شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة (https://www.rewity.com/forum/f524/)
-   -   وعد بلا رحمة (https://www.rewity.com/forum/t475552.html)

ياسمين أبو حسين 24-10-20 12:38 PM

وعد بلا رحمة
 



https://upload.rewity.com/do.php?img=166141


مقدمة

السعادة قرار ... و الإحتراس غير كافى للأمان الدائم والنجاة من عاقبة الحب ... فمن يجمعه الله لا يفرقه بشر لأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ...
نختار ... فنفقد ... فنظن أنها النهاية ... وذلك لجهلنا بفن الحياة والرضا بالواقع ...
فلماذا لا تأتى السعادة إلا بعد مكابدة العذاب ... لأن فطام الهوى إمتحان لقوى النفس .




روابط الفصول

المقدمة... اعلاه
الفصل 1 ... بالأسفل

الفصل 2، 3 نفس الصفحة
الفصل 4، 5 نفس الصفحة
الفصل 6
الفصول 7، 8، 9 نفس الصفحة
الفصول 10، 11، 12 نفس الصفحة
الفصول 13, 14, 15 نفس الصفحة


ياسمين أبو حسين 24-10-20 12:48 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
رجعتلكم بروايتى اللى عذبتنى كتير #وعد_بلا_رحمة ...
شخصيات كتير و قضايا أكتر و أحداث مشوقة داااااائما ..
أرجو أن تنال إعجابكم و هنتظر مشاركاتكم و تعليقاتكم بفارغ الصبر ....
عودا حميدا لبيتى و بدايتى المنتدى الغالي على قلبي ...
شبكة روايتى الثقافية
تمنوا لي التوفيق و النجاح بينكم و بكم
#ياسمين_ابو_حسين 🌼🌼🌼

عاشق الياسمين الياسمين 25-10-20 12:13 PM

رائععععععععععععة

ياسمين أبو حسين 26-10-20 03:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق الياسمين الياسمين (المشاركة 15164743)
رائععععععععععععة

يسلموووووو كلك ذوق 🌼

ياسمين أبو حسين 26-10-20 03:35 PM

الفصل الأول :

فى رومانيا بالتحديد فى العاصمة بوخاريست .. داخل فندق متوسط المستوى ... كان مستلقياً براحة و خيالات سريعة كومضة عين تمر به و صور مبهمة تضرب عقله و دماء تغطي يده حتى باتت تقطر أرضاً و صراخ و عويل حوله و شئ ما يدغدغ أنفه .. أشاح بيده ليبعد ذاك الشئ عنه .. و خشي أنا يصطبغ وجهه بتلك الدماء التى بيده .. حتى شعر بذلك الشئ يمر على أنفه مرة أخرى .. و تلكالخيالات تختفى من أمام عينيه التى فتحها بنظرات ناعسة فرآها أمامه .. أغلق عينيه مستسلما لنومه ثم فتحهما مجددا بسرعة من ذعره و إنتفض جالسا و إستند بظهره على ظهر فراشه و قال بتعجب :
- يخرب بيتك .. إنتى بتهببى إيه فى أوضتى هو أنا مش هخلص بقا .
تطلعت إليه بحب وإشتهاء و إقتربت منه و قالت بنبرة ملتاعة و عيونها تقطر شوقاً :
- I .. want ... you ... gasem .
ضرب جاسم رأسه بيده وقال ساخرا :
- يا ... صلاة ... النبى .
ثم نهرها جاسم قائلا بغلظة :
- إنتى إيه اللى دخلك أوضتى ودخلتيها إزاى .
عقدت حاجبيها غير مدركة ما يقوله بالعربية .. و لكنها لامست وجهه بأناملها الناعمة و تمتمت بكلمات لم يفهمها .. لكنه إستنتجها بدون شك .. أزاح يدها عنه و إبتلع ريقه متوترا من لمستها .. ثم قال بصوت مضطرب من قربها به كل الرجاء :
- أبوس إيدك إبعدى عنى .. أنا حايش شيطانى عنك بالعافية .
عادت لتمتمتها مرة أخرى وهو لا يفسر شيئا مما تقول بلغتها و لكنها فاجأته ووقفت ثم فتحت معطفها وكانت عارية تماما .. جحظت عينيه وأزاحهم عنها ووقف مسرعاً و إتجه ناحيتها فى حركة واحدة كمن لسعه ثعبان وأغلق معطفها و هو يهدر بها قائلا بقوة :
- هى وصلت لكده .. إسترى نفسك يا مجنونة .
تعجبت من رد فعله .. و رفعت ذراعيها نحوه و لفتهما حول عنقه و زاد تمسكها به .. فدنت منه و قبلت شفتيه برقة .. ذابت معها أعصابه .. ولكنه تمالك نفسه و إبتلع ريقه بتوتر و جبينه صار يقطر عرقاً و دفعها بعيدا عنه فى حركة واحدة وعنفها قائلا بتلعثم :
- out .. أخرجى من هنا فورا .. يالا .
لم تتحرك من مكانها و ظلت ترجوه بعباراتها الناعمة ... فجذبها من ذراعها بالقوة وتوجه ناحية باب غرفته و هى تجذب يدها منه و تحاول التمسك بأرضية الغرفة .. بينما فتح هو باب غرفته ودفعها فإصطدمت بالحائط خلفها و وقفت تتابعه بنظرات لائمة .. رفع سبابته فى وجهها وقال محذرا بنبرة حازمة رغم ضعف روحه و جزء منه لا يصدق انه يرفض هذا الجمال :
- إبعدى عنى .. go من هنا مفهوم .
إقتربت منه وحاوطت رقبته مجدداً بيديها و قالت بحزن :
- I love you gasem .. l want you .. really .
أزاح ذراعيها عنه وهو يقاوم سحرها ورغبته بها .. ثم إبتعد عنها و هو يقول بقوة :
- go .. روحى ال home بتاعك .. يالا go .
وأغلق الباب بوجهها وصدره يعلو ويهبط بقوة من آثر لمساتها وقبلتها و رؤيتها عارية .. أغمض عينيه و هز رأسه بقوة كأنه يخرج صورتها منها و مرر أنامله بشعراته ثم إجتذبها كأنه سيقتلعهم من جذورهم .. حتى إنتبه على رنين هاتفه .. توجه صوب الفراش وحمل هاتفه و رد مسرعا بنبرة غاضبة :
- بقيت فين يا زفت إنت .
أتاه الرد بنبرة ساخطة :
- زفت فى عينك .. تصدق أنا غلطان اللى عبرتك و جيت .. أنا هرجع مصر على أول طيارة راجعة .
رد عليه جاسم بإستمالة و مكر و هو يرتمى على فراشه :
- أهون عليك يا مالوكى .. ده إنت صاحبى وأخويا وعشرة عمرى .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال ساخرا :
- أيوة كده هات ورا .. صحيح إنت نازل فى نفس الأوتيل .
تمدد جاسم بجسده على الفراش ولوى ثغره وهو يقول بإمتعاض :
- أيوة للأسف .
جذب مالك حقيبته ورائه و تابع حديثه قائلا بهدوء :
- تمام .. أنا خارج من المطار أهه .. إنت بعتلى السواق .
أجابه جاسم بتأكيد :
- آيوة .... أول ما هتخرج هتلاقيه.. تعالا على الأوتيل على طول بلاش لف .. تمام .
رد عليه مالك بتعجب بادى بصوته قائلا :
- مش فاهمك الصراحة .. جايبنى على ملا وشى .. وبتستعجلنى هى إيه الحكاية بالظبط .
تذكر جاسم تلك المغوية و صورتها الجامحة التى تغادر عينيه و قال بتنهيدة طويلة ملتاعة :
- لما تيجى هحكيلك يالا سلام .
حرك مالك كتفيه بإستسلام وقال :
- سلام يا صاحبى .
وأغلق الهاتف .. وخرج من المطار ليجد السائق بإنتظاره .. حمل عنه الحقيبة ووضعها بالسيارة .. وفتح له الباب الخلفى للسيارة .. ولكن مالك فتح الباب المجاور له وركب بجواره .

.................................................. ......................
...............................

فى محافظة من أجمل محافظات مصر .. محافظة دمياط تلك البلد المثابرة .. والتى ستظل شابة بأهلها الجاديين بعملهم .. منذ نعومة أظافرهم .. سواء بصناعة الموبليات أو الحلويات أو الصيد وصناعة السفن .. بشواطئها الفاتحة ذراعيها لأى مصيف سواء غنى أم فقير .. لا تحتاج لأى قوانين أو تعقيدات للإستمتاع بشواطئها ....


عادت روضة من عملها منهكة .. دلفت لشقتها و رفعت نقابها لتتنفس قليلا .. و أغلقت ورائها باب شقتهم و صاحت قائلة بإرهاق :
- يا تيتة .. إنتى فين .
خرجت من المطبخ سيدة فى العقد السادس من عمرها ولكنها مازالت تحتفظ ببعض من لياقتها .. تجفف يدها بمنشفة المطبخ .. إبتسمت براحة و قالت بتعب :
- كويس إنك جيتى يا روضة .. تعالى يا حبيبتى ساعدينى علشان نخلص الغدا قبل ما عمرو أخوكى يرجع .
وضعت روضة حقيبة يدها على طاولة بجوارها و تركت مفاتيحها و هى تبحث حولها متسائلة بضيق :
- هى وعد هانم لسه نايمة برضه .

هزت الجدة رأسها مؤكدة .. وقالت برجاء هامس :
- أيوة .. سبيها نايمة يا روضة دى كانت سهرانة طول الليل قدام التليفزيون .
ضربت روضة كفيها ببعضهما وقالت مستنكرة تدليل جدتها لشقيقتها الصغيرة :
- بتتعب برضه .. طول الليل سهرانة .. يا تيتة حضرتك مدلعاها جدا .
ضحكت الجدة بخفوت و ربتت على ذراع حفيدتها الحنونة وقالت بسخرية :
- أنا اللى مدلعاها برضه .. ده إنتى لو طولتى تديها عين من عنيكى مش هتتأخرى .
إرتمت روضة بحضن جدتها الحنونة وضحكت قائلة بحب و تقدير :
- ربنا يخليكى لينا يا حبيبة قلبى .
إبتعدت عنها قليلا ورفعت حاجبها بتوعد وقالت بنبرة شيطانية مازحة :
- أنا دلوقتى هدق طبول الحرب وهشن هجوم مفاجئ على الكونتيسة وعد .. وإدعيلى بقا أخرج سليمة من هذه المعركة ما أخدش فازة فى وشى .. أو الموبايل فى دماغى .
قهقهت الجدة .. و قالت من بين ضحكاتها :
- الله يروق بالك يا روضة .. سمى الله وإدخليلها .
تنفست روضة مطولا وتوجهت لغرفة شقيقتها .. فتحت الباب لتجد الغرفة مظلمة كليا و ساكنة .. فأضائتها .. و لكن الضوء لم يحرك ساكنا .. إقتربت روضة من الفراش ودنت من شقيقتها وقبلتها بوجنتها وهى تقول بنبرة حانية :
- وعد .. وعد قومى بقا يا حبيبتى .
تململت وعد فى غفوتها و وضعت الوسادة فوق رأسها تحجب عن عيناها نور الغرفة المضاء .. وقالت بضيق :
- إطلعى برة يا روضة وإطفى النور .. ولما ترجعى من الشغل صحينى .
ضحكت روضة ضحكة عالية و قالت بإتزان :
- يا دودو يا حبيبتى أنا روحت الشغل وخلصت ورجعت وإنتى لسه نايمة .
رفعت طرف وسادتها عن رأسها و فتحت عينيها بتثاقل و رمقت شقيقتها بنظرات شك وقالت محذرة :
- عارفة لو طلعتى بتشتغلينى هعمل إيه .
عقدت روضة ذراعيها أمام صدرها وقالت بإبتسامة ماكرة :
- شوفى ساعة موبايلك وإنتى تتأكدى .

أزاحت وعد تلك الوسادة و حملت هاتفها و تطلعت لشاشته فتأكدت من حديث روضة .. فجلست على فراشها بتثاقل وتمطأت بكسل وقالت وهى تلوى فمها على مضض :
- صباح الخير يا رودى .
قبلتها بوجنتها وقالت بحب :
- صباح الفل والياسمين عليكى يا قلب رودى .. قومى يالا صلى الضهر علشان العصر قرب يأذن .
أومأت وعد برأسها وقالت بإبتسامتها الرقيقة :
- حاضر .
تركتها روضة وخرجت .. وقفت وعد وحملت منشفتها .. وخرجت من غرفتها وسارت قليلا حتى وصلت للمرحاض .. إغتسلت وتوضأت وخرجت سارت لغرفتها مرة أخرى .. إرتدت إسدالها وصلت فى هدوء .

.................................................. ...................................
.................................



عودة لرومانيا .. إنتبه جاسم لطرقات على باب غرفته .. فوقف وراءه وقال متوجسا :
- who.
ضحك مالك ضحكة عالية وقال بتعجب من حال صديقه :
- أنا يا معلم .. ما تفتح على طول انت عليك طار يا إبني .
فتح جاسم الباب وجذب مالك للداخل عنوة .. وأغلق الباب مسرعا .. جذب مالك ذراعه و مسده قائلا بتألم :
- دراعى يا عم .. وباعدين مالك كده مش على بعضك .
ترك جاسم حقيبة مالك وزفر بضيق و هو يقول براحة و إطمئنان :
- كويس إنك جيت .. حمد الله على سلامتك .
لاحظ مالك إرتباكه و تخبطه فسأله بقلق :
- مالك يا جاسم قلقتنى يا صاحبى .
أشاح جاسم بيده و قال متأففا :
- مافيش دى البتاعة اللى إسمها ديانا بنت الراجل اللى متعاقدين معاه علشان يورد لنا الخشب .
إبتسم مالك ببرود و قال بضيق :
- مش فاهم حاجة برضه هى بتضايقك لسه .

أجابه جاسم وهو يحك ذقنه قائلا بسخرية :
- لا يا معلم دى جابت من الآخر و لاقتها فوق راسى و أنا نايم .. و فجأة عرضت نفسها عليا و فجأة برضه بقت من غير هدوم .
إبتلع مالك ريقه ورمش بعينيه عده مرات قبل أن يرد بتقزز :
- إيه اللى بتقوله ده .. أستغفر الله العظيم .. وطبعا سيادتك ما صدقت .
أسبل جاسم عينيه وقال بإستعطاف :
- على فكرة إنت ظالمنى .. إنت تعرف عنى كده .
أجابه مالك بإيجاز سريع :
- أيوة .
نظر له جاسم بعتاب وهو يقول بفتور :
- إخص عليك .. طب والله والله ما جيت جنبها وطردتها وإتصلت بسيادتك علشان تبقى معايا .. لأنى مش هقدر أمسك نفسى كتير .
جلس مالك بإرهاق على الفراش ثم تمدد و قال ساخرا :
- وأنا اللى كنت فاكرك جايبنى علشان أبقى مترجم لسيادتك يا أمى يا جاهل .
إبتسم جاسر بسخرية و قال بسخط :
- خفيف ياض .. ما أنا متخرج من نفس الكلية اللى سموك متخرج منها .
- بس جاهل لغات .. يا أمى .

حدجه جاسم بنظرة محذرة وقال بتحدى :
- قد كلامك ده يا دكر .
إبتلع مالك ريقه بإرتباك شديد فهو يعلم قوة صديقه جيدا .. و قال بنبرة متوترة :
- بهزر يا صاحبى .. صاحبك و غلط .. ما هو لو مافيش حد بيغلط ما كانوش حطوا فوق القلم أستيكة .
ضرب جاسم كفيه ببعضهما وقال مبتسما :
- ده أخرة قعادك مع الأراجوز الأستاذ سامر .
إنتبهوا لطرقات على باب الغرفة .. أشار جاسم لمالك و قال هامسا :
- إفتح إنت و لو البلوة اللى إسمها ديانا وزعها و قولها مش هنا .
و ركض و إختبئ بالمرحاض .. ضحك مالك على حال صديقه وتوجه للباب وفتحه فانفغر فاه من هول ما رأى .. كانت تقف أمامه فتاة أقل ما يقال عنها حورية من حوريات الجنة .. تطلع إليها مطولا ثم جاهد نفسه و خرج صوته متحشرجا قائلاً ببلاهة :
- من أنتى .
ردت عليه ديانا وعينيها تتجول بالغرفة ورائه باحثة عن جاسم :
- أنا ديانا .. جاسم هنا .
تنهد مالك مطولا وقال هامسا بلغتها التى تعلمها بسهولة :
- لا .. هو ليس هنا .. خرج .

علا الحزن ملامح وجهها الساحر و لوت ثغرها و إقتربت من مالك وهى تهمس بالقرب من وجهه :
- أرجوك .. أخبره أنى أريده و بشده .. و أنى أحبه جدا .
كان مالك هائما بها .. وجاسم يتابع حوارهم من وراء باب المرحاض .. كتم ضحكته و هو يتابع إنهيار أعصاب صديقه المتدين .. بينما إبتعد مالك وقد غزى عطرها وجدانه و فعل به الأفاعيل و قال متصنعا القوة :
- حسنا .. سوف أخبره .. إلى اللقاء ديانا .
و أغلق الباب مسرعا ليحتمى خلفه .. خرج جاسم من المرحاض و هو منهار من الضحك على حال صديقه .. إقترب منه و هو مازال يحتمى بباب الغرفة و فى حالة شرود و هيام .. مرر جاسم يده أمام وجه مالك و قال ساخرا :
- مالك يا صاحبى .. أمال أنا أعمل إيه يا شيخنا .
وضع مالك يده على قلبه و تنفس مطولا وزفره بهدوء و قال بإعجاب :
- إيه البت دى .. إنت قاومتها إزاى يا معلم .
مرر جاسم أنامله بشعراته البنية الناعمة و قال متنهدا :
- لا يا معلم كله إلا كده .. أنا أصاحب آه .. أكتر من كده ما أقدرش .. صحيح مقصر فى صلاتى بس هييجى يوم وهتوب .. لكن زنا لأ .
أومأ مالك رأسه بتفهم .. ثم قال فاقدا صبره :
- إحنا لازم نسيب الأوتيل ده فورا .. ونروح واحد تانى .. وأول ما تتفق مع أبوها على الشحنة الجديدة نسافر فورا .
صمت جاسم برهة يفكر بما قاله مالك .. ثم قال بجدية :
- عندك حق .. أنا هجهز شنطتى حالا .

.................................................. .......................
.........................................



خرجت وعد من غرفتها .. وتطلعت لجدتها التى ترص أطباق الطعام على المائدة .. إقتربت منها وقبلتها بوجنتها و قالت بإبتسامتها الشقية :
- صباح الخير يا إمتثال .
إبتسمت الجدة وقالت بضيق مفتعل :
- قدك أنا ولا بلعب معاكى فى الشارع يا وعد هانم .
قرصت وعد وجنتيها وقالت مداعبة :
- و هو أنا لسه بلعب فى الشارع يا إمتثال .. كبرنا على الحاجات دى .
أزاحت جدتها يديها عن وجهها وقالت متأففة :
- الجو حر يا بت إنتى إبعدى عنى .
خرجت روضة من المطبخ وهى تحمل أطباق الطعام بيديها .. و صوت ضحكاتها يسبقها على شغب شقيقتها .. ووضعتهم على الطاولة .. بينما لمعت عينى وعد و عضت شفتيها وقالت بفرحة :
- كفتة ومكرونة وبطاطس محمرة .. أحمدك يا رب .
جلست روضة بمقعدها وهى تقول بتذمر :
- أول مرة أشوف واحدة تفطر مكرونة وكفته .
زفرت وعد بملل وقالت بحدة و هى تسحب كرسيها :
- طب أعمل إيه مخلصة الكلية بقالى كام شهر .. وعاطلة عن العمل .. فا أنام براحتى وأسهر براحتى وأفطر كشرى عادى برضه .
إمتدت أنامل وعد لإلتقاط صباع كفته .. فصفعتها روضة على يدها وقالت بمرح :
- إيدك .. مش هتاكلى حاجة غير لما عمرو يرجع من شغله .
عقدت وعد ذراعيها أمام صدرها وقالت بضيق :
- يووه بقا .. هو هيتأخر .
فتح باب شقتهم ودلف منه شاب .. أغلق ورائه الباب .. وأغلق عينيه وهو يشتم رائحة الطعام الشهى .. ثم فتحهما بإبتسامة مشرقة و قال بتلذذ :
- الله الله .. كفته تيتة العالمية .
زفرت وعد بفقدان صبر و هى تضع كفها أسفل وجنتها قائلة بتذمر :
- إخلص يا عمرو وإغسل إيديك بسرعة وتعالى .. جعانين وبنستناك يا أخى .
إنتصب عمرو فى وقفته وأدى التحية العسكرية وقال بجدية :
- تمام يا فندم .
وإستدار مسرعا صوب المرحاض .. غسل يديه جيدا .. وعاد للمائدة جلس مكانه و قال بهدوء رزين :
- بسم الله الرحمن الرحيم .. يالا يا جماعة بالهنا والشفا .
بدأوا فى تناول طعامهم .. فقالت وعد بمكر :
- عمورة حبيبى وأخويا وكل حاجة ليا .
تطلع عمرو صوبها بطرف عينيه .. وقد فهم من دلالها أنها تنوى طلب شئ ليس بالهين .. إبتلع ما فى فمه وقال بفضول :
- هاتى اللى عندك يا وعد بلاش دخلة السهوكة دى .
وضعت معلقتها جانبا و قالت برجاء :
- عيد ميلادى كمان إسبوعين .. وإنت وعمو سراج وعدتونى إننا هنحتفل بيه لما هنصيف فى رأس البر .
نظر إليها عمرو بتركيز وقال بهدوء مستفز :
- مش عارف هينفع ولا ﻷ .. لأن مالك مسافر رومانيا فى شغل .
ردت بعصبية شديدة .. وهى تقف وأنفاسها تتلاحق .. وإحمرت عيناها غضبا وقالت :
- ماليش فيه .. إنتوا وعدتونى .. أما بقا مالك فا ليلته سوده لأنه عارف إنى هحتفل بعيد ميلادى السنة دى فى المصيف .
هدأتها روضة وهى تربت على كفها :
- إقعدى كملى أكلك يا وعد .. وأكيد مالك مش هيتأخر فى سفره وهاييجى قبل عيد ميلادك .
تركتهم وعد ودلفت لغرفتها .. إرتدت إسدالها وخرجت وقفت أمامهم وقالت بحزم :
- أنا هنزل لعمو سراج وهخليه يشوفلى حل فى الموضوع ده .. هو وعدنى وأنا ماليش دعوة .
ثم توجهت لباب شقتهم فتحته وهبطت الدرج مسرعة .. وطرقت باب شقة جارهم سراج .. فتحت لها فتاة الباب وقالت بإبتسامة رقيقة :
- دودو هانم بذات نفسها تكرمت وتعطفت وشرفتنا بالزيارة .
نظرت لها وعد وعلى وجهها وجوم حزين و قالت بنبرة خافتة :
- عمو سراج هنا يا روان .
لاحظت روان عبوسها فتسائلت بقلق :
- مالك يا وعد .. حد زعلك .
أتاهم صوت من خلفهم يقول بإبتسامة ماكرة :
- عارف زعلانة ليه .. تعالى يا وعد إدخلى .
دخلت وعد وهى محتفظة بملامحها الحزينة وقالت بلوم :
- مش إنت وعدتنى يا سروجتى إنك هتحتفل بعيد ميلادى وإحنا بنصيف فى رأس البر .
قهقه سراج عاليا وقال مازحا :
- سروجتك .. كلى بعقلى حلاوة .. آآآخ منك إنتى .
إقتربت منه وقالت وهى تتصنع البكاء :
- يعنى هتنفذ كلامك ولا هنتخاصم .
خرجت من المطبخ سيدة فى نهاية عقدها الرابع .. تخفى ضحكاتها .. وإقتربت من وعد وربتت على ذراعها وقالت بحنان :
- ما تقلقيش يا دودو .. إحنا مجهزين كل حاجة زى ما وعدناكى .
إتسعت عينى وعد من الفرحة وقالت بإشراق :
- بجد يا طنط آمال .
أومأت آمال برأسها وقالت بتأكيد :
- بجد يا روح طنط آمال .
مصمصت روان شفتيها بضيق وقالت :
- أنا بغير على فكرة .. وإنتوا مدلعين البت دى قوى .
أخرجت وعد لسانها لروان لتغيظها وقالت بلؤم :
- حقودة .. مش كفاية أخدتى منى عمورتى وخطبتيه .. يا شريرة .
إبتسمت روان رغما عنها وقالت بحدة :
- أنا اللى خطبته برضه .. ولا إنتى اللى فضلتى تزنى على ودانى علشان أوافق أتخطب ليه .
قالت وعد وهى تلوى فمها على مضض :
- إنتى كنتى تطولى .. هو فى زى عمورة .. طول بعرض .. وشغال فى المينا .. وعنده شقته .. وبيجهزها .. وأخلاق .. وقمر .. ده كفاية إنه شبهى .
إتسعت إبتسامة آمال وقالت بمداعبة :
- قوليلها يا وعد البت دى .
- ما أنا بقولها أهه يا طنط .. طب وهو الأستاذ مالك هيرجع إمتى .
جلس سراج على أريكته وقال مؤكدا :
- كام يوم بس وهيكون هنا بالسلامة .. أنا أجرت عشتين قصاد بعض .. على البحر على طول وإسبوع كامل يا ستى .. هاه مبسوطة .
دنت منه وعد وقبلته فى وجنته وقالت بفرحة :
- مبسوطة جدا يا حبيبى .. ربنا يخليك ليا يا كايدهم .
وتطلعت صوب روان التى تتصنع الغضب .. وما أن فتحت فمها لترد على سخافتها حتى علا رنين هاتفها .. فقطبت كلماتها وحملت هاتفها .. لتبتسم عينيها بفرحة وردت مسرعة :
- مالك حبيبى .. وصلت بالسلامة .
وقف مالك بشرفة غرفته الجديدة .. ورد عليها بشوق :
- وحشتينى الكام ساعة دول يا رونى .
تجمعت العبرات بعينيها وقالت بشوق :
- وإنت كمان وحشتنى .. يا رب ما تتأخرش المرة دى .
عاد لغرفته .. وجلس بجوار جاسر و هو يشاهد التلفاز ورد عليها بإبتسامته هادئة :
- مش هتأخر إن شاء الله .. كام يوم وتلاقونى عندكم .. إنتى ناسية عيد ميلاد وعد .. دى ممكن تهد الدنيا على دماغنا .
ضحكت روان ضحكة عالية وقالت ساخرة :
- ما هو ده اللى حصل لما عرفت إنك سافرت .. خد كلمها و طمنها .
أعطت روان الهاتف لوعد التى إنفجرت به بصياح وصل لمسامع جاسر ولفت إنتباهه :
- ماشى يا مالك .. والله لهخليك تصرف اللى وراك واللى قدامك على الأيس كريم والشوكولا علشان أتكرم وأتعطف وأصالحك .
ضحك مالك ضحكة عالية وهو يبعد الهاتف عن أذنيه .. ثم أعاده وقال مسرعا :
- إهدى يا سنجوبة.. يومين تلاتة بالكتير وهرجع مصر .. وأنا مجهز كل حاجة أصلا للمصيف ولعيد ميلادك .
هدأت نبرتها وهى تقول بحدة وتوعد :
- برضه مش هصالحك غير بأكبر كمية أيس كريم وشوكولا .
تنهد مطولا وقال بنبرة مداعبة :
- ده إنتى بتتلككى بقا .
لاحظ جاسم طريقته الهائمة فى الحديث .. فاعتدل فى جلسته وإلتفت إليه بوجهه يتابع حديثه الشيق .. بينما ردت وعد بنبرة حاسمة ومؤكده :
- أيوة بتلكك .. علشان تبطل تقولى سنجوبة تانى .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال لإغاظتها :
- ليه بس .. ما إنتى سنجوبة بجد .
إشتعلت عينى وعد دليل على غضبها .. وصاحت به مجددا :
- أعوذ بالله منك .. فعلا مالك رخامة إستايل .
تابع حديثه المستفز وقال :
- إنتى بتتلفظى ألافيظ مش حلوة على فكرة .
صكت وعد أسنانها وقالت بضيق :
- ألافيظ .. تعرف لولا إن التليفون ده أخويا اللى شاريه لروان .. كنت دشدشته على دماغ أختك حبيبة قلبك يا رخم .
تعالت قهقه مالك .. بينما وضعت روان يدها على رأسها وقالت بخوف :
- وأنا مالى أنا .
تمالك مالك ضحكاته وقال بجدية :
- لا وعلى إيه المسامح كريم .. أو سليم .
رفعت وعد عينيها بملل و قالت بضيق :
- أنا غلطانة إنتى بتعامل مع أمثالك .. سلام يا برنس .
وأعطت وعد الهاتف لروان وقالت بضيق :
- أنا هطلع أنا أكمل غدايا .. زمان عمرو أكل كل الكفتة .. سلام يا جماعه .
تركتهم مسرعة وأغلقت ورائها الباب .. و الجميع يهز رأسه بيأس على شغبها المعتاد

.................................................. ..........................
........................................

أنهى مالك مكالمته مع والديه وطمأنهم عليه .. ووضع الهاتف بجواره وعقد ذراعيه خلف رأسه و شرد بالتلفاز .. بينما مازال جاسم يتأمل شروده الهائم .. فتنهد بقوة و قال ساخرا :
- الله الله .. ده الموضوع كبير بقا .
إلتفت إليه مالك بتعجب وقال مستفهما :
- موضوع إيه اللى كبير .
أضاف جاسم غامزا إياه :
- يا واد على بابا .. مين اللى إنت كنت بتكلمها دى .
رد مالك بتلقائية :
- ماما .. وبابا .. وروان .. وجارتى .
أومأ جاسر بخبث وقال بعبث :
- إمسك فى جارتك بقا وقولى عنيك كانت بتلمع ليه وإنت بتكلمها .
مط مالك شفتيه بتبرم وقال بهدوء :
- عنين مين اللى كانت بتلمع إنت هتعمل فيها شارلوك هولمز .
- عليا .. ده أنا خبرة .. شكلك بتحبها .
ضحك مالك ضحكة عالية .. وقال بسخرية :
- أحب مين .. وعد .
قفزت نبضة من نبضات قلب جاسم بعدما إستمع لإسمها .. لم يدرى ما جذبه بذاك الإسم الغريب بعض الشئ .. ولكنه تغاضي عنها و قال مستفهما :
- ليه فى حاجة تمنع إنك تحبها .
زادت ضحكات مالك الساخرة و قال ببساطة :
- يا معلم دى عيلة صغيرة .
رفع جاسم حاجبيه وقال بفهم :
- والله !!!! إفتكرتها بنت كبيرة .
أجابه مالك مسرعا :
- طب ما هى بنت كبيرة وعندها 22 سنة .
قطب جاسم جبينه وقال بضيق :
- إنت بتشتغلنى ياض .. ما ترسى على بر .
هدأه مالك وشرد قليلا وهو يقول بإبتسامة هادئة :
- أصلها ببساطة .. وعد .. بنت جميلة جدا وشها مدور قوى .. عمرى ما شفت بنت وشها مدور كده .. زى القمر .. وبياضها غريب لأنه على وردى .. ومناخيرها صغننة جدا ودايما حمرة .. وشفايفها مرسومين سبحان الله .. وعنيها بقا حكاية .. واسعين ومتكحلين ربانى .. ورغم كل ده .. هتفضل عيلة صغيرة عمرها ما هتكبر أبدا .

تنهد جاسم مطولا وقال بهيام :
- كل ده ومش بتحبها .. ده إنت ضايع يا إبنى .
نظر له مالك كأنه يستلهم الصبر قائلا بتثائب :
- ده إنت فايق وأنا بقالى يوم ما نمتش .. روح أوضتك يالا عاوز أنام .
وقف جاسم وهو يضحك ثم غمز له وقال بمكر :
- والله بتحبها .. بس بكرة تيجى لغاية عندى و تقر و تعترف .. سلام يا صاحبى .
تركه جاسم وعاد لغرفته بينما فكر مالك بكلمات جاسم وسأل نفسه بجدية :
- أنا بحب وعد ؟؟؟؟؟
هز رأسه نافيا وقال بسخرية :
- أكيد ﻷ دى عيلة لسه .. أنا أقوم أنام أحسن .
وقف وبدل ملابسه وتوضأ وصلى فرضه و قرأ ورده .. ثم إندس بفراشه و هو يسأل نفسه مجدداً .... وعد ؟!!!! ... هز رأسه نافياً و تدثر جيدا و نام على الفور .

.................................................. ..................
......................................

يتبع ....

قراءة ممتعة .....

ياسمين أبو حسين 26-10-20 03:38 PM

إنتظرونى فى الفصل القادم ...
هستنى تعليقاتكم و ملاحظاتكم بسعادة

إن شاء الله هنزل فصل يومي الأحد و الأربعاء الساعة الحادية عشر مساء ً

دمتم بسعادة 🌼🌼🌼

عاشق الياسمين الياسمين 27-10-20 10:44 AM

كاتبة رائعة وان شاء اله يكون مستقبلك باهر

عاشق الياسمين الياسمين 27-10-20 10:45 AM

بالتوفيق يارب
وهنتظر بقية الفصول الاحد والاربعاء

ياسمين أبو حسين 27-10-20 01:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق الياسمين الياسمين (المشاركة 15168029)
كاتبة رائعة وان شاء اله يكون مستقبلك باهر


أسعدنى رأيك جدا كلك ذوق
دايما عند حسن ظنكم يا رب 🌼🌼🌼

ياسمين أبو حسين 27-10-20 01:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق الياسمين الياسمين (المشاركة 15168031)
بالتوفيق يارب
وهنتظر بقية الفصول الاحد والاربعاء



يا رب اللهم آميييين
إن شاء الله أكيد 🌼🌼🌼

ياسمين أبو حسين 28-10-20 11:27 PM

الفصل الثانى :
*********************

إنتبهت الجدة إمتثال على طرقات بباب الشقة فقامت بتثاقل و سارت ناحيته لتعرف هوية الطارق .. فرأت أمامها روان بإبتسامتها الرقيقة مثلها .. فقالت بهدوء :
- مساء الخير يا تيتة .
أجابتها الجدة بإبتسامة هادئة :
- مساء النور يا حبيبتى تعالى إدخلى .
هزت روان رأسها نافية و قالت بخجل :
- مش هينفع عمرو موجود .. خلى البنات يطلعوا ورايا على السطح و ماما بتجهز شوية حاجات علشان نسهر فوق .
أومأت الجدة برأسها وقالت مؤكدة :
- حاضر يا حبيبتى .. إطلعى إنتى وإحنا هنحصلك .

إجتمع الجميع على سطح البناية التى يمتلكها والد وعد عيسى القاضى .. والذى يعمل بدولة الكويت منذ سنوات .. ولكن لظروف مادية إضطر لبيع شقة من الثلاث لصديقه سراج والذى إشتراها وقطنها مع أسرته و رعى أولاده بغيابه ليعوضهم عن حنان ودفء الأب الغائب منذ سنوات ....

