آخر 10 مشاركات
لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          مشاعر من نار (65) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الثانى من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          530 - حلم الطفولة - باتريسيا ولسن - ق.ع.د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          هل حقا نحن متناقضون....؟ (الكاتـب : المســــافررر - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          54 - نصف القمر - أحلام القديمة - ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12030Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-02-22, 10:54 PM   #2261

Minasm

? العضوٌ??? » 403338
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » Minasm is on a distinguished road
افتراضي


مستنييين ع نا ر نعرف مصير عادل 😂🤭 ونطمن على سليمو 🥺💔 ..تسجيل حضور 🙋🏻‍♀️

Minasm غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:12 PM   #2262

لبنى البلسان

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لبنى البلسان

? العضوٌ??? » 462696
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 5,543
?  نُقآطِيْ » لبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond repute
افتراضي


تسجيل حضووور
بانتظار الفصل





لبنى البلسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:13 PM   #2263

ايمان ربيع

? العضوٌ??? » 490550
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 52
?  نُقآطِيْ » ايمان ربيع is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور فى انتظار الجميله سولى

ايمان ربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:13 PM   #2264

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور ياجميله فى انتظارك وانتظار ابطالك

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:14 PM   #2265

homsaelsawy

? العضوٌ??? » 462680
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 183
?  نُقآطِيْ » homsaelsawy is on a distinguished road
افتراضي

مساء الانوار ياسولي في انتظارك يا قمر 🥰🥰🥰🥰 اسحلي عادل بضمير 🙂🙂🙂😌😌😌😌😌

homsaelsawy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:23 PM   #2266

Elbayaa

? العضوٌ??? » 399483
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 385
?  نُقآطِيْ » Elbayaa is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله
فى انتظار إبداع كما عودتينا


Elbayaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:35 PM   #2267

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضووووور🌹🌹🌹

Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:44 PM   #2268

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الاربعة وعشرون
الجزء الثاني
أمريكا ...مساءً
اقتربت بتؤدة لترمق الصالة الخالية أمامها ما عداه ، هو الذي وقف بجوار الاستريو ينتظر خروجها وكأنه موقن من كونها ستفعل ، تنفست بدهشة سيطرت عليها وهي ترمق البالونات الحمراء المرتفعة من حولهما ، الورود التي تملأ بهو البيت والمكان الفاصل بين نصفيهما وهو يقف بعيدًا يرتدي سترة رسمية يبتسم بوجهها وكأنه ينتظرها ، ازدردت لعابها وشعرت بخافقها يقرع بقوة فتحذر نفسها وتقرر أن تعود لغرفتها فتدور على عقبيها وتهم بالعودة للداخل بالفعل لولا أنه نادها هو الذي ركض خلفها حرفيًا هاتفًا : جو من فضلك توقفي ، قبض على مرفقها ليوقفها حتى لا تغادر متبعًا- انتظري واستمعي لي .
جذبت مرفقها من يده فحررها بطواعية هو الذي وقف أمامها يمنعها بجسده عن الابتعاد فتضطر أن تتراجع للخلف فتصبح بمنتصف الصالة بالفعل وهي تهمهم بصوت محشرج : ماذا تريد ؟!
تنفس بعمق ليغمغم بجدية واتزان : أولًا أريد الاعتذار منك ، تطلعت إليه بانتظار وهي تكتف ساعديها أمام صدرها فيكمل بجدية – على كل ما اقترفته في حقك الفترة الماضية .
مط شفتيه ليغمغم بجدية : بل وما اقترفته في حق نفسي من قبلك ، أنا آسف يا جوان .
شعرت بتحفزها إليه يرتخي هو الذي اقترب ثانيةً ليستدرك حديثه : ثانيًا أريد تكرار اعتذاري على أفعالي السيئة التي اقترفتها في حقك .
عبست بتعجب وهمت بالحديث فيوقفها مقاطعًا : لا هما ليسا نفس الشيء، الاعتذار الأول عن خداعي لك ، اكفهر وجهها لتشيح برأسها عنه وهي تلامس خلف عنقها بعفوية أثارت ابتسامته ودفعته للاقتراب منها ثانيةً ليكمل بتروي – أما الثاني عن معاملتي السيئة لك في العمل وعما كنت أفعله هنا لإثارة ضيقك .
تنفست بعمق وهي تتماسك وتتمسك بغضبها منه فلا تنظر نحوه ليكمل وهو يقترب أكثر : أما ثالثًا ...صمت عن الحديث فأجبرها أن تلتفت نحوه ليكمل وهو يجلس على ركبة ونصف ويمد لها بعلبة مخملية حمراء تحوي خاتم ماسي هامسًا بجدية وصدق ومض بعينيه وهو يهمس بإنجليزية تضافرت مع حروفه ونبرته الأجشة التي تترك عظيم الأثر بها : would you marry me ?!
تطلعت إليه بصدمة ليرمقها بانتظار وصبر لتهمس بعد قليل مر عليهما ساكنين : لا .
تصلبت ملامح زياد ليتهدلا كتفيه بألم طل من عينيه مرددًا بصوت مختنق : لا؟!!
ابتسمت بارتعاش وهي تشعر بروحها تختض ألمًا وتكرر باقتناع : لا .
انتفض واقفًا وهدر بعصبية : لماذا ؟! أنتِ تحبينني فلماذا ترفضين ؟!
صاحت أمامه بألم : لأنك لا تفعل .
اهتزت نظراته بعدم فهم لتتبع – أنت لم تفعل يومًا يا زياد ، حتى ما تشعره نحوي الآن ليس حبًا ، هو احتياج لماذا لا أعرف ولكن هناك شيء ما تحتاجه مني وترى أن أسلم طريق كي تاخذه هو زواجك مني ، الذي أرفضه رغم كل ما يعتمل بادخلي نحوك ولكني أرفض يا زياد ..
صمتت وحلقها يختنق لتنساب دموعها ببطء على وجنتيها وأكملت : أنا أرفض أن أكون مسكنا لوجعك .. أرفض أن أكون هكذا .
أطبق فكيه وهو يشعر باختناقها ينتقل إليه ليهمس بحشرجة : لا أنكر أني محتاج لكِ .. لوجودك معي وحولي ولكن أليس هذا الاحتياج يعد شعورًا يا جوان ؟! أليس احتياجي إليكِ ينم عن مشاعر ما تولد بداخلي لأجلك ، لقد آلمني فراقك كما لم يحدث من قبل ، أنتِ من تقصيت عن مكانها وسافرت من خلفها ، بحق الله لم أفعل هكذا مع من تزوجت منها وكنت أظنني مدله في عشقها .
رفت بعينيها ليقترب منها بتؤدة يكمل بصدق لمع بعينيه : بل إن روعة شعوري معك لم استطع أن أشعره مع أخرى غيرك لا قبلك ولا بعدك يا جو .
توردت وأشاحت برأسها عنه وكتفت ساعديها وكأنها تحتمي منه تتماسك أمامه ليكمل بخفوت وكأنه يستجدي موافقتها : امنحينا فرصة يا جوان ، أرجوكِ لا تغلقي كل الأبواب أمامنا ، وافقي ودعينا نجرب لن نخسر شيئًا .
عبست بغضب ومض بعينيها لتساله بحدة : نجرب كيف ؟!
ابتسم في وجهها ليجيب ببساطة : مثل الآن ، رمقته بتساؤل فهمس متبعًا – كل الفارق خاتمي يزين يدك اليمنى ولتكن خطبة إلى أن نقيم إجراءات الزفاف كما تريدين ، فقط وافقي .
تطلعت بتردد وحيرة سكنا مقلتيها فهمس برجاء وهو يحتضن كفها اليمنى : وافقي يا جوان .
بللت شفتيها لتهمس باختناق سيطر عليها : موافقة .
اتسعت ابتسامته وهو يلبسها خاتمه ليهمس بخفوت قرب ثغرها الذي قبل جانبه هو الذي ضمها إلى صدره : مبارك يا جو .
ابتسمت بارتعاش وهي تخفض رأسها في رفض أن يتمادى لتستكين داخل احتضانه الذي ضمها فاسرى الدفء بجسدها وتشعر بالقلق يكتنف حواسها فيذهب فرحة وليدة كادت أن تشعر بها .
***
مصر – صباحا ...
يجلس مجاورًا لولده الذي يطالع الأخبار التي تتوالى أمامه ، حملة شرسة للنيل من المؤسسة الإعلامية بل أن هناك مقالات فُردت لها صفحات تتساءل عن المدينة الوهمية الذي دعى لها سليم وهل هي متواجدة أم كانت فخ كبير لسرقة المستثمرين ، وحتى إن كانت مشروع قومي كما أوهم الجميع هل سينفذ وصاحبه متهم بقضية قتل ، بل أنه يعد المتهم الأول والوحيد بها ، وأنه بالتاكيد مدان وإلا لكان استطاع الخروج أو استغل نفوذه لاطلاق سراحه فلا يخفى عن أحد مدى قرابته من رجال الدولة وتقربه منهم .
زم شفتيه وهو يشعر بالغضب يندفع بأوردته فيزداد عبوسه وهو يشعر بأن هناك شيئًا خاطئًا فالأمر لا يطول سليم بمفرده بل إن المقال يشير بوضوح لقرابة سليم من زوج خالته رغم عدم ذكر اسم صراحته !!
ورغم أن هناك قرار منع نشر في تفاصيل قضية سليم إلا أن المقالات والأخبار لا تأتي بسيرة القضية أو سير التحقيقات بل جميعها تتحدث عن أمور المؤسسة الاقتصادية والذي كان مسئولًا عنها سليم في المقام الأول.
تمتم حاتم بجدية نادرًا ما تظهر عليه: ما رأيك يا حسام ؟!
تمتم حسام باختناق : الأمر خرج من نطاق انجي يا بابا ، فما أراه الآن أكبر منها ، أقوى من أي شيء مضى ، هذا متعمد وشخصي وتحدي معلن ، بل إن الأمر وصل لتهديد مباشر لعمو أمير يا بابا وانجي لا تقوى على فعل ذلك.
أغمض حاتم عيناه ليغمغم بالموافقة على حديثه قبلما يهمس متبعًا : أنا مشفق على أخيك فالهجمة شرسة عليه ولا تمسه بمفرده بل تمس سهيلة أيضًا ، أكمل وهو يعتدل بجلسته يتحدث بضيق – حقًا لقد أشفقت على الفتاة التي لا ذنب لها سوى أنها زوجة ابني فتنهض من النوم تجد نفسها محط الأضواء وياليته بطريقة جيدة بل بحديث بشع وتنمر عن حالتها وظروفها والسبب القهري القوي الذي يجعل شاب مثل نادر كامل يرتبط بفتاة مثلها منقوصة لا تقوى على دعمه في مشواره بأبسط شيء وهو الاستماع لأغانيه !!
تمتم حسام بسبة خافتة قبلما يسأل بجدية : وأين نادر الآن ؟!
تغضن جبين حاتم بانزعاج : ذهب ليطمئن عليها وخاصة وهي لا تجيب هاتفها .
نفخ حسام بقوة ليغمغم بضيق : وتيم باشا ما موقفه هذه المرة ؟!
هز حاتم كتفيه : لا أدري لم يظهر في الأفق للآن .
أومأ حسام برأسه لينهض واقفًا فيرمقه حاتم بتساؤل فيغمغم حسام بجدية : سأتواصل معه ، ولكن لابد أن أذهب للمؤسسة قبلما أذهب لبيت عمي ، لابد أن أتحدث مع نبيل لعله لديه حل لما نلاقيه .
أومأ حاتم برأسه ليرمقه قليلًا قبل أن يسأل بضحكة مكتومة : بمناسبة بيت عمك ، كيف حال ابنة عمك ؟!
رف حسام بعينه ليغمغم ببرود : أيهن ؟!
تعالت ضحكات حاتم ليرمقه بنظرة ذات مغزى ليسأله بجدية : إذًا أخبرني كيف حال الشاليهات التي ذهبت لتطمئن عليها في الشتاء وخدعت ابنة خالتك التي صدقت أن الشاليه به أمر ما وكانت قلقة عليك بالفعل عندما أغلقت هاتفك واختفيت .
ابتسم حسام بحرج زين هامته : لم أستطع أن أخبرها بأني مسافر يا بابا رغم أني توقعت أنها لن تصدقني ولكنها ..
ضحك حاتم بخفة ليشاركه حسام الضحك قبلما يغمغم متعجبًا : تخيل هاتفتني وأنا عائد لأجل أن تسألني عما سنفعل امام ما يحدث وقبيل أن تنهي الاتصال عاتبتني وهمهمت لي بحرج أنه كان علي اخبارها فهي قلقت علي بالفعل عندما اختفيت .
تنفس حاتم بقوة ليهمس بجدية : آسيا لم تعد من امريكا كما غادرت يا حسام ، آسيا مختلفة رغم أنها تحاول أن تظهر لنا عكس ذلك .
أومأ حسام برأسه موافقًا : جميعنا تبدلنا يا بابا لماذا هي ستكون مختلفة ، كل تجربة نمر بها تبدلنا والقليل منا من يثبت كما هو .
هتف حاتم بمرح : يا ولد يا حكيم ، ليتابع بجدية وهو يرمقه بلوم واضح – جيد أنك تدرك هذا وأن الجميع يتغير حتى إن أظهر عدم تغيره يا حسام.
ابتسم حسام ليغمغم ساخرًا : الطباع لا تتغير ولا تتبدل ولا نقوى على التحكم بها يا ابا حسام .
هز حاتم رأسه بيأس ليشير إليه حسام برأسه : وبسبب الطباع هناك مقال صغير يتحدث عنك وعن تلك الصغيرة التي ترافقك هذه الأيام .
