يتراجع الكل في الخلفية
حتى و إن كانت لم تقرُب الطعام لها تقريباً يومان
فلا جوع و لا عطش و لا تعب يقصم الظهر
سيتصاعد للأعلى ما دام الغضب و العند متسيدان

-يجب أن تتناولين طعاماً بحق السماء
لا تجبرينى على التوقف و إطعامك بالإجبار

تناولت الحقيبة منه بتضرر وكلها عزم علي إيصاله شعورها بالغضب تجاهه بأكبر قدر من الوضوح
و بكل أنفة تُقلب بين التفاحات , تمسك بواحدة و هي تشير بسبابتها اليسرى الى الحقيبة البلاستيكية , تقضم قضمة و في ذات الوقت
تُشاجره
أنتَ لم تنتقي تلك التفاحات
ويتعاظم العند و يتراقص حد الغضب المشحوذ على النحر
- للأسف
قد كنت بدأت استسيغ خيارتك

samar hemdan 11-11-20 03:01 PM

تسلم ايدك يا بطوط مفيش أجمل من كدة والله

فاطمة طلحة 12-11-20 07:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samar hemdan (المشاركة 15193827)
تسلم ايدك يا بطوط مفيش أجمل من كدة والله

تسلمي لي يا سمر
دعمك غالي قوي عندي

ebti 12-11-20 10:25 PM

ليلتك سعيدة.... الفصل الخامس عشر مكرر هل هناك سبب لتكرار ام انك قمت بتنزيل الفصل معدل ؟....

بانتظار ردك....

فاطمة طلحة 12-11-20 11:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti (المشاركة 15196108)
ليلتك سعيدة.... الفصل الخامس عشر مكرر هل هناك سبب لتكرار ام انك قمت بتنزيل الفصل معدل ؟....

بانتظار ردك....

كان خطأ مني غير مقصود .... دمتي بخير

أمنة مي 13-11-20 01:10 AM

🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤 Like 🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤 Like 🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤 Like 🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤 Like 🖤 Like 🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤

فاطمة طلحة 21-11-20 12:45 PM

الفصل السادس عشر
..............................
خطة نابليون
.................
هل ترغبين في سماع حكاية نتبادل فيها الأدوار و أكون أنا شهرزاد
- بشارب و لحية لا يليق بك (مينا) دور شهرزاد
و لا يليق بأنثى غيرها صاحبة الحكايات
كلنا نتخذ لقبها من الخارج و ربما بعضنا تَجتاحُه في المظهر و نتجاهل الجوهر
نتجاهل فطنتها , نتجاهل ذكائها
نردد أنها تماكرت لتحصد في عمرها ليلة واحدة أخرى
ونتغافل أنها ربما كانت تريد بالفعل حياة
نغوص بحكاياها في قاع المحيط مع عروس بحورها
ونجابه مع فارسها وحش الكهف
نعيش الخيال ونتخلى بإرادتنا الحرة عن الواقع
ننسى واجباتنا وأطفالنا، أزواجنا و أعمالنا نتطلع إليها تحيك الخطة و تقود المعركة من مقاعد المتفرجين بجزل يليق بضعفنا نحن
فأترك لي أنا سرد القصة و لا أعدك أني لن أسرق منك شهرزادك

..........
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد
أن الأرض لوح شطرنج و أنتَ الملك لا خلاف
لك وزير و كتيبة من قادة المحاربين و جنود
أنت لست مبتدئ على تلك الرقعة
أنت عمرك واحد وأربعون عاماً
قضيت أغلبهم في ظلام الروح
و ظلام الروح خادع سيدي
يسحبك بعيداً عن حقيقة أن الروح ( روح الله ) و أنها قبس من نور
..........................


و الرقعة المربعة ماكرة بلونين توهمك أن لك مساحات محددة
تحصر خياراتك و لا يمكن تجاوزها تنسيك
أن أرض الله واسعة
وأن لك كل الخيارات
.....................

نبضة لحياة ونبضة لفقد
.................
قاربت الساعة الخامسة رغم الزحام الشديد في مدخل العاصمة
إلا أن شاحنته كانت تزاحم بلا هودة يطوف بعينيه على لافته لأي معمل تحاليل
يقومان فيه بالتأكد من الحمل
رغم العند و رغم الغضب
رغم الخذلان
و الإحباط .... إلا أن هناك تلك النبضة
رغم الخوف و القلق و الجنون إلا أن النبضة لا تتوقف عن الدق
رغم الحلم ,رغم الخيال، رغم المهزلة
إلا أن النبضة واقع لا يمكن الهروب منه


نبضة للحياة
...
و النتيجة كانت بورقة خطفها مينا بملامح جامدة من يد الفتاة
التي قامت بإجراء التحليل
عيناه تجري على سطور الورقة و هي بجواره تنهت من فرط التوتر
و فتاه المعمل تناظرهما بابتسامة
- مبروك
........................


حرك بيدق الملك على الرقعة خطوتين
و تلك خطوة استهلالية يقودها المبتدئ بقوة لا تتكرر فَعَلى الرقعة للبيدق خطوة واحدة في كل مرة
....................
و في منزل الحاج جلال بالعاصمة

- كيف لم تتوقف
أنت الكبير هنا أنت المتعلم هنا أنت القوي
فيرد بسطوة ملك وبضعف بيدق بائس

- أنا المـُدمر هنا ,أنا التالف هنا و أنتِ لم تقاوميني كان ضعفك و استسلامك مركز قوة لي
تركتني أُجردك و أجرد نفسي معك
من كل شيء كل شيء
أولهم العقل

و الرقعة المربعة خادعة بلونان حصرتك في لون واحد منهما أنستك أن أرض الله واسعة و أن لك كل الخيارات
....................


