21-01-21, 11:14 PM
| #466 | ||||||||||
| كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء 
|  بسم الله .. الفصل الثامن من حمائم ثائرة .. إني بدويٌ من رحم الصحراء، حفيد من شجّوا الصخر وحفروا فيه ناحتين وطناً ومدائن، في الأرض اختاروا بقعتهم بين الفراتين والساحل، أيعجزني قلبك الذي نشدت وطنًا؟! من حُسن الحظ حامدين الله أن للجار الجديد والعريس المحتمل أحمد عقدة غير لطيفة أبداً على إثرها تم انتقالهم للمسكن هنا، فهو رجل له تاريخ فيما يتعلق بالنساء، حُملت هذه البشرى لعلياء والطامة لنهال على طبق نميمة خاص بثرثرة صباحية لنساء الحي، حيث جاء موعد تجمع نسوة الحي في أربعاء كل أسبوع وفي استطلاع وتفقد لأحوال الرعية من زواج وطلاق وإنجاب وفلانة صوت صراخها يصم الآذان وتلك قوية و"كاسرة" تقود زوجها الإمعة وحسرة عليهن اللواتي لا يملكن من أمرهن شيء بتنهيدة خائبة وحسرة وأطباق قشر البذور تعطي حصيلة نميمة عالية المستوى إلا أن فجرّت سمية خبرها الموقوت الذي جفلت عنه: _يي يا جماعة كيف راح عليي هالخبر وسهيت عنه.. وبملامح تترقب فضول تنتظرها الجارات الحبيبات: _الجيران اللي سكنوا عنا جديد بالحي سمعت عليهم سمعة!! خفق قلب نهال الذي كُتب عليه أن يؤسر بشقاء بين مطرقة لهفتها أن يقر عينها بالعنيدة وسندان المصيبة المترقبة التي نطقتها ملامح سمية وبصبر نافذ.. - مالهم يا سمية.. _عندهم شب اسمه.. اسمه.. يوووه نسيته المهم صاحب محلات للألبسة، المهم كاين متجوز ومرته بينه وبينها مشاكل وانفصلوا،.. -يي مطلق!! أحداهن جف حلقها ترقباً تقبض على قلبها أنامل انتقام، والأخرى تبلل ريقها الجاف برشفة عصير وتكمل: -استنوا أكمل.. والشب بده مرته بس إمه مش راضية وحلفت يمين لتجوزه ست ستها، وهي ما خلت بيت ما دقته وخطب مرتين، بس بترك كل مرة لإنه مش قادر بده مرته ومرته بدها إياه.. صدمة.. اثنتان.. يا الله!! هل ستحتمل المزيد؟؟ -واللي فهمته خلافاتهم لإنه نسونجي وعليها مشاكلهم،.. شهقات، وسباب لرجال الكون الذين يتمتعون بخاصية التلصص كميزة إضافية فوق قائمة النكد المعتادة.. -شو الجديد يا خواتي، كلهم هيك، المهم لحد ما انفجرت وطلبت الطلاق، وبقولوا أنه أمه تحلفتلها ونقلته من الحي وهيها نازلة جرد ببنات هالحارة فانتبهوا، لإنه الشب بده مرته وكل يوم بروح ويترجى أبوها، بس ابعوها كابرة براسه ع اللي عملته إمه فيهم! ما بين ابتهالها بكشف الخديعة التي وطأت قدماها دون أن يغريها صانعها، بل أشركت العلياء بها، دون أن تنال شرف طرق بابها الموصد على الدوام، بل جعلتها هي من تسأل أبوابهم.. سقيا خزي وعار شربت منها حد الارتواء، ما عاد رأسها يحتمل النار ألهبت حواسها ولسانها عاجز.. ببساطة كلها عاجز منها! أي أم سيئة هي؟؟ أجلت عقلها من دوامته وعادت لسرد القصة التي نقلت تفصيلًا من سمية عن ابنتها عن لسان صديقة ابنة خالتها التي ذهبت لسؤالها عما إذا كانت تعرفهم بما أنهم يقطنون الحي ذاته كاستطلاع عن بيت العزاب الوسيمين الذين حرقت أوراقهم بسبب أحمد!! _يا ربنا العفو، شو هالكاسرة تترك الزلمة يرجع لمرته!! وشهقة أخرى مع ضربة خفيفة على الصدر.. _وطيب مين الصاحية اللي توافق ع شب بدون ما أهلها يسألوا عنه؟؟ _الله يجيرنا مين بورط مع بنات الناس ويتركهم كأنه بلعبة، إزا مو ماين ع حاله لا يخطب بنات الناس بدل ما يحسبها عليهم خطبة!! غمزة ولمزة وتوضيح مبهم بإشارة لها قالت جارتها الحاقدة.. -والله سمعت إنهم حاطين عينهم ع وحدة من بنات الحي عمرها مو هين، وموخدين الأوك منها ومن أهلها!! وتشاركها الأخرى بدس الوقود علّ جوفها المتكبر يتلظى بالنار.. -وبيقولوا الناس شايفينها تودي أكل لبيتهم لعل وعسى.. قهقهة تنزل سكاكين مسننة لقلبها.. قلب الأم الضعيف. ومداخلات من هنا وهناك، بالطرق الرخيصة التي يتبعنها الأمهات.. -ويا ريته العريس محرز! والكثير الكثير مما أرهقها، واستنزفها خالصة فلم تعد بالحديث لعلياء، وطلبت ملهم في اتصال هاتفي وكم أنعشها أنه لم يتح له المجال بالحديث معها أخبرته بإيجاز بأنها صلت ولم ترتح ولا تدري لما شعّ صوته المتردد والمتخبط حتى أضحى رائقاً مُبهجاً، لم تجد بُدّاً من الاختلاء بذاتها في حضرة الإله بخشوع وطمأنينة تفترش رحابه تبتهل له بأن يغفر زلتها، وأن يهدي سريرة ابنتها فلا تتركها ملتاعة بقلقها وخوفها عليها، إذا وارت عينها التراب فلا أخ يسندها وملهم ذاهب ولن يبقى تعرفه .. وإن بقي وكانت له زوجة إذا ما هداه الله وأراح قلبها، فإن علياء ستكون عبئاً عليه وعليها.. ثبتت وجهها حيث القبلة، أراحت جبينها موضع الطمأنينة وسألت بقلب ملتاع.. -يا رب طمن قلبي عليها، واهديها وأكتب إلها النصيب اللي يريحني وما أروح من الدنيا إلا وأنا قريرة البال .. يا رب تولى علياء بلطفك، والطف بقلبي.. | ||||||||||
|  |
|
21-01-21, 11:16 PM
| #467 | ||||||||||
| كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| ********** منتصف يناير استراحة محارب، أن تنال وجبة نوم دسمة بعد إرهاق طويل المدرسون والطلاب موعدهم منتصف يناير بداية كل عام ومنتصفه حزيران ومكافأة لعالية التي أتمت اختباراتها التي تظن بأنها قد تحمل أحدها في جدولها، كانت زيارة بيت جدها وأخوالها في الكرك، والكرك فعلياً كفيلة بإراحة ذهن نهال المتعب متأكدة علياء أن أمها ستنسى علياء وأبوها مع أول وجبة مدقوقة أو كنافة كركية "لزيقيات" أو الفطيرة "المجللة" وستغرق مع شقيقاتها في صنع العجائن والحلويات، وبالفعل نهال الآن غارقة في جمال عيّ ومناظرها الخلابّة بعد أن زارت قلعة الكرك ليلاً وصعدت عالية لأعلاها والتقطت أنوار مدينة القدس الواضحة من هُنا، الطيبة وآثار الأنباط... كل ما في الكرك عبق رئتيها بهواء أنعشها وجدد روحها إلا أن هناك زاوية خافتة لم تسلط عليها الأنوار أسدلت عنها لكي لا ترهقها أكثر، حسرتها وهي ترى بنات شقيقاتها وأشقائها متزوجات، هن أصغر من علياء كل واحدة تحمل في حضنها طفلاً أو اثنين.. وعلياء تبخل عن ونس يحيط بها ما إن يكيل لها الزمن طعناته، فعالية وإن لم تفصح فابن خالتها وئام يريدها وبشدة إلا أنها أجلّت الموضوع حتى إكمال دراستها . -ديري بالك ع حالك يا حبيبتي، طفي كهربا البيت، لا تلبسي خفيف، لا تطلعي عالبلكونة يا حبيبتي بعرفك لإني هلأ بتضلي طالعة بالبرد.. -حاضر يا ماما من عيوني.. -انتبهي لروبي.. كل شي بالبيت لا تطلعوا، وإزا احتجتوا إشي رنوا على ملهم .. الضجة أنبأت علياء كم تعج الجلسة التي تتوسطها بالسعادة والبهجة، ضوضاء العائلة سكينة من نوع آخر.. -ماشي حبيبتي أنت أهم إشي انبسطتي؟ والإجابة كانت من ابن خالها أجود الذي اختطف سماعة الهاتف وعاتبها: -ليش ما إجيتي علينا يا علياء، الكل موجودين ما عدا أنت وملهم.. مقرونة به حد اليأس.. عالقة حد القنوط من النجاة.. متى ستتحرر من سطوته عليها؟ -أهلين أجود، أنا منيحة الحمد لله، بس والله ما بقدر آخد إجازة عارف طبيعة شغلي والإجازة بكتروا فيها السياح.. لوى شفتيه بامتعاض وأخبرها صادقاً: -كنت قادرة تخلي الكرك وجهة، بس يللا براحتك! همّت أن تبرر له بأنها لا تقدر المجيء أبداً وأنها رغبت بأن تذهب والدتها بعيداً عنها علّها تحصل على هدنة سلام إلا أنه أخبرها بكلمات مختصرة تحمل العتب وناول الهاتف لعمته.. أكملت والدتها المحادثة بعد سلسلة توصيات طويلة.. -لا تنامي بدون سورة الكهف ماشي يا ماما، سلمي ع روبي ولا تقصري عليها بشي.. تيقَّنت عروبة أن الخالة نهال قد أغدقت بوصاياها الحبيبة على علياء. حالما أنهت جلسة التصوير خاصتها، لمدفأة الحطب مثيرة الشكل صاحبة مظهر يمزج بين العراقة والفخامة، شاركت الصورة على مدونتها أرفقتها بعبارة استلهمتها من أصحاب المنزل الذي تقطنه: -إن كان الأب عماد المنزل، فالأم أرضه وأساسه.. لا أفقدكم الله أراضيكم، ولا هدم عماداً ترتكزون.. وجبر الله مصابها بأرضها التي فقدت حياتها، وعمادها الذي رمته ريح الظلم بعيداً.. توسدت علياء الأرض بجانبها، تحمل الأطباق التي أعدتها والدتها لها قبل سفرها إلى الكرك، إذ ضاعفت الكميات تحسباً لمعدة ملهم الجائعة على الدوام، وها هن يتناولن أصابع زينب والعوامة، وبسبوسة القشطة بنهم خالص.. ************ قد تكون صدفة مقدرة تلك التي يقررها الله، ولكن ماذا عن الصدفة المختلقة؟ شيء توهم الآخر أنه حدث مصادفة.. لكن فعلياً لا صدف... هناك أقدار.. وثائر هنا أوجد صدفة عن سبق إصرار وترصد! مثل أنه الآن يبيت في منزل صديقه ملهم الذي اعتذر وعاد باكراً من سهرة وداع أبي محمود الذي سيسافر غداً إلى محافظة إربد مع عائلته، وعن سؤال ثائر له أجابه أن علياء في المنزل وحدها وزوج خالته ذهب في زيارة إلى بيت الله الحرام، وهي لم تستطع أخذ إجازة للسفر مع والدتها، وهنا غضب ثائر وعاتبه: -البنت لحالها يا ملهم! بتمزح؟؟ كان أعطيتني خبر وأجت أمجاد عليها أو خذتها الحجة تضل عنا. نهض ملهم عن الطاولة واستل محفظته ومفاتيح سيارته، وبإجابة بسيطة تحمل الخبث في طياتها، نطقها وهو يتوجه حيث الباب.. -يزم لا تكبر الموضوع عروبة عندها، وفش إشي ناقصها... والتفت إليه يخبره لا يأمر أبداً: -بدي أطلع السيارة خلص سوالفك وتعال نكمل السهرة عندي.. ودع العم وأسبغه تعليقات مضحكة: -لسى مصر ما نروح والله نفسي أروحلهم وأوخذ بثار كل ضربة ضربوها بزمناتهم.. ثم تحدث بشغب افتقده وهو ينقل بصره ليده الشامخة: -لا يغرك أنها معطلة البركة باليمين، تقول لوح.. مسح عليها العم مسحة حنان وأبصره بثقة: -رح ترجع حية وأقوى من قبل، وأول شي بدي إياه تسد للثور ملهم كل ضربة وشلوط. "ركلة". -ومن مرة أوخذ بثاري من نسايبك.. قهقه العم وشعّت عيناه حنيناً لأيام مضى عليها أكثر من ثلاثة عقود.. -اعقل يا ثائر، اغلبهم هسّا عند ربنا.. وبمقلتين تنضحان حُبّاً كلل بالمودة وتوج بالرحمة قال: -فداها زمرد الغربة والضرب، وفداها عمري وقليل عليها.. -الله.. الله! يا رب أطعمنا