آخر 10 مشاركات
نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق(كتابة /كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          0- عاشت له - فيوليت وينسبر -ع.ق- تم إضافة صورة واضحة (الكاتـب : Just Faith - )           »          030 - خيمة بين النجوم - دار الكتاب العربي (الكاتـب : Topaz. - )           »          [تحميل] الحظوظ العاثرة،للكاتبة/ الرااااائعه ضمني بين الاهداب " مميزة "(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-09-20, 08:18 PM   #1

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي قلبي كان القربان (11) .. سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة * مكتملة ومميزة *






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قلبي كان القربان -







يسعدني المشاركة في نشر النوفيلا الخاصة بي من سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة

وهي تعتبر تجربتي المهمة الأولى في عالم الكتابة

أود أن أشكر كل من ساهم في إعداد ومتابعة تنفيذ هذه السلسلة المميزة التي تحمل بين طياتها قصصاً واقعية شاب اليأس والحزن قلوب بطلاتها لكنهن انتفضن و حولوا اليأس إلى أمل ووجدوا طريقهم المميز في الحياة

اتمنى ان تنال مشاركتي هذه استحسانكم وتفاعلكم معها


لا تسأل عن ما يحدث أو ما كان

و لا يأخذك الأمل بالقادم و تعطيه الأمان

و لا تركن لتلك الذكرى الدافئة فيخذلك النسيان

لا تأمن الأحداث
الغدر
الدم
الجشع
الغرور
و طغيان بني الإنسان

و خذ العبرة مني فقلبي كان القربان


#المقدمة

عزيزتي القارئة

لا تتسرعي بالحكم إلى أن تصلي لآخر سطر في الحكاية
العبرة ليست في البدايات
وإنما نجدها دائما في النهايات
لذلك لاتستعجلوا في حكمكم على أبطالنا
فلا يجب ان نصدر حكما قبل أن نستمع لافادة الجميع

…..

تفاجأت وداد بالاتصال الذي ورد إليها منذ قليل ولازالت بعض العبارات التي تداولتها مع المتصلة تتردد في عقلها
تحركت بخطوات مدروسة نحو نافذة مكتبها تنظر لمغيب الشمس خلف الغيوم
السماء تنذر بعاصفة مطرية خلال الليل وكم كانت راغبة بالعودة إلى المنزل والبقاء أمام مدفأة الصالة الحجرية تنعم بالدفء وبكوب شاي ساخن ينسيها برد الشتاء
ولكن ذلك الاتصال الغى كل ماخططت له وهي تفكر بتلك السيدة التي كلمتها منذ قليل بصوت واثق وقوي
صوت يحمل نبرة من السيطرة جعل وداد تتساءل ماعلاقة تلك المرأة بقصص الكتاب التي تود نشرها
ابعدت كفها عن زجاج النافذة وعادت لمقعدها خلف مكتبها الصغير تنظر للورقة التي دونت عليها رقم الهاتف واسم السيدة
( زينة الحاوي أي ريح حملتك إلى اليوم وقد ارسلت تقريبا معظم قصصي ليتم جمعها في الكتاب )
عاد الفضول الصحفي يناوش عقل وداد فأمسكت سماعة الهاتف تطلب أرقاما محددة ثم بدأت تنقر بالقلم على سطح المكتب وهي تنتظر إجابة الطرف الآخر
حين أتاها الرد قالت وعيناها مازالتا تراقبان الأرقام التي دونتها منذ قليل واحرف الاسم المدون اسفلها
_ سيد راجي اعتذر لاتصالي بك في هذا الوقت … اود ان توقف ارسال القصص الى المطبعة لعدة أيام فقط …. أجل يبدو أن هناك قصة جديدة ستضاف الى قائمة القصص … اشكرك من كل قلبي … حسنا الى اللقاء
اغلقت الهاتف وابتسمت وهي تتناول مفاتيحها وهاتفها والورقة التي دونت بها رقم هاتف السيدة زينة متجهة نحو منزلها فغدا لديها يوم حافل بالتأكيد
….
في اليوم التالي
أوقفت وداد السيارة أمام المتجر الصغير الذي لطالما مرت من جانبه خلال ذهابها وايابها لعملها
لطالما لفتت نظرها الاشياء اليدوية الصنع التي تعرضها واجهة هذا المحل من شالات وملابس صوفية تظهر مدى اتقان اصحابها لهذا العمل
ابتسمت وهي تقرأ الاسم الصغير المدون في زاوية اللوحة المعلقة فوق واجهة المحل (زينة الحاوي )
حين علمت أن السيدة تعمل بمكان قريب للجريدة التي تعمل هي بها صدمت لقد ظنت انها ربما تضطر للسفر بعيدا لاجل هذه القصة لكن لم يخطر ببالها ابدا ان تكون بهذا القرب منها
دلفت للمحل وعينيها تتجولان في المكان تبحث عن ضالتها
استقبلتها فتاة في بداية العشرينات تقريبا بابتسامة ودودة وهي تقول
_ بما أستطيع مساعدتك سيدتي
بادلتها وداد الابتسامة وقد خمنت انها ليست ضالتها المنشودة وهي تقول
_ أود مقابلة السيدة زينة
اومأت الفتاة برأسها ثم غادرت نحو غرفة جانبية بينما بقيت وداد تنظر للقطع المعروضة باعجاب
لم تمض لحظات حتى خرجت الفتاة وخلفها ظهرت سيدة ربما تجاوزت الأربعين بسنوات بملامح أقل مايقال عنها جذابة وجميلة عينين زرقاوين واثقتين قويتين رغم اختفائها خلف نظارة طبية ووجه تشعر بان القوة والثقة تنضح منه تلف رأسها بوشاح رمادي اللون يزيد وجهها جمالا
اقتربت السيدة بخطوات متأنية واثقة تمد يدها بالسلام
_ اهلا بك سيدة وداد
ردت وداد التحية وهي تصافح مضيفتها
_ اهلا بك سيدة زينة
ابتسمت السيدة ثم قالت وهي تشير لنفس الباب الجانبي الذي خرجت منه
_ يمكن أن نتحدث بغرفة مكتبي فهذا سيعطينا حرية أكبر
تبعتها وداد وفي داخلها اسئلة كثيرة تدور .. استقرت على المقعد في المكتب المفروش بعناية مما يوحي بذوق صاحبته الكبير
تناولت فنجان قهوتها من يد مضيفتها والتي استقرت قبالتها تبدأ الحديث
_ أعلم أنك استغربت اتصالي البارحة
وضعت وداد فنجان القهوة من يدها وهي تقول
_ حسنا .. لقد استغربت اجل واستغربت اصرارك على مقابلتي اليوم
أزاحت زينة نظارتها الطبية عن عينيها لتستقر فوق صدرها كونها معقودة خلف عنقها بشريط اسود يماثل لون اطار النظارة ثم نظرت بعيني وداد نظرة اخبرت وداد ان خلف هذه المرأة قصة لاتقل ابدا عن قصص الفتيات التي قابلتهن او تحدثت إليهن قبلا واللاتي جمعت قصصهن في كتابها
_ حسنا ياسيدة وداد .. لقد حدثتني احدى صديقاتي عنك ..فتاة تقابلنا انا وهي صدفة ولكن بعدها باتت من المقربات لي حماسها جعلها تخبرني عنك وعن كتابك الذي تؤلفينه
كتاب يضم العديد من القصص لفتيات كان السجن مايجمع بين قصصهم وكيف حملتهم دروب الحياة بعد خروجهن منه
هل كان السجن عقابا ام ملاذا
هل استقامت لهن الحياة ام بقيت تذيقهن الويل
كل هذا سوف يعرفه من يقرأ كتابك
رغم ان بطلة حكايتي لم تمض في السجن فترة طويلة
ولكن السجن ولو ليوم واحد لم يكن ضمن الاحتمالات التي فكرت بها وهي تمضي في طريقها نحو المجهول
لم تتخيل أن تقاسي من رطوبة جدرانه او عذاب السجانين
لذلك لم يكن نهاية تتوقعها ابدا
نظرت لها وداد تحاول ان تستنبط ماتريده هذه السيدة منها تتفرس في عينيها وتعابير وجهها لاترى اي نظرة ندم او رهبة او خوف
عينيها لا تشبهان اي عينين سبق ورأتهما في رحلة تجوالها خلف قصص كتابها
أفاقت من تساؤلاتها على صوت زينة الواثق مجددا ثقة تجعلها تتساءل مالذي تريده منها
_ لدي قصة … لنقل انها مختلفة عن كل ما صادفته … قصة كان الموت رفيق الدرب فيها ولكن من حسن الاقدار ان وهبت صاحبتها فرصة جديدة للحياة
قالت وداد متساءلة وهي التي لم يسبق ان اتت اليها بطلة بنفسها لتحكي بل هي من بحثت خلفهن جميعا ولم تترك محاولة لم تقم بها لإقناعهن برواية قصصهن
_ هل تودين ان اكتب قصتك ياسيدة زينة
ابتسمت زينة وهي تتراجع للخلف مسندة ظهرها للمقعد قائلة بثقة
_بدل بحثك خلف القصة أتت القصة اليك .. لقد آثرت في داخلي مشاعر كثيرة وانا استمع من أماني عنك
نظرت لها وداد بصدمة
_تقصدين الطبيبة اماني( شخصية الطبيبة في نوفيلا بخافقي ألوذ عن جواك للكاتبة ام شيماء )
هزت زينة رأسها بتأكيد وهي تقول
_قابلتها صدفة ثم بعدها أصبحنا صديقتين رغم لقاءاتنا القليلة لكن حديثنا شبه يومي على الهاتف ولانها تحبك كثيرا حكت لي عنك وعن القصص التي جمعتها دون أن تتطرق لأي تفاصيل حتى لاتفسد متعتي بقراءة الكتاب كما قالت
و حديثها دفعني لان اطلب لقاءك

هل تنكر وداد أن فضولها الآن بأوجه تريد ان تعلم القصة وراء السيدة زينة وهل كانت ايضا نزيلة سجن في الماضي شعت عيناها بالعزيمة وهي تقول
_ حسنا انا موافقة ياسيدة زينة سأجهز العقد الذي يضمن لك سرية الأسماء وعدم ذكر أي تلميح يخصك في القصة التي سأنشرها
قاطعتها زينة قائلة بغموض مما دفع وداد للنظر اليها باستغراب
_ لااحتاج اي عقد .. فقط التزمي بشروطي التي سأقولها لحمايتك انت وليس لحمايتي انا ياسيدة وداد



روابط الفصول

المقدمة .... اعلاه
الفصول 1، 2، 3، 4 .... بالأسفل

الفصل 5، 6 نفس الصفحة
الفصل 7 والخاتمة





ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 17-10-20 الساعة 01:48 PM
فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 08:21 PM   #2

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

#الفصل_الاول

الخاطرة اهداء من الجميلة هند Hend Fayed على لسان شخصية زينة الحاوي

(( أوَ تعجبين مِن قصتي، تظنين أنها مُقلِقة؟
حسنًا، يحق لكِ الخوف والاحتياط والحذر مني.. رغم أني لست الظلام.
أوَ تعلمين مَن أنا حقًا؟
أنا الناصحة الأمينة ومِن قبل كنت الرهان،
أنا بطلة الحكاية ومِن قبل فاتني الأوان،
أنا ذات يوم كنت مجرد ظل واليوم أنا البرهان.
وإن تسأليني النُصح يومًا فاسمعي..
لا تثقي أبدًا يا سيدتي في لطفِ امرئ أو رِفق الزمان،
فكلاهما يوم الحصادِ يتحولان إلى شيطان.
لا تقولي بأن كل جميل يُعبر عن الحبِ فما أدراكِ ألا يكون في خموده كالبركان،
ولا تظني الخير في أحدٍ حتى تأمني جانبه فما أدراكِ ألا تكون خلف واجهة الإنسان حيوان؟
وانسي أن الأمل قريب فهو في الحقيقة وعِر كما صعود الجبال والوصول بأمان إلى الشُّطآن.))

………….
نظرت وداد نحو زينة بصدمة وهي تسمع قولها … هل تظن انها ستخيفها بمثل هذا الحديث وهذا الغموض … قالت وداد بعملية مطلقة محاولة عدم التأثر بهذه السيدة او كلامها

_ املي علي شروطك اذن ياسيدة زينة

قامت زينة عن مقعدها تتحرك نحو نافذة صغيرة تطل على حديقة خلف المتجر عينيها مثبتتان على القضبان الحديدية التي تفصل النافذة عن الحديقة منعا لدخول متسلل ما تتحدث وكأن صوتها قادم من البعيد :
_ اول شروطي ان تجعلي القصة ممكنة الحدوث في كل بلد
قالت وداد :
_لم افهم
أكملت زينة :
_ انت لن تقولي انك قابلتني او سمعتي القصة مني او جلستي معي ...هي فقط قصة سمعتها مرة من زائرة غريبة، وودت ان تكون من ضمن قصص كتابك … حاولي انت تجعلي الغموض يلف قصتك حول من قامت برواية الحكاية

للحظة شعرت وداد بالخطر وهي تسمع هذيان هذه المرأة ولكن زينة عادت تنظر لها نظرات مطمئنة تخبرها
_ قصتي مختلفة ولكن يحفها الخطر ان كشفت ياسيدة وداد ورغم المخاطرة رغبت ان تضيفيها لقصصك .. وانا اطلب منك هذا الامر لحمايتك كما اخبرتك… اجعلي القصة عامة لاخاصة تمثل فتاة مثلي في كل بلد تعرض بلدها للتمزق .. فبطلة حكايتي عانت الكثير ولاتحتاج لاي معاناة اضافية وكذلك انت بغنى عن أي مشكلات قد تصيبك إن علموا أنك على صلة مع صاحبة الحكاية أو من يعرفها
_من اي بلد انت .. لكنتك تقول انك من هنا ولست غريبة عن هذه البلاد
لم تستطع وداد كبح لسانها عن السؤال فأجابت زينة بغموض اكبر
_انا من كل مكان … وكما اخبرتك بعض القصص لاتحتاج لمعرفة المكان ولابد انه سبق وطلب منك هذا الامر أعني كتمان لقاءك بصاحبة الحكاية أو من نقلتها لك .. يحق لبطلة الحكاية خاصتي ان تحظى بالامان الذي دفعت ثمنه الكثير ،بل دعيني أخبرك أن هذا شرطي الوحيد ، لأن خطورة الأمر ستتطالك انت قبل بطلة الحكاية
طرقات على الباب نبهت وداد لمرور الوقت فاقتربت منها زينة قائلة
_ ان وافقت على شرطي هذا فانا بانتظارك اليوم مساء .. في منزلي
….
في المساء كانت وداد جالسة في صالة صغيرة مرفقة بالمنزل الصغير الذي اتت اليه تنظر حولها بانبهار لقطع التحف الموضوعة بأناقة تماثل أناقة مكتب السيدة زينة
ان هذه السيدة لابد ودرست كل ماله علاقة بالتحف والديكور فلمساتها الرقيقة والواثقة تراها وداد في كل مكان منذ لحظة دخولها هذا المنزل ترافقها زينة نحو الصالة
استأذنت زينة منها لتعد القهوة لهما ثم عادت بعد دقائق
قالت وهي تضع صينية القهوة على الطاولة وعينيها تراقبان وداد :
_هل أعجبتك اللوحات؟
نظرت لها وداد بابتسامة قائلة
_ انها لوحات دمشقية كما حال التحف وهذه المقاعد .. هل انت من دمشق
نظرت لها زينة بابتسامة لكن عينيها لم تظهر اي مشاعر كما توقعت وداد ان ترى إن هذه السيدة تستطيع إخفاء مشاعرها تماماً بواجهة غريبة
أجابتها زينة بصوت خرج عادياً :
_ والدة زوجي من هناك وهي من أتت ببعض الأشياء بعد زفافها وأنا تكفلت بإحضار الباقي فزوجي مولع بكل مايخص والدته وبلدها أما أنا فكما اخبرتك انتمي لكل مكان
اخذت وداد فنجان القهوة وجلست على المقعد المصنوع من الخشب المزين بالصدف الابيض والمنجد بقماش المخمل الاحمر
لطالما شاهدت مثله في بعض البرامج التلفزيونية التي تتحدث عن روعة هذه الحرفة اليدوية او من خلال متابعتها للمسلسلات الشامية القديمة
كانت زينة تراقب نظرات وداد المعجبة وهل يستطيع احد الا يعجب بهذه الحرف ودقة يد صانعيها
تحفة تحكي إبداع الايادي التي أنجزتها
قالت وداد وهي تخرج من حقيبتها ورقة قدمتها للسيدة زينة قائلة
_ انه عقد يضمن عدم ذكر اي تفاصيل تخص هويتك وهو ما تم إبرامه بيني وبين الفتيات اللواتي استمعت لقصصهن
اخذت زينة الورقة تقرأها ثم خطت توقيعها عليها واعادتها لوداد قائلة
_ رغم أنني أخبرتك أنه لا ضرورة لذلك
هزت وداد رأسها بتفهم ثم اخرجت بضعة أوراق ومسجلا صغيرا وضعته على الطاولة
_ انا مستعدة لسماعك سيدة زينة
….

_ميرال هل بامكانك ان تستلمي مناوبتي غدا
فقد قررت حماتي المصون ان خطبة ابنتها آخر العنقود يجب أن تتم غدا وستقيم حفلا لها ولا استطيع التهرب من هذه المناسبة
ابتسمت ميرال لمنظر صديقتها سلمى وهي تنظر لها بعينين وديعتين جعلتا ميرال تهز رأسها بأجل فما كان من سلمى الا ان اقتربت تحتضنها هامسة
_ انت أروع صديقة على الاطلاق وسأرد الدين لك حين يعود زوجك من سفره
ابتسامة عاشقة طغت على نظرات ميرال وهي تتذكر زوجها الذي سافر منذ فترة لمتابعة بعض الأعمال في محافظة بعيدة
نداء الطوارئ جعلهما تتحفزان وهما تتوجهان لقسم العمليات حيث تمارس كل منهما عملها كطبيبة جراحة في المشفى الكبير داخل العاصمة
كانت ميرال تتحرك بعملية بحتة تستمع للممرضة التي تخبرها بمعلومات عن المريضة التي أصيبت لتوها بشظية صاروخية نتيجة وجودها في حديقة الجامعة حيث سقطت عدة قذائف هناك مما أدى لاصابة العديد من الطلبة الذين تزامن وجودهم هناك مع سقوط القذائف
رغم مرور حالات كثيرة عليها يوميا بسبب كثرة القذائف التي تتساقط ولكنها تشعر بالاسى لكل حالة تتولى اجراء العمليات لها
انتهت من غسل يديها بالمعقم الخاص ثم اتجهت نحو سرير العمليات حيث ترقد فتاة في ريعان شبابها ربما لم تتجاوز العشرين بعد هذا ماخمنته ميرال وهي تلقي نظرة سريعة لوجه الفتاة قبل أن تشرع بعملها بمهنية بحتة يداها خبيرتان بفتح الجسد مكان الاصابة البحث عن الشظية ثم إخراجها ورميها في وعاء مخصص لها
تستمع لطبيب التخدير وهو يعطيها المؤشرات الحيوية للمريضة وقربها طبيب مساعد استعد للبدء بخياطة الجرح بينما يدي الممرضة تعملان على مسح الجسد دوما بمادة معقمة باردة
انتهت العملية ومعها ثلاث عمليات قامت بهن تباعا دون دقيقة راحة
خرجت من غرفة العمليات منهكة تطمئن من حضر من أقرباء المرضى للاطمئنان عليهم
حمدت الله بسرها أنها لم تضطر لابلاغهم باخبار مفجعة كما حصل معها في اليوم السابق حين وصلت ضحيتين نتيجة تفجير بعبوة ناسفة ولكن للاسف وصلتا مفارقتين للحياة
ليس أصعب على الطبيب من نقل مثل هكذا خبر رغم تكراره تقريبا كل يوم الا ان ميرال تشعر بنفس الألم والحزن وهي تراقب انهيارات الاهل وصراخهم بسبب الفقد

