آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          91- بين ضفتي الحب -كيت والكر -عبير كتاب عربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          A Walk to Remember - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          305 - عــــلاقات خـــطرة ليليان دارثي(كتابة /كاملة )** (الكاتـب : الملاك الحزين - )           »          At First Sight - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          347 - الراقصة والأرستقراطى - سوزان بيكر - م.د ** (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          1107-معركة التملك-شارلوت لامب د.ن (ج2 من السداسيه كاملة)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          4-البديله - فيوليت وينسبير - ق.ع.ق .... ( كتابة / كاملة)** (الكاتـب : mero_959 - )           »          285 - أنين الذكريات - هيلين بروكس (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree532Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-12-20, 03:10 AM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





بسم الله
**
الجزء العاشر
***
**

هل تتوقف الحياة عند انسان؟

نعم تتوقف الحياة عنده إذا ملئته الهموم واحتار في مواجهتها وشل الياس سيطرته عليها، تتوقف إذا

كان ركنه ضعيف كطفل مشلول كبله اليتم والقهر ولم يستطع الدفاع عن نفسه ضد طوفان الظلم، تتوقف

إذا خذلك سندك الذي تعشق والذي لم تستطع نسيانه رغم كثرة الطعون والخيبات، تتوقف الحياة إذا

توقفت الفرحة عن التسلل وأصبح الخوف مرصادا لكل المشاعر الجميلة.

تركت كل شيء تحبه وتهرب إليه، تركت التطلع من نافذتها ومعانقة الأمل، تركت القراءة ومصادقة

عقول الورق الراقية، تركت الضحك وودعت الاستيقاظ على الإبتسامة.

حتى الدعاء لنفسها تركته وحين تسجد لا تستطيع التفوه بحرف فقط تبكي وتبكي حتى تخشى أن تنقطع

صلاتها من حدة بكاءها.

استلقت في سريرها ولفت كامل الغطاء، لا يهمها الوقت تعرف من الأذان أن وقت الصلاة حان تصلي ثم

تعود إلى فراشها، وأحيانا تنام قبل أن تصلي.

سارة رجعت بالإمس لكنها لم تتواصل معها ولابد أنها جنت في البحث عنها، هاتفها لا يزال مع أمها

ولن تتنازل وتطلب إعادته، فقط كلمت ديم بحظور أمها واختصرتها بسرعة متعذرة بالصداع، ورفضت

كل محاولات جود للخروج.

على وشك اسدال عينيها فتح الباب، ودخلت أمها وفتحت الأباجورة قربها، مدت لها دفتر: وقعي

جلست على السرير وبسخرية: مفاجأتك ما تخلص يا ماما الحلوة، وش هذا؟

عزيزة بهدوء: عقد زواجك.

سكون حزين نزل عليها، أهكذا ستتزوج؟

أين أخواتها وأهلها؟

أين ذلك الجو الذي كان في ملكة ديم، أين الفرحة التي تشع من الجميع، خالاتها وجدتها في حفلة

الملكة البسيط الذي أقامته أمها في المنزل.

كم انتظرت ذلك اليوم ظنا منها أنه ستحظى بمعانقة من أمها ودعوات تشاركها الإبتسامة والفرح.

قرات العقد وصدمت حين رأت اسم العريس، محمد صالح ال

رفعت رأسها: محمد؟

عزيزة بنفس البرود: انت عطيتين موافقتك.

ليال كرهت دمعتها الي نزلت بإنكسار: بس مو على محمد.

عزيزة صرخت فيها، خافت ترفض وتنفضح بالرجال تحت، أخوها وزوج أختها وعيالها: وقعي يا ليال

لا تحديني على شي ما ترضينه.

جاهدت نفسها لكي تسكت لكن عجزت فكملت: يكفي أنه بياخذ وحدة مثلك.

لو كان للكلام قوة الرصاص لسقطت صريعة لكن دماءها انتشرت داخلها حيث لا سبيل لتخفيف الوجع

وتضميد الجرح، وفعلا كان هذا ما تحتاجه ليال وتقبل بأي شيء حتى تهرب من أسواطها المتكاثرة،

أخذت القلم ووقعت بسرعة.

لما شافت أمها تنحني تأخذ الدفتر حيث لا تهنئة ولا دعوة ولا ابتسامة تهدئ أحزانها وتطمئنها أرادت

أن تثأر لو بشيئ بسيط فقالت: مابي زواج ولا حفلة لا تفكرين.

عزيزة: ما تستاهلين من قال اني افكر.

نجحت بشطرها مره أخرى، مدت يدها تغلق الأباجورة كنهاية للكلام مع المها وليس أمها، تاملت عزيزة

يدها النحيلة جدا والمرتعشة وشيء ماء لفت انتباهها.

حولت نظراتها إلى وجهها، عيناها غائرتان تحت هالات سوداء، وانطفاء تام ارتجفت يدها الممسكة

بالدفتر وسقط منها، ظلت واقفة لا تقوى على التحرك، بينما ليال تغطي نفسها حتى وجهها وتتكور

تحت الغطاء.

انحنت تأخذ الدفتر وبهدوء قالت: لا تنامين بتنزلين معي للشيخ لازم يسمع موافقتك بنفسه.

كشفت غطاء ليال بنفسها، وقلبها يدق بقوة وهي تتأمل ليال، كانت تضم جسمها نحو صدرها ويداها

متكورة جهة قلبها.

شعرت عزيزة بروحها تنتزع منها، انتبهت أخيرا لأعراض كانت غافلة عنها، نومها الكثير، نحولها

وضعف شهيتها أو بالإصح انعدامها، اعتكافها الغرفة والتزامها الصمت عن مجادلتها ومقاومتها.

اجتمعت هذه مع أعراضها الواضحة على جسمها ووجهها وعيناها، أعراض ذكرتها بمرض مريع لم

تنسى أثاره، مرض كرهها الحياة، وكاد أن يفتك بعقلها، مرض من أسبابه افترقت عن ابنتها ولا تزال

تعاني أثاره.


مرض الإكتئاب..

***
**

الوقت لا يمضي هنا، الثواني تتدلل عليها بلئم حتى تمر قليلا، كأنما xxxxب الساعة قد استبدت

ببطاريات تالفه فتارة تمشي ببطء وتارة تتوقف.

من يراها في هذا المكان يحسدها ويتمنى مكانها لحظة، أمام أمواج البحر الهادئة ورائحته المميزة

خليط بين رائحة اليود والرطوبة، وقفت تستنشق بعمق، وتسبح بإجلال لروعة الخالق في هذه الجنة

الأرضية.

شعرت بشال كشميري خفيف يوضع على كتفيها، التفتت لتجد ماجد خلفها، تصبغت وجنتاها بحمرة

فاتنة ما ان شعرت بيديه تطوقها وهمساته: وين حبيبتتي مخليتني لحالي ترا اغار من البحر.

نظرت الى شاليهم المنعزل في مدينة رودس، مر على زواجها ثمانية أيام ولا تزال على خجلها وحياها،

وساهم انعزالها معه في هذا الشاليه قليلا في تخطي الحوجز بينها.

تشعر بأخر حدود الشوق لأمها وأخواتها، تتمنى لو تفضي ما تبقى من الأسبوعين لترجع إلىيهم ومع

تعب أمها الذي تستعشره من مكالمتها تشعر أن هناك شيئا مقلقا في بيت أهلها.

ديم: غيوم الجو مايفوت.

استشعر رجفة خفيفة بصوتها ليست من البرد بل بسبب افتقادها لأهلها، يتعب معها كثيرا في خجلها

وصمتها وشوقها لأهلها لكنه يقدر تحملها، لم تبكي ولم تشكي مع أنه يعرف من أمه وضع خالته وهذا

ما جعله يختصر رحلتهم من اسبوعان الى تسعة أيام.

ماجد: حسافه يومين وبنودع هالجمال.

نظرت إليه مستفهمة، توقعت أنهم سنتقلون إلى مدينة جديدة في اليونان لكن جوابه حلق بها بعيدا إلى

الغيوم فوقها: بعد يومين بنرجع.

: راجعين للسعودية؟

ابتسم لأتساع عينيها البريئتين، في كل تعبير لهما جمال خاص، وفتنة خاصة: ايه، عجزت اتحمل بعدي

عن سماء وقلت يالله نرجع.

ضحكت فرحة وثقل كاتم انزاح من أعماقها، وبكل امتنان قالت: مشكورة ماجد.

تخطته عائدة الى الشاليه: وين رايحة.

وهي تبتسم غمزت له: بروح ابشر سما أكيد شعورها متبادل.

ماجد كشر ثواني وانكسرت تكشيرته بضحكه لما تذكر خبالها: تبشرين سما والا خالتي؟ انت ما عمرك

سمعتي بحس المفاجأة، بنفاجاهم أحسن ونشوف البشارة بوجيههم عن كثب.

عجبتها الفكرة ضحكت وقالت: فديت كثب والله.

***
**

بعد الملكة خرج الجميع عدا محمد، دخلت خالته وبنظره واحدة أخبرته حواسه أن شيئا سيئا حدث،

وجهها الأحمر وعيناها الغارقة بالدمع، سألها: بسم الله عليك ياخالة وش فيك؟

جلست بانهيار وهي تقول: ليال يامحمد بتضيع مني.

مد يده لعلب الماء الموجودة في طاولات الخدمة وفتح لها واحدة: سمي بالله واشربي

وادحري عنك وساس الشيطان.

أخذتها منه ولم تشرب، تنفست بعمق تحاول السيطرة على أعصابها، يجب أن تستجمع كل قوتها في

هذا الوقت وتفكيرها.

تاملت محمد بمشاعر مختلفة، لطالما اعتبرت أبناء أختها كأبناء لها، ومكانة محمد ارتفعت في قلبها

بينهم لوقوفه معها بكثير من الأوقات، شعرت انها غدرت به وخائفة من ردة فعله، وعدت نفسها أنها

ستتقبل وستعذر أي فعل له فأولويتها الآن هو سلامة ليال وصحتها.

: اعذرني ياولدي بالي بقوله لكن مالي الا الله ثم انت.

انتظرت قليلا ثم كملت: قبل أيام جتني صور لليال من رقم غريب يهدد ما ازوجها لك، وازوجه اياها او

بيهرب معها،

مسحت دمعتها تحاول تبعد ذكرى ضربها القاسي لليال: ما تحملت وضربتها، وهذا الي خلاني استعجل

بتزويجكم، خفت ينفذ تهديده.

أشاحت بنظراتها عن محمد الذي تغيرت ملامحه وضاقت عيناه بسواد مخيف،

الفرحة المشتعلة فيه منذ علم بموافقتها تحولت لنار إن تركها أحرقت كل شيئ، جالت عيناه بالورود

الجميلة التي على الطاولات، ورائحة العود لا زالت تعبق في الإجواء، ظن أن كل هذا من ترتيبها

وذوقها وأن فرحتها مثل فرحته أو تماثلها لم يكن يعلم أنها مجبرة وأن هناك حبيبا آخر يعانق خيالها.

انتبه لخالته تكمل: ليال مريضة، قبل ساعة لاحظت فيها أعراض توي انتبه لهم، نفس ألإعراض الي

كانت معاي قبل سنين، ليال فيها اكتئاب مادري متى بدأ معها أو شدة خطورته لكن بعد ضربي لها

وضح لي بقوة.

قطعها صوته: عطين رقمه.

همسه الحاد خوفها أكثر، خافت على بنتها وخافت عليه، أخطئت بمعالجة الموضوع من البداية لما

ضربت ليال، وأخطئت بتزويجها له وإدخاله قسرا بهذا الموضوع، الخوف أعماها عن التصرف بطريقة

حكيمة.

عزيزة: اسمع معك حق بكل الي تبي تسويه، واذا تبي تطلق وربي ما راح الومك أو اعتب عليك ابد،

ادري بتقول غشيتك بس انت ولدي ومالي غيرك.

كلمة ولدي الي ترددت بلسان خالته ماهي إلا استجداء لنخوته وشهامته، ولو ان هذا الشيئ صعب على

روحه لكنه واعد نفسه مايخيب ظنها فيه، قال: الله يهديك ياخالة، من جاب طاري الطلاق؟

عزيزة: لانه اذا بتكمل ابيك توعدني ما تضر بنتي بشيء،

خنقتها العبرة وكملت بهمس: يكفي ما جاها.

محمد جف لسانه قبل ما ينطق اسمها، قبل ساعات كان يستمتع بتعليقات سما ويضحك مع أمه ويغايظ

سما باسمها: ليال وش ردت؟

عزيزة هزت رأسها: رافضة تعلمني أي شي، وتنكر قوة.

: ابي اشوف الرسايل؟

بتردد عزيزة رفعت هاتفها وفتحت له المحادثة المشئومة، محمد قال: ابي تلفونها يا خاله اذا ما عليك

امر.

كان يحاول يتصرف بعقلانية ويرسل عمته بينما هو يبحث بين صورها، نهضت خالته مغادرة لتحظر

هاتف ليال.

لا شعوريا تحركت انامله فوق صورها يتامل بتمعن شديد كل انش فيها، وقف كثيرا عند عيناها وربما

لم يستطع الخروج منهما، حادتا السواد وعميقتان في تحديقهما، رموش طويلة ومعكوفه بكثافه، كل

نظره لها تحمل معنى وغموض، انتقل لشعرها لا يزال كما يذكر طويلا وبتدرجات تبدا من عنقها الطويل

ثم قصة عند كتفيها ثم عند منتصف ظهرها ثم ينسدل الى الأسفل.

الصور كانت كثيرة بحيث لم تخفي عنه تففصيلا واحدا، تسمر عند شفتيها، دائما مزمومه تميل الى

الامتلاء وحتى ابتسامتها فيها اقتضاب كأن لا شيء يعجبها، أو كأنما أخذت هذه الصور بغير رضاها.

نسي نفسه مع الصور حتى انتبه بدخول خالته: تفضل.

أعطته هاتف ليال وأملته رقمها السري ثم قالت: وش بتسوي.

أدخل الهاتف في جيبه وقال: لي معارف بالاتصالات بطلع الرقم الغريب باسم مين، بعدين بسوي كشف

لسجل مكالماتها، والجوال بشوف وش فيه.

كان يتظاهر بالبرود مع أنه يحترق حرفيا، أن تكون صور من أصبحت زوجته بيد انسان غيره شيء

فوق احتماله لكنه مكبل بسبب خالته التي احتمت به.


بعد ان يكشف الحقيقة سيكون من حقه التصرف بما يريحه، هو من صان نفسه دوما لن يقبل ابدا أن

يتزوج إنسانة هكذا ولو كانت أجمل جميلات الأرض، سيرضي خالته ويحل أمر ابنتها بسلام وستر ثم

سيرضي ضميره.

***
**

قفلت هاتفها بضيق واختناق، روان عادت الى مقاطعتها بينما فهد لم يعتقها ثانية، فمرة رسائل

ملاينة ومسايرة ومرة يستبدل بالتهديد والوعيد.

ركزت على أمها التي تتكلم غاضبه من عزيزة لانها لم تضع حفلة ملكة لليال: يعني بالله هذا حق يا ام

سلمان تسوي لديم ولا تسوي لليال؟

مها: يمه الله يهديك ليش حطيتها بوجه عزيزة، ليال نفسها الي رافضه.

أم علي: وليش ترفض جنينتي الا لانها ما لقت حماس من أمها، والله لو انها ضاغطة عليها شوي

وافقت بس اختك اعرفها ما يهمها غير ديم وجود.

أم سلمان: ياخالة لا تظلمينها، ما عمرها فرقت بينهم بالعطاء، كلهم نفس بعض.

ام علي: العطاء الي ما يجي بحب وحنان تعافه النفس.

هدم جبل أهون من اقناع كبير بالسن، وخاصة إذا اخذته حمية على من يحب، وان كان في كلام أمها

بعض الصحة لأن ليال لن تطلب بشيء ليس من خاطر أمها، لكن الحقيقة لا أحد يعلمها.

دخل أبو سلمان ومعه أولاده قادمين من المسجد بعد صلاة الجمعة، ام علي تكمل: وبنتك القاطعة للحين

ما ترد عليك؟

مها تنهدت: ما ترد.

أم سلمان استرقت النظر لولدها سلمان، تخاف أن يكون متضايقا بعد خطوبة ليال، لكن ملامحه لم تنبئ

بشيء.

تهدئة من مها وتهدئة من علي لم تفلح معها واستمرت بتذمرها.


***
**

منذ البارحة وبعد رجوع ابنها من الملكة وهي تضع يدها على قلبها خوفا وقلقا، ذهب بوجه وعاد بوجه

آخر مغاير لما كان.

هل رأى ليال ولم تعجبه؟

ليتها لم توافق عزيزة في رفضها الرؤية الشرعية، وافقتها في أشياء كثيرة وندمت عليها، رفضت

الملكة فواففقت بسبب تعبها ورفضت الرؤية الشرعية فلم تعترض، حتى عندما كلمتها وطلبت محادثة

ليال لتبارك لها تعذرت عزيزة بأنها بعيدة؟؟

بعيدة؟

كيف تكون بعيدة عن أهلها في يوم ملكتها، عزيزة تخفي شيئا وهو ليس بالأمر

الهين، ووجه محمد أوضح دليل.

حتى وان كانت عزيزة مريضة وفي فترة حساسة من العلاج، ماذنب ليال أن يقصر في حقها ولا تعامل

مثل أختها؟ كان بإمكانهم انتظار شفاء عزيزة ثم وضع الملكة،

بفارغ الصبر انتظرت عودة ابنها، لن تنظر عزيزة وستذهب بنفسها لترى خطيبة ابنها.

***
**

عادت مع والدها قبل أيام وكلها شوق لصديقتها لكن اين هي صديقتها؟ ستجن من التساؤل والحيرة.

هذا اليوم السادس منذ انقطعت عنها ليال، اول الأيام كان هاتفها يرن عندما تطلبها والان قفل نهائي.

لم تشعر بوقوف السيارة عند باب المنزل، تأملها عبدالله بحيرة، منذ يومان وهي تترجاه أن يأخذها

لبيت صديقتها لكنه رفض، لن يأخذها لمنزل ناس دون علمهم، وهو لا يعلم ماذا سيقابل ابنته.

ربما صديقتها لا تريد الاستمرار بصداقتهم، الكثير يفعلنها بعد الخطوبة أو الزواج، او ربما أمها لها يد

في تفريقهم، أيا كان السبب لن يأخذها إليهم قبل أن ترد صديقتها على مكالماتها.

تنحنح متجاهلا الدموع في عيونها، لو كانت لديه زوجه لما تعبت ساره من الوحدة هكذا، لوجدت في

المنزل من يحدثها ويفهمها ولربما كان لديه طفل يشغلها ويطفئ شغفها وحبها للإطفال

ضرب المقود بخفه يلفت انتبهاها وقال: وصلنا وهواجيسك ما وصلت؟

نظرت إليه وتنهدت، مسكها قبل ان تنزل وبحدة: يعني بتستمرين كذا لين تتكرم وترد عليك، طيب يمكن

هي ما تبي، بتموتين نفسك عشانها؟

ناظرت أبوها بصدمه، لم تخطر ببالها هذه الفكرة ابدا، لا لا يمكن، مستحيل ليال تتخلى عنها وتتركها

فجأه، الي بينهم رابط ما عمره حسب بالسنين ولا الأيام بل حسب بالمشاعر والدموع والضحكات،

حسب بالخيبات والمواجع والأمنيات والأحلام المتقاسمة.

ارتجفت كلماتها: ليال مستحيل تسوي كذا يبه.

قطع كلامهم صوت قوي لفرامل تأتي من الخلف لإحدى سيارات الجار المقابل لهم

التفت ابوها بشتيمة لهذا المراهق الذي دائما ما يوقف سيارته بهذه الطريقة فهو ما إن يصل لمدخل

الحارة حتى يطير بسيارته غير مبالي بوجود ناس او سيارات في المكان ليوقفها بقوة مصدرا صوتا

مزعجا يصل صداه لكل البيوت حولهم.

كم مرة تعوذ من الشيطان ومسك نفسه عن البطش به، لا يحب الاستهتار بحياة الاخرين وما يفعله هذا

الطفل هو استمتاع طائش سيعود عليه وعلى آخرين بمصيبة.

نزلت مع ابيها وقالت: شفت سواقته يبه؟

عبدالله: شفت يا بنتي الحوادث ما تجي الا من ذا وامثاله.

فتح الباب ودخلا جميعا فقالت مازحة: عشان كذا يبه ما يصلح انتم تسوقون.

حضن كتفها وقال: من اللي يصلح ان شاء الله؟ من شريت سيارتي ونا شاك فيك.

سارة: لا تخاف يبه ماحب السيارات الكبار لو لكزس والا بي ام خططت عليها.

عبدالله: لا لكزس ولا غيرها الشارع مليان مثل هالمجنون الي تو.

يخاف عليها من كل شيء، وحيدته وأول ما تشرق عليه صباحاته لا يستطيع تركها تغامر في زحمة

شوارع الرياض وتكدس السيارات بكل مكان.

***
**

لم تتحدث مع والدتها منذ تلك الليلة التي رأتها تضرب ليال، صدمت بقسوتها ولم يشفع لها عذر مهما

حاولت، لكن يبدو ان أمها اتخذت منهج ليال في الاعتزال فلم تحاول التبرير ولا الإيضاح.

ثم كانت صدمتها الثانية عندما رأتها تجهز المجلس لضيوف مجهولين لتكتشف فيما بعد ملكة اختها في

على ابن خالتها في جو جمع كل شيء الا الفرح.

المضحك ان أمها استمرت بالتردد على الشيخ وزادته بالخروج صباحا وكأنه بقي

شيء يمكن إصلاحه.

خرجت الى الحديقة وكم كانت فرحتها عندما رأت ليال جالسة فيها، لم تشعر إلا

بأرجلها تسابق خطواتها وتضم اختها باقوى ما تحلمه من شوق وشعور وتعاطف.

كالعادة كانت رد ليال نظرة جامدة جعلتها تصمت مطولا.

مدت يدها على ضهر الاريكة واركت جبينها على ذراعها تتامل أختها وقلبها يتألم بحيرة، لا تستطيع

اغلاق الفجوة بينهما ولا تعرف سببها.

جود: اشتقت لك.

وكانها تتكلم عن موضوع مستهلك وقديم، اعطتها ليال نظرة خاوية ولم ترد بينما كملت جود: ما عمري

توقعت تمر بيننا ايام وما نكلم بعض.

قطع كلامها وقوف ليال لتدخل، جود مسكت يدها: ليش زعلانة علي ياليال؟ قولي لي وش أخطيت فيه

وانا اسفه مليون مرة.

آلمتها دموع جود، اذا كانت هي نفسها لا تعرف سبب مقاطعتها لاختها كيف ستجيب.

ليال بضعف من لم يتكلم منذ أيام: ما خطيتي علي بشيء.

جود تشجعت قليلا وقربت لاختها: اجل ليش متغيرة علي، وش تبغين اسوي، والله العظيم حتى امي

قاطعتها وما اكلمها.

بعدما كادت تلين رجعت اعصابها تشتعل، لا تريد أي شي يذكرها بامها: وش دخلي بينك وبين أمك

تقاطعينها تكلمينها بالحراق.

بوجع أضافت: انا ما بغى منك شيء بس اتركين بحالي يا جود انا حتى نفسي مو طايقتها ولو حصل لي

اطلع منها طلعت.

قالت كذا وغادرت.

***
**
بعد نصف ساعة دخلت عزيزة ورأت نور المجلس مضاء فذهبت اليه ووجدت جود بوجهها المعاتب

طيلة الأيام السابقة، عطتها عزيزة نظرة تحذيرية انها ما تتكلم لان اللي فيها مكفيها وفائض.

همومها كل مالها وتتعمق وما تلقى لها حل، كأنها تركض وسط مغارة بلا مخرج وركضها يزيد أكثر

بتواهانها وضياعها.

هم بالليل وهم بالنهار كل ما حطت رأسها على مخدتها لتنام ترن بإذنها صرخة ليال تلك الليلة ويجافيها

النوم الا من غفوات خفيفة.

متورطه مع امها واخواتها وديم الي اعترضوا على ملكة ليال، وكلهم يبون يكلمونها لأنهم شاكين بشي

صاير معهم، والان فائزة ومها دقوا عليها وقالوا انهم بالطريق لها.

عزيزة: قومي سوي قهوة وخل سيرما تشيك على المجلس خالاتك بيجن بعد صلاة الاخير الله يعين.

جود: ليش ما نقعد هنا مثل العادة.

عزيزة ناظرت ساعتها: مادري أخاف يكون محمد معهم، هم جايين يباركون لليال، حطيهم بالي تبين

اهم شي سوي القهوة ونا بروح اشوف اختك.

جود بتردد: يمه خلين انا اروح.

انقطع كلامها بخروج أمها.

عند ليال كانت توها متغطية بفراشها والنوم بادي يتسسلل لعيونها لما انفتح الباب.

حست بظل فوق رأسها وامها تقول: خالاتك بيجن بعد صلاة الاخير بيشوفونك ويباركون لك.

غمضت عيونها وما ردت.

عزيزة بتردد: يمكن معهم محمد.

أمها ستظل فوق رأسها حتى تتحرك، أزاحت الغطاء واخذت روبها للحمام.

تفاجأت لما خرجت بامها موجودة كانت تكلم السواق وتوصيه على تقديمات من محلات فخمة وراقية:

اذا دخلت المحل عطني مدير انا اكلمه.

ابتسمت بسخرية، قبل أيام قالت لها انها ما تستاهل تسوي لها شيء والحين هي مضطرة تمثل عند

خواتها الأم الفرحانة ببنتها.

وقفت عند المرآة وآلمتها صورة وجهها المرتدة عبرها، صورة لم تكن ضمن صورها ابدا ولم تتخيلها

يوما، هربت الى الدولاب ووقفت محتارة ماذا تلبس؟

قربت لها أمها وهي تتكلم وتطلب ضيافتها من المحل، وامسكت فستان لؤلؤي غامق طبقات من التل

والهدب كانت طلبته من موقع شهير من الانترنت قبل شهر اشارت لليال كي تلبسه ثم عادت تركز

بمكالمتها مع البائع.

ليال بقيت على وقفتها، متعبة ومرهقه كانها قطعت اميالا تركض بغير توقف هذه هي حالتها مؤخرا مع

خمول وبطء في التركيز لا يساعدانها على التحرك الا للنوم.

لا شعوريا انزلقت يدها الممسكة بباب الدولاب وجلست على الأرض ثانية ساقيها ورأسها منحني

للاسفل، عزيزة أغلقت هاتفها فورا وركضت تجلس بجانبها.

جاء في بالها تعليمات الدكتورة التي زارتها صباحا: خلك قريبة منها، دائما حولها بس من دون ما

تحس انك تضغطين عليها.

عزيزة وضعت يدها على رأس ليال وبلهجة هادئة اخفت تحتها هلعا عظيما: وشفيك ليال؟

بخوف من أمها وعيون تائهه لا تعلم ماذا يحدث معها: مابي اشوف أحد، ابي انام.

اخذت نفسا عميقا تخفي به دموعها لحال ابنتها الذي بسببها انهارت روحها ومرحها وضحكتها

الجميلة.

عزيزة: زين

ارتاحت نبضات قلبها لما سمحت لها، نهضت واستلقت على سريرها وامها تغطيها، وبسرعة كان

الظلام يحاوطها لتغرق في لجج النوم.

جلست جنبها تسمع انتظام انفاس بنتها، محتارة كيف يكون معها هذا النوم السريع كانه اغماءة حتى

اسيقاظها يكون ثقيل وصعب.

مسحت دموعها تسترجع كلام الدكتورة النفسية: أعراض الاكتئاب تختلف من شخص لآخر، في حالة

ليال وحالات كثيرة تماثلها يكون الهرب بالنوم، فتلقين المريض يقضي كل وقته نايم لان جسمه ما

يتحمل الوجع الناتج من المرض وهذي رحمة من الله سبحانه بتخفيف قسوته بالنوم.

طبعا عزيزة اخبرتها بتاريخهها المرضي مع الاكتئاب وما اخفت أي تفصيل يخص علاقتها ببنتها وعلى

صعوبة هالشيء عليها الأعتراف امام غريب عن معالمتها القاسية وضربها الا انها اعترفت بكل شي

حتى تكون الدكتورة على اطلاع بكافة جوانب حالة ليال.

كملت الدكتورة: حالتك قبل يا ام ديم انت كنت تصرخين وتنفرين من المكان ما تجلسين فيه كانه شيء

يحرقك عكس بنتك الي النوم هو وسيلتها للراحة، اما انت ...

وخفضت نبرتها الرسمية لنبره فيها تعاطف وتفهم وهي تكمل: فيه عوامل ثانية سببت لك هذا المرض

وهذي العوامل بالتأكيد اقوى من العوامل المرضية البحته والي أسبابها تكون بسبب رفض لواقع او

صدمه، وعشان كذا ما قدر اكتب أي علاج حتى اشوفها، ان اشاء الله اشوفها معك المرة الجايه.

وهذا اللي حبب عزيزة بالدكتورة انها تؤمن بالعين واثارها على النفس البشرية، وما تستخف فيها

وراح تقدر تحدد اذا الي في ليال سببه نفسي او روحي، وهذا الشيء قليل تلقاه بدكتور الي بعضهم

يرفض نظريات العين والسحر والشياطين وارتباطها بالإنسان.

للأسف خالفت الطبيبة بأول تعليماتها وهو تخفف قدر الإمكان من نوم ليال وانعزالها عن الناس، لما

شافت نظرة بنتها ما تحملتها وما حست الا وهي تقوم وتغطيها.

كان فيه تواصل مع الوتس وارسلت للدكتورة باللي صار.

***
**

في معمعة اللحظة الي أجلتها وهربت منها، جلست مع اخواتها، توترها وتعبها واضح عليها وأكد لهم

وجود خطب قوي معهم، فائزة ساكته وخائفه يكون الي في بالها صحيح ان ليال مجبورة، او ان محمد

بعد ما شاف ليال تراجع.

مها تحاول تلطف الجو: وينها ليول لا يكون تستحي منا مانزلت؟

عزيزة: نايمة.

رأت ملامح فائزة تتغير بعصبية، لم تتحمل ضغط نظراتها وانفجرت دموعها ببؤس ووجع، انهارت

وأخبرتهم بكل الي صار معهم، من اول رسالة حتى مرض ليال الأخير.

التموا عليها فايزة ومها يهدونها ويهونون عليها، كثير مرت عليها مصائب، أمراض، وفاة زوجها،

مصاعب مع بناتها لكن ما عمرها انهارت بهذا الشكل، ما قدروا يعاتبونها وهم يرون بأعينهم شدة

لومها لنفسها.

فائزة: خلاص ياعزيزة حرام عليك الي تسوينه باذن بتتعافى وبترجع احسن من اول.

وهمست لها: شوفي جود وشلون تناظرك روعت بنتك.

عزيزة ما كانت بهم غير همها قالت: أخاف بنتي تروح من، أخاف ربي يستجيب دعاي لما ضربتها.

مها ماسكة يدها من طرف والطرف الثاني ماسكتها فائزة: الله يهديك بس يا ام ديم ربي ارحم من

ومنك، نسيت وشلون كنت مع هالمرض والحمدلله تعافيتي، لازم تقوين نفسك لان هي تحتاجك قوية مو

منهارة كذا.

كلامهم خفف عليها مره وخاصة انه ماحد عاتبها واتهمها انها هي السبب بتدهور الوضع، تعرف من

دون مايذكرونها.

أخذت منهم حلول كثيرة واهمها ان تركيزها يكون مع بنتها وما تترك الرقية لاي ظرف كان، خافوا

تنشغل بالعيادة وتترك الرقية ويروح تعبها الأيام الي فاتت على الفاضي.

فائزة اقترحت تاخذ عزيزة يوميا للرقية لإنها احزم وكلمتها تمشي عليها بينما مها تجي وتقعد بالبيت

وقت خروج عزيزة.

عزيزة: صعبة تخلين بيتك يوميا يا أم محمد، ومها امي بتشك بطلعتها لي يوميا.

فائزة بحزم: عيالي مهب بزران وطلعتي كلها ساعتين وفترة ان شاء الله وما راح تطول، الصراحة انا

ما اضمنك يا عزيزة أخاف تنشغلين بليال وتتركين الرقية وكننا ما سوينا شي، ومها بنقول لامي انها

مشغولة معك بتجهيز الملكة الي بتسوينها بعد رجوع ديم وماجد، وبكذا نطمئن امي انك بتسوين ملكة

ونريحها من ناحية خروج مها.

***
**

في بيت علي جلست مع اخوها وولده سلمان يتناقشون بموعد المحكمة بكرا.

سلمان عطاها نبذه عن أسئلة القاضي ومها تكدرت بسبب الأجوبة المطلوبة منها، أدلتها على بلاوي

زوجها كثيرة ولا تريد فضحة إكراما لأبنتها لكن عناده خلاها تتمسك باخر الحلول وأصعبها مقابل انها

تتخلص منه.

الانسان بوقت المصيبة ما يشعر بمعاناته كثير الا لما يخرج منها فتستغرب كيف كان صابر ومتحمل

فيها، وهذا هو اليسر الي تكلم عنه الله سبحانه لما قال ((ان مع العسر يسرا، ان مع العسر يسرا))

ليس بعدها ولا قبلها يكون اليسر انما مع المصيبة ووسط معمعتها تاتي الرحمة والمواساة.

سلمان: موعدنا الساع تسع ونص بكرا وراح يحضر أبو روان ويسمع الشيخ من

الطرفين.

علي: طيب روان مع مين بتكون؟

لمحة لفتاة عذبة ببيجامه مخمل سودا مرت براس سلمان سرعان ما نبذها وهو يقول: هي تعدت الواحد

وعشرين يعني امرها بيدها ما نقدر نسوي شي اذا اختارت تقعد مع ابوها.

وعندما رأى الضيقة بوجه مها كمل: لا يضيق صدرك يا عمه، ابوها دمر نفسه بنفسه، كم قضية

سمعتها من زملاء لي مرفوعة عليه بالمحاكم، كلها مسالة وقت وينحبس، مالها غيرك بإذن الله.

ايمانها عميق وقوي انها بترجع لها لكن صبرها ينفذ وشوقها لها يزيد، روان قاعدة تضغط عليها بلؤم،

ماترد عليها وما تكلمها وهي ما عندها الا الصبر والدعاء.

مها بتجلد: ان شاء الله يارب الله يسمع منك.


***
**
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
*
انتهى.



شهرزاد 2000 and mansou like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-12-20, 04:18 PM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله
_
الجزء 11

_

ترحل عن احبابك بذكريات عن أوجه جميلة تحمل السعادة والبشر والعافية ثم تعود تحملك الاشواق

واللهفه لتجدهم مجرد اجسام تحركها الأيام قسرا ولا شيء بقي لهم من حيويتهم ومرحهم.

هكذا وجدت ديم أهلها، كانها سنوات التي قضتها بعيدا عنهم وليست مجرد أسبوعين، ادخلتها الخادمة

لتجد صالتهم الصغيرة التي طالما احتوت جلساتهم وصخبهم مغلقة تعانق الظلام وتشكي إليه الهجر.

طرقت غرفة أمها وفتحت الباب بابتسامة سرعان ما انطفئت لما رأت أمها،

عزيزة كانت تطل من النافذة على الجلسة الخشبية المربعة الموجودة بزاوية الحديقة والتي اصبحت

ملاذ ليال الجديد، تجلس فيها دقائق معدودة يوميا قبل ان تعود لغرفتها.

انتشر السرور في اعماقها وتركت النافذة لتضم روحا فقدتها وشعلة انطفئ بغيابها اركان منزلهم

السعيد: هلا هلا والله بعيني وروحي الحمدلله على السلامة.

ديم قبلت راس أمها ويدها ثم عادت تقبل رأسها: هلا بك يالغالية الله يسلمك ويبقيك يارب.

عزيزة كانت تعد الأيام بصعوبة تننظر عودتها ورؤيتها فجاة أمامها أشعل قلبها بسعادة غامرة قوية،

مسحت عيناها: وش هالمفاجاة الزينة وش رجعكم ياقلبي بافي لكم ايام؟

ديم جلست على سرير أمها وقالت: ماجد اختصر السفرة وقال نسويها مفاجاة لكم.

مبسوطة وسعيدة ما نتبهت لتغير ملامح أمها: ليش اختصرها عسى ما فيكم شي؟

ديم نفت: لا يمه ما فينا شي بس انا صراحة ما قدرت على بعدكم وخاصة وانت بهالحال وهو من نفسه

والله قال نرجع.

شعرت بامتنان عظيم لماجد الي رجع بنتها لها، تفائلت قوة برجوع ديم يكون تحسن بحالة ليال

وبحالتها هي أيضا لانها صارت تتخبط ولا تعرف ماذا تفعل.

عزيزة: الله يوفقه ماقصر ماجد.

ديم قامت: بروح اشوف الشينات بناتك اشتقت لهن.

عزيزة نادتها فردت ديم: عارفة يمه خالتي فايزة قالت لي عن ليال.

انزاح جزء كبير من همها وخاصة ان ديم أيضا لم تعاتبها وتلومها وارجعت هذا بشكل مؤكد لتحذير

فائزة وإلا ديم لا يمكن تخليها، لا تعلم كيف تفكيرها اول لما قررت انها تتتكتم على وضعهم وتتحرك من

دون مساعدة أهلها، حمدت ربها على وجود نعمة اسمها أخوات.

لحظات وابتسمت بسماع صرخات الفرح من جود، طلعت لهم وانتعاش وجزء كبير من طاقتها رجع لها

وهي تسمع ضحكاتهم.

جود: ياربي وش هالمفاجاة والله لو احد قال لي اني بفرح اليوم كذا او قال السماء بتمطر ذهب صدقت

ان السماء بتمطر.

ديم بسعادة: عشان تعرفين قيمتي زين.

جود: بس لو خيروني اخترت الذهب.

ضربتها ديم فرجعت جود تضمها: يخسى الذهب والالماس وكل الأحجار الكريمة.

ديم بغرور: ايه خلك كذا

جود ما قدرت تسيطر على حجم ابتسامتها الي تتسع كل شوي ويتسع معها الفرح داخلها والامل،

طالعت أمها وقالت: كابر راسها حرم مجودي.

عزيزة: وهي صادقة بنتي، جيتها تسوى الذهب والالماس، تعالوا ننزل تحت للمجلس.

ديم بهدوء: بروح اشوف ليال قبل.

عزيزة: ليال تحت بالحديقة.

نزلوا جميع وصوتهم منتشر بالارجاء، جود تسال اختها عن اليونان وديم تجاوبها بإسهاب وتفصيل،

في ذاكرتها الكثير من القصص والمواقف والمعلومات ومتحمسة تشاركها مع اخواتها.

وقفوا فجاة لما قابلتهم ليال قادمة من الحديقة صاعدة لغرفتها، ليال وقفت تناظرهم بإسفل الدرج وهم

أعلاه، صورة جميلة للغاية، ديم وجود خلفهم أمها، صورة لطالما كانت هي اللون النافر فيها والذي

استطاعت أمها أخيرا طمسها وإخراجها منه.

