آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          206- العائدة - كاي ثورب - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          [تحميل] أعشقه و هو في دنيتي الجنه و صعب أنساه لأني نسيت أنساه ، لـ }{!Karisa!}{ (الكاتـب : Topaz. - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          ارقصي عبثاً على أوتاري-قلوب غربية(47)-[حصرياً]للكاتبة::سعيدة أنير*كاملة+رابط*مميزة* (الكاتـب : سعيدة أنير - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          حصريا .. تحميل رواية الملعونة pdf للكاتبة أميرة المضحي (الكاتـب : مختلف - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          حصريا .. رواية في ديسمبر تنتهي كل الأحلام .. النسخة الكاملة للكاتبة أثير عبدالله (الكاتـب : مختلف - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قـلـوب رومـانـسـيـة زائــرة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-11-20, 08:32 PM   #21

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي





حــــبــيـــبــي...


أريدُكَ روحــــــــــًا لقلبٍ يحتضر
شمسًا لشتائي وفي الصيفِ المطر
عطــــرًا لورودي ولونًا للشجـــــر
ســــرًا لوجودي جناحًا للقمــــــــر

أماني عطاالله

-19-
تسمرت عيناها فوق صورته في عشق لم تنجح سنوات الهجر في نزعه من قلبها الذي ازداد تعلقًا به رغم الفراق.. الجرائد والمجلات التي تنشر صوره وأخباره تستنزف جزءًا كبيرًا من ميزانيتها البسيطة التي تتحصل عليها من عملها بمصنع الملابس.. لكن ذلك لا يؤرقها.. لو أمكنها أن تشتري كل الجرائد والمجلات حتى لا يراه سواها لفعلت بلا تردد.
بقدر سعادتها لأجله كانت تشعر بالغيرة من كل معجباته.
تنهدت في حنين وهي تتذكر رحلتها الأخيرة التي رأته فيها الشهر قبل الماضي.. لم يعد يختلف عن المحترفين العمالقة سوى في وسامته التي جذبت الأنظار إليه وأثارت فيها المزيد من الشوق والشجن.
عيناه يومها كانتا تشعان نارًا لا بريقًا.. شعرت بخوف شديد منه ورغبة أشد تدعوها للاقتراب ورمى نفسها بين ذراعيه.. تريد أن تتأكد من كونه لن يقتلها حال رآها مصادفة.
ترى.. ألازالت قبضته الحديدية تتحول حريرًا ما إن يضمها إليه..؟ وماذا عن أنفاسه التي تحرق خصومه وتصهرهم.. هل بقيت على عهدها معها.. نسيمًا يداعب بشرتها كلما اقترب منها؟
تأخرت كثيرًا لتدرك أن خوفها كان مرَضيًا لا أكثر.. أوهام جسدتها كوابيس طفولة بائسة عاشتها قبل أن تراه.. أعداء باسل يختلفون عن أعداء خورشيد.. عمله لا يجرمه القانون.. طموحه مشروع لا يطارده أحد.. ولكن.. لو أخبرته بشأن أوهامها التي اقامت كل تلك الحواجز بينهما.. أتراه سوف يصدقها؟
ألا زال يعشقها؟ هل حقًا كان يعشقها؟
لم يتزوج بعد.. عدا لارا التي تتبعه كظله أينما ذهب لا نساء في حياته.. ولكن إلى أي مدى وصلت علاقته بهذه المتوحشة؟
قرأت تصريحًا لـ جوناثان بإحدى المجلات أعلن فيه أن باسل تلقى عروضًا كثيرة للعمل في حقل السينما وعروض الأزياء وشتى شركات الدعاية أيضًا.. ولكنه لا يفكر حاليًا في قبول أي من العروض المقدمة له.. وحشه الوسيم لا يجيد إلا القتال والمصارعة الحرة.. فهي همه الأوحد حتى الآن.
عشاقه الذين استنكروا عليه أن يحرمهم من رؤيته بشكل دائم على شاشات السينما والتلفاز يزيدون إلحاحًا ويدعونه لقبول كل العروض مجتمعه.. لا زلوا يتضاعفون عددًا رغم القسوة التي أصبحت طابعًا مميزًا لجبهته.. ورغم بصمته العنيفة التي يتركها على منافسيه بعد كل مباراياته معهم.
- هذا المصارع مجددًا..؟ يبدو أنه يسحرك أنتِ أيضًا.. وأنا من ظننتكِ تختلفين عن بقية الفتيات..!
انتفضت من شرودها وابتسمت بعصبية لـ باولو الذي ضبطها متلبسة بشوقها اليه.. بادلها ابتسامتها وهو يتابع مازحًا:
- استيقظي أيتها الحالمة.. ليون يريد التعديلات التي أجريتها على التصميم الأخير.
- نحن في فترة الراحة حاليًا.
تطلع إلى ساعته قائلًا:
- انتهت منذ خمس دقائق.. هيا قبل أن يأتي بنفسه ليعنفك.
هتفت بغيظ:
- من يرى تحكمات هذا اللص يظنه يجزل لي العطاء مقابل أفكاري التي يسرقها وينسبها لنفسه.
- لا تغتمي كثيرًا.. فتصميماتك لم تجعل منه مُصممًا عالميًا بعد.
- العيب ليس في تصميماتي بل في الخامات الرديئة التي يستخدمها هذا البخيل لتنفيذها.
- لمَ لا تنظري للجانب المشرق في الأمر..؟ ألا يكفي أن راتبك هنا مهما كان ضئيلاً قد أنقذك من التسول؟
هتفت فيه ساخطة:
- هل تعلم يا باولو بأنكَ ستبقى أجيرًا ولن تمتلك مشروعك الخاص أبدًا.. وذلك رغم موهبتك الفذة في تنفيذ التصميمات وتطريزها؟
نظر إليها مستنكرًا فأردفت مؤكدة:
- من يرضى بالفتات التي يمن بها الآخرون عليه سيأتي اليوم الذي يفقدها فيه هي أيضًا.
ضحك باولو في لامبالاة قائلًا:
- لا بأس.. عندما تمتلكين أنتِ مشروعك الخاص خذيني لأعمل عندك.. وأعدك بأن يفوق ولائي لكِ ولائي لـ ليون الآن.
همت أن تعلق بقول لاذع آخر لولا وصول ليون بوجهه العابس وعيناه التي ينبعث منها الشرر لحرق أي اعتراض قبل أن يولد منها.. هتف بلهجة خشنة:
- آنسة ندى.. أريد الرسومات الأخيرة حالًا على مكتبي.
- لكنني لم أنتهِ منها بعد.
- وكيف ستنتهين منها وأنتِ تجلسين هنا لشرب العصائر وتصفح المجلات؟
أمسك بالمجلة وراح يقلب صفحاتها بعصبية وما لبث أن ألقى بها أرضًا وهو يصرخ في المزيد من الضجر:
- وليتك تقرأين في مجلات الموضة والأزياء لوجدتِ لنفسكِ حجة تبررين بها كسلك واستهتارك.
لم يغضبها سلوكه الجاحد معها بقدر ما أغضبها أنه ألقى بالمجلة التي تزين غلافها صورة باسل أرضًا فهتفت به في عنف:
- ليس من حقك أن تفعل ذلك حتى وإن كان ما أقرأه لا يروقك.
- لن يدهشني عنفك مادمتِ تتخذين من هذه الوحوش الأدمية قدوة لكِ.
- لو كان هنا الآن لـكـ......
ابتسم متهكمًا فتبهت إلى حماقتها وأحنت رأسها صامتة.. بينما عاد هو يتابع في شراسة لا تعلم من قدوته فيها:
- هو ليس هنا.. ولن يكون هنا أبدًا ليدافع عنكِ.. استيقظي من أحلامك واهتمي بواقعك خير لكِ.
كلماته تعني لها الكثير حتى وإن كان هذا الأحمق قد ألقاها مصادفة ولم يفهمها.. باسل لن يكون هنا أبدًا ليدافع عنها.. أغمضت عينيها في ألم ولكن مظهرها البائس لم يخفف من قسوته وهو يردف مُتشفيًا:
- أمامك ساعة على الأكثر حتى تنتهي من عملك المتأخر.. إن لم أجده فوق مكتبي بعدها.. لا تلومى إلا نفسك.
ما إن ابتعد حتى زفر باولو قائلًا:
- حاولتُ أن أجنبك هذا الموقف لكنكِ لم تساعديني.
رمقته ساخطة وذهبت مُرغمة لتنتهي من تعديل التصميم الذي يريده هذا المتسلط الكريه.. ياله من زمن عجلته لا تكل ولا تسهو.. لو أنه يصفح عنها ويعود بها بضع سنوات للوراء.. لقيدت ليون هذا بسلاسل حديدية وأوسعته ضربًا حتى يصرخ ويطلب الرحمة.
*****
فرشت الجرائد والمجلات التي اشترتها فوق سريرها وراحت تقبل صوره وتبثها أوجاعها وإحباطها.. لازال الوحيد الذي تستطيع أن تتحرر معه من تكتمها.. كبرياؤها يمنعها من الشكوى إلى ميلا رغم بوادر الصداقة التي بدأت تتعمق بينهما.
ميلا زميلتها في العمل وشريكتها الجديدة في هذه الشقة الصغيرة التي استأجرتاها مناصفة في منزل باولو.. هو من دلها عليها وهو أيضًا من وفر لها فرصة العمل في مصنع ليون للملابس الجاهزة.. منذ قرارها الذي اتخذته بالبعد عن باسل وهي تعمل معه ومع ميلا في المصنع.. وكذلك كانت ساندي.. رفيقتها السابقة ولكنها تزوجت العام الماضي وتركت العمل والسكن معها.
ليون لص وجشع ولكن باولو كان محقًا.. لولا راتبه الضئيل لربما كانت تتسول بالفعل الآن.
بدأت تشعر بالجوع.. من المفترض أن ميلا هي المسئولة عن الطهو مقابل أن تتولى هي ترتيب المنزل وتنظيفه.. نهضت ولملمت كنزها لتضعه في خزانة ملابسها.. لم يتبق مكانًا آخر فوق الجدران الأربعة لتلصق فوقه المزيد من صوره.. لو كان الأمر بيدها لعلقتها في الردهة أيضًا.
نظرت إلى ساعتها وزفرت ساخطة.. ميلا تأخرت كثيرًا في نزهتها مع صديقها الجديد.. ماركوس.. الرجل الثالث في حياتها في أقل من عام واحد.. لم تكن هي وميلا تتشاركان فقط العمل والمسكن.. بل تتشاركان الحظ السيء ذاته عندما يتعلق الأمر بالحب.
فتحت الثلاجة وتتطلعت إلى بقايا الطعام متأففة.. ولكن لا مفر.. عليها أن تسخنها وتتناولها مجبرة.. ليت خورشيد يراها الآن.. قتل نفسه حتى يوفر لها مستقبلًا أفضل وها هي مُضطرة لسد جوعها بفضلات كادت أن تتعفن.. حتى الخدم قديمًا ما كانوا ليرضوا بتناول هذه القمامة..!
وضعت الطبق فوق الطاولة الصغيرة وحركت ملعقتها داخله في تذمر قبل أن تملأها وترفعها إلى فمها متقززة.. طرق أحدهم الباب فأسرعت كطفله لتفتحه.. لعلها ميلا عادت ومعها شيئًا أفضل يصلح للأكل.
تأوهت مُحبطة عندما طالعها وجه باولو الذي قطب حاجبيه فى دهشة قائلًا:
- هل تضايقك رؤيتي لهذا الحد؟!
- ظننتكَ ميلا.
ابتسم في خبث قائلًا:
- ليست أجمل مني كثيرًا على أية حال.. ماذا تفعلين؟
أفسحت الباب ليدخل وهي تشير لطعامها قائلة:
- كنتُ سأبدأ في تناول الطعام.. يمكنكَ أن تأكله إن شئت.
- ماذا بكِ..؟ أنتِ لست على ما يرام.
وضعت يدها فوق معدتها وأشارت برأسها إلى الطبق اليتيم فوق طاولتها قائلة:
- معدتي تؤلمنى جوعًا.. وأخشى أن تؤلمني أكثر بعد أن ألتهم هذا.
ضحك باولو قائلًا:
- حسناً تعالي معي.. والدتي أعدت لنا غداءً فاخرًا.. أرز ولحوم وخضروات متبلة رائحتها شهية جدًا.
غمغمت في امتنان:
- أشكرك.. بالصحة لكما.
- كفى مكابرة وتعالي معي.. مضى وقت يكفي لأعرفك جيدًا أيتها المتعجرفة.. كم ملعقة استطعتِ بلعها من هذا الطبق؟
- إن كنت عرفتني حقًا كان يجب أن تذهب وتوفر إلحاحك.. أنا لن آتي معكَ مهما.....
- حتى لو أخبرتك بأن مصارعك الوسيم سيكون على الهواء بعد دقائق قليلة.
نظرت إليه في شك فتطلع في ساعته وأردف:
- ربما بدأ البرنامج بالفعل الآن.