تصلبت ملامح حاتم وهم بالحديث ليشير إليه حسام بجدية : لا أريد تبريرًا يا بابا ، أنا أدرك أنها لا شيء ، فأنا تتبعت الأمر بعد زفافي الذي كان سبب تعارفكما وخاصة بعد أداءك الغنائي الرائع الذي أشعل الحضور، تتبعت الأمر لأجد أنها مثل الكثيرات غيرها معجبة بالميجا ستار الذي لا يقوى على قول لا لمعجباته ، وبالطبع هي صغيرة تريد فرصة سانحة لتجارب أداء أو دور صغير بإحدى الإعلانات أو الأفلام أو أي شيء يكون أول درجة في مشوارها الفني وأنت بالطبع أعجبت الموهبة السينمائية البتول كالعادة .
أطبق حاتم فكيه ليرمقه بصبر وصلابة ليكمل حسام بضحكة رزينة : لا أنكر أن تلك التجربة التي تركت أثرًا علينا جميعًا غيرتك يا بابا ، ولكنها لم تقوى أبدًا على تبديل طبعك وسواء أعجبني هذا أو لم يعجبني ، أنا علي التأقلم فلا أحدًا منا يقوى على تبديل أبويه .
أشاح حاتم بعينيه ليكمل حسام بجدية : ولأني أدرك وأعلم وتأقلمت على تتبعك وتتبع خطواتك لم أهتم بذاك المقال ولم آتي بسيرته ، بل تجاهلته وكأنه لم يكن ، ولكن هذا لن يكن رد فعل البقية يا بابا .
تمتم حاتم بشموخ : فليحترق الجميع أنا لا أهتم .
أخفض حسام عيناه ليهز رأسه بيأس قبلما يغمغم وهو يغادر : حسنًا سأوافيك بما سأتوصل إليه مع نبيل ، فهناك أيضًا مقالات مفرودة خصيصًا لنبيل والسيدة التي سرقها من زوجها .
اتسعت عينا حاتم باستنكار فأومأ حسام برأسه : لقد ذكرت هكذا نصًا يا بابا ، ناهيك عن الحديث عن الصغير شبيه عمه والذي يطوله الكلام من اليمين والشمال وأنه بالتأكيد زير نساء كعمه ، وهذه أيضًا ذكرت هكذا نصًا .
اختنق حلق حاتم ليكمل حسام ساخرًا : ولكن بالأخير فليحترق الجميع نحن لا نهتم .
اربد وجه حاتم بغضب وتطلع لولده الذي رمقه بثبات زعزعه صيحة والدته التي أتت من الداخل تهرع راكضة وهي تصرخ بولولة : سليم أصيب في السجن ونقلوه إلى المشفى ، أريد الذهاب إليه الآن ، أريد الاطمئنان عليه وأكون بجوار بلال .
انتفض حاتم لزوجته التي كادت أن تهوى ساقطة ليهدر حسام بفزع : اهدئي يا ماما اهدئي لنرى ما الأمر .
بينما ضمها حاتم إلى صدره وهمس : اهدئي يا سارة سنذهب إليه بالطبع فقط اهدئي لنرى كيف سنتصرف .
***
يجلس بمنتصف غرفة الصالون الذي فتحته له الخادمة التي استقبلت زيارته هو الذي أتى متوترًا .. خائفًا .. جزعًا ، وخاصةً عندما هاتفها كثيرًا فلم تجب .. فهاتف هنا وخالد الصغير فلم يجبا ليجد أن لا حل آخر أمامه إلا أن يقوم بزيارتهم حتى يطمئن عليها بنفسه ، زفر بقوة وهو يفرك كفيه في توتر استبد به فينتفض واقفًا عندما شعر بأحدهم يقبل عليه مستقبلًا من دلف من باب الغرفة ، تجمدت ملامحه وهو يتطلع لوجه تيم المتصلب بنظراته الرافضة والذي همس مرغمًا : مرحبًا يا نادر ، تفضل .
ابتسم نادر بتشنج ليغمغم بجدية : مرحبًا يا عماه ، كيف حالك ؟!
تنفس تيم بعمق : بخير والحمد لله .
ران الصمت عليهما لوهلة قبلما يهمس نادر بتوتر : أين سهيلة حاولت الاتصال بها ولكن هاتفها مغلقًا وجميعكم لا تجيبون هواتفكم .
مط تيم شفتيه ليجيبه بتروي : نعم سهيلة أغلقت الهاتف لأن هناك الكثيرون يتصلون بها ليعقدون معها اللقاءات الصحفية ولنفس السبب تجاهلنا نحن هواتفنا يا نادر بك ، فأنت لا تدرك كم الاتصالات التي ترد إلينا .
وميض هاتف نادر الموضوع على الطاولة أمامهم أنبههما سويًا ليجيب نادر ساخرًا : بل أدرك يا عماه ، فالأمر لا يخصكم بمفردكم .
زفر تيم بقوة ليرفع عيناه إليه يرمقه بثبات ويسأله : والحل من وجهة نظرك يا نادر بك؟! هل من المفروض أن اسمح لابنتي أن تجري اللقاءات والمقابلات ليرى الجميع الصماء الذي ارتضى بها نجم النجوم ؟! أم ماذا علي أن أفعل ؟!
رف نادر بعينيه ليهمس باختناق : ليس عليك فعل أي شيء يا عماه ، أنا من سيفعل لا تقلق .
عبس تيم بتساؤل ليهمس نادر برجاء صدح من نبراته : هلا سمحت لي برؤية سهيلة ؟!
تنهد تيم بقوة ليجيب باختناق : إذا ارتضت سهيلة أن تخرج من غرفتها لتقابلك أو حتى تفتح إليك الباب لتدلف إليها يا نادر أنا لن أمنعك ولن أعترض ، تطلع إليه نادر بصدمة فأكمل تيم - فهي اعتزلتنا منذ الصباح ودلفت إلى غرفتها وأغلقتها عليها ولا تسمح لنا بالدخول إليها ولا تجب علينا بالطبع لأنها لا تسمعنا ، سهيلة أغلقت عليها عالمها من جديد يا نادر ولا نعرف إلى متى سيستمر الوضع هذه المرة ؟!
ومض الألم بعيني نادر ليهمس بصدق : أنا آسف يا عماه .
تنفس تيم بعمق : علام يا بني ؟! أنت لم تخطأ في حق ابنتي يومًا واحدًا ولم تقم بأي فعل مشين في حقها، كل ما اقترفته في حقها هو أنك أحببتها وأردت الزواج منها وتأسيس أسرة معها ومنحها حياة طبيعية استكثرها عليها المجتمع الذي نظر إليها كناقصة لا تستحق
دمعت عينا نادر ونفرت عروق رقبته ليغمغم بسرعة : بل هي من تستحق يا عماه ، سهيلة أكثر من تستحق ولا غيرها تفعل .
ابتسم تيم بحزن نبض بعينيه : لأني أباها أرى أنها سيدة البنات وأميرة الفتيات ولا يستحق غيرها أي شيء ولكن في نظر الجميع هي الجميلة الصماء كما يلقبونها من خلفنا .
تمتم نادر وهو يتحكم في دموعه بضراوة حتى لا يذرفها ، ووجع قلبه يحكم على حواسه : حتى إن كانت الجميلة الصماء ، ما بالهم بها أنا من أحببتها .. أنا من أريد الزواج منها .. والبقاء معها ، لماذا يشغلون عقولهم بها ، لماذا لا يتركوننا بحالنا ؟! أنا لم أفرضها عليهم .. لم اقترب من حيواتهم لماذا يتدخلون بحياتي ؟!
أجابه تيم ببساطة : لأن حياتك ليست حكرًا عليك يا نادر ، أنت لست شخص عادي طبيعي .. أنت سوبر ستار حياتك وعالمك وكل شيء يخصك يشاركك فيه جمهورك ، وجمهورك غير راضيًا أن تتخذ فتاة صماء زوجة لك ، فتاة لا تقوى على دعم مشوارك الفني وكيف ستفعل إذ كانت لا تقوى على الاستماع إليك والادلاء برأيها في أغانيك
انتفض نادر واقفًا يدور من حول نفسه بغضب تملك منه قبل أن يصيح بطريقة أثارت ذهول تيم : وهل طلبت منهم رأيًا من قبل ؟ ثم من أخبرهم أني لا أستشيرها في أغاني ، أنا أفعل ، أتبع وملامحه ترق بطريقة أجبرت تيم على الابتسام - يكفي بسمتها التي تومض لأجلي وأنا أسجل إحدى أغاني وهي حاضرة ، إشارتها لي من خلف الزجاج هي التي شعرت بي بقلبها حتى إن لم تستمع لي .. يكفي لهفة عيناها وحديثهما الذي لا يقوى على تفسيره سواي .
نحنحة خافتة صدرت من تيم أنبهته لمجرى حديثه فأغمض عيناه ليهمس بعد برهة : أنا آسف يا عماه .
ابتسم تيم مجيبًا بتشنج : لا عليك. زفر نادر بقوة : هلا سمحت لي ؟!
أومأ تيم برأسه ليشير إليه: تعالى لعلها ترتضي أن تفتح لك الباب أو تخرج إليك ، لا أعرف ولكن لنجرب؟
أومأ نادر برأسه ليتبع خطوات حماه الذي صحبه للمرة الأولى إلى الطابق العلوي فيتوقف نادر على أول الرواق منتظرًا إذن حميه بالاقتراب فيشير إليه تيم بالاقتراب ليقبل عليه هو الذي وقف يطرق الباب ويحاول أن يفتحه فيجده موصدًا ليضغط تيم جهاز صغير يشبه جهاز الاستدعاء الخاص بها قبل أن يطبع عليه بسلاسة : افتحي الباب يا سهيلة من فضلك، أكمل بعد برهة - نادر هنا ويريدك.
قابلهم الصمت لقليل من الوقت قبل أن يهمس نادر بصوت مختنق : هلا سمحت لي يا عماه ؟! أومأ تيم وهو يمنحه الجهاز من يده فيسأل نادر - هل ترى الرسائل ؟!
أجاب تيم : نعم ولكنها لا تجب .
أومأ نادر برأسه ليطبع بسرعة : افتحي الباب يا سهيلة أنا هنا وأريد رؤيتك، أرجوكِ افتحي أريد الاطمئنان عليكِ .
لثوان انقضت وقفا سويًا ينتظران أي أمل في أن تجيبهما سهيلة ليغمغم نادر باختناق : لنقتحم عليها الغرفة يا عمي ، فهذا ليس جيدًا أنا قلق .
تمتم تيم : أنها تقرأ الرسائل يا نادر وهذا معناه أنها بخير ولكنها لا تريد التواصل .
هدر نادر بعصبية : حتى وإن كانت بخير ليس برغبتها أن ترفض التواصل يا عماه ، ليس من حقها أن تنطوي على نفسها وتتقوقع بهذه الطريقة وتدعنا للقلق يكتنفنا
سأل تيم : أنا أوافقك ولكن لم تعتاد منا أن نقتحم عليها الغرفة ، كنا من قبل نحايلها إلى أن تعود بمفردها .
هدر نادر بحدة : هذه المرة ليست كالبقية يا عماه ، أكمل وهو يتحرك بغضب فاح من جسده - اسمح لي .
ابتعد تيم عن الباب ليساله نادر بجدية : هل رتاج الباب الكتروني يا عماه؟!
هز تيم رأسه نافيًا ليومئ نادر بتفهم قبلما يبتعد قليلًا ويضرب الباب بكتفه مرتين متتاليتين في قوة أجبرت تيم على الاندهاش ، ارتج الباب بقوة وبصوت أجبر هنا أن تأتي من غرفتها مسرعة وخالد الذي خرج من غرفته سائلًا بتعجب : ماذا تفعلان ؟!
أجاب نادر وهو يشير لخالد : تعالى ساعدني يا خالد
تحرك خالد نحوه مسرعًا ليجيب تيم هنا بنظراتها المرتعبة : نادر يقتحم الغرفة على ابنتك .
تطلعت إليه هنا بتعجب انقلب لضحكة مكتومة وهي تهمس لزوجها الذي ابتعد يرمق نادر وخالد اللذان يحاولا اقتحام الغرفة على ابنته : ألن تساعدهما ؟!