ديم تجاهلت التعب بوجه اختها نزلت لها واحضنتها بكل حنان الكون، ليال أقصر من أخواتها ومع

نحفها وهزالها تحول جسمها مشابه لجسم طفلة صغيرة، وهذا الي حسته ديم لما ضمتها، كانها تضم

دمية ولو تشد عليها شوي قدرت تحملها بيدينها.

انصدمت ديم بضعفها وضمتها أكثر: اشتقت لك اشتقت لك موووت.

ليال انتزعت نفسها من ديم، ومشاعر مظلمة ومسيطرة تتحكم فيها وما تقدر تكبحها

لا يجب ان تتعلق بها، هي اليوم هنا لكنها ستذهب وتتركها وحدها مع مخاوفها لم تكن معها يوم

ضربتها أمها بوحشية ولن تكون معها إذا ما ارادت ضربها، لم تكن معها عندما اتهمتها وزوجتها

ورمتها لانسان تكرهه ويكرهها، ولن تكون باي لحظة تقرر فيه رميها بين رحمته، لم تكن معها هي

وجود يوما، ولا يجب ان تكون معهن.

همست: الحمد لله على السلامة.

وتجاوزتها صاعدة للاعلى تحت دهشة ودموع ديم، مرت بجود وتجاوزتها وعندما مرت بأمها نزلت

راسها تتحاشى النظر لها، لكن عزيزة وقفت بطريقها.

عزيزة تبتلع كل وجعها وحزنها وبرجاء: تعالي معنا ليال كلنا مشتاقين لك.

هزت راسها ترفض وعيونها ترمش بخوف ما توقعته عزيزة، مشت للجهة الأخرى حتى تهرب من

أمها لكن عزيزة مدت يدها واحتجزتها بين يدينها.

انتفض جسمها وما قدرت تستحمل هذا الخوف مع دقات قلبها المرتفعة والضجيج بآذانها كأنها تحت

أمواج تغرقها وليست بين يدين أمها.

اعتراضات خائفة من ليال جعلت عزيزة تنحني عليها أكثر وتشدها بحضنها، جود وديم اقتربوا منهم

خايفين تسقط امهم او ليال بسبب حركتها الغير واعية.

تتحرك بعواطفها وتخاطر بكل تعليمات الدكتورة، تعرف عزيزة هذا لكن رؤية بنتها بهذا الضعف

والخوف فاق طاقتها وصبرها وعزيمتها.

انتهت المعركة ببكاء هستيري من ليال وارتخاء كامل بين ذراعين أمها، عزيزة جلست منهارة معها

وهي تسمي عليها بين دموعها: بسم الله عليك، بسم الله عليك، يارب، بسم الله عليك.

استمر ارتجاف ليال وزاده سوء تغذيتها، سمعت أمها تقرا وتسمي عليها ظلت لحظات ترتجف وتدور

معها الدنيا حتى استرخت وأغلقت عيونها.

ديم جلست شبه منهارة قريب أمها وليال، ما توقعت حالتها واصلة لهذه الدرجة من السوء والمرض.

عزيزة وجهت كلامها لديم: باخذها للمستشفى يعطونها مغذي، شوفي شلون صارت من قلة الاكل.

هزت ديم راسها تأيدها وبالها مشغول باختها، كيف لمرض ان يدمر صحة الانسان النفسية بهذا الشكل،

العذاب والخوف بعيونها كان مؤلم، من قوته حتى نظراتها ما كانت تاصلهم بشكل طبيعي.

ما تتحمل تشوف أختها هكذا، لازم تساعدهم ليال لازم ترجع مثل ما كانت، قامت: يالله يمه خل نشيلها.

جود كانت وراهم ونفس مشاعر ديم تتحرك داخلها تبي تشارك باي شي وترجع اختها مثل قبل، قربت

وقالت لامها: خلك يمه انا وديم نشيلها.

في السيارة انشغلت عزيزة بمراسلة الدكتورة، تعودت عليها عزيزة ما ترد لانها اخبرتها انها ما تقدر

ترد الا إذا فيه شيء ضروري.

تفاجات عزيزة بهاتفها يرن وردت بسرعة: هلا دكتورة.

د/ رشا: هلا بك ام ديم، كيف ليال الحين؟

عزيزة: هذاي بالطريق للمستشفى باخذ لها مغذي.

الدكتورة: انا بالعيادة جيبيها عندي اشوفها واصرف لها مغذي، التاخير باخذ العلاج مو من صالحها.

عزيزة كأنها رصاصة ضربت قلبها، لأجل هذا ردت عليها الدكتورة، حالة بنتها خطيرة وتستدعي تدخل

سريع.

ارتجف صوتها وهي تسال: كيف يعني تأخرنا؟

الدكتورة بمهنية: أتوقع المرض بادي معها من فترة طويلة، وتطور كثير.

سكرت عزيزة وعيونها ما تشوف الطريق من الدمع والهم والكرب الي فيها، نادت بصوت واطي: لا إله

الا اننت سبحانك اني كنت من الظالمين.

***
**

اشتعلت اعصابها من برودته ولا مبالاته: وشلون ما تبي تشوفها؟

محمد عطاها نظرة حادة: ماقلت مابي اشوفها، بس اليومين مشغول اول ما افضى بزورهم.

فائزة ناظرته بنقمة، مستقل بقراراته حد المرض لم تتدخل في امر يخصه منذ سنوات، لا يعطي أحدا

فرصة لمعرفة ما يدور حوله كيف بالتدخل وابداء رأي فيه.

الان دخلت في حياته ابنة اختها المريضة والمحتاجة لوجوده، لو كانت ديم او جود لما احتدت لامرهما

كثيرا فهما مستقلتان عاطفيا بامهما االتي هي حصن لهما كالجبل العاتي.

لكن ليال تختلف وبوجع تختلف، هي أكثر من يذكر طفولتها ومحاولتها الدائمة للدخول في دائرة أمها،

هي فقط من يرى حساسيتها وعمق حبها لامها الذي اوصلها لهذه الحال.

ربما لو شخص آخر غيرها لتأقلم لم يهتم بهذا التفريق والرفض وربما تحول الحب لكراهية متبادلة.

ماذا حدث، مرت سنوات بدا وكانها متعايشة ومتأقملة لوضعها، مالذي حدث معها وجعلها تنهار هكذا؟

هل كانت تتظاهر؟

هل كرهت رؤية الشفقة في عيونهم فكابرت بالتظاهر لتخرج من شفقتهم؟

جاءتها هذه الذكرى تؤيد سير افكارها، كانت في فترة عزا والدها بينما كانت عزيزة في خضم

احزانها ودموعها وبعد خروج المعزين، التمت بنات عزيزة ديم وجود عند امهم، ليال كانها لم تتجرأ

وجلست قرب ديم.

اخذت عزيزة جود في حجرها وضمت ديم بيدها غير منتبهة لليال التي انزوت على طرف الاريكة قريبة

منهم لكنها ابعد ماتكون.

فائزة ما تحملت وشدت ليال تضمها: تعالي عندي يالزينة، شلونك حبيبتي وشلون أستاذة منى للحين

تسميك ليلى؟

ليال افلتت منها وخرجت من الصالة، وبعد ساعات وجدوها نائمة في مكتبة أبيها.

لطالما شعرت ان جزءا كبيرا من الذنب ينالها لانها جاملت عزيزة دائما على حساب هذه الطفلة اليتيمة،

لم يكن بيدها شيئا لتفعله ذلك الوقت فهي أيضا رأت مرض اختها، لكن حاليا مع ابنها تشعر ان بيدها

الكثير لتفعله.

عادت من افكارها: اشغالك مو اهم من زوجتك، بكرا تروح يا محمد والا والله ماكلمك ولا احاكيك.

محمد: الروحة مهو بالغصب ولا التهديد.

فائزة بنفس حدته: والله انا ماحديتك تخطب ولا تتزوج، لكن دامك اخترت بنت اختي ما تقصر معها،

تزورها وتاخذ معك هدية فخمة يكفي شبكة ما شبكت.

سما وعلي كانوا موجودين ويتبادلون النظرات بين أمهم ومحمد ينتظرون النهاية لمين تكون الغلبة،

سما غلبتها لقافتها: رح واستغل الفرصة وشفها.

علي يرد على سما: تلقين خالتي عزيزة ما خلته يشوف ظفر منها.

طيف ابتسامة لاحت بفم محمد وهو يتذكرها ليلة مرضها، تذكر خصلتها العالقة بين ازاريره من تلك

الليلة وهو مانسى أي تفصيل منها، ناظر سما، والله لو تدري يا فضايح بتصير.

سما لاحظت ابتسامته: انت شايفها ولا قلت.

التفتت لأمها: والله انه شايفها يمه ولا علمنا والله انه شايفها.

فائزة طالتعه وضحكت، كان معها خبر من عزيزة باللي صار: ياحمارة يشوفها والا لا انت وش دخلك

بين رجل ومرته.

قطع عليهم دخول ماجد متكدر وضايق، فائزة حطت حرتها فيه: وشفيك انت الثاني؟

ماجد بإستهبال: وين وعد اختك كل الأيام والليالي لك ما امدانا ما كملنا شهر وتنقض اتفاقها

وتسحب مرتي عندهم.

ضحكت فائزة وتمنت لو تأخذ من هذا شوي وتحط بهذا شوي: كل العرايس ينامن عند اهلهن اول ما

يجن من السفر.

ماجد طالع اخوه وبدفاشه: كل بسبب حرمكم المصون تعبت وخذوها للمستشفى واكلتها انا.

ارتفعت عيونه يشوف محمد اللي وقف بضيق: بروح اشوف وشفيهم.

فائزة اخذت هاتفها تدق على اختها: ليتك جاي يا مجود من زمان وما فقعت مرارتي معه.


***
**
في عيادة الدكتورة رشا، ليال كانت مستلقية تأخذ مغذي بينما عزيزة تتكلم مع الدكتورة: بنتك قوية

وباذن الله بتتجاوز الازمة لكن انت مو قاعدة تساعديننا يا أم ديم.

ابتسمت لما رات الدهشة العارمة بوجه عزيزة وهي تسال: انا؟

د/رشا: انا قلت لك خلك قريبة منها وانت قاعدة تفرضين نفسك عليها.

لاحظت تضايق عزيزة فكملت: انا ما ابغاها تكره وجودك بالعكس ابغاها تحس بالاطمئنان ناحيتك وتسير

هي من نفسها تدورك.

القت نظرة على الستارة الفاصلة بينهم وبين ليال وكملت: لما طلبت منك تنام وقت زيارة خواتك انت

ضيعتي فرصة انها تتأقلم مع خطوبتها وتعيش جو الفرح إذا شافت الناس تبارك لها، ولما اعترضتها

عشان تقعد معكم استعجلت كثير عليها،

وبهمس فيه تشديد حتى توصل الفكرة لعزيزة: انت تتعاملين مع مريضة مو واعية لنفسها ممكن لا قدر

الله دفتك من الدرج او هي نفسها طاحت.

أنت يا ام ديم جايه مندفعه بكل مشاعر السنين الي انحرمت منها لكن هي مشاعرها تختلف نحوك، غير

انها تخاف منك لدرجة ما تحط عينها بعينك ممكن حتى بعد شفاءها ما تسامحك وتظل بعيدة عنك عشان

كذا ابغاك تكونين بالصورة لاي موقف.

عزيزة بصدق: اهم شيء تتعافى مو لازم تسامحني.

د/ رشا: اذا ما سامحتك راح تظل مريضه حتى لو بان لكم العكس، تعلقها فيك غريب.

حست عزيزة ان الدكتورة تسكرها بوجهها كل لحظة، ما فهمت اذا هي قاعدة تعطيها امل او تحبطها،

عزيزة بياس من فكرة انه ليال تسامحها: يعني كيف ما راح تتعافى بنتي؟

د/ رشا رجعت تتسند على كرسيها: لا تخافين مثل ما قلت لك حالتها عارضة وراح تتحسن، لو تشوفين

الحالات الي تجينا كان حمدت ربك، قبل أسبوع جتني مريضة كسرت العيادة وقلبتها علينا فوق تحت،

وامس لما زارتني بعد العلاج ما كانها هي صاحبتنا اللي قبل.

انتهى موعدهم وانتظرت عزيزة مع ليال ينتهي المغذي، كانت صاحية، وهادئة بسبب المهدي الي

عطتها اياه الدكتورة.

في المصعد دق محمد يخبرها انه صرف السواق وينتظرهم تحت، بهدوء كلمت ليال الي كانت سانده

راسها على حائط المصعد: هذا محمد ينتظرنا تحت.

ما ردت عليها ليال، ركبوا مع محمد الي قابلهم بابتسامة حنونة طمئنت عزيزة وهدئت ظنونها، تانيب

الضمير ناحيته يتزايد كل يوم لانها وضعته قدام امر صعب وفرضت عليه زواج متعب من بدايته.

طول الطريق تفكر بكلام الدكتورة، فيه مبشرات كثير لكنها متشائمة وضيقتها واصلة فيها لسابع ارض.

عمهم الصمت الا من صوت القران وقفت السيارة واستغربت لما شافتهم واقفين قدام مطعم إيطالي

تحبه ليال، كلم خالته: ماتغديت اليوم وقلت نتعشى سوا.

التفتت ناحية ليال الي كانت تطالعه سرحانه بدون ما تنتبه وبحنان سالها: ننزل؟

عزيزة تقدمتهم ونزلت، سمعت صوت أبواب سيارتهم تتسكر ووقفت تنتظرهم.

الوقت كان بدري وما كان فيه زبائن الا قليل، اخذهم محمد لزاوية منعزلة وجلسوا ليال وعزيزة مقابل

محمد.

اختار محمد بعد ما طلبت عزيزة لها ولليال الي اكتفت بالصمت، تامل المكان حوله ولما لاحظ خلو

المكان الا من طاولة بعيدة قال: خالة نزلوا نقاباتكم مافي أحد.

عزيزة كشفت وجهها وليال كشفت معها بتردد شديد، محمد وزع نظراته بالديكور يلهي احاسيسه

الطاغية الي تطالبه بمطالعة ليال، ابتسم لخالته: والله لو تدري سما اني جاي هنا تنجلط، له فترة تحن

على امي.

عزيزة: كلهم يحبون هالمطعم يستاهل حلو وديكوره يوسع الصدر.

تحول حديثهم للمطاعم ومشاكلها واكلاتها، الموضوع كان متشعب وممتع الحديث فيه خصوصا

المواقف المضحكة والي محمد أبدع بسردها، وشجعه بقوة طرف الابتسامة الصغيرة التي تكررت من

ليال كلما قال سالفة تضحك.

قرب النادل فتغطت عزيزة وليال، وزع الاطباق وساعده محمد ووضع طبق ليال المفضل قدامها، كان

يتصرف بعفوية كأنه يعرفها من زمان وكأنهم يمرون بفترة خطوبة طبيعية جدا.

كشفوا بعد مغادرة النادل وهنا سمح محمد لنفسه يطالعها، نسى نفسه وطالت نظرته فالتفتت ليال لامها

محرجة من نظراته، وما نتبه الا لما سمع نحنحة خالته.

ابتسم لخالته وبجرأة: هذا كلامكم يا اهل الادب الصمت في حرم الجمال جمال.

ليال ما توقعت كلمته حمر وجهها ونزلت راسها تتشاغل بشوكتها عنهم،

عزيزة ضحكت ضحكة قصيرة لكن جت من اعماقها، مبسوطة بتغزله ببنتها وافتتانه بها حتى بحالتها

المريضة.

ناظرتها بحنان صحنها مثل ما هو ما نقص منه شيء الا تحريك الاكل.

انشغلوا بالاكل وأول ما خلصت عزيزة قامت تترك لهم فرصة يجلسون مع بعض: بروح اشوف

منتجاتهم اللي عند الباب عن إذنكم.

بعد ما راحت خالته سالها: ما عجبك الاكل؟

نفت بهزة من راسها: الا حلو.

أخيرا سمع صوتها ولو انه ما يتسمى كلام لكن افضل من صمتها وتوترها: ما شوفك تاكلين؟ اطلب لك

شي غيره؟

حست بالغرابة لاهتمامه، لم تفكر فيه ابدا الأيام الماضية وكان في راسها تصور اخر لزواجه منها

مخيف ولا يمت للعاطفة بصلة ولا يزال هذا تصورها.

لاحظ تقتم نظراتها ونزولها للاسفل، واضح انها تضايقت من شيء، وبلحظة كانت يده تستقر على يدها.

حاولت تسحب يدها فشدها وبحنان همس: اذكرك قوية.

تركها وقام ليقعد بكرسي خالته القريب منها، قابل وجهها وقال: حتى شوفي الدليل.

لم تفهم قصده فأشار لما يبدو لاثر جرح قديم أسفل حاجبه الايسر، ضاقت عيونها تحاول تتذكر مناسبة

هذا الدليل الي يتكلم عنه والذي يبدو بسببها.

محمد شافها محتارة فعطاها كلمات مساعدة: بمزرعة صديق خالي علي، عند المسبح، كشة روان.

قطع كلامه ضحكتها الي ما توقعها ولا هي نفسها توقعتها، وهي تتذكر ذاك الموقف قبل سنوات

طويلة، موقف محرج لمراهق طايح بين امه وخالاته والدم يصب منه بغزارة ومن قوة الفشيلة كبرياءه

ما سمح له يعترف ان بنت نص حجمه ضربته وكسرت راسه لو ما روان الي اخذتها نصيبها أيضا

فتنت عليها.

وبإسلوب دراماتيكي متقن: تبين تشوفين اثار ثانية؟

نزلت راسها تمسد جبينها بخجل من قربه وحميميه صوته والذكريات السيئة الي قلبها لذكريات

مضحكة، ما توقعت بأول قعدة معها يجيب ذكرياتهم ويقلبها عليها.

محمد بعد ما لا حظ استرخائها معه، قرب كرسيه منها وبلهجة عميقة قال: ابيك مثل ما اذكر يا ليال

قوية وما تخافين، كلنا معرضين للمرض والتعب لكن الله عطانا قوة وعزيمة نهزم فيها الشيطان اللي

كل همه انه يحزن المؤمنين.

صوته هادئ ومؤثر واستطاع يتسلل لأعماق روحها المضطربة: الله عطانا أسلحة

نتغلب فيها على وساوس ابليس وكيده، القران والدعاء والصلاة، ومهما كانت ظروفك والاشياء اللي

تتعبك انتبهي تخلينه يهزمك، لا تسمحين له يوسوس لك ويسيطر على افكارك.

الله تعالى يقول (انما النجوى من الشيطان ليحزن الذي امنوا)

سكت ما حب يثقل عليها بالرغم من انصاتها الشديد له، تمنى تنفتح معه وتشكي له، يريد ان يصل

للنقطة التي قصمتها وسببت بانهيارها.

عندما طال صمتها كمل: أدرى انك مظلومة بسالفة الصور.

ليال رفعت راسها غير مصدقة صدور هذا الكلام منه، تتوقع الجميع يتهمها وهو منهم، سمعته بكامل

حواسها: ونا باذن الله ما راح اسكت لين افضح الي تبلاك.

دمعت عيونها وسالت بهمس: وشلون؟

تحقيقات مسويها مع مسئول بوازرة الاتصالات توصل فيها لشيء غريب، كان مخطط ما يزورها الا

ومعه كل مفاتيح براءتها لكن تدبير الله فوق تدبير الانسان واجتمع فيها اليوم قبل ما ينتهي من

تحقيقاته.

انتبه لخالته قربت لهم فقال: بس اتاكد من معلوماتي انت اول وحدة تعرف وهذا باذن الله قريب.

عزيزة شافت محمد يقف فجلست بسرعة مكانه وهي تحلف: خلك مكانك والله ماتقوم.

محمد سالها: بطلب كوفي وش اطلب لك خالة.

عزيزة هزت راسها برفض: القهوة بتصحيني ونا ابي ارجع انام اطلب لك انت وليال.

محمد: لا ليال ما راح تشرب شي لين تخلص صحنها.

وتحت ابتسامة خالته اخذ شوكة ليال وغرسها بالاكل ومدها قدام فمها، ليال استحت مرة ورجعت على

خفيف، مدت يدها تأخذ الشوكة منه لكن محمد رفض.

صدت عن عيونه الآمرة وبخجل فتحت فمها واكلت منه، حاولت تأخذ الشوكة مرة ثانية لكنه رجع يأخذ

اكل ويمده لها فطالعت أمها.

عزيزة لولا الحياء قامت وباست راس محمد الي اجبرها تاكل، تجاهلت نظرة بنتها ومسكت جوالها

تشغل نفسها عنهم.

ليال قالت: خلاص انا اكل.

محمد مراعاة لحرجها وخجلها، عطاها الشوكة وقام لدورة المياه يغسل، ليال اكلت شوكة وما قدرت

تكمل الاكل اكثر.

سبحان الله هذا كان طبقها المفضل والحين ما تستسيغ حتى النظر له، نعمة العافية هي فعلا نعمة

الحياة.

رفعت صحنها وفرغت نصفه بصحن أمها القريب، عزيزة عذرتها وما قالت شيء تعرف انه صعب

عليها تاكل كمية كبيرة بعد فقدان شهية مزمن.

رجع محمد وشاف صحنها فاضي وصحن عمته رجع امتلى بتلميح: خالة ليش ما اكلتي ما عجبك الاكل.

عزيزة ضحكت على نباهته عارفه انه ما راح تمر عليه حيلة بنتها، لاحظت ارتباك ليال رحمتها وقالت:

اهم شي ليال اكلت انا شبعت.

وغمزت لمحمد لاجل يمشي الموضوع، سكت واشر للنادل وهو يسأل ليال: اطلب كوفي؟

هزت راسها بمعنى لا، فارق الساعات الي ما نامتهن تحسهم صاروا أيام، غير ان الجلسة غير مريحة

مستحية من محمد ومن جرأته وسيطرته، من اناقته ووسامته بينما تشعر نفسها غاية البهذلة ونقيض

تام عنه.

يالله اول لقاء لها مع زوجها وتكون مريضة، ببجامة بيت وتوها طالعة من عيادة نفسية؟

عزيزة لاحظت تعب ليال: ليت والله نمشي يا محمد.

عند باب بيتهم عزيزة التفتت لمحمد عاجزة عن شكره عاجزه عن حرف واحد تهديه، اهتمامه ببنتها

وحرصه عليها اثلج قلبها وريح ضميرها المثقل، الحين تقدر تنام بعد ليالي طويلة من الارق والهم: الله

يوفقك يا محمد ما راح انسى لك هالطلعة.

محمد تعلقت عيونه بليال الي سبقت أمها وتصعد الدرج الموصلة للفيلا: الله يسامحك يا خالة تراي ما

سويت شي.

عزيزة اخذت حقيبتها قالت: الله يوفقكم ويفرحكم ببعض وافرح بعيالكم يارب، تصبح على خير.

محمد: خالة عطي ليال جواله.

عزيزة لم ترغب بمناقشته حتى لا تثير حساسيته وغيرته لانها موقنة تماما بما حصل وتخاف ترجعه

وترجع لليال لخطأها وخاصة بوضعها ومرضها: اشوف.

محمد تجاهل ترددها وكمل: وارسلي رقمها لي عالوتس

***
**

مع جدتها تنتظر اباها على صفيح من جمر، وجدتها تزيدها اتقادا وسعيرا، اليوم جلسة في المحكمة بين

أمها واباها، طيلة الليل والأفكار تنهشها، ووجه اباها لم يطمئنها وكأنه يعلم الحكم مسبقا كم تمنت

بانانية ان يحدث أي شي يرد أمها حتى لو تمرض او تتعرض لحادث خفيف يمنعها من الذهاب الى

المحكمة.

سمعت الباب يغلق وثواني دخل ابوها، وقفت بجزع حين رات وجهه المكفهر وعيونه الحمراء، وبلحظة

كان يكسر كل ما امامه، التحف الفازاات والشموع.

يرافق حركاته لعن وشتم وتهديد، جلست روان تبكي بالتياع في حضن جدتها على حالهم الذي تغير بين

صبح ومساء.

جلس يكلم روان: لا تبكين والله لا اخليها تعض أصابع الندم وترجع تبوس رجولك، انا طلقتها قبل ما

يحكم القاضي بالخلع حتى اقدر ارجعها وصدقين ما راح تنتهي عدتها الا هي هنا.

امه لا تزال بجلستها المتجبرة لم يهزها شي من عصبية ولدها وجنونه: بس لازم تساعدنا روان والا ما

راح نقدر نسوي شي.

روان رفعت راسها: وش تبون اسوي أسبوعين ما كلمتها ولا رديت عليها وش اسوي اكثر من كذا.

جدتها ناظرت قدام تفكر: الطلاق وقع، ارجعي ردي عليها وان طلبت تشوفك روحي لها وكلميها

واستغلي أي شي يخوفها عليك مثلي انك مريضه وتعبانه

ام فهد قهرها تجاه الي صار اضعاف ما تبين، مقهورة من قوة وصلابة مها وتمردها عليهم ووهي الي

قضت سنين تخدمهم وخاضعه لهم، بدل ما تشكرها وتهدي ولدها تتمنى رجعتها فقط لاجل تكسر عينها

وتشوفها مذلولة لهم مرة ثانية، كل لحظة تتوعد فيها بقلبها لما تناظر لحال ولدها الي كل يوم ويوم

يزيد جنانه وغضبه ويطلعه يا على الخدم او السواقين والحراس.


***
**

من قال بأن الطلاق مصيبة وعار أو انه انكسار وفشل؟

فقط من عاشت مثل معانتها تعرف جيدا ان الطلاق ما هو الا نعمة عظيمة لم يعطها الخالق الا لاحتياج

عباده لها وليس هناك احكم من الله.

أولئك الذين يلومون المرأة او الرجل بطلاقهم انت لست اعلم من الله الذي وضع هذا الحل لان سبحانه

يعلم ان هناك مشاكل لا ينفع معها حل الا الطلاق.

عادت الى المنزل بشعور عميق من السعادة والراحة يغمرها، حالها كحال سجين فتحت له أبواب

السجن فجاة وقيل له: هيا اخرج.

طول الطريق وهي تمتم بالحمد والشكر، ثقل يفوق حجم الجبال والتلال تلاشى مثل ذرات الغبار عن

قلبها وروحها وكيانها، فقط تفكيرها بروان هو ما ينغص فرحتها.

ماذا فعلت؟ كيف تلقت الخبر؟

الى متى ستظل بعيدة عنها.

كأن اسئلتها طارت وحطت بإذن روان، رن هاتفها باسم وحيدتها وحبيبتها.

بلهفة فتحت هاتفها وخمد ضجيج الفرح بداخلها لما سمعت شهقات ابنتها وبعتاب: روان؟

روان: يعني خلاص يمه.

مها: لا حبيبتي يعني بدينا باذن الله حياة ثانية كلها فرح وبتشوفين ياقلبي.

سلمان كان يقود السيارة بعد ان خرج مع عمته من المحكمة، كشر وهو يسمع كلام عمته مع ابنتها،

يشعر ان تدليلها لابنتها مبالغ فيه، لا يطيق الدلال الزائد وتجربته مع عبير كرهه في كل انثى مدلله.

لما سكرت قال: عمه تعاملينها كانها بزر وهي اكبر من ومنك.

مها ضحكت على تقززه وقالت: غصب عن كل ما أحاول اشد القى نفسي الين اكثر مالي غيرها يا

سلمان غصب بلين معها.

سلمان: بس يا عمه هذا يضرها ما ينفعها ويضرك معها بعد لانها ماراح تسمع منك الا الشيء الي

يعجبها وبس.

فعلا كلامه صحيح لكن لا تستطيع الا على التدليل، بعض البشر خلقوا ليدللوا وابنتها منهم، ابنتها فطريا

وليس اكتسابا انسانه مدلله وظروفها كطفلة وحيدة ومترفه ساعدت فيه لحد كبير.

مها: ماضرني تدليع امي وابوي وانا متفائلة ان بنتي بتتغير.

سلمان مجاملة لعمته قال: إذا بتطلع مثلك يا عمة مهب رايح تدليلها خسارة.

***
**

من نافذة غرفتها تشاهدها تجلس شاردة صامته، لم تكلمها منذ رجعتهم البارحة من المطعم، ذهبت فورا

لغرفتها، وقضت عزيزة سهرتها مع جود وديم، ثم ذهبت واعطتها علاجها دون ان تتكلم معها.

بماذا تفكر؟

اثار الحزن والضيق مرسومة رسم على وجهها، وهو ما أخبرتها الدكتورة به ان اثر الدواء تراكمي

وستمر أيام قبل ان يتفاعل معه الجسم.

بعد ذلك ستزاد الجرعة حسب احتياجها، وبعد التحسن ستخفف تدريجيا ثم توقف وهذا لن يكون قبل

وقت طويل.

مسحت دمعة تسقط تلقائيا كلما رأت الحزن في ملامح ابنتها، ليت بوسعها فعل شي ولو تعطيها روحها

وايامها الباقية.

قطع تفكيرها رنين الهاتف، اليوم فتحت هاتف ليال وسارة لم تنفطع عن الرن دقيقة، اخذته ونزلت.

سارة لازم تجي اليوم قبل بكرا.

طلعت على بنتها من باب المجلس ومعها علبة موية زمزم مقري فيها حطتها قدام سارة وجلست قربها

على الاريكة الخشبية: هذي سارة كل اليوم تدق، ردي عليها.

قوست ليال حاجبيها، واخذت الهاتف ولدهشة عزيزة ضغطت انهاء اتصال وسكرته بوجه سارة.

رمت تلفونها على الطاولة وابتسمت بمرارة: يعني وشلون تاكدتي ان تلفوني مافي ارقام شباب او لاني

على حدود الجنون ودخلت عيادات نفسية صار مسموح لي اسوي أي شي حتى لو كلمت الي تقولين

خالد وغيره.

بانت ملامح الصدمة بوجه أمها وعيونها تضيق بحزن، ليال ما همها لازم ما تحن عليها ابد، فات

الوقت الي تتراجع فيه لما تشوف الضيق بوجه أمها.

كملت: مو انت تدعين ان الله ياخذني اعتبري ربي استجاب دعوتك ومو موجودة، فكين ليش حتى

هالمكان مستخسرته علي.

بعدها بساعتين كانت سارة تقف عند باب غرفتها، عزيزة دقت عليها وأخبرتها بكل شيء ورجتها

تجيء.

دخلت خائفة مما ستراه، ظلام خفيف وكئيب كسى جو الغرفة.

هل تتاثر الجمادات بمشاعر أصحابها، بدا لها ان الإجابة نعم.

التفتت لها ليال وارتسمت على وجهها ابتسامة باهته كانت كافية لتتخلص سارة من صدمتها وتسرع

نحوها قبل ان تقوم ليال المتراخي جسمها بفعل الادوية وتضمها، ثانية ثانيتين وبعدها انفجرت سارة

بالبكاء.

تململت ليال وابتعدت عنها، تكره رؤية الشفقة وتشعرها بان حالتها غير مألوفة وبلا أمل.

سارة انتبهت وبلماحة قالت: كذا يالقاسية تقطعيني، أيام ادورك وماالقاك بغيت انجن الا شوي.

ليال: غصب عن يا سارة.

سارة: مافي شي غصب صدقين بطلع هالتغلي من عيونك، تدرين ابوي وش قال يوم صرت ما تردين؟

ليال هزت رأسها فاسترسلت سارة وهي تقلد ملامح ابوها وصوته العميق عندما يتحدث بمنطقية:

ياسارة البنت ما تبيك واضح.

نظرة مستنكرة ظهرت على وجه ليال وردت: قايلة لك من زمان ابوك هذا عذول.

ضحكت سارة: لو تشوفين ردة فعلي انفجرت زي البزران فجعته وابتلش فيني يوم كامل وحرم بعدها

يقول عنك شيء.

ضغطت ليال على يدها تعتذر وهمست: اسفة.

هزت سارة راسها: لو تعتذرين من اليوم لبكرا ما راح اسامحك، ودي اعظك ..... وشدت على حروفها

تعوض عن الفعل ثم أكملت: بس أخاف اكسر يدك يالخايسة

ليال تستعطفها: واهون عليك.

سارة: حاليا ما تهونين علي بس بعدين بتشوفين وش اسوي بك.

ومالت عليها تضمها مره أخرى بشوق وعاطفة.

***
**

في الصالة تحت جود وامها قاعدين، تاملتها عزيزة: ليش ما رحت اليوم مع البنات للمول؟

جود تتأمل اظافرها: مالي خلق.

خانقتها العبرة وروحها منسدة عن أي شي عزيزة عارفة تأثير ابتعاد ليال عنها، سألتها بحنان: وراك

ياعيني متضايقة؟

نزلت دموعها مع سؤال أمها وراحت حطت راسها على فخذها تنهدت: يمه تتوقعين ليال بترجع معي

زي اول؟

عزيزة بثقة: اكيد بترجع ياعمري، أنتم خوات وصديقات وطول عمركم مع بعض.

جود: مع ديم وسارة تتكلم معاهم عادي وانا حتى النظر ما تناظرني ليه يمه شايلة علي؟

عزيزة كانها تفهم مشاعر ليال ناحية جود، تدليلها لجود وقربها الزائد منها سبب لها حساسية خلاها

ترى اقترابها من جود اقتراب من أمها فتبتعد عنها.

رن جرس الباب وبعدها دخلت مها معها سلة شوكولاته فخمة، عزيزة ابتسمت: هلا والله بالحامل

والمحمول، وش المناسبة؟

مها سلمت عليهم وجلست مقابلهم وبضحكة: وش المناسبة؟؟؟ اللي يجهلك يالجاحدة اول مرة ادخل

بشيء.

ناظرت جود اللي ما زالت بحجر أمها: انت يا نونو الماما قومي سلمي وشيليها عن.

ضحكت عزيزة لجود وغمزت لها: قومي قومي الحين تأخذ سلتها وتطلع.

مها جلست وباهتمام: وشلون ليال اليوم؟

عزيزة: الحمدلله كانها احسن، نومها خف بس لسه معها ضيقة قوية، صديقتها عندها وان شاء الله

بتاثر عليها.

مها: دامها تتحسن الحمدلله.

قامت جود بكسل وناظرت خالتها: اذا انا نونو الماما ترا بنتك رضيع الماما انا الحمدلله تعديت اللفة.

مها ضيقت عيونها وضحكت وهي تقول لعزيزة: شوفي نظرات الحقد الله يكفينا، كل هذا ليش اني

قومتها العجازة.

جود اخذت قطعة شوكولا: قمت عشان عيون القوديفيا بس.

والتفتت لامها تغايض خالتها: سجليها بملاحظتك يمه، خالتي أول مره تجيب شي حلو ويوسع الصدر.

تموا يترامون بالكلام جود ومها، وعزيزة تبتسم بينهم، أي ضحكة لو كانت بسيطة تفرق عندها وترفع

معنوياتها بدرجة كبيرة وتعطيها دفعة انها تخرج من هالحفرة بأسرع وقت.


***
**
الجو الي فوق كان عكس الي تحت، ليال جالسة على أريكتها وضامه رجولها لصدرها ورأسها على

ركبتها، تناظر سارة وتقص عليها كل اللي صار معها: تضرب وجهي كفوف وتدعي علي، حاولت

ابعدها بس حسيت بخوف يضرب قلبي ماقدرت أبعدها، صرت ماقدر أتكلم معها ماقدر اناظرها.

نزلت دمعتها وكملت: وهي تضرب حسيت كأنه وجهي يقهرها كأنها تبي تمسح ملامحي عن عيونها،

وجودي يقهرها يا سارة، مادري وش اسوي يا سارة وين اروح؟

خنقتها شهقة خلت سارة ترجع تضمها وتبكي معها، اول ما وصلتها مكالمة خالتها عزيزة فرحت انها

اهتمت بشيء يخص ليال وخافت عليها، ما توقعت ان كل هذا صاير، ضرب وظلم وكلام جارح واخرتها

تزويج بالغصب، انعقد لسانها وعجزت تهون على صديقتها.

إذا كانت هي ما قدرت تتجاوز وفاة أمها اللي لها سنوات ميته وتتمنى وجودها رغم مرضها وعذابها

كيف بليال ومعاناتها، فعلا مصيبتها مصيبة.

***
**
بعدها بساعتين نزلت تحت ولقت وحدة من خالات ليال رأتها كذا مرة عندهم، سلمت عليها وبحرج

التفتت لعزيزة: لو سمحت خالة ابغى السواق يرجعني، ابوي مشغول ما يقدر يجي.

ناظرت عزيزة الساعة داخلة على الثانية عشر تقريبا، تعرف حرص أبو سارة عليها هو الي يتكفل

بمشاويرها فأكيد اللي اخره عنها شي مهم، حست من المسئولية انها ترجعها بنفسها، ناظرت جود:

جود جيبي عباتي بودي سارة.

سارة ارتعبت: خالة عادي اروح لحالي، ابوي سامح لي.

عزيزة رفضت كلامها وخصوصا ان هي اللي طلبت منها تجي: ما يخالف حبيبتي البيت قريب.

سارة: والله ما تطلعين خالة هذاك قلتيها البيت قريب.

عزيزة ما هتمت لحلفها ووقفت تستعجل جود، مها تدخلت: خلاص عزيزة البنت حلفت لا تقطعين

حلفها.

ناظرتها سارة بامتنان بينما مها وقفت ترد على نظرات عزيزة وكملت: انا تأخرت، بطلع وبوصلها

بطريقي.

انحلت الازمة ورضت عزيزة باقتراح مها، ركبت سارة سيارة مها اللكزس فئة سيدان وداهمتها رائحة

عطر جميلة، غاصت وسط مقعدها الجلد وبإعجاب: ما شاء الله سيارتك حلوة.

مها بلسانها الراقي الفطري في تكوينها: عيونك الحلوة ياقلبي.

ناظرت لشاشة الكاميرا أمامها وهي تطلع سيارتها للخلف وسألتها: من وين؟

الطريق كان قصير لأنهم في نفس الحارة تقريبا ثلاث دقايق ووصلوا، اشارت سارة على بيت حلو

وصغير مع مسكتها هاتفها تدق على ابوها.

لما رد قالت: هلا يبه تراي وصلت البيت.

رجفة زلزلتها لما سمعت صوت ثاني غير صوت ابوها وبقلق: عمي؟

وقفت السيارة قدام بيتهم وهي تسال: ابوي وينه فيه شيء؟

مها ناظرتها رعشة خوف واضحة بسؤالها، تعرف بظروفها وعلاقتها بأبوها الي لا ترى في الدنيا

غيره، قفلت السيارة وسحبت مفتاحها حتى ما تستعجل بالنزول.

ثواني مرت كانها سنين وسمعت صوت ابوها الحاني، بلهفة ردت عليه: يبه وينك؟ وش صاير؟

عبد الله: مافي شيء حبيبتي ولد عمك سوى حادث ونا معهم بالمستشفى.

