شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة (https://www.rewity.com/forum/f524/)
-   -   وعد بلا رحمة (https://www.rewity.com/forum/t475552.html)

ياسمين أبو حسين 28-10-20 11:27 PM

الفصل الثانى :
*********************

إنتبهت الجدة إمتثال على طرقات بباب الشقة فقامت بتثاقل و سارت ناحيته لتعرف هوية الطارق .. فرأت أمامها روان بإبتسامتها الرقيقة مثلها .. فقالت بهدوء :
- مساء الخير يا تيتة .
أجابتها الجدة بإبتسامة هادئة :
- مساء النور يا حبيبتى تعالى إدخلى .
هزت روان رأسها نافية و قالت بخجل :
- مش هينفع عمرو موجود .. خلى البنات يطلعوا ورايا على السطح و ماما بتجهز شوية حاجات علشان نسهر فوق .
أومأت الجدة برأسها وقالت مؤكدة :
- حاضر يا حبيبتى .. إطلعى إنتى وإحنا هنحصلك .

إجتمع الجميع على سطح البناية التى يمتلكها والد وعد عيسى القاضى .. والذى يعمل بدولة الكويت منذ سنوات .. ولكن لظروف مادية إضطر لبيع شقة من الثلاث لصديقه سراج والذى إشتراها وقطنها مع أسرته و رعى أولاده بغيابه ليعوضهم عن حنان ودفء الأب الغائب منذ سنوات ....

جلست وعد على الأرجوحة والتى صنعها لها مالك و عمرو .. هزتها بقدميها وقالت بفرحة :
- شكرا يا عمورى بجد المرجيحة دى تجنن .
أجابها عمرو وهو يقف خلفها ويؤرجحها بحذر :
- هى فكرة مالك .. بس عموما العفو يا ستى .
وإلتفت برأسه صوب حبيبته الخجولة دائما رغم أنها تعد زوجته بعدما عقدا قرانهما .. إبتسمت روان بخجل .. وهى تستشعر نظراته تجاهها .. بينما جلست روضة منزوية تقرأ كتابا بشغف .. وإمتثال وآمال وسراج يتجاذبون أطراف الحديث .. إنتهت روضة من قرائتها فتطلعت بوعد وقالت برجاء :
- وعد .. علشان خاطرى غنى شوية .
إلتفتت إليها وعد وقالت بنبرة شريرة مستغلة :
- تدفعى كام .
تطلعت إليها روضة بضيق وقالت بحنق :
- ما فيش حاجة لله أبدا .. لما ننزل يا ستى هديكى عشرة جنيه .
إبتسمت وعد بشقاوة وأغلقت عينيها وخرج من بين شفتيها ذاك الصوت الساحر وهى تشدو :
- القلب يعشق كل جميل .. ويا ما شوفتى وياما شوفتى جمال يا عين .. واللى صدق فى الحب قليل .. قليل .. وإن دام يدوم .. يوم .. ولا يومين .. ولا يومين .. واللى هويته اليوم .. دايم وصاله دوم .. لا يعاتب اللى يتوب .. ولا بطبعه اللوم .. واحد مافيش غيره .. ملا الوجود نوره .. دعانى لبيته لحد باب بيته .. وأما تجلى لي .. بالدمع ناجيته .. بالدمع ناجيته .
كففت روضة دموعها الخاشعة .. وصفقت لها ليشاركها الجميع تصفيقها .. فتحت وعد عينيها وقالت بخجل :
- كفاية كسفتونى .. بس عجبتكم الأغنية .
ردت الجدة بتنهيدة :
- الله الأغنية حلوة قوى .. ربنا يكتبلنا زيارة بيته يا رب .
أكد سراج على رجائها وقال :
- آمين يا حاجة إمتثال .. ونكون صحبة يا رب .
- يا رب .
بينما قالت روان بإعجاب :
- ما شاء الله صوتك يجنن يا وعد .
ردت عليها وعد بثقة :
- عارفة طبعا .
صفعها عمرو على رأسها وقال مازحا :
- ده إيه التواضع ده يا فنانة .
زمت وعد شفتيها وقالت بغضب :
- بتضربنى يا عمرو .. طب مخصماك ومش هكلمك تانى .
تركتهم وهبطت الدرج مسرعة .. ضحك عمرو ضحكة عالية وقال ساخرا :
- واضح كده إن مخزون الشوكولاته والأيس كريم خلص معاها .. ربنا يعينى بقا .
دخل الجميع فى نوبة ضحك .. بينما قال عمرو و هو ينصرف :
- أنزل بقا أنا على الورشة عندى شغل متأخر .. سلامو عليكو .
رد الجميع :
- وعليكم السلام .
إلتفت سراج صوب إمتثال قائلا بفخر :
- عارفة يا حاجة .. أنا بحمد ربنا دايما إنه رزق بنتى براجل زى عمرو .. بالنهار فى وظيفته فى المينا .. وبالليل بيقف فى ورشته .. كل ده علشان يقدر يجهز شقته بكل اللى تتمناه روان .
إبتسمت روان وهى تحمد ربها على أنه رزقها زوج وحبيب مثل عمرو .. بينما عادت وعد وجلست معهم و هى تضحك .. سألتها روضة بفضول :
- ممكن نعرف سبب إنشكاحك ده إيه .
جلست وعد على أرجوحتها مجددا وقالت :
- طلبت من عمرو حاجات ييجى ب 100 جنيه .. أيس كريم بالمانجو .. ومشبك .. وشوكلا .
ضيقت روضة ما بين حاجبيها وقالت بضيق :
- حرام عليكى يا وعد .. عمرو بيتعب بالفلوس دى .
إلتفت إليها وعد برأسها وقالت بحدة :
- لا والله .. طب إيه رأيك إنك هتجيبى زى عمرو وأكتر .
إبتسمت روضة بحب و قالت بحنو :
- ده أنا أديكى عنيا يا حبيبة قلبى .
أرسلت إليها وعد قبلة بالهواء وأغلقت عينيها بشرود .. فروضة بالنسبة لها أمها وليست أختها رغم أن الفارق بينهما ثلاث سنوات فقط ... إلا أنها تدللها وترعاها وتشملها بحنانها .. أما عمرو فهو حبيبها وأخيها وأبيها و السند .. فالآمان هو عمرو .. والطمأنينة هى عمرو .. و الدفء هو عمرو .. ربما تشتاق لوالديها أحيانا .. لكن أغلب الوقت سخطها وغضبها هما المسيطران عليها .. حتى تحول قلبها لكتلة من الرماد .. والتى تهدد بالإشتعال بأى وقت .
.................................................. ....................................
.........................................


