شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة (https://www.rewity.com/forum/f524/)
-   -   وعد بلا رحمة (https://www.rewity.com/forum/t475552.html)

آلاء الليل 04-11-20 04:56 PM

تسجييييل حضوووور

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moon roro (المشاركة 15181877)
مبرووووك روايتك الجديدة ياسمين
اشتقنالك كتيير
بتمنالك التوفيق حبيبتي 🌹🌹🌹

يبارك بعمرك حبيبتي
و الله و انا اشتقتلك اكتر

بمتابعتكم يا قلبي تسلمي 💗💗💗

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل (المشاركة 15181912)
تسجييييل حضوووور


تسلمي يا قلبي
هستني رأيك بعد الفصل الرابع

💗💗💗

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:42 PM

الفصل الرابع :

***********************

جلس الجميع على طاولة الطعام .. بينما قالت وعد بضيق و هى تطالع سلسال روضة الذى أهداه إليها مالك :
- حلوة السلسلة دى .. يا بختك يا رودى .
إبتسمت روضة بمكر و قالت و هى تلملم شعراتها الناعمة خلف أذنها :
- فى ناس شكلها غيرانة .
ردت وعد و هى تشيح بيدها بضيق :
- أغير من إيه عادى يعنى .. بكرة المية تكدب الغطاس .. ولو طلع بيضحك عليا .. ما يلومش إلا نفسه .
دارى عمرو ضحكته وقال ليستفزها أكتر :
- بس إيه رأيك يا روضة فى ساعتى .. تجنن دى ماركة على فكرة .
ردت روضة و هى تتابع إحتقان وجه وعد بطفولة آسرة :
- بجد حلوة قوة .. و شكلها غالية كمان .
وضعت وعد يدها أسفل وجنتها مستندة على طاولة الطعام و قد تقوست شفتيها لأسفل بحزن طفولى .. جعل إمتثال تقول بغضب :
- مين اللى شال الشبشب من هنا .. عارف إنت و هى .. لو زعلتوا وعد تانى مش هيحصلكم طيب .. و باعدين يا وعد يا حبيبتى مالك قال إن هديتك أغلى هدية .. فاصبرى يا بنتى وإنتى اللى هتغظيهم .
لمعت عينى وعد وقالت و هى تتخيل تلك الهدية الغالية :
- هموت و أعرف هى إيه .. و ساعتها هغيظكم غيظ .
إجتذبها عمرو لصدره .. و ضمها إليه بقوة .. ثم قبل مقدمة رأسها و قال بحنان :
- أنا آسف لو ضايقتك يا بنوتى يا حلوة .
أغمضت وعد عينيها و هى تستمتع بدفء حضن أخيها .. ثم قالت براحة :
- برضه هتدفع تمن إنك ضايقتنى يا أستاذ عمرو .. والمرة دى عاوزة 3 علب أيس كريم .

زفر عمرو بملل و قال بتأفف :
- أووف بقا .. حرام عليكى يا وعد بجد .. ده أنا عريس و بجهز بيتى .
وقفت مسرعة و وضعت يديها بخصرها و قالت بتذمر :
- إيه من أولها كده هتفضل البت روان خطافة الرجالة دى عليا .
ضحك عمرو ضحكة عالية و هز رأسه متعجبا .. ثم قال وهو يركض ورائها :
- بقى أنا مراتى خطافة رجالة .. ده أنا هموتك .
صرخت وعد و هى تركض أمامه وقالت بخوف :
- خلاص يا برنس .. دى روان دى ست الناس كلهم .
دلفت غرفتها و أغلقتها عليها و إستندت بظهرها على الباب و هى تلهث .. و ضحكاتها تملأ البيت فرحة .. تنهد عمرو مطولا و قال وقد كسى الحزن ملامحه :
- رغم شقاوتها و ضحكها .. بس الحزن اللى فى عنيها بيموتنى .
وقفت روضة و إقتربت منه .. ثم ملست على ذراعه و هى متشبسه بكفه .. و قالت بإمتنان :
- بعد الشر عنك يا حبيبى .. وربنا يخليك لينا يا أحن إنسان فى الدنيا .. بجد يا عمرو مش عارفين من غيرك كنا هنعمل إيه .
قرب عمرو كف روضة من فمه وقبله .. ثم ربت على ظهرها بحنان قبل أن يندفع صوب غرفة وعد وطرقها بقوة وهو يقول بمرح :
- إفتحى يا جبانة .. أنا هوريكى هعمل فيكى إيه .. إفتحى أحسنلك .
- مش فاتحة .. ولو ما بعدتش هيبقوا أربع علب أيس كريم .. ومش هديك منهم .

ثم تعالى ضحكاتهم جميعا فى ذلك المنزل المفتقد لحنان الأم و دفء الأب و الذى تلعب روضة و عمرو ذلك الدور لصغيرتهم المشاغبة .. تطلعت إليهم إمتثال بغصة وهى ترى إعتمادهم على نفسهم .. وحبهم لبعضهم و ما يؤلمها أكثر أن كلا من والديهم لا يستحق هؤلاء الأولاد البارين بهم رغم كل شئ .. إلا المتمردة الصغيرة و التى ترفض الأمر الواقع .. و لم تسامح والديها رغم مرور السنين .

.................................................. ..........................................
.................................


إرتمى جاسم بجسده على الفراش و عقله شارد تماما فى كيفية إنتقامه لصديقه و أخيه و زوج أخته .. طارق .. كلما رأى أمير تجدد عنده إحساس الإنتقام ومواصلة طريق البحث وراء أمير .. فهو يعلم أمر إتجاره بالفتيات و إجباره لهم على مزاولة الرزيلة.. ولكنه لا يمتلك دليل واحد .. ورغم ذلك فمنذ وفاة طارق وهو يتواصل مع أحد ظباط الشرطة بعدما أخبره بكلمات طارق الأخيرة أن أمير هو قاتله .. و ما توصل إليه طارق قبل وفاته أو قتله عن أفعال أخيه المشينة ....
تنهد مطولا و هو يتوعد أمير .. إلا أن وقعت عينيه على هدية مالك لوعد .. فإبتسمت شفتيه و هو يتذكر وصف مالك لوعد .. فأغمض عينيه وبدأ برسمها بمخيلته .. حتى إجتذبه النوم لهوة سوداء واسعة .. و لكنه بحث حوله بتعجب .. فرأى طيف من بعيد يقترب منه .. بدأت تتضح له الرؤية .. و هو يرى أمامه فتاة مبهمة الملامح .. إلا أنها بدأت تتضح رويدا رويدا بوجهها المستدير كالبدر .. و عيونها الكحيلة .. و شفتيها المرسومة .. و بياضها الوردى .. فخرج صوته متوترا و هو يسألها بفضول :
- إنتى مين ؟!!!
أتاه صوتها من بعيد .. صوت أنثوى رقيق يقول :
- أنا ...... وعد .
إنتفض جاسم من غفوته القصيرة و قد غرق جسده فى عرقه .. و تعالى صدره صعودا و هبوطا من شدة ذعره .. إلا إنه جلس على طرف فراشه .. و مسح تلك القطرات التى تجمعت على جبينه و رفع شعراته التى إلتصقت بجبينه للخلف و قال بتوتر :
- هى وصلت لكده .. بحلم بواحدة عمرى ما شوفتها .. منك لله يا مالك إنت السبب .
وقف و حمل منشفته .. وأخرج من خزانته ملابس نظيفة وإتجه للمرحاض .. إغتسل و هو يطالب عقله بإخراج تلك الغازية والتى سلبت عقله لمجرد حكايات قصيرة عنها .. إلا إن عقله تمرد و أصر على بقائها بداخله .. فقرر أن يجالس أهله و ألا يجلس منفردا حتى لا يعود لتلك الهوة السوداء مجددا .. و التى يتمنى العودة إليها و لكنه يقاوم .. يقاوم وهما .. ياللأسف .

.................................................. .................................................. ........
......................


دلفت وعد غرفة روضة .. فوجدتها تقرأ كعادتها .. فأغلقت ورائها الباب وإقتربت من روضة وهى تقول بدلال :
- رودى .. ممكن تسرحيلى شعرى .
إبتسمت شفتى روضة و رفعت عينيها من الكتاب لتطالع تلك الطفلة الكبيرة و التى كلما إنتابتها نوبة الإشتياق لحنان والدتها .. تطلب من روضة أن تلعب هذا الدور .. أومأت لها روضة برأسها و قالت و هى تطالعها بحنان :
- تعالى .. قربى منى .
أعطتها وعد فرشاة شعرها .. و جلست بجوارها لتبدأ رحلة روضة الطويلة بشعرات وعد التى تقارب الوصول لركبتيها .. شعر غريب لفتاة أغرب .. فوعد كما يقال عنها صهباء .. بشعراتها البرتقالية المائلة للأحمر .. كشعاع شمسى وقت الغروب .. ناعم كالحرير .. و لديها حاجبان بنفس لون شعرها تقريبا و لكن أغمق .. و هى دائمة صبغهما بلون بنى .. و تناثرت بعض علامات النمش الجذابة على أنفها و وجنتيها .. و أيضا دائما ما تخفيهم بكريمات خاصة .. كانت روضة تشعر بمتعه غريبة كلما مشطت لوعد تلك الأشعة الشمسية والتى تسمى شعرا .. وما يمتعها أكتر تلك الرائحة العذبة التى تخلفها تلك الأشعة رائحة كالمسك .. زادت إبتسامة روضة وقالت بمكر :
- مش ناوية تقصرى شعرك ده شوية يا وعد .
شهقت وعد و هى تهتف بذعر :
- ﻷ طبعا .. شعرى ده زى إبنى أو بنتى بهتم بيه و براعيه كأنه طفل صغير .. تقدرى تأذى إبنك أو بنتك .
إحتضنها روضة من الخلف و هى تحاوط صدرها بذراعيها و قالت بحنان :
- بهزر يا حبيبتى .. بس بخاف عليكى لحد يشوفك ويحسدك على جمالك ده .
شددت وعد يديها على ذراعى روضة و قالت بحب :
- تسلميلى يا حبيبة قلبى .. بس إنتى أحلى بجد .. رقيقة و قمراية .
- إنتى اللى قمر و شمس فى نفس الوقت .
لملمت وعد ذلك الشعاع الطويل ولفته و عقصته ككعكة .. ثم إلتفت لروضة وبعينيها تلك النظرة الآسرة كجرو صغير .. وهى تقول بصوتها الرقيق :
- ممكن أنام جنبك النهاردة .
إجتذبتها روضة لحضنها و ضمتها بقوة و هى تقبل جبهتها بحب و قالت :
- طبعا يا حبيبتى .. دى تبقى أحلى نومة و أنا فى حضنى بنوتى الحلوة .
إعتدلت وعد فى جلستها وتمددت على الفراش تستعد للنوم .. فسألتها روضة بتعجب :
- هتنامى بدرى يا وعد .. معقولة .
فردت وعد و عينيها تطبق بقوة مستسلمة لنومها :
- أها .. تصبحى على خير .
ملست روضة على شعراتها و قالت و هى تتأمل ملاكها الصغير :
- و إنتى من أهله يا عمرى .
أغمضت وعد عيناها و راحت بسبات عميق لشعورها بالآمان .. بينما تطالعها روضة بإشفاق و هى تدعوا لها بأن يرزقها الراحة و السكينة ... تلمست روضة السلسال و قد لمعت عيناها ببريق عاشق متذكرة نظراته و هو يناولها اياها .. تنفست بعمق و أغلقت عيناها سابحة بأفكارها ....
.................................................. .......................................
....................................


دلف جاسم لشركة والده والتى تدير جميع أعمالهم من تجارة الأخشاب والموبليات و بيع وشراء الأراضى ..وأيضا يعد مكتب محاسبة .. صعد بالمصعد حتى توقف أمام الدور الذى به مكتبه .. وخرج متوجها إليه وقف أمام سكرتيرته وهو يتأملها بجرأة ثم وضع أمامها على المكتب هدية مغلفة .. فرفعت رأسها إليه و وقفت مسرعة و قالت بلهفة :
- مستر جاسم .. حمد الله على السلامة .
تطلع إليها مطولا وعلت شفتيه إبتسامة شقية و قال هامسا :
- الله يسلمك يا قمر .. يا رب هديتى تعجبك .
تطلعت راندا صوب هديته و قالت بضيق :
- سورى يا مستر جاسم مش هقدر أقبلها .
- ليه كده .. عوزانى أزعل منك .. دى حاجة بسيطة بجد .
أخذت راندا نفسا مطولا و زفرته مرة واحدة و هى تفكر ثم قالت بإبتسامة هادئة :
- تمام .. و شكرا لحضرتك .

رفع جاسم حاجبيه بإنتصار و قد لمعت عينيه و إزداد غروره و ثقته أنه لا توجد أنثى تقول لجاسم رحال .. ﻷ .. مال ناحيتها و قال و هو يحدجها بقوة أربكتها :
- خلى مالك وسامر يجونى عالمكتب .. و هاتيلى أى ورق متأخر محتاج إمضتى .

أومأت برأسها و هى تتطلع داخل عينيه التى آسرتها بنظرتها الثاقبة .. حتى قطع هو تلك الحالة و دلف لمكتبه .. وضعت راندا كفها على صدرها لتهدئ من نبضات قلبها الهادرة .. ثم إبتلعت ريقها و توجهت لمكتب مالك .. طرقت الباب و قالت بعملية :
- مستر مالك .
رفع مالك رأسه ناحيتها قائلا :
- أيوة يا آنسة راندا .
- مستر جاسم عاوز حضرتك فى مكتبه إنت و مستر سامر .
أومأ مالك برأسه و قال بضيق :
- طب الأستاذ سامر لسه ما شرفش .. قولى لجاسم شوية و هنيجى .
- حاضر يا فندم .
تركته وإنصرفت عائدة لمكتبها .. بينما هاتف مالك سامر .. لتنغلق المكالمة بوجهه .. صك مالك أسنانه بغضب و قال بضيق :
- ماشى يا سى سامر أما أشوف وشك .
فسألته سيدة تجلس بجواره على مكتبها متعجبه من كلماته المبهمة :
- فى إيه يا مالك بتكلم نفسك .
رد عليها وهو يشتعل من غضبه :
- سى سامر قفل فى وشى .. مش هاين عليه يرد عليا و جاسم عاوزنا دلوقتى فى مكتبه .

إنتبها الإثنين على ضحكات عالية لشاب يقف على باب مكتبهم و هو يتابع غضب مالك بتلذذ ثم قال ساخرا :
- حلاوتك يا أبيض .. التيشرت البمبى ده يجنن عليك يا مالك .. البنات سابوك توصل للشركة إزاى .
إختفى ضيق مالك و غضبه و قال ساخرا وهو ينظر لسامر نظرة شمولية :
- أنا أبيض برضه .. أمال إنت إيه .. بشعرك الأصفر ده .
عدل سامر من ياقة قميصه و قال بقوة :
- شعرى أصفر آه .. بس راجل قوى .
ضحكت إنتصار ضحكة عالية على مزاحهم و قالت بحزن :
- والله هتوحشنى مناكشاتكم دى .. بس إنت يا سامر هرتاح من قلشك و خفة دمك اللا متناهية .
غمز لها سامر بعينه و قال مداعبا :
- طب والله هتفتقدينى .. أنا عارف إن كلامك ده من ورا قلبك .
زادت ضحكات إنتصار و قالت لمالك برجاء :
- معلش يا مالك إدى خبر لمستر جاسم إنه النهاردة آخر يوم ليا .. لازم أحضر نفسى للسفر لجوزى فى السعودية .
أومأ مالك برأسه و قال بأسى :
- ربنا يوفقك يا مدام إنتصار .. والله هتوحشينا .
- تسلملى يا مالك .. وربنا يوفقكم إنتم كمان .
وقف مالك و إتجه لباب الغرفة قائلا و هو يدفع سامر أمامه :
- قدامى يا خفيف جاسم عاوزنا .
خرجا سويا .. فعادت إنتصار لملمة أشيائها من على مكتبها بضيق .. حتى أطل سامر برأسه مجددا و قال مداعبا :
- طب والله هتفتقدينى .
فعادت إليها ضحكاتها مرة أخرى و هى تحرك رأسها بيأس من ذلك المشاغب .. بينما جذبه مالك من قميصه و قال بغضب :
- يالا يا عم الظريف بقا .
توجها الإثنين لمكتب جاسم .. و وقفا أمام راندا فسألها مالك :
- جاسم لواحده .
أشارت لهما بيدها و قالت بإبتسامة هادئة :
- أيوة إتفضلوا .

