آخر 10 مشاركات
وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          90 -حبيب الأمس - جين سامرز -عبير دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          381 - الانتقام الاخير - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          402 - خذ الماضي وأرحل - مارغريت مايو (الكاتـب : عنووود - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-02-21, 10:45 AM   #31

Hayette Bjd
 
الصورة الرمزية Hayette Bjd

? العضوٌ??? » 404791
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 586
?  نُقآطِيْ » Hayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond repute
افتراضي


ابه داااا ابدعتي الفصل كله تشويق و إثارة



Hayette Bjd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-21, 09:29 PM   #32

هديرر

? العضوٌ??? » 385828
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » هديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث

اليأس انتحار القلب وذبح راحته!
تجد نفسك محاصرًا بين شقي رحى
كل الأماكن من حولك تؤدي لشيء واحد.. هو الهلاك!
وأفضل الأسوأ إما أن تركع ترجو رحمة واهية من جلادك، أو تقفز في فوهة الظلام إلى طريق مجهول سُبله ومصيره!
طريق رسمه القدر
يختار زواره بعناية.
ثلاث ثوانٍ!
كل ما احتاجته ثلاث ثوانٍ فقط حتى استوعبت أنه يقف أمامها، وصل لها، يفصل بينهما عدة أمتار فقط، سيجتازها في خطوات بسبب طوله وبنيته الرياضية!
تسارعت أنفاسها بذعر، وتدفقت دماء الخوف في أوردتها، خاصةً عندما رأت ابتسامته الجانبية بانتصار ذئب حاصر فريسته في خانة اليك!
لم تتردد لحظة واستدارت راكضة في اتجاه الغابة بأقصى ما تحمله من طاقة، تترك لقدميها العنان لمصير أشد حِلكة ممن يركض خلفها صارخًا:
-"جيانا.. توقفي هناك!"
صوته مثل الجحيم، لم تلقِ له بالًا ودفعت ساقيها بقوة أكبر.
مائة متر تقريبًا تفصلها عن حدود الغابة.. فخطت أكثر وأنفاسها تتحول لشهقات عالية!
خمسون مترًا فاصلة.. أقسمت أنها تشعر ببرد أنفاسه على رقبتها لكنها لن توقف ولن تنظر خلفها مهما حدث!
عشرة أمتار.. سقطت عندما شعرت بشيء ما يجذبها من معطفها، اندفع نحوها بشراسة فتدحرجت للجانب ليسقط على الأرض، وقفت مرة أخرى تعود للخلف بخطوات متعثرة تحاول السيطرة على عدم اتزانها، صارخة بقوة:
-"اتركني وحدي"
-"أنتِ قادمة معي حبيبتي"
لم تعجبها الابتسامة على وجهه أكثر من ثقتها بالسخرية والمكر في صوته، نظرت من فوق كتفها إلى ظلال الأشجار الغريبة خلفها مباشرة، فنظرت إليه مرة أخرى وقالت بهمس من بين أنفاسها اللاهثة تهز رأسها بانتصار وهي تعود خطوة للخلف:
"أنت مخطئ"
ثم ابتلعها الظل بالكامل، استدارت بتوتر تفحص المكان ولكن لم يكن خلفها سوى الأشجار والشجيرات، فتمتمت بسخرية:
-"جبان"
لكنها ممتنة لأنه لم يتبعها، توجهت للأمام وبدأت تمشي مرة أخرى، فسمعت صوت توم فجأة:
-"دع الوحش يأخذها"
انتفضت بخوف وتأرجحت ساقطة على ظهرها فتأوهت من الألم لكنها لم تبالِ، ورفعت نظرها للمكان الذي دلفت منه متوقعة أن تراه خلفها مباشرة لتسمع صوته ثانيةً:
-"لم تكن تستحق ذلك على أي حال."
ضاقت عيناها كما لو أن كلماته اللاذعة موجهة إلى وجهها لكن لم يكن هناك أحد!
نهضت متعثرة تنفض ورقات الشجر العالقة في خصلاتها، وما كادت أن تلتفت تشق طريقها حتى لمع وَهج أزرق من السماء أشبه بالشهاب يتجه نحوها بسرعة كبيرة لم يسعفها أن تتخذ أي ردة فعل!
في لحظة ارتطم جسدها بالأرض بقوة حتى شعرت أن فقرات ظهرها تفتتت، تأوهت بدويّ تردد صداه في الفراغ أفزع الطيور الساكنة في أعشاشها فامتلأت سماء الغابة بأصوات الغربان والعصافير المتداخلة.
-"لا ضحايا في هذا الكون.. لا ضحايا عزيزتي!
جميعنا نتاج ما اخترناه وما فعلناه، لكنه الإنكار"
همس طفيف تردد في عقلها لا تعرف مصدره، لا تعرف صاحبه، ولا تعرف معناه!
حاولت النهوض لكن لم يكن بها قوة ولا طاقة، فاستلقت على ظهرها تتلوى بألم، وفجأة بدأت لقطات من الماضي تتدفق من زاوية ما في عقلها، ماضي أشبه بالغرف المغلقة على حرائق بالية!
صورة لنفسها صغيرة داخل الغابة
كهف مظلم وسط جبل ضخم
ثم سقوط من فوق الحافة لتجد نفسها بين ذراعي وحش.. ضاحكة!
كانت تمسك رأسها تعتصر خصلاتها بين قبضتيها عصرًا، تصرخ من شدة الألم الذي عصف بها، تشعر بأن أحدهم يدق فوق رأسها بأقصى قوته، متكورة على نفسها كالجنين تلعن نفسها عما أقحمت نفسها فيه.
ظهرت أمامها فجأة لقطات لمنزلها وأسرتها متجمعين حول فتاة غريبة ثم حريق هائل قبل أن تأخذه وتختفي.. أخذت تران!
شهقة أشبه بالغريق الذي حصل على جرعة هواء، وصدمة كانت كالصاعقة ضربتها وهي تفطن لشيء ما قبل أن تجذبها فوهة الظلام في رحلة لا وعي طويلة واسترجاع ما فقدته من ذكريات...
أنها كانت تعيش برفقة أخيها، لكنها لا تدري ما حدث؟
♕♕♕♕♕♕♕


أقدار الماضي هي الظلام الوحيد الذي نسير فيه دون ترفق أو حذر!
كالمغناطيس يجذبك دون إرادة أو اعتراض، ولا مجال للتحرر!
مهما حفرت وحفرت لتدفنه في الأرض السابعة، ستأتي رياح القدر فجأة كاشفة أنك لم تغطه سوى بحفنة من الرماد.

-"تران"
تردد صدى الصوت العالي في جميع أنحاء الغرفة. التفتت أكثر من بضعة رؤوس لإلقاء نظرة على والدي، كان رأسه لا يزال معلقًا على شرابه لكن أوامره واضحة كالجرس، كما لو أن الآلهة نفسها قد أمرت تران إلى جانبهم، فهرع إليه وسرعان ما انحنى باحترام:
-"أبي"
أحاط كتفيه يجذبه إلى جانبه، ليستمع تران بصدق بينما يهمس الأب في أذنه، وأصابعه تمسك بذراع الصبي الصغير.. بعد لحظة تم إطلاق سراحه، فانحنى مرة أخرى قبل أن يهرب بحماس عائدًا إلى حيث جلست جيانا تراقب اقترابه منها، عيناه ساطعتان وابتسامته عريضة:
-"لن تصدقي أبدًا ما قاله لي أبي الآن"
سقط تران على الأرض بجوارها كتفه يصطدم بكتفها، ومن وميض عينيه عرفت حينها ما قاله له الأب ولم ترغب في سماع ذلك!
-"لا أريد سماعها يا تران،...."
لكنه كان يتحدث بالفعل، غير منتبهًا لحديثها:
-"طلب مني أبي أن أصطاد معه ومع الآخرين غدًا!
سأطارد الوحش.. الغِرفين!"
نعم كانت قبيلتها من صائدي الوحوش، ووالدها سيد القبيلة.
لم يلحظ الدموع التي نزلت من عينيها، ولا كتفيها اللذين بدآ في الارتجاف مع تنهدات صامتة، لقد استمر في الحديث عن الغِرفين وكيف سيكون الشخص الذي سيقتله، لكنها لم تسمعه، كانت عالقة في أفكارها، لماذا لم يطلب منها والدها أن تذهب في الصيد؟
تعلم أن الصيد هو عمل الرجل، لكنها اعتقدت بما أنها ابنة القائد فلن يكون الأمر مهمًا، إذا أمرها بالذهاب في الصيد فلن يعترض أحد.. أليس كذلك؟
نظرت عبر الغرفة إلى والدها المتوحش، تعرف في قلبها أنه لن يسمح لها أبدًا أو لأي فتاة أخرى في القرية بالذهاب معهم، أراد فقط تران!
وقفت بغضب فتوقف عن الكلام ببطء و سأل مرتبكًا:
-"إلى أين أنتِ ذاهبة؟"
لم يلحظ أي من الرجال المخمورين أو الأطفال الضاحكين في الغرفة المشتركة عندما خرجت من الباب إلى براثن الشتاء الباردة، بقيت ثانية عند المدخل تنتظر حتى استمعت لخُطى أحدهم خلفها، فوقف أخوها في المدخل يثبّت عباءته بإحكام حول جسده، كان عليه أن يصرخ فوق صفير الريح الجليدية حتى تصل كلماته إلى أذنيها:
-"جيانا.. لماذا غادرتِ؟"
حدق في وجهها بعبوس:
"ولماذا أنتِ هنا تبكين؟
عودي إلى الداخل بالقرب من النار"
لم تستجب له وهتفت ببرود:
-"دعني وشأني تران.. لا أريد التحدث معك"
تجعد جبينه، ولم يفهم دموعها أو غضبها ومع ذلك صرخ مرة أخرى:
"أنا .. ظننت أنكِ ستكونين سعيدة من أجلي"
شدّت عباءتها بقوة من حولها وبدأت في الابتعاد بخيبة الأمل تسد حلقها مما يجعل من المستحيل التحدث، وخاصةً لتران من بين الجميع، كان بإمكانه فقط أن يشاهدها تتجول عبر الثلج عائدة إلى منزلهما على الجانب الآخر من القرية.
وفي مكان ما بعيد، كان هدير يصم الآذان يرتفع مثل الدخان خلال الليل القارس، تردد صداه في القرية والجبال وراءها مثل الرعد الهائج.
تجمدت جيانا في رعب في منتصف الطريق الحجري تنظر حولها بعنف في الأكواخ الأخرى بحثًا عن أي أحد.. بالتأكيد يجب أن يكون شخص آخر قد سمع بها!
جاء الزئير ممزوج بغقغقة صقر مرة أخرى مدويًا وجريئًا قبل أن يتلاشى في السراب من بعيد، ليعم الصمت مرة أخرى، نظرت حولها وأدركت كم كانت الساعة متأخرة وكيف أن الجميع قد ناموا بلا شك منذ فترة طويلة.
لم يسمع أحد الزئير!
هذا يعني لا أحد يعرف ما تعرفه!
الغِرفين كان لا يزال على قيد الحياة!
نظرت نحو الغابة التي أتى منها الصوت وخطرت ببالها فكرة رهيبة، وكلما فكرت في الأمر زاد إعجابها به.
دلفت إلى الغابة حيث نمت الأوراق وكانت جذور الأشجار تتخلل التربة مثل الأيدي عبر الوحل، كانت تتسلل إلى هنا هي وأخوها.. كان المكان المفضل لديهما للعب الغميضة، والآن بينما تتجول في جذوع الأشجار وتعثرت بين الأشجار تشعر بالامتنان لكل تلك الألعاب السخيفة التي لعبتها، لم تكن لتعرف كيف تعبر الغابة لولا ذلك.
جاءها الصوت مرة أخرى، لم يكن مثل الأولين اللذين كانا قويين.. بل باهتًا، لم يكن استعراضًا للقوة، بل صوت موت وحش عظيم.
تجمدت بالقرب من التل المؤدي إلى الوادي الضيق مستمعةً إلى ندائه للحظة، بمجرد أن تلاشى قامت بتدوير كعبها وتوجهت في الاتجاه الذي أتى منه. كان هناك مكان واحد فقط في الغابة حيث تتحصن فيه الوحوش.. الكهف.
بمجرد أن رأت المدخل عرفت أنها على حق.
الأوساخ متناثرة في كل مكان وظهرت الأغصان المتساقطة على مكان سقوط الوحش، كان هناك سائل أحمر قرمزي يلطخ العشب، يزداد بكثرة مع استمرار الدرب.
كانت قد حملت دون وعي حقيبة أخذتها بسرعة من المنزل قبل أن تغادر مليئة بالأدوية والمقويات، والآن تساءلت بغباء عما إذا كانت الأدوية البشرية تعمل حتى على الوحوش؟
من الداخل كان من الممكن سماع صوت تنفس منخفض، صوته!
تنفست بصعوبة، وتوقفت عند العتبة تبحث في الداخل وسط الظلام، لم تفكر في إحضار شعلة.. وفي جوف الليل لم يكن داخل الكهف أكثر من مجرد هاوية يمكن للمرء أن يفقد فيها نفسه إلى الأبد.
لم تفكر حقًا في خطتها إلى هذا الحد أبعد من شفائه وإعادته إلى السماء صباح الغد!
تلهث بسرعة تحاول عدم الذعر، وبخطوات مرتجفة اتجهت إلى فتحة مجوفة في الكهف وتسللت بحذر إلى نقطة توقف أمامها.. أضاء ضوء القمر الفضاء المفتوح متدفقًا من خلال ثقب صغير في السقف.
كان الكهف واسعًا، لا يوجد شيء مميز مقارنةً بالبركة المتموجة في المركز، مع انعكاس ضوء القمر على مياهها الزرقاء الصافية، أضاء المسبح الصغير بشكل جميل في جميع الأنحاء وجعل الكهف يبدو وكأنه أكثر كملاذ آمن.
اندفعت إلى الأمام ممسكة بالحقيبة الجلدية في يديها كما لو كانت شريان الحياة تهتف بهدوء:
-"مرحبا؟"