فى اليوم التالى مل جاسم الجلوس بمفرده .. فإرتدى ملابسه وتوجه لغرفة مالك ..طرق الباب فلم يأته الرد بالبداية .. فطرقه مجددا بقوة .. حتى فتح له مالك و هو قد إستيقظ للتو .. دفعه جاسم بيده ودلف لغرفته قائلا بضيق :
- يا معلم هو أنا جايبك علشان تقضيها نوم .. عايزين نخرج شوية زهقت .
تثائب مالك و قال و هو يتمطأ بكسل :
- ما نمتش بقالى يوم يا ظالم .. مستكتر فيا كام ساعة .
جلس جاسم على الأريكة وقال ببرود :
- طب إخلص خد دش وإلبس علشان عازمك على الفطار .. وبعد كده نعمل شوبنج .. عاوز أجيب هدايا لعيلتى وخصوصا البت ريتال .
إبتسم مالك بعذوبة وقال متحمسا :
- ما دام فيها ريتال .. فأنا معاك يا معلم .. وأنا كمان عاوز أجيب هدايا .. خصوصا هدية عيد ميلاد الكونتيسة وعد .
شعر جاسم بالفضول .. فهو يريد أن يسمع عن تلك التى تسمى وعد أكثر .. فسأل مالك بتركيز :
- مهمة وعد دى عندك مش كده .
إبتسم مالك وهو يتخيلها أمامه وقال بتنهيدة خاطفة :
- هى بتجبر أى حد بيتعامل معاها إنه يحس إنها مسئولة منه .. كأنها طفلة ومحتاجة إيد حنينة تطبطب عليها .. غصب عنك تبدأ تهتم بيها وترعاها .
إبتلع جاسم ريقه متوترا من كلمات مالك المحيرة فسأله مجددا :
- وإيه السبب ورا شعورك ده .
تنهد مالك مطولا وجلس على فراشه وهو يثنى قدمه تحته ويضم يديه ببعضهما وقال بحزن :
- لأنك أول حاجة هتلاحظها عليها رغم شقاوتها وضحكها .. هى ملامحها الحزينة مهما خبت ودارت .. بس عنيها شفافة لدرجة تخليك نفسك تطبطب عليها .
أخرج مالك من تفكيره المتعمق صوت جاسم المتسائل بهدوء :
- وإيه سبب حزنها بقا .
لمعت عينى مالك وهو يتابع سرده بحزن :
- أبوها و أمها .. وهى عندها 16 سنة سافرت والدتها لوالدها الكويت .. وبعد شهر رجعوا بس والدتها كانت حالتها النفسية زى الزفت .. و وعد كانت متعلقة بيها جدا .. أول مامتها ما شافتها .. دخلت فى نوبة عياط وإنهيار وفضلت ماسكة فى وعد لحد ما هديت .. جه عمو عيسى وحب يطبط على مراته ويهديها .. هوب إنفجرت فى وشه .
نظر له جاسم بتركيز وقال بشغف :
- إيه اللى حصل بعد كده .
أخذ مالك نفسا طويلا و زفره فى عجاله وأجابه قائلا :
- قعدت تصوت وتقوله تتجوز عليا يا عيسى بعد العمر ده كله .. هونت عليك وهانت عشرتنا .. طب كنت قولى .. مش ألبسك بدلة فرحك بإيدى وأنا معرفش .. حرام عليك .. وقفت وعد وهى مش مصدقة كلام مامتها وسألت باباها إنه بجد الكلام ده .. الصراحة الراجل ما كذبش وقال إنه محتاج زوجة معاه فى الكويت .. صدمة وعد كانت أكبر من عمرو أخوها وروضة أختها .. وطلبت من والدتها إنها تطلب الطلاق منه .. بس والدتها رفضت .. وإتحججت بيهم وبالبيت اللى هيتخرب .. بس هنا بقا ووعد إتحولت كرهت باباها .. وللأسف إحتقرت ضعف والدتها .. وبالذات لما والدتها سابتهم لجدتهم وسافرت علشان ما تسيبش جوزها لمراته الجديدة تستفرد بيه .. بقا جوة وعد كولكيعة كبيرة جدا .. إن أى راجل خاين .. مهما كان مين .. وإن الست لما تتجوز بتبقى لعبة فى إيد جوزها .
وطال الصمت .. إلا أن قال جاسم بتعحب :
- إنت قولت إن لها إخوات .. ليه ما إتأثروش زيها .
- ﻷنها يا سيدى دلوعة البيت .. وحبيبة أمها .. لما لقت أمها ضعيفة كده لأ وباعتهم وسافرت لجوزها .. نفسيتها تعبت لدرجة إنها مش بتكلمهم سواء فى التليفون أو لما بيجوا زيارة .
هتف جاسم بحيرة وقد تبدلت تعابير وجهه لتجهم :
- غريبة قوى القصة دى .. بس أكيد بنت زيها بدلعكم الزيادة ده .. هتبقى مستهترة ومعتمدة عليكم لأ وبتستغلكم كمان .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال موضحا :
- بالعكس بقا .. دى قوية جدا .. ونجحت فى كليتها بتقدير جيد جدا .. هى خريجة إدارة أعمال وبتدور على شغل .. ده غير إنها متدينة وتعرف ربنا .
إبتلع جاسم ريقه وهو يقاوم فضوله أكثر عن تلك الشخصية الغريبة والتى يراها خيالية بعض الشئ .. ربما تعاطف مالك معها وربما عشقه ما دفعه لوصفها بتلك الطريقة المشوقة والحزينة .. لكنه نفض تللك الأفكار عن رأسه وقال مسرعا :
- طب قوم يالا علشان نلاقى هدية قيمة للكونتيسة بتاعتك .
وقف مالك بإبتسامته الهادئة وحمل منشفته ودلف للمرحاض تاركا جاسم شاردا بتلك الغريبة .. والتى تحيره رغم أنه لم يعتد أن ينجذب لشخصية كشخصيتها .. ثم وبخ نفسه لأنه متأكد من شعور صديقه ناحية تلك الوعد .. فمالك يعشقها دون أن يدرى .

.................................................. .........................
.........................................

إستمر تسوق مالك وجاسم لوقت طويل ليقول جاسم بإرهاق :
- أنا بستسلم تعبت خلاص .
ضحك مالك ضحكة عالية و قال ساخرا :
- يا إبنى هو حد يجيب هدايا بالكم ده .. لأ وكلها حريمى .
إرتمى جاسم بجسده على أحد المقاعد قائلا بضحكة ساخرة :
- ده أنا لو نسيت واحدة منهم هيعلقونى .. أنا فى بيت كله حريم .. أنا وأبويا اللى فلتنا. هو أخ على بنتين كل خلفتهم بنات .. وأنا أخ على بنت واحدة ومخلفة كمان بنت .. ده غير أمى .

قهقه مالك عاليا وقال بسخرية مازحة :
- ديك البرابر يعنى .
- برابر .. الملافظ سعد .
تنهد مالك بقوة فاقدا صبره وقال بجدية :
- بلا سعد بلا مسعد .. و قوم بقا .. لسه هدية روضة و وعد .. بس هدية روضة هجيبها من مصر .. يبقى لسه وعد و دى مهمتها صعبة قوى .
تطلع مالك حوله على واجهات المحلات .. حتى جحظت عينيه وإتسعت إبتسامته بفرحة فقد وجد ضالته .. وجد هدية لوعد تتمناها .. فقال مسرعا :
- لقتها .
إلتفت جاسم برأسه ليرى ما شد إنتباه مالك لهذه الدرجة حتى علا التعجب ملامحه .. وقال بدهشة :
- بتهزر .. وده هتعمل بيه إيه إن شاء الله .
حمل مالك الحقائب الخاصة به وتوجه مسرعا لذاك المحل ووقف يتأمل هذه الهدية الثمينة و هو يتخيل ردة فعل وعد لرؤيتها .. وقف جاسم بجواره و قال موضحا :
- بس ده أكيد غالى .. وإنت صرفت كتير .
غمز له مالك بعينيه وقال برجاء :
- ما إنت هتقف جنب صاحبك .. ولا إيه يا معلم .
ضيق جاسم عينيه وهو يدعى عدم الفهم وقال بمكر عابث :
- مش فاهم يا معلم .
- لأ فاهم يا جاسم وما تستعبطش .
هز جاسم رأسه بإبتسامة متحيرة لحال صديقه وقال بإنصياع :
- حاضر يا سيدى يالا بينا ندخل نشتريه .
.................................................. ......................................
........................................

خرجا من المحل وسعادة شديدة منتابه مالك .. ربت على ذراع جاسم وقال بإمتنان :
- مش عارف أشكرك إزاى .. أول ما نرجع مصر هحضرلك الفلوس اللى دفعتها .
إبتسم جاسم بمكر و هو يقول بنبرة خبيثة :
- مستعد ما أخدش منك مليم لو قولتلى ليه إخترت الهدية دى بالذات .
لمعت عينى مالك وهو يقول بسحر :
- لأنها بتحب تغنى .. وصوتها سبحان الله يجنن .. لما بتغمض عنيها و تغنى إنت تنسى الدنيا من كتر ما صوتها حلو قوى .

- بتغنى !!!!
قالها جاسم وهو يزداد تعجبه .. و حيرته .. و شعور غريب من الفضول يمتلكه .. بينما تابع مالك بإبتسامته الهادئة قائلا :
- أيوة يا سيدى بتغنى .. وكانت دايما بتروح قصر الثقافة وتحضر حفلات .. لغاية ما دخلت الجامعة وقررت إنه مش هتغنى قدام حد غريب تانى .. عرفت بقا أنا جبت الهدية دى ليه .
إبتسم جاسم بشغف وقال مغيراً للحوار ليخفي إهتمامه :
- عرفت .. يالا نرجع الأوتيل تعبت وبكرة إجتماعنا الأخير مع مستر خافيير علشان شحنة الخشب الجديدة .. المصيبة إنى هقابل القنبلة النووية بنته .. ربنا يثبتنى بقا .
ضربه مالك على صدره القوى بقوة وقال بصرامة :
- وراك رجالة .. ومش هسيبها تستفرد بيك ثانية .
- يا ريت .. لأنى حاجة تانية منها وهتجوزها عرفى وقتى .

دفعه مالك أمامه و قال بحزم :
- عرفى ... قدامى يا أخويا يالا .

.................................................. ........................
..........................................

فى الصباح جلست روضة و عمرو و جدتهم على الفطار .. فسأل عمرو جدته على نواقص المنزل .. فأعطته جدته ورقة ومبلغ مالى .. فسألها مستفسرا :
- هى الحوالة للشهر ده وصلت من الكويت
أومأت روضة برأسها وقالت مؤكدة :
- أيوة وصلت .. وأنا إستلمتها إمبارح .. إنت عارف هما مش بيتأخروا علينا بالفلوس دى حتى كانت زايدة الشهر ده .
تنهد عمرو بأسى وقال بحزن :
- وآخرتها إيه مش هيرجعوا بقا .. على الأقل علشان الغلبانة وعد .
خرجت وعد على ذكر إسمها من غرفتها وقالت بضيق :
- ومين قالك إنى عايزة أشوفهم أصلا .. إحنا مرتاحين من خناقهم وعايشين أحلى عيشه .
سحبت كرسيها وجلست بمكانها .. ومالت على عمرو وقبلته بوجنته وقالت بحب :
- ربنا ما يحرمنى منك يا حبيبى .. شكرا على الشوكولا والأيس كريم .
إحتضن عمرو رأسها بذراعه وقبل مقدمة رأسها وقال بحب :
- إنتى تؤمرى بس يا بنوتى يا حلوة .
فسألتها روضة بتعجب :
- إيه اللى صحاكى بدرى يا وعد .
لفت وعد ذراعيها حول خصر أخيها وقالت وهى تشدد من إحتضانها له :
- حلمت حلم مش حلو .. وما عرفتش أنام تانى .
فقالت لها الجدة بإشفاق :
- إستعيذى بالله يا حبيبتى وقومى صلى الضحى هترتاحى .
أومأت وعد برأسها وقالت بإبتسامتها الشقية :
- كنت هعمل كده .. بس محلوة إنتى النهاردة يا إمتثال .
ضحكت الجدة وأشاحت بيدها قائلة :
- يانى عليكى وعلى بكشك .
وقفت روضة و أنزلت نقابها على وجهها وقالت مسرعة :
- يالا يا عمرو علشان توصلنى للحضانة لأنى إتأخرت .
وقف عمرو وحمل هاتفه وقال بجدية
- يالا يا حبيبتى .. سلام يا دودو .
- باي يا قلبى .. خلوا بالكم من نفسكم .
ردا الإثنان سويا :
- حاضر .. السلام عليكم .
ردت وعد والجدة :
- وعليكم السلام .