جلست وعد على الأرجوحة والتى صنعها لها مالك و عمرو .. هزتها بقدميها وقالت بفرحة :
- شكرا يا عمورى بجد المرجيحة دى تجنن .
أجابها عمرو وهو يقف خلفها ويؤرجحها بحذر :
- هى فكرة مالك .. بس عموما العفو يا ستى .
وإلتفت برأسه صوب حبيبته الخجولة دائما رغم أنها تعد زوجته بعدما عقدا قرانهما .. إبتسمت روان بخجل .. وهى تستشعر نظراته تجاهها .. بينما جلست روضة منزوية تقرأ كتابا بشغف .. وإمتثال وآمال وسراج يتجاذبون أطراف الحديث .. إنتهت روضة من قرائتها فتطلعت بوعد وقالت برجاء :
- وعد .. علشان خاطرى غنى شوية .
إلتفتت إليها وعد وقالت بنبرة شريرة مستغلة :
- تدفعى كام .
تطلعت إليها روضة بضيق وقالت بحنق :
- ما فيش حاجة لله أبدا .. لما ننزل يا ستى هديكى عشرة جنيه .
إبتسمت وعد بشقاوة وأغلقت عينيها وخرج من بين شفتيها ذاك الصوت الساحر وهى تشدو :
- القلب يعشق كل جميل .. ويا ما شوفتى وياما شوفتى جمال يا عين .. واللى صدق فى الحب قليل .. قليل .. وإن دام يدوم .. يوم .. ولا يومين .. ولا يومين .. واللى هويته اليوم .. دايم وصاله دوم .. لا يعاتب اللى يتوب .. ولا بطبعه اللوم .. واحد مافيش غيره .. ملا الوجود نوره .. دعانى لبيته لحد باب بيته .. وأما تجلى لي .. بالدمع ناجيته .. بالدمع ناجيته .
كففت روضة دموعها الخاشعة .. وصفقت لها ليشاركها الجميع تصفيقها .. فتحت وعد عينيها وقالت بخجل :
- كفاية كسفتونى .. بس عجبتكم الأغنية .
ردت الجدة بتنهيدة :
- الله الأغنية حلوة قوى .. ربنا يكتبلنا زيارة بيته يا رب .
أكد سراج على رجائها وقال :
- آمين يا حاجة إمتثال .. ونكون صحبة يا رب .
- يا رب .
بينما قالت روان بإعجاب :
- ما شاء الله صوتك يجنن يا وعد .
ردت عليها وعد بثقة :
- عارفة طبعا .
صفعها عمرو على رأسها وقال مازحا :
- ده إيه التواضع ده يا فنانة .
زمت وعد شفتيها وقالت بغضب :
- بتضربنى يا عمرو .. طب مخصماك ومش هكلمك تانى .
تركتهم وهبطت الدرج مسرعة .. ضحك عمرو ضحكة عالية وقال ساخرا :
- واضح كده إن مخزون الشوكولاته والأيس كريم خلص معاها .. ربنا يعينى بقا .
دخل الجميع فى نوبة ضحك .. بينما قال عمرو و هو ينصرف :
- أنزل بقا أنا على الورشة عندى شغل متأخر .. سلامو عليكو .
رد الجميع :
- وعليكم السلام .
إلتفت سراج صوب إمتثال قائلا بفخر :
- عارفة يا حاجة .. أنا بحمد ربنا دايما إنه رزق بنتى براجل زى عمرو .. بالنهار فى وظيفته فى المينا .. وبالليل بيقف فى ورشته .. كل ده علشان يقدر يجهز شقته بكل اللى تتمناه روان .
إبتسمت روان وهى تحمد ربها على أنه رزقها زوج وحبيب مثل عمرو .. بينما عادت وعد وجلست معهم و هى تضحك .. سألتها روضة بفضول :
- ممكن نعرف سبب إنشكاحك ده إيه .
جلست وعد على أرجوحتها مجددا وقالت :
- طلبت من عمرو حاجات ييجى ب 100 جنيه .. أيس كريم بالمانجو .. ومشبك .. وشوكلا .
ضيقت روضة ما بين حاجبيها وقالت بضيق :
- حرام عليكى يا وعد .. عمرو بيتعب بالفلوس دى .
إلتفت إليها وعد برأسها وقالت بحدة :
- لا والله .. طب إيه رأيك إنك هتجيبى زى عمرو وأكتر .
إبتسمت روضة بحب و قالت بحنو :
- ده أنا أديكى عنيا يا حبيبة قلبى .
أرسلت إليها وعد قبلة بالهواء وأغلقت عينيها بشرود .. فروضة بالنسبة لها أمها وليست أختها رغم أن الفارق بينهما ثلاث سنوات فقط ... إلا أنها تدللها وترعاها وتشملها بحنانها .. أما عمرو فهو حبيبها وأخيها وأبيها و السند .. فالآمان هو عمرو .. والطمأنينة هى عمرو .. و الدفء هو عمرو .. ربما تشتاق لوالديها أحيانا .. لكن أغلب الوقت سخطها وغضبها هما المسيطران عليها .. حتى تحول قلبها لكتلة من الرماد .. والتى تهدد بالإشتعال بأى وقت .
.................................................. ....................................
.........................................


فى اليوم التالى مل جاسم الجلوس بمفرده .. فإرتدى ملابسه وتوجه لغرفة مالك ..طرق الباب فلم يأته الرد بالبداية .. فطرقه مجددا بقوة .. حتى فتح له مالك و هو قد إستيقظ للتو .. دفعه جاسم بيده ودلف لغرفته قائلا بضيق :
- يا معلم هو أنا جايبك علشان تقضيها نوم .. عايزين نخرج شوية زهقت .
تثائب مالك و قال و هو يتمطأ بكسل :
- ما نمتش بقالى يوم يا ظالم .. مستكتر فيا كام ساعة .
جلس جاسم على الأريكة وقال ببرود :
- طب إخلص خد دش وإلبس علشان عازمك على الفطار .. وبعد كده نعمل شوبنج .. عاوز أجيب هدايا لعيلتى وخصوصا البت ريتال .
إبتسم مالك بعذوبة وقال متحمسا :
- ما دام فيها ريتال .. فأنا معاك يا معلم .. وأنا كمان عاوز أجيب هدايا .. خصوصا هدية عيد ميلاد الكونتيسة وعد .
شعر جاسم بالفضول .. فهو يريد أن يسمع عن تلك التى تسمى وعد أكثر .. فسأل مالك بتركيز :
- مهمة وعد دى عندك مش كده .
إبتسم مالك وهو يتخيلها أمامه وقال بتنهيدة خاطفة :
- هى بتجبر أى حد بيتعامل معاها إنه يحس إنها مسئولة منه .. كأنها طفلة ومحتاجة إيد حنينة تطبطب عليها .. غصب عنك تبدأ تهتم بيها وترعاها .
إبتلع جاسم ريقه متوترا من كلمات مالك المحيرة فسأله مجددا :
- وإيه السبب ورا شعورك ده .
تنهد مالك مطولا وجلس على فراشه وهو يثنى قدمه تحته ويضم يديه ببعضهما وقال بحزن :
- لأنك أول حاجة هتلاحظها عليها رغم شقاوتها وضحكها .. هى ملامحها الحزينة مهما خبت ودارت .. بس عنيها شفافة لدرجة تخليك نفسك تطبطب عليها .
أخرج مالك من تفكيره المتعمق صوت جاسم المتسائل بهدوء :
- وإيه سبب حزنها بقا .
لمعت عينى مالك وهو يتابع سرده بحزن :
- أبوها و أمها .. وهى عندها 16 سنة سافرت والدتها لوالدها الكويت .. وبعد شهر رجعوا بس والدتها كانت حالتها النفسية زى الزفت .. و وعد كانت متعلقة بيها جدا .. أول مامتها ما شافتها .. دخلت فى نوبة عياط وإنهيار وفضلت ماسكة فى وعد لحد ما هديت .. جه عمو عيسى وحب يطبط على مراته ويهديها .. هوب إنفجرت فى وشه .
نظر له جاسم بتركيز وقال بشغف :
- إيه اللى حصل بعد كده .
أخذ مالك نفسا طويلا و زفره فى عجاله وأجابه قائلا :
- قعدت تصوت وتقوله تتجوز عليا يا عيسى بعد العمر ده كله .. هونت عليك وهانت عشرتنا .. طب كنت قولى .. مش ألبسك بدلة فرحك بإيدى وأنا معرفش .. حرام عليك .. وقفت وعد وهى مش مصدقة كلام مامتها وسألت باباها إنه بجد الكلام ده .. الصراحة الراجل ما كذبش وقال إنه محتاج زوجة معاه فى الكويت .. صدمة وعد كانت أكبر من عمرو أخوها وروضة أختها .. وطلبت من والدتها إنها تطلب الطلاق منه .. بس والدتها رفضت .. وإتحججت بيهم وبالبيت اللى هيتخرب .. بس هنا بقا ووعد إتحولت كرهت باباها .. وللأسف إحتقرت ضعف والدتها .. وبالذات لما والدتها سابتهم لجدتهم وسافرت علشان ما تسيبش جوزها لمراته الجديدة تستفرد بيه .. بقا جوة وعد كولكيعة كبيرة جدا .. إن أى راجل خاين .. مهما كان مين .. وإن الست لما تتجوز بتبقى لعبة فى إيد جوزها .
وطال الصمت .. إلا أن قال جاسم بتعحب :
- إنت قولت إن لها إخوات .. ليه ما إتأثروش زيها .
- ﻷنها يا سيدى دلوعة البيت .. وحبيبة أمها .. لما لقت أمها ضعيفة كده لأ وباعتهم وسافرت لجوزها .. نفسيتها تعبت لدرجة إنها مش بتكلمهم سواء فى التليفون أو لما بيجوا زيارة .
هتف جاسم بحيرة وقد تبدلت تعابير وجهه لتجهم :
- غريبة قوى القصة دى .. بس أكيد بنت زيها بدلعكم الزيادة ده .. هتبقى مستهترة ومعتمدة عليكم لأ وبتستغلكم كمان .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال موضحا :
- بالعكس بقا .. دى قوية جدا .. ونجحت فى كليتها بتقدير جيد جدا .. هى خريجة إدارة أعمال وبتدور على شغل .. ده غير إنها متدينة وتعرف ربنا .
إبتلع جاسم ريقه وهو يقاوم فضوله أكثر عن تلك الشخصية الغريبة والتى يراها خيالية بعض الشئ .. ربما تعاطف مالك معها وربما عشقه ما دفعه لوصفها بتلك الطريقة المشوقة والحزينة .. لكنه نفض تللك الأفكار عن رأسه وقال مسرعا :
- طب قوم يالا علشان نلاقى هدية قيمة للكونتيسة بتاعتك .
وقف مالك بإبتسامته الهادئة وحمل منشفته ودلف للمرحاض تاركا جاسم شاردا بتلك الغريبة .. والتى تحيره رغم أنه لم يعتد أن ينجذب لشخصية كشخصيتها .. ثم وبخ نفسه لأنه متأكد من شعور صديقه ناحية تلك الوعد .. فمالك يعشقها دون أن يدرى .

.................................................. .........................
.........................................

إستمر تسوق مالك وجاسم لوقت طويل ليقول جاسم بإرهاق :
- أنا بستسلم تعبت خلاص .
ضحك مالك ضحكة عالية و قال ساخرا :
- يا إبنى هو حد يجيب هدايا بالكم ده .. لأ وكلها حريمى .
إرتمى جاسم بجسده على أحد المقاعد قائلا بضحكة ساخرة :
- ده أنا لو نسيت واحدة منهم هيعلقونى .. أنا فى بيت كله حريم .. أنا وأبويا اللى فلتنا. هو أخ على بنتين كل خلفتهم بنات .. وأنا أخ على بنت واحدة ومخلفة كمان بنت .. ده غير أمى .

قهقه مالك عاليا وقال بسخرية مازحة :
- ديك البرابر يعنى .
- برابر .. الملافظ سعد .
تنهد مالك بقوة فاقدا صبره وقال بجدية :
- بلا سعد بلا مسعد .. و قوم بقا .. لسه هدية روضة و وعد .. بس هدية روضة هجيبها من مصر .. يبقى لسه وعد و دى مهمتها صعبة قوى .
تطلع مالك حوله على واجهات المحلات .. حتى جحظت عينيه وإتسعت إبتسامته بفرحة فقد وجد ضالته .. وجد هدية لوعد تتمناها .. فقال مسرعا :
- لقتها .
إلتفت جاسم برأسه ليرى ما شد إنتباه مالك لهذه الدرجة حتى علا التعجب ملامحه .. وقال بدهشة :
- بتهزر .. وده هتعمل بيه إيه إن شاء الله .
حمل مالك الحقائب الخاصة به وتوجه مسرعا لذاك المحل ووقف يتأمل هذه الهدية الثمينة و هو يتخيل ردة فعل وعد لرؤيتها .. وقف جاسم بجواره و قال موضحا :
- بس ده أكيد غالى .. وإنت صرفت كتير .
غمز له مالك بعينيه وقال برجاء :
- ما إنت هتقف جنب صاحبك .. ولا إيه يا معلم .
ضيق جاسم عينيه وهو يدعى عدم الفهم وقال بمكر عابث :
- مش فاهم يا معلم .
- لأ فاهم يا جاسم وما تستعبطش .
هز جاسم رأسه بإبتسامة متحيرة لحال صديقه وقال بإنصياع :
- حاضر يا سيدى يالا بينا ندخل نشتريه .
.................................................. ......................................
........................................

خرجا من المحل وسعادة شديدة منتابه مالك .. ربت على ذراع جاسم وقال بإمتنان :
- مش عارف أشكرك إزاى .. أول ما نرجع مصر هحضرلك الفلوس اللى دفعتها .
إبتسم جاسم بمكر و هو يقول بنبرة خبيثة :
- مستعد ما أخدش منك مليم لو قولتلى ليه إخترت الهدية دى بالذات .
لمعت عينى مالك وهو يقول بسحر :
- لأنها بتحب تغنى .. وصوتها سبحان الله يجنن .. لما بتغمض عنيها و تغنى إنت تنسى الدنيا من كتر ما صوتها حلو قوى .

- بتغنى !!!!
قالها جاسم وهو يزداد تعجبه .. و حيرته .. و شعور غريب من الفضول يمتلكه .. بينما تابع مالك بإبتسامته الهادئة قائلا :
- أيوة يا سيدى بتغنى .. وكانت دايما بتروح قصر الثقافة وتحضر حفلات .. لغاية ما دخلت الجامعة وقررت إنه مش هتغنى قدام حد غريب تانى .. عرفت بقا أنا جبت الهدية دى ليه .
إبتسم جاسم بشغف وقال مغيراً للحوار ليخفي إهتمامه :
- عرفت .. يالا نرجع الأوتيل تعبت وبكرة إجتماعنا الأخير مع مستر خافيير علشان شحنة الخشب الجديدة .. المصيبة إنى هقابل القنبلة النووية بنته .. ربنا يثبتنى بقا .
ضربه مالك على صدره القوى بقوة وقال بصرامة :
- وراك رجالة .. ومش هسيبها تستفرد بيك ثانية .
- يا ريت .. لأنى حاجة تانية منها وهتجوزها عرفى وقتى .

دفعه مالك أمامه و قال بحزم :
- عرفى ... قدامى يا أخويا يالا .

.................................................. ........................
..........................................

فى الصباح جلست روضة و عمرو و جدتهم على الفطار .. فسأل عمرو جدته على نواقص المنزل .. فأعطته جدته ورقة ومبلغ مالى .. فسألها مستفسرا :
- هى الحوالة للشهر ده وصلت من الكويت
أومأت روضة برأسها وقالت مؤكدة :
- أيوة وصلت .. وأنا إستلمتها إمبارح .. إنت عارف هما مش بيتأخروا علينا بالفلوس دى حتى كانت زايدة الشهر ده .
تنهد عمرو بأسى وقال بحزن :
- وآخرتها إيه مش هيرجعوا بقا .. على الأقل علشان الغلبانة وعد .
خرجت وعد على ذكر إسمها من غرفتها وقالت بضيق :
- ومين قالك إنى عايزة أشوفهم أصلا .. إحنا مرتاحين من خناقهم وعايشين أحلى عيشه .
سحبت كرسيها وجلست بمكانها .. ومالت على عمرو وقبلته بوجنته وقالت بحب :
- ربنا ما يحرمنى منك يا حبيبى .. شكرا على الشوكولا والأيس كريم .
إحتضن عمرو رأسها بذراعه وقبل مقدمة رأسها وقال بحب :
- إنتى تؤمرى بس يا بنوتى يا حلوة .
فسألتها روضة بتعجب :
- إيه اللى صحاكى بدرى يا وعد .
لفت وعد ذراعيها حول خصر أخيها وقالت وهى تشدد من إحتضانها له :
- حلمت حلم مش حلو .. وما عرفتش أنام تانى .
فقالت لها الجدة بإشفاق :
- إستعيذى بالله يا حبيبتى وقومى صلى الضحى هترتاحى .
أومأت وعد برأسها وقالت بإبتسامتها الشقية :
- كنت هعمل كده .. بس محلوة إنتى النهاردة يا إمتثال .
ضحكت الجدة وأشاحت بيدها قائلة :
- يانى عليكى وعلى بكشك .
وقفت روضة و أنزلت نقابها على وجهها وقالت مسرعة :
- يالا يا عمرو علشان توصلنى للحضانة لأنى إتأخرت .
وقف عمرو وحمل هاتفه وقال بجدية
- يالا يا حبيبتى .. سلام يا دودو .
- باي يا قلبى .. خلوا بالكم من نفسكم .
ردا الإثنان سويا :
- حاضر .. السلام عليكم .
ردت وعد والجدة :
- وعليكم السلام .

.................................................. ............................
...........................................


إنهمكت روضة بعملها التى تعشقه رغم أنه ليس تخصص دراستها .. ولكن من يعمل بشهادته فى بلدنا مؤخرا .. مرت بين المقاعد وعلى ثغرها إبتسامة هادئة وهى تتابع رسومات الأطفال .. إقترب منها طفل صغير وأشار إليها قائلا :
- شوفى يا مس أنا رسمت حضرتك .
تطلعت روضة للرسمة .. وقالت بفرحة :
- حلوة قوى يا حبيبى .
قبلته بوجنته وقالت بصوت عالى :
- يالا يا حبايبى كفاية رسم .. علشان نسمع سورة القدر اللى حفظناها .
لملم الأطفال ألوانهم وكراساتهم ..وبدأو فى تلاوة سورة القدر بإشارة من روضة .. وهى تبتسم لإتقانهم وتحمد ربها أن جعلها سببا لحفظهم آياته .
أنهت عملها وذهبت لغرفة المعلمات .. إرتمت بجسدها على مقعدها وقالت بتعب :
- بسبب غياب ريهام أنا شلت اليوم كله .
ردت زميلتها ومعلمة مثلها خلود قائلة بإبتسامة مشرقة :
- قدها يا رودى .. والعيال بيحبوكى جدا .
أنزلت روضة نقابها على وجهها عندما رأت تقدم أحد المدرسين نحو غرفتهم .. وقف الأستاذ مصطفى أمامهم وقال :
- أستاذة سميرة عوزاكم بعد الدراسة ضرورى .
ردت خلود بإمتعاض :
- حاضر يا مستر مصطفى .
تطلع مصطفى صوبهم مطولا .. ثم تركهم وإبتعد .. زفرت خلود بضيق و هى تقول بحنق :
- أعوذ بالله .. أنا مش بطيق الراجل ده خالص .
ردت روضة بعقلانية :
- دعى الخلق للخالق .. وما تجبيش سيرة حد وهو مش موجود .
أومأت خلود برأسها وقالت بإنصياع :
- حاضر .. بس تفتكرى مس سميرة عاوزانا فى إيه .
مطت روضة شفتيها وقالت بحيرة :
- مش عارفة .. ربنا يستر .
- طب يالا نلم حاجتنا ونستعد الجرس قرب يضرب .. خلى دادة تسلم الولاد لأهلهم .
وقفت روضة بعدما لملمت أشيائها وحملت حقيبتها وقالت بهدوء رزين
- هروح أقولها و أكد عليها لما تكونى خلصتى .

.................................................. .........................................
........................................

إجتمعت الأستاذة سميرة مديرة المدرسة بهيئة التدريس للمدرسة الإبتدائية و الروضة لمناقشة آخر التطورات الخاصة بخطتها الجديدة للدراسة و الوقوف عند آخر المستجدات .. بدأت المشاورات و إبداء الآراء بما تم تنفيذه بالفعل و ما لم يكن يصلح من البداية .. إستمع الجميع إلى الآراء الجديدة وتناقشوا حولها .. حتى جاء دور روضة الأطفال فإقترحت سميرة بعض الأفكار الجديدة و منها تكليف الأستاذ مصطفى بالإهتمام بحصص اللياقة البدنية للأطفال .. وقفت روضة بتبرم هادئ وقالت :
- بس يا مس سميرة الأولاد فى المرحلة دى بيفضلوا التعامل مع سيدات أكتر من الرجالة .. أنا طبعا ما عنديش أى إعتراض على شخص الأستاذ مصطفى بس هيبقى صعب الولاد يتأقلموا على الوضع الجديد .
فكرت سميرة بكلمات روضة قليلا ثم قالت بهدوء :
- ممكن كلامك يبقى صح علشان كده التجربة خبر دليل .. إحنا هنجرب ونشوف الولاد هيتقبلوا ده و لا ﻷ .
إرتسمت إبتسامة شيطانية على ثغر مصطفى .. فقد وصل لمبتغاه بسهولة كبيرة و دون أى عناء ..
إنتهى الإجتماع و غادر الجميع .. سارت روضة و خلود قليلا لتنفجر الثانية قائلة بضيق :
- بصى بقا أنا عارفة إنك مش بتحبى تتكلمى عن حد .. بس أنا مش مرتاحة للى إسمه مصطفى ده و لا للقرار .. و قلبى مقبوض و إبقى إفتكرى كلامى ده .
فكرت روضة قليلا بكلمات خلود ولكنها إستغفرت ربها وقالت بداخلها :
- إن بعض الظن إثم .. أستغفرك ربى وأتوب إليك .
التزمت الإستغفار طوال الطريق .. حتى إستقلا سيارة ميكروباص .. ترجلت منها روضة عند الوصول لوجهتها و ودعت خلود و إتجهت لمنزلها .. صعدت الدرج بإرهاق .. و فتحت باب شقتها لتجد وعد أمامها بإبتسامتها الشقية .. نسيت روضة كل آلامها الجسدية والذهنية و بادلتها الإبتسام .. ثم رفعت نقابها و قبلت وعد بوجنتها و قالت بنبرة حنونة :
- وحشتينى يا قلبى .
إحتضنتها وعد بشوق و قالت بحب :
- إنتى وحشتينى أكتر .. إدخلى خدى دش يفوقك على ما يكون عمرو رجع من الشغل و نتغدى سوا .
ربتت روضة على ظهرها و قالت و هى تبتعد عنها :
- حاضر يا حبيبتى .. هدخل أطمن أول على تيتة .
تطلعت إليها وعد بحب ثم عادت لجلستها أمام التلفاز و هى شاردة كعادتها .. و خواء نفسها و عقلها و أيامها بات كالصوت المزعج للصمت .. هو ذلك الصوت الاقرب للصفير و هو يدوى و يدور برأسنا عندما يصمت كل شئ حولنا .....

.................................................. ....................................
........................................

وقف بسيارته الفارهة أمام تلك البناية العالية الحديثة الإنشاء والتى لم يسكن أغلب شققها .. صعد درجات الدرج الرخامية ثم إستقل المصعد .. ليتوجه به صوب شقته ..بعد قليل ترجل منه بهدوء ووقف أمام الباب وأخرج مفتاحه من جيبه وفتح الباب ودلف للشقة يبحث بعينيه عنها .. ثم صاح بنبرة حادة :
- رحاب .. يا رحاب .
خرجت من إحدى الغرف سيدة بمنتصف الثلاثينيات .. ترتدى فستانا قصيرا وضيق جدا يبرز مفاتنها بقوة .. إقتربت منه وعلى ثغرها إبتسامة شوق .. وقالت بدلال :
- أخيرا جيت .. وحشتنى قوى يا بيبى .
دنت منه و قبلته برقة على شفتيه .. فأبعدها عنه و قال بصرامة :
- بقالك إسبوعين بتلعبى عليا و أنا زهقت و مش عاوز أزعلك منى يا رحاب .
إرتجفت فرائصها و قالت مسرعة :
- ليه كده .. أنا قولتلك إطمن البنتين هيخرجوا بعد بكرة من الدار .. لأنهم تموا الواحد و العشرين .. و أنا مطمناهم إنى هشوفلهم شقة و شغل و وثقوا فيا .. ده غير إنهم أيتام .. و مجهولين النسب و مالهومش حد يبقى فين المشكلة بقا .
أخرج من جيب سترته علبة سجائره و أشعل إحداها ونفث دخانها بوجه رحاب و قال محذرا :
- قدامك يومين .. يومين وساعة ما تلوميش إلا نفسك .
طوقت رقبته بذراعيها و قالت و هى تحدجه بنظرات إشتهاء :
- يا أمير ما قولتلك إطمن هى يعنى أول مرة .. بس المرة دى البنتين صواريخ .. و لسه بورقتهم .. يعنى عمولتى هتبقى الدوبل يا بيبى .
إبتسم أمير بمكر و قال و هو يفترسها بعينيه :
- و أنا موافق .. و تحت أمرك .
همست أمام شفتيه بقوة :
- وحشتنى قوى .. مش يالا بقا .
لم يعد يمتلك أمير صبرا على حركاتها المغوية .. فإعتقل خصرها و إنحنى بجذعه قليلا و حملها متوجها بها لغرفة من غرف الشقة .. و أغلق ورائه الباب بقوة .. لينغمسوا سويا بالمحرمات .

.................................................. .............................
..........................................

يتبع .....

إنتظرونى بالفصل الثالث ....

ياسمين أبو حسين 29-10-20 12:17 AM

أرجو أن ينال هذاالفصل اعجابكم و إستحسانكم

بإنتظار اى تعليق او ملحوظة

دمتم بود

#ياسمين_ابو_حسين

عاشق الياسمين الياسمين 31-10-20 12:04 PM

رائعة ومتميزة جدااااااااااااااااااااااا اااا

ياسمين أبو حسين 31-10-20 05:52 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق الياسمين الياسمين (المشاركة 15174853)
رائعة ومتميزة جدااااااااااااااااااااااا اااا


ميرسي كلك ذوق 🌼🌼🌼

ياسمين أبو حسين 02-11-20 12:08 AM

الفصل الثالث :

فى اليوم التالى برومانيا .. إستعد جاسم ومالك للذهاب للإجتماع مع مورد الخشب إليهم خافيير .. توجهوا لمكتبه الخاص ودلفا إليه ومالك يحمل أوراق الإتفاقية .. تنفس جاسم مطولا بعدما رأى ديانا تقترب منه .. فإقترب من مالك وقال بتوجس :
- ورينا شطارتك يا معلم .
وقفت ديانا أمام جاسم و قالت بلوم :
- لماذا تركت الأوتيل جاسم .. لقد بحثت عنك كثيرا .

إلتفت جاسم لمالك وسأله بتعجب :
- بتقول إيه دى ؟!!
مال مالك ناحيته و قال بخفوت :
- بتقولك سبت الأوتيل ليه .. و إنها دورت عليك .. أستغفر الله العظيم البت دى فتنة .
ضحك جاسم ضحكة عالية .. ثم إنتبه لدلوف خافيير فإقترب منه مرحبا .. و لحق به مالك .. إستمرت مناقشاتهم حتى إتفقا و وقعوا العقود .. تنفس جاسم براحه .. و صافح خافيير مودعا .. و إقترب من ديانا و قال بتماسك :
- أراكى قريبا ديانا .. مع السلامة .
تنهدت ديانا بضيق و قالت :
- سوف أشتاق إليك كثيرا جاسم .
كانت أعصاب جاسم تنصهر أمام تلك الرقة والجمال المتمثلة بهذه الديانا ثم تمالك نفسه و تركها وخرج هو و مالك .. وضع مالك الأوراق بحقيبته الجلدية و قال براحة :
- الحمد لله خلصنا .. يالا بينا على الأوتيل علشان نجهز نفسنا للطيارة بالليل .
أومأ جاسم برأسه و قال مؤكدا :
- عندك حق .. يالا بينا نتغدى أول فى مطعم قريب من هنا أكله يجنن .

ركبا سيارتهم وتوجه بهم السائق للمطعم .. بينما لم تترك عقل مالك كلمات جاسم عن إحتمالية عشقه لوعد دون أن يشعر .. فتذكر شغبها وإبتسامتها الشقية لتبتسم شفتيه بشوق لم يشعر به من قبل .. إنتبه جاسم على شروده و إبتسامته الوالهه .. فإبتسم هو الآخر لتأكده من شكوكه بأن مالك غارق بعشق تلك الوعد دون أن يشعر .. لكن ما شغله هو ذاك الشعور بالضيق من فكرة عشق مالك لها .. فقال بداخله :
- أنا متضايق ليه ما يحبها .. وباعدين هو أنا أعرفها أصلا .. أنا مش هخلى مالك يحكى عنها قدامى تانى .. كفاية كده .

.................................................. ...............................
......................................

فى المساء إجتمعت الفتيات فى غرفة روضة .. وقفت روضة بفخر تعلق تلك الرسمة التى رسمها لها أحد الأطفال على حائط الرسومات عندها .. فقالت روان بإبتسامتها الهادئة :
- دى رسمة جديدة يا روضة .
أومأت روضة برأسها وقالت بفخر :
- أيوة .. ببقى فرحانة قوى لما الولاد يقولوا إنهم بيحبونى .. ما بالكم بقا لما يحاول يرسمنى واحد منهم .
ما أن إنتهت من تعليقها حتى إنفجرت وعد ضاحكة ضحك هستيرى .. ثم تمالكت نفسها وقالت بصعوبة :
- يا نهار أبيض .. و إنتى إيه اللى حرقك كده يا روضة ... ههههه .
قطبت روضة جبينها بضيق وقالت بحدة :
- بطلى ضحك يا سخيفة .. ده هو بيشوفنى دايما بالنقاب .. فرسمنى زى ما بيشوفنى .
إعتذرت وعد و هى تخفى ضحكاتها و قالت بخفوت :
- آسفة .. مش هضحك تانى .. عموما زى القمر يارودى .
مصمصت روان شفتيها وقالت بمزاح :
- فعلا بقا روضة زى القمر .. دى أحلى واحدة فينا .
ردت روضة بإمتنان :
- لأ يا روان إنتى أحلى .
ردت وعد بغضب :
- لا والله .. بقا خطافة الرجالة دى أحلى منى .
حملت روان الوسادة وضربت بها وعد وهى تقول بغضب :
- بقا أنا خطافة رجالة يا قليلة الأدب .
ردت وعد وهى تحمى نفسها بذراعيها من هجمات روان قائلة بتأكيد :
- أيوة خطافة رجالة .. مش خطفتى عمورة منى .
جلست روضة تتابع مناكشاتهم بإبتسامة هادئة .. بينما دلف عمرو لغرفة روضة فجأة وهو يقول :
- روضة حضريلى طقم علشان خا..... .

قطع كلماته وهو يتطلع لحرب الوسائد بين وعد وروان التى خجلت من رؤية عمرو لها بتلك الوضعية .. فاحمرت وجنتيها بخجل وأطرقت رأسها وتركت الوسادة من يدها وتنحنحت بحرج قائلة :
- أنا هنزل أنا .. بعد إذنكم .
أوقفها عمرو قائلا وعيونه تبثها شوقه بشدة :
- ﻷ .. خليكى أنا هغير هدومى وهنزل على طول .
ثم تطلع لروضة وقال بجدية :
- تعالى معايا يا روضة لو سمحتى .
- حاضر يا حبيبى .
طالت نظرات عمرو لروان .. فلوت وعد ثغرها وقالت بتنهيدة :
- يالا يا عمرو لتتأخر على ميعادك .
إنتبه عمرو على كلمات وعد فتنحنح قائلا بإحراج :
- هاه .. آه تمام .
تركهم وإنصرف .. لتضع روان يديهها على وجنتيها تتحسس حرارتهم الزائدة وقالت بخجل :
- كده يا وعد .. أهه عمرو شافنى وأنا بضربك يقول عليا إيه دلوقتى .
ضحكت وعد على حالتها وقالت ساخرة :
- هيقول هبلة طبعا .. بس خلاص هو إدبس واللى كان كان .
صكت روان أسنانها بغضب وهجمت عليها قائلة :
- بقا أنا هبلة .. طب أنا هوريكى الهبل على أصوله .

ركضت وعد من أمامها وهى منهارة من الضحك .. بينما إبتسم عمرو وهو يستمع إليهم .. كم يتمنى أن يحظى بمحادثة روان دون أى تكليف وخجل كما تتحدث مع أى أحد سواه .. ولكنه يمنى نفسه بها عندما تصبح زوجته فعليا .. لا يريد أن يستبق أى شئ سيصبح ملكه .. إلا عندما يمتلكها فى منزله .. تنهد مطولا فربتت روضة على ذراعه وقالت بحنانها الانهائى :
- هانت يا حبيبى وهتبقى ليك .. شقتك قربت تخلص .. وساعتها بقا عوض كل كلمة نفسك تقولهالها ومحرمها على نفسك .
إحتضنها عمرو وإبتسم براحة قائلا :
- ربنا ما يحرمنى منك يا نصى التانى .. مش عارف بتقدرى تفهمينى إزاى .
ابتعدت روضة قليلا عنه متطلعة داخل عينيه و قالت :
- لأنك نقى زى المية .. فا كل اللى جواك بيان على طول .
قبلها بمقدمة رأسها و تركته و خرجت ... إرتدى عمرو ملابسه المكونة من بنطال جينزى أزرق وقميص أبيض وحذاء رياضى أبيض .. ووضع عطره .. وخرج مسرعا .. إستنشقت روان عطره وأغمضت عينها بشوق .. تأملتها وعد وقالت ساخرة :
- يا عينى على الحب .
رمقتها روان بنظرة تحذيرية وقالت بقوة :
- إحترمى نفسك أحسنلك يا سنجوبة إنتي .
ردت عليها وعد بضيق :
- يوووه بقا .. هو مالك يمشى وإنتى تستلمينى .
إعتدلت روان بجلستها و قالت بفرحة :
- صحيح مالك راجع بكرة الصبح .. وحشنى قوى .

لملمت روضة شعراتها التى تناثرت على جبهتها و وضعتهم خلف أذنها تخفى إرتباكها عندما علمت بعودة مالك .. فقد إشتاقت إليه كثيرا .. كم تفتقد حديثهم عندما تحتد بينهم المناقشة على كتاب معين تقرأه روضة ثم يأخذ منها الكتاب لقرائته لمناقشتها مرة أخرى .. فهى تحتفظ بكل الكتب التى لمستها أنامله .. و مرت عينيه البنية على أحرفها .. بل و علق عطره بهم .. إبتسمت رغما عنها بينما قفز قلبها بفرحة لأن فترة عذابه ستنتهى و يرى ساكنه .
بينما قالت وعد بإمتعاض :
- أهلا هو راجع .. طب و الله مرتاحة منه و من نقاره .. أخوكى ده أستغفر الله مستفز إستفزاز .
وخزتها روان بذراعها و قالت بغضب :
- إتلمى يا بت إنتى .. هو فى زى مالك .. وجمال مالك .. بزمتك عمرك شوفتى واحد أبيضانى و شعره بنى و عنيه بنى و قمر كده زيه .
ردت وعد بسخرية :
- لأ يا أختى .. ما فيش أحلى من الراجل الأسمرانى .. بعيونه السودا و شعره الإسود هااااه .. راجل راجل يعنى .
ضربتها روان على رأسها و قالت بضيق :
- قصدك إيه يا زفتة إنتى .
ردت وعد بضحكها المستفز :
- دى آررراء .. آرررراء .
زفرت روضة بضيق لأنهم أخرجوها من حالة الهيام والشوق التى أخذتها لمنطقة وردية .. ثم قالت بحدة :
- إطلعى برة إنتى و هى عاوزة أنام .
زمت وعد شفتيها بطريقة طفولية ووجهت حديثها لروان وقالت :
- عاجبك كده أهى طردتنا .. قومى يا أختى نسهر قدام الفيلم الجديد .

خرجت الفتاتان وتركتا روضة بمفردها .. فتوجهت لمكتبتها وحملت إحدى الكتب .. وقربته لأنفها وهى تشتم عطره ... ثم أغلقت عينيها وهى تدعوا الله أن ينتبه ذلك المتحجر القلب عليها .

.................................................. ........................................
............................................


فى صباح اليوم التالى هبطت الطائرة القادمة من رومانيا لأرض الوطن .. تجول مالك وجاسم داخل المطار حتى عثر مالك على وجهته .. فإلتفت لجاسم وقال بجدية :
- تعالى معايا يا معلم نجيب هدية روضة .
أشار إليه جاسم قائلا بضيق :
- إتفضل يا أستاذ لما نشوف آخرتها معاك .

دلفا لمحل يبيع المشغولات الفضية .. وأخذ يبحث عن شئ يرى به روضة والتى لم يراها بحياته .. ولكنه رسمها بمخيلته كلما تحدث معها .. أو على وصف والدته و روان .. إبتسمت شفتيه وهو يرى سلسال دائرى يحاوطه فصوص لامعة صغيرة .. ويتوسطه لفظ الجلالة [ الله ] .. وقف جاسم بجواره وقال مجاملا :
- ذوقك حلو على فكرة .
- عجبتك .
أومأ جاسر برأسه وقال مؤكدا :
- أيوة .. يالا إشتريها خلينا نمشى .. عربيتى فى جراج المطار .
إبتاع مالك السلسال .. ثم خرجا وركبا سيارة جاسم .. سيارة شبابية فارهة .. فتح سقفها وإنطلق فى إتجاه دمياط .. فى الطريق إلتفت مالك لجاسم و قال له برجاء :
- بقولك يا صاحبى .. ما تخلى هدية وعد عندك لما ييجى عيد ميلادها .
شعر جاسم بالضيق فور سماعه لإسم وعد .. فتغاضى عن شعوره وقال :
- تمام .
ضحك مالك ضحكة عالية .. وقال وعينيه تلمع :
- أموت وأشوف وشها لما تشوف هديتها .. أكيد هتفرح جدا .
قاوم جاسم فضوله فى متابعة أسئلته عن وعد.. ولازم الصمت .. أو الحديث عن أشياء أخرى .. بعد ثلاث ساعات .. وصلا لوجهتهم .. صف جاسم السيارة أمام منزل مالك .. وساعده فى حمل حقائبه .. وودعه قائلا :
- خد بكرة أجازة وإرتاح ونتقابل فى الشركة بعد بكرة .. ده سامر أكيد هياكل دماغنا .
حمل مالك حقائبه و لوح له بيده و هو يقول :
- سلام يا صاحبى .
- سلام .