عاد.. -الله يرزقك اللي بتستاهلك.. ودعوته الصادقة يشير بقلبه حيث سمراء تسكن إليها النفوس وتسكنها الأوطان.. تبادل معه الأحاديث وودعه بعناق أودعه فيه ثائر : -أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.. وها هما الآن في سيارة ملهم التي دخلت الحي، وبدون إرادة منهما حاد بصرهما نحو البيت المشعة أنواره... وهناك حقيقة ثابتة أمّن عليها كلاهما في سرّه دون البوح، أن الأنوار أخذت القبس من اللتين تجولان فيه هذه اللحظة.. دخلا المنزل مسمّيين، ورغم ترتيبه ونظافته التي تشرف عليها نهال إلا أن فوضى ملهم تترك لمستها غصباً مثل أوراق النوتات الصوتية، جيتار مرمي بإهمال، كنزة هنا وهناك.. هذا كله في صالة الاستقبال، الله أعلم بحال غرفته!! جلس ثائر في صالة المعيشة بانتظار أن يبدل ثيابه، غاص في صفحات التواصل الاجتماعي، وكالعادة استوقفه تعليقها عند كاتبها المفضل.. -إن كانت هناك رغبة داخلك في دعم العدالة الإنسانية و الدفاع عن حقوق الناس والتصدي للظلم ومحاولة ردعه يفضل أن يكون موجهاً إلى الجميع، بعيداً عن الانتقائية في اختيار الفئة التي توكلت وصُنفت تحت مسمى عشيرتك أو ثقافتك، أمتك، لأن المبادئ لا تتجزأ. وبالتأكيد أبرز المعلقين ستكون Arab_89.. بتعليق يبرزها ويثبت جوهرها.. - ما دامت الإنسانية ذاتها التي تحرك بنا حسب أهوائنا، وبما يناسب مصالحنا ولا يتعارض معها، فإنها مزعومة، ومن ينادي بها فهو لا يملك من أمرها شيئاً إلا اسمها الذي أفقده معانيه. دخل لصفحتها وللطلب المعلق، ورغماً عنه ابتسم، هو في عرفها في خانة المتلاعبين وهو أبعد ما يكون، وهي مثالاً في العفة وهي التي لا تدعيها.. أبصر تحديثها الأخير ورق قلبه، سار بين أروقة تحديثاتها الكثيرة، تحديداً عن واحدٍ بعينه الذي رثت فيه من كان خطيبها في وقتٍ مضى وبكل أسف جاور ربه منذ سنوات.. أسباب كثيرة تحوم في عقله حولها وفي قوقعتها إذ فهم من ملهم أنها ترفض الزواج ممن تقدموا لها للآن وبما أنه في قائمة المرفوضين إلى الآن ولم ترحب بأي بادرة منه فلا بأس .. عاد ملهم بإبريق الشاي، وكأسين بلا صينية، وأكياس بذور عباد الشمس وحين وصل إليه ولاحظ برودة الصالة تأفف بغيظ ورمى بالأغراض على الطاولة عدا الأبريق طبعاً .. -مستني أولع الصوبة أنا؟!.. رفع ثائر رأسه مُباغتاً إذ أنه سبح في خيالاته الخاصة غير عابئ بالبرودة، فـ عروبة التفكير بها يستحق أن تغرق حد التجمد وأكثر .. -لأ، كنت بستنى فيك تولعها.. لكمه ملهم بغلاظته المعتادة فاستسلم للضحك، عدّل من وضعية جلوسه حيث مد قدميه على الطاولة المجاورة وبالتفاته أبصر الضيافة المُعَدّة أمامه رفع حاجبه مستغرباً وسأل: -من متى البزر والزوق والتقديم؟!!.. يجاوره ملهم بعدما أوقد المدفأة ويجيب: - والله ما بعرف لقيتهم بالخزانة يمكن نهال حطتهم، لقيت واصلهم رطوبة وقلت هالبزرات مو خسارة فيك.. ناوله كمية من البذور الرطبة فاقدة الطعم واللون والرائحة وبدون أدنى إحساس بالكرامة.. أخذ ثائر أول حبة ونفث قشرتها في وجه ملهم: -صاحب واجب!! ومضيا يشاهدان الفيلم الذي اختاره ملهم "الموصل " .. | ||||||||||
|
| |
|
21-01-21, 11:24 PM
| #468 | ||||||||||
| كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| وفي المنزل المقابل .. داخل غرفة علياء تحديداً تفترشان الجاعد العصري، وحاسب علياء أمامهما رقاقة الذاكرة الخاصة بعلياء تبث شريط حياتهم الكامل .. -يا الله إمك شو بتشبه عالية!! تبتسم علياء لوجه والدتها ولوالدها في يوم زفافهما -فعلاً علوشتي بتشبه ماما بكل شي، حتى نفس العند والتهور.. تبتسم وتخبرها: -بابا بحكيلي إنه إمي نسخة عالية بشبابها، فرق إنه ماما كانت مجنونة بفريد الأطرش وعبد الحليم، وعالية مجنونة بالكوري.. وإنه ماما كانت متهورة وعنيدة كتير.. وتسحب التالية التي تحوي والديها وأخرى تقسم عروبة أنها علياء بفرق السنوات متوسطة الطول بجسد نحيل، وبشرة قمحية.. .. -أستني أستني مين هاي، يا الله نسختك! ابتسامة حزن هذه المرة.. -هادي خالتو علياء.. نظرت إليها عروبة باستفهام: -هاي ساكنة بالكرك.. -هادي إمو لملهم... ناظرتها عروبة وتمتمت بأسف : -الله يرحمها يا رب.. ثم تعود إليها وتخبرها بصدق.. -بس يا الله، كأنها أنتِ!.. تومئ علياء برأسها وتخبرها: -إيووه كلهم بحكوا هيك، وعشان أنا شبهها سماني زوج خالتي علياء.. -يا الله شو وفي!!.. -جدا، جدا لدرجة إنه ما تزوج بعدها.. -يا الله! كسر قاعدة الرجال اللي بنقوا العروس وهم ياخدوا العزا.. لازم نبروزه الله يرحمه، ولا نعمله تمثال.. قهقهت كلتاهما على سخرية عروبة، وعادتا إلى الحاسب ومضى بصور كثيرة حول مراحل حياة من طفولة ومراهقة وشباب علياء وللحقيقة أن صور علياء لم تكن لها وحدها وإنما لها شريك، وشريكها المغضوب عليه الذي يعد ركيزة في حياتها ويمضي بغباء.. فُتح المجلد الآخر والذي يحوي صوراً متنوعة حتى وصل إلى ملهم وحينها سألت باستغراب: -هدول أعطاني إياهم ملهم لأحسن جودتهم وأزبطها لأنها عزيزة عليه .. أول صورة كانت لملهم وثائر وأباد، في ربوع البتراء، وأخرى متسلقين جبال رم في لحظات الغروب بلقطة عفوية يضحكون على شيء ما وملهم يميل على ثائر الذي يمد بجسده للأمام صورة عفوية تبعث الابتسامة وتشعرك لغة جسديهما بمدى الالتحام الروحي فيما بينهما .. وأخرى قهقهت عليها علياء كانت لثائر وملهم يقفان أمام مركز الشرطة وأباد أمامها ملامحه غاضبة وممتعضة بينما هما يغرقان بضحكهما.. -يا الله لو تعرفي قصة هالصورة.. وأمام ملامح علياء الغارقة بالضحك تحمست، يا الله ملامح علياء بدون ضحك تغرق في تأملها كيف وهي منفلتة وتضحك بهذا الانطلاق؟!.. بعدما هدأت إذ أنها زادت عيار الضحك رغماً عنها: -هون ثائر وملهم انضربوا من أولاد صغار، كانوا شي خمس وعشرين واحد رايحين رحلة مدرسية وكانوا بالآثار وطبعا ما رح أحكيلك أنه ثائر وملهم طالعين بلا هويات ولا غيره وفعلا الصورة توحي بالفوضى بملابسهما البيتية، والأحذية التي ينتعلانها.. ضحكت مرة أخرى وضربتها عروبة لأنها أفسدت القصة.. -اللي صار إنو هدول الأولاد اللي طالعين رحلة، أجوا ع ملهم وثائر وصاروا يتحركشوا ويتزانخوا وهدول تقبلوا الموضوع لحد ما صاروا يخربوا بالآثار الموجودة وبرضو راحوا بهدلوهم وما نفع وبغفلة منهم واحد من الأولاد سرق الكاميرا وهون فار دم ملهم ولحقهم ومسك الولد اللي سرقها، وثائر لحقه ليحجز ويفك وإذ بكل أولاد الرحلة هاجمين عليهم لحد ما إجى شرطي السير وحولهم للمخفر وهون ما قدروا يحكوا مع حدا أو يتواصلوا مع حدا من خزيهم من الموقف لحد ما رنوا لأباد اللي أجى