من أعماق الكهف سمعت صوتًا منخفضًا تسبب في وضع كل عصب داخل جسدها في حالة الذعر، شعرت بالخوف في صدرها وكأنه شيء ملموس، وتمنت بشدة لو كان لديها إحساسًا على الأقل بإحضار صخرة أو أي سلاح آخر لرميه به إذا قرر أنه لا يريد مساعدتها.
كان ملتفًا في الزاوية عندما رأته أخيرًا وقد تمكن القليل من ضوء القمر من لمسه، مما أدى إلى التقاط نهاية ذيله الطويل الأزرق القريب من الأسود.. على الرغم أنها واجهت صعوبة في رؤيته إلا أنها كانت تعرف أنه يحدق بها، استطاعت أن تشعر بحرارة نظرته وهي تحرق ثقوبًا في مقدمة رأسها.
زئير آخر انبعث من حلقه عندما اقتربت كتحذير، كانت نواياه واضحة أن تتراجع.
بدلًا من أن تغضبه أكثر قررت التوقف حيث هي وجلست القرفصاء ببساطة على حافة الصخرة التي تتوازن فوقها بشكل غير مستقر، تتبعت عيناه تحركاتها لكنه لم يقم بأي خطوة لإيقافها، وبمجرد أن استقرت حدقت في جسده البعيد في الظلام:
-"كما تعلم"
تحدثت بحذر شديد وهدوء:
-"إذا أردت أن أؤذيك لكنت أتيت مسلحة بسكين بدلًا من الدواء."
كان صوته هذه المرة مزيجًا من الانزعاج والتسلية القاسية، كما لو أن التفكير في أذيته شيء يضحك عليه.
نعم لقد كان وحشًا صغيرًا لكن خطره قويًا، فقالت:
-"أحضرت لك شيئًا"
وضعت يدها داخل محتويات حقيبتها وسحبت قطعة من اللحم ملفوفة، كانت صغيرة وربما لم تكن بالحجم الذي اعتاد عليه ولكن كانت كل ما استطاعت أن تجمعه قبل أن تهرع خارج المنزل:
-"سأقترب الآن، حسنًا؟"
نهضت واقتربت ثلاثة خطوات قبل أن يزمجر مرة أخرى، فتجمدت على الفور وببساطة رمت الكمية الضئيلة من اللحم على الأرض على بعد قدمين من المكان الذي يرقد فيه على بطنه، كان يراقبها ترجع إلى الوراء تدريجيًا تجلس مرة أخرى على الحافة، وعندما لم يتحرك أشارت برأسها إلى اللحم النيء بجدية:
-"كُل.. إنه ليس مسمومًا"
زفر نفسًا من الهواء الساخن والذي بدا كثيرًا مثل السخرية، مال برأسه إلى الأمام يشم اللحم برفق، التقط ضوء القمر طرف أنفه الذي كان عبارة عن منقار صقر!!
وجدته يبتعد عن الطعام وعاد إلى مكانه الأول يراقبها بعناية فعبست مستاءة تشعر بالإهانة بشكل غريب لأنه رفض عرضها:
-"ستموت هنا إذا لم تأكل شيئًا"
سخر مرة أخرى لكن حركتها جعلته يتراجع، بغض النظر عن مقدار محاولاته لإخفاء جرحه، لا يزال بإمكانها اكتشاف قطرات الدم المتساقطة على الأرض أسفل رقبته.
كان سهم مكسور يخرج من حلقه بزاوية غريبة مغطى بعجينة خضراء باهتة.. مهما كان المعجون لابد أنه قويًا للغاية لإسقاط شيء مثله، فقالت بهدوء:
-"انظر، إذا كنت لن تأكل فلا بأس.. لكن على الأقل دعني أعالج جرحك حتى لا تموت من العدوى."
كل ما فعله هو تضييق عينيه عليها، حافة منقاره يتلألأ بالدم الجاف من جريمة قتل حديثة، كل من جرحه دفع ثمن إطلاق النار عليه من السماء، رفعت عينيها عن الأرض وهمست:
-"أعدك بأنني لن أؤذيك."
رأت ألمًا رهيبًا في عينيه.. كان يتألم بشدة، وإذا كان الذعر المتزايد في نظرته الجامحة مؤشرًا، فهو يعلم أنه إذا لم يحصل على المساعدة قريبًا، سوف يموت بالتأكيد هنا.. وحيدًا.
تجاهلته في الوقت الحالي ونثرت محتويات الحقيبة على الحافة الصخرية.. كان هناك عدد قليل من لفات الشاش، بعض الأعشاب الطبية لتخفيف الألم، دبابيس لتثبيت الضمادات وإبرة وبعض الخيوط البيضاء.
-"لا أعرف ما إذا كان بإمكاني معالجتك بهذا الشكل؟!
أعتقد أنه يتعين عليك التحرك قليلًا"
حدق في وجهها بنظرات باردة يقيم الوضع.. إذا لم تساعده الآن فلن يساعده أحد، ومن المرجح أنه سيموت من الحمى أو بعض الأمراض الرهيبة الأخرى.. ومع ذلك كان من السهل رؤيته مترددًا في الوثوق بها، كانت عيناه العدائيتان تتحدثان أكثر من الكلمات لكنه ببطء شديد تحرك إلى الخلف وكشف نفسه لها.
استطاعت رؤية جرحه بشكل أفضل، ثنى جناحيه بإحكام على جسده ولكن إذا قام بتمديدها، فمن المحتمل أن تصل إلى كل طرف من الكهف، عيناه كانتا أرجوانيتين مثل السماء في الأعلى، فهمست بعد لحظة ببراءة:
-"عيناك جميلتان"
لم تهتم إن كان سمعها أو لا، كل تركيزها منصب الآن على فتح زجاجة المطهر لكنها لم تستطع، شعرت أنها غارقة في الحرج أمامه حتى وجدته ينحني إلى الأمام بعيون مريبة.. كان جسدها ساكنًا تمامًا وهو يقترب، كل عصب بداخلها يصرخ بالخطر مع قربه، لكنه ببساطة وضع مقدمة منقاره المدبب فوق الفلين وثقب الغطاء، حاولت قصارى جهدها ألا تهرب من الكهف لكنها رفعتها عاليًا في الهواء وقالت بتوتر:
-"سوف أسكبها على الجرح الآن، حسنًا؟
فقط لا تأكلني."
بدأت في صب الكحول على جرحه، متوقعة أن يصفر أو يكسر منقاره لكنه ظل بلا رد فعل، بعد ذلك سارت الأمور بسلاسة، سمح لها بربط رقبته رغم أن بعض الغرز كانت ملتوية وغير متساوية في بعض الأماكن، حاولت أيضًا لف الشاش حول الجرح لكنه كان كبيرًا جدًا، انتهى بها الأمر بتعبئة الجرح بالأعشاب وتركه عند هذا الحد.
لم تكن بهذا القرب من وحش من قبل!
كان الأمر.. ساحرًا.
بدون شعور رفعت يدها تلمس الجزء الأمامي من جسده المغطى بالريش، فتقلصت عضلات ظهره على الفور مع توتره.. عيناه مثبتتان على حركة كفها، كانت الريشة الواحدة تشبه القشور القاتمة ناعمة وصلبة مثل الماس، كانت مأخوذة بالملمس لدرجة أنها لم تره يتحرك نحوها إلا بعد فوات الأوان.
فجأة كانت عيناه أمامها قريبًا جدًا من وجهها.. سوف يأكلها!
اقترب أكثر حتى أصبح على بُعد جناح فراشة منها، شعرت أنه يقترب بشكل مستحيل، مستعدًا لقتلها، لامس منقاره الصلب جانب وجهها وراح يداعب وجنتها ببطء، لينتهي الأمر أنه تركها مذهولة وعاد إلى زاويته ملتفًا على نفسه، وعيناه ضاقتا عليها كما لو كان يجرؤها على الكلام.
ابتسمت بخجل وبراءة ثم جمعت مؤنتها قبل أن تقف وتقفز من الحافة إلى الأخرى حتى وصلت إلى مدخل الكهف، لتقف وتستدير ترفع يدها في وداع قائلة:
-"سأعود وأطلع عليك غدًا؟"
♕♕♕♕♕♕♕
هي بالنسبة له كفراشة حنونة
خرجت لتوها من شرنقة اللاشعور
تشبه شعاع الشمس الأول بعد ليلة مقمرة بائسة
تسكب الحب كقصائد مخلدة
فيرفرف قلبه رفيف جناحيها في قوس نار.

بعد أربعة أسابيع من الاعتناء به، كانا نوعًا ما يعيشان في روتين، تأتي في وقت متأخر من الليل تجده ملتفًا في الزاوية يقرقر ويلتقط أي شيء يتحرك، تقضي لحظات قليلة من الإقناع لتقوم بعملها ثم تقترب تعالج جرحه، وعندما تنتهي يشكرها على مضض مزمجرًا في وجهها أكثر.
كان أبوها مشغولًا بالعمل وأخوها بالمعلمين والكتب هذه الأيام ليهتما كثيرًا بحضورها، هناك فقط مربية تعتني بها، وحتى أنها لم تكن تمانع في المكان الذي تكون فيه في معظم الأيام.
مع مرور الوقت شعرت بالحزن، كان جرحه يلتئم بشكل جيد ولن يمر وقت طويل قبل أن يقف على قدميه من جديد قادرًا على التحليق بعيدًا عن هنا، تعلم أنه سيغادر قريبًا ولكنها لم تستطع غير الشعور بالألم، لم تكن مغرمة بقضاء الوقت مع الأطفال الآخرين في قريتها، تفضل أن تكون معه أكثر من أي شخص آخر.
دخلت الكهف وأفكارها تتمحور حول ذهابه قريبًا، كان مستيقظًا تمامًا يبدو أنه ينتظر اقترابها، مشيت إلى الأمام شاردة ولم تنتبه إلى الحافة الصخرية، فتعثرت فوق الصخرة وسقطت من المنحدر الحاد.. البركة تحتها مباشرة لكنها ضحلة جدًا بحيث لا توفر هبوطًا آمنًا، إذا كانت محظوظة فسوف تنفجر رأسها فور الارتطام أو ستتحول إلى فوضى نازفة مشلولة على الأرض.
مزقت الصرخة حلقها تخفي وجهها بكفيها، وكأنها تُهيئ نفسها للسقوط في المياه المميتة، لكنها وجدت الذيل السميك الأزرق ملفوفًا حول خصرها ينتشلها من الهواء قبل أن ترتطم بالبركة، حتى وصلا إلى الأرض بأمان فوضعها بجانبه.. نهضت بعينين متسعتين وركبتين مرتعشتين، لم يعد وحشها مستلقيًا، كان يقف بطوله المهيب يحدق في وجهها بغضب شديد لدرجة لم تستطع إلا أن ترتعب عند رؤيته، فابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت مرتعش:
-"لماذا أنت غاضب مني؟
لم يكن الأمر كما لو كنت أخطط للسقوط من على الحافة!"
مع صوتها المرتفع في نهاية حديثها لم يتردد في فتح منقاره الأكبر يطلق زئيره المميز، لقد كان مرعبًا بحق بأجنحته التي تتقلب خلفه، وتردد صدى صوته في الكهف يهز أساساته، لكن بدلًا من الخوف زاد غضبها أكثر:
-"حسنًا، إذا كنت مستاءً للغاية بشأن إنقاذي.. فلماذا لم تتركني أسقط وأموت؟"
خطوة خاطئة!
وفي ومضة اندفع إلى الأمام ودفعها للخلف لتسقط على ظهرها بجناحه العملاق ثم وضع جسده الثقيل بسرعة فوق جسدها وأنزل نفسه حتى حجزها في مكانها، كافحت من تحته مستخدمة قوتها الطفولية في محاولة عبثًا للتخلص منه:
-"دعني أذهب!"
صرخت عليه غاضبة فحدق في وجهها بشراسة.. انتظرت منه أن يقضم رأسها أو يفعل شيئًا شرسًا بنفس القدر، لكن بدلاً من ذلك قام فقط بتضييق عينيه وزيادة وزنه عليها:
-"لا تفعلي ذلك مرة أخرى"

يتبع................