رفع جاسم رأسه لشقة وعد .. تنهد مطولا ثم ركب سيارته وإنطلق مرة أخرى فى إتجاه منزله .. بينما صعد مالك الدرج فرحا وشوقا .. طرق باب شقتهم .. ففتحت له روان التى ما أن رأته إرتمت بحضنه وقالت بفرحة :
- مالوكى حبيبى .. وحشتنى وحشتنى قوى .
إحتضنها بقوة وقال بشوق :
- إنتى اللى وحشتينى يا حبيبتى .
خرجت آمال من غرفتها على صوت مالك .. فصاحت قائلة بفرحة :
- إبنى .. حمد الله على سلامتك يا مالك .
قبل كفها وإحتضنها قائلا :
- الله يسلمك يا أمولة .. وحشتينى قوى .
- وإنت أكتر يا حبيبى .
بحثت روان فى الحقائب وقالت بلهفة :
- جبتلى الحاجات اللى طلبتها منك يا مالك .
إبتسم بهدوء وفتح حقيبته وأخرج منها بعض الأكياس .. وحملها وأعطاها لروان وقال :
- إتفضلى يا ستى .
صفقت بأيديها بفرحة وقالت بحب :
- ربنا يخليك ليا يا حبيبى .. وما يحرمنى منك .
أخرج مالك من حقيبته بعض الأكياس الأخرى .. وأعطاها لوالدته قائلا :
- دى ليكى ولبابا يا ست الكل .
اخذتهم منه آمال و هى تقول بإمتنان :
- شكرا يا إبنى تعيش وتجيب .
شبكت روان ذراعيها بذراعه و سألته بفضول :
_ احكيلي بقا عملت ايه المرة دى و بالتفصيل .
طالعتها آمال بحدة و هى تقول بلوم :
_ سبيه يرتاح يا روان مش كده .
أومأت روان برأسها و قالت بإنصياع :
_ معاكي حق يا ماما .
طالعهما مالك بشوق و سحب حقيبته و دلف لغرفته .. اغلق ورائه الباب و توجه ناحية شرفة غرفته فتحها و استنشق الهواء براحة ثم رفع رأسه دون ان يشعر ناحية شرفة وعد و هو يبتسم بخفوت و رغبة ملحة تنتابه فى رؤيتها ......

.................................................. .................................................
........................................

صف جاسم سيارته أسفل xxxxهم .. ترجل منها وحمل حقائبه .. وأخذ نفس طويلا وزفره بهدوء وهو يطالع منزلهم بإمتعاض .. ثم سار نحوه وهو يقول بضيق :
- إستر يا رب من اللى مستنينى .

صعد بهدوء لألى تسمعه عمته نجوى والقاطنة بالدور الأول .. حتى وقف أمام شقتهم .. طرق الباب بهدوء لألى يصدر صوتا ينتبه إليه من بالمنزل .. ثم تطلع صوب الشقة التى فوقهم و التى تقطنها عمته الثانية ألفت .. حمد الله أنه لم ينتبه إليه أحد .. حتى إنفتح الباب وإستقبلته أخته قائلة بفرحة :
- جاسم .. حمد الله على السلامة .
دلف مسرعا للشقة وأغلق ورائه بهدوء .. ثم قال هامسا :
- وطى صوتك يا علا .. هتلمى علينا البُعدا .
ضحكت علا على حالته و إحتضنته قائلة :
- والله وحشتنى قوى .
ضمها إليه بشوق و قبلها .. ثم تطلع داخل عيونها الحزينة دائما و قال بحزن :
- وحشتنى ضحكتك اللى من قلبك يا علا .
إبتسمت بهدوء و ملست على ذراعه وقالت وهى تدارى حزنها :
- ضحكتى اللى بجد ماتت مع طارق يا جاسم .. المهم عوزاك تحكيلى كل حاجة عملتها الإسبوعين اللى سافرت فيهم .. تمام .
إنتبها الإثنين على ركضة ريتال نحوهم و التى صرخت قائلة :
- خالووووووو .. وحستنى .
حملها جاسم وأخذ يقبلها بجنون وقال و هو يضمها ويشتم ريحها بشوق :
- قلب خالو .. وعقل خالو .. وحشتينى وحشتينى يا توتا .
- وإنت كمان وحستنى .
خرجت سيدة بالخمسين من عمرها من المطبخ راكضة فور إستماعها لإسمه .. وقفت أمامه تتأمله بعينيها التى ملأها الدموع .. ثم قالت بإختناق :
- جاسم .. إبنى .

ثم فجأة تعالت زغاريدها التى عبرت بها عن فرحتها بعودة وحيدها .. إتسعت عينى جاسم .. وإقترب من والدته ليضغط زر الزغاريد هذا والتى ستجمع من بالمنزل جميعا .. وقف قبالتها وقال لإيقافها :
- بس يا ماما أبوس إيدك .. البيت كله هيتلم علينا .. وباعدين بتزغرطى ليه هو أنا راجع من عمرة .
مالت ريتال على أذنه و سألته بتعجب طفولى :
- هو إحنا عندنا فرح .
أنزلها جاسم بهدوء .. بينما إحتضنته والدته والتى يصل طولها لمنتصف صدره .. فبادلها حضنها و قال بشوق :
- وحشتينى يا دولت .. الدنيا من غيرك وحشة .
- وإنت كمان وحشتنى يا حبيبى .. ده أنا كنت هموت من غيرك .
قبل جبهتها وقال وهو يقبل كفها :
- بعد الشر عنك يا قمر .
فسألته علا بتعجب و هى تطالع هدية مالك لوعد :
- بتاع مين ده يا جاسم .
إلتفت إليها ثم قال مسرعا :
- ده بتاع مالك .. معلش يا علا دخليه أوضتى وعنيه بعيد عن إيد حد .
- حاضر .
إنتبهوا على طرقات أو بالأحرى تكسير لباب شقتهم .. زم جاسم شفتيه و قال بضيق :
- التاتار وصل .. كان لتزم تزغرطى يا ماما .
فتحت علا الباب لتدلف منه عمته ألفت تتبعها إبنتيها نورا و سندس .. و التى إندفعت صوب جاسم و قالت بفرحة :
- نورت بيتك يا حبيبى .. حمد الله على سلامتك .
رد جاسم بإبتسامة مصطنعه :
- الله يسلمك يا عمتو .. أخبار عمو رضا إيه .
- كويس يا حبيبى و بيسلم عليك .
بينما إقتربت منه نورا و هى تلتهمه بعينيها و قالت بدلال ناعم :
- وحشتنى مووت يا جاسم .. إيه ما وحشتكش .
فقال جاسم و هو يتابع دلالها الزائد المنفر و قال بداخله :
- وحشك لورى يا بعيدة ويكون سواقه ضارب سجارتين إستروكس .
ثم قال ببرود و هو يعبث بهاتفه :
- أخبارك إيه يا نورا .
تنهدت مطولا و قالت بهيام :
- أنا بقيت كويسة علشان شوفتك .
تطلع جاسم بأخته علا التى تخفى ضحكتها .. بينما قالت سندس :
- حمد الله على سلامتك يا جاسم .. هاه جبتلنا هدايا إيه .

مرر أنامله بشعراته بغضب .. حتى إنتبهوا على طرقات أخرى على ذلك الباب المسكين .. لتدلف منه عمته الكبرى نجوى و إبنتها داليا .. إقتربت منه وإحتضنته بقوة وقالت :
- يا حبيبى .. نورت الدنيا يا جاسم .
رد عليها بضيق :
- الله يسلمك يا عمتو .
بينما وقفت أمامه داليا بثقة وقالت برقتها الزائدة عن الحد :
- هو السفر بيحلى كده يا جاسم .حدجها بتعجب من جرأتها فى الحديث .. بينما ردت عليها نورا بضيق من نظراتها و حركاتها الفظة :
- جاسم طول الوقت زى القمر .. سواء سافر أو لأ .
إقتربت منه علا وقالت وهى تنقذه من بينهم :
- تعالا يا جاسم .. إدخل أوضتك إرتاح من السفر يا حبيبى .
توجه نحو غرفته لتوقفه سندس قائلة بضيق :
- فين الهدايا يا جاسم .. ولا طنشت المرة دى .
زفر بضيق ثم توجه لحقيبته و فتحها وأخرج كيسة كبيرة وأعطاها لعمته ألفت وقال :
- دى حاجة بسيطة يا عمتو يا رب ذوقى يعجبكم .
- يا حبيبى أى حاجة منك حلوة .
ثم أخرج من حقيبته كيسة أخرى وأعطاها لعمته نجوى وقال :
- إتفضلى يا عمتو .
- ليه تعبت نفسك يا جاسم .. ده إنت هديتى والله .
فكر قليلا ثم قال مسرعا :
- أنا هروح للحاج المعرض .. سلام .
هرولت والدته خلفه وقالت بضيق :
- إستنى يا إبنى .. تعالى إرتاح من الطريق .
رد عليها جاسم وهو يهبط على الدرج هاربا :
- أنا هرتاح أكتر لما هخرج سلام .
وقال بنفسه :
- عيلة مجنونة رسمى .. آل أنا أهبل وبريالة و هتجوز واحدة منهم .. دى بقت حاجة تقرف .

.................................................. ...............................
....................................

عادت روضة من عملها .. فمرت على شقة مالك .. وقفت تتطلع إليها بشوق وهى متأكدة من أنه بالداخل .. قلبها أخبرها فإبتسمت براحة و صعدت لشقتهم .. دلفت للداخل و سارت لغرفتها مباشرة بشرود .. أغلقت على نفسها باب الغرفة .. و رفعت نقابها و إبتسامة عذبة تزين وجهها .. دلفت وعد غرفتها متعجبة و قالت ساخرة :
- مالك يا رودى دخلتى آخدة فى وشك وما كلمتيش حد .
تنهدت روضة مطولا و قالت بإرتباك :
- ما فيش يا وعد .. أصلى تعبانة من الشغل شوية .
تأملت وعد هيأتها ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت بمكر :
- و اللى تعبان من الشغل يقعد سرحان و مبتسم من غير سبب كده .
تنحنحت روضة بحرج و قالت بإمتعاض :
- إنتى مركزة معايا ليه .. إخرجى يالا خلينى أغير هدومى يالا .
عقدت وعد حاجبيها بضيق وقالت :
- طب ما تزقيش طب .

تركتها وعد بمفردها و خرجت .. لتعود الإبتسامة على شفتيها و هى تنتظر بشوق المساء كى تراه .. خلعت نقابها وحجابها و مررت أناملها بشعراتها الناعمة و هى شاردة بذكرياتهم سويا .. كم تتمنى أن يشعر بها و يأتى اليوم الذى يطلبها للزواج .. و تصبح له و يصبح لها .

.................................................. .........................................
.....................................

دلف جاسم مكتب والده الممسك لمسبحته ويذكر الله .. لتبتسم شفتيه فور رؤيته فوقف مسرعا و قال بفرحة :
- يا أهلا يا أهلا .. الدنيا نورت .
إحتضنه جاسم و قال بشوق :
- دى منورة بيك يا حاج فضل .. و الله وحشتنى .
- إنت وحشتنى أكتر يا إبنى .
أجلسه فضل أمامه وقال و هو يربت على كفه بحنو :
- هاه طمنى أخبار الشغل إيه .
غمز له جاسم بعينيه و قال مداعبا :
- عيب عليك .. كله تمام و مضينا مع الراجل لسنتين قدام .
- ما شاء الله عليك ..كل مرة بتزود ثقتى فيك .. دلوقتى أقدر أسيبلك كل حاجة و أرتاح بقا .. بس قولى صحيح جيت ليه .. كنت إرتاحت من الطريق و السفر .
زم جاسم شفتيه و قال بضيق :
- أرتاح فين .. ده التتار هجموا عليا زى القضى المستعجل .. فاسبت ليهم البيت و هربت .
ضحك فضل ضحكة عالية و قال برجاء :
- يا إبنى ريحهم و ريحنى و ريح أمك و أختار بنت منهم إتجوزها و خلف لى عيال يملوا عليا الدنيا .
فصاح جاسم بغضب رافضا كلمات والده :
- حرام عليك يا حاج .. يعنى إنتم ترتاحوا و أنا أتعب .. أنا بكرة لما ألاقى بنت الحلال هتجوزها فورا و أملالك الدنيا عيال .
- يا رب يا حبيبى .. قوم يالا نروح علشان تاكل لقمة و ترتاح
أجابه جاسم بإنصياع :
_ حاضر يا حاج .. اتفضل .

وقفا الإثنان و توجها لسيارة جاسم قادها وإنطلق و هو يقص له اتمام صفقتهم و نجاحه بها ......

.................................................. ...........................................
.....................................

فى المساء إجتمع الجميع على سطح البناية فى إنتظار صعود مالك .. الذى دلف إليهم قائلا بإبتسامته العذبة :
- السلام عليكم .

إنتفضت روضة فور سماعها لنبرات صوته الساحرة .. و إلتفتت إليه بشوق و هى تطالع هيئته الساحرة .. و قد زاد الضوء الأصفر الباهت بياض بشرته .. و إبتسامته التى تعشقها و تمدها بطاقة غريبة .. تسرى بجميع أوصالها و بقلبها المشتاق لرؤية ساكنه .. بينما وقف عمرو مسرعا و تقدم نحوه .. فاتحا ذراعيه لإحتضانه و قال مرحبا بإبتسامته العذبة :
- وحشتنا الكام يوم دول و الله يا صاحبى .
ربت مالك على ظهره و هو يضمه إليه .. و قال بإمتنان :
- ربنا يخليك ليا يا عمرو .. إنت وحشتنى أكتر .

ثم إبتعد عن عمرو وهو محتفظ بملامحه السعيدة بينما بحثت عينيه عنها حتى وجدها جالسة على الأرجوحة .. جذبته ملامحها البريئة مثلها .. لوهلة شعر بنبضة متمردة أعلنت عصيان قلبه و دقت شوقا لتلك الطفلة التى سلبته دون أن يدرك .. ثم تمالك مشاعره الغريبة عليه و دنا من إمتثال و قبل جبهتها قائلا :
- وحشتينى يا تيتة .. و وحشتنى دعواتك .
ربتت إمتثال على كفه و قالت بحنو :
- و الله يا مالك القعدة كانت ما لها طعم من غيرك .
- تسلميلى يا حبيبتى .
ثم أخرج من حقيبة يحملها صندوق ورقى .. ومد يده به نحو إمتثال و قال :
- جبتلك الشال ده يا تيتة يا رب يعجبك .
إبتسمت إمتثال بتقدير و قالت بفرحة :
- يا حبيبى .. ليه تعبت نفسك كده .
- مافيش تعب يا ست الكل .. ربنا يخليكى لينا .
ثم إعتدل فى وقفته و أخرج علبة صغيرة من حقيبته وأعطاها لعمرو قائلا بسخرية :
- دى لو ما لبستهاش يوم فرحك .. مش هديك أختى فاهم .
إلتقط عمرو هديته و فتحها فوجدها ساعة معصم .. غالية و مبهرة .. فقال بإمتنان و تقدير :
- دى تحفه .. تسلملى يا مالك .. وأوعدك إنى هلبسها يوم الفرح ومش هغيرها أبدا .
ربت مالك على ظهره و تطلع لروضة التى إختفت أنفاسها فور تلاقى عيناهما .. وحمدت ربها أنها ترتدى النقاب ليخفى علامات شوقها و توترها البادى برجفة شفتيها .. إقترب منها مالك و قال بصوته الرجولى الذى يزلزل العالم من حولها :
- أخبارك إيه يا روضة .
إبتلعت ريقها و تمالكت مشاعرها المهلكة و قالت و هى تقبض كفها علها تستمد القوة :
- أنا كويسة الحمد لله .. إنت أخبارك إيه .
- الحمد لله كويس .
ثم أعطاها الحقيبة التى بيده وقال بتلهف لمعرفة رأيها :
- دى حاجة بسيطة يا رب ذوقى يعجبك .
تطلعت للحقيبة و قالت بفرحة :
- دى علشانى أنا .
أومأ مالك برأسه و قال بإبتسامته الهادئة :
- أيوة طبعا .. إفتحيها و قوليلى رأيك .

مدت يدها و حملت الحقيبة .. ثم أخرجت منها علبة حمراء .. فتحتها لتجد بها السلسال الفضى .. لمعت عينيها بسعادة وهى تتلمسه بأناملها بفرحة .. فقد سلب عقلها و قلبها من شدة بساطته و جماله .. رفعت عينيها عنه و قالت لمالك بإمتنان :
- بجد يجنن .. مش عارفة أشكرك إزاى .
أجابها مسرعا :
- مافيش شكر بينا .
مصمصت وعد شفتيها و هى مستندة على أرجوحتها و تستند بذقنها على يديها و قالت ساخرة بضيق :
- شيفاك يعنى إديت روضة الكيسة .. هو إيه أنا اللى وقعت من قعر القفة .. فين الهدية بتاعتى يا برنس .

إلتفت إليها مالك بعينيه .. ثم إلتف بجسده ليصبح قبالتها .. ثم وضع كفيه بجيبى بنطاله .. و رمقها بنظرة مطولة نظرة شمولية خفيفة .. ليعلن قلبه إستسلامه لها .. ثم إقترب منها بخطوات بطيئة ليعطى نفسه فرصة أكبر لتأملها .. ثم وقف خلف الأرجوحة و دفعها ببطئ و هو يقول ببرود مستفز :
- إنتى مالكيش هدية النهاردة .. يا سنجوبة .
أوقفت الأرجوحة بقدمها و قالت و هى تطالعه بقوة بينما تفوهت ساخرة :
- قال بعد الغيبة .. راجع بالخيبة .
إنفجر مالك ضاحكا .. ثم حك مقدمة أنفه و قال من بين ضحكاته :
- تصدقى خسارة فيكى الهدية اللى خدت اللى ورايا و اللى قدامى .
ردت بإمتعاض وهى تراه خالى .. لا يحمل شئ :
- أسمع كلامك أصدقك .. أشوف إيديك اللى فى جيوبك أستعجب .
نهرتها روضة قائلة بضيق :
- وعد ... كفاية كده عيب .
زمت وعد شفتيها بطفولة وقالت لروضة :
- ليكى حق تزعقيلى .. ما إنتى أخدتى هديتك .. وأنا اللى ما إفتكرنيش .
رد مالك بهدوء عكس ما يشعر به وهو يتطلع لزمة شفتيها بنار يشعر بها لأول مرة .. و تلك النظرة البريئة التى جعلته يقسم بداخله أنه يعشقها .. و يريدها بشدة :
- أظن أنا قلت إن هديتك كانت غالية جدا .. وهموت وأشوف ردة فعلك لما تشوفيها .
لمعت عينى وعد بفرحة و وقفت أمامه و سألته برجاء متمنى :
- إنت بتتكلم جد .. إحلف .. طب هى إيه .. هاه .. هى إيه قول بقا .
كانت تقف أمامه مباشرة .. وقريبة أيضا .. لم تكن قريبة منه كذلك من قبل .. أو ربما كانت و لكنه لم يشعر نحوها ما يشعر به الآن فقال بنفسه :
- عندك حق يا جاسم .. واضح إنى وقعت ولا حدش سمى عليا .
لاحظت وعد تأمله لها فقالت بضيق وخوف :
- سكت .. يبقى بتشتغلنى و بتضحك عليا صح .
فقالت لها آمال بثقة :
- أنا متأكدة إن مالك محضرلك مفاجأة كبيرة يا وعد .
عقدت وعد ذراعيها أمام صدرها وقالت بفتور :
- طب هى فين هديتى دى ؟!!!
رد مالك وهو يلاحق كل حركاتها الغاضبة .. والتى يكاد يجزم أنه يراها لأول مرة .. بينما يجاهد نفسه حتى لا يبدو عليه حالة التخبط التى يشعر بها .. فقال رافعا حاجبه بمكر :
- هتاخديها يوم عيد ميلادك .
طرقت بإبهامها على شفتيها بتفكير ثم قالت متسائلة بفضول :
- إممممم .. يعنى تستاهل الهدية دى إنى أفضل على نارى كده ليوم عيد ميلادى .
قرر أن ينهى ذلك الحوار حتى لا يفتضح أمره .. و تخذله عينيه التى يرى بها أشياء تأسره .. فقال و هو يوليها ضهره بقوة :
- صدقينى تستاهل .. وما كنتش متخيل إنها تستاهل قبل كده .
ثم وقف أمام عمرو و قال بإستغاثة من مشاعره الهوجاء :
- يالا بينا ننزل شوية يا عمرو .. دمياط وحشتنى تعالى نلف شوي بالعربية .
أومأ عمرو برأسه و قال و هو يشير إليه بذراعه ليتقدمه :
- تمام يا معلم .. يالا بينا .

لم ينسى عمرو أن يرمق حبيبته بنظرة جعلتها ترتجف .. فقد إكتشف أمرها و لاحظ عمرو تحديقها به .. وأخبرها أنه يشعر بها .. و لكنها لمحت إلتواء شفتيه فى شبه إبتسامة .. كأنه يخبرها أنه يشتاق أكتر .. و يتعذب أكتر .. و ينتظر بفارغ الصبر ﻷن تصبح له .. و يمتلكها بين يديه .. ببيته .

إنطلقا الإثنين .. و بداخل كل منهما مشاعر تجعل الإبتسامة لا تفارقهما .

.................................................. ................................................
..........................................


فى اليوم التالى .. إنتظر أمير بشقته بفارغ للصبر عودة رحاب و التى تعمل بإحدى دور الأيتام .. و تصطاد إليه الفتيات اللاتى بلغن الواحدة والعشرون .. عندما يصير وقت خروجهم للحياة .. لتأخذهم هى إلى نهايتهم .. إنتبه على فتح باب الشقة الذى دلفت منه رحاب مرحبة بفتاتين جميلتين .. لتبتسم شفتيه بسعادة بالغة .. فهما تستحقان فعلا .. أغلقت رحاب الباب ورائهم و قالت و هى تتجه ناحية أمير بخبث :
- منور الدنيا يا .. يا أخويا .
ليرد أمير مكملا تمثيليتهم المتفق عليها :
- جيت أطمن عليكى .. إيه ده معاكى ضيوف .
إلتفت رحاب بخصرها لتتطلع للفتاتين و قالت :
- لأ دول مش ضيوف .. دول زى إخواتى بالظبط .. هيقعدوا معايا لغاية ما ألاقى لهم شغل وشقة .
حك أمير ذقنه و هو يلتهمهم بعينيه .. ثم قال مؤكدا كلامها :
- أهلا وسهلا طبعا .. ينوروا .
إقتربت منهم رحاب و قالت و هى تشير بيديها لإحدى الغرف :
- إدخلوا يا بنات الأوضة اللى هناك دى .. فيها حمام .. خدوا دش و غيروا هدومكم و إرتاحوا شوية .. لغاية ما ييجى الغدا .

أومأت إحداهما و قالت بخجل :
- حاضر .. بعد إذنكم .
تركوهما و دلفا للغرفة .. بينما لفت رحاب ذراعيها حول رقبة أمير و قالت بنبرة إنتصار :
- هاه .. إيه رأيك .
تنهد مطولا و قبلها بعنف .. ثم إبتعد عنها و هو يقول بإبتسامة شيطانية :
- يمامتين .. دول هيجيبولنا فلوس ما كناش نحلم بيها .. و زباينهم جاهزين .. إنتى عارفة لما تبقى الموزة بنت بنوت .. مهرها بيبقى غالى قوى .

مررت رحاب أناملها على شفتى أمير و قالت بدلال :
- وأنا نصيبى زى ما إتفقنا .. و ياريت الموضوع ده يخلص بسرعة .. لأنك وحشتنى من دلوقتى .
إبتعد عنها و قال بتحذير :
- مش هوصيكى .. خلى عينك عليهم .. و إوعى يحسوا بأى حاجة .
- ما تقلقش .
حمل هاتفه و مفاتيح سيارته و قال و هو ينصرف :
- همشى بقا .. و هبقى آجى أطمن عليكى يا .. يا أختى .

ثم غادر الشقة وهو فى حالة نشوة .. فقد تحقق مراده .. و هو يستعد لفتح مزاد لبيع هاتين الفتاتين .. ثم تذكر أمرا .. و قد لمعت عينيه بشوق .. ثم ركب سيارته .. و إنطلق بها لمحل لبيع ملابس أطفال .. إبتاع منها الكثير من فساتين الأطفال .. و حملها و عاد لسيارته .. ثم إنطلق بها و سعادته لا توصف .. حتى وقف أمام بناية عالية .. تنهد مطولا .. و خرج من السيارة يحمل الأكياس بفرحة .. و صعد الدرج مسرعا .. طرق الباب و إنتظر .. إنتظار قاتل و هو يعلم أنها هى التى ستفتح له .. وقد تحقق حدثه ورآها أمامه بعينيها الحزينة وملامحها الجذابة .. نطق أخيرا و قال بلهفة :
- إزيك يا علا .
ردت علا بفتور :
- كويسة إزيك إنت يا أمير .
رد عليها وهو يلتهمها بعينيه بوقاحة منفرة جعلتها ترمقه بتعجب .. فتنحنح قائلا :
- إحم .. كنت عاوز أطمن على ريتال .
أشارت له علا بيدها و قالت مرحبة :
- إتفضل .
دلف داخل الشقة .. ثم حملته قدميه للصالون .. و وقف منتظرا .. ثوانى معدودة و إنتبه على ركض ريتال صوبه .. فإنحنى ليلتقطها بحضنه .. ضمها إليه واقفا و قال بشوق :
- وحشتينى قوى يا ريتال .
- وإنت كمان وحستنى يا أمير .
عقدت علا حاجبيها و نهرتها بضيق :
- عيب تقولى أمير من غير عمو يا ريتال .
إلتفت إليها أمير وقال بلوم :
- سبيها تقول اللى هى عيزاه يا علا لو سمحتى .
أنزل ريتال على قدميها .. ثم أعطاها الحقائب وقال بإبتسامة متزنة :
- أنا جبتلك شوية فساتين يا توتا .. إنما إيه تجنن .
صفقت ريتال بيديها وقالت بفرحة :
- سكرا .. سكرا .. ممكن أسوفهم .
أخرج لها أمير الفساتين واحدا تلو الآخر .. وهو يتطلع لعلا بين الوقت والآخر .. حتى دلفت عليهم دولت والدة علا ورحبت به قائلة :
- منور الدنيا يا أمير يا إبنى .
صافحها قائلا بود :
- منورة بحضرتك يا حاجة .. معلش جيت من غير معاد .. بس ريتال وحشتنى .
- يا إبنى ده بيتك .. وتقدر تشوفها فى أى وقت .. دى بنت أخوك الله يرحمه .

خرج جاسم من غرفته يتثائب بكسل .. حتى رأى غرفة الصالون مضاءة فعلم أنه هناك زائر إليهم .. إقترب من الصالون ليتفاجأ بأمير يداعب ريتال .. رفع حاجبه للأعلى وصك أسنانه بقوة .. ثم تحامل على مشاعره الغاضبة وتصنع الإبتسام وهو يقول بهدوء :
- أخبارك إيه يا أمير .
رفع أمير عينيه ناحية جاسم وقال وهو يتطلع إليه بحذر وتوجس :
- كويس .. حمد الله على السلامة .
لوى جاسم ثغره وهو يقول بإمتعاض :
- الله يسلمك .. غريبة عرفت منين إنى كنت مسافر .
رد أمير بصوت قاتم .. وهو يرمقه بنظرات ساخطة :
- عادى .. وصلنى الخبر بالصدفة .. يا رب تكون إتوفقت .
إبتسم جاسم بغموض ورد عليه بقوة :
- إتوفقت .. وهتوفق إن شاء الله .
تطلع أمير مجددا بريتال و قبلها بوجنتها قائلا :
- هاه يا حبيبتى .. عجبتك الفساتين .
إبتسمت ريتال بفرحة وقالت :
- أيوة .. جميلة قوى .
إعتدل أمير فى وقفته .. وعدل من هيئته وقال وهو يتطلع بعلا :
- أنا همشى بقا .. وشكرا يا حاجة دولت على رعايتك لبنت الغالى ومراته .
ردت دولت بهدوء متزن :
- دى بنتى .. ودى حفيدتى .. وشكرا ليك إنت يا إبنى .
ملس أمير على شعرات ريتال وقال وهو ينصرف :
- بعد إذنكم .
- مع السلامة .

تطلع إليه جاسم بغضب يكتمه بداخله وينهشه وهو يراه يعيش حياته بأريحية وضمير ميت بعدما تخلص من أخوه .. تخلص من طارق الحنون ليأخذ هو مكانه فى ميراثهم .. والأخطر هو رغبته القديمة بعلا التى فضلت أخيه عليه .. فقرر أن يقتله ويحظى بزوجته الجميلة وأمواله .. ما يغضب جاسم حقا .. هو أنه متأكد من حدثه .. ولكن دون دليل واحد .. فيقتله ألمه كل يوم و هو يتذكر آخر كلمات لطارق و هو يحتضر بعدما طعن أكثر من طعنه فى صدره .. بينما قاوم طارق آلمه و قال :
- أخويا .. أمير .. قتلنى .

نفض جاسم ذلك الصوت الذى لازمه لسنة كاملة .. و هو يخبره بخسة و دنائة أمير .. حاول جاهدا أن يربط بين قتل طارق و أمير و لكن دون جدوى .. أخرجه من شروده صوت علا و هى تربت على ذراعه بتعجب من حالته و قالت بقلق :
- مالك يا جاسم .. إنت إتضايقت إنى خليت أمير يشوف ريتال .
إبتلع جاسم غصة مريرة بحلقه و قال بهدوء يخفى به تلك النيران التى تنهشه من الداخل :
- لا بالعكس .. ده عمها و أى وقت يحب يشوفها .. يتفضل ييجى هنا قدامنا و يشوفها براحته .
ثم إنحنى لمستوى ريتال .. و قبلها بألم و قال بنفسه :
- صدقينى يا ريتال .. هجيب حق أبوكى من اللى حرمك منه و من طيبته .. بس شوية وقت .

.................................................. .................................................. .....
....................................


يتبع

انتظروني بالفصل الرابع ....

ياسمين أبو حسين 02-11-20 12:10 AM

أتمنى الفصل ده ينول اعجابكم
و بانتظار تعليقاتكم و ملاحظاتكم بفارغ الصبر

#ياسمين_ابو_حسين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

أميرة الوفاء 02-11-20 05:17 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبــارك روايتـ? ياسمينة
أتمنـى لك التوفيـق
وأن تجـدي الدعم
وتحققـي النجـاح اللـي تتمنيـه
..

ياسمين أبو حسين 03-11-20 12:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الوفاء (المشاركة 15178843)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبــارك روايتـ? ياسمينة
أتمنـى لك التوفيـق
وأن تجـدي الدعم
وتحققـي النجـاح اللـي تتمنيـه
..



و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
يبارك بعمرك حبيبتي الغالية
و انا كمان أتمنى الدعم و انها تنول إعجابكم و استحسانكم ان شاء الله
و أكون عند حسن ظنكم
أسعدتيني 💗🌼🌼🌼

عاشق الياسمين الياسمين 04-11-20 02:29 PM

الفصل الثالث رائع وبانتظار الرابع
بالتوفيق دائما يارب

Moon roro 04-11-20 04:20 PM

مبرووووك روايتك الجديدة ياسمين
اشتقنالك كتيير
بتمنالك التوفيق حبيبتي 🌹🌹🌹

آلاء الليل 04-11-20 04:56 PM

تسجييييل حضوووور

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moon roro (المشاركة 15181877)
مبرووووك روايتك الجديدة ياسمين
اشتقنالك كتيير
بتمنالك التوفيق حبيبتي 🌹🌹🌹

يبارك بعمرك حبيبتي
و الله و انا اشتقتلك اكتر

بمتابعتكم يا قلبي تسلمي 💗💗💗

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل (المشاركة 15181912)
تسجييييل حضوووور


تسلمي يا قلبي
هستني رأيك بعد الفصل الرابع

💗💗💗

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:42 PM

الفصل الرابع :

***********************

جلس الجميع على طاولة الطعام .. بينما قالت وعد بضيق و هى تطالع سلسال روضة الذى أهداه إليها مالك :
- حلوة السلسلة دى .. يا بختك يا رودى .
إبتسمت روضة بمكر و قالت و هى تلملم شعراتها الناعمة خلف أذنها :
- فى ناس شكلها غيرانة .
ردت وعد و هى تشيح بيدها بضيق :
- أغير من إيه عادى يعنى .. بكرة المية تكدب الغطاس .. ولو طلع بيضحك عليا .. ما يلومش إلا نفسه .
دارى عمرو ضحكته وقال ليستفزها أكتر :
- بس إيه رأيك يا روضة فى ساعتى .. تجنن دى ماركة على فكرة .
ردت روضة و هى تتابع إحتقان وجه وعد بطفولة آسرة :
- بجد حلوة قوة .. و شكلها غالية كمان .
وضعت وعد يدها أسفل وجنتها مستندة على طاولة الطعام و قد تقوست شفتيها لأسفل بحزن طفولى .. جعل إمتثال تقول بغضب :
- مين اللى شال الشبشب من هنا .. عارف إنت و هى .. لو زعلتوا وعد تانى مش هيحصلكم طيب .. و باعدين يا وعد يا حبيبتى مالك قال إن هديتك أغلى هدية .. فاصبرى يا بنتى وإنتى اللى هتغظيهم .
لمعت عينى وعد وقالت و هى تتخيل تلك الهدية الغالية :
- هموت و أعرف هى إيه .. و ساعتها هغيظكم غيظ .
إجتذبها عمرو لصدره .. و ضمها إليه بقوة .. ثم قبل مقدمة رأسها و قال بحنان :
- أنا آسف لو ضايقتك يا بنوتى يا حلوة .
أغمضت وعد عينيها و هى تستمتع بدفء حضن أخيها .. ثم قالت براحة :
- برضه هتدفع تمن إنك ضايقتنى يا أستاذ عمرو .. والمرة دى عاوزة 3 علب أيس كريم .

زفر عمرو بملل و قال بتأفف :
- أووف بقا .. حرام عليكى يا وعد بجد .. ده أنا عريس و بجهز بيتى .
وقفت مسرعة و وضعت يديها بخصرها و قالت بتذمر :
- إيه من أولها كده هتفضل البت روان خطافة الرجالة دى عليا .
ضحك عمرو ضحكة عالية و هز رأسه متعجبا .. ثم قال وهو يركض ورائها :
- بقى أنا مراتى خطافة رجالة .. ده أنا هموتك .
صرخت وعد و هى تركض أمامه وقالت بخوف :
- خلاص يا برنس .. دى روان دى ست الناس كلهم .
دلفت غرفتها و أغلقتها عليها و إستندت بظهرها على الباب و هى تلهث .. و ضحكاتها تملأ البيت فرحة .. تنهد عمرو مطولا و قال وقد كسى الحزن ملامحه :
- رغم شقاوتها و ضحكها .. بس الحزن اللى فى عنيها بيموتنى .
وقفت روضة و إقتربت منه .. ثم ملست على ذراعه و هى متشبسه بكفه .. و قالت بإمتنان :
- بعد الشر عنك يا حبيبى .. وربنا يخليك لينا يا أحن إنسان فى الدنيا .. بجد يا عمرو مش عارفين من غيرك كنا هنعمل إيه .
قرب عمرو كف روضة من فمه وقبله .. ثم ربت على ظهرها بحنان قبل أن يندفع صوب غرفة وعد وطرقها بقوة وهو يقول بمرح :
- إفتحى يا جبانة .. أنا هوريكى هعمل فيكى إيه .. إفتحى أحسنلك .
- مش فاتحة .. ولو ما بعدتش هيبقوا أربع علب أيس كريم .. ومش هديك منهم .

ثم تعالى ضحكاتهم جميعا فى ذلك المنزل المفتقد لحنان الأم و دفء الأب و الذى تلعب روضة و عمرو ذلك الدور لصغيرتهم المشاغبة .. تطلعت إليهم إمتثال بغصة وهى ترى إعتمادهم على نفسهم .. وحبهم لبعضهم و ما يؤلمها أكثر أن كلا من والديهم لا يستحق هؤلاء الأولاد البارين بهم رغم كل شئ .. إلا المتمردة الصغيرة و التى ترفض الأمر الواقع .. و لم تسامح والديها رغم مرور السنين .

.................................................. ..........................................
.................................


إرتمى جاسم بجسده على الفراش و عقله شارد تماما فى كيفية إنتقامه لصديقه و أخيه و زوج أخته .. طارق .. كلما رأى أمير تجدد عنده إحساس الإنتقام ومواصلة طريق البحث وراء أمير .. فهو يعلم أمر إتجاره بالفتيات و إجباره لهم على مزاولة الرزيلة.. ولكنه لا يمتلك دليل واحد .. ورغم ذلك فمنذ وفاة طارق وهو يتواصل مع أحد ظباط الشرطة بعدما أخبره بكلمات طارق الأخيرة أن أمير هو قاتله .. و ما توصل إليه طارق قبل وفاته أو قتله عن أفعال أخيه المشينة ....
تنهد مطولا و هو يتوعد أمير .. إلا أن وقعت عينيه على هدية مالك لوعد .. فإبتسمت شفتيه و هو يتذكر وصف مالك لوعد .. فأغمض عينيه وبدأ برسمها بمخيلته .. حتى إجتذبه النوم لهوة سوداء واسعة .. و لكنه بحث حوله بتعجب .. فرأى طيف من بعيد يقترب منه .. بدأت تتضح له الرؤية .. و هو يرى أمامه فتاة مبهمة الملامح .. إلا أنها بدأت تتضح رويدا رويدا بوجهها المستدير كالبدر .. و عيونها الكحيلة .. و شفتيها المرسومة .. و بياضها الوردى .. فخرج صوته متوترا و هو يسألها بفضول :
- إنتى مين ؟!!!
أتاه صوتها من بعيد .. صوت أنثوى رقيق يقول :
- أنا ...... وعد .
إنتفض جاسم من غفوته القصيرة و قد غرق جسده فى عرقه .. و تعالى صدره صعودا و هبوطا من شدة ذعره .. إلا إنه جلس على طرف فراشه .. و مسح تلك القطرات التى تجمعت على جبينه و رفع شعراته التى إلتصقت بجبينه للخلف و قال بتوتر :
- هى وصلت لكده .. بحلم بواحدة عمرى ما شوفتها .. منك لله يا مالك إنت السبب .
وقف و حمل منشفته .. وأخرج من خزانته ملابس نظيفة وإتجه للمرحاض .. إغتسل و هو يطالب عقله بإخراج تلك الغازية والتى سلبت عقله لمجرد حكايات قصيرة عنها .. إلا إن عقله تمرد و أصر على بقائها بداخله .. فقرر أن يجالس أهله و ألا يجلس منفردا حتى لا يعود لتلك الهوة السوداء مجددا .. و التى يتمنى العودة إليها و لكنه يقاوم .. يقاوم وهما .. ياللأسف .