و الشقة الصغيرة بالطابق الأول غرفتان صغيرتان
اختارت لها واحدة أول شهر مر عليها لم تخرج منها إلا للمرحاض و أعراض الوحام كانت تتقاذفها من عرض لآخر أمام عينيه
و مر شهر آخر
و هو عاجز عن النفع أو تقديم المساعدة أو حتى الاقتراب
حصر عمله في المحافظات القريبة ليتسنى له الرجوع كل ليلة لمراعاة شئون البيت و مراعاة طعامها التي ما كانت تتناول منه إلا النذر القليل و كان ذلك أكثر ما يقلقه
.......................
حرك الفيل على يسار الملك ثلاث خطوات لأعلى
...................
في منتصف المعيشة و المكنسة بيدها تعطيه ظهرها، ما طالعته حينما دخل من الباب
ظلت علي حالها تنظف الأرضية
و بطنها الصغير يبارز العباءة البيتية التي ترتديها علي استحياء و لمزيد من السخرية عادت لحجابها
ظل يتطلع إليها ثم لاحظ أن أنفاسها متعثرة

- مريم أنت تلهثين
و نبضة لفقد

لم تخاطبه كعادتها ... لكنه لن يستسلم لها تلك المرة كعادته معها يكفي ما مر من شهور على هذا الحال
و الناقوس يقرع يعود به لماضي بعيد و بوابة فقدٍ لم تغلق أشرعتها منذ عشرون عاما و إلى الآن

- حسناً أعلم أنكِ غاضبة ... لكن هذا يكفي


و الفيل قطعة لا يستهان بها على اللوح
ذو قوة فائقة في قَطْع المسافات رمحاً و لو باعوجاج
تقدم منها بفحيحه المخيف
- أريد زوجتي

تناظره بدهشة متوترة و كأن ما مضى منذ شهرين مزح أطفال
تتراجع كعادتها عند الصدمة
تلملم كلماتها باجتهاد و ضيق صدرها يزداد
و لا حديث

عقلها معطل منذ تلك اللحظة التي فيها تهشم الحلم

ليتابع استرسال كلماته
ولازالت قطعة الحرب تتحرك مدركة أين الوجهة تماما ً

- أو تأكلين معي
ربما جلوسك معي ومشاركتي الطعام
يقيمني و لو بالفتات و يسد جوعي تجاهك


و على طاولة صغيرة يجمعهم طعام يجبرها جبراً على ابتلاعه

- يجب أن تزوري طبيبة نسائية نطمئن منها على وضعك أنتِ و الطفل و ذلك اللهاث يثير قلقي

تدور في دوائرها العدمية لا يستشف من ملامحها فيما تفكر و كيف تشعر
ساحقة المنطق أعتمت مثل قاع بئر

- السجادة
و تلك لم تأخذ منه جهداً للإدراك
إلا أنه لم يجاوبها

- هل كانت تخصك
- ماذا تعتقدين ؟
.... يراوغ ... يتابع تلون وجنتيها الباهتة بنيران غضب متأوه
- أجبني أنتَ

- أصدقائي الوحيدين كانوا مسلمين مريم
طلبت من أمي شراء واحدة حتى أعطيها لهم وقت ما يحتاجونها للصلاة

تستقيم تاركة إياه فيلاحقها مسترسلاً
- كنت أنوي اخبارك بالحقيقة و الاعتذار عن ما حدث بيننا
دقات قلبها تتسارع كأنها تصعد جبل وعِر
- أجل كأنك صدمتني في الطريق و أنت تسير
فتعتذر

- لو لم أجدك تصلين و تدعين الله ألا أتخلى عنك لكنت أخبرتك بالحقيقة
فتعالج كلماته المتساقطة بهذيان

- لو لم أجد السجادة لم أكن لأصلي و حاولت إغوائك

فيباغتها
- ربما لذلك حكمة، لعله القدر

و الفيل قطعة قوية لا يستهان بها في الساحة ترمح رمحاً و لو حتى باعوجاج الحقيقة

و المبتدئ يحرك قطعه بعشوائية تباركها العتمة
ويبيحها العدم
تتساقط مع عَبراتها
و اليأس يزداد مع نفاد وقود الحلم

-حسناً هل أستطيع أن أطلب
منك تغيير دينك
.............
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد
أن هناك مُعضلة
...
ماذا إن وضعنا مقعد للراحة في طريق ضيق وسط عالم من المستسلمين
يتخبط فيه الآتي و الغادي بوقع مؤلم، مزعج دون أن يحركه أحد من مكانه لآخر أوسع
هل هذا يجعلهم متساوين في الحظ السيئ
أو أنهم فقط أغبياء
فيجاوبها
ذلك يجعلنا جميعاً متساوين في الغباء

- إذاً هي عقدة حلها ألا تحُل و تظل معقدة
إن حُلت
سنصاب جميعاً بلعنة الوضوح لن يغمض لنا جفن و لن ننعم أبداً بتلك الراحة
المزيفة
................
وعيادة الطبيبة شبه خاوية
امرأة خريفية الهيئة وعوينات أنيقة
و عيونهم مثبتة على الشاشة باندهاش أن ذلك القلب النابض
يخص ابنتهم الصغيرة
غلالة من الدموع قيدها فأحرقته
أما فيضان دموعها فتوقف مع حديث الطبيبة المقتضب
- الأم يجب أن تزور طبيب قلب
....................