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 12-03-21 الساعة 01:19 PM
هديرر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-21, 09:30 PM   #33

هديرر

? العضوٌ??? » 385828
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » هديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond repute
افتراضي

انزلق صوته في رأسها مدويًا وجريئًا، كلفحة هواء باردة بداخل عقلها فتردد صداه داخلها، كان الأمر مفاجئًا لدرجة أنها شهقت بصوت عالٍ ونسيت الغضب صارخة:
-"يمكنك التحدث!"
بدا أن هناك صراعًا في عينيه بينما كان يحدق في وجهها بنظرته العاصفة، ذيله يتأرجح ذهابًا وإيابًا خلفه، فسألته متجاهلة تهكمه:
-"اعتقدت أنك تستطيع التحدث فقط مع من هم من فصيلتك"
أخفض رأسه إلى رقبتها يشمها بلا خجل، مثبتًا جسدها بنصف جسده الثاني الذي عبارة عن جسد أسد، ضحكت بخفوت كأنه يدغدغها كثيرًا، فنظر إليها وقال:
-"فتاة سخيفة، نحن نترك البشر يفكرون بما يريدون، جهلهم سيؤذيهم في النهاية"
عبست بضيق لعدم فهمها لحديثه وأردت أن تسأله عما كان يقصده ولكن لا تريد أن تبدو "سخيفة" كما قالها منذ قليل، لذلك احتفظت بأفكارها لنفسها وسألته شيئًا مختلفًا:
-"حسنًا إذا كنت تستطيع التحدث جيدًا، فلماذا لم تقل لي شيئًا الأسبوع الماضي؟"
هدأ حفيف ذيله بينما انجرفت نظراته إلى الفتحة الموجودة في السقف محدقًا برغبة في النجوم:
-"لم أكن أتوقع أن تستغرق إصاباتي هذا الوقت الطويل، أو أن تلعب طفلة بشرية دور الطبيب.. بعد اليوم الأول اعتقدت أنكِ لن تعودي أبدًا"
عضت شفتيها وتحركت تحته قليلًا قائلة بتردد:
-"إذًا... ألم تريدني أن أعود؟"
تحولت عيناه بعيدًا عن سماء الليل للتركيز عليها مرة أخرى تلمع ببريق صادق وأرسل صوته الأجش في عقلها:
-"أيتها النمرة الصغيرة.. لقد أثبت وجودك أنه ممتع في الأيام القليلة الماضية"
ابتسمت ابتسامة عريضة سعيدة بإجابته:
-"عرفت أنك أحببتني!"
أزال جسده عنها بحيث لم يعد فوقها، لكنه ظل قريبًا حتى أن ذيله يلتف حول هيكلها الصغير، جلست وعبرت ساقيّها، مسندة رأسها على يدها تبتسم له بحماس:
-"أنا سعيدة لأنك قررت التحدث معي.. أعتقد أنك ممتع أيضًا"
لمعت عيناه وضاقتا كما لو كان يحاول ألا يضحك:
-"جيد أيتها الصغيرة"
لم تستطع أن تطرح سؤالها التالي، تعلم أنه سيعتقد أنها غبية لكنها أرادت بشدة أن تعرف:
-"ما هو.. النمر؟"
سمعت قهقهة خافتة في لحظة نادرة، لم يكن هناك حقد، مجرد تسلية:
-"هو وحش شرس لا يخاف من أي شيء، يرتدي الشجاعة مثل الجلد الثاني له"
انتفضت للأمام وسقطت قليلًا فوق ذيله الملتوي هاتفة بذهول:
-"وهل تعتقد أنني مثل هذا الوحش؟"
-"نعم"
كانت إجابته سريعة وصادقة مكملًا:
-"بالنسبة لطفلة يبدو أنكِ تعانين من نقص غير صحي في الخوف، لن يسير الكثيرون في كهف وهم يعلمون أنهم لن يعودوا أبدًا.. يجب أن تكوني أكثر حذرًا في طرقك"
أعطتها كلماته وقفة مع نفسها تضع سبابتها على فمها بطفولة:
-"لا أعلم!
يتحدث الناس في القرية كثيرًا عن الوحوش والغِرفين، أعتقد أن معظمها أكاذيب.
أعني.. أنت لم تأكلني لذا يجب أن تكون هذه علامة جيدة، أليس كذلك؟"
توهجت عيناه الأرجوانية في الظلام وانحنى أكثر نحوها:
-"ليس الجميع مثلي.. أنتِ بشرية، يجب أن تنتبهي أكثر عند الحديث عن مثل هذه الأشياء"
حدقت فيه بفضول:
-"كم عمرك إذن؟"
-"بحسابات البشر؟!"
سألها بهدوء يفكر قليلًا ثم أكمل:
-"أعتقد أن شعبك سيعتبرني في الخامسة عشرة من عمرك."
-"ماذا؟"
صرخت بذهول وترنحت حتى أصبحت تتخبط في ذيله المتذبذب في حماسها:
-"هذا يعني أنك أكبر مني بخمس سنوات فقط!"
ضرب بذيله على الأرض وأخذ يقفزها معه في الهواء يؤرجحها، فخرجت صرخة فرحة من شفتيه مستمتعة للغاية، هاتفة أن يعيد الكرّة، فقال بتذمر ساخر:
-"في العاشرة من عمرك بالفعل"
وبعد أن استقرت على الأرض تجولت عيناها على وجهه قائلة:
-"هناك العديد من الأولاد الصغار في قريتي ولا أحد منهم يتحدث مثلك.. في الواقع، البعض منهم أغبياء لدرجة أنني أشعر بالقلق من أن يفقدوا رؤوسهم إذا لم يكونوا مرتبطين بأكتافهم."
تأملها قليلًا قبل أن يجيب:
-"تنضج الوحوش بشكل أسرع من الأطفال، عقولنا تفكر بشكل مختلف عن عقلك وهي أكثر تعقيدًا"
وبينما كان يتحدث بدأت تلعب شاردة الذهن بنهاية ذيله، فاستقرت عيناه على يدها وهي تلعب، كان يشاهد ببساطة دون أن ينبس ببنت شفة.. استمر الأمر على هذا النحو حتى تثاءبت بصوت عالٍ جدًا وبطريقة غير مألوفة، بدأت عيناها تتدلى من ثقل النوم تحن إلى سريرها الدافئ في المنزل.
-"حسنًا، أعتقد أننا تحدثنا بما فيه الكفاية لهذا اليوم، أيتها النمرة الصغيرة"
لم يتردد في لف ذيله حولها وجرها أقرب، فلم تزعج نفسها بالاحتجاج لأنه أخذها بسرعة ووضعها على ظهره:
-""أنا لست متعبة"
جادلت بصوت ضعيف منكمشة على نفسها في التجويف بين جناحيه:
-"و... وأريد أن أستمر في الحديث، لأنك ستذهب غدًا وبعد ذلك لن أراك مرة أخرى."
نظر لها من فوق أحد أجنحته المظلمة بنظرة فضولية:
-"ولماذا سأرحل غدًا؟"
فهتفت بحزن وعبوس:
-"لأنك أفضل الآن، يمكنك أن تطير إلى المنزل وتكون مع عائلتك مرة أخرى.. لكني أريدك أن تبقى حتى نواصل الحديث."
استدار للخلف وبدأ يشق طريقه للخروج من القفص، قفزًا فوق الحواف وانحسر تحت سقف الصخور المنخفضة:
-"لا تقلقي.. سأظل هنا عندما تعودين غدًا"
طمأنها فبدا لها أن العالم كله أشرق:
-"حقًا؟
هل ستبقى؟"
-"نعم سأبقى"
خرجا من الكهف ودخلا التلال المليئة بالنجوم، كان القمر مكتملًا اليوم وأضاء بنظرة محبة، توجه بها نحو قريتها فتثاءبت مرة أخرى:
-"أظن أننا يجب أن نقدم أنفسنا لبعضنا البعض بشكل صحيح.. أنا جيانا"
أطل عليها من فوق كتفه مرة أخرى يشعر بالتسلية:
-"جيانا؟
لسبب ما هذا الاسم يناسبك"
ابتسمت ببراءة وسألته بصوت خافت:
-"وماذا أسميك؟"
ابتسم بحنان على سؤالها:
-"ريان"





المنطق والواقع يسيران معك من الألف إلى الياء
خطوات محسوبة ومدروسة بعناية!
لكن الخيال سيأخذك إلى كل مكان
ضاربًا بقوانين المنطق عرض الحائط
مسطّرًا قوانينه الخاصة.
حيث هناك كل شيء يخضع لسلطان القدر!

