شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   انها الوتين * مكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t474748.html)

فاطمة محمد عبدالقادر 06-12-20 04:10 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اللؤلؤة الوردية (المشاركة 15235796)
حبيبتي يا بطة تسلم إيديكي الحلوة على الرواية الممتعة والمسلية جدا

تسلم عيونك يا قمر ربنا يسعد قلبك❤️❤️

فاطمة محمد عبدالقادر 10-12-20 10:00 PM

الفصل العاشر


جلست تختلس له النظر في ترقب وهو يقود السيارة لا تعلم اين وجهته ..
يبدو وسيما عند قيادة السيارة .. في الواقع هو وسيم دائما .. اعترفت بهذا في نفسها وهي ترقيه بداخلها من شر العين مع انتفاضة قلبها لقربه.
لقد اخبرها انهما ذاهبان لشراء طعام العشاء من مطعم شهير ،ولن يجلسا لتناول الطعام في المطعم لان كلاهما لا يحبذ تناول الطعام خارج المنزل ،ومنها ليخرجا بدلا من الجلوس بالمنزل وطلب الطعام ..
قالت "نهلة" وقد تذكرت فجأة امر ما :
_اخبرتني من قبل ان يوسف ابن خالتي عفاف مازال حيا ..اليس كذلك؟
اومأ برأسه بتعجب يحثها على الاستكمال لتقول :
_لكني حين كنت اتحدث مع مريم فهمت بشكل غير مباشر انها مازالت تظن انه قد مات ،لماذا لم تخبراها؟؟
مط "خالد" شفتيه بامتعاض قائلا:
_السيد اخوك الحنون لا يريد ان يرى كل منهما الاخر في هذا الوضع الصحي العاثر خاصة وانهما متعلقان ببعضهما جدا ،فينتظر حتى تتحسن صحتهما قليلا .
قالت بانفعال غير مقتنعة بهذا التفكير:
_لكنكما تؤجلا فرحة الفتاة بوجود اخيها ،هذا يضر لا يفيد!
رد بهدوء:
_ستعلم في القريب العاجل ان شاء الله ،عندما تستطيع الحركة بحرية كالسابق سيأخذها ليث اليه
ذمت شفتيها بحنق قائلة:
_لست مقتنعة بوجهة نظركما ،كان يكفي معرفتها بالحقيقة لإسعادها ثم تؤجلا اللقاء كيفما تريدان !
قال بنفاذ صبر :
_يوسف اذا رأي مريم في هذا الوضع سيدق عنق اخيك ،افهمت؟
اتسعت عيناها قائلة :
_ولم لم تقل هذا منذ البداية؟
رد :
_هذا ليس سببا رئيسيا لقد كان يفكر اولا فيم اخبرتك به ..
ثم التفت اليها قائلا ببساطة:
_لكن هذا لا يعني ان يوسف لن يسلخ جلد اخيك عن عظامه .
تكتفت قائلة بعناد :
_لكن هذا ايضا ليس مبررا كي لا تخبرا مريم وتؤجلا اللقاء .
انتفضت عندما التفت اليها هادرا :
_ان اخبرت مريم يا نهلة لن يكفيني ان افعل بك كما سيفعل يوسف بأخيك ،تمسي وقولي يا مساء .
غاصت في مقعدها وهي تومئ برأسها في طاعة ،ما زال الجزء الجبان بداخلها يخرج ليطفو على انفعالاتها ،ومازال بها هذا الطابع القذر .. تستفزك لتخرج اسوأ ما فيك ثم تجبن حين تغضب .
يعرف ان كلامها مقنع لكن .. هذا ليس شأنهما من الأساس ،حتى وان كان لأخيها سببا ثالثا لا يريد الافصاح به حتى ،هو يثق به تماما وفي صحة تصرفاته ايا كانت ،وهو يعرف ايضا رأس زوجته العنيد ،كانت ستلقي بكلامه عرض الحائط وتخبر صديقتها غير ابهة بأية تحذيرات.
قررت عدم اشعال غضبه مرة اخرى قائلة تغير الموضوع:
_هل لديك اغان لنسمعها في الطريق؟
نظر لها بطرف عينه بانتصار مصطنع كاتما ضحكة تريد الظهور وهو يمد يده ليشغل اغنية ما بالتزامن مع ضحكتها التي كتمتها ناظرة اليه كطفل مشاغب قبل ان يفجر كلامها ضاحكا .
__
حملها عن الكرسي بحذر لتكتم شهقة تفاجئها كلما استشعرت يديه فوق جسدها تحملانها..
اشاحت بوجهها لتبعد ناظريها عن الهالة التي تحيط به وتجذبها لان تبقى تتأمله وتحدق به دون ملل ..
رائحة عطره القريبة تسكرها ..وتذكر انها كانت تنتظر ان يغادر المنزل صباحا الى عمله لتفتح خزانته وتستنشق عطره الذي تتلمسه في الاركان ..
لجمت انفعالاتها بصعوبة حتى لا تحيط عنقه بذراعيها وتدفن وجهها بصدره وتبكي .
نعم تشعر برغبة ملحة في البكاء وتستعيد كل ما مرت به الفترة السابقة لتجهش في البكاء بشكل مبالغ فيه !
تكره حساسيتها المفرطة ..وتكره الهرمونات التي فاجأتها بوقت غير ملائم تماما ...
بينما هو يحاول كتم انفاسه عن رائحتها التي مازالت تفعل به الافاعيل رغم اختلاطها برائحة المشفى ..
لكنه لم يقدر على ابعاد ناظريه عنها ..وهو يستشعر قربها وحيائها الانثوي الذي كانت تخفيه خلف اقنعة المرح والاستفزاز يدغدغ رجولته ويحرك مشاعره بقوة ..فغلب على وجهها بأكمله اللون الاحمر الذي يجعلها شهية الى حد كبير خاصة وهي تذم شفتيها في محاولة يائسة لتصنع الجدية واللامبالاة ..
وضعها في المقعد الامامي بالسيارة حتى تأخذ وضعا مريحا لقدميها المجبرتين ..