دخلت الى غرفتها تبدل ملابسها تنوي المغادرة نحو المنزل علها تنال قسطا من الراحة قبل أن تعود لنفس الروتين غدا
رنين هاتفها جعلها تمسكه متلهفة وهي تناظر الاسم بلهفة اكبر فتحت الهاتف تستمع لصوته بعينين مغمضتين
صوته الذي جاءها عبر الآثير جعلها تستشعر وجوده قربها يديه تحيطان بخصرها بحميمية وشفتاه قرب اذنها تهمسان لها
_ اشتقت لك
تشربت الحروف بدقات قلب مفعمة بالحب ثم حاولت تصنع الحزم وهي تجيب دون ان تفتح عيناها
_من يشتاق لايغيب مدة اسبوعين دون أي اتصال
ضحكاته العابثة وصلتها وهو يقول
_ عندما أصل ساسمح لك بعقابي كما تريدين
همست بلهفة فتاة عاشقة وليس كامرأة متزوجة منذ اربعة عشر عاما
_هل انت قادم حقاً؟
عاد لضحكه قائلا
_ ساعات وأصل باذن الله
قطع الاتصال قبل ان تجيبه صرخت متلهفة
_لجين .. لجين هل تسمعني
صوت انقطاع الاتصال لم يقنعها ان الاتصال انتهى دموع غشت عينيها لاول مرة منذ رحل تستشعر خطرا قادما يحيط به هو
نظرت للهاتف تناظر الشاشة التي تحمل صورة وجهه همست بخفوت
_أرجو أن تصل بالسلامة .. سانتظرك بكل شوقي وحبي لك
وضعت الهاتف في حقيبتها تمسد على صدرها بكف يدها فذلك الشعور السيء لايفارقها
نفضت ذلك عن ذهنها تصبر نفسها بان سوء الأوضاع وكثرة ما ترى من حالات بشكل يومي في هذا المستشفى هو مايجعل هذا الاحساس يتولد لديها
اخذت اغراضها وخرجت من المستشفى قاصدة لمنزلها تحاول رسم الجدية على ملامحها فهي من تعودت ألا يراها احد ضعيفة
اي أحد عداه هو
تخطت البوابة تهاتف صديقتها سلافة والتي مازالت ضمن اجازة اخذتها لمدة يومين
ضحكة ندت عنها وهي تقول
_ باتت الاجازة لمدة يومين رفاهية لايحصل عليها احد في هذه الايام سلافة خانم
اجابتها سلافة بنعاس
_ لاتخبريني ان اجازتي انتهت بهذه السرعة
ضحكت ميرال وهي تضع حقيبتها واغراضها على المقعد المجاور لمقعد السائق ثم تستقل السيارة جالسة خلف المقود تدير سيارتها ومازالت سماعات الهاتف معلقة بأذنها
_مازال امامك حتى مساء الغد
تنهدت سلافة بتعب فهذا يعني أن إجازتها يوم ونصف فقط فقالت ميرال مكملة بابتسامة
_ غدا اريدك ان تتولي المناوبة مكان سلمى هل بإمكانك فعلها …
_ومابها سلمى الآن … لم أنا الوحيدة التي ابتليت بكما بعد تخرجنا
قالتها سلافة تدعي العذاب اجابتها ميرال وعيناها ترصدان سيارة غريبة تتبعها من اللحظة التي انطلقت بها خارج كراج المستشفى
_ بل انت محظوظة بوجودنا يا سلافة .. فكيف كنت ستقضين ايامك دوني انا وسلمى ها أخبريني
قالت سلافة بخيبة
_اجل محظوظة. .. ثم اخبريني مابها سلمى هذه المرة
اجابتها ميرال وعيناها تنتقلان مابين متابعتها للطريق أمامها وما بين تلك السيارة التي تتعقبها منذ خروجها من المستشفى
_حماتها المصون تريد إقامة خطوبة لابنتها اخر العنقود وتعرفين اذا لم تكن سلمى موجودة ستقيم الدنيا ولن تقعدها مهما حصل
أوقفت ميرال السيارة على جانب الطريق امام مطعم اعتادت أن تأخذ منه وجباتها المسائية فيبدو أن حديثها مع سلافة سيطول ثم إنها تريد التأكد من تلك السيارة
هتفت سلافة بنزق
_ هل حماتها مجنونة كيف تريد اقامة حفل خطوبة والوضع في البلد بهذا السوء ثم سلمى الن تكف عن سلبيتها تلك لا اصدق انها طبيبة جراحة ابدا
لا أفهم ما الذي ورطها بذلك الزواج
عينا ميرال وحواسها كانت على المرآة الامامية تراقب السيارة التي توقفت خلفها على بعد عدة امتار
هل هم يراقبونها أم أنه يهيأ لها حاولت أن تتحلى بالشجاعة وهي تلمح السيارة تغادر من امام سيارتها فتنهدت براحة تزيح ذلك الخوف عنها او تدعي زواله هل يمكن ألا تخاف وكل يوم تسمع عن عمليات اختطاف واغتيال
صوت سلافة الحانق وهي تخاطبها جعلها تعود لتركيزها بعض الشئ تقول بصوت خفيض
_ ان الناس تريد ان تفرح كذلك يا سلافة … فمهما كان الحزن كبيرا نحاول ان نبحث عن فرصة واحدة لنعيش لحظة سعادة مسروقة من الزمن ...فلا تلومي الناس لمحاولتهم التمسك بتلك السعادة
قالت سلافة بقلة حيلة
_ حسنا لا بأس وانت هل هناك مايشغلك كذلك
ضحكت وهي تقول بشاعرية
_ لجين قادم بعد ساعات
ضحكت سلافة تجيبها
_ وطبعا العاشقة ميرال لن تستطيع الا ان تكون بانتظاره
ضحكت بمرح وهي تستمع لكلام صديقتها ويدها تلتقط حقيبتها لتخرج قطع النقود بقصد النزول وإحضار الفطائر
_بالتأكيد لن استطيع الا ان اكون بانتظاره
تنهيدة حالمة وصلتها من سلافة وهي تقول بمزاح
_ متى يأتيني ذلك الفارس والذي سأتركك انت وسلمى تقيمان لأشهر في المستشفى بينما انا انعم بالسعادة معه
أجابتها ميرال
_وافقي على إقتراح سلمى وتزوجي شقيق زوجها
قالت سلافة بغضب
_ وأبتلي مثلما بليت هي
لم تنتبه ميرال لجملة سلافة وهي تراقب ذلك الشخص الذي خرج من المطعم نحو سيارة تعرفها جيدا يركب السيارة بجوار سائقها لتنطلق بهم مسرعة … انه شخص لن تخطأه أبدا … ولكن ماذا يفعل هنا وهو مسافر لعدة أيام كما اخبرها
توسعت عيناها بصدمة كلا لابد أن هذا وهم من صنع خيالها فهو لايمكن ان يكذب عليها قالت محاولة انهاء الاتصال بسرعة
_سلافة علي ان اغلق الان … لاتتخلي عن سلمى مهما حدث .. تذكري عهدنا اننا شقيقات لاخر العمر
سلافة على الطرف الآخر قفزت برعب من سريرها وبرأسها تدور آلاف السيناريوهات عن الخطر المحدق بميرال ومثيلاتها من الأطباء عمليات خطف واغتيال تطال كل يوم النخبة منهم وميرال الافضل في مجالها في المستشفى الذي تعمل به فهل هناك من يود اغتيالها
_ميرال .. ميرال هل انت بخير
اتاها صوت ميرال وقد استعادت بعض هدوءها
_ انا بخير ماذا بك
سقطت سلافة على السرير تلهث قائلة
_لقد اخفتني ظننتها وصيتك الاخيرة يافتاة
_ كل يوم نحن نكتب وصيتنا ياسلافة ام تراك نسيتي مايحدث خارجا كل ساعة .. ساغلق الان فانا وصلت للمنزل
كان هذا صوت ميرال التي أنهت الحديث بعدها متوجهة نحو منزلها وقد غادرت سعادتها بقدوم زوجها ليحل محله الخوف .. خوف كانت تشعر به منذ مدة لكنها كذبت نفسها مرات ومرات
………

انتهت من حمامها ونظرت للهاتف باستجداء للمرة المئة
لم يرن منذ وصولها رغم إرسالها للعديد من الرسائل
تنهدت بتعب تجلس بارتباك على الكرسي في الصالة تفكر وتفكر
نظراتها رانت الى مجموعة من الصور وضعتها بإتقان فوق رف المدفأة الرخامي
اول صورة لها ولزوجها لجين يوم زفافهما منذ سنوات
يضمها اليه بمشاكسة وهي تنظر للكاميرا بضحكة صافية افتقدتها منذ بدء الحرب
كم رسمت من الأحلام رفقة لجين
البعض تحقق والبعض اصبح طي النسيان من الصعب تحقيقه
الصورة التالية لها وله منذ عام بمناسبة عيد زواجهما لازالت نظراته تحمل ذات العشق لها
تلك اللمعة التي تخبرها أن الحب لا يخبو مع الأيام بل تزداد شعلته توهجا في قلوب المحبين
أما الصورة الثالثة لها ولصديقتيها سلافة وسلمى صورة تجمعهم في الجامعة واخرى التقطت منذ عامين بعد ولادة سلمى لابنتها لطالما كانت وصديقتيها الثلاثي المرح
صداقة ابتدأت في مقاعد الدراسة في الجامعة ولم تزدها الأيام إلا متانة وقوة
آخر صورة كانت لها مع شقيقها غياث تحتضنه بلهفة أم وسعادة اخت
نهضت من مقعدها نحو مكان الصور امسكت الصورة الاخيرة بيدها تمرر اصابعها على زجاجها تتلمس وجه شقيقها الضاحك
تستعيد ذكرياتها معه منذ ولادته وهي التي تكبره بتسع سنوات
كانت وحيدة والديها ليأتي هو بعد تسع سنوات انتظار
كانت مثل امه بل أكثر اقرب اليه من امهما ووالدهما
ولأن الله لم يرزقها باولاد بعد زواجها بقي هو بمكانة ابنها الذي لم تنجبه
وساهم لجين بتعزيز تلك المكانة حين اتخذه كولد له ايضا
اغدقت عليه الكثير من حبها وحنانها
نظرت لملامحه في الصورة تتذكر تاريخ التقاط الصورة بمناسبة تخرجه برتبة امتياز من الكلية التي يدرس بها ليبدأ بعدها مشواره لنيل شهادة الدكتوراه
سافر وبعد سفره بدأت تشعر بتغيره ..
عودته اثبتت لها تغيره فهو لم يعد الشاب الباحث خلف العلم والقيم بل بات كغيره لاهثا خلف جمع المال والمناصب
لكن مازالت حتى هذه اللحظة تنكر في قلبها انه تغير تحاول ألا تصدق ماتراه منه بل تكتفي بما يخبرها به قلبها كأم
تؤكد ان غياث مازال ذلك الفتى الضاحك للحياة والممتلك للكثير الكثير من الحب
اهتزاز الهاتف ابلغها بوصول رسالة أعادت الصورة بسرعة ولكنها سقطت أرضاً ليتحطم الإطار الزجاجي لشظايا كثيرة جعلها تشهق وهي تمد يدها بلهفة لتخرج الصورة قبل ان تتمزق فكان نصيب يدها جرح صغير
قطرات من الدم الأحمر تناثرت فوق صورتهما عيناها اهتزتا بغير استقرار وهي تراقب تلك البقعة التي خلفتها قطرة الدم
امسكت الصورة تضعها على طاولة قريبة بعد أن نفضت عنها قطع الزجاج
ثم اتجهت نحو المطبخ بخطوات ساهمة تحضر أدوات التنظيف لازالة بقايا الزجاج
عقلها يعمل بآلية يفكر و يدور بدوامات الفكر
أنهت إزالة الزجاج ثم عادت لمكانها تضع ضمادا لاصقا توقف نزيف الجرح بعد ان عقمته
اخذت الهاتف بيد مرتجفة تقرأ الرسالة التي أرسلت لها من رقم غريب
_ لا اعلم متى سأصل لأن الطرقات مقطوعة والوصول بات صعبا ..هاتفي نفذ شحنه
حاولت الاتصال بالرقم الذي وصلت منه الرسالة دون فائدة
تسرب القلق إليها وهي تتصور الكثير من الأشياء المرعبة التي يمكن أن تحصل
عادت تتاكد ان بريدها لا يحتوي إلا على هذه الرسالة إذا فغياث لم يجبها بعد
وضعت الهاتف جانبا وهي تفكر متى ستزول هذه الغمة ويعود كل شيء لسابق عهده
تعود هي ولجين لقضاء صباحهما معا مع فنجان قهوة صباحي يعبق برائحة الياسمين ثم يتوجهان لعملهما ويعودا مساء لقضاء امسياتهما معا
كيف لا يشعر الإنسان بقيمة تلك الأشياء البسيطة التي تجري في روتين يومه العادي الا حين يفتقدها
كيف تصبح هذه الأشياء من أكثر الأمور التي يتمنى عودتها حين يفقدها
صدقت امها يوما حين اخبرتها
عيشي كل لحظة سعادة .. عيشي كل التفاصيل الصغيرة فهذه التفاصيل يوما ستكون كل حياتك
وهاهي الآن تتمنى أن تعود تلك التفاصيل الصغيرة لحياتها
يغمرها حنين غريب وهي تتذكر سيرها العادي في شوارع مدينتها القديمة ويدها بيد لجين
رائحة الدرب الذي يسيران به
ممزوجة برائحة حبات الفول المسلوق الذي يبتاعه لها من البائع الجالس خلف عربته الصغيرة
برائحة متاجر الفطائر المحشوة والتي تعشقها
رائحة الحنين
حنين يؤلم قلبها بنغزه
ألا ليت زمانها توقف عند تلك الأيام
ولم تسر الحياة بها الى هذا الزمان

في اليوم التالي أنهت عملها هي وسلافة واتجهتا نحو مطعم قريب لتناول العشاء قبل العودة للعمل
فهذه الأيام بات تواجدهما بالمستشفى شبه دائم اتخذت كل منهما مقعدا ثم طلبتا وجبة لهما قالت سلافة ضاحكة وهي تمسك الهاتف بطفولية تلتقط صورة لها ولميرال
_سارسلها لسلمى … انها الان تدور بين ضيوف والدة زوجها
نهرتها ميرال بابتسامة قائلة
_ توقفي عن افعالك هذه لااصدق انك تتصرفين كطفلة
لم تهتم سلافة وهي تلتقط صورة اخرى لتضحك وهي تقرأ رد سلمى فاقتربت بمقعدها من ميرال تريها ما ارسلته سلمى مما جعل ميرال تنفجر بالضحك كذلك وهي تناظر صورة سلمى الباكية بتصنع وكلماتها التي ترافق الصورة
_( سأتركهم واهرب اليكما )
اتت الوجبة فتصنعت الاثنتان الهدوء والصمت ريثما يضع النادل الصحون
ما إن ذهب حتى هجمت سلافة على طبق المعكرونة المفضل لديها قائلة
_ ان المعكرونة الوحيدة التي تهدر هيبتي كطبيبة لا أستطيع مقاومتها ابداً
اشارت لها ميرال باجل وهي تتناول طعامها كذلك وعيناها تراقب الشوارع الهادئة في هذه اللحظات
هدوء لايدوم طويلا في هذه الايام لذلك يحاول الجميع الاستمتاع به قدر المستطاع
يعيشون يومهم بشكل طبيعي متناسين ما يحدث كل يوم يخرجون لمدارسهم وأعمالهم لزيارة أقاربهم
كل شيء يسير بشكل طبيعي تكاد في لحظات الهدوء هذه تقسم أن لا حربا تمر من هنا كل ساعة
_مابك منذ أتينا هنا وانت تسافرين بافكارك بعيداً
قالت سلافة وهي تنظر لها باستغراب فاجابتها ميرال وهي تحرك قطع المعكرونة امامها في الصحن بشرود :
_ لا أعلم يا سلافة .. أحس أنني بت متعبة جدا من كل مايجري .. أرغب بأن أستيقظ صباحا لاجد كل ماجرى مجرد كابوس عشته .. أستيقظ لاسمع صوت ضحكات الاطفال في الحديقة أمام منزلي .. استمع لأصوات الناس وهي تغادر لأعمالها صباحا ،استمتع بحديثي كل صباح مع لجين ، ولكني اشعر ان هذا الكابوس طال أمده طويلا
قالت سلافة بتفهم لما تمر به ميرال وهي التي لاتقل حالا عنها بكرهها لكل ماجرى ويجري
_ سينتهي ذلك قريبا بإذن الله .. فقط علينا ان نتحلى بالأمل والايمان بأن الخير قادم لامحالة
وأن النور سيشرق مهما طال أمد الظلام
هزت ميرال برأسها بتأكيد لما تقوله سلافة فأكملت سلافة كلامها
_ كل ما هنالك اننا حقا بحاجة لاجازة تبعدنا قليلا عن جو المستشفى ..عن كل ما نعايشه من مآسي هناك ..
قالت ميرال بحزن
_ أتمنى ذلك فعلا ولكن عمل لجين لايسمح له بأخذ إجازة طويلة
حاولت سلافة اخراج ميرال من ذلك الحزن الغريب عليها فقالت بشقاوة
_ اها اذن هذا هو الأمر
نظرت لها ميرال باستغراب فأكملت
_ قولي انك لاتريدين الا ان تكوني انت وزوجك حبيب قلبك اما انت ياسلافة المسكينة فلا عطلة ولا اجازة
ضحكت ميرال وهي تضربها بخفة على كف يدها قائلة
_ انت لاتُصدقين فعلا
تصنعت سلافة الحزن ووضعت يدها على خدها تندي حالها قائلة
_ تعيسة انت ياسلافة لايوجد من تتمنين عطلة معه
ابتسمت سلافة وهي ترى ميرال تضحك حتى دمعت عيناها فهذا ماتريده ان تشاهد ميرال دائما مبتسمة وسعيدة فسعادة صديقتيها تعني سعادتها هي
…..
لم يستطع لجين القدوم بعد وغياث لايرد على اتصالاتها والقلق يزداد بداخلها لقد تركت سلافة بالمستشفى وعادت لتنعم بقسط من الراحة في المنزل طالما لايوجد اي عمليات مستعجلة
البارحة لم تنم من كثرة التفكير ومحاولتها لربط الكثير من الأحداث التي جرت ببعضها
تدور أفكارها بدوامات شتى دون أن تجد سبيلا للراحة
صوت انفجار قريب جعلها تقفز خوفا من مكانها
اقتربت بحذر من النافذة المطلة على الشارع تزيح الستارة تحاول تخمين مكان الانفجار
لابد انه يبعد بعض الشئ عن منزلها هذا ماخمنته وهي لا تلاحظ أي حركة غير طبيعية في الشارع قرب منزلها
غريبة هذه الحياة فعلا موت هناك وحياة هنا
والحياة مستمرة لايوقفها شئ
عادت نحو مقعدها تمسك الهاتف ترسل رسالة جديدة على هاتفها ليأتيها الرد بعد لحظات
_سأكون بعد ساعة عندك
أطفأت شاشة الهاتف و اعادت الهاتف لمكانه
ثم عادت تراقب شاشة التلفاز وعيناها تقرأ الخبر العاجل الذي كتب بالخط الأحمر والذي يقوله مذيع النشرة تزامنا مع قراءتها
( تفجير ارهابي يطال مطعما في المنطقة …. من العاصمة ذهب ضحيته عشرون شخصا
التفجير تسبب بموت…. وهو شخصية غنية عن التعريف والاشاعات تقول أن المقصود كذلك هو رجل الاعمال غياث العالم الذي لحسن حظه تعرض لحادث سير بسيط قبل وصوله للمكان مما أنجاه من هذا التفجير )


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 08:50 PM   #3

zahara 3

? العضوٌ??? » 263211
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 496
?  نُقآطِيْ » zahara 3 is on a distinguished road
افتراضي

What a wonderful story I really want to read it to you البرهان.
وإن تسأليني النُصح يومًا فاسمعي..
لا تثقي أبدًا يا سيدتي في لطفِ امرئ أو رِفق الزمان،
فكلاهما يوم الحصادِ يتحولان إلى شيطان.
لا تقولي بأن كل جميل يُعبر عن الحبِ فما أدراكِ ألا يكون في خموده كالبركان،
ولا تظني الخير في أحدٍ حتى تأمني جانبه فما أدراكِ ألا تكون خلف واجهة الإنسان حيوان؟
وانسي أن الأمل قريب فهو في الحقيقة وعِر كما صعود الجبال والوصول بأمان إلى الشُّطآن.))

………….
نظرت وداد نحو زينة بصدمة وهي تسمع قولها … هل تظن انها ستخيفها بمثل هذا الحديث وهذا الغموض … قالت وداد بعملية مطلقة محاولة عدم التأثر بهذه السيدة او كلامها

_ املي علي شروطك اذن ياسيدة زينة

قامت زينة عن مقعدها تتحرك نحو نافذة صغيرة تطل على حديقة خلف المتجر عينيها مثبتتان على القضبان الحديدية التي تفصل النافذة عن الحديقة منعا لدخول متسلل ما تتحدث وكأن صوتها قادم من البعيد :
_ اول شروطي ان تجعلي القصة ممكنة الحدوث في كل بلد
قالت وداد :
_لم افهم
أكملت زينة :
_ انت لن تقولي انك قابلتني او سمعتي القصة مني او جلستي معي ...هي فقط قصة سمعتها مرة من زائرة غريبة، وودت ان تكون من ضمن قصص كتابك … حاولي انت تجعلي الغموض يلف قصتك حول من قامت برواية الحكاية

للحظة شعرت وداد بالخطر وهي تسمع هذيان هذه المرأة ولكن زينة عادت تنظر لها نظرات مطمئنة تخبرها
_ قصتي مختلفة ولكن يحفها الخطر ان كشفت ياسيدة وداد ورغم المخاطرة رغبت ان تضيفيها لقصصك .. وانا اطلب منك هذا الامر لحمايتك كما اخبرتك… اجعلي القصة عامة لاخاصة تمثل فتاة مثلي في كل بلد تعرض بلدها للتمزق .. فبطلة حكايتي عانت الكثير ولاتحتاج لاي معاناة اضافية وكذلك انت بغنى عن أي مشكلات قد تصيبك إن علموا أنك على صلة مع صاحبة الحكاية أو من يعرفها
_من اي بلد انت .. لكنتك تقول انك من هنا ولست غريبة عن هذه البلاد
لم تستطع وداد كبح لسانها عن السؤال فأجابت زينة بغموض اكبر
_انا من كل مكان … وكما اخبرتك بعض القصص لاتحتاج لمعرفة المكان ولابد انه سبق وطلب منك هذا الامر أعني كتمان لقاءك بصاحبة الحكاية أو من نقلتها لك .. يحق لبطلة الحكاية خاصتي ان تحظى بالامان الذي دفعت ثمنه الكثير ،بل دعيني أخبرك أن هذا شرطي الوحيد ، لأن خطورة الأمر ستتطالك انت قبل بطلة الحكاية
طرقات على الباب نبهت وداد لمرور الوقت فاقتربت منها زينة قائلة
_ ان وافقت على شرطي هذا فانا بانتظارك اليوم مساء .. في منزلي
….
في المساء كانت وداد جالسة في صالة صغيرة مرفقة بالمنزل الصغير الذي اتت اليه تنظر حولها بانبهار لقطع التحف الموضوعة بأناقة تماثل أناقة مكتب السيدة زينة
ان هذه السيدة لابد ودرست كل ماله علاقة بالتحف والديكور فلمساتها الرقيقة والواثقة تراها وداد في كل مكان منذ لحظة دخولها هذا المنزل ترافقها زينة نحو الصالة
استأذنت زينة منها لتعد القهوة لهما ثم عادت بعد دقائق
قالت وهي تضع صينية القهوة على الطاولة وعينيها تراقبان وداد :
_هل أعجبتك اللوحات؟
نظرت لها وداد بابتسامة قائلة
_ انها لوحات دمشقية كما حال التحف وهذه المقاعد .. هل انت من دمشق
نظرت لها زينة بابتسامة لكن عينيها لم تظهر اي مشاعر كما توقعت وداد ان ترى إن هذه السيدة تستطيع إخفاء مشاعرها تماماً بواجهة غريبة
أجابتها زينة بصوت خرج عادياً :
_ والدة زوجي من هناك وهي من أتت ببعض الأشياء بعد زفافها وأنا تكفلت بإحضار الباقي فزوجي مولع بكل مايخص والدته وبلدها أما أنا فكما اخبرتك انتمي لكل مكان
اخذت وداد فنجان القهوة وجلست على المقعد المصنوع من الخشب المزين بالصدف الابيض والمنجد بقماش المخمل الاحمر
لطالما شاهدت مثله في بعض البرامج التلفزيونية التي تتحدث عن روعة هذه الحرفة اليدوية او من خلال متابعتها للمسلسلات الشامية القديمة
كانت زينة تراقب نظرات وداد المعجبة وهل يستطيع احد الا يعجب بهذه الحرف ودقة يد صانعيها
تحفة تحكي إبداع الايادي التي أنجزتها
قالت وداد وهي تخرج من حقيبتها ورقة قدمتها للسيدة زينة قائلة
_ انه عقد يضمن عدم ذكر اي تفاصيل تخص هويتك وهو ما تم إبرامه بيني وبين الفتيات اللواتي استمعت لقصصهن
اخذت زينة الورقة تقرأها ثم خطت توقيعها عليها واعادتها لوداد قائلة
_ رغم أنني أخبرتك أنه لا ضرورة لذلك
هزت وداد رأسها بتفهم ثم اخرجت بضعة أوراق ومسجلا صغيرا وضعته على الطاولة
_ انا مستعدة لسماعك سيدة زينة
….