لم تذهب إلى عملها، أرادت الراحة بعد كل ما مرت به، تشعر أن كل شيء ليس إلا ضربًا من الخيال أو حلمًا حتمًا ستستيقظ منه أو استيقظت.. ربما!
كل ما يحدث لا يمت للواقع بِـصلة، رأسها سينفجر من التفكير والقلق!
من ناحية لم تصل إلى أي شيء يدلها إلى جيسيكا، ومن الناحية الأخرى لا تدري ماذا حدث مع جيانا؟
على الرغم أن صداقتهما بدأت منذ عامين ونصف لكنها تقريبًا الصديقة الوحيدة في حياتها.
جلست تتناول فطورها وأعدت قهوتها، أمامها ورقة ترسم عليها خطوط ودوائر ليس لها معنى، تفكر بصوت عالٍ تحدث نفسها:
-"لقد تبعته إلى الكهف المليء بالجماجم والعظام
ثم أنهدم فوقنا ليُصاب ببعض الكسور
ثم نمت واستيقظت لأجد نفسي في المستشفى
وهو سليم ليس به شيء؟"
حكت فروة رأسها بعدم فهم، تشعر أنها على حافة الجنون لا ينقصها سوى دفعة صغيرة وستفقد عقلها بالكامل!
ألقت القلم وجعدت الورقة تلقيها بسلة القمامة، ثم هزت رأسها تنفض الأفكار وأقنعت نفسها أنها ربما هواجس من أثر الانهيار وجرح رأسها مثلما أخبرها، لتنهض تتفقد بريدها الورقي!
انتبهت للورقة الساقطة من الظرف، فالتقطتها بتعجب تديرها بين أناملها بتفحص لتشهق بدهشة عندما تعرفت على خط جيسيكا، قرأت المكتوب بصوت مسموع:
-"إنهم يغيرون مناخهم وليس سلوكهم..
هؤلاء الذين يركضون عبر البحر"
الرسالة لا تعني أي شيء بالنسبة لها!
لم تفهم المعنى منها!
جملتان لا علاقة بينهما ولم تفهم الرابط!
قرأتها أكثر من مرة لعلها تتوصل لتفسير ما لكن لا جدوى!
نظرت إلى تاريخ الإرسال لتجده أول أمس!
هذا يعني أن جيسيكا مازالت هنا!
هرولت إلى هاتفها تتصل به..
ألم يخبرها أنه سيساعدها؟
حسنًا.. هي ستستغل ذلك حتى لو لم تكن تثق به.
وصلها صوته يسأل عن هوية المتصل فأجابت:
-"مرحبًا إيريك، إنها أنا آريا"
ابتسم على الجانب الآخر فقد مرت عدة أيام منذ خرجا من المستشفى ولم يسمع منها خبرًا، ليسألها بهدوء:
-"كيف حالك الآن آريا؟
هل أصبحتِ بخير أم هناك شيء يؤلمك؟"
زفرت نفسًا هادئًا وأناملها ترتفع لموضع جرح جبهتها الذي قارب على الالتئام تحكه برفق:
-"أنا بخير حال، لقد اتصلت بك لأخبرك شيئًا ما"
اعتدل في جلسته ينتبه لها بالكامل تاركًا الأوراق التي كان يراجعها:
-"أخبريني، أنا أستمع لكِ"
نظرت للبطاقة تتلمس الكلمات بإبهامها:
-"أعتقد أنني وجدت ما سيقودنا إلى جيسي"
قرأت ما أرسلته له وانتظرت قليلًا أن يقول شيئًا، لكن عندما لاقت الصمت المبهم منه سألته إن كانت تحمل معنى بالنسبة له فأجاب:
-"لا.. أنا آسف آريا لكنني لم أعرف ماذا تقصد؟"
زفرت بيأس تقلب البطاقة في يدها فقفزت في عقلها فكرة عندما وقع نظرها على العنوان المرسلة منه:
-"سأذهب إلى الفندق الذي راسلتني منه، لابد أنها مازالت هناك"
هتف بها بجزع وقلق عليها، تشعر بجسده كأنه انتفض من مجلسه:
-"لا، أنتِ لا تعرفين هي برفقة من وإلى أي مدى هذا الشخص خطير!"
-"لا يهمني إيريك.. الأهم عندي هو جيسي"
رضخ لأمرها عندما وجد الإصرار والعزم في صوتها، وبعد أقل من ساعة كانت برفقته في السيارة في طريقهما إلى ذلك العنوان.
مرت ساعتان وكانا يقفان أمام موظفة الاستقبال المبتسمة التي تسألها عن الاسم الذي تبحث عنه، رأت إيريك يتقدم نحو المكتب بابتسامة براقة ونظرات ثابتة لامعة اندهشت لها.. كيف يفعلها؟
-"جيسيكا باتريك، منتصف العشرينات، شقراء، طولها حوالي مئة وأربعة وخمسون سنتيمتر"
أكملت آريا حديثه تشير بكفها إليه:
-"كانت برفقة شخص يشبه إيريك كثيرًا"
كتبت شيئًا ما على الحاسوب ثم التفتت لهما قائلة:
-"ها هي إذن.. قامت بحجز الغرفة 405 باسم إيلينا كين ولم تغادر الفندق بعد"
شكرتها كثيرًا وكادت أن تذهب إلى الغرفة، لكن وجدتها تميل من خلف المكتب تضع كفها فوق كف إيريك بنظرة مغرية تعرف دلالتها كأنثى راغبة في رجل، تعض على طرف شفتها السفلى هامسة بغنج مصطنع:
-"وإن أردت أي شيء آخر فقط أخبرني به"
قلبت آريا عينيها بعدم تصديق خاصةً عندما رمقها إيريك بنظرة عابثة رافعًا حاجبه مبتسمًا بتلك الطريقة التي تزيده وسامة للأسف، اندفعت نحو المصعد جاذبة إياه من مرفقه خلفها بعنف لم تقصده، ليسير معها بظهره ملوحًا للفتاة وهو يغمز بمكر.
دقت الباب لكن دون رد، أعادت الطرق بصوت أعلى ولا إجابة، نظرت لإيريك بتساؤل فدار بنظره على الباب قائلًا:
-"لا يوجد لوحة عدم الازعاج، هذا يعني أنها بالخارج.. وبما إنها لم تغادر الفندق، لا يوجد خيار لديها سوى الرجوع"
نظر لها بعمق وخرج صوته هامسًا مدغدغًا لحواسها:
-"ما رأيك بنزهة على الشاطئ لحين عودتها؟"
أومأت له بموافقة ترسم ابتسامة بسيطة على ثغرها وسارت معه للخارج، وقفت أمام البحر، واسع كالحلم الذي لا نهاية له.
لونه الأزرق في الصباح يدخل البهجة إلى قلوب الناس كبهجة القمر عند حلول الظلام!
ولونه الأسود في الليل الكاحل ينفطر القلب بسحر جماله بانعكاس ضوء القمر الذي يضيء الحياة!
أمواجه تبهرها باندفاعها كاندفاع الحصان راكضًا ركضًا لا يريد أن يتوقف عنه.
كلما نظرت إليه شعرت بإحساس لا يوصف وتساءلت ماذا يخبئ هذا البحر؟
هل يمكن أن يكون كل هذا حلم؟
تبثه أسئلتها بصمت وسط غموضه الذي يبرق كبريق الدمع في عينيها.
وقف إيريك بجانبها يحترم صمتها الذي غلفها عندما رأت المياه حتى انتبه على صوتها المتحشرج:
-"آخر مرة آتيت فيها إلى الشاطئ عندما كانت أختي حية''
نظر لها باهتمام وصمت، نظراته تحثها على الحديث:
-"السبب في موتها شخص كانت على علاقة به.
لا أعرفه.. لم يصادف أن تقابلنا يومًا"
حبست أنفاسها للحظات ثم هزت رأسها بأسى:
-"كانت الأفضل، لكن شيء غريب أصابها فأصبحت تتصرف.. تتصرف مثل جيسي قبل اختفائها"
شعرت بكفيه الدافئين فوق كتفيها يواسيها بأسف ظهر جليًا في نظراته، نظرت إلى البحر المظلم وابتسمت ببريق لمع في عينيها:
-"لطالما كان لدي حلمًا جميلًا..
أن أمتطي خيلًا بريًا وأركض به على شاطئ مثل هذا"
-"ألم تفعليها من قبل؟
أقصد في الحقيقة؟"
سألها لتضحك برقة تجيبه بمشاكسة:
-"الأحصنة البرية غير مألوفة هنا"
شاركها الضحك لتكمل بلامبالاة:
-"عامةً أنا لم أمتطِ خيلًا في حياتي"
-"ما زال هناك وقت"
أومأت بعدم اهتمام لتسأله:
-"وأنت ما هو حلمك؟"
هز رأسه يمط شفتيه بلامبالاة لكن شيء ما في نظراته أخبرها بحزن بداخله لا يريد الإفصاح عنه:
-"لا أظن أنني حلمت يومًا، أو ربما لا أتذكر أيًا منهم، لكنني أعتد على هذا الأمر"
-"أنا آسفة إيريك"
همست بأسف فابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه وأومأ بتفهم.
عادا إلى الفندق وحجزا غرفتين ليرتاحا حتى تعود جيسيكا من الخارج، أبدلت آريا ملابسها واستلقت على الفراش تاركة نفسها للنوم الذي تسلل بخفة إلى أجفانها.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕


وفي وسط الخيال كانت تصنع عالمًا يريحها
تتم فيه الأمور كما تهوى وبالطريقة التي تفضلها
عالم لا تقارن فيه بأشخاص، بل بقصائد عشق أو نجمة براقة، وسيكون الفوز لها!
وكأنها تود الهروب إلى مكان يخصها وحدها!

تسير على طول الشاطئ عند الشفق واللون الأحمر يغزو أطراف السماء بدرجاته، تتوسطه الشمس التي غرق نصفها خلف البحر، تودع الأفق بلهفة وخجل تفصح له بسرية أنها لا تطيق الرحيل!
تشعر بأشعة الشمس تستند على زاوية الغروب تلتقط أنفاسها المتطايرة خلف الأفق، تحاول الهدوء وقبول السكون القادم وكأنها ترفض الذهاب.
لطالما كان الغروب بالنسبة لها لحظة حزينة، يبحر بها في عالم الهمس والسكون!
الرمل الأبيض يتلألأ مثل الماس تحت قدميها، شعرت بالسلام يجتاح روحها، وأصابعها تنغرس في الرمال الرطبة فتسري دغدغة في باطن قدميها جعلتها تضحك باستمتاع، نسيم البحر يضرب خصلاتها برقة فتتطاير على صفحة وجهها معطيًا إياها مظهرًا ملائكيًا.
وفجأة.. وجدت عاصفة تتدحرج فوق الأمواج!
الشفق الأحمر الجميل تحول إلى لون رمادي قاتم!
وبهجته تحولت إلى قبضة تعتصر القلب، وقتامة تعكر صفو الروح!
صاعقة من الخوف تضرب قلبها!
انقلب الطقس كليًا ليهيج البحر مزمجرًا كأنه غاضب..
السماء فتحت أبوابها لينهمر الماء من كل مكان!
الرعد يدوي ويضرب بصعقاته الكهربائية سطح البحر، فترتفع الأمواج كالجبال الصغيرة!
حاولت البحث عن مكان للاحتماء به فلم تجد!
وضعت كفيها فوق رأسها في محاولة فاشلة للاحتماء وقد غرقت بالكامل!
آتاها صوت يناديها فانتفض جسدها هاتفة بفزع:
-"من أنت وماذا تريد مني؟"
سمعته يخبرها بصوت أجش آمر:
-"لا تحاربي هذا آريا"
فكرت بعدم فهم.. لا تحارب ماذا؟
هل يقصد ألا تقاتل العاصفة؟
وإن كان هذا مقصده، كيف ستفعلها؟
أغلقت عينيها تاركة العاصفة تتغلب عليها، فنِدّها ليس شخصًا عاديًا، إنها الطبيعة.. السماء والبحر!
ما هي إلا عدة دقائق وهدأ الجو بأسرع مما بدأ.
وبدلًا من الرعد سمعت دقات حوافر ممزوج بصوت بطيط الماء وصهيل!
فتحت عينيها لتجد الشاطئ ممتلئًا بالخيول البرية بل المئات منها، ومن بينهم يظهر فارس على حصان بلون رمادي مثل الضباب، يركض من مرمى البصر من وسط الأمواج التي بدأت في الهدوء في شكل أشبه بالسحر والخيال!
وقف أمامها يدور حولها بخيله ، فنظرت إليه بتعجب وحذر هاتفة بقلق:
-"ماذا تريد؟"
لم يرد، بل التفت ينظر خلفه لاقتراب فارس آخر على فرس حمراء زاهية، وعندما أصبحت أمامها ارتد جسدها للخلف وهي ترى نفسها تمتطى هذه الفرس!
تشعر أنها تجلس أمام شاشة تلفاز، ترى مشهدًا متجسدًا أمامها لنفسها بتقنية عالية كأنها صورته من قبل وتُعيد مشاهدته!
كان هذا الرجل إيريك، لكنها وللعجب لم تتعرف عليه!
تشعر أنها تعرفه، قريب منها، لكن لم تستطع تحديد هويته بالضبط!
رأته يقوم بجذب نسختها في قبلة عاطفية، لتنتشر الإثارة كالوخز في جسدها هي.. شاهدت المرأة ذات الرداء الأحمر اللامع بحمالتين رفيعتين، وفتحة صدر مثلثة تمتد بخط رفيع حتى منتصف بطنها، ثم يهبط باتساع رقيق حتى كاحليها تنزلق من ركوبها، وقدماها تهبطان بهدوء على الرمال المتلألئة، متحركة نحوها مبتسمة بدفء تقول:
-"هل تعلمين من أنتِ؟"
-"بالطبع أعلم من أنا!"
أجابتها آريا بثقة لتبتسم المرأة برقة:
-"لم أشك فيكِ أبدًا"
مدت لها يدها في مصافحة صامتة وبمجرد أن تلامست أصابعهما، اندمجت كلتاهما في شخص واحد وملابسها البسيطة المبتلة تحولت إلى نفس الثوب الأحمر.
دارت حول نفسها بذهول مبتسمة ببلاهة، تمسك بطرفي الثوب كالطفلة تتأمله.. رأت إيريك يتقدم منها فابتسمت بمكر وقفزت فوق الفرس الحمراء في حركة بارعة وكأنها حائزة على بطولات في ركوب الخيل، تنحني تفرك رقبتها بحنان هامسة لها برفق:
-"هيا لنرى كم أنتِ سريعة!"
حفزتها لتركض ممسكة بلجامها جيدًا، الريح تهب على شعرها فيتحرك خلفها كالأمواج التي تشق طريقها عبرها.
طاردها ضاحكًا بمرح يقصد الإمساك بها، وهي تريده أن يفعل.. فأبطأت سرعتها مبتسمة له في دعوة يقبلها بكل سرور، ليمسكها من خصرها جاذبًا إياها على ركبتيه، مغلقًا فمه فوق فمها، وهي تستسلم طواعية، تلف ذراعيها حول رقبته تسمع همسته المثيرة:
-"أنا أريدك آريا"
انزلق من على السرج حاملاً إياها برفق إلى الرمال، مقبلًا إياها بعمق، يثبتها تحت جسده القوي.
ذكرها فجأة بقبلة أخرى، وحلم بالنار واللذة.
أحاطت وجهه بين كفيها هامسة بتيه:
-"أنا أعرفك.. أنا أعرف صوتك وأعرف قبلتك"
♕♕♕
دقات على الباب انتشلتها من حلمها إلى الواقع بقوة.
أخذت بعض الوقت كي تتذكر من هي ولماذا توجد في هذا المكان!
هبطت من الفراش تفتح الباب المجاور لغرفة إيريك حيث يقف مستعدًا للطرق مرة أخرى.
والذي هتف بمجرد رؤيتها:
-"علينا الذهاب، جيسي عادت إلى المنزل"
حدقت في وجهه ببلاهة حتى استوعبت قوله، فظلت تقفز بمرح وسعادة أنها بخير ثم بكت بشدة أقلقته، اقترب منها مسرعًا:
-"ما الأمر آريا.. لماذا البكاء الآن؟"
مسحت دموعها تهز رأسها بلا شيء وخرج صوتها ضعيفًا متأثرًا:
-"أنا فقط غير مصدقة أنها بخير وعلى قيد الحياة"
جذبها برفق إلى ذراعيه القويتين الدافئتين يهدئ من روعها فاستجابت له براحة.
لاحظت ملابسه الثقيلة بأكمامه الطويلة، يرتدي القفازات الجلدية، فعقدت حاجبيها بحذر:
-"هل الجو بارد في الخارج؟"
-"لدي حالة حساسية شديدة من أشعة الشمس."
أجابها بثقة فرفعت حاجبيها بمفاجأة ثم مالت نحوه هامسة بمشاكسة أثارت ضحكاته:
-"لا مشكلة.. كلٌ منا لديه مخاوفه، فأنا أيضًا أخاف الظلام"
انتهـــى الفصـــل