شعرت أنه يكذب عليها، الإرهاق بصوته شككها وزادت مخاوفها: يبه وش فيك؟

عبد الله تنهد عارفها بتنجن حتى تشوفه: والله اني طيب، اسمعين سارة انا بتاخر الليلة وما بيك

تجلسيين لحالك، عمك ناصر بيجي ياخذك لبيته.

سارة بفزع: لا لا يبه مالي خلق اروح لبيت أحد، يبه عادي مو اول مرة اجلس بالبيت لحالي.

عبد الله: بالليل غير يا سارة.

سارة نزلت دموعها: وش يفرق الليل عن النهار يبه بسكر الأبواب وما علي الا العافية، تكفى يبه مابي

اروح لبيوتهم.

عبد الله على مضض وافق: زين بس شرط تكلميني كل شوي.

سارة انتبهت انها واصلة من زمان، استحت من مها اللي تناظرها وبالتأكيد اخرتها: سم مثل ما تبي انا

وصلت، سم كل شيء بسكره.

سكرت من ابوها وهي في غاية الخجل: اسفه خالتي اخرتك.

فتحت الباب بتردد وهي تقول: مشكورة مع السلامة.

مها مسكت يدها وسألتها: تبين انزل معك شوي؟

سارة فرحت بعرض مها جدا كانت أكثر من خائفة لا تحتمل بقاءها في النهار وحدها كيف بالليل

وخاصة وهي بهذا القلق على أبيها، لم تخجل ان تبين خوفها واحتياجها: عادي؟

مها بتفهم اشرت لها: اسبقين بكلم والحقك.

نزلت سارة ومها كلمت اختها عزيزة تخبرها باللي صار: عيت كلش تروح لاهلها، انا اشك ابوها

مسوي حادث بس مخبي عليها، وحتى هي ما صدقته المهم بنزل معها حتى تطمئن او أقنعها تروح

لأهلها وارجع عليكم، خبري امي اني بنام عندك حتى ما تقلق ما دري متى ارجع.

عزيزة لم تقتنع بمبيت اختها في بيت أرمل غريب: صعبه يا مها بالليل وبيت رجال

مها قاطعتها: عارفة عزيزة بس ماقدر اتركها تصيح وخايفة، ما راح أطول ساعة وبطلع قبل ما يجي

ابوها.

دخلت المنزل ووجدت سارة تنتظرها عند باب الفيلا، سارة أشرق وجهها باطمئنان عندما راتها تدخل.

لو كان عندها تردد واحد بالمية بفزعتها ودخولها بيت غريب كله فإنه تبدد لما شافت الخوف مسيطر

بملامح سارة وتحاول تداريه عنها بابتسامة وترحيب خجل.

طوت نقابها على ذراع الاريكة وأرخت شيلتها على أكتافها محتارة كيف تهديها وتطمئنها، من خلال

المرات القليلة الي صادفتها ببيت عزيزة عرفت انطوائيتها وخجلها، كل الي يجمعهم سلام وبعدها تهرب

مع ليال، حتى عزيزة قالت تستحي كثير ونادر تتكلم معها مع انها عادي مع جود وديم.

سارة بالمقابل كانت كلها حياء وارتباك، ما تعرف كيف تتصرف او كيف تضيف مها، ما عمرها تعاملت

مع ضيوف او زوار، ما تعرف ابجديات الحوار مع شخص كبير، أمها توفت واشياء كثير تجهلها

وخاصة التعامل مع الناس.

سارة: خالة تفضلي بجيب القهوة واجيك.

مها: خلك سارة استريحي متقهوية لين انتفخ راسي ببيت عزيزة.

قررت تعاملها مثل ما تعامل بنات اخوها وخواتها، ما تعرف كيف لكن بتحاول، كملت بمودة: ابغى بس

موية يا عيني.

رجعت ابتسامة سارة وقالت: سمي.

***
**

انتهى


شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-20, 04:02 PM   #13

ward77

? العضوٌ??? » 408977
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 281
?  نُقآطِيْ » ward77 is on a distinguished road
افتراضي

جميلة متى مواعيد تنزيل الفصول؟

ward77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-20, 12:38 PM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 24-12-20, 12:28 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله
__

الجزء الثاني عشر..
__

**

أعادت النظر في الرسالة أكثر من مرة، في كل قراءة شعور مخلتف، مواساة امتنان فرحة لا توصف

بانسان صدقها وبذل جهدا كي يزيل الظلم والكيد الذي تعرضت له.

: ليال، بعد بكرا فيه عزيمة ببيت خالي علي مسويتها امي نورة، ضروري تحضرين، كل شيء بكشفه

واخذ حقك.

لايهم كيف سياخذ حقها ولم تشعر بالفضول للسؤال عن من أذاها، المهم انها بريئة وستعرف أمها

ببراءتها وظلمها، كعادتها لن تهتم لكن هي ستعود ليال القوية الشامخة، لن تسمح لها أن تؤذيها مرة

أخرى، سوف تنفصل عنهم ولن يكون لاحد وجه ان يعترض على قرارها وسيكون هروبها هذه المرة

حقيقي.

ازعجتها اشعارات متتالية في قروب أخواتها، موضوع مشترك بين أمها واخواتها ولا تعلم ماهو، لم

تدخل القروب منذ فترة طويلة، واساسا كان القروب راكد بعد مرضها، الان دبت فيه الحياة.

تذكرت كيف كانت هي الوحيدة التي نادرا ما تعلق أمها على كلامها، تذكرت كم كانت تستميت بخبر يشد

انتباهها او يعجبها ولا تحصل الا على مجاملات من ديم وجود.

حست بفضول لترى عن ماذا يتحدثون، لكنها رجعت وقمعت هذا الإحساس وكي لا تضعف ضغطت عدة

ازارير لتبتسم ببرود مليء بالوجع وهي ترى المجموعة تختفي من قائمة هاتفها.

***
**

في بيت عبد الله عطت مها نظرة قصيرة للمكان، بيت عصري من ناحية البناء والتخطيط لكن بلا حياة،

الأثاث غير متناسق ولا يوجد إضافات جمالية تنعشه وتبين أساسيات الجمال فيه، ينقصه الكثير.

تكره طبع الاستشراف والتدقيق في بيوت الآخرين فغضت بصرها وحاولت الهاء نفسها بمجموعة كتب

امامها على الطاولة، اخذت منهم كتاب "النساء من الزهرة والرجال من المريخ" شد انتباهها العنوان

وقلبت صفحاته.

ابتسمت لسارة وهي تمد لها صينية فيه كوب ماء، شربت مها قليلا وأشارت للكتاب بيدها: شكلك من

عشاق القراءة.

سارة ببراءة: هذا كتاب ابوي.

ناظرت مها تعيد الكتاب مكانه وأجابت: انا طالعة عليه أحب القراءة مرة.

كملت تسال: وانتِ؟

قلبت مها شفتها مع ابتسامة: مو مرة، يعني اتحمس واقرا بس نفسي قصير امل بسرعة وما أكمل

الكتاب.

معجبة جدا سارة بابتسامة مها الجميلة الي ما فارقت فمها، تاثيرها عليها حلو مخليتها تتكلم بسلاسة

معها ومن دون تعقيد.

رن هاتفها وبسرعة رفعته: هلا يبه.

جاها صوته مليء بالارهاق والتعب يؤكد كل شكوكها، سالها: وشلونك حبيبتي؟ طمنين، خالة رفيقتك

عندك؟

سارة القت نظرة سريعة لمها اللي رجعت تقرا الكتاب: ايه عندي، والله بخير يبه لا تهتم.

تهدج صوتها واخفضت نظراتها لما نزلت دموعها وهي تسال: بالله يبه وش فيك؟

ما راح تطمئن الا لما يخبرها، بحزن رد عليها: بدر ولد عمك صالح مسوي حادث وحالته خطرة

وسهام تطلبك الحل.

سكرت من ابوها والصدمة ملجمتها، بدر وسهام عيال منيرة، منيرة اللي ياما حصلت منها كفوف

عشان هالاثنين، وكلام موجع اثره ممتد بقلبها لليوم.

مها جلست قربها ومسكت يدها: وش فيه يا قلبي؟

سارة ناظرتها وبوجع اثارته ذكريات الطفولة: عيال عمي مسوين حادث ماتت بنت عمي واخوها

بالعناية.

حاوطتها مها بذراعها وضمتها لصدرها: الله يغفر لها ويرحمها ادعِ لها ياعمري.

انفجرت دموع سارة أكثر مع حنان مها الي غمرها ما تعرف عيال عمها وما كانت تبكيهم، كانت تبكي

طفولة قاسية عادت لذاكرتها، طفولة ملئت بصور موجعة لامها المريضة البعيدة وصور موجعة لها في

ذلك البيت الموحش.

كل صورة تمر فيها تخليها تنكمش أكثر، أيام سوداء وليالي قضتها تبكي أمها وتناديها، مره تعاقب

بضرب ومرة بحرمان من أشياء تحبها ومرة بدعاوي وتهزيء كسرت فيها الثقة وحب الناس.

مها فزعت من بكاها: استغفري سارة ما يجوز البكاء على الميت كذا.

سارة رفعت جسمها عن صدر مها، اخذت المنديل من يد مها وقالت: اسفه يا خالة، تذكرت امهم كانت

دايم تضربني عشانهم.

هزت راسها تحاول تبعد الذكريات الي هجمت عليها فجاة وسببت انهيارها وحسستها بخجل فظيع من

مها، كملت تبرر بكاها: امي كانت مريضة وكانت تنوم بالمسشفى كثير وابوي يودين لبيت عمي ويقعد

مع امي.

تحولت نظرات مها الحزينة الى تفهم ثم غضب، غضب من استغلال الانسان احتياج الاخرين وإيذائهم

بدلا من مواساتهم ورحمتهم.

طفلة لا ذنب لها الا الحاجة والافتقاد؟

أم مريضة بين الألم والحسرة على طفلتها، وأب مشتت بين زوجته وابنته؟

كيف لا يستغل الانسان قوته وقدرته عند احتياج الاخرين له بصنع معروف يبقى في ذاكرة من أسداه له

ويبقى في سجلاته يوم الاحتياج الحقيقي.

مسكت يد سارة المضمومة بحجرها وحاولت فرد اصابعها كانها تحاول تفتح قلبها المضموم على

ذكريات اليمة وتخرجها: شوفي سارة لازم ما نكره المعاملة السيئة الي تعرضنا لها بحياتنا لانها هي

الي تحصن شخصياتنا وتعطيها مناعة وقوة ضد الناس البذيئة، أي اذى يجيك من انسان اعرفي انه مو

عشان عيب منك، لا بسبب عيب وعله فيه، وقيسي أخلاقه وبتشوفين انه يطبقها على كل اللي هم تحت

رحمته ومثل هالنوعية يشفق عليهم الإنسان، ويحمد ربه انه مظلوم مو ظالم.

سارة ماردت كلامها حلو ومقنع لكن عجزت تطبقه على الي تعرضت له خصوصا الكلام الجارح واللعن

والتحطيم.

قامت فسالتها مها: وين؟

سارة بابتسامة: لو معنا قهوة كان ما نقلبت جلستنا دراما، بجيبها واجي.

شافت مها بتعترض فبادرت: بعدين والله بموت ونا أتذكر انك دخلتي بيتنا وما ضيفتك شيء.

شعرت ان سارة تبغى تبعد حتى تتمالك نفسها وتهدي مشاعرها، ردت لها الابتسامة وقالت: على

راحتك ياقلبي.

رجعت بعد ثلث ساعة ومعها صينية فيها قهوة وسلة شوكولا صغيرة وصحن تمر، شافت مها تقرا

الكتاب الي كان معها اول.

مدت لها فنجان وسألتها: عجبك الكتاب؟

مها هزت راسها: حتى الان حلو من زمان كان بخاطري اقراه بس انسى اشريه.

سارة حست ان الي مثل مها اكيد ما تحتاج تقرا مثل هذي الكتب، جمالها بيدخل وسيط في كل موقف،

نظرية الجمال والحظ الي ما زال اغلب الناس يعتقدون فيها بالرغم من كل القصص المنافيه.

مرت ساعة من السوالف وبعدها رن هاتف سارة: هلا يبه

لاحظ عبد الله خفة بصوتها وانتعاش، حمد ربه وقال: طمنين عنك يابوي.

سارة: الحمد لله طيبة، انتم وشلونكم وشلون عمي؟

ابوها: والله حوسة ما يدري وين يصير مع ولده او بنته او مرته.

سارة بتعاطف: الله يعينهم، اسمع صوت سيارات وينك.

عبد الله: انا هذاي قريب من البيت برتاح شوي وبرجع لهم وقت الدفن.

سارة: زين الغالي الله يحفظك.

كمل باستدراك: شوفي لا تطلع خالة رفيقتك بنوصلها لبيتها، متأخر الوقت.

سكرت وردت على التساؤل بعيون مها: ابوي بالطريق، ويقول لا تطلعين بنوصلك.

مها وقفت: لا وين توصلوني ياعمري سيارتي معي اشوفك على خير.

سارة وقفت معاها: خالة متأخر الوقت.

مها لبست شيلتها ومعها حقيبتها وهي تقول: معليش حبيبتي البيت قريب، اساسا برجع لبيت عزيزة.

حتى ان أصرت عرفت سارة أن مها لن تقبل الركوب مع أبيها وما حبت تضايقها يكفي ما تعنت لأجلها،

أخذت الكتاب وحطته بحقيبتها وقالت بابتسامة: لما تخلصينه خالة رجعيه، ماراح اعلم عليك.

ابتسمت مها: مشكورة حبيبتي.

رافقتها سارة حتى باب الصالة ورفضت مها تخرج معها للباب الخارجي: والله ما تطلعين خلك هنا

وسكري الباب وراي.

في كل شي حنونة ومهتمة، وكل تصرف منها او كلمة تدل على مسئوليتها وحرصها، حبتها سارة من

كل اعماقها، وحبت كل شي فيها.

بسرعة ضمتها سارة وقالت: مشكورة خالة مادري وشلون اشكرك صراحة.

ابتسمت لها مها: ما سويت شي يا قلبي ... وبمودة مدت يدها وقبصت خد سارة وطلعت.

مع خروجها كان عبد الله توه واصل، شافها تركب السيارة وفهم انها رفضت تقعد، انتظر قليلا ولما

ابتعدت سيارتها بخمس أمتار حرك وراها، وصلت بيت عزيزة انتظرها حتى دخلت بعدها رجع لبيته.

***
**

دخلت غرفتها ديم ووجدتها على نفس حالتها تنام على جنبها وتغطي نفسها بجزء من اللحاف وتضم

الجزء الباقي، عزيزة تكدرت بعد حذفها قروبهم فأرسلت مع ديم العلاج.

ديم: ليال نمتِ؟

فتحت عيونها كرد صامت، جلست ديم قريبة منها وعطتها دوائها وبعدما شربته قالت: ليش حذفت

قروبنا.

ليال: ما احتاجه.

ديم بهدوء: كيف ما تحتاجينه فيه امك وخواتك واكثر ناس تحبك.

ليال شدت غطائها تضمه دون أن تجيب، ديم أضافت: مو بس انت التعبانة ياليال كلنا تعبانين، جود بس

تصيح وامي ماتنام وانا ضايقة بي الدنيا كلنا...

قطعت ليال كلامها: طيب دريت اطلعي وسكري الباب.

ديم تحاول تسبر اغوارها تبغاها تتكلم حتى لو عصبت وانفجرت: اذا انت زعلانه من امي، انا وجود

ليش زعلانة منا وش سوينا.

نفس عتاب جود قبل أيام، يعاتبونها كأنها من ابتدأتهم وجنت عليهم، يطلبون منها ما هو فوق طاقتها،

أن تتعامل مع الوضع كحدث مر وانتهى، وأن تتعايش وتتجاهل مثلما كانت تفعل سابقا.

ليال: صدقين لو جاك كف واحد من الضرب اللي جان ذيك الليلة، قومتي الدنيا وقعدتيها، طول عمرها

مدلعتكم ومدللتكم وتبون اسير مثلكم من وين بتفهمين علي.

اختنقت بأنفاسها لاتستطيع إخراجها فجلست وأسندت رأسها على السرير وجسمها يرتجف أكثر بفعل

الحزن والقهر الذي يغمر صدرها وروحها.

ديم اقتربت منها وضمتها بقوة ودموعها تتشارك مع دموع ليال الذي تحولت لنواح موجع: وش افرق

عنكم انا، ليش تكرهن تعبت ياديم تعبت، اول اسكر على غرفتي الباب حتى مااقهر نفسي، الحين صارت

تهاجمني حتى بغرفتي، ماامنها ولو فيها الف قفل.

ديم ما تحملت معاناة أختها وعذابها لازم تدري بالسبب اللي يخلي أمها تسوي كذا حتى لو غضبت

عليها أمها ليال محتاجة تعرف مثل حاجتها للعلاج.

شدتها أكثر وقالت: امي مريضة ياليال.

لم تتوقع ردة فعل ليال، ابتعدت عنها وقالت: عارفة تقولين كذا تبينن أرحمها، اطلعي من غرفتي،،،

وصرخت فيها بهياج: اطلعي.

ديم نزلت دموعها قالت تترجاها: خلاص ماراح أقول عنها أي شي، بس خلين اقعد عندك، تكفين.

بعدما انفتحت أختها معها قليلا خافت تنطوي على نفسها مرة أخرىهدأت ثورة ليال فكملت ديم: بجلس

ساكتة وما راح أتكلم بأي شي يضايقك، تعالي حبيبتي.

كطفلة سحبتها ببطء إليها ووضعت رأسها على فخذها، تعرف حب ليال للقران واستكنانها فيه، بدات

تقرا عليها وتمسح دموعها التي استمرت تنزل معها حتى نامت ونامت معها ديم.

***

**

صباحا نزلت تحت إصرار ديم تحت لمجلسهم، وجدتا خالتهم مها تفطر مع أمها، سلمت عليها وقالت:

نايمة عندنا خالة؟

مها ابتسمت لها بحنان: لو تدرين سبب هالنومة.

ليال هزت راسها باستفهام فردت: أمس طلعت ووصلت صديقتك سارة بطريقي، كلمت ابوها وطلع الي

ماخره حادث صاير ببيت عمها، رفضت تروح لواحد من عمانها فنزلت وقعدت معها شوي وبعدين

رجعت عليكم.

قطع كلامها صوت هاتف مها فقالت: أخيرا ردت.

فتحت الهاتف واشرت لليال المتفاجئة من القصة: اكملك بعدين...

طلعت مها من الباب المفتوح للجلسة الخارجية وهي تقول: وينك حبيبتي من الصبح ادق عليك؟

دخلت سيرما بعدما نادتها عزيزة فقالت: جيبي فطور ديم وليال.

ذهبت سيرما والتفتت عزيزة إلى ديم بنظرة متسائلة وكان جوابها غمزة تعني أن ليس الآن

قالت لهم: فيه عزيمة اليوم ببيت خالكم، امي نورة مسويته.

ديم ردت: ايه، قال لي ماجد أمس.

عزيزة فهمت ان ليال ايضا عندها خبر بالعزيمة وواضح محمد أخبرها، سألتها: وش بتلبسين؟

وهي تنظر لخالتها خارجا تنتظر انتهاء مكالماتها حتى تشرح لها ما حدث مع سارة، أجابت: أي شيء.

عزيزة: البسي فستانك الأصفر اللي اخذتيه من ..

ديم تؤيد أمها: ماحد شافه، ويجنن عليك.

هزت راسها ليال وقامت طلعت لخالتها مها الي انتهت محادثتها مع روان، جلست على الكرسي وقالت:

وش السالفة خالة؟

جلست معها مها تكمل الي صار بينما عزيزة التفتت لديم وقالت: خلاص روحي اليوم لزوجك من جيتي

وانت هنا، فشيلة من ماجد تلقينه تحسف انه رجع بدري.

ابتسمت ديم عندما تذكرت تذمر ماجد بالأمس: انا الحمار اللي قدمت رجعتنا.

ديم: لا يمه ماجد ماعنده اعتراض، قال متى ما تشافت ليال تعالي.

عزيزة ضحكت على بنتها الي ما تعرف تكذب: مهب علي هرجك تلقين الرجل يدعي علي قايم قاعد.

ديم فشلت في كتم ضحكتها بعد انكشاف كذبتها وقالت: تطمني يمه ماوصل لحالة الدعاء عليك، حاليا

يدعي لليال.

عزيزة شاركتها الضحك: دامنا بحاليا روحي له يامي.

وعادت بنظراتها للخارج وكملت بجدية: الحمد لله أختك كل يوم أحسن من الثاني.

دخلت سيرما معها صينية الفطور وانقطع حديثهم بدخول مها وليال.


***
**

في بيت الخال علي الكل اجتمع في مجلس الضيوف، ليال ما شافتهم من بعد زواج ديم فترة تعتبر

طويلة بالنسبة لاجتماعتهم الدائمة، الكل يعتقد انقطاعها خجل بسبب الملكة فقط اخواتها وخالاتها

يعرفون بمرضها.

لحظات رهبة وترقب تعيشها ليال بقوة مخليتها سارحة وما تركز على الأحاديث الدائرة، ما تدري متى

سيأتي محمد؟ وماذا سوف يقول؟ وماذا سيحدث في الساعات القادمة؟

كانت تبتسم وتجامل على تعليقات ربى وسما، مبسوطة بدعاوي جدتها واحتفاء خالتها فائزة، وتتجاهل

كالعادة نظرات روان الحاقدة مع ان نظراتها اليوم زايده في حدتها.

بعد ما توزعت القهوة والحلا، دخلت خادمتين ويحملن تورته كبيرة وضعنها على الطاولة في الوسط

لتظهر للجميع، رسومات مبدعة بكريمة الفوندان على شكل دبلتين متداخلة مع كتابة: مبروك الملكة يا

أحلي عروس وفالك التوفيق يابنتي، أمك ام علي.

انصدمت ليال بحركة جدتها ما سوتها مع ديم ولا نهلة بعد ملكتهن، ابتسمت بحياء لأصوات التصفيق

والضحكات وصراخ ربى وسما الي سوو جو خرافي بتعليقهم وضحكهم.

سما ترفع إصبع تهديد لجدتها وهي تضحك: والله لو ما تسوين لي كذا يا ام علي شوفين من الحين

اقولك ما راح اعزمك لعرسي.

ام علي ضحكت: الا والله بسوي للضعيف الي ياخذك عزتي له نعوضه لو بكيكة.

روان بحقارة: لا سما ما راح نرضى الا بملكة حقيقية زي ديم ونهلة، ما راح نرضى بكيكة تسكيته.

ثلاث ازوج عيون التفت لها واخرستها، أمها وخالاتها، تمنت الأرض تنشق وتبلعها، خاصة مع نظرات

عزيزة المعاتبة ونظرات أمها المتوعدة، سرقت نظرة لليال الي فهمت معايرتها وتفاجأت فيها منزلة

راسها، اول مرة تعطيها ردة فعل غير البرود واللامبالاة.

ندمت وما عرفت كيف ترقع كلمتها حتى البنات تشاغلوا بالتصوير والضحك وتجاهلوا الجو الي انشحن

وتغير مساره.

فائزة قامت واخذت يد ليال: بنات سكروا جوالاتكم شوي ليول بتقطع الكيكة.

ابتسامة مجاملة ظهرت على شفتيها وهي تأخذ السكين وتقطع الكيكة، الالوان تحولت امام ناظريها الى

سواد وقتامة، القرحة الي نستها قليلا من وجعها سرقت منها بظلم جائر وغيرة عمياء، تسمع أصواتهم

وتبريكاتهم ولا تعيء الا كلمات روان كخربشة مؤذية تصفر بأذنيها وتخدش قلبها كنصل زجاج منكسر.

عادت الى مكانها، قبلت يد جدتها ورأسها تشكرها وجلست بهدوء وقد عادت الى عيناها نظرة الحزن

والضياع.

حسبت خمس دقائق ثم خرجت للمغاسل تحاول لملمة ذاتها وروحها المنكسرة، اخذت مناديل ومسحت

دموعها وهي تدعي ربها انها ترجع للبيت بسلام وما حد يدري بحرقة قلبها وقهرها.

: ليال؟

سمعت صوت جود، ناظرتها ليال بألم، وما حست الا بجود تحضنها وتبكي معها: لا تهمك الحقيرة طول

عمرها كلبة ومغرورة.

واساها كلام اختها قليلا وفرحت بإحساحسها، المرض يخليها تظن ظنون سيئة ناحيتها ومن ضمنها

علاقتها بروان.

بكت على كتفها، بعد مرضها تشعر أنها صارت أصغر من جود وأضعف من طفل دون مناعة.

سمعت همسة جود الحارة: الله ياخذها.

بعدت عنها ليال وقالت: تراها ما عيرتني بشيء كذب، امك مو بس حفلة ما سوت امك حتى التبريك ما

بركت لي ولا دعت لي.

رجعت دموعها تنزل بسرعة فسكتت وانشغلت بمسحهم وترتيب مكياجها ما تبغى يبين أثرهم لما ترجع

للمجلس، تنفست بعمق كذا مرة واستغفرت واستغفرت حتى شعرت بالسكينة والاطمئنان ترجع

لملامحها.

ابتسمت لجود وقالت: خل نرجع مهب زينة نقعد هنا.

روان كانت تتكلم مع نهلة وما حست الا بقرصة قوية من أمها الي جت وجلست جنبها، التفتت لامها

وقالت: أي ماما عورتين.

مها همست لها: ليت والله من كسر رأسك بعد.

روان فهمت سبب عصبيتها، حتى هي ندمت على كلامها كانت ناوية تتكلم مع أمها وتحاول معها ترجع

لأبوها لكن كلمتها جت بوقت غلط ونفت احتمالية سماع أمها لها، خاصة ان حتى خالاتها أخذن

بخاطرهن منها، تحرص على علاقتها معهم وكلمتها أكيد زعلتهم منها.

روان بضيق: والله ندمت يمة لا تزيدينها علي.

مها بتعجب: لا والله ندمت؟ خلاص أجل مهب لازم نضايق الأميرة النادمة.

تأففت روان وصدت، همست لها مها: شوفين يا حمارة.

رجعت تناظر أمها الي كملت بعصبية: قلتها لك دايم وما راح امل من قوله، الله يكفيك شرعقوبة اليتيم.

روان نزلت راسها بعدما داهمتها مشاعر مخيفة لم تشعر بها من قبل، معقولة الفترة ذي والتغير الي

بحياتها عقوبة ليال، والداها انفصلا وتفككت حياتها، أمها دائما زعلانة منها وما عاد لها نفس الغلا

والحب بقلب أمها مثل زمان.

دخلت ليال وجود ونادتهم ديم يجلسون معها ومع كلامها وسواليفها تناست ليال الي صار حتى نست

حضور محمد والأخبار اللي معه.


***
**

بعد العشاء بوقت دخلت الجدة ام علي لغرفتها ترتاح، ودخلوا بناتها معها، باقي البنات اجتمعوا

بالحديقة الخارجية يكملون سهرتهم.

دق تلفونها وكانت خالتها فائزة: ليال حبيبتي تعالي للمجلس الشعبي، محمد جاء يسلم على خالاته

ويسأل عنك.

ارتجف قلبها وكل خلية في جسمها كانها هي المذنبة وهي التي ستكشف بعد لحظات

بخطوات مرتجفه مشت لهم، خائفة مما سيحدث ومستحية من تواجدها مع محمد لأول مرة مع خالاتها،

جريء وخافت يحرجها عندهم، تذكرت نظراته لها وتغزله في المطعم وتمنت انها ما تأنقت لهذه

الدرجة، جايبة كل حيلها باللبس كتعويض عن شكلها ذاك اليوم، الان تندمت وتمنت انها اكتفت بلبس

بسيط وما بالغت.

دخلت عليهم، مها وعزيزة كانوا قاعدات جنب بعض ومحمد جالس بكرسي منفرد، سكتت أصواتهم بعد

سلامها.

بادرتها خالتها فائزة: وعليكم السلام، تعالي جنبي حبيبتي.

ابتسامة طلعت من قلب محمد لما شافها، لون الأصفر المطفي عليها مع جزمة ذهبية بكعب رفيع،

وشعرها الأسود الطويل بقصته المتناثرة عليها أعطاها طلة ساحرة، مكياج ناعم لعب بعقله وبدقات قلبه

الرصينة.

قام لها وليال ارتبكت لما قرب منها وعيونها بدت ترمش، سلم عليها وباس خدها بخده بسرعه ورجع

يجلس مكانه.

جلست جنب خالتها وارتاحت لما فائزة مدت يدها لخصرها وضمتها لها تقربها وتهمس: لا تخافين

حبيبتي.

ناظرتها ليال وحست انها تعرف بالي راح يقوله محمد وفعلا فائزة غمضت عيونها

كإجابة صامته.

تشاغل محمد بالحديث معهم بينما الأفكار تتقاذفها يمنة ويسرة، أمها مثل عادتها، صامتة وهادئة.

محمد أخيرا قال: فيه شيء بقوله وابي الكل يسمعن للأخير.

طالعوه خالاته بتساؤل، عزيزة رأت ليال تنزل راسها واخذتها الظنون والوساوس سالت بقلق: وش فيه

محمد؟

ما رد عليها قام وسكر باب المجلس وراه، بعدها طلع ورقتين من جيبه ثم قال: تعرفون الي صار قبل

شهر والرقم الي انرسل لخالتي عزيزة وفيه صور ليال.

عزيزة تضايقت لأقصاها من مقدمته، خافت على ليال لماذا يذكرهم إن لم يكن يمهد لشيء أعظم.

عزيزة: الله يهديك محمد شي صار وانتهى ليش نعيده؟

ناظرتها ليال بسخرية للحين مصدقة فيها وتعلن هالشيء قدامهم، محمد احتد صوته وهو يقول: لا مو

شي صار وانتهى يا خالة، وارجوكم لحد يقاطعني حتى اخلص كلامي.

تجاهل الضيق الي بان بوجهها، اليوم يوم اخذ حقوق وليس يوم مجاملات واحترام، أخذ نفس عميق

ينسق لكلامه: انا في البداية صدقت الرسايل وطلبت من واحد أعرفه بالاتصالات كشف بكامل مكالماتها

ورسايلها وما لقيت أي شي يشير لتواصلها مع هالرقم، قلت بقلبي اكيد معها شريحة ثانية تكلم فيها.

محمد كان يعرف الي يقوله ثقيل على ليال، اعترافه بشكه وتفتيشه وراها عند أمها وخالاته يؤلم حتى

لو كان معه حق، حاول يختصر وينهي: الله ألهمني اني افتش بالرقم نفسه الي ارسل لخالتي، وعرفت

كذا شي، اولا ان الرقم مثل ما كنت متوقع ماله اسم، كان باسم سواق ومسافر ديرته، الشيء الثاني ان

الصور جت للجوال برسالة وحدة، يعني مو على هيئة محادثات ومغا..

قطع كلمته لما حسها ما تليق بليال: الشيء الثالث والي يغث ان الصور هذي جت من رقم بنتك يا

خالة.... وكانت عيونه على مها.

مها ضحكت لما شافت عيونه عليها وسألته باستنكار: بنتي انا؟

محمد: ايه، الصور جاية للرقم المجهول من شريحة باسم روان فهد ال.. وهذي الاثباتات.

مد يدينه لمها بأوراق وكمل: مافي أي معلومة خاصة بليال لا محادثات ولا كلام

أساسا الرقم كله مافيه الا الصور اللي انرسلت له بوقت واحد من جوال بنتك وبعدين اعيد ارسالها من

جوال السواق لخالتي عزيزة مع إضافة الكلام الوقح والتهديد وحتى تصدقوني اخذت كشف أخير

بشريحة روان وفعلا طلعت الصور مرسلة منها لهذاك الرقم وبعدها الجوال تسكر.

مها ارتجفت يدينها وما قدرت تأخذ الأوراق منه، كلامه خنقها، كسرها وزلزل الأرض تحتها، مو معقول

الكلام الي يقوله مو معقول.

عزيزة ما كانت بأقل منها لكنها قدرت تمد يدها وتخطف الأوراق منه، قرأتها واستمرت تقرا وطال

صمتها وقراءتها، ليال حست انها تدور دليل ثاني يدينها وكأنها للحين مو مصدقة ببراءتها.

الكل انصدم وما علق، اولهم ليال الي كل شيء جاء ببالها الا انه يكون خطة من روان، ما توقعت الكرة

والغيرة وصل فيها للدرجة هذي.

مها قامت بتطلع لبنتها تهدد: والله لا اذبحها والله ما اخليها هالمرة.

اعترضتها فائزة معصبة: مجنونة تبين تفضحيننا، امي توها داخلة ما امداها تنام، ناديها هنا نتكلم معها

ونشوف وش وراها وليش سوت كذا.

محمد وقف ومشى ناحية ليال، كانت منزلة رأسها وما تناظر أحد من الموجودين مسك يدها ووقفها

جنبه، طالع خالاته وبصوت صارم مافيه حلم محمد وذرابة محمد: شوفوا وش وراها وإذا صور ليال

مرسلة لرقم او شخص ثاني والله ثم والله ما راح تلوم الا نفسها.

ليال طلعت معه صامتة مثل ما دخلت صامتة تاركين خلفهم ركام وفوضى مشاعر مبعثرة، احزان، ندم،

ومواجع ودموع.

***
**

رفعت هاتفها وناظرت عزيزة، وجهها كان مسود وكبت قوي باين عليها وقالت: انتم لا تقولون لها شي

انا بتكلم معها.

بهذه اللحظة ردت روان: هلا خالة.

فائزة بهدوء: تعالي روان عندنا حنا بالمجلس الشعبي.

روان قامت مستغربة منهم وش يبغون منها قبلها نادوا ليال والحين هي، مغصها بطنها خوفا من

معاتبتها، يكفيها تهزيء أمها وغضبها.

دخلت عليهم فزاد قلقها، خالتها عزيزة منزلة رأسها، وامها تناظرها بحدة فقط خالتها فائزة اللي

ابتسمت لها توجهت نحو أمها لتجلس لكن فايزة ربتت على الأريكة قربها: تعالي هنا.

جلست عندها كما طلبت وناظرتهم بتوجس، حتى ابتسامة خالتها مقتضبة ومتكلفة لم تكن مطمئنة ابدا،

تضايقت وزاد ندمها أضعاف عندما استشعرت غضب خالتها عزيزة اللي ما ناظرتها نهائي.

فائزة محتارة كيف تواجهها، عيونها تنطق بطفولة وبراءة عذبة تجعل الإنسان لا يصدق أن تصرف

خطير مثل هذا يصدر منها.

قالت مباشرة: الصور يا روان لمين ارسلتيهم؟

اتسعت عيون روان وبان لهم تفاجأها كأنها اخذت على حين غرة.

رمشت عيونها وسألتهم: اي صور خالة؟

مها: صور ليال يا كلبة.

ناظرت أمها بعدم تصديق بعدها رجعت لخالتها فائزة وضحكت: وش قاعدين تقولون؟

مها صرخت: تغابيك ذا ماراح يمشي علينا فاهمة.

فائزة عاتبت اختها: مها وش قلت؟

ولفت لروان: ماله داعي تنكرين، معنا كشف بكل الصور اللي ارسلتيها لرقم السواق

واحتد صوت فائزة الحليم وهي تضيف: روان الموضوع مو سهل ابد، صور ليال لمين أرسلتيها؟

روان وقفت: وش تخربطون انتم؟

أسرعت للباب، لكن مها اعترضت طريقها بصفعة خلتها ترجع عدة خطوات: والله ما تطلعين من هنا

الا جنازة يالخايسة، الشرهة علي ماخربك غيري.

انهارت روان بالبكاء، بكاء ما كان ينفك عنها الأيام الاخيرة، ابتعاد أمها ووجع فقدها واحتياجها، حالة

ابوها اللي كل يوم تزيد جنون وشراسة، وحشتها وجلوسها وحدها اغلب الوقت وسط قصر كبير

وخوفها من الخدم اللي حاقدين على ابوها والآن أكملها كف أمها وقسوتها، أمها.

وسط شهقاتها صرخت: ليش تضربينن وش سويت انا،

مها قاطعتها: انثبري.

مسكت يدها وجلستها غصب: قولي اشوف الصور ارسلتيها لمين؟

روان مالها وجه تطالع خالتها عزيزة، نظرت لخالتها فائزة برجاء وقالت: والله العظيم خالة مادري عن

وش تتكلمون.

هنا مها لم تتمالك نفسها وانهالت عليها بالضرب، ركضت لهم فائزة وفكت روان من يدها وصرخت

فيها: اتركي البنت مها انجنيتي.

روان خرجت وصوت بكاءها يهز مها ويذيبها، يدينها ترتجف ودموعها تسيل بقهر، تشعر انها الملامة

الوحيدة وهي الي أوصلت بنتها لهذا الجبروت واللئم.

كملت فائزة عتابها وهي تطلع خلف روان: الله يهديك.

مها التفتت لعزيزة محرجة وانصدمت لما رأت وجهها الاحمر ورأسها يميل بضعف على ذراع الاريكة.

***
**

طلعت منهم لغرفة الجلوس، اخذت عباءتها ولفت طرحتها ونزلتها على وجهها المليء بالدموع.

دخلت خالتها فائزة: وين رايحة؟

روان ماردت عليها وطلعت برا للشارع متجاهلة نداء خالتها، فائزة أسرعت ولبست عبايتها تلحق بها.

خافت عليها أين ستذهب؟ الوقت متاخر وسواقها غير موجود، خرجت تبحث عنها وما لقت اثر لها،

مشت تدورها وركضت لما رات سيارة سلمان توقف على الباب.

طرقت نافذته ففتح لها الباب ركبت وسألته: شفت احد بطريقك وانت جاي؟

رد عليها باستغراب وقلق: لا عسى ما شر ياعمة.

فائزة: اجل اكيد مشت من هالجهة امش سلمان تكفى اعلمك بعدين.

مشى سلمان وفعلا بعد لحظات وفي أحد المنعطفات ظهرت لهم روان تمشي وواضح على خطواتها

الاستعجال والخوف.

سلمان بغضب: من هذي اللي طالعة بهالوقت؟

فائزة: هذي روان وقف وقف.

روان ارتاعت لما رأت السيارة تقف عندها، نزلت خالتها وهدت مخاوفها.

فايزة بعصبية: وين رايحة انت؟

الصوت الوحيد اللي رد عليها صوت بكاءها، رحمتها فائزة وهدأت عصبيتها

وقالت: تعالي معي.

مسكت ذراعها لكن روان رفضت: بروح لبيتي.

فائزة تنهدت: وينك ووين بيتك الحين.

روان: دقيت على رفيق بيجي هنا.

فائزة رجعت تمسكها وتشدها للسيارة وبحنان: خلاص اركبي انا اوديك لبيتك.

وقبل ماتعترض دفعتها فائزة وركبتها وراء وركبت معاها.

خاطبت سلمان: سلمان روح الله يرضى عليك لبيت فهد.

كشر سلمان، المسافة لبيت فهد بعيدة وهو راجع من مكتبه تعبان ومتأخر وما يدور الا فراشه، وده

يقول روحوا مع السواق لكنه استحى يرد عمته.