*****
جلست على الأريكة بشقة باولو وتعلقت عيناها بشاشة التلفاز في ولع وتوحد ضاعف من مخاوف مضيفها بشأنها.. إدمانها لهذا الفتى ليس صحيًا أبدًا.. نصحها مِرارًا بالتعقل حتى لا تتعرض لصدمة مستقبلًا.
ميلا أيضًا طلبت منها أن تبحث لها عن رجل يناسبها عسى أن يتزوجها ويقتسم معها حياتها وعبئها الثقيل حتى يكونا لهما أسرة كبقية البشر.
يحذرانها من عاقبة افتتانها بذي القبضة الوسيم.. ينصحانها بالعودة إلى أرض الواقع وترك النجم اللامع في سمائه.. كلاهما لا يعلمان أن قبضته الحديدية كانت يومًا ملكًا لها.
نهضت ما إن انتهى اللقاء التليفزيونى معه.. بالكاد تناولت القليل من الحساء الشهي الذي قدمته لها والدة باولو رغم استنكاره ورغم إلحاح المرأة الكريمة عليها بتناول المزيد.. عادت إلى شقتها وتوجهت إلى غرفتها شاردة.. ميلا لم تعد بعد ولكنها ما عادت تشعر بالجوع.
أخرجت ما تبقى معها من نقود.. بالكاد يكفيها لرحلة جوية أخرى بلا مأوى.. لكنها لا تملك إلا أن تحضر ذلك اللقاء.. لا تستطيع مقاومة فضولها القاتل لرؤيته عن قرب.. سيكون فيه على سجيته بلا عنف ولا لكمات ولا دماء.. لقاء مفتوح معه في بث مباشر على الهواء.. الدعوة متاحة لكل معجبيه الراغبين بالحضور.
ماذا سيفعل لوعلِم أن رحلاتها المنتظمة لحضور مبارياته أينما ذهب هي ما استنفدت رصيدها كاملًا..؟ بالكاد اشترت منه ماكينة حياكة صغيرة بعد إلحاح من ميلا كي تعلمها كيف تنفذ تصميماتها بنفسها.
*****
تجمهر عدد كبير من معجبيه أمام مبنى القناة الفضائية حيث تقرر عقد اللقاء الموعود معه.. الزحام الشديد جعلها تبتسم مرغمة.. وهي من ظنت بأنها ستكون أول القادمين للقائه وشعرت بالقلق خوفًا من أن يراها.
الفتاة الضخمة التي تقف أمامها حجبت الرؤية عنها كاملة.. وكأنها لم تكتفِ بعرض كتفيها وطولها الفارع رفعت نفسها لتقف على أطراف أصابعها فزادتها ضجرًا.. ولكن هذا لم يمنعها من الشعور بالامتنان لها واستغلالها سِترًا عندما أقبل أخيرًا بصحبة لارا مُرتديًا حلة سهرة سوداء زادته تألقًا وبريقًا.
غضبها لرؤية تلك العملاقة تتأبط ذراعه في تملك جعلها تتساءل مُجددًا عن مدى تطور العلاقة بينهما بعد أكثر من عامين كاملين.. ولكنه لم يخفف من خفقات قلبها المتلهف شوقًا لرؤيته ولم يمنع دقاته من التهليل بصوت طغى على صوت انفجارات التصفيق التي سرت كالعاصفة من حوله.
لثم كفه في قبلة طويلة قبل أن يلوح بها لهم مُبتسمًا.. فتعالت صيحات معجبيه من الرجال وتأوهات معجباته من النساء.. اتسعت ابتسامته وأمطرهم بالمزيد من القبل إمعانًا في بث سحره بينهم وامتلاكهم حد النخاع.
لم يكن يجيد هذا النوع من المجاملات سابقًا.. الشهرة عدلت من طباعه كثيرًا.. علمته النفاق...
بقدر ما عشقت ابتسامته كرهت ضحكة لارا التي ازدادت التصاقًا به وعانقت خطواتها خطواته في طريقهما إلى مسرح القاعة.. ظهره أصبح لها.. ابتعد بما يكفي لكي تتحرر من تلك الهضبة التي تعوق رؤيتها.. جاهدت لتتخلص منها حتى دفعتها بلا قصد ففقدت الفتاة توازنها وسقطت أرضًا.. لم تنتبه لمدى تهورها إلا عندما اتسعت عينا الفتاة وهي ترمقها في شراسة نهضت بعدها لتنقض عليها كثور هائج.
شعرت بالألم حتى قبل أن تلمسها.. ازدادت هلعًا عندما اكتشفت أن تلك المتوحشة لم تكن بمفردها.. معها رفيقة لا تقل عنها حجمًا اقتربت هي الأخرى لتوسعها ضربًا مجاملة لرفيقتها.. وكأنها في حاجة لمساعدة منها.
لم يشفع لها اعتذار ولا ضعف بنية وهما تلكمانها في شتى أنحاء جسدها حتى خارت قواها وسقطت أرضًا.. ولم تكتفيا بل استمرتا في ضربها وركلها بلا رحمة ولا شفقة حتى هتفت باسمه في استماتة ولوعة.
لو قُدر له أن يرى جثتها الآن.. فسوف يخبره من حولها بأن اسمه كان آخر ما تفوهت به.. ربما عندها يدرك مقدار حبها له فيغفر لها هروبها الاضطراري منه.
توقف فجأة وقطب حاجبيه بعدم تصديق.. استدار يتطلع خلفه غير مبالٍ بدهشة لارا وتساؤلاتها.. اقترب كالمسحور من ذلك الزحام على بعد أمتار منه.. كلما اقترب خطوة تضاعف يقينه.. صوتها الذي يحفظه عن ظهر قلب.. من المحال أن يخطئه.
راح يزيحهم بلا وعي حتى لمحها تكاد تلفظ أنفاسها تحت وطأة أقدامهن وركلاتهن العنيفة لجسدها النحيل.. صاح معنفًا وهو يقاوم رغبة مجنونة تدعوه لقتلهم جميعًا حتى المتفرجين.
لا تدري كيف أو متى أصبحت بين ذراعيه؟ لكنها تأكدت بأن قبضته لازالت حريرًا وأنفاسه نسيمًا لفحت جسدها العليل.
بللت دموعها صدره فهمس في لوعة دون أن يبعدها عنه:
- هل أنتِ بخير؟
ازدادت شهقاتها عُنفًا ولم تجبه فحملها على غير هدى حتى أشار إليه أحدهم فتبعه إلى إحدى الغرف الجانبية الخاصة بالعاملين في المبنى وهو يصرخ فيهم بسرعة إحضار طبيب لفحصها وإسعافها.
أجلسها فوق فراش صغير بالغرفة.. أحنت رأسها خجلًا وراحت تلملم ثيابها الممزقة حول جسدها المطبوع بآثارهم الوحشية.. سالت دموعها صامتة فجلس بجوارها وضمها إليه مجددًا.. طلب من إحدى العاملات أن تحضر لها شيئًا لترتديه لأن فستانها ما عاد يصلح.
حضر الطبيب فتركها مرغمًا وخرج من الغرفة ليستند بظهره على بابها.. جاهد ليسيطر على غضب يتصاعد مع كل صرخة ألم تطلقها عذابًا.
تنبه إلى لارا التي اقتربت منه وهتفت مستنكرة:
- أنتَ واقف هنا وكلنا في انتظارك لنبدأ البث المباشر؟
- لا تنسي أن هذه الفتاة أصيبت بسببي.
- وما ذنبك أنتَ حبيبي؟ هن من تهاتفن عليكَ بلا عقل.
- لارا كوني أكثر تعاطفًا.
- يكفي ما فعلته لأجلها حتى الآن.. دعهم يهتمون بها ولننتهي نحن من عملنا الذي أتينا لأجله.
- حسنًا.. اذهبي أنتِ وسوف ألحق بكِ.
- باسل.. أتظنني طفلة..؟
- أنا لن أذهب من هنا قبل أن يخبرني الطبيب بأنها أصبحت على ما يرام.
فتحت فمها لتعترض عندما اقترب منها عددًا من المعجبين والتفوا حولها طمعًا في الفوز ببعض الصور التذكارية معها.. تسلل مُبتعدًا عنها ودلف إلى الغرفة مجددًا.. كان الطبيب قد انتهى من فحصها وحقنها ببعض المهدئات فخلدت للنوم.
- كيف حالها؟
- ليست سيئة.. من الجيد أنكَ أنقذتها في الوقت المناسب.. لا يوجد كسور ولكن ربما ستحتاج إلى بعض تمرينات العلاج الطبيعي حتى تتمكن من العودة إلى طبيعتها بشكل أسرع.
- علاج طبيعى..؟
- أسبوعين على الأكثر.
تبعته لارا إلى الغرفة وألقت نظرة لامبالية إلى ندى المسجاة على السرير تئن رغم المسكنات التي حقنها بها الطبيب.. جذبته ليغادرا الغرفة قائلة:
- ها هو الطبيب قد أخبرك أنها بخير.. هيا بنا إذًا.
تحرك معها مُرغمًا ولكنه ما لبث أن استدار إلى الفتاة التي رافقت الطبيب قائلًا:
- اهتمي بها من فضلك حتى أعود.
ابتسمت الفتاة قائلة:
- اطمئن يا بطل.. فهي لن تستيقظ قبل ساعتين على الأقل.
كلماته المقتضبة وابتساماته الباهتة لم تقلل من جاذبيته في عيون معجبيه.. بل أن شفقته على تلك الفتاة المسكينة التي أصيبت بسببه وانشغاله بأمرها زادهم سحرًا وشغفًا به.. التناقض بين قوته وحنانه كان مستحيلًا والمستحيلات تبهر دائمًا..
ما أجمل أن يكون الزمن حليفك أينما ذهبت..؟
يحول عيوبك ميزات والعتمة فيكَ ضوءًا.. ويرى من حولك حتى فى قبحك جمالًا لا تفسير له..!
تعالت الصيحات حماسًا عندما أعلنت لارا عن قرب تصوير فيلم سينمائي يتقاسمان بطولته معًا.. تجنب سرد الكثير عن تفاصيله حتى لا يحرق أحداثه.. سوف يتركها مفاجأة لهم.
سعادة لارا وغمزاتها المتعمدة وهي تعلن بأنها سوف تؤدي دور حبيبته في الرواية زادهم حماسًا وتهليلًا وهم يتمنون لها أن تتحول أحلامهما إلى واقع.. فهما زوج مثالي لا يتكرر.. مالت برأسها على كتف باسل حالمة فابتسم ولم يعلق.
رغم كل محاولاته للبقاء معهم أخذته أفكاره إليها.. لماذا عادت بعد أن بدأ يستسلم لغيابها عن حياته وأقلم نفسه على المضي فيها وحيدًا..؟
ظهورها المفاجئ أربك كل مخططاته وأعاده إلى نقطة الصفر مُجددًا.. مظهرها البائس أصابه بصدمة ضاعفت من همومه.. عاد شعوره بالذنب يطارده لأنه أهمل رعايتها.. أقسم مِرارًا على حمايتها ولكنه لم يفعل.. كان الأجدر به أن يبذل المزيد من الجهد في البحث عنها حتى ولو كانت هي من تركته في لحظة طيش.
أخبرته الفتاة بأنها لن تستيقظ قبل ساعتين على الأقل ولكن ماذا لو استيقظت قبل ذلك الموعد وغافلت الفتاة لتغادر الغرفة وتختفي مجددًا؟
تملل في جلسته وراح يتلصص النظر إلى ساعته.. لو لاحظوا ذلك لاتهموه بالفظاظة وعدم اللياقة ولخسر الكثيرين منهم بلا شك.. تنفس الصعداء عندما أعلنت القناة عن فاصل إعلاني فأسرع يغادر القاعة.. أخبر لارا التي تعلقت بذراعه عن رغبته في الذهاب إلى الحمام.. دعاها في وقاحة لم تعتدها منه إلى مرافقته إن كانت تريد التأكد من صدقه.
نهضت الفتاة التي تركها لرعايتها ما إن دلف إلى الغرفة فهز رأسه مبتسمًا لها.. لم تستيقظ بعد.. ولكن.. لا يعقل أنها ستبقى نائمة حتى ينتهي البرنامج ..!
استدار إلى الفتاة التي لازالت تتطلع إليه هائمة وابتسم قائلًا:
- هل تعلمين بأنني حتى الآن لم أعرف اسمك؟
- اسمي هيلين.
- هيلين.. اسمك جميل.. وطباعك أجمل.
أحنت هيلين وجهها خجلًا وهي تهمس شاكرة.. فأردف بهدوء:
- ألستِ معي في أنه من الأفضل لو ننقلها إلى المشفى؟
- نعم.. بالطبع.. قال الطبيب بأنها قد تحتاج إلى علاج طبيعي لمدة أسبوعين على الأقل.
هز رأسه موافقًا وصمت لحظات عاد بعدها يقول:
- هل أجد معكِ ورقة وقلم من فضلك؟
أحضرت له ما طلب فسطر شيئًا ما وأعطاها لها قائلًا:
- أعلم بأنني استغللت كرمك كثيرًا.. ولكن هل أعطيتِ هذه الورقة للمسئولين عن البرنامج؟
- بالطبع.. أنتَ على الرحب والسعة.
ما كادت تغادر الغرفة حتى أسرع يحمل ندى ويغادر هو أيضًا.. من الجيد أنهم ينتظرون عودته في قاعة العرض حتى لا يتعثر بهم في طريقه للهروب بها من المبنى.. خرج من البوابة الخلفية وانطلق بخطوات عريضة إلى حيث ركن سيارته.. أراحها في المقعد الخلفي وقادها متوجهًا إلى منزله.
لم يكن يعاني من ثقل وزنها سابقًا.. ولكن هل وزنها خف بالفعل لهذا الحد؟