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 12-03-21 الساعة 01:18 PM
هديرر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-21, 05:30 AM   #34

هديرر

? العضوٌ??? » 385828
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » هديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hayette bjd مشاهدة المشاركة
ابه داااا ابدعتي الفصل كله تشويق و إثارة
يا قلبي تسلميلي يارب ❤❤❤


هديرر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-21, 11:33 AM   #35

Hayette Bjd
 
الصورة الرمزية Hayette Bjd

? العضوٌ??? » 404791
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 586
?  نُقآطِيْ » Hayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل ممتع واحداث مشوقة تسلم يدك

Hayette Bjd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-21, 04:06 PM   #36

آلاء حسين

? العضوٌ??? » 484997
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 11
?  نُقآطِيْ » آلاء حسين is on a distinguished road
افتراضي

😍😍😍😍😍😍😍🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🤍🤍🤍🤍🤍🤍🤍🤍

آلاء حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-03-21, 09:44 PM   #37

هديرر

? العضوٌ??? » 385828
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » هديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع

مناخ الخوف أفضل مأوى لجرثومة الضلال!
يجعلك لا تتذكر شيئًا
ترتعد من فكرة التذكر ذاتها!
وفي تلك اللحظة ينسخ شيطان المكر خيوطه حولك
فتخر راكعًا لسلطانه.

هبطت من السيارة مهرولة بلهفة حتى أنها لم تغلقها، لم تدق الباب بل دلفت فجأة إلى الداخل وتسمرت مكانها واقفة تمسك بمقبضه بيد والباب نفسه بيدها الأخرى، ينتفض جسدها ويرتفع صدرها ويهبط بشكل ملحوظ جراء لهاثها العالي من فرط ركضها وانفعالها، يكاد قلبها أن ينفجر عندما رأت ابنة عمها جالسة على الأريكة سليمة وعلى قيد الحياة.
أسرعت إليها بدموع بدأت تتخذ مجراها على وجنتيها، تجلس بجانبها تجذبها في عناق شرس، لتدفن جيسيكا وجهها الملطخ بالدموع في رقبتها تبكي بقوة، فظلت آريا تهمس لها بكلمات مهدئة تمسح على خصلاتها بحنان حتى استكانت رعشة جسدها:
-"اهدأي حبيبتي، كل شيء أصبح بخير.. ها أنتِ الآن معي ولن يصيبك مكروه"

هدأت قليلًا من بكائها الذي أصبح عبارة عن شهقات خافتة، مسحت دموعها وهي تعود للخلف تفصل العناق لتتحدث آريا بهدوء يشوبه القلق:
-"أعلم أن ما سأطلبه منكِ صعبًا، لكن حاولي أن تخبرينا ماذا حدث معكِ طوال الأسبوع الماضي؟"
اتسعت عيناها المرهقتان بقوة حتى كادت أهدابها تلامس منبت شعرها وهتفت باستنكار:
-"أسبوع!
لا.. أنا لم أغب سوى يومٍ أو اثنين"
تبادلت النظرات مع إيريك بدهشة ثم مع المربية لونا التي خرجت من المطبخ على دخولها، نظرت مرة أخرى إلى ابنة عمها تلمس على خصلاتها تعيدها خلف أذنيها، وأحاطت وجهها بحنان بين كفيها:
-"جيسي حبيبتي، اهدأي وحاولي التذكر، لقد مر أسبوع بالفعل على اختفائك"
هزت رأسها برفض واستنكار، فحاول الجميع مساعدتها في التذكر لكنها لم تفلح، دفنت وجهها في يدها باكية بشدة:
-"لا أستطيع التذكر.. أين كنت وماذا فعلت؟
أنا لم أعد إلى المخدرات ثانيةً آريا صدقيني"
ضغطت آريا على يديها بثقة ظهرت جليًا في نظراتها مبتسمة بصدق:
-"أعرف أنكِ لن تعودي إليها..
لكن هناك شيء ما حدث علينا معرفته"
عضت جيسيكا على شفتيها بقوة، واستندت بمرفقيها على قدميها تحيط رأسها قابضة على خصلاتها بقوة حتى كادت تُقتلع من جذورها، جسدها يهتز للأمام والخلف برتابة، عبست فجأة وتجهمت ملامحها كأن الوصول إلى الذكريات يؤلمها:
-"أنا أذكر أنني قابلت رجلًا لفترة طويلة"
تحول وجهها إلى اللون الوردي الفاتح وأصبح من الصعب تخمين ما تتذكره، فضغطت على رأسها أكثر وأكملت:
-"وأذكر أيضًا شاطئ وسيارة.. سيارة حمراء"
هتفت آريا بلهفة لعلها تصل لأي شيء يخص هذا الشخص، اسمه، شكله، علامة مميزة، لكنها هزت رأسها أنها لا تتذكر.
اقترب إيريك منهما وركع أمامها على ركبة واحدة يأخذ يدها برفق بين كفيه مربتًا على ظهره بهدوء:
-"بهدوء وتريث جيسي حاولي التذكر، أي شيء عزيزتي كي نصل لهذا الرجل"
رفعت رأسها للسقف صامتة للحظات قبل أن تتنهد بقوة وهزت رأسها بعدم مقدرة.. تشعر برغبة في الصراخ داخل رأسها، صوت يشبه طنين النحل يزن في أذنيها كاد يصيبها بالجنون، أدارت عينيها الدامعة لآريا بخوف:
-"ما الذي يحدث لي؟"
احتضنتها بقوة تربت على ظهرها بحنان:
-"لا أعرف.. لكن كل شيء سيكون بخير"
هتفت المربية أن يتوقفوا عن الحديث، فجميعهم بحاجة إلى الراحة لكن إيريك لم يستطع وحاول دفعها للتذكر أكثر يضغط على كفها باستمالة:
-"أرجوكِ جيسي تذكري أي شيء، حتى لو كان صغيرًا سيكون مفيدًا لنا"
رمشت عدة مرات وهزت رأسها بقوة مغمضة عينيها بمحاولة أخيرة وكفها يقبض على كفه بقوة، ثم همست بإدراك يغلفه التعجب:
-"صوته..!"
شدد على قبضته معها يحثها على الحديث، وفركت آريا ظهرها بتشجيع، تأهب الجميع في انتظار لتكمل:
-"صوته به شيء غريب، شعرت كأنني خاضعة له"
تساءلت آريا بدهشة:
-"تقصدين كالمنومة مغناطيسيًا؟"
-"ربما، لكن من نوع آخر لم أستطع مقاومته..
انتابني شعور أنني أريد فعل كل ما يقوله"
جحظت عيناها بذعر حقيقي ارتعش له جسدها هاتفة:
-"ماذا إن كان أجبرني على فعل شيء سيء؟"
احتوى إيريك وجهها بين كفيه مهدئًا، مبتسمًا ابتسامته المعهودة:
-"اهدأي جيسي هذا ليس خطأك.. أنتِ لست مُلامة على شيء"
وضعت آريا كفها على كتفه تشد عليه، ونظراتها مشفقة عليهما تخبره أن يتركها ترتاح قليلًا، ربت على كفها متوسلًا بضعة دقائق أخرى لتجذبها مربيتها إلى المطبخ معلنة أنها ستحضر لهم القهوة.
وقفت خلف الجدار الفاصل بين المطبخ وغرفة المعيشة تراقبهما بعينين دامعتين، كان إيريك انتقل من ركوعه أمامها للجلوس جانبها يحيط كتفيها بذراع واليد الأخرى تربت على رأسها المستكين على كتفه، صوتها يصلها بارتعاش:
-"إيريك أنا خائفة!
أنا لا أعرف مع من كنت ولا ماذا فعلت؟
لا أعرف إن كان أجبرني على فعل شيء أو فعل بي شيئًا مشينًا؟"
شهقت برعب وانتفض جسدها فشدد من احتضانه لها هامسًا بكلمات لم تتبينها لتسمعه يقول:
-"أنتِ بخير جيسي، كل شيء انتهى!
أنا هنا معك!
لو كان يريد أذيتك لما تركك"
انتفضت آريا على يد لونا التي وضعت على كتفها تربت عليها بحنان:
-"ستكون بخير"
أومأت ببطء تمسح دموعها هامسة بابتسامة:
-"نعم، ستصبح بخير"








من وسط خارطة الحياة
اختارت مدينة العشق مكانًا للاستقرار
سكنت بيت الانتظار بعد أن عبرت بحور الحنين
لتجد نفسها وصلت لهاوية النسيان
وما زالت تائهة في طرق الذكريات.
ذكريات تشبه بوق الصائغ
يسيل منه الذهب وتبقى الشوائب عالقة لا مجال للخلاص منها.