حرك الوزير حركتين لأعلى
............................
أمام الطبيب
- للأسف أمامي حالة مرضية في مرحلة متقدمة من مرض ارتجاع صمام ثلاثي الشرفات
و مع عدم المتابعة و الإهمال يتحول في مرحلة ما لغير قابل للعلاج بالأدوية
و هو صعب الاكتشاف قبل سن البلوغ

أخبرتموني أنه طفلكم الاول
و على حسب تقرير الطبيبة أن الحمل حدث مع استخدام وسيلة كانت من المفترض أن تمنعه
لكنها إرادة الله
ليس أمامنا في تلك الحالة سوى التخلص من الجنين لأنه يهدد و بشدة حياة الأم
...................
هل سبق وأخبرتكم عن الفقد
....

الفقد.... ذلك الانطفاء الذي تشعر به في قلبك
الجزء المظلم الذي لن يطاله النور و لو أقامت البشرية الأفراح
شعور الغصة الذي يلازمك مدي الحياة
مهما تجرعت من أكواب السعادة

...............
كانت شاحنته متوقفة جوار الرصيف ومياه النيل راكدة بلا تيار
مذهول يناظرها باختلال
لا يستوعب عقلة مجريات الأمور
ذلك يفوق فجيعة ما كان في الفردوس بمراحل
و العلة في القلب، مأساة أبيه تتجدد
و مريم جواره تضحك
فاستدار لها عيونه تصرخ خوفاً و قرع الفقد يتوالى على أشرعة روحه
-ماذا يُضحكك
فترد و كلماتها تنتفض بجزل غير مفهوم
- لقد أنقَذْت حياتي دون أن تدري أطالت بعمري عام بعد عام بعد عام
في أحضان زوجها و هي سعيدة أنها منعت عني الذرية
لو أنها تركتني فقط لحالي
لـمُت من أول عام و ارتاحت هي
و مينا يكاد يُجن من حديثها المضُنى
إن استمر الحمل احتمالية فقدها كبيرة كما أكد الطبيب
مريم التي هجرته حتى بالكلام منذ أن علمت كذبته

معها
خسر الرفيقة والصديقة و الشريكة و سراب الزوجة
خسر الحلم الذي طالما راوده و حرّمه على نفسه في دوامة جلد ذاته و تحميلها
ما لا تطيق حتى أتى له الحلم راكضاً على قدميه
في عتمة الليل


أو يفقد الجنين
ابنته
التي لن تتكرر، تلك الأقحوانة التي ستضيئ حياته
تبعثه مجدداً من بين رماد الخطيئة لعالم من نور طالما عزله عن روحه و غَلّق أمامه كل الأبواب
..........................
خطة نابليون
من أشهر المُتسلسِلات مُتَتابِعة الحركات في لعبة الشطرنج
علي فرضية أن المنافس لا يفقه عنها شيء
فهي خطة جيدة و محكمة للإجهاز علي الخصم في أربع حركات متتابعة
على شرط عشوائية المنافس
أولا : حرك بيدقك الخاص من أمام الملك حركتين و بلا جَهد سيتبعك خصمك بذات الحركة و تلك حركة أولى و وحيدة تخص بداية اللعبة

ثانياً: حرك قطعة الفيل المعروف أن اتجاه حركتها دائماً ما يشابه الحرف إكس ثلاث خطوات لأعلى

ثالثاً : قطعة الوزير ـــ القطعة الأكثر قوة و الأكبر تأثيراً على الرقعة و المحارب الفيصل في النِزال يتحرك خطوتين بدقة محسوبة لأعلى بخط مستقيم
ومن ثم
لا زال خصمك مبتدئ على الرقعة
خاضع لضبابه الـمُشتت
يتأرجح بين عدمية وجوده أو أن الخالق أوجده لسبب
ربما تلك التي تنبض نبضات حثيثة الآن في رحمها تخبرها أنني هنا ماما

رابعاً: قُد وزيرك علي الرقعة ، اسحبه بجسارة شِدة المغامرة التي تخوضها بقوة مقاتل
أنتَ الملك ... ذلك الطريق كانت قرارك ... و العلة كانت مسارك و الخوض فيها اختيارك
و الملوك لا تنحني مينا، الملوك لا تنحني إلا لملك الملوك
يتوقف الوزير في مربعه الخاص أمام ملك المبتدئ فينهيه
و في الرقعة خاصتنا
المبتدئة لفظتها قبله
كش ملك

- أنا سأحتفظ بجنيني
لن أتخلي عن ابنتي




فاطمة طلحة 07-12-20 09:47 PM


الفصل السابع عشر( الأخير )
...................
باب الجنة
..................
رُفعت الأقلام وجفت الصحف
(حديث قدسي)
.............
مُسير أنت في المسيرة و مخير عند المفترق
.............
تلك الدفة التي طالما تناوبوا على اللهو بها في خضم التيار العاصف دون العبء بالنتائج
التحموا مع مخاض ألامهم الذي لا ينتهي و تناسوا السماء التي رُفعت بلا عمد
تلك الخطوة أنتَ تملك زمامها، تلك الحقيقة التي ما منها مفر
أنت عازم، و مُصر
أنت قادر علي التفرقة ، أنت تمتلك الفطرة و تفتقر لليقين
..................
عادوا للبيت و كلٌ في دوامته
ومحاولة الموازنة مستحيلة مع استمرار وجود العلة
الهرب المؤقت باهت، واهي، بلا أساس سليم
و مع أقل تعاظم للمعضلة تتفتت عزيمتك أسفل الضغط