_ميرال هل بامكانك ان تستلمي مناوبتي غدا
فقد قررت حماتي المصون ان خطبة ابنتها آخر العنقود يجب أن تتم غدا وستقيم حفلا لها ولا استطيع التهرب من هذه المناسبة
ابتسمت ميرال لمنظر صديقتها سلمى وهي تنظر لها بعينين وديعتين جعلتا ميرال تهز رأسها بأجل فما كان من سلمى الا ان اقتربت تحتضنها هامسة
_ انت أروع صديقة على الاطلاق وسأرد الدين لك حين يعود زوجك من سفره
ابتسامة عاشقة طغت على نظرات ميرال وهي تتذكر زوجها الذي سافر منذ فترة لمتابعة بعض الأعمال في محافظة بعيدة
نداء الطوارئ جعلهما تتحفزان وهما تتوجهان لقسم العمليات حيث تمارس كل منهما عملها كطبيبة جراحة في المشفى الكبير داخل العاصمة
كانت ميرال تتحرك بعملية بحتة تستمع للممرضة التي تخبرها بمعلومات عن المريضة التي أصيبت لتوها بشظية صاروخية نتيجة وجودها في حديقة الجامعة حيث سقطت عدة قذائف هناك مما أدى لاصابة العديد من الطلبة الذين تزامن وجودهم هناك مع سقوط القذائف
رغم مرور حالات كثيرة عليها يوميا بسبب كثرة القذائف التي تتساقط ولكنها تشعر بالاسى لكل حالة تتولى اجراء العمليات لها
انتهت من غسل يديها بالمعقم الخاص ثم اتجهت نحو سرير العمليات حيث ترقد فتاة في ريعان شبابها ربما لم تتجاوز العشرين بعد هذا ماخمنته ميرال وهي تلقي نظرة سريعة لوجه الفتاة قبل أن تشرع بعملها بمهنية بحتة يداها خبيرتان بفتح الجسد مكان الاصابة البحث عن الشظية ثم إخراجها ورميها في وعاء مخصص لها
تستمع لطبيب التخدير وهو يعطيها المؤشرات الحيوية للمريضة وقربها طبيب مساعد استعد للبدء بخياطة الجرح بينما يدي الممرضة تعملان على مسح الجسد دوما بمادة معقمة باردة
انتهت العملية ومعها ثلاث عمليات قامت بهن تباعا دون دقيقة راحة
خرجت من غرفة العمليات منهكة تطمئن من حضر من أقرباء المرضى للاطمئنان عليهم
حمدت الله بسرها أنها لم تضطر لابلاغهم باخبار مفجعة كما حصل معها في اليوم السابق حين وصلت ضحيتين نتيجة تفجير بعبوة ناسفة ولكن للاسف وصلتا مفارقتين للحياة
ليس أصعب على الطبيب من نقل مثل هكذا خبر رغم تكراره تقريبا كل يوم الا ان ميرال تشعر بنفس الألم والحزن وهي تراقب انهيارات الاهل وصراخهم بسبب الفقد

دخلت الى غرفتها تبدل ملابسها تنوي المغادرة نحو المنزل علها تنال قسطا من الراحة قبل أن تعود لنفس الروتين غدا
رنين هاتفها جعلها تمسكه متلهفة وهي تناظر الاسم بلهفة اكبر فتحت الهاتف تستمع لصوته بعينين مغمضتين
صوته الذي جاءها عبر الآثير جعلها تستشعر وجوده قربها يديه تحيطان بخصرها بحميمية وشفتاه قرب اذنها تهمسان لها
_ اشتقت لك
تشربت الحروف بدقات قلب مفعمة بالحب ثم حاولت تصنع الحزم وهي تجيب دون ان تفتح عيناها
_من يشتاق لايغيب مدة اسبوعين دون أي اتصال
ضحكاته العابثة وصلتها وهو يقول
_ عندما أصل ساسمح لك بعقابي كما تريدين
همست بلهفة فتاة عاشقة وليس كامرأة متزوجة منذ اربعة عشر عاما
_هل انت قادم حقاً؟
عاد لضحكه قائلا
_ ساعات وأصل باذن الله
قطع الاتصال قبل ان تجيبه صرخت متلهفة
_لجين .. لجين هل تسمعني
صوت انقطاع الاتصال لم يقنعها ان الاتصال انتهى دموع غشت عينيها لاول مرة منذ رحل تستشعر خطرا قادما يحيط به هو
نظرت للهاتف تناظر الشاشة التي تحمل صورة وجهه همست بخفوت
_أرجو أن تصل بالسلامة .. سانتظرك بكل شوقي وحبي لك
وضعت الهاتف في حقيبتها تمسد على صدرها بكف يدها فذلك الشعور السيء لايفارقها
نفضت ذلك عن ذهنها تصبر نفسها بان سوء الأوضاع وكثرة ما ترى من حالات بشكل يومي في هذا المستشفى هو مايجعل هذا الاحساس يتولد لديها
اخذت اغراضها وخرجت من المستشفى قاصدة لمنزلها تحاول رسم الجدية على ملامحها فهي من تعودت ألا يراها احد ضعيفة
اي أحد عداه هو
تخطت البوابة تهاتف صديقتها سلافة والتي مازالت ضمن اجازة اخذتها لمدة يومين
ضحكة ندت عنها وهي تقول
_ باتت الاجازة لمدة يومين رفاهية لايحصل عليها احد في هذه الايام سلافة خانم
اجابتها سلافة بنعاس
_ لاتخبريني ان اجازتي انتهت بهذه السرعة
ضحكت ميرال وهي تضع حقيبتها واغراضها على المقعد المجاور لمقعد السائق ثم تستقل السيارة جالسة خلف المقود تدير سيارتها ومازالت سماعات الهاتف معلقة بأذنها
_مازال امامك حتى مساء الغد
تنهدت سلافة بتعب فهذا يعني أن إجازتها يوم ونصف فقط فقالت ميرال مكملة بابتسامة
_ غدا اريدك ان تتولي المناوبة مكان سلمى هل بإمكانك فعلها …
_ومابها سلمى الآن … لم أنا الوحيدة التي ابتليت بكما بعد تخرجنا
قالتها سلافة تدعي العذاب اجابتها ميرال وعيناها ترصدان سيارة غريبة تتبعها من اللحظة التي انطلقت بها خارج كراج المستشفى
_ بل انت محظوظة بوجودنا يا سلافة .. فكيف كنت ستقضين ايامك دوني انا وسلمى ها أخبريني
قالت سلافة بخيبة
_اجل محظوظة. .. ثم اخبريني مابها سلمى هذه المرة
اجابتها ميرال وعيناها تنتقلان مابين متابعتها للطريق أمامها وما بين تلك السيارة التي تتعقبها منذ خروجها من المستشفى
_حماتها المصون تريد إقامة خطوبة لابنتها اخر العنقود وتعرفين اذا لم تكن سلمى موجودة ستقيم الدنيا ولن تقعدها مهما حصل
أوقفت ميرال السيارة على جانب الطريق امام مطعم اعتادت أن تأخذ منه وجباتها المسائية فيبدو أن حديثها مع سلافة سيطول ثم إنها تريد التأكد من تلك السيارة
هتفت سلافة بنزق
_ هل حماتها مجنونة كيف تريد اقامة حفل خطوبة والوضع في البلد بهذا السوء ثم سلمى الن تكف عن سلبيتها تلك لا اصدق انها طبيبة جراحة ابدا
لا أفهم ما الذي ورطها بذلك الزواج
عينا ميرال وحواسها كانت على المرآة الامامية تراقب السيارة التي توقفت خلفها على بعد عدة امتار
هل هم يراقبونها أم أنه يهيأ لها حاولت أن تتحلى بالشجاعة وهي تلمح السيارة تغادر من امام سيارتها فتنهدت براحة تزيح ذلك الخوف عنها او تدعي زواله هل يمكن ألا تخاف وكل يوم تسمع عن عمليات اختطاف واغتيال
صوت سلافة الحانق وهي تخاطبها جعلها تعود لتركيزها بعض الشئ تقول بصوت خفيض
_ ان الناس تريد ان تفرح كذلك يا سلافة … فمهما كان الحزن كبيرا نحاول ان نبحث عن فرصة واحدة لنعيش لحظة سعادة مسروقة من الزمن ...فلا تلومي الناس لمحاولتهم التمسك بتلك السعادة
قالت سلافة بقلة حيلة
_ حسنا لا بأس وانت هل هناك مايشغلك كذلك
ضحكت وهي تقول بشاعرية
_ لجين قادم بعد ساعات
ضحكت سلافة تجيبها
_ وطبعا العاشقة ميرال لن تستطيع الا ان تكون بانتظاره
ضحكت بمرح وهي تستمع لكلام صديقتها ويدها تلتقط حقيبتها لتخرج قطع النقود بقصد النزول وإحضار الفطائر
_بالتأكيد لن استطيع الا ان اكون بانتظاره
تنهيدة حالمة وصلتها من سلافة وهي تقول بمزاح
_ متى يأتيني ذلك الفارس والذي سأتركك انت وسلمى تقيمان لأشهر في المستشفى بينما انا انعم بالسعادة معه
أجابتها ميرال
_وافقي على إقتراح سلمى وتزوجي شقيق زوجها
قالت سلافة بغضب
_ وأبتلي مثلما بليت هي
لم تنتبه ميرال لجملة سلافة وهي تراقب ذلك الشخص الذي خرج من المطعم نحو سيارة تعرفها جيدا يركب السيارة بجوار سائقها لتنطلق بهم مسرعة … انه شخص لن تخطأه أبدا … ولكن ماذا يفعل هنا وهو مسافر لعدة أيام كما اخبرها
توسعت عيناها بصدمة كلا لابد أن هذا وهم من صنع خيالها فهو لايمكن ان يكذب عليها قالت محاولة انهاء الاتصال بسرعة
_سلافة علي ان اغلق الان … لاتتخلي عن سلمى مهما حدث .. تذكري عهدنا اننا شقيقات لاخر العمر
سلافة على الطرف الآخر قفزت برعب من سريرها وبرأسها تدور آلاف السيناريوهات عن الخطر المحدق بميرال ومثيلاتها من الأطباء عمليات خطف واغتيال تطال كل يوم النخبة منهم وميرال الافضل في مجالها في المستشفى الذي تعمل به فهل هناك من يود اغتيالها
_ميرال .. ميرال هل انت بخير
اتاها صوت ميرال وقد استعادت بعض هدوءها
_ انا بخير ماذا بك
سقطت سلافة على السرير تلهث قائلة
_لقد اخفتني ظننتها وصيتك الاخيرة يافتاة
_ كل يوم نحن نكتب وصيتنا ياسلافة ام تراك نسيتي مايحدث خارجا كل ساعة .. ساغلق الان فانا وصلت للمنزل
كان هذا صوت ميرال التي أنهت الحديث بعدها متوجهة نحو منزلها وقد غادرت سعادتها بقدوم زوجها ليحل محله الخوف .. خوف كانت تشعر به منذ مدة لكنها كذبت نفسها مرات ومرات
………

انتهت من حمامها ونظرت للهاتف باستجداء للمرة المئة
لم يرن منذ وصولها رغم إرسالها للعديد من الرسائل
تنهدت بتعب تجلس بارتباك على الكرسي في الصالة تفكر وتفكر
نظراتها رانت الى مجموعة من الصور وضعتها بإتقان فوق رف المدفأة الرخامي
اول صورة لها ولزوجها لجين يوم زفافهما منذ سنوات
يضمها اليه بمشاكسة وهي تنظر للكاميرا بضحكة صافية افتقدتها منذ بدء الحرب
كم رسمت من الأحلام رفقة لجين
البعض تحقق والبعض اصبح طي النسيان من الصعب تحقيقه
الصورة التالية لها وله منذ عام بمناسبة عيد زواجهما لازالت نظراته تحمل ذات العشق لها
تلك اللمعة التي تخبرها أن الحب لا يخبو مع الأيام بل تزداد شعلته توهجا في قلوب المحبين
أما الصورة الثالثة لها ولصديقتيها سلافة وسلمى صورة تجمعهم في الجامعة واخرى التقطت منذ عامين بعد ولادة سلمى لابنتها لطالما كانت وصديقتيها الثلاثي المرح
صداقة ابتدأت في مقاعد الدراسة في الجامعة ولم تزدها الأيام إلا متانة وقوة
آخر صورة كانت لها مع شقيقها غياث تحتضنه بلهفة أم وسعادة اخت
نهضت من مقعدها نحو مكان الصور امسكت الصورة الاخيرة بيدها تمرر اصابعها على زجاجها تتلمس وجه شقيقها الضاحك
تستعيد ذكرياتها معه منذ ولادته وهي التي تكبره بتسع سنوات
كانت وحيدة والديها ليأتي هو بعد تسع سنوات انتظار
كانت مثل امه بل أكثر اقرب اليه من امهما ووالدهما
ولأن الله لم يرزقها باولاد بعد زواجها بقي هو بمكانة ابنها الذي لم تنجبه
وساهم لجين بتعزيز تلك المكانة حين اتخذه كولد له ايضا
اغدقت عليه الكثير من حبها وحنانها
نظرت لملامحه في الصورة تتذكر تاريخ التقاط الصورة بمناسبة تخرجه برتبة امتياز من الكلية التي يدرس بها ليبدأ بعدها مشواره لنيل شهادة الدكتوراه
سافر وبعد سفره بدأت تشعر بتغيره ..
عودته اثبتت لها تغيره فهو لم يعد الشاب الباحث خلف العلم والقيم بل بات كغيره لاهثا خلف جمع المال والمناصب
لكن مازالت حتى هذه اللحظة تنكر في قلبها انه تغير تحاول ألا تصدق ماتراه منه بل تكتفي بما يخبرها به قلبها كأم
تؤكد ان غياث مازال ذلك الفتى الضاحك للحياة والممتلك للكثير الكثير من الحب
اهتزاز الهاتف ابلغها بوصول رسالة أعادت الصورة بسرعة ولكنها سقطت أرضاً ليتحطم الإطار الزجاجي لشظايا كثيرة جعلها تشهق وهي تمد يدها بلهفة لتخرج الصورة قبل ان تتمزق فكان نصيب يدها جرح صغير
قطرات من الدم الأحمر تناثرت فوق صورتهما عيناها اهتزتا بغير استقرار وهي تراقب تلك البقعة التي خلفتها قطرة الدم
امسكت الصورة تضعها على طاولة قريبة بعد أن نفضت عنها قطع الزجاج
ثم اتجهت نحو المطبخ بخطوات ساهمة تحضر أدوات التنظيف لازالة بقايا الزجاج
عقلها يعمل بآلية يفكر و يدور بدوامات الفكر
أنهت إزالة الزجاج ثم عادت لمكانها تضع ضمادا لاصقا توقف نزيف الجرح بعد ان عقمته
اخذت الهاتف بيد مرتجفة تقرأ الرسالة التي أرسلت لها من رقم غريب
_ لا اعلم متى سأصل لأن الطرقات مقطوعة والوصول بات صعبا ..هاتفي نفذ شحنه
حاولت الاتصال بالرقم الذي وصلت منه الرسالة دون فائدة
تسرب القلق إليها وهي تتصور الكثير من الأشياء المرعبة التي يمكن أن تحصل
عادت تتاكد ان بريدها لا يحتوي إلا على هذه الرسالة إذا فغياث لم يجبها بعد
وضعت الهاتف جانبا وهي تفكر متى ستزول هذه الغمة ويعود كل شيء لسابق عهده
تعود هي ولجين لقضاء صباحهما معا مع فنجان قهوة صباحي يعبق برائحة الياسمين ثم يتوجهان لعملهما ويعودا مساء لقضاء امسياتهما معا
كيف لا يشعر الإنسان بقيمة تلك الأشياء البسيطة التي تجري في روتين يومه العادي الا حين يفتقدها
كيف تصبح هذه الأشياء من أكثر الأمور التي يتمنى عودتها حين يفقدها
صدقت امها يوما حين اخبرتها
عيشي كل لحظة سعادة .. عيشي كل التفاصيل الصغيرة فهذه التفاصيل يوما ستكون كل حياتك
وهاهي الآن تتمنى أن تعود تلك التفاصيل الصغيرة لحياتها
يغمرها حنين غريب وهي تتذكر سيرها العادي في شوارع مدينتها القديمة ويدها بيد لجين
رائحة الدرب الذي يسيران به
ممزوجة برائحة حبات الفول المسلوق الذي يبتاعه لها من البائع الجالس خلف عربته الصغيرة
برائحة متاجر الفطائر المحشوة والتي تعشقها
رائحة الحنين
حنين يؤلم قلبها بنغزه
ألا ليت زمانها توقف عند تلك الأيام
ولم تسر الحياة بها الى هذا الزمان

في اليوم التالي أنهت عملها هي وسلافة واتجهتا نحو مطعم قريب لتناول العشاء قبل العودة للعمل
فهذه الأيام بات تواجدهما بالمستشفى شبه دائم اتخذت كل منهما مقعدا ثم طلبتا وجبة لهما قالت سلافة ضاحكة وهي تمسك الهاتف بطفولية تلتقط صورة لها ولميرال
_سارسلها لسلمى … انها الان تدور بين ضيوف والدة زوجها
نهرتها ميرال بابتسامة قائلة
_ توقفي عن افعالك هذه لااصدق انك تتصرفين كطفلة
لم تهتم سلافة وهي تلتقط صورة اخرى لتضحك وهي تقرأ رد سلمى فاقتربت بمقعدها من ميرال تريها ما ارسلته سلمى مما جعل ميرال تنفجر بالضحك كذلك وهي تناظر صورة سلمى الباكية بتصنع وكلماتها التي ترافق الصورة
_( سأتركهم واهرب اليكما )
اتت الوجبة فتصنعت الاثنتان الهدوء والصمت ريثما يضع النادل الصحون
ما إن ذهب حتى هجمت سلافة على طبق المعكرونة المفضل لديها قائلة
_ ان المعكرونة الوحيدة التي تهدر هيبتي كطبيبة لا أستطيع مقاومتها ابداً
اشارت لها ميرال باجل وهي تتناول طعامها كذلك وعيناها تراقب الشوارع الهادئة في هذه اللحظات
هدوء لايدوم طويلا في هذه الايام لذلك يحاول الجميع الاستمتاع به قدر المستطاع
يعيشون يومهم بشكل طبيعي متناسين ما يحدث كل يوم يخرجون لمدارسهم وأعمالهم لزيارة أقاربهم
كل شيء يسير بشكل طبيعي تكاد في لحظات الهدوء هذه تقسم أن لا حربا تمر من هنا كل ساعة
_مابك منذ أتينا هنا وانت تسافرين بافكارك بعيداً
قالت سلافة وهي تنظر لها باستغراب فاجابتها ميرال وهي تحرك قطع المعكرونة امامها في الصحن بشرود :
_ لا أعلم يا سلافة .. أحس أنني بت متعبة جدا من كل مايجري .. أرغب بأن أستيقظ صباحا لاجد كل ماجرى مجرد كابوس عشته .. أستيقظ لاسمع صوت ضحكات الاطفال في الحديقة أمام منزلي .. استمع لأصوات الناس وهي تغادر لأعمالها صباحا ،استمتع بحديثي كل صباح مع لجين ، ولكني اشعر ان هذا الكابوس طال أمده طويلا
قالت سلافة بتفهم لما تمر به ميرال وهي التي لاتقل حالا عنها بكرهها لكل ماجرى ويجري
_ سينتهي ذلك قريبا بإذن الله .. فقط علينا ان نتحلى بالأمل والايمان بأن الخير قادم لامحالة
وأن النور سيشرق مهما طال أمد الظلام
هزت ميرال برأسها بتأكيد لما تقوله سلافة فأكملت سلافة كلامها
_ كل ما هنالك اننا حقا بحاجة لاجازة تبعدنا قليلا عن جو المستشفى ..عن كل ما نعايشه من مآسي هناك ..
قالت ميرال بحزن
_ أتمنى ذلك فعلا ولكن عمل لجين لايسمح له بأخذ إجازة طويلة
حاولت سلافة اخراج ميرال من ذلك الحزن الغريب عليها فقالت بشقاوة
_ اها اذن هذا هو الأمر
نظرت لها ميرال باستغراب فأكملت
_ قولي انك لاتريدين الا ان تكوني انت وزوجك حبيب قلبك اما انت ياسلافة المسكينة فلا عطلة ولا اجازة
ضحكت ميرال وهي تضربها بخفة على كف يدها قائلة
_ انت لاتُصدقين فعلا
تصنعت سلافة الحزن ووضعت يدها على خدها تندي حالها قائلة
_ تعيسة انت ياسلافة لايوجد من تتمنين عطلة معه
ابتسمت سلافة وهي ترى ميرال تضحك حتى دمعت عيناها فهذا ماتريده ان تشاهد ميرال دائما مبتسمة وسعيدة فسعادة صديقتيها تعني سعادتها هي
…..
لم يستطع لجين القدوم بعد وغياث لايرد على اتصالاتها والقلق يزداد بداخلها لقد تركت سلافة بالمستشفى وعادت لتنعم بقسط من الراحة في المنزل طالما لايوجد اي عمليات مستعجلة
البارحة لم تنم من كثرة التفكير ومحاولتها لربط الكثير من الأحداث التي جرت ببعضها
تدور أفكارها بدوامات شتى دون أن تجد سبيلا للراحة
صوت انفجار قريب جعلها تقفز خوفا من مكانها
اقتربت بحذر من النافذة المطلة على الشارع تزيح الستارة تحاول تخمين مكان الانفجار
لابد انه يبعد بعض الشئ عن منزلها هذا ماخمنته وهي لا تلاحظ أي حركة غير طبيعية في الشارع قرب منزلها
غريبة هذه الحياة فعلا موت هناك وحياة هنا
والحياة مستمرة لايوقفها شئ
عادت نحو مقعدها تمسك الهاتف ترسل رسالة جديدة على هاتفها ليأتيها الرد بعد لحظات
_سأكون بعد ساعة عندك
أطفأت شاشة الهاتف و اعادت الهاتف لمكانه
ثم عادت تراقب شاشة التلفاز وعيناها تقرأ الخبر العاجل الذي كتب بالخط الأحمر والذي يقوله مذيع النشرة تزامنا مع قراءتها
( تفجير ارهابي يطال مطعما في المنطقة …. من العاصمة ذهب ضحيته عشرون شخصا
التفجير تسبب بموت…. وهو شخصية غنية عن التعريف والاشاعات تقول أن المقصود كذلك هو رجل الاعمال غياث العالم الذي لحسن حظه تعرض لحادث سير بسيط قبل وصوله للمكان مما أنجاه من هذا التفجير )[/SIZE][/QUOTE]


zahara 3 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 10:38 PM   #4

أسرا

? العضوٌ??? » 478164
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 11
?  نُقآطِيْ » أسرا is on a distinguished road
افتراضي

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

أسرا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-20, 06:28 PM   #5

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير
عدنا مع فصلنا الثاني

#قلبي_كان_القربان
#الفصل_الثاني
الخاطرة اهداء من الجميلة هند
أنا الروح التي طافت كل البُلدان،
أنا صاحبة الأحزان والأشجان.
أنا القلب الذي تمزق ألف مرة،
وأبى الرضوخ والاستسلام.
أنا مِن هنا ورُبما مِن هناك،
أنا ذكرى باقية أبدًا في وجدان.
أنا تاريخ الغموض والأسرار،
ومشاعري لم تكن يومًا واضحة كعاشقٍ ولهان.
أنا الشيء وأنا الضدّ وأنا خارطة هذا الزمان.
أنا مَن تنتمي للعالم أجمع ومِثلها لا ينتمي له إنسان
…………..

