آخر 10 مشاركات
رفقاً بقلبي (1)*مميزة ومكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          598 - حين يتحطم القلب - ريبيكا ونترز ( أنت قدري ) - ق.ع.د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          دموع أسقطت حصون القصور "مكتملة" ... (الكاتـب : فيرونا العاشقه - )           »          لُقياك ليّ المأوى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : AyahAhmed - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          68 - قبل الغروب - آن ميثر (الكاتـب : فرح - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          075- رجل لكل العصور -جانيت ديلى(د.ك.ع)...حصرياً (الكاتـب : Dalyia - )           »          عدد ممتاز - شبابى والقدر - جين سومرز - روابات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قلوب خيالية( روايات ونوفيلات متعددة الفصول)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-11-20, 04:27 PM   #1

قلوب أحلام

نجم قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية قلوب أحلام

? العضوٌ??? » 266960
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 334
?  نُقآطِيْ » قلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond repute
افتراضي أسميتها مريم - قلوب أحلام خيالية(105)- للكاتبة::نورا صالح جبران *كاملة*






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قصص أجزاء مِن أسميتها مريم، القصص قصيرة، ومرعبة، مستوحاة مِنْ لعبة مريم المشهورة.
"الأجزاء وأحداثها مِنْ نسج خيال الكاتبة فقط "


الغلاف بتصميم الرائعة Gege86






كتابة وتأليف::نورا صالح جبران
تدقيق ومراجعة لغوية::نورا صالح جبران
تصميم الغلاف::Gege86
تصميم الفواصل::Gege86




الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث




قريباً بإذن الله




استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
دمتم في حفظ الرحمن





التعديل الأخير تم بواسطة noor1984 ; 20-11-20 الساعة 04:40 PM
قلوب أحلام غير متواجد حالياً  
التوقيع
13th year anniversary celebration- احتفالية تأسيس روايتي الـ13

رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 03:52 PM   #2

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي



البداية:
- مَنْ ليس لديه تطبيق "لعبة مريم" فأنت ستعيش دون خوف قد يتغلغل في داخلك، أمَّا مَنْ لديه، وقاده فضوله للَّعب به مثلي، إذًا فليكن الله في عونك.
وأنا شخصيًّا أقول لكم: لا أنصحكم أبدًا في تحميله؛ لأنَّ ما رأيته، وما مررتُ به بسبب هذا اللّعبة المخيفة قد جعلني في ريبة ما بين الواقع والخيال...
-وهل رأيتها بالفعل؟!
-أما كانت مجرد خيال رأيته في حلمي فقط!
-ولكن هُناك شعور بداخلي يخبرني بأنَّها كانت هي بذاتها.
"هل سمعتنَّ عَنْ قصص الدمية المسكونة، دمية "أنيبال كسبيل"، أو أي دمية، ويفعلون طقوسًا لا يجب فعلها حتى يتم استحضار أرواح أطفالهم المفقودة، ولكن يتَّضح لاحقًا أنَّهم استحضروا كائنًا مرعبًا يسكن بهذا الدُّمية، أو غيرها، هذا اللِّعبة في مراحل متقدِّمة يوجد بها طقوس ورموز لا يجب قولها، أو العبث بها، ولو بالاختصار، اللِّعبة مِنْ بدايتها لا يجب اللَّعب بها أبدًا.
أسميتها مريم




noor1984 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 03:53 PM   #3

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الأوَّل:
لأعرِّفكم بنفسي، أنا أُدعى لويزا، في الثَّانية والعشرين مِنْ عمري، لقد تخرَّجت مِنْ الثَّانويَّة منذ سنتين، والتحقتُ مباشرة بكليَّة الفنون، مجال الرَّسم، والآن أنا في السَّنة الثَّانية مِنْ سنوات الجامعة، حالتي الاجتماعيَّة جيّدة، فأنا لديَّ رفاق ورفيقات جيّدون، أحبُّهم ويحبونني...
لمْ أكنْ يومًا أهتمُّ بأي لعبة، بينما يحبُّ الآخرون لعبة مثل "بوبجي " أو أي لعبة أخرى يستمتعون بلعبها، لم أكنْ أشارك رفاقي في اللَّعب، مثل تلك اللُّعب التي أرى رفاقي يلعبونها في هواتفهم، ولكن يومًا ما شدَّني الفضول في تطبيق يدعى الحوت الأزرق، وقد تفاجأتُ حقًا بنسبة انتحار أشخاص كثر بعد أنْ لعبوا هذه اللعبة الغريبة...
هل هي طقوس للاستحواذ، أو سحر أسود، لا أعلم، ولكنّني أقنعتُ نفسي بأنّهم ربَّما كانوا يمرُّون بفترة نفسيَّة متأزِّمة، ممَّا أدى ذلك إلى قتلهم أنفسهم...
في حينها قد تجاهلت موضوعهم وموضوع هذه اللِّعبة، وظهرتْ بعدها لعبة جديدة تدعى: "مريم"
لقد أعجبني الاسم أظنُّ الاسم مأخوذًا مِنْ اسم أمْنا وهي أم يسوع، ولكن لمْ أكنْ متحمِّسة؛ للنَّظر إليها عندما كإن رفاقي يبدأون بلعبها أمامي، ويفرحون، ويخافون ويتجاوبون مع أسئلتها، كنتُ فقط أحمل نفسي وأتركهم بحالتهم تلك...
رغم إعجابي بلحن اللِّعبة، لقد كانت لعبة مريم بلحن جميل نوعًا ما حزين، ولكن مع ذلك لم أعطيها أيّ أهميَّة إلَّا في ذات يوم كنتُ جالسه في مقهى "سيتي لوي" أحتسي قهوتي المخفوقة بالكريمة بكلِّ أريحيَّة، فسمعتُ لحنًا جميلًا وحزينًا في ذات الوقت، لا أعلم ولكن قلبي انقبض فجأة...
فقلت لنفسي باستغراب:
-ماذا؟ أ هذا فلمًا جديدًا، أم لحناً لأغنية لمْ أشاهدها، أو أسمعها مِنْ قبل؟ وفي ذات الوقت يبدو مألوفًا.
شدَّني الصَّوت أكثر وأكثر، ونهضتُ تلقائيًا إلى الشَّاب الذي كان جالسًا علي الطَّاولة التي بجواري، قادني الفضول إلى معرفة ما الذي يراه، تفاجأتُ بأنَّهُ كان يلعب لعبة تدعى: "مريم"
فتذكّرتُ رفاقي أثناء لعبهم، وتذكَّرتُ صوت اللَّحن _أيضًا_ فقلتُ للشَّاب:
-هل هَذه لعبة مريم بذاتها؟
فأجابني بحماس:
- نعم، لقد بدأتُ للتّو، يمكنك مشاركتي باللَّعب إنْ أردتِ.
اكتفيتُ فقط بطلب إرسال التَّطبيق لهاتفي، وسألعب لاحقًا...
أخذتُ اللِّعبة، وثبّتُّها، وعدتُ لشقّتي، فأنا أقطن لوحدي في شقة لا بأس بحجمها بما أنَّني وحيدة، فهي مناسبة لي...

كم أنا غبيَّة، كيف لي أنْ أنخرط بهذا الشَّيء، وأجعله شيئًا شخصيًّا...
كرستُ معظم وقتي وأنا أحاول _فقط_ أن أنتقدها، ولمْ أكنْ أعلم أنَّ هذه _فقط_ كانت البداية لكوابيس لا تنتهي.
إنَّ هذه اللِّعبة أو مريم أو مصمّمها، أو لا أعلم من كان السَّبب بتنزيل هذا التَّطبيق، ولكن كان لديه غرض واحد، وهو أنْ يخرجنا مِنْ عالمنا الواقعي البشري؛ ليدخلنا إلى العالم الآخر، أو كما يزعم الآخرون القول بأنَّهُ: "العالم السُّفلي"