واحرصت على ان تستنشق قدرا كافيا من رائحته قبل ان يبتعد عنها ليستدير حول السيارة ويأخذ المقعد بجانبها ..
قال بصوت رخيم :
_هل انت بخير ام ...؟
اومأت برأسها قائلة بمقاطعة مرتبكة تطمئنه:
_انا بخير لا تقلق .
اشاحت بوجهها وقد ربت سؤاله على شعور قميء بات يترسخ بداخلها ..الا وهو اليتم ..اليتم الحقيقي .
رغم سنها الغير صغير وقد ودعت المراهقة منذ فترة ،لكن بداخلها طفلة صغيرة تبكي وتتلوى في الارض كمن تركتها والدتها في رياض اطفال للمرة الاولى وذهبت ..
تفتقد والدتها ،تفتقد اخيها ،تفتقد ابيها وقد ذبحها الشوق الى دفئ حضنه الذي ودعته باكرا جدا ..
تحكمت في دموع تستغل الفرصة للانسياب لكن انفها تحول الى اللون الاحمر الفاضح ..
باتت تمقت البكاء وقد بات حليفها هذه الأيام ..
ملت!
والله ملت من كثرة البكاء لكن ما بيدها شيء !
ابتلعت غصة في حلقها ثم نظرت الى الطريق امامها قائلة بوجوم:
_وماذا بعد؟
عقد حاجبيه قائلا:
_لا افهم؟
اوضحت بخفوت تخشى حوارا لا بد منه:
_اقصد ..وضعنا الحالي!
دق قلبه بعنف لكنه قال مراوغا:
_ما به وضعنا الحالي؟
زفرت لترد بتماسك:
_قلت ان زواجنا من اجل حمايتي ..
استدركت معدلة بألم حاولت الا يظهر في صوتها:
_حماية الامانة التي تركها لك صاحبك ..وها قد مات من كان يشكل خطرا علي ..فماذا بعد؟
حرك كتفيه قائلا ببساطة لا يشعر بها:
_يبقى الحال على ما هو عليه !
عقبت باندهاش :
_يبقى كيف؟ قلت انه زواج صوري ومؤقت!
ابطأ من سرعة السيارة لينقل النظر بينها وبين الطريق قائلا ببرود يتقنه وهو يحاول السيطرة على ضربات قلبه مستشعرا اقتراب مواجهة حتمية:
_اعجبني الامر وقررت الاستمرار !
نظرت اليه بعدم فهم تقول :
_ماذا تعني؟
ركن السيارة على جانب الطريق الخالي ليستدير اليها مواجها قبل ان يقول :
_لم اقل شيئا صعبا ،ماذا تفهمين من ان رجلا يريد استكمال حياته مع فتاة ما؟
تحفزت في جلستها وقد تسارعت انفاسها وقلبها يقصف في صدرها بعنف لتقول :
_ليث ..لا افهم ما تقصد ،اوضح لي ارجوك!
زفر بقوة يضبط انفعالاته ثم مال تجاهها قليلا يقول بالطريقة الوحيدة التي يستطيع التعبير بها ناظرا بعينيها:
_"تتبع الهوى روحي في مسالكه .. حتى جرى الحب مجرى الروح في الجسد"
ضمت قبضتيها في حجرها تسيطر على قلبها الذي انتعش بعد موت بالداخل لتقول بتأتأة تزورها عند الانفعال محاولة ان تمنطق الامر وقد تدفقت الدموع الى عينيها بشكل مثير للشفقة:
_اسمع يا ليث ...اعرف ان اخي صديقك وانني امانتك التي تركها لك ..لكنك ..لست ..لست مجبرا على الاستمرار في تلك اللعبة شفقة بحالي ،ولو كنت بحال غير ال...
اخرسها بقبلة مفاجئة جمدتها للحظات بصدمة .. جاحظة العينين غير مستوعبة لما يحدث ..
هل ..يقبلها؟ ..يقبلها هي كما كانت تتخيل ثم توبخ نفسها بحياء على تلك الافكار الجامحة المراهقة ؟
اعصابها المشدودة المتوترة ارتخت شيئا فشيئا لتسدل جفنيها بينما تسيل عبرات ساخنة من زاويتي عينيها ..
شعر بارتجافها بين يديه فاقترب متعمقا اكثر بجوع مضني ..كم مرة تمنى ان يتذوق هاتين الشهيتين اللتين عذبتاه دوما دون رحمة؟
لا يدري!
ربما يئس من العد ..
ابتعد عنها ببطء لاهثا لتفتح جفنيها تطالعه بزرقاويها من هذا القرب بنظرات لم تتحكم بها بادلها اياها في سكر..
ثمَّة شُعور بالاكتِمال
قَلبان يجمَعْهما مَجال
ينجَذِبان بشعورٍ جَميل..
لا لا لا هذا مُحال!!
اينَ التفاهُم في الجِدال؟
لمَ تَدُقُّ بانفِعال؟
كيْفَ العُيونُ تعانقَت والقلبُ..
غاصَ في سلسَبيل.!!
انتفضت فجأة لتنظر امامها بعينين مشدوهتين وقد فغرت فاها المتورم قليلا اثر هجومه منذ قليل ..
لملم شتات نفسه ثم ادار محرك السيارة وانطلق في طريقه مرة اخرى ملجما مشاعره بصعوبة ..
عم الصمت على السيارة حتى وصلا الى المنزل ..
ترجل ليدور حول السيارة ،ثم فتح باب مقعدها بينما هي ما زالت لا تنظر اليه ..
اقترب يحملها فارتعشت لكنها لم تطلق شهقتها المعتادة ،فقد كانت اعصابها مخدرة تماما ..
ازداد وجهها احمرارا وحرارة حتى شعرت به يحترق ..
وضعها على الكرسي المتحرك ودفعها للداخل ومازالت لا تتحرك بشكل اقلقه .. عضلاتها مرتخية ..
انتبهت حين اوشك على دفع كرسيها الى المصعد فصرخت بهلع:
_لااا !!!
اجفل ثم نظر اليها باندهاش قائلا:
_ماذا؟
حركت عينيها يمينا ويسارا بارتباك ثم قالت بحرج شديد:
_لا ..افضل استخدام المصعد ..!
اتسعت عيناه قائلا :
_لماذا؟؟
تمنت ان تنشق الارض وتبلعها من الاحراج .. فماذا سيفهم من رفضها لركوب المصعد سوى انها تريده ان يحملها؟ ما هذا الموقف المؤسف!
ابتلعت ريقها ثم قالت بصدق :