اطفأت وداد المسجل الصغير وهي تراقب ملامح زينة بعد ان قصت عليها بداية الحكاية
لن تسألها شيئا الان فأهم ما تعلمته من مهنتها هو الصبر .. الصبر اولا واخيرا
ملامح زينة كانت جامدة باردة وكأنها تقرأ قصة من كتاب ولا تقرأ حكاية انسانة انقذت ارواح الكثيرين من خلال عملها بمهنة عظيمة كمهنة الطب
قالت زينة وهي تنهض نحو الخارج
_نحن بحاجة لاستراحة قصيرة
راقبتها وداد وهي تغادر ثم عادت انظارها تتنقل على اللوحات المعلقة مالفت نظرها هو الصمت المخيم في هذا المنزل انه هادئ لكن المميز فيه هو تلك الرائحة التي تعبق به
انها رائحة الياسمين
سحبت نفسا عميقا مستمتعة بتلك الرائحة المميزة رغم انها
تستشعر غرابة هذه المرأة وغرابة قصتها التي بدأت بها لكن هناك نوع من الطمأنينة يسري بداخلها تجاهها
ليتها سألت فتاة الورود التي قابلتها قبلا عن رمز زهرة الياسمين ومايعنيه هذا النوع من الزهور
صوت خطوات زينة جعلها تنظر نحو باب الصالة فلمحتها قادمة تحمل طبقا
اقتربت زينة منها تضع الطبق امامها وهي تقول بابتسامة
بينما تمد لها يدها بطبق صغير من حلوى الارز بالحليب
قالت زينة حين همت وداد بالاعتراض رغم تغلغل رائحة جوز الهند والفستق الحلبي المنثورة فوق الطبق الى أنفها
_انه طبق الحلوى المفضل لدينا أمل أن يعجبك … نحتاج لاستراحة محارب كما تقولون أنتم الصحفيون .. فلا بأس من استراحة بسيطة تتناولين فيها حلوانا المميزة
…..
رنين جرس المنزل أعادها من الهوة العميقة التي سقطت بها بعد مشاهدتها لتلك المناظر المؤلمة على شاشة التلفاز
(هل ماتفكر به صحيح … لقد رأت مساعده اليوم ايضا وهي عائدة للمنزل رأته في مكان قريب من المطعم وهي لايمكن أن تخطئه وقد شاهدته مرات عديدة مع شقيقها
ولكن كيف هذا هل يعقل ان ماهربت من تصديقه ماهو إلا حقيقة مؤلمة ستزلزل واقعها
ولكن الخبر قال محاولة اغتيال لشقيقها و الاغتيال طال شخصية أخرى … شقيقها تعرض لحادث بسيط لولاه كان من الممكن أن يكون ضحية ذلك التفجير
أي الأمرين تصدق .. أيهما)
قامت بخطوات منهكة متعبة نحو باب المنزل تفتحه بعد أن وضعت اسدال الصلاة على رأسها
رفعت انظارها المتعبة لذلك الواقف قبالتها ثم رغما عنها انهارت مغيبة عن الوعي
بعد بعض الوقت شعرت برائحة نفاذة تخترق جهازها التنفسي فتعيد الإدراك لعقلها شيئا فشيئا
فتحت عينيها بوهن لترى نظرات شقيقها معلقة بها بلهفة يسألها ان كانت بخير
هزت رأسها بأجل تحاول ان تعتدل بجلستها ساعدها وهو يشعر بيديها الباردتين كأن لا دم يسير في أوردتها
جلس قبالتها يسألها
_ مازلت تهملين طعامك كالعادة … أخبرتك أن تأخذي إجازة من عملك الذي ترهقين نفسك به
وضعت قدميها على الأرض تنظر لوجهه تبحث عن خطأ خطأ واحد فقط لكن دون جدوى
عيناها ترتحلان باستكشاف لملامحه استكشاف أم لطفلها بعد غياب في مكان موحش
يلاحظ هو نظراتها فيتنهد بكره لذلك الدور الذي تلعبه دائما في حياته وزاد الأمر عن حده بعد وفاة والديهما منذ سنوات تنسى دائما أنه بات رجلا وليس طفلا صغيرا يدور بمدارها
قال ببرود جم:
_ هل انتهيت من تفقد وجهي وجسدي .. انا بخير لم يصلني اي اذى … انت من تحتاج لأن نتفقد سلامتها ولست أنا
قالت بكلمات تشعر بها تخرج من أعماق روحها المتألمة
_ انا بخير … لكن أنت قالوا أنك تعرضت لحادث
أشار بيديه لنفسه قائلا
_أنا بخير لقد كان اصطدام سيارة بسيط
اشارت نحو التلفاز الذي مازال يعرض صورا من ذلك التفجير الذي حدث
_ لقد قاموا بزرع عبوة ناسفة في المطعم .. انه مطعمي المفضل اتذكر .. قالوا انك كنت المقصود لكن الاغتيال طال شخصية اخرى مهمة ..
نظر نحو الشاشة وكأنه لايرى ماتعرضه امسك جهاز التحكم يطفأ الجهاز وهو يقول
_هذه القنوات ستصيبك بالجنون يوما .. توقفي عن متابعتها ألا يكفيك ماتشاهدينه في عملك
نظرت له بصدمة تقسم انه لم يتأثر ولو قيد انملة .. نظراته لازالت باردة غريبة عنها .. ألا يشعر بالقلق … بالخوف … والرهبة
كيف يستطيع أن يكون بهذا البرود
حاولت الاستيعاب يتردد بداخلها أكثر من حديث دار بينها وبين لجين عن خوفه عليه من هالة البرود التي تحيط به
من ابتعاده عن جو العائلة وغرقه في عمله التجاري من أفكار تجره للمكان الخطأ كما يحدث مع الكثيرين ممن هم في سنه في مستوى ذكائه وعبقريته
وخاصة بعد سفره للخارج ليكمل الدكتوراه ثم عودته فجأة يخبرها انه سيكمل حلمه ها هنا
يومها ثارت وهي تراه يهدم حلمه باخذ الدكتوراه من أكبر جامعة في الخارج لكنه لم يهتم
ابتعد عنها وباتت لا تراه الا بشق الانفس متعللا بحجج كثيرة واهية
عمل كثير وتجارة لاتعلم عنها شيئا .. عاد مع مبلغ مالي ضمن له فتح مكتب تجاري في العاصمة وحوله التف العديد ممن يسميهم أصدقاء وشركاء
يخبرها بافكار جديدة بات يؤمن بها .. يضرب بعرض الحائط كل ما آمن به يرى عملها في المستشفى دون فائدة تذكر وبأن عليها أن تغادر وتنجو بنفسها قبل ان يبتلعها السيل القادم رغم انه ظاهريا وأمام الجميع يفتخر بها وبما تقوم به
ازدواجية غريبة تراها بتصرفاته
تحمد الله انه لم يسلك طريقا سلكه الكثيرون غيره بعقول مغيبة خلف مدعي الدين ممن يغسلون عقول الشباب بما يختلقونه عن دين الاسلام والاسلام براء مما يدعون إليه من عنف وقتل وترهيب
ولكن هل عدم انتمائه لهم يعني انه اقل خطرا منهم
وخاصة بعد أن علمت بعض الأمور عن عمله
لقد حذرته من الطريق الذي يسلكه طلبت منه الابتعاد عن كل مايجرفه لهذا الطريق لكن دون فائدة
السواد التف حول القيم والمبادئ التي تربى عليها كما تلتف الشرنقة حول دودة القز
لكن للاسف الدودة تتحول لفراشة أما شرنقته هو فتسحب منه الحياة تسحب ادميته تاركة إياه مجرد مسخ بغيض يلهث خلف الوهم لا أكثر
راقب نظراتها الحادة وهي تراقبه يستطيع أن يقرأ كل مايجول بافكارها الان
قام من مكانه يضع يديه بجيبي سرواله يتحدث ببرود مديرا ظهره لها
_ أكثر من خمسين رسالة تخبريني فيها بضرورة القدوم اليك والان تجلسين صامتة دون أي كلمة .. ان اردتي الصمت فأنا راحل
نظرت لخطواته المبتعدة نحو باب الشقة اوقفته وهي تسأله بهدوء غريب
_ كيف تورطت بهذا
أشارت بسبابتها نحو شاشة التلفاز المطفأ دون أن تتحرك فيها أي ملامح
نظر نحوها وقد فهم ما تعنيه لذلك عاد ادراجه يجلس قبالتها يدرس بحرفية أفكاره التي ستجعله يقنعها بما يريد
هي رغم حبها له يعلم أنها ليست ممن تتحكم عواطفهم بهم ولكنه سيحاول معها بكل الطرق
_ هل تظنين حقا أنني متورط بهذا .. ألم تري أنني كنت مقصودا كذلك أم أن غضبك أعماك عن الحقيقة
قالها بسخرية وهو يشير بسبابته كما فعلت هي للشاشة المطفأة
بذات الهدوء اجابت
_ لقد رأيتك البارحة خارجا من المطعم كنت بالصدفة مارة من هناك ...ورأيت اليوم مساعدك كذلك
ضحك وهي يراقب ملامحها قائلا
_ هل تهذي الان يا ميرال .. هل لانك رأيتني قرب المطعم تتهميني بمثل هذا الأمر.. مساعدي كان يحجز لي طاولة هناك ...ميرال انا كنت مقصودا بالامر وهم استهدفوا هذا المطعم لاني اتردد عليه فكيف يخطر ببالك هذا الخاطر
صرخت بغضب
_ومنذ متى انت تتردد على هذا المكان بالتحديد
قال بهدوء منافي لغضبها
_ منذ متى لاشأن لك وليس لأنك رأيتني تتهميني بمثل هذا الأمر .. ثم انظري للأمر من جهة اخرى لو كنت أنا من فعلها هل تظنين انني كنت سأكشف نفسي بهذه السهولة
يتلاعب بها وهي تعلم ذلك قلبها يخبرها أنها كان من الممكن ان تفقده وعقلها يخبرها انه متورط بطريقة ما بالامر اخبرته بهمس غاضب
_ انا احاول ان افهم يا غياث شخصية مهمة كتلك التي اغتيلت مالذي يجعلها تذهب لهذا المكان ما الذي يجعلك انت تتردد على المكان نفسه بل وينتشر خبر انك المقصود وللصدفة تنجو
عاد يضحك وهو يقول مقللا من أهمية ماتقول
_ كان يجب ان تعملي محققة لاطبيبة ياشقيقتي .. لاأصدق يذاع خبر نجاتي من الموت وأنت تحققين معي كأنني المجرم
لم تهتم لضحكه وهو تقول
_ لاني لن اكذب حدثي ياغياث ...انا اعرف انك انتقلت للضفة الأخرى ... ضفة ستغرق كل من عليها بوحل الاثام والجرائم رغم تظاهرك أمام الجميع بالعكس لكنك لاتستطيع التظاهر أمامي أنا
أنا من تحفظك وتعرفك أكثر مما تعرف نفسك ولكن كان لدي ذرة امل واحدة ان تكون بعيدا عن قتل الأبرياء بهذه الوحشية ذرة أمل واحدة أنك.ستعود لرشدك وتعلم أن ماتقوم به خاطئ
ابتسم ونظراتها ازدادت صدمة وهي تراه يبتسم لها بملامح مرتاحة بطريقة غريبة
_ مادمتي تتحدثين بهذا الوضوح سأفعل معك المثل ياميرال .. أخبريني أي ابرياء تقصدين .. هل تسمين هؤلاء أبرياء ..بنظرك أنت ربما هم كذلك لكن بنظر الآخرين ليسوا سوى أرقام يتم تداولها على شاشات التلفزة او صفحات الجرائد أو على شواهد القبور
اجابته مستنكرة لمنطقه الغريب
_ مجرد أرقام ياغياث .. إنهم أناس من لحم ودم لديهم عائلات .. لديهم حياة يعيشونها … لديهم اطفال بانتظارهم …لديهم أحلامهم وأمانيهم لديهم كل شيء .. مهما كان الاختلاف بينك وبينهم فهم ارواح خلقها الله فمن انت لتقول انها مجرد ارقام
عاد يحاول أن يستخدم الهدوء في حديثه
_ انا لا يهمني من هم .. ولا أهتم بأي مصير يلاقونه هل فهمتي
عادت تهمس بغضب تشد شعرها
_ هل تسمع نفسك .. هل انت نفسه اخي غياث الشاب الملتزم الهادئ .. انت لم تكن تفوت فرضا واحدا كنت المثل الأعلى للكثيرين بأخلاقك مالذي حدث لك اخبرني
نظر لها بشرٍ تجلى على ملامحه
_ لم يحدث شئ .. مازلت كما أنا مع فرق بسيط انني احاول ان اكون مفيدا لبناء الحلم الذي اريد ..
_بقتل الابرياء ياغياث بقتلهم
هتفت بها بحرقة فعاد يحدثها بذات القسوة
_ اقتل كل من تسول له نفسه ان يقف بطريقي هل فهمت ..
انتبه للذعر الذي ارتسم على ملامحها كلا ليس هذا مايريد هو يريدها قوية بجانبه لاخانعة ضعيفة
عاد يجلس مكانه يحادثها
_ الا ترين مايحدث حولك ياميرال … ان الفوضى التي حدثت ستدمر كل شئ والذكي فقط من يستغلها لصالحه
وضعت يديها على وجهها تهمس
_ اي ذكاء هذا
ابعد يديها عن وجهها ينظر في عمق عينيها قائلا
_ ميرال ارمي تلك المبادئ بعيدا .. انظري لما وصل اليه الحال هل تصدقين ان الامور ستعود كما كانت .. اسمحي لي ان اخبرك انك واهمة لاشئ ابدا سيعود كما كان .. كل طرف يستغل الأمر لصالحه يزيد مكاسبه ونحن كذلك يجب ان نستغل مايجري ونزيد مكاسبنا
ابعدت يديه عن وجهها تتمسك بآخر ذرة للتعقل موجودة لديها
_ اي هذيان هذا … اي هذيان
ابتعد مجددا عنها قائلا
_ اسمعيني كل مايحدث حولنا علينا ان نستغله .. حتى هذا الخبر الذي نشر سوف استغله لآخر لحظة لصالحي لاني ان لم افعل سيأتي غيري ويفعل ذلك
… لاجدوى من المقاومة .. لولم تكوني شقيقتي لاصدر أمر بقتلك منذ أشهر…لكنهم يعلمون انني حاليا استفيد من وجودك على قيد الحياة وهذا مايجعلهم بعيدين عن قتلك
تناظره بتشويش وكأنها ليست هي وكأنه ليس هو أكمل يشرح لها
_ لقد علمت ان الطريق الذي اخترته هو الطريق الصحيح .. هؤلاء الذين تظنينهم ابرياء ماهم الا حجر عثرة في طريق ما نريده وما يريده الآخرون
يتشدقون طوال الوقت بالتعايش السلمي وانه لايوجد مايفرقهم .. ولكن من اجل حفنات من المال يبيعون كل شئ هل فهمتي …
انظري وافهمي مايحدث .. المال هو مايحرك كل شئ ولاجل المال تقوم كل هذه الحروب
ودائما في سبيل بناء عالم جديد سيتم دهس الضعفاء وسيكون هناك تضحيات بالكثيرين وعليك ان تختاري أين تكونين انت و مع من
هل تكونين مع من يُردم التراب فوق جثثهم ام مع من يمتلكون القرار بأيديهم
نظرت له هامسة عيونها تهتز بانشداه لاتصدق كل ماتسمعه منه
_ هل تصدق ماتقول
نظر لها بشراسة يهمس
_ كوني عاقلة واتخذي جانبي … وانسي كل ماكان سابقا … لانك شقيقتي التي أحب أخبرك بهذا أريدك معي وبجانبي ...حتى زوجك لجين سيكون السبب في دوامة الخوف التي تعيشينها والتي ستزداد لاحقا وانت تعلمين هذا .. لذلك كوني معي أنا ودعي كل شيء آخر
اجابته دون ان ترفع أنظارها إليه
_ لجين لاشأن له بهذا الان
ضحك مجددا ثم عاد يناظرها قائلا
_ له كل الشأن... هو من يسمم افكارك ضدي وانا اعلم هذا جيدا.. اعلم ما يفعله ويقوم به يا ميرال … وكان عليه ان يكون اكثر حذرا فلا احد يعلم ماينتظره حين يعود
توقف قلبها لدقيقة عن الخفقان ورعب قوي يجتاح روحها فيرديها صريعة وسط صحراء قاحلة تضربها الرمال فتسلخ لحمها عن عظمها دون رحمة او هوادة
_ اصابته قبل شهرين تذكرينها بالطبع .. اي مهام توكل لطبيب جراح يعمل بمنظمة دولية فيختفي معها لايام او اسابيع اخبريني
_غياث
همست بها باستنجاد تريده أن ينفي مايصوره عقلها من احداث قادمة لكنه لايرحمها فيكمل قائلا
_ لقد أنكر سبب اصابته
قالت محاولة خلق العذر له
_ لقد كان حادثا كالذي نشاهده كل يوم فكيف تربط بينه وبين ماتفكر به تجاهه
نظر لها بعمق قائلا
_لست غبيا يا ميرال .. تعرفين من انا جيدا .. وتعرفين انك الان تكذبين
شهقت بصدمة من وصفه لها تضع يدها على فمها وعقلها بدأ يستعيد توازنه رغم كم الضغط الهائل الذي يمارسه غياث عليها تستمع له يكمل
_ انت نفسك من ترجيته ليخبرك كيف اصيب…
هتفت وهي تحلل الجملة التي قالها برأسها دون أن تعطيه فرصة للانتباه
_ لقد ترجيته لاني كنت مثلك بظني به لكنه انكر الامر
ضحك.غياث وخيل اليها ان ماانكرته طوال عام منصرم تجسد امامها الان انه ليس شقيقها بالتأكيد انه نسخة مشوهة عنه
_وهل نكران الأمر يعني أنه لا يقوم به يا ميرال
عقلها يدور بدائرة التحليل تفكر تفكر تحجب افكارها عنه بان نكست رأسها للاسفل تهمس
_ لم كان كل هذا …لأجل ماذا … دمرت القيم كلها لأجل ماذا ...لأجل التغيير .. التغيير لايكون بقتل الابرياء وخطف النساء وتدمير المنازل ..التغيير لايكون بأن تقول كلمة الله اكبر مع ذبحك لانسان برئ أو رميك لقذائف الهاون فوق التجمعات السكانية .. التغيير لايكون بان تستغل مايحدث لتزيد مكاسبك … التغيير لايحدث حين تؤذي وتقتل وتخطف.. لايكون بان تتاجر بدم الابرياء وقوتهم .. لايكون بان تتشدق على شاشات التلفزة وفي كل محفل تحضره انك مع الابرياء تساعدهم وتنصرهم وانت في الخفاء لاتنصر سوى نفسك ومصالحك
كل ما تسوغه من مبررات لا يجعل لك الحق بان تقتل ياغياث
صوتها بدا بعيدا لكنها استمرت بالحديث
_لقد عايشت لسنوات ما حدث وارى الحال الذي وصلنا اليه
اناس بسطاء طالبوا بتغيير فتم استغلال ماطلبوه ليتم قلب البلاد سافلها عاليها …
مدن مهجورة مدمرة .. اثار سرقت ونهبت تدمير حضاري ممنهج يجعلك تدرك ان خلف مايحدث ليسوا نفس الناس البسطاء الذين نحن منهم بل هي شبكة كبيرة تحاول طمس اي انتماء لنا بهذه الأرض
سمموا افكاركم انتم الشباب وغذوا عقولكم بالسواد ليصبح قتل الأبرياء واستغلال حاجتهم شيئا عاديا ياغياث
_هل انتهيتي من إلقاء محاضرتك
رفعت انظارها الفارغة من اي تعبير إليه تسمعه يكمل بهدوء ببرود يشبه ذلك الصقيع الساكن داخل مقلتيه
_ سمعت هذا الكلام منك عشرات المرات لذلك أرجو ألا تعيدي تكراره .. لقد بات سماعي لمثل هذه المحاضرات منك يثير غثياني... انا من اخترت ولن تستطيعين ثنيي عما أفعله .. او اخبرك بامر
تعلقت نظراتها به تنتظر ان يدلي بما في جعبته ولم يتأخر عليها كثيرا
_ اخبري زوجك باكتشافك العظيم وانني السبب بما حدث للمطعم واطمئني هو من سيوصلني لحبل المشنقة بيديه
كان يعلم بداخله ما يفعل بها وهو يرى دموعها تتحرر لاول مرة من عقالها تهز رأسها نفيا قائلة
_ لن يحدث هذا … لن اسمح لاحد بأذيتك … سأجد حلا آخر
قامت كالمغيبة من مكانها تنظر حولها قائلة
_ سأجد حلا
صرخ بها بغصب
_حلا لماذا.. هل تظنينني احدى مرضاك انتظر قيامك بعمل جراحي تخلصيني به من ألمي … أنت من بحاجة للإنقاذ يا ميرال ولست أنا …أنت التي مازلت تعيشين بوهم الحياة الفاضلة وأن ختام الحكاية سعادة وأفراح
توقفت خطواتها تنهار على الارض جاثية تشعر بالدنيا تدور وتدور حولها ووحده هو من يمتلك مفتاح إيقاف الدوران هذا لكنه يبخل عليها بالراحة
نظرت له وهو يغادر مجلسه متجها نحو النافذة الكبيرة يزيح الستارة قليلا يراقب شيئا ما في الخارج ثم يعود ليقف قربها قائلاّ
_لقد تم اختيارك لمهمة محددة ياميرال.. وعليك الاختيار اما ان تكوني بصفي او لا… لاتحاولي طلب المساعدة من لجين فخطأ واحد منك قد يكون ثمنه حياته …. او حياتي انا لذلك فكري جيدا … ليس الجميع يمتلكون حرية الاختيار لكن انت الان تفعلين … لقد كشفت لك اوراقي كلها دون تردد فإما أن تكوني معي او لا .. لك أنت حرية الاختيار
وتركها وغادر مغلقا الباب خلفه بهدوء وكانه لم يخلف خلفه اعصاراً هائجا يحمل من الضياع الكثير