- ذلك درب من الجنون كأنك تنتحرين
تضحين بحياتك و من أجل ماذا
و على أريكة صغيرة كانت متكورة في جلسة تضم بيديها الاثنتين النبض في رحمها
هامسة - ابنتي
و يعاوده الطرق تلك الخبطات التي كانت تدق قلبه وعزمه و روحه داخل القفص
يشاهد أبيه ينهار أمام عيناه تتبخر أنفاسه و يرحل من الدنيا
و هو ُيساق بلا إرادة خلف جدران قابضة خانقة و مارده يقرع القضبان في صدره
قاربها ملتصقاً
و بحرقة سنين
- كان عمري تسعة عشر عاماً
انقبض قلبها من استهلاله ذلك بعد صمت
فتطلعت له دون حركة
- كنا أنا ومحمد في كلية علوم العام الثاني و هو يسبقني بعام و حسن في العام الثاني من كلية التجارة
بهرنا وهج المدينة وانجذبنا لأنوارها كذبابات خرقاء فأحرقنا الضوء
و تأصل فينا بُغض القرية و زاده رفقاء السوء
وخطوة واحدة عرفنا فيها طريق المخدرات بدأت بهزل و تحدي أخرق و سقطنا بمليء ما فينا من دَفع في الفخ
حتي ليلة انتهت أموالنا نحن الثلاثة
حسن أبوه جزار
محمد كان أبوه معلماً و محفظ للقرآن حتى لحظة سقطتنا
و أنا ابن القس، اللقب الذي طالما كان مرساة نجاتي و حجر عثرتي
و حكاية دراماتيكية دُهست في ألوف القصص عن مدمن نفذت أمواله في شراء المخدر فاتجه للعمل في بيعه
محمد كان أشرسنا استهلاك، قُبض عليه يوزع المخدر و كنا بصحبته كالعادة ثلاثتنا لا نفترق
التحقيقات مرت كالجاثوم كنا سبعة في التحقيقات و الكمية التي وجدت بحوزة محمد وحده كافية لإيداعه السجن خمسة عشر عاما ً
حتي أقترح أبى أن نعترف أننا كنا نتاجر معه و تتقسم الكمية علي ثلاثتنا
انتفضت من مجلسها فأعادها بهوادة وهو يرتجف
- أجل أبى من اقترح الفكرة
ثم ابتسم ساخرا ً بمرارة
- كان يريد تأديبنا حقاً و أن يرحم قلب صديق عمره من حُرقه ضياع مستقبل ابنه لسنين طويلة
و افق عمى جلال و عمي ناصر و أخبرونا به
أمراً غير قابل لجدال أو مناقشة

و تم
المحامي قال لهم أن الحكم قد يكون عاماً أو أقل نظراً لحداثة أعمارنا
كانوا يعلمون تماماً ما يفعلون، كان من الممكن أن يكون حكُمنا أنا و حسن ستة أشهر فقط أو الايداع في مصحة حتي تمام العلاج

و عند النطق بالحكم لم يتحمل قلب أبي العليل، انهار
حُكم علينا بثلاث سنوات
مات أبى وسط صريخ أمي
و أنا بين القضبان لا أستطيع أن ألمسه أو أحتضنه لمرة أخيرة

كانت مريم تبكي بلا صوت عيونها معلقة به و هو يجلس أرضاً تحت قدميها
عيونه تصرخ كمداً وحزناً
أنا قتلت أبي مريم سقطتي و ضعفي قتلا أبى
مريم أرجوكِ ... لا تجعلي ابنة ابيها مثله لا تجعليني السبب
لن أحتمل موتك ... ليس بي طاقة للفقد
و مريم رغم دموعها تبتسم و هي تقول

- تلك الطفلة طوق نجَاتك و نجاتي

وابتسامتها تؤجج نيرانه، فينتفض بصراخ مُرهِق

- تلك الطفلة ستكون مقصلتك ، حالة قلبك لا تحتمل
رفعت له يديها باستجداء التحمت فيه أناملهما لأول مرة من شهور
بسطتها على النبض ليستشعره
برجفة متفجرة طالته و لسان حاله يرددها خافته
- لا ... مريم ... أرجوكِ
.......................

ذلل قلبك بذكر الموت
( الإمام علي )


تزور طبيب القلب أسبوعياً و كل أسبوع حالتها تزداد سوء
المال لا يكفي فأضطر أن يعود للعمل في المحافظات البعيدة يغيب باليومين عنها محترقاً بنار البعد والفقد معاً
و الطبيب يخبره أنه يفضل أن تلد في شهرها السابع
عن الانتظار للتاسع غير أن الطفلة ستودع حضّانة لفترة ما حتى يكتمل نموها
فترفض هي بوخز مُنهَك
- لا
يبكي أمام باب غرفتها في الليل يرجوها أن توافق ربما كان لها فرصة أفضل في النجاة
فتفتح بابها له هامسة بنهت
- جفف دموعك مينا سنكون جميعاً بخير
..................