دلفا على جاسم المكتب فقال سامر ساخرا :
- هاه يا معلم ظبطت مستر خافيير .. و لا تيتى تيتى زى ما روحتى زى ما جيتى .
تطلع إليه جاسم بضيق و قال وهو يزفر مطولا :
- بطل سخافة و تقل دم .. و إقعدوا علشان عاوزكم فى موضوع مهم .
جلسا أمامه على المكتب .. حتى سأله سامر بعبوس :
- جرى إيه يا برنس .. فين هديتى .. يعنى مالك يفتكرنى و إنت ﻷ .
أخرج جاسم من إحدى أدراج مكتبه هدية و أعطاها لسامر و قال بإبتسامة ماكرة :
- و لو إنه خسارة فيك .. بس فاتك كتير فى السفرية دى .. تخيل الشيخ مالك كان هينهار قدام ديانا .
إتسعت عينى سامر و قال غامزا بعينيه :
- صلاة النبى مكسبى .. بقا الشيخ مالك بنفسه موزة عرفت تحركه .
رمقهم مالك بنظرات تحذيرية ثم قال بضيق :
- أستغفر الله العظيم .. نسيب الكلام فى الشغل ونقعد نهرى فى المهرى .
تنحنح جاسم و هو يدارى ضحكاته .. ثم قال بجدية :
- شوية جد بقا .
فقاطعه سامر قائلا وهو يستند بمرفقه على المكتب :
- قول يا قوال .
زفر جاسم ومالك بضيق .. بينما قال جاسم و هو يتجنب التطلع لسامر :
- أمير رجع يلعب تانى .. و معاه بنتين هيعمل عليهم المزاد خلال كام يوم لأنهم لسه آنسات .
علت الجدية ملامح الجميع حتى صرخ سامر قائلا و كأنما تلبسه شيطان غاضب :
- إبن ال**** .. فاكر نفسه ناصح و محدش هيقدر يوقعه بس على مين .. و رحمه طارق ما هنسيبه غير يا ميت .. يا متعفن فى الحبس .
هدأه مالك قائلا و هو يجذبه من ذراعه ليجلس مرة أخرى قائلا بحدة :
- إقعد يا سامر بقا .. حق طارق و مش هنسيبه لو لآخر يوم فى عمرنا .. ريتال لازم تكبر و هى فخورة بينا إننا جبنا حق أبوها من الكلب اللى يتمها بدم بارد .
أغمض جاسم عينيه وهو يسترجع ذلك اليوم المشئوم بكل تفاصيله ..عندما هاتفه طارق وطلب منه مقابلته لأمر هام .. توجه إليه جاسم مسرعا ليجده يلفظ أنفاسه الأخيرة و جسده يسبح فى دمه .. أغلق عينيه بقوة كأنه يريد أن يمحو تلك الذكرى من رأسه .. حتى رأى ضوء مشع من بعيد و رأها أمامه مجددا .. بملامح مبهمة غير واضحة .. و كأنها تربت على قلبه ليهدأ .....

لاحظ مالك وسامر حالة جاسم وتوتر أعصابه .. ونفور عرق رقبته بقوة .. فوخذه مالك بكفه وقال بقلق :
- جاسم .. جاسم مالك يا معلم .
إنتفض جاسم بذعر .. ثم إبتلع ريقه و لعق شفتيه الجافة من توتره و إعتدل فى جلسته و قال و هو يخفى توتره :
- مافيش .. بس الرائد أحمد مطمنى المرة دى .. و طلب منى أبعد خالص عن الليلة دى .. بس لو هو فلت منه المرة دى .. أنا اللى هجيبه بإيدى و اللى يحصل يحصل .
إنحنى جاسم للأمام قليلا .. و إستند بمرفقيه على مكتبه و قال بجدية :
- عموما .. نتكلم فى الشغل شوية بقا .. جهزت شحنة أوض النوم و السفرة اللى مسافرة السعودية يا مالك .
أومأ مالك برأسه و قال مؤكدا :
- كله تمام .. و على أعلى جودة .. ما تقلقش يا معلم .
إلتفت برأسه لسامر و قال :
- وإنت يا سامر .. هتظبط موضوع شحنة الخشب اللى جاية من رومانيا عن طريق المينا .. مش عاوزين عطله و حياة أبوك .
لم يخرج سامر من حالة الهياج التى أصابته .. و لكنه تمالك نفسه قائلا بصوت جاف أجش :
- حاضر .. ما تقلقش كله هيبقى تمام .
إنتبه جاسم على رنين هاتفه .. لتبتسم شفتيه .. فرفع عينيه لمالك و سامر و قال بحدة :
- يالا يا بابا إنت و هو على مكاتبكم ورانا أشغال .
صفع سامر كفيه ببعضهما مستنكرا و قال بتعجب :
- إمتى ربنا هيهديك وتبطل جو الصحوبية اللى إنت ماشى فيه ده .
فصاح بهم جاسم بقوة :
- مش وقت مواعظ وخطب .. بره يالا .
وقف مالك و مال على مكتبه قائلا بجدية :
- مدام إنتصار آخر يوم ليها النهاردة .. و أنا عندى البديل .. إيه رأيك .
زفر جاسم بضيق و قال فاقدا صبره :
- موافق طبعا .
فسأله مالك بتعجب :
- يعنى مش عايز تعرف هى مين .
فقال له جاسم بقوة آمرا دون تردد :
- مش عايز يا سيدى .. إنت مش واثق فيها خلاص خليها تيجى بكرة معاها كل ورقها و تستلم شغلها من بكرة .. إطلعوا بره بقا .

وقفا الإثنان و هما يطالعانه بضيق من تصرفاته الهوجاء .. و ركضه وراء الفتيات .. و لكن بإستسلام تركا له المكتب و عادا لمكتبهما .. رد جاسم على هاتفه أخيرا و قال هامسا بشوق :
- ما كنتش متخيل إنك هتوحشينى كده .. هنتقابل فى الكافيه اللى على البحر بالليل تمام .

.................................................. .................................................. ....
.............................

جلس سامر على طرف مكتب مالك و سأله بفضول :
- مين اللى هاتيجى مكان مدام إنتصار .
إبتسمت شفتى مالك بخفوت .. و تنهد مطولا ثم قال بهدوء :
- جارتى .. خريجة إدارة أعمال و بتدور على شغل .. وواثق فيها جدا .. و إسمها وعد القاضى .
رفع سامر حاجبه متعجبا من حالة مالك .. ثم قال بمكر :
- إسمها حلو .. يا ترى هى كمان حلوة .
بهتت ملامح مالك .. و هو يطالعه بغضب ثم ضيق عينيه و قال بصوت منفعل :
- إنت بتستعبط .. إزاى تقول عليها كده .
إبتسم سامر و هز رأسه مؤكد حدسه و قال بغمزة من عينيه :
- شكلك وقعت ولا حدش سمى عليك .. و الله حسيت و قولت أستفزك علشان تقر .
رمقه مالك بغضب ثم قال بحدة :
- قولتلك جارتى .. جارتى و بس و زى روان أختى كمان .. روح شوف اللى وراك بقا و سبنى أشوف اللى ورايا .

لم تنطلى على سامر كذبة مالك .. و لكنه آثر السلامة و إبتعد عنه عائدا لمكتبه .. بينما تطلع مالك بحاسوبه و هو يفكر جديا بأمر إعجابه بوعد الذى تنبه اليه الجميع سواه .. تنهد مطولا و هو يتخيل أن تلك الطفلة الجميلة حبيبته .. لاينكر أنه فور عودته من سفره و رؤيته لها شعر بشئ غريب يتحرك بداخله .. و كأنه يراها لأول مرة .. ثم رفع عينيه و تطلع لمكتب إنتصار و تخيل أن من تجلس عليه هى وعد .. بإبتسامتها الساحرة و شقاوتها المهلكة .. و حزنها المؤلم .. حتى إبتسمت شفتيه بهدوء شاردا بها .......... بشوق .


.................................................. ...........................................
.................................


خرج عمرو من غرفته بعدما إغتسل وبدل ملابسه .. ثم جلس على طاولة الطعام .. و إحتضن وعد وقبل مقدمة رأسها كعادته وقال :
- يالا يا جماعة بسم الله .
إنهمكوا فى تناول طعامهم حتى سألت وعد روضة بقلق :
- مالك يا رودى .. من ساعة ما رجعتى من شغلك وإنتى مش معانا .
إبتسمت لها روضة بخفوت وقالت رغما عنها :
- لا يا حبيبتى أنا كويسة .. بس شوية إرهاق مش أكتر .

أومأت وعد برأسها بإستسلام .. بينما عادت روضة لشرودها .. كلما تذكرت سؤال تلك الطفلة لها بأن يصح أن يقبلها رجل غريب كما يفعل والدها وأكثر .. فسألتها روضة ومن هذا الغريب فأجابت الطفلة ببرائة أنه أستاذ مصطفى .. إنقبض قلب روضة .. و فكرت قليلا ثم قالت لها أنه يعتبرها كإبنته لا أكثر ورغم هذا فلا يحق لأى شخص أن يقبلها سوى والدها وأخيها .. و إلتقت بمصطفى و سألته عما قالته تلك الفتاة ولكنه للأسف أنكر .. وهذا ما أقلق روضة عن حق فإن كان فعلها بحسنة نية .. فلن ينكر ولكن إنكاره ما جعلها تشعر بالخوف ....
إنتبه جميعهم على طرق لباب شقتهم .. فدلفت روضة ووعد لغرف نومهما .. بينما فتح عمرو الباب ليجد أمامه مالك .. فصافحه قائلا بود :
- تعالى يا مالك إدخل .. أخبارك إيه .
دلف مالك للشقة وهو مطرق رأسه .. فأسرع عمرو قائلا :
- تعالى إقعد إتغدى معانا .. تيتة عاملة سمك صيادية إنما إيه خيال .
لعق مالك شفتيه وقال بتلهف :
- إنت هتقولى على أكل تيتة .. عموما موافق .. وأنا كنت جاى علشان عاوز وعد فى موضوع مهم .
حثه عمرو على التقدم وقال بفضول :
- موضوع إيه يا ترى ؟!!!
خرجت وعد من غرفتها بعدما إرتدت إسدالها وقالت بمشاغبة فور رؤيتها لمالك :
- أى ريح قد أتت بك يا أخو خاطفة الرجال .
إبتسم مالك مسرعا على إثر مداعبتها .. بينما قال عمرو بضيق وهو ينصرف ليرد على رنين هاتفه :
- هقطلعلك لسانك ده فى مرة .. بس مش وقته .
حيا مالك إمتثال وقال بإبتسامته الهادئة :
- أخبارك إيه يا تيتة .
وقفت إمتثال وقالت وهى تبادله إبتسامته :
- كويسة يا حبيبى .. إقعد على ما أجيبلك طبق للشوربة .. ده أنا طابخة صيادية إنما إيه هتحلف بيها .
جلس مالك على إحدى كراسى الطاولة .. فقالت وعد بتذمر :
- ده الكرسى بتاعى على فكرة .

رفع مالك عينيه ناحيتها .. وهو يتأملها مسحورا .. فلقد رآها دون أن تخفى حاجبيها الحمراوين .. وتلك النقط المثيرة على أنفها و الممتدة لوجنتيها قليلا .. فبدت جميلة جدا .. لام نفسه على تفكيره ولكنه رد ببرود عكس ما يشعر به :
- شوفيلك حتة تانية إقعدى فيها .
زفرت بضيق .. وحملت طبقها إلا أنه أمسكه وقال متابعا تلك النبرة الباردة :
- شوفيلك طبق تانى .

تطلعت إليه بتعجب .. و حاولت تغير معلقتها بأخرى ولكنه جذبها منها وإغترف بها بعض حبات الأرز و أكلها ليشير أنه حتى معلقتها لن يتنازل عنها .. إبتلعت ريقها بتوتر وهى لا تفهم مقصده من تلك الحركة الغريبة .. حتى قطعت روضة تلك الحالة وقالت بخفوت :
- منور الدنيا يا مالك .
وقف لها مالك حتى جلست أمامه وجلس هو الآخر قائلا :
- ده نورك يا روضة .. معلش قطعت أكلكم بس كنت عاوز وعد فى موضوع مهم .
لمعت عينى وعد و جلست بجوار روضة .. وقالت بتلهف وفقدان صبر :
- هتقولى هديتى إيه هى صح ؟؟؟؟؟
تطلع إليها مطولا .. ثم قال بهدوء مستفز :
- ﻷ .
زمت شفتيها بطريقة طفولية و وضعت يدها أسفل وجنتيها الورديتين .. بينما إبتسم مالك وهو يتأملها بهيام .. حتى خرج عمرو من غرفته .. وجلس بجوار مالك وربت على ذراعه وقال مداعبا :
- إضرب .. إضرب .. إنت آخر مرة أكلت إمتى .
عقد مالك حاجبيه وهو يرد عليه بضيق :
- إيه قلة الذوق دى .. بس برضه هاكل .
ثم رفع عينيه ناحية وعد وقال وهو يطالعها بعينين متوهجتين من بداية شرارات عاشقة :
- ده حتى الطبق ده أحلى طبق صيادية أكلته فى حياتى .. يمكن السر فى المعلقة .
ظلت تحدق فى حدقتاه تريد أن تستشف منهما مقصده .. لكن تلك الشرارات وصلتها حتى شعرت لأول مرة برجفة بقلبها البرئ .. وهو ينظر إليها لا يرغب بالحديث .. فقط يريد أن ينهل من ملامحها .. حتى سأله عمرو بفضول :
- قولى بقا موضوع إيه المهم اللى كنت عاوز وعد فيه .
إعتدل مالك فى جلسته وقال بجدية :
- مدام إنتصار اللى كانت معانا فى المكتب هتسافر لجوزها السعودية .. ففكرت فى وعد تشتغل مكانها .
شهقت وعد وهى تهتف بفرحة :
- بجد يا مالك .. أخيرا لقيت شغل .
- بصى يا ستى تحضرى كل الأوراق اللى فى الورقة دى .. و بكرة الصبح الساعة 9 تبقى فى المكتب .. وهتلاقى عنوانه فى نفس الورقة .. إسألى عنى وأنا هبقى بستناكى وتستلمى شغلك على طول .
أعطاها مالك الورقة التى أخرجها من جيب قميصه .. تطلعت إليها وعلى ثغرها إبتسامة متحمسة .. فربتت روضة على ذراعها وقالت بحنو :
- مبروك يا حبيبتى .. عاوزاكى تثبتى نفسك و تبقى قدها .
بينما قالت إمتثال بقلق :
- بس أنا أخاف عليها .. وباعدين هى مش محتاجة الشغل مستورة والحمد لله .
رد عليها عمرو لطمأنتها :
- متقلقيش عليها يا تيتة .. وباعدين إحتا بنشتغل مش علشان فلوس بس .. بالعكس إحنا بنشتغل علشان نثبت نفسنا ونترجم سنين طويلة درسناها .
مال مالك بجسده ناحية عمرو وقال بحرج :
- عاوز أغسل إيديا لو سمحت يا عمرو .
وقف عمرو وهو يشير إليه قائلا :
- طبعا .. إتفضل .
تركاهما لتندفع وعد قائلة بحماس :
- روضة .. لازم ننزل نشترى هدوم جديدة .. بعد الغدا ناخد روان وننزل .. وافقى والنبى .
إمتعض وجه روضة بضيق وقالت لائمة :
- قولى لا إله إلا الله .. وما تقوليش والنبى دى تانى .. ثانيا إنتى عندك هدوم كتير جدا لسه ما لبيستيهاش يا دودو .
زمت وعد شفتيها وقالت بحزن :
- خلاص مش عايزة شكرا .
تطلعت روضة إلى حزنها المؤلم .. ثم قالت بشفقة على حالها :
- موافقة .. بس إسألى عمرو ومالك لو روان ممكن تخرج معانا ولو وافقوا .. أنا جاهزة .
صفقت وعد بيديها وقالت بإنتصار :
- يبقى جهزى نفسك .. علشان هيوافقوا إن شاء الله .
خرج مالك وعمرو من المرحاض .. فإقتربت وعد من عمرو و أسبلت عينيها و قالت برجاء :
- عمورى علشان خاطرى ممكن روان تخرج معانا علشان أشترى كام طقم .
تصنع عمرو التفكير .. وهى تنتظر بتلهف قاتل حتى قال أخيرا :
- موافق .. بس لسه موافقت عمو سراج ومالك .
رد مالك مسرعا :
- إعتبرهم وافقوا .. و بعد الغدا هتجهز نفسها وتكلمكم .
تنفست وعد براحة وقالت بإمتنان وهى تتحاشى النظر لمالك لألى ترى تلك النظرات المتفحصة والجديدة عليه :
- متشكرة قوى .. ربنا يخليك ليا يا عمورى يا رب .
إبتسم مالك دون أن يشعر وهو يتأكد من عشقه لتلك الصغيرة البريئة .. ثم قال بنفسه :
- إستسلم يا مالك .. واضح إنك كنت بتحبها وإنت مش حاسس .. أيوة أنا بحبك يا وعد .
تنهد مطولا وهو يقاوم التطلع إليها أكثر وقال لإمتثال شاكرا :
- شكرا يا تيتة على الأكل بجد كان حلو جدا .. تسلم إيدك .
ردت إمتثال بإبتسامتها الدافئة :
- بالهنا والشفا يا حبيبى .
رفع مالك يده وقال وهو ينصرف :
- يالا يا جماعة السلام عليكم .
رد الجميع :
- وعليكم السلام .

بينما كانت روضة فى أسعد لحظات حياتها .. لقد كان هنا .. فما زال عطره يملأ المكان .. كانت تراقب كل حركاته طريقة مضغه الهادئة وهو مغلق فمه حتى أنه لم يتحدث وفى فمه طعام .. نظراته المشاغبة لوعد والتى لم تفطن بعد أنها نظرات إعجاب أو بالأحرى عشق .. إبتسامته الهادئة والتى تمنحه جمالا فوق جماله و إحمرار أذنيه البيضاء كوجه .. فلامست السلسال الذى أهداه إليها وهى تتنهد بولع .. بينما أخرجتها من شرودها تلك الزوبعة الصغيرة المسماة وعد والتى تستعد لعملها بقوة كأنه يوم زفافها ....
أخذت وعد تجول المنزل ذهابا وإيابا وهى تحدث نفسها بما يمكنها شراؤه من ملابس وأحذية ومستلزمات لها .. وما ستفعله بعملها لتثبت نفسها .. وطموحها المنطلق فى أن تكون تلك البداية لقادم أكبر .