نظرت لها وداد برهبة وهي تستمع لها كان وجه زينة محملا بالاسى الذي لم تستطع اخفاءه أبدا هذه المرة
قالت وداد بهدوء
_اتعلمين .. ان ماحدث مع شقيق ميرال يحدث مع الكثيرين من أبناء هذا الوطن
يتم سحبهم نحو قاع الضلال رغم اختلاف السبل التي يسلكونها
من خلال لقائي مع العديد من الفتيات علمت عن قصص كثيرة حدثت مع شبان بعمر الورود
البعض يتم استغلال جهلهم وانعدام خبرتهم في الحياة كما حدث مع شقيق فتاة روت لي قصتها شقيق كان بسن صغيرة والفقر هاجمهم من كل صوب فسلك دربهم ظنا منه انه هو طريق الصواب او كما حدث مع زوج إحداهن حين تفاجأت به منضما لتنظيم إرهابي
وبالمقابل نرى شبانا علماء يرفضون أي مساومة مقابل خيانة بلادهم حتى لو كانت حياتهم هي الثمن كما حدث كذلك مع عالم رفض أن يتنازل لمطالبهم فقتلوه بدم بارد
نظرت لها زينة بأسى قائلة
_ كما قلت بعض الشباب يكون الشخص جاهلا … لكن شقيق ميرال كان متعلما بل وعلى درجة كبيرة من العلم كما اخبرتك .. ربما في فترة دراسته الجامعية كان يحمل أفكارا تعبر عن رفضه وسخطه لبعض مايجري حوله لكنه كان كالكثيرين ممن يحملون فورة الشباب وعنفوانها .. لكن كل شيء تغير عندما سافر للخارج لإكمال دراسته كان في بداية الخامسة والعشرين من عمره مندفعا سعيدا بأنه سيحقق حلمه … لكنه لم يطل الغياب عام واحد فقط وعاد شخصا آخر
لم يكن منضما لأي تنظيم وبالعكس كان بعيدا كل البعد عن ذلك لكنه كان أكثر خطورة بكثير من هؤلاء فهو عاد ومعه المال ليبدأ أولى خطواته في طريق مواز لطريق تلك الجماعات لكن بشكل مغاير تماما
بشكل يجعلك تصفقين له حماسا … تدمع عيناك من فرط حماسه ووطنيته
لكن خلف ذلك الحماس ثعبان سام يبث سمومه في الجسد لينهيه هل فهمتني
هزت وداد رأسها بتفهم وقد علمت تماما ماتعنيه زينة بكلامها وهي ترى امثال غياث في كل مكان يستغلون مناصبهم يتسلقون فوق أكتاف البسطاء ودماءهم ليصلوا لمبتغاهم دون ذرة رحمة واحدة عادت وداد تنظر نحوها بتساؤل
_ اين كانت ميرال مما يحدث معه في بداية عودته
نظرت لها زينة بحنان تجيب
_ لقد حاولت ان تكون معه وبقربه لكنه كان دائم التهرب منها متعللا بعمله الكثير وهي كذلك بعدها سحبتها موجة الحياة بسبب الاحداث الدامية التي كانت تشهدها العاصمة وعملها كطبيبة جعل ساعات العمل لديها تتواصل لأيام في بعض الأحيان
زاد ابتعاده عنها في فترة كانت بامس الحاجة اليه.. زوجها يغيب لفترات طويلة وهي مستنفذة بسبب مايجري
فقدت جيرانا كانوا لها أكثر من اهل برحيلهم خارج البلاد ابتعادا عما يجري وبحثا عن أمان مفقود
اصدقاء عايشت مآسي عائلاتهم بفقدهم نتيجة اختطاف او تفجير
شوارع الفتها وبيوتا أودعت فيها أحلامها وجدتها بين ليلة وضحاها مدمرة تحوم فيها فقط أشباح الموت
وصدمتها باتهام لجين له بالتعامل معهم دون دليل لديه لاثبات الامر فقط ظن وهي لن تتهم شقيقها لمجرد ظن برأس زوجها وخصوصا وهي ترى نجاح شقيقها كرجل أعمال مبتدئ
لكنها لاحقا وحدها من علمت بالصدفة وهي بمنزله بزيارة له أي طريق اختار ثارت وحاولت بالرفق تارة وبالقوة تارة اخرى ولكن للاسف كان قلبه مغلفا بحديد
رأته يتلون كالحرباء مستغلا كل مايحدث حوله ليحقق كل ما يريد أو ما يريده من هم خلفه
لكن باسوء ظنونها لم تظن انه يقدم على القتل
من كان مسالما وديعا يتحول لذئب مستدمي لاتريحه الا رؤية الدماء
همست وداد بانفعال
_اي بلاء اسود هذا الذي حل عليها
نظرت لها زينة بعيون تقسم وداد انها دامعة لكن حتى الدموع تهاب هذه المرأة فلا تخرج من مآقيها بسهولة
ابتسمت زينة وهي تقول
_ بعض البلاءات تكون امتحانا لنا .. هل نخرج منه أم يُبقي ارواحنا سجينة سواده
نظرت وداد لها تحاول أن تفهم عن ميرال اكثر
_ هل أخبرت ميرال زوجها بما حدث ؟
…..
ساعات مضت وهي جالسة مكانها في الصالة لم تتحرك قيد انملة
تدور هواجسها في رأسها تفتت اي ذرة للمقاومة لديها
سمعت صوت القفل يدور ورائحة الأمان اقتربت تغمرها فابتسمت بألم غير قادرة على رفع رأسها ولو قليلا
اقترب لجين منها بلهفة وهو يلاحظ سكونها لقد اعتاد ان يراها بانتظاره بلهفة و ليس بتلك الحال
رجف قلبه بخوف وهو يناديها فلا تجيب احتواها بين ذراعيه يهمس لها بقلق
_ مهجة القلب ماذا بك ؟
رفعت عينيها المتعبة إليه هامسة
_ كم اشتقت اليك
دوى قلبه بصدره بعنف وهو يراها تغيب عن الوعي بين يديه حملها نحو غرفتهم يرقدها على السرير يتلمس نبضها ثم حرارتها دون أن يتوقف عن الهمس باسمها
بضع قطرات من العطر جعلتها تستعيد وعيها قليلا لكن شحوب وجهها ازداد
همست له مجددا
_اريد ان انام يالجين …
لم ينتظر وهو يراها تنسحب نحو اغماءة اخرى كطبيب خبير اتصل بالصيدلية القريبة من المنزل والتي يعلم أنها لا تغلق ابوابها ليلا يطلب من الصيدلي ان يرسل له بعض المحاليل والادوية
وحين أحضر مساعد الصيدلي ما أراد صرفه وعاد إليها يعلق لها المحاليل المساعدة وبعد انتهاءه
عاد لمكانه جالسا قربها يمسك بيدها ينتظر افاقتها
يدها اختفت بين كفي يده يقبل اناملها كل ثانية وأخرى بتضرع لله ان تكون بخير
رغم الإرهاق البادي على وجهه نتيجة لبقائه على طريق السفر لساعات منتظرا تمكنه من الوصول لمنزله الا انه لم يستطع الا ان يبقى مراقبا لها
ميرال ليست زوجة فحسب .. ميرال روحه التي يحيا بها .. سعادته التي ينالها بابتسامة منها …
ابعد بعض الخصلات يتأمل وجهها المتعب وبقي على تلك الحال ساعات طوال حتى بدأت تستعيد وعيها
اقترب بلهفة يحتضن وجنتها بكف يده يسألها ان كانت بخير فهمست له بصوت متعب
_انا بخير
امسك.يدها يقبلها قائلا
_لقد كدت أموت قلقا عليك.. لم لم تخبريني انك متعبة ّ
ابتسمت بوهن تجيبه
_ بات التعب أمرا عاديا لدي … انزع هذه الابرة من يدي
قالت جملتها وهي تنظر للابرة المغروسة في ظهر كفها لكن لجين امسك كفها قائلا
_ سافعل ان قبلتي تناول بعض الطعام معي
نظرت حولها هامسة
_ كم الساعة الآن …
ضحك لجين وهو ينهض عن الكرسي مغادرا نحو المطبخ قائلا
_لقد نمت لوقت طويل وانا الأمير الوسيم اراقب الاميرة النائمة طوال الوقت انتظر ان تطلب مني قبلة لاوقظها
غمز لها بعبث قبل أن يغيب عن ناظريها كما جعل قلقه يغيب بعيدا فلا يريد ان يزيد وضعها سوءا اما هي اغمضت عينيها تبعد اي افكار عنها تبتسم لوجوده قربها
ستؤجل أي أفكار الآن و ستنعم فقط بوجوده هنا جوارها
….
في اليوم التالي كانت تجلس في الصالة رفقة زوجها
قال لها لجين وهو يراقب تناولها لمشروب الكاكاو المفضل لديها
_ لقد هاتفتك سلافة منذ قليل
نظرت له وهي تمسك الكوب بين كفيها تتجاهل ذكره لصديقتها تجيبه بهدوء مبالغ فيه
_ اود ان آخذ اجازة من العمل طوال فترة وجودك هنا
نظر لها بقلق انها تبدو غريبة وهناك شئ يشغل بالها ولكنها لم تفصح عن أي شئ له
اجابها وهو يراقب عينيها محاولا استكشاف ما يجري معها
_ ما الامر ياميرال انت لست بخير
بعصبية مفرطة لم يفهم لها سببا أجابته
_ ليس بي اي شئ ..الا استحق اجازة اقضيها برفقتك
قام من مقعده وجلس على طرف الأريكة يضمها لصدره قائلا
_ بل لك كل الحق ..
همست باعتذار
_ اعذرني لتوتري ولكن .. ربما بسبب ما يحيط غياث من خطر الم تشاهد الخبر صباحا .. لقد قالوا أنه كان مقصودا بالأمر .. بت أخاف عليكما كثيرا يالجين
يفهم خوفها على شقيقها رغم عدم قبوله لما يقوم به غياث لكن لن يستطيع إنكار رابطة الدم التي تجمعه بميرال فتجعل الاخيرة محقة في قلقها وخوفها عليه قال بهدوء
_ الحمدلله انه بخير .. رغم انني لاافهم مالذي جعل تلك الشخصية تتجه لذلك المكان كما لاافهم كيف يكون غياث المقصود وهو بالعادة لايتردد على ذلك المطعم ..
انتفضت من مكانها غاضبة مبتعدة عنه متوجهة نحو غرفتها فهي ان صدقت ظنونها فعليها أن تكون حذرة في كل خطوة ستصدر منها من الان وصاعدا
لن تستطيع التصرف بحرية كما تريد بل يجب لكل كلمة او فعل ان يكون مدروسا لتصل الى ماتريد
تبعها لجين نحو غرفتهما وجدها تزيح اغطية السرير بعصبية تستعد للاستلقاء عليه امسك يديها يوقفها عما تفعله ثم ادارها إليه يضع كف يده على وجنتها هامسا
_ لم كل هذا الغضب الآن
قالت وهي تنظر لعينيه بجمود
_ لان خلف كلامك اتهام لشقيقي يالجين .. لقد كاد يموت وانت كل مايهمك سبب تردده لذلك المكان
علم ان ميرال الان تحت وطأة ضغط كبير لذلك احتوى وجهها بين كفيه قائلا
_ لم اتهمه وافهم كل ماتمرين به انه بخير ياميرال
اغمضت عينيها بتعب فاكمل قائلا
_لا تؤلمي قلبي واخبريني ما الذي يحدث معك …
غصة استحكمت قلبها وهي تنظر لعينيه اللاتي تحملان القلق الكبير
اقتربت تضمه بقوة وخوف تدفن رأسها في صدره تقبل مكان النبض هامسة
_ خذني اليك الآن لجين فانا احتاجك كثيرا
خوف اعتراه وهو يسمع همسها انها ليست بحالتها الطبيعية ولا تعي أنها تزيد حيرته بهمسها ذاك
هل هذه زوجته ميرال … لقد نامت البارحة فورا بعد تناولهم للطعام واليوم منذ الصباح وهو. يراقبها وهي ساهمة تفكر .. ابعدها عنه قليلا يلاحظ ذلك التوسل في عينيها
هل هي بخطر … هل هناك ما يهددها
_ميرال هل ضايقك احدهم .. هل
وضعت يدها على فمه تسكته تشير له بالنفي
_ كل الامر انني اشتاق لك كثيرا هذه الايام … اخاف عليك كثيرا يالجين
وعانقته مجددا فحملها نحو السرير يرقدها عليه ثم استلقى قربها يزيح خصلات شعرها خلف اذنها ينظر لعينيها هامسا
_ اخبريني مالامر
لكنها لم تجبه وإنما اعادت طلبها فاقترب منها يعطيها الأمان الذي تحتاج
بعد بعض الوقت كانت نائمة ويدها ملتفة حول خصره بقوة وكانها تخاف فقدانه
بينما هو يناظر السقف بشرود
هناك أمر خاطئ يجري معها …انها قريبة بجسدها متباعدة بافكارها .. ميرال التي تشاركه كل فكرة وكل همسة يراها الآن مختلفة مبتعدة
انها حتى لم تسأله عن عمله كعادتها .. لم تهتم بمعرفة اي تفاصيل عن غيابه بل على العكس اليوم حين كانا جالسين بالصالة وأراد محادثتها اسكته وهي تخبره ان رأسها يؤلمها وليست مستعدة للاستماع
لم تخبره عن تفاصيل يومها بغيابه .. لم تهتم بمكالمة سلافة
ماجمعهما منذ قليل لم يكن عاطفة وحبا كما اعتاد بل كان شيئا غريبا من قبلها وتلبية لطلبها من قبله
خلال سنوات زواجهما كلها لم يمرا بمثل هذا الامر
اغمض عينيه للحظة ثم فتحهما مكملا حواره مع نفسه
مابك يالجين لم هذا التشتت وعدم الفهم منك
هل لشقيقها علاقة بالأمر …
توحشت عيناه وهو يتذكره لطالما أخبر ميرال ان افكاره ستقوده لطريق خاطئ. ولكنها كانت تدافع عنه كأم تثق ثقة عمياء بصغيرها
الان يراه متخفيا عمله في شركة خاصة للتجارة يعلم عن لقاءاته السرية لكنه لم يستطع حتى الآن امساك دليل واحد عليه
يقسم انه منتمي لتلك الجماعات وأنه يوافق على كل مايحصل من تدمير وقتل
وان خبر البارحة ليس كما صوره الاعلام بل ان هناك لغزا خلفه
غياث ذكي ذكي جدا اكثر مما تصور .. ويستطيع اخفاء اي دليل ضده ولا يريد أن يواجهه قبل أن يكون الدليل بين يديه
ولكن هل يلوم ميرال لقلقها أو خوفها على شقيقها مهما حصل فهو شقيقها الذي ربته ولن يستطيع ان ينكر حبها الكبير لشقيقها وخوفها عليه وخاصة بعد خبر محاولة اغتياله
عاد ينظر لها وهي تهمهم شيئا في نومها
همس بعقل مشغول وهو يقبل جبينها فتعود الراحة لتسكن ملامحها
_كيف يمكن لملاك مثلك ان يكون شقيقا لشيطان مثله

كانت وداد تستمع وهي تشعر بالاسى لحال ميرال قالت زينة
_ غياث فعلا كان ذكيا لدرجة لايمكن لك ان تصدقيها. الجميع يظنه منشغلا بعمله .. شركة صغيرة كأي شركة أخرى
نجاحات في سوق المال .. اعمال خيرية توازي عمله جعلته محط الأنظار في فترة قصيرة .. واجهة مهمة لكن خلف ذلك يقبع السواد
قالت وداد باستغراب
_ مادام واثقا من افكاره لم كان يخفيها هكذا
ضحكت زينة وهي تقول بعدها بجدية
_ ليضرب ضربته بكل هدوء ودون اي قلق …
لاحظت ان وداد مازالت مستغربة فقالت
_ ساوضح لك .. البعض يعلن موقفه من اي امر علانية والبعض يتخذ من الاعمال الخيرية غطاء له وما أكثرهم هؤلاء ترين الكل يهتف باسمهم و بوطنيتهم لكن كل مايقومون به ماهو الا واجهة لامعة تخفي خلفها قذاراتهم واستغلالهم لكل ما يجري لاجل مصالحهم فقط
لايهمهم ان استمرت الحروب سنوات فهذه الحرب خلقت لهم الفوضى التي يطلبون لتسيير مصالحهم دون ادنى مقاومة
وهناك الصنف الثالث الذي يظهر لك انه ضمن اللون الرمادي لا تستطيعين معرفة مع اي الاطراف هو ليستطيع ان يقوم بما لا يقدر القيام به لو انه اعلن لاي هذه الأطراف هو ينحاز
غياث كان مجموعة من هذا الأصناف معا … مصالحه هي الأهم. ولايهم مايحدث حوله طالما أن مصالحه تسير دون أي معوقات
يشبه الطرف الأسود بفكرة أن كل من حوله يستحق الموت لمجرد أنهم لا يوافقونه الرأي ولا يجيدون استغلال كل حدث لصالحهم
يشبه الطرف الأبيض بأن يكون له الواجهة البيضاء اللامعة ولكن واجهته البيضاء تختلف عن غيرها فهي تخفي خلفها كل القبح والسواد يتاجر بكل مايمكن لعقولنا ان تتخيله وكل ذلك دون ان تتلطخ يديه باي سواد
ويشبه الطرف الرمادي بان يخفي ميوله الحقيقية
هزت وداد رأسها بتفهم وهي تجمع اوراقها استعدادا للمغادرة ثم نظرت في وجه مضيفتها قائلة
_اشكر لك حسن ضيافتك سيدة زينة وغدا إن لم يكن لديك مانع ستجديني منذ الصباح اتصل بك لنكمل حديثنا
صافحتها زينة مودعة وهي تؤكد لها أنها على استعداد للقائها في أي وقت
...


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-20, 06:29 PM   #6

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

ألقاكم غداً مع الفصل الثالث

فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-20, 06:32 PM   #7

ضحى حماد

نجم روايتي ومشرفة سابقة

 
الصورة الرمزية ضحى حماد

? العضوٌ??? » 269097
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,300
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond reputeضحى حماد has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك max
افتراضي

ألففففففففففف مبرووووووووووك ليكي نشرك بالوحي يا اغلى الناس
بالتوفيق يارب
نوفيلا رائعة خلابة بتؤسر القلب بما تحمله من مشاعر وقيم انسانية رائعة

تسجيييييييييل حضووووووووووووووووووور
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 1 والزوار 2)
‏ضحى حماد


ضحى حماد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-09-20, 08:31 PM   #8

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

#الفصل_الثالث
الخاطرة اهداء من الجميلة Hend Fayed
لأيّ جانبٍ أميل،
ولأيّ طريقٍ أتخذ منه السبيل.. أنا حيرى،
ويشغل قلبي فكرٌ غير ما يغزو عقلي وقد قاربت أنّ.. أفقد الوَعي،
يا شاغلٌ حلمي كلما غفوت وتاركٌ أثركَ المؤلم في صميمي حد الوجع ما لي على حَملِ وجعكَ مهما حاولت فكيف بربكَ سأفي الوعدَ،
أنا مَن دافعت عنكَ حتى النهاية ومَن خذلتها مرارًا بلا معنى،
إن كان يرضيكَ شقائي فالويل لي حتمًا لأني رفضت بغباءٍ البُعدَ،
يا سالكٌ درب الضياعِ مهلًا عليّ لقد أذبلت في طريقكَ الوردَ،
يا مَن ترى حُرقتي ولوعة فؤادي أما تعود إليّ فلترحمني مِن تفكيرٍ يُراوِدني ويَرِدُني كما يَرِدُ الوفدَ،
يا مَن هجرت ومَن رفضت ومَن قتلت الحنين وبدلته كرهًا إياكَ أن تلومني إن أخترتُ الرحيل ومضيتُ في طريقي وتركتكَ مِن خلفي خائب المسعى.

........