ومعه سياف وطبعاً أباد اللي دفع وطلعهم، لإنه سياف معوش مصاري وهو فعلاً معه بس نكاية بأباد، وهادي الصورة صورها سياف .. ضحكت عروبة هذه المرة متخيلة منظرهما رجلان يتلقيان الضرب ويتناطحان مع مراهقين وأقل عمراً.. -كان ملهم بحكي لا يغركم، بس همي أعدادهم كبيرة وغافلونا.. تجاوزتا هذه الصورة ومرتا بأخرى كانت تحوي الاثنين في شارع المتنبي وسط بغداد كانت الصورة بجودة عالية ولا تعلم أهي سرقت الجودة من جو بغداد، أم انعكاس بغداد طبع على الكاميرا؟ كشفت ملامح ثائر بسمرتها غمازتيه المحفورتين بوضوح، الشمس تسطع بإثارة تلهم الملهم فتوهبه سحرها الذي نافس سحر بغداد وتأثيرها عليهما وجه ملهم بدا بلون الذهب، والآخر عكست على سماره فتوهج برونزياً ، الضحكة حقيقية والتجاعيد حول عيني ثائر واضحة حد قدرتها على عدّها كم خط -هو ملهم بروح عالعراق؟؟ -ولا بعمرو قطعها، قبر زوج خالتو هناك.. لم تستطع أن تكبح فضولها الذي يتحرق شوقاً لهذه القصة .. - إحكيلي عنهم شوي . شحن الحاسب انتهى فانطفأ، التفتت إليها علياء وأخبرتها .. -عمري حكيتلك إني ما شفتهم ؟ -لأ، ليه بس ؟ -هاد يا ستي زوج خالتي أجى يدرس هون بالأردن، ودرس بالجامعة الأردنية كان هوي ماستر وخالتو سنة أولى كانت بتقضي أيامها عند إمي بعد ما تزوجت يعني ماما هي أكبر من خالتو علياء لو إنو ملهم أكبر مني، بس ربنا ما أطعمهم الولادة من أول شي .. أومأت عروبة باهتمام فتابعت الأخرى : -المهم إنه حبها وأجوا أهله طلبوها، وكانت الفوتة والطلعة من الأردن للعراق ولا أسهل أيام ما كانت بغداد دلال الرغد والهنا.. وتأسفت هنا بأسى .. - اشترى البيت اللي ساكن فيه ملهم، وأشارت بسبابتها نحو الجهة المقابلة تشير لمنزله .. -كانوا بين الأردن والعراق، وفترة حملها أجلت الدراسة وضلوا بالعراق، لحد ما أجت ولادتها وكل بيت جدي وماما راحوا معها، ولدت ملهم وسمته متل ما بدها، وتعبت بعد الولادة وصابتها حمى النفاس وطولت بمرضها نقلوها هون للأردن وما قدرت تصمد هون إلا أسبوع وتوفت ضل ملهم بحضن إمي لبعد الوفاة بوقت، وبعدها رجعوا للعراق وحسب ما فهمت إنه سته لملهم تعبت وما قدرت تعتني فيه، فرجع للأردن.. لأمي اللي كأنه انخلق منها ورجع لحضنها، وحكتلي " أول مرة أخذته بحضني أوحى اللي ربنا إنه قطعة مني ...." وتنهيدة حزينة أخرى : -قرر يكمل دكتوراة، وكمل وبشهادته اشتغل، وبعد ثمان سنين فيهم يعلم الله عاد ع أهلي وولدتني أمي وماتت سته ومات جده، ومرض أبوه بالخبيث، وأربع سنوات صراع مع المرض وغيره اختار يموت ببغداد وكان إله اللي طلبه، وتوفى هناك، واستسمح من اخوانه يضل عند أهلي يربوه، وفعلاً ربته إمي وكان بينها وبين عمته اللي استقرت بعمان، وعمامه اللي يروحلهم ويجوا إله هون، وبعدها صار اللي صار وسكنوا بالرويشد بالأردن وما انقطع عنهم أبداً.. -الله يرحمه ويرحمها، يا الله ملهم أنموذج في حب الحياة والإيجابية .. -جداً جداً .. -قصته بتشبه قصة كفاح الله يرحمه؟؟ وكفاح خطيبها السابق صديق أخيها عزان اللذان انتقلا لدار الحق بنفس الطريق المكلل بالياسمين والدم .. -كفاح ربته خالته، لانه أبوه ما إله أخوان أصلاً.. وسؤال بديهي من حالمة تقصف قصورها الوردية بغارات الواقع المقيت .. -حبيتيه ؟؟ -إيوه لأنه بستاهل الحب، زرع حبه فيني .. وسؤال آخر متردد، وعالق بين خوف النطق، أو أسره في نفسها : -وهو السبب بأنك ما توافقي.. التفتت عروبة هذه المرة وبمفاجأة سألت : -لأ طبعاً .. أنا وحدة بتآمن بالقدر، وواثقة لو ربنا كتب لي نصيب بالزواج ما كنت رح أتردد لو أجاني الفرصة المناسبة، الفرصة اللي هي نصيبي اللي لسى ما أجى .. وبالنسبة لكفاح، فكفاح شخص ما رح ينتسى بس بعمره ما بأثر على إني أكمل حياة، أساسها استمرارية .. | ||||||||||