.................................................. .........................................
............................

فى المساء هاتف جاسم مالك الذى رد بتثاقل قائلا بفتور :
- عاوز إيه يا إبنى إنت .. هو أنا ماينفعش أخلص منك نص يوم على الأقل .
وصل لمسامع مالك ضحكة عالية من جاسم الذى رد عليه لإغاظته :
- وراك وراك يا معلم .. قوم فوق كده وهات سامر وتعالالى ورايا سبق وعاوزكم معايا .
تأفف مالك بضيق وقال ممتعضا :
- ده أمر ولا رجاء .
- ﻷ دى سناء .. إخلص يا بارد .. هات البارد التانى وتعلالى يالا .
رد مالك عليه بغلظة :
- ماشى يا عم السخن .. بص يا جاسم شكل صحوبيتنا دى مش هتطول .
ضحك جاسم مجددا وقال بصدق :
- إحنا إخوات ياله .. مش أصحاب وبس .
- إضحك عليا بكلمتين .. بس برضه الكلام الناعم ده ما ياكلش معايا و هنسيب بعض قريب .
زفر جاسم بضيق و صاح به قائلا بغضب :
- جرى إيه يا إبنى هو أنا مش مالى عينك هى نص ساعة وتبقى قدامى وإلا ما تزعلش من اللى هعمله فيك .
وقف مالك مسرعا وقال بهدوء :
- إهدا يا معلم بنهزر .. إقفل دلوقتى ونصاية ونبقى عندك سلام يا وحش .
أغلق مالك الهاتف .. ووقف أمام خزانته و أخرج تيشرت إسود وبنطال جينزى كحلى و إرتداهم ثم إرتدى حذاء رياضى إسود .. ووضع عطره و صفف شعراته الناعمة .. وحمل هاتفه ومفاتيح سيارته و خرج من الشقة ليجد الفتيات تصعدن الدرج محملات بأكياس كثيرة .. تطلعت وعد لوسامته وعطره الجذاب مثله .. بينما بادر هو وقال ساخرا :
- إيه الأكياس دى كلها .. ده جهاز عروسة .
إقتربت منه روان وقالت محذرة بعدما رأت حاجب وعد الذى إرتفع بضيق :
- إهدى على نفسك كده يا مالوكى .. ده وعد إشترت شوية حاجات لزوم الشغل الجديد وكده .
هز رأسه متفهما وقال بمكر :
- طيب .. أمشى أنا علشان ورايا ميعاد مهم .
خرجت وعد عن صمتها وقالت بشك :
- ميعاد إيه ده اللى متشيكله قوى كده .. إيه بتحب جديد .
وخزتها روضة فى ذراعها وقالت معاتبة :
- عيب يا وعد كده .. إنتى مالك إنتى .
إبتلعت وعد ريقها بخجل بعدما فطنت لما قالته بتسرع نابع من شعور غريب بالضيق لرؤيته بهذه الجاذبية وكلامه عن ذلك الموعد الهام .. فقالت بتوتر :
- أنا بهزر على فكرة .
لكنه تطلع إليها بنظرة جعلتها تتنفس بصعوبة .. أجفلت عينيها عنه وهى تحلل تلك النظرة التى أشعلتها بنيران أربكت كل حصونها .. بينما إبتسم مالك بوجه منتشى من شعورها بالضيق لمجرد فكرة أنه يحب .. ثم تابع كلماته الماكرة وهو يقول بقوة :
- أنا لما هحب .. هخطب على طول .. ماليش فى جو الصحوبية ولعب العيال ده .. واللى بحبها مش هبقى محتاج أقولها لأنها هتعرف لواحدها .. إنى بعشقها بكل تفاصيلها .
لاحظ إرتباكها وتورد وجنتيها أكثر .. فقال مسرعا ليرحمها من تلك الحالة التى إنتابتها :
- أنا همشى أنا سلام يا بنانيت .
هبط الدرج مسرعا و وجه يشع نورا من تلك الإبتسامة التى ملأته .. بينما قالت روضة بغضب :
- زودتيها يا وعد .. عيب كده .
ردت عليها بحرج بادى بنبرتها الخفيضة :
- آسفة .. مش هعمل كده تانى .
فقالت لهما روان بإنفعال :
- مزودينها قوى إنتم .. عادى يعنى .. يالا يا وعد إطلعى علقى الهدوم الجديدة لتتبهدل .. وبكرة الصبح قبل ما تمشى لازم أشوفك تمام .
أومأت وعد برأسها وقالت بإبتسامة باهتة :
- تمام .. شكرا يا روان .

وصعدت مسرعة لا تعرف هل تهرب من روضة أم من نفسها وتلك المشاعر التى أصبحت ترهقها كلما رأت مالك .. وهو أيضا يتمادى بكلماته المبهمة .. ونظراته الدافئة الساحرة .. والتى تهاجم أفكارها دون أن تمتلك الحق فى ذلك .. أو ربما يمتلك ...

.................................................. ...................................
..................................

إستند جاسم بظهره على سيارته الرياضية وعلى ثغره إبتسامة نصر وهو يتابع تقدمها نحوه .. فرغم صلابتها الواهية و غرورها اللا متناهى ها هى ترفع راياتها البيضاء وتتقدم نحوه .. وقفت أمامه بثقة وقالت وهى مستسلمة لحرب النظرات بينهم لتقول أخيرا :
- مش مصدقة إنى جيت هنا .. بس فضولى غلبنى .
إعتدل جاسم فى وقفته وقال بثقة :
- وأنا كنت متأكد إنك هتيجى .. ولا كنت هلغى السباق ده .
إبتسمت نهلة بمداعبة وهى تقول ببساطة :
- طب ولو ما كنتش جيت .. كنت هتلغى الريس بجد .
رفع عينيه للأعلى متصنعا التفكير ثم قال وهو يغوص بعينيه داخل عينيها بجرأة :
- بس أنا كنت متأكد و واثق إنك هتيجى .
قاطع حديثهم سامر الذى يتقدم نحوهن خلفه مالك وهو يقول بسخرية :
- قال يا قاعدين ....... والله ما إنتوا قايمين .
أغمض جاسم عينيه بغيظ وزفر بضيق ثم قال ممتعضا :
- إنتوا إيه اللى جابكم دلوقتى .
رد مالك وهو يصفع كفيه ببعضهما متعجبا :
- مش إنت اللى صحيتنى و قلقت راحتى و خلتنى أجى غصب عنى .. إنت بتتحول يا إبنى .
بينما إقترب سامر من نهلة وسألها بود :
- أنا سامر العطار .. وإنتى إسمك إيه ؟؟؟
ردت نهلة بضيق من تطفلهم .. وعيونها تتطلع بجاسم :
- إسمى نهلة .
فرد سامر مسرعا :
- نهلة ...... طب هاتى شوية عسل .
وإنفجر ضاحكا .. ثم قال ثانية بسخرية :
- إسمك حلو يا نهلة .. طب بقولك إيه هاتى شوية بلح .

وعاد لضحكاته مرة أخرى .. بينما مالك وجاسم قد زفرا بملل فما أن يبدأ سامر بحالة القلش لن يوقفه شئ .. بينما إقترب شخص من جاسم وحدثه هامسا .. فأومأ جاسم برأسه وقال بجدية :
- تمام دقيقتين وهبقى جاهز .
إقترب مالك من جاسم وقال لائما وهو يشعر بالأسى على حال صديقه :
- لزمته إيه جو السباقات ده .. مش خايف على نفسك يا جاسم .. من يوم ما طارق مات وإنت بتعمل حاجات غريبة قوى .. ما إحنا زيك زعلنا على طارق .. بس مش بنرمى نفسنا فى التهلكة زيك .
إبتسم جاسم بيأس وقال بفتور وهو يتنهد بألم :
- ما عنديش حاجة أبكى عليها يا مالك .. وباعدين وأنا سايق بسرعة بخرج النار اللى جوايا .. وبعدها برتاح جدا .
ربت مالك على ذراعه وقال بأسى :
- ليه يا جاسم كده .. إنت لسه صغير وبكرة تتجوز و تجيب عيال مقرفة ورخمة و كشرية زيك .
إبتسم جاسم مواربة وقال بفتور :
- يمكن .. عموما إدعولى أكسب .

ثم غمز لنهلة بعينه وعلى ثغره أجمل إبتسامة رأتها نهلة بحياتها .. صعد سيارته و إستعد وهو يتطلع للطريق كأنه عدو له سيسحقه تحت إطارات سيارته .. وما أن أعطيت إشارة البدء حتى إنطلق مسرعا وهو يلهث كأنه يمتطى فرسا ويركض به هاربا من أفكاره ووحدته وذلك الظلام المحيط بحياته الرتيبة المملة .. والتى تحمل ذكرى مؤلمة وهى فقدان أخ عزيز على قلبه وقلب أخته .. وعندما شعر بأنه يقترب من الفوز .. بدأ صراخه المعتاد يخرج به كل ما يشعر به من ألم ووحشة .. و كأنه أسد يزأر زأرته الأخيرة عقب ذبحه بسكين باردة .

.................................................. ........................................
............................

فى الصباح إستيقظت وعد بتثاقل على رنين المنبه .. جلست على فراشها تلملم تلك الأشعة التى فرت هاربة من عقدتها .. دخلت روضة عليها وقالت بإبتسامتها العذبة :
- يا صباح الورد .
فركت وعد عينيها بكسل وقالت برجاء :
- ممكن أنام النهاردة وبكرة أروح الشغل فايقة ونشيطة وكده .

ضحكت روضة ضحكة عالية .. ثم جذبتها من ذراعها بالقوة .. لتقف بضيق وقد إنسابت شعراتها على ظهرها فغمرتها كليا .. إلتفت روضة خلفها ولملمت لها شعراتها داخل ربطته التى تبدو كقفص تسجن بداخله تلك الشعرات البرتقالية الدافئة .. ثم دفعتها نحو المرحاض .. ووعد تمتم بكلمات مبهمة .....
بعد ساعة تقريبا إنتهت وعد من إرتداء ملابسها و إستعدادتها للعمل .. وقف عمرو يطالع ساعته بضيق ثم قال بنبرة عالية فاقدا صبره :
- يالا بقا يا وعد إتأخرت على شغلى .. ولا إنتى تشتغلى وأنا أترفد .
خرجت وعد من غرفتها عابسة .. ثم قالت بتذمر :
- ده إيه القر اللى على الصبح ده .. عموما يالا يا أستاذ عمرو قدامى .
أعطتها إمتثال علبة صغيرة وقالت وهى تشعر بالخوف :
- ده ساندوتش تاكليه لما تجوعى .. وخلى بالك من نفسك .. وإوعى تكلمى حد غريب .. ولو حد زعلك قولى لمالك .
ضرب عمرو جبهته وقال معترضا :
- خلاص بقا يا تيتة .. متأخر والله .
أومأت وعد برأسها و أخذت العلبة من جدتها .. ثم أوقفتها روضة قائلة :
- وعد .. خلى بالك من نفسك .. ولو خفتى من حاجة ولا حاجة ضايقتك كلمينى فورا .
أومأت وعد برأسها .. ليأتيهم صوت عمرو غاضبا بشدة وهو يقول ساخرا :
- هى راحة الكى جى .. إرحمونى بقا هترفد بسببكم .
إجتذب وعد من ذراعها وهو يجرها خلفه بسرعة يهبطا الدرج مسرعين حتى أوقفتهم آمال وهى تقول بفرحة :
- بسم الله ما شاء الله .. زى القمر يا وعد ربنا يحميكى من العين يا حبيبتى .. لو إحتاجتى أى حاجة قولى لمالك هو هيبقى معاكى فى المكتب .
وأعطتها بعض الشطائر الملفوفة بكيس بلاستيكى وقالت محذرة :
- الساندوتشات دى تتاكل كلها مفهوم .
أومأت وعد برأسها للمرة العشرون منذ إستيقاظها .. فهى تكاد تكون مازالت نائمة وتأكل أرز مع الملائكة .. إقتربت منها روان وقالت ببساطة :
- دودو .. تعالى ناخد سلفى أول يوم شعل ليكى .
تصنع عمرو البكاء وقال ساخرا :
- هى وصلت للسيلفى .. هترفد من شغلى بسبب صورة سلفى .. يارب أشكو إليك .
زمت روان شفتيها وقالت بغضب :
- وهو يعنى الدققتين دول هيبقوا السبب فى رفدك .
تطلع عليها عمرو بهيام وهو يجول بعينيه على ملامحها البريئة والتى دائما ما يشبهها بالقطط .. حبيبته الصغيرة الناعمة .. لاحظت وعد نظراتهم المشتاقة فقالت بسخرية :
- دلوقتى مش هتترفد يا أستاذ إنت .
إتسعت عينى عمرو وقال بقلق :
- هاه .. آه طب يالا قدامى بقا لهمشى وأسيبك والله .
ثم ودع روان بإبتسامة خفيفة تذهب أنفاسها وتزيد من دقات قلبها الملتاع بعشقه .. بينما قالت إمتثال وروضة :
- لا إله إلا الله يا وعد .
ردت وعد بإبتسامة مشاغبة على حالهم :
- محمد رسول الله .. هجيبلكم ماء زمزم وأنا راجعة من العمرة .. سلام .
ليدخل الجميع فى حالة ضحك على مزحتها .

.................................................. ........................................
...............................

جلس جاسم على طاولة الطعام بجوار والده وقال :
- صباح الخير يا حاج فضل .
وضع والد فنجان القهوة على الطاولة وقال بإبتسامة رضا :
- صباح النور يا إبنى ..أخبار الشركة إيه .
وضعت والدته كوب الشاى بالحليب أمامه .. ليبتسم جاسم إليها ثم قال وهو يرتشف من كوبه :
- كله كويس الحمد لله .. بس ليا طلب عندك يا بابا .

إعتدل فضل فى جلسته وقال بإهتمام وفضول :
- طلب إيه .. فى مشكلة عندك ولا حاجة .
أومأ جاسم برأسه نافيا ثم قال موضحا :
- لا يا حاج مافيش مشاكل ولا حاجة الحمد لله .. بس أنا ناوى أحقق حلمى بقا و أعمل شركة الهندسة اللى حلمت بيها سنين كليتى كلها .
زفر فضل بضيق ثم قال بنبرة ساخطة وهو يرمقه بلوم :
- ليه كده يا جاسم . . ده صاحب بالين كداب مابالك بقا بصاحب خمسة ستة بال .. ركز فى شغلنا أحسن .
عبس وجه جاسم وقال بقوة لا تقبل النقاش :
- معلش يا بابا سيبنى أعمل اللى أنا عايزه .. ما إنت سمحت لعلا تفتح مكتبها وما إدخلتش .
رد فضل موضحا :
- يا حبيبى ده مكتبها هى وجوزها الله يرحمه وباعدين مالوش علاقة بشغلنا .. إنما إنت ماسك كل شغلى وكبرته .. كمل طريقك وطريقى يا إبنى أنا تعبت وأنا ببنى نفسى .. وخايف كل اللى عملته يضيع بعد ما تنشغل عنه .
رد جاسم بنفس جديته وقال بدون تردد :
- ما تقلقش يا حاج ..أنا قدها وقدود و بعد إذنك هشترى الدور اللى فوق شركتنا الفاضى و هأسس فيه لشركتى الجديدة علشان أبقى داير كل الشغل من نفس المكان .. كده تمام .
تطلع إليه فضل بقوة فهو يعلم ولده جيدا حين يضع شيئا برأسه فلن يتوانى عن فعله مهما كلفه الأمر .. فرضخ أخيرا وقال بفتور :
- إنت حر إعمل اللى عايزه .. بس ما ترجعش تندم .
إقتربت منهم علا و إبنتها ريتال التى ركضت صوب جدها وقبلته بوجنته بعدما إنحنى لمستواها ثم حملها قائلا بحب :
- حبيبة جدو .. صباح الفل والياسمين .
جلست علا مكانها وقالت بإبتسامة باهتة كعادتها :
- صباح الخير .
رد الجميع :
- صباح النور .
فقال لها جاسم وهو يتابع تتاول فطوره :
- لولو .. هجيلك النهاردة أتفق على الديكورات اللى عايزها لشركتى الجديدة .. بس إيه عايز شغل فاخر من الآخر .
أومأت علا برأسها وهى تعد شطائر لريتال كى تأخذها معها للروضة وقالت بثقة :
- شهر بالكتير و هتذهل من شغلى يا باش مهندس .
وقف جاسم وقال وهو يودعهم :
- همشى أنا بقا .. محتاجة حاجة يا دولت .
زمت دولت شفتيها وقالت معاتبة :
- إسمى ماما يا ولد .. خلى بالك من نفسك يا حبيبى .
حمل جاسم مفاتيحه وهاتفه وخرج مسرعا يشعر بنشوة الإنتصار بعدما وافق والده على تحقيق حلمه .. هبط الدرج مسرعا ثم توجه لسيارته و صعدها وإنطلق بها وإبتسامته تزين ثغره .

.................................................. .......................................
..................................