لمسات حانية على وجهها جعلتها تفتح عينيها مبتسمة لتجد وجهه قريبا منها يبتسم ذات الابتسامة الدافئة عيناه تحتضن تفاصيلها بعشق لم يخبو منذ زواجهما فتغمض عينيها خجلا
_ هل اخبرتك هذا الصباح انني احبك اكثر من اي صباح آخر
همس بها بروية ففتحت عينيها الزرقاوين ترد له الهمس بدلال
_ كلا لم تفعل
اقترب منها بمكر يقبل وجنتها قائلا
_اذا دعيني أفعل
_ لجين
قالتها بخجل مازال كذلك يرافقها
فضحك وهو يضمها اليه يخبرها بأكثر الطرق التي يحب كم يحبها

_ تفضلي
اعطاها فنجان القهوة واخذ فنجانه يجلس قربها على الاريكة الموضوعة في الشرفة والتي تشبه ارجوحة كبيرة انتقتها ميرال لتكون رفيقة خلوتهما في شرفة منزلها المطلة على حديقة صغيرة
رغم أن منزلها يقع بالطابق الرابع الا ان لجين جعل هذه الشرفة حديقة صغيرة تحوي كل أنواع الورود التي تحبها هي
اختار كل نبتة خصيصا لها وجعل هذه الشرفة مكانهما الخاص بعيدا عن كل العيون المتطفلة
صوت فيروز كان يصل بانسياب ممتع لمسامعهما
(انا لحبيبي وحبيبي الي
ياعصفورة بيضا لابقا تسألي
لايعتب حدا
ولايزعل حدا
انا لحبيبي وحبيبي الي)
اغمضت عينيها تستمتع بتلك النسمات المنعشة و برائحة القهوة و بوجوده بقربها تسند رأسها لصدره
اصابع كفه تتخلل خصل شعرها الشقراء وكانه يقوم بتسريحه
يستنشق عبير شعرها بعشق
لم يخبرها انه لم ينم وهو يراقبها … يتأملها .. ويخاف عليها من قلق سكن مقلتيها …
سألته شقيقته مرة لم لايتزوج ثانية طالما ان ميرال لاتنجب
فأجابها مصرحا بعشقه
( وهل يستطيع قلبي ان ينبض وهي بعيدة عني .. ان كان لحياتي معنى فلأنها هي حياتي … انا مكتف بها ولااريد من الحياة احدا سواها )
وهو لم يكذب بهذا الخصوص لقد اكتفى بها امرأته وحبيبته وكل الصفات اختصرتها هي بشخصها
احتضنها لصدره اكثر مكملا دندنته مع الاغنية وهو يقبل خصلات شعرها
انا لحبيبي وحبيبي الي
ابتعدت عنه تنظر لعينيه بعشق كبير وعيناه تغزلان لها الف حكاية
كم يود ان يبقيها بين ذراعيه للابد لاتبتعد عنه قيد أنملة
مرر راحة يده على وجهها فاغمضت عينيها تتنعم بوجوده ،اعاد ضمها لصدره وذلك الهاجس القلق بداخله يزداد ، قال ويده عادت لتسريح خصلات شعرها :
_ مارأيك لو رافقتني هذه المرة في جولتي المعتادة
فتحت عينيها تبتسم بسعادة وهي تتذكر ماقاما به هي ولجين بعد صلاة الفجر هذا الصباح
لقد جمعا جزءا من مدخراتهما لهذا الشهر ثم وزعاها في ظروف مغلقة ،في كل ظرف مبلغ معين ،ولجين كما العادة يذهب الى الاحياء الفقيرة ويقوم هو ومختار الحي او شيخ المسجد بإيصالها لكل محتاج دون أن يعرف لجين عن هويته فقط شيخ المسجد من يعرفه .
قالت بهمس :
_ اود ذلك كثيرا
وعادت تدفن رأسها بصدره أكثر وابتسامة جزلى على شفتيها
بينما يعود صوت لجين يدندن كلمات أغنيتها المفضلة
….
كانت سلافة تستعد لمغادرة المستشفى حين صدح هاتفها بالرنين اجابت على المتصل
_ اهلا لجين
اتاها صوته القلق
_ سلافة كيف حالك .. هل يمكن ان اطلب منك ان تقومي بزيارة ميرال كل يوم ..
اجابته بقلقمشابه لقلقه وهي التي لاحظت حالة صديقتها الغريبة :
_ مالذي حدث هل هي بخير ؟
تنهد بألم وقلقه عليها يزداد كل لحظة وهو يلاحظ شرودها ورفضها الخروج من المنزل خمسة أيام من إجازته أمضياها داخل جدران المنزل لم تفلح كل محاولاته لإخراجها ولو لفترة قليلة تعتكف اما في غرفة النوم أو على الشرفة فقطالمرة الوحيدة التي قبلت فيها الخروج كانت لمرافقته في زيارته لحي قريب ويومها شعر أن ميرال عادت لطبيعتها عاد من بحر أفكاره محدثاً سلافة ومعبرا عن قلقه:
_ جسديا هي بخير .. لكنني قلق عليها انها تخفي شيئا عني و لم تبح لي …لأول مرة لاتخبرني بما يجول بخاطرها فقط تقول انها تحتاج للراحة … لقد انتهت اجازتي وعلي الالتحاق بعملي وهذه المرة لااعلم كم اغيب
قاطعته سلافة بحزم قائلة
_ توقف عن هذا التشاؤم لن تغيب طويلا انا متاكدة .. أما بالنسبة لميرال فانت تعلم تماما أنني لن اتركها بمفردها وانا وسلمى سوف نخرجها من جو الكآبة هذا ..
_ اهتمي بها
همس برجاء فأجابته محاولة أن تبعده عن ذلك القلق الذي يعصف به
_ هيا يالجين كل مافي الامر ان زوجتك تعود لعيش جو المراهقة من جديد وتفرض دلالها عليك .. انت تعلم كم تحبك وتشتاق لك في غيابك
لم تؤثر به كلماتها المخففة فقال
_ امل ان ماتقولينه هو الحقيقة .. سلافة لن اوصيك بها .. ليس لها سواكما انت وسلمى
قاطعته بغضب هذه المرة
_لجين توقف عن هذا الكلام مابك .. اذهب لعملك وانت مطمئن ولا تخف عليها
اغلق الهاتف بعد أن ودعها فنظرت هي للهاتف متسائلة
_مالذي حدث لك ياميرال

اغلق هاتفه ووضعه على الطاولة ثم عاد للداخل نحو المطبخ حيث تركها تحضر له وجبة ليتناولها قبل سفره
كانت قد أنهت وضع الاطباق على الطاولة فاقترب منها مبتسما وهو يضع يديه على خصرها قائلا وهو يغمض عينيه يتنشق عبق خصلاتها المبللة
_ كم احب رائحتك
ضحكت بخجل وهي تضم نفسها لصدره شهقت وهي تشعر به يرفعها من خصرها ليجلسها قبالته على الطاولة الرخامية
_ لجين
وضع سبابته على شفتيها قائلا
_ دعيني فقط انظر اليك …
تعلقت عيناها بعينيه بهمس عاشق صامت .. مهما شكرت الله لن توفيه حقه لمنحها رجلا مثل لجين
اقترب يقبل وجنتها قائلا بهمس خافت يلامس شغاف قلبها
_ اتعلمين ان قلبي لم يعد كافيا لاستيعاب ذلك الحب الذي اكنه لك بل احتاج قلبا اخر بجانبه وربما لن يكفي كذلك
لم تستطع النطق وهو يأخذها معه في لجة من المشاعر متناسيا وجودهما في المطبخ
رنين هاتفه جعله يبتعد عنها على مضض ينظر لوجهها المحمر خجلا ولعينيها المغمضتين وشفتيها المرتجفتين
صدى انفاسها يخبره بأنها لاتقل عنه حبا وعشقا
قال بأسف وهو يعيد ترتيب خصلاتها
_ علي ان اغادر الان .. عديني انك ستهتمين بنفسك أكثر
حاولت أن تكون متماسكة وهي تجيبه
_ انت الذي عليه ان يعدني بذلك يالجين .. أنا أطالبك أن تعود إلي سالما
ضمها إليه هامسا
_ أعدك أنني سأحاول
…..
جلست ميرال في الصالة تشاهد التلفاز تتابع بعض المحطات وماتعرضه من اخبار عن بلدها وكأنها في قلب الحدث
لقد سافر لجين بالامس ومازالت تحبس نفسها داخل المنزل
رنين هاتفها جعلها تخفض الصوت وتنظر للشاشة لتجدها صديقتها سلافة فتحت الهاتف تجيبها فوصلها صوت سلافة الغاضب
_اسبوع كامل تنأين بنفسك بعيدا عنا .. هل يمكن ان اعرف السبب؟
استمعت بملل ثم أجابت ببرود
_ احتاج للراحة هل هذا ممنوع الان ؟
اتاها صوت سلافة القلق
_ماذا بك .. هل أنت بخير
أجابتها ميرال بغضب
_ كل ماهنالك انني اريد ان آخذ إجازة .. هل يعد هذا إثما يا سلافة؟
قلق سلافة تحول لاستغراب وهي تجيبها
_في هذه الظروف .. انت تعلمين نقص الكوادر الذي نعاني منه ..ثم ان مدير المشفى دائم السؤال عنك وانا لم يعد لدي حجة لاقولها .. أنت لست على طبيعتك ياميرال !
بكل قسوة اجابت ميرال :
_اخبريه اني استقلت من العمل ولم اعد اريد ان اكمل
وأغلقت الهاتف في وجه صديقتها وعادت تتابع الشاشة وكأنها ليست هي من كان تمضي أياما في العمل دون ان تشعر بالتعب وكل همها إنقاذ حياة الناس وكأن من حادثتها بتلك النبرة منذ قليل ليست سلافة صديقة عمرها وشقيقتها الروحية

لم تمض نصف ساعة حتى كان جرس المنزل يرن علمت ان سلافة وصلت إليها نهضت ببطء لتفتح الباب لها فوجدت صديقتيها معا سلافة وسلمى
ابعدتها سلافة عن طريقها تدخل نحو الصالة تهدر بعنف
_ رغم خطر الطريق في هذا اليوم المشؤوم اتينا لنعلم أي جنون تلبسك .. لجين كان لديه الحق بأن يقلق عليك بذلك الشكل
توحشت نظرات ميرال وهي تنظر لسلافة قائلة
_وهل اشتكى سيادته لك ايضا .. وما الذي أخبرك به حول الجنون الذي تلبسني
توقفت سلافة بصدمة شفتاها تهتزان بتوتر وهي تناظر وجه ميرال الغاضب فيما قالت سلمى محاولة السيطرة على الوضع تنقل نظراتها بين الاثنتين
_ ميرال ماذا بك ؟
لم تجب وانما بقيت على صمتها تناظر سلافة التي قالت بشبه اعتذار :
_ اعتقد اننا اصدقاء منذ مدة طويلة ولطالما كان لجين بمثابة شقيقي سالم
لم تهتم ميرال بكلامها وإنما استدارت عنها مما جعل سلافة مصدومة فتراجعت نحو باب الشقة وقبل ان تخرج وجهت حديثها لسلمى قائلة
_سأنتظرك في الاسفل
خطت خارج الشقة ثم بكل هدوء اغلقت الباب خلفها توقفت للحظة واحدة تسند نفسها على الباب ثم تحركت تنزل السلالم نحو مدخل البناية لتنتظر سلمى
تقسم ان الحقد الذي رأته في عيني ميرال لم تره قبلا في حياتها لكن لا ميرال لايمكن ان تكون هكذا
..لا هي لن تصدق نظراتها المتهمة لابد ان ميرال متعبة جدا لذلك ستعود إليها وتطمئن
ميرال صديقتها منذ اعوام كثيرة ولم تفترقا يوما لذلك مارأته في عينيها ماهو الا وهم من صنع خيالها هي
ضربت رأسها وهي تقول لنفسها
(يبدو ان بقاءك طوال هذا الاسبوع في العمل اثر على عقلك هيا اصعدي واطمئني على صديقتك .. تذكري انها شقيقتك الروحية وتذكري ان لجين بدا خائفا عليها جدا )
وعادت تصعد الدرج بحال غير ذلك الذي نزلت به منذ قليل
اما في الاعلى فقالت سلمى باستغراب بعد أن خرجت سلافة
_ميرال هل جننتي .. منذ اسبوع وانت غريبة فعلا .. نحن صديقاتك ومن حقنا ان نعرف مابك
نظرت لها ميرال قائلة
_ مابي… اشعر بالضياع ياسلمى …
وضعت يدها على راسها تدور حول نفسها دورة كاملة ثم أكملت
_بت ضائعة .. لااعرف مالذي يحصل ومتى سينتهي هذا الخراب ..
اشارت نحو التلفاز قائلة
_انظري لما يتم نشره انظري للخراب الذي حولنا اسمعي اصوات القذائف التي تهطل مطرا علينا .. الا يصيبك هذا بالجنون
قالت سلمى باسى
_لكن هذا حالنا منذ أشهر وكنت الوحيدة المتفائلة بأن ذلك سينتهي بسرعة واننا سنشهد نهاية الحرب فما الجديد الآن ؟
صرخت ميرال
_ الجديد اني بت لااعرف اي الاطراف هو الصادق .. ايهم الظالم وايهم المظلوم ..
توسعت عيني سلمى بصدمة وهي تقول
_بعد كل هذه المدة شعرت بهذا الضياع .. ان معظم الناس قد فهموا اللعبة التي حيكت ضد البلاد وانت الان من تشعر بالضياع وعدم معرفة الصحيح من الخطأ
جلست ميرال على الكرسي دون ان تدعو صديقتها للجلوس تقول وعينيها تناظران الفراغ
_ اجل انا الان بت لاافهم شيئا .. طوال هذا الاسبوع وانا افكر اين انا من كل هذا ؟
جلست سلمى قبالتها قائلة
_ وهل وجدت اين انت ؟
نظرت لها ميرال هامسة بتشتت
_ اجل .. لااعلم ..
بتوجس ورهبة سألت سلمى
_ واين انت الان ؟
قال ميرال بعزيمة استحضرتها فورا وهي ترفع راسها نحو سلمى وعينيها لاتحيدان عن عيني صديقتها
_ انا حاليا اشعر باني لم اعد اقتنع بكل ما آمنت به هل فهمتني ياسلمى .. كل تلك المبادئ والقيم التي تغنيت بها اشعر بها وهما وسرابا …
أشعر أن هناك خطئا ما لكن لم أعد قادرة على تحديده … لذلك قررت الابتعاد قليلا عن كل شئ علني أستطيع أن أفهم.
قالت سلمى بخفوت وهي غير مصدقة لما تقوله صديقتها
_وهل أخبرت لجين بذلك؟
انتفضت ميرال غاضبة وهي تقول :
_وأين هو من كل مايحدث معي أراه مرة او مرتين في الشهر ثم يختفي دون أن أعلم له مكانا …. لذلك كما ابتعد هو عني انا قررت ان ابتعد عنه.. كنت مستعدة ان اتوسله ليبقى معي لكن لم افعل أتعلمين لما ياسلمى ؟ لانني متاكدة انه لن يبقى بقربي لذلك سابتعد عن الجميع وعنه أولهم ويمكنه اللجوء لسلافة إذا رغب بالشكوى
_ميرال
همستها سلمى بعدم تصديق لكن ميرال لم تهتم وإنما ابتعدت نحو غرفتها قائلة
_اني متعبة ان وددت يمكنك البقاء البيت بيتك
وذهبت دون ان تترك اي مجال لسلمى للرد
بذهول خطت سلمى نحو باب الشقة تفتحه لتجد سلافة واقفة والدموع تغرق وجهها ويبدو انها سمعت كل الحديث
احتضنتها سلمى تهمس
_ اهدأي .. انها ليست بوعيها .. انها .. انها
لم تعلم ماذا تقول ثم انخرطت بالبكاء مثل صديقتها قبل أن تخطوا مبتعدتان عن منزل صديقتهما

قالت وداد بصبر تحاول التحلي به قدر المستطاع رغم البركان الثائر بداخلها
_لاافهم سبب انقلابها هذا .. هل يعقل ان كلام شقيقها اثر بها لهذه الدرجة .. هل يعقل ان تلغي كل ماامنت به بعد لقاءها بشقيقها
قالت زينة وهي تعيد وضع الوشاح الصوفي حول كتفيها محاولة تجنب النسمات الباردة
_ انقلابها لحظتها كان ناتجا عن دمار مابنته طوال سنوات من قيم ومبادئ
دمار ناتج عن مجتمع تهدم في أشهر أمام عينيها ترى انقلاب الأمور وضياع الحقوق .. انقلابها كان ناتجا عن رؤية من زرعت بقلبه المحبة واعتبرته ابنا لها وليس مجرد شقيق ينسف كل مافعلته ويسير في الطريق المظلم
لقد دمر ماامنت به وهي ترى ان الحب والتربية التي قدمتهما له لم يكونا كافيين ليكون إنسانا يحمل الرحمة في قلبه
قالت وداد محاولة ان تصل لمعلومات اكثر
_ زوجها كيف ابتعد وتركها وهي بهذا الحال ربما لو بقي بجانبها لفترة اطول …. ثم هل عمله كما قصد غياث ام انه يتوهم فقط
قالت زينة
_ في ظروف الحرب لايمكنك ان تلومي شخصا لنسيانه عائلته واندفاعه نحو عمله وخدمة بلده خصوصا ان عمل لجين في منظمة دولية يستدعي منه التفرغ الكامل لهذا العمل
لجين لم ينساها ولكن هناك المهم وهناك الأهم
عمله يتطلب ان يتغيب عن منزله لايام قد تطول وقد تقصر
غياث كان ذكيا يعلم كيف يستغل كل شئ وبأي مكان ولذلك كانت شكوكه نوعا ما صحيحة

يوم آخر مر على غياب زوجها دون أن تعلم عنه شيئا هل وصل بخير
هل هناك أي خطر يحيط به وخاصة أن الأوضاع من سيئ لأسوء
شاشات التلفزة لا تعرض سوى المؤتمرات واللقاءات حول الأوضاع وكيفية حلها
وكأنهم فعلا يبحثون عن حلول وليس فقط يقيمون هذه المؤتمرات لتمرير الصفقات التي يرغبون من تحت الطاولة
مستغلين كل مايجري لزيادة ثرواتهم وتحقيق مطامعهم التي لاتنتهي ابدا
فمن بلد الى بلد يتحركون يدمرون ويقتلون كوباء اسود لايحمل سوى الموت والدمار الذي لا قيامة من بعده
ومابين محطة واخرى كانت تقلب تحاول الا تقلق الا تهتم
ليفاجئها رنين الجرس بعد منتصف الليل
تساءلت بخوف من عساه يأتيها في هذا الوقت
لا يمكن أن تكون سلافة او سلمى فكلتاهما كانتا اخبرتاها قبل ان تأتيا
وزوجها لايعقل ان يعود بهذه السرعة وان فعل فهو يملك مفتاحا إذن من عساه يكون
بخطوات خائفة توجهت نحو الباب تسأل بخوف
_من
فأتاها صوت شقيقها
_انا غياث افتحي
بيدين مرتجفتين فتحت الباب ليخطو شقيقها مسرعا مغلقا الباب خلفه يستند على الباب و هيئته توحي انه كان يهرب من شئ ما
اقتربت منه بلهفة تسأله
_هل انت بخير .. مالذي يحدث .. هل يلاحقك أحدهم
بخطوات متعبة توجه نحو الاريكة يجلس عليها ثم يجيبها مبتسما
_ لقد فقدوا اثري لاتقلقي
جلست قربه عيناها تمسحان وجهه تطمئن انه بخير قائلة
_ من هم ؟
دون أن يجيبها أمسك هاتفه يجري اتصالا وحين اتاه الرد قال آمرا
( خالد اريد ان اعرف كل شئ عن هويتهم .. أنا بخير أجل لاتقلق )
واغلق الهاتف و نظر لها بعيون ماكرة يجيب سؤالها
_لاأعلم كنت عائدا من عملي فتبعتني سيارة غريبة لذلك تولى خالد تضليلهم بينما اتجهت انا الى هنا
بخوف شديد احتضنته تهمس له بضياع
_يا إلهي من يريد أذيتك … أخبرتك أن تبتعد أن تسافر لكنك ترفض ..
يعلم أنه سيصل معها لما يريد تماما .. شقيقته يحفظها عن ظهر قلب ويعلم كيف يمكنه ان يؤثر عليها
قال مجيباً :
_ لايمكنني أن أسافر الآن واترك كل أعمالي معلقة هنا
ثم امسك هاتفه يناظره بعد ان وصلته رسالة ثم عاد ينظر لها قائلا
_ ولو اخبرتك ان زوجك من يلاحقني ماذا تفعلين
فتحت فمها لتجيب وعيناها تناظرانه بضياع ثم ابتعدت عنه تدور في الصالة كانثى حيوان مجروح يقتلون ابنها أمام عينيها
أكمل هو لعبته والضغط على أعصابها :
_ اعلم انه يشك بي وأنا موقن انه ابلغك بشكوكه .. لقد علمت أنه طلب مراقبتي .. ويبدو ان من ينفذون أوامره يودون القضاء علي
عاد تنظر له هامسة بترجي أن يتوقف عما يفعله بأعصابها :
_ إن لجين ليس سوى طبيبا كيف يكن له اتباع وأعوان كلامك يكاد يصيبني بالجنون ياغياث
قال محاولا ان يزيد ذلك الضياع الذي تتحدث عنه
_ إنه ليس كما يصور لك وأنت تعلمين أن عمله يساعده على التواصل مع الكثيرين ممن يريدون تدميري
عادت تقول بأمل
_ إن كان كذلك سأطلب منه ان يتركك وشأنك .. هو لن يرفض لي اي طلب …
بضياع وكمن تهذي اقتربت منه تحتضنه ودموعها تجري بسباق
_ فقط قل لي كيف يمكن لي ان احميك من الخطر وسافعل .. فقط لاتبتعد عني …
اصطنع الاسى والتعب وهو يقول مبعدا إياها عنه
_اني الان متعب واود النوم يا اختاه
بعد دقائق كان مستلقيا في الصالة متدثرا بغطاء سميك بينما هي جالسة قربه لاتفعل شيئا سوى التفكير
نظرت له وجدته غارقا بنومه فاقتربت تغطيه جيدا تهمس امام وجهه
_سأفعل اي شئ لحمايتك … أي شيء
ثم غادرت غافلة عن عينيه الماكرة التي نظرت لها تراقب مغادرتها
….
_يا إلهي
همست وداد وهي تتخيل مقصد ميرال نظرت لزينة هامسة
_ لقد استطاع أن يسيطر عليها فعلا
قالت زينة وهي تعقد يديها فوق قدميها وعينيها مسلطتان على الأوراق التي وضعتها وداد على الطاولة تستعين بها بالكتابة
_ حبها له كان اقوى من اي شئ وطغى على عقلها كاملا .. ثم هي حالها حال الكثيرين نازعتها رياح الفوضى فجعلتها غير قادرة على التمييز
هتفت وداد بغضب لم تستطع السيطرة عليه قائلة
_ اي تمييز هذا .. هل هي مراهقة صغيرة ام طفلة أنها امرأة قاربت على الأربعين فكيف لا تستطيع ان تميز بين صح او خطأ
ابتسمت زينة لمرأى وداد الغاضب فانتبهت وداد لما تفعله فقالت وهي تستعيد هدوءها
_اعذري انفعالي .. لكن الأمر يفوق الوصف
فقالت زينة بغموض
_ لقد كان يستغل تشتتها وضياعها وخوفها عليه … يغزل لها الحكايا عمن يحاول قتله والتخلص منه …
هي كانت تظن أنها قادرة على إنقاذه مما هو فيه
لم تبلغه انها تعلم بمعظم مايقوم به في الخفاء ولكن كان لديها حقا امل انها تستطيع انقاذه والانتقام ممن اوصله لكل هذا الاجرام
ولكنها لم تكن تعلم انه يتلاعب بها يريدها دمية بيده يستغلها كيفما يريد
قال وداد بتساؤل
_كيف
أجباتها زينة بابتسامة غامضة
_لاتستعجلي كثيرا فللحكاية تتمة

