آخر 10 مشاركات
423 - امرأة من دخان - سارة مورغن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          وحدها تراني (19) من سلسلة لا تعشقي أسمراً للكاتبة المبدعة: Hebat Allah (كاملة&مميزة) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          رغبة التنين (1) للكاتبة: Kristin Miller (رواية خيالية قصيرة) .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الحارس ومملكة الورود (3) لكاتبة: P.C. Cast كـــاملة *مميزة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          274 - رماد الحب - آليسون فرايزر (الكاتـب : عنووود - )           »          271 - لحن الشتاء - كاتى ويليامز (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-11-20, 09:20 AM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل التاسع
حبيبتي يا اجمل النساء.. يا ريحانتي الساحرة..
عاقبيني.. عذبيني.. اسحريني بكل دهاء..
ولكن لا تتركيني ولا تجافيني..
فدونك انا لست انا.. انت هي انا..
انتِ من تأسر وطني.. تحتله وتحكمه بسلطتها
بكل خيلاء.. خذي بثأرك ولا تتنازلي
فأنت هي اقوى النساء.. اعتاهن واعلاهن..
انتِ انثى التاريخ.. انثى الماضي والحاضر والمستقبل..
انت امرأتي الوحيدة.. احبك ويشهد الله
ان ما الحب الا انتِ.. ولكنني احمق يعشق التهور..
فعاقبي وتجبري ولكن لا تبتعدي..

--------------------------
اغرقت النساء اذنيها بالهلاهل والزغاريد.. معظم العائلة تجمهرت في صالة المنزل ليطغي عليها احساس كبير بالتعب.. هي مرهقة.. مستنزفة تمامًا.. منذ ايام وهي لا تعلم ما هو مذاق النوم.. تود ان ترتاح جسديًا ونفسيًا.. ولكن اين هي الراحة في عصمة محمد؟

شحوب وجهها يصرخ بالألم.. بالإرهاق والحزن.. وذلك بدى واضحًا لعيون العائلة لتشع ملامحهم بالإستنكار.. هل هذا حال عروس بعد ليلة زفافها؟ لا شيء يوحي بذلك اطلاقًا!
الجمت ضحكتها الساخرة من الإنطلاق بمرارة حينما تساءلوا بتعجب عن حالها واذ كانت بخير واجابهم بهدوء كاذب:
- مرضت قليلًا ليلة امس بسبب التكييف البارد في الغرفة ولم نستطيع ان نقلل درجة حرارة الغرفة او نغلقه وبالاضافة الى ذلك ان المكان غريب عليها فلم تتمكن من النوم.. سأعطيها الآن دواءًا وستصبح بخير.

لم تبالي بسماع رده الكاذب امامهم.. صمتت دون تعليق.. ماذا قد تقول؟ هل سيشفع الكلام الآن؟ مصيبتها الحقيقية حاليًا تكمن في عيون الشباب الوقحة.. هي مريضة وتعليقاتهم ستكون وقحة لا بد..
جلست بصعوبة بجانبهم لتغمض عينيها بضيق وهي تسمع تعليقاتهم الوقحة لمحمد فيتجاهلهم ويتركهم ليقف بالقرب من والدته ويهمس لها:
- ساعديها بالصعود الى الغرفة لأن حرارتها كانت مرتفعة طيلة الليل.

تقصت حدقتاها عن احد افراد عائلتها وحينما لم تجد احدًا منهم تساءلت:
- اين عائلتي ؟

- ذهبوا لزيارة شقيقك محمود.
اتاها ردهم لتقف بمساعدة خالتها وبصعوبة شديدة تصعد السلالم.. حاولت ان تتحامل على نفسها ولكن الامها كانت شديدة.. عظيمة بقوتها.. ليلعنه الله على ما تسبب لها به..
هتفت سميرة بريبة:
- ما خطبك؟

- لا شيء ولكن اشعر بالدوار قليلًا.. على ما يبدو ان درجة حرارتي ارتفعت كثيراً.
تمتمت بهدوء لتهز سميرة رأسها بتفهم قبل ان تقوم بالنداء على ابنها:
- محمد تعال وساعدني بحمل زوجتك فهي لا تستطيع الصعود لأنها تشعر بالدوار.

مجرد ان لمحت اقترابه منها دبت القوة في جسدها لتصعد بسرعة عجيبة الى الأعلى وكأنها لم تعد تشعر بأي الم..
- لا خالتي.. انا بخير بإمكانني الصعود لوحدي.

- انتظريني قليلًا لأساعدك.
هتفت خالتها وهي تراها بتعجب تهرول الى الأعلى كالحصان لتتابع آلاء صعودها وكأنها لم تسمعها..
فتحت سميرة لها باب الغرفة التي ستمكث بها برفقة محمد وقالت:
- هذه الغرفة لك ولمحمد.. ستجلسان بها حتى سفركما.
ثم تطلعت الى ارهاقها الشديد وسألتها بلطفٍ:
- آلاء هل هناك شيء اخر يؤذيك غير مرضك؟

- لا خالتي فقط لأنني لم انام جيدًا.
اجابت وهي تود الصراخ ان ابنها هو من يؤذيها.. انه اكبر اذى لها.. ولكنها لم تفعل.. يجب ان تتمهل بكلامها حتى تستطيع الحديث كما يجب..
لم تقتنع سميرة بجوابها فتساءلت مرة اخرى:
- هل محمد يعاملك جيدًا؟

اومأت بنعم خافتة لتتنهد سميرة قبل ان تخرج من الغرفة بعدم اقتناع فحال آلاء لا يبدو بخير ابدًا..
استلقت على السرير والضياع يحوم حولها بمكرٍ وخبث.. ها هو اليوم الذي يُفترض ان يكون اجمل يوم في حياتها يصبح اكبر وارعب كابوسًا لها..
هاجم الضعف كيانها لتنتفض روحها وتصرخ بلا! هي ليست ضعيفة.. هي قوية.. ولكنها لا تستطيع ان تفعل اي شيء الآن لأن العائلة كلها في الأسفل.. هي مقيدة بوجودهم وهذا يكاد ان يفقدها صوابها..
جالت عينيها حولها واعتلت الإبتسامة المريرة ثغرها.. غرفة العروسين معدة كما يجب.. وهي فعلًا عروس ولكن ليست اي عروس!

*********************
لم تخبر عائلتها شيئًا على الرغم من اطمئنانهم عليها بعد عودتهم من المستشفى.. ارتدت قناع التمثيل وتصرفت كأي عروس مريضة قليلًا بسبب البرد فكانت كل ما تحتاجه في الوقت الحالي هو اعتزال الجميع لتنقي فكرها ذهنيًا.. يجب ان تفكر بحل لهذه المصيبة التي سقطت في وعرها المخيف.. يجب ان تجد طريقها للتسلق والتغلب على ظلمة هذا الوعر المسمى بمحمد..

إستغلت انشغال محمد بالضيوف التي أتت لتبارك لهما وبإضطرار اهلها لمغادرة الغرفة بعد تمثيلها النوم لتفكر اكثر واكثر.. ولكن الآن عليها التخلص من انفرادها به لتناول الغداء برفقته ولوحدهما فهذا الشيء ضمن العادات والتقاليد..
اخبرت الفتيات انها مرهقة وليست لديها شهية لتناول الطعام وبحاجة الى النوم حتى لا تراه وجهه.. ولكنه لن يتنازل ابدًا عن فكرة اختلاءه بها ولوحدهما خاصةً..

- انهضي يا آلاء وتناولي الغداء.
هتف محمد بهدوء لتدثر نفسها جيدًا وتتجاهل كلامه فكرر بصيغة امرة صارمة بينما يضع صينية الطعام على فراش السرير:
- هذا ليس وقتًا للعناد.. انهضي وتناولي الطعام لكي تتحسن صحتك.

ابتسم برضى حالما اعتدلت بجلستها على السرير لتبدأ بتناول الطعام.. تناولت بضعة لقيمات فمنذ امس لم تأكل اي شيء وهي في الواقع تشعر بالجوع.. وما ان انتهت التقطت علبة الدواء لتأخذ منها قرصًا ثم عادت وتمددت على السرير..
لم يرضيه الكمية القليلة التي تناولتها فزفر وعلّق:
- أفضل من اللا شيء على الاقل.
ثم تابع بإستفزاز:
- لا بكل صراحة مطيعة وذكية.. سمعتِ الكلام بحذافيره.

ستنهض لتخنقه لا شك.. ذلك اللعين يستفزها.. زفرت انفاسها الثائرة ليبتسم بعبث قبل ان يضطر للخروج من الغرفة بسبب الضيوف الذين اتوا..
متى ستعود الى بلجيكا لتأخذ بثأرها؟ وكأنها تقفز بقدميها على جمر محترقة من صعوبة الإنتظار.. ذلك اللعين يستفزها ويعتقد انها ستسمع كلامه.. لا يعلم انه حينما يعود الى بلجيكا سيحلم بشيء اسمه آلاء.. قال سابقًا انها الحلم البعيد.. والآن هي ستغتال له حلمه وتخفيه عن الوجود..

ما يمنعنها حاليًا من اخبار العائلة هو وضع شقيقها محمود وانشغال عائلتها بوضعه الصحي بالإضافة الى تركيز عماتها على وجه الخصوص بكل ما يدور بينها وبين محمد.. وبالتأكيد بما انها العروس يجب ان تتزين بكل اناقة لتستقبلهم بإبتسامة ولباقة.. يريدونها ان تتصرف بطبيعية كأي عروس.. اذًا ستفعل مؤقتًا..
ارتدت فستانًا طويلًا ووضعت زينة خفيفة وجلست امام النسوة في صالة النساء في الطابق الأعلى.. وحمدت لله ان الصالة في الطابق الثاني حتى لا يصل صوتها للرجال الذين يجلسون في الأسفل..

ليس بوسعها الانتظار حتى عودتهم الى بلجيكا.. محال ان تتمكن من تحملها لوجوده في غرفتهما.. سيسدل الليل ستائره عليهما وسيفرض نفسه بجنونه عليها مجددًا.. مجرد فكرة نومه بجوارها على نفس السرير يبث الرعب في عظامها.. ستموت اذا لمسها مجددًا..
يجب ان تتكلم الآن.. يجب ان تفشي لهم بجنون هذا الرجل الذين ضربوا بأيدهم على صدورهم بوثوقهم به..
اذا صمتت الآن لن يأخذوا لها حقها كما يجب وهو سيستمر بإعتقاده انه عريس فعلًا!!

اختمرت فكرة اخبارها لهم في رأسها لترسل رسالة الى عمها ووالدها تطالبهما بالحضور دون ان ينتبه لهما احد..
بعد ان نزلت النساء دخلا لتبقى جالسة على طرف السرير.. فتساءل والدها بقلق:
- ما الأمر يا ابنتي.. لقد اقلقتنا.

- تفضلا واجلسا.. وأعذراني فأنا لا استطيع الجلوس مثلكما على الأرض لان حالتي لا تسمح بذلك.
قالت وهي تشير لهما على الفراش الأرضي فتطلعا الى بعضهما البعض بإستغراب ثم تساءلا:
- ما الذي حدث؟

نظرت اليهما ولم تتردد ابدًا وهي تستهل بكلامها.. كانت مصرة على التخلص من وجوده في حياتها..
- في اليوم الذي طلب محمد مني الزواج أمام الناس قلتَ لي يا عمي لا تقلقي او تترددي.. انت ستأخذينا نحن لا هو وفي اي يوم قد يحزنك لا تذهبي لوالدك بل تعالي الي.. وانت يا ابي قلت ان هذا ابن شقيقي الكبير.. ماذا سأقول له اذا رفضتِ؟ ماذا سيكون موقفي امامه؟ وفي اليوم الذي امسكتَ به يدي لتسلمني اليه قلت له اعتني بها وحافظ عليها.. واخبرتني ان باب منزلك سيبقى دائمًا مفتوحًا لي.. زواجك لا يعني ان نغلق الباب في وجهك.. ولذلك فقط احضرتكما انتما الاثنان.. لأن انتما من كفل محمد حينما طلب يدي للزواج.. أحدكما قال انت ستأخذينا نحن وليس هو والأخر يشعر بالخجل والخوف ان ارفض ابن شقيقه.

- ماذا فعل لك؟
تساءل عمها بقلق لتهتف بنبرة مرهقة الا انها ثابتة:
- دعني اكمل كلامي يا عمي وبعد ذلك تحدث.
اغمضت عينيها تتذكر تفاصيل الليلة الماضية بأسى ثم اخذت تقص عليهما اوامره وكلامه..
- حينما دخلنا الغرفة وبقينا لوحدنا بدأ بسلسلة اوامره والأشياء التي ممنوع ان افعلها وانا لم اعترض فجزء من كلامه انا اوافقه به.. وبالتأكيد انا ايضًا احب الخصوصية ونحن لسنا صغيران.. وبعد ذلك ماذا فعل؟
تنهدت بتعب وتابعت:
- اولًا سأخبركما بالذي حدث بيننا قبل حفل الزفاف بيوم.. نحن تشاجرنا لأنني كنت مقهورة وموجوعة على محمود فنفثت عن غضبي وعصبيتي به وقلت كلامًا لا يجب ان اقوله ولكن والله كنت ضائعة وموجوعة.. قلت انه لا يهمه احدًا غير نفسه وشهواته الحيوانية.. اعلم انني مخطئة واعتذرت له الاف المرات.. تهورت وتصرفت بجنون ولكن بسرعة ندمت واعتذرت..
ومع ذلك لم يصمت ويمررها لي مرور الكرام بل انتظر ان ينفرد بي وقام بالرد على كلامي بعد انتهاء سلسلة اوامره.

- هل ضربك؟
هتفا معًا بصوت واحد لتهز رأسها نفيًا بأسى:
- يا ليته ضربني.. يا ليته فعلها فكنت سأتألم فقط لساعة واحدة وبعد ذلك سيخف الألم.. ولكنه لم يفعل ذلك بل فعل شيئًا أقسى واصعب من مجرد الضرب.. هو ضربني فعلًا ولكن بطريقة مختلفة.

ارتجف جسدها وتأوهت روحها وهي تسترجع الرعب التي تنفست في طياته بينما تسترسل:
- لقد اخذ حقه مني بطريقة حيوانية ورغمًا عني مبررًا بقوله "انتِ قلتِ انني حيوان اذا لتري هذا الحيوان.. انا لا احب ان تكون امرأتي مخطئة.. وكي تفكري الف مرة قبل ان تتهوري بقول كلمة لا يجب قولها" لقد اغتصبني.. هل تعلمان ما معنى انه اخذ حقه مني رغمًا عني؟ وبعد ان انتهى من انتقامه اللعين ذبحني بكل قسوة وهو يقول "أسف.. الآن نحن متعادلان"

تحشرج صوتها وانهارت تمامًا ودموعها تتصبب بحرارة على خدّيها:
- هل تتخيلان مدى المي وانا اتوسل به طيلة الليلة الماضية ان يتركني ويرحمني فيزيد من جنونه وكأنه لا يسمعني؟! هل تعلمان اين كنت في صباح اليوم؟ كنت في المستشفى.. لماذا؟ لأنه حيوان لم يستوعب ولم يراعي معنى انني عذراء.. لا أعلم من اقسى الألم الجسدي ام الألم النفسي الذي اشعر به.. لا اعلم اياهما يؤلم وينحر اكثر!

هدرت بوجع وهي تحرك يديها بإنفعال انثى مجروحة:
- هل هذا هو الحال الذي يجب ان اكون عليه؟ هل هذا مظهر عروس؟ اخبراني هل هذا الرجل الذي قمتما بإختياره لي؟!! لقد احضرتكما انتما الاثنان لأنكما من كفلاه وضربتما على صدركما قائلان "هذا رجل ولا تخافي.. انتما تستحقان بعضكما البعض.. واذا فعل لك شيئًا سيئًا تعالي الينا فقط".. وها انا قد أتيت لأرى ماذا ستفعلان وكيف ستأخذان حقي منه.

جذبها والدها الى حضنه ليطبطب على ظهرها بينما يطمئنها ببعض الكلمات.. لم يتوقع ابدًا ان تمر ابنته يومًا بهذه المعاناة وخاصةً من ابن شقيقه.. لسعته حرارة دموعها لتحرق له قلبه قهرًا ووجعًا فنظر الى شقيقه بعتاب..

استقبل سليم نظرات شقيقه بخجل وخزي شديد ليطئطئ بعد ان اتصل بإبنه البكر يأمره بعصبية ان يصعد الى غرفته.. ولم يتأخر محمد بالصعود.. خلال دقائق قليلة كان يقف امام والده الغاضب بجنون فإضطرمت النار في عينيه وهو يراها في حضن والدها تبكي.. وحينها فهم سبب امر والده له بالقدوم.. فهم كل شيء لتقسو ملامح وجهه ويتأجج الغضب في اوصاله ليصبح عاصفًا مخيفًا.. وقبل ان يهم بالتحدث كان يغلق عينيه بقوة بسبب صفعة والده التي تهاوت على وجهه بعنف..

انتفض جسدها بفزع من صوت الصفعة.. وبخوف نظرت اليه.. لقد اخبرت والده ووالدها.. فعلتها ولم تصمت.. فضحته فعلًا.. وستأخذ حقها بنفسها..
كوّر محمد قبضتيه بعصبية مفرطة دون ان يعترض بحرفٍ واحدٍ ليهدر والده بخزي:
- انت لا تستحق آلاء.. الزواج ليس لأمثالك.. انت مقامك ومستواك امرأة قذرة من الشارع فقط!

- انا لا اعلم ماذا قالت لكما بالضبط ولكن هي تعرف جيدًا سبب الذي فعلته وايضًا ماذا هي فعلت.. والاهم انها تعلم كم احبها وان كل الذي فعلته ليس الا رد فعل طبيعي.. هي اذتني بالكلام وهي التي دفعتني الى فعل هذا الشيء.. ولكنها تعلم انني اعتذرت لها وانتهى الامر.
قال محمد بهدوء مخادع قبل ان يقضم شفته السفلى حينما اتته الصفعة الثانية من والده الذي زمجر بإحتدام:
- انت لستَ رجلًا.. والكلام الذي قالته لك في الأصل قليل بحقك.. انت حيوان.. لا انا اظلم الحيوانات هكذا لأن الحيوانات لديها مشاعر ورحمة اكثر منك.. هذه زوجتك.. عرضك وشرفك.. وابنة عمك التي تقول انها حبيبتك.
انهى والده كلامه بإستهزاء ليوزع محمد نظراته بينها وبين والده.. فيردف سليم بجدية:
- آلاء لن تبقى دقيقة واحدة على ذمتك بعد الآن.. الشيء الذي لا ارضاه لبناتي لا ارضاه ايضًا لابنة شقيقي التي هي اعز من بناتي.

اتسعت عيناه بصدمة من كلام والده وسريعًا زمجر كليث بربري يقاتل بأسنانه للحفاظ على ما هو ملكه:
- ماذا تقول؟ محال ان افعلها وأطلقها.. منذ متى لدينا بنات تتطلق؟!.. اجل انا اعترف انني اخطأت ولكنني اعتذرت ومستعد ان اعتذر مرة أخرى.. ولكن طلاق لا.. مستحيل!

- ستطلقها اذا قالت انها لا تريدك ورغمًا عن انفك.. هل تفهم؟
هتف والده ببرود قبل ان ينظروا اليها فتدس رأسها في عنق والدها هربًا من نظرات محمد..
قال سليم موجهًا حديثه لشقيقه:
- ما هو رأيك؟ قل شيئًا.

- لا يوجد شيء لأقوله.. ابنك لم يدع اي شيء حتى يُقال.. انا اعتقدت انه رجل بإمكاني الوثوق به وان حينما أميزه عن الجميع واعطيه ابنتي سأكون مطمئنًا عليها ولكن للأسف خاب ظني وصرتُ اخاف على ابنتي منه.. غدًا محمود سيخرج من المستشفى في الصباح وسنعود الى بلجيكا بإذن الله في المساء وآلاء ستعود معي ولن يهمني كلام اي احد.. ابنتي ستعود برفقتي.
اغتاظ محمد من كلامهما امامها.. الا يكفيهما انه صُفع مرتين امامها؟
فتمتم بضيق:
- عمي لا يصح ان تقول هذا الكلام امامها وتجعلها اقوى اكثر.. دائمًا يحصل خلافات بين المتزوجين ولكن لا يصل الأمر بينهما الى الطلاق.. منذ المشكلة الأولى تقول طلقها!

- صحيح تحصل خلافات ومشاكل ويتغاضون عنها ولكن لا يذهب الزوج ويغتصب زوجته!
هتف رحيم بحدة ليهدر محمد بإستنكار وذهول:
- يغتصبها!!!!! هي امرأتي.. انا لم ارتكب اثمًا! اعلم انني اذيتها واذيت نفسي كذلك الأمر ولكن ذلك لا يعني ان يصل الامر الى الطلاق.

قال رحيم بنفاذ صبر:
- سليم دع ابنك يخرج من الغرفة.. لا اريد ان ارى وجهه الآن.

امتثل سليم لأمر شقيقه واخرج ابنه ثم عاد مرة اخرى الى الغرفة وغمغم بأسف وحنو:
- انا اعتذر منك يا ابنتي.. والله لا اعلم ماذا حدث حتى يتصرف هكذا.. ذلك ليس محمد ابدًا.. بالتأكيد هناك شيئًا خاطئًا.. اي شيء تريدين حدوثه سنفعله لأجلك ونقف بجانبك.