هز رأسه نافيًا ليغمغم إليها : لا ، لن أضع نفسي تحت طائلة غضب ابنتك، فنادر بك للآن لم يرى الوجه الآخر لسهيلة عندما تغضب .
انتبها سويًا على الباب الذي فتح في نفس اللحظة التي يندفع خالد ونادر نحوه فيندفعا سويًا لداخل الغرفة وسهيلة التي طلت من خلف الباب تنظر لهم بدهشة وتعجب وعصبية اندلعت بعينيها وإشارت بها تسأل والديها عما يحدث فيشير إليه تيم بكفتيه أنه لا يعلم بينما كتمت هنا ضحكاتها، هرع نادر نحوها بينما وقف خالد يلهث من خلفه ليشير إليها نادر متسائلًا : هل أنتِ بخير ؟! أخبريني .
تطلعت إليه بملامح صلبة رغم تورم جفنيها من البكاء لتشير برأسه مرفوعة : أنا بخير ، لا داعي لقلقك ولكل ما تفعله الآن ، فأنا بخير .
تطلع إليها نادر بنظرات مهتزة ليسالها بجدية : ما الأمر يا سهيلة ؟!
ابتسمت بارتعاش لتجيبه بإشارة باردة : لا شيء أنا بخير .
قبض نادر على مرفقها بعصبية ليهزها بجدية وينطق بثبات وهو يتطلع لعمق عينيها : لا تفعلي هكذا يا سهيلة ، لا تفعلي .
ابتسامة ساخرة شكلت ثغرها لتشير إليه : أنا لا أفعل شيئًا .
تطلع إليها مليًا ليهمس بجدية وهو يتطلع إليها : أنا أحبك ، لا يهمني شيء ولا أهتم باي شيء سواك .
أشارت إليه ببطء : ولكن الآخرين لهم رأيًا آخرًا .
أشار لها برفض : لا أهتم بالأخرين ولا رأيهم ، أنت فقط من تهمينني .
دمعت عيناها ليكمل برقة في رجاء صدح بصوته وظهر بإشارته : لا تتركيني أنا لا أقوى على العيش دونك .
انسابت دموعها لتشير بانفعال طل من عينيها : وأنا لا أقوى على العيش هكذا يا نادر ، لا أقوى أن أحيا منقوصة في عيون الجميع .. لا أقوى أن أحيا وحياتي مشاع للجميع .. لا أقوى أن أحيا وأنا معرضة كل يوم للتنمر والانتقاص .. لا أقوى يا نادر ، أنا الأخرى أحبك ولا أتخيل أن أرتبط بأخر غيرك ولكن حقًا لا استطيع .
اختض قلبه بعنف وشعر بأوردته تحترق غضبًا وتنصهر الما لتكمل اشارتها : سمه ضعف .. قلة حيلة .. عدم ثقة ، سمه ما تشاء ولكني أخبرك عن الواقع الأليم الذي نحيا به ، والذي أخبرتك به كثيرًا من قبل وأنت لم تستمع لي ، بل عاندت وكابرت ولكن هاك نتعرض لكل ما خفت منه من قبل ، هاك تقام ضدي حرب شعواء لأني المنقوصة التي اختارها الكامل ابن حاتم كامل السوبر ستار والتساؤل الذي يضج مضطجع الجميع ، كيف أستطيع دعم مطرب مشهور في مشواره وحياته وعمله وأنا صماء ، كيف ؟!
ارتخت قبضته عن مرفقها ليبتعد قليلًا للخلف، يتطلع إلى يأسها الذي يشكل ملامحها لتشيح بعصبية وحدة تملكا منها : اخبرني كيف يا نادر ؟! كيف سأفعل .. كيف ؟!
انسابت دموعه بدوره ليمسح وجهه بكفيه يرمقها بعتاب قوي قبل أن يجذبها نحوه يضمها داخل صدره وكأنه يودعها يقبل جبينها بقبلة طويلة ليحتضن وجهها بعدما أبعدها عنه قليلًا ويهمس ببطء : لا تفعلي ، أنا سأفعل كل شيء ، فقط تذكري أني أحبك ولن أترككِ أبدًا .
هزت رأسها نافية ليبتسم في وجهها متبعًا : أنا استغنى عن العالم أجمع ولا أقوى على الاستغناء عنكِ يا سهيلة ، أنا أحبك .
ضمها إليه ثانيةً قبلما يبعدها ثم يندفع مغادرًا وهو يغالب دموعه فلا يبكي تحت نظرات الثلاث الواقفين متسمرين في الخارج لم يجرؤ أحدهم على الاقتراب منهما ، لتندفع هنا وخالد نحو سهيلة التي انتحبت في موجة بكاء قوية بينما راقب تيم اندفاع نادر الذي ركض ليغادر فيغمض عيناه بضيق قبلما ينضم لعائلته التي التفت من حول ابنته التي تطلعت إليه بحزن آلم قلبه فلانت ملامحه قبلما يفتح لها ذراعيه يضمها لصدره ويغمغم بمواساة : لا تبكي بابا ، لا تبكي ، سيكون كل شيء بخير فقط لا تبكي .
***
تقود سيارتها تدور بها دون هدف محدد بل تتهادى بها داخل شوارع المدينة وهي تتأمل الشوارع من حولها ، حينًا تبطئ بسرعتها وهي تتمهل بجوار الحدائق فترمق الأشجار ذات الأفرع اليافعة التي تتحرك بسبب نسمات الهواء الباردة أو تتأمل انعكاس ضوء الشمس الذي أصبح حارًا بطريقة ملفتة تعلن عن انتهاء موسم الشتاء ، وحينًا تسرع بها في جموح وكأنها تعلن عن زئير أفكارها التي تبحث عن الجزء المفقود في قصة غير مكتملة الأركان لديها .
تمط شفتيها بتفكير وعقلها يعيد عليها بداية كل شيء ، هي التي تتبعت الأمر لأوله والذي بدأ برسائل هادئة شاكرة لما فعله معها .. تليها رسائل تصف شهامته وتشكره على معروفه .. ثم رسائل تحتوي بباطنها استجداء واضح رغم ثرثرتها العادية عن ظروفها التي لا يسأل عنها ولكن الأخرى تخبره بها عن طيب خاطر !!
ثم رسائل اعتيادية .. دورية .. تكاد تكون يوميه .. تسأله فيها عن أحواله أو تخبره عن أحوالها .. تبوح فيها عما تفعله .. أو تقص إليه عن أشياء قديمة جمعتهما سويًا .. ثم استفسارات عن أشياء تخص سفرها أو هجرتها كما وصفتها برسائلها ، تلك الرسائل الوحيدة التي أجابها زوجها بنوع من الاستفاضة في الحديث وهو يشرح للأخرى بعض خطوات عليها القيام بها فالبقية كان لا يجيبها أو يجيب باقتضاب شديد أقرب للنفور ، نفور لم يدفع الأخرى بعيدًا بل كما يبدو لها دفعها للقرب أكثر!!
تنفست بعمق وهي ترمق هاتفها الذي لا يتوقف عن الرنين الخاص به .. هو الذي من الواضح أنه استيقظ فلم يجدها ليبدأ في البحث عنها وخاصة عندما اكتشف حاسوبها الذي تركته على رسالة الأخرى الأخيرة ، تلك الرسالة التي اسرت البرودة في أوصالها وهي تقرأها ، رساله مطعمة بصورة الاخرى والتي التقطتها لها في مغطس المياه رغم عدم ظهوره ولكنها توقعت بقيتها ، فيكفي بخار الماء المكثف الذي وضح بالصورة ولملمتها لخصلاتها بعشوائية فوق رأسها والمياه التي تناثرت على وجهها بقطرات خفيفة ومن حولها أيضًا صورة تحوي وجه الأخرى ولكن هناك تفاصيل كثيرة غير ظاهرة نعم ولكنها تشي بها وخاصة مع تزين صورتها بكلمتين اذهبا بعقلها وهي تقرأهما " اشتقت إليك "!!
تنفست بعمق وهي تتذكر أنها أتبعت الرسالة بأخرى أرسلتها إليه بعد خمس دقائق كاملة تعتذر منه عن الصورة التي اُرسلت خطئًا وتخبره بأنها لا تقصد الضغط عليه هي فقط تخبره بشعورها نحوه ، شعورها الذي يرفضه .
زفرت ملك بقوة وهي تتذكر أن تلك الرسالة أعادت إليها روحها التي سحبت منها بصورة الأخرى وأعادت إليها بعضًا من تعلقها الذي كادت أن تفقده وهي تقرأ رسالة الأخرى ورغم أنها هدأت واستقر قلبها إلا أنها لم تستطع السيطرة على غضبها الذي اشتغل بأوردتها فبحثت عن الأمر بأكمله وعقلها يتساءل لماذا لم يخفي عنها عادل كل هذا بل أنه لا يسجل خروجه من بريده الالكتروني عندما يترك الحاسوب بل إن جميع حساباته الالكترونية مسجلة لديها بحاسوبها الشخصي وتستطيع الولوج إليها بأي وقت !!
مطت شفتيها بتفكير وهي تصف سيارتها جانبًا لتجيب اتصاله الأخير قبلما ينقطع فيأتيها صوته هادرًا : أين أنتِ يا ملك ولماذا لا تجيبي هاتفك؟!
أجابته ببساطة : خرجت ، ران الصمت عليهما لتتبع بعد وهلة – كان صوت المذياع عاليًا فلم أستمع لاتصالاتك.
تنفس بعمق وعيناه تقع على الحاسوب المضيء أمامه ليجيب باقتضاب : إذًا عودي من فضلك فأنا توقعت أن نتناول الفطور سويًا قبيل ذهابي للعمل .
تنفست بعمق لتجيب : سأمر على ماما لأطمئن عليهم ثم أذهب للمؤسسة فآسيا أكدت علي ..
قاطعها بهدرة غاضبة : بل عودي للبيت ، عبست وهمت بمعاندته ولكنه أتبع باختناق – أريدك معي فسليم أصيب ولابد أن أذهب إليه .
تمتمت بهلع : أصيب ؟! كيف ؟! ماذا حدث له ؟!
تنفس باختناق : لا أعلم ، استيقظت على اتصال ماما وبكائها في الهاتف ، هلا أتيت ؟!
أجابته سريعًا : حالًا ، سآتي حالًا .
أغلق الهاتف وعيناه لم تتحرك من على الحاسوب الذي يخبره عما حدث وهو نائمًا ، يطبق فكيه بغضب اندلع بمقلتيه وهو يدرك إلآم ترنو لارا ، والذي موقن هو أنه لقى صدى عند ملك من الممكن أنه لم يكن بالقوة التي أرادتها لارا ولكنه على ما يبدو ترك أثرًا ولو ضئيلًا لدى زوجته التي غادرت المنزل واستقلت سيارتها ودارت بها كي ترتب أفكارها ، طريقة فعالة وأتت ثمارها معها عندما أخبرها بها حينما شكوت له إحدى المرات أنها تعاني من ازدحام عقلها بالكثير من الأفكار ، زفر بقوة وهو يشعر بأنه ليس متفرغًا الآن لذاك الأمر الذي توقع أن تكتشفه ملك أبكر ولكن ظروف عائلتها أخرت معرفتها للآن في ظل انشغاله في أمر سليم الذي يتفاقم بطريقة تثير أعصابه وعقله وهو يفكر بإصابة الآخر الذي اطمئن من والده أنها مرت على خير ولكن يتبقى السؤال الذي يحيرهم جميعًا من الذي يتقصد سليم بتلك الطريقة الظاهرة ، من ذاك الغبي الذي يتعمد أذية ابن خاله متحديًا جميع الموالين لسليم وعلى رأسهم أمير الخيّال شخصيا !!
***
يقف أمام ذاك الباب ببياضه الباهت القديم في ذاك المشفى الخاص بالسجن والذي نقل إليه ولده أثر جرح حاد أصيب جانبه ، ولده الذي حاول أن ينقله لمشفى آخر يكن مجهزًا بطريقة لائقة فلم يقوى على ذلك لأنه عندما وصل كان الطبيب أدخله بالفعل لغرفة العمليات ليخبره أمير الذي هاتفه بصوت رخيم جاد : اهدأ يا بلال وبعد إنقاذه سننقله لمشفى آخر يتم تعافيه به .