.................................................. ............................
...........................................


إنهمكت روضة بعملها التى تعشقه رغم أنه ليس تخصص دراستها .. ولكن من يعمل بشهادته فى بلدنا مؤخرا .. مرت بين المقاعد وعلى ثغرها إبتسامة هادئة وهى تتابع رسومات الأطفال .. إقترب منها طفل صغير وأشار إليها قائلا :
- شوفى يا مس أنا رسمت حضرتك .
تطلعت روضة للرسمة .. وقالت بفرحة :
- حلوة قوى يا حبيبى .
قبلته بوجنته وقالت بصوت عالى :
- يالا يا حبايبى كفاية رسم .. علشان نسمع سورة القدر اللى حفظناها .
لملم الأطفال ألوانهم وكراساتهم ..وبدأو فى تلاوة سورة القدر بإشارة من روضة .. وهى تبتسم لإتقانهم وتحمد ربها أن جعلها سببا لحفظهم آياته .
أنهت عملها وذهبت لغرفة المعلمات .. إرتمت بجسدها على مقعدها وقالت بتعب :
- بسبب غياب ريهام أنا شلت اليوم كله .
ردت زميلتها ومعلمة مثلها خلود قائلة بإبتسامة مشرقة :
- قدها يا رودى .. والعيال بيحبوكى جدا .
أنزلت روضة نقابها على وجهها عندما رأت تقدم أحد المدرسين نحو غرفتهم .. وقف الأستاذ مصطفى أمامهم وقال :
- أستاذة سميرة عوزاكم بعد الدراسة ضرورى .
ردت خلود بإمتعاض :
- حاضر يا مستر مصطفى .
تطلع مصطفى صوبهم مطولا .. ثم تركهم وإبتعد .. زفرت خلود بضيق و هى تقول بحنق :
- أعوذ بالله .. أنا مش بطيق الراجل ده خالص .
ردت روضة بعقلانية :
- دعى الخلق للخالق .. وما تجبيش سيرة حد وهو مش موجود .
أومأت خلود برأسها وقالت بإنصياع :
- حاضر .. بس تفتكرى مس سميرة عاوزانا فى إيه .
مطت روضة شفتيها وقالت بحيرة :
- مش عارفة .. ربنا يستر .
- طب يالا نلم حاجتنا ونستعد الجرس قرب يضرب .. خلى دادة تسلم الولاد لأهلهم .
وقفت روضة بعدما لملمت أشيائها وحملت حقيبتها وقالت بهدوء رزين
- هروح أقولها و أكد عليها لما تكونى خلصتى .

.................................................. .........................................
........................................

إجتمعت الأستاذة سميرة مديرة المدرسة بهيئة التدريس للمدرسة الإبتدائية و الروضة لمناقشة آخر التطورات الخاصة بخطتها الجديدة للدراسة و الوقوف عند آخر المستجدات .. بدأت المشاورات و إبداء الآراء بما تم تنفيذه بالفعل و ما لم يكن يصلح من البداية .. إستمع الجميع إلى الآراء الجديدة وتناقشوا حولها .. حتى جاء دور روضة الأطفال فإقترحت سميرة بعض الأفكار الجديدة و منها تكليف الأستاذ مصطفى بالإهتمام بحصص اللياقة البدنية للأطفال .. وقفت روضة بتبرم هادئ وقالت :
- بس يا مس سميرة الأولاد فى المرحلة دى بيفضلوا التعامل مع سيدات أكتر من الرجالة .. أنا طبعا ما عنديش أى إعتراض على شخص الأستاذ مصطفى بس هيبقى صعب الولاد يتأقلموا على الوضع الجديد .
فكرت سميرة بكلمات روضة قليلا ثم قالت بهدوء :
- ممكن كلامك يبقى صح علشان كده التجربة خبر دليل .. إحنا هنجرب ونشوف الولاد هيتقبلوا ده و لا ﻷ .
إرتسمت إبتسامة شيطانية على ثغر مصطفى .. فقد وصل لمبتغاه بسهولة كبيرة و دون أى عناء ..
إنتهى الإجتماع و غادر الجميع .. سارت روضة و خلود قليلا لتنفجر الثانية قائلة بضيق :
- بصى بقا أنا عارفة إنك مش بتحبى تتكلمى عن حد .. بس أنا مش مرتاحة للى إسمه مصطفى ده و لا للقرار .. و قلبى مقبوض و إبقى إفتكرى كلامى ده .
فكرت روضة قليلا بكلمات خلود ولكنها إستغفرت ربها وقالت بداخلها :
- إن بعض الظن إثم .. أستغفرك ربى وأتوب إليك .
التزمت الإستغفار طوال الطريق .. حتى إستقلا سيارة ميكروباص .. ترجلت منها روضة عند الوصول لوجهتها و ودعت خلود و إتجهت لمنزلها .. صعدت الدرج بإرهاق .. و فتحت باب شقتها لتجد وعد أمامها بإبتسامتها الشقية .. نسيت روضة كل آلامها الجسدية والذهنية و بادلتها الإبتسام .. ثم رفعت نقابها و قبلت وعد بوجنتها و قالت بنبرة حنونة :
- وحشتينى يا قلبى .
إحتضنتها وعد بشوق و قالت بحب :
- إنتى وحشتينى أكتر .. إدخلى خدى دش يفوقك على ما يكون عمرو رجع من الشغل و نتغدى سوا .
ربتت روضة على ظهرها و قالت و هى تبتعد عنها :
- حاضر يا حبيبتى .. هدخل أطمن أول على تيتة .
تطلعت إليها وعد بحب ثم عادت لجلستها أمام التلفاز و هى شاردة كعادتها .. و خواء نفسها و عقلها و أيامها بات كالصوت المزعج للصمت .. هو ذلك الصوت الاقرب للصفير و هو يدوى و يدور برأسنا عندما يصمت كل شئ حولنا .....

.................................................. ....................................
........................................

وقف بسيارته الفارهة أمام تلك البناية العالية الحديثة الإنشاء والتى لم يسكن أغلب شققها .. صعد درجات الدرج الرخامية ثم إستقل المصعد .. ليتوجه به صوب شقته ..بعد قليل ترجل منه بهدوء ووقف أمام الباب وأخرج مفتاحه من جيبه وفتح الباب ودلف للشقة يبحث بعينيه عنها .. ثم صاح بنبرة حادة :
- رحاب .. يا رحاب .
خرجت من إحدى الغرف سيدة بمنتصف الثلاثينيات .. ترتدى فستانا قصيرا وضيق جدا يبرز مفاتنها بقوة .. إقتربت منه وعلى ثغرها إبتسامة شوق .. وقالت بدلال :
- أخيرا جيت .. وحشتنى قوى يا بيبى .
دنت منه و قبلته برقة على شفتيه .. فأبعدها عنه و قال بصرامة :
- بقالك إسبوعين بتلعبى عليا و أنا زهقت و مش عاوز أزعلك منى يا رحاب .
إرتجفت فرائصها و قالت مسرعة :
- ليه كده .. أنا قولتلك إطمن البنتين هيخرجوا بعد بكرة من الدار .. لأنهم تموا الواحد و العشرين .. و أنا مطمناهم إنى هشوفلهم شقة و شغل و وثقوا فيا .. ده غير إنهم أيتام .. و مجهولين النسب و مالهومش حد يبقى فين المشكلة بقا .
أخرج من جيب سترته علبة سجائره و أشعل إحداها ونفث دخانها بوجه رحاب و قال محذرا :
- قدامك يومين .. يومين وساعة ما تلوميش إلا نفسك .
طوقت رقبته بذراعيها و قالت و هى تحدجه بنظرات إشتهاء :
- يا أمير ما قولتلك إطمن هى يعنى أول مرة .. بس المرة دى البنتين صواريخ .. و لسه بورقتهم .. يعنى عمولتى هتبقى الدوبل يا بيبى .
إبتسم أمير بمكر و قال و هو يفترسها بعينيه :
- و أنا موافق .. و تحت أمرك .
همست أمام شفتيه بقوة :
- وحشتنى قوى .. مش يالا بقا .
لم يعد يمتلك أمير صبرا على حركاتها المغوية .. فإعتقل خصرها و إنحنى بجذعه قليلا و حملها متوجها بها لغرفة من غرف الشقة .. و أغلق ورائه الباب بقوة .. لينغمسوا سويا بالمحرمات .