- انا اريد الطلاق فقط ولا اريد شيئًا آخر.. لا استطيع البقاء بعد الآن مع ابنك.
همست بنبرة واهنة الا انها عازمة حازمة فإعترض سليم بهدوء:
- لن يحدث ذلك يا حبيبة عمك.. انت لا زلتِ عروسًا فأي طلاق ذلك الذي تريدينه؟! ماذا سيقولون عنك الناس؟ لو كنتما مخطوبين كان سيكون الموضوع اسهل ولكن هذا زواج.. الكلام الذي قلته له لم يكن الا لكي اشعره بالخوف حتى يتعلم من خطئه.

تطلع سليم الى شقيقه يطلب منه العون ليتنهد رحيم بضياع.. فمن ناحية شقيقه وخوفه على ابنته من كلام الناس ومن ناحية أخرى معاناة ابنته التي مرت بها..
- ماذا قد أقول؟ اخشى ان اقول نعم وأهدم لها بيتها الذي لم يتم بناءه بعد واخشى ان ارفض واقول لا فتشبع ذل ومهانة من ابنك.. نحن لن نكون معهما طيلة الوقت ولن ننام معهما حينما يُغلق باب الغرفة عليهما.. انا اعلم من هو محمد ومستغرب تصرفاته.. وحقًا لا اعلم كيف تصرف هكذا.. لا اعلم يا سليم.. اشعر بالضياع والعجز فعلًا.

صمتت وهي ترى مشاعر والدها ترتسم على وجهه بإرهاقه.. رأتهما ينهضان ليقفا بجانب نافذة الغرفة ويتهامسان بكلامٍ لم تتمكن من سماعه.. وبعد دقائق اقتربا منها وقال سليم:
- سننزل الآن لنعاقبه كما يستحق.. وسوف يأتي ليعتذر منك ولكن تجاهليه وكأنك لم تسمعيه واذا حاول ان يقترب منك او يزعجك بكلمة واحدة ستريننا امامك خلال اقل من دقيقة.

ثارت خفقات فؤادها بذعر وعقلها يصور لها مشاهد سينمائية مرعبة حينما تنفرد به بعد كل الذي حدث.. لا يا الله! سيقتلها لأنها قالت لوالده ووالدها.. لن يرحمها ابدًا..
هتفت برعب شديد:
- لا.. لن ابقى معه.. سأذهب لأنام بجانب والدتي.. فأين تريده ان يأتي بحق الله يا عمي؟

قال سليم بتفهم قبل ان يخرج برفقة رحيم من الغرفة:
- لا يا ابنتي.. يجب ان تبقي بغرفتك لكي يعرف انك لست جبانة.. واعدك ان الذي حدث لن يتكرر مرة أخرى.. والاهم من ذلك نحن لا نريد لأمك وخالتك ان تعرفا ونحن من سنأخذ لك حقك منه.. ولكن لا تخرجي من غرفتك ولا تخبري احدًا لأنك ترين الوضع الذي نمر به وحينما نصل بلجيكا سيتغير الكلام.. وكل الذي أريده منكِ الآن هو التحلي بالشجاعة وعدم البكاء واياك والخوف منه.

هل هذا كل الذي بوسعهما فعله؟ شبت النار في روحها لتحرقها دون هوادة.. ليس ذلك الذي تريده.. هي تريد الطلاق فقط.. لماذا لا يمنحوه لا؟ لماذا بحق الله؟
وهناك حيث الأسفل.. وقف يسمع كلامهما بغضب وخوف.. غاضب لأنها اقحمت العائلة بشؤونهما الخاصة وعارضت قوانينه.. وخائف ان تبتعد عنه ويحرمانه منها قسرًا.. سينفذ لهما كل شيء يودان منه فعله الا الطلاق.. سيدعها تأخذ بحقها.. سيجعلها تنتقم لأوجاعها ولكن الطلاق سيكون بالنسبة لهما المستحيل.. هي ولدت لتكون امرأته فقط وستكون ملكه وحده..

بعد اقل من ساعة ولج الى الغرفة برفقتهما ليسمع والده يقول:
- لقد اخذنا حقك منه ولن يؤذيك مرة اخرى ابدًا.. وانت تعرفين ما عليك فعله اذا حاول التقرب منكِ.
استأنف سليم بنبرة قوية:
- اذهب الآن وقبّل رأس زوجتك واعتذر منها.. وحينما نعود سيكون لكل حادث حديث.. نحن سنغادر الآن ونترككما لوحدكما.

همّ بالدنو منها لتقبيل رأسها الا انها ابتعدت سريعًا عنه وتشبثت بيد والدها تمنعه من الخروج من الغرفة وهي تغمغم بخوف:
- هل ستتركني لوحدي هنا؟

رشقه والده بلهيب نظراته الغاضبة وهدر:
- حقير وعار!
ثم ابتسم لها وهمس بنبرة ناعمة حانية:
- لا تخافي حبيبتي.. لن يتجرأ ويؤذيك مجددًا.

خرج سليم برفقة شقيقه بعد ان نظر بوعيد الى ابنه ليغلق محمد الباب خلفهما ثم زلف منها بملامح مبهمة وتساءل:
- هل نستطيع الكلام الآن؟

وثبت عن مكانها وجلست بجانب النافذة ووضعت السماعات في اذنيها بتجاهل تعمدت فعله ليكاد ان يفقد عقله من الحال الذي وصلا اليه.. ثم بإستنكار علّق وهو يراها ترمي له وسادة ودثار على الأرض:
- ما هذا؟ على الأقل ضعيهما بإحترام على الأرض.

لم تمنحه اي رد واكتفت بتوسد السرير لتغفو بكل سهولة بسبب ارهاقها ومرضها والإجهاد النفسي والجسدي التي تعرضت لهم.. ومع ذلك لم ترأف بها درجة حرارة جسدها التي ارتفعت لتزعج وتؤرق نومها..

*******************
في صباح اليوم التالي..
زفرت انفاسها براحةٍ حينما لم تجده في الغرفة.. ودت النهوض ولكن جسدها لا زال يؤلمها بسببه.. ومع ذلك نهضت لتتفاجأ به يدخل الى الغرفة بعد خروجه من الحمام ويتساءل:
- هل تشعرين بالتحسن؟

استمرت بتجاهلها له ليكتم غيظه وضيقه مجبرًا فخطئه كبير وعليه بالتحمل.. ثم دخلت الى الحمام لتستحم وحينما خرجت لم تجده في الغرفة فتأزرت فستانًا ابيض اللون تزينه بعض الورود وحزام رفيع يمتد ليحيط خصرها وتركت شعرها حرًا.. ثم نزلت الى الاسفل لتجلس مع النساء دون ان تسمح لعينيها بالنظر الى الجهة التي يجلس بها برفقة الشباب..
تململت بضيق بسبب نظراته التي تلاحقها وتراقب كل حركة تقوم بها.. تناست ضيقها هي تفكر ان اليوم سيعود شقيقها محمود من المستشفى وحمدًا لله اخيرًا ستطمئن عليه بعينيها..

حالما رأت محمود يدخل كانت هي اول من تقف ولكن لعنةً الله على من كان السبب بألامها حتى يردعها من الهفو الى شقيقها سريعًا وتوسد صدره..
بهدوء لا يناسبها ضمته وقبلته وهي تحمد الله على سلامته فضحك محمود وعلّق بمرح:
- تركتك ليومين فقط وتزوجتِ! وكما يبدو لي انك اصبحت عاقلة وهادئة اكثر مما يجب.

اجابه محمد الذي لم يحيد بعينيه عنها وهي تضم شقيقها.. يتمنى ان يكون هذا السلام الحار له.. متى ستحبه كما تحب الجميع؟ الا تعلم انه يتمنى ان يكون مكان شقيقها ليتذوق بشغف لهفتها وعاطفتها.. هو يحتاجها.. يحتاجها كثيرًا.. ويريد حبها كثيرًا وكثيرًا..
- ماذا اعتقدتَ اذًا؟ انه تأثيري يتضح من اللحظة الاولى!

- واضح جدًا والله.. ولكن اياك وان تفكر ان تحزنها.
هتف محمود بشقاوة ليقول محمد وهو يتطلع اليها بحنين:
- حاضر.. آلاء بعيوني أضعها.

- لم اكن ادري ان الزواج يجعل الشخص عاقل الى هذا الحد.
علق ايلام ضاحكًا لتزجرهما آلاء بحنق:
- لا تعتقدا انني سأصمت لكما ولكن الآن انا مريضة ولذلك فقط لا اتحدث.. انتظرا فقط قليلًا لأتحسن وسألقنكما درسًا لن تنسياه.

- هذه هي آلاء التي نعرفها .
ضحكوا بحنو وتمنى من محمد ان يرى ابتسامتها الصادقة التي تنبع من قلبها ولكنه يعلم انه سبب تعاستها ولا بد انها ستحتاج المزيد من الوقت حتى تعود كما كانت..

*****************
اشتاق اليها.. لم يراها منذ الصباح بسبب انشغاله مع الضيوف.. يريد ان يختليا ببعضهما البعض.. يريد ان يراها.. ان يتمتع بجمالها وبجمال عنفوانها.. يريد ابتسامتها الساحرة وقوتها الحادة..
يريد ان يحذف الليلة الماضية من عقلها وعقله.. شعوره بالذنب يؤلمه.. يعتريه فَيضنيه.. ولكن كيف سيفعل بحق الله اذ كان هو بنفسه يتألم ولا يغفر لنفسه؟

بلهفة اخفاها بصعوبة دخل الى الغرفة ليجدها توضب حقيبة سفرها فتساءل:
- وماذا عن حقيبتي؟

- لديك يدين وساقين فقم بتوضيبها بنفسك.
اجابته ببرود ليقهقه قائلًا:
- حمدًا لله ان لسانك لا زال موجودًا.. ظننتك فقدتِ النطق.
تجمدت ملامحها دون ان تتفاعل معه ليدنو منها ويهمس بأسمها بأستنجاد عاطفي بينما يمد يده الى كتفها..
ارتكست آلاء خطوة الى الخلف وصاحت:
- لا تدنو مني!

رفع يديه بإستسلام وغمغم بنعومة:
- لا تخافي مني.. انا فقط اريد الحديث معك عن ليلة الزفاف.

رفعت عينيها الغاضبتين وثبتتهما عليه بغضب:
- اسمع يا محمد اذا اتيت لكي تفتح موضوع الزفاف والتصرفات الشنيعة التي قمت بها بذلك اليوم فمن الافضل ان لا تفعل لأنني لا اريد الحديث عنه.. انت في ذلك اليوم لم تكن محمد.. واتمنى صدقًا ان تقول ان ذلك لم يكن انت او انك لم تكن بوعيك او انك شربت شيئًا ما.. انت بعد كل الذي فعلته اكملت مجزرتك وقتلتني بقسوة اكبر بأسفك القاتل.. انت مزقت وحطمت كل ذرة مودة بقيت في قلبي تجاهك بكلامك.. كل الذي فعلته أضعه في كفٍ واحدٍ وكلامك واعتذارك بكفٍ اخر.

اخشوشن صوتها وهي تستأنف:
- انت لم تكن بشرًا في ذلك الوقت.. لو انك اعتذرتَ كإنسان صادق بندمه ربما كان ذلك سيخفف الذي عانيته منك.. ولكن للأسف بسيفك ذبحتني.. قتلتني وكأنني عدوتك ولست ابنة عمك وزوجتك...
طفح بها الألم وهي تبتسم بسخرية وتتابع:
- ولا حتى حبيبتك كما تقول.. هل تعتقد انني حينما وقفت امام ابي وعمي واخبرتهما بالذي حدث كان سهلًا علي؟

اخفض رأسه كي لا يرى الوجع المدفون في مقلتيها الشجيتين الا انها لم تستسلم بل اكملت بحرقة:
- بماذا تريد مني الحديث معك وماذا تود مني ان اسمع منك؟ هل تريدني ان اعود اليك؟ انا لن افعل يا محمد.. انا لم اعد اثق بك واخاف ان اكون معك في مكان ما لوحدنا.. انت اوصلتني الى هذه المرحلة.. هل تعرف معنى ذلك؟

- الهذه الدرجة لا تثقين بي وتخافين مني؟
تساءل بألم يضاهي المها.. حبيبته وامرأته الوحيدة تخشاه ولا تثق به.. تأوه فؤاده وهو يسمعها تغمغم:
- انا حتى هذه اللحظة اتمنى ان انام واستيقظ لأجد نفسي كنت في حلم.. وان ذلك الذي حدث لم يكن الا كابوس.. انا لا اصدق ان محمد الذي كنت اقول انني احبه بسبب حبه الشديد لي واستعداده لفعل اي شيء حتى لا يخسرني ويؤذيني او حتى يدع احد اخر يؤذيني؟ اخبرني انت في النهاية ماذا فعل؟

- ألهذا الحد؟
همس محمد بذهول فنهضت آلاء لتتأكد اذا كان الباب موصدًا ثم وقفت امامه ونزعت فستانها وهدرت بحسرة على نفسها:
- انظر الى جسدي.. انظر اليه كيف تشوه بسببك.. وهذا فقط جزء بسيط من التي تستطيع عيناك رؤيته.. اما الداخل فهو مدمر تمامًا وبسببك انت.

اشاح بوجهه بعذاب وهتف:
- ارتدي ملابسك.

ضحكت بإستهزاء:
- لماذا الا تعجبك رؤية إنجازاتك ورجولتك التي فرضتها علي! من المفترض ان تشعر بالإفتخار بنفسك.

زمجر محمد بغضب:
- ارتدي ملابسك الاء.. هل تتصورين ان الذي فعلته سهل بالنسبة الي؟ اذا كنت انت قد تأذيت مرة فأنا اذًا تأذيت الف مرة.. هل جربتِ يومًا ان تأذي وتجرحي اقرب شخص الى قلبك؟.. انا اتألم اكثر منك لأنني اذيتك بهذه الطريقة.. اذهبي الى منزل اهلك عدة ايام ترتاحين بها وبعد ذلك سنتحدث.

كان صعبًا عليه ان يتنازل عنها.. ان يضحي بفردوس قربها بعد ان عاش به قليلًا.. الجميع يطمع بالجنة.. وهو يرى جنته في الدنيا تكمن بوجودها قربه.. لعنته كانت انه عشقها لسنوات.. حارب كثيرًا للحصول عليها وليس بوسعه غير الانتظار لينالها صدقًا.. يريدها بكل ما بها ولكنه غبي حطم كل شيء في لمح البصر..
تغاضى عن نظراتها المستحقرة له ثم انسحب بعيدًا عنها ليفكر بالمصيبة التي ارتكبتها يداه بأغلى ما يملك..

-----------------------
يتبع..
الفصل العاشر يوم الخميس..

رأيكم بالفصل وتوقعاتكم بمسألة الاء ومحمد؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
اسيل الباش


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:21 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل العاشر..
مرٌّ حبكَ كطعم العلقمِ..
مؤلم جرحكَ كالملحِ على البلسمِ..
زمهريرَ برودكَ يشلُّ سَريان دمِي..
وها انا أعاني من جُرعةِ إغداقكَ لي بالسمِ..
ولكنك لا تُبالي بروحي المُحرَّمة للتيتمِ..
وها انت تحرقني باللهيب ولا تُداري السئامِ..
ومع ذلك تستمر يا نادر الإغتيامِ..

------------------------
تجاهلته طيلة رحلة عودتهم من العراق الى بلجيكا.. لم تعر وجوده اي اهتمام منذ مغادرتهما منزل جدها.. حتى انها لم تجلس بجانبه على متن الطائرة بل جلست بجانب شقيقها وعائلتها فيعتقدوا جميعهم انها تود مرافقة عائلتها والبقاء معهم بسبب مرضها ولأنها تود توديع اهلها بما انها ستنتقل الى منزل زوجها.. ولكن حينما قال والدها "هيّا الاء" دقت صفارة الإنذار في عقولهم لتهتف سميرة عاقدة الحاجبين:
- هل نسيت انها تزوجت والآن هي عروس وعليها الذهاب برفقة زوجها الى منزلهما؟

- لا ولكنها مريضة وستبقى لمدة يومين في منزلي وبعد ذلك ستعود الى منزلها.. حاليًا هي مريضة وبحاجة الى رعاية.
قال رحيم فتنظر سميرة الى بكرها بشك ليؤيد محمد كلام عمه:
- عمي محق.. لتبقى في منزله وستعود بعد بضعة ايام.

عادت برفقة عائلتها دون ان تنطق بحرفٍ واحدٍ.. مشاعرها تتخبط داخل صدرها.. تعرقل لها تفكيرها وتفتح لها ندوبها التي لا زالت لم تطيب بعد.. ها هي عروس بدلًا ان تعود متلهفة الى منزل زوجها تعود الى منزل والديها.. هل يُفترض ان تحزن ام تفرح لأنها تخلصت من الرجل الذي أذاها كثيرًا لدرجة انها أصبحت ترى الدنيا مظلمة بائسة.. لا شيء بها يغري للبقاء على هذه الأرض القاسية؟...

جلست على سريرها تتطلع اليه بحسرة.. لقد ودعته قبل ان تسافر الى العراق.. ودعت ايامها به وجلست تتطلع على كل زاوية في هذه الغرفة التي شكت لها الكثير من احزانها..
هي تتألم.. تود النحيب والصراخ.. ليس هذا ما تمنته لنفسها.. هي ايضًا أنثى يحق لها ان تفرح وتقفز من السعادة والرومانسية التي يغدقها بها زوجها.. يحق لها ان تكون كغيرها.. يحق لها ان تعيش اجمل ايامها كعروس ولكن محمد قضى عليها في اجمل ليلة في حياتها.. حطمها.. دمرها.. نفسيًا وجسديًا..

رفعت عينيها لتتطلع الى سقف الغرفة وهمست بسخرية مريرة:
- ها قد عدت اليك.. توقعت انني لن اعود ولكنني الان اعود.. يا للسخرية!
ثم تطلعت الى حقائب سفرها التي من المفترض ان تكون في منزلها الجديد الان وأطلقت تنهيدة متحشرجة من شدة الألم وأردفت:
- لعنك الله يا محمد.. انظر الى اين وصلنا بسببك.. من المفترض ان اكون عروسًا الآن واعيش شهر عسلي وفي النهاية ها انا اجلس في منزل والدي وكأنني سافرت سياحة وعدت ولكن الإختلاف انني عدت محطمة جسديًا ونفسيًا.. من سيبني ما حطمته انت؟ لقد كسرتني يا محمد!

مسحت سريعًا دمعة سالت على وجنتها لاسعة حارقة.. لا يجب ان تبكي.. ستنهار اكثر هكذا..
عائلتهما مستغربة وتتساءل عن سبب عودتها الى منزل والدها بدلًا من الذهاب الى منزل زوجها.. الجميع يود معرفة السبب.. ولكن والدها طرد شقيقيها الكبيرين ومنعهما من التدخل.. ووالدتها حاولت ان تعرف منها ما حدث الا انها رفضت اخبارها وقالت لها ان تسأل والدها.. وبالتأكيد غضبت لتغادر الغرفة لأن من الصعب ان تعرف ما حدث من والدها.. ولكن على ما يبدو ان والدتها لم تستسلم فبعد اقل من نصف ساعة كانت تدخل غرفتها وتقول بهدوء:
- يا ابنتي الحبيبة ممنوع ان تتركي منزل زوجك مهما حدث بينكما من مشاكل.. انا ووالدك ايضًا نتشاجر كثيرًا ولكن في حياتي كلها لم اترك منزلي.. وايضًا في ايام زواجكما الاولى! انتِ عروس! ماذا ستقول الناس عنك؟

هتفت الاء بعصبية:
- لا تهمني الناس.. ليتكلموا كما يريدون.. نحن في بلجيكا وليس في العراق.. لن يعلم احد ولا يوجد احد هنا يخصه هذا الأمر.. وعلى ما يبدو انك لم تفهمي جيدًا ما الذي حدث.. ولكن يجب ان تعرفي انني لن اعود الى ابن شقيقتك.. واذا لم يطلقني اليوم سيفعل غدًا لذلك لا تذكري اسمه امامي.. هل تفهمين؟

- هل تستوعبين الكلام الذي تقولينه انت ام لا؟ لم يمر على زفافك يومين وتقولين طلاق!!!
هدرت والدتها بحدة لتهتف الاء بإحتدام:
- هل انت تعلمين ماذا فعل ام انك تتحدثين عبثًا فقط لأجل شقيقتك؟

اغلقت الباب بعصبية ثم نزعت ثيابها وزمجرت كلبؤة مجروحة تم نهشها بضراوة ورغمًا عنها وهي تشير الى جسدها:
- انظري الى جسدي.. انظري ماذا فعل بي ابن شقيقتك الذي تريدين مني العودة اليه؟! لو رأيته يموت امامي لن أعود اليه.. كلام الناس لا يهمني.. سيتحدثون ليومين وبعد ذلك سيصمتون.
صاحت بحرقة ودموعها تنهمر على وجهها حتى انهارت تمامًا:
- افهمي انني لاريده.. انا اخاف منه! لن اعود اليه.. لن افعل! هل تعلمين بأجمل يوم لدى كل فتاة ماذا فعل! محمد صار كابوسي.. اخاف ان اغلق عيني فيعود ليقترب مني.. لم يتفهم كوني عذراء.. ابن شقيقتك دمرني.. قتلني.. دعيني الملم جزء بسيط من نفسي ولتفهمي ارجوكِ انني اكرهه.

أوجعها قلبها على حال ابنتها فضمتها جميلة سريعًا الى صدرها وغمغمت:
- دائمًا تحدث مشاكل وخاصةً بداية الزواج.. من المعروف ان السنة الاولى تكون مليئة بالمشاكل.. انا لا اعلم ماذا حدث تمامًا ولكن عماتك والناس واهل العراق ماذا سيقولون.. الكلام كله سيكون عليك انت لا عليه.. هو رجل ولن يتكلم عنه احد ولن يهمهم امره.