حينها تمتم باختناق : لا أريده أن يبقى هنا يا أمير ، لا أريده أن يظل هنا أو بالسجن أو بأي مكان لا يليق به ، بحفيد سليم الراوي ، لم أطلبها منك قبلًا ولكن هاك أنا أخبرك بها صراحةً ، أريد أن أعود بولدي للبيت بعد أن ينهي تعافيه ، ابني سيعود معي للبيت ولن يذهب للسجن ثانيةً .
حينها غمغم أمير بإجابة مراوغة لم تشفي غليله الذي يتصاعد وعقله ينبض بغل ومض بعينيه فاستل هاتفه وأجرى تلك المكالمة التي تأخرت كثيرًا فيغمغم بحدة : لم أسمع منك منذ فترة ما آخر الأخبار ؟!
انصت باهتمام ليغمغم منهيًا الحديث : حسنًا أريد أن أسمع سمع خيرًا قريبًا فأنا صبري نفذ .
انتظر إلى أنهى الآخر حديثه ليغلق الاتصال فينتبه لكف أحدهم وضع على كتفه بدعم فاستدار ليجد عادل يواجه فيشعر بأن روح ولده تطل من عيني ابن أخته الذي انحنى مرتميًا في حضنه ليحتضنه بلال وهو يتمسك بحضن عادل الذي غمغم بغضب كتمه بداخله : لا تقلق يا خالي، سليم سيكون بخير .
ارتج قلب بلال داخل صدره ليكمل عادل الذي استقام واقفًا عيناه معتمة بطريقة أثارت انتباه بلال الذي أنصت لصوت عادل الرخيم والذي يشبه صوت والده : الجرح سيترك علامة ولكنه ليس بذي أهميه ، سيتعافى سليم في غضون اسبوعين لقد تحدثت مع الطبيب الذي استقبله عندما وصل .
لهج لسان بلال بالحمد قبل أن يهمس بجدية : هل توصلت لشيء يا عادل ؟!
استدار عادل لخاله يرمقه بثبات قبلما يجيب : الصبر طيب يا خالي ، وأنا صبور للغاية ، أعتى المجرمين يخطئون ، فقط علينا انتظار الخطأ والذي سيكون موازيًا للخطوة القادمة .
عبس بلال بتفكير : ألم تكن تلك الخطوة القادمة ؟!
هز عادل رأسه نافيًا : ذاك الأمر لا يخصها ، من فعلها يريد أن يترك علامته على سليم ليس أكثر ، كنت سأفكر بها لو لم تنطلق تلك الحملة الشرسة التي تطول الجميع في نفس ذات الوقت .
ومضت عينا بلال بتفكير ليغمغم باختناق : إذًا صاحب الضربة واحد .
أومأ عادل برأسه : نعم إنه أحدهم ذو نفوذ وعلاقات ويقوى على تحدي بابا شخصيًا .
عبس بلال باستنكار : من هذا المجنون ؟!
تشكل ثغر عادل ببسمة ساخرة : سندرك هويته عندما يفق سليم يا خالي، فسليم بالتأكيد يعرفه .
تطلع إليه بلال بتساؤل فابتسم عادل بوجهه مطمئنًا : لا تشغل رأسك كثيرًا يا خالي ، فقط أنا أبحث عن طرف الخيط وعندما نجذبه سيأتي بالكثير ، فقط علينا الآن قليلا من الصبر والانتظار .
زفر بلال بقوة لينتبها سويًا على صوت نحيب قادم من الخلف فيستديرا سويًا ليمط عادل شفتيه بضيق تحكم به وهو ينظر زوجة خاله وابنته اللتان وصلتا مع عمر الذي هرع بخطواته إليهما يسأل بخوف : ما باله سليم ؟!
تنفس عادل بقوة ليغمغم بجدية : سيصبح بخير لا تقلق .
ألقاها وهو يراقب ملك التي رافقته رغم حديثها المقتضب معه تتحرك نحو سوزان وحبيبة لتواسيهما .. تدعمهما في مصابهما وتحاول طمأنتهما.
فيلوي شفتيه بتفكير قبلما يسأل خاله الذي كان يثرثر لعمر عما حدث : هل أخبرتم أمينة يا خالي ؟! تطلع إليه بلال قليلًا قبلما يهز رأسه نافيًا فيغمغم عادل بجدية : من رأيي أخبرها فسليم سيحتاجها بجواره عندما يفيق .
أومأ بلال برأسه متفهمًا ليستل هاتفه ليحدثها بينما هو تحرك نحو زوجته التي جلست بجوار حبيبة تواسيها في مصابها
اقترب من مكان جلوسها هي وحبيبة ليهمس بجدية وهو ينحني نحوهما : اهدئي يا بيبا ، سليم سيصبح بخير .
رفعت حبيبة عيناها الباكية له لتساله بلهفة : هل اطمأننت عليه يا عادل؟! هل هو بخير ؟!
ابتسم بثقة : لا تقلقي لقد فعلت .
تنفست حبيبة وهدأت بالفعل وهي تلهث بالشكر لله ، لترفع ملك حاجبها باعتراض لاح على ملامحها ، اعتراض أثار ابتسامته ووميض عيناه الذي رمقها بتسلية واضحة فعبست بوجهه وهي تضيق عيناها بتحدي صدح بنبراتها : داعم طوال عمرك يا دكتور .
لم تنتبه حبيبة لحديثها وخاصةً أن عادل أشار إليها بأن تنهض لتجاوره وهو يجيب : هل عندكِ شك ؟!
ابتسمت ساخرة : لا وحديثك له مفعول السحر وخاصة على الإناث .
تحكم في ضحكته ليغمغم ببساطة : لأنه رأي طبي يثقون فيه .
رمقته بثبات : وحديثك غير الطبي يثقون فيه أيضًا ؟! تطلع إليها باستفهام لتكمل وهي تكتف ساعديها بتساؤل مهتم - هل تعتقد أنهم كانوا سيثقون بك وبحديثك إن لم تكن طبيبًا أو ابن سعادة المستشار يا عادل ؟! أم تلك الثقة التامة لكونك عادل الخيّال الجراح العبقري المشهور وابن مستشار رئيس الجمهورية للشئون الأمنية والعسكرية ؟!!
رمقها مليًا قبل أن يسأل بجدية : ما رأيك أنتِ ؟! أنتِ لماذا تثقين برأي وتسألينني عن نصيحتي يا ملك ؟!!
مطت شفتيها لتجيبه دون تفكير : أفعل لأنك زوجي ، وبالتأكيد طالما استأمنتك على نفسي فأنا أثق بك وبرأيك وحديثك .
هز رأسه باستحسان ليسأل بجدية : وهل عندما تزوجت مني تزوجت الجراح العبقري المشهور ابن أمير الخيّال أم تزوجتني لأني عادل وفقط .
تمتمت بهدوء : الزواج أمر مختلف يا عادل فأنا عندما تزوجت منك تزوجتك لأنك كل هذا فكونك جراحًا عبقريًا مشهورًا وابن أمير الخيّال كيان لا ينفصل عن كونك عادل الخيّال.
هز كتفيه وهو يضع كفيه في جيبي بنطلونه : إذًا وثقت في كعادل الخيّال ككيان قائم بكل مشتملاته يا ملك .
تمتمت بجدية : وامتلكته أيضًا ، فكونك زوجي يعد ملكية حصرية لي يا عادل .
ابتسم مرغمًا ليجيب دون تفكير : وهذه الملكية لم تهتز ولن تتأثر أبدًا يا ملك وستظل حصرية لك .
سحبت نفسًا عميقًا وهمت بالحديث فيشير إليها بعينيه : علينا أن نطمئن على سليم أليس كذلك ؟!
أومأت برأسها : نعم ، ولكن سيكون علينا الحديث يومًا ما يا عادل .
تمتم ببساطة : سنفعل .
تطلعت إليه فتبسم بوجهها : لقد ابتسمت تلك الابتسامة التي تمنحك وعدًا غير منطوق يا ملك ، أم لم تعد تؤثر بك لأنك امتلكتني وانتهى الأمر؟!
تطلعت إليه مليًا لتجيب بثبات : سأغادر بعدما نطمئن على سليم سأذهب لبيت والدي أريد الاطمئنان عليهما .
تمتم بجدية : سأوصلك وأعود لكِ مساءً لأصحبك للبيت .
رمقته مليًا لتهمس بصلابة : سأعود بمفردي وعندما أريد .
أغمض عيناه ليغمغم بجدية : ملك .
ابتسمت برزانة : لديك مناوبة يا دكتور لن تعود قبل يومين منها فارتئيت أن أبقى عند عائلتي ، مر علي عندما تنتهي من عملك ، سأعود معك .
زفرة راحة ندت عنه دفعت الابتسامة لشفتيها التي تحكمت بها وهي تشيح بعينيها بعيدًا لتهمس بجدية : الطبيب خرج يا عادل .
هرع الجميع نحوه فيخبرهم ببسمة هادئة : أنه بخير سينقل لغرفة الافاقة ولكن وجودكم لا يفيد فالزيارة ممنوعة إلا بمواعيدها المحددة ، أرجوكم غادروا
بهت الجميع ليهدر بلال غاضبًا : لن أغادر إلا عندما أطمئن على ابني .
عبس عادل بغضب قبلما يلامس هاتفه يتصل بوالده يخبره عما يحدث معهم .
***
تتصفح الجرائد الإلكترونية والمواقع الإخبارية التي تتداول أخبار آل الألفي بشكل مكثف منذ الصباح وبطريقة تثير التساؤلات والتعجب ، لتمط شفتيها بتفكير وهي تحاول أن تصل لسبب كل ما يحدث منذ مدة ، منذ زفاف ابن عمه الأكبر وهناك شيء خاطئ يحدث ، ورغم أن الأمر بأوله كان يبدو أنه خاص بآل الجمّال الذي كان مصابهم جلل على جميع الاصعدة إلا أنه الآن حُسر بشكل أو بآخر في آل الألفي وسليم الراوي ، ذاك الذي لا تعرفه معرفة وثيقة ولكنه يعد أخ لنادر إلى جانب أنه ابن خاله ، فالسيد سليم إلى جانب قضيته التي لازال محبوسًا على ذمتها إلا أنه في ليلة وضحاها أصبح حديث الصحف بطريقة مكثفة لا تستطع فهمها بل إن كم المقالات المفرودة له خصيصًا أشعرتها أنها مجموعة جراد أتت من العدم لتقضي على الأخضر واليابس وتشوه سمعة ذاك الرجل الذي يبدو لها رجل جيد .. رزين .. وذو أخلاق جيدة .
تنفست بعمق وهي تفكر بأن حتى الهجوم على آل الألفي غير متعمد لإيذائهم بل لأجل التشكيك في مصداقية المؤسسة الإعلامية التي يديرها سليم بالمشاركة معهم ، داعبت جهازها ببرود وهي ترمق ذاك المقال الذي يتحدث عن الألفي الصغير وعن الشائعات المتناثرة عنه والتي تبدو ركيكة وزائفة بشكل واضح بل إن من كتب المقال نقله حرفيًا من مقال آخر كان كتب فيما مضى عندما كانا صديقين ، فتجاهلت المقال وهي تعود لتلك الصفحة التي تتحدث عن ابنة خالها وخطيبها لتراجع التعليقات التي أثارت ضيقها وغضبها فهمت بأن تغرد على صفحتها ليقاطعها رنين الهاتف بصورته التي احتلت شاشته بأكملها فأجابته برقة من خلال سماعة أذنها الصغيرة : أهلين.
أتاها صوته المنغم ببسمة مرحة : يا ألف أهلين وسهلين يا حبيبتي ، كيف أصبحت اليوم ؟!
تمتمت بخفوت وهي تشعر بتورد طفيف يداعب وجنتيها : منيح .
ردد الكلمة من خلفها بطريقة مشاكسة ليتبع بتروي : أخبريني هل نظرت للأخبار اليوم ؟!
تمتمت بمكر : أية أخبار بالضبط ؟! تلك التي تتحدث عنك وعن علاقاتك وأنك زير نساء كعمك الميجا ستار الحبيب ، ام تلك التي تتحدث عن كون مؤسستكم الإعلامية هي بوابة لوأد أحلام المنافسين ، زفرت بقوة قبلما تتبع بضيق حقيقي – أم تلك التي تتحدث بالسوء عن ابنة خالي ؟!