_لدي رهاب من المصاعد .. عطل بي المصعد عندما كنت في العاشرة ،وكنت وحدي ..
لم تزد في التفاصيل وهي تضغط على شفتيها بحرج بالغ ،فاشفق عليها غير راغب في الضغط عليها في حالتها تلك ،فحك فروة رأسه بحيرة قائلا :
_حسنا !
نقل انظاره بينها وبين السلم بينما غطت يديها بكفيها تقاوم رغبة في البكاء مما حدث ويحدث وسيحدث ..بكاء من فرط الاحراج ..
ربما ايقنت مؤخرا ان البكاء هو رد الفعل العفوي عند الافراط في شعور ما ..وليس سعادة او حزن فقط!
كلما اجتاحك شعور مبالغ به ..يأتي البكاء ليفرغ الشحنات الزائدة !
اقترب يحملها مرة اخرى وهو يعطي امرا لحارس الxxxx ان يسبقهما حاملا الكرسي ..
تأملها وهو يصعد السلم ليزداد احمرار وجهها والقصف في ضلوعها فدفنت رأسها في صدره بحركة عفوية خجلة دغدغت رجولته وانعشت روحه .
__
فتحت الباب بحذر تدور بعينيها في الارجاء محاولة بقدر الامكان الا تصدر صوتا ..
زفرت بهدوء عندما تأكدت انه بغرفته والضوء مظلم ،اي انه ليس مستيقظا .. دخلت واغلقت الباب خلفها متقدمة بخطوات هادئة..
دلفت الى غرفته ببطئ ترى وجهه النائم بهدوء على ضوء القمر الخافت الذي يأتي من الشرفة قبل ان تخطو تجاهه تراقب استكانته .. لقد اندهشت لحقيقة امر باتت تعلمه منذ ان خطت بقدميها هذا المنزل .. انه وسيم حتى اثناء النوم!!
تمتمت بمرح لنفسها وهي تقترب :
_انه نائم وشكله احلى من حياتي!
دوما ما تلازمها ثقتها بنفسها وبشكلها واناقتها حتى وان كانت مقتنعة بأنها ليست اجمل نساء الكون ،بل ان هناك الكثيرات يفوقنها جمالا .. لكنها دائما واثقة ..شامخة ..معتزة بنفسها امام اي شخص ..
الا هو!
كلما رأته شعرت انه كرجل يفوقها جمالا ،لا تنكر انها اعجبت به منذ زمن ..زمن غير بعيد ..حين كان اخوها يحمل الصور لثلاثتهم .. هو واخيها وابن عمها .. ظلت تتابعه على كافة مواقع التواصل وقد كان قليل النشاط عليها ..وبمرور الوقت تحول الاعجاب الى انجذاب ..ومنه الى شعور خاص يائس لشخص ببلد غير بلدها ..بقارة غير قارتها لا يجمع بينهما شيء ولم يكن ليجمع بينهما شيء لولا ذلك الحادث .
الحادث؟
الذكرى المفجعة .. لقد سقط قلبها حين علمت بأمر ذلك الحادث المريع .. وحين ابلغها شقيقها بحالته الغير مبشرة على الاطلاق لم تتحمل البقاء في كندا وقررت البدء في اجراءات العودة ..العودة الى وطنها الاصلي.
وعندما استعان بها شقيقها كانت بالفعل قد حددت ميعاد الطائرة ..وبقلب يائس دام شرعت في علاجه ..وكانت في البداية عدم استجابته تقتلها ..فتجلس بجانب فراشه تضم ركبتيها الى رقبتها وتدفن رأسها فيهما ثم تبكي .. تبكي بشدة حتى وان كانت لم تفقد الامل بداخلها ..لكنه الخوف !
الخوف من فقدان شيء لم تملكه يوما من الاساس!
وبعدما بدأت استجابته البطيئة للعلاج تصاعد الامل بداخلها اكثر فأكثر وزادت من الحمد والشكران.
لكن حين رأته امامها عندما استفاق لأول مرة لم تصدق .. كان مازال في بداية فترات الاستجابة ..وتلك كانت المرة الاولى تراه امامها واقفا حيا يرزق ،تستمع لصوته يحدثها .. يحدق بها لمعرفة ماهيتها ..يحدق بها هي !!
لم تكن حياتها منغلقة على معرفة الاناث فقط بل كانت تتعامل مع رجال كثر في مجال العمل وحتى في حياتها العامة ،وكلها علاقات يشوبها الاحترام والحدود ..لكنها لا تعرف لم في وجود "يوسف" تحديدا او ذكر اسمه تشعر بالارتباك .. عندما تراه امامها تشعر بالتوتر ويقفز نابضها بين ضلوعها ..
ولا تنكر ان عدم معرفته بها او تعرفه على شكلها من قريب او من بعيد جعلها تشعر بقلبها يعتصر ..لكن ماذا كانت تنتظر؟
"يكفي انه الان حيا يعرفك ويتعامل معك بشكل يومي حتى وان كان سياق العلاقة رسميا .. كفاك طمعا يا "نور" كفاك ."
فتحت احد الادراج بجانب السرير لتخرج قطعة قطن صغيرة ولاصق جروح صغير مستدير ..
امسكت بيده المثبت بها القنية الوريدية مستعينة بضوء القمر في الرؤية تتابع رد فعله وهي تسحب القنية بخفة يد خبيرة ..لاحظت انكماش بسيط لمعالم وجهه فأمسكت بقطعة القطن تطهر مكان قطرات الدماء قبل ان تضع لاصق الجروح وتنتهي متنهدة براحة ..
تحركت تغلق النافذة التي تزيد من برودة المنزل ثم استدارت تهم بالخروج حين سمعت صوته من الخلف ينادي بهدوء :
_نور .
لم دائما ما تخرج هذه ال"نور" من فمه كاللحن الشجي؟
استدارت له قائلة باندهاش:
_أمازلت مستيقظا؟
مد يده السليمة يضغط على زر الانارة بجانبه وهو يجيب :
_نعم ..كنت افكر في شيء ما .
اقتربت مرة اخرى لتجلس على مقعدها قائلة:
_هل انت قلق على شقيقتك؟
حرك رأسه نافيا وهو يقول :