ابتعدت عنها آلاء وقالت بجمود:
- دعيني لوحدي.. اريد ان انام.. انتِ لا تشعرين بي فأخرجي من الغرفة.

- حسنًا كل ما تريدينه سيحدث ولكن اهدأي فقط.
همست جميلة محاولة تهدئتها فهتفت آلاء:
- انا هادئة.. فقط أخرجي.

غادرت والدتها الغرفة راضخة لتستلقي على سريرها وتشكو له زوبعة اوجاعها.. مقهورة حتى اليأس.. خائفة بجنون ان يجبروها على العودة اليه.. لا تريد العودة اليه.. لماذا لا يفهمون وجعها وخوفها.. اليس هي ابنتهم حتى يشعرون بمعاناتها؟ دموعها لم تتوقف وصدرها يحرقها من شدة الكرب..
"يا الله! كن معي"
تضرعت لله بيأس.. وشجن.. ستموت لو عادت اليه وحاول الإقتراب منها مرة اخرى بنفس الوحشية الماضية.. ترعبها تلك اللحظات التي تم حفرها بكل قسوة في عقلها.. ما فعله محمد بها سيبقى ندبة خالدة الى الأبد في قلبها وعقلها..

*****************
ها هو يرسل والدته لتقنعها بالعودة اليه.. يا للسخرية تارةً يخبرها ان تبقى عدة ايام في منزل عائلتها وتارةً اخرى يبعث والدته لتعيدها اليه.. خالتها سميرة حذقة ماكرة تجيد الإقناع.. مجرد ان تتحدث الى والدتها او والدها سيقتنعان بكلامها.. كلهم يريدون منها ان تعود اليه بحجة كلام الناس والعائلة.. خالتها حاولت ان تقنعها الا انها لم تستطيع ولكن كلامها بكونها قد تكون حاملًا بث الذعر اللئيم في قلبها.. وتحذيرها لها بأن صحة والدها قد تتدهور بسببها تؤلمها وتخيفها..

لا تعلم ماذا يجب ان تفعل.. جل ما يهمهم هو كلام الناس.. وماذا عنها هي؟ تحاول ان تتقصى عن قرار يفيد كل الأطراف بين زوبعة افكارها ولكن مهما بحثت وحاولت تجد نفسها مقتنعة تمامًا بالطلاق.. اجل تعلم ان الكبار خائفون عليها من كلام الناس التي لا ترحم حتى الطفل.. فهي ستنهار بلا شك فأقاويل الناس تفتت الصخر من شدة قساوتها.. ولكن اذا فعلت كما قالوا لها لن يتحدث احد عنها..

خالتها ووالدتها قالتا ان تبقى مع محمد لمدة شهر وبعد ذلك بإمكانها الطلاق ولن يشك احد بإمرهما.. وهذه الفكرة نوعًا ما تغلغلت الى عقلها وتقبلتها.. ولكن كيانها لا زال يجهر بالرفض.. ما يخيفها صدقًا هو صحة والدها المريض.. تخشى ان يتأذى بسببها.. احتارت.. هل تعود اليه كما يقولون ام لا؟

في المساء..
جلست بغرفتها وقلبها يخفق كالطبول بإنتظار ندائهم.. لقد اتى برفقة والديه كما وعدتها خالتها سميرة.. يتحدثون بينهم وهي تنتظر القرار كالمتهم الذي ينتظر حكم اعدامه او الافراج عنه..
ولم يتأخر انتظارها فبعد عدة دقائق نادت والدتها عليها حتى تعد لهم الشاي.. بصعوبة شديدة اعدت الشاي حتى انها قامت بإعادته اكثر من مرة بسبب وضعها البهارات او الملح بدلًا من السكر..

وضعت الصينية التي تحوي إبريق الشاي والأكواب على الطاولة بيدين مرتجفتين لم تتمكن من السيطرة عليهما امام عينيه المترسختين على أدق تفاصيلها.. سيعيدها اليه اليوم.. مهما رفضته الا انها يجب ان تعود اليه.. لمصلحتها قبل ان يكون لمصلحته.. لا... لماذا الكذب؟ هو يريدها ان تعود اليه بكل انانية.. بعدها يشقيه ويفقده صوابه..

والداه لم يتوقفا عن لومه وتأنيبه عن فعلته الشنيعة وموقفمها امام والديها.. ويعلم انهما محقان..
تحمل كل كلامهما في سبيل ان يساعداه في إعادتها الى أرضه في منزله.. لتكون في مملكته.. كل شيء يهون مقابل ان تكون امام عينيه.. يعلم انه من قال لها ان تبقى في منزل والديها ولكن حينما فعلًا ابتعدت عنه خاف.. هو محمد الذي لا يخاف شيئًا غير الله شعر بالخوف من بعدها! مجرد ان تخيل انه سيقضي الليل دونها انقبض فؤاده.. خشي ان تمتد الايام اكثر واكثر في منزل والدها ثم تصر على طلاقها منه.. هو فعل المستحيل لتكون له وفي النهاية بإثم واحد تتسرب من بين يديه كالتراب! ذلك لم يكن ابدًا ضمن تخطيطاته.. لم يكن هذا مبتغاه..

لم تتنازل حدقتاه وتبتعد عنها.. تسلطت عليها بتملك سافر وهي تجلس على احدى الأرائك بعيدًا عنه قدر الإمكان.. آه رغبتها بالإبتعاد عنه تقتله.. هو يتوق حتى يلمح طيفها.. وهي... قلبها ينكره.. يرفضه.. يكرهه.. اين هو من هذا العشق الذي يكنه لها.. هذه الشرنقة التي تحيط نفسها بها تخنقه.. هو يهفو اليها كالمغناطيس وهي تنفر منه بقسوة.. روحه تتوسلها ان ترفع عينيها الجميلتين لتنظر الى هالته المعذبة بفراقها حتى ولو لعدة ساعات.. ولكنها قاسية اكثر مما توقع وهي تغلغل نفسها في عالم لا يخصه..

يقرأ خوفها وإرتباكها بسهولة.. هي رسمة معقدة يُصعب تحديد الوانها.. ولكن لو إستخدم الفرشاة بمهارة وذكاء لا بد انه بنفسه سيحدد ماهية هذه الألوان ولا بد انه سيفعل وان طال الزمان.. لم يكن ابدًا في يوم من الأيام اليأس حليفه ولن يفعل ابدًا مع معشوقة القلب..
على الرغم من كونه تألم للألم الذي تصرخ به ملامحها بعد كلام والده الا انه يوافقه في كل حرفٍ قاله..

قال سليم برزانة:
- نحن نعلم يا ابنتي ان ابننا اخطأ وخطأه كبير جدًا ولكن دائما تحدث مشاكل ولا بد ان نتغاضى عنها لنستمر ففي النهاية لكل شيء حل.. على الرغم من كوننا وافقنا ان تعودي برفقة اهلك الا اننا لسنا مقتنعين.. لا يُعقل ان تعود العروس الى منزل والديها منذ اليوم الأول وتهجر منزلها! ماذا سنقول للناس التي ستأتي لتبارك لكما؟ انك في منزل اهلك! ماذا ستفعلين في منزل اهلك!
هذه المرة نحن سنكفل ابننا.. محمد لن يؤذيك بعد الآن ابدًا.. قولي يا ابنتي شروطك لنسمعك وتعودين اليه والذي تأمرين به سيحصل ولكن قبل ان ترهقي نفسك بقول الطلاق سأقول لك بكل صراحة ان الطلاق لن يتم.. مستحيل! لأنك اكثر من سيتأذى.

القت نظرة رجاء على والدها ووالدتها تحاول استخراج رفضًا بسيطًا ولكن لا.. خابت كل امالها وانفطرت روحها وهي ترى كل أمالها تنهار.. كان لديها املًا ان والديها لن يأبهوا بكلام الناس وسيكون اهم شيء بالنسبة لهما ابنتهما ولكن... مليون كلمة تعبر عن "ولكن".. تنطق بالشرخ الذي كسر لها ظهرها.. العصاة التي كانت تشد حيلها بها لتستمد قوتها منها سقطت ارضًا فلم يبق لها غير نفسها لتعتمد عليها..
اخذت نفسًا لم يتمكن من الوصول الى حنجرتها ليعلق في قصبتها الهوائية ويخنقها من شدة الألم.. هي وحيدة.. الجميع تخلى عنها ويريدونها ان تعود اليه بعد كل ما حدث.. ينتظرون جوابها جميعهم وهي الله وحده يعلم بالوجع الذي يسري في عظامها.. كسروها جميعهم..

- اريده ان يقسم بالله أمامكم انه لن يؤذيني ابدًا ولن يضربني ويتعهد بإحترامي.. واذا لم استطيع الإستمرار معه يطلقني دون اي مشاكل.
غمغمت دون ان تنظر اليه.. تكرهه يا الله.. كيف ستتحمل العودة اليه؟
سمعت جوابه وودت لو تنهض وتحطم المنزل على رؤوسهم كلهم..
تساءل محمد بإستنكار:
- متى رفعت يدي عليك وضربتك؟!
ثم استأنف:
- على اي حال اعدك امامهم جميعهم انني لن اضربك او ازعجك بأي شيء.. ولكن مسألة الطلاق وان لا نتفاهم انسيها نهائيًا واحذفيها من رأسك لأنني محال ان أطلقك.. وبإذن الله سنتفاهم.. هل لديك طلبات أخرى؟

هزت رأسها نفيًا ثم امتثلت لكلامهم ونهضت لتوضب حقيبتها حتى تعود اليه.. هكذا بكل سهولة؟!
ولجت الى غرفتها وكماشة قاسية تكتم لها انفاسها.. تود الإجهاش بالبكاء.. تود الصراخ والعويل.. مؤلم الشعور بالخذلان.. خذلها اقرب الناس اليها.. لماذا؟ لماذا يا الله؟
رغمًا عنها انهمرت دموعها وفظاعة وجعها من الجميع تطعن قلبها.. يا ليته لم يبعدها عن كريم.. يا ليته لم يحبها.. على الأقل حالها كان سيكون مختلفًا..

"منذ هذه الساعة وعد بيني وبين نفسي انني لن اجعل اي احد يتدخل بمشاكلي ولن ابالي بأحد غير نفسي.. انا وفقط"
قطعت هذا العهد على نفسها ثم جففت دموعها وخرجت دون ان تلقي السلام على والديها.. كلمة واحدة لم تقل وهي تغادر المنزل الذي قضت به سنوات طويلة من حياتها.. تجاهلت سلام والديها بكل قسوة لعلهما يشعران بمقدار قساوة تصرفاتهما بحقها..

همس محمد مخفيًا تأثره بالحزن الذي يسيل من ملامحها كمياة عذبة شفافة:
- اخبرتهم ان تبقي ليومين في منزل اهلك حتى ترتاحي ولكنهم اعترضوا وقالوا انك يجب ان تنامي اليوم في منزلك.

حدجته بنظرة ساخرة تقول انها لا تصدقه فصمت الى لحظة دخولهما المنزل.. سارت ورائه واحساس غريب يسيطر عليها وهي تدخل بيتها.. من المفترض ان تدخل بسعادة الى منزلها مثل بقية الفتيات ولكن بماذا هي تشبه بقية الفتيات؟ بخطوبتها ام زواجها ام حياتها ام اهلها الذين تخلوا عنها في اشد مصائبها.. بماذا؟
إبتسمت بتهكم على وضعها بعد ان خرج من المنزل متعمدًا حتى يمنحها بعض الخصوصية.. يفكر بها صدقًا كثيرًا.. يا للإستهزاء!
اوصدت باب غرفتها عليها بعد ان وضعت اله وسادة ودثارًا خارج الغرفة ثم رتبت اغراضها ونامت وكأنه ليس موجودًا..

*****************
عادت الى المنزل كارهة.. وكأنها تعود الى مقبرتها بقدميها.. تعمدت ان تعود متأخرة الى المنزل وتتجول براحتها بعد المدرسة دون اي اهمية لوجوده وبالفعل عادت الى المنزل في وقت متأخر بعض الشيء لأنه يعلم انها ذهبت الى المدرسة فقط لا غير..
تمنت ان لا يكون في المنزل فليست لديها اي رغبة لرؤية وجهه..
في الصباح اضطرت ان ترى وجهه بحجة انه يريد ثيابه لكي يذهب الى عمله ففتحت له باب الغرفة وعادت الى النوم وبعد ان غادر بعدة ساعات استيقظت وذهبت الى المدرسة بعد ذلك..

عقدت حاجبيها بضيق حينما وجدته في المنزل يجلس ويضع بعض الملفات امامه ويعمل.. لم تلقي تحية السلام وهي تسير تجاه الغرفة فيردعها صوته الهادئ:
- اين كنتِ؟
لم تعطيه اي جواب وتابعت سيرها ليهتف بحدة:
- آلاء.. سألتك سؤالًا فأجيبي عليه.

- في المدرسة.. اين قد اكون غير ذلك؟
اجابت بضيق ليقول:
- وبعد ذلك؟
- بعد ذلك ماذا؟

- مررت الى مدرستك في الساعة الرابعة عصرًا ولم اجدك.. اين ذهبتِ بعد المدرسة؟
تساءل بنفس الهدوء الخطير فقلبت عينيها بضجر وغمغمت:
- ذهبت برفقة صديقتي لتناول وجبة الغداء.

- وانا ماذا دوري هنا؟ طرطور ام ماذا؟ ام انك لا زلت لم تستوعبي بعد انك الآن متزوجة ولديك بيتًا مسؤولة عنه وان وضعك قد تغير.
هتف بصرامة ثم خفت حدة ملامحه وهو يرى الضيق يرتسم على ملامحها واستطرد:
- حسنًا.. الآن انا جائع يا زوجتي واريد ان اكل.. فماذا افعل؟

- لا اعلم.. بالنسبة الي انا اكلت وانت بإمكانك ان تطلب وتأكل.. ذلك يعود اليك.
القت كلماتها وسارت مبتعدة ليزمجر محمد بعصبية:
- ولماذا لم تطهي لي شيئًا؟

- اعتقد انني كنت في المدرسة والمنزل فارغ ولا يوجد به اي شيء.
دمدمت بتهكم فقال بغيظ:
- ولماذا لم تقولي لي؟

- لقد نسيت.
- اكتبي لي كل شيء تحتاجينه على ورقة واعطيها لي حتى احضر الاغراض غدًا.
هتفت بموافقتها على مضض ثم اغلقت الغرفة وتأكدت ان الباب موصد وجلست لتقضي ليلتها كليلة امس.. واستمر الحال بهما تراه في اليوم التالي وتعود بعد ان يعود من عمله الى المنزل لتجده غاضبًا وكأنه لا يعلم انها تعود مجبرة لأن ليس لديها مكانًا آخر تقطن به في الوقت الحالي حتى ينتهي هذا الشهر ومن ثم ستتطلق وترى ما هي حجة العائلة..
اغمضت عينيها تمد نفسها بالصبر وهو يوقفها مجددًا ليتساءل عن الطعام وترد عليه بنفس الجواب ليهتف بعصبية شديدة:
- هل انا متزوج لأطلب الطعام من الخارج.. اين الورقة التي طلبت منك ان تكتبي عليها نواقص المنزل؟ لا يعقل ان يبقى المنزل فارغ..

قالت بهدوء:
- ولكن انا لا اعرف.

حرّك يده على وجهه بعصبية شديدة وهدر:
- ما الذي لا تعرفينه بحق الله؟

تطلعت اليه ببراءة تواري مكرها واجابت:
- لا اعرف ما الذي يحتاجه البيت من اغراض.. هذه الأمور ليست من شأني!

قضم شفته السفلى بعنف شديد محاولًا ان يتمالك اعصابه حتى لا ينهض ويلقنها درسًا من دروسه.. تستفزه كثيرًا هذه القزمة وتنتقم منه ببرود شديد بينما هو يشتعل.. ويحترق... ببراءتها الكاذبة التي تأسره.. وهو بالكاد يتمالك نفسه كي لا ينهض ويغدقها بالقبلات لساعات طويلة ستنتهي بجرائم كثيرة.. هل هناك فتاة في السادسة والعشرين من عمرها ولا تعلم ما يحتاجه المنزل من اغراض! منذ يومين أتناول الطعام من الخارج وفي المنزل لا يوجد غير المياه في الثلاجة! هل هذا يُعقل؟!

- الصبر يا الله!
هتف بصوت عال ثم تابع محاولًا الهدوء قدر الإمكان:
- لماذا لم تقولي انك لا تعرفين؟ أيعقل انك لا تعلمي ماهي نواقص المنزل! اين الصعوبة بذلك بحق الله؟

- لا اعلم.. ربما انت تعلم اكثر مني بهذه الأشياء ... في منزل ابي لم اكن مسؤولة عن هذه الأمور.. كنت اساعد والدتي قليلًا في الطهي او اقوم بفعل الاشياء البسيطة ولكن ان ارى نواقص المنزل بالتأكيد لا! ماذا تظنني؟
تمتمت لتغيظه اكثر فأغمض عينيه ورغبة قوية تسيطر عليه ان يقوم بخنقها بيديه الإثنتين.. ومن بين اسنان تصطك ببعضها البعض من شدة الغيظ والغضب هدر:
- اغربي عن نظري حالًا!

كتمت إبتسامتها بصعوبة وهي تتوعده بالكثير.. لا زال لم يرى شيئًا بعد.. ستنتقم منه لا بد ريثما يتم الطلاق.. توقفت بجانب الغرفة ثم قالت:
- اطلب لي طعامًا انا ايضًا اذا اردت ان تطلب لك من الخارج لأنني لا زلت لم اكل بعد.

بعد ما يقارب الساعة جلست تأكل امامه دون ان تأبه بنظراته العصبية.. بدى لها واضحًا انه بصعوبة يحاول التحكم بنفسه ومع ذلك استمرت ببرودها.. ورغبت ان تفاقم من جنونه وهي تأمره بأخذ اغراضه من الغرفة قبل ان توصد الباب عليها لأنها ليست مضطرة ان تنهض مبكرًا بسببه..

*******************
لم يتغير بينهما الروتين على الرغم من مرور عدة ايام.. لا زالت تصر على العودة متأخرًا لتغضبه قدر الإمكان وتتعمد ان تهمل البيت اولًا لكي تثير جنونه.. وثانيًا كي يعلم انها لن تبقى دائمًا في منزله وستتخلص منه قريبًا لا سيما..
تتجاهل وجوده كثيرًا وكأنها تنفيه من حياتها.. وهو صدقًا تمالكه لعصبيته بدأت تنفلت من عقالها.. الى متى ستستمر بتجاهل وجوده في حياتها؟! ولكن اليوم لا بد انه سيجد حلًا.. لن يصمت طويلًا.. خاصةً ان بعد قليل سيأتون لزيارتهما اثنين من اصدقائه برفقة زوجاتهما..

جلس وسطهم والقيظ يتقد في عروقه بعد قولها انها لا تود الحمل الا بعد اربعة سنوات حينما تطرقت الى هذا الموضوع بحديثها مع المرأتين.. تقرر دون ان تسمع حتى رأيه او تفكر بوجوده بينهم.. كانت حربًا حقيقية تدور في ثناياه ما بين الصراخ عليها وهزها بعنف حتى تعود الى رشدها وتكف عما تفعله وما بين تركها تنتقم وتستمر بإنتقامها البارد بتجاهل وجوده واثارة غضبه.. لو ان الأمر فقط ينتهي بضربها له كان سيرتاح ولكن لا.. هو منذ بداية الطريق يكاد يستسلم.. التجاهل مؤلم.. والإنكار يفتت الصخر المًا..

حاول اتخاذ ما يحدث بروح رياضية وطمر كل انفعالاته الى ان يغادروا فقال بإبتسامة مرحة مزيفة حالما تساءلوا عن رأيه:
- لا انا سأمنحها سنتين فقط وبعد ذلك ستحمل بإذن الله.

لم تعلق على كلامه وصبّت تركيزها في ذراعه التي تضمها اليه.. قربه يوترها.. يثير تخفرها.. ببطء غير ملحوظ ابعدت يده عنها وتابعت بالأحاديث مع النساء قبل ان تشعر بالملل وتركز بالحديث مع الرجال.. لم تتوانى عن طرح رأيها بحديثهم عن قضية اللاجئين الذين يغيرون أقوالهم بالمقابلات والمشاكل التي تتسبب لهم خاصةً بوجود الأطفال..

- محمد زوجتك يجب ان تتعلم القانون.. دعها تعمل معنا فتفكيرها جميل وخطير ايضًا.
علّق احد اصدقائه فإبتسمت دون ان تنتبه الى الغضب الذي يستعر في اعماق زوجها:
- لا انا لا احب القانون.. هذا التخصص لمحمد وليس لي.

- دعوها بعيدة عن هذا المجال.. دون ان تتعلم محاماة لديها عقل جميل جدا ما شاء الله!
هتف بتهكم لتتعالى ضحكاتهم قبل ان يستأذنوا ويغادروا.. رافقهم محمد حتى الباب ثم عاد الى الصالة ليجدها تلملم الفوضى التي احدثوها وقال بحدة:
- ما الذي فعلتيه قبل قليل؟

- ماذا فعلت؟
تساءلت بحيرة وتعجب ليهدر بإكفهرار:
- كيف تتجرأين وتتحدثين معهم بهذه الراحة؟ انا سمحت لك بالجلوس مع صديقاي فقط لان زوجاتهما معهما وليس لأن يعجبني ان تجلس زوجتي مع اصدقائي وتتناقش وتتحدث بحرية كما تشاء.. هل رأيت احدهما تفوهت بحرف واحد غيرك انت؟ هل تدخلت احدهما؟

- حديثهما ممل.. ومواضيعهما فقط تدور حول الطبخ والتنظيف.. لا شيء آخر.
قالت بعدم إعجاب ليتذكر كلامها سريعًا عن الحمل فهتف بغيظ:
- وماذا عن كلامك حول الحمل بعد اربعة سنوات؟ من اين خرجتِ لي بهذا الموضوع؟

انكمشت حدقتاها بإستخفاف.. من يعتقد نفسه؟ أيظن انها ستستمر بعلاقتها معه بعد كل الذي فعله؟
- عذرًا! وكأنني اراك واثق من نفسك اكثر مما يجب.