.................................................. .................................................. ........
......................


دلفت وعد غرفة روضة .. فوجدتها تقرأ كعادتها .. فأغلقت ورائها الباب وإقتربت من روضة وهى تقول بدلال :
- رودى .. ممكن تسرحيلى شعرى .
إبتسمت شفتى روضة و رفعت عينيها من الكتاب لتطالع تلك الطفلة الكبيرة و التى كلما إنتابتها نوبة الإشتياق لحنان والدتها .. تطلب من روضة أن تلعب هذا الدور .. أومأت لها روضة برأسها و قالت و هى تطالعها بحنان :
- تعالى .. قربى منى .
أعطتها وعد فرشاة شعرها .. و جلست بجوارها لتبدأ رحلة روضة الطويلة بشعرات وعد التى تقارب الوصول لركبتيها .. شعر غريب لفتاة أغرب .. فوعد كما يقال عنها صهباء .. بشعراتها البرتقالية المائلة للأحمر .. كشعاع شمسى وقت الغروب .. ناعم كالحرير .. و لديها حاجبان بنفس لون شعرها تقريبا و لكن أغمق .. و هى دائمة صبغهما بلون بنى .. و تناثرت بعض علامات النمش الجذابة على أنفها و وجنتيها .. و أيضا دائما ما تخفيهم بكريمات خاصة .. كانت روضة تشعر بمتعه غريبة كلما مشطت لوعد تلك الأشعة الشمسية والتى تسمى شعرا .. وما يمتعها أكتر تلك الرائحة العذبة التى تخلفها تلك الأشعة رائحة كالمسك .. زادت إبتسامة روضة وقالت بمكر :
- مش ناوية تقصرى شعرك ده شوية يا وعد .
شهقت وعد و هى تهتف بذعر :
- ﻷ طبعا .. شعرى ده زى إبنى أو بنتى بهتم بيه و براعيه كأنه طفل صغير .. تقدرى تأذى إبنك أو بنتك .
إحتضنها روضة من الخلف و هى تحاوط صدرها بذراعيها و قالت بحنان :
- بهزر يا حبيبتى .. بس بخاف عليكى لحد يشوفك ويحسدك على جمالك ده .
شددت وعد يديها على ذراعى روضة و قالت بحب :
- تسلميلى يا حبيبة قلبى .. بس إنتى أحلى بجد .. رقيقة و قمراية .
- إنتى اللى قمر و شمس فى نفس الوقت .
لملمت وعد ذلك الشعاع الطويل ولفته و عقصته ككعكة .. ثم إلتفت لروضة وبعينيها تلك النظرة الآسرة كجرو صغير .. وهى تقول بصوتها الرقيق :
- ممكن أنام جنبك النهاردة .
إجتذبتها روضة لحضنها و ضمتها بقوة و هى تقبل جبهتها بحب و قالت :
- طبعا يا حبيبتى .. دى تبقى أحلى نومة و أنا فى حضنى بنوتى الحلوة .
إعتدلت وعد فى جلستها وتمددت على الفراش تستعد للنوم .. فسألتها روضة بتعجب :
- هتنامى بدرى يا وعد .. معقولة .
فردت وعد و عينيها تطبق بقوة مستسلمة لنومها :
- أها .. تصبحى على خير .
ملست روضة على شعراتها و قالت و هى تتأمل ملاكها الصغير :
- و إنتى من أهله يا عمرى .
أغمضت وعد عيناها و راحت بسبات عميق لشعورها بالآمان .. بينما تطالعها روضة بإشفاق و هى تدعوا لها بأن يرزقها الراحة و السكينة ... تلمست روضة السلسال و قد لمعت عيناها ببريق عاشق متذكرة نظراته و هو يناولها اياها .. تنفست بعمق و أغلقت عيناها سابحة بأفكارها ....
.................................................. .......................................
....................................


دلف جاسم لشركة والده والتى تدير جميع أعمالهم من تجارة الأخشاب والموبليات و بيع وشراء الأراضى ..وأيضا يعد مكتب محاسبة .. صعد بالمصعد حتى توقف أمام الدور الذى به مكتبه .. وخرج متوجها إليه وقف أمام سكرتيرته وهو يتأملها بجرأة ثم وضع أمامها على المكتب هدية مغلفة .. فرفعت رأسها إليه و وقفت مسرعة و قالت بلهفة :
- مستر جاسم .. حمد الله على السلامة .
تطلع إليها مطولا وعلت شفتيه إبتسامة شقية و قال هامسا :
- الله يسلمك يا قمر .. يا رب هديتى تعجبك .
تطلعت راندا صوب هديته و قالت بضيق :
- سورى يا مستر جاسم مش هقدر أقبلها .
- ليه كده .. عوزانى أزعل منك .. دى حاجة بسيطة بجد .
أخذت راندا نفسا مطولا و زفرته مرة واحدة و هى تفكر ثم قالت بإبتسامة هادئة :
- تمام .. و شكرا لحضرتك .

رفع جاسم حاجبيه بإنتصار و قد لمعت عينيه و إزداد غروره و ثقته أنه لا توجد أنثى تقول لجاسم رحال .. ﻷ .. مال ناحيتها و قال و هو يحدجها بقوة أربكتها :
- خلى مالك وسامر يجونى عالمكتب .. و هاتيلى أى ورق متأخر محتاج إمضتى .

أومأت برأسها و هى تتطلع داخل عينيه التى آسرتها بنظرتها الثاقبة .. حتى قطع هو تلك الحالة و دلف لمكتبه .. وضعت راندا كفها على صدرها لتهدئ من نبضات قلبها الهادرة .. ثم إبتلعت ريقها و توجهت لمكتب مالك .. طرقت الباب و قالت بعملية :
- مستر مالك .
رفع مالك رأسه ناحيتها قائلا :
- أيوة يا آنسة راندا .
- مستر جاسم عاوز حضرتك فى مكتبه إنت و مستر سامر .
أومأ مالك برأسه و قال بضيق :
- طب الأستاذ سامر لسه ما شرفش .. قولى لجاسم شوية و هنيجى .
- حاضر يا فندم .
تركته وإنصرفت عائدة لمكتبها .. بينما هاتف مالك سامر .. لتنغلق المكالمة بوجهه .. صك مالك أسنانه بغضب و قال بضيق :
- ماشى يا سى سامر أما أشوف وشك .
فسألته سيدة تجلس بجواره على مكتبها متعجبه من كلماته المبهمة :
- فى إيه يا مالك بتكلم نفسك .
رد عليها وهو يشتعل من غضبه :
- سى سامر قفل فى وشى .. مش هاين عليه يرد عليا و جاسم عاوزنا دلوقتى فى مكتبه .

إنتبها الإثنين على ضحكات عالية لشاب يقف على باب مكتبهم و هو يتابع غضب مالك بتلذذ ثم قال ساخرا :
- حلاوتك يا أبيض .. التيشرت البمبى ده يجنن عليك يا مالك .. البنات سابوك توصل للشركة إزاى .
إختفى ضيق مالك و غضبه و قال ساخرا وهو ينظر لسامر نظرة شمولية :
- أنا أبيض برضه .. أمال إنت إيه .. بشعرك الأصفر ده .
عدل سامر من ياقة قميصه و قال بقوة :
- شعرى أصفر آه .. بس راجل قوى .
ضحكت إنتصار ضحكة عالية على مزاحهم و قالت بحزن :
- والله هتوحشنى مناكشاتكم دى .. بس إنت يا سامر هرتاح من قلشك و خفة دمك اللا متناهية .
غمز لها سامر بعينه و قال مداعبا :
- طب والله هتفتقدينى .. أنا عارف إن كلامك ده من ورا قلبك .
زادت ضحكات إنتصار و قالت لمالك برجاء :
- معلش يا مالك إدى خبر لمستر جاسم إنه النهاردة آخر يوم ليا .. لازم أحضر نفسى للسفر لجوزى فى السعودية .
أومأ مالك برأسه و قال بأسى :
- ربنا يوفقك يا مدام إنتصار .. والله هتوحشينا .
- تسلملى يا مالك .. وربنا يوفقكم إنتم كمان .
وقف مالك و إتجه لباب الغرفة قائلا و هو يدفع سامر أمامه :
- قدامى يا خفيف جاسم عاوزنا .
خرجا سويا .. فعادت إنتصار لملمة أشيائها من على مكتبها بضيق .. حتى أطل سامر برأسه مجددا و قال مداعبا :
- طب والله هتفتقدينى .
فعادت إليها ضحكاتها مرة أخرى و هى تحرك رأسها بيأس من ذلك المشاغب .. بينما جذبه مالك من قميصه و قال بغضب :
- يالا يا عم الظريف بقا .
توجها الإثنين لمكتب جاسم .. و وقفا أمام راندا فسألها مالك :
- جاسم لواحده .
أشارت لهما بيدها و قالت بإبتسامة هادئة :
- أيوة إتفضلوا .

دلفا على جاسم المكتب فقال سامر ساخرا :
- هاه يا معلم ظبطت مستر خافيير .. و لا تيتى تيتى زى ما روحتى زى ما جيتى .
تطلع إليه جاسم بضيق و قال وهو يزفر مطولا :
- بطل سخافة و تقل دم .. و إقعدوا علشان عاوزكم فى موضوع مهم .
جلسا أمامه على المكتب .. حتى سأله سامر بعبوس :
- جرى إيه يا برنس .. فين هديتى .. يعنى مالك يفتكرنى و إنت ﻷ .
أخرج جاسم من إحدى أدراج مكتبه هدية و أعطاها لسامر و قال بإبتسامة ماكرة :
- و لو إنه خسارة فيك .. بس فاتك كتير فى السفرية دى .. تخيل الشيخ مالك كان هينهار قدام ديانا .
إتسعت عينى سامر و قال غامزا بعينيه :
- صلاة النبى مكسبى .. بقا الشيخ مالك بنفسه موزة عرفت تحركه .
رمقهم مالك بنظرات تحذيرية ثم قال بضيق :
- أستغفر الله العظيم .. نسيب الكلام فى الشغل ونقعد نهرى فى المهرى .
تنحنح جاسم و هو يدارى ضحكاته .. ثم قال بجدية :
- شوية جد بقا .
فقاطعه سامر قائلا وهو يستند بمرفقه على المكتب :
- قول يا قوال .
زفر جاسم ومالك بضيق .. بينما قال جاسم و هو يتجنب التطلع لسامر :
- أمير رجع يلعب تانى .. و معاه بنتين هيعمل عليهم المزاد خلال كام يوم لأنهم لسه آنسات .
علت الجدية ملامح الجميع حتى صرخ سامر قائلا و كأنما تلبسه شيطان غاضب :
- إبن ال**** .. فاكر نفسه ناصح و محدش هيقدر يوقعه بس على مين .. و رحمه طارق ما هنسيبه غير يا ميت .. يا متعفن فى الحبس .
هدأه مالك قائلا و هو يجذبه من ذراعه ليجلس مرة أخرى قائلا بحدة :
- إقعد يا سامر بقا .. حق طارق و مش هنسيبه لو لآخر يوم فى عمرنا .. ريتال لازم تكبر و هى فخورة بينا إننا جبنا حق أبوها من الكلب اللى يتمها بدم بارد .
أغمض جاسم عينيه وهو يسترجع ذلك اليوم المشئوم بكل تفاصيله ..عندما هاتفه طارق وطلب منه مقابلته لأمر هام .. توجه إليه جاسم مسرعا ليجده يلفظ أنفاسه الأخيرة و جسده يسبح فى دمه .. أغلق عينيه بقوة كأنه يريد أن يمحو تلك الذكرى من رأسه .. حتى رأى ضوء مشع من بعيد و رأها أمامه مجددا .. بملامح مبهمة غير واضحة .. و كأنها تربت على قلبه ليهدأ .....

لاحظ مالك وسامر حالة جاسم وتوتر أعصابه .. ونفور عرق رقبته بقوة .. فوخذه مالك بكفه وقال بقلق :
- جاسم .. جاسم مالك يا معلم .
إنتفض جاسم بذعر .. ثم إبتلع ريقه و لعق شفتيه الجافة من توتره و إعتدل فى جلسته و قال و هو يخفى توتره :
- مافيش .. بس الرائد أحمد مطمنى المرة دى .. و طلب منى أبعد خالص عن الليلة دى .. بس لو هو فلت منه المرة دى .. أنا اللى هجيبه بإيدى و اللى يحصل يحصل .
إنحنى جاسم للأمام قليلا .. و إستند بمرفقيه على مكتبه و قال بجدية :
- عموما .. نتكلم فى الشغل شوية بقا .. جهزت شحنة أوض النوم و السفرة اللى مسافرة السعودية يا مالك .
أومأ مالك برأسه و قال مؤكدا :
- كله تمام .. و على أعلى جودة .. ما تقلقش يا معلم .
إلتفت برأسه لسامر و قال :
- وإنت يا سامر .. هتظبط موضوع شحنة الخشب اللى جاية من رومانيا عن طريق المينا .. مش عاوزين عطله و حياة أبوك .
لم يخرج سامر من حالة الهياج التى أصابته .. و لكنه تمالك نفسه قائلا بصوت جاف أجش :
- حاضر .. ما تقلقش كله هيبقى تمام .
إنتبه جاسم على رنين هاتفه .. لتبتسم شفتيه .. فرفع عينيه لمالك و سامر و قال بحدة :
- يالا يا بابا إنت و هو على مكاتبكم ورانا أشغال .
صفع سامر كفيه ببعضهما مستنكرا و قال بتعجب :
- إمتى ربنا هيهديك وتبطل جو الصحوبية اللى إنت ماشى فيه ده .
فصاح بهم جاسم بقوة :
- مش وقت مواعظ وخطب .. بره يالا .
وقف مالك و مال على مكتبه قائلا بجدية :
- مدام إنتصار آخر يوم ليها النهاردة .. و أنا عندى البديل .. إيه رأيك .
زفر جاسم بضيق و قال فاقدا صبره :
- موافق طبعا .
فسأله مالك بتعجب :
- يعنى مش عايز تعرف هى مين .
فقال له جاسم بقوة آمرا دون تردد :
- مش عايز يا سيدى .. إنت مش واثق فيها خلاص خليها تيجى بكرة معاها كل ورقها و تستلم شغلها من بكرة .. إطلعوا بره بقا .

وقفا الإثنان و هما يطالعانه بضيق من تصرفاته الهوجاء .. و ركضه وراء الفتيات .. و لكن بإستسلام تركا له المكتب و عادا لمكتبهما .. رد جاسم على هاتفه أخيرا و قال هامسا بشوق :
- ما كنتش متخيل إنك هتوحشينى كده .. هنتقابل فى الكافيه اللى على البحر بالليل تمام .

.................................................. .................................................. ....
.............................

جلس سامر على طرف مكتب مالك و سأله بفضول :
- مين اللى هاتيجى مكان مدام إنتصار .
إبتسمت شفتى مالك بخفوت .. و تنهد مطولا ثم قال بهدوء :
- جارتى .. خريجة إدارة أعمال و بتدور على شغل .. وواثق فيها جدا .. و إسمها وعد القاضى .
رفع سامر حاجبه متعجبا من حالة مالك .. ثم قال بمكر :
- إسمها حلو .. يا ترى هى كمان حلوة .
بهتت ملامح مالك .. و هو يطالعه بغضب ثم ضيق عينيه و قال بصوت منفعل :
- إنت بتستعبط .. إزاى تقول عليها كده .
إبتسم سامر و هز رأسه مؤكد حدسه و قال بغمزة من عينيه :
- شكلك وقعت ولا حدش سمى عليك .. و الله حسيت و قولت أستفزك علشان تقر .
رمقه مالك بغضب ثم قال بحدة :
- قولتلك جارتى .. جارتى و بس و زى روان أختى كمان .. روح شوف اللى وراك بقا و سبنى أشوف اللى ورايا .

لم تنطلى على سامر كذبة مالك .. و لكنه آثر السلامة و إبتعد عنه عائدا لمكتبه .. بينما تطلع مالك بحاسوبه و هو يفكر جديا بأمر إعجابه بوعد الذى تنبه اليه الجميع سواه .. تنهد مطولا و هو يتخيل أن تلك الطفلة الجميلة حبيبته .. لاينكر أنه فور عودته من سفره و رؤيته لها شعر بشئ غريب يتحرك بداخله .. و كأنه يراها لأول مرة .. ثم رفع عينيه و تطلع لمكتب إنتصار و تخيل أن من تجلس عليه هى وعد .. بإبتسامتها الساحرة و شقاوتها المهلكة .. و حزنها المؤلم .. حتى إبتسمت شفتيه بهدوء شاردا بها .......... بشوق .


.................................................. ...........................................
.................................


خرج عمرو من غرفته بعدما إغتسل وبدل ملابسه .. ثم جلس على طاولة الطعام .. و إحتضن وعد وقبل مقدمة رأسها كعادته وقال :
- يالا يا جماعة بسم الله .
إنهمكوا فى تناول طعامهم حتى سألت وعد روضة بقلق :
- مالك يا رودى .. من ساعة ما رجعتى من شغلك وإنتى مش معانا .
إبتسمت لها روضة بخفوت وقالت رغما عنها :
- لا يا حبيبتى أنا كويسة .. بس شوية إرهاق مش أكتر .

أومأت وعد برأسها بإستسلام .. بينما عادت روضة لشرودها .. كلما تذكرت سؤال تلك الطفلة لها بأن يصح أن يقبلها رجل غريب كما يفعل والدها وأكثر .. فسألتها روضة ومن هذا الغريب فأجابت الطفلة ببرائة أنه أستاذ مصطفى .. إنقبض قلب روضة .. و فكرت قليلا ثم قالت لها أنه يعتبرها كإبنته لا أكثر ورغم هذا فلا يحق لأى شخص أن يقبلها سوى والدها وأخيها .. و إلتقت بمصطفى و سألته عما قالته تلك الفتاة ولكنه للأسف أنكر .. وهذا ما أقلق روضة عن حق فإن كان فعلها بحسنة نية .. فلن ينكر ولكن إنكاره ما جعلها تشعر بالخوف ....
إنتبه جميعهم على طرق لباب شقتهم .. فدلفت روضة ووعد لغرف نومهما .. بينما فتح عمرو الباب ليجد أمامه مالك .. فصافحه قائلا بود :
- تعالى يا مالك إدخل .. أخبارك إيه .
دلف مالك للشقة وهو مطرق رأسه .. فأسرع عمرو قائلا :
- تعالى إقعد إتغدى معانا .. تيتة عاملة سمك صيادية إنما إيه خيال .
لعق مالك شفتيه وقال بتلهف :
- إنت هتقولى على أكل تيتة .. عموما موافق .. وأنا كنت جاى علشان عاوز وعد فى موضوع مهم .
حثه عمرو على التقدم وقال بفضول :
- موضوع إيه يا ترى ؟!!!
خرجت وعد من غرفتها بعدما إرتدت إسدالها وقالت بمشاغبة فور رؤيتها لمالك :
- أى ريح قد أتت بك يا أخو خاطفة الرجال .
إبتسم مالك مسرعا على إثر مداعبتها .. بينما قال عمرو بضيق وهو ينصرف ليرد على رنين هاتفه :
- هقطلعلك لسانك ده فى مرة .. بس مش وقته .
حيا مالك إمتثال وقال بإبتسامته الهادئة :
- أخبارك إيه يا تيتة .
وقفت إمتثال وقالت وهى تبادله إبتسامته :
- كويسة يا حبيبى .. إقعد على ما أجيبلك طبق للشوربة .. ده أنا طابخة صيادية إنما إيه هتحلف بيها .
جلس مالك على إحدى كراسى الطاولة .. فقالت وعد بتذمر :
- ده الكرسى بتاعى على فكرة .

رفع مالك عينيه ناحيتها .. وهو يتأملها مسحورا .. فلقد رآها دون أن تخفى حاجبيها الحمراوين .. وتلك النقط المثيرة على أنفها و الممتدة لوجنتيها قليلا .. فبدت جميلة جدا .. لام نفسه على تفكيره ولكنه رد ببرود عكس ما يشعر به :
- شوفيلك حتة تانية إقعدى فيها .
زفرت بضيق .. وحملت طبقها إلا أنه أمسكه وقال متابعا تلك النبرة الباردة :
- شوفيلك طبق تانى .

تطلعت إليه بتعجب .. و حاولت تغير معلقتها بأخرى ولكنه جذبها منها وإغترف بها بعض حبات الأرز و أكلها ليشير أنه حتى معلقتها لن يتنازل عنها .. إبتلعت ريقها بتوتر وهى لا تفهم مقصده من تلك الحركة الغريبة .. حتى قطعت روضة تلك الحالة وقالت بخفوت :
- منور الدنيا يا مالك .
وقف لها مالك حتى جلست أمامه وجلس هو الآخر قائلا :
- ده نورك يا روضة .. معلش قطعت أكلكم بس كنت عاوز وعد فى موضوع مهم .
لمعت عينى وعد و جلست بجوار روضة .. وقالت بتلهف وفقدان صبر :
- هتقولى هديتى إيه هى صح ؟؟؟؟؟
تطلع إليها مطولا .. ثم قال بهدوء مستفز :
- ﻷ .
زمت شفتيها بطريقة طفولية و وضعت يدها أسفل وجنتيها الورديتين .. بينما إبتسم مالك وهو يتأملها بهيام .. حتى خرج عمرو من غرفته .. وجلس بجوار مالك وربت على ذراعه وقال مداعبا :
- إضرب .. إضرب .. إنت آخر مرة أكلت إمتى .
عقد مالك حاجبيه وهو يرد عليه بضيق :
- إيه قلة الذوق دى .. بس برضه هاكل .
ثم رفع عينيه ناحية وعد وقال وهو يطالعها بعينين متوهجتين من بداية شرارات عاشقة :
- ده حتى الطبق ده أحلى طبق صيادية أكلته فى حياتى .. يمكن السر فى المعلقة .
ظلت تحدق فى حدقتاه تريد أن تستشف منهما مقصده .. لكن تلك الشرارات وصلتها حتى شعرت لأول مرة برجفة بقلبها البرئ .. وهو ينظر إليها لا يرغب بالحديث .. فقط يريد أن ينهل من ملامحها .. حتى سأله عمرو بفضول :
- قولى بقا موضوع إيه المهم اللى كنت عاوز وعد فيه .
إعتدل مالك فى جلسته وقال بجدية :
- مدام إنتصار اللى كانت معانا فى المكتب هتسافر لجوزها السعودية .. ففكرت فى وعد تشتغل مكانها .
شهقت وعد وهى تهتف بفرحة :
- بجد يا مالك .. أخيرا لقيت شغل .
- بصى يا ستى تحضرى كل الأوراق اللى فى الورقة دى .. و بكرة الصبح الساعة 9 تبقى فى المكتب .. وهتلاقى عنوانه فى نفس الورقة .. إسألى عنى وأنا هبقى بستناكى وتستلمى شغلك على طول .
أعطاها مالك الورقة التى أخرجها من جيب قميصه .. تطلعت إليها وعلى ثغرها إبتسامة متحمسة .. فربتت روضة على ذراعها وقالت بحنو :
- مبروك يا حبيبتى .. عاوزاكى تثبتى نفسك و تبقى قدها .
بينما قالت إمتثال بقلق :
- بس أنا أخاف عليها .. وباعدين هى مش محتاجة الشغل مستورة والحمد لله .
رد عليها عمرو لطمأنتها :
- متقلقيش عليها يا تيتة .. وباعدين إحتا بنشتغل مش علشان فلوس بس .. بالعكس إحنا بنشتغل علشان نثبت نفسنا ونترجم سنين طويلة درسناها .
مال مالك بجسده ناحية عمرو وقال بحرج :
- عاوز أغسل إيديا لو سمحت يا عمرو .
وقف عمرو وهو يشير إليه قائلا :
- طبعا .. إتفضل .
تركاهما لتندفع وعد قائلة بحماس :
- روضة .. لازم ننزل نشترى هدوم جديدة .. بعد الغدا ناخد روان وننزل .. وافقى والنبى .
إمتعض وجه روضة بضيق وقالت لائمة :
- قولى لا إله إلا الله .. وما تقوليش والنبى دى تانى .. ثانيا إنتى عندك هدوم كتير جدا لسه ما لبيستيهاش يا دودو .
زمت وعد شفتيها وقالت بحزن :
- خلاص مش عايزة شكرا .
تطلعت روضة إلى حزنها المؤلم .. ثم قالت بشفقة على حالها :
- موافقة .. بس إسألى عمرو ومالك لو روان ممكن تخرج معانا ولو وافقوا .. أنا جاهزة .
صفقت وعد بيديها وقالت بإنتصار :
- يبقى جهزى نفسك .. علشان هيوافقوا إن شاء الله .
خرج مالك وعمرو من المرحاض .. فإقتربت وعد من عمرو و أسبلت عينيها و قالت برجاء :
- عمورى علشان خاطرى ممكن روان تخرج معانا علشان أشترى كام طقم .
تصنع عمرو التفكير .. وهى تنتظر بتلهف قاتل حتى قال أخيرا :
- موافق .. بس لسه موافقت عمو سراج ومالك .
رد مالك مسرعا :
- إعتبرهم وافقوا .. و بعد الغدا هتجهز نفسها وتكلمكم .
تنفست وعد براحة وقالت بإمتنان وهى تتحاشى النظر لمالك لألى ترى تلك النظرات المتفحصة والجديدة عليه :
- متشكرة قوى .. ربنا يخليك ليا يا عمورى يا رب .
إبتسم مالك دون أن يشعر وهو يتأكد من عشقه لتلك الصغيرة البريئة .. ثم قال بنفسه :
- إستسلم يا مالك .. واضح إنك كنت بتحبها وإنت مش حاسس .. أيوة أنا بحبك يا وعد .
تنهد مطولا وهو يقاوم التطلع إليها أكثر وقال لإمتثال شاكرا :
- شكرا يا تيتة على الأكل بجد كان حلو جدا .. تسلم إيدك .
ردت إمتثال بإبتسامتها الدافئة :
- بالهنا والشفا يا حبيبى .
رفع مالك يده وقال وهو ينصرف :
- يالا يا جماعة السلام عليكم .
رد الجميع :
- وعليكم السلام .

بينما كانت روضة فى أسعد لحظات حياتها .. لقد كان هنا .. فما زال عطره يملأ المكان .. كانت تراقب كل حركاته طريقة مضغه الهادئة وهو مغلق فمه حتى أنه لم يتحدث وفى فمه طعام .. نظراته المشاغبة لوعد والتى لم تفطن بعد أنها نظرات إعجاب أو بالأحرى عشق .. إبتسامته الهادئة والتى تمنحه جمالا فوق جماله و إحمرار أذنيه البيضاء كوجه .. فلامست السلسال الذى أهداه إليها وهى تتنهد بولع .. بينما أخرجتها من شرودها تلك الزوبعة الصغيرة المسماة وعد والتى تستعد لعملها بقوة كأنه يوم زفافها ....
أخذت وعد تجول المنزل ذهابا وإيابا وهى تحدث نفسها بما يمكنها شراؤه من ملابس وأحذية ومستلزمات لها .. وما ستفعله بعملها لتثبت نفسها .. وطموحها المنطلق فى أن تكون تلك البداية لقادم أكبر .

.................................................. .........................................
............................

فى المساء هاتف جاسم مالك الذى رد بتثاقل قائلا بفتور :
- عاوز إيه يا إبنى إنت .. هو أنا ماينفعش أخلص منك نص يوم على الأقل .
وصل لمسامع مالك ضحكة عالية من جاسم الذى رد عليه لإغاظته :
- وراك وراك يا معلم .. قوم فوق كده وهات سامر وتعالالى ورايا سبق وعاوزكم معايا .
تأفف مالك بضيق وقال ممتعضا :
- ده أمر ولا رجاء .
- ﻷ دى سناء .. إخلص يا بارد .. هات البارد التانى وتعلالى يالا .
رد مالك عليه بغلظة :
- ماشى يا عم السخن .. بص يا جاسم شكل صحوبيتنا دى مش هتطول .
ضحك جاسم مجددا وقال بصدق :
- إحنا إخوات ياله .. مش أصحاب وبس .
- إضحك عليا بكلمتين .. بس برضه الكلام الناعم ده ما ياكلش معايا و هنسيب بعض قريب .
زفر جاسم بضيق و صاح به قائلا بغضب :
- جرى إيه يا إبنى هو أنا مش مالى عينك هى نص ساعة وتبقى قدامى وإلا ما تزعلش من اللى هعمله فيك .
وقف مالك مسرعا وقال بهدوء :
- إهدا يا معلم بنهزر .. إقفل دلوقتى ونصاية ونبقى عندك سلام يا وحش .
أغلق مالك الهاتف .. ووقف أمام خزانته و أخرج تيشرت إسود وبنطال جينزى كحلى و إرتداهم ثم إرتدى حذاء رياضى إسود .. ووضع عطره و صفف شعراته الناعمة .. وحمل هاتفه ومفاتيح سيارته و خرج من الشقة ليجد الفتيات تصعدن الدرج محملات بأكياس كثيرة .. تطلعت وعد لوسامته وعطره الجذاب مثله .. بينما بادر هو وقال ساخرا :
- إيه الأكياس دى كلها .. ده جهاز عروسة .
إقتربت منه روان وقالت محذرة بعدما رأت حاجب وعد الذى إرتفع بضيق :
- إهدى على نفسك كده يا مالوكى .. ده وعد إشترت شوية حاجات لزوم الشغل الجديد وكده .
هز رأسه متفهما وقال بمكر :
- طيب .. أمشى أنا علشان ورايا ميعاد مهم .
خرجت وعد عن صمتها وقالت بشك :
- ميعاد إيه ده اللى متشيكله قوى كده .. إيه بتحب جديد .
وخزتها روضة فى ذراعها وقالت معاتبة :
- عيب يا وعد كده .. إنتى مالك إنتى .
إبتلعت وعد ريقها بخجل بعدما فطنت لما قالته بتسرع نابع من شعور غريب بالضيق لرؤيته بهذه الجاذبية وكلامه عن ذلك الموعد الهام .. فقالت بتوتر :
- أنا بهزر على فكرة .
لكنه تطلع إليها بنظرة جعلتها تتنفس بصعوبة .. أجفلت عينيها عنه وهى تحلل تلك النظرة التى أشعلتها بنيران أربكت كل حصونها .. بينما إبتسم مالك بوجه منتشى من شعورها بالضيق لمجرد فكرة أنه يحب .. ثم تابع كلماته الماكرة وهو يقول بقوة :
- أنا لما هحب .. هخطب على طول .. ماليش فى جو الصحوبية ولعب العيال ده .. واللى بحبها مش هبقى محتاج أقولها لأنها هتعرف لواحدها .. إنى بعشقها بكل تفاصيلها .
لاحظ إرتباكها وتورد وجنتيها أكثر .. فقال مسرعا ليرحمها من تلك الحالة التى إنتابتها :
- أنا همشى أنا سلام يا بنانيت .
هبط الدرج مسرعا و وجه يشع نورا من تلك الإبتسامة التى ملأته .. بينما قالت روضة بغضب :
- زودتيها يا وعد .. عيب كده .
ردت عليها بحرج بادى بنبرتها الخفيضة :
- آسفة .. مش هعمل كده تانى .
فقالت لهما روان بإنفعال :
- مزودينها قوى إنتم .. عادى يعنى .. يالا يا وعد إطلعى علقى الهدوم الجديدة لتتبهدل .. وبكرة الصبح قبل ما تمشى لازم أشوفك تمام .
أومأت وعد برأسها وقالت بإبتسامة باهتة :
- تمام .. شكرا يا روان .

وصعدت مسرعة لا تعرف هل تهرب من روضة أم من نفسها وتلك المشاعر التى أصبحت ترهقها كلما رأت مالك .. وهو أيضا يتمادى بكلماته المبهمة .. ونظراته الدافئة الساحرة .. والتى تهاجم أفكارها دون أن تمتلك الحق فى ذلك .. أو ربما يمتلك ...

.................................................. ...................................
..................................

إستند جاسم بظهره على سيارته الرياضية وعلى ثغره إبتسامة نصر وهو يتابع تقدمها نحوه .. فرغم صلابتها الواهية و غرورها اللا متناهى ها هى ترفع راياتها البيضاء وتتقدم نحوه .. وقفت أمامه بثقة وقالت وهى مستسلمة لحرب النظرات بينهم لتقول أخيرا :
- مش مصدقة إنى جيت هنا .. بس فضولى غلبنى .
إعتدل جاسم فى وقفته وقال بثقة :
- وأنا كنت متأكد إنك هتيجى .. ولا كنت هلغى السباق ده .
إبتسمت نهلة بمداعبة وهى تقول ببساطة :
- طب ولو ما كنتش جيت .. كنت هتلغى الريس بجد .
رفع عينيه للأعلى متصنعا التفكير ثم قال وهو يغوص بعينيه داخل عينيها بجرأة :
- بس أنا كنت متأكد و واثق إنك هتيجى .
قاطع حديثهم سامر الذى يتقدم نحوهن خلفه مالك وهو يقول بسخرية :
- قال يا قاعدين ....... والله ما إنتوا قايمين .
أغمض جاسم عينيه بغيظ وزفر بضيق ثم قال ممتعضا :
- إنتوا إيه اللى جابكم دلوقتى .
رد مالك وهو يصفع كفيه ببعضهما متعجبا :
- مش إنت اللى صحيتنى و قلقت راحتى و خلتنى أجى غصب عنى .. إنت بتتحول يا إبنى .
بينما إقترب سامر من نهلة وسألها بود :
- أنا سامر العطار .. وإنتى إسمك إيه ؟؟؟
ردت نهلة بضيق من تطفلهم .. وعيونها تتطلع بجاسم :
- إسمى نهلة .
فرد سامر مسرعا :
- نهلة ...... طب هاتى شوية عسل .
وإنفجر ضاحكا .. ثم قال ثانية بسخرية :
- إسمك حلو يا نهلة .. طب بقولك إيه هاتى شوية بلح .

وعاد لضحكاته مرة أخرى .. بينما مالك وجاسم قد زفرا بملل فما أن يبدأ سامر بحالة القلش لن يوقفه شئ .. بينما إقترب شخص من جاسم وحدثه هامسا .. فأومأ جاسم برأسه وقال بجدية :
- تمام دقيقتين وهبقى جاهز .
إقترب مالك من جاسم وقال لائما وهو يشعر بالأسى على حال صديقه :
- لزمته إيه جو السباقات ده .. مش خايف على نفسك يا جاسم .. من يوم ما طارق مات وإنت بتعمل حاجات غريبة قوى .. ما إحنا زيك زعلنا على طارق .. بس مش بنرمى نفسنا فى التهلكة زيك .
إبتسم جاسم بيأس وقال بفتور وهو يتنهد بألم :
- ما عنديش حاجة أبكى عليها يا مالك .. وباعدين وأنا سايق بسرعة بخرج النار اللى جوايا .. وبعدها برتاح جدا .
ربت مالك على ذراعه وقال بأسى :
- ليه يا جاسم كده .. إنت لسه صغير وبكرة تتجوز و تجيب عيال مقرفة ورخمة و كشرية زيك .
إبتسم جاسم مواربة وقال بفتور :
- يمكن .. عموما إدعولى أكسب .

ثم غمز لنهلة بعينه وعلى ثغره أجمل إبتسامة رأتها نهلة بحياتها .. صعد سيارته و إستعد وهو يتطلع للطريق كأنه عدو له سيسحقه تحت إطارات سيارته .. وما أن أعطيت إشارة البدء حتى إنطلق مسرعا وهو يلهث كأنه يمتطى فرسا ويركض به هاربا من أفكاره ووحدته وذلك الظلام المحيط بحياته الرتيبة المملة .. والتى تحمل ذكرى مؤلمة وهى فقدان أخ عزيز على قلبه وقلب أخته .. وعندما شعر بأنه يقترب من الفوز .. بدأ صراخه المعتاد يخرج به كل ما يشعر به من ألم ووحشة .. و كأنه أسد يزأر زأرته الأخيرة عقب ذبحه بسكين باردة .

.................................................. ........................................
............................

فى الصباح إستيقظت وعد بتثاقل على رنين المنبه .. جلست على فراشها تلملم تلك الأشعة التى فرت هاربة من عقدتها .. دخلت روضة عليها وقالت بإبتسامتها العذبة :
- يا صباح الورد .
فركت وعد عينيها بكسل وقالت برجاء :
- ممكن أنام النهاردة وبكرة أروح الشغل فايقة ونشيطة وكده .