أنّت بألم خفيف في صدرها ألم كان دوما مبهم في تفاصيله
مستتر خلف آلام أخرى طالما انغرزت فيها كسهام مسمومة
عيونها التي اعتادت غشاوة الدموع فشوشت كل ما يطاله النظر
ترى الأن الحقيقة بوضوح من خلال قرب النهاية

(كان هناك طريق آخر)
و فتاتها الأن تطرق الجدار تتخبط في الظلام الرحب

على السجادة
ظلت تسجد، تبكي و تدعو الله أن يغفر ويرحم الذلل و الضعف
ترفع عيناها للسقف
تتذكر سماء الفردوس طالما كانت تضمها مثل أم لم تكن لها في يوم ما
عرفت طريق الله عند دنو الموت الفجوة السوداء التي ما أن تنقشع عتمتها تطل أشعة من نور خطوط مرسومة علي الأرض
طريق لقلبك حتي باب الهداية
فقط لا تكابر واعترف و أطلب الصفح
(اللهم ردنا إليك رداً جميلاً)
من يوم عادت من عند الطبيب و دموعها لا تفارق وجنتيها بعد أن قص عليها قصته
كيف حاول الانتحار و كان سينجح لولا أصدقائه الذين كان مقاطعاً لهم بعد موت والده
كيف تآكَلَه الذنب كإعصار أينما حل يدمر لا يبقي و لا يذر

كيف قاطع الحياة التي سلبها من أبيه في لحظة سَخط أخرق
كيف مر عليه العُمر لا يميز أيامه المتوالية
كيف كان لا يرعى الأقحوان و لازال على عهده به مزدهراً
كيف كان فاتراً محبطاً متخبطاً
ثم جنية هاربة تتسلق سيارته بعتمة الليل في أشد لحظات حياته سرمدية
- و طريقانا المختلفان تقاطعا يا مريم و وقفنا على المفترق
و أي مسار سنسلك و كيف ستكون نتيجة الاختيار
و انسقت تركت الفيض يُخلف سيلاً بعد أن هَدَمت السد
و عثت فيكي فساداً دون مراعاة أي حد

على السجادة
التي طالما كانت مركونة في غرفتها بمنزل الحاج جلال على مقعد بجانب النافذة و مصحف قلما قلبت بين صفحاته

۞ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)
(سورة الزمر )

طالما كانت متعثرة بالقراءة لم تحزن حين أرغمتها أمها علي ترك الدراسة في ثالث عام من مرحلتها الإعدادية و ما هي إلا شهور حتي أرغمتها علي الزواج
و تلك الكلمات
كيف العباد أسرفوا ....... و ماذا يعني تقنطوا
لكن
( إن الله يغفر الذنوب جميعاً)
ذلك الأمل و تلك البوابة الواسعة العامرة باب الرحمة و المغفرة
...................
لم تطرق عليه الباب الخشبي هي فقط أمامه أحكمت حجابها
و أدارت المقبض
كان ممداً علي فراش صغير يرتكن على حافة الفراش و يديه مضمومة أسفل رأسه كعادته
الجو أصبح بارداً جداً
ما إن لمحها حتي اعتدل يتساءل بقلق بارزة معالمه المرتعبة على صفحة وجهه
- ماذا هنالك
بإشارة من يديها تهدئه، قالت بصوت خفيض
- أنا بخير
جلست علي حافة الفراش البعيدة بحذر استجلب شجنه فوضاها التي تغرق فيها الأن صنيع يديه
وأغلال من حديد لازالت تقيد روحه تسحبها لذات البئر المظلم
عيونها قرأت و لأول مرة بوضوح
الصورة جلية الأن أمامها
واضحة معالم العلة و مكتملة أركان التشوه
- لا عليك ...
كلمتان فقيرتان استهلت بهما حديث لم يكن طويلاً علي قدر ما كان مزلزلاً و تلك أيضاً حكاية مكررة

و ما أكثرها على أرض الفقر و الجهل و شُح الحب
- وليلة تجاور ليلة حتى انقضى لي في بيتهم عُمر
افقد آدميتى أتلذذ بالعذاب حتي أصبحت أدمنه
أناقر الكهل في فراشه لأنال ركلاته و سبابه البشع لذاتي و ذات أهلي منذ قديم الأزل
و أشاجر العجوز التي كانت تتفنن في تعذيبي التي أصبحت طقوس عبادة واجبة لا يجب أن يمر يومي دونها
أصبحت أتمني موتهم، دمائهم إن شربتها كاسات لن تشفي غليلي
و المحصلة أنا من ستذوي بلا أثر كغبار يُنفض من على بُساط
فأهديتهم المأساة

كانت سهرة غبية يقرها الكهل بمباركة عجوزه يجمع فيها أولاده و بناته بأزواجهم يضحكون و يمرحون
و أنا أخدمهم كالعادة
و قصة على التلفاز تُعرض
و لأول مرة عقلي المحدود يستعب الصورة الكاملة
تلك الحكاية لن تنتهي

و القصص ليست للتسلية القصص علي أرض الواقع كالضواري في الغابات تسعى لاصطياد عقولنا كالفرائس
و كل فريسة على قدر المقاومة تنجو أو تموت

صغيرهم المُدلل كان ورقتي الرابحة
أمه كانت تحوم حولي كَنسر في السماء يحوم حول جِيفةٍ
و الجيفة بلا روح أنتَ لا تخشاها
ليست مكمن الخطر
الخطر في أن للجيفة طامعين آخرين
و ذلك ما أن تَدَاركْته حتى أكلمت فيه لأخر المدى

و نبرتها تحتد بشراسة

ومينا لا يصدق ما تتفوه به الآن بيضاء السر و السريرة
ساحقة المنطق
و عيونه تصرخ بفزعه
- ألقيتي بذاتك إلي قاع الجحيم
فانتفضت برجفة خوف و هي تصرخ بوجهه
ماكنت أختبره كل يوم وليلة معهم كان هو الجحيم بذاته
حتي تلك اللحظة التي لمحت فيها نظرة القهر و الحسرة
وجع الخيبة و ألم الغدر و الخيانة
خذلانهم في ولدهم
انعش فيَ الروح و رد لي و لو جزء ضئيل من كرامتي