وصلت سيارة عمرو أمام شركة رحال .. ترجل منها تبعته وعد قائلة بتذمر وهى تتابع إنطلاقه معها :
- إنت رايح فين إن شاء الله .
رد عمرو ببديهية :
- هوصلك لفوق طبعا .
إبتسمت وعد بسخرية وهى تقول بضيق :
- أيوة صح تعالى وصلنى وقول للميس ما تسلمتيش بعد الحضانة غير لولى أمرى .. إنتوا ناويين تجننونى صح .
ضحك عمرو بخفوت وهو يتابع عبوسها و ضيقها ثم رفع يديه مستسلما وقال بجدية :
- خلاص آسف .. إتفضلى إدخلى إنتى وإسألى على مالك .. ولو إحتاجتى حاجة كلمينى فورا .
أومأت برأسها وقالت بإبتسامة راحة :
- حاضر .. سلام يا حبيبى .
لوح لها عمرو بيده .. وصعد سيارته وإنطلق بها .. تقدمت وعد من ذلك المبنى العالى وهى تتنفس بصعوبة من فرط توترها .. صعدت الدرجات الرخامية بهدوء .. حتى أوقفها حارس الأمن قائلا :
- حضرتك رايحة فين يا فندم .
وقفت وعد أمامه وقالت بهدوء :
- لشركة رحال .
أومأ الحارس برأسه وقال :
- تمام .. حضرتك دى فى الدور السابع .
شهقت بصوت مسموع من فرط رعبها وقالت بضيق :
- السابع !!!!!

ثم إمتعض وجهها وهى تقول بحزن :
- هطلع إزاى أنا دلوقتى .
رد عليها الحارس مسرعا :
- بالأصانسير طبعا .
إزدادت حركة شفتيها إمتعاضا وهى تهز ساقها بتوتر ثم قالت :
- أصانسير ...... طب شكرا .

تركته وتقدمت صوب المصعد وهى تزفر بضيق .. وقفت أمام المصعد ودقات قلبها قد تزايدت بشكل مؤلم نتيجة رعبها من ركوب المصعد فهى مصابة بما يقال عليه رهاب الأماكن الضيقة .. وخصوصا المصعد .. إبتلعت ريقها برعب ثم قالت بنفسها :
- يا ريتنى ما خليت عمرو يمشى .. هركب الزفت ده إزاى دلوقتى .
وفجأة إمتدت ذراع طويلة بجوارها لتضغط زر المصعد .. إلتفت برأسها لهذا الشخص الواقف خلفها .. ثم حمدت ربها أنها لن تستقل المصعد بمفردها .. بعد دقائق قليلة .. وصل المصعد .. ساد الصمت للحظات حتى قال الشخص بخلفها :
- لو سمحتى إفتحى الباب .
تنهدت مطولا كأنها تستدعى قوتها .. ثم فتحت الباب وتطلعت للمصعد برعب .. خطت خطواتها ببطء .. حتى لامست أرضية المصعد بقدميها لتمتلكها رجفة عنيفة سرت بأوصالها .. ثم إستدارت حتى تقابلت نظراتها بنظرات ذلك الواقف أمامها .....


.................................................. ...........


قراءة ممتعة

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:44 PM

ارجو ان ينال هذا الفصل إعجابكم
بانتظار تعليقاتكم و ملاحظاتكم

#ياسمين_ابو_حسين

آلاء الليل 08-11-20 07:50 PM

فصل جميل في انتظار المزييييد❤❤❤❤❤❤❤

Moon roro 08-11-20 08:19 PM

مالك مقتنع تماما بعشقه لوعد بصراحة زعلت على روضة والله اعلم الامور رح تجري لوين
اظن انو جاسم هو يلي مع وعد بالمصعد
فصل جميل جدا وسرد رائع وسلس لاحداث الرواية
ابدعتي حبيبتي ياسمين 💕💕💕

ياسمين أبو حسين 08-11-20 10:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل (المشاركة 15188822)
فصل جميل في انتظار المزييييد❤❤❤❤❤❤❤


يسلمووو حبيبتي كلك ذوق

هينزل حالا يا رب يعجبك 🌸🌸

ياسمين أبو حسين 08-11-20 10:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Moon roro (المشاركة 15188866)
مالك مقتنع تماما بعشقه لوعد بصراحة زعلت على روضة والله اعلم الامور رح تجري لوين
اظن انو جاسم هو يلي مع وعد بالمصعد
فصل جميل جدا وسرد رائع وسلس لاحداث الرواية
ابدعتي حبيبتي ياسمين 💕💕💕



تسلمي يا قلبي و الله بتفاءل و بتبارك بمتابعتك و تعليقك دايمااا

مالك و وعد هيبان حاجات كتير بفصل النهاردة
انما روضة ربنا معاها و الل ربنا معاه عمره ما هيتكسر

هستن رايك بالفصل الجديد :elk:

🌼🌼🌼🌼

ياسمين أبو حسين 08-11-20 11:10 PM

الفصل الخامس :
********************

وقف جاسم يتأمل تلك الغريبة بعض الشئ بتصرفاتها المريبة .. حتى تحولت نظرات التعجب بعينيه لإعجاب .. وقف يتأملها من حذائها ذو الكعب العالى .. فستانها الأبيض و المنقوش بوردات أرجوانية .. بينما تعلوه سترة بلون إرجوانى قصيرة .. وحجابها الأبيض والذى بياضه لايقارن ببياضها المشبع بالوردى .. و لكنه توقف قليلا وهو يتأمل تلك العيون الكحيلة والتى تمتلأ برعب غريب زادها جاذيية وسحر بينما ملامحها الطفولية جعلته يفيق من تأمله لها بخجل حينما قالت هى بضيق :
- حضرتك مش هتدخل .
إبتسم جاسم بخفوت ثم تقدم للداخل ووقف خلفها بهدوء .. ثم ضغط زر المصعد وسألها قائلا :
- حضرتك طالعة الدور الكام .
فرفعت حاجبها وقالت بخفوت ممتعض :
- وإنت مالك .
زادت إبتسامته وقال بصوت خافت :
- علشان أضغط لحضرتك رقم الدور اللى هتطلعى ليه .
شعرت بالخجل من تسرعها .. ثم فكرت قليلا وقررت أن تكتفى بالدور الخامس وتصعد باقى الدورين على قدميها حتى لا تطول رحلتها فى ذلك المصعد البغيض .. فردت بإرتباك :
- الدور الخامس لو سمحت .
ضغط لها الزر ثم إعتدل فى وقفته وعيناه تطوف بكل ذرة بها .. بدأ المصعد فى التحرك .. فبدأت تنكمش فى وقفتها .. وأقسم هو أنه إستمع لشهقة خافتة خرجت منها .. ثم لاحظ قبضة كفها التى على إثرها إبيضت مفاصلها .. ثم رفعت ذراعيها وضمت نفسها كأنها تخشى شيئا .. فلم يتمالك نفسه أكثر و سألها بقلق وهو يتابع إرتجافها :
- فى مشكلة يا آنسة .. حضرتك كويسة .
شعرت بأنفاسها تختفى .. وشئ ما يطبق على صدرها .. فإلتفت إليه بوهن وقالت بهمس :
- مش عارفة .. أتنفس .. عندى فوبيا .
لاحظ شحوب وجهها .. و زرقة شفتيها .. وإتساع عينيها فرفع يديه أمام وجهها وقال مهدئا :
- إهدى يا آنسة .. إتنفسى كويس كل اللى مخوفك دى أوهام .. مافيش حاجة تخوف إهدى تمام .
أومأت برأسها وهى تتنفس بهدوء .. بينما قال هو متابعا بعدما شعر بتجاوبها معه :
- خلاص بقينا فى التالت ثوانى وهتخرجى .. بس ظبطى النفس .
تنفست بهدوء أكثر وهى متشبثة بعينيه .. وهو يحدثها كى تهدأ .. إمتلكه شعور غريب بأن يجذبها لصدره ليضمها إليه حتى تشعر بالأمان .. وبالفعل إمتدت يديه نحوها ليقف المصعد فجأة .. فصرخت قائلة :
- يا ماما .
تأمل حالتها المزرية .. ورعبها المرضى ثم قال لتنبيهها :
- الأصانصير وقف .. تقدرى تخرجى .
فتحت عينيها برعب ثم تمالكت أعصابها المنهارة .. وفتحت الباب و ترجلت من المصعد ما أن لامست قدميها الأرض حتى شعرت بدوار خفيف .. فمسدت جبهتها بتعب .. وقف جاسم بجوارها وقال بقلق :
- حضرتك بقيتى كويسة .
إبتسمت له وعد بإمتنان وشكر وقالت بوهن :
- الحمد لله .. متشكرة لحضرتك جدا .
غاص هو داخل وجنتيها مع تلك الغمازتين الساحرتين .. لم يرى بحياته غمزات بذلك العمق من قبل .. لكن إستوقفه شئ غريب .. شعور إنتابه كأنه رآها من قبل بحث داخل عقله عنها لكنه فشل .. هو على ثقة أنه رآها سابقا فذالك الوجه المستدير كالبدر فى إكتماله .. و بياضها الوردى وعيونها الكحيلة .. وتلك الشفاة المرسومة بدقة شهية .. و ذاك الأنف الصغير الذى يذكره بحبات النبق اللذيذة التى كان يتلذذ بأكلها فى صغره مميز و لا ينسي .. إبتلع ريقه وهو يشعر بالخجل حين قالت وعد وهى متعجبه من نظراته الوقحة :
- بعد إذن حضرتك .
وإستدارت منطلقة .. حتى أوقفها قائلا :
- إحنا إتقابلنا قبل كده يا آنسة .
إبتسمت وعد بسخرية و إلتفتت إليه بحدة قائلة :
- أنا مش مرتحالك من الأول .. وجو شوفتك قبل كده والأفلام الأبيض والإسود دى وجو الإسطوانات ده ما ياكلش معايا .
رفع جاسم حاجبه متعجبا من هجومها العنيف عليه بدون سبب وقال ببرود :
- لسانك طويل قوى على فكرة .
ردت بغيظ وهى ترفع حاجبها أيضا بضيق :
- تحب أقصلك منه تلاتة متر تستر بيهم كرامتك اللى أنا همسح بيها الأرض دلوقتى .
إشتعلت عينيه بغضب ونظر إليها بنظرة مشتعلة لو لها تأثير لأردتها قتيلة فورا .. ثم إستند بمرفقه على الحائط بجواره وقال بسخرية وإستهانة بها :
- طب ما تفرجينى نفسك .. نفسى أشوف آخرك إيه .
ردت وعد بنفس الجدية ودون تردد :
- لأ ما تستهونش بيا ده أنا كنت بلعب كاراتيه زمان .
ضحك جاسم ضحكة عالية ثم هتف قائلا بمرح :
- وده بقا كنتى بتلعبيه ولا بتاكليه .
همت بالرد على وقاحته وصب نيران غضبها فوق رأسه .. حتى قال هو مسرعا وهو محتفظ بنظراته المقللة منها ونبرته المستهزئة :
- إنتى فى سنة كام يا شاطرة .
ردت وعد بإستياء من نظراته وسخريته وقد بدا على وجهها علامات النفور قائلة بسخرية :
- فى سنة حلوة يا جميل .

إنفجر ضاحكا .. ثم قال وهو يتابع غضبها الذى زادها جمالا وأعطى عيونها الواسعة سحر خاص :
- والنبى قمر برضه .
زفرت وعد بضيق وقالت بحدة :
- اللهم طولك يا روح على هذا اللوح .
تابع جاسم بنفس النبرة الساخرة :
- لوح خشب ولا لوح أبلكاش .
صكت أسنانها و إلتفتت بإمتعاض .. كانت متوجهه للدرج فأوقفها قائلا :
- هى الحلوة وراها مشوار .
إلتفتت إليه وقد وصل عبوسها لدرجة أن تلاقى حاجبها بشدة وقالت ساخرة :
- لأ الحلوة وراها حمار .
إنفجر ضاحكا مرة أخرى .. بينما إبتعدت هى وصعدت الدرج تتمتم بكلمات مبهمة ولكنه متيقن أنها تسبه بداخلها .. عاد للمصعد مرة أخرى وإبتسامته لا تنتهى .. وقف المصعد مجددا أمام شركته فترجل مسرعا وتوجه لمكتبه وقال لراندا سكرتيرته دون أن ينظر إليها :
- خلى مالك وسامر يجونى .
ردت راندا مسرعة :
- حاضر يا فندم .


.................................................. .................................................
.......................


وصلت وعد أخيرا للدور السابع .. وقفت تأخذ نفسها قليلا وهى تطالع اللافتة الكبيرة المضائة والمكتوب عليها .. شركة رحال للإستيراد والتصدير و الإستثمار الxxxxى .. فدلفت إليها بحماس تتطلع حولها بإنبهار ثم وقفت أمام موظفة الإستقبال وقالت بإبتسامة هادئة :
- السلام عليكم .
ردت الموظفة بود :
- وعليكم السلام .
فسألتها وعد وهى تتأمل المكان من حولها بتعجب من فخامته :
- هو مكتب الأستاذ مالك فين .
أشارت لها الموظفة على ردهة طويلة وقالت :
- رابع أوضة على إيدك اليمين .
إبتسمت إليها وعد وقالت شاكرة :
- متشكرة .

إنطلقت وعد وهى تتابع تأملها .. حتى وقفت أمام غرفة مالك .. إبتسمت وهى تتابع شروده أمام حاسوبه وهو مرتدى تلك النظارة الطبية و التى تراه بها لأول مرة .. شعرت بشئ غريب يتحرك بداخلها فتنهدت مطولا وهى تبتسم دون أن تشعر فأتاها صوت من خلفها يقول :
- حضرتك عاوزة مين يا فندم .
إلتفتت إليه وعد بذعر بينما رفع مالك رأسه ورأى وعد تقف على باب مكتبه تنظر لسامر بخوف .. فوقف مسرعا وقال بإبتسامته الهادئة :
- وعد .. تعالى إتفضلى .
عادت وعد بعينيها لمالك .. ثم تقدمت نحوه وقالت براحة :
- الحمد لله .. أخيرا لقيتك يا مالك .
دار حول مكتبه وهو يشعر برهابها .. فوقف أمامها وسألها بقلق :
- مالك يا وعد .. إيه اللى مخوفك كده .
إبتسمت بهدوء وقالت :
- ما تقلقش .. بس الأصانسير تعبنى شوية .
- يعنى إنتى دلوقتى كويسة .
أومأت برأسها بهدوء .. فقال سامر مرحبا بوعد :
- أهلا وسهلا زميلتنا العزيزة .. أنا سامر .
ردت وعد عليه بتحفظ :
- أهلا بحضرتك .
وقفت راندا على باب غرفتهم وقالت :
- مستر جاسم عاوزكم فى مكتبه .
رد عليها سامر مداعبا :
- حاضر .. بس صحيح يا راندا إنتى بتحلوى بسرعة كده إزاى .
إبتسمت راندا وقالت بمزاح :
- باكل عسلية كل يوم الصبح .

ضحك سامر عليها .. بينما لاحظ مالك نظرات وعد المتفحصة لراندا .. وعادت بعينيها لمالك كأنه تسأله هل تتعامل مع تلك الجميلة و التى ترتدى ملابس ملاصقة لجسدها دون إستحياء .. فإبتسم مالك بمكر كأنه يخبرها أن عينيه لا ترى غيرها ورمقها بنظرة جعلتها تشعر أنها أجمل نساء الكون .. فإشتعلت وجنتيها بخجل من هذا الحوار الصامت والذى يؤكد شعورها بأنها تنساق بقلبها ورائه دون أى مقاومة تذكر .....
لاحظ سامر شرارات عشق تتجول بمكتبهم فإبتسم بمكر وقال :
- مش يالا يا مالك نروح لجاسم .. وهات وعد معانا علشان جاسم يتعرف عليها ويعمل لها مقابلة الشغل .
أشار مالك لوعد وقال :
- إتفضلى يا وعد أعرفك على جاسم إبن صاحب الشركة ومديرها .
تنفست مطولا وقالت بقلق :
- حاضر .

تقدمها مالك وسامر وهى تتبعهم .. ساروا لآخر الرواق حتى فتح سامر باب غرفة جاسم و دلف يتبعه مالك وورائه وعد التى تصنمت فور رؤيتها لجاسم .. ها هو ذلك الوقح يجلس أمامها .. لكن مهلا هل هذا هو صاحب العمل كما قال مالك .. هنا علمت أنها مطرودة من عملها قبل أن تبدأ ......
وقف جاسم عابسا وهو يرى تلك الساحرة الشريرة مرة أخرى .. ولكنه إبتسم وهو يتذكر فظاظتها .. ورغم ذلك شعر بسعادة غريبة إندفعت بداخله من بين نيران الغضب .. فقطع مالك تلك الحالة وهو يقدم وعد لجاسم قائلا :
- جاسم أنا قولتلك إنى عندى البديل لمدام إنتصار .. أحب أقدملك وعد عيسى القاضى خريجة إدارة أعمال و معاها دبلومة و أخدت كورسات لغات وكمبيوتر تؤهلها إنها تشتغل فى التيم بتاعنا .
إبتلع جاسم ريقه بتوتر وهو يهتف بداخله :
- وعد ...... عرفت أنا شوفتها فين .. فى حلمى .. حرام عليك يا مالك مش كفاية بتكلمنى عنها طول الوقت كمان جايبها تشتغل معايا .. بس يا نصاب أنا هوريك .. تخبى عليا غمزاتها اللى تجنن دى وعنيها البنى اللى تدوخ قبيلة .. أكيد محتفظ بيهم لنفسك .
لاحظ سامر نظراتهم المتحفزة فقال مسرعا :
- وحدوه .
رد الجميع :
- لا إله إلا الله .
لم يشعر جاسم بساقيه التى حملته ليقف مواجها لها وعيناهما فى حرب قوية .. مد يده ببساطة لمصافحتها وهو يقول وعلى ثغره إبتسامة تسلية :
- أهلا آنسة وعد .
تطلعت وعد داخل عينيه مطولا ثم رمقت يده بنظرة إستخفاف وقالت بحدة :
- مش بسلم .
رفع جاسم حاجبه بغضب .. و وضع يده بجيب بنطاله وهو يطالعها بقوة .. بينما تعجب سامر من ردها القوى .. لكن سعادة مالك كانت الطاغية .. فهى ترفض أن يمسها أحد .. غاليته تحافظ على نفسها من أجل مالكها وفقط ......