_لست قلقا عليها مع ليث ..انا اثق به اكثر من نفسي .
ابتسمت بتأثر قبل ان يكمل:
_رغم انه جلف وغير مسئول وتعرضت بسببه لما حدث لها والذي لن امرره له وارغب في فصل رأسه عن جسده .
اتسعت عيناها باندهاش قبل ان تقهقه بينما تأملها قائلا بجدية بعد لحظات :
_انا اشكرك .
عقدت حاجبيها بخفة قائلة:
_على ماذا؟
رد بامتنان :
_لولاك بعد الله لكنت الان في تعداد الموتى ..اشكرك لتطوعك بعلاجي دون مقابل .
قالت بمزاح عفوي بينما وجنتيها قد توردتا بالفعل :
_لا عليك سأتحاسب مع خالد ..
استدركت لتنظر اليه لا تعلم ان كان يفهم مزاحها ام لا ..لقد اعتادت على التصرف بحرية امام القريبين منها لانها تعلم انهم يفهمونها جيدا ..
نظر اليها باندهاش ثم انفجر مقهقها فتأملت ضحكته بابتسامة بلهاء قبل ان تقول بلباقة :
_هل لي ان اسأل فيم كنت تفكر ؟
تذكر سبب نداءه لها من البداية ليقول :
_كنت احاول التذكر متى رأيتك من قبل ،فقد كانت ملامحك مألوفة لدي الى حد كبير ..
اتسعت عيناها وهي تحاول التذكر ..هل رآها قبل ذلك اليوم بالغرفة المجاورة؟
قالت تستحثه على الاكمال:
_وهل تذكرت؟
اومأ برأسه بهدوء يقول :
_نعم ..تذكرت .
حركت رأسها وقد عقدت حاجبيها اكثر في تركيز ،فقال بابتسامة:
_كان ذلك منذ فترة لا بد وانك نسيت .. كان في عيد ميلاد نهلة الثامن عشر .
اعتصرت رأسها تحاول التذكر ثم نظرت اليه ليكمل :
_اصر ليث وقتها على اقامة حفلا لعيد ميلاد نهلة خاصة وانها كانت قد اجتازت الثانوية بمجموع يؤهلها لكلية الصيدلة ،فأجبرك خالد على الحضور من كندا دون قبول اعتذارات او حجج ..
قالت بحنق وقد تذكرت ذلك الحدث :
_اذكر فظاظته وقتها ..
ابتسم وهو يسرد :
_والح ليث علي لان احضر انا ومريم متعللا بأنها هي الاخرى مجموعها كبيرا ولنعتبر انه حفل نجاح للاثنتين ..وكنت افهم اغراضه الدنيئة وقتها لكني ..احم ،احضرتها معي.
ضحكت بشدة فابتسم مستطردا:
_لقد كنت هناك ..كنت تتنقلين اغلب الوقت وقد لفت نظري يومها لهذا كان وجهك مألوفا لدي .
هل يمكن ان تقبله بعد هذا الكلام الذي ربت على قلبها؟
لفتت نظره!!
"نور" لفتت نظر "يوسف" !!
كبحت ابتسامة بلهاء ثم تنحنحت تقول:
_تذكرت ذلك اليوم ..لكني لم ارك او ارى مريم وقتها !
ابتسم قائلا بمرح:
_كانت عودتك حدث الحفل يا فتاة ،استوليت عليه وعلى الضيوف من عائلتكم !
ابتسمت لابتسامته تتذكر وهي تقول :
_كان كل من يراني يسألني عن والداي ،ولماذا لم يعودا معي ،وهل نحن بخير ،ويوصيني توصية شديدة ان ارسل تحياته الحارة لهما حتى شعرت ان ركبتي التصقت بكعب قدمي من كثرة التحرك والوقوف ..
اصدر ضحكته التي تتلاعب بضربات قلبها قبل ان يعم صمت هادئ بينهما .. قطعته قائلة بهدوء :
_سأتركك لتستريح ،لا مزيد من القنيات الوريدية فأنا لا افضل الاستمرار في المحاليل الكيميائية كما ان صحتك تتحسن بالغذاء بشكل كبير ما شاء الله .
استقامت متمتمة بتصبح على خير قبل ان يقول من خلفها بنبرة فهمتها:
_كنت فاتنة يوم الحفل مازلت اذكرك!
لم تستدر ،ردت ببرود رغم تورد وجنتيها:
_مازال الخروج ممنوعا يا يوسف .
لاح على وجهه احباط طفولي لمحته بطرف عينيها فرق قلبها له لكنها لن تسمح له بالخروج مهما كان ..هذا من اجله .
خرجت من الغرفة قائلة بنفس البرود :
_تصبح على خير يا يوسف .
لا تعرف لم تحب تكرار اسمه كلما حدثته لكن استشعارها للاسم خارجا من فمها يدغدغها ..
تذكرت ذلك اليوم منذ اعوام ، يوم حضرت آملة في رؤيته وكانت لتصاب بالإحباط الشديد ان حتى لم تلمح طيفه ورجعت الى كندا بعد ذلك اليوم مكسورة النفس والخاطر .
لكنها الان تشعر براحة كبيرة بعد حديثه ..اكثر من التي شعرت بها حين رأته يومها.
خرجت من المنزل وابتسامة بلهاء ترتسم على فمها لازمتها حتى وصلت الى منزلها ونامت .
__
تمدد على فراشه داخل غرفته الواسعة بالمنزل ..يسترجع ما حدث بينهما منذ سويعات وقد جافاه النوم ..لا يريد وضع لقيمة في فمه حتى لا يزول منه طعم كرزتيها الشهيتين ..
لم يعرف هل عليه ان يطمئن لردة فعلها ام يحبط .. لكن كل ما يعرفه انه لن يستسلم ،خاصة بعد ان تذوق شفتيها واستنشق عبقها عن قرب .
استقام جالسا يرسم تفاصيلها في مخيلته ..
انها جميلة ..جميلة جدا .
نهض عن الفراش متقدما من مكتب متوسط الحجم فوقه مصباح صغير انيق ودفتر مذكرات يشاركه لياليه التي يؤانسه فيها طيفها ..
طيفها الذي يرجوه رغم وجودها في الغرفة المجاورة!
امسك بقلم حبر انيق ،ثم خط بخط ديواني متقن جزء من قصيدة يحفظها عن ظهر قلب تعبر عما يجيش بصدره في هذه اللحظة..