.................................................. .............................
..........................................

يتبع .....

إنتظرونى بالفصل الثالث ....

ياسمين أبو حسين 29-10-20 12:17 AM

أرجو أن ينال هذاالفصل اعجابكم و إستحسانكم

بإنتظار اى تعليق او ملحوظة

دمتم بود

#ياسمين_ابو_حسين

عاشق الياسمين الياسمين 31-10-20 12:04 PM

رائعة ومتميزة جدااااااااااااااااااااااا اااا

ياسمين أبو حسين 31-10-20 05:52 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق الياسمين الياسمين (المشاركة 15174853)
رائعة ومتميزة جدااااااااااااااااااااااا اااا


ميرسي كلك ذوق 🌼🌼🌼

ياسمين أبو حسين 02-11-20 12:08 AM

الفصل الثالث :

فى اليوم التالى برومانيا .. إستعد جاسم ومالك للذهاب للإجتماع مع مورد الخشب إليهم خافيير .. توجهوا لمكتبه الخاص ودلفا إليه ومالك يحمل أوراق الإتفاقية .. تنفس جاسم مطولا بعدما رأى ديانا تقترب منه .. فإقترب من مالك وقال بتوجس :
- ورينا شطارتك يا معلم .
وقفت ديانا أمام جاسم و قالت بلوم :
- لماذا تركت الأوتيل جاسم .. لقد بحثت عنك كثيرا .

إلتفت جاسم لمالك وسأله بتعجب :
- بتقول إيه دى ؟!!
مال مالك ناحيته و قال بخفوت :
- بتقولك سبت الأوتيل ليه .. و إنها دورت عليك .. أستغفر الله العظيم البت دى فتنة .
ضحك جاسم ضحكة عالية .. ثم إنتبه لدلوف خافيير فإقترب منه مرحبا .. و لحق به مالك .. إستمرت مناقشاتهم حتى إتفقا و وقعوا العقود .. تنفس جاسم براحه .. و صافح خافيير مودعا .. و إقترب من ديانا و قال بتماسك :
- أراكى قريبا ديانا .. مع السلامة .
تنهدت ديانا بضيق و قالت :
- سوف أشتاق إليك كثيرا جاسم .
كانت أعصاب جاسم تنصهر أمام تلك الرقة والجمال المتمثلة بهذه الديانا ثم تمالك نفسه و تركها وخرج هو و مالك .. وضع مالك الأوراق بحقيبته الجلدية و قال براحة :
- الحمد لله خلصنا .. يالا بينا على الأوتيل علشان نجهز نفسنا للطيارة بالليل .
أومأ جاسم برأسه و قال مؤكدا :
- عندك حق .. يالا بينا نتغدى أول فى مطعم قريب من هنا أكله يجنن .

ركبا سيارتهم وتوجه بهم السائق للمطعم .. بينما لم تترك عقل مالك كلمات جاسم عن إحتمالية عشقه لوعد دون أن يشعر .. فتذكر شغبها وإبتسامتها الشقية لتبتسم شفتيه بشوق لم يشعر به من قبل .. إنتبه جاسم على شروده و إبتسامته الوالهه .. فإبتسم هو الآخر لتأكده من شكوكه بأن مالك غارق بعشق تلك الوعد دون أن يشعر .. لكن ما شغله هو ذاك الشعور بالضيق من فكرة عشق مالك لها .. فقال بداخله :
- أنا متضايق ليه ما يحبها .. وباعدين هو أنا أعرفها أصلا .. أنا مش هخلى مالك يحكى عنها قدامى تانى .. كفاية كده .

.................................................. ...............................
......................................

فى المساء إجتمعت الفتيات فى غرفة روضة .. وقفت روضة بفخر تعلق تلك الرسمة التى رسمها لها أحد الأطفال على حائط الرسومات عندها .. فقالت روان بإبتسامتها الهادئة :
- دى رسمة جديدة يا روضة .
أومأت روضة برأسها وقالت بفخر :
- أيوة .. ببقى فرحانة قوى لما الولاد يقولوا إنهم بيحبونى .. ما بالكم بقا لما يحاول يرسمنى واحد منهم .
ما أن إنتهت من تعليقها حتى إنفجرت وعد ضاحكة ضحك هستيرى .. ثم تمالكت نفسها وقالت بصعوبة :
- يا نهار أبيض .. و إنتى إيه اللى حرقك كده يا روضة ... ههههه .
قطبت روضة جبينها بضيق وقالت بحدة :
- بطلى ضحك يا سخيفة .. ده هو بيشوفنى دايما بالنقاب .. فرسمنى زى ما بيشوفنى .
إعتذرت وعد و هى تخفى ضحكاتها و قالت بخفوت :
- آسفة .. مش هضحك تانى .. عموما زى القمر يارودى .
مصمصت روان شفتيها وقالت بمزاح :
- فعلا بقا روضة زى القمر .. دى أحلى واحدة فينا .
ردت روضة بإمتنان :
- لأ يا روان إنتى أحلى .
ردت وعد بغضب :
- لا والله .. بقا خطافة الرجالة دى أحلى منى .
حملت روان الوسادة وضربت بها وعد وهى تقول بغضب :
- بقا أنا خطافة رجالة يا قليلة الأدب .
ردت وعد وهى تحمى نفسها بذراعيها من هجمات روان قائلة بتأكيد :
- أيوة خطافة رجالة .. مش خطفتى عمورة منى .
جلست روضة تتابع مناكشاتهم بإبتسامة هادئة .. بينما دلف عمرو لغرفة روضة فجأة وهو يقول :
- روضة حضريلى طقم علشان خا..... .

قطع كلماته وهو يتطلع لحرب الوسائد بين وعد وروان التى خجلت من رؤية عمرو لها بتلك الوضعية .. فاحمرت وجنتيها بخجل وأطرقت رأسها وتركت الوسادة من يدها وتنحنحت بحرج قائلة :
- أنا هنزل أنا .. بعد إذنكم .
أوقفها عمرو قائلا وعيونه تبثها شوقه بشدة :
- ﻷ .. خليكى أنا هغير هدومى وهنزل على طول .
ثم تطلع لروضة وقال بجدية :
- تعالى معايا يا روضة لو سمحتى .
- حاضر يا حبيبى .
طالت نظرات عمرو لروان .. فلوت وعد ثغرها وقالت بتنهيدة :
- يالا يا عمرو لتتأخر على ميعادك .
إنتبه عمرو على كلمات وعد فتنحنح قائلا بإحراج :
- هاه .. آه تمام .
تركهم وإنصرف .. لتضع روان يديهها على وجنتيها تتحسس حرارتهم الزائدة وقالت بخجل :
- كده يا وعد .. أهه عمرو شافنى وأنا بضربك يقول عليا إيه دلوقتى .
ضحكت وعد على حالتها وقالت ساخرة :
- هيقول هبلة طبعا .. بس خلاص هو إدبس واللى كان كان .
صكت روان أسنانها بغضب وهجمت عليها قائلة :
- بقا أنا هبلة .. طب أنا هوريكى الهبل على أصوله .

ركضت وعد من أمامها وهى منهارة من الضحك .. بينما إبتسم عمرو وهو يستمع إليهم .. كم يتمنى أن يحظى بمحادثة روان دون أى تكليف وخجل كما تتحدث مع أى أحد سواه .. ولكنه يمنى نفسه بها عندما تصبح زوجته فعليا .. لا يريد أن يستبق أى شئ سيصبح ملكه .. إلا عندما يمتلكها فى منزله .. تنهد مطولا فربتت روضة على ذراعه وقالت بحنانها الانهائى :
- هانت يا حبيبى وهتبقى ليك .. شقتك قربت تخلص .. وساعتها بقا عوض كل كلمة نفسك تقولهالها ومحرمها على نفسك .
إحتضنها عمرو وإبتسم براحة قائلا :
- ربنا ما يحرمنى منك يا نصى التانى .. مش عارف بتقدرى تفهمينى إزاى .
ابتعدت روضة قليلا عنه متطلعة داخل عينيه و قالت :
- لأنك نقى زى المية .. فا كل اللى جواك بيان على طول .
قبلها بمقدمة رأسها و تركته و خرجت ... إرتدى عمرو ملابسه المكونة من بنطال جينزى أزرق وقميص أبيض وحذاء رياضى أبيض .. ووضع عطره .. وخرج مسرعا .. إستنشقت روان عطره وأغمضت عينها بشوق .. تأملتها وعد وقالت ساخرة :
- يا عينى على الحب .
رمقتها روان بنظرة تحذيرية وقالت بقوة :
- إحترمى نفسك أحسنلك يا سنجوبة إنتي .
ردت عليها وعد بضيق :
- يوووه بقا .. هو مالك يمشى وإنتى تستلمينى .
إعتدلت روان بجلستها و قالت بفرحة :
- صحيح مالك راجع بكرة الصبح .. وحشنى قوى .