تحرك تجاهها هاجراً موضعه و لازال رأسه يدور في الدوامة التي سحبته فيها

- عن أي كرامة تتحدثين لقد سمحتي له بامتهانك كليةً يا امرأة
كيف استطعتي ترك نفسك له، أنت زوجة أبيه بحق السماء
ألم يكن هناك طريق آخر

و ذلك سرد آخر
أن هناك طريقًا كان من الممكن أن يسلكوه ، درب معالمه أكثر وضوحاً أكثر تشبثا بالفطرة ومراعاة للإيمان
كلامه ... دقه بمطارق الذنب الذي يحتويهما معاً

كانت مغمضة العينين ساكنة ضئيلة
تتحرك ببطيء وحملها علي أعتاب الشهر الثامن
وجدها تمددت على فراشه في تعب و ثقل

أريد أن أنام ....
كلماتها كانت ثقيلة و رعشة خفيفة ظاهرة بين الحروف
لن تأخذني بين ذراعيك
و عيناها تذرف الدمعات بغزارة
فيرد لها كلماتها كالتائه بلا أمل في الرجوع للمُستقر

لقد توحشتك مريمي أبغي اعتصارك بين ذراعي لا احتضانك فقط
فتهمس بحزن
أصمت أنا فقط متعبة و أريد أن أنام بإمكانك الاقتراب قليلاً لأشم رائحة أنفاسك فقط أشعر أني افتقدها
اقترب منها مقدار خطوات بسيطة المقدار و عظيمة على قلبه المهدم
ليهبط من ارتفاعه يوازي وجهها على الوسادة
و نبرته كلها ضعف
- أنا أحبك مريم
و مريم مغمضة العينين أمام انفاسه الحارة على وجنتيها و دمعاتها عاودت الهبوط مع اعترافه المر
- حب أسود حب لم يكن لي من البداية
كان يجب أن يكون لفتاه مسيحية من دينك تنجب منها ابنة تسميها ماري على اسم والدتك أما أنا فلا أستحق ذلك الحب مينا ... لقد قررت في لحظة أن أجرّك لفخ الاعتياد فإذا به يُطْبق على قلبي أنا
و لا أستطيع الفرار
ابنتي مينا ستسميها زهرة كتلك الزهرات التي كانت تجمعنا معاً في الفردوس
و لا زالت عيناها مغمضة و لا زال يحوم بعينيه على تلك الملامح الباهتة ... فتاته ... ساحقة المنطق
بشرة قمحية، شفاه نحيلة بلا أي امتلاء، انف متوسط
و عيون زجاجية اصبحت الأن تذكره بالبلور المشروخ
.................
ظل يراقبها حتى انتظمت انفاسها و خواطره تتراجع
تلك السفرة التي قام بها و أمام مخزن لسلع كان ينقلها من عربته مع بعض العمال
دق الجرس
دقه أجفلته
و دقه قَسمته
ودقة أبكته
حتي وجد حالة بين المصليين
و الموعظة كلماتها رنانة

فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: "هَذَا عِنْدَ ٱلنَّاس غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلَكِنْ عِنْدَ ٱللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ"

بكى كما لم يبكِ من قبل

- هل تصلي يا بني من أجل الغفران
لم ينظر لها كانت كُليته هناك عند المذبح

- أنا أصلي من أجل أن تعيش مريم صلي معي يا أمي
علني غير مقبول الصلاة عنده عله يستجيب لك فتنجو من الموت
و الأم و ضعت كفها على كتفه بربته تهدهد النفس الملتاعة بجزع داخله
- الله محبة و الرب للجميع العاصي منهم قبل المؤمن
فقط أطلب الصفح و أسعى للغفران
و هو من لحظتها يداوم
يداوم علي الصلاة و يداوم على الدعاء
.......
لازال علة جلسته يجاورها
و هي في نومها المضطرب تتأوه في خفوت
يفتقد تلك الحميمية التي كانت بينهما و حميميتهما لم تكن في الفراش قط
بل كانت في مشاركة التفاصيل تلك التي طالما حرّمتها
عليهم وحدتهما فتناسوها في خضم الانغماس

يحدثها من العدم إلى العدم

هل تعلمين مريم

نحن .. ظللنا نلعن المقعد و إعاقته للدرب ونسينا أننا الأغبياء
أنا وأنتِ نفتقر للإيمان
..............................
باب الجنة
................

إشعار النهاية
................
طرقاته حثيثة علي باب الغرفة
لن يفتح الباب حتى تأذن له إفطار بسيط حضره كالعادة
يجب أن يطمئن عليها قبل أن يقوم بسفرته تلك
إلا أن أناتها دفعته لاختراق الغرفة بسرعة شديدة
تبكي
كفها تعتصر به صدرها من الألم
و ماء الرحم ملوث بالدماء يسيل من بين ساقيها و هي لم تتخطي شهرها الثامن بعد