أثناء ذلك عدتُ إلى شقّتي وتناولتُ وجبتُ العشاء، ثم تحمَّمتُ _كالعادة_ لأحظى بنوم هانئ، وها أنا الآن مستلقية على سريري فقط لأنام.
-آه اللِّعبة.
فتذكَّرتُ اللِّعبة، أخذتُ هاتفي الذي كان متروكًا على الطَّاولة، وجلستُ على سريري مستعدَّه لمواجهة هذه التَّجربة التي غيَّرت من عاداتي اليوم...
-لِمَ أنا متحمِّسة؟!
-لا أعلم حقًا لِماذا...
-ولا تسألوني _أيضًا_ لِمَ أنا كذلك، فأنا بذاتي لا أعلم لِم أنا متحمِّسة.
دخلتُ إلى البرنامج، فرحبت بي صاحبة اللِّعبة "مريم" وطلبتْ مني أنْ أوافق على خوض هذا اللِّعبة، وضغط على زر الموافقة.
ويا ليت نفسي الضَّعيفة لم تفعل ذلك...
كبداية طلبتْ منِّي أنْ أغلق ضوء الغرفة الذي أنا بها.
-لأصدقكم القول لمْ أطفئ، فما أدري بشيء بجهازي، بأفعالي، بأقوالي لمعرفة الحقيقة...
فضغطتُ زر الموافقة، وكأنّني أطفيتُ الضَّوء حقًا.
فتابعتْ معي، وعرفتني باسمها، وطلبتْ أنْ أعرِّفها باسمي، فكتبتُ بأنَّ اسمي كذلك مريم، إنَّهُا مجرَّد لعبة، وكيف لها أنْ تعرف اسمي الحقيقي.
فظهرتْ لي فتاة بوجه ملائكي، وتزعم بأنَّها ضائعة، وتريد العودة لمنزل والديها الذي يقع في الغابة، الحقيقة لا أعلم ولكن شيء ما شدَّني لبراءة الفتاة، تبدو في التَّاسعة مِنْ العمر وترجو مساعدتي لها، عزمتُ وقتها أنْ أساعدها، وأنْ أعيدها لوالديها، فهذه ليست لعبة، هذا الآن عمل إنساني، وأمر شخصي، ويجب أنْ أفعله...
"غبيَّة صحيح!
ماذا أقول لكم، فنحن البشر عواطفنا جيَّاشة"
لبراءتها جعلتها تقودني لطريقها، شدَّني كثيرًا اللَّحن، تغلغل بداخلي شعور الحزن، لا أعلم لما دمعتْ عيناي فجأة...
جعلني أتذكَّر الماضي، بالتَّحديد عندما كنتُ طفلة، تذكرتُ زوج والدتي الذي تزوّجته بعد وفاة أبي، وكان ضربه لها يخيفني، ويبكيني، ويحزنني، على حال والدتي، وكم كنتُ خائفة منه، فكان يفعل هذا في كلِّ ليلة بعد عودته إلى المنزل مخمورًا، يأتي هائجًا، ويحطِّم ما يجده، ويضرب والدتي، وأنا _فقط_ أتخبأ تحت بطانية سريري خائفة، أريد _فقط_ أنْ يأتي الصَّباح بسرعة؛ لينتهي كلُّ هذا الخوف، كلّ هذا الذُّل، وكلُّ هذا الألم.
وآآآآآآه على أمي المسكينة...
آه مهلًا!
لمَ تذكَّرتُ هذا بالتَّحديد!
نهضتُ مستغربة، ونظرتُ إلى هاتفي، فقد كنا واقفتان بالقرب مِنْ منزلها، منزل بل أقول قصر، وكأنَّه قصر لمصَّاصي الدِّماء، تخاريف، وأساطير، وبيوت للخفافيش، مثل هكذا...فهمتم؟
فأطلقتُ عليه قصر الأشباح.
فقالتْ لي الطِّفلة بأنَّها تريد أنْ تعرِّفني على والديها؛ لتشكر جميلي.
والشَّيء الذي لاحظته أنَّه مِنْ بين الاختيارين الموافقة والرَّفض، أنا أضغط زر الرَّفض، وهي تعيد صياغة سؤالها مجدّدًا، حتى لو كررت أنا الرَّفض لكن دون جدوى، تعيد سؤالها لي مرارًا وتكرارًا، حتى جعلتني أضغط على زر الموافقة، وعندها قد وجدتُ نفسي في داخل الزِّنزانة، نعم زنزانة في داخل هذه القصر...نعم، قد تمَّ حجزي.
أما الفتاة قد اختفتْ...
فشعرتُ وقتها بالفعل أنَّني داخل هذه اللِّعبة فجأة، وأنَّني وقعتُ في فخ هذه الطِّفلة ذات الوجه البريء.
ظهر لي مفتاح، وكان يجب أنْ أهزّه كبداية قبل أنْ أفتح الباب، ففعلتُ، أي هززتُ هاتفي، وهزّ الهاتف هو هزّ للمفتاح، فعلتها، وانفتح الباب؛ فظهرت لي كلمات، بأنَّهُ عليَّ أنْ أتخبَّأ، أهرب قبل أنْ تأتي وتقبض عليّ...
-لأصدقكم القول _حقًا_ أنا فزعت...
وظهرتْ لي ثلاثة اختيارات: أنْ أتخبّأ تحت سلم المنزل، أو تحت طاولة الطَّعام، أو التَّوجّه إلى الباب المؤدي إلى الخارج مباشرةً...
-أي فخٍ هذا؟!
حال ما فتحت باب زنزانتي، ظهر صوت امرأة تصرخ بشكلٍ مخيف أخافني كثيرًا، وصوت اللَّحن، ازدادتْ مخاوفي، الصَّوت...الصُّراخ يقترب، ويقترب...
-وماذا الآن؟
- ساعدني يا لله.
أنا لا أفهم...
ما هذا اللَّحن الذي يجعلك تنخرط في الاستمرار للعب هذه اللِّعبة...
- أنا أدعى مريم، وأنتِ؟
-لقد ضعتُ في وسط هذا الغابة، هل يمكنكِ إرشادي إلى منزلي؟
إنَّها كمثل أي شخص يخاطبك بالواقع، ويخلق بداخلك الرَّأفة حياله، وتأخذ أمره بشكل شخصيّ، فقط لتساعد هذه الطِّفلة البريئة...
هل رأيتم مقدار ملامحها، كم تبدو بريئة الشَّكل؟!
ولكن إنْ دققّتَ النَّظر كما فعلتُ أنا، لِمَ يوجد في خلفها شخص بتلك الهيئة تلك، يبدو كـهيكل عظمي، ومهلًا لمَ أساسًا تتواجد فتاة في هذا اللَّحظة من منتصف اللَّيل في وسط هذا الغابة الموحشة؟!
ولكن لِمَ رداءها رث المنظر، وملطَّخ بالدِّماء؟!
ولِمَ لا أستطيع أنْ أضغط على زرّ الرَّفض عندما لا أريد الاستمرار بما هي _فقط_ تريده...
حتى لو أنا ضغطتُ زرّ الرَّفض تكرَّر طلبها، حتى أضغط العكس كما تشاء هيَ، من أجل الاستمرار في اللّعبة، ولم شعرتُ بخداعها عندما تمّ حبسي في الزِّنزانة بداخل منزلها، حتى أثناء خروجي لِم _فقط_ الاختيارات ثلاثة؟ّ!
"أسفل السُّلم، تحت الطَّاولة، والباب الخارجي"
ولِمَ تحوَّل صوتها لصوت امرأة بالغة، لا بل صوت صراخها مخيف، يدبُّ الرُّعب بداخلك...
-مَنْ تكون تلك المدعوَّة مريم؟!
-هل هي طفلة، أم بالغة، أم شبح لم يكن يحب العبث معه...؟ّ!
ومازال صوت الصُّراخ يقترب أكثر، ضغطتُ الزِّر لأختبئ أسفل السُّلم، أنا فقط لا أريدها أنْ تعثر عليّ، ولا أعلم ماذا سأرى الآن، هل هي الطِّفلة مريم ذات الوجه البريء، أم شيئًا آخر...؟!
ظهر الصَّوت امرأة على مقربه مني، وكان مخيفًا قائلة:
-لقد وجدتُكِ.
في نفس الوقت قرع الباب بشكلٍ مخيف ومتتالي، انتفضتُ مِنْ الخوف، ودفعتُ هاتفي تلقائيّا بعيدًا مِنْ يدي...
أسرعت نبضات قلبي _حقًا_ ومازال الباب يقرع دون توقُّف، تمكّنت مِنْ تشجيع نفسي، ونهضتُ متّجهة صوب الباب، يزداد قلبي بدقاته خوفًا مع اقترابي نحو الباب، لا أعلم الآن أصبحتُ أخشى ممّا سيظهر خلف هذا الباب.
-هل ستكون هيَ مريم؟!
ألقيتُ نظرة بواسطة الفتحة السِّحريَّة، آه كم أرتاح قلبي عند رؤيتي لصديقتي سارة وبيدها تحمل قنينة الشَّراب، أطلقتُ زفرة هواء عميقة، وترسَّبت بشفتاي ابتسامة بعد أنْ أطمأن قلبي، يا لعقلي الغبي!
فأنا أخيف نفسي بنفسي، الآن أصبحتُ سخيفة حقًا...
فتحتُ الباب بمرح؛ لتقع عينيَّ على فراغ، تصلَّبت أطرافي وقلبي أيضًا عاد لدقّاته بسرعة، وربَّما في وقتها كلّ شعرة مِنْ جسدي قد وقفت، وتشنَّج جسدي مِنْ شدَّة الفزع...
-ماذا؟ ألم تكن هنا قبل قليل؟! أين هي إذًا؟!
صديقتي ليست موجودة، أخرجتُ نفسي قليلًا ربَّما تخبأت؛ لتفاجئني، ولكن لا شيء، أسرعتُ بإغلاق الباب، لا بل أسرعتُ في إحكام كلّ النَّوافذ في الشَّقة، وغطيتُ نفسي باللِّحاف، فجسدي يأبّه أنْ يتوقَّف رجفه، ولكن ما هذا الصَّوت، آه إنَّهُ اللَّحن مِن لعبة مريم، أبعدتُ الخوف عني، باحثة عَنْ الهاتف، وعندما وجدته كانت...
-نعم كانت مريم تتصل بي ...