noor1984 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-20, 08:36 PM   #22

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي



استنزفتي كرمي كاملًا...

-20-

مددها في سرير بغرفة خصصها لضيوف لا يعرفهم ووقف يتطلع إليها متألمًا.. وجهها لم يصب بأية خدوش.. ابتسم مُرغمًا.. لازالت تجيد الحفاظ عليه في مثل هذه المعارك الوحشية.. لكنها تبدو شاحبة.. بشرتها ما عادت تلك الوردية الناعمة التي لطالما فاقت ورودها الحمراء نضارة ورونقًا.. ثوب العاملات الذي أحضروه لها لا يليق بها أبدًا.
أطلق تنهيدة طويلة واستدار لتستقر عيناه بإحدى زوايا الغرفة حيث الحقيبتن اللتين أحضرهما من باريس منذ أكثر من عام.. ترقدان كالموتى في انتظار أن تأتي لتبثهما الحياة.
تأوهت فجأة ولثمت شفتيها في وهن فأسرع ليحضر لها كوبًا من الماء لعلها ظمأى.. انحنى ليسقيها عندما تمتمت بلا وعي:
- باولو.. ليون...
نهض فزعًا وأسقط الكوب من يده ليصطدم بالأرض وتتناثر شظاياه فوقها.. كانت مع باولو إذًا كل هذا الوقت.. وهو من ظن أن لقاءها به في ذلك المقهى كان عابرًا وبأنه لم يترك فيها أثرًا.. لم يتخيل أبدًا بأنها يمكن أن تلجأ إليه مجددًا.
لأكثر من عامين أضناه البحث عنها هو وعبدالله أيضًا.. لكم توسل إليه الأخير كي يسمح له بمرافقته إلى أمريكا ولكنه أرغمه على البقاء في جوهانسبرج لربما تعثر فيها مصادفة.. حتى الشهر الماضي فقط اتصل به ليسأله عن الجديد بشأنها فأجابه حزينًا يائسًا بأن لا جديد..
ليست المرة الأولى التي تفعلها غير عابئة به.
ومن يكون ليون هذا؟ أتراها قد أنجبت منه أيضًا؟
تأوهت مُجددًا فالتفت إليها في فضول عجز عن مقاومته.. انحنى فوقها وهزها لتستيقظ.. استمر يناديها حتى فتحت عينيها أخيرًا وتطلعت إليه تائهة قبل أن تتنبه له.. همست باسمه في لهفة وهي تحاول النهوض لتعانقه لولا آلامها المبرحة التي أرغمتها على الاسترخاء مُجددًا.
تطلع إليها بمزيج من الإشفاق والغضب.. يبدو أنه مُضطر لتأجيل فضوله لوقت آخر.. على الأقل حتى تتخلص ذاكرتها من تشوشها.. ليس عليه الآن سوى أن يسعفها.. لم يعد يحتمل دموعها وتأوهاتها المعذبة أكثر من هذا.. تنهد بعمق وأمسك بسماعة الهاتف ليستدعي الطبيب مجددًا.
حقنها الطبيب بالمزيد من المهدئات.. وكتب له حفنة من المسكنات والمراهم والمضادات الحيوية فلم يجد مفرًا من الذهاب إلى الصيدلية حتى يحضرها بنفسه.. لا يجب ان تعلم الصحافة بوجودها في منزله.
استيقظت في صباح اليوم التالي تشعر بحال أفضل رغم إنهاكها.. سكنت في سريرها فترة استرجعت فيها الأحداث التي مرت بها منذ أمس.. لم تكن تقصد أن يضبطها مُتلبسة وهي تتلصص المعلومات عنه.. عثر عليها في أسوأ لحظاتها مهانة ومذلة...
أطلقت تنهيدة طويلة وتحاملت لتقف على قدميها.. تحركت بخطوات متثاقلة وغادرت الغرفة.. كأنها مريض تجاوز الثمانين من عمره..!
لم يلفت انتباهها اتساع الردهة ولا فخامة أثاثها بقدر ما لفت انتباهها عدم وجوده فيها.. تجهم وجهها في حيرة قبل أن تنصت لصوت الموسيقى التي انبعثت من إحدى الغرف الجانبية فتوجهت إليها على عجل بقدر ما استطاعت.. قرعت بابها فلم تجد صدى مما دفعها لفتحها بصبر نافد.. كان مُندمجًا في أداء بعض التمرينات العنيفة فلم يشعر بها.. ظلت تراقبه في حنين حتى توقفت الموسيقى واستدار ليفاجأ بوجودها على بُعد خطوات منه.
شكله أبهى كثيرًا من كل صوره التي ملأت الجرائد والمجلات وحتى من المرات القليلة التي تلصصت عليه فيها من بعيد.. كان أجمل حتى من أحلامها به.
اقتربت منه خطوات قبل أن تدرك عدم مبادرته للترحيب بها فتوقفت حرجًا.. استيقظ من شروده وتقدم منها.. ابتسمت بارتباك مُنتظرة حديثه إليها ولكنه لم يقُل شيئًا بل حملها صامتًا وغادر الغرفة ليضعها فوق أريكة وثيرة في غرفة معيشة واسعة.. ظل يتطلع إليها بوجه مُتجهم أصابها بالدهشة قبل أن يبتعد عنها قائلًا:
- سأغتسل بسرعة وأحضر لكِ طعامًا.
- باسل...
قال دون أن يلتفت إليها:
- أعلم أنكِ جائعة.
أصابتها غصة في حلقها أفقدتها النطق.. لا يبدو سعيدًا بعودتها إليه.. وليس من حقها أن تلومه وهي من نبذته أولًا...
عاد بعد قليل يحمل صينية عليها عدد من الأطباق رصها فوق سفرة بيضاوية جميلة من خشب الآرو.. الـ تي شيرت الضيق ذو الأكمام القصيرة أبرز عضلاته الصلبة التي ازدادت تناسقًا وقوة.. شعره الأسود الفاحم الذي مشطه للخلف تناثرت إحدى خصلاته لتزين جبهته وتزيده إغراءً وجاذبية.