على فراش في مشفى
لا تبكي مريم ستكونين بخير أنتِ و زهرة
و مريم تعلم أنها النهاية
و عند النهاية نفقد ثباتنا المزعوم نخشى العقاب نطلب الرحمة و غفران الذلة و الضعف
- مينا أنا أشعر بالخوف هل تظن أن الله سيقبل توبتي
و مينا يبكي صوته يخرج من حنجرته مجروحاً
- أنه ذنبي أنا مريم أرجوكِ تماسكي لن تموتي أنتِ من سيربي ابنتك
فتتشبث به
أخبرها عني، لا تنساني مينا وادعو لي , ربما التقينا أنا وأنت مجدداً على باب الجنة

.................
حتى أخذوها منه لغرفة العمليات و على الهاتف
- محمد ... مريم
لم يطول الأمر ساعة ربما أو ساعة و نصف
دقائق مهما طالت أو قصرت
هي قدر
و ممرضة بهيئة حزينة وطبيب يخبره أن ذلك كان متوقع
أن الحلول كانت موجودة منذ البداية و أن الاختيار هو من أقر خط النهاية و حدد المسار
لقد رفضت الأم التخلص من الجنين الذي أتى بصحة تامة رغم ولادته المبكرة في أسبوعه الثاني و الثلاثين
فقط ساعات معدودة طالب بها طبيب الأطفال للاطمئنان و ستخرج من الحضّانة له
أما الأم و رغم وجود طبيب القلب و مع التدخل الجراحي اللازم
فقدت حياتها و هي تلد
......................
- مينا
رفع عيونه الخاوية لهما رفقاء الخطى و الخطيئة
- شد حيلك
و البسيطة أمامه على طول المد خاوية و هناك شَق تلك النغزة التي تطرق صدره اتجاه قلبه تخبره
أين العلة التي طالما ستظل ممتدة به و منه و له
لم يملأ الأرض صراخ بل تبسم
تلك البسمة التي ترتسم على وجه الميت بعد أن تخرج روحه التي كانت تتحكم به من قبل
أنهى محمد الإجراءات الخاصة
باستلام الجثة
و حسن يجاوره ........ يطالع عدمية صديقه
لا دموع و لا أي إشارة سوى أنفاس تخرج من الصدر
لتُرَد له ثانيةً
و لا كلام على ظهر الأرض من الممكن أن يُقال
و محمد أمامه مع ممرضة و آخِر ورقة يحتاجونها قبل المغادرة
و لفافة قماشية صغيرة مستكينة بين يديه

ستُدفن مريم في الفردوس و سينقل جثمانها بشاحنته
و الممرضة تكرر سؤالها
و محمد يكرر النداء – مينا
و حسن يدفع كتف رفيقه بلطف عله يستجيب
- أسمها مينا ؟
بماذا ستسمي ابنتك
يرفع عيونه لهم و تقطيبة خفيفة لحاجبية و كأنهم يتحدثون بلغة غير مفهومة
حتي تنطلق صرخات الامتعاض من بين يدي محمد
فيناظر الغطاء الأبيض بين يديه
- كانت تحب اللون الأبيض
- مريم
مريم محمد مينا رزق متى

.................





الخاتمة
..................
يقولون أن أصعب ما في الحكايا بدايتها
كيف تصوغها ترتب الحروف تقيم الجُملة
تحيك النص ليُكَوِّن سرد قصة
لا
... فاصلةٌ... قاطعةٌ... حتى و إن جاز بعدها ألف سرد
أصعب ما في الحكايا نهايتها تلك التي يجب أن تكون قويمة
و إلا صُنفت و بدون مبالغة بأنك أسوء مخادع


..............


ولا صحبة أحلى من تجلّي الذات
ولا حضن أدفى من ونس في النفس
غاب الصحاب لكن الهوى حاضر
قادر ياخدني لحد عين الشمس
يا بحر فاصل شطنا عنهم
بيننا وبينهم ألف سد وسد
عايشين بنلضم جرحنا وإحنا
في شوك في روحنا ألمُ فاق الحد
................
و الطريق من العاصمة للفردوس طويل
يتخطى الأربعة عشر ساعة
و مع السلام في صلاة الفجر كانت شاحنته التي قادها حسن طوال الطريق تتوقف قرب باب المسجد
و الجسمان يسجى للصلاة و مينا يحمل بين يديه ابنته جوار الحائط
يحدق في جثمانها بذهول
يصطف المصلين في تمام

و الصلاة جامعة

الله أكبر
و تقرأ الفاتحة
يؤمهم الحاج جلال

الله أكبر
و تقرأ الصلاة الإبراهيمية
و ذلك إمام المسجد بين المصلين

الله أكبر
و تدعو للميت
وذلك الرجل الذي خبط مينا بعصاه على ظهره في آخر الصف

الله اكبر
و تدعو لنفسك و لسائر و المؤمنين
و ذلك الجَمع الذي كان متجمهراً حولهم من قبل
حالهم
ما بين شفقة علي بؤس حاله وبُغض


.............................
يا صبح جاي يصحي في عيوننا
هنعدي يومنا لو يا دوب على القد
ده الوحدة صحبة والصدى راجع
يرد صوتنا هو هو الرد
ينادي تاني بس مين سامع
ولا صحبة أحلى من تجلي الذات
ولا حضن أدفى من ونس في النفس

..............
بعد مرور عام
.............................