بعد مرور ثلاثة أشهر ...
الشي الوحيد الذي فعلته في تلك اللَّيلة _أقصد تلك اليوم_ عندما اتصلتْ بي هو أنَّني حذفتُ التَّطبيق، ولكن الشَّي الذي أخافني أكثر أنّ التَّطبيق يثبت تلقائيًا، ويتكَّرر التَّثبيت مع كلِّ مرَّة أحذفه، نعم، أي عاقل قد يجن جنونه، وأنا دخلت في حالة فزع مطوّلة، ما هذا؟
هل هذه حالة تربُّص مثلًا؟!
كرَّرتُ حذفه مرارًا، ولكن يعاد التَّثبيت من أول وجديد، حتى استسلمت ولكن...ولكن بعد أنْ نمتُ أيقظني صوت اللَّحن، لا أعرف حقًا، فأنا لا أفهم...!!!
كيف اشتغل هاتفي، وأنا أغلقته بالكامل، وأيضًا أنا موجدة في داخل اللِّعبة على آخر موقف لي...تحت السّلالم...
علمتُ الآن لمَ النَّاس تنتحر، إنَّها لعبة مستحوذة...
أغلقتُ هاتفي، وأصبتُ بفوبيا الوحدة، أصبحتُ أرتعد خوفًا من المكوث بمفردي بأي مكان، وبأي وقت، وبما أنَّني أسكن لوحدي، فلم يعد يروق لي وجودي لوحدي بعد أنْ عشتُ الخوف بسبب هذه اللِّعبة...
نقلتُ نفسي إلى السَّكن الجامعي، وتشاركتُ السَّكن مع صديقتي سارة، وأخبرتها بما حدث لي، وحقيقةً هي لم تصدّقني، لا هي ولا جميع رفاقي، ومع مرور الشّهور من لعبي لتلك اللِّعبة المشؤمة، تناسيتُ الموضوع، خاصة بعد أنْ تناسيتُ اللِّعبة بتركيزي في الدِّراسة ومع صحبة رفاقي كثيرًا...
أما مِنْ ناحية لوحتي الفنيَّة المقرّرة لأنجزها، لأصدقكم القول فأنا قد رسمتها، لا أعلم كيف حدث هذا، ولكنِّي رسمتها.
"نعم، رسمتُ مريم بأدقِّ تفاصيلها"
بعد تلك اليوم اقتنيتُ هاتفًا جديدًا، وتركتُ هاتفي القديم، فهو يجعلني أتذكَّر تفاصيل تلك اللَّيلة البشعة...
حتى تغيَّر وضعي، وبدأت تظهر لي في أحلامي، فأصبحتْ _الآن_ كابوس واقعي، وحلمي، استشرتُ طبيبة نفسيَّة لحالة الفزع الذي يصيبني عند رؤيتها في حلمي، ولم الكوابيس ذاتها؟!
أحلم بها والحلم يتكرَّر مرارًا وتكرارًا، لا أراها إنَّما فقط أسمع صوتها، تجعلني في البداية نلعب اللَّعبة مِنْ بدايتها وتحديدًا أثناء السَّلالم تقول لي:
-لويزا، إذا فتحتِ عينيكِ سترينني.
وفي كلّ مرَّة أتساءل كيف علمتْ باسمي.
وحقيقةً لا أستيقظ مِنْ النَّوم، حتى أتى اليوم ذلك المشؤوم، وفي ذات الحلم تخبرني مجدّدًا بأني إن ْفتحتُ عيناي سأراها أمامي، لا أعلم ولكن فتحت عيناي تدريجيًا في تلك الليلة...
رأيتُ ملامحًا طفوليَّ واقفة في مقدِّمة سريري، كانت بالقرب من قدمي، فتحتُ عيناي على اتساعهما عند رؤيتي لها، أنا لا أستطيع أنْ أخبركم بمقدار الفزع الذي انتابني لحظتها، فلن تصدقوني...
-نعم لقد رأيتها، رأيتُ مريم بذاتها.
فجأة لا أستطيع أن أصدر أي صوت، ولا حركة _فقط_ العجز في أن أطلق صوتي، أو التَّحكم بجسدي، عجزتُ عن فعل شيء لثواني، نفس ملامحها، ونفس الرِّداء، ونفس تسريحة الشَّعر، إنَّها هي بذاتها، فقط ثواني حتى اختفت عن نظري كـالغبار، نهضتُ مِن السَّرير، وتفقدتُها بكلِّ مكان، وأنا في حالة هلع، ولم أرها...
-هل رأيتُها؟!
-هل حقًا ما رأيته الآن حقيقة ؟!
أم كان خيالًا نسجته بعقلي مع الحلم الذي كنتُ أحلمه لتوي؟!
هذه ليلة لم أعدْ أعرف حقيقتها، عقلي يصارع ما بين الحلم والواقع، ولكن الشَّيء الوحيد الذي يخبرني به قلبي، وأنا أصدِّقهُ هوَ بأنَّني بالفعل رأيتها...
وإنّ مريم ظهرت في حياتي الواقعيَّة...
أنا لمْ أخاطر مِنْ قبل بفعل شيء خطر، وأحمق كهذا، فأنا دائمًا كنتُ حذرة، أما مِنْ ناحية اللَّعب لم أكنْ أستلطفها، ولا أعيرها أيّ أهميَّة...
وارتكبتُ أكبر خطأ عندما قادني فضولي للخوض في مثل هذه التَّجربة، الكوابيس لم تنتهي، بل أصبحت أسوأ، جعلتني في الحلم ألعب بمراحل مختلفة، مراحل لمْ أصل إليها في واقعي عندما لعبتها، خطوات لم ألعبه سابقًا...
-وأنا الآن خائفة على حياتي...
-وهل سياتي يوم وتقتلني؟!
"فأنا لم أعدْ أفهم شيئًا الآن سوى أنَّ هذا اللِّعبة، لعبة حيَّة، وستطاردنا حتى نهلك"
انتهت









التعديل الأخير تم بواسطة noor1984 ; 20-11-20 الساعة 04:37 PM
noor1984 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 03:58 PM   #4

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي



الجزء الثَّاني

"كان يمشي في الغابة، والأشجار غزيرة التَّفرع حوله، نظر حوله، سمع أصواتًا تقاطع سكون اللّيل، ليلة مظلمة لا ينيرها إلّا ضوء القمر الخافت، إلى أن شقّ مسامعه صوت موسيقى، تعجَّب في قرارة نفسه مَنْ سماعها، فكيف يكون في الغابة مثل هذه الأصوات الموسيقيَّة الحزينة التي تناشدك لتتبعها، حثّ قدميه بهدوء؛ ليندّس إلى مسمعه صوت أوراق الشَّجر التي تحت قدميه مع أصوات رياح ديسمبر الباردة...