لملمت روضة شعراتها التى تناثرت على جبهتها و وضعتهم خلف أذنها تخفى إرتباكها عندما علمت بعودة مالك .. فقد إشتاقت إليه كثيرا .. كم تفتقد حديثهم عندما تحتد بينهم المناقشة على كتاب معين تقرأه روضة ثم يأخذ منها الكتاب لقرائته لمناقشتها مرة أخرى .. فهى تحتفظ بكل الكتب التى لمستها أنامله .. و مرت عينيه البنية على أحرفها .. بل و علق عطره بهم .. إبتسمت رغما عنها بينما قفز قلبها بفرحة لأن فترة عذابه ستنتهى و يرى ساكنه .
بينما قالت وعد بإمتعاض :
- أهلا هو راجع .. طب و الله مرتاحة منه و من نقاره .. أخوكى ده أستغفر الله مستفز إستفزاز .
وخزتها روان بذراعها و قالت بغضب :
- إتلمى يا بت إنتى .. هو فى زى مالك .. وجمال مالك .. بزمتك عمرك شوفتى واحد أبيضانى و شعره بنى و عنيه بنى و قمر كده زيه .
ردت وعد بسخرية :
- لأ يا أختى .. ما فيش أحلى من الراجل الأسمرانى .. بعيونه السودا و شعره الإسود هااااه .. راجل راجل يعنى .
ضربتها روان على رأسها و قالت بضيق :
- قصدك إيه يا زفتة إنتى .
ردت وعد بضحكها المستفز :
- دى آررراء .. آرررراء .
زفرت روضة بضيق لأنهم أخرجوها من حالة الهيام والشوق التى أخذتها لمنطقة وردية .. ثم قالت بحدة :
- إطلعى برة إنتى و هى عاوزة أنام .
زمت وعد شفتيها بطريقة طفولية ووجهت حديثها لروان وقالت :
- عاجبك كده أهى طردتنا .. قومى يا أختى نسهر قدام الفيلم الجديد .

خرجت الفتاتان وتركتا روضة بمفردها .. فتوجهت لمكتبتها وحملت إحدى الكتب .. وقربته لأنفها وهى تشتم عطره ... ثم أغلقت عينيها وهى تدعوا الله أن ينتبه ذلك المتحجر القلب عليها .

.................................................. ........................................
............................................


فى صباح اليوم التالى هبطت الطائرة القادمة من رومانيا لأرض الوطن .. تجول مالك وجاسم داخل المطار حتى عثر مالك على وجهته .. فإلتفت لجاسم وقال بجدية :
- تعالى معايا يا معلم نجيب هدية روضة .
أشار إليه جاسم قائلا بضيق :
- إتفضل يا أستاذ لما نشوف آخرتها معاك .

دلفا لمحل يبيع المشغولات الفضية .. وأخذ يبحث عن شئ يرى به روضة والتى لم يراها بحياته .. ولكنه رسمها بمخيلته كلما تحدث معها .. أو على وصف والدته و روان .. إبتسمت شفتيه وهو يرى سلسال دائرى يحاوطه فصوص لامعة صغيرة .. ويتوسطه لفظ الجلالة [ الله ] .. وقف جاسم بجواره وقال مجاملا :
- ذوقك حلو على فكرة .
- عجبتك .
أومأ جاسر برأسه وقال مؤكدا :
- أيوة .. يالا إشتريها خلينا نمشى .. عربيتى فى جراج المطار .
إبتاع مالك السلسال .. ثم خرجا وركبا سيارة جاسم .. سيارة شبابية فارهة .. فتح سقفها وإنطلق فى إتجاه دمياط .. فى الطريق إلتفت مالك لجاسم و قال له برجاء :
- بقولك يا صاحبى .. ما تخلى هدية وعد عندك لما ييجى عيد ميلادها .
شعر جاسم بالضيق فور سماعه لإسم وعد .. فتغاضى عن شعوره وقال :
- تمام .
ضحك مالك ضحكة عالية .. وقال وعينيه تلمع :
- أموت وأشوف وشها لما تشوف هديتها .. أكيد هتفرح جدا .
قاوم جاسم فضوله فى متابعة أسئلته عن وعد.. ولازم الصمت .. أو الحديث عن أشياء أخرى .. بعد ثلاث ساعات .. وصلا لوجهتهم .. صف جاسم السيارة أمام منزل مالك .. وساعده فى حمل حقائبه .. وودعه قائلا :
- خد بكرة أجازة وإرتاح ونتقابل فى الشركة بعد بكرة .. ده سامر أكيد هياكل دماغنا .
حمل مالك حقائبه و لوح له بيده و هو يقول :
- سلام يا صاحبى .
- سلام .

رفع جاسم رأسه لشقة وعد .. تنهد مطولا ثم ركب سيارته وإنطلق مرة أخرى فى إتجاه منزله .. بينما صعد مالك الدرج فرحا وشوقا .. طرق باب شقتهم .. ففتحت له روان التى ما أن رأته إرتمت بحضنه وقالت بفرحة :
- مالوكى حبيبى .. وحشتنى وحشتنى قوى .
إحتضنها بقوة وقال بشوق :
- إنتى اللى وحشتينى يا حبيبتى .
خرجت آمال من غرفتها على صوت مالك .. فصاحت قائلة بفرحة :
- إبنى .. حمد الله على سلامتك يا مالك .
قبل كفها وإحتضنها قائلا :
- الله يسلمك يا أمولة .. وحشتينى قوى .
- وإنت أكتر يا حبيبى .
بحثت روان فى الحقائب وقالت بلهفة :
- جبتلى الحاجات اللى طلبتها منك يا مالك .
إبتسم بهدوء وفتح حقيبته وأخرج منها بعض الأكياس .. وحملها وأعطاها لروان وقال :
- إتفضلى يا ستى .
صفقت بأيديها بفرحة وقالت بحب :
- ربنا يخليك ليا يا حبيبى .. وما يحرمنى منك .
أخرج مالك من حقيبته بعض الأكياس الأخرى .. وأعطاها لوالدته قائلا :
- دى ليكى ولبابا يا ست الكل .
اخذتهم منه آمال و هى تقول بإمتنان :
- شكرا يا إبنى تعيش وتجيب .
شبكت روان ذراعيها بذراعه و سألته بفضول :
_ احكيلي بقا عملت ايه المرة دى و بالتفصيل .
طالعتها آمال بحدة و هى تقول بلوم :
_ سبيه يرتاح يا روان مش كده .
أومأت روان برأسها و قالت بإنصياع :
_ معاكي حق يا ماما .
طالعهما مالك بشوق و سحب حقيبته و دلف لغرفته .. اغلق ورائه الباب و توجه ناحية شرفة غرفته فتحها و استنشق الهواء براحة ثم رفع رأسه دون ان يشعر ناحية شرفة وعد و هو يبتسم بخفوت و رغبة ملحة تنتابه فى رؤيتها ......

.................................................. .................................................
........................................

صف جاسم سيارته أسفل xxxxهم .. ترجل منها وحمل حقائبه .. وأخذ نفس طويلا وزفره بهدوء وهو يطالع منزلهم بإمتعاض .. ثم سار نحوه وهو يقول بضيق :
- إستر يا رب من اللى مستنينى .

صعد بهدوء لألى تسمعه عمته نجوى والقاطنة بالدور الأول .. حتى وقف أمام شقتهم .. طرق الباب بهدوء لألى يصدر صوتا ينتبه إليه من بالمنزل .. ثم تطلع صوب الشقة التى فوقهم و التى تقطنها عمته الثانية ألفت .. حمد الله أنه لم ينتبه إليه أحد .. حتى إنفتح الباب وإستقبلته أخته قائلة بفرحة :
- جاسم .. حمد الله على السلامة .
دلف مسرعا للشقة وأغلق ورائه بهدوء .. ثم قال هامسا :
- وطى صوتك يا علا .. هتلمى علينا البُعدا .
ضحكت علا على حالته و إحتضنته قائلة :
- والله وحشتنى قوى .
ضمها إليه بشوق و قبلها .. ثم تطلع داخل عيونها الحزينة دائما و قال بحزن :
- وحشتنى ضحكتك اللى من قلبك يا علا .
إبتسمت بهدوء و ملست على ذراعه وقالت وهى تدارى حزنها :
- ضحكتى اللى بجد ماتت مع طارق يا جاسم .. المهم عوزاك تحكيلى كل حاجة عملتها الإسبوعين اللى سافرت فيهم .. تمام .
إنتبها الإثنين على ركضة ريتال نحوهم و التى صرخت قائلة :
- خالووووووو .. وحستنى .
حملها جاسم وأخذ يقبلها بجنون وقال و هو يضمها ويشتم ريحها بشوق :
- قلب خالو .. وعقل خالو .. وحشتينى وحشتينى يا توتا .
- وإنت كمان وحستنى .
خرجت سيدة بالخمسين من عمرها من المطبخ راكضة فور إستماعها لإسمه .. وقفت أمامه تتأمله بعينيها التى ملأها الدموع .. ثم قالت بإختناق :
- جاسم .. إبنى .