- متي سيأتي عمي مينا يا أبى
و محمد يقلب في هاتفه و عيناه على فاطمة و مريم التي بدأت تخطو أولى خطواتها الصغيرة منذ ما يقارب شهر يلهوان بين الأزهار
- بعد قليل لقد حدثته و قال أنه على أطراف البلدة و لن تزعجيه كعادتك بأسئلتك اللا منطقية تلك فلولا تمسك مريم بك
ما أحضرتك معي
و مريم تعبث بالأقحوانات يتمزق ما يتمزق و ينجو منها ما ينجو
لم و لن ينهرها محمد أبداً منذ أن تركها مينا أمانة في عنقه تنشأ في كنفه مع أولاده و ترعاها أمه
فتصرخ فاطمة عند سماع صوت الشاحنة
- عمي مينا حضر
يلتفوا لواجة البيت
و يتركوا مريم تلاحقهم بخطواتها القصيرة حتى يراها أبوها تخطو لأول مرة
يعاتبه محمد بخفة
- لقد أطلت البعد تلك المرة يا صديقي و لازلت تقود في الليل
فيتبسم مينا تلك البسمة التي لا تطال عيونه أبداً
و يناظر فتاته بلهفة تخطو على الأرض حتى تصل إلى يد فاطمة التي تقودها إلى أبيها
يحملها بين ذراعيه و بداية بكاء يخصه في كل مرة يجتمع بها
و ما إن تعتاد عليه حتى يتركها سعياً لعمله
عيونه على ما تبقى بيدها من أثر الأقحوانات

- حسناً زهرة هل بدأتي في قطف الأقحوان من الآن
لا... تلك الزهرات المسكينة لا نقطفها بل نرعاها

و خطواته حثيثة و يداه تهدهد الصغيرة التي تناست البكاء مع
أصابعه التي تدغدغها
و فاطمة تتعلق بكف أبيها تتسأل
-لماذا يدعوها زهرة دوننا و نحن ندعوها مريم
فيحملق أبيها فيها مؤنبً
فتنظر أرضاً ثم تعاود السؤال مجدداً بتذمر
- حسناً
هل ستبيت معه الليلة كالعادة و تأتينا في الصباح
ليومئ أبيها برأسه في حُزن
ثم يتوجه بأبنته نحو عمار القرية

- ومينا يضاحك الصغيرة( سيف طروادة ) التي تناست البكاء سريعاً ما إن رأت البتلات التي تعشق العبث بها
....................
ساب القمر ضيه على بابي
نور لي كل اللي طفاه الأمس
أنا وحدي جايز، بس مني كتير
حالمين بعالم فيه القلوب تتحس

ولا صحبة أحلي من تجلي الذات و لا حضن أدفى من ونس في النفس
(حمزة نمرة )
..................

بينما عيونه رحلت نحو التبة البعيدة بُعد السماء القريبة غرار النبض
و هي هناك أمام عينه تعبث بالرمال الناعمة كعادتها ، تنتظره ساعة الغروب كلما حضر للفردوس

و ذات الفكرة تظل تجول و تجول في خاطره
ماذا لو
....................

لم يمر ساعة منذ آخر مرة تفقدت فيها هاتفها البسيط
حتى توقفت الشاحنة و صوت بابها المنغلق بقوة أرجفها

لازال الظلام يخيم على أطراف العاصمة البعيدة
و ثوان مرت عليه يناظر خيال جسدها المتكوم أسفل الخيش حتى مَل
فنفضه بحده عاقداً ذراعيه
تحدق به و عيونها أمتلأت بخجل لا تدري من أين لها به
تبرر فعلتها بتردد

- لم تكن أمامي إلا شاحنتك ... ذلك زوج أمي و صديق له كانوا سيقتلونني لو وقعت بأيدهم
و مينا عيناه تنضح بلا أبالي ... ارحلي عني
فقط قال – ترجلي من العربة يا فتاه
تحركت خطوات قليلة و حفيف عباءتها صرير وسط السكون
حتي هبطت أرضاً
تناجيه
- سيدي فقط لو تسمح لي
فيقاطعها رافعاً يديه بفظاظة قائلًا
- لا
ثم يستدير عائداً لمقعد القيادة ... مغلقاً بابها بعنف
مخلفاً غبار و صرير عجلات شاحنته على الأرض الإسفلتية
تاركاً إياها على قارعة الطريق بائسة مبتئسه
تسبه بفظاظة و بصوت عالٍ
- أيها الأحمق الضخم

..................
تمت بحمد الله
الذي أدعوه أن تكون أخذتكم قصاصتي تماماً إلي حيث أريد
باب الجنة
26-7-2020




nmnooomh 08-12-20 02:39 AM

جميييييله بين الشعر والنثر اسلوب قصصي مبدع قلّما نجده هذه الايام استمري ي فاتنه

Rima08 08-12-20 10:58 PM

فعلا رواية جميلة والاسلوب مميز اول مرة اقرءه أتمنى أن تكون هنالك روايات أخرى اشجعك على الاستمرار لان فعلا قلمك قوي تحياتي

funy19 16-12-20 12:34 AM

Thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

فاطمة طلحة 06-01-21 08:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rima08 (المشاركة 15240953)
فعلا رواية جميلة والاسلوب مميز اول مرة اقرءه أتمنى أن تكون هنالك روايات أخرى اشجعك على الاستمرار لان فعلا قلمك قوي تحياتي

سعيده انها عجبتك .... و شكرا جزيلا علي الكومنت المشجع

فاطمة طلحة 06-01-21 08:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nmnooomh (المشاركة 15239751)
جميييييله بين الشعر والنثر اسلوب قصصي مبدع قلّما نجده هذه الايام استمري ي فاتنه

جزاكم الله خيرا علي الكومنت الجميل
صنع لي سعادة اشكركم جميعا

فاطمة طلحة 24-01-21 01:15 AM

حقيقي شكرا يا بنات


الساعة الآن 11:49 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.