إقترب مالك من جاسم وقال معتذرا رغم حالة الرضى التى ملأته :
- معلش يا جاسم .. وعد متدينة شوية و مش بتسلم على رجالة .
إبتسم جاسم بإستهزاء .. ولم يلحظ تلك الإبتسامة سوى وعد .. فهو لا يؤمن أن هناك فتاة لم يمسها شاب قبل أن ترتبط أخيرا بالحمار الذى ينخدع ببرائتها .. ولكنه رد ببرود قائلا :
- عادى .. المهم خد سامر وإخرج دلوقتى .. عاوز آنسة وعد لوحدها .

إلتفت وعد برأسها لمالك تنظر إليه برجاء ألا يتركها بمفردها .. ولكنه تطلع إليها بإبتسامة مطمئنة و تركهما وخرج يتبعه سامر الذى أغلق باب المكتب ورائه .. تنفست وعد مطولا و تحركت ناحية باب المكتب وفتحته و عادت تقف فى مواجهة جاسم المذهول ........
عندما وجدها تلتفت للتوجه لباب الغرفة ظن أنها تستسلم وستهرب قبل أن تواجهه .. فلما كانت تتحداه بنظراتها التى تحاول أن تفرض بها قوتها وثقتها بنفسها .. ولكنه وجدها تفتح باب الغرفة و تركته وعادت تقف بشموخ وإباء أمامه .. و رافعة ذقنها بكبرياء محاربة .........

ظل صامتا يتطلع إليها فهى تمتلك رزانة وثقة بالنفس تثير أعجابه .. ثم قال بإبتسامة متسلية تغيظها :
- أهلا .
ردت عليه بحرج بادى فى نبرتها :
- أعتقد إنى مرفودة من قبل ما أشتغل صح !
زادت إبتسامته وقال مناكشا :
- قصدك يعنى علشان لسانك التلاتة متر اللى مسح بكرامتى الأرض و قال عليا لوح و حمار .

عضت شفتيها وهى تدارى إبتسامتها المشاغبة .. بينما إنهارت أعصاب جاسم وهو يتابع حركتها العفوية التى أشعلت بداخله نيران لم يدرى مصدرها .. ولكن تلك الغمازتين جعلته يذوب بهما وكأنهما خطين من الثلج أطفأوا نار قلبه المشتعلة .. ثم تابع حديثه بهدوء يجمد الحمم :
- إيه مكسوفة .

رفعت حاجبها وقد إختفت الغمازتين و أصبحت تشبه القمر فى علوه و بعده و جماله .. ثم لاحظ خط وردى بجوار حاجبها الأيمن .. يبدو أنه جرح ولكنه لم يرى آثر لجرح بحياته لونه وردى .. يا الله كم كان جميلا قاوم وبشدة ملامسة ذلك الجرح المثير حتى فاق من شروده على كلماتها الغاضبة :
- بقول لحضرتك إيه .. أنا مش هخاف منك ولا على فرصة الشغل العالمية فى شركتك علشان كده أنا اللى مش موافقة أشتغل فى شركتك .

ثم ضمت حقيبتها لصدرها و إلتفتت رافعة ذقنها فى حركة تزيد من إعجابه بها أكثر .. ما أن إقتربت من الباب حتى أوقفها قائلا بحزم :
- إستنى .
وقفت مكانها بضيق .. ثم إلتفتت إليه و قالت بفضول :
- نعم .
إقترب منها وهو يطوف بعينيه على وجهها ثم باغتها قائلا :
- ليه فتحتى باب المكتب بعد ما سامر قفله .
ردت عليه وعد بصوت مشتد ومنفعل :
- لأنه ما ينفعش يتقفل علينا باب .. من باب الأدب يعنى .
عقد ذراعيه أمام صدره .. ثم قال بصوته الرجولى رغم نبرته الخافته :
- وإيه المشكلة لو إتكلمنا زى ما إحنا كده بس والباب مقفول .
إبتسمت بسخرية .. ثم قالت بجدية :
- ليه أسيب لأى حد قاعد بره فرصة إنه يشغل مخيلته على اللى بيحصل جوة المكتب .. وأنا واحدة بحترم نفسى كويس جدا .
إبتسم بهدوء و ها هو يعود لعينيها من جديد لا ينوى تركهما .. ثم بحركة مفاجئة مد يده نحوها .. فتطلعت إليه بدهشة وقالت بسخط :
- قولتلك إنى مش بسلم .
رد عليها مسرعا :
- هاتى الملف بتاعك لو سمحتى .
تفاجئت من طلبه العجيب .. ثم فتحت حقيبتها وأخرجت منها الملف الخاص بها و مدت يدها إليه فأخذه منها وعاد للجلوس أمام مكتبه .. ثم أشار إليها قائلا بجدية :
- إتفضلى إقعدى يا وعد .
ردت عليه بحزم :
- آنسة وعد لو سمحت .
مرر يده على وجهه بفقدان صبر ثم قال متحديا :
- أنا ما بحبش الألقاب .. إتفضلى إقعدى .

ضربت الأرض بقدميها وهى تتوجه ناحية مكتبه بعضب .. ثم جلست بهدوء وهى لا تتطلع إليه .. أخفى إبتسامته و دقق البحث بملفها ومع كل ورقة يزداد إعجابه بها .. أغلق الملف و وقف و إلتف حول مكتبه وجلس مقابلا لها .. ثم قال لها بعملية لم تعهدها منه :
- هسألك سؤال هشوف بيه مستوى ذكائك و إزاى إستفدتى من دراستك والدبلومة اللى عملتيها .

أومأت وعد برأسها بثقة وقالت :
- إتفضل يا فندم .
إستند جاسم بظهره على مقعده وقال وهو يطالعها بقوة :
- دلوقتى أنا عندى مشروع مدينة سكنية هيعمله مكتبى الهندسى بتاعى .. بس فى مشكلة إن فى وسط الأرض اللى هعمل عليها المشروع فى حتة أرض أصحابها مش موافقين بالبيع وعرضت عليهم تلت أضعاف سعر الأرض وبرضه مش موافقين طمعانين فى أكتر لأنهم واثقين إنى لازم هشتريها .
فقالت وعد ببساطة :
- حقهم .. والتجارة شطارة .
أومأ جاسم برأسه وقال متابعا :
- عارف .. بس طمعهم زاد و أنا محتاج الأرض جدا ومش هسيبها فأعمل إيه بقا علشان أخدها وفى نفس الوقت أدفع فيها مبلغ مناسب .
مررت وعد أناملها على ذقنها وهى تفكر بعمق .. ثم ظهرت غمازتيها وهى تبتسم بمكر ينبئ عن إشتعال إضائة عقلها بفكرة ذكية .. تطلعت داخل عينيه بثقة وقالت :
- لقيت فكرة جهنمية .. بس الأول إنت هتدى الناس دول حقهم صح .
رد جاسم ببديهية :
- طبعا .. شركة رحال عمرها ما كلت حق حد .
ردت بقوة وهى تتابع فضوله بعينيه :
- بص يا سيدى .. جواب صغير لهيئة الآثار .. يطلع بعده قرار بإن الأرض دى تحتها آثار وتحت البحث .. يعنى الأرض إتحرقت و العيار اللى ما يصيبش يدوش .. فأصحابها هيخافوا إنهم يخسروها فهما اللى هيجروا وراك علشان تلبسها إنت .. سورى فى اللفظ .. المهم تشتريها إنت بالسعر المناسب ليك وبرضه هيئة الآثار هتتأكد إن ما فيش آثار و لا حاجة .. وتبقى ملكتها بسهولة جدا .

وقف جاسم بعدما أنهت حديثها .. ووقف أمام شرفته بشرود .. وهى تنتظر بهدوء .. حتى إلتفت إليها وبدون حديث رفع سماعة هاتفه و طلب راندا .. حتى أتاه صوتها فقال بقوة :
- لو سمحتى يا راندا عاوز أستاذ عبد الصمد من الحسابات .. و أستاذ صالح من مكتب المحاسبة .. ومالك وسامر .. ولما ييجوا تعالى معاهم .
ثم أغلق هاتفه وجلس على كرسيه وهو يطالع ملفها مرة أخرى بتركيز أكبر .. ثم قال بجدية :
- ما شاء الله كنتى متفوقة .
ردت بدهشة من إنفعلاته الغير مفهومة :
- شكرا يا فندم .

بعد قليل كان الجميع بمكتبه .. وقف وهو ينقل بصره بينهم ثم قال بنبرة صوت عالية بعض الشئ :
- حابب أعرفكم على الآنسة وعد .. هتبقى مديرة مكتبى .. فأنا عاوز منك يا أستاذ عبد الصمد إنك تدربها .. وحضرتك يا أستاذ صالح هتستلمها بعد أستاذ عبد الصمد .. لأنها هتبقى من التيم بتاعى زى مالك وسامر .
إبتسمت وعد بإنتصار .. وهى تتطلع بمالك الذى حدجها بفخر .. بينما إشتعلت عينى جاسر وهو يتابع حوارهم الصامت .. ثم قال بحدة :
- مالك .. آنسة وعد بقت مديرة مكتبى لو سمحت تاخد ملفها وتعمل اللازم .
أومأ مالك برأسه وقال :
- حاضر .. كله هيبقى تمام .
أشار جاسم بيديه وقال :
- تقدروا ترجعوا مكاتبكم .
إنصرف الجميع .. بينما بقى مالك ووعد وسامر .. حتى قال مالك بغمزة عين لجاسم :
- بس إيه رأيك فى الهدية بتاعتى .
تطلع جاسم لوعد المطرقة برأسها بخجل .. من المؤكد أن ورائه مالك فهى لم تخجل منه طوال حديثهم .. إبتلع ريقه بغصة مؤلمة ثم قال بإبتسامة باهتة :
- فعلا تستاهل .. دى يا إبنى دماغها متكلفة .
ردت وعد بإبتسامة إمتنان :
- متشكرة لحضرتك يا فندم .. ويا رب أكون قد ثقتكم فيا .
رد جاسم وهو يتابع ملامحها الرقيقة :
- إن شاء الله ..تقدروا تتفضلوا .
حمل مالك ملف وعد .. و أشار إليها سامر أن تتحرك أمامه وبالفعل إنطلقت أمامه تبعها سامر ومالك .. ليجلس جاسم على مكتبه وهو يتطلع للمقعد التى كانت تحتله منذ قليل .. وواضح أنها لم تحتل مقعده فقط بل أصبحت تحتل شئ آخر بداخله يتعبه عند رؤية نظراتها المتبادلة مع مالك .

.................................................. .................................................. .....
...............................


كانت تسير والوجوم على وجهها .. تريد تكذيب حدثها بشدة .. حتى أتتها فكرة ربما تساعدها قليلا حتى تتأكد .. عادت لغرفة المدرسات وهى تحمل بداخلها من العزم ما يريحها قليلا .. إرتمت على مكتبها قائلة بإرهاق من كثرة التفكير :
- السلام عليكم يا بنات .
ردوا جميعا :
- وعليكم السلام .
إقتربت منها خلود وهى تلاحظ شرودها ووجومها الغريب على وجهها الصبوح بإبتسامته المشرقة دائما وقالت بفضول :
- مالك يا روضة بقالك كام يوم مش مظبطة .
وقفت روضة وقالت بصوت عالى للفت إنتباه الجميع إليها :
- بعد إذنكم يا بنات كنت محتاجة آخد رأيكم فى موضوع كده .
لاحظت إنتباه جميع معلمات الروضة إليها .. فقالت بثقة وعزم :
- كنت حابة نعمل حملة توعية للأطفال ..... عن التحرش .

لاحظت تحول نظرات الفضول لتعجب و إزدراء .. فأردفت قائلة وهى تستمع لهمهماتهم المعترضة :
- إسمعونى لو سمحتم .. إحنا هنعرف الولاد بطريقة بسيطة كأننا بنحكى ليهم قصة أو أغنية إنه مش مسموح لحد يلمسهم غير القريبين منهم و حتى القريبين لو لمسوهم بطريقة مش مناسبة يحكوا لأهلهم فورا .. إيه رأيكم يا رب تقتنعوا و تفهموا قصدى إيه .
ردت خلود بمكر متفهم فهى تعلم مقصدها فهى أيضا تشك بذلك الحيوان المؤتمن على عشرات الأطفال والذى تشعر أنه يتطاول عليهم باللمس و ما خفى كان أعظم :
- أنا فهماكى يا روضة وموافقة جدا .
فقالت ريهام مؤكدة :
- وأنا كمان موافقة .. نتكلم مع مس سميرة وأنا واثقة إنها هتوافق وهتفهم قصدنا .
بدأت أغلب المدرسات فى التجاوب مع فكرة روضة .. و بعضهم متحفظ من أن ينبهوا الأطفال لأمور سابقة لأوانها .. ولكنهم إجتمعوا على أن موافقة مديرتهم الأستاذة سميرة هى الفيصل ..إنتبهوا جميعا على دخول مصطفى عليهم الغرفة .. ليمتعض وجه أكثرهم .. بينما قالت خلود بضيق :
- يا ريت يا مستر مصطفى تدى إشارة قبل ما تدخل علينا فجأة كده معانا منتقبات .
إبتسم مصطفى بسخرية .. ثم قال بحدة :
- إبقوا حطوا جرس جنب الباب علشان أضربه قبل ما أدخل .
وقفت روضة بقوة وقالت ونظراتها تتفحص ردة فعله :
- مستر مصطفى كنت عاوزة آخد رآيك فى موضوع كده كلنا قررناه .
عاد مصطفى بظهره للمقعد ليجلس بغرور واضعا ساق فوق الأخرى بوقاحة وقال ببرود :
- إتفضلى يا مس روضة .
تحاملت روضة على نفسها وهى تطالع وقاحته .. ثم زفرت مطولا بضيق وقالت :
- كنا عاوزين نعمل حملة توعية للأطفال من التحرش .
إبتلع مصطفى ريقه بتوتر وتشنجت تعابير وجهه .. فقد فطن أنها إستطاعت كشف أمره .. تلك المتطفلة ستفسد متعته الخاصة والتى سعى ورائها كثيرا .. أجابها بضيق و قسوة :
- مش موافق طبعا .. إزاى تنبهوا الأطفال لحاجة زى كده .. أنا واثق إن مس سميرة عمرها ما هتقبل بالكلام الفاضى ده .. و لا أولياء الأمور كمان .
إبتسمت روضة بنصر و هى تتابع توتره وغضبه .. ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت بتحدى :
- أنا متأكده إن مس سميرة هتوافق .. إحنا دورنا نحمى الولاد و ننبهم بالحيوانات اللى حوالينا فى كل مكان .. واللى بيسمحوا لنفسهم يأذوهم و يطفوا برائتهم بلمسة .. أو بوسة أو توصل بعد كده لإغتصاب .

إشتعلت عينى مصطفى كأنها توجه إليه كلماتها .. هو على يقين الآن أنها تعلم أكثر مما يظن .. ربما قص لها طفلا أو طفلة تصرفاته البزيئة معهم .. فهو لم ينسى يوم سألته عن الطفلة التى قالت أنه قبلها بطريقة غريبة .. و رغم إنكاره إلا إن روضة لم تقتنع وهذا البادى على عينيها المتحدية له بقوة تقلقه .. فقال أخيرا بنبرة مستهزئة :
- برضه أنا مش موافق تفتحوا عنين الولاد على القرف ده .

ثم وقف وترك الغرفة وخرج .. وإنهمك الجميع فى أعمالهم وحديثهم الجانبى .. لتجلس خلود وريهام بجوار روضة التى تشتعل من غضبها ولا تملك أى دليل ملموس على ظنونها .. فقالت لها ريهام بضيق :
- الراجل ده أنا مش بطيقه .. مش عارفة مس سميرة بلتنا بيه ليه .
ردت خلود بنبرة ساخطة :
- أنا قولت من الأول إن وجوده بينا ومع الولاد أكبر غلط .. ده واحد ما سابش واحدة إلا لما بص عليها .. وبيتمادى مع اللى بيتساهلوا معاه .
رفعت روضة نقابها وقالت بقوة وتصميم :
- لازم نقنع مس سميرة .. بأى شكل .. الولاد دول أمانة برقبتنا و لازم نبقى قدها .

.................................................. .................................................. .....
...........................