ثم فجأة تعالت زغاريدها التى عبرت بها عن فرحتها بعودة وحيدها .. إتسعت عينى جاسم .. وإقترب من والدته ليضغط زر الزغاريد هذا والتى ستجمع من بالمنزل جميعا .. وقف قبالتها وقال لإيقافها :
- بس يا ماما أبوس إيدك .. البيت كله هيتلم علينا .. وباعدين بتزغرطى ليه هو أنا راجع من عمرة .
مالت ريتال على أذنه و سألته بتعجب طفولى :
- هو إحنا عندنا فرح .
أنزلها جاسم بهدوء .. بينما إحتضنته والدته والتى يصل طولها لمنتصف صدره .. فبادلها حضنها و قال بشوق :
- وحشتينى يا دولت .. الدنيا من غيرك وحشة .
- وإنت كمان وحشتنى يا حبيبى .. ده أنا كنت هموت من غيرك .
قبل جبهتها وقال وهو يقبل كفها :
- بعد الشر عنك يا قمر .
فسألته علا بتعجب و هى تطالع هدية مالك لوعد :
- بتاع مين ده يا جاسم .
إلتفت إليها ثم قال مسرعا :
- ده بتاع مالك .. معلش يا علا دخليه أوضتى وعنيه بعيد عن إيد حد .
- حاضر .
إنتبهوا على طرقات أو بالأحرى تكسير لباب شقتهم .. زم جاسم شفتيه و قال بضيق :
- التاتار وصل .. كان لتزم تزغرطى يا ماما .
فتحت علا الباب لتدلف منه عمته ألفت تتبعها إبنتيها نورا و سندس .. و التى إندفعت صوب جاسم و قالت بفرحة :
- نورت بيتك يا حبيبى .. حمد الله على سلامتك .
رد جاسم بإبتسامة مصطنعه :
- الله يسلمك يا عمتو .. أخبار عمو رضا إيه .
- كويس يا حبيبى و بيسلم عليك .
بينما إقتربت منه نورا و هى تلتهمه بعينيها و قالت بدلال ناعم :
- وحشتنى مووت يا جاسم .. إيه ما وحشتكش .
فقال جاسم و هو يتابع دلالها الزائد المنفر و قال بداخله :
- وحشك لورى يا بعيدة ويكون سواقه ضارب سجارتين إستروكس .
ثم قال ببرود و هو يعبث بهاتفه :
- أخبارك إيه يا نورا .
تنهدت مطولا و قالت بهيام :
- أنا بقيت كويسة علشان شوفتك .
تطلع جاسم بأخته علا التى تخفى ضحكتها .. بينما قالت سندس :
- حمد الله على سلامتك يا جاسم .. هاه جبتلنا هدايا إيه .

مرر أنامله بشعراته بغضب .. حتى إنتبهوا على طرقات أخرى على ذلك الباب المسكين .. لتدلف منه عمته الكبرى نجوى و إبنتها داليا .. إقتربت منه وإحتضنته بقوة وقالت :
- يا حبيبى .. نورت الدنيا يا جاسم .
رد عليها بضيق :
- الله يسلمك يا عمتو .
بينما وقفت أمامه داليا بثقة وقالت برقتها الزائدة عن الحد :
- هو السفر بيحلى كده يا جاسم .حدجها بتعجب من جرأتها فى الحديث .. بينما ردت عليها نورا بضيق من نظراتها و حركاتها الفظة :
- جاسم طول الوقت زى القمر .. سواء سافر أو لأ .
إقتربت منه علا وقالت وهى تنقذه من بينهم :
- تعالا يا جاسم .. إدخل أوضتك إرتاح من السفر يا حبيبى .
توجه نحو غرفته لتوقفه سندس قائلة بضيق :
- فين الهدايا يا جاسم .. ولا طنشت المرة دى .
زفر بضيق ثم توجه لحقيبته و فتحها وأخرج كيسة كبيرة وأعطاها لعمته ألفت وقال :
- دى حاجة بسيطة يا عمتو يا رب ذوقى يعجبكم .
- يا حبيبى أى حاجة منك حلوة .
ثم أخرج من حقيبته كيسة أخرى وأعطاها لعمته نجوى وقال :
- إتفضلى يا عمتو .
- ليه تعبت نفسك يا جاسم .. ده إنت هديتى والله .
فكر قليلا ثم قال مسرعا :
- أنا هروح للحاج المعرض .. سلام .
هرولت والدته خلفه وقالت بضيق :
- إستنى يا إبنى .. تعالى إرتاح من الطريق .
رد عليها جاسم وهو يهبط على الدرج هاربا :
- أنا هرتاح أكتر لما هخرج سلام .
وقال بنفسه :
- عيلة مجنونة رسمى .. آل أنا أهبل وبريالة و هتجوز واحدة منهم .. دى بقت حاجة تقرف .

.................................................. ...............................
....................................

عادت روضة من عملها .. فمرت على شقة مالك .. وقفت تتطلع إليها بشوق وهى متأكدة من أنه بالداخل .. قلبها أخبرها فإبتسمت براحة و صعدت لشقتهم .. دلفت للداخل و سارت لغرفتها مباشرة بشرود .. أغلقت على نفسها باب الغرفة .. و رفعت نقابها و إبتسامة عذبة تزين وجهها .. دلفت وعد غرفتها متعجبة و قالت ساخرة :
- مالك يا رودى دخلتى آخدة فى وشك وما كلمتيش حد .
تنهدت روضة مطولا و قالت بإرتباك :
- ما فيش يا وعد .. أصلى تعبانة من الشغل شوية .
تأملت وعد هيأتها ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت بمكر :
- و اللى تعبان من الشغل يقعد سرحان و مبتسم من غير سبب كده .
تنحنحت روضة بحرج و قالت بإمتعاض :
- إنتى مركزة معايا ليه .. إخرجى يالا خلينى أغير هدومى يالا .
عقدت وعد حاجبيها بضيق وقالت :
- طب ما تزقيش طب .

تركتها وعد بمفردها و خرجت .. لتعود الإبتسامة على شفتيها و هى تنتظر بشوق المساء كى تراه .. خلعت نقابها وحجابها و مررت أناملها بشعراتها الناعمة و هى شاردة بذكرياتهم سويا .. كم تتمنى أن يشعر بها و يأتى اليوم الذى يطلبها للزواج .. و تصبح له و يصبح لها .

.................................................. .........................................
.....................................

دلف جاسم مكتب والده الممسك لمسبحته ويذكر الله .. لتبتسم شفتيه فور رؤيته فوقف مسرعا و قال بفرحة :
- يا أهلا يا أهلا .. الدنيا نورت .
إحتضنه جاسم و قال بشوق :
- دى منورة بيك يا حاج فضل .. و الله وحشتنى .
- إنت وحشتنى أكتر يا إبنى .
أجلسه فضل أمامه وقال و هو يربت على كفه بحنو :
- هاه طمنى أخبار الشغل إيه .
غمز له جاسم بعينيه و قال مداعبا :
- عيب عليك .. كله تمام و مضينا مع الراجل لسنتين قدام .
- ما شاء الله عليك ..كل مرة بتزود ثقتى فيك .. دلوقتى أقدر أسيبلك كل حاجة و أرتاح بقا .. بس قولى صحيح جيت ليه .. كنت إرتاحت من الطريق و السفر .
زم جاسم شفتيه و قال بضيق :
- أرتاح فين .. ده التتار هجموا عليا زى القضى المستعجل .. فاسبت ليهم البيت و هربت .
ضحك فضل ضحكة عالية و قال برجاء :
- يا إبنى ريحهم و ريحنى و ريح أمك و أختار بنت منهم إتجوزها و خلف لى عيال يملوا عليا الدنيا .
فصاح جاسم بغضب رافضا كلمات والده :
- حرام عليك يا حاج .. يعنى إنتم ترتاحوا و أنا أتعب .. أنا بكرة لما ألاقى بنت الحلال هتجوزها فورا و أملالك الدنيا عيال .
- يا رب يا حبيبى .. قوم يالا نروح علشان تاكل لقمة و ترتاح
أجابه جاسم بإنصياع :
_ حاضر يا حاج .. اتفضل .

وقفا الإثنان و توجها لسيارة جاسم قادها وإنطلق و هو يقص له اتمام صفقتهم و نجاحه بها ......

.................................................. ...........................................
.....................................

فى المساء إجتمع الجميع على سطح البناية فى إنتظار صعود مالك .. الذى دلف إليهم قائلا بإبتسامته العذبة :
- السلام عليكم .

إنتفضت روضة فور سماعها لنبرات صوته الساحرة .. و إلتفتت إليه بشوق و هى تطالع هيئته الساحرة .. و قد زاد الضوء الأصفر الباهت بياض بشرته .. و إبتسامته التى تعشقها و تمدها بطاقة غريبة .. تسرى بجميع أوصالها و بقلبها المشتاق لرؤية ساكنه .. بينما وقف عمرو مسرعا و تقدم نحوه .. فاتحا ذراعيه لإحتضانه و قال مرحبا بإبتسامته العذبة :
- وحشتنا الكام يوم دول و الله يا صاحبى .
ربت مالك على ظهره و هو يضمه إليه .. و قال بإمتنان :
- ربنا يخليك ليا يا عمرو .. إنت وحشتنى أكتر .