استيقظت صباحا لتجد ان شقيقها قد غادر حاولت الاتصال به مرارا وتكرارا دون فائدة
ارتدت ملابسها ثم اتجهت لمكان عملها
لقد هاتفت المدير ليلا تخبره بانها كانت بحاجة لاجازة فقط
ركنت سيارتها وهي تعلم أن لا سلافة ولا سلمى هنا فقد اتصلت باحدى الممرضات تستعلم منها عن أمور المستشفى لتخبرها بطريقة غير مباشرة انهما غادرتا لمنزلهما ليلا
قامت بجولة صباحية على مرضاها تعتذر بابتسامة عن غيابها المفاجئ
اتجهت لقسم الطوارئ بعد ان تم إبلاغها بوجود حالة تخصها
دخلت القسم فوجدته شبه خالي أشار لها الطبيب المقيم
_ يريد سلافة ولكني اخبرته انك صديقتها
نظرت نحو الشاب الجالس على سرير الفحص ثم قالت للطبيب المغادر
_ شكرا لك سأتصل بسلافة انا
وظلت مكانها حتى تاكدت من مغادرته مغلقا الباب خلفه ثم اقتربت من الشاب قائلة
_ هل يمكن ان تخبرني بما يؤلمك
ابتسم الشاب وهو يفهم ماترمي اليه ثم اجابها وهو يعطيها مغلفا دسته مسرعة في جيب معطفها
_ لا يؤلمني شئ فقط اتيت وكلي ظن أن سلافة لاتزال هنا …
اشار لها باشارة فهمتها ثم غادر تاركا اياها واقفة مكانها تنظر بأثره بشرود
…..
عادت قبيل المساء لمنزلها منهكة القوى بعد أن عرجت على المتجر لتجلب بعض الاغراض
وضعت الأغراض التي ابتاعتها في المطبخ ثم عادت ادراجها للصالة تحاول الاتصال بغياث لكن كما حال هاتفه طوال اليوم مشغول او خارج الخدمة
عادت تطلب رقم زوجها ولم يكن حظها أفضل رمت الهاتف بغضب على الاريكة تصرخ
_وهل كنت لتساعدني يالجين ..
خاطر مر على بالها ماذا لو كان ألقي القبض على شقيقها ماذا لو حصل له مكروه ماذا لو تم تعذيبه
دون تفكير كانت تمسك مفاتيح سيارتها تضع وشاحها على رأسها مجددا ثم تخرج مسرعة
تنزل الدرجات بغضب لتستقل سيارتها متجهة نحو منزل شقيقها
لاتعلم كيف استطاعت القيادة تقطع الشوارع نحو منزله
تسيطر عليها ذكريات قديمة عنه وهو مراهق يحدثها عن احلامه وامنياته
عن صديقته في المعهد الموسيقي والتي احبها كمراهق يخطو اولى خطواته نحو الشباب
ابتلعت غصة مريرة وهي تركن السيارة على جانب الطريق ثم نزلت نحو مدخل البناية التي تقع فيها شقة شقيقها
استعملت المصعد وحين دلفت منه وجدت الحارسين الذين اعتادت وجودهما أمام منزل شقيقها سألتهم عن مكانه ولكنهما اخبراها انه غير متواجد حاليا
عادت ادراجها والقلق يفتك بها اين يمكن ان يكون
صوت سقوط قذيفة قريبة وصوت سيارات الإسعاف الذي انطلق بعد لحظات جعلها تغادر المكان مسرعة استقلت سيارتها وقادتها تراقب هروب الناس مبتعدين عن مكان سقوط القذيفة خوفا من سقوط غيرها
عدلت طريقها متجهة نحو مكان سقوط القذيفة فواجبها كطبيبة حتم عليها ان تسرع لمعالجة المصابين
اندفعت بين الجموع تخبرهم انها طبيبة
تساعد باجراء الاسعافات الاولية للمصابين الذين لاتستدعي حالتهم النقل للمستشفى
حين انتهت عادت تستقل سيارتها بتعب نحو
الطريق العام الخالي تقريبا وقد بدأ الليل يرخي باسداله والحركة باتت خفيفة
رن هاتفها باسم شقيقها فركنت السيارة على جانب الطريق تجيبه بلهفة
_ هل أنت بخير
اجابها بأجل ثم طلب منها أن تتجه لمنزل آخر يمتلكه في حي قريب
اتجهت من فورها لتصل إلى العنوان المطلوب
كانت بناية في حي سكني قريب ركنت سيارتها وهي تشعر بالراحة لوجود حركة للناس في هذا الحي
تنظر حولها لطبيعة الحياة
هناك حيث كانت منذ قليل شوارع خالية يحوم الموت فيها وهنا ترى الناس يتجولون بشكل عادي وكان لاشئ يحدث
خطت نحو البيت المطلوب وكالعادة وجدت اثنين من الأشخاص الذين وظفهم شقيقها لمرافقته في كل مكان
ويبدو أنهم كانوا على علم بوصولها فسمحوا لها بالدخول
دخلت المنزل لتجد شقيقها بانتظارها كانت خطواتها متوجسة من ان يكون برفقة أحد ما لكنها تنهدت بارتياح وهي ترى الشقة خالية من أي شخص آخر
جلست بعد ان طلب منها الجلوس فتساءلت بلهفة
_لم أنت هنا
قال وهو يجلس قبالتها بتعب
_ اخذ احتياطاتي فربما كان المنزل مراقب
تساءلت بخوف
_ ولم يفعلون ذلك … هل اكتشفوا اي امر يخصك … من هم وماذا يريدون
امسكها من مرفقها يوقفها عن الكلام فنظرت له بعيون متوجسة فقال بصرامة
_ لاتطرحي الكثير من الاسئلة … سيتوقفون عن متابعتي قريبا .. يجب ان اكون حذرا فقط .. أما من هم وماذا يريدون لا شأن لك بالامر
قالت بتوتر وضياع
_هل حقا ماقلته عن ان لجين من اخبرهم بأمرك و ارسلهم ليلقو القبض عليك ..
قال وهو يضع كفيه على ركبتيه محنيا ظهره للأمام
_ ليس لجين ومن خلفه يريدون موتي الكثيرون باتوا يظنون اني اشكل خطرا عليهم .. حتى من اعمل معهم باتوا يخافون وجودي
لم تفهم ماقال والحيرة تلبستها تنظر له تستجدي شرحا يداها رجفتا بخوف اما هو فاستقام واقفا مبتعدا عنها عدة خطوات مفكرا ثم عاد ينظر إليها
_ يعلمون أن شقيقتي زوجة شخص مهم يمتلك وثائقا يريدونها وبشدة ..
انتفضت تمسك كفه قائلة
_ اي شخص مهم هذا ان لجين ليس سوى طبيبا ،كم مرة عليّ أن أعيدها ، ما الذي يمكن ان يشكله من أهمية لهم اخبرني .. اشرح لي اكاد اجن
دون أن يهتم بالتفسير قال مكملا ضغطه على اعصابها
_لقد تمت مساومتي بك ياميرال اتفهمين والا فحياتي ستكون الثمن
صرخت تناظره بخوف لايكاد يفارقها بحضرته :
_ كيف ذلك … ما شأني أنا ؟
أكمل بصوت ماكر يتسلل به لخلايا عقلها :
_ انت شقيقتي نقطة ضعفي لذلك يمكن باي لحظة ان تكوني سببا قويا لكسري
هزت رأسها نافية والدموع قد غلبتها
_كلا لن يحدث .. أنا سأبحث عن طريقة اخرجك بها من هنا .. سوف أسافر إلى أي بلد واختفي
ضحك وهو يراقب جنونها وهذيانها غير مهتم لتلك الحال الاي أوصلها إليها ثم أكمل قائلا ً:
_هل تظنينه أمرا سهلا … أخبرتك كوني معي وسأكون بخير .. ساعديني للحصول على ما أريد .. الوثائق التي بحوزة زوجك يجب ان احصل عليها
توقف عقلها عن العمل وهي تقول
_ اي وثائق هذه التي يملكها لجين .. أقسم لك في المنزل لا يوجد أي وثائق مهمة يمتلكها
قال مؤكدا ما كانت تشك به قبلا
_اعلم انه لايملك اي وثائق في المنزل ..
هتفت بقلة صبر تحاول أن تفهم مايريده
_اذا كيف ستحضر لهم هذه الوثائق وما مدى أهميتها اخبرني ؟
قال مضللا لها أكثر
_لااعلم كل أهميتها ولكن الحصول عليها أمر مهم ...ساعديني في هذا الأمر
_انا كيف يمكن ان اساعدك
قالتها بعجز وهي تنظر إليه والتعب قد أخذ منها كل طاقتها فأجابها
_ عليك معرفة المكان الذي يكون به فالمعلومات تؤكد ان زوجك سيسلم الوثائق قريبا ونحن يجب أن نحصل عليها قبلا ..
اومأت له بأجل دون أي تفكير ثم سألت بأمل :
_ وهل هذا سيبعد الخطر عنك ؟
أجابها قائلا وقد تسلل الارتياح الى قلبه فهاهو قد شارف على الوصول لهدفه :
_اجل سيبعده
اقتربت منه وعينيها تلمعان بإصرار غريب
_ان حصلت عليها عدني انك ستسافر وتغادر هذه البلاد للابد.. عدني أنك ستنجو بنفسك
امسك كفيها يقبلهما
_ اعدك …
عادت تنظر له وهي تقول بخوف حقيقي لم تستطع اخفاءه
_لجين هل سيكون بخطر ؟
اخذ نفسا عميقا ثم قال بهدوء :
_ ميرال انت امام مفترق طرق خطير عليك الاختيار .. لاجلك و لاجلك فقط سأحاول الا يصيب لجين اي خطر .. تعاونك معنا يعني ان يكون بأمان
قالت بتشتت ظهر واضحا في نظراتها إليه
_ لم افهم
عاد يكمل
_ ستفهمين قريبا … ساخبرك بكل شئ قريبا
والان سأطلب من خالد ان يقلك للمنزل فالوقت تأخر
قالت وهي تتجه نحو باب الشقة فقد استنفذت كل طاقتها وعليها أن تعود لمنزلها لترتاح
_ سيارتي معي
عاد يخبرها محاولا أن يشعرها بقلقه عليها من التحرك ليلاً:
_وان يكن سأطلب منه ان يتبعك هذا اضمن لسلامتك
قبل ان تفتح باب الشقة وتغادر عادت تنظر اليه وهي تقول ونظراتها تحمل من الغموض الكثير :
_ انا مستعدة لفعل اي شئ لانقاذك و لحمايتك والابتعاد بك عن هنا .. ان كان هو زوجي فأنت شقيقي وولدي الذي ربيته ياغياث ..
ابتسم وهو يسألها سؤالا محددا لم يستطع منع نفسه عن إلقاءه عليها :
_ حتى وان طلبت منك قتله !
هل كان يتوقع رفضها او رؤية نظرة خوف في عينيها اذا توقعه خاطئ فهي حين سمعت سؤاله انكست رأسها للحظات ثم رفعت وجهها اليه بملامح قاسية غريبة وهي تقول :
_ حين يكون الخيار واجبا سأختارك أنت .. سأختار انقاذك أنت كن واثقا من هذا ..حتى وان كان الثمن قلبي
ثم غادرت تاركة إياه في صدمة لحظية مما تفوهت به ثم عاد يبتسم فهو حقق ما أراد وميرال ستصبح له داعما ونصيرا
……
كل الشكر للجميلة سنين سنين عالخاطرة الجميلة
اريدك وطن
اريدك اوطاننا التي تموت
فكل طفل وطن
وكل شيخ وطن
وكل امراة وكل رجل وطن
وكل شاب حلم وطن
اريدك وطن
تمسح دموع من مؤاقيها
اريدك وطن
تاوي اليك الافئدة لا تنفيها
تصون دماء"لا تجريها
اريدك علمي اريدك ديني
اريدك نبراس نور لا دروب ظلام
اريدك بك الانسان للانسان
لا ان تجعل قلبك هو القربان
اريدك وطن اضاهي بك كل الاوطان