مازالت جيانا مُلقاة على أرض الغابة غارقة في دوامة ذكرياتها التي تتعرف عليها لأول مرة!
♡♡♡♡
كانت على وشك أن تجتاز آخر جزء من الغابة عندما أوقفها شيء ما.. كان صبي صغير يقف على بُعد بضعة أقدام فقط لا يرتدي قميصًا، فقط سروالًا جلديًا مما أفسح المجال للعديد من الوشوم الداكنة التي شوهت جذعه وصدره.. مع ضوء القمر الذي يضيء بدا شعره وكأنه فضي، بشرته ذهبية ومتوهجة متناقضة مع عينيه الزرقاوين اللامعتين.
وقفت تراقبه من خلف شجرة كثيفة، يقف ببساطة وعيناه مغمضتان بذراعين متقاطعين وقليل من العبوس على وجهه، نظرت في المكان تبحث عن أي شيء مريب لكن لا حقائب، لا خيول، ولا عائلة، فمن أين يمكن أن يأتي؟
مرت بضع دقائق، لتقرر أنه لم يشكل تهديدًا، تسللت إلى الأمام ببطء، على الرغم من علمها أنه لا يستطيع رؤيتها، أخبرها شيء ما أنه يعلم أنها كانت هناك تراقبه!
-"مرحبًا"
هتفت بشيء من القوة تلوي أصابعها معًا، الشيء الوحيد الذي أبقاها هادئة هو معرفة أن ريان كان خلف التل مباشرةً وسيكون قادرًا على سماعها إذا صرخت، فأكملت:
-"هل أنت تائه؟"
استدار الصبي ببطء حتى تركزت كراته الياقوتية على حدقتيها الزرقاء التي تشبهه للحظة، بدت عينيه وكأنها مقطوعة، ليرمش مرتين لتتحول فجأة إلى عيني إنسان عادي، ارتفع حاجبه قليلًا وبطريقة مغرورة أجاب:
-"أنا لست ضائعًا"
أومأت بحذر وبدأت تتراجع نحو التل:
-"ماذا تفعل هنا إذن؟"
لاحظ الصبي خطواتها المترددة وهي تبتعد عنه، وكذلك الطريقة التي كانت أصابعها تمر بها بقلق عبر شعرها، فلمع بريق خطير في عينيه عندما رد:
-"كنت أبحث عن شخص ما."
كادت أن تتعثر على حجر مقلوب وهي تنتبه لكلمة "كنت" الذي بدأ بها جملته، خطا الصبي خطوة واثقة تجاهها، يبدو أنه يقيس رد فعلها على الحركة المفاجئة، فرسم ابتسامة متكلفة على شفتيه، فأحالت نظرها بينه وبين المسافة المتناقصة بسرعة بينهما:
-"انظر، أنا لا أريد أي مشكلة يا سيد، وأنت لا تريد أي مشكلة معي لأن صديقي قوي جدًا"
توقف على بُعد بضعة أقدام مائلاً رأسه إلى الجانب مع تلك الابتسامة المتكلفة الغبية التي لا تزال على وجهه:
-"من يكون؟"
هزت رأسها بغرور طفولي ترفع أنفها بثقة:
-"أنت لا تعرفه، لن أقول ذلك"
في ومضة اختفت ابتسامته المغرورة واستبدلت بخط متشدد، يضغط على أسنانه بقوة، وقبل أن تتمكن من ترمش وجدت نفسها ملقاة الأرض وهذا الصبي فوقها يحتجزها، يحدق في وجهها بنوع من الغضب الجحيمي، تتسع فتحتي أنفه مع أنفاسه الغاضبة الذي لا يمكن السيطرة عليها، هامسًا بشراسة:
-"كلكم بشر متماثلون.. ألم تتقدم أكاذيبكم أبدًا؟
ألا تتذوقون مرارتها على ألسنتكم؟"
أحاطت أصابعه حلقها فانقطع الصراخ الذي كان يحاول الهروب منها وكذلك الكلمات التي كانت تخطط لتصرخها.
"أين هو أيتها البشرية؟"
زمجر بنبرة حيوانية، جبهته تكاد تلامس جبهتها من شدة اقترابه:
-"أعلم أن شعبك قبض عليه، أخبريني أين مكانه؟"
بدأ رأسها ينبض بفقدان الهواء، لكنه بدلًا من تركها تحركت مخالبه أكثر بقسوة فاختنقت بشكل محموم، أمسكت أصابعه تحاول قصارى جهدها الخلاص منه لكنها كانت غير مجدية، لم تكن قوته تشبه البشر بل كانت من شيء أعظم، مرعب للغاية.
-"ليو!!"
صرخة قوية من خلفها جعلته على الفور يخف من قبضته فتهالكت على الأرض تلهث في بقوة ويدها ممسكة بحلقها، خطا الصبي فوق جسدها كأنها حجارة متناسيًا وجودها، كان انتباهه يركز بالكامل على شيء خلفها:
-"ريان؟"
التفتت حولها لترى ما إذا كان ما قاله صحيحًا!
تجمدت مكانها عندما رأته يقف أسفل ضوء النجوم في شكله البشري!
مع بشرة كريمية وشعر أزرق قاتم يقترب من الأسود، إضافة إلى عينيه الارجوانيتين الممزوجة باللونين الأزرق والأصفر تشبه الأجرام السماوية، كان جميلًا للغاية.
كان مزينًا بنفس نوع الوشم مثل الصبي الآخر..
يرتدي سروالًا جلديًا من مادة أخف قليلاً، لكنه كان أطول بمقدار بوصة أو اثنتين مع أكتاف أعرض وذقن أقوى وحاد.
-"ريان!"
اندفع ليو نحو الوحش الذي تحول إلى إنسان يجذبه في عناق استقبله ريان مبتسمًا بهدوء، ليبتسم بدوره ابتسامة عريضة:
-"لا أصدق أنه أنت!
الحشد كله يبحث عنك منذ أسابيع..
ماذا حدث بحق الجحيم؟"
فصل ريان العناق ولا يزال يمسك ذراع ليو:
-"أثناء مطاردتي نصبت لي مجموعة من البشر كمينًا.
كانوا قد نصبوا الفخاخ في جميع أنحاء الغابة ينتظرون أن يذهب أحدنا للصيد، انتهى بي المطاف برصاصة في رقبتي وكدت أن أموت في هذه العملية"
زفر ليو بحدة مكفهر الوجه فأكمل الآخر بابتسامة:
-"لحسن الحظ تم علاجي مرة أخرى قبل أن يتمكن السم من دخول مجرى الدم"
عبس صديقه ودفع الشعر من عينيه قائلًا:
-"بواسطة من؟"
ومضت عينا ريان مرة أخرى إلى شكلها المكافح على الأرض، وشق عينيه فكان نوعًا ما يخيفها:
-"لقد أنقذتني الفتاة التي خنقتها للتو."
تنهد ليو غاضبًا ونظر إلى شكلها المثير للشفقة رافعًا حاجبه بسخرية:
-"هذا الشيء هو سبب كونك على قيد الحياة؟"
نظر إلها كما لو كان يراها حقًا لأول مرة، اجتاح بصره ثوبها المجعد، شعري المتشابك والأوساخ تكتل وجهها مثل الجلد الثاني، فقال بازدراء:
-"لا أستطيع أن أقول أنني لست متفاجئًا من أنك أوقعت نفسك مع بشرية!"
شعرت جيانا بعدم الارتياح، فنهضت بشكل أخرق على قدميها وشبكت يديها من ورائها، ثم أخذت خطوة إلى الوراء لا إرادية، تتبع ريان الحركة الصغيرة وعبس:
"تعالي هنا جيانا."
ضغطت على شفتيها وفكرت في المجادلة معه، فبدا وكأنه قرأ نواياها، ومن دون أن ينبس ببنت شفة، نقل لها أمره الصامت بوهج مفاجئ فاندفعت في نفخة من الهواء وذهبت إلى الأمام نحوهما مع الحرص على البقاء بعيدًا عن ليو، كانت تقف بالقرب من ريان الذي أشار لها بنظراته أن تطيعه.
-"حسنًا، أود أن أشكرك شخصيًا على الاهتمام بـريان"
قال ليو بلطف، على الرغم من الطريقة التي كانت كلماته تتساقط من خلالها حلاوة زائفة، إلا أنها بدت أشبه بإهانة لأي شيء آخر:
-"كمكافأة، أعدك ألا آكلك على العشاء"
شهقت بصوت مسموع وابتعدت عنه بخطوة إلى صدر ريان تنظر له بعينين خائفتين فتحولت نظرته المرحة إلى صديقه وتصلبت قليلًا:
-"إنه يمزح أيتها النمرة الصغيرة"
فتح ليو فمه للرد ولكن نظرات ريان المتوهجة قطعه فتنهد بقوة وركل الأرض:
-"نعم كنت أمزح فقط."
استدارت تواجه ريان بالكامل تسأله:
-"هل هذا يعني أنك ستتركني؟"
هذه المرة لم يستطع أن يمنع صديقه من الصمت فقال:
-"بالطبع".
مالت الأرض بها بحزن ونظرت لأسفل تحاول قصارى جهدها ألا تبكي، شيء ما في صدرها ينكمش بسبب فكرة مغادرته، إذا غادر ستبقى بلا شيء، ستعود حياتها إلى كونها مملة... وستفتقده!
-"ليو"
وضع إحدى يديه على كتفيها ووقف ورائها بشكل حمائي:
-"لقد عدت بهذا الوقت الفاني بسبب رعايتها، سأعود معك خلال النهار، لكنني سأعود لها في المساء.. واضح؟"
تحول وجه الآخر إلى اللون الأحمر من الغضب والدهشة:
-"هل.. أنت.. تمزح؟"
تمسك ريان بشكله الصارم ونبرته الحادة:
-" بدونها كنت سأموت، أقل ما يمكنني فعله هو وجودي معها لبضعة أشهر على الأقل"
-"شهور؟"
تحدثت هي وليو في نفس الوقت فصرخ الآخر بهما عاقدًا ذراعيه بعدم جدال ثم أخبر صديقه:
-"اذهب للمنزل، سأتحدث إليك وإلى بقية الحشد لاحقًا"
ثم نظر إليها قائلًا:
-"تعالي جيانا، سآخذك إلى المنزل"
سارت معه في الغابة في اتجاه قريتها تستمع له يخبرها عن صداقته مع ليو ومملكته التي يكون حاكمها، بابتسامة على مظهرها الطفولي وعينيها اللتان تتسعان بانبهار، لكنها توقفت عندما أتى بكلمة "حرب" في حديثه عن حشده الخاص الذي يعده لها، فوقفت تواجهه بغرابة تسأله:
-"عن أي حرب تتحدث؟"
انحنى لها ببريق شديد في عينيه هامسًا بخفوت:
-"الحرب التي ستنهي كل الحروب"

يتبع...........



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 12-03-21 الساعة 01:20 PM
هديرر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-03-21, 09:46 PM   #38

هديرر

? العضوٌ??? » 385828
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » هديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond reputeهديرر has a reputation beyond repute
افتراضي

وصف أحدهم خيبته ذات مرة بأنه ظن نفسه سماءً، فتفاجأ أنه مجرد نقطة زرقاء في ورقة سوداء!
لذلك لا تزرع بذرة في غير أرضها وتنتظر منها ثمارًا!
سيطول الوقت ولن تعرف ما عليك فعله؟
هل عليك الانتظار أم الاستسلام؟
لتجد أن في كلتا الحالتين ستكون هزيمة.