ثم إبتعد عن عمرو وهو محتفظ بملامحه السعيدة بينما بحثت عينيه عنها حتى وجدها جالسة على الأرجوحة .. جذبته ملامحها البريئة مثلها .. لوهلة شعر بنبضة متمردة أعلنت عصيان قلبه و دقت شوقا لتلك الطفلة التى سلبته دون أن يدرك .. ثم تمالك مشاعره الغريبة عليه و دنا من إمتثال و قبل جبهتها قائلا :
- وحشتينى يا تيتة .. و وحشتنى دعواتك .
ربتت إمتثال على كفه و قالت بحنو :
- و الله يا مالك القعدة كانت ما لها طعم من غيرك .
- تسلميلى يا حبيبتى .
ثم أخرج من حقيبة يحملها صندوق ورقى .. ومد يده به نحو إمتثال و قال :
- جبتلك الشال ده يا تيتة يا رب يعجبك .
إبتسمت إمتثال بتقدير و قالت بفرحة :
- يا حبيبى .. ليه تعبت نفسك كده .
- مافيش تعب يا ست الكل .. ربنا يخليكى لينا .
ثم إعتدل فى وقفته و أخرج علبة صغيرة من حقيبته وأعطاها لعمرو قائلا بسخرية :
- دى لو ما لبستهاش يوم فرحك .. مش هديك أختى فاهم .
إلتقط عمرو هديته و فتحها فوجدها ساعة معصم .. غالية و مبهرة .. فقال بإمتنان و تقدير :
- دى تحفه .. تسلملى يا مالك .. وأوعدك إنى هلبسها يوم الفرح ومش هغيرها أبدا .
ربت مالك على ظهره و تطلع لروضة التى إختفت أنفاسها فور تلاقى عيناهما .. وحمدت ربها أنها ترتدى النقاب ليخفى علامات شوقها و توترها البادى برجفة شفتيها .. إقترب منها مالك و قال بصوته الرجولى الذى يزلزل العالم من حولها :
- أخبارك إيه يا روضة .
إبتلعت ريقها و تمالكت مشاعرها المهلكة و قالت و هى تقبض كفها علها تستمد القوة :
- أنا كويسة الحمد لله .. إنت أخبارك إيه .
- الحمد لله كويس .
ثم أعطاها الحقيبة التى بيده وقال بتلهف لمعرفة رأيها :
- دى حاجة بسيطة يا رب ذوقى يعجبك .
تطلعت للحقيبة و قالت بفرحة :
- دى علشانى أنا .
أومأ مالك برأسه و قال بإبتسامته الهادئة :
- أيوة طبعا .. إفتحيها و قوليلى رأيك .

مدت يدها و حملت الحقيبة .. ثم أخرجت منها علبة حمراء .. فتحتها لتجد بها السلسال الفضى .. لمعت عينيها بسعادة وهى تتلمسه بأناملها بفرحة .. فقد سلب عقلها و قلبها من شدة بساطته و جماله .. رفعت عينيها عنه و قالت لمالك بإمتنان :
- بجد يجنن .. مش عارفة أشكرك إزاى .
أجابها مسرعا :
- مافيش شكر بينا .
مصمصت وعد شفتيها و هى مستندة على أرجوحتها و تستند بذقنها على يديها و قالت ساخرة بضيق :
- شيفاك يعنى إديت روضة الكيسة .. هو إيه أنا اللى وقعت من قعر القفة .. فين الهدية بتاعتى يا برنس .

إلتفت إليها مالك بعينيه .. ثم إلتف بجسده ليصبح قبالتها .. ثم وضع كفيه بجيبى بنطاله .. و رمقها بنظرة مطولة نظرة شمولية خفيفة .. ليعلن قلبه إستسلامه لها .. ثم إقترب منها بخطوات بطيئة ليعطى نفسه فرصة أكبر لتأملها .. ثم وقف خلف الأرجوحة و دفعها ببطئ و هو يقول ببرود مستفز :
- إنتى مالكيش هدية النهاردة .. يا سنجوبة .
أوقفت الأرجوحة بقدمها و قالت و هى تطالعه بقوة بينما تفوهت ساخرة :
- قال بعد الغيبة .. راجع بالخيبة .
إنفجر مالك ضاحكا .. ثم حك مقدمة أنفه و قال من بين ضحكاته :
- تصدقى خسارة فيكى الهدية اللى خدت اللى ورايا و اللى قدامى .
ردت بإمتعاض وهى تراه خالى .. لا يحمل شئ :
- أسمع كلامك أصدقك .. أشوف إيديك اللى فى جيوبك أستعجب .
نهرتها روضة قائلة بضيق :
- وعد ... كفاية كده عيب .
زمت وعد شفتيها بطفولة وقالت لروضة :
- ليكى حق تزعقيلى .. ما إنتى أخدتى هديتك .. وأنا اللى ما إفتكرنيش .
رد مالك بهدوء عكس ما يشعر به وهو يتطلع لزمة شفتيها بنار يشعر بها لأول مرة .. و تلك النظرة البريئة التى جعلته يقسم بداخله أنه يعشقها .. و يريدها بشدة :
- أظن أنا قلت إن هديتك كانت غالية جدا .. وهموت وأشوف ردة فعلك لما تشوفيها .
لمعت عينى وعد بفرحة و وقفت أمامه و سألته برجاء متمنى :
- إنت بتتكلم جد .. إحلف .. طب هى إيه .. هاه .. هى إيه قول بقا .
كانت تقف أمامه مباشرة .. وقريبة أيضا .. لم تكن قريبة منه كذلك من قبل .. أو ربما كانت و لكنه لم يشعر نحوها ما يشعر به الآن فقال بنفسه :
- عندك حق يا جاسم .. واضح إنى وقعت ولا حدش سمى عليا .
لاحظت وعد تأمله لها فقالت بضيق وخوف :
- سكت .. يبقى بتشتغلنى و بتضحك عليا صح .
فقالت لها آمال بثقة :
- أنا متأكدة إن مالك محضرلك مفاجأة كبيرة يا وعد .
عقدت وعد ذراعيها أمام صدرها وقالت بفتور :
- طب هى فين هديتى دى ؟!!!
رد مالك وهو يلاحق كل حركاتها الغاضبة .. والتى يكاد يجزم أنه يراها لأول مرة .. بينما يجاهد نفسه حتى لا يبدو عليه حالة التخبط التى يشعر بها .. فقال رافعا حاجبه بمكر :
- هتاخديها يوم عيد ميلادك .
طرقت بإبهامها على شفتيها بتفكير ثم قالت متسائلة بفضول :
- إممممم .. يعنى تستاهل الهدية دى إنى أفضل على نارى كده ليوم عيد ميلادى .
قرر أن ينهى ذلك الحوار حتى لا يفتضح أمره .. و تخذله عينيه التى يرى بها أشياء تأسره .. فقال و هو يوليها ضهره بقوة :
- صدقينى تستاهل .. وما كنتش متخيل إنها تستاهل قبل كده .
ثم وقف أمام عمرو و قال بإستغاثة من مشاعره الهوجاء :
- يالا بينا ننزل شوية يا عمرو .. دمياط وحشتنى تعالى نلف شوي بالعربية .
أومأ عمرو برأسه و قال و هو يشير إليه بذراعه ليتقدمه :
- تمام يا معلم .. يالا بينا .

لم ينسى عمرو أن يرمق حبيبته بنظرة جعلتها ترتجف .. فقد إكتشف أمرها و لاحظ عمرو تحديقها به .. وأخبرها أنه يشعر بها .. و لكنها لمحت إلتواء شفتيه فى شبه إبتسامة .. كأنه يخبرها أنه يشتاق أكتر .. و يتعذب أكتر .. و ينتظر بفارغ الصبر ﻷن تصبح له .. و يمتلكها بين يديه .. ببيته .

إنطلقا الإثنين .. و بداخل كل منهما مشاعر تجعل الإبتسامة لا تفارقهما .

.................................................. ................................................
..........................................


فى اليوم التالى .. إنتظر أمير بشقته بفارغ للصبر عودة رحاب و التى تعمل بإحدى دور الأيتام .. و تصطاد إليه الفتيات اللاتى بلغن الواحدة والعشرون .. عندما يصير وقت خروجهم للحياة .. لتأخذهم هى إلى نهايتهم .. إنتبه على فتح باب الشقة الذى دلفت منه رحاب مرحبة بفتاتين جميلتين .. لتبتسم شفتيه بسعادة بالغة .. فهما تستحقان فعلا .. أغلقت رحاب الباب ورائهم و قالت و هى تتجه ناحية أمير بخبث :
- منور الدنيا يا .. يا أخويا .
ليرد أمير مكملا تمثيليتهم المتفق عليها :
- جيت أطمن عليكى .. إيه ده معاكى ضيوف .
إلتفت رحاب بخصرها لتتطلع للفتاتين و قالت :
- لأ دول مش ضيوف .. دول زى إخواتى بالظبط .. هيقعدوا معايا لغاية ما ألاقى لهم شغل وشقة .
حك أمير ذقنه و هو يلتهمهم بعينيه .. ثم قال مؤكدا كلامها :
- أهلا وسهلا طبعا .. ينوروا .
إقتربت منهم رحاب و قالت و هى تشير بيديها لإحدى الغرف :
- إدخلوا يا بنات الأوضة اللى هناك دى .. فيها حمام .. خدوا دش و غيروا هدومكم و إرتاحوا شوية .. لغاية ما ييجى الغدا .