ضحكت روضة ضحكة عالية .. ثم جذبتها من ذراعها بالقوة .. لتقف بضيق وقد إنسابت شعراتها على ظهرها فغمرتها كليا .. إلتفت روضة خلفها ولملمت لها شعراتها داخل ربطته التى تبدو كقفص تسجن بداخله تلك الشعرات البرتقالية الدافئة .. ثم دفعتها نحو المرحاض .. ووعد تمتم بكلمات مبهمة .....
بعد ساعة تقريبا إنتهت وعد من إرتداء ملابسها و إستعدادتها للعمل .. وقف عمرو يطالع ساعته بضيق ثم قال بنبرة عالية فاقدا صبره :
- يالا بقا يا وعد إتأخرت على شغلى .. ولا إنتى تشتغلى وأنا أترفد .
خرجت وعد من غرفتها عابسة .. ثم قالت بتذمر :
- ده إيه القر اللى على الصبح ده .. عموما يالا يا أستاذ عمرو قدامى .
أعطتها إمتثال علبة صغيرة وقالت وهى تشعر بالخوف :
- ده ساندوتش تاكليه لما تجوعى .. وخلى بالك من نفسك .. وإوعى تكلمى حد غريب .. ولو حد زعلك قولى لمالك .
ضرب عمرو جبهته وقال معترضا :
- خلاص بقا يا تيتة .. متأخر والله .
أومأت وعد برأسها و أخذت العلبة من جدتها .. ثم أوقفتها روضة قائلة :
- وعد .. خلى بالك من نفسك .. ولو خفتى من حاجة ولا حاجة ضايقتك كلمينى فورا .
أومأت وعد برأسها .. ليأتيهم صوت عمرو غاضبا بشدة وهو يقول ساخرا :
- هى راحة الكى جى .. إرحمونى بقا هترفد بسببكم .
إجتذب وعد من ذراعها وهو يجرها خلفه بسرعة يهبطا الدرج مسرعين حتى أوقفتهم آمال وهى تقول بفرحة :
- بسم الله ما شاء الله .. زى القمر يا وعد ربنا يحميكى من العين يا حبيبتى .. لو إحتاجتى أى حاجة قولى لمالك هو هيبقى معاكى فى المكتب .
وأعطتها بعض الشطائر الملفوفة بكيس بلاستيكى وقالت محذرة :
- الساندوتشات دى تتاكل كلها مفهوم .
أومأت وعد برأسها للمرة العشرون منذ إستيقاظها .. فهى تكاد تكون مازالت نائمة وتأكل أرز مع الملائكة .. إقتربت منها روان وقالت ببساطة :
- دودو .. تعالى ناخد سلفى أول يوم شعل ليكى .
تصنع عمرو البكاء وقال ساخرا :
- هى وصلت للسيلفى .. هترفد من شغلى بسبب صورة سلفى .. يارب أشكو إليك .
زمت روان شفتيها وقالت بغضب :
- وهو يعنى الدققتين دول هيبقوا السبب فى رفدك .
تطلع عليها عمرو بهيام وهو يجول بعينيه على ملامحها البريئة والتى دائما ما يشبهها بالقطط .. حبيبته الصغيرة الناعمة .. لاحظت وعد نظراتهم المشتاقة فقالت بسخرية :
- دلوقتى مش هتترفد يا أستاذ إنت .
إتسعت عينى عمرو وقال بقلق :
- هاه .. آه طب يالا قدامى بقا لهمشى وأسيبك والله .
ثم ودع روان بإبتسامة خفيفة تذهب أنفاسها وتزيد من دقات قلبها الملتاع بعشقه .. بينما قالت إمتثال وروضة :
- لا إله إلا الله يا وعد .
ردت وعد بإبتسامة مشاغبة على حالهم :
- محمد رسول الله .. هجيبلكم ماء زمزم وأنا راجعة من العمرة .. سلام .
ليدخل الجميع فى حالة ضحك على مزحتها .

.................................................. ........................................
...............................

جلس جاسم على طاولة الطعام بجوار والده وقال :
- صباح الخير يا حاج فضل .
وضع والد فنجان القهوة على الطاولة وقال بإبتسامة رضا :
- صباح النور يا إبنى ..أخبار الشركة إيه .
وضعت والدته كوب الشاى بالحليب أمامه .. ليبتسم جاسم إليها ثم قال وهو يرتشف من كوبه :
- كله كويس الحمد لله .. بس ليا طلب عندك يا بابا .

إعتدل فضل فى جلسته وقال بإهتمام وفضول :
- طلب إيه .. فى مشكلة عندك ولا حاجة .
أومأ جاسم برأسه نافيا ثم قال موضحا :
- لا يا حاج مافيش مشاكل ولا حاجة الحمد لله .. بس أنا ناوى أحقق حلمى بقا و أعمل شركة الهندسة اللى حلمت بيها سنين كليتى كلها .
زفر فضل بضيق ثم قال بنبرة ساخطة وهو يرمقه بلوم :
- ليه كده يا جاسم . . ده صاحب بالين كداب مابالك بقا بصاحب خمسة ستة بال .. ركز فى شغلنا أحسن .
عبس وجه جاسم وقال بقوة لا تقبل النقاش :
- معلش يا بابا سيبنى أعمل اللى أنا عايزه .. ما إنت سمحت لعلا تفتح مكتبها وما إدخلتش .
رد فضل موضحا :
- يا حبيبى ده مكتبها هى وجوزها الله يرحمه وباعدين مالوش علاقة بشغلنا .. إنما إنت ماسك كل شغلى وكبرته .. كمل طريقك وطريقى يا إبنى أنا تعبت وأنا ببنى نفسى .. وخايف كل اللى عملته يضيع بعد ما تنشغل عنه .
رد جاسم بنفس جديته وقال بدون تردد :
- ما تقلقش يا حاج ..أنا قدها وقدود و بعد إذنك هشترى الدور اللى فوق شركتنا الفاضى و هأسس فيه لشركتى الجديدة علشان أبقى داير كل الشغل من نفس المكان .. كده تمام .
تطلع إليه فضل بقوة فهو يعلم ولده جيدا حين يضع شيئا برأسه فلن يتوانى عن فعله مهما كلفه الأمر .. فرضخ أخيرا وقال بفتور :
- إنت حر إعمل اللى عايزه .. بس ما ترجعش تندم .
إقتربت منهم علا و إبنتها ريتال التى ركضت صوب جدها وقبلته بوجنته بعدما إنحنى لمستواها ثم حملها قائلا بحب :
- حبيبة جدو .. صباح الفل والياسمين .
جلست علا مكانها وقالت بإبتسامة باهتة كعادتها :
- صباح الخير .
رد الجميع :
- صباح النور .
فقال لها جاسم وهو يتابع تتاول فطوره :
- لولو .. هجيلك النهاردة أتفق على الديكورات اللى عايزها لشركتى الجديدة .. بس إيه عايز شغل فاخر من الآخر .
أومأت علا برأسها وهى تعد شطائر لريتال كى تأخذها معها للروضة وقالت بثقة :
- شهر بالكتير و هتذهل من شغلى يا باش مهندس .
وقف جاسم وقال وهو يودعهم :
- همشى أنا بقا .. محتاجة حاجة يا دولت .
زمت دولت شفتيها وقالت معاتبة :
- إسمى ماما يا ولد .. خلى بالك من نفسك يا حبيبى .
حمل جاسم مفاتيحه وهاتفه وخرج مسرعا يشعر بنشوة الإنتصار بعدما وافق والده على تحقيق حلمه .. هبط الدرج مسرعا ثم توجه لسيارته و صعدها وإنطلق بها وإبتسامته تزين ثغره .

.................................................. .......................................
..................................


وصلت سيارة عمرو أمام شركة رحال .. ترجل منها تبعته وعد قائلة بتذمر وهى تتابع إنطلاقه معها :
- إنت رايح فين إن شاء الله .
رد عمرو ببديهية :
- هوصلك لفوق طبعا .
إبتسمت وعد بسخرية وهى تقول بضيق :
- أيوة صح تعالى وصلنى وقول للميس ما تسلمتيش بعد الحضانة غير لولى أمرى .. إنتوا ناويين تجننونى صح .
ضحك عمرو بخفوت وهو يتابع عبوسها و ضيقها ثم رفع يديه مستسلما وقال بجدية :
- خلاص آسف .. إتفضلى إدخلى إنتى وإسألى على مالك .. ولو إحتاجتى حاجة كلمينى فورا .
أومأت برأسها وقالت بإبتسامة راحة :
- حاضر .. سلام يا حبيبى .
لوح لها عمرو بيده .. وصعد سيارته وإنطلق بها .. تقدمت وعد من ذلك المبنى العالى وهى تتنفس بصعوبة من فرط توترها .. صعدت الدرجات الرخامية بهدوء .. حتى أوقفها حارس الأمن قائلا :
- حضرتك رايحة فين يا فندم .
وقفت وعد أمامه وقالت بهدوء :
- لشركة رحال .
أومأ الحارس برأسه وقال :
- تمام .. حضرتك دى فى الدور السابع .
شهقت بصوت مسموع من فرط رعبها وقالت بضيق :
- السابع !!!!!

ثم إمتعض وجهها وهى تقول بحزن :
- هطلع إزاى أنا دلوقتى .
رد عليها الحارس مسرعا :
- بالأصانسير طبعا .
إزدادت حركة شفتيها إمتعاضا وهى تهز ساقها بتوتر ثم قالت :
- أصانسير ...... طب شكرا .

تركته وتقدمت صوب المصعد وهى تزفر بضيق .. وقفت أمام المصعد ودقات قلبها قد تزايدت بشكل مؤلم نتيجة رعبها من ركوب المصعد فهى مصابة بما يقال عليه رهاب الأماكن الضيقة .. وخصوصا المصعد .. إبتلعت ريقها برعب ثم قالت بنفسها :
- يا ريتنى ما خليت عمرو يمشى .. هركب الزفت ده إزاى دلوقتى .
وفجأة إمتدت ذراع طويلة بجوارها لتضغط زر المصعد .. إلتفت برأسها لهذا الشخص الواقف خلفها .. ثم حمدت ربها أنها لن تستقل المصعد بمفردها .. بعد دقائق قليلة .. وصل المصعد .. ساد الصمت للحظات حتى قال الشخص بخلفها :
- لو سمحتى إفتحى الباب .
تنهدت مطولا كأنها تستدعى قوتها .. ثم فتحت الباب وتطلعت للمصعد برعب .. خطت خطواتها ببطء .. حتى لامست أرضية المصعد بقدميها لتمتلكها رجفة عنيفة سرت بأوصالها .. ثم إستدارت حتى تقابلت نظراتها بنظرات ذلك الواقف أمامها .....


.................................................. ...........


قراءة ممتعة

ياسمين أبو حسين 06-11-20 05:44 PM

ارجو ان ينال هذا الفصل إعجابكم
بانتظار تعليقاتكم و ملاحظاتكم

#ياسمين_ابو_حسين

آلاء الليل 08-11-20 07:50 PM

فصل جميل في انتظار المزييييد❤❤❤❤❤❤❤

Moon roro 08-11-20 08:19 PM

مالك مقتنع تماما بعشقه لوعد بصراحة زعلت على روضة والله اعلم الامور رح تجري لوين
اظن انو جاسم هو يلي مع وعد بالمصعد
فصل جميل جدا وسرد رائع وسلس لاحداث الرواية
ابدعتي حبيبتي ياسمين 💕💕💕

ياسمين أبو حسين 08-11-20 10:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل (المشاركة 15188822)
فصل جميل في انتظار المزييييد❤❤❤❤❤❤❤


يسلمووو حبيبتي كلك ذوق

هينزل حالا يا رب يعجبك 🌸🌸

ياسمين أبو حسين 08-11-20 10:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Moon roro (المشاركة 15188866)
مالك مقتنع تماما بعشقه لوعد بصراحة زعلت على روضة والله اعلم الامور رح تجري لوين
اظن انو جاسم هو يلي مع وعد بالمصعد
فصل جميل جدا وسرد رائع وسلس لاحداث الرواية
ابدعتي حبيبتي ياسمين 💕💕💕



تسلمي يا قلبي و الله بتفاءل و بتبارك بمتابعتك و تعليقك دايمااا

مالك و وعد هيبان حاجات كتير بفصل النهاردة
انما روضة ربنا معاها و الل ربنا معاه عمره ما هيتكسر

هستن رايك بالفصل الجديد :elk:

🌼🌼🌼🌼

ياسمين أبو حسين 08-11-20 11:10 PM

الفصل الخامس :
********************

وقف جاسم يتأمل تلك الغريبة بعض الشئ بتصرفاتها المريبة .. حتى تحولت نظرات التعجب بعينيه لإعجاب .. وقف يتأملها من حذائها ذو الكعب العالى .. فستانها الأبيض و المنقوش بوردات أرجوانية .. بينما تعلوه سترة بلون إرجوانى قصيرة .. وحجابها الأبيض والذى بياضه لايقارن ببياضها المشبع بالوردى .. و لكنه توقف قليلا وهو يتأمل تلك العيون الكحيلة والتى تمتلأ برعب غريب زادها جاذيية وسحر بينما ملامحها الطفولية جعلته يفيق من تأمله لها بخجل حينما قالت هى بضيق :
- حضرتك مش هتدخل .
إبتسم جاسم بخفوت ثم تقدم للداخل ووقف خلفها بهدوء .. ثم ضغط زر المصعد وسألها قائلا :
- حضرتك طالعة الدور الكام .
فرفعت حاجبها وقالت بخفوت ممتعض :
- وإنت مالك .
زادت إبتسامته وقال بصوت خافت :
- علشان أضغط لحضرتك رقم الدور اللى هتطلعى ليه .
شعرت بالخجل من تسرعها .. ثم فكرت قليلا وقررت أن تكتفى بالدور الخامس وتصعد باقى الدورين على قدميها حتى لا تطول رحلتها فى ذلك المصعد البغيض .. فردت بإرتباك :
- الدور الخامس لو سمحت .
ضغط لها الزر ثم إعتدل فى وقفته وعيناه تطوف بكل ذرة بها .. بدأ المصعد فى التحرك .. فبدأت تنكمش فى وقفتها .. وأقسم هو أنه إستمع لشهقة خافتة خرجت منها .. ثم لاحظ قبضة كفها التى على إثرها إبيضت مفاصلها .. ثم رفعت ذراعيها وضمت نفسها كأنها تخشى شيئا .. فلم يتمالك نفسه أكثر و سألها بقلق وهو يتابع إرتجافها :
- فى مشكلة يا آنسة .. حضرتك كويسة .
شعرت بأنفاسها تختفى .. وشئ ما يطبق على صدرها .. فإلتفت إليه بوهن وقالت بهمس :
- مش عارفة .. أتنفس .. عندى فوبيا .
لاحظ شحوب وجهها .. و زرقة شفتيها .. وإتساع عينيها فرفع يديه أمام وجهها وقال مهدئا :
- إهدى يا آنسة .. إتنفسى كويس كل اللى مخوفك دى أوهام .. مافيش حاجة تخوف إهدى تمام .
أومأت برأسها وهى تتنفس بهدوء .. بينما قال هو متابعا بعدما شعر بتجاوبها معه :
- خلاص بقينا فى التالت ثوانى وهتخرجى .. بس ظبطى النفس .
تنفست بهدوء أكثر وهى متشبثة بعينيه .. وهو يحدثها كى تهدأ .. إمتلكه شعور غريب بأن يجذبها لصدره ليضمها إليه حتى تشعر بالأمان .. وبالفعل إمتدت يديه نحوها ليقف المصعد فجأة .. فصرخت قائلة :
- يا ماما .
تأمل حالتها المزرية .. ورعبها المرضى ثم قال لتنبيهها :
- الأصانصير وقف .. تقدرى تخرجى .
فتحت عينيها برعب ثم تمالكت أعصابها المنهارة .. وفتحت الباب و ترجلت من المصعد ما أن لامست قدميها الأرض حتى شعرت بدوار خفيف .. فمسدت جبهتها بتعب .. وقف جاسم بجوارها وقال بقلق :
- حضرتك بقيتى كويسة .
إبتسمت له وعد بإمتنان وشكر وقالت بوهن :
- الحمد لله .. متشكرة لحضرتك جدا .
غاص هو داخل وجنتيها مع تلك الغمازتين الساحرتين .. لم يرى بحياته غمزات بذلك العمق من قبل .. لكن إستوقفه شئ غريب .. شعور إنتابه كأنه رآها من قبل بحث داخل عقله عنها لكنه فشل .. هو على ثقة أنه رآها سابقا فذالك الوجه المستدير كالبدر فى إكتماله .. و بياضها الوردى وعيونها الكحيلة .. وتلك الشفاة المرسومة بدقة شهية .. و ذاك الأنف الصغير الذى يذكره بحبات النبق اللذيذة التى كان يتلذذ بأكلها فى صغره مميز و لا ينسي .. إبتلع ريقه وهو يشعر بالخجل حين قالت وعد وهى متعجبه من نظراته الوقحة :
- بعد إذن حضرتك .
وإستدارت منطلقة .. حتى أوقفها قائلا :
- إحنا إتقابلنا قبل كده يا آنسة .
إبتسمت وعد بسخرية و إلتفتت إليه بحدة قائلة :
- أنا مش مرتحالك من الأول .. وجو شوفتك قبل كده والأفلام الأبيض والإسود دى وجو الإسطوانات ده ما ياكلش معايا .
رفع جاسم حاجبه متعجبا من هجومها العنيف عليه بدون سبب وقال ببرود :
- لسانك طويل قوى على فكرة .
ردت بغيظ وهى ترفع حاجبها أيضا بضيق :
- تحب أقصلك منه تلاتة متر تستر بيهم كرامتك اللى أنا همسح بيها الأرض دلوقتى .
إشتعلت عينيه بغضب ونظر إليها بنظرة مشتعلة لو لها تأثير لأردتها قتيلة فورا .. ثم إستند بمرفقه على الحائط بجواره وقال بسخرية وإستهانة بها :
- طب ما تفرجينى نفسك .. نفسى أشوف آخرك إيه .
ردت وعد بنفس الجدية ودون تردد :
- لأ ما تستهونش بيا ده أنا كنت بلعب كاراتيه زمان .
ضحك جاسم ضحكة عالية ثم هتف قائلا بمرح :
- وده بقا كنتى بتلعبيه ولا بتاكليه .
همت بالرد على وقاحته وصب نيران غضبها فوق رأسه .. حتى قال هو مسرعا وهو محتفظ بنظراته المقللة منها ونبرته المستهزئة :
- إنتى فى سنة كام يا شاطرة .
ردت وعد بإستياء من نظراته وسخريته وقد بدا على وجهها علامات النفور قائلة بسخرية :
- فى سنة حلوة يا جميل .

إنفجر ضاحكا .. ثم قال وهو يتابع غضبها الذى زادها جمالا وأعطى عيونها الواسعة سحر خاص :
- والنبى قمر برضه .
زفرت وعد بضيق وقالت بحدة :
- اللهم طولك يا روح على هذا اللوح .
تابع جاسم بنفس النبرة الساخرة :
- لوح خشب ولا لوح أبلكاش .
صكت أسنانها و إلتفتت بإمتعاض .. كانت متوجهه للدرج فأوقفها قائلا :
- هى الحلوة وراها مشوار .
إلتفتت إليه وقد وصل عبوسها لدرجة أن تلاقى حاجبها بشدة وقالت ساخرة :
- لأ الحلوة وراها حمار .
إنفجر ضاحكا مرة أخرى .. بينما إبتعدت هى وصعدت الدرج تتمتم بكلمات مبهمة ولكنه متيقن أنها تسبه بداخلها .. عاد للمصعد مرة أخرى وإبتسامته لا تنتهى .. وقف المصعد مجددا أمام شركته فترجل مسرعا وتوجه لمكتبه وقال لراندا سكرتيرته دون أن ينظر إليها :
- خلى مالك وسامر يجونى .
ردت راندا مسرعة :
- حاضر يا فندم .


.................................................. .................................................
.......................


وصلت وعد أخيرا للدور السابع .. وقفت تأخذ نفسها قليلا وهى تطالع اللافتة الكبيرة المضائة والمكتوب عليها .. شركة رحال للإستيراد والتصدير و الإستثمار الxxxxى .. فدلفت إليها بحماس تتطلع حولها بإنبهار ثم وقفت أمام موظفة الإستقبال وقالت بإبتسامة هادئة :
- السلام عليكم .
ردت الموظفة بود :
- وعليكم السلام .
فسألتها وعد وهى تتأمل المكان من حولها بتعجب من فخامته :
- هو مكتب الأستاذ مالك فين .
أشارت لها الموظفة على ردهة طويلة وقالت :
- رابع أوضة على إيدك اليمين .
إبتسمت إليها وعد وقالت شاكرة :
- متشكرة .

إنطلقت وعد وهى تتابع تأملها .. حتى وقفت أمام غرفة مالك .. إبتسمت وهى تتابع شروده أمام حاسوبه وهو مرتدى تلك النظارة الطبية و التى تراه بها لأول مرة .. شعرت بشئ غريب يتحرك بداخلها فتنهدت مطولا وهى تبتسم دون أن تشعر فأتاها صوت من خلفها يقول :
- حضرتك عاوزة مين يا فندم .
إلتفتت إليه وعد بذعر بينما رفع مالك رأسه ورأى وعد تقف على باب مكتبه تنظر لسامر بخوف .. فوقف مسرعا وقال بإبتسامته الهادئة :
- وعد .. تعالى إتفضلى .
عادت وعد بعينيها لمالك .. ثم تقدمت نحوه وقالت براحة :
- الحمد لله .. أخيرا لقيتك يا مالك .
دار حول مكتبه وهو يشعر برهابها .. فوقف أمامها وسألها بقلق :
- مالك يا وعد .. إيه اللى مخوفك كده .
إبتسمت بهدوء وقالت :
- ما تقلقش .. بس الأصانسير تعبنى شوية .
- يعنى إنتى دلوقتى كويسة .
أومأت برأسها بهدوء .. فقال سامر مرحبا بوعد :
- أهلا وسهلا زميلتنا العزيزة .. أنا سامر .
ردت وعد عليه بتحفظ :
- أهلا بحضرتك .
وقفت راندا على باب غرفتهم وقالت :
- مستر جاسم عاوزكم فى مكتبه .
رد عليها سامر مداعبا :
- حاضر .. بس صحيح يا راندا إنتى بتحلوى بسرعة كده إزاى .
إبتسمت راندا وقالت بمزاح :
- باكل عسلية كل يوم الصبح .

ضحك سامر عليها .. بينما لاحظ مالك نظرات وعد المتفحصة لراندا .. وعادت بعينيها لمالك كأنه تسأله هل تتعامل مع تلك الجميلة و التى ترتدى ملابس ملاصقة لجسدها دون إستحياء .. فإبتسم مالك بمكر كأنه يخبرها أن عينيه لا ترى غيرها ورمقها بنظرة جعلتها تشعر أنها أجمل نساء الكون .. فإشتعلت وجنتيها بخجل من هذا الحوار الصامت والذى يؤكد شعورها بأنها تنساق بقلبها ورائه دون أى مقاومة تذكر .....
لاحظ سامر شرارات عشق تتجول بمكتبهم فإبتسم بمكر وقال :
- مش يالا يا مالك نروح لجاسم .. وهات وعد معانا علشان جاسم يتعرف عليها ويعمل لها مقابلة الشغل .
أشار مالك لوعد وقال :
- إتفضلى يا وعد أعرفك على جاسم إبن صاحب الشركة ومديرها .
تنفست مطولا وقالت بقلق :
- حاضر .

تقدمها مالك وسامر وهى تتبعهم .. ساروا لآخر الرواق حتى فتح سامر باب غرفة جاسم و دلف يتبعه مالك وورائه وعد التى تصنمت فور رؤيتها لجاسم .. ها هو ذلك الوقح يجلس أمامها .. لكن مهلا هل هذا هو صاحب العمل كما قال مالك .. هنا علمت أنها مطرودة من عملها قبل أن تبدأ ......
وقف جاسم عابسا وهو يرى تلك الساحرة الشريرة مرة أخرى .. ولكنه إبتسم وهو يتذكر فظاظتها .. ورغم ذلك شعر بسعادة غريبة إندفعت بداخله من بين نيران الغضب .. فقطع مالك تلك الحالة وهو يقدم وعد لجاسم قائلا :
- جاسم أنا قولتلك إنى عندى البديل لمدام إنتصار .. أحب أقدملك وعد عيسى القاضى خريجة إدارة أعمال و معاها دبلومة و أخدت كورسات لغات وكمبيوتر تؤهلها إنها تشتغل فى التيم بتاعنا .
إبتلع جاسم ريقه بتوتر وهو يهتف بداخله :
- وعد ...... عرفت أنا شوفتها فين .. فى حلمى .. حرام عليك يا مالك مش كفاية بتكلمنى عنها طول الوقت كمان جايبها تشتغل معايا .. بس يا نصاب أنا هوريك .. تخبى عليا غمزاتها اللى تجنن دى وعنيها البنى اللى تدوخ قبيلة .. أكيد محتفظ بيهم لنفسك .
لاحظ سامر نظراتهم المتحفزة فقال مسرعا :
- وحدوه .
رد الجميع :
- لا إله إلا الله .
لم يشعر جاسم بساقيه التى حملته ليقف مواجها لها وعيناهما فى حرب قوية .. مد يده ببساطة لمصافحتها وهو يقول وعلى ثغره إبتسامة تسلية :
- أهلا آنسة وعد .
تطلعت وعد داخل عينيه مطولا ثم رمقت يده بنظرة إستخفاف وقالت بحدة :
- مش بسلم .
رفع جاسم حاجبه بغضب .. و وضع يده بجيب بنطاله وهو يطالعها بقوة .. بينما تعجب سامر من ردها القوى .. لكن سعادة مالك كانت الطاغية .. فهى ترفض أن يمسها أحد .. غاليته تحافظ على نفسها من أجل مالكها وفقط ......

إقترب مالك من جاسم وقال معتذرا رغم حالة الرضى التى ملأته :
- معلش يا جاسم .. وعد متدينة شوية و مش بتسلم على رجالة .
إبتسم جاسم بإستهزاء .. ولم يلحظ تلك الإبتسامة سوى وعد .. فهو لا يؤمن أن هناك فتاة لم يمسها شاب قبل أن ترتبط أخيرا بالحمار الذى ينخدع ببرائتها .. ولكنه رد ببرود قائلا :
- عادى .. المهم خد سامر وإخرج دلوقتى .. عاوز آنسة وعد لوحدها .

إلتفت وعد برأسها لمالك تنظر إليه برجاء ألا يتركها بمفردها .. ولكنه تطلع إليها بإبتسامة مطمئنة و تركهما وخرج يتبعه سامر الذى أغلق باب المكتب ورائه .. تنفست وعد مطولا و تحركت ناحية باب المكتب وفتحته و عادت تقف فى مواجهة جاسم المذهول ........
عندما وجدها تلتفت للتوجه لباب الغرفة ظن أنها تستسلم وستهرب قبل أن تواجهه .. فلما كانت تتحداه بنظراتها التى تحاول أن تفرض بها قوتها وثقتها بنفسها .. ولكنه وجدها تفتح باب الغرفة و تركته وعادت تقف بشموخ وإباء أمامه .. و رافعة ذقنها بكبرياء محاربة .........

ظل صامتا يتطلع إليها فهى تمتلك رزانة وثقة بالنفس تثير أعجابه .. ثم قال بإبتسامة متسلية تغيظها :
- أهلا .
ردت عليه بحرج بادى فى نبرتها :
- أعتقد إنى مرفودة من قبل ما أشتغل صح !
زادت إبتسامته وقال مناكشا :
- قصدك يعنى علشان لسانك التلاتة متر اللى مسح بكرامتى الأرض و قال عليا لوح و حمار .

عضت شفتيها وهى تدارى إبتسامتها المشاغبة .. بينما إنهارت أعصاب جاسم وهو يتابع حركتها العفوية التى أشعلت بداخله نيران لم يدرى مصدرها .. ولكن تلك الغمازتين جعلته يذوب بهما وكأنهما خطين من الثلج أطفأوا نار قلبه المشتعلة .. ثم تابع حديثه بهدوء يجمد الحمم :
- إيه مكسوفة .

رفعت حاجبها وقد إختفت الغمازتين و أصبحت تشبه القمر فى علوه و بعده و جماله .. ثم لاحظ خط وردى بجوار حاجبها الأيمن .. يبدو أنه جرح ولكنه لم يرى آثر لجرح بحياته لونه وردى .. يا الله كم كان جميلا قاوم وبشدة ملامسة ذلك الجرح المثير حتى فاق من شروده على كلماتها الغاضبة :
- بقول لحضرتك إيه .. أنا مش هخاف منك ولا على فرصة الشغل العالمية فى شركتك علشان كده أنا اللى مش موافقة أشتغل فى شركتك .

ثم ضمت حقيبتها لصدرها و إلتفتت رافعة ذقنها فى حركة تزيد من إعجابه بها أكثر .. ما أن إقتربت من الباب حتى أوقفها قائلا بحزم :
- إستنى .
وقفت مكانها بضيق .. ثم إلتفتت إليه و قالت بفضول :
- نعم .
إقترب منها وهو يطوف بعينيه على وجهها ثم باغتها قائلا :
- ليه فتحتى باب المكتب بعد ما سامر قفله .
ردت عليه وعد بصوت مشتد ومنفعل :
- لأنه ما ينفعش يتقفل علينا باب .. من باب الأدب يعنى .
عقد ذراعيه أمام صدره .. ثم قال بصوته الرجولى رغم نبرته الخافته :
- وإيه المشكلة لو إتكلمنا زى ما إحنا كده بس والباب مقفول .
إبتسمت بسخرية .. ثم قالت بجدية :
- ليه أسيب لأى حد قاعد بره فرصة إنه يشغل مخيلته على اللى بيحصل جوة المكتب .. وأنا واحدة بحترم نفسى كويس جدا .
إبتسم بهدوء و ها هو يعود لعينيها من جديد لا ينوى تركهما .. ثم بحركة مفاجئة مد يده نحوها .. فتطلعت إليه بدهشة وقالت بسخط :
- قولتلك إنى مش بسلم .
رد عليها مسرعا :
- هاتى الملف بتاعك لو سمحتى .
تفاجئت من طلبه العجيب .. ثم فتحت حقيبتها وأخرجت منها الملف الخاص بها و مدت يدها إليه فأخذه منها وعاد للجلوس أمام مكتبه .. ثم أشار إليها قائلا بجدية :
- إتفضلى إقعدى يا وعد .
ردت عليه بحزم :
- آنسة وعد لو سمحت .
مرر يده على وجهه بفقدان صبر ثم قال متحديا :
- أنا ما بحبش الألقاب .. إتفضلى إقعدى .

ضربت الأرض بقدميها وهى تتوجه ناحية مكتبه بعضب .. ثم جلست بهدوء وهى لا تتطلع إليه .. أخفى إبتسامته و دقق البحث بملفها ومع كل ورقة يزداد إعجابه بها .. أغلق الملف و وقف و إلتف حول مكتبه وجلس مقابلا لها .. ثم قال لها بعملية لم تعهدها منه :
- هسألك سؤال هشوف بيه مستوى ذكائك و إزاى إستفدتى من دراستك والدبلومة اللى عملتيها .

أومأت وعد برأسها بثقة وقالت :
- إتفضل يا فندم .
إستند جاسم بظهره على مقعده وقال وهو يطالعها بقوة :
- دلوقتى أنا عندى مشروع مدينة سكنية هيعمله مكتبى الهندسى بتاعى .. بس فى مشكلة إن فى وسط الأرض اللى هعمل عليها المشروع فى حتة أرض أصحابها مش موافقين بالبيع وعرضت عليهم تلت أضعاف سعر الأرض وبرضه مش موافقين طمعانين فى أكتر لأنهم واثقين إنى لازم هشتريها .
فقالت وعد ببساطة :
- حقهم .. والتجارة شطارة .
أومأ جاسم برأسه وقال متابعا :
- عارف .. بس طمعهم زاد و أنا محتاج الأرض جدا ومش هسيبها فأعمل إيه بقا علشان أخدها وفى نفس الوقت أدفع فيها مبلغ مناسب .
مررت وعد أناملها على ذقنها وهى تفكر بعمق .. ثم ظهرت غمازتيها وهى تبتسم بمكر ينبئ عن إشتعال إضائة عقلها بفكرة ذكية .. تطلعت داخل عينيه بثقة وقالت :
- لقيت فكرة جهنمية .. بس الأول إنت هتدى الناس دول حقهم صح .
رد جاسم ببديهية :
- طبعا .. شركة رحال عمرها ما كلت حق حد .
ردت بقوة وهى تتابع فضوله بعينيه :
- بص يا سيدى .. جواب صغير لهيئة الآثار .. يطلع بعده قرار بإن الأرض دى تحتها آثار وتحت البحث .. يعنى الأرض إتحرقت و العيار اللى ما يصيبش يدوش .. فأصحابها هيخافوا إنهم يخسروها فهما اللى هيجروا وراك علشان تلبسها إنت .. سورى فى اللفظ .. المهم تشتريها إنت بالسعر المناسب ليك وبرضه هيئة الآثار هتتأكد إن ما فيش آثار و لا حاجة .. وتبقى ملكتها بسهولة جدا .

وقف جاسم بعدما أنهت حديثها .. ووقف أمام شرفته بشرود .. وهى تنتظر بهدوء .. حتى إلتفت إليها وبدون حديث رفع سماعة هاتفه و طلب راندا .. حتى أتاه صوتها فقال بقوة :
- لو سمحتى يا راندا عاوز أستاذ عبد الصمد من الحسابات .. و أستاذ صالح من مكتب المحاسبة .. ومالك وسامر .. ولما ييجوا تعالى معاهم .
ثم أغلق هاتفه وجلس على كرسيه وهو يطالع ملفها مرة أخرى بتركيز أكبر .. ثم قال بجدية :
- ما شاء الله كنتى متفوقة .
ردت بدهشة من إنفعلاته الغير مفهومة :
- شكرا يا فندم .

بعد قليل كان الجميع بمكتبه .. وقف وهو ينقل بصره بينهم ثم قال بنبرة صوت عالية بعض الشئ :
- حابب أعرفكم على الآنسة وعد .. هتبقى مديرة مكتبى .. فأنا عاوز منك يا أستاذ عبد الصمد إنك تدربها .. وحضرتك يا أستاذ صالح هتستلمها بعد أستاذ عبد الصمد .. لأنها هتبقى من التيم بتاعى زى مالك وسامر .
إبتسمت وعد بإنتصار .. وهى تتطلع بمالك الذى حدجها بفخر .. بينما إشتعلت عينى جاسر وهو يتابع حوارهم الصامت .. ثم قال بحدة :
- مالك .. آنسة وعد بقت مديرة مكتبى لو سمحت تاخد ملفها وتعمل اللازم .
أومأ مالك برأسه وقال :
- حاضر .. كله هيبقى تمام .
أشار جاسم بيديه وقال :
- تقدروا ترجعوا مكاتبكم .
إنصرف الجميع .. بينما بقى مالك ووعد وسامر .. حتى قال مالك بغمزة عين لجاسم :
- بس إيه رأيك فى الهدية بتاعتى .
تطلع جاسم لوعد المطرقة برأسها بخجل .. من المؤكد أن ورائه مالك فهى لم تخجل منه طوال حديثهم .. إبتلع ريقه بغصة مؤلمة ثم قال بإبتسامة باهتة :
- فعلا تستاهل .. دى يا إبنى دماغها متكلفة .
ردت وعد بإبتسامة إمتنان :
- متشكرة لحضرتك يا فندم .. ويا رب أكون قد ثقتكم فيا .
رد جاسم وهو يتابع ملامحها الرقيقة :
- إن شاء الله ..تقدروا تتفضلوا .
حمل مالك ملف وعد .. و أشار إليها سامر أن تتحرك أمامه وبالفعل إنطلقت أمامه تبعها سامر ومالك .. ليجلس جاسم على مكتبه وهو يتطلع للمقعد التى كانت تحتله منذ قليل .. وواضح أنها لم تحتل مقعده فقط بل أصبحت تحتل شئ آخر بداخله يتعبه عند رؤية نظراتها المتبادلة مع مالك .

.................................................. .................................................. .....
...............................


كانت تسير والوجوم على وجهها .. تريد تكذيب حدثها بشدة .. حتى أتتها فكرة ربما تساعدها قليلا حتى تتأكد .. عادت لغرفة المدرسات وهى تحمل بداخلها من العزم ما يريحها قليلا .. إرتمت على مكتبها قائلة بإرهاق من كثرة التفكير :
- السلام عليكم يا بنات .
ردوا جميعا :
- وعليكم السلام .
إقتربت منها خلود وهى تلاحظ شرودها ووجومها الغريب على وجهها الصبوح بإبتسامته المشرقة دائما وقالت بفضول :
- مالك يا روضة بقالك كام يوم مش مظبطة .
وقفت روضة وقالت بصوت عالى للفت إنتباه الجميع إليها :
- بعد إذنكم يا بنات كنت محتاجة آخد رأيكم فى موضوع كده .
لاحظت إنتباه جميع معلمات الروضة إليها .. فقالت بثقة وعزم :
- كنت حابة نعمل حملة توعية للأطفال ..... عن التحرش .