وأخيرًا وجد ضالته، كانت هُناك فتاة تقف بأمان عند بركة الماء، وهي تعزف على كمان، لم يرَ وجهها؛ لأنها تعطيه ظهرها، استمرَّ في التَّقدم نحوها، نظر لها بتمعّن، كانت ذات شعر أسود طويل، يجاري لون ظلام ليل، وقف خلفها تمامًا، فقال بصوت مرتجف:
-مَنْ أنتِ؟
التفتتْ له؛ ليتراجع خطوتين للوراء، كان شعرها يغطي وجهها، حتى أنَّهُ لمْ يظهر من ملامحها شيئًا، مدَّ يديه؛ ليزيح شعرها مِنْ على وجهها؛ اندهش مِنْ رؤية طفلة يتراوح عمرها بين التَّاسعة والعاشرة، لون عينيها أزرق، تعلو ملامحها ملامح التَّوسل، رفعت يدها اليمنى له، وقالت:
-هل يمكنك مساعدتي؟ فقد ظللتُ طريق العودة إلى منزلي.
دون تردد مني أجبتها قائلًا:
-نعم يا صغيرتي.
فظهرت على ثغرها ابتسامة ماكرة، حتى تحوَّل وجهها ناصع البياض إلى اللَّون الأسود الفحمي، وعيناها الزرقاوان إلى اللّون الأحمر الدَّموي، وبدأت الدِّماء تسيل من جبينها، وأصبحت التَّجاعيد تملأ وجهها المحروق، وهي تضحك قائلة بصوت امرأة بالغة:
-أين أنت، فلتساعدني.
صوت الموسيقى يعلو ويعلو مع ضحكتها وصراخها المفزع، ركضتُ بأقصى سرعتي لعلِّي أفلت منها، ولكن الحظّ لم يحالفني، فتعثّرت بجدع شجرة لأسقط على وجهي، وبدأت الدِّماء تسيل من جبيني، فأتت مقابلة لي، وهي تلمس رقبتي بقوة؛ فأصرخ بصوت عالٍ؛ لأستيقظ على سريري، فعرفتُ وقتها أنَّه كان _فقط_ كابوسًا مزعجًا...
نظر حوله بخوف؛ ليجد شريكه بالسَّكن الجامعي جالسًا على سريره، بالطَّرف الآخر ينظر إليه بريبة وتفوه قائلًا:
-سامي هل أنت بخير؟
أغمض المدعو سامي عينيه لثوانٍ؛ ليتسلّل حلمه إلى ناظريه، ومجدّدًا فتح عينيه على اتساعهما بعد ما أدرك حقيقة كابوسه هزّ رأسه لعله يزيح هذه الأفكار مِنْ رأسه، حمل قدميه واتجه إلى الحمام؛ لغسل وجهه، وقف أمام المغسلة؛ ليفتح عينيه، انتظر ثانية ثانيتين، ولكن لم تنزل منه، ولا قطرة ماء، ضرب الصّنبور بغضب؛ ليبدأ الماء بالتَّسرب منه، غسل وجهه عدّة مرات؛ علّه يهدأ مِنْ توتره، أقفل الصّنبور، وعاد إلى سريره؛ ليتمدد عليه، ليعيد صديقه السّؤال قائلًا:
-يا صاح حقًا ماذا حدث؟!
لفت إليه سامي، وكأنَّه أدرك الآن وجوده، وصوت الموسيقى تصدع في مسامعه، جلس على السَّرير، وتجعَّد حاجباه للأسفل، وقال:
-صوت الموسيقى هذا، أتسمعه؟!
ركّز صديقه للصّوت، ونظر لهاتفه المتروك على سريره، رفع هاتفه، وأجابه قائلًا:
-أه إنَّها صوت موسيقى اللِّعبة.
توجّه سامي إليه، ورفع هاتف صديقه؛ لينظر بهلع، وقال:
-إنَّها فتاة البركة ذاتها، كيف يعقل؟!
نفس الفتاة الواقفة أمام البركة، وتنظر بنظرتها تلك التّائهة، ومكتوبًا على الشَّاشة:
-أنا أدعى مريم، وأنت؟

بعد مرور أسبوع...
سامي كان جالسًا في مكتبة القراءة ينظر بعيدًا بشرود، والسواد قد أخذ مكانه تحت عينيه، جلستْ أمامه فتاة شقراء الشعر تنظر إليه بريبة، وقالت:
-سامي لا تبدو بخير ما الأمر؟!
أغمض عينيه وفتحهما مجدّدًا؛ ليهمس بشرود، وهو ينظر إلى النّقطة الوهميّة أمامه، وقال:
- لقد كان كابوسًا، شعرتُ وكأن أجلي قد اقترب، وكنتِ أول مَنْ يخطر ببالي.
قالت متسائلة:
-وهل تريد إخباري بما حلمت؟ وما هو الذي يزعجك؟
قصّ عليها كلّ ما رآه، وقالت له مطمئنة:
-كلّ شيء سيكون بخير، أنت تتخيّل فقط يا سامي، أعتقد وفاة الفتاة لويزا في العام الماضي، أثّر بك كثيرًا، وتخالط حلمك بحادثتها...
قاطعها منفعلًا قائلًا:
-جيما، إنَّ المدعوة لويزا قد انتحرت مشنوقة، ولكنَّها تركت ورقةً تخبر بشأن هذا اللِّعبة، وخطورتها.
قاطعته هي الأخرى منفعلة قائلة:
-لويزا كانتْ مريضة نفسيًا، عقلها لمْ يكن سليمًا، وهذا ما أكّد الأطباء في فترة ذهابها إليهم، وكما سمعتُ من قبل بأنَّها كانت انطوائيَّة ومختلَّة عقليًا، وأنت بعد الحلم هذا أصبحت تقول الهراء مثلها، ولن أدعك تخرج عن طورك...
"أششششششش" جاء هذا الصَّوت مِنْ أمينة المكتب تنذرهم، نظروا إليها وهي تعود أدراجها وعشرات من العين مزدوجة من الطلبة ينظرون إليهم باستغراب...
اقتربت جيما منه، وقالت:
-جهز نفسك أنت وجيم غدًا سأخذكم إلى كوخ جدي في الرِّيف، منها سيريح عقلك وتعد لرزانتك، ومنها سنلعب اللَّعبة هذه لأبرهن لك أنَّها مجرَّد لعبة لا أكثر.
واستقامت؛ لتخطو مبتعدة عنه، تنهّد سامي وهمس قائلًا:
- وتريدينني أنْ أخوض هذه التَّجربة أيضًا، مجنونة جيما بالفعل.
سامي/
جيما فتاة عنيدة إن قالت شيئًا ستنفذه، وها نحن الآن قد وصلنا إلى كوخ جدها، بالفعل مرّ العديد مِنْ السَّنوات منذ أنْ أتينا إلى هُنا، ترجّلنا مِنْ السَّيارة وبدأ جيم بإخراج الحقائب، وجيما تساعده أمّا أنا كنتُ شاردًا بنظري إلى الأشجار الطَّويلة المتمثِّلة في الغابة، تبدو مألوفة...
-سامي ألن تدخل؟
نظر سامي إلى جيما...
- سأمشي قليلًا، وسأعود.
وهبّ ذاهبًا صوب الغابة، تنهّدتْ جيما، ودخلتْ مع صديقها جيم، تركتْ الأغراض على الأرض، جلس جيم بأقرب مقعد له، وجيما وضعتْ جسدها على الأرض، أسندتْ ظهرها بالمقعد الذي جلس عليه جيم، تنهّدت بضيق، ثمَّ قالت:
- إنَّ سامي تغيَّر، وهذا لا يعجبني.
قال جيم بمرح:
- ما رأيك لو أنَّنا نلعب قليلًا مسبقًا قبل أنْ نلعب ثلاثتنا معًا لاحقًا؟
خفضت جيما بصرها عنه، وتنهّدت قليلًا، ثمَّ ردَّت شاردة:
- همممم، لا أعلم حقًا.
أخرج جيم هاتفه، وقال:
- لا يهم سابقًا بسبب سامي، تناسيت اللِّعبة لكن الآن سألعبها، أتريدين الانضمام إلي أولًا ما ردّك؟
نفختْ جيما خدِّيها؛ لتفكِّر قليلًا، ثُمَّ قالتْ متحمِّسة:
- إذًا لنبدأ.