عمرها خمسة عشر عامًا فقط!
تقف وسط الظلام إلا من ضوء باهت عكسته المصابيح النارية المصفوفة على الجانبين!
كان الصراخ يعلو بقوة حولها، وفي نهاية القاعة الواقفة فيها هناك باب أحمر مواربًا قليلًا، لم يتطلب الأمر عبقريًا لمعرفة أن الصيحات كانت قادمة من هناك.
خوف لا مثيل له تردد في صدرها، اتخذت خطوة إلى الوراء ثم أخرى، واصلت التراجع والصراخ يعلو ويعلو حتى اصطدم ظهرها بالحائط وسقطت، كانت أنفاسها سريعة وثقيلة.. لا تستطيع الدخول هناك.
نهضت بشجاعة مزيفة تتقدم من الباب الأحمر الذي يلوح في الأفق أمامها، كل ما يتطلبه الأمر كان دفعة قبل أن يتأرجح للداخل يكشف عن الغرفة وراءه!
كان الأمر مروعًا ولا شيء كما كانت تتوقعه!
صفوف من البشر تدق على قضبان زنازينهم التي كانت مقسمة في أعمدة أسفل غرفة حجرية واسعة.. اختلط الدم والبول على الأرض لتنبعث منها رائحة كريهة.
لطخ اللون القرمزي الجدران والأرض مما يجعل من الصعب رؤية بلاط الأرضية، كانت هناك نار في وسط الغرفة هي كل ما أضاء المكان مما جعل وجوه البشر تتوهج بطريقة وحشية وفظة.
كلما تقترب صرخوا بصوت أعلى يحاولون بذل قصارى جهدهم لجذب انتباهها لكنها كانت متجمدة، لم تستطع عينيها تفسير المشهد!
كان شعبها مقيدًا بالسلاسل مربوطًا مثل الحيوانات!
كل ما فكرت فيه هل ريان يعلم؟
هل كان يحاول إنقاذ هؤلاء الناس من الحرب التي قامت منذ خمسة سنوات؟
أخذتها قدميها إلى أقرب زنزانة، كانت مكتظة بأكثر من عشرة أشخاص أو نحو ذلك، أيديهم ممدودة باستجداء، وأعينهم تتوسل لأكثر مما يمكن أن تعطيه، ذهبت إلى السيدة الأولى التي رأتها وأمسكت بيدها الممدودة، فصرخت بارتياح أو ربما من الألم، وقبلت المرأة يدها!
كان من الصعب التحدث وسط صرخات الآخرين لكنها بذلت قصارى جهدها:
-"هل تأذيتِ؟
ولماذا كل هؤلاء الناس هنا؟"
-"شكرًا لك طفلتي، شكرًا"
لم تكن المرأة تستمع لها فقد كانت مشغولة في البكاء وتقبيل يديها:
-"شكرًا لك يا فتاة، شكرًا لك"
عبست جيانا بدهشة ولا تعرف ماذا تفعل، لتضغط المرأة على يدها بقوة وإلحاح:
-"اسمعيني عزيزتي، هناك مجموعة من المفاتيح الإضافية التي يحتفظ بها الحراس في الغرفة المجاورة، أريدك أن تذهبي وتحصلي عليهم.. أرجوكِ يا حبيبتي، اسرعي"
هزت رأسها بعدم فهم وانحنت أكثر لتسمع أفضل:
-"لا أفهم.. من سيضعك هنا؟"
نظرت المرأة خلفها تبحث في الباب عن شيء أو شخص ما:
-"لا يمكنني شرح ذلك الآن، لكن من المهم جدًا أن تذهبي وتحصلي على هذه المفاتيح"
تركت يدها وعادت خطوة للخلف هاتفة:
-"دعيني أذهب وأحضر ريان، سوف يصلح هذا!" دفعها رجل جانبًا واتسعت عيناه في خوف وغضب.. بل الكثير والكثير من الغضب:
-"أنتِ صديقة هذا الشيء؟"
كانت حيرتها تتفاقم بسبب الطريقة التي كانوا يحدقون بها جميعًا كما لو كانت خانتهم بطريقة مروعة!
لا تدري ما الخطأ فيما قالته؟
لتصرخ به برجاء وقلق عليهم:
-"من فضلك، دعني أذهب للتحدث إليه.. أعدك أنه سيساعدك"
بصق الرجل الكلمات في وجهها كالرصاص:
-"وحشك هذا هو الذي وضعنا هنا"
ناظرته بصدمة وتعجب، هل يظن أن ريان هو من وضعه هنا؟
هؤلاء الناس أكثر جنونًا مما كانت تعتقد، فقد كان من السخف تمامًا الاعتقاد بأنه من بين كل الأشياء سيأسر هؤلاء الفانين!
ما السبب الذي قد يكون لديه على أي حال؟
إلى جانب ذلك، كان صديقًا لها وهي بشرية!
لذا أومأت إلى الرجل بأدب وأخذت خطوة أخرى إلى الوراء:
-"حسنًا... سأذهب أتحدث معه وأرى ما سيقوله." بدأت المرأة في البكاء مرة أخرى ولكن هذه المرة في بؤس، فاقترب الرجل يضمها إليه وهو يحدق بجيانا بعيون جوفاء:
-"لقد خدعك حقًا أيتها الطفلة؟"
ضرب بقبضته على القضبان، محدقًا في الباب خلفها:
-"استمعي إليّ، أريدك أن تركضي بأسرع ما يمكنك.. اخرجي من هذا الجبل وابتعدي عن هنا قبل أن يضعك خلف القضبان أيضًا"
حدقت فيه بعدم فهم، كيف تشرح لهم أنه بالتأكيد شخص آخر؟
لكن قبل أن تتمكن من الرد مرة أخرى، كان هناك هتافًا مدويًا من خلفها:
-"جيانا!"
انتفض جسدها واتسعت عيناها خوفًا من الصراخ المرعب!
لكنها استرخت على الفور عندما علمت أنه ريان من خلفه يقف ليو.
كان هذا حتى رأت عينيه.. كانتا تحترقان!
تمكنت من البقاء على قدميها بمعجزة ليأمرها من بين أسنانه:
-"تعالي هنا، جيانا."
وعندما لم تتحرك على الفور ضاقت عيناه بشراسة وهدر:
-"حالًا!"
عضت شفتيها وهرعت إلى حيث يقف ناظرة ذهابًا وإيابًا بينه وبين وجميع الزنزانات التي تصطف على جانبي الغرفة.
لا يبدو أنه مندهش من العثور على كل البشر هناك، بل كان يحدق فيهم بطريقة كريهة غاضبة، وعندما وصلت إليه أمسك بيدها على الفور وجذبها بقوة نحو الباب، فصرخت من حركته المفاجأة وهتفت:
-"ريان عليك أن تساعد هؤلاء الناس، إنهم...."
-"ليس الآن، جيانا"
زمجر بشراسة يقاطعها حتى أنه لم يلقِ نظرة على وجهها بينما كان يتجه نحو ليو:
-"تأكد من التعامل مع آخر البشر المتمردين.. أنا سآخذها إلى المنزل."
أومأ له بطاعة ولم ينظر إليها قبل أن يبتعد متبع أوامره، ليسيرا في الاتجاه الآخر.. كانت أفكارها جامحة مع المعلومات الجديدة التي أصبحت في متناول يدها، ولم ترغب في قبول ما سمعته للتو بوضوح:
-"أنت.. أنت سجنت هؤلاء البشر؟"
لم يجب حتى وصلا إلى مدخل الجبل الذي اتضح أنه قلعته الحصينة وتحول إلى شكل الغرفين الخاص به، وسرعان ما وُضعت على ظهره قبل أن يكونا في الجو وصوته يسبح في رأسها بغضب:
-"لقد رأيت أشياء لا يجب أن تريها، انسي ما تعتقدين أنكِ سمعتيه"
كلماته جعلتها تشعر بالقلق.. لم ينكر كونه سبب وجود هؤلاء الأشخاص هناك، هذا لا يعني إلا شيئًا واحدًا:
-"أنت من آذيت شعبي؟"
-"كفى جيانا.. أنا لن أبرر نفسي لطفلة"
كانت كلماته حارقة تمامًا كما كانت نواياه!
صمتت ولم تقدم على التفوه بكلمة أخرى حتى وصلا أخيرًا إلى الغابة خلف منزلها، هبطت من فوق ظهره قبل أن يستدير ليتحول إلى شكله البشري، ثم تقدم منها فجأة ينظر مباشرة إلى عينيها دون أن يظهر أي عاطفة في نظره:
-"ما فعلتِه اليوم غير مقبول.. يمكن أن تتأذى."
ضغطت على قبضتها وفتحتها عدة مرات، ليست متأكدة مما إذا كانت تشعر بالأذى أو الحيرة أو الجنون، لكن انتصرت المشاعر الأخيرة في النهاية ولم تستطع سوى الصراخ بغضبها تجاهه:
-"أنت فقط تريد أن تضعني في زنزانة مثل الآخرين"
تحولت نظرته إلى الفولاذ!
نظرة له لم ترها من قبل!
نوع من الغضب لم يظهره لها قبل الآن!
لكنه كان واضحًا وكلماته التالية أثبتت أنها كذلك:
-"قولي وداعًا لعائلتك الليلة، سأعيدك إلى عشيرتي ليلة الغد."
رفع رأسه ببطء وبشكل خطير ينظر لها من علو مكملًا حديثه بنبرة لا تحمل نقاشًا:
-"بشكل دائم."
صدمتها كلماته كمن قذفها بكرة جليد في منتصف صدرها فأخذت خطوة إلى الوراء حتى اصطدمت بشجرة خلفها تهز رأسها بجنون، عيناها تتسعان بذهول:
-"لا.. لا يمكنك فعل ذلك، ليس أنا ريان"
اقترب منها وابتسامة قاسية على شفتيه:
-"نعم.. أستطيع.. وسأفعل."
قام بتدوير خصلة من شعرها حول إصبعه وجذبها قليلًا بنوع من العنف حتى دفع رأسها نحوه:
-"آمل فقط أن تتذكري أنكِ فعلتِ هذا بنفسك.
من الواضح أنكِ لا تستطيعين الاعتناء بنفسك بعد الآن، لذا سأفعل ذلك من أجلك.. أيتها النمرة الصغيرة..
أنتِ تحت رعايتي الآن"
وبهذه الكلمات الأخيرة.. رحل.
وبهذه الكلمات استفاقت جيانا من سباتها الطويل على أرض الغابة، بشهقة عالية شقت صدرها كالغريق الذي وصل إلى سطح الماء بعد عناء انتشلتها من رحلة الذكريات التي غرقت بها لوقت طويل!
رحلة شبيهة باختراقها للحجاب الحاجز بين عالمنا والعوالم الأخرى التي لو أقسموا لها بكل الكتب السماوية أنها موجودة لن تصدق!
رحلة صغيرة وذكريات أشبه بنسيج من السراب كشفت لها أن ما كانت تظنها حياة، ومن ظنتها عائلة ما هي إلا سراب ودخان أسود تلاشى في الفضاء!
♕♕♕♕♕♕
ظنت أن سفن قلقها استقرت في ميناء الوضوح بعد أن أرهقها الإبحار في محيط التخمين!
لكنها فوجئت أنها كانت تسير فوق رمال متحركة، كلما خطت غاصت قدماها أكثر في بحر من الحيرة والكذب!
استقامت جاثية على ركبتيها تستند بكفيها عليهما، تتنفس ببطء شديد!
تشعر أن هناك حجارة ضخمة ملقاة عليها، ترفع كفها تدلك منتصف صدرها كي تستطيع تتنفس بطبيعية على الأقل، ثم ترفعه إلى جبهتها تحكها بعدم فهم ولم تفق بعد من صدمتها من الحقيقة الجديدة!
كل ما كانت تعيشه كذبة؟
حسنًا.. وإن كان فمن كانت تعيش معها؟
من تلك السيدة التي كانت تناديها أمي ودفنتها منذ أيام؟
أين اختفى تران؟
قبضت على خصلاتها بقوة وكرة أخرى من الوهج ضربتها من الخلف فصرخت من الألم والصداع الذي فتك بها، وإجابة سؤالها الأخير تتضح ذكراها أمام عينيها..
♕♕♕♕♕
-"أهلًا بكِ في قبيلتنا"
استقبل كبير القبيلة الذي اتخذ منصب أبيها بعد قتله في الحرب التي قامت بين البشر والوحوش فاتحًا ذراعيه على اتساعهما وأحنى رقبته قليلًا أمام ضيفهما.. كان قد مرت ثماني سنوات بعدما وضعها ريان أمام بيتها، وللعجب لمَ لا تدري ماذا حدث بعد ذلك؟
وقف الجزء الأكبر من القبيلة على حافة الغابة التي فصلت الأشجار عن الأكواخ الصغيرة يحدقون بصدمة في الرسول، وقفت الأم بايا بفخر إلى جانب زوجها، كان الرسل من أهم الأشخاص في مجتمعهم ويحظون باحترام كبير، لهذا كانت مفاجأة للجميع عندما اكتشفوا أن الرسول المرسل كان من التنانين!
كان الرسل يسافرون بين كل قرية لإيصال الأخبار إلى الآخرين وجمع المعلومات على طول الطريق، لكن بالنسبة لوحش أن يفعل ذلك؟
لم يسمع به أحد، كما لم يكن الرسول تنينًا فحسب بل كانت أنثى!
كان جميع الرسل تقريبًا من الذكور والأقوياء، لكن من مظهرها هذه الأنثى ناعمة وأنثوية وذات مظهر جميل للغاية.