لاحظت تحول نظرات الفضول لتعجب و إزدراء .. فأردفت قائلة وهى تستمع لهمهماتهم المعترضة :
- إسمعونى لو سمحتم .. إحنا هنعرف الولاد بطريقة بسيطة كأننا بنحكى ليهم قصة أو أغنية إنه مش مسموح لحد يلمسهم غير القريبين منهم و حتى القريبين لو لمسوهم بطريقة مش مناسبة يحكوا لأهلهم فورا .. إيه رأيكم يا رب تقتنعوا و تفهموا قصدى إيه .
ردت خلود بمكر متفهم فهى تعلم مقصدها فهى أيضا تشك بذلك الحيوان المؤتمن على عشرات الأطفال والذى تشعر أنه يتطاول عليهم باللمس و ما خفى كان أعظم :
- أنا فهماكى يا روضة وموافقة جدا .
فقالت ريهام مؤكدة :
- وأنا كمان موافقة .. نتكلم مع مس سميرة وأنا واثقة إنها هتوافق وهتفهم قصدنا .
بدأت أغلب المدرسات فى التجاوب مع فكرة روضة .. و بعضهم متحفظ من أن ينبهوا الأطفال لأمور سابقة لأوانها .. ولكنهم إجتمعوا على أن موافقة مديرتهم الأستاذة سميرة هى الفيصل ..إنتبهوا جميعا على دخول مصطفى عليهم الغرفة .. ليمتعض وجه أكثرهم .. بينما قالت خلود بضيق :
- يا ريت يا مستر مصطفى تدى إشارة قبل ما تدخل علينا فجأة كده معانا منتقبات .
إبتسم مصطفى بسخرية .. ثم قال بحدة :
- إبقوا حطوا جرس جنب الباب علشان أضربه قبل ما أدخل .
وقفت روضة بقوة وقالت ونظراتها تتفحص ردة فعله :
- مستر مصطفى كنت عاوزة آخد رآيك فى موضوع كده كلنا قررناه .
عاد مصطفى بظهره للمقعد ليجلس بغرور واضعا ساق فوق الأخرى بوقاحة وقال ببرود :
- إتفضلى يا مس روضة .
تحاملت روضة على نفسها وهى تطالع وقاحته .. ثم زفرت مطولا بضيق وقالت :
- كنا عاوزين نعمل حملة توعية للأطفال من التحرش .
إبتلع مصطفى ريقه بتوتر وتشنجت تعابير وجهه .. فقد فطن أنها إستطاعت كشف أمره .. تلك المتطفلة ستفسد متعته الخاصة والتى سعى ورائها كثيرا .. أجابها بضيق و قسوة :
- مش موافق طبعا .. إزاى تنبهوا الأطفال لحاجة زى كده .. أنا واثق إن مس سميرة عمرها ما هتقبل بالكلام الفاضى ده .. و لا أولياء الأمور كمان .
إبتسمت روضة بنصر و هى تتابع توتره وغضبه .. ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت بتحدى :
- أنا متأكده إن مس سميرة هتوافق .. إحنا دورنا نحمى الولاد و ننبهم بالحيوانات اللى حوالينا فى كل مكان .. واللى بيسمحوا لنفسهم يأذوهم و يطفوا برائتهم بلمسة .. أو بوسة أو توصل بعد كده لإغتصاب .

إشتعلت عينى مصطفى كأنها توجه إليه كلماتها .. هو على يقين الآن أنها تعلم أكثر مما يظن .. ربما قص لها طفلا أو طفلة تصرفاته البزيئة معهم .. فهو لم ينسى يوم سألته عن الطفلة التى قالت أنه قبلها بطريقة غريبة .. و رغم إنكاره إلا إن روضة لم تقتنع وهذا البادى على عينيها المتحدية له بقوة تقلقه .. فقال أخيرا بنبرة مستهزئة :
- برضه أنا مش موافق تفتحوا عنين الولاد على القرف ده .

ثم وقف وترك الغرفة وخرج .. وإنهمك الجميع فى أعمالهم وحديثهم الجانبى .. لتجلس خلود وريهام بجوار روضة التى تشتعل من غضبها ولا تملك أى دليل ملموس على ظنونها .. فقالت لها ريهام بضيق :
- الراجل ده أنا مش بطيقه .. مش عارفة مس سميرة بلتنا بيه ليه .
ردت خلود بنبرة ساخطة :
- أنا قولت من الأول إن وجوده بينا ومع الولاد أكبر غلط .. ده واحد ما سابش واحدة إلا لما بص عليها .. وبيتمادى مع اللى بيتساهلوا معاه .
رفعت روضة نقابها وقالت بقوة وتصميم :
- لازم نقنع مس سميرة .. بأى شكل .. الولاد دول أمانة برقبتنا و لازم نبقى قدها .

.................................................. .................................................. .....
...........................

تذكر جاسم موعده مع علا للإتفاق على ديكورات شركته الجديدة .. فهاتف مالك وسامر .. وبعد قليل وقفوا أمامه .. فطلب من مالك قائلا بجدية :
- مالك عاوزك تتفق مع صاحب البرج ده علشان نتمم شراء الدور اللى فوق كامل .
أومأ مالك برأسه وقال :
- حاضر .. إن شاء الله أخلص الموضوع ده النهاردة .. ووعد مع الأستاذ عبد الصمد .
أومأ جاسم برأسه وهو يعبث بقلمه .. شاردا بها كلما إستمع لإسمها يشعر بشئ غريب أصبح يضايقه بشدة .. فقال مسرعا ليفيق من حالة الوجوم و الشرود المرهقة :
- تمام .. بس بسعر مناسب إوعى تفتح منك .
إبتسم مالك بثقة وقال بغمزة من عينيه :
- عيب عليك .. هبهرك يا معلم .. يالا سلام .
خرج مالك تحت أنظار جاسم وسامر حتى قال جاسم لسامر وهو مطأطأ رأسه بضيق :
- عاوزك تروح شركة علا يا سامر تتفق معاها على ديكورات الشركة الجديدة .. أنا ماليش مزاج .
إشتعلت عينى سامر بفرحة خفية .. ثم مرر يده على ذقنه الذهبية بشوق .. قائلا بجدية تخفى ما بداخله من سعادة غامرة :
- حاضر .. فى حاجة معينة فى بالك .
هز جاسم رأسه نافيا .. وقال متنهدا :
- ﻷ .. اللى تشوفوه أنا موافق عليه .. وواثق فى ذوقكم .
لاحظ سامر تلك الحالة الغريبة المتملكة من جاسم فسأله بقلق :
- مالك يا جاسم .
إبتسم جاسم إبتسامة ميتة .. وقال بفتور :
- عادى يا سامر .. بفكر فى الشركة الجديدة مش أكتر .
أومأ سامر برأسه وهو يغالب شعوره بكذب جاسم .. لكن شوقه لرؤية علا طغى على تفكيره فقال :
- تمام .. هروح أنا واللى هنتفق عليه هجيبلك نسخة منه .
ترك جاسم قلمه وقال ببرود :
- إن شاء الله .. يالا قوم ما تتأخرش .
وقف سامر وتوجه لباب المكتب وهو يبتسم بفرحة .. بينما شعر جاسم أن رأسه ستنفجر من كثرة التفكير .. و بدون أن يشعر حملته قدماه لمكتب عبد الصمد .. فرآها تجلس بجواره وتضع يدها أسفل وجنتيها وهى تتابع شرح عبد الصمد بجدية كأنها تلتهم كل حرف يخرج منه .. لوهلة شعر بنيران تلتهمه وهى تتطلع لعبد الصمد بجدية .. ثم تبتسم فتنغرز غمازتيها بوجنتيها .. ثم تعود وتسأله وهو يجيب عليها .. يا الله ملامحها الطفولية وعفويتها تجذبه إليها بشدة .. رغم أنها ليست من الشخصيات التى يفضل التعامل معها ..طريقة لبسها المحتشمة جدا... و جميلة بنفس الوقت .. تحفظها الزائد عن الحد .. وتلك النظرات البغيضة بينها وبين أقرب أصدقائه .. بل أخيه وأكثر .....مالك .....
لاحظوا وقفته المتأملة فوقف عبد الصمد مسرعا وقال مرحبا بجاسم :
- أهلا وسهلا يا باش مهندس .. نورت مكتبى .. إتفضل .
وضع يديه بجيب بنطاله وعينيه لم تترك وعد ولو لثانية ثم سأله قائلا :
- هاه إيه الأخبار .. إيه رأيك فى وعد .
زمت وعد شفتيها وهى تستمع لإسمها مجردا دون ألقاب .. بينما رد عبد الصمد قائلا :
- ما شاء الله عليها بتستوعب بسرعة جدا .
ظلت وعد على جلستها و تطلعت للأوراق أمامها هربا من نظرات جاسم إليها .. حتى خاطبها قائلا :
- مبسوطة معانا يا وعد .
إستدارت برأسها إليه وقالت بحدة :
- الحمد لله يا باش مهندس .

شددت وعد على حروف باش مهندس لتخبره بأنه يتمادى بنطق إسمها مجردا دون ألقاب .. و رمقته بضيق وهى عابسة .. طاف بعينيه على ملامحها الجميلة و إبتسم بمشاغبة وقال :
- تمام .. خلى بالك من .. وعد .. يا أستاذ عبد الصمد .

هو الآخر شدد على نطق إسمها مجردا .. وعندما لاحظ بداية زوبعتها الغاضبة حتى إستدار وهو يبتسم بمكر قائلا :
- أسيبكم تشوفوا شغلكم .
وتركهم وإبتعد عائدا لغرفة مكتبه .. وقف فى نافذته يتأمل السماء بشرود وعلامات إستفهام كثيرة تدور برأسه .. وصورتها لا تفارقه .. يصاحبها صورة مالك .

.................................................. .................................................
..............................

كانت تجلس على مكتبها تتطلع لحاسوبها بدقة وهى تتابع عملها بشغف .. حتى دخلت عليها سكرتيرتها قائلة :
- أستاذ سامر العطار من شركة رحال بره يا باش مهندسة وحابب يقابل حضرتك .
رفعت علا عينيها عن حاسوبها .. وإبتلعت ريقها بصعوبة .. وقد زادت سرعة أنفاسها ودقات قلبها و هى تتسائل لما أتى إليها .. وماذا يريد ؟؟؟؟؟
تنفست نفسا طويلا وزفرته مرة واحدة وهى تستجمع كل قوتها وأكثر لتلك المقابلة الصعبة عليها .. ثم خرج صوتها متحشرجا بتوتر وهى تقول :
- خليه يتفضل .

عدلت من حجابها وسترتها وإعتدلت فى جلستها و تطلعت للباب الذى ما أن دلف منه بهيئته التى طالما سحرتها حتى إرتخت جميع عضلات جسدها كأنه يخذلها للمرة المليون أمام تلك العيون الخضراء .. والشعرات الذهبية .. وجماله المبالغ فيه .. وقف أمام مكتبها بكل هيبته و وسامته التى إحتلت كل المكان من حولها .. مد يده ناحيتها وقال وهو يلتهمها بعينيه :
- السلام عليكم .
مدت يدها التى ترتجف بشدة لتحتضن كفه لتشعر بتلك القشعريرة تسرى بجسدها مجددا .. مرت سنوات طويلة ولازالت ترتجف بهذا الضعف أمامه .. وقالت وقد تعلقت عينيها بعينيه تأبى الإنصياع لأوامرها بالإبتعاد :
- وعليكم السلام .. إتفضل .
سحبت كفها مسرعة حتى لا يشعر بتأثيره عليها .. ثم أشارت له بيده ليجلس .. وعادت لكرسيها كأنها تتحصن به من إشاراته القوية التى يلتقطها قلبها بسرعة أرهقته .....
عندما شعر برجفة كفها بين كفه .. شعر بنشوة غريبة ملأته فمازال تأثيره عليها واضح وبشدة رغم نظرات الفتور والبرود التى تتصنعها إلا أن شوقها قد غلبها بالنهاية .. و ملمس كفها الرقيق الناعم أثار بداخله مشاعر لم تهدأ لثانية رغم البعد و تفارق الطرق .. لم يقدر على إبعاد عينيه عن عينيها التى تسلبه آخر ذرات تعقله نحوها .. ولكنه دون أن يشعر وجد نفسه يجلس أمامها .. إبتسم بهدوء وهو يتابع فركها لأصابع يديها بتوتر فقال بصوته التى تعشقه وهو يعلم :
- أخبارك إيه يا علا .
تطلعت داخل عينيه بقوة وقالت بجدية مستعارة :
- الحمد لله كويسة .. الأستاذ جاسم اللى بعتك مش كده .
أومأ برأسه وقال بإبتسامته الساحرة :
- أيوة .. ده لحسن حظى طبعا .
ردت علا بصوت صادم وصارم بنفس الوقت لا يتناسب مع رقتها و نعومة ملامحها :
- المهم .. أنا جهزت كذا تصميم مبدأى .. على أساس إختياركم هكمل شغلى ولما أخلص هعرضه على جاسم وآخد رأيه .
إبتسم سامر بمداعبة .. ثم قال ببساطة :
- هنتكلم فى الشغل على طول .. ما كنتش أعرف إنك بخيلة مش تسألينى أشرب إيه الأول .
شعرت علا بخجل غريب .. وإرتباك غبى وهى تقول بتلعثم :
- آه .. آه طبعا تحب تشرب إيه .
طاف بعينيه على ملامحها التى إشتاق لكل تفصيلة بها .. عينيها السوداء الدافئة .. خمريتها المحببة لعينيه .. شفتيها المرسومة بدقة إستفزته وهو يشعر بأن يجذبها إليه بالقوة ليضرب رأسها بالمكتب التى تحتمى ورائه منه و يزيل ذلك اللون النحاسى الذى يشغل عينيه و أكيد عينى كل رجل رآها .. لكنه تنهد مطولا وقال ببرود :
- قهوة لو سمحتى .
رفعت سماعة هاتفها وقالت بحدة :
- إتنين قهوة مظبوطة لو سمحتى .
ثم أغلق الهاتف .. لتزيد إبتسامته المشاغبة وقال مباغتا :
- لسه فاكرة إنى بشرب قهوتى مظبوط .
نزلت كلماته عليها كالسياط .. ولكنها لم تعطه فرصة التلذذ بضعفها بل قالت بعملية :
- أنا ورايا مشوار ضرورى بعد نص ساعة فلو سمحت إختار التصميم اللى هكمل عليه بسرعة لأنى مستعجلة .
مرر أنامله على ذقنه الذهبية وهو يحدجها بغضب تعلمه جيدا .. ثم وقف وإلتف حول مكتبها وسط ذهولها وتعجبها من تصرفه .. ثم مال ناحيتها بجذعه بحركة مفاجئة وقال وهو يغوص داخل عينيها :
- وأنا مش عاوز أعطلك .. يالا نبدأ شغل .

لم يخفى عليه حركة صدرها السريعة .. ولا دقات قلبها المرئية له دون أى تدقيق .. لكنها إعتدلت بجلستها مسرعة وأضائت حاسوبها .. لتظهر صورتها مع طارق وهو يحتضنها من الخلف ووجه ملاصق لوجهها وسعادتهما بادية بإبتسامتهما المشرقة .. شعر سامر بخنجر مسموم قد طعن بقلبه .. وقد إشتعلت عينيه بنيرات تكاد تلتهمه حيا .. بدت ملامحه مخيفة بعض الشئ .. حتى أنها فتحت إحدى الملفات على الحاسب مسرعة لتخفى بها الصورة التى بدلت ملامحه بتلك السرعة .. فسألها ببرود غاضب شرس :
- حبتيه ؟؟؟؟
إرتفع حاجبيها بإستنكار من وقاحته وقالت مسرعة بإستياء :
- وإنت مالك .. دى حاجة ما تخصكش .
قبض على ذراعها بقوة غير مبالى بألمها وهدر بها بصوت أجش مرعب كنظراته التى ترعبها :
- ردى عليا كنتى بتحبيه .
حاولت تخليص يدها منه حتى فشلت .. فقالت له بعيون يملأها الحقد والغل :
- عاوز تعرف .. أيوة حبيته و أكتر حاجة ما ندمتش عليها فى حياتى هى إرتباطى بطارق .. وحبيته من قلبى ولسه بحبه أكتر .. حتى بعد ما سابنى لواحدى .

ساد صمت طويل وهو يتطلع إليها بنظرات أسد يصارع الموت من كلماتها التى دبحته دون شفقة أو شعور .. ولكنه أغلق عينيه قليلا كأنه يحميها من تهوره الذى كاد أن يفتك بها وهى تخبره بكل وقاحة بعشقها لغيره وهو الذى بقى على حبها كل سنواته الماضية .. فتح عينيه وقد ظهر بهم شر العالم كله وهو يصرخ بغضب أعمى :
- إزاى .. إنتى كذابة إنتى لسه بتحبينى .. رعشة إيدك قالتلى .. عنيكى قالتلى .. حتى شفايفك اللى كل شوية تبليهم بلسانك من توترك وضعفك قدامى قالولى .. حتى دقات قلبك اللى صوتها واصل لودانى قالولى .
لم ترد عليه وهى تتابع مظاهر غضبه المجنون على وجهه وهو يتابع بنبرة ذبيحة :
- واللى يحب مرة .. ما يقدرش يحب تانى .
إبتسمت علا إبتسامة خافتة على زاوية فمها وردت عليه ساخرة :
- والكلام الأهبل ده بتقنع بيه نفسك مش كده .. علشان ما تحتقرهاش زى ما أنا إحتقرتك زمان .. طارق ده ضفره برقبتك .. سامع .. ضفره برقبتك هو إشترانى وعمل المستحيل علشان يسعدنى .. لكن إنت بعتنى وبعتنى بالرخيص كمان .. وجاى دلوقتى تدينى درس فى الحب .. ده إنت بجح يا أخى .
صك أسنانه بقوة و ما أن فتح فمه لينهال عليها به حتى إنتبها على طرقات بباب المكتب .. فنفضت علا ذراعها من بين قبضته التى سحقته .. ثم صاحت قائلة :
- إدخل .
دخل العامل يحمل القهوة .. وضعها على الطاولة الصغيرة أمام مكتبها وإنصرف .. ما أن خرج حتى مال عليها سامر مرة أخرى وقال و قد تطاير الشرر من عينيه بقوة :
- أنا بعتك بالرخيص .. كنتى عاوزانى أعمل إيه وأنا شايف صاحبى وأخويا بيتقدملك .. كنت هعمل إيه ما قدرتش أءذيه .. كنت هقوله إزاى إنى بحبك وإنك بتحبينى .. أجرحه إزاى بالشكل ده .
إبتسمت بسخرية وقالت بنبرة متألمة لدرجة لم يسمعها منها من قبل :
- تخسره هو ﻷ .. تخسرنى أنا آه ..... تجرحه هو ﻷ .. تجرحنى أنا آه .. تأذيه هو لأ ..تأذينى أنا آه .. إنت إيه يا أخى .. إيه اللى رجعك لحياتى تانى .. إبعد عنى ومش عاوزة أشوفك تانى .
زم سامر شفتيه للأمام وإستقام واقفا .. وتمشى قليلا ثم عاد بعينيه إليها وقال بهدوء مستفز :
- أنا الشيطان اللى غدرت وبعت .. لكن إنتى ملاك .. تصدقى صعبتى عليا والله نفسى أصقفلك .
إقترب منها وعلى شفتيه إبتسامة شجن و إستند بظهره على مكتبها و سألها بحزن :
- ليه ما قولتيش ﻷ .. ليه ما وفرتيش علينا تعب السنين اللى فاتت دى كلها وقولتى ﻷ .. ليه وافقتى كأنك كنتى بتنتقمى منى .. ليه دايما كنتى بتطلبى منه إنى أنا اللى أزفكم .. و أنا اللى أحجزلكم شهر العسل .. و أنا اللى أكون شاهد على كتب كتابكم .. ليه ما صعبتش عليكى .. بالله عليكى ردى عليا عملتى فيا كده ليه .. ليه .
لم تشعر بتلك الدموع التى إنسابت على وجنتيها تحرقهما .. لكنها كففتهم بقوة وقالت بحدة :
- لو سمحت سبنى فى حالى وإبعد عنى .. حتى بنتى إبعد عنها مش عاوزاها تتعلق بيك وتسيبها فى الآخر .. إخرج من حياتنا أنا عمرى ما كنت ولا هكون ليك .
إكتسى وجهه بحمرة رجولية منفعلة .. و هدر بها بصوت عالى أربكها :
- بصى بقا ومن الآخر كده .. إنتى بتاعتى سوء بإرادتك أو غصب عنك .. والغلطة اللى غلطتها زمان مش هغلطها تانى .. لازم تعرفى إنى بحبك وعمر قلبى ما دق لغيرك ولا عنيا شافت غيرك .. وهتبقى ليا صدقينى .. خليكى فاكرة كلامى ده كويس قوى .
ثم حدجها بقوة وغضب .. وإنصرف مسرعا صافعا الباب خلفه بقوة .. لتنهار بعدها باكية .. تطلعت لصورة طارق بدموعها وقالت برجاء :
- سبتنى ليه .. أنا محتجاك دلوقتى قوى .. محتاجة أترمى فى حضنك وحشتنى وحشتنى قوى .

.................................................. .................................................. ..........
.......................

خرجت وعد من مكتب الأستاذ عبد الصمد تستعد للرحيل .. ثم وقفت بتثاقل أمام المصعد .. و كان هو الاخر ينتظرها لأنه خشى أن تتعرض لنوبة الرهاب مرة أخرى .. ما أن وقف المصعد حتى وقف خلفها لمحته بطرف عينها ففتحت الباب ودلفت وهى تخفى رعبها .. وقف جاسم بجوارها وقال :
- ما تقلقيش من حاجة أنا معاكى .. تمام .
أومأت وعد برأسها متفهمة .. فأغلق المصعد وضغط زر الهبوط .. لثوانى إختفت أنفاسها كالعادة لكنه سألها مسرعا :
- عملتى إيه مع أستاذ عبد الصمد .
ردت عليه بصوت متحشرج :
- فهمنى حاجات كتير .
تابع حديثه معها ليخرجها من حالة الذعر التى إنتابتها قائلا بهدوء :
- على فكرة مرتبك هيبقى أربع ألاف جنيه .
أومأت برأسها ثانية وإبتسمت إبتسامة خافتة وقالت بإمتنان :
- متشكرة يا فندم .. إن شاء الله أبقى عند حسن ظن حضرتك .
بادلها إبتسامتها وقال وهو يشعر برعبها يقتله :
- هاتيجى بكرة الساعة تمانية بالظبط مفهوم .. أى تأخير مش هسمح بيه .
- حاضر .
وقف المصعد .. فقالت براحة وإطمئنان وهى تتنفس الصعداء :
- الحمد لله .
دفعت الباب بيدها وخرجت تتنفس مطولا .. ثم إلتفتت لجاسم وأهدته أجمل إبتسامة قد رآها بحياته وقالت :
- بعد إذن حضرتك .
تنهد مطولا وهو يتابع تلك اللوحة التى أمامه ببهائها و رقتها .. ثم قال بخفوت :
- مع السلامة .
سارت بإتجاه الدرج المؤدى للطريق .. حتى وجدها تشير بيدها لشخص ما .. إنتابه الذهول والضيق وهى تقترب منه وهو يقابلها بنظرات حب وشوق .. فقال جاسم بضيق :
- مين ده كمان .. مش كفاية مالك .
وقفت وعد بفرحة أمام عمرو وهى تقص عليه ما مرت به خلال يومها الأول بعملها .. لاحظ عمرو وقفة جاسم المتفحصة لهما .. فطالت نظراتهم حتى إلتفتت وعد لترى ما شغل عمرو عنها لتجده يطالع جاسم بتعجب متبادل .. فقالت مسرعة :
- ده مستر جاسم صاحب الشركة يا عمرو .
إقترب جاسم منهم بعدما وصلت لمسامعه أنها ذكرته .. فإبتسم إليه عمرو ومد يده ليصافحه قائلا بود :
- أهلا وسهلا يافندم .
صافحه جاسم وهو مازال محتفظ بوجهه المتعجب من وقفتهم سويا بأريحية كبيرة .. ثم قال ببرود :
- أهلا بيك .
لاحظ عمرو نظرات الحدة والتعجب ونظراته الموزعة بينه وبين وعد فقال معرفا بنفسه :
- أنا عمرو القاضى أخو وعد .
إبتسم جاسم براحة وشدد قبضته على كف عمرو وقال براحة :
- أهلا وسهلا يا أستاذ عمرو .. بسمع عنك من مالك وسامر حضرتك موظف فى المينا صح .
أومأ عمرو برأسه مؤيدا وقال :
- أيوة يا فندم .. أنا بتعامل مع الأستاذ سامر أكتر فى الشغل بس مالك أكتر من أخويا .
تطلع عمرو بوعد ثم سأل جاسم بفضول :
- يا ترى وعد إتقبلت فى الشغل .
تطلع جاسم لوعد مطولا ثم قال بسخرية :
- يا ريت هى تقبلنا معاها فى الشركة .. دى هتبقى أهم فرد فى التيم بتاعى أنا متأكد .
إبتسمت وعد بفخر و عمرو يحتضن كفها بين كفه يبثها فرحته بها .. ثم قال بإبتسامته الهادئة :
- إن شاء الله يا أستاذ جاسم .. وفرصة سعيدة إنى قابلت حضرتك .
- أنا أسعد يا عمرو .. ويا ريت دى ما تكونش آخر مرة .. بعد إذنكم .
إرتدى جاسم نظارته الشمسية .. وإنطلق نحو سيارته الحمراء ذات السقف المفتوح .. وإنطلق بها مسرعا تطلعت وعد للسيارة ومصمصت شفتيها بإعجاب وقالت :
- شوفت العربية يا عمرو تجنن .
فتح عمرو باب السيارة وقال وهو يصعدها :
- لو جاسم رحال ما ركبش العربية دى مين اللى هيركبها .. إركبى يالا يا قمر .
صعدت السيارة و قالت وهى تطير من الفرحة :
- مرتبى أربع ألاف يا عمرو .. أنا فرحانة قوى .
أدار عمرو سيارته وإنطلق بها وهو يقول بإبتسامته :
- ما شاء الله .. ربنا يباركلك فيهم .. الواحد مش عارف يشكر مالك إزاى .
تنهدت وعد مطولا لسماعها إسم من يشغل بالها و قلبها الفترة الأخيرة بشدة .. ثم قالت برجاء :
- عمورة ممكن أطلب منك طلب .
قرصها بوجنتها وقال مداعبا :
- إنتى تؤمرى يا عمرى .
فقالت بخجل على إثره إحمرت وجنتيها بشدة وفركت أصابعها توترا :
- كنت عاوزة أجيب لمالك هدية بسيطة أشكره بيها لو سمحت .
أومأ عمرو برأسه وقال مؤيدا :
- عندك حق .. يالا بينا لمحل يجنن إختارى اللى إنتى عيزاه .
ردت بإمتنان وفرحة :
- ربنا يخليك ليا يا حبيبى .
توجها سويا لمحل هدايا إبتاعت منه وعد ميدالية فضية بسيطة مكتوب عليها { الله خير حافظ } أعجب بها عمرو كثيرا و خرجا سويا متوجهين لمنزلهم .. صف عمرو سيارته و صعدا الدرج سويا .. ثم طرقا باب شقة سراج والد مالك .. فأتاهم صوت روان قائلة :
- مين .
إبتسم عمرو بشدة وقال متنهدا بشوق :
- أنا عمرو يا روان .
فتحت له الباب بإبتسامتها الرقيقة التى تفقده الصبر على تلك الأيام التى تفصلهم عن تحقيق حلمهم .. لم يشعر بنفسه وهو يتأملها بلهفة وهى تبادله نظراته المتلهفة بخجل يزيدها جمالا .. زمت وعد شفتيها بملل وقالت ساخرة :
- جرى إيه يا جماعة هو أنا رجل كنبة واقفة .
تنحنحت روان بخحل وقالت وهى تشير بذراعها مبتعدة عن باب الشقة :
- آسفة .. إتفضلوا إدخلوا .
دلفا إلى شقة سراج الذى إستقبلهم بفرحة وهو يداعب وعد كعادته .. فقالت آمال قاطعة حالة المزاح السائدة بأى مكان تكون به وعد :
- نكمل هزارنا وكلامنا على السفرة لو سمحتم .
أخرج عمرو من حقيبته التى يحملها بعض دعوات لزفافهم .. وأعطاهم لروان قائلا بفرحة :
- دى دعوات فرحنا يا روان .. إختارى واحدة منهم .

فقالت آمال بفرحة :
- ما شاء الله .. إنت حجزت للفرح يا عمرو .
أومأ عمرو برأسه وقال :
- أيوة يا طنط كمان شهر إن شاء الله .
خرج مالك من غرفته بعدما إغتسل وبدل ملابس عمله و قال بتعجب :
- فى إيه يا جماعة .
أعطته روان الدعوات بفرحة وقالت بإبتسامتها التى تأخذ عقل عمرو معها :
- شوف يا مالك عمرو حجز للفرح ودى الدعوات هختار منها واحدة .
قبل مالك مقدمة رأسها وقال بضيق :
- خلاص يا رونى عمرو هياخدك منى .
وضعت رأسها على صدره وقالت :
- ده اللى هيبعدنى عنك دور واحد بس .. يعنى هنشوف بعض كل يوم .
ضمها إليه وقال بفرحة :
- مبروك يا حبيبة قلبى .. ربنا يهنيكم ويسعدكم .. إنتى هتتجوزى راجل بكل معنى الكلمة .
إبتسم عمرو بتقدير وقال شاكرا :
- حبيبى يا مالوك .. عقبالك إن شاء الله .
إتجهت نظرات مالك لتلك التى إنهمرت دموعها بهدوء وهى تتابع حوارهم بتأثر .. وقد إعترف بحبها لنفسه وقال :
- إن شاء الله .

لاحظت وعد نظرات مالك إليها والتى تخبرها بشئ تتمنى تصديقه .. حتى رأته يتقدم منها ببطئ فهد يتقدم من فريسته .. ثم لاحظت إنشغال الجميع بدعوات زفاف عمرو و روان .. فوقف مالك أمامها وقال وهو يتأملها بحب :
- عقبالك يا وعد .
أطرقت رأسها بخجل و هزت رأسها قائلة :
- شكرا .
ثم مدت يدها نحوه و قالت بخجل شديد :
- إتفضل .
تطلع مالك للهدية التى تحملها بيدها و سألها بفضول :
- دى ليا أنا .

أومأت وعد برأسها وقالت وهى ما زالت مطرقة رأسها بخجل :
- أيوة .. دى حاجة بسيطة أقولك بيها شكرا على الشغل يا رب تعجبك .
أخذها منها بإبتسامته الساحرة وقال بفرحة :
- متشكر جدا .. بس ليه تعبتى نفسك .
- ما فيش تعب ولا حاجة .
فتحها مالك بشغف وفضول حتى رأى تلك الميدالية الجميلة فرفع رأسه لوعد وقال هامسا علا .- دى أغلى وأحلى هدية جتلى فى حياتى ....... لأنها منك إنتى يا وعد .
رفعت عينيها نحوه .. لترى نظرات العشق أصبحت واضحة وضوح الشمس بعينيه .. فقالت مسرعة وهى تبتلع ريقها بتوتر :
- أنا هطلع بقا .. السلام عليكم .

ولم تعطى لأحد فرصة لإيقافها وخرجت مسرعة تهرب من نظراته التى أصبحت تشعرها بأنها لم تخلق سوى لتراها عينيه كما يراها الآن .. أغلقت ورائها الباب تحتمى به من شعورها اللذيذ الذى أصبح يمتلكها .. ثم صعدت الدرج مسرعة لشقتهم ........
تنهد مالك مطولا وهو يحمل بين يديه هديتها الجميلة مثلها .. ثم حمل مفاتيحه ووضعها بتلك الميدالية الجديدة لتصبح معه طول الوقت تذكره بها .. ولو أنه لا يحتاج لشئ يذكره لأنها دائما معه .. سأله عمرو بفضول :
- عجبتك الميدالية يا مالك .
رد عليه بفرحة غريبة :
- عجبتنى قوى .. بجد تجنن .

وإحتضنها بكفه و هو يمنى نفسه بالحصول على صاحبتها .. لابد أن يفكر جديدا بفكرة الإرتباط بوعد قبل أن يسبقه غيره إليها .. فهى أصبحت ملكه من اليوم وصاعدا .. كيف تسللت لروحه بتلك السرعة .. هو موقن أنها كانت له منذ البداية ولكن كل تأخيرة وفيها خيرة .. فلينتظر للوقت المناسب للتأكد من مشاعرها ليعترف لها بحبه .

.................................................. .................................................. ...
...............................

جلست علا على فراشها تتذكر كلمات سامر المؤلمة والتى نبشت بجروح ظنت أنها طابت لكنها إكتشفت أنها مازالت تنزف وبقوة .. وقفت وتوجهت لخزانتها .. وأخرجت منها صندوق صغير .. حملته ووضعته على فراشها ثم فتحت قفله الصغير .. وأخرجت منه تلك الرسائل الخفية والتى تحتفظ بها لماضى لطالما أسعدها .. تذكرت كلماته الناعمة و المثيرة مثله وهو يعترف لها بحبه .. حتى زياراته الخاطفة لها بكليتها .. و إتصالاتهم الهاتفية ليلا فى الخفاء خوفا من توتر علاقته بصديقه وأخوها جاسم .....
مررت أناملها على تلك الرسائل بشوق لأيام كانت دائما حائل بينها وبين زوجها .. فهى تعلم أن طارق قد بذل جهدا كبيرا لإستمالة مشاعرها نحوه بكل الطرق .. وكم كانت تقدر تلك الروح المثابرة بداخله .. بل وبادلته حبه بحب أكبر وهو التقدير والعشرة .. صحيح لم تحبه ذلك الحب الذى ملأ قلبها وإكتفى به لسامر .. إلا أنها إستسلمت لطارق فى كل شئ .. وإن عاد بها الزمن مرة أخرى لأعطته أكثر لأنه أكتر شخص منحها دفئا و سعادة .....
لم تفتح أى من تلك الرسائل .. بل أعادتها لذلك الصندوق تدفنها به كما دفنت مشاعرها من قبل .. أعادت الصندوق مكانه ولامت نفسها كيف لها نسيان طارق بتلك السرعة والعودة لمشاعر مجنونة لم تعطها سوى الألم .. مجرد نظرة داخل عينيه الزيتونية لتنهار كل مقاومتها بتلك السهولة .. فقط الإستماع لصوته الرجولى الساحر لتتلذذ أذنها بهذا الشكل المنفر .. تريد الآن عقاب نفسها وبشدة .. ليعود قلبها ويسألها بسذاجة تقتلها هل ستراه مجددا .. إجتذبت شعراتها بقوة كادت أن تقتلعه من جذوره من قوتها .. كأنها تصرخ بداخلها لا تقوى على المواجهة .. مواجهة نفسها .. يا الله مجرد دقائق قلبت حياتها رأسا على عقب .. وتهديده لها بأنها ملكه ماذا كان يقصد ........

إنتبهت على طرقات ناعمة على باب غرفتها .. فإبتسمت شفتيها براحة وقالت :
- إدخل .
فتحت ريتال باب غرفتها و ركضت نحوها و ضمتها بقوة قائلة :
- وحستينى يا مامى .
ضمتها علا بقوة و غاصت بأنفها بشعراتها الطويلة تشتمها بحب .. ثم قالت بتنهيدة طويلة :
- إنتى وحشتينى أكتر يا قلب مامى .. قوليلى عملتى إيه النهاردة فى الكى جى .
جلست ريتال بجوارها وقالت بإمتعاض :
- كويسة .. بس أصحابى بيتريقوا عليا علسان مس بعرف أتكلم زيهم .
شهقت علا وهى تتصنع الغضب .. ثم قالت بحدة مداعبة :
- يا نهار أبيض .. إزاى الولاد دول يتريقوا على حبيبة مامى .. لأ لأ بكرة هاجى الكى جى و أتكلم معاهم .
إبتسمت ريتال وقالت وهى تهز ساقيها بطفولة لذيذة :
- بس مس روضة كلمتهم وقالت لهم إن كده حرام .. وهما صالحونى وجابولى بونبون .
قبلتها علا بقوة فى وجنتها و قالت بإمتنان :
- برافو عليها المس روضة .. إنتى لازم بكرة تقوليلها شكرا .
أومأت ريتال برأسها وقالت بهدوء :
- حاضر يا مامى .. هقوم أعمل الهوم وورك بتاعى .. سلام .