تذكر جاسم موعده مع علا للإتفاق على ديكورات شركته الجديدة .. فهاتف مالك وسامر .. وبعد قليل وقفوا أمامه .. فطلب من مالك قائلا بجدية :
- مالك عاوزك تتفق مع صاحب البرج ده علشان نتمم شراء الدور اللى فوق كامل .
أومأ مالك برأسه وقال :
- حاضر .. إن شاء الله أخلص الموضوع ده النهاردة .. ووعد مع الأستاذ عبد الصمد .
أومأ جاسم برأسه وهو يعبث بقلمه .. شاردا بها كلما إستمع لإسمها يشعر بشئ غريب أصبح يضايقه بشدة .. فقال مسرعا ليفيق من حالة الوجوم و الشرود المرهقة :
- تمام .. بس بسعر مناسب إوعى تفتح منك .
إبتسم مالك بثقة وقال بغمزة من عينيه :
- عيب عليك .. هبهرك يا معلم .. يالا سلام .
خرج مالك تحت أنظار جاسم وسامر حتى قال جاسم لسامر وهو مطأطأ رأسه بضيق :
- عاوزك تروح شركة علا يا سامر تتفق معاها على ديكورات الشركة الجديدة .. أنا ماليش مزاج .
إشتعلت عينى سامر بفرحة خفية .. ثم مرر يده على ذقنه الذهبية بشوق .. قائلا بجدية تخفى ما بداخله من سعادة غامرة :
- حاضر .. فى حاجة معينة فى بالك .
هز جاسم رأسه نافيا .. وقال متنهدا :
- ﻷ .. اللى تشوفوه أنا موافق عليه .. وواثق فى ذوقكم .
لاحظ سامر تلك الحالة الغريبة المتملكة من جاسم فسأله بقلق :
- مالك يا جاسم .
إبتسم جاسم إبتسامة ميتة .. وقال بفتور :
- عادى يا سامر .. بفكر فى الشركة الجديدة مش أكتر .
أومأ سامر برأسه وهو يغالب شعوره بكذب جاسم .. لكن شوقه لرؤية علا طغى على تفكيره فقال :
- تمام .. هروح أنا واللى هنتفق عليه هجيبلك نسخة منه .
ترك جاسم قلمه وقال ببرود :
- إن شاء الله .. يالا قوم ما تتأخرش .
وقف سامر وتوجه لباب المكتب وهو يبتسم بفرحة .. بينما شعر جاسم أن رأسه ستنفجر من كثرة التفكير .. و بدون أن يشعر حملته قدماه لمكتب عبد الصمد .. فرآها تجلس بجواره وتضع يدها أسفل وجنتيها وهى تتابع شرح عبد الصمد بجدية كأنها تلتهم كل حرف يخرج منه .. لوهلة شعر بنيران تلتهمه وهى تتطلع لعبد الصمد بجدية .. ثم تبتسم فتنغرز غمازتيها بوجنتيها .. ثم تعود وتسأله وهو يجيب عليها .. يا الله ملامحها الطفولية وعفويتها تجذبه إليها بشدة .. رغم أنها ليست من الشخصيات التى يفضل التعامل معها ..طريقة لبسها المحتشمة جدا... و جميلة بنفس الوقت .. تحفظها الزائد عن الحد .. وتلك النظرات البغيضة بينها وبين أقرب أصدقائه .. بل أخيه وأكثر .....مالك .....
لاحظوا وقفته المتأملة فوقف عبد الصمد مسرعا وقال مرحبا بجاسم :
- أهلا وسهلا يا باش مهندس .. نورت مكتبى .. إتفضل .
وضع يديه بجيب بنطاله وعينيه لم تترك وعد ولو لثانية ثم سأله قائلا :
- هاه إيه الأخبار .. إيه رأيك فى وعد .
زمت وعد شفتيها وهى تستمع لإسمها مجردا دون ألقاب .. بينما رد عبد الصمد قائلا :
- ما شاء الله عليها بتستوعب بسرعة جدا .
ظلت وعد على جلستها و تطلعت للأوراق أمامها هربا من نظرات جاسم إليها .. حتى خاطبها قائلا :
- مبسوطة معانا يا وعد .
إستدارت برأسها إليه وقالت بحدة :
- الحمد لله يا باش مهندس .

شددت وعد على حروف باش مهندس لتخبره بأنه يتمادى بنطق إسمها مجردا دون ألقاب .. و رمقته بضيق وهى عابسة .. طاف بعينيه على ملامحها الجميلة و إبتسم بمشاغبة وقال :
- تمام .. خلى بالك من .. وعد .. يا أستاذ عبد الصمد .

هو الآخر شدد على نطق إسمها مجردا .. وعندما لاحظ بداية زوبعتها الغاضبة حتى إستدار وهو يبتسم بمكر قائلا :
- أسيبكم تشوفوا شغلكم .
وتركهم وإبتعد عائدا لغرفة مكتبه .. وقف فى نافذته يتأمل السماء بشرود وعلامات إستفهام كثيرة تدور برأسه .. وصورتها لا تفارقه .. يصاحبها صورة مالك .

.................................................. .................................................
..............................

كانت تجلس على مكتبها تتطلع لحاسوبها بدقة وهى تتابع عملها بشغف .. حتى دخلت عليها سكرتيرتها قائلة :
- أستاذ سامر العطار من شركة رحال بره يا باش مهندسة وحابب يقابل حضرتك .
رفعت علا عينيها عن حاسوبها .. وإبتلعت ريقها بصعوبة .. وقد زادت سرعة أنفاسها ودقات قلبها و هى تتسائل لما أتى إليها .. وماذا يريد ؟؟؟؟؟
تنفست نفسا طويلا وزفرته مرة واحدة وهى تستجمع كل قوتها وأكثر لتلك المقابلة الصعبة عليها .. ثم خرج صوتها متحشرجا بتوتر وهى تقول :
- خليه يتفضل .

عدلت من حجابها وسترتها وإعتدلت فى جلستها و تطلعت للباب الذى ما أن دلف منه بهيئته التى طالما سحرتها حتى إرتخت جميع عضلات جسدها كأنه يخذلها للمرة المليون أمام تلك العيون الخضراء .. والشعرات الذهبية .. وجماله المبالغ فيه .. وقف أمام مكتبها بكل هيبته و وسامته التى إحتلت كل المكان من حولها .. مد يده ناحيتها وقال وهو يلتهمها بعينيه :
- السلام عليكم .
مدت يدها التى ترتجف بشدة لتحتضن كفه لتشعر بتلك القشعريرة تسرى بجسدها مجددا .. مرت سنوات طويلة ولازالت ترتجف بهذا الضعف أمامه .. وقالت وقد تعلقت عينيها بعينيه تأبى الإنصياع لأوامرها بالإبتعاد :
- وعليكم السلام .. إتفضل .
سحبت كفها مسرعة حتى لا يشعر بتأثيره عليها .. ثم أشارت له بيده ليجلس .. وعادت لكرسيها كأنها تتحصن به من إشاراته القوية التى يلتقطها قلبها بسرعة أرهقته .....
عندما شعر برجفة كفها بين كفه .. شعر بنشوة غريبة ملأته فمازال تأثيره عليها واضح وبشدة رغم نظرات الفتور والبرود التى تتصنعها إلا أن شوقها قد غلبها بالنهاية .. و ملمس كفها الرقيق الناعم أثار بداخله مشاعر لم تهدأ لثانية رغم البعد و تفارق الطرق .. لم يقدر على إبعاد عينيه عن عينيها التى تسلبه آخر ذرات تعقله نحوها .. ولكنه دون أن يشعر وجد نفسه يجلس أمامها .. إبتسم بهدوء وهو يتابع فركها لأصابع يديها بتوتر فقال بصوته التى تعشقه وهو يعلم :
- أخبارك إيه يا علا .
تطلعت داخل عينيه بقوة وقالت بجدية مستعارة :
- الحمد لله كويسة .. الأستاذ جاسم اللى بعتك مش كده .
أومأ برأسه وقال بإبتسامته الساحرة :
- أيوة .. ده لحسن حظى طبعا .
ردت علا بصوت صادم وصارم بنفس الوقت لا يتناسب مع رقتها و نعومة ملامحها :
- المهم .. أنا جهزت كذا تصميم مبدأى .. على أساس إختياركم هكمل شغلى ولما أخلص هعرضه على جاسم وآخد رأيه .
إبتسم سامر بمداعبة .. ثم قال ببساطة :
- هنتكلم فى الشغل على طول .. ما كنتش أعرف إنك بخيلة مش تسألينى أشرب إيه الأول .
شعرت علا بخجل غريب .. وإرتباك غبى وهى تقول بتلعثم :
- آه .. آه طبعا تحب تشرب إيه .
طاف بعينيه على ملامحها التى إشتاق لكل تفصيلة بها .. عينيها السوداء الدافئة .. خمريتها المحببة لعينيه .. شفتيها المرسومة بدقة إستفزته وهو يشعر بأن يجذبها إليه بالقوة ليضرب رأسها بالمكتب التى تحتمى ورائه منه و يزيل ذلك اللون النحاسى الذى يشغل عينيه و أكيد عينى كل رجل رآها .. لكنه تنهد مطولا وقال ببرود :
- قهوة لو سمحتى .
رفعت سماعة هاتفها وقالت بحدة :
- إتنين قهوة مظبوطة لو سمحتى .
ثم أغلق الهاتف .. لتزيد إبتسامته المشاغبة وقال مباغتا :
- لسه فاكرة إنى بشرب قهوتى مظبوط .
نزلت كلماته عليها كالسياط .. ولكنها لم تعطه فرصة التلذذ بضعفها بل قالت بعملية :
- أنا ورايا مشوار ضرورى بعد نص ساعة فلو سمحت إختار التصميم اللى هكمل عليه بسرعة لأنى مستعجلة .
مرر أنامله على ذقنه الذهبية وهو يحدجها بغضب تعلمه جيدا .. ثم وقف وإلتف حول مكتبها وسط ذهولها وتعجبها من تصرفه .. ثم مال ناحيتها بجذعه بحركة مفاجئة وقال وهو يغوص داخل عينيها :
- وأنا مش عاوز أعطلك .. يالا نبدأ شغل .

لم يخفى عليه حركة صدرها السريعة .. ولا دقات قلبها المرئية له دون أى تدقيق .. لكنها إعتدلت بجلستها مسرعة وأضائت حاسوبها .. لتظهر صورتها مع طارق وهو يحتضنها من الخلف ووجه ملاصق لوجهها وسعادتهما بادية بإبتسامتهما المشرقة .. شعر سامر بخنجر مسموم قد طعن بقلبه .. وقد إشتعلت عينيه بنيرات تكاد تلتهمه حيا .. بدت ملامحه مخيفة بعض الشئ .. حتى أنها فتحت إحدى الملفات على الحاسب مسرعة لتخفى بها الصورة التى بدلت ملامحه بتلك السرعة .. فسألها ببرود غاضب شرس :
- حبتيه ؟؟؟؟
إرتفع حاجبيها بإستنكار من وقاحته وقالت مسرعة بإستياء :
- وإنت مالك .. دى حاجة ما تخصكش .
قبض على ذراعها بقوة غير مبالى بألمها وهدر بها بصوت أجش مرعب كنظراته التى ترعبها :
- ردى عليا كنتى بتحبيه .
حاولت تخليص يدها منه حتى فشلت .. فقالت له بعيون يملأها الحقد والغل :
- عاوز تعرف .. أيوة حبيته و أكتر حاجة ما ندمتش عليها فى حياتى هى إرتباطى بطارق .. وحبيته من قلبى ولسه بحبه أكتر .. حتى بعد ما سابنى لواحدى .

ساد صمت طويل وهو يتطلع إليها بنظرات أسد يصارع الموت من كلماتها التى دبحته دون شفقة أو شعور .. ولكنه أغلق عينيه قليلا كأنه يحميها من تهوره الذى كاد أن يفتك بها وهى تخبره بكل وقاحة بعشقها لغيره وهو الذى بقى على حبها كل سنواته الماضية .. فتح عينيه وقد ظهر بهم شر العالم كله وهو يصرخ بغضب أعمى :
- إزاى .. إنتى كذابة إنتى لسه بتحبينى .. رعشة إيدك قالتلى .. عنيكى قالتلى .. حتى شفايفك اللى كل شوية تبليهم بلسانك من توترك وضعفك قدامى قالولى .. حتى دقات قلبك اللى صوتها واصل لودانى قالولى .
لم ترد عليه وهى تتابع مظاهر غضبه المجنون على وجهه وهو يتابع بنبرة ذبيحة :
- واللى يحب مرة .. ما يقدرش يحب تانى .
إبتسمت علا إبتسامة خافتة على زاوية فمها وردت عليه ساخرة :
- والكلام الأهبل ده بتقنع بيه نفسك مش كده .. علشان ما تحتقرهاش زى ما أنا إحتقرتك زمان .. طارق ده ضفره برقبتك .. سامع .. ضفره برقبتك هو إشترانى وعمل المستحيل علشان يسعدنى .. لكن إنت بعتنى وبعتنى بالرخيص كمان .. وجاى دلوقتى تدينى درس فى الحب .. ده إنت بجح يا أخى .
صك أسنانه بقوة و ما أن فتح فمه لينهال عليها به حتى إنتبها على طرقات بباب المكتب .. فنفضت علا ذراعها من بين قبضته التى سحقته .. ثم صاحت قائلة :
- إدخل .
دخل العامل يحمل القهوة .. وضعها على الطاولة الصغيرة أمام مكتبها وإنصرف .. ما أن خرج حتى مال عليها سامر مرة أخرى وقال و قد تطاير الشرر من عينيه بقوة :
- أنا بعتك بالرخيص .. كنتى عاوزانى أعمل إيه وأنا شايف صاحبى وأخويا بيتقدملك .. كنت هعمل إيه ما قدرتش أءذيه .. كنت هقوله إزاى إنى بحبك وإنك بتحبينى .. أجرحه إزاى بالشكل ده .
إبتسمت بسخرية وقالت بنبرة متألمة لدرجة لم يسمعها منها من قبل :
- تخسره هو ﻷ .. تخسرنى أنا آه ..... تجرحه هو ﻷ .. تجرحنى أنا آه .. تأذيه هو لأ ..تأذينى أنا آه .. إنت إيه يا أخى .. إيه اللى رجعك لحياتى تانى .. إبعد عنى ومش عاوزة أشوفك تانى .
زم سامر شفتيه للأمام وإستقام واقفا .. وتمشى قليلا ثم عاد بعينيه إليها وقال بهدوء مستفز :
- أنا الشيطان اللى غدرت وبعت .. لكن إنتى ملاك .. تصدقى صعبتى عليا والله نفسى أصقفلك .
إقترب منها وعلى شفتيه إبتسامة شجن و إستند بظهره على مكتبها و سألها بحزن :
- ليه ما قولتيش ﻷ .. ليه ما وفرتيش علينا تعب السنين اللى فاتت دى كلها وقولتى ﻷ .. ليه وافقتى كأنك كنتى بتنتقمى منى .. ليه دايما كنتى بتطلبى منه إنى أنا اللى أزفكم .. و أنا اللى أحجزلكم شهر العسل .. و أنا اللى أكون شاهد على كتب كتابكم .. ليه ما صعبتش عليكى .. بالله عليكى ردى عليا عملتى فيا كده ليه .. ليه .
لم تشعر بتلك الدموع التى إنسابت على وجنتيها تحرقهما .. لكنها كففتهم بقوة وقالت بحدة :
- لو سمحت سبنى فى حالى وإبعد عنى .. حتى بنتى إبعد عنها مش عاوزاها تتعلق بيك وتسيبها فى الآخر .. إخرج من حياتنا أنا عمرى ما كنت ولا هكون ليك .
إكتسى وجهه بحمرة رجولية منفعلة .. و هدر بها بصوت عالى أربكها :
- بصى بقا ومن الآخر كده .. إنتى بتاعتى سوء بإرادتك أو غصب عنك .. والغلطة اللى غلطتها زمان مش هغلطها تانى .. لازم تعرفى إنى بحبك وعمر قلبى ما دق لغيرك ولا عنيا شافت غيرك .. وهتبقى ليا صدقينى .. خليكى فاكرة كلامى ده كويس قوى .
ثم حدجها بقوة وغضب .. وإنصرف مسرعا صافعا الباب خلفه بقوة .. لتنهار بعدها باكية .. تطلعت لصورة طارق بدموعها وقالت برجاء :
- سبتنى ليه .. أنا محتجاك دلوقتى قوى .. محتاجة أترمى فى حضنك وحشتنى وحشتنى قوى .

.................................................. .................................................. ..........
.......................