سامي يحدِّق بالغابة بريبة، ثمَّ نظر إلى السَّماء، تجعّد حاجباه بخوف، وقال:
- آه إنَّهُ نفس المكان، حتى السَّماء قد تلبّدت بالغيوم، أشعر بشعور سيء.
تقدَّم بخطواته إلى الأمام حتى رأى البحيرة، اشتدَّ خوفه، وقال بداخله:
- هناك رأيت فتاة البركة تلك، هل يا ترى سأراها مجدّدًا؟!
تقدَّم بخطواته ببطء، وقد ثقل جسده، حتى رجلاه، لا يرفعهما، بل يسحبهما مِنْ شدّة الخوف، يكاد قلبه يتوقَّف مِنْ الذُّعر، كان أمرها مريب وتحولها كابوسًا أصبح أمرًا يطارده في عالمه...
تقدَّم وتقدَّم، وتقدّم وتقرّب مِنْ البحيرة، ولحسن حظّه لم يرَ شيئًا برد قلب سامي، وبدأ يضحك بشدّة على غباء تفكيره، وخوفه المفرط، وهوسه بوجودها في عالمه الواقعي، ثُمَّ تنهَّد، وقال هامسًا لنفسه:
- سامي أنت تلميذ شكاك فعد لرشدك.

- جيما هيّا أسرعي ماذا سنختار؟
سأل جيم صديقته عن أي خيار سيختارونه، احتارت جيما، وقالت:
- ولكن لِم هي تصرخ، اختر تحت الطَّاولة؛ لنراها.
ضغط جيم خيار تحت الطَّاولة، أفزعهم صوت قرع الباب، وكان يقرع بعنف، انتفضا كلاهما، والقرع مستمر، ولكن ما هذا؟
قال جيم:
- ربَّما كان سامي.
ردَّتْ جيما بتوتّر قائلة:
- الباب مفتوح، وسامي لا يفعل شيئًا كهذا.
ابتعدتْ عنه، وتوجَّهه إلى الباب، وما زال الباب يقرع باستمرار لامتناهٍ، وكأنَّه مِنْ شدّة القرع سينكسر، أمسكت مقبض الباب واستجمعت قواها، وفتحته على وسع، ولكن المفاجأة هنا هو لم يكن هناك أحد يطرق الباب، خرجت بخطواتي إلى الأمام باحثة، رأت سامي يتوجّه إليهم على بعد منهم، وعندما رأها وقف مستغربًا...
ثُمَّ تقدَّم إليها، وقال متسائلًا:
- ماذا بك؟!
ظهر جيم مِنْ خلفها، وقال:
- لماذا طرقت الباب هكذا.
اندهش سامي وردّ قائلًا:
- أي باب، أنا لمْ أقترب مِن المنزل إلَّا الآن.
حدَّق سامي إلى جيما، وهي شاردة، وقال بقلق:
- جيما ماذا بكِ؟
أفيقي.
توجّهتْ جيما إلى الخلف، ودخلتْ إلى المنزل، استغرب سامي وقال:
- جيم أخبرني ماذا حدث؟
بعد أنْ حكى كلّ ما حدث، ذعر سامي، وجلس ثلاثتهم في غرفة واحدة، وقال سامي:
- من الواضح أنَّ هذا الموضوع ليس كذبًا.
ردَّت جيما باقتضاب قائلة:
- أ تسمع أذناك ما يتفوّه به فمك، يتم قتلنا من قبل لعبة هذا هراء!
نظر سامي إليها، وقال:
- ولكنَّها قتلت لويزا.
تراجع جيم إلى الخلف بخوف، ولكن جيما لم يعجبها هذا الأمر، هي أيضًا تشعر بالهلع، وهناك يقين بداخلها يخبرها أنَّ حياتها على المحك، ولكنَّها طردتْ هذا الفكرة، ونهضتْ، وقالت:
- سامي مَنْ سيسمعك سيظنُّ أنَّك جننت، لنْ يحدث شيئًا، والآن مَنْ سيساعدني؛ لنطهو العشاء؟
رفع جيم يده للأعلى، وقال بمرح:
- أنا طبعًا.
نظرتْ جيما إلى سامي متسائلة ابتسم سامي، وقال:
- هيَّا إذًا.
تساعدا الثَّلاثة في صنع وجبة العشاء وبعد أنْ أوشك على الانتهاء، قال جيم:
- سأستحم سريعًا، وأعود، أصبح رائحتي مشويَّات.
ضحك كلاهما معًا على تعليقه، ذهبتْ جيما لترتيب طاولة الطَّعام وسامي يقلب أضلاع اللَّحم على النَّار، دخل جيم إلى المرحاض وعلَّق ثيابه النَّظيفة، ونظر إلى الأرجاء، وقال:
- ألا يوجد صابون؟!
نظر إلى الخزانة وفتحها، وجد بعض الكريم الخاص بـالنَّساء، فقد سبقته جيم، ورتّبتْ أغراضها، وبدأ يبحث عَنْ الصَّابون بين أغراضها، وجد سكين حلاقة حادّة وجديدة، اندهش كثيرًا، وقال:
- هل جيما تستخدم هذا كالرِّجال، هذا مضحك حقًا، سأجرِّب قبلها وسأعلنه لي.
وفتحه وعندما أغلق الخزنة؛ ليقابل المرآة؛ ليرى نفسه يقوم بحلاقة ذقنه، إلَّا أنَّهُ وقف متجمِّدًا، وهلعًا، فقد كانتْ مريم الفتاة الصَّغيرة، مريم مقابلةً له في المرآة.
بدأتْ ترفع يدها، وسكين الحلاقة بيدها، وهو يحرِّك يده تلقائيًّا كالدُّمية المتحرِّكة واضعًا السِّكين على عنقه، فاشتدَّت عروقه، يريد الصُّراخ، يريد انزال يده، ولكن لا شيء، تحكَّمتْ به كليًا، ابتسمتْ مريم بمكر، ونحرتْ عنقها، هو الآخر نحر عنقه، وسقط على الأرض، وجسده يهرول بعنف، ودماؤه تسيل بغزارة منه.
جيما:
- لقد وضعنا الطَّعام على الطَّاولة سيبرد هكذا، أين جيم هذا؟!
نهض سامي، وقال:
- سأرى.
نهضتْ هي مسرعة، وقالت:
-اجلس فأنت ضيفي اليوم.
ابتسم لها، وجلس، دقائق فقط، ويصل إليه صراخ جيما، ركض إليها، وصعق برؤية جيم جثّة هامدة على الأرض، سحب سامي جيما، وأخرجها وهي تصرخ وتبكي في آن واحد، جعلها تجلس ورفع هاتفه بيد راجفة واتَّصل بالإسعاف، وأخبرهم بما حدث...
جيما بهلع قائلة:
- كيف هذا؟ ما كان جيم سيفعل هذا بنفسه يومًا، لا أصدِّق...أنَّه كان قبل قليل معنا ولكن ماذا حدث.
مسك سامي كتفها وقال:
- جيما أفيقي...
نظرت جيما إليه خائفة، ثم أكمل قائلًا:
- خائفة؟
أومأت برأسها له، وأكمل قائلًا:
- وأنا أكاد أموت مِنْ الخوف، علينا استجماع أنفسنا حسنًا؟!
عانقته، وأجهشت بالبكاء، وقالت:
-إنَّني خائفة جدًا، لا أستطيع التَّصديق، لمَ حدث هذا؟!
قال سامي بجديَّة:
- جيما عليكِ الذَّهاب إلى غرفتك، وجمع أغراضك، سنرحل حالًا.
ابتعدت عنه جيما، وقالت بخوف:
- ثواني وأعود.
ركضتْ في اتّجاه غرفتها، وعندما دخلتْ كان لحن موسيقى مريم يصدح من هاتفها المحمول، توقَّفتْ متجمِّدة، أرادت الصُّراخ باسم سامي إلّا أنَّ صوتها لم يسعفها، وقادتها قدماها إلى الهاتف، عجزت عنْ الحراك، تذرف الدُّموع؛ لعجزها بالتَّحكم في نفسها كالمغناطيس تنسحب وتنحسب إلى الموت، رفعت الهاتف وتوسّعتْ عيناها برعب.
لاحظ سامي تأخّر جيما ذهب إليها، ولكنَّه سقط هلعًا فقد كانت مشنوقة، نهض وحاول رفعها لينقذها رغم أنَّهُ يعلم أنَّها فارقتْ الحياة، وصلتْ إلى مسامعه ضحكات مخيفة، وصرخات امرأة، دار حول نفسه خائفًا، وصرخ قائلًا:
- اتركينا وشأننا، ما الذي تريدينه؟
رنّ هاتفه، أخرجه مِنْ جيبه مرتجفًا، رأى نفسه داخل اللِّعبة، ورأى فتاة تعطيه ظهرها ومكتوب على الشَّاشة: "الموت"
هرول راكضًا بهلع، تعثَّر مرّات عدّة؛ بسبب خوفه، لا يعلم إلى أين يركض، وماذا سيجد، لكنَّه على يقين الآن أنَّ قدميه يقودانه إلى مكان يراه مألوفًا له، كالحلم تمامًا...
تعثَّر ساقطًا عندما وجد نفسه أمام البركة، والفتاة بيدها الكمان تلحّن بموسيقى مريم الحزينة...
بعد ساعة المكان أصبح مسرح للجريمة، سيارة الإسعاف تأخذ الجثث، والشُّرطة تحقِّق، وقف شرطي بقرب محقِّق وقال له:
- إنَّها عمليَّة انتحار جماعي سيدي، الفتاة ماتت مشنوقة، والشَّاب مات منتحرًا، أما الآخر لا أعلم من أراد يموت غرقًا.
نظرا كلاهما إلى سامي جثَّة تطفو على البحيرة، ورجال الإسعاف يخرجونه مِنْ البحيرة، نظر المحقِّق إلى الشُّرطي وقال:
- وماذا وجدت بعد؟
أجابه الشُّرطي:
-لا شيء مريب حتى الآن، ولكن هواتف الضَّحايا تأبّه أن تغلق.
نظر إليه المحقِّق باستغراب، قال الشُّرطي:
- أعني أنَّه معلِّق على تطبيق ما كلعبة، أو ما شابه، لقد جمعناها من ضمن الأدلة، يبدو الأمر كالانتحار، ولكن أغراضهم تدل على أنَّهم يريدون المكوث هنا بعض الوقت فيما بينهم لعدة أسابيع، حتى الطَّعام كان جاهزًا، ومعدًّا على الطَّاولة.
نظر المحقِّق إلى سامي، وقال:
- هذه ثاني قضيَّة كاللُّغز، بسبب هذا اللِّعبة ، أرجو ألّا ألتقي المزيد من ضحايا هذا اللِّعبة الغبيّة.
المحقِّق:
إنَّ الأمور لم تتوقَّف عند هذا الحدّ، انتشر خبر وفاة الطَّلبة الجامعين في القنوات الإخباريّة، والصُّحف اليوميَّة، أصبحتْ قضيَّة مريم مِنْ أكثر القضايا المريبة، والنَّاقصة، والذي يحيّرني أكثر من ذلك المجرم الذي يقتل بدم بارد، ويجعل اللِّعبة حجةً له؟
لا أحد يصدق أنّ وراء كل هذا الجرائم شخص....
لا يعقل أن يكون شيئًا غير ملموس ويستطيع قتلك، إنَّها مجرّد لعبة كبقيَّة برامج اللَّعب، لن تخرج من اللِّعبة إلى الواقع؛ لترتكب الجرائم لوحدها، فهذا هراء، أيّ عاقل لن يصدِّق هذا...صحيح؟!
أما بشأن هواتف الضَّحايا فإنَّها تأبى أنْ تغلق، فصوت لحن اللِّعبة مستمر بين أدلّة الجريمة التي وقعت...هذا يزعجني...
ولكن ما تعجبتُ منْ أمره لاحقًا هو عند دفن الضَّحايا حذفت لعبة مريم مِنْ تلقاء نفسها، وهذا أمر محيّر حقًا...


