شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   دعوني أتنفس (https://www.rewity.com/forum/f180/)
-   -   يسكنها (https://www.rewity.com/forum/t474489.html)

نغم 01-10-20 10:12 PM

يسكنها
 
اشتقت البوح بينكم أعزائي
**
هذه من نزوات قلمي الكثيرة ، جزء من قصة لم يكتب لها أن تكتمل و أشك أن تفعل يوما
أتمنى أن ترقى لذائقتكم
**
قصة قصيرة تمزج بين الواقع و الخيال الغاية منها تشبيه العلاقة بين الطفل و الشجرة بالعلاقة بينه و بين المرأة : كيف تتغير نظرته إليها بمرور السنوات و كيف ينتهي به الأمر إلى حمايتها بعد أن كانت هي من تحميه .
**
**
" مشهد أول :

ظلام سائد ثم تبدأ بقعة ضوء صغيرة بالظهور في زاوية المكان ، يظهر خيال شاحب و يبدأ بالتجسد تدريجيا مع كبر بقعة الضوء ليبدو جسد طفل يجلس أسفل شجرة .
- ضميني إليك ، أنا خائف ، انبعث صوته مرتجفا حائرا .
نزلت أغصانها فورا لتحيطه برفق .
- استند علي ، تمتمت له بحنان .
اتكأ بظهره على جذعها فأضافت برقة :
- و الآن أخبرني لماذا أنت خائف و كيف تخاف و أنت طفل كبير هكذا .
- لم أعد أريد أن أكبر
- إذن لا تكبر
- الكل يقول أني سأكبر رغما عني
- أخبرني كيف تكبر
- ينمو جسدي ، ينضج عقلي و تزداد سنواتي
- و هذا شيء سيء ؟
- نعم
لأني كلما كبرت أكون حرا أكثر و مكبلا أكثر
- كيف ؟ لا أفهم
- و أنا صغير كانوا هم من يختارون من أجلي ، الآن سيكون علي أن أختار بنفسي
و أنا صغير كانوا عندما يخطئون ألومهم و الآن لا أريد أن ألوم نفسي
- و الخوف ليس من أن يخطئ الاخرون في حقك . الخوف هو أن تخطئ في حق نفسك و في حق غيرك ، أليس كذلك يا صغيري ؟
- نعم ، تمتم ببطء
- لذلك تريد أن تظل صغيرا
الموضوع سهل : اهرب من سنواتك .
- هي التي تهرب مني
- لا تلاحقها إذن ، عش بقلبك لا بسنواتك .
- سأحاول
و لكن كوني دائما معي .
- أنا ملازمة لمكاني ، أنت الذي تأتي و تغادر ….

تختفي بقعة الضوء تدريجيا ليسود الظلام من جديد .

مشهد ثان :

يظهر الطفل ثانية يرتدي ثيابا شبابية و يضع عوينات ، يقف فاردا صدره يتطلع إلى الشجرة دون كلام .
- أنت صامت جدا اليوم .
- أنا أدرسك .
- و ماذا تعلمت عني .
- كل شيء .
- إذن علمني عن نفسي .
- أنت جذع و جذور و أغصان
- و ماذا أيضا ؟
- أنت ظل و خشب و ثمار .
- و ماذا أيضا ؟
- فقط .
- فقط ؟ لا تستطيع رؤية أي شيء آخر ؟
- كلا حقا ، بالفعل لا يوجد شيء عدا ما ذكرته .
- يوجد لكنك لا تراه
- لا أراه ؟!!
-لأنك نظرت لي بعقلك و لن تراني كاملة سوى حين تنظر إلي بقلبك .
- و هل للقلب عيون ؟
- للقلب نور
- ماذا يوجد فيك غير ما ذكرته .
- أغمض عينيك و اسمع
أنا الجذور التي تقتحم بصبر و تحمل الأرض الصلبة القاسية بطبقاتها المتعددة ، أتغلغل فيها أصنع لي مكانا بين مكوناتها حتى نصبح لصيقتين نقتلع مع بعضنا البعض
أنا الجذع القائم الذي في انحنائه موته ، أنا الجسر بين جذوري الثابتة و أغصاني التي كما شاء لها خالقها ترنو إلى السماء
و أنا الأغصان التي خلقت لتحمل و تعطي ، عالية ، مرتفعة شامخة و عندما تقترب من النهاية تتذكر فتحني رؤوسها إلى الأسفل .
هذه أنا و مازلت أخبئ أكثر .
- و أنا كيف ترينني بعيون قلبك
- أراك مثلي :
بين جذور وفائك و أغصان حريتك يقع جذع مسؤليتك

تعود بقعة الضوء للانحسار مع وقع الكلمات الأخيرة .

مشهد ثالث :

يظهر الطفل و قد نبت له شارب ، متكئا على جذع الشجرة ، يضع وجهه بين كفيه في ما يبدو أنه تفكير عميق :
- كل شيء من حولي تغير
- لا شيء يبقى على حاله
- حتى أنتِ
- و حتى أنتَ
- ذهبت ثمارك ، تقلص ظلك و ذوى جذعك
- و مازلت منتصبة

ترامى صمت بسيط بينهما قطعه شدو العصافير من حين لآخر .
- البارحة حلمت بأنهم سيقتلعونك
- لذلك أنت حزين ؟
أومأ برأسه دون كلام
- لا تحزن
- سأنقلك إلى مكان آخر
- سأموت إن فعلت
- ستموتين إن لم أفعل
- سأموت في جميع الأحوال و لكني أفضل أن أموت و أنا متشبثة بأرضي .
- سأرحل عنك
رغما عني ليس بإرادتي
- أعرف و أفهم و مستعدة لذلك
- لن تكون الدنيا كما ألفتها و أنت لست فيها
- ستجد شجرة أخرى و إن لم تفعل ازرع واحدة
- و ستكبر لتصبح مثلك
- ستكبر لتصبح لك
ستحميها صغيرة لتسندك عندما يضعفك كبرك
- أريدها أن تكون مثلك
- أعطها ما تحتاجه و سوف تصبح لك أفضل مما كنت تتمناها .
ستكون أفضل مني و ستسكنها كما كنت أنا سكناك .

ينتهي المشهد "

Kingi 02-10-20 12:36 AM

وكأنها علاقة تكافل بينهما
دومتى بخير

نغم 02-10-20 12:57 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة kingi (المشاركة 15123178)
وكأنها علاقة تكافل بينهما
دومتى بخير

أشكرك
دمتي بكل ود ❤️❤️

سما 23 02-10-20 07:37 PM



ينتهي المشهد ولا ينتهي معناه
وإن كانت المشاهدُ تامةً معنى ومبنى، راقية، مكتملة؛ الحبكة والأسلوب
هذه المشاهد لا تنتهي، هي مستمرة ومتكررة بدوام الحياة

أنت رائعة يا نغم
في انتظار كل جديد منك

رانو قنديل 29-10-20 01:10 PM

https://v.3bir.net/3bir/web/a/29323_11188150351.gif

نغم 29-10-20 11:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سما 23 (المشاركة 15124447)


ينتهي المشهد ولا ينتهي معناه
وإن كانت المشاهدُ تامةً معنى ومبنى، راقية، مكتملة؛ الحبكة والأسلوب
هذه المشاهد لا تنتهي، هي مستمرة ومتكررة بدوام الحياة

أنت رائعة يا نغم
في انتظار كل جديد منك


مرورك الأروع يا جميلة الروح و الحرف
شكرا جدا لتقديرك
سلمت من كل سوء


الساعة الآن 11:54 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.