مرت دقائق كان الصمت مسيطر على السيارة الا من صوت واطئ لبكاء روان الي رجعت تقول: والله

العظيم يا خالة مادري وش تتكلمون عنه.

قطع افكار فائزة كلام روان، احتارت تصدقها أو تكذبها، صوتها وحلفها ودموعها ونظراتها بالمجلس

كلها تقول بريئة، بالمقابل رقمها الموجود بالاوراق ونغزاتها الدائمة على ليال خاصة اليوم أسباب كافية

انها تكذبها.

طال صمت خالتها وعرفت انها ما صدقتها، مدت هاتفها لخالتها: شوفي جوالي وتأكدي والله العظيم

ماعمره صار فيه صوره وحده لليال.

اخذته فائزة من دون ماتفتحه كانت تفكر وغير قادرة توصل لجواب، فجأة سألتها: في بيننك وبين ولدي

محمد شي؟

اتسعت عيون روان: خالة وش تقولين؟

فائزة عرفت انها ما صاغت سؤالها زين، شكت بوجود مشاعر لروان تخص محمد خلتها تسوي كذا

لكن سؤالها أشرك محمد معها بشكل خاطيء، سكتت عن التحقيق معها بعد ما نتبهت لوجود سلمان،

لازم تجلس معها لوحدها وتسألها بوقت مناسب.

بعد نزول روان ركبت فائزة قدام، سلمان اول ما ربطت حزامها سألها: وش صاير؟

فائزة هزت رأسها لما تذكرت ضرب مها وبعصبية ردت: عماتك يغثن يا يدلعن يا يكسرن الراس

ماعندهن حل وسط.

قالت كذا وأسندت رأسها على الكرسي خلفها، سلمان شعر بضيقها فالتزم الصمت رغم الفضول الذي

يدور في راسه كطير ينقر وسط الخشب، عمته مها مكسرة رأس دلوعتها؟!!!!

من متى هذا التطور؟؟

**

لا إله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين.

**
انتهى..



شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 31-12-20, 02:24 AM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله

__

الجزء الثالث عشر.
__

طريق العودة كان صامت، لا يقطعه الا شهقة مكتومة تنغرز في قلبه قبل أن تخرج

منها، رفضت الذهاب لأي مكان غير بيتهم، وقفت السيارة عند الباب ولف ناحيتها: مفروض انت

اكثر وحدة مبسوطة باللي صار؟!!

حست انها خيبت امله وتضاعف قهرها وضيقتها، مالها أيام متملكة وزوجها بدل ما

ينشغل بأشياء حلوة، ينشغل بمرضها والدفاع عنها، مشاعرها بكل حدث يسير لها تنزل للقاع وما في

شيء يرفعها.

همست: آسفه.

محمد: أنا ما بيك تعتذرين ياليال، ابيك تفرحين ان ربي نصرك وصورتك الي

شووها ظلم رجعت مثل ما كانت نظيفة وجميلة.

استمر يتكلم عن الي صار وكيف تتعامل معه وتقاومه، ليال كانت تستمع اليه بكل

جوارحها، تشعر انه عندما يتحدث بطريقته البطيئة الواعية فإن كل الأصوات تختفي

من الوجود، ويبقى فقط صوته يسري في اعماقها.

التفتت نحوه وارخت رأسها على الكرسي تصغي بإنصات شديد لا تريد ان تضيع

حرفا ولا تريد لكلماته ان تتوقف.

لاحظ سكونها التام فقال: شكلك نمتي؟

ليال ابتسمت وبعفوية: لا بس أحب اسمع كلامك.

تفاجأ بجوابها، أعجبه واثار مشاعره ورضاه، يعرف انها تحتاجه وربما تمتن له، لكن ما توقع انها

معجبة بشيء غير وقفته معها ليس استنقاصا لنفسه ولا قلة ثقة فيها لكن بسبب مرضها، مشاعرها

متذبذبه، ويغلب عليها الظنون والوساوس والخوف.

ضحك يضيع تاثير صوتها الخادر عليه وقال: طيب انا أحب اسمع كلامك ليش ساكته؟

همسته المنخفضة صحتها وغمرتها بمشاعر حلوة غلبها الخجل، انتبهت انها وحدها معه بالسيارة

رفعت رأسها من الكرسي وضاع كل الكلام منها.

الجو بينهم تغير، رغم الإضاءة الخفيفة استطاعت تمييز عمق نظرته، نظرة تختلف عن نظراته السابقة

المليئة بالحنان، صدت عنه وأخيرا قالت: ما عندي شيء أقوله.

مصمم انه يخرجها من حالة الكتمان بأي وسيلة، لن تخف إذا استمرت على كتمانها، قال بطريقة غير

مباشرة: تتوقعين وش صار بعد ما طلعنا منهم؟

ليال: ما راح يصير شيء، دلوعة خالتي دمعتين منها وكم حلف وبيصدقونها.

قهره نبرة الحزن والخذلان بصوتها: والله وجه خالتي مها يقول غير، عاد تعرفينها خالتي مها وش

حليلها بس لا تعصب.

رفع رأسه لأنوار الشارع أمامه وكمل: أيا كان الي بيصير يا ليال، حنا معنا الله، وما ننتظر غيره ياخذ

حقنا.

ليال بإيمان عظيم: اكيد.

شدت على حقيبتها وقالت: تصبح على خير.

وقبل ما تنزل أضافت: مشكور محمد على كل شيء.

محمد ميز نبرة الإنكسار بصوتها لكنها نزلت قبل ما يرد أو هربت بالأصح.

ناظرها تدخل وهمس: الله يحفظك.


***
**

مها أسرعت وجلست قدام أختها، ومسكت ركبتها: ام ديم وشفيك يالغالية؟

فتحت عزيزة عيونها الحمراء، الندم يضرب بسياطه داخلها والدنيا كلها تزجر في وجهها: مافيني شي

يامها ابي اروح للبيت وارتاح.

مها قامت: امشي معي المستشفى، واضح ضغطك مرتفع.

عزيزة رفضت: لا بس وصلينا للبيت مالي خلق انتظر السواق.

مها مسحت دمعتها وبوجه أحمر من الحرج قالت: مادري وين اودي وجهي منك ومن ليال، سامحين يا

عزيزة.

تنهدت عزيزة: لا تلومين نفسك يامها انت مالك دخل باللي صار، انا السبب و

اختفى صوتها فقامت مها وأجبرتها على الذهاب للمستشفى، كان ضغطها مرتفع، وبعد ساعة رجعتا

لبيت أبو سلمان لأخذ جود الي كل ما سألت عن أمها قالوا لها انها عند محمد.


***

**

في بيت عزيزة قربت جود لأمها وقالت: يمه وش فيك وجهك تعبان.

عزيزة: شكلي استنكرت الاكل شوي.

جود سألتها مقهورة: سمعتي يمه وش قالت روان؟

هزت رأسها عزيزة وفكرت، لوعلمت هي أو ديم بما فعلت روان لقامت الدنيا فعلا عندهم، ستحرص

على عدم معرفتهم، لا فائدة من إثارة العدوات بين بناتها وبين روان، اختها مها هي التي ستتأثر

وتحزن.

أما روان ستجازى ان لم يكن اليوم فغدا، همها الآن بما ارتكبت أكبر من همومها بروان وأفعالها:

اطلعي يامي غرفتك تاخر الوقت.

جود: بمر ليال بشوف ليش رجعت بدري؟

عزيزة: اتركيها اكيد نايمة الوقت متأخر.

***
**

ليال دخلت غرفتها واتجهت مباشرة لمصلاها، صلت ركعتين شكر لله الذي نصرها واظهر حقيقة ظلمها،

شكر أن الرعب الي عاشته لأيام وليالي اختفى، وحقيقة إن شخص مريض يهدد بصور لها غير

صحيحة، شكر ثم شكر عميق لظهور محمد في حياتها الذي ساعدها بوقت تخلى عنها وخذلها أقرب

قريب.

استلقت بسريرها تفكر بهدوء للي صار وسؤال دائما يتبادر إلى ذهنها.

لماذا يعتدي الآخرون على غيرهم؟

ألا يخافون من ابتلاء وعقوبة من الله تصيبهم أو تصيب من يحبون؟

أرادت ان تفهم مالذي سيجنونه من بهتانهم والتاريخ مليء بقصص انتفام الهيه للظالم إما بمرض،

بفقر، بموت عاجل، بذرية شقية؟

لماذا يستقوي الضعيف على القوي، ألا يعلم أن هناك من هو اقوى منه؟

وأن دعوة المظلوم هي أسرع من كيده؟

لماذا فعلت روان مافعلت؟

سنوات تتسلط عليها، ماذا استفادت؟ عجزت تفهم هذا النوع من العقليات المريضة التي تزيد من

جبروتها وقسوتها كلما وجدت الفرصة مهيأة.

ابتسمت بتعب لما جاء محمد في بالها، ظهر في أوج وجعها ومرضها وخوفها،

وبفضل الله ثم بفضله تبدل كل شيء، الخوف والرعب وليالي المرض والقهر.

القى قنبلته على الجميع وأنقذها من اتهامات أمها وافتراءات روان.


أمها؟؟

رست افكارها على أمها وعجزت عن ابعادها، كانت تحاول جاهدة ان لا تفكر فيها

فهي تعرف ماذا يعني التفكير بها، تعرف أي جرح وألم ستصل اليه، وأي خيبة

ستحيطها وتغوص بها الى اعماق الكسر والكآبة.

استنشقت نفسا عميقا، واستغفرت بصدق ويقين هربًا من التفكير بها، لكن عندما تذكرت نظراتها

المدققه بحثًا عن خطا غير مرئي في الأوراق التي احضرها محمد حتى انهارت دموعها كسد قديم غلبته

التشققات والتصدعات ولم يعد يتحمل ضغط المياة الهادرة التي تحيط به.

تخيلتها الان تدافع عن روان وربما لاتزال تشك فيها، روان التي دائما تدافع عنها

في صغرها، تخطىء فتحلف أمها على خالتها بعدم معاقبتها فهم أطفال، لكن حين

تخطيء هي فتعالي يا روان لنأخذ حقك.

ربما تكون المشاكل تافهه وأحيانا العقاب لا يذكر لكن في عقل الطفل وقلبه فهي ظلم

مطلق، وفي عقل اليتيم هي قهر تام.

تحولت دموعها الى شهقات قوية، وشعرت بقلبها يغوص الى عذاب الحزن والكآبة

وحين تحيط بها الكآبة هكذا فانه لاشيء بيدها تستطيع فعله سوى الاستسلام للوجع،

ولا أي قوة تحررها وتخرجها من هذا الظلام سوى المسكنات التي تحتفظ بها أمها.

أغمضت عيناها بعد ان تعالت دقات قلبها وأصبحت تشعر بها تنبض بقسوة في

جميع عروقها، يديها رأسها صدرها، غاصت في المها أكثر وأكثر ولم تعد تستطيع

التحمل وغامت عيناها بين الوعي واللاوعي.


***

**

عزيزة للتو انتهت من صلاة الوتر وكما في كل ليلة بكت بتضرع لزوال هذه العين

التي تحرقها وتحرق كل مشاعرها القوية نحو ابنتها.

متعبة ولا قوة لديها للكلام مع ليال بغضبها وعتابها، استلقت في سريرها وقررت

أن تتكلم معها مطولا وتعتذر منها في الغد.

غفت عيناها ببطء دقيقة ثم استيقظت فزعة عندما تذكرت انها لم تعطي ليال علاجها.

كيف نست أمرا بهذا الأهمية؟

تعوذت من الشيطان، واخذت حبوبها من الدرج وعلبة ماء من ثلاجتها الصغيرة.

دخلت غرفتها بهدوء حتى لا تفزعها لكن الفزع كله صب في قلبها عندما سمعت

انات خافته تخرج منها.

كانت الأباجورة قرب السرير مفتوحة واستطاعت ان ترى وجه ليال الاحمر

والغارق بالعرق والوجع.

جلست ومدت يدها تضرب خدها بخفه: ليال، ليال ياقلبي.

لم تلقى ردا فاخذت منديل من الكومدينة ومسحت به وجه ليال وهي تناديها بخفوت

وحنان يتفطر من قلبها.

ثواني وفتحت ليال عيونها الغارقة بالدمع، وهن تمكن منها ولا تزال نبضات قلبها الثقيلة تؤلمها،

ولا تستطيع التحكم بشيء في جسمها.

حاولت عزيزة رفعها، لكن ليال أبعدت يديها، قوتها لم تمكنها الرجوع الى الخلف

فبكت: ابعدي.

عزيزة قربت أكثر، قاومت بإصرار محاولة ليال دفعها وحضنتها بقوة وهي تقول:

اهدي يابنتي، بسم الله عليك ياقلبي، بسم الله عليك.

عزيزة كانت أضعف منها، دموعها وعواطفها تسيرها بغير وعي او تحكم فتارة

تسمي عليها وتارة تناديها بكلمات الحب والحنان وأخيرًا بدت تقرأ عليها.

ليال كفت عن المقاومة وقلبها رحب بوجع وخيانة تسمية أمها وهمسات

القران التي تنفثها عليها ولم يبقى منها الا شهقات الدموع التي كانت تقطع قلب

عزيزة بلا رحمة ولا هوادة.

استمرت تقرأ عليها وتمسح على شعرها الملتصق بجبينها وعنقها، بعد لحظات

رفعت ليال رأسها وابتعدت قليلا عن صدر أمها.

: سمي ياقلبي

قطع افكارها صوت أمها تمد لها العلاج وعلبة الماء.

شربتهم ليال، ثم صدت تبحث عن مكان آمن تهرب فيه منها بعد ان اقتحمت

أوجاعها المختبئة خلف حصونها الضعيفة التي سرعان ما انهارت وهوت بها.

عزيزة منعتها: وين بتروحين؟

ليال: بطلع.

عزيزة حاولت تضمها لكن ليال صدتها: نامي الحين وبكرا يصير خير.

ليال: ماراح انام لين تطلعين.

حتى الجلوس أصبح صعبا عليها ليال رجعت تستند على السرير وكل ما تريده

خروج أمها لتنام.

نزلت دموع عزيزة وقالت: سامحين يامي.

اهتز صوتها بحشرجة ثقيلة وهي تكمل: قسم بالله اني اتمنى الموت ولا اني ضربتك، ما كنت بوعيي

غصب عن يابنتي....

قالت كذا ورجعت تضم ليال الى صدرها، ليال بعد تأسف أمها وكلمة الموت لانت قليلا واستسلمت رغما

عنها لأعتذار أمها وقد كرهت نفسها واحتياجها لها، كرهت قلبها الي يتلهف لكلمة وبسمة منها كيف

بضمة واحتواء، كرهت تلاعب أمها بها واستغلال ضعفها، لا تعلم أين ستصل لكنها تعلم جيدا ان غدا

سينتقض كل حنانها وستعود أسوأ وأشرس مما كانت.

***
**

شهر كامل مر كانه يوم، شهر عادت فيه الحياة إلى روتينها، عادت أيام الدراسة والدوام وعاد معها

الهدوء إلى البيوت والنفوس.

في غرفتها محبسها الآمن حيث لا تخرج إلا للمطبخ وتعود بعدها بسرعة لتحبس نفسها في غرفتها الى

اليوم التالي.حياتها انقلبت تماما، أمها ترفض تصديقها بل ترفض حتى الرد على مكالماتها، وأبوها

غرق في عالم مخيف وجديد عليها، عالم السكر والعربدة.

يمكث أغلب وقته في الصالة الفارغة يشرب طوال الليل ثم يضع جل غضبه على من يراه من خدم

وحراس، لايخرج للشركة الا قليلا ويعود منها أشد غضبا وجنونا يصرخ ويشتم.

هل هذا تأثير رحيل أمها عليه؟ أم أن هذه حقيقة طباع والدها ولم تكن تعلم؟

جدتها خرجت لبيت عمها إبراهيم وانقطع عماتها عن المجيء، لم يعد هناك زوار وضيوف.

تخشى الإختلاط بالخادمات والتحدث معهن، نظراتهن تحكي حقدا شرسا ورغبة لأذيتها بسبب معاملة

أبوها.

دخلت المطبخ في وقت باكر تجنبا للاحتكاك بالخادمات لكن ما هربت وجدته أمامها، خادمتين كانتا

يتذمران بصوت عال.

ببرود دخلت: good morning

ردت احداهن بهمهمة خافتة بينما ردت الأخرى: good morning miss

لا تثق في طلب شيء منهم خوفا على نفسها مما جعل المنزل يغوص في فوضى واهمال لعدم وجود من

يراقبهم ويأمرهم، أغلبهم رحل ومن ضمنهم المدبرة.

سريعا عملت لها قهوة سوداء عين منها على الجهاز وعينها الأخرى تراقب جينا الخادمة الأسيوية

والتي تقف على الفرن تنتظر غليان الإبريق.

رأتها تأخذ الابريق الصغير وتقترب بنظرات أخافتها، روان مسكت كوبها وصعدت هاربة الى غرفتها

ولم تهدأ حتى سمعت قفل الباب يغلق مرتين.

وضعت كوبها وقد فقدت شهيتها لشربه وعادت تمسك هاتفها ترن على أمها بإلحاح ودموعها هي

الصاحب الوحيد لها طيلة هذا الشهر.


***
**

عينها تتأمل الهاتف يعاود رنينه، وتصرخ رناته أصداء مدوية في قلبها تسترحمها لتجيب عليها لكن لا

تستطيع.

صدمتها بما فعللت أقوى من تعبها بفراقها وأقوى من كل الشوق الذي تحمله

لها، بسببها شيء جميل انكسر بينها وبين أختها وبناتها، صارت تخجل تزورهم مثل

أول وخصوصا بعد تحسن ليال.

استئجرت بيت صغيير طابق أرضي، قريب من بيت أخاها علي اوانشغلت بتأثيثه، وعزمت نيبتها على أ

اخذ روان بعد الإنتهاء منه.

كانت تريد معاقبتها ولم تكن تعلم حقيقة ماذا يحدث في بيت طليقها وأي خطر يحيط بابنتها وأي خوف

ورعب تعيشه.

انقطعت أفكارها بصوت جرس الباب فنهضت متثاقلة لتفتحه وهي تعلم من الطارق.

ابتسمت له بخمول، دخل سلمان وكان معه أغراض قائلا: هلا عمة، وشلونك بشرينا عنك.

مد لها الأكياس وقال: هذولي من أمي نورة.

سلمت عليه ودخلت معه في مجلس الضيوف المتواجد بمدخل البيت.

تأملت عيناه انحاء المجلس مفروش بأرائك نيلية ووسائد زيتية مخمل أعطت انسجام جميل وغريب،

في الزاوية كراتين تحف مغلقة وقريب منها على الأرض تحف وشموع لم توزع بعد على الطاولات.

رائحة الصبغة والخشب الجديد انتشرت في المكان وتداخلت مع روائح عطرية منعشه.

سلمان: ماشاء الله يا عمه ذوووقك فنان، عساك قضيتي؟

مها: الحمدلله بعد ما ركب المطبخ وغرفة النوم خلصت تقريبا الباقي أشياء بسيطة.

سلمان سكت شوي يتأمل فنجانه بعدين سأل بتردد: طيب وبنتك ياعمة، متى بتجي؟

مها استغربت سؤاله، وردت بقلق: قريب ان شاء الله، ليه تسأل؟

أجابها: سمعت من زملاء لي ان ابوها خسر الاستئناف بالقضايا المرفوعة عليه، أيام قليلة وبيصدر فيه

حكم واكيد حبس اذا ما سدد الديون الي عليه.

تنهدت مها براحة انزاح ثقل كبير عن كاهلها، مكالماته ترعبها وخاصة بعد انتقالها للسكن وحدها،

تشمئز بقوة عندما يكلمها وهو سكران وكأن أنفاسه النتنه تصل إليها عبر الهاتف.

محتارة ومتضايقة، جانب كبير منها يطالبها كل الوقت تجيبها وترجعها لحضنها،

وجانب آخر كل ما يتذكر خطأها الكبير ومرض ليال بسببها ووجهها عندما عايرتها

روان باخر اجتماع يخليها غصب تبي تأدبها وتعاقبها وتطلع كل الي صار لليال

بسببها.

رجعت تقول: بإذن الله قريب.

لاحظ سرحانها وشحوبها، تأثير غياب بنتها واضح عليها، ضحكتها ومزحها

ينقصهم روح وحيوية، الي بينهم شي كبير من ذيك الليلة الي خرجت فيها

روان من بيتهم تبكي، حاول يستدرج أمه للكلام وما كان عندها فكرة الا ان محمد

قعد معهم فترة طويلة.

كل الخيوط تعود لمحمد وليال لكن كيف؟

لايعلم.

بعدها انشغل بمكتبه وهمومه، وما تأكد منه مؤخرا أنساه كل شيء، الآن عاوده

الفضول وهو يرى حزن عمته، مالشيء الكبير الذي يمنعها من بنتها ويغضبها منها.


***
**

في أحد مولات الرياض الفخمة وقفت ليال بباب أحد المحلات تنتظر ديم تحاسب أغراضها، تأففت لما

شافتها وقالت: كل هذا تحاسبين، فظيع برودك ياختي.

ديم أيضا معصبة من انتظارها الطويل، ردت: ما شفتِ الطابور وش طوله، لو دارية اني بنطق كذا ما

وقفت عشان سليبر.

ليال: ابي افهم وين راحت أغراضك الي فريتي الرياض أشهر عشانها.

ديم شدتها لجهة السلالم الكهربائية: تكفين امش تأخرنا على اختك وش بيفكنا الحين.

جود كانت بجهة المطاعم طلبت لهم، وجلست تنتظرهم بأحد الطاولات، لما

شافتهم مقبلين قالت: وينكم تأخرتوا؟

ليال أخذت كيسة ديم الصغيرة منها وقالت: تخيلي وش الشيء العظيم الي أخرنلا؟

جود فتحت الكيس وطلعت السليبر، بانت الصدمة بعيونها: قولي والله، بس هذا الي اخذتوه؟

ديم سحبت السليبر المسكين منهم ورجعته كيسته وقالت: بحطه ببيت اهلي، واشوف وحده منكن ماده

رجلها تلبسه والله لا اقطعها.

جود رفعت يدها بعلامة رفض: عاد من زين الشكل، لو تعطينن ياه هدية ما قبلته.

ديم: هين حكيك تزوجت من هنا واستوليتوا على اغراضي من هنا اعرفكم انا.

ليال بإستفزاز: انا ما اخذت الا كتبك وتسمى استعارة حبيبتي.

ديم ناظرتها: لا والله كتبي وشواحني ولا تنسين بلايزي الي تكشخين فيها لجامعتك.

جود ضحكنت: خلاص فضحتينا عشان سليبر.

ليال ضحكت مع جود: كلهم كتابين وبلوزة واكلتني عليهم.

ديم سفتهن وبدت تاكل من وجبتها: والله لو اعطيكم مجال حتى وجبتي بتقطون فيها.

جود مدت شوكتها لسلطة ديم تذوقها، وديم بحركة تلقائية قربت لها الصحن وما كأن كلامهم السابق

ولجتهم تعني شيء.

دقايق ورن جوال ليال وكان محمد، انتظرت شوي بعدين ردت: هلا.

محمد بحميمية بطيئة: هلا وغلا.

ليال ضغطت شوكتها بقوة، تفوقت على ديم بالحياء والخجل، تتوقع من كثر ما ضحكت عليها صارت

اشد منها، ويمكن لان محمد جريء معها واطلع على خصوصيات كثيرة لها بوقت مبكر حتى من قبل ما

بصير زوجها.

محمد سمع أصوات الإزعاج عندها وسألها: وينك؟

ليال: بالمول مع ديم وجود.

محمد: أمممم كتت ابغى استشيرك بشي، بكلمك بعدين.

ليال: زين.

محمد كرر سؤاله الدايم على حسب الوقت: تغديتي اليوم؟

تخانقت دقات قلب ليال مع بعضها وهي ترد: ايه قاعدة اتعشى.

محمد: عوافي ياقلبي، انتبهي على نفسك.

ليال: ان شاء الله.

سكرت منه وكانت تحت مراقبة جود المكثفة: أقول ديم مو كان صوت ليال

صارعذب وأنثوي فجأة؟

ليال ناظرتها بغرور ورجعت تناظر ديم الي ردت: الانوثة حلوة ياختي.

جود: قصدك الزواج حلو والله،

ورفعت يدينها تكمل: يارب ترزقني واحد يشغل جوالي ليل ونهار.

ليال: ياخبلة يمكن يشغل جوالك نكد وهواش، قولي يارب ارزقني واحد يحبني ويسعدني مو يشغل

جوالي.

جود: يارب ارزقني واحد زي محمد وبس.

ديم ارتفعت ضحكتها، وليال ردت ببرود: آمين.

تعرف ان الرد على أي طقطقة بتخلي الشخص يستمر عليها لكن لما تبين انه الكلام عادي ومايهم

ماراح يستمر لان المتعة فيها زالت، أخذت خبرة من تجربة ديم الي كانت تستحي وتتضايق وكانوا جود

وسما مسوينها كوميديا الموسم.

***
**

عزيزة كانت في زيارة لأمها، خبرت خواتها لكن كل وحدة منهم تعذرت بانشغالها.

مع أم علي وأم سلمان وبناتها في مجلسهم الشعبي، أم علي متضايقة من انعزال مها

ببيت وحدها: قلتله تنتظر لين تجي العوبا بنتها بس رفضت.

كان هذا هو الموضوع المتداول من شهر، تذمر من خروج مها قبل رجوع روان وتذمر أم علي وأخوها

علي من قرارها.

رب ضارة نافعة، أمها حولت زعلها لأنها ما سوت ملكة ليال على مها الي رفضت

تنتظر لين بنتها تجي تسكن عندها.

عزيزة: كيفها يمه كبيرة وعاقلة وتعرف مصلحتها ماينخاف عليها، انت يمة روحي عندها لين تجي

بنته.

علي قاطعهم: لا يا ام ديم امي ما تطلع من بيتها، تزوركم يوم يومين أسبوع على راحتها بس اكثر امي

بتتعب وانا ماقدر على بعد اميمتي عني.

ام علي ناظرته بتأثر: الله ما يخلين منك يا جنيني.

ربى بابتسامة مايلة: امممممممممم ليت اسمع هالكلام منك يبه، ياسلام لو تقول ما تقدر على بعدي

علي: انت ان شاء الله اول ما تتزوج نهيل بلحقك إياها يا بزوج يا بقبر،

وهو يكمل كانت ربى تتف على نفسها منفجعة من كلامه: ما غير ناشبتن لي مع امي ومرتي...

عزيزة تحاول تقنع أمها: طيب، يمه روحي لها لو أسبوع مثل ما قال علي، ساكنة من أسبوع

ومازرتيها تراها متضايقة .

أم علي قلبت فمها بتكشيره: يسير خير.

عزيزة ناظرت الساعة وكانت بتتم عشر، قامت وقالت: يالله يمدين بامر البنات بالمول يالله تمسون على

خير.

دنت تقبل رأس أمها وهي تقول بصدق: الله يخليك لنا يمه ويرزقنا رضاك.

انصدمت لما أمها ردت: لو انتس صادقة تبين رضاي كان ما كسرتٍ بخاطر اليتيمة بنتس، لا تحسبيني

نسيت، لو ما سويتي لديم كان والله ماهمن بس كل ماتذكر انهن نفس الخوات واللإخوان وتسوين

لوحدة ووحدة لا يرتفع ضغطي.

مع أمها مافي اقتناع لها شهر تراضيها وكل مرة تلقى نفس العتاب، لبست طرحتها وهي تقول: ليال

بعوضها بزواج مو بس أهل محمد يحكون فيه كل الرياض تحكي فيه ان شاء الله، وبتكونين راضية

يمه.

كان رد امها تكشيرة جعلت عزيزة تقول: ليتك تحبيني مثلها يمه.

ربى رجعت تشاركهم: والله صادقة يا عمة ليال اخذت حب امي نورة مننا كلنا،،،،

وطالعت ابوها: عشان كذا ما تبي جدتي تروح لببيت عماتي، حتى انت تغار من ليال يبه.

أبو سلمان طالعها يهز رأسه بإبتسامة متململه، الليل ينتهي وربى ما ينتهي جدالها،

عزيزة ابتسمت لها بود، البنت ذي روحها تختلف عن الكل، الكل يثبرها ومع ذلك نضالها مستمر،

سلمت عليهم وطلعت.

***
**

مها بعد ما أخبرها سلمان سبب مجيئه، فجأة خطرت ببالها فكرة غريبة جدا لكن غرابتها مامنعتها من

تنفيذها والقاء السؤال عليه: أقول سلمان انت للحين جازم على نيتك؟

سلمان كان بيقوم بس رجع يجلس وناظر عمته باستفهام: وش نيته عمه؟

مها: زواجك.

سلمان ابتسم لها: ناوي بالثلاث ان شاء الله.

مها: وعبير؟

استغرب من أسئلة عمته وحب يقطع عليها: اذا عندك نصيحة يا عمه

وفريها، انا ابخص بنفسي، وعبير اذا بتكمل معي ماقصرت عليها وما راح اقصر

واذا ماعجبها الوضع الله يحفظها.

رجعت مها تسأله: وولدكم اللي جاي؟

سلمان بابتسامة: الله يهديك ياعمة، هذاك بالرغم من حب بنتك تطلقتي، انا بحدد طريقي من الأول،

عطيتها اكثر من فرصة حتى تعدل نفسها وما عندها نيه، هي حرة وانا بعد حر.

في الحقيقة مها ما تلومه حتى بعد ما صارت عبير تخالطهم أنفها دائما فوق وكلامها

سطحي، تذكرها كثير بخوات زوجها لما تتعالى على اشكال الناس وهيئاتهم

بكلامها، جميلة وأنيقة لكن صحيح الكلام يشوه الانسان اذا خالطه الكبر وشوفة

الناس.

سلمان: ونا الي فكرتك بتساعديني وعندك مرشحات للمزيون الي قدامك.

مها ما ردت عليه، سلمان قام: يالله ياعمه بترخص، تامرين على شيء؟

وصل للباب ووقف لما وصله صوت عمته: من قال ما بي اساعدك، عندي لك

مزيونه وموافقتها بعد مضمونه.

رجع لمكانه وهو يقول: هذا الكلام اللي يوسع الصدر، من هي ياعمة؟

مها مباشرة: بنتي روان.


***
**

خلصوا البنات وجباتهم ونزلوا يتمشون بين المحلات ويعلقون عند كل ماركة

ومحل، رن هاتف ديم وكانت أمها.

ديم: يالله امي تقول شوي وتوصل، خل نطلع ننتظرها برا.

جود: ترا محل سليبرك بطريقنا كان تبين ترجعينه مو مشكلة باقي معنا خمس دقايق.

ديم ضمت الكيس لها وقالت: انا مايقهرن الا ان ما حد راح يقطعه غيرك.

كانوا يمشون ويتلاغون، وتأخرت عنهم ليال الي استلمت رسالة من رقم غريب

وانشغلت فيها: مرحبا ليال، أقدر ادق عليك؟

استغربت من هذا الرقم اللي يعرفها، تجاهلتها وأسرعت تمشي قرب خواتها.

انتظروا دقائق برا وبعدها وقفت سيارتهم، سلموا على أمهم، عزيزة: وش أخبار طلعتكم.

جود: رهيبة يمه ليتك معنا.

ديم: بس تلفت من المشي.

دق تلفون ليال، ولما طلعته كان نفس الرقم الغريب، قفلته وما ردت، سألتها ديم: من؟

ليال: مادري شكله غلطان.

عزيزة: طيب ردي يمكن أحد يبغاك ضروري.

ليال تدري انه شخص يعرفها من رسالته لكن ما تبي ترد لين تكون بغرفتها، ما تدري ليه خافت ردت

على أمها: إذا دق ثانية رديت.

دق ثانية وثالثة ولا ردت، عزيزة تجاهلت بالرغم من قلقها من شخصية المتصل اللحوح، مر شهر

ووضع ليال بالكاد يتحسن، تجلس معهم، وتتكلم وتضحك، لكن دائما تنتكس فجاة، مرة

تخاف، وأحيانا كثيرة تتضايق وتظل ساكتة طول يومها، أعراضها هذي شرحتها لهم الدكتورة

قبل كمؤثرات جانبية للدواء الي تشربه.

***
**

سلمان دخل غرفته ورأسه مليء بالحيرة والتفكير، فسخ شماغه وقعد بجلسته في صالته الصغيرة،

بحث عن أثر لعبير وما لقاها، رفع تلفونه ودق عليها.

عبير: اهلين.

تناهى لسمعه أصوات أغاني وضحكات سخيفة دائما يسمعها ويكرهها، بهدوء سألها: وينك؟

عبير بغنج: طالعة مع خواتي.

سلمان: ما شاء الله ومن سمح لك؟

ضحكتها الفجه أشعلت النار بعروقه: والله من خمس سنين ونا أسمح لنفسي حبيبي.

سلمان: أجل خلي نفسك نتفعك.

عبير خافت لما ميزت الغضب والتهديد بصوته، تعرف انها تتجاوز حدودها معاه لكن ما تقدر تمشي

على رغباته، وتتنازل عن رغباتها لأجله.

حاولت تتصنع الجدية شوي: الله يهديك سلمان وش اسوي انتظرت كل اليوم ولما تاخرت مليت وطلعت،

انت دايم مشغول.

أعذارها الجديدة، شغله وابتعاده عن البيت، مع انه حين يعود باكرا يلقاها نائمة أو توها صاحية من

النوم ومعصبة وتتشاجر مع ظلها، الروقان والضحك يجيء آخر الليل مع أهلها وصديقاتها، يستغرب

تمسكها فيه، وهي كل شيء ببيتهم ما يعجبها من أمه لحتى شغالتهم.

ما رد وسكر السماعة بوجهها، ورجع الكلام الي دار بينه وبين عمته لذاكرته، كانت ردة فعله استنكار

أقرب للفزع وهو يكرر: بنتك؟

مها دارت جرحها من رفضه الواضح بضحكة: ايه بنتي اضنك تعرف المثل الي يقول اخطب لبنتك قبل

ما تخطب لولدك.

سلمان دارت عيونه بالمجلس يفكر كيف يرفض من غير ما يجرحها، لكن مها فهمت عليه، وعطته

فرصة يتهرب من عرضها بدون حرج لكليهم: لا تستعجل بالرد، فكر وصل استخارة، اذا حسيت براحة

الله يكتب الخيرة وإذا ما رتحت ترا مافي شي يزعل والله يكتب لكل واحد منكم واحد النصيب الي يسعده.

سكتت تفكر بالي سوته، صعب عليها تعرض بنتها على شخص متزوج ويرفضها، لكن سلمان بنجاحه

وحلمه وقوة شخصيته يعتبر فرصة رائعة لروان وما تتعوض، هو الوحيد الي بيقدر على بنتها

ويتحملها.

رجع سلمان لواقعه، تأمل جواله وهز رأسه يطرد الفكرة منه، لا لا لا إذا عبير عاصية ومغرورة فروان

ملكة الغرور والكبر، وضف على كذا بنت الكريه فهد،

لا يمكن يلدغ مره ثانية من نفس الجحر، عمتة بتتفهم رفضه لكن بيصلي استخارة إرضاء لعمته حين

يخبرها أنه استخار وما ارتاح.

***
**

ركبت السيارة وأعطت السائق العنوان، لازم تسوي كل ما بوسعها حتى لو اضطرت أن تقبل يدها

وقدمها.

سألت الخادمة التي فتحت لها الباب عنها فأخبرتها أنها في الحديقة.

مشت بخطوات مرتجفة للحديقة، لمحتها من نافذتهم الزجاجية المطل على الحديقة،

كانت تقرا كتاب وتخطط بقلم معها.

بهدوء خرجت من الباب الزجاجي ووقفت تنتظر أن تنتبه لها.

ليال لما سمعت صوت الباب رفعت رأسها واتسعت عيونها بصدمة عندما رأتها.

**

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

***
انتهى.

شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 03:08 PM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




بسم الله
____

الفصل الرابع عشر.
____

وضعت كتابها على الطاولة تنظر إليها ببرود وتساؤل، مالذي أتى بها؟

ماذا تريد؟

كيف أتتها الجرأة حتى تظهر أمامها؟

قطع تسؤلاتها صوت روان المرتجف: ممكن اجلس شوي؟

ليال كانت ستنهض لكن استوقفها شعور بالفضول حول ماتريد، أشارت بعينها إلى الأريكة أمامها

فجلست.

مضى وقت ليس بالقليل كلاهما صامتتان، ليال تنظر اليها وروان تنظر الى الطاولة المستطيلة أمامها.

ليال: جاية تناظرين الطاولة؟

رفعت روان رأسها وقالت: ما رديتي علي وجيت.

ليال: أنت الي كنت تدقين امس؟

أخفت دهشتها وأضافت: كان قلت انه انت ووفرتي على نفسك عنوة المشوار.

كان واضح أن ليال لن تسهل عليها هذه الزيارة من نظراتها وتجعيدة وجهها، وهذا ما جعلها تتردد

وتصمت، خائفة وداخلها يرتجف.

ماذا كانت نتتظر، بالـتأكيد الترحيب لم يكن ضمن التوقعات، تنهدت واستجمعت شجاعتها: جيت اعتذر

منك.

ابتسمت ليال ووضعت يدها تحت خدها تهز راسها، روان تجاهلت سخريتها وأضافت ببساطة: ابغاك

تسامحيني.

أفلتت من ليال ضحكة عميقة نست متى ضحكت مثلها، لكن ضحكتها لم تكن من أجل شيء ممتع بل من

قهرها: يا حلوك يا روان، استغرب وشلون البراءة تطلع من وحدة لها مثل قلبك، وشتبين بعد، امري

طال عمرك.

هذه المرة كانت الإجابة دموع روان، دموع كانت من العمق والوجع بحيث جعلت الضحكة تختفي من فم

ليال.

حتى الدموع لها أشكال مختلفة منها ما يكون تمثيلا ومنها ما يكون عابرا ومنها دموع الفرح، ومنها ما

تخرج من عروق القلب بحيث تحتار فيها هل هي دموع أم دماء.

دموع روان كانت من النوع الأخير، دموع تعرفها ليال جيدا وتعرف كيف وقعها على القلب قبل الوجه.

اختلطت الكلمات مع الشهقات على لسان روان: أمي لها شهر زعلانة وما ترد علي، ما ما

سويت شي، والله العظيم مو انا الي ارسل صورك بس رافضة تصدقني.

ليال: أجل ليه تعتذرين اذا مو انت؟

ناظرتها روان بعدين صدت تعترف: اعتذر عن قبل، كنت دايم اعيرك واتريق عليك، ما كنت اعرف اثر

كلامي، الحين اصرت عرف أثره وأعرف إني اتعاقب بسببه، امي امي...

شهقات قطعت كلامها، ليال كانت تفهم عليها بالرغم من تقطع كلماتها، صمتت معها بدون أي تفاعل او

شعور، فقط ضيقة عميقة.