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-09-20, 08:33 PM   #9

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

#الفصل_الرابع

بعد خروجها من منزل شقيقها اتجهت نحو المنزل بشرود
تقود سيارتها وعقلها مشغول بالتفكير بكل مايحدث حولها حتى اقتربت من مطعم للوجبات السريعة توقفت وقد شعرت بالجوع وهي التي لم تتناول طعاما طوال اليوم
ركنت سيارتها جانبا ونزلت منها بتمهل وبطرف عينها لمحت توقف سيارة خالد خلف سيارتها لكنه لم يهبط منها
راقبت جموع الناس أمام قسم الطلبات
رغم كل مايحدث فالحياة تكمل مسيرتها ولا شيء يتوقف ابدا
الناس مازالت تتابع حياتها بشكل طبيعي
رغم مايسكن العيون من قلق الا ان الحياة تدفعهم لان يحيوها بشكل طبيعي
اعطت صبي المطعم طلبها ليتم تجهيز ماتريد فتأخذه معها للمنزل، انشغلت بعض الوقت بمراقبة المنتظرين مثلها أمام شباك التسليم، ثم مالبثت أن اقتربت تسأل بخجل ان كانت تستطيع استعمال الحمام.
غابت بضع دقائق ثم خرجت نحو سيارتها بعد ان اخذت طلبها وسارت مجددا نحو المنزل
وسيارة خالد تتبعها من مسافة قريبة ، حتى هبطت من سيارتها ودخلت بوابة البناية السكنية التي تقطنها
حين وصلت وضعت الطعام بإعياء على الطاولة الرخامية في المطبخ ثم اتجهت نحو غرفتها علها تستطيع النوم ولو قليلا وقبل ان تخلع معطفها اطمأنت تتلمس ذلك الشئ الصغير الذي تخفيه بجيبة سرية داخل معطفها
اغمضت عينيها تستدعي راحة لكن للأسف فمن أين يمكن أن تأتي الراحة بعد كل ما تواجهه
لو كانت في المستشفى لكانت انشغلت عن كل هذا لكان الوقت يمر بوتيرة أسرع مما يفعل وهي تعيش محبوسة مابين هذه الجدران
دمعت تسللت من بين جفنيها وهي تعي خطورة ماهي مقدمة عليه ولكن لقد قررت وانتهى الأمر
…..
لأن وداد صحفية متمرسة تعلمت ان تنصت لآخر لحظة، تنظر بعيون مفكرة للسيدة زينة تحاول أن تستشف من خلال تعابير وجهها اي مشاعر
ولكن للأسف السيدة زينة مثل الكثيرات اللواتي قابلتهن في رحلتها حول قصص كتابها هذا
تعابير وجهها تخفي الكثير تجعلها غير قادرة على التنبؤ بما جرى
قالت وداد محاولة ضبط إنفعالاتها :
_اذا فقد قررت مساعدة شقيقها ورمي كل مبادئها تحت قدميها .
نظرت لها زينة تتنهد بتعب فمهما كان الأمر فإن سرد مثل هذه الأحداث يماثل صعوبتها قالت بصوت بعيد :
_ لقد قررت ما رأته هو الاصح في ذلك الوقت
قالت وداد بغضب لم تستطع اخفاءه:
_ هل حقا صدقت انها سوف تنقذه بوقوفها بجانبه؟
لااصدق ان طبيبة مثلها يمكن ان تصدق كاذبا مثله .
بغموض تحدثت زينة
_ ان كانت صدقت ام لا مايهم هو ماحدث بعدها
….
كانت قد عادت منذ اسبوع وعادت الأمور لطبيعتها مع صديقتيها
تشغل نفسها بالعمل والعمل
قالت سلافة وهي تراها عائدة نحو غرفتها بخطوات متعبة :
_ أين كنت لقد بحثت عنك كثيرا
قال ميرال بتعب وهي تدلف للغرفة ومن خلفها سلافة تغلق الباب بهدوء :
_ كنت في غرفة أحد مرضاي
نظرت لها سلافة وهي تراها تستلقي على سرير صغير وضع في غرفتها لتنال قسطا من الراحة في حال بقائها ليلا
( اي مريض هذا وانت تختفين فجأة ثم تعودين للظهور فجأة .. اقسم ان هناك مايشغلك ولا اعلم ما كنهه يا ميرال )فكرت سلافة
_ هل ستحدثين نفسك طويلا ؟
قالتها ميرال دون ان تفتح عيناها فأجابتها سلافة بهدوء:
_ كلا لقد انتهيت من الحديث مع نفسي .. نامي قليلا وانا سأجلس قربك أتابع بعض الأخبار على صفحات التواصل الاجتماعي
لم تجبها ميرال فظنت سلافة انها نامت لذلك جلست على مقعد قريب تتصفح هاتفها
بينما ميرال غرقت بافكارها
لم تلتقي بعد تلك المرة بشقيقها فقد اخبرها انه منشغل بعمل جديد
لتفاجأ به موضع حديث شاشات التلفزة كرجل أعمال ناجح كافح واجتهد رغم سنه الصغير ليصل الى ماوصل اليه
راقبت الشاشة التي تعرض مسيرة شقيقها الصغيرة والحافلة يخبرها انه مراقب لكن بنفس الوقت أعماله تبدو مزدهرة
إنه يغرقها بدوامات من التضليل
ما الخطر الذي يمكن أن يكون محدقا به وهو ناجح بهذا الشكل
لقد اخبرتها سلافة بفخر البارحة
_ عليكي ان تكوني فخورة بغياث فانا ارى انه نجح في وقت قصير بل ويعمل جاهدا لافتتاح مراكز لمساعدة المتضررين مما يجري وربما قريبا سيسلمونه منصباً مهماً .
لم تجبها حينها لانها لم تستطع الاجابة ببساطة كما حالها وهي تراقب المذيعة التي تفتخر كافتخار سلافة بشقيقها
ضحكت بسخرية مما تسمع ويحدث
(لو انكم تعلمون فقط ما الذي يوجد خلف هذه الابتسامة التي يظهرها لكم … لو أنكم فقط تعلمون ماهي خلفية تلك المشاريع التي يقوم بها .. فعلا انت عبقري أكثر مما تصورت ياغياث، اكثر بكثير ياأخي )
قطعت سيل أفكارها وهي تميل للجانب فيصبح ظهرها مواجهاً لسلافة الاي لم تتوقف عن مراقبتها بحزن لحالها الذي لاتفهمه
اما ميرال فعادت تحدث نفسها وعيناها مازالتا مغمضمتين ،عليها أن ترتب كل خطواتها القادمة فالقادم صعب وهي تحتاج لأن تخطط له جيدا
….
جلست هي وصديقاتها في اليوم التالي في منزل سلافة لقد اقترحت سلمى ان يجتمعن معا في يوم عطلتهن فوافقن
حضرت ميرال الفطائر المحشوة بالجبن واللحم وقطع البيتزا الصغيرة بينما انتهت سلمى من تحضير قالب حلوى شهي
وسلافة الفاشلة بالطبخ تسلمت مهمة غسيل الاطباق خلفهن والاهتمام بابنة سلمى الصغيرة
جلسن معا امام شاشة التلفاز يتابعن فلما أجنبيا رومانسيا كعادتهن
كن يناظرن الشاشة باعجاب للبطل الوسيم وهو يتحدث مع حبيبته
تنهدت ميرال وسلمى وهن يشاهدن قبلته الطويلة للبطلة
فضربتهما سلافة بالوسادة الصغيرة قائلة
_انكما متزوجتان فماذا ابقيتما لي انا العازبة ها اخبراني توقفا عن هذه النظرات يا الهي لا اصدق انكما شارفتما على الأربعين عاما و مازلتما مراهقتين تتفجر عينيكما قلوبا عند رؤيتكما لمشهد رومانسي
نظرت لها ميرال بغضب وهي تقول
_ مادخل السن بمشاعرنا ياسلافة انا مازلت صغيرة بمشاعري ياعزيزتي
وراقصت لها عينيها تغيظها فضربتها سلافة مجددا قائلة
_ صغيرة قال .. اذن هيا يا صغيرة هذه الافلام لاتناسبك بل تناسبني انا وانت سيدة سلمى توقفي عن التهام البطل بعينيك
تنهدت سلمى بحزن دون ان تزيح عينيها عن الشاشة قائلة
_ماذا لو كان زوجي يحبني بهذا الشكل الكبير اخبراني ..
ثم اكملت بغصة
_ ان كانت ميرال صغيرة بمشاعرها فانا عجوز دميمة بمشاعري التي ماتت بفضل رجل لايعرف عن الزواج سوى علاقة الفراش ومشاركة المال اما غير ذلك فلا يعلم شيئا
نظرتا لها بأسى وهن يعلمن طباع زوجها الغريبة رجل تزوجها لأنها طبيبة فقط اي بمنظوره مصدر دخل كبير له
لايهتم باي شيء سوى ماتجنيه من اموال
مسحت سلمى دمعة نزلت على خدها وهي تقول متصنعة الغضب
_ هل اعجبك مافعلته انسة سلافة ضيعتي علينا المشاهد الرومانسية .. تزوجي ودعينا نرتاح منك
قالت سلافة بضحك محاولة ان تبعد الحزن عن سلمى
_ ومن أين أحضر العريس .. هل أنزل الى الشارع وأنادي (أريد عريسا للبيع )
ضحكت ميرال بصخب ورافقتها سلمى الضحك وهي تقول
_ العريس لدي لكنك ترفضين
ضربت سلافة على صدرها قائلة بتمثيل
_ اتريدين ان تزوجيني لشقيق زوجك فتأتي حماتك الحيزبون وتتحكم بي لا والله لن اقبل
بيأس قالت سلمى
_ للمرة المليون أخبرك أن جلال مختلف عن زوجي إنه يذكرني بزوج ميرال دائما .. ربما وفاة زوجته وتربيته لطفلين صغيرين لوحده إلى ان كبرا وسلكا طريق الحياة بمفردهما جعلتاه مختلفا عن زوجي انا نفسي احيانا لااصدق انه شقيق زوجي الوحيد واكاد اجزم انهم وجدوا زوجي امام منزلهم ليلا
بدت سلافة كمن تفكر بكلام سلمى لذلك اكملت سلمى قائلة بألم
_ المشكلة ليست بوالدة زوجي ولا بعائلته ان عائلته كأي عائلة أخرى .. لكن المشكلة به هو بانانيته بعدم اهتمامه .. او اخبرك المشكلة بي انا بسلبيتي .. المشكلة انني انا من الغيت شخصيتي بحضوره
ثم استقامت واقفة مبتعدة عن مرمى نظراتهما المشفقة قائلة
_سأحضر قالب الحلوى لاتناوله
تركتهما واتجهت للمطبخ تحضر القالب لكنها ما إن دخلت وابتعدت عن مجال رؤيتهم ، حتى استندت على الرف الرخامي بكفيها تأخذ شهيقا طويلا لتمنع دموعها من الانهمار وهي تتذكر مشاجرتها مع زوجها البارحة، وهو يطلب منها ترك عملها الذي تقوم بمعظمه مجانا ،والتفرغ لعيادتها ولعمل جديد في مستشفى خاص تم افتتاحه قريبا من منزلها
انه يرى ان العمل الذي لايجلب مالاً لا فائدة منه .. لايهتم بما تخبره به عن قدسية عملها ، عن إنقاذها لأرواح الناس ، عن سعادتها حين تتلقى دعوة بالخير من ذويهم ، حين تشاهد نظرات الأمل والسعادة في مآقيهم .
كيف كانت غافلة عن طمعه بعملها عن حبه للمال عن استعداده لرمي كل المبادئ والقيم جانباً لأجل المال
ليته كان مثل لجين زوج ميرال
همست بالاستغفار تلوم نفسها لتسلل ذلك الشعور الخبيث إليها ،لايمكن أن تحسد صديقتها على زوجها والعلاقة المميزة التي تجمعهما منذ سنوات
_سلمى
كانت تلك ميرال من تقف ورائها تضع كفها على كتفها في دعم غير منطوق
فما كان من سلمى إلا أن رمت نفسها في أحضانها تبكي بألم
ربتت ميرال على ظهرها بحنو تهمس لها
_ استغفري الله يا سلمى واهدأي ياعزيزتي
انضمت سلافة اليهما تضمهما معا قائلة بأسف :
_ اعتذر لم أقصد أن أجعلك تحزني …إنني عازبة غبية ياسلمى فانظري ما أنت فاعلة بي … زوجيني لشقيق زوجك انتقاما من غبائي هذا ..
ضحكت سلمى وميرال وسلمى تقول من بين دموعها :
_سافعل وسأجعله يغلق فمك للابد
ابتعدت سلافة عنهما مدعية الحزن وهي تقترب من قالب الحلوى تحمله بين يديها قائلة :
_ تعال ياحبيبي ليس لي سواك الان … فانت من ستحرك مشاعري ولا احد غيرك
وتركتهما مغادرة نحو الصالة هامسة بصوت مسموع لهما لتغيظهما :
_ الفلم القادم سيكون فيلما عربياً بالأبيض والأسود إن رغبتما متابعته معي … تعال ياحبيبي تعال
اكملت حديثها مع قالب الحلوى وهي تغادر بينما انفجرت الاثنتان ضاحكتان من تصرفها واتجهتا للصالة خلفها
قالت ميرال وهي تحمل اشرطة الفيديو تختار فلما لمتابعته
_ في الصيف القادم سنحاول ان نسافر الى الساحل مارأيكن ، مضت سنتين منذ آخر مرة سافرنا بها معا للساحل اود ان استرجع تلك الذكريات معكن
غمزتها سلافة بمكر قائلة :
_ معنا ام مع لجين .. لاتدعيني اذكرك بما فعلته بنا في آخر رحلة لنا ، تركتنا انا وهذه المسكينة وذهبت بقية العطلة رفقة زوجك في رحلة خاصة فهيا اخرجي من هذه الابواب يا ميرال
هذه المرة كان دور ميرال لضربها بالوسادة وهي تقول حانقة :
_ لقد فاجأني يومها بأنه حصل علىإاجازة ، فهل كنت تريدين مني ان اخبره ،عفوا لجين انا مع صديقتيّ فلتمض اجازتك بمفردك .
قاطع ضحكهم صوت بكاء ابنة سلمى التي قامت من فورها لترى مابها
قالت ميرال ما إن غادرت سلمى
_ سلافة لم لاتفكرين جديا بعرض جلال … أعلم أنك لاتهتمين بكل تلك الاقاويل حول الزواج وضرورته للفتاة وانا اؤيدك بهذا الأمر ولكن كشقيقة لك اخبرك ان الحياة قصيرة جدا فلم لانعيشها بسعادة مع شخص نتبادل واياه الحب
تنهدت سلافة قائلة بهيام
_ اتظنين أنني لاأود أن يكون لي عائلة ولكن كنت ومازلت انتظر حبا يقتلع قلبي من مكانه فيجعلني اترك كل شئ خلفي واجري نحوه صارخة تعال الي تعال
بغضب قالت ميرال من بين أسنانها
_ انا اكلمك بجدية ياسلافة
نظرت لها سلافة بابتسامة قائلة
_ حسنا حسنا سأفكر بذلك المدعو جلال وعرضه اعدك بهذا ولكن ان لم يحرك قلبي فلا تلوميني على ماسأفعله به
وانفجرت ضاحكة لترافقها ميرال الضحك
…..
في الصباح وبعد ان ودعتهن وعادت لمنزلها تلقت
اتصالا من سلمى التي فارقتها منذ ساعتين فقط تخبرها بانها تود منها مرافقتها لارسال حوالة مالية لاهلها المقيمين في مدينة أخرى
جهزت نفسها ثم غادرت المنزل متجهة لمنزل سلمى امسكت هاتفها تطلبها وماهي الا دقائق حتى كانت سلمى تجلس قربها على المقعد
قالت ميرال بغضب وسيارتها عالقة في الزحام
_ الم يكن بامكانك الانتظار أياما اضافية .. انظري ان الوضع غير مطمئن ابدا للخروج نحو المنطقة التي يوجد بها مكتب التحويل
كانت سلمى تشعر بانقباضة غريبة في صدرها لكنها حاولت ابعاد هذه الاحساس وهي تقول
_ لايوجد فرق بين اليوم وغدا فكل يوم يكون أسوأ من اليوم الذي قبله يا ميرال .. ثم ان شقيقتي بحاجة ماسة للمال ولن استطيع ان اتأخر في ارسال المبلغ المالي لها
لم تجبها ميرال وهي تعلم ماتحمله سلمى بداخلها من مسؤولية تجاه شقيقاتها بعد وفاة والدتها
تحرك طابور السيارات فتحركت ميرال بسيارتها تحاول ان تصل باسرع مايمكن
توقفت السيارة أمام مركز التحويل فنزلت سلمى وبقيت ميرال تنتظرها في السيارة تقلب محطات الراديو لكن كل محطة كانت تسابق الاخرى في نقل مايحدث من كوارث
اطفأت الراديو بغضب وهي تشعر باختناق مفاجئ غريب هزت رأسها بعنف تبعد هذا الاحساس
امسكت هاتفها تحاول الاتصال بلجين لكن كالعادة لامجيب
لقد حدثها منذ يومين يخبرها بعودته قريبا وبعدها فقدت الاتصال معه مجددا
عادت سلمى فتحركتا مبتعدتين عائدتين للمنزل
كانت ميرال تقود بصمت فيما سلمى تتحدث مع شقيقتها تخبرها بارسالها للمال وتفاصيل اخرى حاولت ميرال عدم الانصات لها
حين انتهت قالت سلمى بأسى
_ لم ينظر الجميع للطبيب على أنه تاجر يملك تحت فراشه بنكا متنقلا أخبريني
فهمت ميرال ماترمي اليه فاجابتها
_ لان النسبة الأكبر من الأطباء اتخذت المهنة كتجارة وكمهنة مدرة للمال وليس مهنة إنسانية تسمو بصاحبها نحو الاعلى وانا وانت نشاهد امثالهم يوميا لذلك لا تستغربي الامر
اومأت سلمى برأسها ثم عادت تراقب الطريق
ثم مالبثت أن طلبت منها ان تتوقف امام متجر لملابس الاطفال في شارع يحتوي الكثير من المحال التجارية الضخمة
_ توقفي هنا أود شراء هدية لابنتي ..
قالت ميرال وهي تبحث بعينيها عن مكان تركن به سيارتها
_ انتظري حتى اجد مكانا لاركن السيارة ..
قالت سلمى بلهفة وهي تهبط من السيارة
_ كلا سوف أسبقك انظري ذلك المتجر (اشارت بيدها لمتجر معين لملابس الاطفال ) سأسبقك وانت اركني السيارة واتبعيني
غادرت سلمى وتحركت هي نحو منطقة وجدتها ملائمة لركن السيارة تبعد قليلا عن المتجر
ركنت السيارة وهبطت منها تنظر حولها لهذا الشارع واكتظاظه بالناس في هذا الوقت من الصباح
لقد اقترب موسم الأعياد والناس رغم كل مآسي الحرب تحاول ان تجد يوما للسعادة وللمحبة
ابتسمت تنظر بوجوه الاشخاص تراقب تعابيرهم الممزوجة بالالم والامل
دعوات تحملها القلوب بان تعود البلد آمنة كما كانت قبل هذا الطوفان الذي دمر كل شئ في طريقه من حجر وبشر
تنهدت بغصة غريبة ترفع أنظارها نحو المتجر الذي قصدته سلمى

لحظة واحدة

لحظة واحدة لكنها تفصل مابين الحياة والموت

لحظة واحدة تجعل الحياة تنتهي دون اي اشعار مسبق
لحظة واحدة كانت كافية ليحدث ماحدث

خطت خطوة واحدة فقط نحو المتجر الذي تركت فيه سلمى
لتشعر بتوقف الزمان
بانسحاب الهواء من رئتيها
لتتوقف كل الصور

لحظة واحدة وحدث ذلك الانفجار
صوت اصم اذنيها ورماها أرضا تصرخ باعلى صوتها تشعر بدوي غريب في أذنيها والم في كل أنحاء جسدها
أصوات الطنين اختلطت بأصوات الصرخات حولها
هل هذه هي النهاية اغمضت عينيها تحاول الاستسلام
ولكن صوت الصراخ والاقدام التي تجري بخوف جعلها تحاول ان تستوي بجلستها
استطاعت أن تعين نفسها على الجلوس ثم حاولت ان تقف لكن قدماها خانتاها وعينيها تنظر باتساع وذهول حولها
مهما كان ما شاهدته على شاشات التلفزة لما يحدث لحظات الانفجار ومايليها
مهما كان ماسمعته اثناء انقاذها لضحايا التفجيرات لا يماثل نقطة واحدة مما تعايشه في هذه اللحظات
الناس تجري بعشوائية حولها، النيران في كل مكان ودخان اسود عبق بالأجواء
واجهات المحلات قد تهشمت كليا واندلعت النيران في بعض المتاجر اناس يجرون من حولها يمنة ويسرى لكنها لاتسمع صراخهم
لاتعي مايفعله الاخرون من محاولات لانقاذ من يستطيعون انقاذهم
عيناها كانتا فقط تناظران الأشلاء التي تناثرت فوق اسفلت الطريق

بكل ماتملك من قهر

بكل ماتملك من ألم فتت قلبها ومزق روحها

صرخت باسمها
_سلمى اااااااااااااا
كررت النداء حتى بح صوتها و عيناها تذرفان الدموع بكثافة
همست بخفوت معذب
_سلمى
زحفت على ركبتيها تشعر بكل خطوة تخطوها ان الطريق نحو ذلك الجسد الذي عرفته تزيد من مسافة البعد
شفتاها ترتجفان غير قادرة على النطق قطع زجاج هشمت ركبتيها وكفي يدها لكنها لم تهتم
كل مايهم هو ذلك الجسد الراقد بلا حراك
اقتربت تمد يدها تتلمس صدر صديقتها عيناها تنظران بزيغ لذلك الوجه الذي سالت بعض الدماء منه
همست بصوت يكاد لايخرج من فمها الذي جف حتى كادت شفتاها تتشققان
_سلمى اجيبيني
لكن لامجيب كفاها كانتا تتحركان على الجسد المسجى تحاول إيجاد نبض واحد يشعرها بوجود الحياة وصوتها يحاول ايجاد طريق له فيخرج مختنقاً متألماً :
_سلمى حبيبتي أجيبي … سلمى هيا انهضي سنشتري حالا ملابس الصغيرة معا … سلمى سلافة لن تسامحني ان حصل لك مكروه … سلمى ارجوكي
يدين حاولتا إبعادها رفعت أنظارها نحو ذلك الشخص الذي لم يكن سوى مسعف من منظمة الهلال الأحمر الذين توافدوا للمكان بمجرد حصول الانفجار
_سيدتي ارجوكي علينا نقلها للمستشفى
أشارت بكفيها الداميين نحو صديقتها قائلة
_انظر انها لاتجيبني .. اخبرها ان تجيبني ارجوك … لم لم تنتظرني في المتجر... لم خرجت منه
ثم عادت تلامس وجهها بكفين مرتعشين
_سلمى اجيبي ..انهضي كفاكي مزاحا ، هل بت تتقمصين دور سلافة وتفزعين قلبي بمزاحك
امسكها المسعف يبعدها رغما عنها عن جسد سلمى لم تعلم لم استسلمت لأوامره وابتعدت عن صديقتها راقبتهم وهم يضعونها في سيارة الاسعاف فركضت نحوها تصعد السيارة معهم تلتزم بصمت مطبق امرها به المسعف
من خلف الزجاج الخلفي للسيارة نظرت للخارج تراقب تدافع الناس
البعض تلطخت ملابسهم بالدماء ولكن إصاباتهم الخفيفة مكنتهم من الابتعاد نحو تجمع المسعفين الذين يقدمون الاسعافات لهم
اما البعض الآخر فقد تم حملهم فوق نقالات ليتم اخذهم للمستشفيات
تكاد تجزم ان صراخهم يصم أذنيها
وهناك على الارض مازالت بعض الجثث التي غطيت بالاقمشة بانتظار نقلها هي كذلك
عادت تنظر نحو المسعف داخل السيارة تراقب تحركه حول جسد صديقتها
نظراتها فارغة تائهة
نسيت انها طبيبة .. انها تستطيع المساعدة
كل شئ حول مهنتها نسيته
بخوف رفعت أنظارها نحو ذلك الوجه الذي كان ضاحكاً قبل لحظات
تعلقت عيناها به وغصة قوية باتت تتضخم داخل صدرها تمنع عنها التنفس
تلك العيون المغمضة … ذلك الفم الصامت
هل هما حقا لسلمى
مابين وجهها
ويدي المسعف اللتان تحاولان انعاش عضلة القلب
زاغت نظراتها
تسارعت وتيرة تنفسها
ارادت ان تغمض عيناها عل تلك الهوة تسحبها
ولكن وجود مسعف آخر أنقذها
وهو يضع لها قناع الاكسجين يساعدها على التنفس
…...
بعد بعض الوقت كانت سلافة تعبر الممر نحو صديقتها ميرال
وجدتها منهارة ارضا تدفن وجهها بين ركبتيها ملابسها مغطاة بالاتربة والهباب
تباطأت خطواتها وهي تقترب منها
لقد هاتفها المسعف بعد ان نقلته ميرال رقم هاتفها دون وعي منها فأتت على وجه السرعة
_ميرال
رفعت ميرال أنظارها نحو سلافة كان وجهها مخيفا لاتستطيع تبيان ملامحه من الهباب الذي يغطيه وشعرها قد ظهر قسم منه من تحت غطاء رأسها بعشوائية زادت مظهرها رعبا
_سلمى لاتجيبني
قالتها ميرال بهمس قاتل لم تستطع سلافة معه الكلام أكملت ميرال وهي تنظر لكفي يدها الذين لم تغسلهما بعد من أثر الدماء
_ كنا سنشتري ملابس الصغيرة فسبقتني للمتجر … لقد اخبرتها ان تستيقظ ان تتوقف عن مزاحها .. هددتها انك لن تسامحيني إن حدث لها مكروه لكنها لم تجبني … لم تجبني يا سلافة
سقطت سلافة قربها على ركبتيها عيناها اغرورقت بالدموع
ارادت ان تضمها اليها لتخفف عنها صدمتها والتي لاتقل عن تلك التي تختنق بأنفاسها
لكن انظارها تعلقت بالممرضة الخارجة من غرفة جانبية ، وقفت مسرعة و تخطت ميرال متجهة إليها تسألها دون وعي
_ صديقتي هل هي بخير … سلمى اسمها سلمى
نظرت الممرضة لها ثم لميرال التي تراقبهما فأجابت الممرضة مشيرة لها
_ التي كانت السيدة برفقتها
اومأت سلافة بأجل فطغى الأسف على ملامح الممرضة وهي تقول
_ البقاء لله
….
((الخاطرة بقلم مبدعتنا الغالية هند
مضيتِ في طريقكِ وحدكِ دون الرجوع إليّ!
كيف بالله عليكِ هان وجعي عليكِ؟
سلكتِ درب النهاية وختمتِ قصيدتنا ببيت! بالله ما كنتُ كاتبته ولا في خيالي أبدًا اخترته إليكِ.
يا مَن سموكِ توأم الروح كيف استطعتِ المُضي قدمًا دوني،
كيف أتخذتِ مِن الفراق خلوة لكِ مسبقًا ولم تنتظري أن يأتِ دوري،
كيف انتهجتِ دربًا لستُ فيه وحكمتِ عليّ بالعيش في الظلام فخبت نوري.
كيف نسيتِ وعدنا؛ أوَ لم نتفق أن نمضي مًعا،
نبقى مًعا، ويشيب العمر ونحن في طور الصِّبا أيضًا معًا؟
ما ظل في مِن بعدِ هجركِ إلا ما رأته العين فحسبته مِن بعيدٍ هيكلًا.))
……….
_يا إلهي
هتفت بها وداد تضع يديها على فمها وكأن المشهد حدث أمامها عيناها امتلأت بالدموع تنظر نحو زينة التي كانت تبدو وكأنها تعيش اللحظة نفسها التي عاشتها ميرال
قالت زينة بشهيق حاد
_ لقد فارقت الحياة يومها وتركت خلفها أحبابا فقدوا مع رحيلها جزءا من حياتهم
انتبهت وداد ان شهيقها بدأ يعلوا وكأنها تنازع الحياة فانتفضت من مكانها تصرخ
_سيدة زينة .. سيدتي هل انت بخير .. تنفسي ببطئ ..
فتح الباب فجأة ودخل رجل لم تتعرفه وداد بداية
جرى بلهفة نحو زينة يمسك وجهها بين كفيه
_حبيبتي انتبهي إلى... تنفسي ببطء
انتحت وداد جانبا وهي تراقبه يحضر جهاز طبيا ا للارذاذ يضع لها قناع الاوكسجين يمسك القناع بيد بينما يده الثانية تحتضن يدها يهمس لها بصوت مسموع
_ ستكونين بخير .. تنفسي ببطء فقط… لأجلي ستكونين بخير …
عينا زينة رغم غرقهما بالدموع الا انهما كانتا معلقتين بعينيه وكأنهما حبل نجاتها الوحيد
لحظات وهدأ تنفسها ووداد لاتزال على وقفتها تراقب السيدة وزوجها
اقتربت تساعده حين لمحته يحاول ان يساعدها على الاستلقاء على الاريكة فرفعت قدمي السيدة بعد ان خلصتها من حذائها
ثم ناولته وسادة صغيرة فوضعها تحت رأس زينة ويديه تمسدان شعرها بحنان حتى استغرقت بالنوم
حينها ابتعد عنها واقفا وهو يخاطب وداد
_ الحمدلله . إنها بخير ، عذرا لجعلك تمرين بهكذا موقف
قالت وداد وعيناها معلقتين بوجه زينة الذي استعاد بعضا من هدوءه :
_ المهم انها بخير
ثم عادت تقول بأسف وهي تنظر إليه
_ لم أكن أعرف أن الامر سيأخذ هذا المنحى .. لقد كنا نتحدث عن
قاطعها قائلا
_ عن موت سلمى.. اخبرتها ان لاتتطرق معك لهذا الامر فانا اعلم مايصيبها حين تتحدث عن وفاة سلمى ..
ثم اكمل مبتسما
_لكنها عنيدة لا تنفذ الا مايحلو لها
قالت وداد بقلق حقيقي لم تستطع اخفاءه :
_هل ستكون بخير ؟
اجابها وعيناه تناظران زينة بعشق :
_ لا تقلقي سيدتي ستكون بخير واسف لوضعك بمثل هذا الموقف مرة أخرى.
أشارت وداد برأسها بنفي وهي تقول
_ بل أنا آسفة لما حدث لم اكن اعلم ان الحديث سيقودنا لمثل هذه الذكرى .. والآن اعذرني يجب ان اغادر وساتصل لاطمئن عليها
ثم أخذت حقيبتها خارجة من الصالة الجانبية نحو ردهة المنزل وزوج السيدة زينة يرافقها
تفاجأت بصوت صغير يتحدث
_ أبي … اين هي أمي
تحولت أنظار زينة لتلك الصغيرة التي خرجت من غرفة جانبية بيدها اقلام تلوين
اقترب منها الرجل قائلا وهو يحملها بين ذراعيه :
_ ماما متعبة ،وتحتاج لأن تنام قليلا وانت عودي لتكملي تلوين لوحتك الجميلة هيا .
انزلها ارضا لتتركه وتعود ادراجها راكضة مختفية عن انظار وداد التي تفاجآت بوجود هذه الصغيرة
بإحراج ابعدت نظراتها عن مكان اختفاء الصغيرة وهي تهمهم بتحية المساء وتسرع خطواتها بالمغادرة .


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-09-20, 08:34 PM   #10

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

تم نشر الفصلين الثالث والرابع
ألقاكم غدا باذن الله مع الفصل الخامس


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:18 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.