أجاب ببساطة : كلها .
ضحكت بخفة لتجيبه بجدية : نعم نظرت ورأيت وقرات أيضًا .
آثر الصمت لوهلة قبلما يسأل بترقب نجح في إخفاءه: وما رأيك ؟!
زفرت بقوة : أنا في طريقي لسهيلة فمن المؤكد أنها في حالة يرثى لها .
تحدث بجدية : جيد إذا وجدت نادر عندك أخبريني فأنا أبحث عنه وخاصةً أن هاتفه مغلق وعمي لا يدرك أين هو ويبحث عنه لأجل أمر سليم أيضًا .
عبست بتعجب : ما باله السيد سليم ؟!
زفر زين بقوة : أصيب بشكل ما داخل السجن لم أفهم الأمر جيدًا فقد سارعت للبحث عن نادر فتوما قلق عليه .
أجابته بجدية : سأخبرك إذ ما وجدته عند سهيلة .
تمتم سريعًا : حسنًا هيا أغلقي ولا تجيب الهاتف ثانيةً وأنتِ تقودين السيارة ، أخبرتك من قبل .
لوت شفتيها لتصمت لوهلة قبلما تهمس بجدية : لا أقود السيارة ، عبس بغضب سرى بأوردته لتكمل هي بلا مبالاة تعمدتها – لقد طلبت من السائق أن يصحبني .
أطبق فكيه ليغمغم بصوت مكتوم : ألم نتفق يا مريم ألا تستخدمي تلك السيارة وتصرفين السائق ؟!
تنفست بعمق لتجيبه بهدوء : أنت أخبرتني أنك تضيق من السيارة والسائق يا زين وأنا أجبتك أني حتى لو تخلصت من السيارة لن أصرف السائق فلماذا نقطع رزقه وهو لا ذنب له .
هدر بعصبية تملكته : لأني لا آمن له .. لست مستريحًا لوجوده بجوارك .. ولأنه من المحتمل أن يكون عين لآخر يتابع أخبارك رغم ابتعادك عنه .
نفخت ببطء لتجيب بحزم : أنت تدرك جيدًا أن الآخر لن يفعلها يا زين ، هم بالحديث لتتبع سريعًا – وخاصة أن لا أمل لعودتنا سويًا فلماذا سيقوم بهذه الأمور التي لا معنى لها !!
زعق بخشونة : مريم لقد اتفقنا فما الذي جد لتعاندين ثانيةً ، أخبرتك أني لا أطيق أي شيء يزرع الذكرى بيننا والبارحة تحدثنا سويًا وأخبرتني أنكِ ستتوقفين عن استعمال السيارة والسائق حتى أني اقترحت عليكِ أن ابتاع لك سيارة جديدة .
قاطعته بحدة : لا أحتاجك لتبتاع لي سيارة جديدة يا زين ، أخبرتك أن ثمن هذه السيارة إذا بعتها يوازي سيارتين من العاديتين وحتى إن كانت لا تساوي شيئًا ، إرثي موجود وأستطيع أن أبتاع غيرها دون أن أبيعها
نطق بعصبية : توازي سيارتين أو لا تساوي شيئًا على الإطلاق لا أريدك أن تستخدميها أو أي شيء مما تركه لك يا مريم وهذا الأمر غير قابل للنقاش .
زمت شفتيها وهي تؤثر الصمت وعيناها تضيق بحنق قبلما تهمس بحدة : إذًا علي ألا أرتدي ملابسي أيضًا ؟!!
برقت عيناه وأنفاسه تتخم قبلما يهمس بصوت أجش وخياله الخصب بها يشتعل : ليس عليكِ ارتداء شيء في حضرتي .
عبست بغضب لتغمغم بحدة : تأدب يا زين ، قصدت .. صمتت لتتبع بحنق –يا الله أوف منك ، أنت قليل الحياء ووقح أيضًا .
ضحك رغما عنه وهو يستمع إلى هذرها بلهجتها الأقرب إليها مسباتها التي تطلقها في العموم قبلما تهدر بغضب : إن لم تتوقف عن هذا المزاح غير اللائق سأتوقف عن اجابة اتصالاتك إلى أن تتأدب .
سكنت أنفاسه واختفت ابتسامته ليجيبها بخشونة حاسمة : لن تفعلي ، ستجيبين دومًا على اتصالاتي يا مريم وهذا دون نقاش أو حديث لا محل له من الإعراب .
ومضت عيناها بتحدي لتسأله : هل تهددني يا زين ؟!
تنفس بعمق قبلما يجيب بجدية وحزم : بل اضع أسس علاقتنا يا مريم ، فأنا أبدًا لن أقبل لما كان يحدث قديمًا ، وليس لشيء سوى أني لم أعد ذاك الزين كما أنتِ لم تعودي تلك المريم كما أخبرتني من قبل .
انحشرت أنفاسها فلم تقوى على النطق ليكمل بعد برهة : اسمعي يا مريم سأكرر لكِ حديثي الذي أخبرتك به من قبل ، أتذكرين تلك المرة التي أجبتني بها على اتصالاتي بعد اتصالات كثيرة لم تكوني تجيبين ؟! تلك الليلة التي تحدثت فيها لخالك وشبه تقدمت لطلب الزواج منك ؟!
تنهدت برقة وهمهمت بالإيجاب فيتبع سائلًا – أتذكرين بم أخبرتك ؟! أني أريد أن نسعد سويًا .. أني أريد أن أعوضك عن كل ما فاتك .. وعن معاناتك التي شعرتِ بها الفترة الماضية ، لذا اتفقنا أن لا أفعل شيء يثير ضيقك وأنتِ الأخرى لا تقدمي على أي شيء يثير حنقي ، أليس كذلك ؟!!
أومأت بعينيها وكأنه سيراها هي التي شردت تتذكر تلك الليلة التي يقصدها تتذكر والدتها التي دلفت إلى غرفتها فترفع عيناها لها عندما حدثتها باقتضاب : مريم خالك بالأسفل يريدك .
حينها عبست بتعجب وشعرت بقلقها يتزايد وخاصة مع احمرار وجه والدتها الملحوظ لتنهض لترى فيم يريدها خالها الذي قابلها بعبوس يزين هامته قبلما يسأل بوضوح واختصار : هل تعرفين زين الألفي يا مريم ؟!
امتقع وجهها لتغمغم بمراوغة : بالطبع يا خالي ، هو ابن عم نادر .
حينها رفع خالها عيناه إليها يتطلع إليها بتفحص قبلما يتحدث بهدوء : لا أقصد تلك المعرفة يا ابنة دلال ، تطلعت إليه بثبات فاكمل بصراحة – هل تجمعك به أي علاقة من أي نوع غير كونه ابن عم خطيب ابنتي ؟!
حينها تطلعت لعيني خالها الذي حذرها بنظراته أن تخدعه أو تكذب عليه لتجيب بثبات هي التي وعدت نفسها الا تخبئ عليه أمرها : نعم لقد كان صديقي قبيل ارتباطي بأدهم ، كان يريد الزواج مني وفاتحني بأمر الزواج ولكني رفضته قبل ان يتقرب مني أدهم وأوافق عليه .
اغتص حلقها وهي تتذكر شحوب وجه خالها الذي ردد بذهول : صديقك بأي معنى يا مريم ؟!
فتجيب بصلابة : بذاك المعنى الذي أوضحته لك يا خالي ، لقد كان يريد الزواج مني ولكني رفضت .
خيم الصمت عليهما كثيرًا لدرجة أنها ظنت أن خالها لن يحدثها من جديد وأنه سينهض من مكانه مغادرًا وسيقاطعها رفضًا لتصرفاتها السيئة ومعلنًا عن غضبه منها ولكن خالها فاجئها عندما سألها برزانة : والآن ، تطلعت إليه بتساؤل فأكمل بجدية – ستقبلين الزواج منه إذا تقدم إليكِ ؟!
سحبت نفسًا عميقًا لتجيبه بصلابة : سأفعل إذا ما وافقت على زواجنا يا خالي .
ابتسم خالها ساخرًا ليسأل بتهكم جلي: حقًا ؟! منذ متى يفرق لديك رأيي يا مريم خانوم ؟!
همست بصدق : منذ اللحظة التي عدت إليكم ثانيةً يا خالي ، منذ اللحظة التي عدت إلى بيت جدي وأنا مريم رؤوف عزمي وليست ابنة دلال ، منذ تلك اللحظة وأنا أتحرى أن لا أفعل أي شيء يمسكم بسوء وأنت تدرك ذلك جيدًا .
أومأ برأسه متفهمًا ليسألها: إذًا أنتِ تدركين مساوئ ارتباطك بمن هو مثله .. مدركة لانفتاح عالمه .. ومدركة لما ستجابهينه إذ ارتبطت به يا مريم؟!
أومأت برأسها : مدركة ومتفهمة لكل هذا لا تخف .
حينها رمقها خالها مليًا قبلما يجيب بجدية : لست خائفًا عليكِ ، فأنت لست الفتاة التي تنطوي على نفسها وتكتئب بل أنتِ تشبهين أباك يواجه مشاكله ومخاوفه ويفوز أيضًا بماربه.
ابتسمت مريم برقة فأكمل بجدية : وصدقًا أنا خائف منكِ لا عليكِ ، بعض الأحيان تتخذين قرارات متهورة وتتصرفين برعونة مخيفة ولكن غير ذلك أنتِ فتاة رائعة تمنيت كثيرًا أن تتشبه سهيلة بك ولكن ..
ألقاها بتعب قبلما يبتسم في وجهها وينهض مغادرًا بعدما ضمها لصدره وربت على ظهرها هامسًا إليها أن تعتني جيدًا بنفسها ، ابتسمت وهي تتذكر أن مقولة خالها واحتضانه لها تركا في نفسها عظيم الأثر لتقرر ليلتها أن تجيب اتصالات زين الذي هدر صوته في أذنها يعيدها من ذكرياتها بتأفف: شردت عني يا هانم .
انتبهت لحديثه فهمست برقة ولهجتها تحضر بقوة : ولك وين روح ، أنا هون معك .
ردد بمشاكسة : العقبى عندما تكوني هووون معي حقًا .
ضحكت برقة واثرت الصمت ليسأل باهتمام : وصلت ؟!
تمتمت : نعم ، سأودعك لأذهب اليهم وسأراسلك بإذن الله .
أجاب بجدية : سأنتظرك .
***
تركض بهرولة وهي تنظر من حولها تبحث عن رقم الغرفة التي أبلغوها أنه يمكث فيها ، بعدما هاتفت حماها تطلب منه أن يصحبها اليوم أيضًا لرؤيته هي التي استيقظت بضيق لازمها منذ ذاك الكابوس الذي حلمت به ولكنه لم يكن كابوسًا بل كان شعورها به هو الذي أصيب ودلف لغرفة العمليات دون أن تجاوره ، لقد انهارت باكية عندما أدركت ما يتفوه به والده لتركض لغرفة شقيقها التي اقتحمتها تصرخ به أنها تريد الذهاب لزوجها ، رفت بعينيها وهي تتذكر فزع محمود الذي انتفض بعدم فهم بأول الأمر ليضمها الى صدره يهدأها ويحاول أن يفهم ما الذي حدث ولكنها لم تستطع لقد ظلت ترتعش وتبكي حتى لم يجد أخيها بدًا من مهاتفة بلال ليتحدث معه ويفهم منه كل شيء ثم يهادنها بقوله أنهم سيذهبون لسليم ولكن عندما ينقلونه لمشفى خالهما، ورغم رفضها.. اعتراضها إلا أنها لم تستطع سوى الإنتظار حتى صحبها محمود مع خديجة التي جاورتها بدلًا عن أمها التي أخبرتها أنها ستتبعهم عندما يعود والدها المسافر منذ يومين في زيارة معتادة لبلدتهم .
لهثت وعيناها تستقر على زوج الحرس الواقف على باب غرفة ما تأكدت من كونها غرفته عندما رأت شقيقته وزوجها يغادرا منها ، حبيبة التي تبكي بحضن زوجها الذي يواسيها كما يبدو لها فتندفع نحوهم هاتفة بجزع : هل هو بخير يا حبيبة ؟!