تركتها ريتال لتعود لأشجانها مرة أخرى .. لتعود لتلك العيون الزيتونية و تلك الذقن الذهبية التى زادته بهائا وسحرا .. لم تنتبه لجاسم الذى جلس بجوارها وهو يتأمل شرودها بتعجب .. ثم قال بخفوت هادئ ورغم ذلك أفزعها وهو يعيدها لأرض الواقع مرة أخرى :
- مالك يا علا .. سرحانة فى إيه كده .
إبتسمت إليه بهدوء وقالت برقة :
- مافيش بس بفكر فى الشغل شوية .. قولى بقا ليه ما جيتش الشركة تشوف التصميمات بنفسك .
تنهد جاسم مطولا و مال على فراشها متمددا .. ثم قال بصوت ضائع :
- هموت يا علا .
عقدت حاجبيها بتعحب وقالت مسرعة :
- بعد الشر عنك يا جاسم .. فى إيه مالك .
وضع يده تحت رأسه وقال وهو يتطلع لسقف الغرفة بشرود قائلا :
- حتت بنت تقول للقمر قوم أقف وإنت بتكلمنى .
كورت قبضتها و ضربته فى صدره بضيق وقالت لائمة :
- حرام عليك يا أخى .. والله خفت .
تأوه قائلا وهو يمسد صدره من قوة ضربتها :
- آآآه .. حرام عليكى يا بنتى .. أصل إنتى مش فاهمة حاجة .. الموضوع معقد جدا .
مطت علا شفتيها بتبرم وقالت :
- مش هتبطل جرى ورا البنات .. إتقى ربنا بقى يا أخى .
تجهم وجهه وهو يسمعها ثم قال بحدة :
- إخرسى خالص وإسمعينى للآخر فاهمة .
أومأت علا برأسها وهى تتابع غضبه وتعلم أن السكوت الآن أفضل بكثير .. فتابع شروده وقال بهمس :
- المشكلة إنى حلمت بالبنت دى من وصفها واللى وصفها ليا حبيبها .. وأنا اللى نبهته إنه بيحبها .. لأ وجابها تشتغل معانا كمان .. كان نفسى تطلع مش قد الشغل بس للأسف تستحق إنها تشتغل معانا .. بتجنن لما بشوفها ﻷ والنهاردة أول يوم أشوفها وعامل كده .. أمال لما يعدى فترة هتبقى حالتى إيه بس .
صمتت لبرهة تفكر مليا بما قاله .. ثم سألته بفضول قائلة :
- مين ده اللى بيحبها .
فرك ثغره بحركة ثابتة و قال بضيق :
- ما هى دى المصيبة يا علا .. تخيلى مين .. مالك .
شهقت علا بصوت عالى وقد عادت إليها ذكرياتها القديمة مع سامر وطارق وقالت بتشنج كبير :
- إبعد عنها يا جاسم .. مالك ده أكتر من أخوك إوعى تخسره وتاخد حاجة مش حقك .. صدقنى إنت أكتر واحد هتندم .
أخذ نفسا طويلا وزفره مرة واحدة وهو يجيبها بصوت متعب ومتألم :
- عارف إن عندك حق .. بس دى بنت عمرى ما شوفت زيها فى حياتى .. تخيلى ما سلمتش عليا وقالتلى إنه حرام .. ورفضت تقفل باب المكتب وإحنا لواحدنا .. ده غير لبسها المحترم .. وذكية و عندها كرامة وكبرياء ولسان أطول منها رغم إنها لما تشوفيها تقولى دى عيلة صغيرة .
صرخت به علا بغضب وقالت وهى تحذره بقوة :
- بس ... إخرس خالص لازم توقف كلام وتفكير فى الموضوع ده إنت فاهم .. هى مش ليك ومش من حقك تفكر مجرد تفكير فيها .. إنت بتخون صاحب عمرك كده .

أغمض جاسم عينيه بإرهاق .. وتنهد مطولا ثم وقف وخرج بهدوء دون أن ينطق بأى حرف .. توجه لباب الشقة وخرج مسرعا .. علا معها حق إنه يخون أكثر صديق مقرب منه .. والأصعب أنها فعلا ليست من حقه فالواضح من عينيها أنها تكن مشاعر لمالك .. سأل نفسه بهدوء هل يقوى على التنازل وتركها إليه أم أنه يستحقها أكثر .. سيتركها للأيام ويرى ما ستأول إليه .

.................................................. .................................................. ..............
.........................


إجتمع الجميع على سطح البناية كعادتهم .. تفاوت حديثهم مابين الإعداد لزفاف عمرو وروان و الذعاب للمصيف والتحضير لعيد ميلاد وعد .. لكن وعد نفسها تلكأت للصعود حتى تبتعد عن مالك ولو قليلا فمشاعرها نحوه تتطور بسرعة تقلقها .. بينما كانت روضة شاردة تفكر فى ذلك الذئب الكامن وسط أطفال هم أمانة برقبتها ..........

ربت سراج على قدم عمرو وسأله بقلق :
- بس إنت مش شايف إن شهر قليل يا عمرو .. ده غير إسبوع المصيف .. هتلحق تخلص اللى وراك إمتى يا إبنى .
إبتسم عمرو بثقة وقال :
- ما تقلقش يا عمى .. الموبليا هاتيجى الإسبوع اللى هنكون فيه فى المصيف .. ولما نرجع مش هيبقى قدامنا غير الفرش وده مش هياخد وقت كبير .
أردف سراج قائلا :
- طب والمصاريف مش هتبقى كتير عليك يا عمرو .
إعتدل عمرو فى جلسته وقال بإبتسامة متزنة :
- ﻷ الحمد لله كله تمام وأنا عامل حساب كل حاجة .. حتى فلوس الفستان والكوافير ولوازم روان عاملها جمعية كبيرة وهقبضها الإسبوع ده إن شاء الله .. و ينزلوا البنات يحجزوا كل حاجة .
مالت آمال على عمرو وقالت بحرج :
- يا حبيبى إحنا أهل لو محتاج فلوس شبكتك موجودة تقدر ..... .
قاطعها عمرو قائلا بحدة ناهيا للحديث :
- شبكة إيه بس يا طنط .. دى هديتى لروان وعمرى ما هحرمها منها إن شاء الله .. عاوزكم تطمنوا أنا عامل حساب كل حاجة .
فسأله سراج بخوف من إجابته :
- عرفت باباك ومامتك يا عمرو .
تنهد عمرو بأسى وقال مستجمعا قوته :
- أيوة كلمتهم وهينزلوا قريب .. وهيكلمونا كمان شوية .. بس ربنا يستر من وعد بقا .. نفسى ربنا يهديها من ناحيتهم .
إبتسمت جدته بسخرية وقالت بضيق :
- كتر خيرهم إنهم هيحضروا الفرح .. إنما إنت عامل إيه ومحتاج إيه مش مهم .. تصدق بالله وعد معاها حق .
أنهى عمرو هذا الحديث المؤلم وهو يتصنع الإبتسام قائلا :
- المهم إننا هنفرح كلنا .. مش عاوزين حاجة تخرجنا بره مود الفرح .
ربت مالك على ظهره وقال بود :
- ربنا يهنيكم يا عمرو .. عاوزين ننزل نشترى بدلنا إحنا كمان مش البنات يتشيكوا وإحنا ﻷ .
إبتسمت روضة بشدة وقالت مداعبة :
- أهه لبسنا كلنا كوم .. حتى فستان العروسة .. إنما فستان وعد ده هيبقى كوم لواحده دى هتلففنا محافظات مصر كلها أنا عارفاها .
ضحك الجميع فسأل مالك عليها قائلا بشوق مخفى :
- صحيح هى فين .
ردت روضة وهى تقف وتتجه لسور السطح :
- دلوقتى تطلع .
لاحظ مالك حالتها المتغيرة وشرودها المتكرر .. فوقف وإتجه إليها ووقف بجوارها ساندا بذراعيه على السور وقال متعجبا :
- إنتى كويسة يا روضة .
أغلقت عينيها للحظات مستمتعة بإسمها من بين شفتيه .. وقلبها وقد عصاها للمرة المليون وهو ينبض بعنف .. هو سؤال واحد ملح من عقلها لهذا القلب الضعيف .. متى سيراك متحجر القلب الذى تعشقه بكل كيانك .. إلا أن الجواب سأعشقه حتى لو لم يعشقنى هو ....
أردف مالك قائلا بتعجب أكبر مصاحب بفضول :
- ياااااه ... للدرجة دى .. ده الموضوع باينه كبير قوى .
تنهدت روضة مطولا و هى تتأمل النجوم اللامعة بسمائها الصافية .. لطالما كانت تشبه مالك بنجمة بعيدة منيرة يكفى أن تستمتع برؤيتها من بعيد .. حتى تمنت أن تصبح لها وملك يديها تنير حياتها .. وطالما ناجت ربها وطلبت منه أن يجعله من نصيبها ...
فسألها مالك بقلق هذه المرة :
- روضة إنتى إيه اللى مخليكى سرحانة كده .. لو حاجة خاصة أنا هفهم وهسكت ....... .
قاطعته روضة مسرعة وقالت :
- ﻷ بالعكس أنا محتاجة أتكلم مع حد .
حثها على المتابعة وقال برقته التى تذيب عظامها قبل أعصابها :
- طب إتكلمى وأنا هسمعك وهقولك رأيى بصراحة زى ما إتعودنا .
إيتسمت بهدوء و تنهدت مطولا ثم قصت عليه شكوكها بأمر زميلها مصطفى و تلك الحملة التى شنتها ضده بهدوء و توعية الأطفال لحمايتهم .. ومراقبتها له أغلب الوقت .. حتى قال مالك بضيق :
- إزاى تسمحوا لحيوان زى ده يبقى قريب من الولاد أصلا .
وضعت روضة كفها أسفل وجنتها مستندة على السور وقالت بضيق :
- مافيش فى إيدى غير اللى عملته .. وما أقدرش أحكى لحد على اللى بيعمله غير لما يكون معايا دليل .
حدجها مالك بنظرات غاضبة آثارت رعبها وهو يقول بحدة :
- الواد ده إطاول عليكى قبل كده .
شهقت روضة شهقة خفيفة بداخلها وقالت بنفسها :
- يسلملى اللى خايف عليا يا رب .
ثم إبتلعت ريقها بتوتر وعدلت من نقابها وهى تقول بجدية قاطعة :
- ولا يقدر .
لكنه لم يتخلى عن نظراته الغاضبة وهو يقول عابسا وقد إحمر وجهه بشدة :
- لو زودها عرفينى وأنا هعرف أتصرف مع الحيوان ده .
أومأت روضة برأسها وهى تعود بعينيها للسماء .. ربما تلك النجوم ليست بعيدة كما نظن .. فخوفه عليها ربما تكون غيرة .. ربما ولما لا .
صعدت الزوبعة الصغيرة بشغبها المعتاد لتلفت جميع الأنظار إليها بصوتها الناعم الموسيقى مثلها و هى تقول بصوت عالى :
- متجمعين عند النبى .
إلتفت إليها الجميع بإبتسامة شقية مثلها بينما تجاهلت هى تلك العينين التى تخترق جلدها من حدتها وقوتها وإقتربت من سراج وهى تقول بدلال :
- جهزت كل حاجة للمصيف يا سروجتى .
إتسعت إبتسامة مالك على دلالها المثير والذى يمنى نفسه بتذوقه .. حتى رد عليها سراج وهو يداعب وجنتيها الوردية دائما و التى تدعوك لقضمها :
- كله تمام يا قلب سرجوتك .
إمتعض وجه روان وزمت شفتيها بإشمئزاز وقالت بغضب :
- يع ... بجد علاقة مقززة .
إشتعلت عينى وعد وقالت محذرة :
- إتقى شرى يا خطافة الرجالة إنتى .
صكت روان أسنانها بغضب وقبضت كفها تكافح أن تطالها وتنزع شعرات رأسها شعرة شعرة بيديها وقالت بعصبية غير مبالية بمن حولهما :
- فى مرة هقصلك لسانك ده حتت صغيرة وهرميه لكلاب السكك .
ضحكت وعد ضحكة عالية وقالت برقة لإستمالة مشاعر عمرو و إغاظة روان أكثر :
- شايف يا عمورى الكيوت الرقيقة اللى إنت هتتجوزها .. أهى بانت على حقيقتها معلمة فى المدبح .
تأففت روان وغمغمت بكلمات رفضت الخروج من بين شفتيها لكى لا تخسر ما تبقى من تعقلها .. بينما قال عمرو مداعبا لتهدئة الوضع من حولهم بتعقل :
- مالكيش دعوة بروان يا وعد .. مفهوم .
وقفت وعد وهى تبتسم بخبث ثم دنت من روان وقبلتها بوجنتها مطولا .. ثم قالت بصدق :
- تعرفى يا خطافة الرجالة إنتى لو عمرو لف الدنيا مش هيلاقى واحدة زيك .. ربنا أكيد بيحبه إنه رزقه بيكى يا رونى .
جذبتها روان لحضنها وضمتها بقوة وقالت بإبتسامتها الرقيقة مثلها :
- وأنا بحبك يا مجنونة هانم .. ربنا يخليكى ليا يا حبيبتى .
إبتسم الجميع على تلك الحالة الغريبة التى سيطرت على مشاحناتهم .. ولم العجب فوراء تلك الحالة وعد ويكفى .. قطع حالتهم الهادئة رنين هاتف عمرو الذى قال بتوجس وهو يتطلع لشاشة هاتفه :
- ده بابا بيتصل .
تشنجت ملامح وعد .. وزفرت بضيق وإبتعدت بهدوء جالسة على أرجوحتها .. أغمضت عينيها و إنتقلت لعالم آخر بعقلها كأنه يرفض التفكير فيما يدور حولها .. فل يسموه جحود .. عقوق .. ولكن من يحاسب الوالدين على عقوقهم .. حين يحدث ذلك و يستقيم ميزان العدل .. حينها فقط تستطيع المسامحة ........
رد عمرو على هاتفه بهدوء :
- السلام عليكم ...... أخبار حضرتك إيه يا بابا ....... وماما عاملة إيه ..... كلنا كويسين الحمد لله ..... حجزت خلاص طب كويس جدا ....... تيجوا بالسلامة ..... أيوة أنا جهزت كل حاجة ما تقلقش ...... الله يبارك فى حضرتك ....... أيوة روضة جنبى ثوانى وتكلم حضرتك .
مد عمرو بهاتفه ناحية روضة وقال وهو مازال متصنم الوجه لايبدو عليه الضيق أو الفرح .. فقط برود متناهى :
- روضة كلمى بابا .
أخذت روضة الهاتف وقالت بنفس النبرة المتجمدة :
- السلام عليكم ..... أنا كويسة يا بابا .... وعد ... هى كمان كويسة والنهاردة أول يوم تشتغل فيه ...... معلش يا بابا هى مش حابة تتكلم ..... لا مش هقدر أغصب عليها سيبها براحتها لو سمحت ........ معلش المهم هتنزلوا إمتى ........ معقول يا بابا قبل الفرح بأربع أيام بس ...... عمرو أكيد محتاجكم جنبه ........ مش مشكلة يا بابا تيجوا بالسلامة .... ﻷ مش محتاجين حاجة .... هى فين ماما ... آه حضرتك فى البيت التانى ... تمام إبقى سلملى عليها .... محمد رسول الله ... مع السلامة .

وأغلقت الهاتف وأعطته لعمرو وعادت لشرودها مرة أخرى ... بينما إقترب مالك من وعد و دفع أرجوحتها كما يحب أن يفعل دائما لتلتفت إليه بشكل يأسر لبه .. و بالفعل إلتفتت إليه .. ساحرة .. ساحرة دون شك .. نظرات الحزن بعينيها تجعله يشعر بتمزق يؤلمه .. فقرر أن يغير حالتها الحزينة و يجذبها لعالمه الجديد المليئ بالزهور و العصافير الملونة .. و رائحة البحر المهدئة للأعصاب .. كل هذا بداخل جنته التى يدلفها فور رؤيته لوعد .. إبتسم بهدوء وهو يتابع تأملها لوجهه كأنها تتمسك بشئ ينتشلها من حزنها فقال :
- عملتى إيه مع أستاذ عبد الصمد .
لاحظ إنعقاد حاجبيها ثم إرتفاعهما بسرعة كأنها ترسم مشاعرها على ملامحها .. ثم قالت بهدوء :
- جننته .. شوية وكان هيشتالنى هيلا بيلا ويرمينى بره مكتبه .
ضحك مالك ضحكة عالية متناقضة مع الجو العام المحيط به فجذب نظرات الجميع إليه .. فأصبح مدين بتوضيح عن تلك الضحكة العالية .. ولكن رؤيتهم لوعد بجواره كان كافيا .. حك أنفه بخجل ثم قال هامسا :
- إحكيلى عملتى فى الراجل إيه .
إلتفتت بجسدها ومالك ما زال يؤرجحها .. وقالت ساخرة :
- ولا حاجة .. عاوزنى أفهم شغلكم كله فى يوم واحد .. بس بعد كده أبهرته ده حتى قال للباش مهندس جاسم إنى ييجى منى .
عقد مالك ذراعيه أمام صدره وهو يغوص داخل عينيها مخلفا ورائه تورد زائد لوجنتيها و تمزق أصابعها من الفرك توترا وخجل .. ثم قال بفرحة :
- أكتر حاجة مفرحانى بجد إن جاسم إقتنع بيكى بسهولة جدا .. ﻷ و خلاكى مديرة مكتبه مرة واحدة .. هموت وأعرف أقنعتيه إزاى .
ردت ببساطة و غرور مع نبرة صوتها الناعمة لتجذبه إليها أكثر وأكثر :
- سألنى عن رأيى فى مشكلة بخصوص أرض هيعمل عليها مشروع سكنى .. لناس مش عاوزين يبيعوا بسهولة .. فأنا ببساطة حلتهاله .
رفع مالك حاجبيه متعجبا وقال بفضول :
- حلتيها إزاى .. ده إحنا تعبنا معاهم بشكل .
إبتسمت وعد بمكر وقد لمعت عينيها بشدة .. ثم قالت بقوة :
- ممكن أقولك بس بشرط .
هز رأسه غير مصدق لإبتزازها المتوقع .. ثم قال بقوة فارضا سيطرته عليها :
- خشى فى الموضوع على طول .
فقالت مسرعة :
- طب أخبط الأول .. ههههههههه .
صفع جبهته بضيق ثم قال بعصبية :
- ﻷ .. كفاية عليا سامر .. قلش هنا كمان .. هاتى من الآخر شرطك إيه يا سنجوبة هانم .
تصنعت التفكير قليلا و عينيها تعبث حولها بنظرات ساخرة .. ثم قالت :
- عرفنى هدية عيد ميلادى إيه وأنا هقولك .

تعالت ضحكات مالك مجددا .. ولكن هذه المرة لم يلتفت إليه أحد .. بينما سيطر هو على ضحكته عندما لمح بعينيها نظرات غضب قاتلة .. فقال مسرعا :
- ده بعينك .. هديتك هتعرفيها يوم عيد ميلادك .. وإتكى على الصبر شوية علشان الهدية تستاهل .
رفعت حاجبها بحدة وقالت بغضب :
- بقا كده .. طب من هنا ليومها ما تكلمنيش خالص وهخاصمك .
إعتدلت فى جلستها وأولته ظهرها .. فدنا منها قليلا وقال هامسا :
- تقدرى .

شعرت برجفة غريبة إمتلكتها .. وقد دغدغدت نبرته الهامسة أذنيها مرسلة إشارات كهربية لقلبها الذى إنتفض بقوة .. ولكنها هدأت عندما شعرت بإبتعاده عنها بهدوء .. تنفست مطولا و زفرته بهدوء و قد إبتسمت برضا .. مرة بعد مرة يؤكد لها أن ما تشعر به ناحيته أكيد .. وما تراه بعينيه أقوى وأكبر .. فقالت بنفسها هامسة :
- قلبك هو هدية عيد ميلادى يا مالك .. وصدقنى لو جبتلى أغلى هدية فى الدنيا مش هتسعدنى أكتر من الهدية اللى مستنياها منك .

.................................................. .................................................. .........
...............................

قراءة ممتعة

ياسمين أبو حسين 08-11-20 11:13 PM

يا رب الفصل ده ينول اعجابكم
هستني رأيكم و ملاحظاتكم بفارغ الصبر

#ياسمين_ابو_حسين

آلاء الليل 08-11-20 11:57 PM

فصل رائع و رواية أروع لكن و الله أول مرة أحتار مين كوبل مع مين 🤔🤔🤔🤔🤔
المشكل انه روضة توالم جاسر خاصة بعد ما طلعت ميس بنت اخته و توالم مالك و نفس الشي بالنسبة لوعد
ان شاء الله ما نشوفش صراع أو تصدع فجميع العلاقات سواء عمرو و مالك او صداقة جاسم و مالك او اخوة وعد و روضة لانه فعلا العلاقات فالرواية جميلة جدا و حراااام تخرب 😔😔😔😔😔😔
في انتظار القادم ان شاء الله ❤❤❤❤❤❤
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

ياسمين أبو حسين 09-11-20 01:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل (المشاركة 15189265)
فصل رائع و رواية أروع لكن و الله أول مرة أحتار مين كوبل مع مين 🤔🤔🤔🤔🤔
المشكل انه روضة توالم جاسر خاصة بعد ما طلعت ميس بنت اخته و توالم مالك و نفس الشي بالنسبة لوعد
ان شاء الله ما نشوفش صراع أو تصدع فجميع العلاقات سواء عمرو و مالك او صداقة جاسم و مالك او اخوة وعد و روضة لانه فعلا العلاقات فالرواية جميلة جدا و حراااام تخرب 😔😔😔😔😔😔
في انتظار القادم ان شاء الله ❤❤❤❤❤❤
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


يسلمووو حبيبتي الروعة بتعليقك
ههههه هنشوف مين هيبقي مع مين و التصدع للاسف هيحصل بس
ايه هيحصل هنعرف مع بعض

دامت طلتك حبيبتي 🌼🌼

Moon roro 09-11-20 12:53 PM

يبدو ان علاقة كل من جاسم ومالك رح تخرب بينهم وحتى روضة مع اختها يلي بتعتبرها بنتها
بس واضح من الرواية انو روضة مستعدة نفسيا انو مالك لا يكن لها اي من المشاعر لكن هل هي مستعدة انو اختها هي يلي مالك بحيها
فصل رووووووعة تسلم ايديكي حبيبتي على مجهودك الرائع💓💓💓

ياسمين أبو حسين 09-11-20 01:38 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moon roro (المشاركة 15190083)
يبدو ان علاقة كل من جاسم ومالك رح تخرب بينهم وحتى روضة مع اختها يلي بتعتبرها بنتها
بس واضح من الرواية انو روضة مستعدة نفسيا انو مالك لا يكن لها اي من المشاعر لكن هل هي مستعدة انو اختها هي يلي مالك بحيها
فصل رووووووعة تسلم ايديكي حبيبتي على مجهودك الرائع💓💓💓


و الله يا لولو الجاى كله هيكون صعب و توتر و صدمات الكوم و حاجات كتير هتتغير بس للاحسن و لا للأسوء هنشوف
و أمير ده كمان بالمصايب اللى بيعملها هيكون محور من محاور الرواية
روضة مؤمنة و محتسبة و ايمانها و ثقتها بربنا هتخليها جاهزة لكل حاجة و عوض ربنا كبيييير

دايما طلتك و تعليقك من اجمل ما يكون حكالك
يسلموووو حبيبة قلبي 💜💜💜

ياسمين أبو حسين 11-11-20 11:24 PM

الفصل السادس :
*******************

فى الصباح توجه الجميع لعمله بينما خشيت وعد أن تطلب من عمرو أن يرافقها للأعلى بعدما أخرته على عمله مجددا ... فوقفت أمام المصعد ثانية تناجيه أن يرفق بحالتها .. حتى إمتدت نفس الذراع الطويلة لتضغط زر ﻹستدعاء المصعد .. إلتفتت لجاسم الذى إبتسم لها إبتسامته الجانبية الهادئة وقال :
- صباح الخير يا وعد .
بادلته إبتسامته وهى تقول بغضب لذيذ :
- صباح النور يا باش مهندسسسسس .
هذه المرة ضغطت أكتر على لقبه حتى ينتبه أكتر لعدم ذكر إسمها بدون ألقاب .. ولكنه تجاهلها تماما وهو يقول بقوة :
- الأصانسير وصل .
زفرت بضيق .. ثم فتحت باب المصعد ودلفت بغضب .. بينما تبعها هو ووقف بجوارها .. ثم ضغط زر المصعد وهو ينتظر نوبة ذعرها .. لم تمضى لحظات حتى بدأت من جديد .. فقال لها مسرعا :
- إهدى كده وصلى على النبى .
ردت بتلعثم من تقطع أنفاسها :
- عليه .. الصلاة .. والسلام .
أخذ صدره يعلو ويصعد معها وهو يحاول أن يجعلها تتتفس بهدوء .. ثم قال :
- بشويش .. إتنفسى بشويش تمام .
أومأت برأسها ثم قالت بخجل :
- أنا متأسفة .. بتعبك معايا .
كان رده الهائم :
- يا خلاصى يا ناس .. آه منك يا لوز مقشر إنتى .
هذه الكلمات لم تفارق شفتيه بينما قال بجدية :
- مافيش تعب ولا حاجة .. خلاص وصلنا .
تنفست مطولا ودفعت باب المصعد و خرجت تتنفس بهدوء .. بينما وقف جاسم يتابعها وهو يسخر من حالته التى أجبرته أن ينتظرها بسيارته حتى رأها تدلف للمبنى .. فإنطلق ورائها يخشى أن تنتابها حالتها وهى بمفردها فيصيبها مكروه .....
بعدما هدأت إلتفتت إليه وقالت بتقدير :
- متشكرة جدا يا باش مهندس .. بعد إذنك .
تركته وإبتعدت .. تطلع إليها بضيق وقال هامسا :
- إيه الكروتة دى .
أوقفها قائلا بضيق :
- وعد .. إستنى لو سمحتى .
إلتفتت إليه وقالت بوجه ممتعض :
- نعم يا باش مهندس .
فقال مباغتا :
- كل سنة وإنتى طيبة .
عقدت حاجبيها بطفولة وقالت بتعجب :
- وحضرتك طيب .. بس إيه المناسبة .
وضع يديه بجيب بنطاله وقال بثقة :
- بمناسبة عيد ميلادك اللى بعد كام يوم .. حبيت أكون أول واحد .
زاد إنعقاد حاجبيها وقالت مستفهمة :
- وحضرتك عرفت منين ؟!!!
إبتسم بهدوء وقال وهو يلتهم كل حركة منها بعينيه و تدور وتقف عند ذلك الجرح الوردى الذى يشعله و بقوة :
- أصلى كنت مع مالك وهو بيشتريلك هديتك وإحنا فى رومانيا .

لمعت عينيها بصورة شديدة أصابته بالتعجب ثم قالت بفرحة خبيثة :
- إيه هى هديتى دى بقا .
شعر جاسم بإستغلالها الرخيص .. فقال بإبتسامته الجانبية الساخرة كالعادة :
- مش هقولك .. مالك لو عايز كان قال .. بس أحب أبشرك إنها هدية غريبة وعجيبة وهو متأكد إنها هتعجبك جدا .
مسدت جبهتها من الدوار .. ثم قالت وهى تلتفت وتتركه بإحباط :
- مالك عنده حق .. لازم أتك عالصبر شوية .. لأ شوية إيه .. لازم أتك كتيييييير .
إصطدمت وعد بمالك وهى تسير بشرود جراء شعورها بالدوار .. أوقفها مالك قائلا بقلق :
- إنتى كويسة يا وعد .
إستنشقت عطره مطولا وقالت بإبتسامة منحته أحلى صباح :
- كويسة الحمد لله .
إنتبه مالك لوقفة جاسم فقال مسرعا :
- صباح الخير يا معلم .
صافحه جاسم مصافحتهم اليومية وقال :
- صباحو عسل .
فقالت وعد وهى تعدل من حقيبتها مستعدة للإنصراف :
- بعد إذنكم أنا .. مش عاوزة أتأخر على مستر عبد الصمد من أول يوم .
ليقول جاسر بنفسه هائما :
- مستر .. عبد الصمد دوسيه بقا مستر .. حراااااااام .. اللى بيحصل فيا ده حرام .. بسكوتة والنبى .
أوقفها مالك مسرعا وهو يتأملها بشوق ولهفة :
- وعد .. ممكن تيجى معايا شوية .. وأنا هكلم أستاذ عبد الصمد .
زم جاسم شفتيه بغضب وقال مندفعا :
- عاوزها فى إيه إن شاء الله .
غمز له مالك بعينه وقال منبها بضيق :
- عاوزها فى شغل طبعا .. إطلع إنت منها .
صك جاسم أسنانه وصاح بغضب :
- يا أخى طلعت روحك يا بعيد .. عاوز تعلق البسكوتة قدامى ده إنت نهارك مهبب ومطين على دماغك .
وكالعادة لم تفارق تلك الكلمات شفتيه بينما قالت وعد بجدية :
- معلش يا مالك هروح لمستر عبد الصمد أول ولو فضيت هبقى أجيلك .. بعد إذنكم .

تركتهم وإتجهت لغرفة عبد الصمد مسرعة .. وعينيهم تتابعها بتنهيدة ساخنة .. إبتسم جاسم بخفوت على رفضها لطلب مالك .. فمبادئها إنتصرت بالنهاية .. بينما إلتفت إليه مالك بضيق وقال :
- جرى إيه يا هندسة إنت هتقطع عليا ولا إيه .
عقد جاسم ذراعيه أمام صدره وقال بحدة :
- مش فاهم .
أشاح مالك بذراعه وقال بسخط :
- ولا حاجة .. لما تعوزنى إدينى خبر .

وتركه وإنصرف .. بينما أخذ جاسم يصفر بسعادة وهو يتجه لمكتبه بشرود عاشق .. وقفت راندا تتأمل حالته الغريبة .. لكنه تخطاها ودلف لمكتبه وأغلق ورائه الباب وهو يدندن بسعادة :
- آه يا ناس أنا دبت فى دباديبه .. دباديبه .. دباديبه ... وأنا قلبى مشعلل بلهيبه .. بلهيبه .. بلهيبه .. أهه راح ولا جاش ولا كلمناش .. وأنا تنى وراه ما هسيبه .. ما هسيبه .. ما هسيبه .

.................................................. ............................................
...................

بعد يومين .. إنتظمت وعد بعملها وتجاهلت مالك قدر إمكانها .. بينما دائما ما كانت تلتقى بجاسم بالمصعد .. و إستعد الجميع للذهاب للمصيف .. وحزمت الحقائب .. وتوجهوا لرأس البر ........

وقفت السيارات أمام شالية يطل على البحر مباشرة .. ترجلوا جميعا من السيارات وقد بدأت الشمس فى المغيب .. بحث سراج عن المؤجر حتى وجده وأخذ منه مفتاح العشتين المقابلتين وأعطى عمرو المفاتيح الخاصة بعشتهم .. وحمل كل فرد حقائبه و صعدوا جميعا بنشوة عجيبة مصدرها رائحة اليود التى خلفتها نسائم البحر الهادئة .. فى المساء إجتمع الجميع بالشرفة الواسعة المزدوجة والمطلة على البحر .......
وقفت روضة تستنشق رائحة البحر بقوة وقالت بإعجاب :
- سبحان الله .. المنظر يجنن .
وقف مالك بجوارها وقال مؤكدا :
- عندك حق .. بس فى الشروق بيبقى أحلى .
إلتفتت إليه روضة وهى تتأمل شروده .. ثم قالت وهى تبعد عينيها عنه :
- إيه رأيك نتفق كلنا و بعد الفجر نقعد شوية ونشوف الشروق .. بما إن بكرة أجازة لينا كلنا .
أومأ مالك برأسه وقال بإبتسامته الهادئة :
- فكرة حلوة .. صحيح جهزتوا كل حاجة للعيد ميلاد بكرة .
ضربت روضة جبهتها وقالت بضيق :
- وأنا قاعدة أقول نسيت إيه .. البلالين .. يا ترى هنلاقى مكان نشترى منه .
زادت إبتسامة مالك وهو يطالع رعبها ثم قال مسرعا :
- ما تقلقيش بكرة الصبح وأنا بجيب التورتة والجاتو .. هعدى على المول اللى على النيل وهلاقى إن شاء الله .. المهم جهزتوا الهدايا ولا هتقلب بعكننة من الكونتيسة وعد .
ضحكت روضة بخفوت وقالت :
- أكيد طبعا إحنا مش قد زعلها .. تعرف يا مالك نفسى أعمل لها أى حاجة علشان ما أشوفش فى عنيها أى زعل تانى .. أنا عارفة إنها لغاية دلوقتى مش قادرة تنسى اللى بابا عملوا فيها لما وقفت قدامه وضربها لغاية ما حاجبها إتفتح و عمرو جرى بيها على المستشفى .. والأصعب لما ماما إختارت تسافر مع بابا و سابتها وهى فى المستشفى من غير حتى ما تطمن عليها .
ثم حركت نقابها فى حركة تمسح بها دموعها بهدوء ومالك يتابع حزنها بضيق .. ثم أردفت قائلة بنبرة منكسرة :
- يومها لما رجعت وعرفت إن ماما سافرت وسابتها رغم إنها وقفت قدام بابا علشانها .. حسيت إنه فى حاجة فى عنيها إنطفت أو إتكسرت .. ومن يومها وهى زى ما هى .. رغم شقاوتها وضحكها بس لما بتيجى تنام فى حضنى وهى خايفة ببقى هموت علشانها .
تطلع مالك للبحر بشرود حزين ثم قال بنفسه :- وعد منى يا وعد هسعدك ولو هعمل المستحيل .. ربنا يقدرنى يا حبيبتى .
كففت روضة دموعها وقالت بإبتسامة باهتة لتغير حالة الحزن التى أحاطتهم :
- مش هتقولى أنا إيه هى هديتك السرية اللى مخبيها عن الكل .
إبتسم مالك وهو يلتف ويستند بظهره على الشرفة يفكر بشرود ثم قال هامسا :
- أقولك ويبقى سر .
أومأت روضة برأسها وهى تستمتع بصوته الهامس ونظراته العفوية .. ليقول هو بهمس أكبر بعدما تطلع حوله بخوف :
- أنا جبتلها ........ .
وضعت روضة يدها على شفتيها و قد إتسعت عينيها بفرحة وقالت :
- يا نهار أبيض .. ده حلم عمرها .. أنا من دلوقتى هموت وأعرف ردة فعلها لما هتشوفه .
تطلع إليها مالك بنظرات تحذيرية وقال بحدة :
- إياكى .. ثم إياكى تضعفى قدامها وتقوليلها حاجة يا روضة تمام .
عدلت روضة من ياقة قميص وهمية وقالت بثقة :
- عيب عليك .. وراك رجالة يا أستاذ .
إبتسم مالك على حركاتها المداعبة .. بينما هامت هى بضحكته وتنهدت مطولا وهى تدعوا الله بداخلها أن يزرع حبها بقلبه ......
تناول الجميع عشائهم فطلب عمرو من سراج بخجل متوتر :
- معلش يا عمى ممكن آخد روان و ... و نتمشى شوية ومش هنتأخر .
أومأ سراج برأسه وقال مسرعا :
- طبعا يا عمرو .. دى فى حكم مراتك يا إبنى .. بس ما تتأخروش .
إبتسم عمرو بفرحة وقال شاكرا :
- شكرا يا عمى .. وإن شاء الله مش هنبعد ولا هنتأخر .

.................................................. .................................................. ............
...........................
لم تترك عينيه وجهها ولو للحظة .. ظل متابعا لأدق تفاصيلها .. كلما أغمضت عينيها عندما مرت نسمة باردة على وجنتيها .. و كلما فتحت عينيها وهى تبتسم بعفوية وبرائة ..تردد كثيرا قبل أن يطاوع قلبه ويحتضن كفها بينما دفعتها الرياح بلؤم .. و إتفقت مع صخرة صغيرة بالأرض إجتذبتها الرمال بداخلها لأن تتعثر بهم روان كى تميل بخوف ليلتقط عمرو كفها بكفه و تقترب رأسها من صدره لتسمع تلك النغمات الساحرة التى خلفها قلبه المجنون بحبها .. إعتدلت فى وقفتها وقالت بخجل :
- أنا آسفة .. ما خدتش بالى .
إبتسم عمرو و هو يشكر القدر الذى حقق حلمه و إحتضن كفها الصغيرة أخيرا ..لاحظ توترها وخجلها فقال هامسا :
- يا رب ما تاخدى بالك على طول .
إبتسمت بخجل وتطلعت بكفها التى إستكانت بخفة داخل كفه وكأنها وجدت الأمان معه .. لاحظ عمرو نظراتها فأردف قائلا بقوة :
- خلاص دى بقت بتاعتى النهاردة .
تطلعت روان للبحر بإبتسامتها الرقيقة ... ثم تابعوا سيرهم حتى أوقفها عمرو قائلا :
- إيه رأيك نقعد على الكراسى المدادة دى قدام البحر .
أومأت برأسها موافقة .. ثم جلسا سويا وهو مازال محتفظ بكفها .. إقترب منهم النادل وسألهم قائلا :
- تحبوا تشربوا إيه يا فندم .
مال عمرو نحوها وسألها هامسا :
- تشربى إيه يا حبيبتى .
إختفت أنفاسها للحظات .. وهى تستعيد بذهنها كلمة حبيبتى .. لاحظ عمرو شرودها فإلتفت للنادل مسرعا وقال :
- إتنين كولا لو سمحت .
- حاضر يا فندم .