نظر إليها يحثها على التقدم ولكنها لم تتحرك فقال بصوت هادئ:
- الطعام جاهز يا نانا هانم.
لم تبتسم لدعابته الثقيلة.. تهكمه فيها كان واضحًا.. شعرت بأنه يسخر منها خاصة وهي ترتدي هذه الملابس الرخيصة التي تسولها من أجلها.
عاد يكرر بصبر نافد:
- نانا هانم...
صاحت ساخطة:
- مادمتَ تعلم أنني هانم تعالَ واحملني إذًا.
قطب حاجبيه لحظات قبل أن يتقدم ويحملها بالفعل.. تسارعت أنفاسه عندما أحاطت عنقه بذراعيها مستمتعة برائحة معطر الاستحمام الفاخر التي انطلقت من جسده لتنعش أنفاسها المتعثرة.. قاومت رغبتها الملحة للعبث بشعره المبلل لتعيد تنسيقه كما تنسق زهورها.. لولا جفاءه الواضح لفعلتها.
وضعها فوق الكرسي حول السفرة كمن يلقي عن كاهله حِملًا يثقله.. استدار ليبتعد فهتفت مستنكرة:
- ألن تتناول فطورك أنتَ أيضًا؟
- تناولته منذ ساعتين.
- ربما جعت مجددًا.
هز رأسه نفيًا فأردفت متدللة:
- تعالَ لتطعمني.. ذراعي لازالت تؤلمني.
عبرت ومضة من الحنين ملامحه قبل أن يهتف بجفاء:
- من الأفضل لكِ أن تعتمدي على نفسك حتى تتعافي سريعًا.
نهضت بغضب لتقف على قدميها قائلة :
- إن كنتَ تتعجل ذهابي يمكنني أن أغادر فورًا.
هم أن يرد ثورتها بأعظم منها لولا جرس الباب الذي تصاعد رنينه فجأة فاستدار إليه بقلق قبل أن يلتفت ويحملها ليعيدها إلى الغرفة التي باتت فيها ليلتها.
هتف غير مبالٍ بصدمتها ولا اعتراضها:
- لا تغادري هذه الغرفة مهما بلغ فضولك.
تطلعت إليه في تمرد فلوح بإصبعه مُحذرًا قبل أن يغلق عليها الباب ويذهب ليستعلم عن الطارق.. لم تستطع التحكم في فضولها رغم توصياته ورغم معاناتها في الحركة.. تقدمت ببطء وفتحت الباب لتتطلع إليه خلسة.. وما إن عرفت زائرته حتى رفست الأرض بقدمها المصابة فتأوهت ألمًا.
ابتسمت لارا وهي تلقي بنفسها بين ذراعيه في حميمية قائلة:
- حبيبي...
وهو لم يعترض بل ضمها إليه وربت على ظهرها في ود قبل أن يغلق الباب ويقودها للداخل.. لا تبدو المرة الأولى التي تزوره فيها.
جذبها إلى غرفة أخرى لم يأخذها هي إليها.. بل ألقى بها كجوال من القش وحدد إقامتها بين هذه الجدران ليخلو له الوقت مع عشيقته الجديدة.. لم يدعها حتى تكمل طعامها الذي لم تمسه بعد.. ألا يعلم بأنها مصابة وجائعة وفي حاجة ماسة لاهتمامه ورعايته؟
جلست لارا على مسند كرسيه متجاهلة الكرسي الآخر الذي أشار لها بالجلوس فوقه.. همست وهي تزداد التصاقًا به:
- هل لديكَ مُبرر منطقي تفسر به جنونك ليلة أمس؟
تطلع إليها بدهشة وما لبث أن ابتسم في لامبالاة ما إن فهم مقصدها فأردفت بعصبية:
- كان يمكن لهذه الفتاة البائسة أن تنتظر حتى ينتهي البرنامج ثم ننقلها معًا للمشفى.
- خشيتُ أن تسوء حالتها أكثر.
- الطبيب فعل ما يلزم لإسعافها ولو مؤقتًا.. لم يكن هناك داع لتضخيم الأمور.
- هل أزعجهم ذهابي كثيرًا؟
- بالطبع أزعجهم.. ألديك شك في ذلك؟ أنتَ تعلم بأنهم أتوا خصيصًا من أجلك.
- ومن أجلكِ أنتِ أيضًا.
برقت عيناها وهي تستنشق عطره في نشوة قبل أن تمتد أصابعها لتداعب خصلاته المبللة هامسة:
- ما اسم كريم الشعر الذي تستخدمه؟
ابتسم توترًا وأزاحها بلطف لينهض قائلًا:
- سأحضر لكِ شيئًا تشربينه.
تشبثت بذراعه قائلة بهدوء لا يخلو من السخط:
- إلى متى ستتجاهل إحساسي بك؟ تعلم بأنني أحبك ومستعدة لفعل أي شيء تريده حتى ترضى عني وتبادلني حبي.. سوف أعتزل المصارعة إن كانت هذه رغبتك.. وسوف أعتذر عن دوري في الفيلم أيضًا إن كان هذا ما يزعجك.. أنا لا أريد سواك.. أنتَ فقط يا باسل.
تنهد بعمق قائلًا:
- لارا.. الزواج آخر همومي.
- هل تعتبر زواجك مني همًا؟
- لا أقصد هذا بالطبع.. لكنني حقًا لا أفكر بالزواج حاليًا.
- لماذا؟ ألا تشتاق لطفل على الأقل.. مُصارع صغير ووسيم يشبهك؟
ضحك في عصبية وعض على شفتيه وهو يتذكر ليون.. هذا الذي تمتمت باسمه بلا وعي.. ابنها من باولو.. أتراه يشبه والده هو أيضًا؟
راقبته في يأس وهو يتحول إلى أسد جريح يدور حول نفسه.. نوبة تُلازمه من وقت لآخر ولا تدري لها سببًا.. فقط تعلم بأنه حينما يصاب بها يصبح لا جدوى من الحديث معه.
تحرك آليًا إلى الثلاجة الصغيرة بإحدى زوايا الغرفة.. فتحها وأخرج منها علبة معدنية من المياه الغازية لم يكلف نفسه عناء صبها في كأس قبل أن يقدمها إليها.. ولم يحضر لنفسه علبة مثلها ليشاركها الشراب بينما يحادثها.. وكأنه يتعجل الخلاص منها.. اهتمامه كان شيئًا من واجب الضيافة لا أكثر.
مضت فترة من الصمت قبل أن تعاود الحديث في موضوعات تعلم بأنه يفضل التحدث فيها.. السينما والدعاية والمصارعة الحرة.
نهضت أخيرًا لتذهب فنهض معها.. تسمرت عيناها طويلًا فوق وجهه فابتسم في ارتباك قبل أن يغمغم:
- سعدتُ بزيارتك.
- أحقًا؟
- بالطبع يا لارا.. تعلمين أنكِ صديقة عزيزة إلى قلبي.
أطلقت تنهيدة محمومة وابتعدت بخطى واسعة قبل أن تبكي وتتوسل مُجددًا.. أهدرت من كبريائها ما يكفي وطرحت عشقها تحت قدميه فداسه غير عابئ بها.. تبعها صامتًا إلى باب الشقة.. الغضب أغشى عينيها فتعثرت وكادت أن تسقط أرضًا لولا أسرع ليمسك بها.
شعر بتلصص ندى عليهما مُجددًا فضم لارا إلى صدره بقوة.. لا يدري إن كان فعلها إشفاقًا على الأخيرة أم إشفاقًا على نفسه وانتقامًا من تلك المستبدة التي تصر على امتلاكه وعبوديته للأبد؟
شعر بتأنيب الضمير عندما لمعت عينا لارا وهي ترمقه بعدم تصديق قبل أن تعاود الهمس في مسامعه بكل عبارات العشق الذي تحمله له.. أخيرًا ذهبت راضية تحمل آمالًا عاودت وصلها بعد أن مزقها.
أغلقت ندى الباب واستندت بظهره محبطة.. لن تفتح له عندما يأتي.. لن تقبل اعتذاره.. لن تصفح عنه أبدًا مهما قدم من مبررات.. خيانته كانت أكبر من أن تتخيلها.
طال انتظارها حتى آلمتها ساقها المصابة فتهالكت أرضًا.. لم يأتِ وأدركت بأنه لن يأتي.. لا يبدو أنه يشعر بالذنب نحوها.. لا يشعر بخيانته لها.. عشقه لـ لارا أصبح أمرًا يخصه وحده ولا يحتاج له تصريحًا منها.
غادر المنزل دون أن يمر بغرفتها ليطمئن عليها ولو مجاملة لواجب الضيافة الذي تكفّل به.. فكرت بالمغادرة هي أيضًا.. ولكن إلى أين يمكنها أن تجر ساقيها؟ لن تتمكن من الابتعاد كثيرًا قبل أن يصل إليها ويسترجعها موبخًا.
والأدهى إن لم يسأل عنها وتجاهلها..!
عندما عاد في المساء عرج إلى غرفتها ليدعوها لتناول الطعام.. العدوانية التي عاملته بها لم تؤثر فيه ولو قليلًا فازدادت جنونًا حتى توحشت رغبتها لأخذ حقوقها فيه عنوة.. لن تسمح لهذه المقاتلة الضخمة بأن تسرقه منها حتى ولو دفعت حياتها ثمنًا.
لكنها فقدت حماستها بمرور الوقت.. تجاهُله لشراستها ضاهى تجاهُله لنعومتها.. فما عاد تبدل أحوالها يهمه.. أسبوع مضى كان بالكاد يلقي عليها تحية المساء بعد عودته من تمريناته المزعومة.. لم تعد تشك في كونه يمضي نهاره معها.. تلك التي فضلها بديلة لها.
كان مُستعدًا أن ينزع قلبه ويعتصره.. لن يسمح لها بامتلاكه مُجددًا مهما ابتدعت من حيل لتستعطفه.. زُهدها الواضح في الطعام.. عيناها المتورمة بكاءً.. صوتها الضعيف البائس.. كل ذلك لن يرحمها من غضبه.
ولو كان الثمن هو أن يحترق معها فسوف يدفعه.