انتهت...





التعديل الأخير تم بواسطة noor1984 ; 20-11-20 الساعة 04:38 PM
noor1984 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 03:59 PM   #5

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي



الجزء الثَّالث

بعد أنْ أعلنوا عن جرائم الانتحار التي وقعتْ بين الطَّلبة الجامعيين في الصُّحف والقنوات الإخباريَّة عمّ الرُّعب أهالي البلاد، ولكنَّني لا أصدِّق ذلك أخي سامي ما كان لينتحر لأي سبب، كان عليَّ أنْ أكتشف الحقيقة، وأكتشف من هو قاتل أخي...
أنا أدعى ليندا في السَّابعة عشرة من عمري، أنا الآن في آخر مرحلة مِنْ الثَّانويَّة العامة، عندما علمنا أمر وفاته قبل خمسة أشهر كانتْ فاجعة حلّت علينا...
كلُّ ما علمنا أنَّه ورفاقه قد فارقوا الحياة معًا، والقضيّة محيّرة بين الانتحار، وبين جريمة قتل، فأصبحت آنذاك القضيّة قضيّة ناقصة، فأنا أريد الانتقام لمقتل أخي، فأخي ما كان ليقتل ذبابه، وقد كان سعيدًا وراضيًا عن حياته، وما كان ليقتل نفسه...
سمعت من المحقِّق يقول: إنَّ القضيَّة أطلق عليها قضيَّة مريم النَّاقصة، ما هذا؟!
إنَّ مريم مجرد برنامج مثل أي برامج الألعاب، لا يهمّ كل ما فهمته، إنَّ القاتل بعد ارتكابه للجرائم يقوم بترك أثر في مسرح الجريمة، يترك هواتف الضَّحايا ويجعلها معلقة عند لعبة مريم، وتستمرّ موسيقى هذا اللِّعبة طوال الوقت...
- أي مختل هذا!
- فهذا حقًا ضرب من الجنون.
أخبرتني أمي بعد ما حدث لشقيقي وأمر اللِّعبة بأنَّ يوجد صلة بينهما، إنَّ أمي لا بل إنَّ كثير من أهالي البلدة يرتعدون عند سماعهم لعبة مريم، ويتفقَّدون هواتف أبنائهم دائمًا؛ ليتأكَّدوا عدم تثبيتهم لهذا التَّطبيق، يخشون بل إنَّهم يصدِّقون ويؤمنون بوجود روحًا شريرة تسكن داخل هذا اللِّعبة...
- هل يعقل شيء كهذا؟
ولكن ما أظنَّه أنا، أنّ هذا البرنامج يوجد به برنامج مراقب أو تنصُّت بفعل القاتل؛ ليصطاد فريسته، ويقضي عليها، وأنا أعتقد أنَّني سألعب هذا اللِّعبة؛ لأوقعه في فخي، وأنتقم لأخي الحبيب...
- تنزيل البرنامج 'تم'
- تبيث البرنامج 'تم'
رغم إنِّي أردتُ أخذ الثَّأر بمفردي إلَّا إنَّ صديقتي سارة أبت تركي لوحدي، فأخذتْ إذن والديها؛ لتبيت عندي، فخطّطنا كلّ شيء سويًا، وها نحن الآن في منتصف اللَّيل، وقد تأكَّدنا أنَّ والدايَّ قد غرقا في نوم عميق؛ لنبدأ سويًّا في الدُّخول لهذه اللِّعبة، حيث سيراقبنا قاتل أخي مِنْ بعيد...
- فلتأتي إلى الموت يا قاتل أخي.