يا طيب قبلتك الأولى يرف بها
شذا جبالي وغاباتي وأوديتي
ويا نبيذية الثغر الصبي إذا
ذكرته غرقت بالماء حنجرتي
ماذا على شفتي السفلى تركت وهل
طبعتها في فمي الملهوب أم رئتي
لم يبق لي منك إلا خيط رائحة
يدعوك أن ترجعي للوكر سيدتي .


اغلق الدفتر يطلق تنهيدة مثقلة رافعا رأسه للسماء راجيا "من علي بتيسيرك وفرجك يا الله ،فأنا عبد فقير اليك لا يعلم ماذا يفعل ..
لا ادري كيف ابوح بما اشعر ..
خائف ان لا اوفق فيشطر قلبي الى نصفين ..
ولا اقوى على انتزاعها من كياني وهي كل ما تغزوه ..
انها وتين قلبي يا الله ..فكيف اعيش بدونها؟ "

كانت تشاركه تلك السهرة مستلقية على الفراش تناظر سقف الغرفة بنظرات حائرة ..تتلمس شفتيها من آن لآخر ثم توبخ نفسها على ما تزينه لها نفسها ..
زفرت بحيرة وكسرت نظراتها الى الاسفل بحزن ..هل يشفق عليها ويتحمل مسئوليتها لدرجة ان يكمل في حياة لا يريدها من اجلها؟
ولكن .. ماذا عما اباح به في قبلته؟
انها حائرة ..حائرة وتكاد تجن ..

شبح ابتسامة ظلل شفتيها وهي تتذكر ذلك اليوم ..يوم ان شعرت انه اصبح كصديق لها ..شعرت انه قريب منها وسمحت له بمعرفتها ..معرفة من هي مريم .
*
ماذا تفعل؟
تشعر بالفراغ من حولها يحاصرها ويجثم على صدرها ..
كلما تحاول التنفس تشعر بقبضته تزداد حول عنقها ..
ادمعت عيناها غير قادرة على التفكير ،على الشرود ..غير قادرة على فعل اي شيء!
حتى النوم يجافيها ..
والدتها راحت في سبات عميق منذ فترة في غرفة شقيقها الذي ذهب في رحلة عمل قصيرة ولا بد انه نائم في هذا الوقت من الليل ..
فتحت هاتفها تتفقده لعلها تجد ما يشغلها عن تلك الحالة التي لا تعرف لها سببا ..
وجدت رسائل عديدة منه ..لا تعرف لم تتجاهله!
تتجاهله تحديدا دونا عن كافة الرسائل الواردة لها !!
دخلت محادثته لتقرأ ما ارسله لها ..
كان مرسلا لها تحية الصباح عندما وجدها قد فتحت التطبيق قبل ذهابها الى الجامعة ..
ومن بعدها تحية المساء عندما وجدها قد فتحت التطبيق بعد عودتها من الجامعة ..
و بينهما تحية ما بعد الظهيرة التي يكتبها لها بالانجليزية كي لا يكون ابلها في التعبير عندما وجدها قد فتحت التطبيق بين المحاضرات ..
وها هو الآن يبعث لها تحية ما قبل الفجر التي لا تعرف من اين اخترعها ..
اليس لديه سوى التحيات؟
دخلت الى محادثته آملة ان يشغلها بسخافته المعتادة عن حالتها التي تزيدها هرموناتها سوء ..
وجدته قد كتب بسرعة فائقة "يا الهي يكتب الان!!! لقد فركت عيني ثلاث مرات لأتأكد انني لا اتخيل!"
رفعت حاجبا وهي تمحو ما كتبته لتكتب باستنكار "لقد رددت قبل ان افكر حتى في الكتابة!"
كتب وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على فمه لم ترها "انا افرك عيني بسرعة خارقة ما ادراك انت!"
كتبت بتهكم تستفزه "يا الهي ما اروعك ..خذ رقمي خذ رقمي .."
كم تسعد باستفزازه !!
فما اجمل ان تستفز شخصا مستفزا !