- آلاء انا صامت حتى هذه اللحظة فقط لأنني اريدك ان تأخذي حقك ولكن للصبر حدود.
قال بجدية تامة فعقدت حاجبيها بإستنكار لتغييره الموضوع بكل سهولة.. لم تفضل الرد عليه فتركته وشأنه وتوجهت الى المطبخ لتقوم بترتيبه..
بعد ان انهت عملها دلفت الى الغرفة لتتسع عيناها بإجفال وهي تراه جالسًا على السرير يعمل..
هدرت الاء بخوف طمسته بنبرة المرتفعة:
- ماذا تفعل هنا؟ أخرج!

- لا.. لقد مللت من النوم في الصالة.. انا لم اتزوج كي اقضي الليالي نائمًا في الصالة!
قال ببرود فتمتمت بعصبية:
- نم في اامكان الذي يعجبك ولكن ليس في الغرفة.

- لا.. سأنام في الغرفة فقط.
قال وهو يرى الخوف في عينيها.. ولكن ما يحدث بينهما ليس منطقيًا.. اذا لم يضغط عليها اكثر وكما يجب لن تعود المياه الى مجاريها ابدًا..
- اذًا سأدع هذه الغرفة كلها لك وأنا سأنام في الصالة.

قال محمد بإصرار:
- وانتِ ايضًا لن تنامي في الصالة.. ستنامين هنا.. سكتُّ لك اكثر مما يجب على هذا الوضع واطمئني انا لن اقترب منك الا اذا انتِ طلبت ولكن...
استرسل بمكر مقصود ليحثها على البقاء قربه وزرع التحدي في روحها..
- ولكن اذا لم تكوني واثقة من نفسك لنبقى معًا في نفس المكان فذلك شيء آخر تمامًا.

وكما يبدو انه نجح في إثارة حنقها بكل سهولة لترضخ بروح عنيدة ومقاومة لكلامه وتسمح له بالبقاء في الغرفة..
حاول محمد استغلال وجودهما معًا فغمغم عسى ان تحن قليلًا وترأف بعذابه:
- الاء لقد مرّ ما يقارب الاسبوع وانت لا تمنحيني المجال للحديث اليك والجلوس معك.. امنحيني فرصة واحدة فقط لنتجاوز ما حدث.. الا أستحق فرصة يا الاء؟ دعيني أجرب وانت ايضًا جربي.. على الأقل دعيني انام في المكان التي تنامين به.

- تناول اغراضك وانزل لتنام على الأرض يا محمد.. فلدي دوام غدًا.
قالت بخشونة ونبرة امرة فبإنصياع نفذ طلبها وهو يتبرطم.. متى فقط سيشعر بقربها.. متى سينتهى هذا الجنون وتعود الى صدره لتتوسده بنعومتها ورقتها.. اشتاقها.. اشتاقها كثيرًا.. والشوق قاتل..
طيلة الليل وهو يتقلب يمينًا ويسارًا على رخام الأرض الباردة.. انفاسهما مشتركة على الأقل ولكن هذه الانفاس الناعمة تثير جنونه.. ولا تساعده البتة بالسيطرة على قلبه الذي يرغبها منذ سنوات طويلة ويتمنى وصلها..

شعرت آلاء به وبمكر نهضت عن الفراش لتنزع الروب التي كانت ترتديه وبخطوات بطيئة مثيرة سارت بالشورت القصير جدًا تجاه المطبخ بحجة انها جائعة!..
عيناه لم تتمهلا اطلاقًا بتأمل هذه الحورية الساحرة.. تتمشى بغنج امامه حافية القدمين.. والشورت القصير التي ترتديه يظهر له الكثير بسخاء مفرط.. هل تود إثارة جنونه اكثر مما هو مجنون ام ماذا تفعل هذه القزمة المغرية؟
صورتها أخذت تتكرر في عينيه لتؤرق له مضجعه وتزيد من عذابه..
بسرعةٍ تبعها ليضع الروب الذي نزعته على كتفيها ويهمس بخشونة محببة:
- الأرض باردة.. ضعي هذا الروب عليك حتى لا تمرضي!

----------------------
يتبع..
اعتذر جدًا عن التأخير..
سأعلن لكم عن موعد الفصل الحادي عشر بعد ان اعود باذن الله سالمة من السفر غدًا..

رأيكم بالفصل وتوقعاتكم؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
أسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:22 AM   #13

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الحادي عشر
في عينيكِ،
حيرة تتراقص
تأسرني وتستفزني..
في عينيكِ،
كلمات كالشذى
ودموع مترقرقة
تعبث بوتين قلبي
وتجعلني اسرح في خيالي..
لن اصف عينيك،
سأكتفي بوصف شفتيكِ..
واخبرك كم انا مسعورٌ لملمسها
وتذوق شذاها..
سأصف لك رسمتها
وكأنني فنانٌ في رسمكِ..
وسأكون مهندسًا
لرسم بقية تفاصيلك
باتقان مغرَم جاهل..

---------------------
جلست في حديقة المدرسة والأفكار تتلاطم في أروقة عقلها.. تزدحم داخله وتشوشه.. تود معرفة كيفية ايجاد الخطوة الاولى التي يجب ان تتخذها كي تنفصل عن محمد وتحقق مبتغاها بالطلاق..
ترنحت افكارها وإذبهلت حدقتاها وهي تسمع الصوت التي عشقته لسنوات طويلة يصل الى اذنيها.. كريم.. مستحيل! ما الذي أتى به اليها بعد زواجها؟

- السلام عليكم.. حمدًا لله على سلامتك.
تطلعت اليه مصدومة.. رباه صوته هرع الى قلبها ليطعنه بخشونة.. يا ليته لم يصدق الكلام الذي قيل عنها.. كانت الآن ستكون زوجته.. كانت ستكون له ولن يكون هذا حالها مع محمد.. تأوه قلبها ورغمًا عنها شقّ العتب طريقه الى عينيها ليغلفهما.. ها هو يقف امامها.. كما تمنت تمامًا.. كما ارادت.. كما حلمت.. ولكن بعد انتهاء كل شيء.. بعد انعدام الأمل وفوات الآوان!

بصعوبة سيطرت آلاء على مشاعرها وردت التحية بخفوت ليجلس امامها على احدى الطاولات الخشبية الموضوعة في الحديقة ويتساءل:
- كيف حالك وحال العراق؟ كيف هو الزواج.. اقصد ما هو حال حياتك الجديدة؟

سألها وعيناه تغترفان من ملامحها العذبة بحسرة.. صعب جدًا ان يسألها عن زواجها بغيره في حين كان يتمناها ان تكون زوجته منذ فترة طويلة..
الحسرة التي غشت عينيه هي نفسها غشت روحها لينطق فؤادها قبل شفتيها:
- كريم لماذا صدقتَ محمد؟ لماذا انسحبتَ بسرعة حينما قال انني مخطوبة؟ لقد كنت معك طيلة اليوم إما أكلمك عبر الهاتف وإما نخرج معًا.. فلماذا صدقت كلامه وبسهولة انسحبت وبعد ذلك عدت؟

باغته سؤالها.. لم يتوقع ان تسأله هذا السؤال وبهذه النبرة التي تفيض عتبًا وألمًا بعد زواجها؟ الا زالت تحن اليه كما هو يفعل؟ يقسم انها اذا انفصلت عن محمد لن يتردد مرتين بإعادتها اليه.. سيتزوجها ويسترد حقه بها..
للحظات طويلة فقط بقي ينظر اليها.. يتأمل الضياع والحزن الذي يصرخ بمقلتيها.. هي حزينة.. تتألم.. هو أكثر من يعرفها.. كانت اقرب الى قلبه من وتينه.. آه ما اصعب كلمة كانت! كانت ولم تعد!
همس اخيرًا:
- كان يجب ان أصدق لأن المعلومة وصلتني من فرد من افراد عائلتك.. لا يستطيع اي احد من عائلتك قول انك مخطوبة الا اذا كان واثقًا من كلامه.. لم يكن امامي اي مجال اخر عدا التصديق.. حتى انني حينما تحدثت اليك لم تبرري او تنفي.. فقط انسحبتِ بسرعة فكان يجب ان أصدق يا آلاء.. لماذا تسألين الآن يا آلاء؟ اليس هذا السؤال اتى متأخرًا؟

- لا دعك من هذا الكلام وتابع كلامك.
ردت وهي تعلم انه محق.. لو سألته قبلًا.. على الأقل قبل ان تصبح امرأة لمحمد.. ولكن رغبتها بالإنتقام منه سيطرت على تفكيرها..
علّق كريم بحيرة:
- أتابع ماذا؟

بالكاد تحكمت بقهرها وهي تسأله بهدوء قدر المستطاع:
- لماذا عدت؟ الم ترتبط بفتاة غيري وتبدأ بحياة جديدة؟

بصدق اجابها كريم:
- انا لم ابدأ بأي شيء يا الاء.. حاولت فقط ان استمر بحياتي بعد ان تلقيت اكبر صدمة قد أتلقاها يومًا بالإنسانة الوحيدة التي احببتها لأربع سنوات.. بالإنسانة التي غيرتني للأفضل وجعلت مفاهيمي المعقدة تتغير لأجلها.. كل ذلك كان كذبًا وفي النهاية اكتشفت ان لا يوجد شيء اسمه حب! ادركت انك كنتِ كالبالون الذي بقيت أنفخ به حتى انفجر بوجهي.. اعتذر منك على التشبيه ولكن هذا هو الواقع الذي شعرت به حينما اكتشفت انك كنتِ تخدعيني.. وانك لستِ الا مجرد كذبة كانت بحياتي لسنوات.

افعوعمت الغصة في حلقه وهو يعود بذاكرته الى تلك المعاناة التي قضاها قبلًا وتابع:
- امي بحثت لي عن فتاة اخطبها ووافقت.. في ذلك الوقت لم يكن يهمني اي شيء.. قريبة امي او غيرها لا يهم.. كانت الفتاة مؤدبة ولطيفة وايضًا تعمل في نفس مجالي.. كانت طبيبة اسنان.. وافقت لأتخلص من اصرار والدتي على الزواج.. حاولت ان اتابع حياتي.. أصبحت امثل انني نسيتك وان كل ما بيننا قد انتهى وان هذه هي الحياة ستستمر ولكن... ولكن حينما رأيتك في الحفل شعرت ان الدنيا توقفت.. عدت الى رشدي وكأنني كنت مسافرًا واليوم عدت.. وكأننا لم ننفصل عن بعضنا البعض ولا يوجد اي مشكلة بيننا.

تلهفت اذنيها لسماع المزيد.. كانت بحاجة ان تعلم بالذي حدث وما هو شعوره.. وصدقًا لا تعلم ما هو السبب.. فقط تود ان تسمع وتعرف..
اومأت برأسها تحثه على الإسترسال ففعل:
- تمنيت ان اتي للسلام عليك ونتفق حتى نخرج معًا ونستمر بعلاقتنا وكأن لم يحدث شيئًا بيننا.. نسيت كل شيء.. كان شعوري تمامًا كأنني مسافر وعدت من السفر مشتاقًا لحبيبتي واود ان اسألها عن حالها وماذا فعلت بغيابي وأخبرها انها تغيرت.

رفع رأسه وصب كل تركيزه على عينيها وهو يشير بأصبعه الى وجهها بينما يقول بثقة:
- انا واثق لو انني لم اكن موجودًا في الحفل ما كنتِ ستوافقين على طلب محمد الزواج منكِ.. وانتِ وافقتِ وامامي كي تنتقمي لكرامتك.. رددتِ الضربة لي وبجدارة ايضًا.. رغم كوني اعلم انني استحق انتقامك الا ان شعور اناني تولد بداخلي انك ملكي.. ممنوع ان يأخذك احد مني.. ويجب ان تعودي الي مهما كلفني الثمن!

- تعيدني اليك بالأذى والكذب؟ وانت تعلم ماذا اقصد.
هتفت الاء وهي تتأمله بحاجب مرفوع فقال كريم وهو يتطلع اليها ليستنبط الحسرة في مقلتيها المقهورتين اللتين لم تنسياه بعد:
- في الحب والحرب كل شيء مباح لكسب المعارك.. لا يوجد شيء اسمه قانون.. وانا كنت متأكدًا انه لن يؤذيك بما انك في منزل اهلك ولا بد انه سيتركك.. بالإضافة الى ذلك، كنت واثقًا انك لا تحبيه لأن في يوم حفل الخطوبة رأيت عينيك بوميضهما الساحر تلاحقني.. كان لدي املًا انه حينما يتركك ستعودين الي بكل سهولة لأنني احفظك اكثر مما انت تحفظين نفسك.. ولكن عندما رأيتك بعد الخطوبة ادركت ان كل ما بيننا قد انتهى.. وكلامك اثبت لي هذا الشيء.. ولكن بوسعنا ان نبقى اصدقاء، اليس كذلك؟

ضحكت بقهر ساخر:
- ومنذ متى نحن اصدقاء؟! انت تعلم جيدا اننا محال ان نكون صديقين.

- اعلم ذلك ولكن يجب ان نجرب.. واكبر دليل لكلامي هو انني اريدك ان تبحثي لي عن عروس بنفسك واريدها طيبة القلب مثلك وتحمل الكثير من صفاتك لتتمكن من تحملي.
قال كريم بعبث يخفي به رغبته الحقيقية بكونه يريدها هي دون غيرها.. كلامه اعاد لها صوابها.. ما الذي تفعله بحق الله بجلوسها معه؟ حتى لو كانت تكره محمد وتود الإنفصاله عنه ممنوع ان تجلس برفقة حبيبها السابق..
بحركة سريعة متوترة نهضت واستأذنت بحجة انها يجب ان تعود للصف فإبتسم كريم وقال متعمدًا:
- مع السلامة.. ولكن لا تنسي العروس!

******************
استباح اللوم كيانها.. طوّقها العتب بشرنقة فتاكة.. ما الذي فعلته بحق الله؟ رباه لو عرف محمد! مجرد التفكير زرع الذعر الذي لا يطاق في قلبها.. هي امرأة متزوجة.. لم تعد تلك الحرة الطليقة..
قضمت شفتها السفلى بعنف من شدة التوتر لتبعث لمحمد رسالة تطالبه بعدم المجيء الى المدرسة لأنها عادت الى الشقة..
اجل هي تريد الانتقام من محمد ولكن ليس بهذا الأسلوب الدنيء.. اللوم كله يقع عليه.. هو الذي أوصلها الى هذا الحال.. الخيانة ليست من اطباعها.. ولكن هو من اعاد فتح مذكرات حبها القديم لتلهو كلماته بعقلها وتجذبه اليها كالمغناطيس..

تخشى ان يخبر كريم محمد عن مجيئه الى مدرستها.. تكفيها مصائبها الحالية ومحمد اذا عرغ فلا شك انه لن يطلقها كي لا تعود الى كريم.. كرهتهما.. كرهت الدنيا كلها.. كانت بأفضل حال قبلًا.. فما الذي اوقعها بمصيدة العشق؟
كانت تعلم انه في طريقه الى المنزل.. هل تخبره بنفسها قبل ان يعرف من كريم ام تصمت وتتجاهل الأمر كله؟

إتخذت قرارها اخيرًا لتقف بجانب النافذة الزجاجية لتعلم متى سيأتي ومجرد ان لمحت سيارته جلست على الأريكة وضمت ساقيها الى صدرها بوضعية حزينة جدًا.. ثم بدأت تجبر عقلها على تذكر الظروف الحزينة التي تعرضت لها مؤخرًا واشياء اشتاقت لها كثيرًا لتنساب دموعها تلقائيًا.. وصدقًا شكرت دموعها الغالية التي تستجيب لأوامرها بكل سهولة..

دلف محمد الى الشقة ليتفاجأ بها جالسة على الأريكة تبكي! إنقبض قلبه بقوة ليهرع اليها بسرعة وبجلس قبالتها متسائلًا:
- ما الذي حدث؟ لماذا تبكين؟ هل اذاك احد؟

- لا ولكنني اريد الذهاب الى منزل اهلي.. لقد اشتقت اليهم.
قالت بنبرة بريئة تخفي مكرها ليهتف محمد بتعجب:
- منزل اهلك! هل انت مشتاقة اليهم أم انني فعلت شيئًا جعلك تشعرين بالضيق فأردتِ الذهاب اليهم؟

- لا، فقط لأنني مشتاقة اليهم.. هذه هي المرة الأولى التي ابتعد عنهم كل هذه المدة.
اجابت بنبرة شجية كاذبة فتنهد محمد ثم قال براحة:
- حسنًا اذًا.. بعد قليل سنذهب اليهم ونعود مساءًا.. هل هناك شيء آخر؟

إزدردت ريقها وهي تتطلع الى خوفه الذي يحتل ملامحه ولهفته الشغوفة عليها فأنحت توترها جانبا.. ربما سيشفع لها مظهرها البريء المسكين التي اتقنت دوره فهزت رأسها وغمغمت:
- اجل، فعلت شيئًا لا يجب ان افعله.. اعلم انه خطأ الا انني يجب ان اخبرك.

تأملتها عيناه محاولًا اكتشاف طعم ملامحها ليعلم ماذا يدور برأس هذه القصيرة الخبيثة.. وقال:
- وما هو؟

- لقد أتى كريم الى المدرسة اليوم.
همست بتوجس وهي تترقب ملامحه بتركيز فهز رأسه لها لتتابع:
- وبارك لي وطلب مني ان ابحث له عن عروس.

- وماذا كان جوابك؟
تساءل محمد بهدوء لتقول:
- لم أجبه.. تركته وغادرت.

- وماذا هناك غير هذا الموضوع؟
قال ببرود لتتسع عينيها وتفغر فاهها دون تصديق فأضاف:
- ما الأمر؟

- الن تغضب وتذهب اليه لتضربه؟
تساءلت بتوجس وصدمتها برد فعله تسيطر عليها فهتف محمد بهدوء يناقض الغيرة التي اضطرمت في عروقه:
- ولماذا اغضب عليك انت؟ انتِ ليس لك اي علاقة.. هو من اتى الى المدرسة لا انت من ذهبت اليه! وهل تريدين ان اذهب واتشاجر معه وأضربه؟

- لا.
هزت رأسها نافية فقال بلطف:
- اذًا سأعتبر نفسي كأنني لم اسمع اي شيء.. حسنًا؟

اومأت وهي تشعر ان أنفاسها ستنقطع في اي لحظة.. هذا محال ان يكون محمد! هل يمثل عليها ويتقن دوره كما تتقن هي دورها ام ماذا؟ بالتأكيد يمثل عليها لكي تسامحه وبعد ذلك سيعود الى اطباعه القديمة الصعبة.. او انه سيذهب الى كريم ليضربه دون علمها..
لم يردع تدفق افكارها في مجرى عقلها سوى صوته فهزت رأسها تنفض كل هذه الأفكار بعيدًا..
- بما ان لا يوجد اي شيء اخر انهضي وغيري ثيابك حتى نخرج لشراء بعض الأغراض للشقة وفي نفس الوقت نذهب ونتناول الطعام في مكان ما لأنك بالتأكيد لم تطهي اي شيء كالمعتاد!

- حسنًا ولكن عليك ان تعلم انني لا زلت لم اسامحك.. فلا تنسى نفسك!
هتفت آلاء بتحذير ليستغفر الله قائلًا:
- استغفر الله! ماذا قلت انا؟ لم انسى نفسي واعلم انك لم تسامحيني فلا تقلقي.

******************
تنهد بتعب حينما دخل الى الغرفة ووجدها تتوسد السرير بملابس قصيرة مجددًا.. هو يحبها وهي تلعب على وتره الحساس بحرمانه منها والاكتفاء بالمشاهدة..
تسدل شعرها القصير حول وجهها فيغطي جانبيه بنعومة تخطف الأنفاس..
تأملتها حدقتاه وهي تدرس بتركيز شديد لدرجة انها لم تنتبه الى دخوله الغرفة فهتف بصوت خشن مرهق:
- هل ستبقين هكذا؟

رفعت رأسها اليه فيحتد فؤاده وثبًا من شدة شوقه لزرعها داخل صدره وتقبيل هذه الوجه الطفولي الساحر دون ملل لساعات طويلة جدًا..
رغب صدقًا ان يهفو اليها ليضربها عدة مرات حتى تكف عن تعذيبه وتصنع الغباء بجدارة..
- ماذا تعني؟ لم افهم!

اخذ نفسًا عميقًا ليتغلغل اريجها الى اعماق روحه ويقول:
- أعني البقاء بهذه الملابس.. الا تشعرين بالبرد؟

- لا، الغرفة دافئة.
ردت ببرود ثم تابعت:
- وهكذا افضل.. كلما خفت الملابس كلما دخلت المعلومات الى الدماغ بشكل اسرع.

تغاضى عن جوابها وقال بجدية:
- انا اود الحديث اليك.