كفكفت حبيبة دموعها لتهمس باختناق : نعم لا تقلقي ، ادلفي إليه قبيل أن تنتهي موعد الزيارة ، فهو سأل عنكِ أكثر من مرة .
اندفعت نحو باب الغرفة لتقف لثانيتين تنظر في أثر شقيقها الذي كانت تجاوره ولكنها اندفعت تركض غير مهتمة بندائه لها أو هدرته بأن تنتظره فلم تجده في أعقابها لتطرق الباب قبيل أن تدلف إلى الداخل دون أن تنتظر .
...
عبس بغضب وهو ينظر من حوله يبحث عن أي رواق سلكته شقيقته لينفث بغضب تملك منه ليأتيه صوتها هي التي تسير من خلفه تدعوه بخفوت أن ينتظرها فاستجاب مرغمًا قبلما يهمهم إليها : هيا يا خديجة فأنا أريد أن أتبع تلك التي جُنت على غير عادتها .
ابتسمت برقة وهي تتمسك بساعده تستوقفه وتحاول تهدأته قبيل أن تجيبه : بالطبع أمينة على غير عادتها يا محمود ، ماذا تنتظر منها عندما تعرف أن زوجها طُعن في السجن ؟!
تبرم برفض : خطيبها يا خديجة ليس زوجها .
كتمت ضحكتها لتهمس موافقة : خطيبها يا محمود ولكن ذاك لا يصنع فارقًا فهي خائفة عليه .. على حبيبها.
اربد وجهه بغضب ليرمقها بعدم رضا فتبتسم بوجهه تربت على ساعده وتهمس بشقاوة : ارفق بها يا محمود وفكر بعد الشر عنك إذا كنت أنا مكانها ماذا تتوقع أن أفعل ؟!
تنفس بعمق ليغمغم بجدية : أنا أتفهم يا خديجة ، أتفهم خوفها وجزعها عليه ولكني لا أقوى على التأقلم مع لهفتها عليه وتبعثرها لأجله، عنادها وصلابتها معنا بل والوقوف أمامنا لأجله ، صمت لوهلة قبلما يتبع بتفكير- أنا أشعر بأنها أصبحت أخرى غير شقيقتي التي تربت بجواري وكأن وجودها بجواره بدلها جعلها أخرى غير أمينة التي ترعرعت معي .
ابتسمت خديجة لتهمس برقة : هي بالفعل أصبحت مختلفة بجواره ولكن أنا أعتقد أن هذه هي حقيقة أمينة ، فقط كل ما فعله سليم أنه ساعدها على ظهور حقيقة شخصيتها .
أومأ برأسه في تفهم ليقف فتقف بدورها هي التي تتأبط ذراعه فينظر من حوله باحثًا عن مكان الغرفة التي أبلغه بها حمى شقيقته ليهمس بجدية : أين تقع تلك الغرفة التي اندفعت إليها شقيقتي المجنونة ؟!
ضحكت خديجة بخفة لتغمغم بعفوية : لا أعتقد أنها في ذاك الرواق ، فذاك الرواق يمكث فيه الحالات الصعبة فغرفة مازن تقع في آخره .
رف بجفنيه ليستدير إليها بتساؤل ومض بعينيه : أي مازن وأي غرفة ؟!
ابتسمت بتوتر انتابها بسبب نظرته المصدومة والتي سرعان ما تحولت لغاضبة لتغمغم باختناق تهذر بسرعة وكأنها تلقي الكلمات التي تحرق جوفها: مازن .. مازن الجمّال ، لقد أصيب في حادث ويرقد في غيبوبة منذ مدة ، اهتزت عيناه بعدم فهم وذهول ألم به وغضب يتأجج بداخله فأكملت مثرثرة بعفوية – لقد أدركت الأمر عندما أتيت لأزور مي وأطمئن عليها كانتا ملك وآسيا يتحدثان عنه .
ران الصمت عليهما وهو يتطلع إليها يرمقها بنظرة لم تستطع تفسيرها ودون أي رد فعل يقدم عليه فهمت بالحديث لولا صوت بلال الذي صدح من خلفهما : سعادة القبطان ، مرحبًا بك .
رفع عيناه من فوق رأسها ليبتسم بلباقة لحمى شقيقته الذي أقبل عليهما فتحرك بدوره ليستقبل مصافحة الأخير له وترحيبه به وبخديجة التي استدارت تبتسم بتوتر في وجه بلال الذي رحب بهما بحفاوة ليتحدث بهدوء ورزانة معهما قبلما يشير إليهما أن يسيرا معه يصحبهما نحو غرفة سليم
...
دلفت للغرفة وعيناها تتعلق به هو الراقد في الفراش ، تنساب دموعها في بطء وهي تهمس باسمه قبلما تقترب منه تسأل باهتمام صادق : أنت بخير ؟!
ابتسمت سوزان في وجهها لتجيبها وهي تقترب منها تضمها لصدرها تربت عليها بحنان : اطمئني يا حبيبتي أنه بخير ، الحمد لله أصبح بخير .
نهنهت أمينة لتلهث حامدة لله قبلما تدفعها سوزان بلطف نحو سليم الذي تعلقت عيناه بها منذ ظهورها أمامه لتتبع سوزان بخفوت وهي تحمل حقيبتها : اجلسي معه إلى أن أرى إلى أين ذهب بلال .
تحركت نحوه هي التي لم تغفل عنه بنظراتها بل ظلت تتطلع نحوه ، تشعر بقلبها يخفق بوجل .. روحها ترتج بخوف وقلقها ينهشها عليه ، همس باسمها في صوت رخيم، مد كفه لها فتعلقت به وشهقت بموجة بكاء انهمرت من عينيها، همهمت باسمه قبلما ترتمي برقة فوق صدره تحتضن كتفيه وتنهمر بأسئلتها المهتمة عليه فيضمها اليه يربت عليها ويهمس بخفوت : اهدئي يا حبيبتي أنا بخير توقفي ولا تبكي يا حبيبتي أنا بخير
تطلعت إليه تسأله بلهفة : أنت بخير حقًا ؟! أخبرني ماذا حدث ؟! ماذا أصابك ؟!
ربت على رأسها وهمس بجدية : لا شيء يذكر ، ونعم أنا بخير لا تقلقي .
رفعت رأسها لتسأله : هل هي السبب يا سليم ؟! هل تفعل كل هذا حتى تعود لها وتتركني ؟!
زفر بقوة ليغمغم إليها : دعيك مما حدث ومن السبب الهام أنك هنا بجواري ومعي .
رفعت كفيها لتحتضن وجهه وتهمس بصدق : سأظل معك وبجوارك دومًا يا حبيبي .
تثاقلت أنفاسه ليحنو رأسه نحوها يتنفس أنفاسها قبلما يقبل شفتيها في توق ألم به فانتقل إليها بسلاسة فبادلته قبلاته هي التي تمسكت باحتضانه إلى أن توقفا سويًا يتطلعان لبعضهما فتهمس بخفوت : اشتقت إليك يا سليم .
ابتسم بحنين وهو يركن جبهته لجبينها : وأنا مت شوقًا يا قلب سليم .
طرق هادئ على باب الغرفة أنبههما لوضعهما فابتعدت للخلف وهي تعدل من وضع وشاحها الذي تهدل من حول وجهها بينما اعتدل هو بجلسته في تأوه خافت دفعها لتقترب منه ثانيةً لتساعده في جلسته والباب يُفتح وصوت أبيه يصدح بجدية : صهرك أتى ليطمئن عليك يا سليم .
***
يجلس بكرسي وثير قريبًا من الشرفة الواقعة بغرفة المعيشة التي تؤدي للحديقة الخلفية والتي كان بها بيت كلبه الذي دفنه البارحة ليلًا بمساعدة رمزي وابن عمته الذي هبط عليه لا يدري من أين ولا كيف فيرافقه للمزرعة التي نقل إليها البقية وكأنه لا يريد شاهدًا على وجود وسيم الذي تركه ورحل ، لسعت الدموع مآقيه فيرفع رأسه بجبروت جففها في مهدها هو الذي غمغم باختناق عندما شعر بحركة ابن عمته الذي يرافقه كظله من البارحة لدرجة أنه أمضى ليلته بعدما عادا نائمًا على الأريكة بجواره هو الذي لم يغفو ولو للحظات قليلة : ألن تغادر يا علي الدين؟!
زفر علي بقوة مغمغمًا : عندما أطمئن عليك سأفعل ، زفر أدهم بقوة ليتبع علي الدين بسماجة تعمدها – ثم لا أفهم هل أنت ضائق من وجودي، أم ماذا ؟! ثم ألم أكن متواجدًا الايام الماضية وكنت مُرحبًا بي ما الذي تغير ؟!
أغمض أدهم عيناه ليغمغم : بالطبع لست ضائقًا منك أو من وجودك ولكن لا أريد أن توقف حياتك لأجلي وخاصةً وأنا أدرك ظروفك جيدًا ، فزوجتك تحتاجك الآن .
ابتسم علي ساخرًا : زوجتي لا تطيق النظر في وجهي ، ووالداي لا يطيقان وجودي ، لا تخف على حالي يا ابن خالي العزيز فأنا مطرود من جنة الجميع وتائه في عذابي الأبدي يا أدهم .
اختنق حلق أدهم بكومة من دموع لا يذرفها فتعيق مجرى تنفسه تحشرج أنفاسه وتكتم صوته ليهمس بدوره : جميعنا تائهين في عذابنا الأبدي يا علي الدين ، لا فارق بين من طاوع نفسه وامتلك أو من تحدى روحه وتكبر ، كلنا مذنبين في حق أنفسنا وفي حق الآخرين .. جميعنا مثقلين بأخطائنا يا علي فلا تلوم نفسك ولا تقسو عليها فكلنا سواء .
دمعت عينا علي الدين وآثر الصمت الذي خيم عليهما لفترة من الوقت قبلما يغمغم علي باختناق : أشتاق لمازن كثيرًا يا أدهم .
رف أدهم بعينيه ليهمس بحشرجة : وأنا الآخر .
هم علي بالحديث ليتصاعد رنين هاتفه بطريقة أجفلتهما سويًا لينتفض علي الدين واقفًا وهو يغمغم بجزع انتقل لأدهم : أنها ملك ، استر يا رب .
هدر أدهم فيه : أجبها يا بني آدم فهي بالتأكيد تريدك في شيء هام .
تمتم علي بعفوية : أتمنى أن لا تكن حالة مي تدهورت أكثر أو جن جنونها وتريد الرحيل .
اعتدل أدهم بجلسته وهو يراقب ابن عمته الذي أجاب شقيقته لتتسع عيناه بجزع فيرمقه أدهم بتساؤل ليغمغم وهو يحمل أشياءه : سليم أصيب في السجن لابد أن أذهب إليه .
اغتمت ملامح أدهم بحزن قبلما يومئ بعينيه متفهمًا ليتوقف علي قبل أن يغادر يرمقه قليلًا فيشير إليه أدهم بعينيه : اذهب له يا علي أنا أدرك مكانة سليم لديك وأنه يشابه مكانة عاصم لدي لذا اذهب ولا تقلق سأكون بخير .
تمتم علي سريعًا : سأعود لك ثانية بإذن الله .
أومأ أدهم بتفهم قبلما يعيد رأسه للخلف يغمض عيناه ويهمس بألم صادق : اشتقت إليك يا مازن ، اشتقت اليك يا أخي ، عُد فأنا أحتاج إليك كثيرًا .
***
مستلقية إلى جواره بعدما غادر جميع زائريه اليوم تبعتهم السيدة لمياء التي أصر اليوم عليها زوجها أن تعود للبيت حتى تهتم بحور العين التي لن تقوى على البقاء في المشفى معهم ، وجنى المتعبة التي صحبها أسعد رغمًا عنها بسبب حالة الإعياء التي تنتابها هذه الأيام ، جنى التي رفضت محايلات والدها بالمغادرة بل ومشاجرة عميها معها ولوم وائل لها البارحة عندما سألها على الصغير فأخبرته أنها تتركه مع المربية عند جدته فعاتبها لإهمالها لطفليها وزعق بها لتغادر فلم تفعل ليأتي أسعد اليوم ويصحبها دون حديث في دهشة ألمت بها وهي تراقب ما يحدث أمامها ، ابتسمت رغمًا عنها وهي تتذكر أن شقيقة زوجها التي لأول مرة تراها غاضبة تزعق وتحتد في الحديث مع الجميع بطريقة أجبرت عمها الاكبر أن يهدر فيها بجدية أن تخفض صوتها لم تستطع أن تتفوه إلا بكلمات مبعثرة أمام نظرات من وقف في باب الغرفة هامسًا بجدية وملامح صلبة : هيا يا جنى.