روان: بالليل ما انام من الخوف، الشغالات معصبات كثير من ابوي واخاف يوذوني، افقد امي ياليال،

ماتعودت على غيابها، ادري هذا عقاب لي من ربي، عشان كذا صدقين انا أحس اضعاف الي كنت

تحسين فيه.

قاطعتها ليال: لا تفتين على كيفك، يبي لك سنين حتى تحسين بجزء من الي كنت أحس فيه.

روان خافت من الدمعة النازلة من ليال أكثر من حدة كلامها: صادقة، انا اسفة ما يحس بالنار الا

واطيها.

ليال كملت: اذا على خالتي لا تخافين فترة وتعدي تحبك وتغليك على الدنيا كلها بس ليتك تقدرين قيمة

هالشيء.

روان هزت رأسها: لا ياليال، امي متغيرة علي من قبل الي صار، صارت تكرهني وتضربني، خا خايفة

تصير مثل خالتي عزيزة.

روان كانت غارقة بوجعها تتكلم وتبكي ببراءة ومانتبهت لقوة ومعنى كلامها الي تقوله لليال، تعيد

عليها نفس الكلام الي تعتذر منه.

ليال اختنقت من كلامها ومعناه الي يقول، أخاف امي تكرهني مثل ما أمك تكرهك.

وبسكون اثارته كلماتها: طيب وش تبين من؟

روان: سامحين وقولي لامي انك سامحتين، هي تغليك واذا عرفت انك سامحتين بتلين، بترد علي،

وغرقت بدموعها وسكتت، لكن بالرغم من دموعها ليال قلبها تحجر وزاده كلامها قبل لحظات، ردت:

بس انا ما سامحتك ولا راح اسامحك، شفت دموعك هذي يا ما ليالي بكيت مثلها بسببك، واخرتها

تحريضك لامي بالرسايل والصور.

روان: اقسم بالله ياليال انه مو انا الي أرسلت الصور، ليال اعترف يمكن كنت اكرهك واغار منك بس لا

يمكن اضرك كذا، اقسم لك، حتى جيبي المصحف احلف عليه اذا ما صدقتين..

مدت يدها تمسح دموعها: انا انظلمت مثلك ليال، أنت عرفوا انك مظلومة لكن انا من وين بيعرفون،

مافي احد بيدافع عن وكل شيء ثابت علي، الظلم يقهر يا ليال تكفين سامحين.

ناظرت بعيون ليال وكان فيها سخرية وعدم تصديق، روان حست نفسها تصعد جبل ماله قمة ولا نهاية،

جبل فوق سماه نسور تراقبها وتنتظر سقوطها للإنقضاض الأخير، تكبرها على الغير خلى الجميع

يكرهها ويصدق فيها، خلى أحن قلب يتخلى عنها وينبذها، ابتليت بنفس البلاء الي سنين كانت تتشمت

فيه من ليال.

انكسرت عينها من قسوة ليال الي رجعت تمسك كتابها، وقامت بعد ما فقدت الأمل منها، وفقدت الأمل

من كل شيء.

***
**

دخلت البيت تجر أقدامها يئس وخيبة، ما توقعت ليال تردها، كان عندها يقين انها بتفزع لها

وبتساعدها، ما تدري ليه توقعت كذا، من سكوتها الدائم ظنتها بترحمها وتشفق عليها.

تطلب رحمة ليال وتترجى مساعدتها؟

لا تعلم هل هذا قمة قسوة الدنيا ام أنه قمة عدلها؟

: وينك فيه يابنتي؟

التفتت بكل الحب لهذا الصوت الي اشتاقت له من زمان، أسرعت لها وقبلت رأسها ويدينها وقالت

بعتاب: انت الي وينك يمه؟

جدتها حركت عصاها وبان بوجهها الضيق: عمك رفض اقعد، شفت حالة ابوك ماتحملت اشوفه كذا،

حسبي الله على الي كان السبب.

روان تضايقت من تلميحها: انت امه وما تحملت أسبوع تقعدين عنده، ليش تلومين امي؟

جدتها ما عجبها دفاعها لكنها ما علقت، دقائق ودخل عمها ابراهيم، استغربت وحست من ملامح وجهه

وهو يسلم عليها بشيء صاير: وشلونك يا بنتي؟

سألها بلهجة حانية وودودة، دائما هذي صفاته انسان رحوم ومتواضع، تناقض تام بينه وبين أبيها.

مسح لحيته بيده اللي بالرغم من طولها إلا إنها مجملة وجهه ومعطيته وقار وهيبة، أصغر من أبوها

بسنين ومع ذلك كأنه أكبر بثقل تصرفاته وكلامه، طالع جدتها وسألها: علمتيها يمه؟

روان حست بقلبها يخرج من قوة دقاته، عن ماذا تخبرها؟ ماذا بقى ليحدث لها؟

سألت عمها: عم وش فيه؟

عمها طالع عيونها المرعوبة وملئته الرحمة تجاهها، حاول بلطف يخفف ما سيقول: مافي شيء يا

بنتي، ابوك طالبينه بالمحكمة،

سكت وتنحنح بصعوبة ثم كمل: الحين هو ممسوك، أيام ان شاء الله ويطلع.

امتلئت عيونها بالدموع، طالعت جدتها وكانت تبكي مثلها، أبوها، أبوها الغالي مسجون؟

جدتها: قومي يابنتي جيبي ثيابك وكتبك واغراضك المهمة بنروح بيت عمك.

شعرت بالقوة تنسحب من كل جسمها فقط دموعها التي كانت تخرج كردة فعل غيره مافي، حتى صوتها

عجزت تنطق بحرف.

بهدوء وانصياع نهضت، لم يعد لها من الأمر شيء، تشعر أنها تساق لأحداث فوق استيعابها، كانت

تظن أن بإمكانها التحرك وتغيير ما يحدث، لكن بعد طلاق أمها وسجن أباها عرفت أنها أضعف من

تغيير فكرة كيف بقدر وحياة.

دخلت غرفة ملابسها، سحبت شنطتها الكبيرة ووضعت أغراضها كيف كانت، أخذت شنط أخرى من

نفس الطقم ووضعت كتبها وحاجياتها الخاصة.

عبرت صالة العلوية وشاهدت جلستهم هي وامها، كم سهرن ليالي مع بعض،

أبوها دائما غير موجود، كانت مكتفية جدا بأمها ولم يكن يهمها عدم وجود أخوات او صديقات، أمها

التي لطالما انتقدتها وتأففت من نصائحها واعتقاداتها كانت لها حياة وسعادة وأنس.

جاء عمها وحمل عنها الحقائب ونزلت مع جدتها الى حياة جديدة تختلف تماما عما اعتادته.


***
**

طرقات خفيفة على الباب ميزتها عزيزة واستغربت من صاحبتها، لكل بنت من بناتها طرقة تميزها،

جود عديمة الصبر طرقة واحدة وتدخل بعدها سواء أذن لها او لم يؤذن.

ديم تنتظر قليلا وتدخل، أما ليال فإنها لا تدخل حتى يؤذن لها وحضورها لغرفة أمها نادر.

عزيزة: ادخلي ليال.

ليال دخلت وفي وجهها تساؤل لكنها ما قالت شيء، عزيزة الضيقة حضرتها كالعادة، لها أشهر بالرقية

وما تلاحظ انها تغيرت الا بشيء واحد مهون عليها وهو أعصابها التي كانت تثور بسبب وبدون

أصحبت هادئة ومسيطر عليها، ومشاعرها نحوها يغلبها الخوف أكثر والقلق.

ليال جلست على كرسي قريب من سرير أمها الي كانت ماسكة كتاب تقرأ منه.

قالت: اليوم جت روان.

أمها ركزت نظراتها وباستغراب كررت: روان؟

ليال هزت رأسها إيجابا: هي اللي تدق امس ولما مارديت جت.

عزيزة: وشتبي؟

اجفلت من حدة أمها بالرغم من تغيرها الكامل معها الا انها لا تزال تخاف منها، في أعماقها رست

مخاوفها وكبلت بأصفاد غليظة صلبة مهما حاولت الخروج غاصت بها مرة اخرى الى الأعماق.

ليال: تبغاني اسامحها.

ظهر الغضب بوجه عزيزة وقالت: يعني تعترف الحيوانة.

ليال: لا تبغاني اسامحها عن أشياء قديمة.

عزيزة: وش هالاشياء القديمة؟

ليال تجاهلت سؤالها وكملت: تقول خالتي من شهر زعلانه وما ترد عليها وطلبت اسامحها وأقول

لخالتي اني سامحتها، على كلامها خالتي بترضى عليها.

عزيزة رحبت بانفتاح الحديث مع ليال عن الي صار ورأت فيه فرصة لمناقشة مواضيع محظورة

عندها، أولها افتراء روان، وآخرها ما علمته للتو من كلمة" أشياء قديمة".

ليال بعد اعتذار عزيزة منها، أغلقت على نفسها مرة أخرى، وعجزت الدكتورة عن التحدث معها،

وحتى محمد، أسرارها فقط مع سارة التي هي ايضا صندوق محكم الاغلاق، وهذا ما يقلق عزيزة لان

كبتها لن يفيد في تشافيها، وستظل رواسب ما حدث لطخة سوداء في ذاكرتها.

عزيزة: سامحيها يابنتي.

ليال: ماراح اسامحها ابد لكن خالتي ما تستاهل، اعرف انها متضايقة من الي صار، عشان كذا بقول

لها اني سامحتها، عشان خالتي مو عشانها.

عزيزة بضيق: صادقة، مها من يوم الي صار ما زارتنا الا مرتين وغصب، واذا شفتها عند امي دايما

متضايقة وسرحانه مو مها اللي اعرفها، علاقتي باختي بتخرب بسببكم.

ليال ماصدقت اذنها، التفتت لامها مصدومة وبلا شعور: الحين صرت انا السبب وتشركيني معها

بالخطأ.

عزيزة انتبهت لغلطتها، لم تكن تقصد لوم ليال: انا قصدي..

ليال: عارفة وش تقصدين، مهما سويت ما راح تشوفين من شيء؟

مسحت دمعة نزلت منها وكملت: ماعليه، انا جيت عشان اقولك تكلمين خالتي لاني ماعرف وش أقول

لها، يالله عن اذنك.

خرجت وعزيزة مصدومة اكثر منها، فعلا لا تعرف كيف خرجت منها هذه الكلمة؟ وكيف دخل بينهم

سوء الظن، فرصة الحديث الي فرحت بها تحولت بسبب غلطة غير مقصودة لكلام يجرح ويقهر.



***
**

للتو انتهى من تركيب تمديدات المكيف الصحراوي في حديقة منزله، أكثر من أسبوع وهو مشغول بهذه

الحديقة، وضع فيها جلسة خشبية لعلها تضيف شيئا يسعد سارة ويغير جوها عن داخل المنزل، جلس

على الأريكة الخشبية يتامل صيص الزهور الخلابة فوق طاولة الخشب المربعة، هبت عليه نسمات

المكيف الصحراوي الموضوع في زاوية الجلسة لكنها لم تخفف عنه حرارة الضيق الذي يشعر به

ويداهمه من شاركته سارة طلبها بوضع جلسة نفس تلك الموجودة في حديقة بيت خالتها عزيزة.

قالت له: بصورها لك يبه وانت شفها.

عبد الله: لا تصورين السوق مليان، نروح لساكو وبنلقى شي يعجبك.

سارة: لا يبه ابي خشب نفس موديلها، هم مفصلينها عند...

عبد الله: زين، بعد يومين بفضى نمر معرضهم ونفصل اللي تبين.

لكن سارة أرادت إقناعه أكثر، وعندما زارت ليال استأذنت منها تصور جلستهم وليال سمحت لها، والي

فهمه عبد الله من الفيديو الي وصله ان سارة كانت تصور، وخرجت عليها وحدة فوضعت هاتفها على

الطاولة بدون ما تسكر الكاميرا.

:هلا هلا سوسو ايش المفاجأة الحلوة؟

سارة: هلا خالتو، كيفك؟

عبد الله كان يتابع الأصوات من خلال الشاشة السوداء المقلوبة على الطاولة وما كان يدري باللي راح

يصير، ثواني وارتفعت الكاميرا وطلعت له وحد منزلة راسها جالسة تطالع هاتفها وتبتسم، شعرها

القصير نازل على وجهها ومعطيها طلة حلوة، فجأة رفعت رأسها ونفس الإبتسامة الساحرة ظهرت على

وجهها وهي تمد جوالها لسارة وقالت: سوسو شوفي الخبلة هذي وش تسوي.

سارة فجاة هتفت: يووووووووووه.

وانقطع التصوير بعدها وسارة بدل ما تحذف المشهد ارسلته كامل لأبوها.

عبد الله منذ ذلك اليوم وكأن صخرة سقطت على بحيرته وحركت مياهه الراكدة، حذف المقطع من

لحظتها لكن ابتسامتها لم تغب عن باله، أصبح يستيقض على اشراقة بسمتها لا على اشراقة الشمس

وينام على اسبال عينيها النجلاوين وسحر الدفء فيهما.

معقولة هذي ام ليال، جميلة وعمرها لا يبين، لا لا هذي ليال نفسها، لكن واضح انها أكبر عمرا من

ابنته، مو معقول تكون ليال ربما اختها الكبيرة، ايضا لا لانه سمع سارة تناديها "خالة" وسارة تنادي

خوات صديقتها بأسمائهم.

شاغلته هذه الأسئلة طيلة الإسبوع، حاول يسئل سارة ولم يجد لحظة مناسبة يسئلها

ويستفسر كما يريد.

اقتربت سارة ومعها صينية القهوة، مدت له فنجان وتنفست بانتعاش وهي تقول: شفت يبه يوم اقولك

الجلسة بالحوش ترد الروح، وش رايك فيها؟

ما رد عليها، اندهشت ورجعت تسأله: يبه وراك ما عجبتك الجلسة؟

عبد الله انتهزسؤالها وبتكشيره نادرا ما تظهر لها قال: ممتازة، بس مب قلتلتك لا تصورين.

سارة: عادي يبه كلها صورتين واستأذنت ليال عليهم.

عبد الله: والفيديو الي ارسلتيه وشو؟

اتسعت عيونها مصدومة: أي فيديو انا ما أرسلت الا صور.

متاكدة أنها حذفت المقطع كيف وصل إليه، وبسرعة التقطت هاتفها وفتحت رسائلها المرسلة له وكم

كانت صدمتها كبيرة لما وجدت المقطع مرسل بين الصور، قالت: يوووه وشلون انرسل، متأكدة اني

حاذفته، ياربي ياويلي من مها.

المعلومة الأولى سجلها عقله اسمها مها.

المعلومة الثانية سجلها قلبه فعلا مها.

عبد الله: شفت لما احذرك من التصوير هذا الي أخاف منه.

سارة: يبه والله العظيم ما كنت أدرى، سلمت عليها وحطيت الجوال على الطاولة ونسيت اسكر الكاميرا

رفعت جوالي وشفتها بالكاميرا وأول ماانتبهت ان الكاميرا تسجل سكرتها وحذفته، وشلون انرسلت لك

ما ادري.

كملت والدمعة بعينها: ياربي، لو تدري مها اكيد بتزعل.

عبد الله رد بلهجة ثقيلة: مو بس هي، لو يدري زوجها ان صور زوجته انرسلت لرجل غريب بتصير

مشاكل ماتنتهي.

سارة ببراءة: بس خاله مها مو متزوجة يبه، متطلقة.

فجاة أصبح هواء التكييف باردا واختفت حرارة الجو الخانقة، هواء جميل هب على صحراء قلبه التي

احرقتها شمس الجفاف، شعر انه سينكشف أمام بنته اذا ظل على سكونه، التفت عليها: وشلون مطلقة

مو تقولين ام ليال متوفي زوجها؟

سارة انشغلت تصحح له وما نتبهت ان ابوها يتقصد عدم الفهم لأجل يصل لمعلومات اكثر عنها: يبببببه

وشفيك مب مركز ام ليال اسمها عزيزة، هذي مها اخت عزيزة الصغيرة.

عبد الله: شكلك واهمة، دايم تقولين خالاتها متزوجات.

مها: توها متطلقة، ييه تبخصني بخالات صديقتي؟

عبد الله بابتسامة صغيرة غير مناسبة لجدية الموضوع: لا ماابخصك بخالات صديقتك.

رجع لحزمه: المهم يا بنتي، صور الناس اعراض وبيوتهم امانات، اذا دخلناها لازم نحترمها وما

نصور حتى لو اذنوا لنا ترى مو كل يرضى تصور أملاكه واذا رضوا مرة بيستثقلونك مره ثانية، بعدين

انت استئذنت ليال بس ما ستئذنت صاحبة البيت الأساسية، هذا غير انك صورت الحرمة من دون

ماتدري، يبه تصوير أي شخص بدون اذنه جريمة، انتبهي تستخفين بشيء يمكن تشوفينه تافه بس ترا

عقوبته كبييرة عند الله، كيف اذا الشخص ما يدري، خاصة بهالوقت الي صارت الصور تنتشر مثل

النكت، رجال اسمعهم يدعون على من يصورهم وهم رجال كيف بالمحارم يابوي.

سارة تضايقت أبوها اخذا الموضوع بحمية كبيرة وعطاها درس أكبر على غلط ما كانت تقصده.

عبد الله قام وقال لها: شوي ويذن بطلع للمسجد تبين شي اذا رجعت؟

طلع ابوها وتركها للضيقة والهواجس، ليتها سمعت كلامه وما صورت كان ما صار شيء مثل كذا،

فتحت تلفونها على رسائلها مع أبيها واعادت فتح المقطع، صورة جميلة لمها، كانت تلبس جلابية

حرير سكرية لمنتصف الساق وتضع قدما فوق أخرى ورأسها منحني لهاتفها، وعندما رفعته ظهرت

بسمتها الناعمة بشكل لا يعقل.

هي اثارتها الصورة كيف حال ابيها؟

قطع تأملها رنين الهاتف وكانت ليال، ردت: هلا.

ليال بضحكة: هلا؟!!!! تعبت حالك والله، وينك من كم يوم مالك حس؟ كل هذا طفه بالجلسة الجديدة

يالنونو.

سارة ابتسمت وكأنها داقة خصيصا لأجل تقهرها، ردت: اسكتي والله لو معي بنزين كان أحرقت الجلسة

وانت معها بعد.

سارة ما تنفع تعصب تخلي الواحد يضحك بدل ما يخاف، ليال ضحكت: وجع وش سويت لك يالدبا.

سارة تندب باستهبال: انا الي سويت وشي ما يتسوى.

ليال: يا ما تحت السواهي دواهي.

سارة: داهية تاخذك يارب.

ليال ما تمزح بهالموضوع الا مع سارة: تاخذك أنت، أنا لسه ما حققت أحلامي مع حمودي.

سارة: حمودي؟ ليته يسمعك، المسكين حمودي من تسمعين صوته تضيع كل علومك، وحرف زين ما

يسمع حمودي.

ليال: طيب خليك من مشاكلي اللغوية وخبرينا عن مشكلتك.

سارة: لازم اشوفك ما ينفع بالتلفون.

ليال: عندي اوف بكرا الساع...

قاطعتها سارة: لا ما ينفع بالجامعة، تعالي بكرا شوفي جلستي الجديدة وجيبي معك هدية حلوة لها، لازم

عشان تنفتح نفسي واهبب لك المصيبة الي هببتها.

كملت معها ليال دقائق ثم خرجت أمها مع ديم، سكرت وقامت تسلم على ديم: اهلين، اهلين وشلونك؟

ديم: الحمد لله، انت اخبارك.

قعدوا مع بعض، وديم كملت كلامها مع امها عن مناسبة حظرتها مع خالتها فائزة لأهل زوجها أعمام

ماجد، قالت لأمها: تعرفت على وحدة اسمها سلوى ال قالت تشتغل معك بالجامعة.

عزيزة قطبت جبينها تحاول تتذكر: ما اذكرها.

ديم: غريب مع انها تعرفك هي بقسم دراسات.

عزيزة: الجامعة ديرة كل يوم وجيه جديدة، يمكن ماعرفتني الا بزواجك.

ديم: لا هي تعرفك قبل، بس يمكنك مانتبهت لها.

ليال كانت تطالع قدم ديم وبابتسامة لها معنى قطعت كلامهم: وش هالزين؟

ديم عرفت قصدها ضحكت ورفعت قدمها وبان سليبرها الجديد: اوف يالراحة، يستاهل انطق عشانه.

ليال توسعت ابتسامتها: انتبهي، الاخبار الأخيرة الي سمعتها عن جود انها تخطط عليه.

ديم: اذا هي بايعه رجلها تجرب بس.

والتفتت لامها: وينها؟

عزيزة: رجعت من الجامعة ثلاث وشوي صلت ونامت جدولها خايس.

ديم رفعت رأسها تتأمل السماء الصافية فوق، كان الوقت مغرب والجو بدا يبرد

على خفيف تنفست بعمق تستشعر الإحساس: الله يالدنيا كيف تركض، الحين جود البزر بالجامعة.

عزيزة خالطتها دمعة ما نزلت وبشجن قالت: عندك تركض عندي ما كبرتوا وبعيني قطرة.

ديم لفت تناظرها بامتنان، وليال نزلت راسها، دائما تحس نفسها دخيلة على المشاعر الي تتواجد بين

خواتها وأمها، صحيح أمها تعبت معها كثير بدراستها، بمرضها تعب غير عادي لكنه تعب نبع من

مسئوليتها وشخصيتها الحريصة مو من غلا وحب، عكس الاهتمام التي توجهه لجود وديم، دائما

مغموس بالابتسامة الدافئة، الدعوة الحانية، الدمعة الضعيفة.

ديم سحبت يد امها وقبلتها: الله يخليك لنا يارب.

ليال: امين.

قالتها بصوت واطي، عزيزة تأملتها مطلولا ودمعتها كملت النزول، مشاعرها أكيد تختلف عن مشاعر

خواتها، وذكرياتها تختلف عن ذكرياتهم، ذكريات مليئة بالضرب والمشاحنات، القسوة والتفريق.

عتابها أمس ونظرتها وحدهم يحكيان عمرا كاملا " مهما سويت ما راح تشوفينه"

كيف أرى يا ابنتي وعيناي وقلبي وكل جوارحي نحوك مقيدة؟

ليال حست بالسكون، رفعت رأسها لتتفاجأ بنظرة غريبة من أمها، نظرة جمعت الوجع والضعف، عزيزة

قالت لها: بكرا واعدت خالتك مها نزورها.

ديم استلقت على فخذ أمها وقالت: وش المناسبة؟

عزيزة: ليال تبي تسلم على خالتك وتهنيها بالبيت.

ديم: بروح معكم اسلم عليها.

عزيزة: بكرا بروح انا وليال انت بعدين نروح جميع ومعنا جود.

ديم فهمت على أمها وليال ردت: بكرا بروح لسارة واعدتها.

عزيزة: أجليها لبعده.

ليال مستثقلة تسوي شي لخاطر روان وخصوصا بعد اتهام أمها امس.

ردت: مابي.

ديم: سارة تلقينها بعدين عادي اعتذري منها.

ليال بنزق: وخالتي القاها بعدين.

عزيزة قطعت محاولة ديم للاصرار وقالت: خلاص مو مشكلة نأجل زيارة خالتك لبعد بكرا.

ديم ميلت فمها ما عجبها تصرف ليال وقالت: بكيفكم.

نغمة وصلت لهاتف ليال فتحته، وبانت الصدمة بعيونها، ديم سألتها: وشفيه؟

ليال انشغلت بالرد على الرسالة، بعدها سكرت ورفعت رأسها وبان بوجهها الحرج وهي تقول: محمد

يقول بيجي بكرا.

ديم اعتدلت بجلستها مع ارتفاع صاخب لضحكتها، ليال ناظرتها بحقد، وعزيزة سالتها وهي عارفة

الجواب: وش قلت له؟

ليال اشتعل وجهها: قلت الله يحييك.

ديم من بين ضحكاتها: وسارة؟

ليال: باجلها لبعد بكرا.

عزيزة: تأجلينها لبعد بعد بكره، خلاص بعد بكرة انت واعدتين مع خالتك.

ليال ابتسمت محرجة وقالت: سمي.

ديم بلؤم: فزي لامك مابي حيل فزي لرجلك كلي حيل، قال ايش قال سمي جت من ربي الحمدلله.

ليال بنقمة: انت من العجوز الي مخاويتها بحمولتك كلامك صاير كله أمثال.

ديم: هذي الخبلة سما، أمس قلت لماجد سم وقالت كذا، عاد سبحان الله المثل مفصل لك بالملي

والسانتي.

ليال: ترمين بلاك علي انا بارة بامي،

ديم تغايضها: ايه ايه تو شفت بعيوني.

ليال انقهرت والتفتت لامها لاشعوريا وقالت: صح يمه.

هذا الإستعطاف من ليال هو كل ما كانت تريده عزيزة، نهضت من اريكتها وجلست قرب ليال وضمتها

وقالت: صح يا خلف ابوي انتِ.

ارتفعت دقات قلبها لكن بدل ما تنبتعد، قربت أكثر ودفنت وجهها بكتف أمها ومن الخلف رفعت اصبعين

من يدها بعلامة حبتين تغايظ ديم.

***
**

جلست على سريرها الضيق تتأملهما بهدوء، كانتا تتحدثان أحاديث ليست غريبة عليها، أحاديث

مجتمعية لا تخلو منها الجلسات، لم تشترك معهم في الحوار مع انهم من عمرها تقريبا ونفس جامعتها،

هي هكذا مع بنات عمها كانت عندما يأتون لزيارة جدتها لاتريهم الا الوجة المتكبر هذا اذا تنازلت

وجلست معهم.

ليست وحدها كل بنات عماتها هكذا تعاملهم مع بنات عمها وحتى جدتها كانت تفرق بين ابيها وعمها،

كان لأبيها كل النصيب في الحب والمعاملة اما زوجته فلا تسل عن السب الذي ينالها حينما تجتمع

جدتها مع بناتها.

لها يومان منذ دخلت بيتهم لم ترى منهم الا الاكرام والمودة مما جعلها تغوص في خجل أخرسها عن

الكلام، ربما يرونه لا يزال تكبر بينما هو شعور بالندم والتساؤل عما جعلها تنساق خلف عماتها

وبناتهم في عداوة لا مبرر لها.

الجميع الان احتاج لهم بدأ منها هي، ثم اباها المحتاج لوقفة أخيه معه في السجن ومع ابنته، عماتها

اللواتي يضطررن للمجيء لزيارة امهم، وأخيرا جدتها المحتاجة لرعاية زوجة ابنها واهتمامها.

دروس الدنيا صارت تاتيها بالجملة، وصارت تفهم الدرس من عنوانه، انت فعلت كذا ودار عليك الزمن

بهكذا.

قطع عليها افكارها صوت فارس ابن عمها الصغير: روان جدتي تبغاك تحت.

أومات له بنعم ونهضت تحت نظرات بنات عمها هاجر وايمان، لما خرجت التفتت ايمان على اختها:

تصدقين صرت ارحمها قوة، مع انها ما تستاهل بس غصب اذا طالعتها احس عيني بتدمع من قوة

الانكسار اللي اشوفه بعيونها.

هاجر قلبت شفايفها: اخر وحدة ارحمها هي، نسيتي كيف كانت تناظرنا هي وبنات عماتي كاننا جايين

نشحد منهم.

ايمان: لا ما نسيت بس شوفي بعد كيف الحين ما تحط عينها بعيوننا، غريبة مها مخليتها عندنا وهي ما

تفرط فيها دقيقة وفيه اخواني الكبار.

هاجر: أتوقع هي رافضة تروح لامها.

ايمان: لا لا وين، لا يغرك دلعها تراها مثل البزر ما تستغني عن أمها.

هاجر: بكيفها ما همتن كملي بس وش صار على نجلاء مع زوجها الثاني؟

وكملت ايمان لاختها وش صار على نجلاء وزواجها الثاني في الوقت الي دخلت فيه روان على جدتها،

قربت منها وحبت رأسها: هلا يمه وشلونك عساك احسن؟

جدتها جالسة على جنب سريرها، صحتها تدهورت بعد سجن ابنها وأصبحت تجلس في غرفتها اغلب

الوقت، افسحت لروان ونادتتها تجلس قربها: وينك ما شفتك يمه طول اليوم؟

روان بابتسامة متعبة: جيت من الجامعة تعبانة ونمت من شوي قايمة.

كملت بعد لحظات: ما قال عمي شي عن ابوي؟

تنهدت الجدة بحرقة واجابتها: لا يابنتي، يقول ديونه كثيرة ولازم احد يكفله وتعرفين عمك حالته على

قده ما يقدر يكفله.

سبب اخر يجعلها تشعر بالضيق والهم وهي حالة عمها المادية التي بالكاد تكفيه وأولاده، والان مع

قدومها وجدتها اضيف ثقل عليه.

تتوقع ان هذا السبب في تكبر عماتها وابيها عليه، عماتها بثرائهن لم يعجبهن زواجه من عائلة

متواضعة ولا منصبه كموظف بسيط، كن يفضلن اباها بملاينه وزوجته التي هي أيضا من اسرة ثرية،

لكن اين هو الان غنى أباها وأين هي الان أمها.

جدتها ترجتها: لو تكلمين خالك علي، اذا يقدر يكفله، هو له كلمته بالسوق وكم مرة قال ابوك ان

التجارتحترمه، هاه يابنتي وش قلتي عشان ابوك؟

ناظرت جدتها وردت: وشلون اكلمه ونا من شهر ما شفتهم.

جدتها: انت للحين مقاطعة امك؟

روان ناظرت يديها المعقوداتان بحجرها بقل حيلة وقالت: لا هي الي زعلانة ومن شهر ما كلمتني.

اتسعت عيون جدتها: وشلون مقاطعتك؟ وش السبب يمه؟

لكن بكاء روان الموجع هو من رد عليها، لو كانت تعرف سببا يستحق لما بخلت بالجواب، انحنت نحو

حضن جدتها وغاصت فيه ومن بين بكاءها وأنينها: تعبت ابي اموت ابي اموت يمه.

ام فهد انجنت لما شافت انهيارها رفعت راس روان والي كان مرتخي مع أكتافها للاسفل وقالت: اخر

مرة اسمع منك الكلام هذا فاهمة؟

روان بوجع: أكرهها يمه اكرهها، ليه تتركني من دون سبب، ليش تصدقهم؟

ام فهد اضطرت تدافع عن مها حتى تهدي حفيدتها وتطمئنها: وش هالكلام يمه، امك لو تلفين الدنيا ما

تلقين احد يحبك ويخاف عليك مثلها.

روان: تزعل علي ونا ما سويت شي يمه.

ام فهد بغضب رفعت جوالها تدق على مها كانت تتحلطم عليها بسب خفيف: ماحد يسوى دموعك يا

قليبي اصبري، ماراح انام الا لين اكلمها لو اقعد كل الليل.

لكن جاء الليل وغلبها النوم وماحد رد عليها.


***
**

تنتظره على اعصابها، عجزت تستقر بمكان واحد كل ماجلست ترجع تقوم وتعدل شي بمجلسهم، مرة

تغير مكان الصينية، سلة الشوكلاته، فناجين القهوة، تخفض التكيف، ترفعه، تعبت من كثر ماهي غير

قادرة على تمالك نفسها، من حسن حظها ان زياراته قليلة لانشغاله بدوامه وطلابه والا كانت حالتها

يرثى لها.

رن الجرس وبعدها بثواني سمعت خطوات تدخل عليها المجلس، وقفت وابتسمت ابتسامة تضيع بها

الكثير والكثير مما يعتري داخلها من مشاعر واحاسيس قوية.

محمد قرب منها وبيده علبة مخملية جميلة في تغليفها واناقتها، قبل خدها بخفة واعطاها العلبة: ان

شاء الله تعجبك.

ليال والابتسامة ما تزال تزين وجهها، تاملها وهي تقلب العلبة وتتلهى فيها: كل شي منك حلو.

رفع حواجبه بابتسامة وقال: افتحيها.

ليال فكت الشرايط ببطء فككت التغليف وطلعت لها علبة سكرية بلون لؤلؤية لامع، سرقت نظرة له

وبعدها فتحت العلبة ولمعت عيونها بانبهار لما بانت لها دبلة ذهب

مزينة بفصوص جميلة.

كان بخاطره يلبسها دبلة من زمان، ولا يعلم ما إذا ما سيكون هناك حفلة شبكة أم لا، فما صبر

واشتراها.

قام واخذ العلبة منها ولبسها، ظل ماسك يدها يتامل الجمال الي انضاف للدبلة بيدها، همس: تتهنين

ياقلبي.

ليال رفعت رأسها، صحيح كانت تأمل يلبسها بحفله فيه أمها وجدتها وخواتها وكل أهلها لكن خلاص

تعلمت انه اهم شي صحتها ما راح تسمح للشيطان يتغلغل داخلها ويوسوس لها، يكفيها محمد بالدنيا

كلها.

غصب عنها نزلت دمعتها تفكر بشي ويصير معها شي اخر غير الي تفكر فيه، وقالت بصدق: بوجودك

يارب.

محمد مسح خدها: ليش الدمعة هذي قاطه معنا.

ليال قلبت شفتها بابتسامة: حركات حريم.

محمد ابتسم معها: يعني قصدك لازم اتعود؟

قامت تهرب من التصاقه ومن الحميمية بينهم، صبت له فنجان وردت: تريح راسك.

اخذ منها الفنجان وشرب منه وهو يجذبها بيده الثانية يرجعها قربه وقال: انا ارتاح اذا انت قريبة مني

وبس.

تعلقت عيونها بالدبلة بأصابعها ما تقدر تتجاوب مع كلامه وحبه، تستحي وترتبك وتخاف.

سالها: وين خالتي؟

ليال: طلعت مع خالتي فايزة.

محمد قام وناظر ساعته: اجل امشي معي بوريك شي وباخذ رايك.

قامت مستغربة: وين؟

مسك يدها وشدها معه وهو يقول: يمدحون الصبر.

***
**
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..

انتهى.


شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-01-21, 02:16 AM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله
__

الجزء الخامس عشر
__

دخلت عزيزة البيت لتجد الصالة والمجلس فاضيات، نادت سيرما وسالتها: وين جود وليال.

سيرما: جود في قاردن، ليال اوت.

عزيزة: برا؟

مشت ما نتظرت ردها كانت تدق على ليال بتعرف وين راحت، طلعت على جود من الحديقة وسالتها:

اختك وين راحت؟

جود وضعت الشوكلاته بيدها وقالت: بسم الله يمه نزيت.

عزيزة رمت الطرحة الي بيدها على الاريكة: ياحبك للتهاويل، اخلصي وين ليال.

جود حست بغضب أمها وقالت: مادري نزلت وما لقيت احد منكم.

عزيزة جلست متضايقة هذي ثاني مرة ليال تخرج وما تخبرها، حتى لو متزوجة من الاحترام تعطيها

خبر انها بتطلع، وخاصة هي تعرف قلقلها وخوفها عليهم.

زفرت ورمت هاتفها: ما ترد.

جود: يمه تكفين هدي.

عزيزة بعصبية أكبر: وانت شايفتني اقطع ثيابي، هذاي هادية.

جود عضت فمها من داخل وما قالت شيء، مرت ساعة، ساعتين، ثلاث استوت فيهم عزيزة وقلبها

نضج من الخوف حتى دخلت عليهم ليال على الساعة تسع، سلمت عليهم ردت جود وامها ظلت ساكته.

عزيزة: ما شاء الله من وين جاية؟

لاحظت نبرة الغضب بصوتها وردت: طلعت مع محمد.

عزيزة برفعة حاجب: لا والله طلعت وبس، ما تقولين عندي ام اخذ اذنها، ثلاث ساعات جالسة على

جمر لين ما خالتك فايزة خبرتني، محمد الرجال مخبر امه وين بيروح، وانت طالعة داخلة معه

وماتقولين، وأدق عليك وما تردين.

ليال بعد انفجار أمها احتارت ماذا تجيب، صادقة ومعها حق لكنها تبالغ كلها طلعتين خرجت معه وتكون

أمها غير موجودة.

لم يكن هذا ما ضايقها، ما ضايقها أنها ملاحظة من أكثر من موقف أن عصبية امها السابقة بدت ترجع

تدريجي معها، هي تعافت من هنا وامها بترجع لطبعها القديم من هنا، خافت من هذه الفكرة ارتعبت

منها ومنعتها من الرد.

جود: خلاص يمه صار خير، الحمدلله ما فيها شيء.

ناظرتها ليال: لا تدافعين عن اعرف أرد.

عزيزة: أصلا هذا الشيء الوحيد اللي تعرفين له، المرادد اما الاحترام والتقدير ممسوح من قاموسك.

ليال قامت لما حست انه ما في مجال تتفاهم مع أمها وهي بهذه العصبية: كلهم طلعتين وصرت داخلة

طالعة معه وقليلة حيا، تراي دقيت عليك المرة الي قبل وانت ما رديتي، واذا محمد قال لامه ونا ما

قلت، انت يوميا تطلعين مع خواتك وجود وديم يدرون ونا مادري وعارفة انك مانعتهم يقولون لي.

الفرحة الي خلفتها زيارة محمد والطلعة معه انقلبت لكدر، محمد أخذها حتى يشاورها في بيت بيشتريه

لهم، ورغم كل المميزات الجميلة الي فيه، رفضته لانه بعيد عن بيت أهلها، الان تتندم من أعماقها انها

تهورت ورفضت قبل ماتفكر، أبدا لا تتعلم من حياتها.

عزيزة انتبهت للمعة الدبلة في يد ليال وهدأ غضبها فورا، محمد ألبسها الدبلة ولم ينتظر حفلة الشبكة

كأنه يئس منها.

مدت يدها لليال وقالت: ورين الدبلة.

ليال كانت تحت تأثير كلام أمها عن عدم احترامها وتقديرها، خلعت الدبلة ووضعتها على الطاولة وهي

تقول: الحمد لله طلعت أستاهل شيء.


***
**

أغمض عينيه واسند ظهره على عمود المسجد خلفه باستكنان مريح، المسجد بعد صلاة الفجر دائما له

راحة مغايرة لا يجدها في أي مكان آخر، الناس حوله بدأو بالخروج الواحد تلو الاخر، وهو غارق في

أفكاره الخاصة، كان في نيته ان يخبر عمته بقراره حالما يصلي استخارة، لكنه بعدما استخار تغيرت

أفكاره بشكل غريب، استخار عدة مرات وبعد كل صلاة يتشبث الموضوع في راسه أكثر، ويتغير القرار.

لا يعلم ما هو الشيء الذي يجعله محتارا؟

هل هي صورتها التي تناساها وعادت تلعب بمخيلته مرة أخرى؟

أم هي عيناها الخائفة عندما صرخ بوجهها؟

هل دموعها وتوسلاتها لامها؟، أم بكاءها ودموعها لعمته وهي تقول "أنها مظلومة"؟

تفاصيل كثيرة وصور عنها كان متناسيها عادت الى ذاكرته حتى ذكريات الطفولة واللعب، روان

الدلوعة كما يحب ان يطلق عليها قديما.