- عن ماذا؟
- عنا وعن علاقتنا وكل الذي حدث بيننا!
هتف بحزم ليلتوي فؤاده وتترنح عزيمته وهو يرى الدموع تزمجر في مقلتيها رغبةً بالانهمار.. يعلم ان هذا الموضوع صعب جدا عليها.. لا داعي ليفكر كثيرًا حتى يدرك انها تحاول التناسي ولكن يجب ان يفتح هذا الموضوع معها والآن خاصةً..
فغمغم محمد برجاء جاد:
- آلاء ارجوك لا تنظري الي بهذه الطريقة.. اعلم انني اخطأت كثيرًا بحقك واعلم ان كلمة اسف لا تمحو ذنبي.. لا شيء يغفر ذنبي.. ولذلك فقط انا صامت.

زلف منها ثم جلس امامها لتمتد يده برفق الى ذقنها حتى يرفع وجهها التي اخفضته اليه وقال:
- انظري الي.. انا تلك الليلة لا اريد ان اتذكرها لأنني لم اكن بوعيي.. يا ليتك ابرحتني ضربًا حتى اعي على نفسي حينها وادرك ماذا افعل.

- وما هو المطلوب مني الآن؟
تمتمت آلاء متبرمة فقال:
- المطلوب ان تمنحيني فرصة حتى اقترب منك.. لا يعقل ان تستمري بصدي طيلة هذه الأيام.. وأعيد واكرر انا محال ان اقترب منك الا اذا انتِ طلبتِ مني هذا الشيء.. ولكن والله هذه ليس منطقيًا ان انام على الأرض او في الصالة.. ظهري يكاد ان يتحطم!

اشاحت بوجهها بعيدًا عنه وقالت:
- لا زال هناك وقتًا للحديث عن هذا الموضوع.

- لا زال هناك وقتًا لماذا يا الاء؟ لا زال هناك وقتًا لأعيش حياة طبيعية؟! كل الذي اطلبه منك ان نكون طبيعيين.. هل هذا الشيء صعب؟
هتف بنبرة هادئة الا انها منفعلة فهدرت:
- اجل، صعب لأنني الآن...
صمتت فتابع بدلًا عنها بمرارة:
- لماذا صمتِ؟ تابعي كلامك وقولي انك لا تحبيني.. قولي انك تشعرين بالقرف مني ولا تطيقيني.

- انا لم اقل ذلك.. كنت اريد القول انني لا اطيقك فقط.
دمدمت بضيق فإنفرجت أساريره ليسألها بعبث:
- هذا يعني انك لا زلتِ تحبينني؟
رشقته بنظرة حارقة فضحك بمرح وقال رافعًا يديه بإستسلام وهمي:
- حسنًا حسنًا.. سأدعك الآن تأخذين حقك مني اضعافًا حتى تخمد نيران قلبك.. لن اعترض ابدًا وكل يوم سأتي اليك واجلس هكذا اتحدث معك ريثما يهديك الله ويحنن قلبك علي.. اعلم انك عنيدة ورأسك يابس كالحجر ولكن لم اكن اعلم ان ايضًا قلبك قاسي الى هذا الحد.

احتدت نظراتها ليهتف سريعًا:
- اذًا يجب ان اقوم الآن كالأسد وأخذ فراشي لأنام على الارض، اليس كذلك؟

- كما تشاء.. بإمكانك ان تنام إما في الصالة او على الأرض.
غمغمت بلا مبالاة ليتشدق وهو ينهض ليأخذ وسادة ودثار حتى ينام على الارض:
- كريمة ما شاء الله! سأنهض لأنام على الأرض.. هذا افضل.

*********************
بعد مرور أسبوع..
جلست وسط عائلتها والحنين يملأ قلبها.. رغم حزنها منهم وعتبها عليهم الا انها اشتاقت اليهم.. منذ فترة طويلة لم ترى اهلها وهذه هي المرة الأولى التي تبتعد عنهم هكذا..
تحدثوا جميعهم عن احوالهم واخبارهم وسار كل شيء كما ودت ورغبت حتى اتت الصدمة التي صعقت أوداجها بسؤال والدتها وخالتها:
- متى تنويان ان تخططا لإنجاب طفلًا يؤنسنا ويؤنسكما؟

كلتاهما تعلمان انها تود الطلاق منه ومع ذلك تسألان عن شيء لا تريده!.. دون ان تأبه بإلقاء نظرة واحدة على محمد أجابت:
- لا زال هناك الكثير من الوقت للحديث عن هذا الموضوع.. على الأقل بعد ان انتهي من دراستي اي بعد أربع سنوات.

- محمد ما هو رأيك؟
تساءلت سميرة التي تثق بتربيتها وتعلم ان ابنها محال ان يرضى بكلام زوجته..
استدار محمد الذي كانَ يتحدث مع إيلام اليها وقال بإستفهام:
- رأيي بماذا؟ لم انتبه الى حديثكن.

- رأيك بمسألة انجاب طفلًا.. زوجتك تقول انها لا تفكر بذلك الا بعد انهاء دراستها اي بعد أربع سنوات.
اجابت لينظر محمد الى آلاء للحظات قليلة ثم ابتسم بإستهزاء وقال:
- من أين سيأتي الطفل ما دامت لا تسمح لي بالإقتراب منها؟ من الهواء مثلًا؟ والله هي تكون بمثابة اختي حينما نبقى لوحدنا.. لا احصل منها على اي شيء من حقوقي كزوج!

أطلقت سبابًا لاذعًا دون ان تخرجه من شفتيها.. اللعين.. ما الذي يود الوصول اليه بحق الله؟ تطلعت اليه بعينين هائجتين وهي تراه ينهض بإستفزاز ليحمل ويلاعب ابنة إيلام الذي علق ضاحكًا:
- مسيطرة ما شاء الله!

ضحك محمد بشماتة وهو يراها تسير خلف والدته وخالته اللتان امرتاها بغضبٍ ان تسير خلفهما وإكتفى هو بالرد على إيلام والإستمرار باللهو مع الصغيرة أليس..
قلبت آلاء عينيها بضجر حينما استهلت والدتها وخالتها بالتحقيق معها وتأنيبها دون ان تملا خاصةً حينما اخبرتهما ان محمد لا ينام بجانبها بل ينام في الصالة او على الأرض..
رباه كم وبختاها.. عدد الشتائم التي تحملتها منهما لا تُحصى وبصعوبة منعت ضحكاتها من الإنبلاج كي لا تنال قدرًا اكبر من التوبيخات..

هتفت آلاء بعد ان انتهت كلتاهما من تأنيبها وتحذيرها من عقاب الله عز وجل اذا زوجها نام وهو ليس راضيًا عنها ستلعنها الملائكة..
- انا عدت اليه بسببكم وليس لأسمع هذا الكلام واراكما تحلمان وتتأملان ان ننجب لكم الأطفال!

قالت سميرة بجدية:
- يجب ان تخافي على بيتك وزوجك يا ابنتي لأنك اذا لم تمنحيه حقوقه سيبحث في الخارج عن امرأة تلبي له احتياجاته.. لكل رجل يوجد احتياجات واذا زوجته لم تمنحها له لن يبقى مكتف الأيدي.. انا بنفسي اخبرك منذ الآن ان ابني محال ان يطلقك.. وفي النهاية انت هي التي ستتعذب لا احد غيرك لذلك تعوذي من الشيطان الرجيم وانتبهي الى منزلك وحافظي عليه لأنك ستكونين الخاسرة الوحيدة اذا لم تفكري مليُا وتجيدين التصرف.. فلا تغضبي زوجك يا ابنتي لأن ربنا لن يبارك لك.. هل تفهمين؟

- اجل كفى.. لقد فهمت.
تمتمت بضيق شديد.. هذا ما ينقصها صدقًا.. كلام والدتها وخالتها! خرجت ورائهما لتكفهر ملامحها وهي ترى الإبتسامة الشامتة التي لم تبرح ثغر محمد..
رشقته بصوان غضبها.. ليحلم فقط ان يؤثر بها كلامهما.. لن يحصل منها على اي شيء.. فقط في احلامه ان تسمح له بالإقتراب منها..

غادروا جميعم بعد ان وشمت سميرة كلماتها في عقل ابنها وقامت بتوصية كنتها بالأخبار الجميلة..
استدارت الاء اليه بعصبية شديدة وصاحت:
- كيف تقول هذا الكلام امامهم؟

تطلع اليها ببرود وابتسم بإستهزاء:
- انا لم اقل اي شيء.. الم تقحميهم بنفسك بمشاكلنا؟ اذًا دعيهم يتدخلون حتى تنتهي هذه المشكلة وتحملي نتيجة افعالك.

تركته لوحده دون ان تعلق وتوجهت لترتيب الشقة وتنظيفها.. تكاد تنهار فعلًا.. تشعر انها محاطة بقوقعة ليس لها مخرجًا.. يطمس انفاسها داخل صدرها ضغط والدتها وخالتها على تفكيرها.. هي تريد الطلاق وجميعهم يريدون ان تستمر بزواجها به.. وكأن كل ما حدث سهلًا بالنسبة اليهم.. لماذا لا يفهمون بحق الله انها لا تريده؟ لماذا يضغطون عليها بغرزهم مسننات ضارسة في قلبها؟ لماذا يا الله!

دلفت الى الغرفة معتقدة انه قد غادر الشقة بما انها لم تجده في الصالة بعد خروجها من الحمام..
فإتسعت عيناها بذعر وتسمرت مكانها وهي تراه يحتل السرير الذي يتوسط الغرفة وزمجرت:
- ماذا تفعل هنا؟

- كما ترين نائم بمكاني.. اين الخطأ بذلك؟
اجابها دون ان يرفع عينيه عن هاتفه الذي يتصفح به البرامج ومواقع التواصل الاجتماعية ثم أضاف بعد ان أحس انها تكاد ان تتخشب على الأرض تحتها:
- ولا تقلقي.. انا لن اقترب منك.

تعمدت ان تضع مرطب الجسم امام عيناه التي تراقبها رغم تصنعه النوم.. ثم رشّت القليل من عطرها لترى الى متى سيتحمل البقاء بجوارها.. تريده ان يترك الغرفة بنفسه مستسلمًا تمامًا.. ليتحمل اذًا بما انه يريد النوم بجوارها..
توسدت السرير بجانبه ثم التقطت هاتفها لتحادث صديقاتها دون اي اهمية لذلك الذي يجاهد لكي ينام ويتغلب على سحر تلك الفاتنة التي تتعمد ان تعاقبه بأقسى طريقة..

ابتسمت رغمًا عنها حينما وثب عن السرير وخرج من الغرفة ليدخن قليلًا ثم عاد اليها ليجدها لا تزال تضحك وهي تراسل صديقاتها..
إستلقى على السرير وقال بغيظ:
- هل انتهيت من ضحكك هذا؟ هل يوجد عروس تزوجت حديثًا تتحدث بهاتفها مع صديقاتها حتى هذا الوقت المتأخر! ماذا سيقولن الآن عنا؟

لم ترد عليه فهدر بإحتدام:
- لا تديري ظهرك لي.. وهيّا نامي.

استمرت بتجاهلها له ثم سرعان ما خفق قلبها بعنف حالما ادارها اليه بخشونة وجذبها لتصبح بحركة غير مرئية تحته وهو فوقها..
إرتعشت يدها المتكئة على صدره الصلب وهي تسمعه يتساءل بنبرة عصبية:
- لماذا تعانديني ولا تسمعين الكلام؟

هذا القرب المميت يذعرها.. ونظراته التي تسير على ملامحها وتتركز على شفتيها الممتلئتين وعنقها المغري اثارت رعبها.. لا لا! هل سيعيد الذي فعله بها ليلة الزفاف مرة اخرى؟.. فكرت بخوف حقيقي.. لا يا الله.. ستموت تحت يده ولن يسعفها اي احد.. لن تنجو ابدًا هذه المرة..
مرر اصابعه على ذراعها بلسمات شغوفة اقشعرت اوصالها رعبًا.. عيناه الخضراوان تنتهكان ملامحها بتوق وكأنه يلمسها بشفتيه.. لأول مرة تشعر ان العيون تكاد تلمس..
أحست بملوحة مريرة تتكدس في حلقها وهي تغمغم بصوت مخنوق:
- لقد وعدتني.. انت وعدتني ان لا تقترب مني الا بإرادتي.

رباه نبرة صوتها المكتومة.. إحمرار وجهها.. وإرتجاف شفتيها يتوسلوه ان يدنو منها.. ان لا يدعها وشأنها الا بعد ان يبثها غرامه لساعات طويلة.. كيف يتمالك نفسه وهي لا تتوانى بإغراءه بجمال جسدها الغض وبزيادة لهيب شوقه اليها.. كيف سيفعل بحق الله؟ يود ان يشعر بها ملكه مجددًا.. يريدها ان تمنحه قلبها لتنتمي اليه وتطرب اذنيه بهمساتها الناعمة بأسمه..
تفرست حدقتاه النظر بها لثوان طويلة ثم همس بصوت ثقيل قبل ان يحررها ويستدير الى الجهة الثانية:
- اذًا اسمعي الكلام ونامي.

*****************
منذ الصباح والدهشة تسيطر على كيانها كله.. تصرفات محمد بدت غريبة جدًا اليوم.. تختلف عن سوابقها ليراودها الشك.. هناك شيء حدث لا بد.. استيقظ نشيطًا مرحًا والأدهى انه قبّلها على خدها بعد فترة طويلة لم يلمسها خلالها! ومنحها بطاقة الائتمان خاصته لتشتري ما تشاء وفعلت.. اشترت الكثير حتى كاد ينتهي المال المتوفر في بطاقته الخاصة.. وبعد ان غادروا الضيوف نظف بدلًا عنها لأنها متعبة..

تخشى ان تحسده.. يبدو كالملاك اليوم غير ما هي معتادة عليه.. محال ان يكون هذا محمد..
إستحمت وخرجت ليجذبها شكله.. مهما انكرت الا ان محمد وسيم.. وسيم جدًا.. سيجارته مندسة بين أصبعيه وملفات كثيرة مبعثرة حوله على الطاولة يدرسها ويكتب بأصابع طويلة على حاسبته الخاصة وكأنه يدرس قضية ما..
تلقائيًا سألته دون تفكير:
- هل انت دائمًا هكذا؟
تطلع اليها بإستفهام لتوضح:
- يعني منذ الصباح تذهب الى العمل وتعود لتأكل وبعد ذلك تكمل بقية اعمالك في المنزل ومن ثم تنام.. لا يوجد شيء اخر تفعله في حياتك غير العمل والنوم! منذ ما يقارب الأسبوعين وانا اقطن معك في نفس المنزل ومع ذلك نظامك هذا مستمر.

إبتسم بلطف ثم اجابها:
- لا ولكن هذه الفترة انا مضغوط قليلًا لأنني كنت مسافرًا ولذلك اضطررت ان اتابع عملي في المنزل.. ولكن حينما انتهي سأعود كما كنت.. لن اعمل في المنزل مجددًا.
ثم استطرد:
- هل بإمكانني ان اسألك سؤالا؟

اومأت برأسها موافقة:
- اجل، تفضل.

- هل ترتدين شيئًا تحت الروب ام ان لا يوجد اي شيء تحته؟
تساءل محمد وهو يتأمل ما ترتديه.. روب اسود قصير بالكاد يصل الى منتصف فخذها.. وملمسه كالحرير يجعله يتوق لإزالته بنفسه حتى يرى ما يوجد اسفله بنفسه..
إرتفع حاجبها الأيسر وأجابت بنعومة قصدتها:
- لا.. لا يوجد الا بعض القطع الخفيفة!

- هذا غريب.. لم تقولي انني قليل ادب ووقح!
قال بتعجب لتغمغم:
- انت سألت مجرد سؤال وانا أجبت.. على اي حال سأدعك الآن تتابع عملك وسأدخل الى الغرفة.

اوقفها صوته قبل ان تتابع طريقها الى الغرفة:
- آلاء سأطلب منك طلبًا.. رجاءًا لا ترتدي شورتًا!

تصنعت عدم الفهم وغمغمت:
- لماذا؟ انا ارتاح به.

- انت ترتاحين به وانا أتمزق داخليًا واعاني.. ارتدي اي شيء آخر عدا الشورت.. لسلامتك انا اتحدث لا لشيء اخر.
قال بنبرة تشي معاناته فهزت رأسها ثم ولجت الى الغرفة لترتدي قميص نوم! هو طلب منها ان لا ترتدي اي شورت ولكنه لم يقل قميص نوم!
بعد نصف ساعة دلف الى الغرفة ليتسمر مكانه ويتعالى صدى خفقات قلبه من الحورية التي تجلس امامه.. ترتدي قميص نوم اسود اللون يفضح اكثر مما يستر.. أهي دعوة صريحة ليهفو اليها ويبثها غرامه وشوقه ام انها لا زالت مستمرة بإنتقامها القاسي حد الجحيم منه..
لدقائق طويلة لم يطاوعه قلبه ويسمح لعينيه بالإبتعاد عن ما هو حلاله.. بقي يتأملها.. يتنشق من عبق خمرها دون ان يرتوي من مرارته اللاذعة.. ثم اخيرًا تساءل بصوت خشن منفعل المشاعر:
- ماذا تفعلين؟

ببراءة طلبت منه ان يقترب منها حتى يدرسها لإمتحان الغد ففعل وهو بالكاد يتمالك نفسه.. بإستمتاع شديد شاهدت كيف ترتسم مشاعره الهائجة على وجهه كصفحة مقروءة بدت لها..
أغلق الكتاب بحركة عنيفة بعد ان سألها اذ كان فهمت على شرحه واجابت بالنفي..
قال محمد بصدق:
- وانا ايضًا لا افهم اي شيء.. ولم اعد استطيع التركيز لأشرح لك.

- اليس من المفترض انك درستَ هذا الموضوع سابقًا؟
تمتمت بغباء لم تفلح به بإتقانه وهو يهدر:
- الاء كفى غباءًا.. اخبرك ان لا ترتدي شورت فتذهبي لترتدي قميص نوم! انتِ بهذه الطريقة تمنحيني اشارة لأفهم ان الحصار قد انفك عني وبإمكانني التصرف كما اشاء.

- انت منعتني من ارتداء الشورت مع انك تعلم انني لا استطيع الدراسة الا بملابس خفيفة ولذلك فقط ارتديت قميص نوم فلذلك اللوم يقع عليك انت.. انا هذه هي نظريتي في الدراسة واحب ان اطبقها.
قال متبرطمة ليضع الكتاب جانبًا ويقترب منها الى حد خطير بينما يهمس بمشاعر شفافة:
- الا يكفي ذلك حبيبتي؟

رفعت يديها محاولة ان تردعه عن الإقتراب منها اكثر وهي تغمغم:
- محمد لقد طلبت منك ان تدرسني لا ان نفتح مواضيع ثانية.

سيّجت يداه خصرها ليحاصرها بجسده ويقرّبها اليه اكثر.. كما يرغب تمامًا ان تكون.. وكأنه يريدها ان تكون داخل عظامه..
قال بتيه وهو يتأملها بشغف:
- والله حبيبتي انا الذي احتاج من يدرسني لا انت.. لا تعبثي معي هكذا لأنني بالكاد اتمالك نفسي.. كيف تريدين مني التحمل حينما ادخل الى الغرفة واجدك بهذا الجمال الذي شلّ حواسي وافكاري.. انا مشتاق اليك حبيبتي.. اريد البدء معك كما يجب مرة اخرى دون مشاكل.

سمحت له ان يقترب كما يشاء منها وهي تسمعه يسترسل بنبرة تلين الصخر من شدة عذوبتها:
- انا احبك.. اعشقك.. صعب جدا علي ان ارى الفتاة التي اعشقها واتمناها منذ سنوات طويلة امامي وحلالي دون ان اتمكن من لمسها والتعبير عن حبي وشوقي لها.. دون ان اتمكن من فعل اي شيء غير النظر والتحسر مع انني بإمكانني ان افعل في الخارج كل ما ارغب به.. ولكن انا غيرك لا اريد ولا يعجبني.

استرسل وشوقه تنطق به عيناه قبل ثغره:
- انا مشتاق اليك حبيبتي.. اشتقت الى حضنك ومذاق...
وضع أصبعه على شفتيها وتابع بالفعل وهو ينحني لتتلكأ كلماته بالقرب من شفتيها المنفجرتين اللاهثتين:
- دعيني معشوقتي ارتوي منك.

قبّلها وهو لا يصدق انه اخيرًا عاد ليتذوق طعم النعيم.. شفتيها كالسلسبيل.. كالشهد يأخذه الى عالم آخر يجعله هائم بخيوطها اكثر واكثر.. وكأن مياه البحر تطفو به في الهواء الطليق..
شعر بها تتشنج بين ذراعيه ومع ذلك لم يبتعد.. لم يستطع.. كيف يعود الى الهلاك بقدميه؟ كيف يدعها وشأنها ويحررها من ذراعيه..
همس محمد لها مطمئنًا:
- لا تخافي حبيبتي.. لن اؤذيك.

غزت شفتاه ثغرها مرة اخرى.. بنعومة جعلتها تتقبله رغمًا عنها.. لم تشعر بالخوف منه.. لا لم تفعل وكرهت نفسها لذلك.. ارتعبت من فكرة انها قد تتجاوب معه في عاطفته الجياشة فإبتعدت سريعًا عنه وقالت بتعثر:
- اسفة! لا استطيع..

إبتعد عنها ليسير ذهابا وايابًا بغضب شديد وهو يشتم ويلعن نفسه وجملة واحدة تتردد كل عدة ثوان على لسانه قبل ان يخرج من الشقة بأكملها:
- تبًا تبًا.. انا السبب.. انا السبب..

--------------------
يتبع..