هم بمغادرة مسكنه في الصباح الباكر كعادته للهروب من وجودها بالقرب منه.. اختلاطه بمن حوله يقمع عقله العاصي ويمنعه من التفكير فيها.. سهراته بصحبة لارا تشبع غروره وحاجته للحب ولو زيفًا.. إن كان لابد من وجود امرأة في حياته فلتكن لارا.
- باسل.. أريد التحدث معكَ.
وضع يده في جيب بنطاله واستدار إليها متسائلًا فأردفت متلعثمة:
- أشعر بأنني أفضل الآن.
- أيعني قولكِ هذا أن بإمكانك العودة من حيث أتيتِ؟
لم يكن هذا ما توقعت أن تسمعه منه.. جاهدت لتحتفظ بكبريائها فتصنعت ابتسامة وهزت رأسها موافقة.. قال بهدوء يناقض ثورتها المكبوتة:
- حسنًا.. سوف أوصلك بسيارتي.
- لا تتعب نفسك.. سأجد طريقي بمفردي.
- هل نقلتِ محل إقامتك إلى أمريكا؟
- كلا.
ضاقت عيناه في تهكم لحظات قبل أن يسألها ساخرًا:
- لا تدّعي بأنكِ أتيت من جوهانسيرج إلى هنا خصيصًا لرؤيتي.
لو لم تكن غاضبة لربما لاحظت الرجاء المستتر خلف تهكمه واللهفة الجائعة بين سخريته.. ولكنها بادلته تهكمه قائلة:
- أنتَ أذكى من أن تُصدق هذا بالطبع..!
ابتسم بمرارة قائلًا:
- لماذا أتيتِ إذًا؟
صمتت قليلًا قبل أن تهتف فجأة:
- أنا في حاجة إلى نقود.
تطلع إليها زمنًا دون أن يعلق.. إجابتها مُقنعة جدًا وتناسب كل أفكاره وظنونه عنها.. ولكن شيء ما في أعماقه لا يريد أن يصدقها.. لماذا يشعر دائمًا بأنه يظلمها رغم قسوتها وتجبرها الذي لا حد له؟!
احتضن نفسه بذراعيه كما اعتاد أن يفعل كلما اشتاق إليها.. نفسه هي الأولى برعايته واهتمامه من تلك المستبدة التي أهلكتها حنينًا وشوقًا.
طفلة مُدللة تتلفح بالضعف وتتسلح بالبراءة لكن ضرباتها فاقت كل المحترفين وجعًا وتصويبًا.. كلما نهض من سقطته وحاول التملص منها أصابته قبضتها مُجددًا بحيَّل مدروسة يتعلم منها الأبالسة.
قسوة فطرية وإجرام موروث..!
تنبه إلى أنها اقتربت منه واحتوته بعينيها الشهدية لتزيده توحلًا فيها.. ازدادت اقترابًا لتمسك بذراعيه التي لفها حول نفسه وهمست متضرعة:
- باسل.. أنا في حاجة إليكَ.
ابتلع ريقه جزعًا وحرر نفسه من إشفاقه عليها.. أزاحها عنه بخشونة.. كلا.. ليس بعد الآن.. عليه أن يتحرر منها فعليًا هذه المرة.. إن كان ضعفها المزعوم هو سلاحها الجديد فلابد أن يحرمها منه.
أغمضت عينيها في ألم وهى تراه يبتعد عنها عدوًا.. لم يغادر المنزل بل تركها عائدًا إلى غرفته.. فقط البُعد عنها كان هدفه..!
كانت تظن بأنها قد شُفيت بالفعل من إصابتها.. فلماذا ساقاها ما عادتا تحملانها؟ تحركت لتنهار فوق فراشها.. لم تعد تمتلك ثمن تذكرة العودة إلى جوهانسبرج.. كل تخيلاتها نبأتها بمصير مرعب.. ولكنها يجب أن تذهب الآن.
بإمكانها أن تتحمل ذُل العالم كله.. إلا ذُله هو لها.
رفعت وجهها عندما عاد إليها فجأة يحمل صندوقًا ألقى به في حضنها صارخًا:
- هذا هو كل ما تحتاجين إليه.
تطلعت إلى الصندوق بدهشة.. فتحه لها في حدة دون أن تفارق عيناه ملامحها.. اتسعت عيناها بعدم تصديق.. مضت فترة قبل أن تغمغم في سعادة دون أن تحرر عينيها من بريق الألماس الذي أسرها:
- هذه مجوهراتي.. ومجوهرات والدتي أيضًا.. كيف حصلتَ عليها؟
أجابها متهكمًا:
- آخر عملية تهريب ناجحة لوالدك العزيز.
رمقته في فضول فأردف بوحشية:
- الكنز الذي أخفاه في الحقيبة وأوصاني أن أحمله لكِ إلى فرنسا.. لم يكن ملابس يا نانا هانم.
اتسعت عيناها وهي ترمقه مستنكرة قبل أن تغمغم:
- وأنتَ سرقته..!
صاح بعصبية:
- كلا.. أنا لم أسرقه.. هذا الصندوق كان من حقي.. لقد خدعني ذلك المجرم.. لو قُبض عليَ حينها لأنكر ملكيته له.. بل وادّعى أيضًا عدم معرفته بي من الأساس.
- لا تتهم أبي بالإجرام وعملك أبشع وأحقر.. لماذا تعيده لي الآن مادمتَ مُقتنعًا حقًا بأنه ملكك؟
- نعم.. أنا مُقتنع تمامًا بأنه ملكي.. إنما سأعيده إليكِ فقط لأشتري نفسي.
هزت رأسها وقالت ساخرة:
- الآن فقط علمتُ لماذا تحملتني كل هذا الوقت بلا كلل.. ظننتك وفيًا لقسمك.. بل تماديتُ واعتقدتُ بأنكَ......
رفعت إليه وجهها وتابعت في حدة:
- لم أكن أعلم بأنكَ تعالج ضميرك وتخدره حتى لا يطاردك الشعور بالذنب على ما اقترفته نحوي.
تنهد بضيق ولم يعلق بينما تابعت في عصبية أقرب للهيستيريا:
- زُهدك في رصيدي المتواضع لم يكن تعففًا منكَ.. كنتَ قد اكتفيت بالفعل بما سرقته مني.. فما عادت تقنعك هذه الفتات.
لوح بيديه قائلًا:
- مجوهراتك كاملة لم أمسها.. لم أبع منها ولا قطعة واحدة حتى في ذروة احتياجي إليها.. وأيضًا النقود التي اقترضتها منكِ وقت إفلاسي أعدتها إلى رصيدك أضعافًا.. كان يجب أن تلاحظي أن حصيلة الشيكات التي كتبتها باسمك أكبر من رصيدك الفعلي.
أغمضت عينيها وهزت رأسها مستنكرة فتابع غاضبًا:
- إن كان أحدنا مُدين للآخر فهو أنتِ يا نانا هانم.. أنتِ المُدينة لي.. ولكنني لا أريد منكِ شيئًا.. كل ما أطمح إليه هو ألا أراكِ ثانية مهما كانت مبرراتك لرؤيتي.
هتفت بحزن:
- ما كان يجب أن أثق بك.. أنتَ خائن.
تنهد بعمق وتمتم كمن يحدث نفسه:
- ليتني أستطعت خيانتك ولو حتى سهوًا.
رمقته في عتاب أربكه فمط شفتيه قائلًا:
- ولكن لا بأس من بعض الحرص مستقبلًا.. خاصة مع باولو.
- باولو...
- ألا تقيمين معه حاليًا؟
تحول غضبها إلى ذهول لم تستطع كبحه فاستدارت لتهرب من عينيه اللتين تلاحقانها.. كان يعلم إذًا بأنها تقطن مع باولو ورغم ذلك لم يسأل عنها ولو مرة واحدة.. ظنته تجاهلها كل هذا الوقت مُرغمًا بعد أن عجز عن الوصول إليها.. لم تتوقع أبدًا أن ينبذها عمدًا..!
كان سؤاله استنتاجًا لكلمات تفوهت بها بلا وعي.. ولكن صدمتها التي كانت أكبر من أن تسيطر عليها أكدت ظنونه ومخاوفه.. فأشاح هو أيضًا بوجهه عنها في تقزز واشمئزاز.. كان يظنها أكثر عقلًا وحرصًا.. لطالما لمس قوة بين هشاشتها.. ألم تأتِ بـ عبدالله يومًا ليحميها منه رغم وعده الصادق لها بالزواج؟!
جاهد ليبدو لامباليًا وهو يسألها:
- هل تزوجتما؟
كبتت جنونها قائلة:
- كلا.. ليس بعد.
- وماذا تنتظران؟
- لا ننتظر الأذن منكَ بالطبع.
- سوف يسعى للزواج منكِ عندما يعلم بأنكِ أصبحتِ تمتلكين ثروة.
- كما فعلتَ أنتَ من قبل.. أليس كذلك؟
تأملها مُتهكمًا.. اتهامها لا يستحق تعليقه.. رفع وجهه بتعال قائلًا:
- ينبغي أن أذهب الآن لدي تمرين مهم.. عندما أعود لا أريد أن أجدك هنا.
- إلى هذا الحد وجودي يضايقك..!
- ندى.. الماضي ذهب ولن يعود أبدًا.. عن نفسي قد نسيته.. انسه أنتِ أيضًا وحاولي البدء بعيدًا عن حياتي.. لا تجربي رؤيتي مُجددًا لأنكِ استنفذتِ كرمي كاملًا.
- هل ستتزوج من لارا؟
- هذا ليس من شأنك.
عضت على شفتيها في مزيج من الإحباط والخجل قبل أن تغمغم بصوت مختنق:
- اطمئن يا باسل بك.. سوف أذهب حالًا.
هز رأسه مُستحسنًا وهمَّ بالمغادرة فعادت تستوقفه قائلة:
- أريد ثمن تذكرة العودة إلى جوهانسبرج.
اتجه إلى غرفته وعاد يحمل مظروفًا قدمه إليها قائلًا:
- في هذا المظروف مبلغ كبير.. يمكنكِ أن تستأجري سيارة فخمة تنقلك للمطار.. وتحجزي في مقاعد الدرجة الأولى بالطائرة.. أرجو أن يكون وداعًا يليق بكِ.. يا نانا هانم.
تركها وذهب صافعًا الباب خلفه بعنف.. أغلق باب الحب والأمل والرحمة....
أغمضت عينيها ألمًا.. من أين أتى بكل هذه القسوة..؟ هل كانت حمقاء إلى هذا الحد عندما صدقت عشقه المزعوم لها وبادلته إياه بلا وعي..؟