وقف ابوه فوق رأسه: مانت راجع للبيت؟

سلمان: بقعد شوي يبه.

ابوه مشى عنه: الله يحفظك.

جلس بعده أبيه ساعة ثم خرج، دخل المنزل ووجد والديه وجدته يتقهون في مجلسهم الشعبي.

أخذ الدله من امه واستلم عنها صب القهوة، مد لابوه الفنجان وقال: يبه ودي اخذ رايك بروان بنت

عمتي مها، ابي اخطبها؟

نزل عليهم الخبر كصاعقة الجمتهم، روان وسلمان معادلة ليس لها حل أبدا، امه التفتت عليه وقالت:

أنت صاحي؟

جدته التزمت الصمت وأباه تولى الإجابة عنه: شكله ما نام بالليل زين والا محلم.

سلمان رد وهو يناظر امه: وشبكم الله يهديكم صاحي وجازم وتوي مصلي استخارة.

أمه عرفت ان السؤال موجه لها قالت: روان والنعم زينة ومؤدبة بس ما تصلح لك انت تبي وحدة

راعية بيت وفاهمة والا ياخالة؟

والتفتت لحماتها تطلب مؤازراتها، ام علي مع ان الكلام عن حفيدتها عورها الا انها قالت الحقيقة: من

جفرة لدحديرة ياوليدي اذا عبير ما عجبتك طباعها روان ما فرقت عنها نفس الدلع والخكارة وين تبي

روان صغيرة وما تعرف تشيل بيت.

أمه وحتى تيئسه من الموضوع: بعدين لو كلش عمتك مها ما راح تقبل تزوج بنتها لرجل متزوج، الله

يصلحك.

سلمان: عمتي ما عندها مانع.

طالع ابوه ينتظر الرأي الأخير منه حتى يسكر الموضوع نهائي أو يمشي فيه، ابوه تنهد: اذا عمتك

موافقة أجل ماعندي مانع، الله يتمم لك على خير ويوفقك.

التفت لامه ينتظر موافقتها لكنها عبست بوجهه وما ردت، اول ما خطب ليال كانت مطمئنة من ناحية

عزيزة ما راح توافق لكن لما قال ان مها موافقة انقهرت، من تخطيط لم تعلم به ولم يعجبها.

سلمان لما طال صمت امه: وش قلت يمه؟

ام سلمان: قلت لا.

أبو سلمان بعصبية: وشبك يا مره عاجبك حال ولدك، متزوج وما كانه متزوج.

ام سلمان ردت: وعشانه مب عاجبني حال ولدي ما بيه يغلط نفس الغلط، حنا ما سلمنا وعبير بعيدة

كيف بنسلم من روان القريبة أي مشكلة بينهم بتحوس بين الجميع.

سلمان انتبه لنقطة ما حسبها، فعلا أي مشكلة مع روان بتسبب له مشاكل مع عمته ويمكن مع ابيه

أيضا، كلام امه منطقي جعله يتراجع ويحسم امره بالرفض، تعلم من تجربته الأولى ما يمشي بموضوع

بدون رضى والدينه.

أبو سلمان: تولم بس، بكرا بعد صلاة العصر نروح لعمتك.

سلمان رجع يناظر امه: موافقة يمه؟

كسرها ترجي ابنها الواضح في صوته ونظراته مثلما يكسرها التشتت الذي يعيشه، تمثلت أمامها الآية

" وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"

قالت: إذا أنت مستخير ان شاء الله إنها خيرة، الله يكتب لك كل خير ويوفقك يا وليدي.

***
**

مستلقية عى فخذ أمها تثرثر لها عن الجامعة، عالم جود الجديد والمختلف كليا عن المدرسة

وعزيزة تهمهم معها بدون تركيز وكل لحظة تنظر لساعتها تنتظر ليال.

متضايقة منذ الأمس، تسرعت بمشاجرة ليال وليال أيضا ما قصرت معها.

" ما تستاهلين شبكة ولا زواج"

لم تكن تقصدها ذلك الوقت لكن ككل معاملتها السابقة كانت بلا وعي، ثم جاء مرض ليال ولم

تستطع الاحتفال والان بعد تعافيها، يجب ان تفرحها، لن تجعل هذه الغصة في روحها يكفي مافرقت

بينها وبين اخواتها.

جود: يممممه ليش مانتب معي.

عزيزة تأففت ودفتها عن حجرها: الا معك بس وخري تخدرت رجلي.

جود رجعت رأسها: طيب وش قلت قبل شوي.

عزيزة ردت بما يدور في رأسها: وين اختك تاخرت مواعدة مها نصلي المغرب عندها.

جود: والله قهر تطلعون ونا اقعد لحالي طيب خوذين معكم واذا جت فقرة السماح عن روان العظيمة

طلعت برا.

حاقدة من أعماقها على روان واعترضت على أمها عندما أخبرتها سبب زيارة خالتها لكن امها لا تسمع

إلا ما تريد؟

صرخت على قرصة من أمها وتهديد: اسمعين انت يا مسعرة حرب والله ياويلك تقولين لليال أي شي،

ما صدقت تجي منها وتقول نروح لخالتي.

ابتعدت جود وهي تمسح عضدها، أوجعتها ضربة أمها: صايرة ما تتفاهمين الا بالضرب انتِ.

ندمت عزيزة وهي تراها تمسح دمعتها، قربت منها وقالت: معليش حبيبتي والله ما تقصدت أعورك، بعدين كلها ساعة وحنا جايين.

دخلت ليال على هالمشهد، كانت لابسة عباياتها وطرحتها على كتفها ناظرت أمها اللي حاظنة جود

وتمسح علي ذراعها: انا جاهزة.


***
**

استقبلتهم مها بابتسامتها الناعمة، سلمت على عزيزة وضمت ليال بقوة سعيدة جدا بزيارتها: وين جود

ليش ماجت معكم؟

عزيزة: دوامات وما راح نطول بس ليال لزمت الا تزورك.

دخلوا الصالة، ليال اخذت ترمس القهوة من خالتها: هاتي خالة عنك.

جلسوا وصبت ليال لامها وخالتها تقول: دواماتكم لكم انا ولله الحمد انسانة ماوراي شي وماراح اطلعكم

قبل الساع اثنعش على اقل تقدير.

عزيزة اخذت فنجانها بينما ليال وجدتها فرصة حتى تنتهي من ما تريد قوله مرة واحدة، قالت بصعوبة

وكأنها تتجرع شوك: بنجي كلنا لما ترجع روان ان شاء الله.

مها ابتسمت لها بمودة بينما عزيزة كملت: روان جت عندنا قبل يومين واعتذرت من ليال والحمدلله

تفاهموا مع بعض، وليال قالت بنفسي بقول لخالتي اني سامحت روان وتبيك انت تسامحينها بعد.

اهم شي التفاهم، فكرت ليال بسخرية.

مها مسكت يدها بامتنان، الاشراق الي بان في وجه خالتها استحق منها كل تنازل، كأنما الهموم اختفت

من ملامحها فجأة.: يابعد قلبي ياليال الله يفرحك مثل ما فرحتين.

ليال: وشدعوة يا خالة.

مها بصدق: اعتبركم مثل خواتها ودي علاقتكم تكون اقوى من كذا ومنقهرة قوة من اللي سوته.

عزيزة بعتب: بس تراك طولتيها مع روان شهر كثير يامها.

مها: شهر وخمس أيام، احسن خليها تتربى سواتها مهب هينه ابد.

عزيزة: عارفه بس عشاني لا تطولينها، اذا كانت ليال سامحتها خلاص البنت اكيد تعلمت من خطاها.

لاحظت عزيزة ابتسامة سخرية تخرج من فم ليال، تجاهلتها وسكتت تنتظر رد اختها، مها بعد لحظة

صمت ثقيلة قالت: تعرفين يا عزيزة لو علي والله ماخليتها تغيب عن عيني لحظة، الله يعلم كيف أنا

عايشه من دونها، بس انا الي خربتها واستحق اتعاقب مثلها.

عزيزة عصبت: ماحد يستحق العقاب يا مها خلاص اقولك ليال سامحتها ليش تحبين تغثين نفسك.

تشعر أن أمها قاعدة تستفزها لاقصى درجة، تفتي على كيفها وتقرر من الي يستحق وما يستحق

يتعاقب من مزاجها، هي تستحق الضرب والاهانة وفوقها تزوجها غصب وتحرمها من حق الاختيار

والفرح لما ظنت الخطا منها، لكن بعد ما صار الخطا من روان صار مافي احد يستحق يتعاقب، حتى

خالتها ناظرت للخطا من جميع الجهات ولامت نفسها عكس أمها الي همها فقط روان.

ما قدرت تجامل وتسمع كلام أمها، قامت: كلام امي صحيح خالة.

مها: ليش قمتي؟

الاكسجين عندها انتهى وخنقة بصدرها منعت منها الهواء: عندي امتحان مهم بس جيت على عشانك

ياخالة طلبتك لا ترديني.

مها قامت معها: ما عاش من يردك ياروحي انتِ.

ليال ناظرت أمها: انتظرك يمه بالسيارة.

لحقتها أمها بعد دقائق، لما ركبت السيارة قالت: ليتك انتظرتي شوي مامدانا نجلس.

ليال: اللي جيت عشانه قلته ماله داعي اقعد عشان اسمع من الي تستحق الضرب والعقاب ومن اللي

مسكينة ماتستحق.

عزيزة التفتت لها: لازم تنكدين علي بكلامك.

ليال صدت وسكتت، اخر أفكارها انها تنكد على أمها لكن غصب عنها مو قادرة تتجاوز الكسر الي

بصدرها، تقارن كثير وما قدرت تتجاوز زواجها بهالشكل المختلف تماما عن زواج ديم.

خطبة ديم أمها ظلت شهور تقنع فيها حتى توافق اما هي جابت لها الدفتر وأجبرتها توقع.

تحليل زواج ديم لما طلع كان كانه عيد عند أمها وخالاتها وشهر أمها تستعد فيه للملكة على الرغم من

بساطتها الا انها شعت فرح من كل زاوية بالدنيا.

لما طلع تحليلها هي، الملكة بنفس اليوم ومافي الا رجال، وحيدة تبكي بفراشها مغطيها الخوف

والمرض والحزن، وجاء بعده كلام أمها الي كرهها بنفسها وحياتها والناس كلهم.

" يكفي انه بياخذ وحدة مثلك"

" ما تستاهلين من قال افكر اسوي لك"

لا تتحمل من أمها أي انتقاد او تصرف فيه مراعاة وتدليل لغيرها أي جلسة مع أمها لازم يدخل بينهم

سوء الظن والذكريات المقيته، حساسة من ناحيتها كثير وتضع نفسها دائما بموضع الدفاع، تشعر إذا

تنازلت لها بترجع بمعاملتها مثل أول.

***
**

سمعت اذان العشاء بس ما قدرت تقوم تصلي، اذا قامت بتوضح دموعها لبنات عمها، ظنوها نائمة

فكانوا يتهامسون حتى ما يزعجونها، دخلت عليهم امهم قالت: تعالوا انزلوا سلموا على عمتكم ام سطام

تسال عنكم.

هاجر تاففت: لازم يمه؟

أمها: استحي على وجهك وقومي.

اشارت لروان: البنت نايمة وانتم تقرقون فوق راسه، سكري النور واطلعوا.

ايمان: نقومها تسلم على عمتي؟

أمها: لا خليها نايمة عمتك ما سالت عنها تشوفها المرة ثانية.

بعد خروج ايمان وهاجر اقتلبت روان على ظهرها وبحرية اخذت تمسح دموعها وتتفنن في إخراجها

عمتها ام سطام؟ لكم ضحكتا معا واستهبلتا مع بعض بالتعليق والمزح، أين هي الان، لم تسال عنها منذ

خروج جدتها من بيتهم، جاءت لبيت عمها مرتان وكل من سالت عنه هو هاجر وايمان.

اين بنات عماتها، كلهم انقطعوا عنها، اين طلعاتهم وسهراتهم ولهوهم في كل مكان.

مالذي تغير؟ هل أصبحت في قائمة الطبقة المشطوب عليها عندهم؟

بالتأكيد عمتها ليلى لن تفي بوعدها حين لمحت لها ذات مرة انها لن تجد مثلها عروس لابنها سطام.

ابتسمت باستهزاء ليس كانها تفكر في ابنها ولكن تتسائل الان ماهو موقعها عندهم.

اخترق اذنها صوت هاتفها قاطعا افكارها، رفعت الهاتف لكنه سقط من يدها لما رأت على الشاشة:

حياتي يتصل بك.

برغم اضاءة هاتفها العالية الا انها اسرعت تفتح نور الغرفة حتى تتاكد من صحة الاسم: حياتي يتصل
بك.

جلست على ركبتيها وضمت الهاتف لصدرها تبكي وشهقاتها ترتفع بجنون لم تتوقعه، لا تستطع الرد

ستموت حالما تسمع صوتها.

انقطع الاتصال فخفت كل النشاط الذي دب فيها، ثم عادت اليها روحها من جديد حين رن مرة أخرى،

ردت: الو

جاء صوتها خائفا خافتا بالكاد سمعته مها: هلا، تجهزي عشر دقايق واكون عندك.

روان: انا بببيت عمي.

مها هدت من سرعة سيارتها ووقفت قريب احدى البنايات: متى تنتهي زيارتك؟ تبين امرك بكرا؟

روان: لا لا تعالي.

وانقطع صوتها من البكاء، خافت أمها تقطع فيها مرة أخرى، مها في الطرف المقابل ما تحملت بكاءها

أغلقت المكالمة وحولت طريقها لبيت حماها.

روان قامت وطلعت شناطها وبدت ترمي اغراضها وهي لا تعلم هل أمها قادمة ام لا، دخلت عليها هاجر

وتفاجات بما تفعله: وش تسوين روان.

ناظرتها روان بتعب وقالت: امي دقت بتجي قلت انا ببيت عمي قالت بتجي بكرا ومادري بتجي الحين او

بكرا.

مدت جوالها لهاجر: دقي اساليها تكفين قولي لها تجي الحين.

هاجر اخذت الجوال من روان ووضعته على الكومدينة وضمت روان لها برحمة فظيعة، كان الي تبكي

قدامها طفلة مو بنت تعدت العشرين: جت اليوم او بكرا هذا بيتك، وشدعوة روني هالسرعة مليت منا.

هدأت مخاوفها قليلا مع كلام هاجر وغمضت عيناها تبي تنام وتصحى وتلقى امها عند الباب تنتظرها،

ارتخت فعلا بسبب التعب والبكاء، ماتدري كم مر وقت حتى رن هاتفها مره أخرى.

روان: ردي تكفين.

هاجر اخذته منها: الو هلا خالتي مها، كيف حالك؟

هاجر: ايه هاجر

هاجر: الله يسلمك الحمدلله كلنا بخير.

كانت هاجر تتكلم وتشاهد روان الي وقفت ترمي اغراضها بسرعة وعشوائية، ابتسمت: تجهز

اغراضها شوي وتطلع لك، ان شاء الله يوصل سمي.

هاجر سكرت وقامت مع روان ترتب حقائبها: انتظري مو كذا ترمين اغراضك، ماراح تتسكر الشنطة

معك.

انتهت ونزلت تحت لقتهم كلهم مجتمعين عدا عمتها، سلمت عليهم وقالت تجيب على نظراتهم المتسائلة

لحقائبها: امي تنتظرني عند الباب.

قربت لجدتها وقبلت رأسها ويديها بحب كبير تحت دعواتها ودموعها، وحيدة ولدها وتعتبرها مثل

وحيدتها: زورين يابنتي لا تقطعين بي.

روان: سمي يمه ما استغني عنك انا.

راحت لعمها وقبلت راسه وسحب يده لما حاولت تقبيلها: الله يحفظك يابنتي انتبهي لنفسك.

: تسلم ياعم ما قصرت الله يخليك لنا.

قبلت رأس زوجة عمها باحترام وتقدير لها ولضيافتها الكريمة، بعدين سلمت على ايمان وضمت هاجر

بقوة وطلعت لامها.
حرجت مها عندما رأت إبراهيم يحمل حقائب روان، فتحت له شنطة السيارة ونافذة الراكب الامامي،

ركبت روان وجاء إبراهيم وسلم على مها وهو غاض بصره: كيف حالك ياام روان، بشرينا عن الاهل.

مها: بخير الله يسلمك يابو سعد.

إبراهيم مد يده لطرحة روان وغطى كامل وجهها، روان استحت منه بينما أمها قالت: سلم على ام سعد

والبنات في امان الله.

إبراهيم: الله يحفظكم ويستر عليكم.

ما ان سكلت مها الطريق الرئيسي حتى رفعت روان طرحتها، تبي تشوف أمها وتتاكد انها فعلا معها.

مها: وشلونك؟

استشفت جفاء بلهجة أمها يمكن لانها مركزة على الطريق اولانها كشفت وجهها، أمها تعصب اذا

كشفت، رجعت تنزل غطاها على وجهها وقالت: الحمدلله طيبة.

بعدها التزموا الصمت حتى المنزل.

***
**

دخلت مع أمها البيت بمشاعرغريبة فرح، اطمئنان، شوق وخجل، مدخل صغير يمينه غرفة تبدو

المجلس ويساره مغاسل مع دورة مياة، ثم رواق عريض مفروش باركية بني يميل للرمادي يقود

للصالة،

الصالة مفروشة باركية بني فاتح وطقم كلاسيك كنب سكري، طاولة خشبية مربعة في المنتصف، ومن

نفس موديلها طاولات في الزوايا وفوق كل طاولة اباجورة صغيرة وصيص اسطواني حجر غاية في

الاناقة بلون متماوج بين البيج والبني مزروع في كل واحدة نبتة زهور جميلة، امام الصالة يقع مطبخ

صغير، واخرها كان هناك ثلاثة أبواب مؤصدة وواضح من احدهما انه دورة مياة، بيت صغير جدا

مقارنة بقصر أبيها لكنه جميل وحميمي.

مها كانت تتأملها بشغف وشوق، لا تعلم كيف عاشت شهر من دونها، تصبرت كثيرا ببعدها ويجب ان

تتصبر أيضا وهي قريبة، يجب ان تعلمها ان أيام الدلال التي افسدتها ولت وسترى وجها صارما حتى

تتعدل.

مها: تعالي.

جفلت قليلا، أمها لا تزال غاضبة منها، جرت حقيبتها ووقفت معها اما أحد الأبواب فتحته مها فبانت

غرفة صغيرة بأثاث خشبي بني فاتح سرير ودولاب.

مها: غرفة امي وبتكون لك مؤقتا.

اغلقتها ثم وقفت امام الباب الاخر فتحته وظهر امام روان رواق صغير ينتهي أيضا بثلاثة أبواب

أحدهما دورة مياة، فتحت مها أحدهما ليظهر خلفه غرفة مفروشة موكيت فقط من دون اثاث، انتشرت

فيها رائحة الصبغة الجديد الممتزجة برائحة غراء السجاد.

مها دخلت حقيبة روان الصغيرة: ذي غرفتك، خالك علي قال اثاثها هديه منه وتركتها فاضية لين تجين

وتأثينثها معه بنفسك.

روان دخلت حقيبتها الكبيرة ووقفتها جنب الاخرى، سكرت أمها الباب وراحت للغرفة الثانية، فتحتها:

وهذي غرفتي، انت استخدمي غرفة امي لين تفرشين غرفتك.

تأملت الغرفة كانت كبيرة نوعا ما بشكل رباعي مائل، سرير عريض، تسريحة ودولاب، نهاية الغرفة

اريكة خلفه مفرش صلاه أمها وحامل مصحف قصير، روان: بقعد معك لين تجي غرفتي.

مها: لا هناك احسن لك.

روان تجرأت وضمتها وبرجاء: غرفة امي نورة بعيدة ابي اقعد معك.

مها بصعوبة ابتعدت عنها وقالت: وش بعيدة وهي كلها مترين، خلي عنك الدلع.

سكرت مها الباب ورجعت للصالة، تغاضت روان عن صدها ولحقتها للصالة، شعرت بالسرور لما رأت اصنافها

المفضلة تملىء الطاولة امامها.

كل شي في البيت حبته وأعجبها، شعور مريح غمرها وانفتحت شهيتها على الاكل، جلست واخذت

قطعة حلا: شكرا ماما، من زمان ماحسيت إني جوعانة كذا.

مها صبت لها فنجان: خالتك عزيزة وليال كانوا فيه المغرب بس ماقعدوا الا شوي وخسارة بقى كل

هالاكل.

روان مضغت ببطء الاكل بعد كلام أمها الواضح، انه الاستعداد هذا ليس من اجلك بل من اجل ليال، كأنه

لم يكفها انها ظالمتها وهاجرتها حتى ترمي عليها الكلام وتتعامل معها بجفاء ونفور.

لاحظت مها فتورها حتى مامدت يدها مرة ثانية، ندمت ووجعها قلبها: ليش ساكنة ببيت عمك؟

حشرجة بانت بصوت روان وهي تقول: ابوي مسجون.

مها: من متى؟

روان: خمسة أيام.

كان واضحا ان أمها تعرف عن سجن اباها، وخاصة انها لم تسال عن السبب بل تلقت الخبر ببرود،

روان: كنت تعرفين؟

مها: سلمان خبرني انه مديون لناس واحتمال يسجن.

هل يعقل ان تكون أمها بهذه القسوة والامبالاة عندها خبر ومع ذلك لم تسال عن حالها وماذا حدث لها

بعد اباها، حتى الان غابت عنها لاكثر من شهر لم ترى منها أي فرحة برجوعها او كلمة تخفف

جروحها، كانما اخذتها مرغمة.

لم تعرف ماذا ترد وبماذا تعاتبها، انسحبت منها كل تلك السعادة التي تكونت منذ رأتها ودخلت معها

المنزل، نهضت وقالت: تصبحين على خير.

مها: بكرا عندك جامعة؟

روان: بغيب.

دخلت غرفتها فتحت شنطتها واخذت بجاماتها، وعند خروجها كانت أمها تكلم وتضحك، نادتها: روان

تعالي كلمي امي.

ابتسمت روان واخذت الهاتف وجلست قريب من امها: هلا يمة.

أم علي: هلا نور عيني، وشلونتس يمه؟

روان ابتسمت وهي تسمع الصوت الغالي عليها: الحمدلله بخير يمه، وشلونك انت بشريني عن

صحتك.

أم علي تتكلم مع احد قريب منها ثم عادت تكلمها: الحمد لله طيبة يابعدي، هذي ربى ونهلة يسلمون

عليتس، وينتس يمه من شهر مازرتي ولا سالتي؟ ترا القطاعة مهب زينة يمه، والبر دين، ليش

تقطعين بمتس وتهجرينها.

واضح ان جدتها لا تعلم عن شيء، تمنتها قدامها حتى تشكي أمها وأفعال أمها، مسحت دمعة نزلت من

عينها وبطفولة: هي الي زعلانة علي ومقاطعتني يمه.

ام علي: امتس تزعل عليتس؟!! قولي غير هالحتسي، امتس من شهر ما سمعت ضحكها الا تو.

روان صمتت لانها ما راح تصدقها، كلمتها قليلا بعدين مدت التلفون لامها وراحت لغرفتها.

***
**

يدور حول نفسه يكاد يتفجر من الغضب والغيض، يريد الخروج من هذا المكان قبل أي شيء، يريد

استرداد حريته، شركاته، أمواله وقبل هذا كله يريد استعادتها.

تلك العاصية لن يهدأ له بال حتى يستعيدها ويخضعها مثل ما كانت، سيعلمها كيف يكون التجرء عليه

وجرجرته في المحاكم ستندم هي وكل من ساعد في طلاقها منه، وخاصة ابن اخيها سلمان.

أولا يجب ان يخرج من هنا باي طريقة، لم يجد تاجر يكفله، ديونه بالملايين ومع ان لديه أملاك توفي

ديونه وتزيد لكنها محجوزة ولا يستطيع التصرف بها حتى يفك الدين عنه.

خرجات منه لعنات وشتائم لمها وسلمان، ضرب الجدار بقبضته عدة مرات يفرغ الغضب الذي سرعان

ما يمتلئ به قلبه، لا شيء لاشيء يبرد حرته الا تكون مها أمامه.

***
**

جالسات بالحوش قرب بعض بجلسة سارة الجديدة، بين يدينهم شبس حجم كبير، سارة تقضم بصوت

مرتفع وليال تفكر بالي قالته لها قبل لحضات، التفتت على سارة

وهي تحك اذنها منزعجة: ياحمارة كولي من دون صوت خرمتي اذني.

سارة تكمل قضمها: وش اسوي للحين منقهرة.

ليال حطت بفمها قطعة شبس وردت تواسيها: خلاص الي صار صار فترة وبينتسى الموضوع وما كانه

صارشي.

سارة اخذت جوالها وفتحته على مقطع الفيديو ومدته لليال: ماشاء الله ذي تنتسى.

ليال اخذت الجوال منها وبصدمة أعادت مشاهدة المقطع كذا مرة وكل لحظة تردد: ياحمارة، الله يأخذ

فهاوتك.

سارة تأيدها: شوفي عاد الهدارة اصورها واطالعها بالجوال ويوم حسيت اني اصور طق ارسل الفيديو

لابوي.

ليال: والله لو وحدة غير خالتي مها كان قلت مايخالف، بس هي شديدة مرره من ناحية التصوير ياويلك

لو تدري بتفتتك زي هالشيبس.

وقضمت بصوت مرتفع تمثل لسارة الطريقة وهي تضحك.

سارة: يعني ماتحلل منها؟

ليال طالعتها كأنها تطالع وحدة غبية: خبلة انت، وش تحللين منه، وش بتقولين له معليش خالة

صورتك فيديو وأرسلته لابوي بالغلط.

سارة: انثبري.

حست ان سارة فعلا متضايقة، قربت منها واخذت قطعة بطاطس وحطتها بفم سارة: اسفه ياقلبي

فاهمتك والله بس خلاص انت ما تقصدتي الشيء ذا يعني ضيقتك ما راح تحل شي.

سارة: والي يقهر زود ابوي عطاني محاظرة طويلة عريضة وكاني متقصدة.

ليال ما قدرت تكتم ضحكتها قالت: ابوك اخر واحد ينلام صراحة.

ناظرتها سارة بحدة فسارعت تعتذر: والله سوسو، يعني تخيلي واحد متوفية زوجته من ست سنين ومو

راعي تلفزيون وحده بالسوشيل ميديا تويتر يفتحه بالشهر مره وفجاة تطلع له وحدة زي خالتي.

سارة تأيدها: امس قالي سوسو.

وانفجرت ضحك وليال تطالعها بين الضحكة والتساؤل، كملت سارة تشرح لها: هو ما ينادين الا سارة

او سارتي ماعمري سمعتها منه سوسو ابد، وامس نادان سوسو حتى هو لما شافني متفاجئة حس

وعدلها وقال سارتي.

ليال أعادت فتح المقطع ورفعت الصوت على كلمة خالتها لسارة: شوفي سوسو

سألت: ياحمارة لا يكون ماحذف الفيديو؟

سارة: االحمارة انت تبين ابوي يسوي كذا، بس شكل الكلمة علقت براسه او عجبته.

ليال هزت رأسها بطرب: اوهووووو من ناحية عجبته فهو محقق.

نظرت لها سارة بغيض فكملت: اقصد الكلمة الكلمة.

وكملت تهون عليها: ما تدرين يمكن هالغلطة تفك عقدته وتخليه يتزوج.

سارة دفتها: طسي هناك ومن قالك انه قاعد على قلبي او ابيه يتزوج.

ليال ضربت كتفها: حرام عليك صغير عمره ماوصل خمسين تبينه يقعد باقي حياته بدون زوجه، انت

بكرا بتتزوجين وتلهين عنه ببيتك وعيالك.

سارة ما قدرت تنكر هالشيء، حلم عمرها يكون عندها بيت مليان أطفال تعوض فيهم احساسها الفائض

بالحب والحنان، تحس مافي شيء يعوضها عن فراق أمها الا طفل من دمها ولحمها تودع فيه كل الي

يختلج بصدرها من مشاعر وحرمان.

لما طال صمت سارة، كملت: كم مره لمح لك بهالشيء ما تدرين يمكن هو متردد عشانك، من حقه

يكون حياته ويجيب له مره واولاد، امك الله يرحمها كانت دائما مريضه يعني حتى حياة طبيعية

ماعاش، مفروض انت الي تشجعينه وتسألينه بعد وخصوصا هو ما قصر معك، ترا هذا بر.

سكتت لما شافت سارة تمسح دموعها: يعني لو امك قالت بتتزوج بتوافقينها.

ليال هزت راسها بقوة: اكيد بوافقها، هذي حياتها، شوفي انا ما قولك انه عادي عندي وما راح يهمني،

بس مالي حق اعترض.

ناظرت السماء فوقها صافية وزرقتها فاتحة وجميلة، تنهدت بشجن وحطت كيسة الشيبس الي بيدها

على الطاولة وكملت: اول ما ماتوفي ابوي كثير خطبوا امي، منهم دكاتره ولهم مناصب، تخيلي فيهم

الولد الي ما تزوج والي ارمل او مطلق، تعرفين امي جميلة ودكتورة ولها شهرة كبيرة بالجامعة، اول

ما كنت افكر بأسباب رفضها، لكن الحين صرت أتساءل ليش كانت ترفض، يعني اكيد بتلقى الي بيهتم

فيها وببناتها، أحيانا احس اننا ظلمناها، قعدت عشاننا وشوفينا تزوجنا وحدة ورا الثانية وبكرا اذا

تتزوجت جود بتعيش لحالها.

تغلغل داخلها كلام ليال بهدوء، معقولة ابوها حارم نفسه الزواج بسببها، لم تسأل نفسها يوما هذا

السؤال، كانت مرتاحة وماعمرها فكرت بأسباب عزوفه عن الزواج، كانت تتصرف بأنانية من دون ما

تحس.

رجع تركيزها لليال حين قالت: بقولك سر ما توقعت اني أقوله.

سارة: والله وصار لنا اسرار ونخبيها.

ليال: ياتبنه، هذا مو سر سر، يعني زي الفكرة، بس بطلت ما راح أقول لك.

سارة : تكفين ليال ماطيقها هالحركة بطلت وما بطلت، قولي وش كنت بتقولين اشوف.

غمضت عيونها ورفعت حواجبها بحركة رافضة، صرخت لما قرصتها سارة: أي وجع.

سارة: قولي والا جتك الثانية.

وكملت لما قربت منها سارة: خلاص خلاص بقول، قبل يومين محمد اخذني يشاوني على بيت ناوي

يشريه لنا، تخيلي كل شي متوفر فيه، صغير ومضبط، يعني تقدرين تسمينه بيت الاحلام، بس قلت انه

بعيد عن بيت اهلي وأهله ورفضته، والصدق انا رفضته عشان حوشه صغير ومزحوم الحي مافي مجال

اوسعه، ونا ابي بيت حوشه كبير واذا تزوجت جود ببني لامي فلة وسط الحوش واكون قريبة منها

وكل شوي اطل عليها ماراح اخليها تعيش وحدها، وقلت لمحمد ابيه بحوش كبير وقلتله السبب.

سارة ضمتها: ما شاء الله عليك يارب يرزقني بنت مثلك.

ليال بوجع: أخاف ما تحبينها.

سارة شدت عليها: حرام عليك تقولين كذا، والله خالتي عزيزة الفترة الي راحت بغت تموت عشانك.

ليال: عشاني مريضة، بعد ماشفيت كم مرة تخانقت معها.

سارة: طبيعي بتتخانقين معها، تبينها تستمر تعاملك مثل المريضة.

ليال زفرت: مادري يا سارة، صايرة حساسة وموسوسة.

مدت لها سارة الشيبس وكملوا سواليفهم الي دارت بكل اتجاه، مرة يشكون لبعض، مرة يضحكون

ويعلقون على بعض، يحلقون بأمانيهم بعيد، وترجعهم المخاوف للواقع.

بعد ساعة طلعت ليال لبيتها، وظلت سارة تفكر بكلامها، فعلا هي صادقه لازم ما توقف بطريق ابوها اذا

يبي يتزوج، حتى لو اختار وحدة كريهه اهم شي سعادته، وراحته.

***
**
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..
*
انتهى...



شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 01:13 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله
__

الجزء السادس عشر
__

في المطبخ مشغولة جدا، اليوم الاجتماع الدوري عند زوجها، اخوانه يجتمعون كل خميس من كل

أسبوع ببيت واحد، سما جالسة على طاولة المطبخ العريضة خلفها تقطع الخضار وتحطه بزبدية كبيرة:

يمه.

ماحصلت رد فرفعت صوتها أعلى شوي: يممممه.

فايزة وواقفة على الفرن تشوح البصل: وشتبين.

سما: وش مناسبة العزيمة الي بتسوية خالتي.

فايزة سكرت الغاز ووقفت عندها تراقب تقطيعها: انتبهي للخيار لا تقطعينه كبير، ابوك مايحبه مقطع

كذا.

سما: والله ما خرب ابوي الا انت، والا فيه رجل يتدخل بتقطيع الخيار، انا اذا تزوجت بقسم الخيارة

نصين، عجبه ياكلها ماعجبه انا اكلها.

فايزة بتضرع: الله يجعلني اشوفك تقطعين الخيار كبر النملة.

سما: بنتك الوحيدة تدعين عليه هالدعواي لو عندك عشر بنات وش بتسوين بنا بتقطعينا زي تقطيعك

الخيار.

فائزة ضحكت: انت عن عشر وربي، بعدين الحين حشمية زوجك صارت دعوة.

والتفتت على مساعدتها الفلبينية: خوذي اليس ودي مقلط، هذي لو نقعد معها للليل ماخلصنا.

سما بقت نص خياره وثلاث طماطم ذوات الحجم اصغير، اكلتهم حتى ما تضطر لتقطيعهم وقلت وهم

محشورات وسط فمها: هه خلصت، يالله عاد قولي لي وش سالفة العزيمة.

فايزة تنهدت: أولا بمناسبة بيتها الجديد، والثاني بمناسبة رجوع روان.

سما مسحت فمها وقالت: طيب بنات خالتي عزيزة بيجن؟

استغربت فائزة من سؤالها: اكيد بيجون وش هالسؤال؟

سما: مادري بس جود بالفترة الأخيرة ما تطيق سيرة روان، ومره ربى قالت اشتقنا لروان، وردت جود

ليتها ماتجي، وحتى ديم تكشر اذا جت سيرتها، وليال أساسا من زمان هي وياها شيل وحط.

فائزة تضايقت مما سمعته، المشاكل صارت مكشوفة للجميع ودخلوا فيها جود وديم، معقولة يدرون

باللي سوته روان، متأكدة اختها عزيزة ماخبرتهم لكن ليال مافي شيء يمنعها، اكيد قالت لخواتها.

خافت تكبر المشاكل بين البنات او تتطور وتحصل مشاكل بين أخواتها، حلها راح يكون مره صعب،
ردت على سما: اول شيء ليال ماعمرها شالت وحطت مع روان كل الي بينهم تعليقات.

سما ضحكت: تكفين لي عيون اشوف، روان كل ما تجتمع مع ليال لازم تجدع عليها وليال دايم حاقرتها
وما كانها موجودة باجتماعتنا.

فائزة خرجت للمقلط بعد ما ضاق خلقها من كلام سما، ضروري تكلم عزيزة تسألها عن البنات وتكلم

مها تنتبه لروان.

***
**

انتهت من صلاة العصر وذهبت مباشرة للمطبخ، قلبها كان مع حلاها الي بالفرن، استغفرت بعمق

واخرجت القالب وانحنت تقطعه في صحن ذهبي مستطيل، وضعت في صحن من نفس الطقم شوكلاتات

منوعة، وكملت تشكيل الصينية بكل ماتحبه روان وتفضله، كانت تحاول مراضاتها عن معاملتها.

بالأمس لعب فيها تانيب الضمير والندم وأكل جزا كبيرا من ليلها، فظاظتها مع روان لم يكن لها داع، إذا

كانت عزيزة وليال سامحوها لماذا تستمر بغضبها؟

بالتأكيد تعلمت من عقابها هذا واضح من دموعها أمس وانكسار نظراتها التي تسترقها بين فترة

وأخرى، كانها تبحث عنها عن حنانها وضحكها.

دخلت غرفتها بعدما كلمت أمها بالامس ولم تخرج حتى الان، شعرت ان الشوق رجع يملاء صدرها

وكأنها لم ترها منذ ساعات.

سمعت باب غرفة أمها يفتح، رفعت رأسها على دخول روان، ابتسمت لها ابتسامة عريضة وقالت: وش

هالنوم؟

روان وقفت قليلا تتاكد، هل أمها تبتسم لها ام انها تتوهم، جلست على الكرسي ومسحت عيناها

وبصوت مليء بالنعاس: ما نمت الا بعد الساع سبع.

مها حملت الصينية: صلي وتعالي تقهوي معي.

اليوم في شي متغير بامها، أو بمعنى أصح هذه هي أمها التي تعرفها، تبعتها للصالة وقالت: مصليه.

جلست بكرسي منفرد وتأملت الصينية العريضة بشكلها المرتب، صحن التمر، كنافة القشطة، سلة

الشوكولا، ورولات التوست بالمورتديلا التي تعشقها، وأخيرا كأس ورد صغير أضفى للطاولة نظرة

فريدة.

روان: من بيزورنا اليوم؟

مها فهمتها ردت بابتسامة: ماحد.

روان: توقعت ليال بتشرفنا.

مها رفعت حاجبها ما عجبها التلميح، روان خافت تزعل وغيرت الموضوع: اشتقت لقهوتك ماما،

ماحبها الا منك.

مها صبت لها وقالت: انت متى بتشيلين ليال من راسك؟

روان ماردت فصرخت عليها: ردي.

روان ارتجفت يدها، وضعت الفنجان على الطاولة وقالت: كنت أمزح يمه، لو جود او ديم الي جو كنت

بقول كذا.

سكتت لحظة بعدين كملت تاكد كلامها: والله.

مها شافت الدموع بعيونها وصدت بضيق، دموع بنتها تبعثرها وتضيق الدنيا عليها، أصبحت حاضرة

معها في كل موقف وبعد كل كلمة، تعوذت من الشيطان، وبعدما هدأت قليلا قدمت لها الحلا: ذوقي

وعطين رأيك.

روان اخذت الصحن ورجعته على الطاولة، مها سألتها: ليش ما تاكلين؟

روان: ماشتهي.

مها: من جيتي ماكلتي شي.

روان بألم: من شهر ونا ما اكل شي كانك ماتدرين.

قامت بترجع لغرفتها، مها مسكت يدها قبل ما تبعد وشدتها تجلس بالاريكة جنبها، ضمتها بقوة وقالت:

ونا من شهر اموت وأحيا بكل لحظة.

روان انفجرت دموعها وضمت جسمها أكثر في حضن امها، كانت كل يوم توعد نفسها ماتعدي لامها

الي صار، بتخليها تندم انها ظلمتها وسمعت لهم وما سمعت لها، بتقهرها بالعتاب والزعل لكن لما

حست بدفء أمها ورائحتها، بحنانها نست كل وعودها وشي واحد بقي في ذهنها انها رجعت لمكانها

في حضن أمها والباقي لايهم.