رأيكم بالفصل؟
وتوقعاتكم؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
اسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:23 AM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثاني عشر ( الجزء الاول )

يزخرف عشقي لك
قلبي بالأمل والوعد..
يكتب لك بحبر الحب
السرمدي على العهد..
همساتك تتدحرج الى
روحي كقساوة الغمد..
تتعلق بجدران صدري
وتتسبب له بالحشد..
لمسة منك تطفو فوق
الجرح وتحذفه كالرعد..
الحروف تخرج من ثغري
متلذذة بأسمك كالشهد..
وحواسي كلها تتقصى عن
عطرك وتشتهيه كالورد..

----------------------
لقد مرّ ما يقارب الشهرين منذ تلك الليلة المشؤومة.. تغيرت كثيرًا وهو ايضًا كذلك الأمر تغير كثيرًا لدرجة انها لم تعد تعرف كيف تتعامل معه..
منذ تلك الليلة التي ابتعدت به عنها بقولها "لا استطيع" تغير تغييرًا جذريًا.. في الواقع هي توقفت عن ارتداء الملابس المغرية بنظرها دون ان تدري انها بكل حالاتها تبدو ساحرة جذابة بنظره.. هذه الجميلة حلاله ومع ذلك يقاوم الاقتراب منها حتى لا يؤذيها.. يريدها ان تنسى.. ان تغفر.. وينتظر بصبرٍ عجيب ان ترحمه..

كان كل ليلة يحضر لها الورود بألوانها المختلفة حتى كادت ان تفكر بإفتتاح متجرًا للورود من كثرة الورود التي احضرها لها.. الاغاني التي كان يرسلها اليها كل يوم تقريبًا كان تحنن قلبها عليه وبعد ذلك تتماسك وتؤنب نفسها لأنها لا زالت لم تنتقم منه بعد..
لم تكن تدري ان اكبر انتقام بالنسبة اليه هو سماحها له النوم بجوارها دون ان يلمسها خشيةً ان تنهار.. عقابها كان قاسيًا بحق ان يراها بين متناول يديه دون ان يتمكن من الغوص في دوامة سحرها..

عذابه بدى كعشقه سرمدي لا نهاية له.. طويل الأمد.. كالمعجون يلهوان به.. انامل عشقه لها تلهو بقلبه ليرضخ لعقابها بروح صبورة مرهقة..
الشوق بلغ منتهاه بروحه.. والشغف اليها يكويه.. يحرقه.. رباه في حياته كلها لم يتوقع ان الحال سيصل به الى ما هو عليه الآن.. لأول مرة يدرك ان لا قويًا في الحب.. الحب هو الوالي والمسيطر الوحيد.. اعتى الرجال تكون اضعفها حينما تحب.. وهو ضعيف.. ضعيف جدًا صار بسبب سلطان حبه..
تطلع محمد حوله برضى.. لقد عاد مبكرًا من عمله على امل ان يرأف قلبها بحاله وتسامحه.. اليوم يجب ان تغفر له ليستأنفان حياتهما الزوجية كما يجب..

ولجت آلاء الى الشقة واليقين يملأ قلبها بكون محمد في عمله.. ولكن رائحة الشقة الرائعة جعلت قدميها رغمًا عنها تسيران بها الى الصالة لتجد محمد جالسًا على احدى الأرائك بقميص ابيض اللون وسروال اسود يتطلع اليها بعينين متلهفتين مترقبتين..
بدى وسيمًا جدًا وهو يحتل مقعده بيما يضع ساق على أخرى وكلمات الغزل والرجاء تنهمر من عينيه دون ان ينطق بحرف..

إزداد ضجيج قلبها وعيناها تتجولان حولها بذهول.. الشموع والورود تحتل كل مكان.. والبالونات الحمراء والبيضاء تلامس سقف الصالة بحرية وكأنها تتمنى ان ينأى جانبًا قليلًا لتنطلق الى عنان السماء.. نزلت بحدقتيها لتنظر الى طاولة الطعام بأطباقها الشهية التي أعدها بنفسه ووسط هذه الأطباق قالبًا من الكعكة على شكل قلب تتوسطه كلمة "سامحيني"..
رغمًا عنها تأثرت.. الكلمات هجرت ثغرها والدموع بتأثر شديد تلألأت في مقلتيها.. هل كل هذا لها؟! فقط لتغفر له!

- محمد!!!
نطقت حروف اسمه بتعثر.. بصعوبة شديدة.. لينهض سريعًا ويقترب منها ثم يتناول يدها ويضعها بين راحتيه الاثنتين ويهمس بصدق:
- لقد فكرت كثيرًا.. وحاولت كثيرًا وسأبقى احاول اكثر وأفعل اكثر لتغفري لي ذنبي الشنيع بحقك وحقي انا ايضًا.. لن اقول الكثير ولكن اريدك ان تعرفي انني احبك كما لم اتوقع ان أحب يومًا.. كنت أعلم انني اعشقك ولكن ليس الى هذا الحد ابدًا...

التقط علبة كبيرة بيضاء اللون لم تنتبه اليها ووضعها بين يديها واستأنف:
- اذا كان في قلبك ولو ذرة واحدة تنوي سماحي ارتدي ما يوجد في هذه العلبة.. واذا لا زلتِ تريدين المزيد من الوقت لتغفري فلا ترتدي ما يوجد داخلها.. ولكن ارجوكِ اطلقي العنان لمشاعرك وفكري بقلبي الموجوع.

اومأت كالمغيبة.. اللون الخريفي في عينيه سحرها.. أهو اخضر ام اصفر؟ لا تعلم صدقًا ولكن اكثر ما يعجبها به هو غرابة عينيه.. مزيج غريب.. هاتان العينان في اعماقهما يختلط كل شيء.. وقاحته.. سعادته.. عشقه.. غضبه.. حزنه.. مزيج غريب هذا الإنسان..

انسحبت ببطء لتدلف الى الغرفة.. بقلب خافقٍ بوجلٍ فتحت العلبة لترتجف شفتاها وهي ترى قميص نوم ابيض اللون كانت يجب ان ترتديه له ليلة زفافهما.. أيريد ان يعوضها عن ليلة زفافهما السابقة؟ لا تعلم.. محتارة.. مترددة.. هل تمنحه وتمنح نفسها فرصة اخرى ام ترفض؟ هو يعشقها لا تنكر.. ولكنه اذاها كثيرًا.. محمد حينما يغضب ويتألم ويغار يتحول الى انسان آخر تمامًا.. وكأن التعقل ينقرض من كوكب عقله لتتحكم القسوة به..

جلست على السرير تتأمل الفستان الذي بين يديها وتفكر.. وفي كل لحظة تمر يكاد محمد ان يفقد عقله لمعرفة قرارها.. يتمنى ان توافق.. يرجو الله ان تفعل..
تأخرت كثيرًا.. اكثر مما يتحمل.. فبتوتر عصبي كاد ان يدخل اليها ولكنه شعر وكأن تم نحته كتمثال ابدي وهو يراها تخرج من الغرفة كما تمنى واكثر.. كالملاك تتزين له بالأبيض.. ها هي عروسته الحبيبة تسير نحوه والتردد والتوجس يملئان ملامحها..
توسلتها ثناياه بالإقتراب..
"اقتربي حبيبتي.. اقتربي ولا تترددي"

إقترب منها لتقف مكانها دون حركة فإبتسم مطمئنًا ثم جذبها الى حضنه وغمغم بهيام وهو يمرر يده بين خصلات شعرها الناعمة:
- اعدك حبيبتي انك لن تندمي.. دعيني أعوضك كما تستحقين.. دعيني أعشقك!

رفعت وجهها تتطلع اليه ورأى بوضوح رغبتها بالهروب ترتسم في عينيها.. كانت خائفة.. جامدة دون ان تتمكن من الابتسام حتى بين ذراعيه وكأنها ندمت على استعجالها بقرارها..
- لا تخافي مني.
همس بلطفٍ ثم بخفة جذبها الى اريكة قريبة وأجلسها بجانبه دون ان يحرر يديها..
- هل غفرتِ لي وقرر قلبك العفو عني والرأفة بحالي؟

تطلعت الى عينيه الدافئتين واجابت:
- شعرت انك تستحق فرصة ثانية.

ضحك محمد بعبث وهو يقول:
- أهذا يعني ان اغرائك لي بتلك الملابس لن يكون بعد الآن كعقاب؟

- انا لم اكن افعل! انا بريئة من اتهامك هذا.
تمتمت بغيظ فقال ضاحكًا:
- صحيح.. انا كنت اغري نفسي.. ليسامحني الله على قسوة قلبي!

- محمد!
أنبته بضيقٍ قبل ان تقول:
- انا جائعة.. لنأكل ونرى مذاق الطعام الذي طهوته.

- وانا ظمآن اليك.
همس لتحاول الإبتعاد عنه وتهتف بإرتباك:
- لنأكل الآن.. معدتي تؤلمني من شدة الجوع.

- ستأكلين حبيبتي ولكن ليس الآن.
قال ضاحكًا لتتوتر اكثر وتبتعد عنه قدر الامكان بينما تهتف بعصبية:
- بل الآن.

تفهم خوفها فقال بمرح:
- اقتربي مني.. اين تهربين هكذا؟ هناك سر يجب ان اقوله لك ولا يجب ان يسمعنا احد.

تطلعت حولها بإستغراب وعلقت:
- ولكن لا يوجد احد غيرنا بالشقة!

إقترب منها لتتراجع عدة خطوات الى الخلف.. عيناه تقطعان وعدًا لا رجوع به بعدم تركها.. اليوم ستكون له..
اطلقت شهقة مذعورة حينما صارت بحركة غير مرئية اسيرة ذراعيه التي رفعتها عن الارض.. تخبطت بتوتر شديد بين يديه فوضعها على السرير برفق بينما يهمس لها بحنو:
- لا تخافي حبيبتي.. لن اؤذيك.

تفرقت قبلاته على وجهها لتحاول منعه فيهدئها بكلمات مطمئنة حانية.. لمساته كانت رقيقة جدًا.. وكأنها زجاج يخشى ان تتحطم بين يديه.. غزله كان مختلفًا.. بعدة لغات.. بشغفه وشفتيه كان يحذف فداحة فعلته ليلة الزفاف.. يضمها اليه وهو يكاد لا يصدق انها اخيرًا ملكه.. بإرادتها لا رغمًا عنها..
استسلمت تمامًا لتدفق عاطفته الجياشة.. استسلمت ليديه التي كانت بسحرها تحرر جسدها من تيبسه الخائف.. استسلمت لكلماته التي جذبتها قسرًا الى عالمٍ للمرة الاولى تدخله..

بعد عدة ساعات كانت تتوسد صدره بخجلٍ شديد.. كان يضمها اليه بلهفة وكأنه يأبى تركها ولو للحظات..
لثم جبينها بقبلة رقيقة وغمغم بإرتياح:
- مبارك لنا يا عمري.. اخيرًا اصبحتِ لي!

- ولكنني لك منذ ليلة زفافنا.
همست بتعجب ليقبل شفتيها ثم يقول:
- لا.. هذه هي ليلة زفافنا الأولى.. تلك الليلة انسيها.. بالنسبة الي انت الآن اصبحتِ عروسي!
ثم إستطرد بمزاح:
- انهضي الآن لتناول الطعام.. كنتِ جائعة جدًا وصرفتِ الكثير من الطاقة.

اخفضت عينيها بينما حمرة الخجل تستشري في سائر انحاء وجهها ليأخذ نفسًا عميقًا ويقول بخشونة:
- انهضي قبل ان أغير رأيي واعود الى عملي الأحب الى قلبي.

جلست تتناول الطعام بصعوبة امامه.. عيناه التي تتوسمها كلوحة فنية من العصر القديم توترها.. يتأمل كل حركة تقوم بها بعينين عابثتين وقحتين..
ازدردت ريقها وهي تضع الشوكة على الطاولة قبل ان تهمس:
- لقد شبعت!

- انا لا اعتقد انني سأشبع يومًا!
قال محمد بينما يرسل لها غمزة من عينه اليسرى لتتخضب وجنتاها اكثر دون ان تنبس بحرفٍ فإقترب منها ثم بخفة التقط يدها وانهضها عن مقعدها..
وقفت امامه والحيرة تملأ مقلتيها.. احاط وجنتها براحته ثم غمغم بإبتسامة:
- انا زوجك يا آلاء منذ شهرين.. من المفترض ان تكوني الآن معتادة على كل هذا!

لم تمنحه اي رد فضحك بصوت عالٍ:
- على ما يبدو ان اللوم يقع علي.. لا بأس منذ الآن سنعمل على ازالة هذا الخجل جانبًا.

قبل ان تفكر بإخفاض بصرها كان يحملها مرة اخرى ويعود بها الى غرفتهما ليبثها غرامه دون ملل.. لساعات طويلة اخذ يرتوي من عشقه.. كان عطشاناً يتمنى نطفة مياه واخيرًا وجد مياهه العذبة ليرتشف منها في صحراء قلبه القاحلة دون ان يرتوي حقًا..

******************
تمر الأيام بهدوء ورومانسية.. يعزف الليل عليهما بكمانه الحان الغزل والهيام.. رومانسيته تبخر قساوة ليلة زفافهما الماضية.. يهتم بها.. يدللها وهي انثى تعشق الدلال..
بالتأكيد لم تنسى ما حدث ليلة زفافهما ومحال ان تفعل.. هذه الليلة ستبقى خالدة في طيات عقلها مدى الحياة ولكنها غفرت له وستتناسى.. لا بد ان تفعل لتستأنف في حياتها..

تنهدت آلاء وهي تلقي نظرة سريعة على نفسها في المرآة قبل ان تنزل الى الأسفل حيث ينتظرها محمد في سيارته حتى يتوجها الى منزل صديقه الذي دعاهما على العشاء..
وكما توقعت بدأ محاضراته بكيفية التصرف في منزل صديقه وزوجته.. اومأت له موافقة وهي متأكدة ان لا بد ستحدث مشكلة بسبب ما ترتديه اسفل السترة والوشاح التي تغطي بهما عري ذراعيها وعنقها.. يجب ان لا تنزع السترة تجنبًا للمشاكل..

فور وصولهما اضطرت ان تنزع سترتها بسبب قول زوجة صديقه..
"بإمكانك ان تنزعي سترتك فالمنزل دافئ"
تطلعت آلاء بتوتر الى محمد الذي نزع سترته وقام بتعليقها قبل ان يجلس برفقة صديقه..
نزعت سترتها هي الأخرى وتركت الوشاح على عنقها ثم القت نظرة خاطفة على محمد لينقبض قلبها بخوف من الغضب الذي اضطرم بحدقتيه.. بحركة سريعة اخفضت الوشاح قليلًا لتغطي قدر الإمكان عري ذراعيها ومقدمة صدرها..

- لولو حبيبتي تعالي واجلسي بجانبي.
قال محمد بإبتسامة مصطنعة ففعلت بتوتر ليحيط خصرها امامهما بحب..
لم يقل شيئًا واكتفى بالحديث مع صديقه.. ثم اتى الفرج اخيرًا حالما نهض جلال قائلًا بنبرة مرحة:
- سأنهض لأساعد زوجتي وانتما تصرفا بحرية ريثما نعود.

بعد ان تأكد من مغادرة جلال مال على اذنها وهمس بوعيد:
- حينما نعود سنتحاسب على هذه الملابس.

شحب وجهها بخوف.. لم تتجرأ وترد عليه او تنظر اليه وشكرت الله لقدوم جلال وزوجته اللذان طلبا منهما النهوض لتناول العشاء..
كادت ان تلعن هذه المرأة التي تدعى جيسيكا وهي تطلب منها نزع الوشاح حتى تأكل براحة اكثر..
لم تنظر الى محمد وهي تنزع الوشاح ولكن رؤيتها لقبضة يده المكورة بعصبية شديدة كانت كفيلة بالقول ان ليلتها لن تمر مرور الكرام..

بعد ساعة ونصف كان تجلس بجواره في السيارة تصغي الى صراخه بينما تراسل صديقاتها على الهاتف بهدوء لأنها تعلم ماذا سيقول جيدًا..
- اخبريني فقط ماذا يوجد داخل رأسك حتى ترتدي هذه الملابس؟ لماذا لا تسمعين الكلام؟

استنفرت عروق جسده وهو يراها تصب كل تركيزها على هاتفها وتتجاهله فجذب هاتفها بعصبية شديدة من يدها والقاه بعنف على المقاعد الخلفية في السيارة بينما يزمجر:
- الست اتكلم معك؟ أتتجاهليني بالاضافة الى كونك مخطئة!

هتفت بغيظ:
- حسنًا انا مخطئة ولكن ما ذنب هاتفي؟!
رفع يده بغضب شديد فأغلقت عينيها سريعًا بإنتظار الصفعة ولكن انتفض جسدها وهو يضرب ظهر المقعد التي تجلس عليه بينما يصيح بأسمها:
- آلاااااء!!! لا تستفزيني اكثر مما اقدر على التحمل.. فور وصولنا الى الشقة سأقوم بجرد ملابسك كلها وأحدد لك بنفسي المسموح والممنوع.. هل تفهمين ام لا؟ ولكن دعينا نصل فقط.

- ماذا تريد مني ان ارتدي؟ انا عروس ونحن مدعوين على عشاء! انا لم ارتدي فستان لتغضب هكذا.
هتفت آلاء بضيق ليهز رأسه بوعيد بينما يخرج سيجارة من علبة السجائر ثم يشعلها ويعلق:
- لنرى حينما نصل.

شاهدها تلتقط هاتفها من المقعد الخلفي حالما ركن السيارة اسفل البناية التي يمكثان لها فقال ببرود:
- ناوليني هاتفك!

- لماذا؟
تساءلت بتوجس ففتح يده امامها بإنتظار وضعها للهاتف واجاب:
- هذا افضل حل.

وضعت الهاتف بيده وغمغمت بإعتراض:
- ولكن ما ذنب هاتفي لتقحمه بغضبك؟
ثم تابعت:
- الموضوع ليس عنادًا كما تفهمه انت او تفكر.. انا فقط فكرت انني عروس ويجب ان ارتدي ملابس جميلة.. الطقم الذي ارتديته كان يكشف القليل فقط ولم يكن سيكشف اي شيء لو ان زوجة صديقك البلجيكية لم تحرجني وتطلب مني نزع السترة والوشاح.. وانت من الأساس تعلم انني لا احب ارتداء ملابس كهذه الا اذا كنت برفقتك.. لأنني واثقة ان لن يتجرأ احد على النظر الي او يتفوه بحرفٍ واحدٍ.

حدجها بغيظ من تلاعبها بالكلام وهتف:
- آلاء انت عنيدة جدًا وهذه ليست اول مرة تغضبيني بسبب ارتدائك لهذه الملابس على الرغم من كونك تعرفين جيدًا رأيي بهذا الموضوع.. انا افقد صوابي حينما اراك ترتدين ملابس كهذه تظهر جمال جسدك ومع ذلك لا يوجد فائدة مهما تكلمت.. دائمًا يجب ان أقف فوق رأسك لأرى ماذا ترتدين كي لا انصدم من مفاجآتك.

استأنف بجدية:
- صحيح انني ولدت هنا وتربيت في هذه الحضارة ولكن بإمكانك القول ان عقلي متحجر بمواضيع كهذه.. انا أجن حينما يتعلق الموضوع بشرفي وعرضي.. وخاصةً اذا كانت زوجتي.. اعلم ان هذه هي ثيابك منذ صغرك ولا يوجد مشكلة بالنسبة لأهلك بما انهم يثقون بك ولكن هذه الثياب بالنسبة الي ممنوعة مع انني اثق بك ايضًا ولكنني أغار بجنون.. بإمكانك القول انني جاهل.. متخلف.. قولي ما شئتِ لا يهمني.. انا صمتُّ على موضوع الحجاب فقط بسبب دراستك ولكن اذا اردتِ الاستمرار بعنادك هذا سأفعل المثل وأجبرك على ارتداء الحجاب ولن ابالي بأي شيء آخر.. فمن الأفضل لك سماع الكلام الذي يقال لك.

بحزنٍ تخفي به مكرها غمغمت آلاء:
- حاضر.. ولكن لا تعتقد انني لا اخاف منك او لا احترمك.. لا! انا افكر الف مرة قبل فعل اي شيء لأنني اعلم انك ستغضب وانا لا احب ان اراك غاضبًا او حزينًا بسببي.

- اذا كنتِ تخافين، وتفعلين كل هذا فماذا لو كنتِ لا تخافين؟ ماذا ستفعلين؟
تساءل محمد بسخرية وهو ينظر اليها بحاجبين مرفوعين فقالت آلاء بمرح:
- افعل الويل.. انت فقط امنحني الضوء الأخضر لأنطلق.

رشقها بنظراته الحانقة وتمتم:
- بإمكانك ارتداء كل ما ترغبين به في المنزل فقط ولكن خارجه لا ممنوع.. مفهوم؟

اومأت بطاعة وقالت برجاء:
- اجل، ولكن هل بإمكانك ان تعطيني هاتفي؟

- لا ستأخذينه غدًا صباحًا.
- ماذا؟! لماذا غدًا؟
هتفت بإعتراض ليقول بحزم:
- عقوبة لك.. واي خطأ تقومي به بعد الآن سأسحب منك هاتفك.. فكما يبدو لي انني تزوجت طفلة لا امرأة ناضجة وهذا افضل عقاب.

- أقسم لك انني لن أكرر خطئي وعاقبني كما تشاء ولكن ارجوك أعد لي هاتفي.
غمغمت بتوسل ليشتدق:
- وهل تعتقدين انني سأنتظر ان تكرري فعلتك مرة اخرى او حتى تفكري بذلك؟ ولا تقلقي حبيبتي العقاب لا زال لم ينتهي بعد.. سأنهيه بطريقتي الخاصة.

- ماذا؟
هتفت بتوجس ليقول بغموض:
- ستفهمين حينما نصعد.. والآن هيّا امشي امامي.