noor1984 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-20, 08:42 PM   #23

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي


أقسمي...

كلُ ما فيكَ إبـــــــــــــــــداعٌ إبداع
لا لومَ لقلبي إن لبى إن أطـــــــاع
إن قالَ لماضٍ لستَ به الـــــــوداع
ولأجلكَ أودعهُ سفنًا ما فيها شراع

أماني عطاالله

-21-
استقبلها باولو وميلا بوابل من الأسئلة التي لم تكن تملك عقلًا ولا لسانًا لإجابتها فظلت صامتة رغم فضولهما الذي تحول إلى قلق بمضي الوقت.. أخيرًا قرر باولو تركها لتستريح بعد أن أخبرها بأن ليون استغنى عن خدماتها بسبب تغيبها غير المبرر عن العمل.. وعدها بأن يتحدث إليه صباحًا حتى يصفح عنها ويعيدها للمصنع مرة أخرى.. ميلا أيضًا سوف تستعطفه.. ربما لو أخبرته بأنها كانت مريضة يلين قلبه ويعفو عنها.
عندما دخلت ميلا إلى غرفتها في صباح اليوم التالي صدمها منظر صوره التي انتزعتها من فوق الجدران ومزقتها في لحظة ألم دفعتها للانتقام منه.. كانت تدافع عن نفسها ضد ظلمه وغطرسته غير المتوقعة.
أمام ثرثرتها وإلحاحها لم تجد مفرًا من إخبارها بأنها سافرت إلى أمريكا لحضور إحدى مبارياته ولكنها تعرضت لحادث هناك وهو ما أخرها في العودة إلى جوهانسبرج.. أوهمتها كذبًا بأنها لم تستطع رؤيته رغم أنها أنفقت كل ما تملكه وأصبحت مفلسة.. وهذا ما جعلها تمزق صوره استنكارًا وسخطًا بعد كل ما أصابها بسببه.
كان عُذرًا يلائمها ويكفيها لتبكي أمامها دون أن تطرح عليها المزيد من الأسئلة والمواعظ.. ربتت ميلا على كتفها مواسية واحتضنتها لتخفف من نحيبها ومحنتها.. ولكن أفضل ما فعلته هي أنها كفت عن الثرثرة على عكس عادتها دائمًا.
أكثر من أسبوع مضى على عودتها من أمريكا.. ليون لم يتعطف بعد ويعيدها إلى
العمل في مصنعه المتهالك رغم المحاولات المستمرة من باولو وميلا لإقناعه بذلك.. هذا الوقح يريد إذلالها حتى تخضع له وتمنحه تصميماتها بلا تمرد.. ولكنها على يقين من أنه سيظهر تعطفًا في النهاية.
إلا إذا كان قد وجد مُغفلًا آخر يبيعه أفكاره بثمن أقل وبلا تذمر....
إن كانت قد ندمت على شيء لكونها تركت صندوق مجوهراتها في شقة باسل.. فهو لأنها خسرت فرصتها في الانتقام من ليون.. كان يمكنها بتلك الثروة أن تؤسس لنفسها مصنعًا أفضل ألف مرة من مصنعه العفن وتنافسه بالأسواق.. هي واثقة من أنها كانت ستفوقه شهرة ونفوذًا.
حتى باسل يبدو أنه أعاد التفكير وندم على قراره المتسرع بإعادة مجوهراتها إليها.. إن كان ينوي إعادتها لفعل.. فهو يعرف طريقها عند باولو.. لازال مُقتنعًا إذًا بأنه حق له.. لم تتوقع أبدًا أن يستبيح مالها لهذا الحد.. أخطأ خورشيد عندما وضع ثقته في صعلوك مثله.
ولكن.. ربما كان والدها العزيز مُضطرًا.. الحالة السيئة التي كان عليها في ذلك الوقت افقدته القدرة على التدقيق...
قطعت أفكارها ميلا عندما خرجت من غرفتها.. كانت قد استعدت للذهاب إلى المصنع.. ألقت نظرة إعجاب على التصميم الجديد الذي تشاغلت به قبل أن تُقبّلها وهي تودعها قائلة:
- اطمئني لن أكُف عن إلحاحي حتى يعيدك ليون إلى العمل ثانية.. تعلمين كم أجيد الثرثرة.. ثم أنني مللتُ الطريق وحدي كل صباح.
منحتها ندى ابتسامة مُتهكمة ولم تعلق.. فليذهب ليون ومصنعه إلى الجحيم.. حتى وإن لم يوافق على عودتها فالأمر لم يعد يزعجها.. يومًا ما سوف تتمكن من تنفيذ أفكارها بنفسها.. كل ما تحتاجه هو القليل من المال لشراء الأقمشة والخامات الضرورية.. وعندها سوف تسرقه كما سرقها هو أولًا.. سوف تغزو أسواقه التي تعلم بأنها تُفضل تصميماتها عن غيرها من منتجاته القبيحة.
عملها في مصنعه لأكثر من عامين أكسبها خبرة لا بأس بها.. يكفي أنها تعرفت على بعض منافذ التسويق التي يمكنها اللجوء إليها حال أنجزت مشروعها المنشود..
" نانا لأرقى خطوط الموضة "
إن كان خورشيد لم يورثها من ماله شيئًا.. فيكفي أنه أورثها عقلًا أهلك الكثيرين سعيًا خلفه...
لولا رحلتها الأخيرة إلى أمريكا لتبقى معها بعض المال.. كانت رحلة ملعونة لم تؤجل طموحها فحسب.. بل سرقت حتى الأحلام منها.
زفرت بضيق وتسللت أفكارها مُرغمة إلى صندوق مجوهراتها مرة أخرى.. ليتها تخلت عن كبريائها قليلًا واحتفظت لنفسها بجزء منه.. أين دهاء خورشيد الذس تتباهى به؟
لو تبدلت الأوضاع لكان احتفظ بكبريائه ومجوهراته.. بل وربما بـ باسل أيضًا.
هذا الماكر الذي تراجع عن كرمه غير المقصود.. ليتها استغلت الفرصة.
أنكرت حتى على نفسها أفكارها الخبيثة التي أغرتها لترك الصندوق في مسكنه حتى يظل هو نفسه مِلكًا لها.. إن كان يريد أن يشتري نفسه منها فهي لن تسمح له بذلك أبدًا.. لن تحرره من سلطانها عليه مهما قدم من نقود ومجوهرات.. كيف تسمح له بالابتعاد عنها وروحها مازالت معلقة به؟!
موجة الاكتئاب التي حملتها انتقلت بلا وعي إلى أوراقها فحولت ثوب الزفاف الجميل الذي أسعدها بالبداية إلى ثوب حداد زادها ألمًا.. ألقت بالقلم في عصبية ونهضت مُبتعدة.. نزعت الأستيك العريض عن شعرها وهي تشعر بالاختناق.. فردت ذراعيها في هيستيريا لتزيح الجدران الوهمية التي كادت تقبض أنفاسها.. قاومت رغبة مُلحة تدعوها للبكاء.
ربما قليل من عبير الورود التي زرعتها مُؤخرًا في المساحة الواسعة أمام شقتها يكفي لإنعاش أنفاسها.. الحديقة الصغيرة التي نسجتها منذ مجيئها للسكن فوق سطح منزل باولو هي ما صبرها على البقاء فيه حتى الآن.. حتى باولو ووالدته راقهما الأمر كثيرًا.. وكذلك ميلا.. كلهم يهتمون برعاية ورودها ويشاركونها الاهتمام بها.. ولكن هذا لا يقلل من ملكيتها لها في النهاية حتى ولو كانت لن تستطيع نقلها معها حال تركت المكان.
ما كادت تفتح الباب حتى شهقت فزِعة وغطت فمها بكفيها في عدم تصديق.. وقف يتأملها صامتًا.. وجهه أكثر تجهمًا وعبوسًا مما تركته عليه في المرة الأخيرة.. ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تكافح للتحكم في انفعالاتها..
كانت تنتظره بالفعل.. ولكنها لم تتوقع مجيئه أبدًا..!
دلف إلى الداخل دون أن تأذن له.. دار حول نفسه في بطء يتفحص مسكنها المتواضع.. ما عاد يليق بنجم مشهور مثله.
تسمرت عيناه لحظات فوق ماكينة الخياطة والثوب الذي حاولت الانتهاء منه منذ ثلاثة أيام ولم تفلح فرمته ليغطيها بأهمال.. تقدم وأمسك بدفتر رسوماتها وراح يقلب أوراقه بوجه متصلب.. قطب حاجبيه وهو يدقق في تصميمها الأخير الذي عكس ما تعانيه من إحباط ويأس وشوق بلا طائل إليه..
فتحت فمها في محاولة جديدة لاستعادة صوتها الهارب لكنها باءت بالفشل أيضًا.. جاهدت لتقترب وتنتزع دفترها من يده.. وتوقفت مُجددًا ما إن رفع وجهه إليها.. في عينيه اتهام وكأنها هي من سرقت مجوهراته وتركته ضائعًا..!
وقف حائرًا لا يعرف من أين يبدأ.. عندما عاد إلى منزله تلك الليلة ووجدها قد ذهبت دون أن تأخذ الصندوق معها فهم دعوتها على الفور.. لم يعد يتذكر من حديثهما سوى عبارة واحدة..
"باسل.. أنا في حاجة إليكَ..."
انفجرت في عقله ملايين القصص المأساوية بشأنها.. إن كانت في حاجة إلى النقود كما زعمت فلماذا تركت مجوهراتها عنده؟ هل شعرت بالخوف من باولو.. أتراه قادرًا على سلبها منها عنوة؟ هل يعذبها هذا الوغد ويعاشرها رغمًا عنها مُستغلًا وحدتها في بلاده؟
ولكن إن كان يفعل ذلك حقًا.. لماذا أصرت على العودة إلى جوهانسبرج؟ أتراها أنجبت منه بالفعل؟ أيعقل أن يكون ليون طفلًا حقيقيًا لها؟ أيكون ذلك الطفل هو ما يقيدها إلى باولو ويجبرها على البقاء معه؟
عاد صوتها المتوسل يطن بأذنيه.. باسل.. أنا في حاجة إليك....
ولكن ما حاجتها إليه بعد كل ما سببته له من ألم.. ولماذا تحتاج إليه أكثر من كل هذه الثروة.. لماذا..؟!
لم يستطع تجاهلها رغم كل وعوده لنفسه بالتحرر منها.. من لحظتها وهو يبحث عن عنوان باولو مستغلًا معرفته باسمه الأول واسم الضاحية التي يسكنها بالقرب من الفندق.. هكذا أخبرته بعد لقائها الأول به في مقهى السعادة.
بالأمس فقط حصل على المعلومات التي يريدها.. ألغى كل ارتباطاته وجاء إليها مُتغاضيًا عن اعتراض وتوبيخ كل من حوله وأولهم جوناثان.. كان همه الأوحد هو العودة بها إلى أمريكا مهما كلفه ذلك من جهد ومن مال.. وليون معها بالطبع.. سوف يدفع لـ باولو الثمن الذي يريده.. وإن لم يستطع إغراءه بالمال فسوف يلجأ للعنف.. قد يقتله إن هو أصر على إذلالها.
كان بحاجة ماسة ليلتقط أنفاسه ويرتب أفكاره قبل أن يصعد ليواجهها.. الدقائق الأخيرة التي قضاها مع ذلك العجوز الثرثار في المقهى المجاور لمنزل باولو هي ما قلبت كل موازينه رأسًا على عقب.. أخبره الرجل بأنه يعرفها جيدًا..
تسكن مع صديقة لها بشقة على سطح المنزل....!!