أومأت إحداهما و قالت بخجل :
- حاضر .. بعد إذنكم .
تركوهما و دلفا للغرفة .. بينما لفت رحاب ذراعيها حول رقبة أمير و قالت بنبرة إنتصار :
- هاه .. إيه رأيك .
تنهد مطولا و قبلها بعنف .. ثم إبتعد عنها و هو يقول بإبتسامة شيطانية :
- يمامتين .. دول هيجيبولنا فلوس ما كناش نحلم بيها .. و زباينهم جاهزين .. إنتى عارفة لما تبقى الموزة بنت بنوت .. مهرها بيبقى غالى قوى .

مررت رحاب أناملها على شفتى أمير و قالت بدلال :
- وأنا نصيبى زى ما إتفقنا .. و ياريت الموضوع ده يخلص بسرعة .. لأنك وحشتنى من دلوقتى .
إبتعد عنها و قال بتحذير :
- مش هوصيكى .. خلى عينك عليهم .. و إوعى يحسوا بأى حاجة .
- ما تقلقش .
حمل هاتفه و مفاتيح سيارته و قال و هو ينصرف :
- همشى بقا .. و هبقى آجى أطمن عليكى يا .. يا أختى .

ثم غادر الشقة وهو فى حالة نشوة .. فقد تحقق مراده .. و هو يستعد لفتح مزاد لبيع هاتين الفتاتين .. ثم تذكر أمرا .. و قد لمعت عينيه بشوق .. ثم ركب سيارته .. و إنطلق بها لمحل لبيع ملابس أطفال .. إبتاع منها الكثير من فساتين الأطفال .. و حملها و عاد لسيارته .. ثم إنطلق بها و سعادته لا توصف .. حتى وقف أمام بناية عالية .. تنهد مطولا .. و خرج من السيارة يحمل الأكياس بفرحة .. و صعد الدرج مسرعا .. طرق الباب و إنتظر .. إنتظار قاتل و هو يعلم أنها هى التى ستفتح له .. وقد تحقق حدثه ورآها أمامه بعينيها الحزينة وملامحها الجذابة .. نطق أخيرا و قال بلهفة :
- إزيك يا علا .
ردت علا بفتور :
- كويسة إزيك إنت يا أمير .
رد عليها وهو يلتهمها بعينيه بوقاحة منفرة جعلتها ترمقه بتعجب .. فتنحنح قائلا :
- إحم .. كنت عاوز أطمن على ريتال .
أشارت له علا بيدها و قالت مرحبة :
- إتفضل .
دلف داخل الشقة .. ثم حملته قدميه للصالون .. و وقف منتظرا .. ثوانى معدودة و إنتبه على ركض ريتال صوبه .. فإنحنى ليلتقطها بحضنه .. ضمها إليه واقفا و قال بشوق :
- وحشتينى قوى يا ريتال .
- وإنت كمان وحستنى يا أمير .
عقدت علا حاجبيها و نهرتها بضيق :
- عيب تقولى أمير من غير عمو يا ريتال .
إلتفت إليها أمير وقال بلوم :
- سبيها تقول اللى هى عيزاه يا علا لو سمحتى .
أنزل ريتال على قدميها .. ثم أعطاها الحقائب وقال بإبتسامة متزنة :
- أنا جبتلك شوية فساتين يا توتا .. إنما إيه تجنن .
صفقت ريتال بيديها وقالت بفرحة :
- سكرا .. سكرا .. ممكن أسوفهم .
أخرج لها أمير الفساتين واحدا تلو الآخر .. وهو يتطلع لعلا بين الوقت والآخر .. حتى دلفت عليهم دولت والدة علا ورحبت به قائلة :
- منور الدنيا يا أمير يا إبنى .
صافحها قائلا بود :
- منورة بحضرتك يا حاجة .. معلش جيت من غير معاد .. بس ريتال وحشتنى .
- يا إبنى ده بيتك .. وتقدر تشوفها فى أى وقت .. دى بنت أخوك الله يرحمه .

خرج جاسم من غرفته يتثائب بكسل .. حتى رأى غرفة الصالون مضاءة فعلم أنه هناك زائر إليهم .. إقترب من الصالون ليتفاجأ بأمير يداعب ريتال .. رفع حاجبه للأعلى وصك أسنانه بقوة .. ثم تحامل على مشاعره الغاضبة وتصنع الإبتسام وهو يقول بهدوء :
- أخبارك إيه يا أمير .
رفع أمير عينيه ناحية جاسم وقال وهو يتطلع إليه بحذر وتوجس :
- كويس .. حمد الله على السلامة .
لوى جاسم ثغره وهو يقول بإمتعاض :
- الله يسلمك .. غريبة عرفت منين إنى كنت مسافر .
رد أمير بصوت قاتم .. وهو يرمقه بنظرات ساخطة :
- عادى .. وصلنى الخبر بالصدفة .. يا رب تكون إتوفقت .
إبتسم جاسم بغموض ورد عليه بقوة :
- إتوفقت .. وهتوفق إن شاء الله .
تطلع أمير مجددا بريتال و قبلها بوجنتها قائلا :
- هاه يا حبيبتى .. عجبتك الفساتين .
إبتسمت ريتال بفرحة وقالت :
- أيوة .. جميلة قوى .
إعتدل أمير فى وقفته .. وعدل من هيئته وقال وهو يتطلع بعلا :
- أنا همشى بقا .. وشكرا يا حاجة دولت على رعايتك لبنت الغالى ومراته .
ردت دولت بهدوء متزن :
- دى بنتى .. ودى حفيدتى .. وشكرا ليك إنت يا إبنى .
ملس أمير على شعرات ريتال وقال وهو ينصرف :
- بعد إذنكم .
- مع السلامة .

تطلع إليه جاسم بغضب يكتمه بداخله وينهشه وهو يراه يعيش حياته بأريحية وضمير ميت بعدما تخلص من أخوه .. تخلص من طارق الحنون ليأخذ هو مكانه فى ميراثهم .. والأخطر هو رغبته القديمة بعلا التى فضلت أخيه عليه .. فقرر أن يقتله ويحظى بزوجته الجميلة وأمواله .. ما يغضب جاسم حقا .. هو أنه متأكد من حدثه .. ولكن دون دليل واحد .. فيقتله ألمه كل يوم و هو يتذكر آخر كلمات لطارق و هو يحتضر بعدما طعن أكثر من طعنه فى صدره .. بينما قاوم طارق آلمه و قال :
- أخويا .. أمير .. قتلنى .

نفض جاسم ذلك الصوت الذى لازمه لسنة كاملة .. و هو يخبره بخسة و دنائة أمير .. حاول جاهدا أن يربط بين قتل طارق و أمير و لكن دون جدوى .. أخرجه من شروده صوت علا و هى تربت على ذراعه بتعجب من حالته و قالت بقلق :
- مالك يا جاسم .. إنت إتضايقت إنى خليت أمير يشوف ريتال .
إبتلع جاسم غصة مريرة بحلقه و قال بهدوء يخفى به تلك النيران التى تنهشه من الداخل :
- لا بالعكس .. ده عمها و أى وقت يحب يشوفها .. يتفضل ييجى هنا قدامنا و يشوفها براحته .
ثم إنحنى لمستوى ريتال .. و قبلها بألم و قال بنفسه :
- صدقينى يا ريتال .. هجيب حق أبوكى من اللى حرمك منه و من طيبته .. بس شوية وقت .

.................................................. .................................................. .....
....................................


يتبع

انتظروني بالفصل الرابع ....

ياسمين أبو حسين 02-11-20 12:10 AM

أتمنى الفصل ده ينول اعجابكم
و بانتظار تعليقاتكم و ملاحظاتكم بفارغ الصبر

#ياسمين_ابو_حسين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

أميرة الوفاء 02-11-20 05:17 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبــارك روايتـ? ياسمينة
أتمنـى لك التوفيـق
وأن تجـدي الدعم
وتحققـي النجـاح اللـي تتمنيـه
..

ياسمين أبو حسين 03-11-20 12:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الوفاء (المشاركة 15178843)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبــارك روايتـ? ياسمينة
أتمنـى لك التوفيـق
وأن تجـدي الدعم
وتحققـي النجـاح اللـي تتمنيـه
..



و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
يبارك بعمرك حبيبتي الغالية
و انا كمان أتمنى الدعم و انها تنول إعجابكم و استحسانكم ان شاء الله
و أكون عند حسن ظنكم
أسعدتيني 💗🌼🌼🌼

عاشق الياسمين الياسمين 04-11-20 02:29 PM

الفصل الثالث رائع وبانتظار الرابع
بالتوفيق دائما يارب

Moon roro 04-11-20 04:20 PM

مبرووووك روايتك الجديدة ياسمين
اشتقنالك كتيير
بتمنالك التوفيق حبيبتي 🌹🌹🌹


الساعة الآن 09:07 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.