خرجت وعد من مكتب الأستاذ عبد الصمد تستعد للرحيل .. ثم وقفت بتثاقل أمام المصعد .. و كان هو الاخر ينتظرها لأنه خشى أن تتعرض لنوبة الرهاب مرة أخرى .. ما أن وقف المصعد حتى وقف خلفها لمحته بطرف عينها ففتحت الباب ودلفت وهى تخفى رعبها .. وقف جاسم بجوارها وقال :
- ما تقلقيش من حاجة أنا معاكى .. تمام .
أومأت وعد برأسها متفهمة .. فأغلق المصعد وضغط زر الهبوط .. لثوانى إختفت أنفاسها كالعادة لكنه سألها مسرعا :
- عملتى إيه مع أستاذ عبد الصمد .
ردت عليه بصوت متحشرج :
- فهمنى حاجات كتير .
تابع حديثه معها ليخرجها من حالة الذعر التى إنتابتها قائلا بهدوء :
- على فكرة مرتبك هيبقى أربع ألاف جنيه .
أومأت برأسها ثانية وإبتسمت إبتسامة خافتة وقالت بإمتنان :
- متشكرة يا فندم .. إن شاء الله أبقى عند حسن ظن حضرتك .
بادلها إبتسامتها وقال وهو يشعر برعبها يقتله :
- هاتيجى بكرة الساعة تمانية بالظبط مفهوم .. أى تأخير مش هسمح بيه .
- حاضر .
وقف المصعد .. فقالت براحة وإطمئنان وهى تتنفس الصعداء :
- الحمد لله .
دفعت الباب بيدها وخرجت تتنفس مطولا .. ثم إلتفتت لجاسم وأهدته أجمل إبتسامة قد رآها بحياته وقالت :
- بعد إذن حضرتك .
تنهد مطولا وهو يتابع تلك اللوحة التى أمامه ببهائها و رقتها .. ثم قال بخفوت :
- مع السلامة .
سارت بإتجاه الدرج المؤدى للطريق .. حتى وجدها تشير بيدها لشخص ما .. إنتابه الذهول والضيق وهى تقترب منه وهو يقابلها بنظرات حب وشوق .. فقال جاسم بضيق :
- مين ده كمان .. مش كفاية مالك .
وقفت وعد بفرحة أمام عمرو وهى تقص عليه ما مرت به خلال يومها الأول بعملها .. لاحظ عمرو وقفة جاسم المتفحصة لهما .. فطالت نظراتهم حتى إلتفتت وعد لترى ما شغل عمرو عنها لتجده يطالع جاسم بتعجب متبادل .. فقالت مسرعة :
- ده مستر جاسم صاحب الشركة يا عمرو .
إقترب جاسم منهم بعدما وصلت لمسامعه أنها ذكرته .. فإبتسم إليه عمرو ومد يده ليصافحه قائلا بود :
- أهلا وسهلا يافندم .
صافحه جاسم وهو مازال محتفظ بوجهه المتعجب من وقفتهم سويا بأريحية كبيرة .. ثم قال ببرود :
- أهلا بيك .
لاحظ عمرو نظرات الحدة والتعجب ونظراته الموزعة بينه وبين وعد فقال معرفا بنفسه :
- أنا عمرو القاضى أخو وعد .
إبتسم جاسم براحة وشدد قبضته على كف عمرو وقال براحة :
- أهلا وسهلا يا أستاذ عمرو .. بسمع عنك من مالك وسامر حضرتك موظف فى المينا صح .
أومأ عمرو برأسه مؤيدا وقال :
- أيوة يا فندم .. أنا بتعامل مع الأستاذ سامر أكتر فى الشغل بس مالك أكتر من أخويا .
تطلع عمرو بوعد ثم سأل جاسم بفضول :
- يا ترى وعد إتقبلت فى الشغل .
تطلع جاسم لوعد مطولا ثم قال بسخرية :
- يا ريت هى تقبلنا معاها فى الشركة .. دى هتبقى أهم فرد فى التيم بتاعى أنا متأكد .
إبتسمت وعد بفخر و عمرو يحتضن كفها بين كفه يبثها فرحته بها .. ثم قال بإبتسامته الهادئة :
- إن شاء الله يا أستاذ جاسم .. وفرصة سعيدة إنى قابلت حضرتك .
- أنا أسعد يا عمرو .. ويا ريت دى ما تكونش آخر مرة .. بعد إذنكم .
إرتدى جاسم نظارته الشمسية .. وإنطلق نحو سيارته الحمراء ذات السقف المفتوح .. وإنطلق بها مسرعا تطلعت وعد للسيارة ومصمصت شفتيها بإعجاب وقالت :
- شوفت العربية يا عمرو تجنن .
فتح عمرو باب السيارة وقال وهو يصعدها :
- لو جاسم رحال ما ركبش العربية دى مين اللى هيركبها .. إركبى يالا يا قمر .
صعدت السيارة و قالت وهى تطير من الفرحة :
- مرتبى أربع ألاف يا عمرو .. أنا فرحانة قوى .
أدار عمرو سيارته وإنطلق بها وهو يقول بإبتسامته :
- ما شاء الله .. ربنا يباركلك فيهم .. الواحد مش عارف يشكر مالك إزاى .
تنهدت وعد مطولا لسماعها إسم من يشغل بالها و قلبها الفترة الأخيرة بشدة .. ثم قالت برجاء :
- عمورة ممكن أطلب منك طلب .
قرصها بوجنتها وقال مداعبا :
- إنتى تؤمرى يا عمرى .
فقالت بخجل على إثره إحمرت وجنتيها بشدة وفركت أصابعها توترا :
- كنت عاوزة أجيب لمالك هدية بسيطة أشكره بيها لو سمحت .
أومأ عمرو برأسه وقال مؤيدا :
- عندك حق .. يالا بينا لمحل يجنن إختارى اللى إنتى عيزاه .
ردت بإمتنان وفرحة :
- ربنا يخليك ليا يا حبيبى .
توجها سويا لمحل هدايا إبتاعت منه وعد ميدالية فضية بسيطة مكتوب عليها { الله خير حافظ } أعجب بها عمرو كثيرا و خرجا سويا متوجهين لمنزلهم .. صف عمرو سيارته و صعدا الدرج سويا .. ثم طرقا باب شقة سراج والد مالك .. فأتاهم صوت روان قائلة :
- مين .
إبتسم عمرو بشدة وقال متنهدا بشوق :
- أنا عمرو يا روان .
فتحت له الباب بإبتسامتها الرقيقة التى تفقده الصبر على تلك الأيام التى تفصلهم عن تحقيق حلمهم .. لم يشعر بنفسه وهو يتأملها بلهفة وهى تبادله نظراته المتلهفة بخجل يزيدها جمالا .. زمت وعد شفتيها بملل وقالت ساخرة :
- جرى إيه يا جماعة هو أنا رجل كنبة واقفة .
تنحنحت روان بخحل وقالت وهى تشير بذراعها مبتعدة عن باب الشقة :
- آسفة .. إتفضلوا إدخلوا .
دلفا إلى شقة سراج الذى إستقبلهم بفرحة وهو يداعب وعد كعادته .. فقالت آمال قاطعة حالة المزاح السائدة بأى مكان تكون به وعد :
- نكمل هزارنا وكلامنا على السفرة لو سمحتم .
أخرج عمرو من حقيبته التى يحملها بعض دعوات لزفافهم .. وأعطاهم لروان قائلا بفرحة :
- دى دعوات فرحنا يا روان .. إختارى واحدة منهم .

فقالت آمال بفرحة :
- ما شاء الله .. إنت حجزت للفرح يا عمرو .
أومأ عمرو برأسه وقال :
- أيوة يا طنط كمان شهر إن شاء الله .
خرج مالك من غرفته بعدما إغتسل وبدل ملابس عمله و قال بتعجب :
- فى إيه يا جماعة .
أعطته روان الدعوات بفرحة وقالت بإبتسامتها التى تأخذ عقل عمرو معها :
- شوف يا مالك عمرو حجز للفرح ودى الدعوات هختار منها واحدة .
قبل مالك مقدمة رأسها وقال بضيق :
- خلاص يا رونى عمرو هياخدك منى .
وضعت رأسها على صدره وقالت :
- ده اللى هيبعدنى عنك دور واحد بس .. يعنى هنشوف بعض كل يوم .
ضمها إليه وقال بفرحة :
- مبروك يا حبيبة قلبى .. ربنا يهنيكم ويسعدكم .. إنتى هتتجوزى راجل بكل معنى الكلمة .
إبتسم عمرو بتقدير وقال شاكرا :
- حبيبى يا مالوك .. عقبالك إن شاء الله .
إتجهت نظرات مالك لتلك التى إنهمرت دموعها بهدوء وهى تتابع حوارهم بتأثر .. وقد إعترف بحبها لنفسه وقال :
- إن شاء الله .

لاحظت وعد نظرات مالك إليها والتى تخبرها بشئ تتمنى تصديقه .. حتى رأته يتقدم منها ببطئ فهد يتقدم من فريسته .. ثم لاحظت إنشغال الجميع بدعوات زفاف عمرو و روان .. فوقف مالك أمامها وقال وهو يتأملها بحب :
- عقبالك يا وعد .
أطرقت رأسها بخجل و هزت رأسها قائلة :
- شكرا .
ثم مدت يدها نحوه و قالت بخجل شديد :
- إتفضل .
تطلع مالك للهدية التى تحملها بيدها و سألها بفضول :
- دى ليا أنا .

أومأت وعد برأسها وقالت وهى ما زالت مطرقة رأسها بخجل :
- أيوة .. دى حاجة بسيطة أقولك بيها شكرا على الشغل يا رب تعجبك .
أخذها منها بإبتسامته الساحرة وقال بفرحة :
- متشكر جدا .. بس ليه تعبتى نفسك .
- ما فيش تعب ولا حاجة .
فتحها مالك بشغف وفضول حتى رأى تلك الميدالية الجميلة فرفع رأسه لوعد وقال هامسا علا .- دى أغلى وأحلى هدية جتلى فى حياتى ....... لأنها منك إنتى يا وعد .
رفعت عينيها نحوه .. لترى نظرات العشق أصبحت واضحة وضوح الشمس بعينيه .. فقالت مسرعة وهى تبتلع ريقها بتوتر :
- أنا هطلع بقا .. السلام عليكم .

ولم تعطى لأحد فرصة لإيقافها وخرجت مسرعة تهرب من نظراته التى أصبحت تشعرها بأنها لم تخلق سوى لتراها عينيه كما يراها الآن .. أغلقت ورائها الباب تحتمى به من شعورها اللذيذ الذى أصبح يمتلكها .. ثم صعدت الدرج مسرعة لشقتهم ........
تنهد مالك مطولا وهو يحمل بين يديه هديتها الجميلة مثلها .. ثم حمل مفاتيحه ووضعها بتلك الميدالية الجديدة لتصبح معه طول الوقت تذكره بها .. ولو أنه لا يحتاج لشئ يذكره لأنها دائما معه .. سأله عمرو بفضول :
- عجبتك الميدالية يا مالك .
رد عليه بفرحة غريبة :
- عجبتنى قوى .. بجد تجنن .

وإحتضنها بكفه و هو يمنى نفسه بالحصول على صاحبتها .. لابد أن يفكر جديدا بفكرة الإرتباط بوعد قبل أن يسبقه غيره إليها .. فهى أصبحت ملكه من اليوم وصاعدا .. كيف تسللت لروحه بتلك السرعة .. هو موقن أنها كانت له منذ البداية ولكن كل تأخيرة وفيها خيرة .. فلينتظر للوقت المناسب للتأكد من مشاعرها ليعترف لها بحبه .

.................................................. .................................................. ...
...............................

جلست علا على فراشها تتذكر كلمات سامر المؤلمة والتى نبشت بجروح ظنت أنها طابت لكنها إكتشفت أنها مازالت تنزف وبقوة .. وقفت وتوجهت لخزانتها .. وأخرجت منها صندوق صغير .. حملته ووضعته على فراشها ثم فتحت قفله الصغير .. وأخرجت منه تلك الرسائل الخفية والتى تحتفظ بها لماضى لطالما أسعدها .. تذكرت كلماته الناعمة و المثيرة مثله وهو يعترف لها بحبه .. حتى زياراته الخاطفة لها بكليتها .. و إتصالاتهم الهاتفية ليلا فى الخفاء خوفا من توتر علاقته بصديقه وأخوها جاسم .....
مررت أناملها على تلك الرسائل بشوق لأيام كانت دائما حائل بينها وبين زوجها .. فهى تعلم أن طارق قد بذل جهدا كبيرا لإستمالة مشاعرها نحوه بكل الطرق .. وكم كانت تقدر تلك الروح المثابرة بداخله .. بل وبادلته حبه بحب أكبر وهو التقدير والعشرة .. صحيح لم تحبه ذلك الحب الذى ملأ قلبها وإكتفى به لسامر .. إلا أنها إستسلمت لطارق فى كل شئ .. وإن عاد بها الزمن مرة أخرى لأعطته أكثر لأنه أكتر شخص منحها دفئا و سعادة .....
لم تفتح أى من تلك الرسائل .. بل أعادتها لذلك الصندوق تدفنها به كما دفنت مشاعرها من قبل .. أعادت الصندوق مكانه ولامت نفسها كيف لها نسيان طارق بتلك السرعة والعودة لمشاعر مجنونة لم تعطها سوى الألم .. مجرد نظرة داخل عينيه الزيتونية لتنهار كل مقاومتها بتلك السهولة .. فقط الإستماع لصوته الرجولى الساحر لتتلذذ أذنها بهذا الشكل المنفر .. تريد الآن عقاب نفسها وبشدة .. ليعود قلبها ويسألها بسذاجة تقتلها هل ستراه مجددا .. إجتذبت شعراتها بقوة كادت أن تقتلعه من جذوره من قوتها .. كأنها تصرخ بداخلها لا تقوى على المواجهة .. مواجهة نفسها .. يا الله مجرد دقائق قلبت حياتها رأسا على عقب .. وتهديده لها بأنها ملكه ماذا كان يقصد ........

إنتبهت على طرقات ناعمة على باب غرفتها .. فإبتسمت شفتيها براحة وقالت :
- إدخل .
فتحت ريتال باب غرفتها و ركضت نحوها و ضمتها بقوة قائلة :
- وحستينى يا مامى .
ضمتها علا بقوة و غاصت بأنفها بشعراتها الطويلة تشتمها بحب .. ثم قالت بتنهيدة طويلة :
- إنتى وحشتينى أكتر يا قلب مامى .. قوليلى عملتى إيه النهاردة فى الكى جى .
جلست ريتال بجوارها وقالت بإمتعاض :
- كويسة .. بس أصحابى بيتريقوا عليا علسان مس بعرف أتكلم زيهم .
شهقت علا وهى تتصنع الغضب .. ثم قالت بحدة مداعبة :
- يا نهار أبيض .. إزاى الولاد دول يتريقوا على حبيبة مامى .. لأ لأ بكرة هاجى الكى جى و أتكلم معاهم .
إبتسمت ريتال وقالت وهى تهز ساقيها بطفولة لذيذة :
- بس مس روضة كلمتهم وقالت لهم إن كده حرام .. وهما صالحونى وجابولى بونبون .
قبلتها علا بقوة فى وجنتها و قالت بإمتنان :
- برافو عليها المس روضة .. إنتى لازم بكرة تقوليلها شكرا .
أومأت ريتال برأسها وقالت بهدوء :
- حاضر يا مامى .. هقوم أعمل الهوم وورك بتاعى .. سلام .

تركتها ريتال لتعود لأشجانها مرة أخرى .. لتعود لتلك العيون الزيتونية و تلك الذقن الذهبية التى زادته بهائا وسحرا .. لم تنتبه لجاسم الذى جلس بجوارها وهو يتأمل شرودها بتعجب .. ثم قال بخفوت هادئ ورغم ذلك أفزعها وهو يعيدها لأرض الواقع مرة أخرى :
- مالك يا علا .. سرحانة فى إيه كده .
إبتسمت إليه بهدوء وقالت برقة :
- مافيش بس بفكر فى الشغل شوية .. قولى بقا ليه ما جيتش الشركة تشوف التصميمات بنفسك .
تنهد جاسم مطولا و مال على فراشها متمددا .. ثم قال بصوت ضائع :
- هموت يا علا .
عقدت حاجبيها بتعحب وقالت مسرعة :
- بعد الشر عنك يا جاسم .. فى إيه مالك .
وضع يده تحت رأسه وقال وهو يتطلع لسقف الغرفة بشرود قائلا :
- حتت بنت تقول للقمر قوم أقف وإنت بتكلمنى .
كورت قبضتها و ضربته فى صدره بضيق وقالت لائمة :
- حرام عليك يا أخى .. والله خفت .
تأوه قائلا وهو يمسد صدره من قوة ضربتها :
- آآآه .. حرام عليكى يا بنتى .. أصل إنتى مش فاهمة حاجة .. الموضوع معقد جدا .
مطت علا شفتيها بتبرم وقالت :
- مش هتبطل جرى ورا البنات .. إتقى ربنا بقى يا أخى .
تجهم وجهه وهو يسمعها ثم قال بحدة :
- إخرسى خالص وإسمعينى للآخر فاهمة .
أومأت علا برأسها وهى تتابع غضبه وتعلم أن السكوت الآن أفضل بكثير .. فتابع شروده وقال بهمس :
- المشكلة إنى حلمت بالبنت دى من وصفها واللى وصفها ليا حبيبها .. وأنا اللى نبهته إنه بيحبها .. لأ وجابها تشتغل معانا كمان .. كان نفسى تطلع مش قد الشغل بس للأسف تستحق إنها تشتغل معانا .. بتجنن لما بشوفها ﻷ والنهاردة أول يوم أشوفها وعامل كده .. أمال لما يعدى فترة هتبقى حالتى إيه بس .
صمتت لبرهة تفكر مليا بما قاله .. ثم سألته بفضول قائلة :
- مين ده اللى بيحبها .
فرك ثغره بحركة ثابتة و قال بضيق :
- ما هى دى المصيبة يا علا .. تخيلى مين .. مالك .
شهقت علا بصوت عالى وقد عادت إليها ذكرياتها القديمة مع سامر وطارق وقالت بتشنج كبير :
- إبعد عنها يا جاسم .. مالك ده أكتر من أخوك إوعى تخسره وتاخد حاجة مش حقك .. صدقنى إنت أكتر واحد هتندم .
أخذ نفسا طويلا وزفره مرة واحدة وهو يجيبها بصوت متعب ومتألم :
- عارف إن عندك حق .. بس دى بنت عمرى ما شوفت زيها فى حياتى .. تخيلى ما سلمتش عليا وقالتلى إنه حرام .. ورفضت تقفل باب المكتب وإحنا لواحدنا .. ده غير لبسها المحترم .. وذكية و عندها كرامة وكبرياء ولسان أطول منها رغم إنها لما تشوفيها تقولى دى عيلة صغيرة .
صرخت به علا بغضب وقالت وهى تحذره بقوة :
- بس ... إخرس خالص لازم توقف كلام وتفكير فى الموضوع ده إنت فاهم .. هى مش ليك ومش من حقك تفكر مجرد تفكير فيها .. إنت بتخون صاحب عمرك كده .