|
| |
|
21-01-21, 11:38 PM
| #469 | ||||||||||
| كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| روبي هو أنت فعلا ليه ما فكرتي بعرض أباد، ممكن فعلا كان عنده مشاعر إلك .. لوت شفتيها بامتعاظ حقيقي وأخبرتها : أنت مسدقة إنه أباد كان بده زواج وعائلة، أباد قال أتزوجها عشان ما أدفع راتبها !! -وشو بالنسبة لكلام حنين ؟؟ تذكرت حنين وما فجرته في المدرج فأخبرتها بصدق : -صدقي أنا بحب الحياة المدين الها كل يوم بأني عايشة، وبحب استمتع فيها وأترك بصمتي متل ما بدي بس وجودي بالحياة ما بنفي منطقيتي بالانتقاء الجيد .. وباندفاع معتاد ترد الحالمة : -ثائر فرصة منيحة ! -أعطيني ضمانة لثائر! ثائر رجع من شهور، شو بضمن لي إنه ما رح يرجع ويسافر .. -رجوعه استقرار، وأكبر دليل إنه فكر بارتباط ومستحيل يرتبط بوحدة وفي بباله نية إنه يروح أو يترك المكان *** -وشو بالنسبة لكلام حنين ؟؟ تذكرت حنين وما فجرته في المدرج فأخبرتها بصدق : -صدقي أنا بحب الحياة المدين الها كل يوم بأني عايشة، وبحب استمتع فيها وأترك بصمتي متل ما بدي بس وجودي بالحياة ما بنفي منطقيتي بالانتقاء الجيد .. وباندفاع معتاد ترد الحالمة : -ثائر فرصة منيحة ! -أعطيني ضمانة لثائر! ثائر رجع من شهور، شو بضمن لي إنه ما رح يرجع ويسافر .. -رجوعه استقرار، وأكبر دليل إنه فكر بارتباط ومستحيل يرتبط بوحدة وفي بباله نية إنه يروح أو يترك المكان.. -برضو مو مبرر اللي، أنا بحاجة ضمان أقوى يعطيني يقين وإشارة إنه هو الشخص المناسب.. توافقي فكرياً معه، تشابهنا، وتفاصيل ممكن تكون موجودة مش دليل ارتباط وحياة كاملة ... والأهم هو شخص غير مضمون إلي.. وبحمية العارف، والشاهد لكل ما عاناه ثائر يتهدل كتفي علياء وتخبرها -بس اللي شافه ثائر بفرض عليه اللي صار ويبعد، يفرض عليه قسوة وممكن طار إيمانه لوقت، بس المهم إنه رجع.. تحفز فضولها وبحاجة مُلحة لأن تعرف قصته وسبب ابتعاده: -ليش شو اللي صار بالضبط؟؟ -هلأ بحكيلك ... ************* وفي المنزل المقابل وبعد إنهاء الفيلم، وصلت رسائل لهاتف ثائر فتحها فكانت عبارة عن مقاطع فيديو لجاره العزيز الذي تكفل بأن يساعده ويعاونه على تعلم لغة القرآن وها هو بمواظبة يبعث إليه بمقاطع تحوي صوته الذي يوحي بمدى تقدمه، وبمقاطع أخرى لصغار الحي الذي أخذ على عاتقه بتعليمهم إياها، وأخرى في مسجد الحي وحلقة كاملة حوله يقص عليهم فيها عن أمجاد صلاح الدين الأيوبي.. أعاد المقاطع -انظر.. أنهم يبلون حسناً، وإشارة إبهام توحي بنعم.. ضجَّ قلبه بما يراه ويسمعه، أصدقاؤه الذين علمهم لغته الفصحى وقص عليهم أمجاد أبطال الأمة يتناقلون فيما بينهم وينشرون عبق العروبة في بلادهم.. تذكر نفسه وهو بينهم وهم يتسابقون إليه بمن أعد طبقاً عربياً بمهارة أو من تعلم كلمات