صعدت الى الشقة بتأفف وهي لا تدري كيف تهرب منه.. أخرجت كتبها المدرسية فسألها بتعجب:
- ماذا تفعلين؟

- اريد ان ادرس.. لدي امتحان غدًا ولا زلت لم ادرس اي شيء.
اجابت متبرطمة فهتف بإستنكار:
- الآن! اي دراسة هذه في منتصف الليل؟! غدًا انهضي وادرسي.. الآن تعالي لتنامي.

ختم كلماته بضحكة ذئب جعلتها تهدر:
- لا!!!! انت اذهب لتنام وانا سأبقى لأدرس حتى الصباح.. على الأقل يجب ان اخذ فكرة عن مواد الامتحان.

بنفس الإبتسامة دنى منها محمد ثم بلمحة خاطفة حملها وقال:
هل يوجد عروس تدرس في هذه الساعة؟ لا تنسي حبيبتي ان هناك عقاب لا زال لم يتم بعد.

حركت قدميها بالهواء وهي تزمجر بحنق:
- اريد ان ادرس.. أنزلني.. انا لست طفلة صغيرة لتحملني كل برهةٍ.

- بل انت طفلة وأهلك خدعوني.. ظننتك كبيرة وعاقلة ولكن في النهاية صدمتُ بكونك طفلة مجنونة حمقاء وعلي ان أقوم بتربيتها كالأطفال تمامًا.
قال بإبتسامة استفزتها كثيرًا وهو يضعها على السرير ثم استأنف بعبثٍ:
- والآن ممنوع الكلام.. لديك مدرسة غدا وانا لدي عمل ويجب ان ننام لذلك دعيني اجتهد بعملي الحالي.

------------------------
يتبع..

رأيكم بالفصل؟
مع او ضد مغفرة الاء لمحمد؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
اسيل الباش




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:25 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثاني عشر (الجزء الثاني)
إمتعضت ملامحها وهي تتذكر عقابه لها بل الأصح جنونه الصاخب وهو يتعمد ترك اثار ملكيته على جسدها لتضطر على عدم ارتداء اي شيء قصير وعاري بعد الآن..
زمت شفتيها وهي تقرر ان تعاقبه ايضًا وبطريقة يكرهها كثيرًا لأنه ذهب الى النادي الرياضي ولم يأخذها برفقته.. قصدت ان تضع العطر الذي يعشقه قبل ان تندس تحت الدثار وتدّعي النوم..

في صباح اليوم التالي..
استيقظت والنشاط يملأ روحها لتكتم ابتسامها على غضبه وعصبيته على اتفه الأمور.. كان قد عاد متأخرًا فحاول ان يوقظها وهو يراها بأجمل طلة خاصةً وقميص النوم التي ترتديه ينحصر على جسدها بطريقة تخطف الأنفاس وعطرها المغري يهفو الى انفه ليتغلغل بمسامات روحه..
حالما رفع الغطاء عن جسدها ووضع يده على كتفها العاري هتفت:
- أزل يدك عني.. هي باردة.

ودون ان تبالي بسماع رده المصدوم كانت تنام.. كان غاضبًا بحق.. لم يتحدث اليها كما اعتاد.. لم تدعه يعبر عن شوقه اليها.. قضى الليل ينفث عن غيظه بعلبة سجائره.. ماذا فعل بحق الله لتعاقبه هكذا؟
تساءل محمد بعصبية:
- أين مفتاح السيارة؟ من اين سيبقى عقلًا برأس الذي يتزوجك؟ انتبهي الى اغراضي اين توضع.

تجاهلت كلامه تمامًا وهي تنزل الى الأسفل تنتظره بجانب السيارة ليلحق بها بعد عدة دقائق وبيده المفتاح فتمتمت بحنق:
- على ماذا اذًا تصرخ منذ الصباح في حين انك انت من اضعتَ المفتاح؟ انت الوحيد الذي تقود السيارة.. تسألني وكأنني سأقودها ليلًا بعدك ودون علمك!

- هذا الشي الوحيد التي تتفوقين به.. لسانك الطويل بدلًا ان تساعديني بالبحث عن المفتاح.
هتف محمد بصرامة لتزفر بضيق دون ان تعقب وفور وصولها الى المدرسة ترجلت من السيارة دون اي حرف لتلاحقها عيناه بغموض..

في تمام الساعة الثانية ظهرًا اعتلت الصدمة وجهها حينما طرق محمد باب صفها وقال موجهًا حديثه للمعلم:
- أستمحيك عذرًا.. انا زوج الطالبة آلاء واستأذنت الادارة لأخذها ونغادر.

لملمت اغراضها المدرسية بتعجب.. في الصباح كان غاضبًا وعصبيًا والآن أتى ليأخذها من المدرسة!
خرجت برفقته وهي تقول بتعجب:
- ما الذي أتى بك الى المدرسة؟

- أردت ان ارى طلاب صفك.
اجابها بهدوء وهما يجلسان بالسيارة فتساءلت بغيظ:
- وما هو رأيك؟

- جيد.. ولكن لماذا عدد الأولاد اكثر من البنات؟
هتف بعدم رضى لتحدجه بنظرة حارقة وتهدر:
- بإمكانك ان تسأل هذا السؤال للإدارة وليس لي.

بعد نصف ساعة جلست تحضر الطعام الذي احضره من مطعم ما ووضعته على الطاولة ليقترب منها محمد وهو يتابع حركة يديها بعينيه ثم همس:
- ماذا فعلت لك لتعامليني بهذا الجفاء؟

- لا شيء يا محمد.. فقط ابتعد عني.
ردت ببرود فقال بحيرة وهو يتطلع الى عينيها التي ترفض النظر اليه:
- دعيني اعرف اولا بماذا أغضبتك لأعرف كيف أرضيك.

رفعت حدقتين شجيتين مبهمتين بمكرهما وهمست:
- أود الذهاب الى النادي الرياضي.. لماذا انت فقط من يذهب؟ واذا اردت الإعتراض بسبب عيون الرجال فأنا سأذهب فقط برفقتك.

أسند جبينه على جبينها وغمغم بنعومة:
- فقط بسبب ذلك انت حزينة وغاضبة مني! كما تودين يا عمري طلبك سهلٌ ومجاب.
ثم رفع جسدها الصغير ليضعها على الطاولة الخشبية التي تحتل جزء من الصالة واسترسل:
- أهكذا يعني تفعلين بي يا ظالمة؟ تحرميني منك فقط بسبب شيء تافه كهذا؟ آه من قلبك القاسي.. وليس ذلك فقط بل ترتدي قميص نوم يفقد الصواب من شدة جماله وتديرين ظهرك عني.. لو كنت عدوك لن تعذبيني وتفعلي بي هذا الجنون.. ليكن الله بعوني فقط.

ثم بهيام احدودب ليحكم ثغرها بشفتيه.. يقبلها وعصافير فؤاده ترقص بإنتعاش.. انها هي.. آلاء.. مؤرقة مضجعه.. بين يديه.. مستسلمة.. متجاوبة.. منعشة كالعسل.. رقيقة كالورد..
كل مرة يبثها غرامه يشعر انه يمتلكها للمرة الأولى.. قلبه يأبى التصديق انها اخيرًا صارت ملكه.. انها تبادله شغفه وعشقه..

لم يبالي بكلامها وهي تطالب منه الانتظار ريثما ينتهيان من الطعام.. لا يطيق صبرًا هجرانها له ولو لليلة واحدة.. كيف تطالبه بالإنتظار وهو عاشق منذ سنوات يرتجي قربها وإمتلاكها؟ لسنوات طويلة تمناها وها هو اخيرًا نالها وبرضاها..
بعد ان انتهت جولة العشق العاتية ضمها الى صدره بينما يشرب من سيجارته فرفعت رأسها اليه بخجل وتساءلت:
- حبيبي متى سأذهب لأسجل؟

- أين تسجلين؟
تساءل محمد بهدوء لتجيبه بتعجب وتوجس:
- أسجل بالنادي الرياضي.. اين غير ذلك؟
إبتعدت عنه سريعًا بعصبية وزمجرت:
- ام انك كنت تكذب علي فقط لتأخذ ما تشاء مني؟

ضحك محمد بإستمتاع وهو يتأمل الشراسة التي تضيء بعينيها كقطة برية:
- هدئي من روعك حبيبتي.. لماذا العصبية؟ حينما ينتهي هذا الشهر سأخذك للتسجيل.

- وما الفرق؟
هتفت بتبرم ليقول بجدية:
- اخشى ان تكوني حاملًا.. لنتأكد اولًا وبعد ذلك سأسجلك.

- كنت تكذب علي.. ماذا سأتوقع غير ذلك من محامي؟ بالتأكيد يجب ان تكون حذقًا ومحتالًا.
تمتمت بغيظ فضحك قائلًا:
- هيّا انهضي حبيبتي واستحمي لنتناول الطعام.

نظرت اليه بعصبية شديدة وهي تراه يسير خارجًا ضاحكًا.. فعقدت حاجبيها بحدة وهي لا تدري صدقًا ما سبب كل هذا الغضب التي تشعر به تجاهه..

*****************
- أريد ان اذهب الى منزل اهلي بعد المدرسة.
هتفت آلاء وهي تتطلع الى محمد فقال بهدوء:
- حسنًا.. وانا حينما أعود من عملي سأمر الى منزل أهلك لأخذك ونعود الى المنزل.

- لا.. انا أريد ان انام اليوم هناك.
قالت بعناد فتطلع محمد اليها للحظات قبل ان يردف بجدية:
- انسي نهائيًا موضوع النوم في منزل اهلك.. غدًا سنذهب اليهم بما انهم دعونا على الغداء.. منذ الصباح سأخذك اليهم غدًا.

- محمد.. والله انا متعبة وارغب بالذهاب والنوم في منزل اهلي على الأقل ليوم واحد.. لقد اشتقت اليهم.
غمغمت بضيق وهي تكاد تبكي.. حقًا لا تعلم ما خطبها وماسبب شعورها الشديد بالضيق والعصبية المفرطة..

قال محمد بإقتضاب:
-اذهبي اليهم.. انا لا امنعك ولكن محال ان اسمح لك بالنوم في مكانٍ غير منزلنا.. بإمكانك الذهاب والبقاء منذ الصباح حتى المساء ولكن حينما يحين وقت النوم تعودين الى شقتك وفراشك.
ثم اضاف بجدية وهو يرى عبوسها:
- اساسًا بماذا سيختلف الوضع حينما تنامين في منزل اهلك؟ هل حينما تنامين بغرفتك ستتواصلين مع اهلك بالأحلام أو انك ستنامين بين والدك ووالدتك في المنتصف.. أو ماذا؟ انسي الأمر تمامًا حبيبتي.

******************
في المدرسة..
سمعت سؤال الأستاذ بملل.. على ما يبدو ان اليوم سخيف جدًا..
سؤاله كان خارج نطاق التعليم فلم تبالي كثيرًا بالجواب عليه..
"على سبيل المثال، يبدو الجو منعشًا اليوم بسبب سطوع الشمس.. الآن اريد من كل شخص منكم ان يمنحني جملة عن شخص ما من طلاب الصف ويقول شيء مختلف عن احد زملائه.. انا اعطيت مثالًا عن الشمس والآن دوركم"

حينما اتى دورها منحته ردًا مملًا واستمر المعلم بسؤال الطلاب الى ان وصل الى طالب يدعى ليبان تكره نظراته الوقحة والغير مريحة اليها.. خفق قلبها سريعًا بعنف وقفز الغضب بشكل فوري الى مقلتيها وهي تسمع جوابه المثير للاشمئزاز:
- يعجبني بالصف هو وجود آلاء.. منذ ان تزوجت حتى الآن وهي تبدو مختلفة ومثيرة وارغب فعلًا ان اقضي ليلة رومانسية معها.

تعالى هتاف الطلاب بحماس وصوت صفيرهم بينما هي كادت ان تنهض لتلكم وجهه بعنف.. اللعين.. الوقح! كيف يتجرأ ويقول شيء كهذا بكل هذه السفالة والحقارة؟
ازداد الأمر سوءًا وكادت ان تتقيأ من شدة اشمئزازها بعد ان اجاب صديقه كلادس على السؤال بنفس الدناءة مشيرًا الى جسدها..

قال المعلم البلجيكي بإعجاب:
- اوه آلاء يبدو ان لديك الكثير من المعجبين في الصف.

قالت آلاء بقرف:
- لا تهمني هذه الحيوانات! اعجابهم وعدمه لا يعنيني.

قبل ان يتمكن الأستاذ من الرد عليها كان جرس المدرسة يرن معلنًا انتهاء الدرس..
تطلعت آلاء الى ليبان وكلادس بإستحقار واشمئزاز وهي تشعر بإلتواء عنيف بمعدتها.. نظراتهما الوقحة تثير الاشمئزاز.. تبعث بشرارات الخوف الى قلبها..
وثبت سريعًا عن مقعدها واخذت تلملم أغراضها حتى تغادر ومجرد ان رفعت رأسها وجدت ليبان يقف امامها ينظر اليها ككلب مسعور..
- ما هو رأيك؟

- رأيي بماذا؟ من الأفضل لك الإبتعاد عني.
هتفت بعنف فإرتسمت على شفتيه ابتسامة ماكرة وسخة وهو يتطلع الى جسدها بشهوة:
- أرغب بوضع البعض من اثاري على جسدك.. صدقيني سيعجبك الوضع!

تسمرت مكانها مرتعبة مصدومة من كلامه.. تحاول استيعاب وساخة كلماته دون ان تقدر حقًا..
إرتجف جسدها حالما رفع يده ليضعها على شعرها فإرتكست عدة خطوات الى الخلف وجهرت بتهديد عنيف:
- إياك ومحاولة لمسي يا حقير.. حاول ان تقول هذا الكلام مرة اخرى وسترى ماذا سيحدث لك.

ثم بخطوات عنيفة خرجت من الصف والدوار يجتاح رأسها.. الرعب أوهن عظامها فما عادت قدميها تتحملان ثقل جسدها لتتكئ على صديقتها علياء قبل ان تتوجه للإدارة وتطلب الإذن منهم للمغادرة..

******************
شعرت بالطمأنينة قليلًا حالما اخبرت شقيقها محمود عن مضايقة ليبان وكلادس لها وقال لها انه سيتصرف معهما ويحل هذه المعضلة ووعدها انه لن يخبر محمد كما طلبت منه خشية ان يمنعها محمد عن متابعة دراستها..
أرسلت آلاء لمحمد رسالة تخبره بها عن وجودها في منزل أهلها بسبب تعبها وان صديقتها هي من أعادتها الى المنزل فعاد سريعًا من عمله والقلق يعصف بقلبه..
جلس محمد بجانبها وتساءل بلهفة بينما يحيط وجنتيها براحتيه الكبيرتين:
- ما الذي حدث؟ كيف تعبتِ؟

- لا اعلم، شعرت فجأة بدوار وصداع شديد.. وشعرت انني اكاد أن اقع في المدرسة.
اجابت بخفوت فقال محمد بإستفسار:
- هل هذه هي المرة الأولى التي تشعرين بها هكذا؟

ردت آلاء مطمئنة له:
- لا احيانًا تحدث معي.. حينما لا اتناول الطعام بشكل جيد او لا اكتفي من النوم.. يعني بسبب التعب والتفكير فقط.

مرر يده على وجهه بعصبية مفرطة وهتف بتهكم:
- اجل صحيح.. انا امنعك عن الأكل في البيت.. أجعلك تكادين ان تموتي من شدةالجوع وأيضا أوصدت باب الثلاجة بالمفتاح كي لا تأكلين.
لم تعلق فتابع بصرامة:
- المرة المقبلة تعودين الى شقتنا لا الى منزل أهلك.. وفقًا لما أظن نحن لدينا شقة.

- كنت اشعر بالدوار ولم استطيع التركيز وصديقتي لا تعلم عنوان شقتنا الجديدة ولذلك احضرتني الى منزل اهلي بالإضافة الى ذلك هو أقرب الى المدرسة من الشقة.
بررت بهدوء قدر الإمكان ليهتف بإقتصاب:
- ايًا كان.. تتصلين بي وانا سأتي لإصطحابك من المدرسة.

- حسنًا.. هل هناك شيئًا آخر تود قوله؟
تمتمت بنفاذ صبرٍ فقال بخشونة:
- اجل.. بعد ساعتين كوني جاهزة لنعود الى شقتنا.

غمغمت بإختناق وارهاق من حصاره.. تود الإبتعاد عنه.. تود ان ترتاح بعيدًا عن قيوده بالممنوع والمسموح وطلباته واوامره..
- محمد انا متعبة للغاية.. دعني انام هنا.

هتف محمد بحدة:
- هل تريني أخذك الى المزرعة لتحصدي الزرع؟ اعتقد اننا تكلمنا بما يكفي عن هذا الموضوع.. وعليك بالمعرفة اذا اردتِ البقاء هنا سيزداد الحساب.

- ماذا تعني؟
تساءلت بتوجس فأجاب بجمود:
- يعني في النهاية كل ذلك سيقع على رأسك.

- ما هذا؟.. سأشكوك لأبي.
هدرت بإمتعاض فقال بحزم:
- اذهبي واخبريه وسأقول له اين الخطأ يا عمي اذا اردت ان تبقى زوجتي في منزلها ولا تخبرني انها تود الذهاب الى اهلها كل عدة دقائق.

*****************
عادت الى شقتهما كارهة مجبرة.. لا تطيق حتى النظر اليه او سماع كلمة واحدة منه.. الغضب يستشري في عروقها ليجعلها تحس بالنفور منه.. لماذا لا يدعها تنام في منزل اهلها بحق الله؟ الا يشعر انه يخنقها بتحكمه بها.. وتسلطه الشديد.. وقربه التي لم تعد تتحمله..
كلما اقترب منها يزداد اختناقها وتتمنى ان يبتعد عنها اكثر..

خرجت من الحمام بعد ان اغتسلت وغيرت ثيابها ثم اخذت وسادة ودثار وخرجت متوجهة الى الصالة ليوقفها صوته الخشن:
- لحظة.. الى اين انتِ ذاهبة؟

- سأنام في الصالة.. هل لديك اعتراض؟
هتفت بشراسة فقال بهدوء قدر الإمكان:
- آلاء ماذا حدث لتفعلي كل هذا؟

- لا شيء.. ليس من شأنك.
هدرت بغضب فتساءل بإستغراب:
- هل كل هذه التصرفات لأنني لم اسمح لك بالنوم في منزل اهلك؟

- لا، لأن هذه هي المرة الأولى التي اطلب منك شيئًا وانت ترفض بهذا الشكل!
تبرمت بضيق فقال بصبرٍ:
- حسنًا عودي الآن ونامي في الغرفة وبعد ذلك سنتفاهم.

ضربت الأرض بقدميها وهي تهتف بعناد:
- لا اريد ان اتفاهم.. ووالله سأنام خارج الغرفة وانت ليس لك علاقة بي.. لا يعجبني ان انام اليوم في الغرفة.. وها انا قد أقسمت انني لن ادخل الغرفة.

- حسنًا اذًا سأتي انا للنوم بجوارك في الصالة.
قال محمد كأنه يتعامل مع طفلة صغيرة لتصرخ برفضها سريعًا:
- كفى.. لا علاقة لك اين انام!

تأملها بحدقتين مستنكرتين تصرفاتها لعدة ثوان ثم همس بتساؤل:
- أهذا كلامك وقرارك الأخير؟

- اجل.. هذا اخر كلام لدي.. انا اريد ان انام في الصالة وانت ممنوع ان تقترب مني.
هتفت آلاء ثم خرجت من الغرفة وهي تشعر بغضبها يستفحل وطأته في صدرها دون سبب مقنع.. كرهت كل شيء واكثرهم هو.. وهذه التصرفات التي تقوم بها باتت ترهقها وتؤلمها..

------------------------
يتبع..

رأيكم بالفصل؟
توقعات؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
اسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:26 AM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثالث عشر
حبيبتي..
انتِ كالمياه.. رغم شفافيتك مرئية..
ناعمة مع البعض من خشونتك..
تارةً حارة حارقة.. وتارةً باردة صاعقة..
يصعب تكهن تقلباتك.. والوثوق بحركاتك..
هادئة احيانًا.. وثائرة احيانًا..
تخدعين بسهولة.. وتجذبين بسهولة..
العالم كله يعتمد على عطائك وسخائك..
حبيبتي انتِ الحياة والضياع والزوال..
انتِ الأمل والقوت والياقوت..

----------------------
فتحت عينيها لتنظر حولها بصدمة.. ماذا تفعل على السرير في الغرفة في حين انها نامت على الأريكة في الصالة؟ كيف وصلت الى السرير؟ أيعقل انها استيقظت في ساعات الليل واتت لتنام بجواره.. لا يا الله كيف ستخبئ وجهها منه اذا صدقًا فعلتها.. ولكن كيف لم تشعر بنفسها؟

رفعت حدقتيها لتتطلع الى محمد الذي دلف الى الغرفة وعلى عنقه مستريحة منشفة بيضاء كان يجفف بها شعره على ما يبدو..
زمت شفتيها وهي تسمعه يقول بهدوء وكأن شيئًا لم يحدث:
- صباح الخير حبيبتي.

- صباح النور.. ما الذي أتى بي الى هنا؟
تساءلت آلاء بضيق ليأخذ محمد نفسًا طويلًا عسى ان يغمر اعصابه الهائجة منذ الأمس بذرات الاوكسين الباردة ثم قال بتروي:
- انا الذي أحضرتك وهذه آخر مرة سأسمح لك بفعلها.