مها لما طال بكاء روان ابعدتها عنها: بس ياروان ضيقت صدري ليش هالصياح؟

روان وهي تمسح دموعها: ماما لا تتركينن مره ثانية، اموت انجن إذا سويتها مرة ثانية.

صوتها كان يرتجف وجسمها يرتجف، مها ما توقعتها متأثرة بفراقها كذا، رجعت تضمها وتهديها

وروان كملت بكلمات متقطعه: اضربين اذبحين إذا بغيتي بس لا تتركينن، والله العظيم ماعاد اضايقك

بشي، ماعاد اضايق أحد بشي، بسكت ومااتكلم مع احد بس لا تتركينن ماما، لا تظلمنين، حرام عليكم.

غاصت مها بخوف لما شافت انهيار بنتها الغير طبيعي، تنهدت وقالت: طيب ياروحي، والله ماخليك ولا

اتركك، خلاص تعوذي من الشيطان، روان روان سمي بالله.

روان: احلفي.

رنات الجرس القوية قطعت حديثهم، مها ناظرت هاتف الجرس المعلق على الجدار باستغراب، قالت:

قومي حبيبتي غسلي وجهك بشوف مين.

قامت ورفعت السماعة: مين؟

روان سمعت أمها تقول: هلا والله أبو سلمان، الحين افتح لك.

خالها علي جاء، لازم تشوفه وتتكلم معه من اجل ابيها، أمها طلعت تفتح الباب بينما هي وقفت روان

وقفت تنتظر دخول خالها.

مها فتحت الباب لأخيها علي وسلمان، سلمت عليهم ومشت معهم للصالة، توقعت روان ذهبت للحمام

تغسل وجهها فدخلتهم بدون ما تتأكد.

دخل الخال علي فاقتربت روان تسلم عليه: هلا خال.

سلمان كان متأخر يتكلم مع عمته، دخل وشاف أبوه يضم روان لصدره ويقول: هلا هلا بابنتي القاطعة،

وينك يابوي من زمان ماشفناك.

بعدت عن حضن خالها بحياء وتفاجأت بسلمان واقف خلف ابوه، بسرعة قربت لخالها حتى يغطيها،

سلمان مثلها كان متفاجئ بوجودها، طلع ولدهشة روان العظيمة خالها ناداه: سلمان تعال مافي احد

غريب.

مها تضايقت وقالت: روان روحي غرفتك.

خالها أجلسها معه بالاريكة وهو يقول: والله ماتروح، انا ماجيت الا عشانها، انا جاي بخطب بنتي

لولدي، وبما ان روان حاضرة ماله داعي نبلش بتحديد يوم للشوفه الشرعية والناس كلها تدري، الحين

يشوفون بعض، اذا ارتاحوا لبعض الله يتمم لهم على خير واذا ما صار نصيب يصيير ماحد درى ولا

ننغث بكلام الناس.

روان طالعت أمها بعدم فهم: ماما؟

مها كانت لا تقل عنها دهشة وضيق، صحيح انها من عرضت عليه الزواج لكنها أزالته من ذهنها فورا

وتوقعت سلمان مثلها، لم تظن ابدا انه سيوافق وسيسارع باحضار اخيها.

قالت: الله يهديك يابو سلمان احرجت البنت خل الشوفة نتفق فيها بيوم ثاني.

سلمان كان له رأي اخر، دخل بابتسامة عريضة على وجهه وقال مخاطبا اباه: ونعم الشور شورك يبه.

جلس وعيونه على روان التي رجعت خلف ظهر خالها، سلمان كان يتذكرها لكن لن يفوت فرصة

رؤيتها مره اخرى، تأملها من شحاطاتها الفضية اللامعة لبجاماتها الحريرية بلونها التركوازي، ثاني

مرة يراها ببجامة ولاحظ ان عندها ذوق جيد باختيار البجائم، لم يفت عينيه الحاذقتين الدموع في

عينيها، وأعجبه ارتباكها واختبائها خلف ابيه، انتبه لعمته التي لا تزال واقفة ومحتارة: عمة استريحي.

مها جلست باستسلام، لم يعجبها الامر لكنه حصل بشكل لم تستطع منعه، حتى روان كانت صامته

ومذهوله، دخول سلمان منعها من الهرب ولم تجد امامها الا الاختباء خلف خالها.

علي لف على روان وبحنانه المعروف على خواته وبناتهم قال: شوفي يابوي هذا ولدي سلمان والله لو

يجين واحد باخلاقه ودينه قدمته لبنتي ونا مغمض ولو معه اربع حريم، انت شوفيه واستخيري عقب،

والي تقولينه هو الي بيمشي والي تبينه بيجيك لو وش ماطلبت.

علي شافها شاده جسمها خلفه ورافضة تتجاوب مع كلامه، ضحك حتى يخفف توتر اخته وبنتها وقال:

ارفعي راسك يابنتي وشوفيه ولا يهمك سواده والحوله الي بعيونه وصلعة راسه ترا اهم شي الاخلاق.

سلمان ضحك مع عمته: الله يسلمك يبه ماخليت من المدح شي.

سلمان اصطاد نظرتها إليه فغمز لها بخبث كأنه يتحداها أن تجد مايقوله أباه؟

خالها علي سألها: هاه وش قلتي يابوي؟

روان عرفت ان لن تجد مثل هذه الفرصة الثمينة ولن تضيعها ابدا، تستطيع طلب كفالة ابوها بدون أي

حرج من خالها وبعد خروج أباها سترفض سلمان مباشرة.

قالت بصوت حاولت ان تضع فيه بعضا من القوة: بستخير يا خال بس عندي شرط سواء انا وافقت او

لا.

مها طالعت ابنتها بذهول كانت تنتظر الرفض مباشرة، وكانت جاهزة لتدعمها. علي: لك الي تبين

يابوي، امري.

روان بثقة: ابغاك تكفل ابوي وتطلعه من السجن.

مها: صاحية انت.

سلمان تغيرت ملامحه لعصبية وقال مؤيدا عمته: لو ما يبقى بالدنيا غيرك ما دفعت ريال على ابوك.

روان صدت عنه جرحها كلامه وكانت تستطيع الرد عليه لكن أحتراما لخالها ولأمها التي تنظر اليها

بغضب من طلبها صمتت وبلعت اهانته، نظرت لخالها برجاء والدموع تلمع بعيونها.

علي ناظر ولده وقال: الظاهر انها طلبتني وما طلبتك انت، انا موافق ومن بكرا تروح للمحكمة وتقدم

استئناف وكل الي يلزم لتحريك القضية تقوم به والا شفنا محامي غيرك.

سلمان: يبه..

علي قطع كلامه: بعدين وش عندك متكي، الشوفة خمس ثواني وتخلص، يالله توكل شوي واجيك.

مها: وش تقول ياعلي تكفله بحدعش مليون وش يضمنلك انه بيدفعهن؟

علي ما رد عليها، ضم روان وقال: بنتي تستاهل أكثر، هاه يابوي بسوي لك الي تبين بكفل ابوك، طيب

وانا وش بتسوين لي.

روان ماتوقعت الرقم الكبير لديون أبيها، أجابته بصوت مرتعش: أستخير.

علي: تستخيرين لين تحسين انك موافقة، واذا وافقت عطين رايك، هاه يابوي؟

خالها علي بدهائه استطاع الالتفاف عليها وتكبيلها بجميل كفالته لابيها، كأنه شرط عليها الكفالة مقابل

الموافقة، سلمان الذي جلس ينتظر نهاية المفاوضات بينهم، ابتسم لذكاء ابيه، نهض وقال لعمته:

توصين على شي عمة.

عمته التي لا تزال متفاجأة من مباغتة أخيها وابنه، ردت: لا تسلم مابي شي.

***
**

دخل بيته عائدا من المستشفى، لا يزال ابن أخيه في العناية المركزة، والأطباء شبه يائسون من شفائه،

قابله الهدوء والصمت الكئيب وصعد الى غرفة سارة.

ابتسمت له ساره من اعماقها: هلا والله وغلا بابو سارة.

جلس قربها على السرير، اراح يده فوق سريرها والأخرى خلع بها غترته ووضعها قربه وقال: وش

عندك اليوم راقية مبكر عسى مانت تعبانة؟

سارة هزت راسها وردت: لا، بس طلعت ليال بدري كسلت ورحت غرفتي.

وبلهجة ذات معنى أكملت: الشكوى لله يبه لو متزوج كان فيه وحدة توسع صدري بهالبيت واسولف

معها يوم واتهاوش معها اليوم الثاني.

الدهشة التي ظهرت على وجه والدها اخبرتها كم كانت آثمة بحقه، ضحك وسألها: خابرك ماتدانين

هالطاري وش غيرك بسم الله عليك.

سارة: مليت يبه كل يوم نفس اليوم الي قبله.

عبد الله رفع رأسه بحركه ساخرة وقال: وعشان تغيرين جو تبين وحدة تهاوشين معها، عز الله ارتحت

يا عبد الله.

ردت عليه بابتسامة فكمل: دام الفكرة جت منك عطين ترشيحاتك.

سارة ضحكت وبمسكنة ردت: كان نفسي اديك، بس ما معيش.

تعدلت بجلستها وتظاهرت بالجدية بالرغم من الخوف داخلها: اذا تبي بتنظر لك يبه واحط بالي للمزاين،

بس انت عطني المواصفات.

عبدالله احتار أيخبرها أم ينتظر؟ لكنه لا يستطيع الانتظار، قال مباشرة: هذي خالة صديقتك الي قلت انها

مطلقة وش تعرفين عنها.

سارة ابتسم قلبها، مها انسانة رائعة يستحقها إنسان رائع مثل أباها، سألت: تقصد مها؟

عيناه أخبرتها بالجواب، إغماضة خفيفه كأنه يخفي شيئا ورد حازم: ايه.

سارة: اسمها مها ال، كانت متزوجة من فهد ال،، تطلقت قبل اشهر ووعندها بنت بعمري تقريبا.

كانت تتطوي لحافها وتفكه وهي تتكلم كانها تجمع المعلومات بعقلها، أضافت: الشكل انت شفتها يبه ما

شاءالله مره حلوة وما كأنها بتدخل الأربعين.

عبدالله ردد مدهوشا: الأربعين؟

سارة تفاعلت معه وأشعلته دون ما تدري: ايه يبه على جمال روان بنتها بس اذا شفتهن جميع بتتسائل

وين البنت ووين الام.

عبد الله قطع وصفها لأن ما رأه كان كافيا وبزيادة: طيب ابوها عايش؟ اخوانها من؟

سارة: ابوها متوفي، واخوها علي ال مشهور بتجارة المقاولات ليال مره قالت انه ماسك فلوس أمها

وخالتها مها يتاجر فيهم.

عبد الله نهض ليخرج: زين يابوي بروح أبدل وبطلع لبيت عمك، تبين شي ونا راجع.

سارة هزت رأسها بلا، عبد الله أضاف: لا تقولين لرفيقتك شي لين اكلم اخوها.

سارة بجدية: اكيد يبه.

وأول ما خرج ركضت لهاتفها الموضوع خلف طاولة مكتبها.

***
**
*
اليوم هو الجمعة حيث اجتماعهم الرسمي سيكون عند مها لأول مرة في منزلها الجديد، عزيزة عندما

اخبرتها فايزة بما سمعت من سما انتقل اليها القلق والخوف من عداوة وشيكة بين بناتها وروان، ردات

فعل جود الأخيرة تجاه روان اثبتت كلام فائزة لابد ان ليال اخبرتهن، ويجب أن تحارب هذه العداوة بكل

قوتها لان علاقتها باختها ستتأثر ان كبرت.

في عصر هذا اليوم الفضيل جلست في حديقة منزلها تستغل كل ثانية فيه بالدعاء، طلعت جود ومعها

صينية القهوة وضعتها وقالت: يوووه البيت بدون سيرما يوجع ماما.

عزيزة ردت: طلعت نص يوم واشغلتين، اجل لو البيت مليان بزران وعيال وطبخ ونفخ وش بتسوين

بنا انت؟

جود: مافي مجال ولا اتخيل.

عزيزة: لا تخيلي ووسعي خيالك بعد، بإذن الله اذا تزوجت ليال وارتحت من هم الزواج وحوسته بسفر

سيرما، يالله يمديك تسنعين قبل ما يجي ولد الحلال.

جود اتسعت ابتسامتها: ولد الحلال بيصير ولد حلال وبيقدم الشغالة قبل المهر ماما.

عزيزة أشرت بعيونها للدله قدامها: أقول صبي بس.

جود مدت لامها فنجان وسألت: وش صار على ديم بتجي معنا؟

عزيزة: تو مكلمتها وقالت بتجي مع فايزة، المهم انا بسبقكم وانتم لا تتأخرون صلوا العشاء وتعالوا.

جود ردت وهي كارهه: سمي.

طلعت لهم ليال ونفس الكلام أعادته أمها لها، ردت بمجاملة: ان شاء الله.

التفتت على جود: ديم متى بتجي؟

جود: بتروح سيدا مع خالتي فايزة.

وكملت بهمس: أتوقع ديم بتجي مع خالتي عشان تتاخر على كيفها، الحمارة نكبتنا شوفي حنا مع صلاة

العشاء عزيزة تبينا حاضرين.

عزيزة كانت مشغولة تدعي لكن اذنها معهم عارفة انهم بيروحون مجاملة لخالتهم فقط وان هالزيارة

مو من خاطرهم أبد.

ليال جاوبتها بهمس: ومن قال لك بنروح بعد صلاة الأخير اذا تمت عشر ركبنا انت قولي ايه بس.

جود: والله صادقة وش يحدنا ننغث بشوفة روان من بدري.

والقت نظرة سريعة لأمها وكلمت: أخاف تزعل علينا امي.

عزيزة ردت عن ليال: ماراح ازعل حبيبتي لاني قررت اخذكم معي.

قامت تدخل تحت صدمتهم وكملت: قوموا يالله يمديكم، بعد صلاة المغرب بنطلع.

ليال من وراها ردت: ماراح اروح الا بعد صلاة الاخير.

عزيزة كملت مشيها وهي تقول: اذا شاورتك اعترضي.

دخلت الفيلا بينما ليال قالت لأختها: شفتي وشلون تراعي خاطر روان علينا.

جود تهدئها: يمكن أحسن نروح بدري واول ما نتعشى نمسك الباب ونطلع.

ليال: وش أحسن، ليش حنا اول من يروح؟ وشدعوة هالتقديس لهازفته.

استمرت تغلي من قلب وجود تهدئها لكن بلا فائدة.


***
**
*
في بيت مها، عند الساعة التاسعة تواجد الجميع، آخر الحاضرين كان أم سلمان وبناتها نهلة وربى،

طبعا عبير لا تحضر مناساباتهم.

اجتمعوا كلهم في المجلس فوق الطاولة العريضة في الوسط وضعت صياني القهوة والشاي مع

فناجيلهما بلون فضي موحد وعلى أطرافها خط ذهبي جميل وانتشر على باقي الطاولة صياني تقديم

صغيرة ملئت بأصناف الحلا والموالح.

في المطبخ وقف شغالات أخواتها سيرما واليس ينتظرون تعليمات مها، ووقفت روان معهم محتارة في

نفسها، الكل اجتمع بالمجلس وهي لم تدخل للسلام بعد.

من طرف كانت متآكلة بسبب خالتها عزيزة وبناتها، لطالما كانت علاقتها مع ديم وجود جميلة، بالتأكيد

يكرهونها الآن، لا تستطيع مقابلتهم أو مقابلة خالتها عزيزة والسلام عليها وحتى خالتها فائزة، خائفة

من تلك النظرة التي تشعرها وكأنها انسانة حقودة وبشعة.

ومن طرف آخر كانت محرجة بسبب ام سلمان التي كلمت أمها بالأمس تسأل عنها وتخطبها خطبة

رسمية، لا تستطيع أيضا مواجهتها وتخجل من السلام عليها.

دخلت مها ولاحظت شرودها وشعرت بالرحمة والحزن يملئان قلبها، تعرف خوفها من مواجهتهم،

وتذكرت شجارهم مع بعض اليوم الصبح بعد مكالمة اختها فائزة.

دخلت غرفتها ومن دون ما تسلم بادرتها: شوفي روان أي كلمة ما تعجبني او تصرف اليوم ترا ما راح

تلومين الا نفسك، لا مع ليال او غيرها، فاهمة؟

روان كانت شبه مستلقية وبيدها هاتفها تتراسل مع هاجر، فوجئت بهجومها وقهرها التهديد، وضعت

هاتفها جانبا وردت: اللي يسمعك كني وحدة همجية وماوراي الا اهلك وبناتهم، كان حطيتي عزيمتك

يوم كنت ببيت عمي وارتحتي.

مها: للإسف حاطتها عشانك بس كنت عارفة انك ما تستاهلين.

روان: انت الي داخلة تهاوشين،

انقطع صوتها ونزلت دموعها بلا إرادة الى أين ستصل أمها بسبب هذا المشكلة؟ تستثقل وجودها وفي

أي لحظة تهاجمها، إذا كانت أمها تفعل بها هكذا، خالتها وبناتها كيف سيتعاملون معها؟

مها رجعت للواقع ونادتها: روان ليش واقفة روحي سلمي؟

ناظرت أمها بتشتت وتمنت لو تشكي لها، أن تصرخ وتقول ليست انا من تتهمون، لم تستوعب حتى

الان اتهامهم، خرجت تلك الليلة دون أن تفهم وانقطع كل شيء معهم ولا تزال لا تفهم.

استجمعت شجاعتها ودخلت المجلس، صمتت الأصوات التي كانت قبل دخولها، تجاهلت الجميع واتجهت

نحو جدتها.

تفاجأت بوقوف جدتها تستقبلها، لم تكن تقف لأحد بل كان الجميع ينحني يقبل رأسها، شعرت بأمن

فضيع وهي تضمها وترحب بها، وفرحت بوجود شخص قوي سيأويها ويقف معها لو تأزمت الأمور

مرة أخرى.

مسحت دموعها على عتاب جدتها: هالمره سلمت والمرة الثانية ان مر أسبوع وما شفتس والله

بخيزرانة خالتس علي..

روان قبلت راسها ثانية: إن شاء الله يمه هي مره وماراح تتكرر.

ربى قالت: علمين يمه اذا بغيتي الخيزرانة انا أدربرها لك.

التفتت لها روان وطلعت لسانها، بعدها سلمت على أم سلمان وربى ونهلة وبالأخير ديم الي كان سلامها

فاتر جدا.

لفت تسلم على خالتها فائزة كانت جالسة يسار ام علي وجنب فائزة على الاريكة الملاصقة جلست

خالتها عزيزة مع بناتها ليال وجود.

ارتجفت يدها لما مدتها لخالتها عزيزة وتملكها وجل وخوف ولم تستطع النظر لعينها، لكن الذي لم

تتوقعه احتضان خالتها وترحيبها الحار وكأن شيئا لم يحدث.

عزيزة: هلا حبيبتي وشلونك اشتقنا لك.

جود وليال ناظروا بعض منصدمين من تصرف امهم بعدها ناظروا ديم الي كانت تطالعهم مستغربة

ومتضايقة.

روان بفرح ردت على عزيزة: حتى انا اشتقت لك خالة.

جود وليال وقفوا يسلمون عليها بأطراف أصابعهم ومن دون ما يناظرونها او يردون على ترحيبها مما

سبب لها انكماش وانكسار، تراجعت لتذهب لكن عزيزة جذبتها واحتضنت كتفها: تعالي جنبي عطيني

أخبارك.

والتفت لبناتها: ليال فسحي لروان.

ليال عطت أمها نظرة حملتها كل الغضب الي داخلها وقفت وغيرت مكانها لكرسي منفرد.

دقائق وبعدها قامت روان تصب القهوة ووقفوا ربى وسما يساعدونها واستمروا على هذا المنوال بين

تقديم وجلوس حتى جاء وقت العشاء.

في فناء مها الجانبي الصغير وضعت طاولات البوفية مع طاولات العشاء وتحت أضواء الشموع

المتراقصة والأضواء الجدارية الصفراء ونسمات الهواء الباردة خرج الجميع للعشاء، كان المكان بديعا

على صغره والجلسة كانت رايقة تخللتها ضحكات كثيرة من سما وربى وجود.

روان لم تجلس للعشاء كانت تتعذر بالإنشغال هنا وهناك، جلست بالصالة وأغمضت عيناها ترتاح قليلا

بعد وقفتها المتعبة في التقديم.

فتحت عيناها على دخول أمها: ليش ما تعشيتي؟

روان: باكل بعدين.

مها: زين جيبي عباية امي بتطلع.

قامت روان: مو كانت بتنام عندنا؟

مها بضيق: مواعدتني تنام الاسبوع ذا بس نكبتني وقالت خلاص جت بنتك، استعجلي روان وجيبي

عباية ام سلمان بتطلع معها.

طلعت روان لجدتها مع باب الفناء الجانبي، مها اخذت عباية أمها تلبسها وروان مدت لأم سلمان

عبايتها.

ام سلمان: مشكورة حبيبتي الله يوفقك.

روان ابتسمت لها والتفتت لجدتها تتهرب من نظرات ام سلمان: كنت بتنامين عندنا، ليش هونتي يمه؟

ام علي: بروح يابنيتي مالي غير مكاني.

مها: الله يخليك لنا يارب، بس ترا ماراح نعذرك الا بجيه ثانية.

أم علي: يصير خير يامي، كثر خيرك وعساه دايم ومنزل مبارك يالله في امان الله.

وطلعت هي وام سلمان، رجعت روان بتدخل للفلة وشافت نهلة تركض بتلحقهم، سألتها: وين بتروحين

انت بعد، البنات بيقعدون.

نهلة: هم ماوراهم شي، انا بقوم بدري وبكمل بحوثي، يالله ياقلبي اشوفك على خير تاخرت على سلمان

،،،، وغمزت لها.

غمزة نهلة عورت قلبها، ابتسمت لها روان مجاملة ودخلت الفلة بينما مازال الجميع يتحدثون على

طاولات العشاء، وقفت على المغاسل القريبة من مجلس الضيوف تتفقدها، ووقفت جنبها خالتها عزيزة

تغسل يديها ثم ذهبت للمجلس.

على طاولة العشاء اللي فيها البنات مالت ليال على جود وقالت: اشوفك مكيفة وطاقته سوالف امي

قامت، امشي نقول لها بنرجع.

جود: زين اسبقين وبلحقك.

دخلت ليال ورأت روان تدخل المجلس، اتجهت نحوه تبحث عن أمها وقبل ماتدخل سمعتها تكلم أمها.

روان: خالة؟

عزيزة رفعت رأسها، وروان جلست قربها وقالت: انا اسفه.

سكتت تستجمع شجاعتها قدام نظرات خالتها على هدوئها إلا أنها مهابة نظرة منها تكفي عن ألف

كلمة، أردفت: والله العظيم ياخالة انا اسفه بس مو انا..

عزيزة مسكت يد روان وقالت: شوفي ياقلبي اهم شيء أنك رجعت لنا، والباقي كله مايهمني.

نعم هذه هي حقيقة أمها مع روان مهما فعلت لا يهمها، ليال دخلت بإبتسامة حملت كل كبت السنين

وغضبها وكملت: اكيد يا روان اهم شي وجودك اضربي وتبلي لا تخافين ماحد راح يحاسبك.

كانت ترتجف وعتاب موجع يطل من نظراتها، عزيزة أوجعها الفهم الخاطئ الذي وصل لليال، قالت

بهدوء: تراك فهمتين خطأ يا ليال.

ليال صرخت: واضح كلامك وقصدك قلتيه باختصار ما يهمك شي من اللي صار، مرضي وتعبي واللي

سويتيه فيني انت وياها كله مو مهم، اهم شي رجوعها.

مها وفائزة كانوا قاعدات بالصالة، وجود تدخل مع البنات على صرخة ليال، فزت مها وجود ركضت

للمجلس، فائزة مسكتها وقالت لها وللبنات: خلكم هنا لاحد يجي.

دخلوا المجلس، روان لما شافت وجه أمها المسود ارتاعت وقالت لليال: انا ما سويت لك شيء.

ليال قاطعتها ثايرة: كذابة، أنت السبب أنت...

بدا صوتها يضعف وكلامها يتخبط، من أيام وامها راجعة لتحكمها وتجاهلها وعصبيتها، كانت تظن

نفسها تتوهم وتسيء الظن لكن ماسمعته الان، وما تجمع داخلها من إحتفاء أمها لروان أول المساء

أثارها حتى الجنون.

شعرت بيد تجذبها وتحيطها، لم تشعر بنفسها وهي تنهار بالبكاء في حضن خالتها فائزة، عزيزة جلست

على الأريكة بذهول وهي ترى انهيار ليال، لطالما حذرتها الدكتورة من انتكاسة أكيدة اذا استمرت

المشاعر السلبية بينهما وسوء الظن.

مها دون ان تفهم قبضت يد روان بقسوة وخرجت بها وما ان وصلت الصالة حتى دفعتها بأقوى

ماتستطيع تحت انظار البنات.

مها: ادخلي ياحيوانة.

روان بصعوبة استطاعت الثبات حتى لا تسقط لكن ما ان تمالكت نفسها حتى أتتها دفعة قوية لم تتوقعها

من جود وهي تصيح بها: وشتبغين من اختي أنت، وشتبغين منها؟ الله ياخذك.

ضربها الجدار بقوة لكن الألم ما كان له معنى أمام هذا الهجوم من ليال وامها وجود، ديم أسرعت

ومسكت اختها على دخول عزيزة التي صرخت بجود وهي تتلوى بين يدين ديم وتسب روان: جود.

مها أخذت روان ودخلت فيها الجناح ثم غرفتها حتى تبعد عن مسمع الجميع، مازال الغضب يعميها،

دفعت روان أمامها واندفعت منها الكلمات بنفس القسوة: جيتي وجاء الشر معك.

وبوجع كملت: انا وشلون ابتليت فيك وبليت ولد اخوي؟

قربت لها: والمشكلة اخذت بخاطري ليش يتضايق لما عرضتك عليه، طلع كلن يعرف طبعك اللئيم حتى

الرجال.

روان انخرست وكأن حديدة مشفرة مليئة بالصديد وقفت في منتصف حلقها ومنعت خروج الكلمات

منها، التفتت نحوها بعيون حمراء لن تتحمل أي كلمة أخرى منها ما سمعته وما فعلته امها نسفها

ونسف كل ثقتها وافتخارها وحبها.

مها همست لها بكره: جهزي شنطتك.

وطلعت وقفلت الباب وراها تحت هلع روان ورعبها، سقطت جالسة وانحنت بجلستها على بطنها

تحتظن نفسها وتبكي بنواح مكتوم تبكي ظلم شتت كل قواها وفراق قادم سيهرس كل بقايا عقل لبث

عندها.

***
**
*
في المجلس فائزة مسكت يد ليال وانتظرت حتى خف بكاءها الهستيري مهما بان من شفاءها يظل جانب

كبير منها يحتاج للترميم والعلاج.

سألتها بحنان: وش فيك ياعمري؟ وش سوت روان؟

ليال وعت على انهيارها وشعرت بخجل فظيع من عدم سيطرتها على مشاعرها وغضبها،

ردت: ماسوت شي.

فائزة: شلون ما سوت شي والصياح هذا جاي كذا؟

زاد خجلها من سؤال خالتها الحازم، بالتأكيد ستسيء فهم بكاءها وستظهر امامها بمظهر الفتاة

الحساسة والضعيفة، نزلت رأسها وأخبرتها بحديث أمها مع روان وقالت تبرر نفسها: تقول لروان

ماهمني الا رجوعك والباقي كله مايهمني، قهرتني ياخالة، انا عشان روان اخذتني لخالتي مها وخلتني

اقول مسامحتها، تقول مابي علاقتي مع اختي تخرب بسببكم وحطتني بنفس الكفة مع روان كاني انا

الي متسببه بهالمشاكل، واليوم مجرجرتن غصب عشان احتفل برجوع وحدة أكرهها وتسببت لي بكل

هالأذى، كله عشانها وانا بالحراق، تعبت ياخاله ليش انا ما أهمها لو جود او ديم هم اللي صار لهم كذا

قومت الدنيا وقعدتها.

فائزة تفتت قلبها وهي تسمع ليال تشكي لأول مرة، مسكت يدها وليال رجعت دموعها وهي تكمل: وش

سويت لها انا ياخالة، زوجتني غصب وليلة الملكة قالت يكفي انه محمد بياخذ وحده مثلك، انت ما

تستاهلين وماراح اسوي لك لا زواج او ملكة، انا وشفيني حتى تقول كذا وش شايفة علي، أحيانا ما

انام الليل لما أتذكر كلماتها، كلماتها دايما توجع ياخالة.

ضمتها فائزة ودمعت عيونها، عتاب ليال ليس خاص بعزيزة وحدها بل يشملهم كلهم على الأقل عزيزة

مريضة ولا تعي تصرفاتها بينما هم أصحاء كان بإمكانهم تجنب هذه المشاكل بتصرف صحيح حاسم.

فائزة بعد صمت قالت: يمكن ما تصدقين اللي بقوله بس تراك غالية عند عزيزة، اغلى عندها من اي

شخص تعرفه ومتاكدة مثل ما اشوفك انو مو قصدها تقلل من أهمية اللي صار لك.

ابتسامة ساخرة لاحت على فم ليال خلت فائزة تقبصها وتقول مازحة: كأنك مكذبتني؟

ليال انحرجت: محشومة خالة بس كلامك بعيد عن التصديق.

فايزة اتسعت ابتسامتها: يعني مكذبتن بس بأسلوب لغوي منمق يابنت عزيزة.

ليال زاد حرجها مالت عليها فائزة وضمت كتفها وقالت: اختي واعرفها وراح تبين لك الايام صدق

كلامي بس انت اصبري.

ليال بضيق: ليتي ما قلت شي، روان ماخطت معي بس غصب ما تحملت كلام امي لها.

فائزة: مالومك ياقلبي طبيعي ردة فعلك.

ارتاحت بمصارحة خالتها وبتعاطفها معها، قبلت كتفها ووقفت: بغسل وجهي.

فائزة: غسلي وتعالي، ارسلت لمحمد يجي ياخذكم.

خافت تكبر وتصل المشكلة لمحمد، سألت خالتها: قلت له شيء؟

فائزة: ما قلت، بس قلت تعال خذ سما وليال بيرجعون، وبشوف إذا جود بترجع معكم.

***
**
*
في الصالة كان الوجوم مخيما على وجوه الجميع، انقلبت حفلتهم من حفلة جميلة الى نزاع لم يعتادوه

دمر كل بهجة الليلة.

عزيزة كانت واقفة فوق رأس بناتها، لا تستطيع الجلوس، شاهدت مها تقترب والغضب لايزال منتشر

بملامحها، مها وقالت: كيف ليال؟

عزيزة غمضت عيونها بتعب وقالت: عندها فايزة.

دق هاتفها وكان السائق، قالت لبناتها: قوموا يالله، وانت ياديم خلي السواق يرجع لي، شوي وارجع

مع ليال.

قاموا البنات وقامت ربى وسما معهم بيوصلونهم كما أمرت عزيزة، سما دخلت على أمها وقالت انها

بتروح مع البنات.

فائزة: بيجي محمد الحين.

سما: لا يمه بروح مع جود.

فائزة: زين الله يحفظك.

طلعوا البنات وبعدها بنص ساعة جاء محمد وأخذ ليال، وفائزة طلعت لخواتها عزيزة ومها، كانوا

جالسين برا بالحوش والصمت مخيم عليهم.

فائز جلست بالفرشة الأرضية قريب من عزيزة وأسندت راسها على الجدار بينما مها تتأمل المساعدات

يرتبون طاولات العشاء والبواقي منه مافيها حيل تقوم توجههم أو تشرف عليهم، خلتهم على راحتهم

وبكرا بتعيد وراهم.

فائزة: ليش هاجدات.

خرجت ابتسامة قصيرة من عزيزة بينما مها تنهدت وقالت: وش تبين نسوي؟

فائزة: حصل خير، بنات وكل يوم لهم حال، أهم شي انتم ياخواتي مابي يأثر علينا الي صار أو يسير

بخواطرنا شيء على بعض.

مها دمعت عينها تعبت من سلوك بنتها وعجرفتها، ردت: أنتم بناتكم والنعم، انا ربي بلاني بهالبنت

تعبت منها.

عزيزة وفائزة التفتوا لها وانتبهوا انها فاهمة الموضوع غلط، عزيزة سألتها: وش دخل روان؟

مها: مادري وش سوت بس والله ماخليها.

عزيزة: ما سوت شي، ليال سمعتني أتكلم معها وفهمت كلامي خطا، والا روان ما تعرضت لها ولا

كلمتها.

فائزة أردفت: حتى ليال قالت كذا، قالت روان ما قالت شي.

مها طالعتهم فترة طويلة بعدها وضعت يدها على رأسها: تقولون الصدق؟

فائزة سألتها بشك: وش قايلة لها؟

مها أخبرتهم بكلامها مع روان واضافت: توقعتها مثل العادة مسوية شي.

فائزة: الله يهديك هذا كلام ينقال، وش دخل خطبتها بسلمان عشان تجرحينها كذا.

عزيزة: حرام عليك جاية تعتذر من ما سوت شي.

فائزة ثارت نقمتها على خواتها التفتت لعزيزة بعصبية: الخطأ كله راكبك ليش تقولين لها ما همن الا

رجعتك، الانسان يسير عنده حمية شوي لو سيرما وهي غريبة بتدافعين عنها، وشتبين ليال تفهم من

كلامك.

عزيزة: رحمت روان كل اليوم وهي تطل بعيوني خايفة، ما قعدت مع البنات خايفة، وطول الوقت

تشتغل وماتعشت، العتاب ما كان وقته.

فائزة: لو سمعت كلام ليال كان عذرتيها، بعدين مهب الدكتورة حذرتك من أي انتكاسة، ليش ساكته

للحين صارحيها وخليها تفهم على الأقل الأسباب الي فرقت بينكم، وش تنتظرين.

عزيزة ما لقت رد هي نفسها لا تعرف لأي شيء تنتظر، فيها خوف ان ليال ما تصدقها، ما تتقبل منها،

ما تعذرها، أسباب واهية تخليها ساكته.

مها استغرقها الهم دموعها تخط وتحكي معها إحساس الندم الي تعيشه وهي تتذكر نظرات روان،

فائزة: خلاص اللي صار صار، أن شاء الله ما يتكرر ثانية، انت يا عزيزة تتفاهمين مع ليال، وانت يا

مها استسمحي من روان وحطي لها حدود.

مها: ارحمها كثير، ماعندها خوات ولا اخوة ماحد يحبها بسبب طبعها، اذا القريب كرهها من بيبقى لها

ماحد راح يتحملها، اليوم انا ضربتها وجود دفتها بكرا ...

عزيزة: وش قلت من ضربها؟

مها خافت من عصبية عزيزة وصححت كلامها: ما حد ضربها، دفتها؟

عزيزة بصوت عالي قطعت كلامها: كسر، وليش تمد يدها؟

عزيزة أخذت الهاتف ودقت: الو وينك سليم؟

سليم: قريب بيت مدام شوي ويجي.

قامت عزيزة بغضب مشتعل تتوعد بجود، فائزة كلمتها تهديها.

دق الهاتف وكان السائق، قامت مها: استحلفك بالله ياعزيزة ما تقولين لها شي، هي مثلي فهمت

السالفة غلط وماتنلام، روان هي اللي بدتهم بالشر.

عزيزة وهي تلبس طرحتها: ما راح أقول لها شي.

طلعت وفائزة رفعت حواجبها لفوق وقالت: الله يعين جود.

**
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
**

سؤال، وش رايكم باللي صار اليوم لروان؟ استحقته أم لا؟

**
انتهى..



شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 09:53 PM   #20

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله
__

الجزء السابع عشر
__

استغرب صوت امه وهي تامره أن يأتي ويوصل ليال للبيت وعندما ركبت وسلمت فهم من صوتها

المرتجف حدوث مشكلة، سألها مرارا ما بها وكانت تجيبه أنها متعبة.

يعرف من أنفاسها ونظراتها إذا كانت متضايقة أو لا، وصلوا المنزل ونظر نحوها بغضب من إنكارها

وتهربها.

سألته: زعلت؟

محمد صد عنها يتأمل نخل الزينة الواقفة أمام المنزل دون أن يرد، ليال تضايقت من غضبه الواضح،

أول مرة يسير بينهم زعل في شيء ليس بيدها.

تستحي أن تخبره بما حدث، يكفي ما رأى من ضعفها ودموعها، تتمنى مسح هذه الصورة من ذهنه

ومن ذهن الجميع، تتمنى أن ترجع امامهم ليال القوية الواثقة التي حين يزلزلها الكلام ظهرت ابتسامتها

الباردة.

محمد: ما زعلت.

ليال: أجل ليش متضايق؟

محمد رفع حاجبه وسألها: باي حق تسألين وانت ماتقولين وش فيك؟

ليال ابتسمت: بحق اني ليال زوجة محمد.

الدلع والتملك بلهجتها مسحوا منه كل ما بخاطره، كيف يغضب منها وهي تفتخر بأنها زوجته هكذا؟

ومن دون مايفكر قال: سنة ونص كثير على الزواج جهزي نفسك بعد شهر زواجنا.

هذه الفكرة كانت مستعمره رأسه من زمان، ليال تفاجأت جدا: كيف بعد شهر محمد؟ ما يمدي ما حجزنا

قاعة ولا سوينا شي.

محمد: مو لازم زواج، بعد السفر نسوي حفلة كبيرة.

ماعجبها طلبه، تجاوزت انها ما سوت ملكة لكن الزواج صعب تتجاوز فكرة انها ما سوت زواج، محمد

كمل: اذا موافقة بكلم امي.

لكن عندما فكرت قليلا شعرت ان أمها ستفرح بقرارهم وسترتاح من مصاريف وتعب ماله اول ولا آخر

وخاصة انها لم تسترح بعد من زواج ديم، قالت: اذا وافقت امي ماعندي مانع.

محمد: أكيد بتوافق.

تحسست من كلامه كأنه يخبرها مكانتها وقيمتها عند أمها، ارتعش صوتها وهي تفتح الباب: بكرا ارد

عليك، تصبح على خير.

مشت بثقل حتى جلسة الحديقة، الوساوس سيطرت على مشاعرها وأفكارها، من جهة ارتاحت لاقتراح

محمد تبي تطلع من البيت لأنها تعبت من المشاكل مع امها وجلستها معها تزيدها حساسية ومن جهة

تعرف ان موافقة أمها بتأثر فيها سلبيا بشكل ماراح تنساه أو تتعداه.

انفتح الباب الخارجي ورأت أمها تدخل للفيلا من بابها الامامي. لحقت بها وعندما وصلت الدرج سمعت

صراخها، بسرعة صعدت للأعلى واندهشت لما سمعت الصوت يأتي من غرفة جود.