انتفضت فزعًا عندما دق أحدهم بابها بقوة.. أسرعت تفتحه لتهرب منه على الأقل.. ولو مؤقتًا حتى تستعيد توازنها.. كانت ميلا.. لم تلحظ لونها الشاحب في ظل سعادتها وهي تهلل:
- تهنئتي يا عزيزتي.. ليون وافق على عودتك للعمل.. أظهر اهتمامًا بعد أن أخبرته عن روعة تصميماتك الأخيرة.. أعلم بأنه لص وجشع.. ولكن حذاري أن تتفوهي بذلك في وجهه كعادتك....
توقفت عن ثرثرتها وتراجعت قليلًا ما إن عبرت الممر الضيق إلى الردهة ففوجئت بوجود باسل أمامها.. حولت عينيها إلى ندى في تساؤل فلاحظت للتو ارتباكها وتجهمها.. تنبهت لكونها لم تنطق ولو بكلمة واحدة منذ وصولها....
عاودت التطلع إلى باسل بفضول لا يخلو من القلق قبل أن تستجمع شجاعتها وتهتفت متسائلة:
- عُذرًا.. لم أكن أعلم بأننا ننتظر ضيوفًا.. فنـ.......
توقفت عن الحديث ووضعت يدها فوق فمها لتكتم شهقاتها بينما اتسعت عيناها بعدم تصديق وهي تغمغم:
- أنتَ.. أنتَ هو....
استدارت إلى ندى وهزت رأسها مِرارًا وهي تشير إليه بسبابتها صارخة:
- إنه هو يا ندى.. أليس كذلك؟
تنهدت ندى ساخطة ولم تعلق فاقتربت منه ومدت يدها لتصافحه بحرارة قائلة:
- أنا ميلا.. صديقة ندى المقربة.. المقربة جدًا.. بل في الواقع يمكنك القول بأنني صديقتها الوحيدة.
صافحها باسل مُبتسمًا فازدادت جنونًا وأردفت متلعثمة:
- تعجز كلماتي عن وصف سعادتي لوجودك في مسكننا المتواضع.. أكاد لا أصدق عيني.
- أسعدني لقاؤك يا آنسة ميلا.
ضحكت ميلا في بلاهة قبل أن تتصنع الجدية قائلة:
- قرأت كثيرًا عن القوى الخارقة التي تصاحب جنون العشق.. قالوا أنها تستطيع أن تجذب الطرف الآخر مهما كان بعيدًا.. ربما لأن ندى مفتونة بكَ حد الهوس....
استجمعت ندى شجاعتها أخيرًا لتقاطعها صارخة:
- كفى خرافات لا صحة لها.
استدارت إليها ميلا وهتفت مُستنكرة:
- خرافات.. أتنكرين هوسك اللا محدود به..؟!
رمقتها ندى بغضب قبل أن تلتفت إلى باسل في شراسة قائلة:
- ما الذي أتى بكَ إلى هنا؟
تأملها مليًا قبل أن ترتسم ابتسامة على شفتيه قائلًا:
- نداء القوى الخارقة كما قالت ميلا.
- كلاكما مُخرف.. هيا عُد من حيث أتيت.. أنا لستُ في حاجة إليكَ.
هتفت بها ميلا بدهشة واستنكار:
- ندى ما الذي حدث لكِ؟ يبدو أن وجوده أفقدك عقلك.. ولكنكِ مُحقة على أية حال.. أنا لا أستطيع أن ألومك أبدًا.. ومن منا لا يُجن عندما تتجسد أحلامه أمامه فجأة.. وهذا الوسيم كان غاية أحلامك إن لم يكن كلها.
- اصمتي أيتها الثرثارة الغبية.
فتحت ميلا شفتيها لتعترض ولكن ندى وجهت حديثها إلى باسل صارخة:
- حذار أن تصدقها فتخدع نفسك بأوهام لا صحة لها.
ابتسم باسل فى تهكم وهتفت ميلا لتدافع عن موقفها أمامه :
- إن كنتُ أنا ثرثارة غبية أتوهم ما لا صحة له.. أخبريني أنتِ أيتها العاقلة.. لماذا أنفقتِ كل ثروتك في ملاحقته شهرًا بعد آخر؟
قطب باسل حاجبيه وتطلع إلى ندى في مزيج من السعادة والشعور بالذنب ولكنها تجاهلت نظراته وهتفت في ميلا تتوسلها:
- اصمتي.
نظرت ميلا إلى باسل وأردفت وكأنها لم تسمعها:
- هذه الفتاة كانت تمتلك ثروة بالفعل.. انفقتها كلها عشقًا فيك.
أطلق باسل تنهيدة طويلة وتحول استنكاره إلى غضب أصابها بالخرس فأشاحت بوجهها عنه مغمضة العينين بينما تابعت ميلا وهي تشير إلى ماكينة الخياطة:
- بالكاد استطعت أن أخطف منها بعض المال لشراء هذه الماكينة لأعلمها الحياكة.
- شكرًا يا ميلا.. أنا ممتن لكِ كثيرًا.
استدارت إليه ندى في عصبية صارخة:
- إن كنتَ اكتفيت من إهانتي هيا اذهب من هنا.
- هل تعتبرين حبكِ لي إهانة؟
- أنا لا أحبك.
هتفت ميلا مستنكرة:
- ألازلتِ تكابرين أيتها الحمقاء..؟!
فوجئ باسل بها تمسك يده قائلة:
- حسنًا.. تعالَ معي لترى بنفسك.
قبل أن تستوعب ندى ما يحدث.. كانت ميلا قد فتحت باب غرفتها لتطلع باسل على صوره التي غطت جدرانها عن آخرها.. هتفت في عناد:
- هذه العاشقة المتيمة.. كانت تفضل النوم جوعى على أن تفوتها صورة لك على غلاف مجلة جديدة.. فهي لم تكتفِ بإنفاق رصيدها وحده لأجلك.. بل حتى راتبها المتواضع كان لكَ نصيب الأسد فيه.
تأفف باسل بعدم تصديق.. عض على شفتيه خجلًا وهو يرى وجهه يطل من كل زوايا غرفتها.. يكاد يشعر أنفاسه ويسمع نبضات قلبه المتيم بها تخرج منها.. حتى رؤيته لصوره التي مزقتها وأعادت لصقها فوق الجدران ثانية.. كان يعلم بالسبب الذي جعلها تفعل ذلك دون أن يسألها.. وماذا سيكون غير معاملته الجافة لها في رحلتها الأخيرة لرؤيته؟
ميلا كانت مُحقة بشأن حديثها عن القوى الخارقة التي تصاحب العشق.. ما الذي كانت تفعله عندما تنفرد بنفسها بين هذه الجدران التي لا تحمل سوى وجهه وأنفاسه..؟
مناجاتها كانت تصله رغم كل المسافات التي تفصلها عنه.. ربما لهذا لم يستطع نسياتها أبدًا رغم محاولاته المستميتة ليفعل.
أطلق تنهيدة طويلة واستدار مُقتربًا منها.. تراجعت في عناد وغمغمت بصوت واهن:
- أنتَ واهم.. كل ما في الأمر هو أنني أحب المصارعة الحرة و.......
أطلق ضحكة ساخرة زادتها غضبًا فانطلقت كالسهم وراحت تنتزع صوره من فوق الجدران لتلقي بها أرضًا صارخة في شراسة:
- حسنًا.. ها هي صورك.. وها هو وجهك الوسيم أيها النجم الساطع تحت أقدامي.. أنا نانا هانم إن كنتَ قد نسيت.. لازلتُ سيدتك أيها اللص المخادع.. لو لم تسرق مجوهراتي لكنتُ الآن......
غلبتها دموعها وهزمتها أوجاعها فانهارت فوق سريرها وراحت تبكي بهيستيريا.. جلس على حافة فراشها وداعب شعرها في حنان زادها نحيبًا.. أزاحته عنها ساخطة ولكنه ابتسم ولم يتوقف فنهضت لتوسعه لكمًا وهي تتمتم بسباب له ولنفسها أيضًا.
حتى سجنها البائس هذا ما عاد ملكًا لها.. ربما عليها أن تترك جوهانسبرج كلها لتهرب منهم جميعًا.. هبت فجأة لتغادر الغرفة بل الشقة بكاملها.. اصطدمت في طريقها بـ باولو الذي ابتدرها متسائلًا:
- أخبرني ماركو أن هناك من سأل عني.. رآه يصعد إلى المنزل هل جاء إلى هنا؟
أجابه صوت باسل الذي لحق بها:
- أهلاً باولو.. هذا أنا.
فتح باولو فمه ليعلق بشيء ما قبل أن تتدلى شفتيه في بلاهة ويصمت.. نظراته المصدومة لم تكن تختلف عن نظرات ميلا منذ قليل.. حتى كلماتها راح يكررها وكأنها سيناريو اتفقا عليه مسبقًا.
هدأ أخيرًا وهو يصافحه بحماسة وإعجاب زادا ندى سخطًا قبل أن تهرول للهرب من جديد لولا قبض باسل على ذراعها وتطلع إليها بحدة عله يضع حدًا لجنونها وتهورها..
هز باولو رأسه وكأنه يصارع فكرة مجنونة تطارده.. ولكنه في النهاية غمغم وهو يتطلع إلى باسل في شك:
- أعلم أن صورك تملأ الجرائد والمجلات.. بل وكل وسائل الإعلام والفضائيات.. ولكن.. ربما لجنوني.. أشعر بأنني رأيتكَ من قبل.. أعني رأيتك وجهًا لوجه.. رجل لرجل.. ليس كنجم مشهور.. هل تفهمني..؟
ابتسم باسل قائلًا:
- في مقهى السعادة ربما.
بدت الصدمة على وجه باولو وصمت لفترة قبل أن تضيء عيناه قائلًا:
- نعم.. معكَ حق.. تذكرتك الآن.
حول نظراته إلى ندى التي استكانت مؤقتًا ووقفت تتطلع إليهم في تمرد وهتف:
- هذه الفتاة لم تكن تحلم إذًا.. لم يكن تعلقها بكَ دربًا من الخيال.. ظننتها جُنت.
هتفت توبخه:
- لا مجنون سواك.. أنتَ وهذه الثرثارة.
ضحك باسل بينما رمقتها ميلا في عتاب قبل أن توجه حديثها إلى باولو قائلة في خبث:
- تخيل يا باولو.. ندى تدّعي بأنها لا تحب باسل.
تأملها باولو في تهكم وابتسم قائلًا:
- ندى لا تكذب.. فهي تقصد بأنها لا تحبه فحسب.. بل هي متيمة به حد الوله والعبادة.
- اخرس.. كفى تخريفًا.
أحاط باسل عنقها بذراعه حتى كادت تختنق وهو يهتف بصبر نافد:
- كفاكِ أنتِ أيتها السادية.. طيشك أهلكنا عذابًا.
صارعت لتتحرر من أسره حتى تراخت ذراعه حول عنقها إشفاقًا.. فهتفت كطفلة عنيدة:
- سوف أريحك من عذابي للأبد.. سأذهب من هنا.. سأبحث لنفسي عن مكان بعيد لا تستطيع الوصول إليه.
ضمها إلى صدره في حنين وبقوة ألجمت لسانها هامسًا:
- إن استطعتِ الهروب من قبضتي هذه المرة فافعليها يا ندى.
- ما الذي تريده مني؟ قلتُ بأنكَ ستتزوج من لارا.
- أنا لم أقل بأنني سأتزوج لارا.
- رأيتك تحتضنها.
- كنت أدافع عن نفسي ضد طغيانك.
- طغياني أنا أيها المتوحش.. كدتَ أن تقتلني حسرة على فقدانك أنتَ أيضًا.
عادت قبضته لتتحول حريرًا حولها فهمست في عشق لا يخلو من تملك:
- أمازالت ذراعاك لي وحدي..؟
- نعم.. كأنهما خلقتا لأجلك.. حتى عندما هربتِ مني.. كنتُ أحتضن بهما نفسي ليقيني بأنكِ تسكنين ضلوعي.
تطلعت إليه في راحة لم تتذوقها يومًا.. فأردف بابتسامة حانية:
- أقسمي بأنكِ لن تتركيني مُجددًا.
- باسل...
- هيا أقسمي أيتها الطاغية المستبدة.
همست في يقين:
- أقسم بأنني لن أتركك ما لم تحررني أنتَ من قبضتك.
تنهد قائلًا وهو يزداد تشبثًا بها:
- وأنا لن أحررك أبدًا.