أغمض جاسم عينيه بإرهاق .. وتنهد مطولا ثم وقف وخرج بهدوء دون أن ينطق بأى حرف .. توجه لباب الشقة وخرج مسرعا .. علا معها حق إنه يخون أكثر صديق مقرب منه .. والأصعب أنها فعلا ليست من حقه فالواضح من عينيها أنها تكن مشاعر لمالك .. سأل نفسه بهدوء هل يقوى على التنازل وتركها إليه أم أنه يستحقها أكثر .. سيتركها للأيام ويرى ما ستأول إليه .

.................................................. .................................................. ..............
.........................


إجتمع الجميع على سطح البناية كعادتهم .. تفاوت حديثهم مابين الإعداد لزفاف عمرو وروان و الذعاب للمصيف والتحضير لعيد ميلاد وعد .. لكن وعد نفسها تلكأت للصعود حتى تبتعد عن مالك ولو قليلا فمشاعرها نحوه تتطور بسرعة تقلقها .. بينما كانت روضة شاردة تفكر فى ذلك الذئب الكامن وسط أطفال هم أمانة برقبتها ..........

ربت سراج على قدم عمرو وسأله بقلق :
- بس إنت مش شايف إن شهر قليل يا عمرو .. ده غير إسبوع المصيف .. هتلحق تخلص اللى وراك إمتى يا إبنى .
إبتسم عمرو بثقة وقال :
- ما تقلقش يا عمى .. الموبليا هاتيجى الإسبوع اللى هنكون فيه فى المصيف .. ولما نرجع مش هيبقى قدامنا غير الفرش وده مش هياخد وقت كبير .
أردف سراج قائلا :
- طب والمصاريف مش هتبقى كتير عليك يا عمرو .
إعتدل عمرو فى جلسته وقال بإبتسامة متزنة :
- ﻷ الحمد لله كله تمام وأنا عامل حساب كل حاجة .. حتى فلوس الفستان والكوافير ولوازم روان عاملها جمعية كبيرة وهقبضها الإسبوع ده إن شاء الله .. و ينزلوا البنات يحجزوا كل حاجة .
مالت آمال على عمرو وقالت بحرج :
- يا حبيبى إحنا أهل لو محتاج فلوس شبكتك موجودة تقدر ..... .
قاطعها عمرو قائلا بحدة ناهيا للحديث :
- شبكة إيه بس يا طنط .. دى هديتى لروان وعمرى ما هحرمها منها إن شاء الله .. عاوزكم تطمنوا أنا عامل حساب كل حاجة .
فسأله سراج بخوف من إجابته :
- عرفت باباك ومامتك يا عمرو .
تنهد عمرو بأسى وقال مستجمعا قوته :
- أيوة كلمتهم وهينزلوا قريب .. وهيكلمونا كمان شوية .. بس ربنا يستر من وعد بقا .. نفسى ربنا يهديها من ناحيتهم .
إبتسمت جدته بسخرية وقالت بضيق :
- كتر خيرهم إنهم هيحضروا الفرح .. إنما إنت عامل إيه ومحتاج إيه مش مهم .. تصدق بالله وعد معاها حق .
أنهى عمرو هذا الحديث المؤلم وهو يتصنع الإبتسام قائلا :
- المهم إننا هنفرح كلنا .. مش عاوزين حاجة تخرجنا بره مود الفرح .
ربت مالك على ظهره وقال بود :
- ربنا يهنيكم يا عمرو .. عاوزين ننزل نشترى بدلنا إحنا كمان مش البنات يتشيكوا وإحنا ﻷ .
إبتسمت روضة بشدة وقالت مداعبة :
- أهه لبسنا كلنا كوم .. حتى فستان العروسة .. إنما فستان وعد ده هيبقى كوم لواحده دى هتلففنا محافظات مصر كلها أنا عارفاها .
ضحك الجميع فسأل مالك عليها قائلا بشوق مخفى :
- صحيح هى فين .
ردت روضة وهى تقف وتتجه لسور السطح :
- دلوقتى تطلع .
لاحظ مالك حالتها المتغيرة وشرودها المتكرر .. فوقف وإتجه إليها ووقف بجوارها ساندا بذراعيه على السور وقال متعجبا :
- إنتى كويسة يا روضة .
أغلقت عينيها للحظات مستمتعة بإسمها من بين شفتيه .. وقلبها وقد عصاها للمرة المليون وهو ينبض بعنف .. هو سؤال واحد ملح من عقلها لهذا القلب الضعيف .. متى سيراك متحجر القلب الذى تعشقه بكل كيانك .. إلا أن الجواب سأعشقه حتى لو لم يعشقنى هو ....
أردف مالك قائلا بتعجب أكبر مصاحب بفضول :
- ياااااه ... للدرجة دى .. ده الموضوع باينه كبير قوى .
تنهدت روضة مطولا و هى تتأمل النجوم اللامعة بسمائها الصافية .. لطالما كانت تشبه مالك بنجمة بعيدة منيرة يكفى أن تستمتع برؤيتها من بعيد .. حتى تمنت أن تصبح لها وملك يديها تنير حياتها .. وطالما ناجت ربها وطلبت منه أن يجعله من نصيبها ...
فسألها مالك بقلق هذه المرة :
- روضة إنتى إيه اللى مخليكى سرحانة كده .. لو حاجة خاصة أنا هفهم وهسكت ....... .
قاطعته روضة مسرعة وقالت :
- ﻷ بالعكس أنا محتاجة أتكلم مع حد .
حثها على المتابعة وقال برقته التى تذيب عظامها قبل أعصابها :
- طب إتكلمى وأنا هسمعك وهقولك رأيى بصراحة زى ما إتعودنا .
إيتسمت بهدوء و تنهدت مطولا ثم قصت عليه شكوكها بأمر زميلها مصطفى و تلك الحملة التى شنتها ضده بهدوء و توعية الأطفال لحمايتهم .. ومراقبتها له أغلب الوقت .. حتى قال مالك بضيق :
- إزاى تسمحوا لحيوان زى ده يبقى قريب من الولاد أصلا .
وضعت روضة كفها أسفل وجنتها مستندة على السور وقالت بضيق :
- مافيش فى إيدى غير اللى عملته .. وما أقدرش أحكى لحد على اللى بيعمله غير لما يكون معايا دليل .
حدجها مالك بنظرات غاضبة آثارت رعبها وهو يقول بحدة :
- الواد ده إطاول عليكى قبل كده .
شهقت روضة شهقة خفيفة بداخلها وقالت بنفسها :
- يسلملى اللى خايف عليا يا رب .
ثم إبتلعت ريقها بتوتر وعدلت من نقابها وهى تقول بجدية قاطعة :
- ولا يقدر .
لكنه لم يتخلى عن نظراته الغاضبة وهو يقول عابسا وقد إحمر وجهه بشدة :
- لو زودها عرفينى وأنا هعرف أتصرف مع الحيوان ده .
أومأت روضة برأسها وهى تعود بعينيها للسماء .. ربما تلك النجوم ليست بعيدة كما نظن .. فخوفه عليها ربما تكون غيرة .. ربما ولما لا .
صعدت الزوبعة الصغيرة بشغبها المعتاد لتلفت جميع الأنظار إليها بصوتها الناعم الموسيقى مثلها و هى تقول بصوت عالى :
- متجمعين عند النبى .
إلتفت إليها الجميع بإبتسامة شقية مثلها بينما تجاهلت هى تلك العينين التى تخترق جلدها من حدتها وقوتها وإقتربت من سراج وهى تقول بدلال :
- جهزت كل حاجة للمصيف يا سروجتى .
إتسعت إبتسامة مالك على دلالها المثير والذى يمنى نفسه بتذوقه .. حتى رد عليها سراج وهو يداعب وجنتيها الوردية دائما و التى تدعوك لقضمها :
- كله تمام يا قلب سرجوتك .
إمتعض وجه روان وزمت شفتيها بإشمئزاز وقالت بغضب :
- يع ... بجد علاقة مقززة .
إشتعلت عينى وعد وقالت محذرة :
- إتقى شرى يا خطافة الرجالة إنتى .
صكت روان أسنانها بغضب وقبضت كفها تكافح أن تطالها وتنزع شعرات رأسها شعرة شعرة بيديها وقالت بعصبية غير مبالية بمن حولهما :
- فى مرة هقصلك لسانك ده حتت صغيرة وهرميه لكلاب السكك .
ضحكت وعد ضحكة عالية وقالت برقة لإستمالة مشاعر عمرو و إغاظة روان أكثر :
- شايف يا عمورى الكيوت الرقيقة اللى إنت هتتجوزها .. أهى بانت على حقيقتها معلمة فى المدبح .
تأففت روان وغمغمت بكلمات رفضت الخروج من بين شفتيها لكى لا تخسر ما تبقى من تعقلها .. بينما قال عمرو مداعبا لتهدئة الوضع من حولهم بتعقل :
- مالكيش دعوة بروان يا وعد .. مفهوم .
وقفت وعد وهى تبتسم بخبث ثم دنت من روان وقبلتها بوجنتها مطولا .. ثم قالت بصدق :
- تعرفى يا خطافة الرجالة إنتى لو عمرو لف الدنيا مش هيلاقى واحدة زيك .. ربنا أكيد بيحبه إنه رزقه بيكى يا رونى .
جذبتها روان لحضنها وضمتها بقوة وقالت بإبتسامتها الرقيقة مثلها :
- وأنا بحبك يا مجنونة هانم .. ربنا يخليكى ليا يا حبيبتى .
إبتسم الجميع على تلك الحالة الغريبة التى سيطرت على مشاحناتهم .. ولم العجب فوراء تلك الحالة وعد ويكفى .. قطع حالتهم الهادئة رنين هاتف عمرو الذى قال بتوجس وهو يتطلع لشاشة هاتفه :
- ده بابا بيتصل .
تشنجت ملامح وعد .. وزفرت بضيق وإبتعدت بهدوء جالسة على أرجوحتها .. أغمضت عينيها و إنتقلت لعالم آخر بعقلها كأنه يرفض التفكير فيما يدور حولها .. فل يسموه جحود .. عقوق .. ولكن من يحاسب الوالدين على عقوقهم .. حين يحدث ذلك و يستقيم ميزان العدل .. حينها فقط تستطيع المسامحة ........
رد عمرو على هاتفه بهدوء :
- السلام عليكم ...... أخبار حضرتك إيه يا بابا ....... وماما عاملة إيه ..... كلنا كويسين الحمد لله ..... حجزت خلاص طب كويس جدا ....... تيجوا بالسلامة ..... أيوة أنا جهزت كل حاجة ما تقلقش ...... الله يبارك فى حضرتك ....... أيوة روضة جنبى ثوانى وتكلم حضرتك .
مد عمرو بهاتفه ناحية روضة وقال وهو مازال متصنم الوجه لايبدو عليه الضيق أو الفرح .. فقط برود متناهى :
- روضة كلمى بابا .
أخذت روضة الهاتف وقالت بنفس النبرة المتجمدة :
- السلام عليكم ..... أنا كويسة يا بابا .... وعد ... هى كمان كويسة والنهاردة أول يوم تشتغل فيه ...... معلش يا بابا هى مش حابة تتكلم ..... لا مش هقدر أغصب عليها سيبها براحتها لو سمحت ........ معلش المهم هتنزلوا إمتى ........ معقول يا بابا قبل الفرح بأربع أيام بس ...... عمرو أكيد محتاجكم جنبه ........ مش مشكلة يا بابا تيجوا بالسلامة .... ﻷ مش محتاجين حاجة .... هى فين ماما ... آه حضرتك فى البيت التانى ... تمام إبقى سلملى عليها .... محمد رسول الله ... مع السلامة .

وأغلقت الهاتف وأعطته لعمرو وعادت لشرودها مرة أخرى ... بينما إقترب مالك من وعد و دفع أرجوحتها كما يحب أن يفعل دائما لتلتفت إليه بشكل يأسر لبه .. و بالفعل إلتفتت إليه .. ساحرة .. ساحرة دون شك .. نظرات الحزن بعينيها تجعله يشعر بتمزق يؤلمه .. فقرر أن يغير حالتها الحزينة و يجذبها لعالمه الجديد المليئ بالزهور و العصافير الملونة .. و رائحة البحر المهدئة للأعصاب .. كل هذا بداخل جنته التى يدلفها فور رؤيته لوعد .. إبتسم بهدوء وهو يتابع تأملها لوجهه كأنها تتمسك بشئ ينتشلها من حزنها فقال :
- عملتى إيه مع أستاذ عبد الصمد .
لاحظ إنعقاد حاجبيها ثم إرتفاعهما بسرعة كأنها ترسم مشاعرها على ملامحها .. ثم قالت بهدوء :
- جننته .. شوية وكان هيشتالنى هيلا بيلا ويرمينى بره مكتبه .
ضحك مالك ضحكة عالية متناقضة مع الجو العام المحيط به فجذب نظرات الجميع إليه .. فأصبح مدين بتوضيح عن تلك الضحكة العالية .. ولكن رؤيتهم لوعد بجواره كان كافيا .. حك أنفه بخجل ثم قال هامسا :
- إحكيلى عملتى فى الراجل إيه .
إلتفتت بجسدها ومالك ما زال يؤرجحها .. وقالت ساخرة :
- ولا حاجة .. عاوزنى أفهم شغلكم كله فى يوم واحد .. بس بعد كده أبهرته ده حتى قال للباش مهندس جاسم إنى ييجى منى .
عقد مالك ذراعيه أمام صدره وهو يغوص داخل عينيها مخلفا ورائه تورد زائد لوجنتيها و تمزق أصابعها من الفرك توترا وخجل .. ثم قال بفرحة :
- أكتر حاجة مفرحانى بجد إن جاسم إقتنع بيكى بسهولة جدا .. ﻷ و خلاكى مديرة مكتبه مرة واحدة .. هموت وأعرف أقنعتيه إزاى .
ردت ببساطة و غرور مع نبرة صوتها الناعمة لتجذبه إليها أكثر وأكثر :
- سألنى عن رأيى فى مشكلة بخصوص أرض هيعمل عليها مشروع سكنى .. لناس مش عاوزين يبيعوا بسهولة .. فأنا ببساطة حلتهاله .
رفع مالك حاجبيه متعجبا وقال بفضول :
- حلتيها إزاى .. ده إحنا تعبنا معاهم بشكل .
إبتسمت وعد بمكر وقد لمعت عينيها بشدة .. ثم قالت بقوة :
- ممكن أقولك بس بشرط .
هز رأسه غير مصدق لإبتزازها المتوقع .. ثم قال بقوة فارضا سيطرته عليها :
- خشى فى الموضوع على طول .
فقالت مسرعة :
- طب أخبط الأول .. ههههههههه .
صفع جبهته بضيق ثم قال بعصبية :
- ﻷ .. كفاية عليا سامر .. قلش هنا كمان .. هاتى من الآخر شرطك إيه يا سنجوبة هانم .
تصنعت التفكير قليلا و عينيها تعبث حولها بنظرات ساخرة .. ثم قالت :
- عرفنى هدية عيد ميلادى إيه وأنا هقولك .

تعالت ضحكات مالك مجددا .. ولكن هذه المرة لم يلتفت إليه أحد .. بينما سيطر هو على ضحكته عندما لمح بعينيها نظرات غضب قاتلة .. فقال مسرعا :
- ده بعينك .. هديتك هتعرفيها يوم عيد ميلادك .. وإتكى على الصبر شوية علشان الهدية تستاهل .
رفعت حاجبها بحدة وقالت بغضب :
- بقا كده .. طب من هنا ليومها ما تكلمنيش خالص وهخاصمك .
إعتدلت فى جلستها وأولته ظهرها .. فدنا منها قليلا وقال هامسا :
- تقدرى .

شعرت برجفة غريبة إمتلكتها .. وقد دغدغدت نبرته الهامسة أذنيها مرسلة إشارات كهربية لقلبها الذى إنتفض بقوة .. ولكنها هدأت عندما شعرت بإبتعاده عنها بهدوء .. تنفست مطولا و زفرته بهدوء و قد إبتسمت برضا .. مرة بعد مرة يؤكد لها أن ما تشعر به ناحيته أكيد .. وما تراه بعينيه أقوى وأكبر .. فقالت بنفسها هامسة :
- قلبك هو هدية عيد ميلادى يا مالك .. وصدقنى لو جبتلى أغلى هدية فى الدنيا مش هتسعدنى أكتر من الهدية اللى مستنياها منك .

.................................................. .................................................. .........
...............................

قراءة ممتعة


الساعة الآن 03:32 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.