جديدة، وكيف بث فيهم حب البلاد التي عجنت طينته فيها.. لم يسألوه وهو هناك ما هي دولتك، أو إن كان ذلك الإنجاز منسوب لدولة بعينها، كان عربياً يتحدثون بفخر عنه ويخبرونه بـ "أنتم العرب" . وصل إليه مدى غبطتهم لبلاد الأندلس فيما نالت بأنها مرفأ ووطن للعرب في وقتٍ مضى.. وهنا وصلت إليه لذة أن تكون عربياً.. -كان بإمكان الأنبياء السابقين أن يأخذوا من أمريكا مهد رسالة، أو من إيطاليا حجر ارتكاز لدعواتهم، لكان النبي محمد في فرنسا، والكعبة الشريفة بمكان مغاير.. لكنهم كلهم كانوا بمهد واحد، أنجبونا عرباً رضعنا من المهد سوياً فكنا أخوة.. كان بإمكان الحضارات التي نحتت بالإزميل بيديها وطناً في صخر، وتلك التي شيدت أهرام مصر، ووهبت الفكرة للأمويين الذين وجدوا في سوريا السكن والوطن، أو العباسيين الذي أخذوا من دجلة وفرات نهراً يروي أوطانهم، أو الآشوليين في المغرب الذي عمدوها سكناً، أن يختاروا أرضاً أخرى يفترشون فيها رحالهم، ينصبون هاماتهم يجمعون الحجارة والطين لتشييد ممالكهم فيها، لكنهم اختاروا من الأرض خير بقعة فيها، البقعة التي عرج منها رسول الأمة، ذاتها التي حفرت أعتى الممالك بصمتها فيها.. وطن يبني لما لا يفنى.. لذة أن تكون عربياً - نهض بعد أن أفرغ مدونته الشخصية هذا التحديث، وأبصر ملهم الذي يراجع أوراقه بنعاس، وخاطر آخر راوده بأن ينشر تحديثاً آخر.. - إني بدويٌ من رحم الصحراء، حفيد من شجّوا الصخر وحفروا فيه ناحتين وطناً ومدائن، في الأرض اختاروا بقعتهم بين الفراتين والساحل، أيعجزني قلبك الذي نشدت وطناً! | ||||||||||
|
| |
|
21-01-21, 11:40 PM
| #470 | ||||||||||
| كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| ************** -يعني ثائر أبوه مات بسببه؟؟ أومأت علياء بعينيها التي تفيض بالدعاء، وتجيب بصدق: -إيوه ابوه مات محسور عليه.. -وما شافه بس مات.. تردد بغير تصديق، مذهولة، وتومئ علياء الغارقة بالدمع.. -مات وما شافه.. وأنين يصدر من شفتيها توحي للأخرى بثقل الأمر عليها، فكيف عليه هو؟؟ جفلت علياء حين ضرب السماء رعداً رجف قلبها وطار صوابها ولم تستطع منع صرختها فهرعت إليها عروبة تهدئها، وما هي إلا ثوانٍ قليلة حتى غادرت الكهرباء المنزل فشهقت مرة أخرى، وعروبة تمسد عليها.. -أهدي.. أهدي.. و"أهدي" ذكرت عروبة بمسحة حنان من والدتها في العراء ما أن تومض السماء بالبرق والرعد.. جف حلقه خوفاً عليها ما أن برقت السماء وضربها الرعد، المطر غزيراً تهلع له القلوب، يخشى أن يهاتفها فتكون غارقة في النوم، ويخشى أن تستيقظ على صوتها، وكأنها تشعر به، رج هاتفه فوجدها ترحمه وتتصل به فتح الهاتف خائفاً مشفقاً فاستقبله صوتها الباكي بشهقات متقطعة: -مـُ..ـلـ..ـهـ...م !! *************** وبين الزحام والجموع، التي دخلت من الحدود أفواجاً فرادى وجماعات، أرامل وأمهات لشهداء، أخوات وبنات لرجالٍ قضوا نحبهم فداءً للشرف والأرض، من بينهم رجلٌ أشعث الشعر مُغبره، مرغم كحالهم وأسوأ دخلوا البيت الجديد، البيت التي التقط رائحة بلده فيها.. إنها رائحة العروبة، رائحة صفائه التي رجّت جدران الدار لصرختها باسمه. #انتهى_الفصل .. قراءة ممتعة .. | ||||||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
539Likes
العرض العادي