قالت سارة بقلق:
- ماذا لو كانت هذه اللِّعبة مسكونة حقًا؟
نظرت ليندا إليها، وقالت باستنكار:
- هذا كلام الكبار؛ كي يخيفوا الأطفال به، ونحن لسنا أطفال يا سارة.
تنهَّدتْ سارة، ثُمَّ قالت بخوف:
- حسنًا، حسنًا لو كان مثل ما تقولينه وهناك من يراقب كل شخص يلعب هذه اللِّعبة؛ ليترصّد به ويقتله، ليندا ماذا سنفعل لو أتى القاتل ها؟
كيف سندافع عن أنفسنا في حين أتى؟
ابتسمتْ ليندا بثقة، ووقفتْ مبتعدة، فتحت خزنتها وأخرجت مسدسًا صغير الحجم، ونظرت لصديقتها، وقالت بثقة:
- بهذا سنقتله.
نهضتْ صديقتها متفاجئة، اقتربت وأمسكت به وقالت:
- من أين لكِ هذا؟
هذا خطير.
أخذته ليندا، وأعادته مكانه، وقالت:
- إنَّهُ يخصُّ أبي، أخذته دون علمه اليوم مِنْ أجل قتل قاتل أخي...
وعادت إلى مكانها، وجلست، رفعت هاتفها، ونظرت إلى صديقتها، وتابعت قائلة:
- يمكنك عدم اللَّعب يا سارة.
ردَّت سارة قائلة بحزم:
- لا، كما قلتُ مسبقًا، سنفعل كل شيء معًا، فهذا كان وعدنا منذ الصِّغر.
جلست بقربها، وتابعت قائلة:
-فلنبدأ.
- أنا اسمي مريم، وأنت؟
الأسئلة ذاتها والاستدراج ذاته، والفخّ الزِّنزانة ذاتها، يلعبنها سارة وليندا بخوف في عقل ليندا قائلة:
- هل هو الآن يراقبنا، هل استطاع الآن عبر تتبُّع الأماكن "الجي بي اس" معرفة مكاني، رائع لتقع في فخّي.
أمّا سارة بداخل عقلها قائلة في خوف وندم:
- شعور بداخلي يخبرني أنَّ هذه اللِّعبة ممسوسة، ما أنا بفاعلة بنفسي الآن؟
بعد أنْ انفتح باب الزنزانة ارتعدتا خوفًا؛ عند سماع صوت صراخ امرأة، وظهور الاختيارات الثَّلاثة: تحت السُّلَّم، تحت الطَّاولة، والخروج من الباب...
صرختْ ساره قائلة:
- اتَّجهي إلى الباب، الباب يا ليندا.
بلعت ليندا ريقها، واختارت الهروب من الباب، وعندما فتح الباب كان الظَّلام حالك جدًا، لا شيء يسعف للرُّؤية إلى أين يهربا، وفي ذات الوقت، وقعت طرقات قويّة في المنزل، نهضتا كلاهما متشبثتين ببعضهما، الباب يطرق بعنف لمدة أكثر مِنْ ربع ساعة، ركضت ليندا إلى الأسفل لتعرف من الطَّارق في هذا الوقت، وتبعتها سارة، وعندما فتحت ليندا اندهشت بعدم وجود أحد، بل سواد اللَّيل كان حالكًا كما في اللِّعبة، تراجعتْ ليندا، وأغلقت الباب جيدًا.
قالت سارة بخوف:
- ولكن مَنْ كان هذا؟ هذا مخيف ليندا.
ليندا بداخلها بريبة قائلة:
- قُرع الباب مطولًا كيف لم يسمع والديَّ الصَّوت؟!


بعد مرور أسبوع:
ليندا:
مرَّ أسبوع بأكمله، ولم يأتِ قاتل أخي، بدأت خيبة الأمل تسكن داخلي، ولا أعلم لم لعبة مريم هذا بدون أن أضغط عليها، ولم أستمر في اللِّعب، تفتح من تلقاء نفسها، طوال الوقت، وفي كلِّ مكان، هذا مخيف، حطَّمتُ هاتفي؛ لكثرة إزعاج الموسيقى الخاصّة باللِّعبة، أنا لا أدخل إلى اللعبة، بل مسحتُ التَّطبيق، ولكنَّهُ يعود تلقائيًّاً يثبَّت وينفتح، ويكون معلّقًا على آخر موقف كنتُ فيه...
تخبرني سارة مرارًا بأنَّ أمورًا قد حدثت لها بعد ذلك اليوم، همسات وكأن أحدًا ينادي عليها باسمها، عندما تبقى بمفردها، سواء في المنزل، أو في الخارج، هناك صوت ما ينادي عليها، وكثير من المرات تضع أغراضها في مكان، تذهب لثوانٍ وعندما تعود لا تجدها في مكانها، بل تجدها مبعثرة في أرجاء الغرفة.
رغم أنَّني حاولتُ تهدئة مخاوفها إلَّا أن هذا الأمر يحدث لي كذلك منذ ذلك اليوم والخوف بالفعل قد تغلغل في داخلنا...
مرّت الأيام، وأنا وساره تجاهلنا كلّ ما يتعلَّق بهذا البرنامج، رغم أنِّي مترقبة طوال الوقت؛ لأعرف من هو قاتل أخي، مع ذلك كنّا متحمِّستان من أجل حفلة التَّخرج/ وماذا سنرتدي، وماذا سنفعل...
وبعد دوام المدرسة كنتُ سآخذ قيلولة بسيطة، ولكن نادت والدتي عليّ لكي نذهب إلى مركز الشُّرطة بشكل عاجل، فخطر في بالي موضوع أخي، لابدّ أنَّهم قد اكتشفوا من هو قاتل أخي، ولكن كانت الصَّدمة هي....هي مِنْ أجل التَّحقيق معي عن وفاة صديقتي سارة منتحرة منذ أكثر مِنْ أسبوع...
- هل سمعتم صديقتي أنا قد توفّت، لا بل منذ أكثر مِنْ أسبوع!
- إذًا كنتُ أرافق من طوال هذا الاسبوع؟!
قطعت سارة معصمها بآلة حادّة وماتت تحت قبو المنزل، كيف يعقل هذا، فقد كانت معي طوال هذا الأسبوع، ارتدينا زي المدرسة سويًا كالعادة، شاركنا في الصَّف التَّمارين سويًا، حتى أنَّنا قرّرنا في الغد نذهب سويًا للتَّسوق.
- ولكن ما هذا؟!
عندما قلت الحقيقة للمحقِّق، أخبرني:
- أنَّ جميع الطَّلبة خلال هذا الأسبوع رأوكِ تضحكين، وتتحدَّثين بمفردك.
- هل سمعتم هذا؟ّ! أنا أتحدَّث وأضحك مع نفسي كيف يعقل ذلك؟! آه أكاد أجنُّ حقًا...
التَّلاعب بالعقل يجعلك تجنّ، صديقتي انتحرت، إذًا أنا كنتُ أرافق مَنْ طوال هذا الوقت، وأتحدَّث مع مَنْ، مَنْ الذي يتلاعب بعقلي هكذا؟!
- هل صديقتك تميل للانتحار؟
عندما سأل المحقق هذا أجابت ليندا بانفعال قائلة:
- سارة لمْ تمتْ، فقد كانت معي طوال الوقت، لا يمكنني تصديق هذا الكلام حتى أراها بأمّ عينيّ.
نظر المحقق لها بعطف، ثُمَّ قال:
- لا أنصحك برؤيتها، فهذا سيترك أثرًا مخيفًا، وسيعيق تقدّمك في مستقبلك.
قالت ليندا بحزم:
- أريد أنْ أراها واترك أمر المستقبل لي.
اصطحب المحقق ليندا، وعائلتها إلى مركز وضع الجثث قيد التَّحقيق مع دكتور الطِّب الشَّرعي قبل تسليمها لعائلتها...
سارة أصبحتْ زرقاء اللَّون، وشاحبة، وسواد حالك تحت جفنيها، أمّا الرّائحة كالسُّم أصبحت منطلقة في الهواء...
ليندا:
بعد رؤيتي لها ركضتُ بأقسى سرعتي خارج المركز، كنتُ أرتعد خوفًا، كيف يعقل هذا، إنَّني أقسم أنَّها كانت اليوم معي، ولكن كيف يعقل هذا؟!
- ليندا.
لفتت ليندا إلى الخلف عندما سمعت أحدًا ينادي عليها، ولكنَّها لم تجد أحدًا دارت حول نفسها بهلع، وتذكَّرت كلام سارة عندما سألت خائفة:
- ماذا إنْ كانت هذه اللِّعبة مسكونة؟!
لو أنّني لمْ أرها طوال هذا الأسبوع، واكتشفت لاحقًا أمر انتحارها لقلت أنَّ هناك قاتل ترصَّدها، ولكن أمر القاتل أصبح مستبعدًا، وأمر الرّوح الشِّريرة يسكن هذا اللِّعبة فهذا أمر وارد وحقيقة...
- والآن كيف سأنجو؟!
بعد مرور عدّة أيام كان على ليندا أنْ تداوم؛ لتتخرَّج، فيشجعانها والداها كثيرًا؛ كي تتقبَّل وفاة صديقتها، لم تتقبَّل بل زادت خوفًا ورهبة من كلِّ صغير وكبير يمرُّ بحياتها...
ولكن كِي لا تحزن والديها ذهبت إلى المدرسة حزينة، ومحبطة، وفي صالة الرِّياضة لم تشارك زميلاتها في التَّمارين، طلبت منها معلمتها بعد انتهاء الدَّوام تذهب وتجمع الكرات داخل السَّلة...
بعد مرور الوقت، وانتهاء الدَّوام، نزلت ليندا عبر السَّلالم؛ لكي تذهب إلى صالة الرِّياضة؛ فتشعر بأنَّ هناك من يتبعها، ويراقبها لتتوقف، وتلتف خلفها وتسأل قائلة:
- أ يوجد أحد هنا؟
لتتعجب بعدم رد أحد إليها؛ لتتابع سيرها، وتدخل إلى صالة الرِّياضة، وترفع كيس الكرات، وتجمع الكرات بداخله، ولكنَّها ما زالت تشعر بأنَّ هناك مَن يتتبّعها؛ لتخاف أكثر وتصرخ قائلة:
- أ يوجد أحد؟ هذا ليست مزحه مضحكة.
ليصدر صوت موسيقى مِنْ هاتفها "لحن مريم " لتتوسَّع عيناها خوفًا، وتسقط الكيس مع الكرات من يدها، ترفع هاتفها مرتجفة؛ لتجد نفسها داخل اللِّعبة، تركض هي الأخرى هاربة من المدرسة.