قهقه مستمتعا بالدقائق التي يتحدث بها معها ثم كتب قبل ان تغلق مسرعة كعادتها "لم انت مستيقظة في هذا الوقت؟ "
زفرت بعمق تكتب "اتسلى قليلا ،غدا عطلة كما تعلم "
ارتفع حاجباه في اندهاش ..انها لم تكتب "و ما شأنك؟" كعادتها ،تبدو في حالة غير طبيعية بالنسبة لها ..
فكتب دون تفكير "سأتصل بك ."
اتسعت عيناها تكتب "ماذا ؟ لم؟ لا لا ..لا تتصل"
لكنه سبقها ليصدح هاتفها معلنا اتصاله ..فكتمت الصوت بينما تبحث عن سماعتها الخارجية ..
وضعتها بالهاتف لكنها ظلت مترددة قليلا ..
هل ترد ؟
تعلم انها بحاجة الى من يخفف عنها قليلا لكنها تعلم انها اذا ما فتحت الخط الآن ستنفجر في وصلة بكاء غير مسبوقة ستجعلها تبدو كالبلهاء امامه ..
لا تعرف ماذا جذبها للرد رغم انها ترفض الحديث مع اغلب من حولها في هذا الوقت وترد على من يحدثها باقتضاب ..
تنهدت وهمت بالرد الا ان الشاشة قد انطفأت فجأة ..
وانطفأت معها روحها ..
لتشعر بالإحباط يتسرب اليها.. ذمة شفتيها واحمرار انفها اعلنا عن جولة بكاء قادمة ..
وبالفعل ترقرقت العبرات في مقلتيها قبل ان تجد ان الشاشة تضيء من جديد باسمه ،فردت بلهفة وابتسامة طفولية لا تعرف مصدرها احتلت ملامحها المتوردة مع عيناها المبتسمتان اللامعتان ..
ما هذا الجنون بالله؟
ظلت تتحدث معه الى ان اذن المؤذن لصلاة الفجر ..كان حديثه ناضجا محترما ومضحكا في الوقت نفسه ،فلم يحاول ولو للحظة تخطي حدوده في الحديث معها ورغم ذلك تحولت حالتها تماما ..فقامت لتصلي بينما ودعها هو نازلا الى المسجد ..
في تلك الليلة تحديدا شعرت بشعاع خفي قد اضاء في قلبها ..لا تعلم اذا كان سببه حديثه المضحك معها لإخراجها من حالتها الكئيبة تلك ، شعوره بأنها في حال سيئة من الاساس ..أم ذلك الدفء الذي يتسرب من صوته طوال حديثه ،وهو ما يجعلها تبتسم كالبلهاء دون شعور ..
لكنها تحب ذلك البله ..تحبه جدا .
وظلت تتساءل طوال تلك الفترة ،ما سر ذلك الدفء الخفي في صوته ونظراته والتي يخصها بها وحدها !!
انها ليست غبية لتجهل معناهما ،لكنها تخاف ..تخاف وبشدة من ان تكون واهمة وما يكنه لها ما هو الا تقدير واحترام لأخت صديقه المقرب ليس الا ..
والشرارات التي تهاجم قلبها تخيفها ..ترعبها .
*
عادت من ذكرياتها لتتسلل دمعة من جانب عينها ،ودمعة اخرى تلحقها اخرى .. غطت وجهها بكفيها تبكي بانهيار ..تشعر بالتيه والخوف ولا تعرف ماذا تفعل .. تشتاق اليه رغم قربه ،تشتاق ان تحكي له ما تريد فيطمئنها بكلماته العذبة ثم توبخه وتغلق الهاتف شاعرة بتأنيب الضمير يقتلها ..تفتقد تأنيب الضمير ،كان حالها ارحم مما هي فيه الآن ..تشعر بقبضة تضم قلبها وتعتصره وهي عاجزة عن فعل اي شيء .. شلال من الدموع ..
لو كانت تعلم وقتها ان حالها بعد شهور ستصبح هكذا لحمدت ربها الف مرة على حالها .
وهذا الفرق بين حاليها يزيد من تدفق دموعها التي تأمل ان تنضب ..
تريد ان تسترد روحها وعقلها حتى تستطيع التفكير ،لكنها تشعر انها منهكة القوى ..تعبت من الضغط العصبي المتواصل .
__
خمس واربعون اتصالا فائتا!
خمس واربعون!
جميعهم منه !
لعنت نفسها لوضع الهاتف على الوضع الصامت ..اعادت الاتصال به بقلق ،حينما فتح الخط بادرت بسرعة:
_ماذا هناك يا سيف؟ هل حدث شيء؟ هل الاولاد بخير؟؟
قال بصوت عال بينما تسمع صخب من حوله:
_نحن بخير حبيبتي لا تقلقي ..
امسك بالصغير الذي يتسلق على رقبته بيد واحده ليقلبه الى الامام بعيدا عنه ليستطيع التحدث قائلا من بين اسنانه:
_نحن بخير .
بينما "معاذ" يقهقه ويعود ليدور حول اباه ويتسلق ظهره من جديد وشقيقته تمسك بمزمار للأطفال وتنفخ فيه ليصدر صوتا عاليا ،فابعد "سيف" الهاتف عن اذنه صائحا فيهما :
_يا اولاد ال....
اتسعت عينا "مود" قائلة:
_لا تسب امام الاولاد!! ما الذي يحدث؟
قال متحكما في اعصابه التي على وشك الانفجار وقد ركضا الطفلان الى الخارج قائلا:
_لا تقلقي كل شيء على ما يرام .
عادت "عائشة" تحمل (صينية) من المطبخ باليد اليسرى وتطبل عليها باليد اليمنى بينما "معاذ" يحمل غطاءين لأوان طهي معدنية ويضربهما ببعضهما ليصدرا صوتا مزعجا بشدة ..
وهنا لم يستطع التحمل فقال لزوجته :
_انتظريني ثانيتين..
ثم نهض بوجه غاضب تجاه الطفلين ،فركضا يصرخان تجاه غرفتهما ليلحق بهما قبل ان يغلقا الباب واقفا بوجه صارم ..
اطرق الصغير برأسه وفي يديه الغطاءين وبجانبه اخته بنفس الوضع بعد ان وضعت ما بيدها على ارضية الغرفة ،
فوقفت ويديها خلف ظهرها بأدب .
نظر "سيف" الى طفله قائلا بهدوء ظاهري صارم:
_اعطني هذا .
اعطاه الطفل الغطاءين ثم عاد ليقف بجوار شقيقته ،بينما نظر والده تجاه "عائشة" قائلا بنفس النبرة وهو يشير على ما كانت تحمله فوق الارضية:
_هاتي تلك .
تحركت تعطيه اياها وعادت تقف بجوار اخيها ليصيح والدهما بصوت اجفلهما:
_ان رأيت كلبا منكما ينبح بالخارج لن تلوما الا نفسيكما ..
اتسعت عيناهما بذعر فهدر بصوت اقوى:
_هل فهمتما؟؟
اومآ برأسيهما بسرعة والخوف يسيطر على ملامحهما فرجع خطوتين الى الوراء قائلا بصدر منتفخ:
_هيا لتناما لقد تأخر الوقت .
رفع "معاذ" رأسه قائلا باستعطاف :
_لكن يا ابي ..
قاطعه قائلا بحزم:
_لا يوجد لكن ،ستنامان الآن ،هيا فورا .
اطرقا ببؤس وقد تقوست شفتاهما الى الاسفل عائدين الى فراشيهما ..
فأغلق "سيف" الباب عائدا الى غرفته ،ثم امسك بالهاتف قائلا بابتسامة واسعة:
_نعم حبيبتي انا معك.
رفعت حاجبيها باندهاش قائلة:
_لم كنت تصرخ بهذا الشكل؟
استلقى على بطنه كالمراهقين قائلا :
_لا عليك ،اين كنت حين هاتفتك في الصباح؟
انتبهت لتقول :
_كنت في الخارج مع امي ونهلة لقد خرجنا منذ الصباح الباكر لنستطيع شراء كل شيء في اقرب وقت ولا اعرف لم ضبطت الهاتف على الوضع الصامت.. لكن لم كل هذه الاتصالات؟
زفر قائلا بحنق:
_رفض طفليك الذهاب الى المدرسة واقاما مظاهرة غير سلمية ببنادق الخرز ومسدسات الماء لأنني احاول اجبارهما على فعل ما لا يريدان ..
قهقهت قائلة:
_وماذا بعد؟