تمت بحمد الله




noor1984 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-20, 11:17 PM   #24

sam2001
 
الصورة الرمزية sam2001

? العضوٌ??? » 165263
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » sam2001 is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

sam2001 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-20, 11:23 PM   #25

funy19

? العضوٌ??? » 36652
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,009
?  نُقآطِيْ » funy19 is on a distinguished road
افتراضي

Thaaaaaaaaaaaaaanks

funy19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-04-21, 04:40 AM   #26

ندى تدى

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية ندى تدى

? العضوٌ??? » 142345
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 8,586
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

جميله وممتعه جدا


تسلم ايدك حبيبتي ووفقك الله


ندى تدى غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-06-21, 08:26 PM   #27

#أرجوان#

? العضوٌ??? » 254
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 3,851
?  نُقآطِيْ » #أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of#أرجوان# has much to be proud of
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

#أرجوان# غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-21, 01:49 PM   #28

بيدو احمد

? العضوٌ??? » 470809
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,075
?  نُقآطِيْ » بيدو احمد is on a distinguished road
افتراضي

يعطيكم العافية وفى انتظار الجديد

بيدو احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-23, 03:02 PM   #29

لامارالاء

? العضوٌ??? » 428859
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 764
?  نُقآطِيْ » لامارالاء is on a distinguished road
افتراضي

من الواضخ انها راااااااااااائعة

لامارالاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:33 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.