تعود إلى منزلها، وتجد والدايها في انتظارها بقلق، ولكنَّها زيّفت ابتسامتها؛ لتشعرهم بالاطمئنان، تصعد إلى غرفتها، وتفصل البطارية مِنْ الهاتف، وتدخلها داخل الدُرج حتى يمر اليوم بسلام، شعرتْ بالرَّاحة خلال السَّاعات التي مضت، لم تعدْ ترى خيال ظل مريم الذي كانت تراه قبل عدة أيام، ولمْ تعدْ تسمع همسات أحد ينادي عليها، بقيت مع والديها طوال الوقت، تارة تساعد والدتها في الطّبخ وتنطيف المنزل، وتارة ساعدت والدها في تصليح سيارته، شعر والداها بعودتها بعد أن كانت طوال الوقت تهلوس وتصرخ، وتنطوي بنفسها...
في منتصف اللِّيل:
ليندا نائمة على سريرها، تشعر بيد تلمس شعرها، وتمسح على رأسها، الجو يزداد حرارة، تقلَّبت على سريرها استيقظت وهي بالكاد تلتقط أنفاسها؛ لتشرب كوب ماء موضوع على طاولة بقربها، تعود لسريرها فتسمع صوتًا تحت السَّرير كأن شخصًا يخدشه؛ لتشعر بالخوف، وتنهض بسرعه؛ لتشعل الضَّوء، تنظر أسفل سريرها لا تجد شيئًا، هدأتْ دقات قلبها بعد أن تسارع بسبب الصَّوت الذي سمعته، أرادتْ أنْ تغلق الضَّوء إلا أنَّ صوتًا ما أوقفها. وقفت متجمدة هلعة في مكانها، وعيناها بدأت تذرف الدُّموع، نظرتْ باتِّجاه الصَّوت، وذهبت بخطوات متردّدة إليه، رفعت يدها إلى الدُرج وفتحته، كان الصَّوت من هاتفها، يصدر صوتًا بلحن مريم، رفعت الهاتف مصعوقة، ورأتْ مريم داخل غرفة شبيهة بغرفتها، وفتحت بابًا يبدو كباب خزنتها، وأخرجت السِّلاح، ووضعته على جبينها ونظرتْ إليها مبتسمه بخبث، لتهدآ ملامح ليندا وتترك الهاتف وتتّجه إلى خزنتها، وتخرج سلاح والدها...

المحقِّق داخل منزل الضَّحية الجديدة من ضحايا مريم، يشعر بالغضب والمرارة، يكره القضايا النَّاقصة، أيضًا الفتاة ليندا أقفلت قضيتها بقتلها نفسها بسلاح والدها...
أخذت جميع الأدلّة في قضيتها، أتت والدة ليندا إلى المحقِّق، وقالت:
- سيد جون تركتْ لي ليندا هذا قبل عدّة أيام؛ لأسلمها لك في حال حدث لها مكروه.
- مكروه!
ردّت الوالدة قائلة:
- بعد مقتل صديقتها أخبرتنا أمورًا كثيرة بخصوص هذا اللِّعبة، وأنَّها لعبة ممسوسة، تطارد كلّ من يلعبها وتقتله ولو بعد حين، لم نصدقها...
وأجهشت بالبكاء...
رغم أنَّ زوجي أخذ منها السَّلاح وخبأه جيدًا، إلا أنَّنا لا نعلم كيف حصلت عليه...
آه يا فتاتي الصَّغيرة، آه يا ليندا لماذا فعلتِ بنفسكِ ذلك.
أخذها زوجها وأجلسها بقربه يواسيان حزنهما معًا.
فتح المحقِّق يوميات ليندا، واندهش مما كتب بها...
المحقِّق جون يراجع السِّيرة الذَّاتية للضَّحايا، ولا شيء بهم مريب، الحالة الاجتماعيَّة جيّدة، نشيطون ومحبوبون ولطفاء، السِّجل الإجرامي لا يوجد، العنف الشَّخصي أو النَّفسي لا يوجد، إذًا لم اختاروا الموت بأبشع الطُّرق؟!
- قلت إنَّها جريمة قتل، فلا يوجد شيء يدل على أنَّ الجرائم حدثت بفعل فاعل.
مرَّ أسبوع منذ موت آخر الضَّحايا تدعى ليندا، لم أجد الوقت لفتح دفتر يومياتها ربَّما أجد اعتراف قبل الانتحار، فكل المنتحرين يفعلون ذلك...
في منزل والدتها دهشت لشيء كتبته، وجعلتني أتساءل لِم قد تكتب شيئًا كهذا، إنَّها كلمات توجد في داخل اللِّعبة ألا وهي:
- هل تودّ إرشادي؟
وتركت ملاحظة تحته قائلة:
- إنْ كنت خائفًا لا تلعب اللِّعبة رجاءً، فهي تمتص خوفك لتجعلك تجن وتقتل نفسك...
- من هي التي ستجعلني أجنّ حتى أقتل نفسي؟!
كتبت الكثير من الأمور، وما سبب تثبيتها لهذه اللِّعبة، وعن طرقات الباب العنيفة التي جعلتها أكثر ريبة عدم نهوض والديها مع كل هذا الطرق، وعن حالتها، وأمور كثيرة حدثت معها ومع صديقتها، أمور خارقة للطّبيعة، أمور خيالية، والذي يدهشني أكثر أنَّها كتبت كل ما جرى لها ولصديقتها، وصديقتها أساسًا لم تكن معها طوال ذلك الوقت؛ لأنَّها فارقت الحياة قبل ذلك...
- أنا أظن أنَّها لم تتقبَّل رحيل صديقتها عنها، ورؤيتها جثة قد سلب لها عقلها، وقرَّرتْ بذلك أنْ تنهي حياتها، نعم هذا هو ما يقال في علم المنطق.
أمّا في آخر أيامها كتبت عَنْ همسات تسمعها كأن من ينادي عليها، وعن رؤية خيال الفتاة مريم في كل مكان، وأن هاتفها يأبه أن يغلق، وفي حلمها ترى أنَّها تلعب مراحل وتصحبها معها الطِّفلة أكثر وأكثر، بل تتحكم بها في حلمها، هذا حقًا عجيب.

بحثتُ كثيرًا عن أي صفحات تعترف بها أنَّها ستقتل نفسها، ولكن لا شيء من هذا، إنني أتذكر أول الضَّحايا كانت تدعى لويزا تركت رسالة تخبرنا بها أنَّ مريم من ستقتلها، وأنّها تأتي لها في الحلم لتأخذها معها، وأنّ هذه اللِّعبة خطيرة، بل ممسوسة، وكثير من التّحذيرات منها بخصوص هذه اللِّعبة، لا أعلم ولكنّني بدأت أصدّق وانتابني القلق والخوف لا بد من طلب الموافقة مِنْ الرَّئيس؛ لحذف هذا التَّطبيق من النِّت نهائيًا...
اشتغل هاتفي من تلقاء نفسه، استغربت من هذا وعندما رفعته لأرى ما به ربّما احتمال قد نفد منه الشّحن، إلا أنني ارتعدت خوفًا ممّا رأيت، كيف هذا؟!
ومتى؟!
أنا حتى لم أحمل هذا البرنامج بعد، ولم تسألني عن اسمي؟! كيف يعقل هذا الأمر؟!
- ماذا تكون مريم هذه؟!

ـ تمت بحمد الله ـ






التعديل الأخير تم بواسطة noor1984 ; 20-11-20 الساعة 04:39 PM
noor1984 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-12-20, 11:18 PM   #6

sam2001
 
الصورة الرمزية sam2001

? العضوٌ??? » 165263
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » sam2001 is on a distinguished road
افتراضي

ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

sam2001 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-20, 11:20 PM   #7

funy19

? العضوٌ??? » 36652
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,009
?  نُقآطِيْ » funy19 is on a distinguished road
افتراضي

Thaaaaaaaaaaaaaanks

funy19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:18 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.