قال ساخرا وقد لمست ضحكتها قلبه ليعيد اليه بؤس حقيقة افتقادها:
_خفت ان يتصاعد الامر الى مفرقعات العيد اذا ما اصررت على ذهابهما ،فتركتهما في المنزل ..
اتسعت عيناها بهلع قائلة:
_هل تركتهما بمفردهما في المنزل وذهبت لعملك؟؟
قال بغيظ:
_بالطبع لا ..بقيت معهما .
قالت بحرج شاعرة بالذنب :
_وعملك؟
مط شفتيه بامتعاض قائلا وهو يعتدل جالسا:
_اخذت اليوم اجازة وجلست معهما طوال النهار قبل ان يذهبا لأخذ القيلولة ..ساعتين ..نمت لساعتين فقط لاستيقظ وارى الدمار الشامل ..
وضعت كفيها على فمها قائلة بحرج:
_انا اسفة ،لم اعطك ارشادات التعامل معهما في هذه الظروف .
قال من بين اسنانه:
_انا مهندس ،مالي انا وتربية الاطفال وتضفير الشعر!!
ضحكت ثم عم صمت قصير قبل ان تقطعه قائلة بتنهيدة:
_اشتقت اليك يا سيف .
ابتسم قائلا بشوق وقد تمدد على الفراش:
_وانا ايضا يا قلب سيف ..اشتقت اليك كثيرا ..
انتفض من مكانه حين سمع صوت المزمارين الآتيين من خلفه ليستقيم بعينين ناريتين صائحا بغضب وهو يلحق بطفليه الذين ركضا مقهقهين بمرح:
_لقد جنيتما على نفسيكما الليلة .
__
تفاجأت بهما امامها منذ الصباح الباكر فاعترضت طريقهما تناظرهما من الاسفل رغم طول قامتها قائلة:
_الى اين؟
دفعها "خالد" بفظاظته المعتادة قائلا ببرود :
_للداخل .
تحركت "نور" لتقف امامه مرة اخرى تمنع طريقه قائلة بعند :
_الم يكن بإمكانك اخباري في الهاتف قبل ان تأتيان؟ انها ليست حظيرة لتأتي وقتما تحب!
مسح "ليث" على وجهه بتماسك متمتما :
_يا الله يا ولي الصابرين ..
ثم نظر اليها قائلا :
_وها قد اتينا دون موعد سابق ،هل يمكننا مقابلة السيد رئيس الوزراء ام ان لديه اجتماع هام بالغرفة؟
قالت بابتسامة صفراء:
_تزداد ظرفا ما شاء الله .
زفر اخيها بنفاذ صبر ثم اخرج مسدسه من حافظته مصوبا اليها فتنحت جانبا تشير الى الغرفة قائلة بأدب:
_تفضلا من هنا .
ابعدها عن طريقهما بخشونة لتقف ناظرة اليهما وهي تهز قدمها بغيظ ..
دخلا الى الغرفة مهللين بإزعاج بينما قابلهما "يوسف" بوجه جليدي فجلسا الى جانبيه ليقول ببرود:
_لم جئتما؟ هل تذكرتما ان لكما صديق مريض الآن؟
تأثرت "نور" الواقفة عند الباب ،انها تشعر به دائما يفتقد الصحبة ..يجلس بمفرده شاردا وكأنه ينتظر شيئا ما ..يبحث عن شيئا ضائعا ،ولا تجده بهذه الاريحية الا في وجود صديقيه كما ترى السعادة في عينيه كما هي الان رغم تصنعه غير ذلك ،فانسحبت بهدوء تاركة لهم المجال ..
نظر "ليث" الى "خالد" يخفي تأثره قائلا بمزاح:
_يعشق النكد كعينيه ..
رد بسخرية بائسة :
_بالضبط ،كأختك تماما .
ضحك "ليث" قائلا بشماتة:
_تسويك على نار هادئة اليس كذلك؟
اطرق برأسه في بؤس فانفجر "يوسف" ضاحكا ومعه صديقه الذي قال بفخر :
_ربيبتي تحسن صنعا .
مط "خالد" شفتيه بامتعاض مشيحا بوجهه فقال "يوسف" :
_وكيف حال مريم الآن؟
تنحنح "ليث" قائلا :
_انها بخير صدقني ،لكن انتظر ان يتم شفاؤك على خير لآتي بها اليك وتراك في احسن حال .
اومأ برأسه ثم قال ببساطة وهو ينظر امامه:
_اتعلم يا ليث لو كان الامر ليس مثلما تخبرني به في كل مرة ماذا سأفعل بك؟
ثم نظر الى صديقه على الآخر قائلا :
_وبك انت ايضا ؟
نظرا الى بعضهما البعض ثم نظرا اليه قائلان بمزاح:
_اخ كريم وابن اخ كريم .
نظر اليهما بقرف قبل ان يقول :
_انتما تشبهانهم بالفعل ،حلفاء ابي لهب ..
ضحكا باستفزاز قبل ان يقول "خالد" الى "ليث" وهو يثني ويفرد ذراعه :
_هل قمت بتمارين الذراع اليوم؟ انا لم اقم بها واشعر ان عضلاتي ضعفت قليلا ..
قال "ليث" ساحبا منه طرف الخيط في لعبة الاستفزاز ليحرك ذراعه بغرور قائلا وهو يستعرض عضلاته:
_امرنه باستمرار يا بني بالطبع ،فهل سأستهين بالحفاظ على قوتي بعد المرحلة التي وصلت لها؟ انظر لهذه الحركة ..
ثم حرك ذراعيه بحركة المصارعين لإظهار قوة عضلاته ليضحك "خالد" بسخرية قائلا:
_يا ابني صدقني انت لا تأتي شيئا بي ،هل تستطيع فعل هذه الحركة؟
ثم حرك ذراعيه بحركة استعراضية اخرى ليقول "ليث" بتصنع :
_ما هذا لقد تشنجت عضلاتي ..
ثم راح يفردهما ويثنيهما بسرعة ليصيح "يوسف" فيهما :
_كفى !
كتما ضحكاتهما بصعوبة بالغة بينما استكمل قائلا بوعيد :
_اول ما سأفعله بهذا الذراع بعد ان اتخلص من تلك الجبيرة هو تعليقكما في اقرب عمودي نور بالمقلوب حتى تكونا عبرة لأشباهكما من الاجلاف .
انفجرا ضاحكين باستفزاز بينما دخلت "نور" تقول ببرودها المعتاد:
_انتهت الزيارة .
نظر اليها "ليث" باندهاش قائلا باستنكار:
_لقد وصلنا للتو يا آنسة!!
حركت كتفيها متكتفة وهي تستند الى حافة الباب قائلة:
_انتما من جئتما بدون موعد سابق ،فلا تطمعا في وقت كبير ..
اغمض "خالد" عينيه يتمالك اعصابه متقبضا وهو يتمتم :
_كم اود استخدام عضلاتي هذه في شيء سيفيد البشرية جمعاء ..
قالت ببرود متصنعة عدم السمع:
_هل تقول شيئا؟
رد بغيظ :
_اذكار الصباح يا اختاه ..
نظر اليها "ليث" قائلا بنفاذ صبر :
_كفى استفزازا واتركينا قليلا بعد يا نور!
لم تتحرك بل ظلت تناظرهم ببرود الى ان وقعت عينيها عليه ،فقال بهدوء :
_اتركيهما معي قليلا انا لست متعبا وتؤنسني صحبتهما .
فكت عقدة ذراعيها وهي تستقيم قائلة بارتباك حاولت اخفاءه وهي ترى نظرات الالتماس منه :
_حسنا كما تريد ،سأغادر الآن وآتي بعد قليل اتمنى الا اجدهما هنا .
قال "ليث" مازحا الى اخيها بعد ان غادرت الغرفة :
_لا اعرف متى ستصدق اننا عائلتها ..
بينما الآخر لم ينتبه لمزحته ..فقد كان يحاول تفسير ذلك الارتباك والاحمرار اللذان يصيبان شقيقته كلما تحدث "يوسف" تحديدا اليها ..بل والنظرات التي تطل من عينيها كلما وقع بصرها عليه .. كل ذلك كان محيرا ..مخيفا.
__
عاد الى منزله وقت الظهيرة فاستقبله الهدوء الشديد ..
طرق على باب غرفتها برفق فلم يجد اجابة ،استمر في الطرق قائلا بصوت هادئ:
_مريم؟ هل ما زلت نائمة؟
مازال الصمت مجيبه الوحيد ..
فتح الباب بقلق فهاله ما رأى ..
اندفع نحوها يمسك بوجهها بين كفيه هاتفا بها بهلع:
_مريم اجبيني ماذا بك؟ مريم ..مريم !!