-"شكرًا لك على الترحيب الطيب"
ردت بعد لحظات من الصمت وقامت بلف خصلة من شعرها الأشقر حول أحد أصابعها الشاحبة النحيلة وأكملت:
-"أعتقد أن لدينا الكثير لنناقشه"
عقد الأب ذراعيه وأشار برأسه للخارج:
-"دعينا نجلس في قاعة الاجتماعات و....."
ضحكة ساخرة هربت من شفتيها، فماتت الكلمات على لسان الأب وهو يحدق مرتبكًا فيها، ابتسمت فقط وعرضت صفوفًا من الأسنان الحادة بشكل خطير قائلة:
-"لن تكون هناك حاجة.. لقد جئت فقط لاستعادة شيء ملكي"
عبس بعدم فهم:
-"لكن... أنتِ مهمتك جلب الأخبار، أليس كذلك؟"
-"حسنًا، أنا متأكدة من أن الرسول الحقيقي فعل ذلك، لكنني أكلته في الطريق!
إذا كان لديك أي أسئلة، أخشى أن تضطر إلى انتظار مجيء الرسول المسكين التالي."
ساد الصمت على المجموعة في صدمة غير مفهومة، تحرك تران بجوار أخته وخطى بشجاعة أمام أحد الأطفال الذي تمسك بساقه في حالة من الرعب، فقامت أنثى التنين بفحص عينيها الماكرة فوق التجمع ولم تتوقف حتى استقرت عيناها على أخيها، كانت نظرتها شديدة وساخنة وهي تنظر إليه:
-"في الحقيقة...."
تقدمت وعيناها لم ترتعش أو تتحرك من فوق تران مما جعله يتوتر قليلًا عندما اقتربت:
-"أعتقد أن لدي شيئين لأستعيدهما من قريتك القذرة"
حالت جيانا بنظراتها بينهما، نظرة الشهوة التي غطت عينيها مثل غطاء الضباب الكثيف كانت واضحة وضوح الشمس، بينما كانت خطواتها غير مستعجلة ومرتاحة ممزوجة بقوة وثقة!
قوة غير معلنة حذرت أي شخص يجرؤ على الاقتراب من الأهوال التي يمكن أن تمارسها، فتقدمت للأمام مستعدة للدفاع عن أخيها والآخرين، لكن الشيء الوحيد الذي أوقفها كان يد تران على ذراعها، نظرت إليه في حالة من الغضب والخوف فهز رأسه فقط في رسالة صامتة ألا تفعل!
كانت ماما بايا هي التي تحدثت بعد ذلك وأوقفت تحركها بدورها:
-"ماذا تريدين منا؟"
طارت عيناها القلقة إلى تران وابتلعت ريقها بخوف:
-"ماذا تريدين من ابني؟"
مالت المرأة برأسها وثقبت عيني أمها بعينيها:
-"ملكنا العظيم يوسع مملكته على جحافل الشرق، لكنهم أعلنوا عداءهم لنا.. وفي مفاوضات مع الشعوب الشرقية وعدهم الملك بعدد من النساء والعبيد من أجل منع الحرب"
صمتت قليلًا قبل أن تكمل بمكر:
-" لذلك تم إرسالي أنا والعديد من التنانين الأخرى لجمع مثل هؤلاء الأشخاص"
حلقت نظرتها فوق القبيلة مرة أخرى قائلة:
-"راغبة أو غير راغبة"
رفعت ماما بايا ذقنها في الهواء في قوة وحمائية:
-"لا يمكنك أخذ ابني أو أي شخص في هذه القرية لهذا الأمر"
على كلماتها الجريئة قهقهت الفتاة واقتربت من الأم:
-"أنتم البشر مسليون بلا حدود."
سارعت إلى الأمام تومض أسنانها بشراسة:
-"لكنكم ضعفاء، لا تنتصرون ولا تقاتلون، ترتجفون في قُراكم تنتظرون أن يغزوكم الآخرون"
-"كفى"
خطى الأب مشكلاً جدارًا بين الأنثيين، فهسهست الفتاة لتصرفاته لكنه ظلت حازمًا في حديثه:
-"زوجتي تحدثت.. لن نسمح لك بأخذ ابننا أو أي رجل أو امرأة أو طفل آخر في هذه القرية.. عودي من حيث أتيتِ قبل أن أتخذ إجراءات صارمة."
ابتسمت كأن كلمات الأب تسليها فقط، فعادت للخلف حتى وقفت في منتصف الدائرة التي تشكلت حولها.. التقطت الشمس العديد من الجواهر الجميلة التي كانت تزين يديها ورقبتها، فأضاف ثراءها المزيد إلى الشخصية القوية والمخيفة التي طرحتها:
-"سوف أبرم صفقة معكم، أيها البشر الصغار."
طوت أصابعها تحدق في أظافرها بالملل:
-"لن أحرق هذه القرية إذا أعطيني ابنك عن طيب خاطر.. اتفقنا؟"
كادت الأم أن تصل إليها بغضب وكره لكن تران أوقفها قبل أن تصفعها، توقفت بمجرد أن أدركت أن ابنها وقف أمامها محاولًا تهدئتها:
-"ماما من فضلك أنا بخير، أنا هنا لا بأس..
كل شيء على ما يرام"
بدت الفتاة محبطة تقريبًا لأن ماما بايا لم تضربها، كأنها كانت تريد أن تفعل ليكون لديها عذر لتحرق القرية وتأخذ تران الذي نظر لها وما زال يحيط كتفي أمه بذراعيه على كتفها، نظر مباشرةً في عينيها وهو يتكلم:
-"إذا... إذا وعدتكِ بالذهاب معك، ستتعهدين بأن شعبي لن يتأذى؟
وأن عائلتي ستبقى على حالها؟"
بدأت أمها تبكي من ورائه تتوسل إليه ألا يذهب، ووقف الأب في حسرة صامتة، لا يعرف ماذا يفعل؟
وهي.. بدأت ترتجف بدموع لم تسفك، لم تفترق عن أخيها أبدًا، إذا تركها فلن تكون شيئًا!
ابتسمت وهي تعلم أنها ستفوز:
-"أعدك"
نشأ في داخلها غضب حيواني وحشي، وقبل أن تتمكن من إيقاف نفسها كانت تتقدم للأمام ممسكة خنجرًا وهي تهرع نحوها صارخة:
-"لا.. لا يمكنك فعل ذلك"
كانت بالكاد وصلت إلى خمسة أقدام قبل أن يتم قذف جسدها في الهواء واصطدامها بشجرة قريبة، شعرت بجسدها ينفجر عندما اصطدمت بلحائها وسقطت على الأرض في كتلة متشابكة مشلولة من الكدمات والدم، كان الشعور مختلفًا عن أي شيء شعرت به من قبل وكأن جسدها أُلقى في نار ساحقة من الألم.
من خلفها كان هناك صراخ من تران وهو يشاهدها تتألم من الوجع والأذى على أرض الغابة، فالتفت إلى التنين واندفع نحوها بنية واضحة في نحرها لأنه فك خنجره، لكن قبل أن يتمكن حتى من حكها كان يلاحقها على الأرض فاقدًا للوعي.
الأحداث التي تلت ذلك سريعة جدًا بحيث يتعذر تتبعها.. صراخ من أحد القرويين، تلاه صراخ ونحيب الباقين، شعبها هجم على الوحش على استعداد لمضربها إلى أجزاء صغيرة.. وهي تنظر للجميع بابتسامة باردة، وفي غمضة عين تحولت إلى تنين أحمر عظيم بعينين مشقوقتين، تفرد جناحيها بغرور ترفرف بهما فوق الرؤوس التي تناظرها بفزع، وفي الثانية التالية وجهت نظرها إلى الأب والأم واشتعلت اللهيب في عينيها اللتين تحولتا من الأزرق إلى الأحمر، ثم فتحت فمها مطلقة أول كرة من نيرانها على الزوجين قبل أن تدور حول نفسها في الهواء لينفجر العالم من حولها بكتلة من النيران.
صدمة أشبه بالنزيف الداخلي لا يلاحظه أحد لكن ألمه يرهق صاحبه حد الهلاك!
نهضت ببطء بعد مدة من الوقت ورائحة الدخان والمعدن تتشبث بالهواء.. كان الجو مظلمًا لكن دفء الصيف أبقى برودة الليل بعيدة، حال نظرها في المكان وشعور بداخلها يتفاقم بأن شيئًا ما على خطأ فادح، لكن لا تعرف فيما يتعلق؟
أو على الأقل لم تكن تعرف حتى استيقظت تمامًا وتمكنت من رؤية الموت والدمار من حولها!
كانت قرية نابضة بالحياة، والآن لم تكن سوى رماد وأنقاض!
كانت الحرائق التي أغرقت الأرض قد انطفأت منذ فترة طويلة، والآن كل ما تبقى هو الجثث فقط!
رأت كتفها خرج من تجويفه، وتحول جسدها إلى اللون الأزرق والأسود من تأثير السقوط.. ألم خام لا ينضب يتغلغل في عظامها لكنه لم يكن شيئًا مقارنة بالشعور الذي ازدهر في صدرها من مرأى الناس القتلى من حولها.. صدمة صامتة غلفتها بينما كانت تنتقل بين بقايا منزلها، أجساد على أجساد ممددة على العشب جلدها متفحّم لدرجة يصعب التعرف عليها، لم تلحظ موت أي أطفال أو شباب وشابات!
فقط كبار السن والمحاربون الذين يمسكون بالرماح في قبضة أيديهم، ومع ذلك لم يكن هناك سوى زوج واحد من الجثث التي اهتمت بها:
-"ماما؟"
سقطت على الأرض بجانبهما ولم تدرك حقًا من كانت تنظر إليه:
-"بابا؟"
كانت أذرعهم ملفوفة حول بعضهم البعض كما لو كان لا يمكن فصلهم حتى في الموت، لمستهم بحذر شديد في محاولة لإيقاظهما بكفيّ مرتعشتين:
-"استيقظي ماما استيقظي!
استيقظي لماذا لا تستيقظين؟"
واصلت التأرجح والتضرع لهم للاستيقاظ حتى شعرت بلسعة الدموع تتساقط على وجهها:
-"استيقظ بابا.. من فضلك استيقظ!"
صرخت!
صرخت وصرخت حتى طلعت الشمس!
حتى انهار جسدها من الإرهاق والجفاف!
صرخت حتى بكت الغيوم حزنها!
حتى اختفى صوتها فلم يعد بإمكانها إصدار صوت!
وحتى ذلك الحين كانت ترقد مع من اتصلت بهم بالتبني بعد موت أباءها البيولوجيين في الحرب.. الأم التي لم تعرفها من قبل، والأب الذي لم يتوقف عن حبها.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕
اتضحت الصورة أمامها لكن بشكل غير كامل!
صرخت بقوة حتى شقت عنان السماء، صرخة تردد صداها في الفضاء مما جعل الطيور تهيج في الجو بفزع، وسمعت أقدام الحيوانات في الغابة تهرول بخوف!
صرخت مرة أخرى حتى شعرت بحلقها تشقق وجُرح!
لم تستطع التحرك، صلت أن تعفيها الآلهة من ألمها وتُفتح الأرض ببساطة لتبتلعها بالكامل!
كل ما اتضح أمامها الآن أن تران لم يتركها منذ صغرها، بل كان مع تنين معين في حشد معين في الشمال، أعادت خصلاتها للخلف ومسحت دموعها التي هبطت دون شعور بها، نهضت ببطء وترنح تنظر إلى السماء بوعد لعائلتها..
ستذهب وتعيد تران إلى المنزل!
ستقتل من أخذ بيتها منها وترقص على رمادها!
نظرت إلى جهة الشمال ورأت قمة جبل على مرمى بصرها باهتة وسط الضباب أصبحت تعرف صاحبه جيدًا هامسة لنفسها:
-"حان اللقاء مرة أخرى ريان..
هناك حلقة مفقودة من حياتي إجابتها عندك فقط"

انتهـــى الفصـــل


هديرر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-03-21, 11:31 PM   #39

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

جيانا اتعذبت بصراحه

غير الجزء الخاص بفقدان جزء من ذاكرتها ياترى حصل ايه فى الفترة دى

ريان ليه عملت كدا انا كنت فاكراك طيب

جيسى ياترى هى كمان حصلها ايه وليه هى شعرت انهم يومين بس مش اسبوع

الفصل رهيب ياديرو تسلم ايدك


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 10-03-21, 11:21 AM   #40

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

أنثى تنين زباله وكلبة بحر 😡
وبعدين فين حاجه غريبه أن ريان يعمل كده
الواحد مش هياخد بالظاهر الا لما يشوف الخبايا


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:57 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.