فكادت أن تشهق بذهول وهي تتطلع لجنى التي لملمت أشيائها واتبعته في طاعة أجبرتها أن تنقل نظرها لحميها الذي كتم ضحكته بصعوبة وهو يجيب زوج ابنته بتحية المساء الذي ودعهما بنظرة من عينيه وإيماءة راقية فهمست هي بعد مغادرتهما : كيف فعلها ؟!
حينها قهقه أحمد ضاحكًا وأجاب ببساطة : لا أدرك حقًا يا بنيتي ولكن لطالما كان له تأثير قوي عليها لا أعرف له سببًا ولكن هو يملك مفاتيح ابنتي التي تطيعه وتستكين بجواره .
ابتسمت حينها وهمست : أسعدهما الله دومًا يا عماه .
تنهد أحمد بقوة لينهض واقفًا : حسنا سأتركك تنالين قسطًا من الراحة وإذا احتجت شيء أنا بمكتبي .
حينها تمتمت بخفر : ابقى يا عمي فأنا ..
ابتسم أحمد وأومأ لها بعينيه : جاوري زوجك يا ابنتي تصبحين على خير .
لتنهض بالفعل تبدل ملابسها وتستعد للنوم كعادتها بجواره هي التي تتقوقع على جانبها في المكان الضيق في الفراش الصغير بجانبه فتنام مجاوره له تحتضنه برقة وتشرف على رأسه التي تحتويها بذراعها دون أن تمسها فعليًا وتركن رأسها مجاوره لرأسه لتظل تتأمله بعينين ساهرة إلى أن يغلبها النوم
ابتسمت برقة وهي تراقب ملامحه من هذا القرب وخاصة بعدما نزع عنه الطبيب قناع التنفس هو الذي يبدو نائمًا أكثر من كونه راقدًا بغيبوبته ، فتتفحص وجهه ببشرته البيضاء .. ملامحه المنمقة والتي تشي بوسامته .. خصلاته البنية الناعمة وذقنه النامية والتي تتكاثف في نهايتها شقرة خصلاته فتتسع ابتسامتها وتهمس بجوار أذنه : الآن أيقنت أنك اشقر يا سيد مازن كما كنت تخبرني ، شعرك لا يظهر تلك الشقرة التي تطغي على ذقنك .
رفعت كفها وهي تلامس جانب وجهه بظهر سبابتها في رقة لتهمس بمرح انتابها فجأة : ما رأيك أحلقها لك في الغد لأمحي ذاك الدليل القوي على شقرتك التي لا أرحب بها ، بالله عليك كيف تكون أشقرًا وأنا سمراء بتلك الطريقة التي يسخرون مني بسببها ويخبرونني أني تفحمت في الفرن لذلك أتيت سوداء.
أتبعت بتساؤل وهي ترمقه بتفكير : برأيك يا دكتور مازن إذا نهضت من ثباتك وأذن الله لنا وأنجبنا ، هل أولادنا سيأتون سُمر يشبهونني أم شُقر يشبهونك أنت وعائلتك الوسيمة بشكل مبالغ فيه .
اهتزت حدقتيها بتفكير لتهمس بتعجب : جميعكم وسماء يا سيد مازن بخصلات ناعمة ملونة أو سوداء متفحمة أعين فاتحه والنساء تبارك الله برونزيات وشقر وبهجة للنظر ، كيف تزوجت مني وأنا سوداء هكذا يا مازن ، وكيف هم وافقوك ، التفتت إليه لتساله بجدية – أم اعترضوا لذا تزوجت مني بعيدًا ؟!
اعتدلت بجلستها ورمقته بتفكير لتهمس إليه : لم تخدعني أليس كذلك يا مازن ؟!
هزت رأسها بنفي سريع : لا هم لم يعترضوا علي لو كانوا يفعلون لم يكونوا ليبحثوا يبحثون عن نسلك مني أيضًا .
احتقن وجهها بحمرة قانية لتهمس بتلعثم وضحكة مداراة : كانوا يظنون أني أحمل طفلك ، ولكني أخبرتهم أننا لم نُفّعل زواجنا، تنهدت بقوة وهي تعود لنومتها وتتبع بتروي – أتعلم لم أغضب منهم رغم الحرج الذي شعرته لأني حسست بهم بأنهم يلهون عقولهم عن التفكير في مصيرك أنت الغائب عنا.. يفكرون في حل يمنحهم سلوانا إذا رحلت .
تشكل ثغرها ببسمة وأمل يومض بعينيها : أتعلم رغم أني شعرت بأنهم محقين بل تمنيت أني لم أوافق على الانتظار ولم أدفعك له كي يمنحني الله ثمرة منك تكون سلوانًا لي أنا الأخرى ، ولكنه أمر الله علينا حتى ننتظر فأنت أبدًا لم تكن لترتضي أن أولد ولدًا وحيدًا في دنياه يا مازن ، لم تكن تفعل بولدك مثلما حدث لك أو لي .
تطلعت لوجهه بتأمل ظهر بصوتها : ستنهض يا مازن أليس كذلك ؟! ستنهض لتقيم لي زفافًا كبيرًا كما وعدتني .. ستنهض لنتزوج وننجب الكثير من الأطفال يشبهونني بلوني الأسود الذي أبليت نفسك به .
رفت بعينيها وهي تشعر بالنعاس يداعب جفنيها فتستلم له لوهلة قبلما تفيق وتركيزها يعود لقمته عندما سمعت هسيسا يخرج من بين شفتيه اللذين تحركا بحروف مبعثرة لم تفقه لمعناها .
انتفضت جالسة لتهمس بوجل : مازن هل تحدثت ؟! لم يأتيها ردًا لتجلس على ركبتيها بجواره تمسك كفه بكفيها تضغط عليها بلطف وهي تهمس بجدية : مازن ؟!!
رتبت على وجنته برقة وهي تردد اسمه دون توقف حتى انكتمت أنفاسها داخل رئتيها وهي تتطلع لجفنيه اللذين يحاولان أن يفترقا وتأوه خافت صدر منه فتقفز واقفة تلامس زر استدعاء التمريض وهي تهتف به : أنت هنا حقًا يا مازن .
رف بجفنيه ليتشكل وجهه بشبه بسمة وهو يضغط على كفها المتمسك بكفه قبلما يغمض عيناه من جديد .
اندفع الممرضون للغرفة يتبعهم طبيبه المعالج وأحمد الذي نظر إليها بتساؤل فهمست له : حاول الحديث والاستيقاظ يا عماه ولكنه أغمض عيناه من جديد.
تحرك أحمد نحو الطبيب الذي بدأ بفحص مؤشرات مازن الحيوية فينتظره أحمد بصبر حتى همس الطبيب بارتياح : الحمد لله ، ليتبع الطبيب بجدية وهو يضبط بعد الأشياء في أجهزته الموصلة لجسده بطريقة لا سلكية – حمدًا لله على سلامتك يا دكتور مازن .
رف مازن بعينيه فانسابت دموع أحمد برهبة تملكته هو الذي اقترب بسرعة هاتفا : مازن ، هل تسمعني يا حبيبي ؟!
تأوه جديد صدر عنه ليلهث أحمد بالحمد والشكر قبلما يداعب الطبيب الانبوب المحقون بوريده ويهمس بجدية : سنعيده للنوم حتى نطمئن على كل شيء والأهم تفحص حالته العقلية واستجابته ولينهض تدريجيًا حتى لا يتعرض لصدمة تؤثر عليه فيما بعد
هلل أحمد بالحمد جهرًا قبلما يلتفت لمن تنحت للخلف تبكي فيجذبها ليضمها إليه يقبل رأسها ويهمس بجدية : لا تبكي يا ابنتي لا تبكي لقد عاد والحمد لله .
لهثت بالشكر وهي تتمسك باحتضان حميها الذي يبكي بدوره فرحًا بعودة الذي ظنا أنه لن يعد من جديد .
***
تطلع إليه هو الذي يجلس أمامه يبتسم ببرود يفرد ذراعيه على ظهر الكرسي الجالس عليه فيسأله بجدية : أين كنت يا داود الفترة الماضية بأكملها؟!
ابتسم داود وهو يرمقه من خلف نظارته الشمسية البرتقالية والتي يرتديها في ذاك الليل بطريقة أثارت ريبة زيد الذي يتفحصه بتروي : أخبرتك أني سافرت ، ضقت من هنا وغضبت من رفض آسيا المستمر ثم كان لدي عمل هام ذهبت لأنجزه.
ابتسم زيد ليسأله ببسمة هادئة: ولماذا عدت ؟!
أجابه داود ساخرًا : لأجلك بالطبع ، رفع زيد حاجبه بتعجب وعيناه تومض بعدم تصديقه فأكمل داود – عدت لأكون بجانبك ، أردت أن أعوضك عن خذلاني لك فيكفي أني لم أستطع أن أمنحك ما أردته مني .
رمقه زيد من خلف رموشه ليسأله بمهادنة : وما الذي أردته منك ؟!
تنفس داود بعمق وعيناه تغيم بحزن : أن أبعد آسيا عن ابن الجمّال، أليس هذا ما أردته يا زيد؟!
تمتم زيد ببرود : وأنت لن تفعل ؟!!
هز داود رأسه نافيًا : لا للأسف الأمر بيننا لن يكتمل .
راقبه زيد باهتمام : لماذا ؟!
رفع داود عيناه ليجيب باختناق : آسيا حلم بعيد المنال.. حلم لن أقربه قط.
تطلع إليه زيد مليًا قبلما يقترب منه بجسده يميل نحوه بطريقة أثارت رعب داود الذي اختض جسده بخوف فيسأله زيد بفحيح خشن وهو يتطلع لعمق عينيه : ما الأمر يا داود ؟! أخبرني .
رف داود بعينيه قبلما يهمس بقهر ودموعه تنساب رغمًا عنه : لقد قبضوا علي وأنا عائد من المطار يا زيد ، احتجزوني ثم أفرجوا عني .
رف جفن زيد لتتصلب ملامحه وهو يعاود لجلسته الأولي جسده يشتد بصلابة انتقلت لنبراته التي تحدث بها في اهتمام: وما المقابل الذي أفرجوا عنك لأجله ؟!
تطلع داود لعمق عيني زيد الذي لم يرف بجفنيه قبلما يجيب بصدق : أنت.
انتهى الجزء الثاني من الفصل ال24
قراءة ممتعة


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:44 PM   #2269

Amira94

? العضوٌ??? » 428003
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Amira94 is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور 🎊🎉🤩🤩

Amira94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-22, 11:46 PM   #2270

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 166 ( الأعضاء 32 والزوار 134)
‏سلافه الشرقاوي, ‏Diego Sando, ‏Amira94, ‏لبنى البلسان, ‏بوسي موني, ‏رحمة أسامة, ‏Ahmed mohamed2012, ‏yasser20, ‏Hagora Ahmed, ‏هبة الله 4, ‏tamy, ‏Maxmlina, ‏fatma ahmad, ‏Omsama, ‏sara_soso702+, ‏لبنى أحمد, ‏Elbayaa, ‏مرموره موره, ‏خفوق انفاس, ‏نداء1, ‏Ektimal yasine, ‏NANAMONTANA, ‏ايمان ربيع, ‏Layan97, ‏simsemah, ‏Minasm, ‏noorhelmy, ‏refka abir, ‏nagah elsayed, ‏Eman mmm, ‏ولاء وحيد, ‏موضى و راكان

منورين يا حبايب
قراءة ممتعة
مستنية ارائكم في الفصل
انجووووي


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:19 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.