نهاية الفصل العاشر ..رجعنا للقفلات اللي بحبها ،انا متكيف ناو

Maryoma zahra 10-12-20 11:41 PM

ايه الفصل الروووعه ده يا فطوم بجد تسلم ايدك ❤️❤️😍😍
يوسف صعبان عليا اوي 🥺🥺
و سيف و مودة و عيالهم دول عسل بجد❤️❤️😂😂
نور شخصيتها جميلة جدا و فرحت لما عرفت انها كانت معجبه بيوسف من زمان
بجد تسلم ايدك😍😍❤️❤️😘

MonaEed 11-12-20 12:20 AM

مريم مالك ياامى
مريم فوقى
لا تعالى نايمة اكيد صح صح
اوعى تفزعينا عليكى
كفياكى اصابات ولا انت اخدة توكيل الاصابات انت واخوكى
ابدعتى فاطمة

Nour fekry94 11-12-20 12:34 AM

لا ان شاء الله مريم تكون بتعيط مفيش حاجة 🙂🙂🙂
الفصل ده من احلي الفصول بجد السرد وهم والاقتباسات تهبل و اعتراف ليث بالذات خطف قلبي 😭❤❤❤❤❤❤
ونور قصتها مأساوية ياعيني اتمني ان يوسف يكون بيبادلها الشعور 🥺❤
سيف موتني من الضحك 😂😂😂😂😂😂❤❤❤❤
تسلم ايدك بجد ابداع ومستنية الفصول الجاية جدا ❤❤

Ra Rashad 11-12-20 05:08 AM

روووعه ودمها خفيف مابطلت ضحك تسلمي وتسعدي😍😍😍😍

Ra Rashad 11-12-20 05:19 AM

رووووعه القفله موجعه يكون يوسف مات كان لسه داعي على نفسه😳😖
سلمت اناملك❤❤❤

آية العيسوي 11-12-20 07:16 AM

طبعا لازم فصل بالرومانسية دي القفلة تكون شريرة 🌚

آلاء الليل 11-12-20 04:19 PM

فصل راااائع الأحداث كلها ما بتحلى أكثر صداقة الثلاثي ليث يوسف و خالد جميلة فعلا 💖💖💖💖💖
ليث و أخيرا خطى نحو مريم ليبين مشاعره شوي 😍😍😍😍😍
نور يا عمري البنت واقعة و ما حدا سمى عليها اتمنى يوسف ينتبه لمشاعرها و يبادلها 😍😍😍😍😍😍
حرام عليم القفلة 🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥
في انتظار الفصل الجاي على نااااار
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

اللؤلؤة الوردية 11-12-20 04:39 PM

الفصل جميل جدا جدا وممتع

القفلة مصيبة كيف حنصبر للأسبوع القادم

تسلم ايديك الحلوة حبيبتي


الساعة الآن 08:01 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.