دخلت عليهم ووجدت أمها في ذروة غضبها وجود تطالعها متفاجئة وخائفة، جائتها الإجابة قبل أن

تسأل: ما تستحين على وجهك يوم انك تمدين يدك عليها، خير ان شاء الله انا مربية بنت والا عربجي.

جود بقوة: اللي سوته باختي مو شوي تستاهل من يكسر راسها بعد.

عزيزة تمشي لها: لا والله انا الي بكسر راسك.

ركضت ليال توقف بينهم، هزت رأسها: خير؟

عزيزة بمكابرة بالرغم من تأثرها من الكره بنظرات ليال: انت الي خير، وخري احسن لك ولا تتدخلين

بشي ما يخصك.

حست بجود تضمها من وراء خائفة: اللي يخص اختي يخصني.

عزيزة صرخت: ابعدي أقول.

ليال انتقل لها الخوف من عصبية أمها وهيأت نفسها للضرب بدل جود وبثورة

ردت: ماراح اسمح لك تضربينها، اختي ماغلطت، روان طول عمرها متسلطة علي وماعمرك قلت شي،

جود هي الوحيدة الي دافعت عن مو مثلك تطبطبين عليها وتقولين اهم شي رجعتك.

انفجرت عزيزة فيها: أقول اللي أقوله مو انت اللي تحاسبينن يالخايسة، ذلتيني بكل حركة وكل كلمة

أسويها، تعبت منك كأنه مافي غيرك مظلوم بالدنيا.

جلست بعدها عزيزة على سرير جود بتعب ودموعها تنزل بقوة، جود ركضت وجلست قدام أمها على

الأرض وباست يدها وهي تقول: أسفه ماما خلاص خلاص، بكرا أو الحين اذا تبين اروح اعتذر من

روان، تكفين يمه لا تبكين.

ليال غرقت بدموع أمها وذبحها تعبها وبكاها، تمنت تضمها مثل جود وتعتذر منها، وتقبل يديها وقدميها

اهم شي ما تشوف دموعها، قالت بهدوء: اسفه يمه ان شاء الله ماراح اتعبك بعد هاليوم.

تنفست بعمق وكملت: محمد بالسيارة قال ماله داعي ننتظر حتى اتخرج، وطلب نلغي الزواج

وياخذن بعد شهر واذا انت موافقة انا موافقه.

وهي تتكلم عزيزة رفعت رأسها بعدم تصديق بينما ليال تكمل: اسفة اذا تعبتك او حسيتي اني اذلك

بكلامي، ماعاش ابد اللي يذلك ويضيق صدرك.

غصة قوية منعتها من الإكمال واساسا لم تكن تستطيع أكثر خرجت وتركتهم.

*
*

دخلت غرفتها ورمت حقيبتها على الأرض، أخذت علاجها من الدرج وشربته،

فتحت النافذة تستنشق الهواء البارد بأنفاس متسارعة يقطعها البكاء، لا دواء يخفف حزنها هذا ولا

عزاء.

سمعت الباب يفتح ومن دون ما تلتفتت قالت: جود اطلعي تكفين مالي خلقك.

عزيزة أضاءت الغرفة فسكرت ليال الستارة والتفتت غاضبة لتجد أمها من دخلت ليس جود.

صدت عنها ليال بإنكسار ما غاب عن عزيزة، جلست على سريرها ونادتها: تعالي يابنتي.

سألتها ليال: وشتبين؟

عزيزة عاد التعب يطل من عيونها وقالت تترجاها: تعالي ما راح أطول.

قربت ليال وجلست بالطرف الآخر من سريرها بعيد عنها، عزيزة احتارت، كيف تبدأ؟ كيف تشرح وجعا

لا تشرحه القواميس وحزنا استوطنها سنوات طويلة؟

قالت: متى اتفقت مع محمد؟

ليال: قبل شوي.

عزيزة: أنت موافقة؟

ليال: ليش ما أوافق؟

عزيزة قربت منها قليلا وقالت: لاني انا ما راح أوافق.

مجاملة من أمها كانت ام لا الا أنها ردمت جزأ من كسرها، ردت: انت معطيتني موافقتك من زمان.

عزيزة فهمت قصدها واللي كان كلامها ليلة الملكة المشئومة، تنهدت: الكلام الي يطلع لحظة غضب

مينواخذ فيه صاحبه ياليال.

ليال قامت: لحظة الغضب الي تتكلمين عنها كان حياتي كلها، كل عمري عشته بلحظات غضبك اللي ما

تنتهي.

حزن ثقيل ساد الغرفة وطبع بكابتئه عليهم، عزيزة نزلت نظراتها للإسفل وقالت وهي ترتجف: انا

مريضة.

نزلت كلمتها على ليال مثل ضربة السكين، التفتت لأمها ببطء بينما عزيزة كملت: أنا مريضة من ولدتك

وللحين مريضة، تعبت ليال والله العظيم تعبت، سامحين حاولت اتعالج بس ماقدرت.

ركزت بنظراتها على أمها تحاول فهمها، كيف تكون مريضة وتعتذر منها؟ جلست قريب منها وسألتها:

وشفيك؟

رفعت عزيزة راسها تتأمل ملامحها المخطوفة وارتجاف شفتيها، ابتسمت بضعف وقالت: لا تخافين

مرضي مو عضوي، نفسي.

قطبت ليال عيونها فكملت امها: مرضي بدا بعد ما ولدتك، كنت فرحانه فيك فرحة ما ظنيت فيه فرحة

تساويها بالدنيا أبد ولا أكثر منها الا بجنة ربي.

لكن بعد ولادتك باسبوع ضربني اكتئاب حاد وصلني للجنون، مرضك على قوته كان يخف بالمهدئات

ياليال، انا اقوى مضادات الاكتئاب ما نفعت معي.

نزلت دموعها لما تذكرت تلك الأفكار والخيالات الموحشة وذلك المرض المريع، هربت من أفكارها

لتكمل: كنت رضيع تحتاجين رعاية واهتمام فاخذتك امي عندها لاني ماكنت بوعيي ولا بدنيتي ولا ادري

وش النهار من الليل، وبعد مارحت عند امي اختفى كل اللي بي.

ليال تعمقت نظراتها بخوف ما قدرت تربط مرض أمها بها، حست بضيق قوي وهي تحاول تستنج معنى

كلام أمها.

عزيزة: خفيت ورجعت اخذك لكن رجع لي مرضي، وبعدها فهم الجميع حالتي، ومع الرقية قال لي

الشيخ إني مصابه بعين قوية عليك.

جاهدت كثير بالرقية الله يعلم ياليال بس ما قدرت اتحمل الإكتئاب، ولما شافت امي حالتي كذا اخذتك

عندها، ومشت السنين بس انا وقفت بوسطها ماقدرت أعيش من دونك، ولا قدرت أعيش معك، ياما

ليلة وليلة بكيت فيها بحضن ابوك أعجز انام، واروح مواصلة للجامعة، ابيك بس ماقدرت اغامر

واجيبك لاني اشوف معاملتي لك ببيت امي، خفت عليك من نفسي ومن مرضي، ولما تميتي ثمان سنين

انتهى كل تحملي وصبري واخذتك.

القطعة الناقصة من الأحجية اكتملت أمام ناظري ليال، قطعة سوداء مليئة بسم زعاف سرعان مانتشر

في أوردتها وضرب اعماق قلبها.

فهمت ولم تفهم، الآف الأسئلة نهشت استيعابها، مامعنى أن تكون أمها مصابة بعين نحوها؟ نزلت

رأسها تفكر.

عزيزة حتى تخفف الصدمة الواضحة في عيون ليال قالت: قررت اذا خلص زواج ديم برجع للرقية حتى

لو مت بسبب الاكتئاب، اهم شي اتحسن معك والحمدلله قدرت استمر ولي كم شهر ونا اطلع للشيخ

والحمدلله انا اتحسن يابنتي.

انتهى كلامها والتفتت لليال تنتظر جوابها، لم يعجبها صمتها وهدوئها فنادتها: ليال.

رفعت ليال رأسها وسألتها: وشلون؟ يعني العين تخلي الانسان يكره ولده؟

هزت عزيزة رأسها تنفي تفكير ليال وما فهمته: لا حبيبتي، انا ما اكرهك.

حتى وان أنكرت أمها، افعالها تثبت معنى كلامها، عصبيتها وغضبها الدائم وتضايقها من وجودها لم

يكن إلا دليل على كرهها.

عزيزة: ليال لا تقهرينن هذا مرض خارج عن وعيي بس مو معناه انك اكرهك.

عزيزة توقفت عن الكلام لما تعالت شهقات ليال، واضح انها فهمتها بشكل خاطئ وهذاما كان يخيفها

ويجعلها تتردد في الإفصاح عن مرضها ومصارحتها، اقتربت لها وضمتها، وهي تقول: ليال

خلاص.

ابتعدت ليال وعزيزة كملت: وشلون فهمتي اني اكرهك يابنتي، قضيت عمري كله مشتاقه لك، مشتاقة

اني أتكلم معك واضحك معك،

انقطع كلام عزيزة، الترجي والتخبط في محاولة انها تشرح لليال بشكل مبسط استنزف كل طاقتها.

ليال تأملت الدمع بعيون أمها والتعب الواضح بصوتها، دائما كانت تنجن اذا سمعت هذا الصوت المتعب

منها وكانت تكره نفسها لهذا السبب، الآن فهمت انها تعبها ليس لها يد فيه بل قوى خفية تجهلها

وتجهل كيفياتها هي من تتسبب لهم بهذا الأذى.

ليال: طيب ليه ما قلت لي قبل، ليه عايشة على فكرة انك تكرهينن وما تبيني.

عزيزة: يابنتي الانسان المعيون ما يعرف مرضه، كنت انكر وأقول لا مو صحيح مافيني شي على بنتي،

كنت أقول هي الي تعاند وهي تتسبب بالمشاكل، ومع اني احس بنفسسي اذا ثرت عليك بسبب أشياء

تافهه كأنه جواتي شي يدفعني دفع اني اتخانق معك، بس ماكنت أصدق لين طحت ذاك اليوم وشالك

محمد، وقتها فهمت اني انا السبب وقلت خلاص لازم اتعالج، كلمت خالاتك، وأول ما بديت بالرقية جت

مشكلة الصور ومرضت انت ثانية، وقتها بغيت انجن يا ليال، حسيت ان الوقت فات وانك ضعتي مني.

نزلت دموع عزيزة بغزارة وهي تتذكر أيام مرض ليال، انجنت فعلا من تأنيب الضمير والخوف عليها.

عاد الصمت الثقيل يلفهم، عزيزة مدت يدها ومسدت شعر ليال: شعري كان مثل شعرك بس العين

والإكتئاب حرقوا شعري مثل ماحرقوا طمأنينة قلبي عشان كذا كل ماشوف شعرك اذوب خوف وقهر من

عنادك، أخاف يجيك شي وتنضرين مثلي، تشبهيني كثير وهذا اللي يجنني.

انرسم الذهول في نظرات ليال، منذ وعت على الدنيا وشعر أمها خفيف وقصير حتى أكتافها أين هو من

شعرها الغزير والطويل؟ هل لهذا السبب كانت تأمرها دائما بقص شعرها؟ كانت تخاف عليها وهي

بغبائها تعاند وتجادل.

همست: أنا آسفه ماما.

عزيزة واست ندمها بضمة خفيفة صدتها ليال التي لا يزال قلقها يتراكم عليها مثل غيث أسود لا ينتهي،

سألتها: طيب وشلون صرت مع القران؟

عزيزة رفعت رأسها وبإبتسامة دافئة قالت: لين اليوم كنت اظن اني ماستفدت شي لان ضيقتي نفسها،

بس فايزة نبهتني ان هالضيقة اللي مستمرة معي احتمال تكون بسبب مرضك وخوفي عليك مو بسبب

مرضي.

توقفت لحظة: ونا راجعة بالسيارة فكرت ولاحظت انه صحيح كلامها، يعني تذكرت اني اذا شفتك أكون

على اعصابي لاني أخاف أضايقك او يسير بيننا مشكله مو لأني اتضايق منك صدق.

ليال من دون ما تشعر انحنت وضمت أمها بنفس قوة الحرمان والشوق وبنفس قوة الحب الي كانت

تتمنى تبثه لها، سنوات انحرمت منها وما تزال.

قالت: صادقة خالتي، حتى انا احس نظراتك ما عادت زي قبل.

ناظرتها عزيزة بإستفهام فكملت: اول اذا عصبت علي نظراتك يكون فيها كره.

ارتجف صوتها: تتغير ملامحك وأخاف كثير كأنه شخص ثاني يطالعني.

عزيزة: طيب والحين؟

ليال: قوه غير ماما بس كنت اظن معاملتك تغيرت عشاني مريضة.

عزيزة همست: الحمدلله.

غمضت عيونها وهي تكرر الحمد لله، ليال رجعت تضمها فنزلت عزيزة رأسها على كتف بنتها

ودموعها تنهمر مع قبلات ليال ليدها ورأسها، كأن ماحدث ميلاد جديد انكتب لهم وتمنت بتضرع انه

هذا الميلاد يكون خالي فعلا من الأذى لبنتها.

*
*

أغلقت باب الفناء بعد خروج فايزة وجلست تنتظر أذان الفجر، لم يبقى الا دقائق، لا تستطيع الذهاب الى

غرفتها لانها روان هناك ولا تريد مواجهتها، ستتعب كثيرا في مراضاتها وهذه المره تستحق، أغمضت

عيناها ولم تصحى الا على صوت الاذان، نهضت وتوضت ودخلت غرفتها فداهمتها برودة التكييف

القوية.

فتحت الإضاءة المعلقة على الجدار لتجد روان غطت جميع جسدها عدا وجهها كان مدفون تحت

ذراعها، ولم تستطع ان تتبين اذا هي نائمة او مستيقظة.

أغلقت الضوء وشرعت تصلي وأطالت في سجودها ودعائها ثم سلمت أخيرا واستلقت في سريرها،

نادتها: روان.

لم تلقى إجابة أعادت نداءها: روان قومي صلي.

أيضا لا إجابة، تأملت ظهر روان وعرفت انها مستيقظة، اقتربت منها وضمتها بحنان دون ان تتكلم،

بعد فترة تفاجات مها بروان تستدير وتدفن وجهها في صدرها.

تركتها مها تبكي وبكت معها وهي تتسائل مالذي أوصل بهما الى هذا الحال؟ لماذا أصبحت قاسية عليها

تجرحها وتغضب عليها قبل أن تخطئ أو يصدر منها شيء؟

حتى روان ما عادت تلك القطة المدللة ذات المخالب والدليل الآن انها تبكي في حضنها بدلا من ان

مخاصمتها والشجار معها.

سمعت روان تهمس بصوت مثخن من البكاء: والله ماسويت شيء.

مها شدتها إليها أكثر وقالت: ادري ياقلبي.

فرحت بوضوح الحقيقة لأمها لكن دموعها استمرت بالنزول لأن الظلم والإهانة التي تعرضت لها أمام

الجميع وكلام أمها قبل ساعات كرهها نفسها.

مها لاحظت ازدياد بكاء روان فقالت بضيق: روان تعوذي من الشيطان.

ابتعدت روان وقالت: بروح اصلي.

مها: اذا خلصت تعالي نكمل كلامنا.

خرجت روان لتصلي انتظرتها مها لكنها لم تعد.

*
*
بعد صلاة العصر في بيت علي في دخل وتوجه لغرفة أمه: هلا بام علي وشلونك ياميمتي؟

أمه كانت مستلقية على السرير وكانت فيه مساعدتها الخاصة تدلك أقدامها، جلس علي عند سريرها

ومسك أقداهها يدلكهم والمساعدة خرجت.

أم علي: عسى ربي مايحرمني منك ياوليدي.

علي: آمين الله يخلي لنا هالرجيلات.

امه أزاحت أقدامها لما بدأ يدغدعهم بإصابعه قالت وهي تضحك: وخر وخر الله يصلحك.

أبو سلمان غطى أقدامها وقال بهدوء: قبل كم يوم جاء لمكتبي واحد اسمه عبد الله ال... يخطب مها.

سألت عنه وما سمعت عنه الا كل خير رجال والنعم، عنده شركة صغيرة وزوجته متوفيه وماله الا

بنت، وش رايك؟ من مواريه يمه انه زين بس مادري عن مها.

امه: والله يا وليدي ودي اليوم قبل باتسر تتزوج مافلحت من الأول ولا جابت ظنا الله يسامحه، ما كانت

تشكي بس ادري انه مابه خير.

علي: طيب وش رايك أسألها والا انت تسالينها.

امه: لا تسالها اصبر لين ترد علينا بنتها، اذا وافقت روان على سلمان نقدر نضغط عليه ونقوله وش

يقعدك لا زوج ولا عيال، بس دام روان عنده بتتحجج به وبترده مثل غيره.

علي: انا قلت له بنرد عليك بعد أسبوع، وهذاي مواعد روان بطلع اشري له غرفته وبجس نبضه عن

سلمان والله يكتب اللي فيه خير والله يا ميمتي حسافه تفوته، حتى ما عنده مره ولا بزران.

أم علي: بخلي فايزة تكلمه مايعرف لخواتك غيرها.

علي: على خير ان شاء الله، يالله يمه عن انك بروح لهم باخذ روان.

*
*
في بيت مها طلعت روان من غرفتها بعد ما كلمها خالها، وجدت أمها بالصالة تناظرها لابسة عباياتها

بإستفهام: بروح مع خالي علي اشري غرفتي.

مها معها خبر من أخوها، مدت لروان مفتاح مع بطاقتها المصرفية: هذا مفتاح البيت وخوذي بطاقتي

يمكن تحتاجينها.

روان عطتها نظرة اختلط فيها العتب والغضب، اخذت المقتاح وردت: معي بطاقتي ماحتاجها.

ركبت مع خالها سلمت عليه بحياء وتردد، نادرا ما تركب معه، كيف وهو ينتظر موافقتها على ابنه،

لكن خالها متمرس في الأخذ والعطاء استطاع سحب كل خجلها وبالأخير صارت هي من تتكلم وتطيل

في الكلام

وقفوا عند مفروشات باهضة الثمن تعرفها جيدا، قالت: لا خال ماحب أثاثهم.

علي: أجل نروح ل ...

وذكر اسم محلات أخرى فخمة، روان غاصت في مقعدها لا تستطيع تكليف خالها يكفي ما سيتكلف من

اجلها.

روان: خال احب أثاث .... نروح نشوفهم اول؟

وذكرت اسم مفروشات غالية لكن أسعارها لا تقارن بالمحلات التي ذكرها خالها وأساسا هذا أرخص ما

تعرفه من محلات الإثاث.

علي قطب جبينه: وين مكانهم يابنتي.

روان: محلاتهم فيه بالمولات.... مول .. أقرب مول لنا.

وصلوا المول وأول ما نزلت حست بدوخة، من أمس ما أكلت شيء واليوم قامت من نومها مباشرة

صلت وركبت السيارة توها فقط تحس بالجوع.

دارت مع خالها في المحل ووقفت عند غرفة بتصميم شابي شيك جميلة بلون اوف وايت ومفرش وردي

أعطاها مظهر أنثوي بلمسة أميرية.

أعجبتها جدا وقفت عندها وترددت في السؤال عن سعرها لانه واضح انها غالية، خالها علي قال:

عجبتك؟

روان: حلوة.

خالها علي التفت على البائع الذي كان يمشي معهم: نبي هذي محمد

البائع: تكرم عينك استاز.

علي قال لروان: شوف الإكسسورات اللي معها واختاري اللي تبين.

روان محرجة: بطلع مع امي اشتريهم.

علي: اختاري والا بختار انا.

أشر علي المفرش اللي على السرير: وهذا ضيفه يامحمد.

محمد اللبناني واللي كان اسمه نبيل هز رأسه بإحترام وقل: متل ما بدك استازز

وقرب لروان قائلا: إزا بدك تشوفي في عنا اكسسورات كتير حلوة.

روان كانت تتامل اللوحات المربعة الصغيرة برسومات الزهر الجميلة والموجودة فوق الصغير، انفتنت

في ألوانها وحتى ترضي خالها التفتت له: خال ابغى هاذي.

جائعة جدا تريد الانتهاء من التسوق والذهاب الى البيت، خالها وقف عند كراسي بلون بيج مناسب

للغرفة وأضافهم إلى الفاتورة بعدها اقترب منها وقال: هاه وش اخترتي.

روان تعذرت: يكفي خال خلصت.

علي ماحب يضغط عليها: زين يابوي اقعدي هنا وبحاسب.

روان: خال بروح اشتري مويه.

علي: ما بقى شي على اذان المغرب مع الزحمة ماراح يمديك، انتظرين احاسب ونطلع جميع.

جلست تنتظره وهمومها مالية رأسها وأولها رائحة الأكل اللذيذة التي مصدرها أحد المطاعم القريبة في

المول، أقترب خالها وطلعت معه وهم ينزلون السلالم الكهربائية صدح صوت الأذان سألها: تبين شي

ثاني والا نطلع.

روان ما صدقت تسمع هذه الكلمة: لا ماحتاج شي.

في الطريق وقف خالها عند أحد المساجد: بنزل اصلي، تنزلين؟

حسبت المسافة من هنا لبيتها وقدرت انه مع الزحمة بينتهي وقت الصلاة قبل ماتصل البيت، قالت:

بنزل اصلي.

انتهى علي من صلاته وجلس يسبح قليلا ورن هاتفه اخته مها: هلا.

مها: هلا أبو سلمان وينكم؟

علي: بالمسجد هذانا بنطلع ونجيك.

مها بقلق: أكلت روان شي؟

علي: ما امدانا دخلنا المحل وطلعنا وهو يذن.

مها: ما اكلت شي؟

سلمان التفت بحرج حس صوتها خرم طبلة اذن اللي بجنبه: الله يهديك والله حسيت اني اخذ بزر ام اربع

سنين.

مها انحرجت منه وبتبرير قالت: ما اكلت شي من امس.

علي ابتسم: طيب الحين اسألها.

مها: زين يالغالي ما أطول عليك.

طلع وكانت روان تنتظره عند السيارة وأول ماركب قال: والله يا امك هبلتن.

ناظرته روان: ليش؟

علي وهو يضحك: تقول ورا ما وكلت روان.

كمل وهو يفتح السيارة ويرجع فيها للخلف: قلت الله يعين بعدين كل وجبة بتدق علينا وكلتوا روان والا

لا.

روان تجاهلت تلميحه: مانب جوعانه.

فهم تهربها فقال يجبرها: وش رايك بتزعجنا امك والا لا؟

صدت تتامل المحلات وقالت: مادري.

بالكاد سمع همستها لكن استطاع فهم حيرتها الواضحة انتظر حتى وقفت السيارة امام إحدى الإشارات

وقال بحنان: وش اللي ما تدرين يابنتي، يمكن ما تعرفين سلمان بس انا مثل ابوك والله لو مو واثق

منه ماقدمته لك.

روان: بس متزوج.

هي من كان يتهافت عليها أفضل الشباب والعوائل هل ستتزوج من رجل متزوج؟

ماذا ينقصها حتى تتزوج برجل متزوج، وممن؟

من سلمان الذي قبل أسبوع فقط كانت تكرهه اشد الكره والآن تفكر بالزواج منه؟

لقد تعبت، لماذا أصبحت الدنيا فجأة مهتمة بها وبتعليمها وتأديبها دع ظلمها وقهرها؟

خالها: واذا متزوج وش فيها؟

روان: الناس يا خال وزوجته ما اتحمل كلام الناس انا.

خالها: حتى لو أخذت شاب ما تزوج بتلقين اللي يتكلم عنك، اللي بيلحق رضى الناس يابوي بيتعب، أنت

ما سويتي حرام وكلام الناس هذا غيظ والا ماحد يعترض على شرع الله، كم وحدة تطنزت واكلت

طنزتها بنفسها أو بنتها واخذت رجل متزوج غصب عنها، النصيب نصيب.

نعم، وأولهم جدتها وعماتها لطالما سمعت منهن قذعا لاذعا بنساء تزوجن رجال متزوجين، هاهي

ابنتهم ستكون كما يقولون، سبب خراب وخاطفة رجال.

وعندما لم ترد عليه كمل: اما زوجته فأنا بقولك شي يمكن يريحك بس لا يطلع لاحد.

شد انتبهاها نغمة الجديه في كلامه فأصغت: سلمان مرتين يطلق عبير، المره الأولى أهلها توسطوا

وهي دقت عليه وصار بينهم كلام ورجعها، والطلقة الثانية انا اللي صالحتهم ورجعها عشاني، يعني

انت مانت بداخله على بيت أساسه تفاهم ومحبه أوعيال يصبر الواحد علشانهم، خلين ساكت يابنيتي.

استغربت حرص خالها على موافقتها، متأكدة أنهم سيجدون ومن أحسن العائلات

فهو انسان غني وناجح ووسامته لا تخطئها العين، وكما تسمع دائما من أمها أنه أخلاق ورجولة.

لهت بأفكارها ولم تشعر إلا بوقوفها أمام منزلهم، في تلك الدقائق المعدودة حسمت أمرها وانهت

ترددها، إذا كانت كفة زواجه ترجح على جميع مميزاته وصفاته هناك كفة أخرى تعادل حياتها

وسعادتها وهو والدها، يجب أن يخرج أباها من السجن وهذا الأهم.

تنهدت وقالت: انا موافقة يا خال.

خالها ابتسم لها برضى ومد يده العريضة يجذبها إليه: الله يوفقك يابنتي، بإذن الله إنك ما راح تندمين

وانا أبو سلمان.

فرحة خالها ومشاعره التي يغدقها عليها بمثابة مواساة كبيرة لها وعزاء، تعلم انها ستواجه تحديات

قوية لم تعتدها سابقا، هي التي كان اكبر انجازاتها كلمة تلقيها في وجه ليال اصبح أمامها عبير

ومجتمع خصب مليء بمثل جدتها وعمتها، وأخيرا زوج لا تعلم هل سيحبها أم سيفضل زوجته وينزوي

عنها.

بإمتنان قالت: مشكور يا خال على الهدية كلفت عليك.

علي بحنان: انت اكبر هدية يابوي.

هم آخر سقط في قلبها، لا تظن انها ستكون عند حسن ظن خالها وتأمله، ودعته ونزلت.

*
*

دخل بيتهم ونادى: يمه.

سمع ردها في الصالة: ادخل ما في أحد.

دخل ووجدهم مجتمعين، سلم على أخيه ماجد وقال: يمه اتفقت مع ليال بنقدم الزواج بعد شهر.

نظرت إليه بإستغراب وقالت: وش شهر خالتك مايمديها تسوي شي.

محمد بضيق: كيفهم يدبرون أنفسهم.

فائزة بدت تعصب من أسلوبه: وش يدبرون أنفسهم تحسب الزواج طلعة استراحة.

أشار لسما تصب قهوة ولم يعلق على كلام امه، صبت له سما، وماجد قال: غريبة وشلون خالتي

وافقت.

محمد وهو يشرب: للحين ماردت ليال بتقول لها وبتخبرني.

انفجرت ضحكات ماجد وقال: الله يخويك، حسبت خالتي موافقة على هالثقة.

محمد ببرود: وليش ما توافق؟

سما أخذت فنجانه وصبت له مره ثانية: لانها قالت بعد تخرج ليال يعني مافي شي لين تتخرج ليول

غيره أحلام ليل.

ماجد: هههههههههههه

استمر محمد بنظراته الباردة وقال: وان تم الزواج وش لي.

ماجد وهو يسترخي على الكنبة وبكل ثقة: فستان امي وسما ومصاريفك فوقهم علي.

في هذه الإثناء دخل أخوهم علي فقالت سما: تعال تعال لا يفوتك.

وقصت عليه الرهان بين محمد وماجد، سألها محمد المغتاظ من ضحكها: وانت وش بتسوين اذا تم

كلامي.

سما تتحداه بحواجبها: ماراح يتم ياقلبي.

محمد: طيب يعني ماراح تخسرين شي قولي وش بتراهنين.

وهي تفكر قالت لماجد: اقترح علي شي.

ماجد: مافي الا فلوس.

سما بفسقة: الفلوس امرها سهل ابي شي قد التحدي شي يخليني اعاني.

علي: لا تتمكيجين.

سما قالت: والله جبتها، ماراح اتمكيج وراح البس فستان زواج هدى بنت عمتي نورة.

محمد طالع علي: وانت معهم؟

علي هاب نظرته وقال: بعد شهر بروح للحلاق وبضبط لي اطلق سكوسة لعرس اخوي.

انفجر ماجد ضحك وهو يقول لسما بإستهبال: ترا قصده بعد سنه بس خاف.

سما: سنه ونص.

ماجد: بعدددددد

فائزة لم يعجبها ضحكهم وهدوء محمد قالت: كله واحد شهرين والا سنه اهم شي التوفيق.

*
*

دخلت الصالة تترنح من شدة الجوع، جلست على الاريكة ودارت بعينيها تبحث عن أمها فلم تجدها حتى

المطبخ انواره مطفئه ولا أحد هناك أيضا.

انحنت على الصينية وفتحت صحن كريستالي امامها وأكلت منه ثلاث تمرات ولدهشتها شبعت.

اغمضت عيناها وتاهت مرة أخرى في حزنها وخوفها واثار ماحدث بالأمس يعود الى ذاكرتها، دفعة

أمها ونظرات البنات المصدومة ثم دفعة جود وصراخها ونظرات ديم الكارهه وهي تبعد جود عنها.

يعتدون عليها وتؤنبها نظراتهم لانها لا ترد عليهم، مسحت دموعها وكلمات أمها تتردد في عقلها.

هل هي فعلا مصيبة وابتلاء عليها؟

هل حقا عرضتها على سلمان ورفض؟

اذن لماذا خالها حريص عليها؟

فتح باب الجناح فأخذت روان منديل ومسحت دموعها، دخلت أمها وقالت: هلا حبيبتي.

روان: هلا

سألتها: وش صار معكم؟

روان: شرينا غرفة.

تأملت مها اثار البكاء في عيونها، ابتسمت بندم تحاول الوصول اليها وقالت: بس شرينا غرفة مافي

تفاصيل؟ وش لونها وش شكلها من وين اخذتيها؟

وكأنها انتبهت لشيء قالت: اكلت شيء؟

روان أشارت الى صحن التمر وقالت: اكلت.

مها نظرت لنوى التمر: بس ثلاث تمر تبين تموتين انت؟ قومي المطبخ شوفي فوق الطاولة صينية

غداك.

روان: شبعت ماشتهي.

شعرت برضى بارد لتغير وجه أمها، أمها عند الأكل لا تزال تعتبرها طفلة صغيرة ستموت إذا لم تتغذى

جيدا، في الحقيقة أمها لا تزال تعتبرها طفلة في كل تعاملها وهي كانت هكذا حتى قبل شهر ونصف.

مها نهضت وعادت تحمل صينية غدائها، وضعتها أمامها: سمي بالله.

عاد الجوع يقرصها مجددا وهي تتأمل أطباق الأكل في الصينية لكنها نفت بكبرياء: ماشتهي.

مها: أدري انك زعلانة من بس ماله دخل الاكل.

روان وجدت نفسها تقول بحزن: الاكل يخليك تعيشين وانا ابي اموت.

روعها كلام بنتها فقالت: ليش تتمنين الموت، وش جاك من؟ هذا جزاتي؟

نزل رأسها ودموعها نزلت معها: ماسويت شي، انا شر ابتليتي بي وابغى اريحك.

مها قامت من دون شعور وجلست قربها، تأملت شعرها القصير الي كان يغطي وجهها ورفعت خصلة

منه خلف اذنها وهمست: انا اسفه، أخطيت وغلطت بس كنت معذورة.

روان: معذورة؟

أبعدت يد أمها عن إذنها وقالت: من يقول اخطيتي بكلام، شهر ونص هاجرتني عشان شي مادري وش

هو، شهرعشته برعب قصر مهجور ما فيه الا رجل سكران وشغالات يحاولون يوذونك.

روان ارتجف صوتها تحاول تفهم أمها: انت ما تدرين وش سويتي فيني، حكمت علي ووقفت معهم

ضدي ماسألتين ولا سمعتي لي، انا مالي دخل بسالفة صور ليال تعبت تعبببت من اتهامكم وظلمكم.

وانفجرت تبكي وهي تبعد يدين أمها الي تحاول تضمها لكن ضعفها انهزم امام احتياجها لامها وخوفها

من ما يحدث لها، احتياجها لإنها تفهمها وتنصفها وتقف معها، تركت نفسها لامها الي أغلقت عليها

بيدينها وهي ترتجف معها.

مها سألتها: شلون مالك دخل والصور جايات من جوالك.

روان حاولت تبعد حتى تشرح لها لكن مها ما سمحت شدت عليها بقوة كانها تخاف من كلامها يكون

صحيح وتكون فعلا ظالمتها.

بعد فترة ابتعدت روان وقالت: انا للحين مادري وش الصور الي تقصدون ماما، ضربتين وتهجمتي

علي بس مافهمت والله العظيم مالي دخل ولا ادري وش صاير، طلعت من بيت خالي مصدومة

وانتظرتك أسبوع تدقين، بعد أسبوع أرسلت لك وحاولت اتواصل معك بس مارديتي.

لما جيت خفت أتكلم معك كنت مشحونة علي بس مرة مزحت باسم ليال عصبت علي، ماقدرت اتفاهم

معك عشت برعب خايفة يصير شي وتتهمونن، ودخلت على خالتي عزيزة بقولها ذا الشي، بقولها انا

مالي دخل بصور بنتك، واعتذرت منها لاني فعلا كنت نادمة على سخافتي مع ليال قبل، لكن ليال دخلت

وانقلبت السالفة علي مرة ثانية.

مها بحيرة: طيب وشلون جت الصور من جوالك؟

روان: مادري والله العظيم مادري.

كملت بإستدراك: وش قصتها الصور هذي؟

سؤالها قطع الشك باليقين عند مها، ناظرتها مصدومة سؤالها فيه حيرة وملامحها ما تنطبق على

انسان يمثل او يكذب.

أجابتها: قبل اكثر من شهر جت صور ليال مع رسايل فيها كلام بذي لجوال خالتك، عزيزة ما قدرت

تكذب الكلام لانه يصف كل حياة ليال مع عزيزة والاشد انه يهدد خالتك ماتزوج ليال محمد وكان ماحد

يعرف بخطبة ليال غيرنا انا وعزيزة وفايزة وانت، عزيزة انجنت وضربت ليال وزوجتها محمد غصب،

وليال ما تحملت، مرضت وجاها اكتئاب قوي كان بادي معها من قبل وبان بعد ضرب أمها.

تنهدت عندما مرت بذاكرتها ملامح ليال المريضة: كانت أيام شديدة ليال ضاعت منا مارجيناها الا من

الله، وحتى عزيزة ضاعت منا بسبب خوفها على بنتها، تذكرين يوم ترمين على ليال انها ما سوت

شبكة، كانت بعز مرضها وتوها بادية تخف يابنيتي.

شافت عيون روان تتسع بصدمة: عزيزة ما سوت لها شبكة لانها زوجتها بسرعة وغصب كانت فعلا

مصدقة انها تكلم واحد لين محمد جاء ومعه كشف لجوالك وكانت الصور مرسلات منه، انا شفت

الأوراق يا روان ما كان الا فيه رقمك يتواصل مع الرقم.

روان برعب: يتواصل؟

مها: لا هي حزمة صور جت من جوالك مرة وحدة وبعدها انعاد ارسالها لخالتك كأنه من حبيب ومعها

كلام وتفاصيل تخص ليال.

مها فكرت بإمكانية براءة روان وتمنت من أعماقها أن يكون صحيح حتى ولو كان معناه انها ظلمتها

وجنت عليها هي تتصافى مع ابنتها يكفي ان تكون بريئة أمام الاخرين.

روان ارتعبت أكثر تفكر في هوية الشخص الذي استخدم رقمها وشوه سمعتها أمام الجميع، كيف حدث

هذا الأمر؟ هاتفها دائما بيدها لم تذكر انها فقدته يوما.

قالت: عشان كذا خالتي فائزة بسيارة سلمان سألتني سؤال غريب،

دمعت عيونها تناظر لأمها: سألتني إذا فيه مشاعر لي تخص محمد؟ انقهرت ماما من سؤالها وهي لما

شافتني تفاجأت سكتت.

قطع نقاشهم رنين هاتف مها، ردت: هلا أبو سلمان، هلا تسلم مره عجبتها الغرفة ماقصرت يالغالي.

سمعت صوت أمها ضحكت وقالت: وش عندها ام علي؟

بتوجس سألت: تبارك لي؟

وناظرت روان الي صدت عنها وقالت: ايه الله يبارك فيك، آمين آمين، تسلم مايجي منك قصور إن شاء

الله اللي تشوفه، عطني امي.

مها: هلا بأمي هلا بالغالية، آمين الله يبارك فيك، آمين بوجودك الله يخليك لنا ياعمري، روان بدورة

المياة إذا جت خليتها تكلمك، سمي على عيني.

وسكرت مها لتلتف على روان وتسألها: وشلون توافقين على سلمان قبل ما تشاورينن.

روان: أشاورك وأنت اللي عرضتين عليه؟

نبرة الألم في صوتها أوجعت مها، كيف يهدم الغضب الكثير من المشاعر الجميلة ويبني بدلا عنها

ذكريات مؤذية هدم جبل أهون من هدمها.

مها: حبيبتي انا ما عرضتك على سلمان، ما رحت له وقلت اخطب بنتي، هو سألني عن أسماء بنات

فاقترحت اسمك مثل لو اقترح اسم أي بنت ثانية، كنت أعيش لحالي ياروان خايفة عليك تضيعين من

ومهمومة وكل اللي ابيه تكونين عندي، بس الحين مابيك تتزوجين شخص متزوج حتى لو كان سلمان،

مابي حياتك تختلط بمشاكل مع وحدة مثل عبير.

روان: اذا هو متزوج أنا أبوي مسجون، وأبيه يطلع اليوم قبل باكر، صرت ماضمنك يمه أمس طردتين

وقلت اجهز شنطتي.

مها اللي قالت كلمتها بلحظة غضب ونستها قبل ما تطلع من غرفتها قاطعتها: ما كنت اقصدها

ردت عليها روان بنفس الغضب: انا مارح انتظر لين تقصدينها، اقلها يكون ابوي طالع ومتزوجة

وعندي بيت.

مها مجروحة من اتهامها: وش هالكلام انا أطلعك؟

روان تعبت من المجادلة والتبرير في غير فائدة نهضت: خالي قال بتجي الغرفة بعد يومين، تصبحين

على خير.

تركتها مها تذهب، لا فائدة من التفاهم مع شخص غاضب، تعلم أنها جرحتها بالإمس كثيرا وإذا أضافت

إمكانية برائتها فستكون فاتورتها غالية، فاتورة دفعتها هي قبل أن تدفعها ابنتها، نظرت الى الصينية

أمامها وزادت ضيقتها، مامعنى أن تعيش على ثلاث تمرات في يومين.

**
*
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
_
انتهى


شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.