إبتعد النادل بينما رفع عمرو كف روان و قبلها برقة وهو يستمتع بملامسة شفتيه لها للمرة الأولى لهما .. بينما شهقت روان شهقة خفيفة وهى تشاهده يقبل كفها وهو مغمض عينيه كأنه يستنشقها .. ثم فتح عينيه وتطلع بقوة نافذة ليس فقط داخل عينيها بل لداخل داخل قلبها .. إبتلعت ريقها بصعوبة و ضغطت شفتيها بقوة .. و تنهدت مطولا وهى تبعد عينيها عنه .. لا تدرى كم مر من الوقت وهى تتأمل البحر المزدان بتلك الأنوار البعيدة والمتناثرة عليه كالألعاب النارية ........
لم تغفل عينيه ولو لثانية عن جمال إبتسامتها التى تزيد من شوقه لها .. كانت عينيها تلمع مع تحديقها فى تلك الأنوار البعيدة التى ملأت البحر .. كم يتمنى الآن أن يخطفها على متن سفينة من تلك السفن ويبتعد بها عن الجميع .. هو .. و هى .. وفقط .. طاوع قلبه فى ملامسة وجنتيها فإنتبهت إليه بخجل و تطلعت نحوه بنظرات تحمل اللوم عن تماديه .. فقال هامسا كأنه يخشى أن تسمعه تلك الموجات :
- بحبك .
رفعت كفها تغطى بها وجهها المحتقن وبشدة من خجلها .. وإبتلعت ريقها بتوتر شديد .. بينما شدد هو من إحتضانه لكفها وقال متابعا همسه :
- عارفة يا رونى .. أنا عرفت بنات كتير قوى .. بس أول ما شوفتك حسيت إن روحى بتنسحب منى .. كأنك كنتى تايهة عنى ولاقيتك .. قلبى دق بشكل غريب عليا .. زى طفل بيطنط علشان لقى اللعبة اللى هو عاوزها .. وكل ما كنت بقرب منك كنت بتأكد من إحساسى .. إنى عمرى ما حبيت ولا هحب حد غيرك .
كانت تتلقف كلماته الرقيقة من بين شفتيه بعينيها .. ثم إستجمعت قوتها وقالت وهى مطأطأة رأسها وتلعب بالرمال بقدمها :
- ربنايخليك ليا يا عمرو .. إنت نعمة بحمد ربنا عليها كل يوم .
لامست أنامله ذقنها و رفع وجهها برقة ناحيته وهو يتطلع بعشق داخل عينيها ثم سألها بفضول قاتل :
- بتحبيبنى يا روان .
ذابت هى مع تحديقه الواله بها .. فأطرقت برأسها مجددا وهى تشعر بإشتعال الجو من حولها بالرغم من تلك النسائم الباردة والتى تطوف حولهم كملائكة صغيرة مرفرة بجناحيها .. ثم قالت بصوت يكاد يكون مسموع :
- أيوة .
رفع وجهها مجددا نحوه و سألها ولكن بحدة تلك المرة :
- أيوة إيه ؟؟؟؟
زفرت بضيق وهى تهز ساقيها بتوتر ثم قالت بتأفف وضيق :
- أووف بقا .. حرام عليك يا عمرو بجد .
غمز لها بعينه وقال مداعبا :
- هو أنا إسمى حلو كده .. طب وحياة عمرو عندك لتقوليها .
ضغطت على شفتيها بخجل ووقفت مسرعة وقالت بعبوس :
- أنا هرجع بقا إتأخرنا .

وجذبت كفها وإبتعدت مسرعة .. وقف هو الآخر و وضع مبلغ مالى على الطاولة و ركض ورائها .. إحتضن كفها مسرعا .. لتبتسم شفتيها بخفوت .. وسارا مرة أخرى والصمت يسودهما .. حتى وصلا صعدا الدرج سويا فودعها عمرو قائلا وهو يأبى ترك كفها :
- تصبحى على خير .
كانت مستمتعة بمداعبة أنامله لكفها برقة .. فقالت بصوت متلعثم :
- وإنت .. من أهله .
وإلتفتت لتدلف لعشتها .. ولكنها وقفت فجأة وإلتفتت إليه مجددا .. ثم سارت نحوه بهدوء قاتل .. ووقفت أمامه ثم قالت بسرعة كأنها تفجر قنبلة يدوية قبل أن تركض :
- أيوة بحبك .
وبسرعة الريح إنطلقت من أمامه .. تابعتها عينيه المندهشة .. ثم علت ملامحه فرحة عارمة .. إستند بمرفقيه على سور الشرفة وهو يتابع تأمله للبحر كأنه يشكره على تلك الدقائق التى ساعده بها لإقتناص تلك الكلمة الساحرة من براثن الأسد .. تنفس مطولا وقال بداخله :
- أخيرا يا روان .. أنا اللى بموت فيكى والله .

.................................................. .................................................. .....
.................

فى الشروق و بعد أن صلى الجميع الفجر جلس الشباب على البحر لمتابعة الشروق كما تمنت روضة .. التى تأملت جمال السماء والتى بدأ يغزوها اللون البرتقالى الممزوج بالأحمر كحال شعرات وعد الطويلة .. تنفست مطولا وزفرته بهدوء وقالت براحة غريبة :
- سبحان الله المنظر يجنن .
إبتسم مالك بهدوء وهو يتأمل الشروق بتلذذ ثم قال :
- عندك حق يا روضة .. سبحان الله على الجمال .
إستمر نقاشهم حول ما ينقص لحفل زفاف عمرو وروان وكيفية فرشهم للشقة فى إسبوع على الأقل .. ثم العودة للحدث الرئيسى اليوم وهو عيد ميلاد وعد التى إبتسمت براحة وقالت وهى تتثائب وعيونها قد أوشكوا على الإنغلاق .. و إحمر آنفها بشدة :
- أخيرا هعرف هدية مالك ليا .. ده أنا الفضول هيموتنى .
إبتسمت روضة بمكر وقالت بعفوية :
- هموت وأشوفك لما تعرفى إيه هى هتعملى إيه .
ضرب مالك جبهته وهو يعلم أن روضة أطلقت الوحش بعفويتها دون أن تدرى .. تأكد حدثه وهو يرى تلك الزوبعة والتى بات يعشقها بكل تفاصيلها وهى تتسع عينيها وتتخلى عن رداء النوم .. وهبت واقفة وقد علا وجهها البرئ ملامح من عاد لينتقم .. ثم رفعت ذراعيها و تمسكت بخصرها و قد رفع حاجبها بسخط و هى مقطبة جبينها بغضب و هتفت قائلة :
- لا والله .. وحضرتك عارفة من إمتى يا أستاذة روضة .
إنتبهت روضة للخطأ الفادح التى وقعت به فقالت وهى تتطلع لمالك الممتعض :
- آسفة يا مالك ... زلة لسان والله .
ضيق مالك عينيه بتوعد لروضة وقال :
- طب إيه رأيك بقا يا أستاذة روضة عقابا ليكى إنك مش هتفارقينى النهاردة .. لأن عارفك هتضعفى من زنها وهتقوليلها وهتحرقى المفاجأة .
تنهدت روضة مطولا وهمست بخفوت :
- يا رب تعاقبنى كده كل يوم .
بينما قالت وعد وهى تتصنع البكاء كالأطفال و زامة شفتيها بحدة :
- ماشى .. أنا مخصماكم كلكم .
وقف عمرو مسرعا وقال بضيق :
- ﻷ .. أنا ماليش دعوة أنا عريس وفى عرض كل مليم .. خاصمى مالك ورضة .
ضربت وعد الرمال بقدمها و زفرت بضيق و إبتعدت عنهم مسرعة .. وقد تركت خلفها كائن مشتعل بعشقها وبكل تفصيلة ولو صغيرة كزمة شفتيها التى تأخذ أفكاره لمنطقة يبتعد عنها بشدة .. ولكنها تجذبه إليها دون أن تشعر .. ليدخلوا جميعا فى نوبة ضحك عالية على حالتها .. وقف مالك أمام روضة وهو يخفى ضحكاته ويتصنع الجدية :
- إتفضلى قومى نامى مع روان وأنا هنام فى التراس .. مش هسيبك ترجعيلها على جثتى .
ثم إلتفت لعمرو المتابع ضحكه .. وقال :
- بعد إذنك طبعا يا عمرو .
رد عمرو من بين ضحكاته العالية :
- موافق طبعا بس بشرط .
زم مالك شفتيه وقال بضيق :
- والله إنتوا عيلة مستغلة بشكل .. وبعينك ما هتعرف الهدية إيه .. وروضة هتنام الكام ساعة دول مع روان سواء وافقت أو لأ .
أشار مالك بيده لروضة وروان و أردف قائلا بقوة :
- قدامى إنتى وهى .. وحضرتك يا أستاذة روضة هاتيجى معايا وأنا بجيب التورتة و الجاتو و البلالين وكل اللى ناقص .
رفعت روضة كفها وهى تضحك بخفوت وقالت بنبرة عسكرية :
- تمام يا فندم .
ليتابع عمرو ضحكاته التى إستفزتهم بشدة فتركوه بمفرده وإنصرفوا .. إنتبه لإنصرافهم فوقف مسرعا وقال بصوت عالى :
- إستنونى .. تصدقوا إنتوا عيال .
رد عليه مالك وهو موليه ظهره :
- خليك إنت إضحك يا ظريف .

.................................................. ......................................
.........................

إستيقظت وعد بالظهيرة .. تمطأت بكسل و جلست بفراشها ولملمت شعراتها و وقفت حملت منشفتها و دلفت للمرحاض .. إغتسلت وتوضأت وعادت لغرفتها فوجدت جدتها تستقبلها بحضنها وقالت بحنو :
- يا صباح المسك .
إستسلمت وعد لضمتها و قالت :
- صباح الخير يا إمتثال ... فين الناس اللى هنا مش شايفة حد .
ردت إمتثال وهى تملس على شعراتها :
- الشباب راحوا يجيبوا حاجات عيد ميلادك .. وعمك سراج نزل البحر .. وأنا وطنطك آمال بنستناكى علشان نفطر سوا .
أومأت وعد برأسها وقالت وهى ترتدى إسدالها :
- هصلى على ما تجهزوا الفطار .
تركتها جدتها وخرجت .. إرتدت إسدالها و وقفت بخشوع بين يدى الله .. تلك اللحظات أكتر اللحظات التى تستمتع بها لقربها من خالقها .. ففى هذه المنطقة تنسى همومها وعقدها و شوقها لوالديها والتى تكابر فى إظهاره وتحاول جاهدة أن توئده بداخلها ......

وضع مالك الكعكة بسيارته بهدوء وساعده عمرو نسبة لكبر حجمها .. و جلست بجوارها روان للإطمئنان أنها لن تتحرك .. زفر مالك براحة وقال بإرهاق :
- خلصنا .. بقية الحاجات خدها فى عربيتك إنت يا عمرو .
أومأ عمرو برأسه وقد تعلقت عينيه بروان التى تتمسك بعلبة الكعكة بخوف كأنها طفل وتخشى عليه .. فإبتسم بهدوء وقال :
- ما تقلقش يا مالك .. وبما إننا خلصنا نرجع بقا علشان ننزل البحر شوية .. النهاردة آخر يوم فى الأجازة .
إرتدى مالك نظارته الشمسية وقال :
- طب يالا بينا .
أوقفته روضة قائلة بقلق :
- كلمت صاحبك يا مالك علشان يجيب هدية وعد .
ضرب مالك جبهته وقال بضيق :
- يا نهار مش فايت .. أنا إزاى نسيت .. هكلمه حالا .
أخرج هاتفه من جيبه وهاتف جاسم وإنتظر رده .. ثوانى قليلة ووصله صوته قائلا بسخرية :
- إفتكرتك نسيت .. كان هيبقى يومك أصفر .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال بتأكيد :
- عندك حق والله دى كانت طربقت الدنيا على دماغى .. إوعى يغرك هدوئها إنت ما تعرفهاش .
بادله جاسم ضحكاته وقال :
- ما تقلقش على العشا كده هجيبه و أجى .
ودع مالك عمرو وروضة و صعد سيارته وقال :
- هات ريتال معاك وحشتنى .
- حاضر .. يالا سلام .

أغلقا المكالمة و إنطلق مالك بسيارته .. بينما وقف جاسم فى شرفة مكتبه وهو شارد بكل لحظاتهم سويا من مشادات .. و ذعر وخوف .. و عملية شديدة منها ....
ثم إنتفض فجأة وقرر أن يشترى هدية لها وأخذه تفكيره لهدية هو موقن من إعجابها بها .. فحمل هاتفه ومفاتيحه و خرج من مكتبه مسرعا .. ثم ركب سيارته و إنطلق بها .......
بعدما إبتاع هديتها عاد لمنزله .. إستوقفته عمته نجوى وقالت بإبتسامة متسعة :
- إنت فين يا جاسم .. ما فيش مرة تيجى تسأل عليا .
ربت جاسم على ذراعها وقال بإبتسامة هادئة :
- الشغل والله يا عمتو .. بس برضه أنا آسف و مش هعملها تانى .
خرجت رندا إبنتها على حوارهم وقالت بدلال زائد :
- مش معقول جاسم .. أخيرا شوفتك على فكرة أنا زعلانة منك .. ومش هصالحك غير لو خرجتنى فى يوم و روحنا رأس البر سوا .
أخفى إمتعاضه وقال وهو يصعد الدرج مسرعا :
- إن شاء الله .. يالا سلام علشان مستعجل .
زفر بضيق وفتح باب شقتهم ودلف إليها وهو يصيح بقوة :
- ماما .. إنتى فين .
ردت دولت من غرفتها .. وهى تضع الملابس النظيفة بالخزانة :
- أنا هنا يا حبيبى تعالى .
دلف جاسم لغرفتها و دنا منها وقبل جبينها وقال بفرحة غير معهودة عليه :
- أخبارك إيه يا دولت .
ضربته على كفه وقالت بضيق :
- قولتلك كذا مرة ماما .. بطل دولت دى .
إبتسم جاسم بخفوت وقال بمداعبة :
- ماشى يا دولت .. بقولك خلى علا تجهز ريتال علشان هاتيجى معايا لعيد ميلاد وعد جارة مالك .
تنهدت دولت بأسى وقالت بحزن غلف ملامحها الطيبة :
- علا .. مش عارفة مالها بقالها كام يوم .. بترجع من شغلها مش بتكلم حد وبتقعد فى أوضتها بالساعات .. ربنا يهديها و يرزقها بإبن الحلال اللى يعوضها .
تنهد جاسم بأسى وقال :
- طب أنا هروح أشوفها وأقعد معاها شوية .
ربتت دولت على كتفه وقالت بحنو :
- روح لها يا حبيبى .. يمكن تقدر تخرجها من الحالة اللى هى فيها .. صحيح ما تاخدها معاك العيد ميلاد ده يمكن تغير جو .
فكر جاسم قليلا .. ثم قال بإقتناع :
- تمام هكلم مالك أسأله و لو ينفع هاخدها معايا .
أخرج هاتفه وهاتف مالك الذى أجابه مسرعا وقال :
- أيوة يا معلم .
رد عليه جاسم بتوتر :
- مالك هو أنا أقدر أجيب علا معايا .. علشان بقالها فترة حالتها النفسية مش مظبطة .
زفر مالك بضيق وقال مسرعا :
- إنت عبيط يا جاسم .. طبعا تشرف وتنور .. ساعات بستغرب غبائك ده .
إمتعض وجه جاسم و قال بضيق :
- طول لسانك براحتك .. ما هو إنت لو قدامى دلوقتى كنت خليتلك لسانك ده كاروهات .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال بقلق :
- تعملها والله .. عموما ما تتأخرش بقا علشان مدام علا تقعد مع البنات وقت طويل .
أومأ جاسم برأسه وقال مؤكدا :
- تمام يا برنس .. أشوفك بالليل سلام .
- سلام .

توجه جاسم لغرفة علا التى تعاقب نفسها منذ أيام على خيانة قلبها لطارق .. بعدما إستسلم لذلك الذى تركه يتألم دون أى شعور بالندم .. طرق جاسم باب غرفتها فقالت بصوت واهن :
- إدخل .
دلف جاسم لغرفتها وقال بقوة دون سابق إنذار أو إستئذان :
- قدامك ساعتين تكونى لبستى ولبستى ريتال علشان رايحين عيد ميلاد وعد ومش عايش مناهدة ولا مناقشة .
تطلعت إليه ببلاهة وقالت بحدة :
- ده إسمه إيه ده .
رد عليها ساخرا :
- ده إسمه الهجوم خير وسيلة للدفاع ومش عايز كلام كتير .
لوحت له بذراعها وقالت بضيق :
- إيه لوك لوك لوك لوك ... إبلع ريقك .
وضع يديه بجيبى بنطاله وقال بإبتسامة هادئة :
- بلعته .. جهزى نفسك بقا بعد الغدا تمام .
عقدت علا ذراعيها أمام صدرها وقالت بتعجب :
- يا سلام .. عاوزنى أروح لناس ما أعرفهومش عادى كده .
أومأ برأسه بقوة قاطعة وقال بثبات :
- أيوة .
زفرت بضيق و قالت بفقدان صبر :
- إطلع بره يا جاسم أنا مش فيقالك .
جلس جاسم بجوارها على فراشها وقال وهو يعبث بشعراتها :
- أهه علشان مودك المتغير بقالك كام يوم ده هاتيجى معايا .. وريتال كمان زهقت من حبسة البيت وأوعدك إنك مش هتندمى .

تنهدت مطولا ثم أغلقت عينها نصف إغلاق وقالت بمكر :
- قولتلى بقا عيد ميلاد وعد .. هو إنت لسه بتفكر فيها .
زم شفتيه بمعنى لا أعرف .. ثم قال بضيق :
- مش عاوز أتكلم فى الموضوع ده .. قومى بقا ناكل لقمة علشان نمشى بدرى تمام .
فكرت علا قليلا .. ثم قررت رؤية تلك التى أوقعت جاسم رحال بحبها دون أن تشعر .. فقالت برضا :
- تمام هاجى معاك .
قبل جاسم جبينها وقال بفرحة :
- أيوة بقا .. هقوم أنا أغير هدومى وأشوفك على السفرة .

تركها وخرج لتعود لتفكيرها المرهق مرة أخرى .. لا تقوى على إزالته من عينيها ..بهيئته الجميلة فهو من أجمل ما رأت من الرجال .. بعيونه الزيتونية الجريئة .. و تلك الذقن الذهبية التى زادته وسامة و جاذبية مهلكة .. فإبتسمت شفتيها دون أن تشعر .......

.................................................. .................................................. ................
.........................

وقفت وعد أمام البحر تتأمله .. وهى شاردة كعادتها ..لمحها مالك من نافذة غرفته .. فركض مسرعا ليخرج مباشرة متوجها نحوها وقد قرر أن يحرر مشاعره ويكسر قيدها الذى آلمه الفترة القصيرة الماضية .. إقترب منها بهدوء وهو يتأملها بإبتسامة عاشقة .. وقف بجوارها ولاحظ شرودها فقال هامسا :
- سرحانة فى إيه يا سنجوبة .
إلتفتت إليه وعد بذعر وقالت بضيق :
- حرام عليك يا مالك خضتنى .
تنهد مطولا وقال وهو يلتهمها بعينيه :
- بعد الشر عليكى من الخضة .
لاحظت عودته لتلك النظرات الوقحة ونبرته الهيمانة و همسه المثير .. فقالت وهى توليه ظهرها عائدة :
- أنا هرجع بقا ورايا حاجات كتير .
أوقفها مسرعا وهو يقول بضيق :
- إستنى هنا .
إلتفتت إليه بقلق من نبرته الجادة وقالت بخوف :
- عاوز إيه .
لاحظ عبوسها و خوفها فإبتسم على حالتها اللذيذة وقال مداعبا :
- مالك خايفة كده ليه .
تصنعت القوة وقالت بجدية :
- عادى .. عاوز إيه بقا .

إقترب منها قليلا وهو يغوص بعينيه داخل عينيها التى باتت عشه الذى يأوى إليه .. وطنه الذى يضمه فى وقت سعادته وحزنه وضعفه .....
إنتبهت لنظراته التى باتت تخترقها بسهولة وتزلزل كيانها .. تسارعت دقات قلبها وهى تراه يقترب منها بهدوء ينوى الإنقضاض عليها .. ولكنه وقف و وضع يده بجيب سترته و قال برقة :
- عاوز أقولك حاجة مهمة جدا .. ممكن تسمعينى .
أومأت برأسها دون أن تنبس ببنت شفه .. إنتظرت حديثه المهم كما قال حتى قال أخيرا وهو يحدجها بشوق أسرها :
- وعد .. أنا بصراحة معجب بيكى جدا .
رفعت حاجبيها للأعلى بذهول وهى تستمع إليه .. لاحظ إندهاشها فخشى أن تركض وتتركه فأردف قائلا بسرعة :
- بصى هو مش إعجاب بالظبط .. هو حاجة أكبر .
زادت دقات قلبها ها هو على وشك الإعتراف بحبه إليها .. كانت تستمع إليه بفرحة وقلبها يقفز بداخلها كأرنب مذعور .. حتى قال أخيرا بهدوء مميت :
- أنا بحبك يا وعد .

كانت عينيها تلاحقان تلك الكلمات الناعمة على شفتيه ..وتصعد لعينيه مجددا لترى مدى صدقه .. إزدادت حركة صدرها بقوة لتسارع أنفاسها .. وهناك أيضا رجفة شديدة تملكت من جسدها .. لا تصدق إلا الآن ما سمعته .. مضاف إليه حالتها الغريبة التى تخبرها وبقوة أنها باتت تعشق ذلك الرجل .....
شعر مالك بالقلق من شرودها وحالتها التى أصبحت مذرية .. فقال بقلق :
- آسف يا وعد .. بس كان لازم تعرفى شعورى ناحيتك .
إبتلعت ريقها بصعوبة بعد شعورها بجفاف حلقها المفاجئ .. ثم قالت بتلعثم وهى تطرق رأسها بخجل شديد :
- أنا .. أنا هرجع .. علشان .. و ..... .
قاطعها مالك بحدة وقال بقوة ليربكها فيأخذ منها ما يريده :
- بقولك بحبك يا وعد .. مش حابة تقوليلى حاجة إنتى كمان .. أنا عارف إنى إتسرعت بس أنا ناوى أفاتح عمرو بموضوعنا وهحاول بكل قوتى إنى أدبر مبلغ أشترى بيه شقة لينا .. و إن شاء الله مش هخليكى ناقصة أى حاجة .. بس محتاج شوية وقت أدبر مبلغ لكل ده وأنا هتجوزك فورا .

إتسعت عينيها بخجل عارم عندما ذكر نقطة زواجهما .. فسألها مرة أخرى وهو يتابع تخبطها :
- موافقة عليا يا وعد ... ولا .... .
عادت بعينيها للبحر وهى تتنفس بصعوبة .. ثم أومأت برأسها بهدوء تخبره بموافقتها على الإرتباط بها .. وضع مالك أنامله على شفتيه وهو يبتسم براحة .. ثم وقف أمامها وقال وهو ينتظرها بفارغ الصبر :
- يعنى .. بتحبينى زى ما أنا بحبك .
عقدت حاجبيها وعضت على شفتها السفلى كادت تدميها من شدة خجلها .. ثم قالت بخفوت :
- جواب سؤالك ده هتعرفه وأنا .. وأنا مراتك .

وركضت مسرعة من أمامه .. لم تمهله الوقت لإضافة المزيد .. بينما وقف هو مشدوها من كلماتها المقتضبة الحازمة .. حبيبته قالت أنها ستخبره بحبها عندما تصبح زوجته .. يا الله ما أعذب تلك الجملة التى إكتفى بها عن كل شئ .. تابعتها عينيه وهى تسير بسرعة و أقسم أنها تبتسم الآن بفرحة .....

رفعت وعد يدها لتلامس وجنتيها التى لو وضعت عليهم مقياس حرارة الآن لإنفجر من شدة سخونتهما .. بينما على ثغرها إبتسامة مشرقة .. ثم قالت بنفسها :
- هديتك وصلتنى يا مالك .. كنت عارفة .. وأنا كمان بحبك .

.................................................. .................................................. .............
.........................

دلفت وعد للشاليه الخاص بهم .. ووقفت أمام روضة التى كانت ترتب طاولة الطعام بالأطباق والأقداح .. ثم قالت بتوتر :
- روضة .. عاوزة أقولك حاجة مهمة .
عبست روضة بعينيها وقالت بضيق :
- مش وقته يا وعد .. روحى يالا جهزى نفسك مافيش وقت .
قاطعتها وعد وهى تقول برجاء :
- إسمعينى يا روضة أرجوكى .
صاحت بها روضة بحدة وقالت ناهية لحوارهم :
- وعد قدامك نص ساعة وتكونى لابسة .. ويا ستى أجلى كلامك بعد عيد ميلادك .. ممكن .
أومأت وعد برأسها بإستسلام.. ثم دلفت غرفتها وهى مازالت على حالتها من الإرتباك والتوتر .. فتحت خزانتها تنتقى فستانا مناسبا .. شعرت بالتخبط فى قرارها .. حتى فتحت روضة باب غرفتها ودلفت معها روان وآمال .. إقتربت من وعد و قبلتها بوجنتها مطولا وسألتها بمكر :
- بتعملى إيه يا دودو .
ردت وعد وهى ما زالت فى حيرة من أمرها :
- محتارة ألبس الفستان الروز و لا الفستان التايجر .
أعطتها روضة هديتها وقالت بإبتسامتها العذبة :
- طب شوفى الفستان ده يمكن يعجبك .
حملت وعد تلك الهدية الملفوفة بورق لامع .. مزقت الورق بلهفة و أخرجت الفستان لتتسع عينيها بفرحة وهى تتأمله ثم قبلت روضة وقالت :
- يجنن .. يجنن شكرا يا رودى .
فقالت لها آمال :
- بسرعة قسيه يا وعد يالا .
إرتدته وعد مسرعة وساعدتها روان وروضة .. وقفت أمام المرآة تتأمل نفسها بسعادة .. فهو عبارة عن فستان طويل باللون الأسود به تطريز من اللون الفضى .. ضيق على جسدها قليلا ومن منطقة الخصر ينسدل منه ذيل طويل من الشيفون الإسود .. بدت به كأميرة تنتظر أميرها ليأخذها على حصانه الأبيض و ذلك الذيل يطير من حولهما بالهواء .. إحتضنتها روضة بحب وقالت :
- كل سنة وإنتى طيبة يا حبيبة قلبى .
ضمتها وعد بقوة وقالت بحنو :
- و إنتى جنبى و معايا دايما .
إقتربت منهم روان و قالت مازحة :
- مش وقت نحنحة لو سمحتم .. إتفضلى يا وعد دى هديتى .
أخذتها وعد مسرعة وفتحتها لتجد بها حذاء سهرة إسود لامع بكعب مدبب عالى .. فقالت لها بسعادة :
- واو .. ده يجنن .. ده كمان شكله غالى جدا .
إحتضنتها روان بحب و قالت :
- مافيش حاجة تغلى عليكى يا سنجوبة .
إمتعض وجه وعد و قالت بحدة :
- تانى سنجوبة .. هعديهالك النهاردة بمزاجى .
أعطتها آمال هديتها و قالت و هى تحتضنها بحنان بالغ :
- كل سنة و إنتى طيبة يا دودو .. أنا جبتلك الحجاب و الشنطة .. يا رب ذوقى يعجبك .
تطلعت وعد للحقيبة والتى تبدو باهظة الثمن أيضا .. وحجابها اللامع وقالت بفرحة :
- مرسيه يا طنط .. أنا مش عارفة أشكركم إزاى .
ردت روان بإبتسامتها الرقيقة :
- إحنا هنخرج دلوقتى و إنتى كملى لبسك .. علشان نلبس إحنا كمان .
- تمام .

أكملت وعد تجهيزاتها .. و وضعت القليل من مستحضرات التجميل و إكتفت بلون هادئ على شفتيها و إرتدت حجابها .. وحذائها .. وتطلعت لنفسها بالمرآة لترى أنها أصبحت جميلة بكل معنى الكلمة ......
إرتدى مالك بنطال جينزى كحلى .. و عليه قميص باللون الوردى و من فوقهم سترة باللون الأسود .. و إرتدى حذاء رياضى إسود .. و وضع عطره و صفف شعره البنى الناعم .. وخرج مسرعا لإستقبال جاسم و علا و حبيبته ريتال .. وقف يتابع الطريق المؤدى للشاليه حتى لمح سيارة جاسم تقترب عليه من بعيد .. إستقبلهم بإبتسامة هادئة حتى صف جاسم السيارة .. و ترجلت منها ريتال راكضة نحو مالك الذى إنحنى ليلتقطها بحضنه و حملها ......
ضمته ريتال إليها بقوة .. ثم قالت لائمة بضيق :
- أنا زعلانة منك يا مالك .. ليه مس بتكلمنى .
قبل كفها وقال معتذرا :
- آسف والله يا توتا .. ومش هعمل كده تانى .. و وعد منى هتصل بيكى دايما تمام .
أومأت ريتال برأسها وهى تأسره بإبتسامتها الشقية والتى تذكره بإبتسامة وعد حينما تريد منه شيئا .. قبلها بوجنتها و توجه ناحية جاسم الذى صافحه قائلا :
- شوفت ريتال نسيتنا طبعا .
رد مالك عليه مسرعا :
- ﻷ طبعا أنا أقدر .. أهلا مدام علا منورة الدنيا و الله .
إبتسمت علا بخفوت وقالت :
- شكرا يا أستاذ مالك .
أشار إليهم مالك على الشاليه الخاص بهم و قال مرحبا :
- إتفضلوا .. يا أهلا وسهلا .
أجلسهم مالك بالشرفة الواسعة المطلة على البحر و هتف قائلا بقوة :
- يا روان .. روان تعالى لو سمحتى .
خرجت روان إليه و إبتسمت عندما لاحظت جاسم و علا و قالت بفرحة :
- أهلا و سهلا .
أشار إليها مالك معرفا وقال :
- القمر دى يا ستى ريتال .. وده جاسم طبعا تعرفيه .. ودى مدام على أخته ومامت ريتال .
رحبت روان بعلا و إحتضنتها بود قائلة :
- أهلا مدام علا .
بادلتها علا حضنها وقالت برقة :
- قوليلى علا على طول تمام .
- تمام .
بينما حملت روان ريتال و قبلتها و قالت بإعجاب :
- ما شاء الله .. إنتى زى القمر يا ريتال .
فقالت لها ريتال ببرائة :
- قوليلى يا توتا .
- حاضر يا توتا .. بعد إذنكم هاخد علا و توتا و ندخل جوة للبنات .
رد مالك و جاسم :
- إتفضلوا .
خرج عمرو مسرعا عندما رأى علا ليتركهم بحريتهم .. و رحب بجاسم قائلا :
- أهلا وسهلا يا باش مهندس .. منور الدنيا .
صافحه جاسم بود و قال متذمرا :
- بلاش باش مهندس دى و قولى جاسم بس .
أشار إليه عمرو بالجلوس و قال براحة :
- تمام .. إتفضل إقعد .

- السلام عليكم .
قالها سامر و هو يصعد درجات الدرج ليصل إليهم .. فإستقبله عمرو قائلا بترحيب :
- أهلا وسهلا .. واحشنى والله يا سامر .
- وإنت أكتر يا عمرو و الله .
ثم صافح مالك وجاسم .. وخرج إليهم سراج مرحبا .. بينما عرفت روان علا بآمال وإمتثال .. وصاحت بروضة و وعد .. فخرجت روضة أولا و التى ما أن رأت ريتال حتى قالت بفرحة :
- توتا .. إيه المفاجأة الحلوة دى .
ركضت ريتال نحوها و قالت بسعادة بالغة :
- مس روضة .
إحتضنتها روضة وحملتها وقالت بتعجب :
- إنتى جيتى هنا إزاى .
فقالت روان موضحة وهى تشير على علا :
- دى بنت علا أخت الباش مهندس جاسم اللى بيشتغل معاه مالك ووعد .
فرحبت روضة بعلا وقالت بود :
- أهلا وسهلا يا فندم .. منورة الدنيا .
صافحتها علا وقالت بإمتنان :
- شكرا يا روضة .. أنا كنت عاوزة أجيلك الروضة وأتعرف عليكى .. ريتال دايما بتحكيلى عنك وإنها بتحبك قوى .
قبلت روضة ريتال وقالت بحب :
- وأنا كمان بحبها جدا .
خرجت وعد من غرفتها لتتفاجأ بعلا وريتال .. فعرفتها روضة عليهم .. ولم تغب عنها نظرات علا إليها .. وكأنها تحذرها من شئ ما .. صافحتها وعد بحذر و إندمجت مع ريتال بسرعة .. فأعطتها جدتها هديتها قائلة بحب :
- أنا عملتلك هديتك بإيدى يا وعد .. دى شنطة صغيرة من التريكو إلبسيها جوة هدومك وحطى فيها مصحف صغير علشان يحميكى يا حبيبتى .
إنحنت وعد و قبلت كفها و قالت بدموعها :
- ربنا يخليكى ليا يا أحلى وأحن تيتة فى الدنيا .

جهزت الفتيات الطاولة و وضعوا عليها الحلويات و المقبلات و قالب الكعك الكبير .. ثم دعت آمال الجميع إلى الداخل لتطفئ وعد شمعاتها الثلاث والعشرون .. و تبدأ عام جديد بأمنية جديدة .. وقف الجميع و دلفوا إلى الداخل لينفغر فم جاسم وهو يطالع وعد بجمالها الصارخ .....
بينما وقف مالك مشدوها وهو يتأمل وعد بعين عاشق .. فقد كانت جميلة بشكل آخذ للقلوب .. بينما قد سكن قلبه بين يديها ......
رفع سامر حاجبيه بتعجب وهو يرى علا أمامه بإبتسامتها الصافية والتى تعكرت فور رؤيته .. إنفطر قلبه وهو يتابع إمتعاض وجهها وضيقها لمجرد رؤيته ......
رحبت وعد بجاسم وقالت بإبتسامة هادئة :
- أهلا وسهلا يا باش مهندس .
رد عليها جاسم وهو يتأملها بشدة .. طائفا عليها كليتها .. شاعرا بالغيرة الشديدة من رؤيتهم إليها بتلك الهيئة الشهية :
- أهلا بيكى .. كل سنة وإنتى طيبة يا وعد .
لاحظت نظراته التى تحاوطها كأنها تعزلها عن العالم المحيط بها .. فقالت مسرعة :
- وحضرتك طيب .
إلتفتت لسامر وقد زادت إبتسامتها وقالت مرحبة :
- أخبارك إيه يا سامر .. منور الدنيا .
إمتعض وجه جاسم من تلك الكلمات المتحررة لسامر .. بينما الألقاب والجدية له هو .. رد عليها سامر بإبتسامته الشقية :
- منورة بيكى .. بس إنتى النهاردة تتحسدى يا وعد ما شاء الله .
- شكرا .
إجتذبها عمرو من ذراعها وقال :
- يالا يا بنتى علشان تطفى الشمع .
أومأت برأسها و قالت :
- حاضر .. خلى ريتال تقف جنبى على كرسى علشان تطفى الشمع معايا .
صفقت ريتال بكفيها وقالت بسعادة :
- أنا هقف جنبك بس وسامر سايلنى ممكن .
إقترب سامر منها وحملها وقبلها قائلا بشوق :
- قلب سامر يا ناس .. أنا أطول أشيلك يا عمرى .. وحشتينى موت يا توتا .
قبلته ريتال بوجنته وقالت :
- وإنت وحستنى أكتر .. يالا بقا نغنى لوعد ونطفى الكاندلز .

إلتف الجميع حول الطاولة و أطفأت الأنوار وغنوا لوعد سنة حلوة يا جميل .. و قالت روان لوعد :
- إتمنى أمنية يا وعد .
أغمضت وعد عينيها لثوانى ثم فتحتهم وهى تتطلع بمالك كأنها تخبره أنها تمنته هو .. إستقبل نظرتها برضا .. ثم مالت على الكعكة هى وريتال و زفروا بقوة لتنطفئ الشمعات .. صفق لها الجميع وعايدوها .. وخرج الرجال للجلوس بالخارج .. بينما أشار مالك لجاسم أن يأتيه بهدية وعد .. فأحضرها جاسم من سيارته و أعطاها لمالك الذى أخفاها وراء ظهره وقال لوعد بصوت عالى :
- وعد .
إلتفتت إليه وقالت وهى تقطع قالب الكعك وتوزعه عل الأطباق :
- أيوة يا مالك .
إبتسم إليها بمكر وقال :
- تعالى قربى منى .. وغمضى عنيكى .
صفقت بيديها وقالت بفرحة :
- أخيرا هاخد هديتى السرية دى .. ده أنا كنت قربت أمل .
وقفت أمامه وهى تميل برأسها لليمين تارة ولليسار تارة علها ترى ولو جزء بسيط من هديتها .. ولكنه حجبها بجسده العريض الرياضى وقال بضيق :
- إنتى كده بتخمى .. غمضى يالا .
وقف الجميع يتابع ردة فعل وعد .. بينما أغمضت هى عينيها وقالت بفارغ الصبر :
- أدينى غمضت لما أشوف أخرتها إيه .
أخرج مالك هديتها من وراء ظهره .. قتعالت الهمهمات من حولها فقالت بفضول :
- واضح إنها حاجة مهمة مش كده .
تنفس مالك مطولا وقال :
- فتحى عنيكى .


قراءة ممتعة ......

ياسمين أبو حسين 11-11-20 11:28 PM

انتظروني بالفصل السابع
ارجو ان ينال ذلك الفصل إعجابكم
بانتظار تعليقاتكم و ملاحظاتكم

آلاء الليل 12-11-20 12:59 AM

مشكورة على تعبك فصل جميل كالعادة في انتظار القادم بشوق ❤❤❤❤❤❤

Moon roro 12-11-20 11:52 PM

شوقتينا ياسمين شو هي هدية مالك لوعد
فصل جميل ورائع تسلم ايديكي حبيتي بانتظار الفصل القادم بشوق💕💕💕

ياسمين أبو حسين 14-11-20 09:16 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل (المشاركة 15194785)
مشكورة على تعبك فصل جميل كالعادة في انتظار القادم بشوق ❤❤❤❤❤❤

تسلميلي حبيبتي الغالية كلك ذوق
اوعدك الجاى اكثر اثارة و تشويق


الساعة الآن 02:39 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.