عقدت حاجبيها بعدم فهم فأردف بجدية وتهديد موضحًا:
- العناد والقسم على شيء كهذا.. لم يطاوعني قلبي بتركك نائمة في الصالة.. انتظرتك حتى تنامي وبعد ذلك حملتك ووضعتك لتنامي على السرير.. من المفترض انك تفهمين ان مكانك بجانبي فقط.

طأطأت برأسها وهي تعلم انه محق.. ولكن العصبية تحركها كلعبة الماريونيت.. هي ليست هكذا.. ابدًا ليست هكذا..
همست آلاء بخفوت متحاشية النظر اليه:
- انا.. لا اعلم ما خطبي.. انا لست عصبية هكذا.

رفع وجهها اليه ليتطلع الى عمق عينيها الحائرتين.. هذه الحيرة التي تتلألأ بعينيها كل مرة تسحره.. كالمغناطيس تجذب خفقات قلبه ليتعالى صداها وهو يتأملها بأبهى حلة بنظره كيفما كانت.. اللون القاني يزخرف وجنتيها بألماس نادرة اللون.. لطالما عشق خجلها رغم التمرد الذي يميزها.. غريبة ولكن ساحرة دون ان تفقه ماذا تفعل به من جنون لا يطاق..
غمغم وحدقتاه تأبى الإبتعاد عنها ولو لثانية واحدة:
- اعلم.. ولاحظت هذا الشيء ولا بأس عليك حبيبتي.. حاولي ان تتحمليني وتتأقلمي مع أطباعي مثلما انا أحاول تقبل أطباعك والتأقلم معها.

اومأت موافقة وهي كلها يقين انه محق.. هما يجب ان يتفهما اطباع بعضهما البعض ليتمكنا من التعايش والإستمرار بهذه العلاقة..
تقلصت معدتها حينما نظر اليها بطريقة عابثة تعلم الى ما ستؤول جيدًا.. إسترطت ريقها وهي ترفرف برموشها بتوتر عجيب لينحني سريعًا ويقتنص قبلة ناعمة من شفتيها سرعان ما تحولت الى أخرى عاصفة.. لا مثيل لها..

لا تعلم متى وكيف تجاوبت معه برومانسيته الغربية.. الثائرة.. المشتعلة.. أطلقت العنان لشغفها وهي تبادله جنون غرامه...
تحب تفهمه.. ورومانسيته.. تحبه حينما يكون هكذا ولكنها تكره تحكماته وعصبيته..
محمد يلقيها وسط متاهة لا تعرف كيفية الخلاص منها.. هل تحبه وتريده ام تبغضه وتود الابتعاد عنه؟.. هي نفسها لا تفهم..

*****************
"لا اشتهي الآن سوى قربك والمزيد من جنونكِ"
إبتسمت وهي تقرأ الرسالة التي أرسلها لها محمد.. هو يطلب منها الجنون وهي اكثر من تعشق الجنون فلا بد انها ستلبي هذه الدعوة برحابة الصدر..
ولجت الى الدائرة الحكومية التي يعمل بها وسألت عن مكان مكتبه.. وبعد ان عرفت بأي طابق واي قسم يعمل إستخدمت المصعد وصعدت الى الطابق الرابع حيث يعمل..

كان المكان فخمًا بحق.. ثقيلًا.. ويجذب الأنظار..
تطلعت حولها بفضول.. تستكشف بعينيها كل شيء في هذا المكان الذي يعمل به زوجها.. معظم العمال كانوا رجالًا شبابًا والقليل منهم كبار السن وهذا طمئنها بعض الشيء على الرغم من وجود القليل ايضًا من النساء..
زمت شفتيها وارتفع حاجبها بترقب حينما تريثت قدميها بجانب القسم الذي يعمل به..
تمكنت من رؤية المتواجدين بواسطة الباب الزجاجي المغلق.. كان يجلس ويتحدث مع بعض الرجال..
تقصت عيناها عن سكرتيرة او موظفة او حتى صديقة كما تشاهد في الأفلام والمسلسلات.. ولكن استراحت خفقاتها حالما خابت ظنونها ولم تجد غير الشباب في قسمه..

طرقت الباب بخفة ثم فتحته ببطئ وتوقفت بجانبه لتعتلي الصدمة ملامحه وهو يراها هنا.. في عمله.. تسمر مكانه للحظات غير مصدقًا.. ثم سرعان ما احتدمت خفقاته وثباً ووصلتها لهفة عينيه وهو يقول:
- آلاء! إقتربي.

دنت منه ببطء وهي تشعر بنظرات الرجال الفضولية ولكنها وضعت جل تركيزها على محمد الذي نهض سريعًا ليحيط وجنتيها ويقبلها برقة قبل ان يبتعد قليلًا ويتساءل بينما ينظر اليها بذلك الشغف الذي يؤثر بها بعمق:
- حبيبتي.. هل انت بخير؟ هل حدث شيئًا ما؟

هزت رأسها بنفي وهي تغمغم بإبتسامة رقيقة:
- لا، لم يحدث اي شيء.. لا تقلق!

- اذًا؟
تمتم بحيرة لتقول بخجل:
- محمد الرجال الذين هنا ينظرون الينا.

طوق خصرها بذراعه وهو يستدير اليهم معرِّفا اياهم بكونها زوجته.. وكذلك الأمر عرّفها عليهم ليمدوا أيدهم حتى يصافحونها فتطلعت الى محمد بتساؤل اذا كان يوافق ام لا..
إبتسم محمد وهو يومئ لها بهزة بسيطة من رأسه لتبتسم آلاء بلطف وتبادلهم السلام.. وبعد دقائق قصيرة استأذنوا الرجال قبل خروجهم بنية تركهما لوحدهما..

بعد ان تأكد محمد من اغلاقهم للباب بعد خروجهم جذبها سريعًا الى حضنه ثم إرتجفت شفتاها وهي تشعر بيديه تلامسان ظهرها برقة شديدة جعلت اوصالها تقشعر تأثرًا..
غمغم محمد وهو يتطلع اليها مبتسمًا:
- حسنًا سيدة لولو.. ما الذي اتى بك الى هنا اليوم؟

زخرفت الإبتسامة محياها المليح وهي تنظر الى ملامح وجهه الرجولية:
- لا شيء.. فقط قرأت رسالتك واتيت.. ألست ترغب بنوع من انواع الجنون؟ نفذت لك طلبك ولكن بشيء بسيط وصغير جدا.

في الواقع هي كانت تنتظر هذه الفرصة على أحر من الجمر.. ان تأتي لتفحص المكان الذي يعمل به زوجها كما أتى هو الى مدرستها ليرى الوضع والطلاب الذين يدرسون في صفها.. وهذه الفرصة أتتها على طبق من ذهب..
أطلق محمد ضحكة مرحة ويداه تعمل على تقريبها منه أكثر.. أهو متخلف متزمت اذ قال انه يرغب بدسها بين عظامه؟ ان تسري بدمائه؟ يريدها له فقط.. بكل ما بها من ايجابيات وسلبيات يعشقها ويريدها..

- ممم... وهل انت جاهزة لتحمل عواقب فعلتك حبيبتي.. عواقب هذا الجنون؟
غمغم محمد وسط ضحكاته العالية فرفعت آلاء حاجبيها بغرور وهي ترد بثقة:
- بالتأكيد! انتَ مشتاق الي وانا ايضًا مشتاقة اليك.. ولذلك أتيت لأراك ولكن على ما يبدو ان هذه المفاجأة لم تعجبك.

قضم شفته السفلى وحدقتاه تتوسمان النظر بعسل عينيها وتعبثان بأغوار فؤادها.. رفعت رأسها بخفة بإنتظار جوابه ومع ذلك لم يمنحها اي جواب بل رفع يديه عبر ظهرها وصولًا الى عنقها ومؤخرة رأسها ليثبت رأسها بين راحتيه ثم رسى بشفتيها على ميناء ثغرها وقبلها كالقبطان الذي يجيد الإبحار..
إبتعد عنها بعد دقائق طويلة ليأخذ نفسًا طويلًا مرتجفًا بينما يغمغم بصوت أجش يصف قوة عاطفته:
- احبك.. انت لا تعرفين كيف كل تصرف كبير او صغير كان منكِ اراه كبيرًا وجدًا بنظري..

انحنى مرة أخرى ينوي تقبيلها فهمست متلعثمة وحمرة الخجل تهيمن على خديها كلعنة ابدية لقلبه:
- محمد.. ماذا تفعل؟ انت في العمل!

- لا يهم.. وماذا اذ كنت في العمل؟ ما الفرق؟ ومن ثم انت زوجتي فليس من شأنهم ولا يحق لهم التدخل.
قال مبتسمًا ثم قبّلها مرة اخرى لتضغط اناملها المستريحة على الجهة اليسرى من صدره على قميصه وهي تسمع الدوي العنيف لدقات قلبه..
ابتعدت عنه بعد دقائق قصيرة ثم غادرت بحجة المدرسة وهو العمل.. وخرجت بوضع مضطرب كما فعلت به تمامًا..

*******************
كتمت ضحكتها بصعوبة وهي ترى التجهم والإحباط على وجهه.. لقد عادت من المدرسة لتجد الشقة كلها مختلفة.. الشموع والورود متناثرة في الصالة بطريقة رومنسية فرنسية.. رائحة العطر ورائحة الطعام الشهي الذي أعده لها بنفسه تغلغلت الى اعماقها لتبتسم بإنتشاء والسعادة تلهو بروحها دون تصديق.. تتمنى ان لا تزول هذه السعادة ابدًا..

بحثت بعينيها عنه ووجدته يقف في شرفة المنزل يشرب سيجارته كالمعتاد.. كان يقف بقامته الطويلة حافي القدمين ويستند بساعديه على حافة الشرفة مرتديًا سروالًا قصيرًا رمادي اللون وبلوزة سوداء ضيقة بعض الشيء تحدد مبنى منكبيه.. بدى في قمة الوسامة وهو يقف بهذه الطريقة بينما اصابعه تلاعب السيجارة وتضعها في فمه لينفث دخانها..

تسللت بخفة وبإبتسامة واسعة عانقته من الخلف هامسة بنعومة:
- لقد عدتَ مبكرًا حبيبي.

اطفأ محمد سيجارته في المنضدة الحديدية قبل ان يستدير ليواجه وجهها المشرق بإبتسامة شغوفة ويضمها الى صدره اكثر..
- اليوم هو نهاية الأسبوع فقررت ان نمرح قليلًا ونقضي بعض الوقت معًا.

همهمت وهي تتطلع الى الخريف الهائج في مقلتيه فتتسع إبتسامتها وهو يطلب منها تغيير ثيابها ريثما ينتهي من تسخين الطعام..
- محمد..
همست حروف اسمه بعذوبة جعلت روحه ترفرف بلا تلبُّث فغمغم محمد بهيام مستجيبًا بسرعة عجيبة لفتنتها:
- عيون وروح محمد!

- أحبك!
نطقتها بعذوبة أشد ليطلق تنهيدة عميقة ثم يبتعد عنها.. هذه الأنثى تفعل الويلات بقلبه المسكين دون ان تعلم.. توهن قوته وتبعثر صموده وتفاقم من تشتت خفقاته.. هي جميلة.. جميلة جدًا.. جميلة الروح والقلب.. جميلة الوجه والجسد.. ربما هي ليست أجمل نساء الأرض.. ولكنها امرأة قلبه الجميلة.. تستحوذ على روحه بكلمة جميلة منها.. هو هائم بها.. دومًا متلهف اليها.. عشقه لها كلما يزداد.. يتحكم به دون هوادة..
قال محمد بخشونة لا يقصدها:
- هيّا اذهبي وافعلي ما قلت لأنني اذا اقتربت منك الآن لن نتناول الطعام اطلاقًا.

رفعت يديها بإستسلام مضحك ثم همت بالمغادرة ليوقفها اتصال عمتهما ليرد محمد وسرعان ما كان ينقلب حاله حينما عرف ان عمتهما في طريقها اليهما برفقة زوجها.. حاولت آلاء تهدئته بينما تنطلق ضحكاتها كموسيقى صاخبة رغمًا عنها فتغيظه اكثر مما هو مغتاظ..

بعد ما يقارب النصف ساعة كانا يجلسان معهما لتكتم آلاء ضيقها وعمتها كل بضعة دقائق تقول "تبدين حامل.. ولكن كيف بهذه السرعة؟"
اجابتها آلاء بهدوء قدر الإمكان:
- لا عمتي.. كل ما في الأمر انني متعبة من المدرسة واعمال المنزل فقط.

- اذ كنتِ تتعبين هكذا لماذا لا تتركين المدرسة وتجلسين في المنزل؟ انتِ الآن متزوجة وغدًا سيصبح لديك اطفال وسيزداد تعبك لاحقًا ما بين زوج ومنزل ودراسة واطفال لذلك اتركي المدرسة حتى لا تتعبي.
تطلعت آلاء الى محمد بضيق شديد فأجاب هو بدلًا عنها على كلام عمتهما:
- حتى لو كانت هي من لا تود الذهاب الى المدرسة انا لن اسمح بهذا الشيء.. هي يجب ان تتابع تعليمها وتنهي دراستها وتعمل ايضًا.. الذين انهوا تعليمهم وعملوا ليسوا بأفضل منها.. بالإضافة الى ذلك نحن لسنا لدينا اي سبب يجعلها تتوقف عن متابعة تعليمها وحتى لو صار هناك سبب انا سأكون موجودًا لأساعدها وأهلنا كذلك الأمر سيساعدونا.. وآلاء لا تقصر بشيء معي فلماذا احرمها من شيء هي تحبه؟

إمتقع وجه العمة صفاء من رد محمد فقالت بإبتسامة باهتة:
- بالتأكيد حبيبي اذا كنتما قادران على تنظيم وقتكما بين العمل والمنزل فلا بأس.. انا فقط اتحدث لآجلها لأنني ارى التعب واضحًا عليها.

نظرت آلاء اليه بإمتنان ومنحته ابتسامة شغوفة ليرد محمد اليها الابتسامة ويقول موجهًا حديثه للعمة صفاء:
- لا.. انا منذ الصباح حتى المساء في العمل وهي حينما تنتهي من المدرسة تعود الى المنزل وتنهي اعمال المنزل كلها وخلال هذا الوقت أكون لم أعد بعد...
ثم اشار على واجب الضيافة الموضوع على الطاولة وتابع:
- انظري الى هذه المعجنات والحلويات التي امامك.. جميعها من صنع أيديها أي اننا لم نشتري اي شيء من الخارج فلماذا تجلس يا عمتي في المنزل اذا كانت تستطيع القيام بكل شيء؟

تمتمت صفاء متبرمة:
- بناتنا كلهن هكذا.. ليوفقكما الله.

********************
لا بد انها يجب ان تكافئه عن دفاعه عنها امام عمتهما صفاء بهذا الكلام الرائع ولا شك انها ستفعل.. إرتدت فستانًا احمر اللون لا بد انه سيفقده صوابه بتحديده لكل منحنيات جسدها الأنثوية بدقة ووضعت احمر شفاه قاتم اللون.. وبعد ان جهزت نفسها كما يجب خرجت اليه حيث ينتظرها في الصالة..

إبتسمت بخفة وهي تراه مندمجًا بعمله في الحاسوب خاصته لدرجة انه لم ينتبه الى وجودها.. على ما يبدو انها تأخرت عليه اكثر مما يجب..
وضعت اغنية "ماشي براحتك" للمغنية ميريام فارس عبر هاتفها فرفع رأسه سريعًا بغيظ من الصوت العالي في هذا الوقت المتأخر من الليل..

سيطرت الصدمة عليه لأقل من دقيقة قبل ان تنطق عيناه بالإنبهار.. تأملها من اخمص قدميها الحافيتين حتى وجهها الفاتن..
اخذت تتمايل امامه وهي تردد كلمات الأغنية بإنطلاق فتتيح له رؤية مفاتنها اكثر.. شعرها المنسدل اخذ يتحرك مع حركاتها المحترفة ليكشف عن بهاء ظهرها العاري..

بدت كإحدى الأساطير.. امرأة من العهد القديم.. تتفنن بغنائها ورقصها.. امرأة تجيد الإغراء.. تقتل دون عذاب..
لا هي ليست سحرًا بل تعويذة عجيبة لا فكاك ابدًا منها..
عيناه كادت تلتهمها وهو يدخن سيجارته بينما يراقب كل حركة بسيطة تقوم بها.. رباه هذه المرأة ربما ستقتله يومًا ما من فرط عشقه اليها.. آه كم ان العشق مهلك رغم حلاوته وعذوبته..

لا زالت منطلقة برقصها والخجل يرتسم على محياها.. ولكنها آلاء.. عاشقة الرقص.. القصيرة ذات المفعول الأقوى من الطويلة بألاف المرات.. الجريئة الخجول..
قبل ان تنتهي السيجارة كان يطفئها وينهض اليها دون اي سيطرة على جسده.. قدماه فقط من تقوده اليها..
توقفت عن الرقص حينما جذبها الى حضنه بقوة وهمس بتوله:
- حرام عليك! ما الذي تفعلينه بي؟ انت تدمريني.. انا سأموت فقط على يدك!

- لا زلت لم انتهي بعد.
غمغمت آلاء مبتسمة فقال بخشونة محببة:
- لاحقًا سأدعك تفعلين.. الآن دعيني أرتوي منك.

- محمد!
همست بخجلٍ فقال بلوعةٍ:
- ماذا تريدين يا عيون محمد؟ ارحمي قلبي.
ضحكت بخجل ودلع بينما الإحمرار يغزو بشرة وجهها وعنقها بالكامل فهتف متأوهًا:
- سأموت يا الله.. تدلعي اكثر ليتوقف قلبي عن العمل.

- أحبك.
قالت بإبتسامة فقرّبها الى حضنه اكثر وتصنع عدم السماع:
- ماذا قلتِ؟

- أحبك.
- لم اسمع.. ماذا قلت؟
- قلت انني أحبك حيات...
إبتلع بقية حروفها بشفتيه.. كان عطشًا كما لم يكن يومًا.. كان ظمآنًا حتى الألم.. وغيرها لا شيء مستطاب.. إرتشف من رحيق شفتيها بنعومة.. بعذوبة.. كأنها أرق من ملمس الحرير..

وبعد ان حررها من زوبعة قبلته راقبته بإندهاش وهو يتصل بوالدها ليقول هذا الكلام عنها من بين حديثهما:
"عمي اتصلت بك حتى أشكرك على هذه الجوهرة الثمينة التي منحتها لي.. لو شكرتك العمر كله لن أجزيك حقك.. انت اعطيتني جوهرة وليست فتاة.. ولا تقلق عليها.. هي بأيدي أمينة"
"لا، لا تقلق عليها.. انا اخاف عليها من ذرات الهواء ويحق لك ان تخاف عليها ايضًا.. اتصلت بك فقط حتى أشكرك لأن ابنتك ونعم التربية.. جمال واخلاق وملاك وكل شيء.. وشكرًا يا عمي انك وافقت ان تعطيها لي"

توردت وجنتاها من قوة كلماته لوالدها.. هو يراها فعلًا شيئًا كبيرًا.. ويحبها كثيرًا ولا بد انها ستحبه ذات يوم مقدار ما يحبها..
تطلع محمد اليها بحب بعد ان انهى المكالمة ثم انتهت الجلسة بشغف جديد ككل مرة يقترب منها بعاطفة مختلفة أشد من سابقتها..

******************
تتوالى الأيام بالسعادة عينها.. البهجة تملأ حياتهما.. بدلاله المفرط لها.. ورومنسيته الفتّاكة..
لقد أخذها الى باريس وبقي يتجول بها من مكان الى آخر فقط ليفاقم من بهجتها التي تأسر روحه.. وبصعوبة نال على رضاها ليشتري كلبًا صغيرًا مع تهديدها له بكونها لن تهتم بالكلب ابدًا وحذرته من الاقتراب منها..

وكما يقال لا شيء يدوم طويلًا فبعد سفر والديه الى العمرة إضطر محمد ان ينتقل وإياها الى منزل أهله ليعتني بأخوته.. التوتر طغى عليهما معًا فمحمد لم يعد يستطيع أخذ راحته معها كما يشاء وهي كذلك الأمر لم تعد تستطيع التصرف بحرية اذ ان محمد طيلة الوقت يهتف بها بعصبية وغيرة..
"ملابسك عارية.. عدّلي جلستك.. أحسني كلامك.. أخفضي ضحكتك.. زوج شقيقتي غريب فلا تتحدثي معه.. اخوتي... الخ..."

لقد سئمت صدقًا هذا الوضع.. تود ان تتصرف بحرية.. مخنوقة في هذا المنزل الكبير بكثرة الممنوعات وتوتر محمد الذي نقل كل توتره اليها.. بالإضافة الى شعورها بالدوار الذي اخذ يتزايد يومًا بعد يوم..
بعد اصرار صديقتها ليسا التي تقول لها انها ربما حامل قررت ان تقوم بإجراء تحليل الحمل المنزلي.. لأنها هي حتى لم تعد تطيق نفسها بسبب عصبيتها وإرهاقها الدائم..

إبتلعت ريقها بمشاعر شتى وهي ترى النتيجة التي ظهرت.. هي حامل! لا لا ربما ذلك ليس صحيحًا.. يجب ان تذهب الى المستشفى لتتأكد قبل ان تقول لمحمد.. ولكن منذ متى هي حامل؟ شعور غريب سيطر عليها.. لا تعلم أيهما مفعوله اكبر الفرح بحملها ام خوفها من هذا الحمل الذي سيربطها بمحمد الى الأبد؟

بعد يومين..
خرجت من المدرسة متعبة كعادتها هذه الأيام.. اكثر من ثمانين طالب واقفًا بإنتظار الباصات.. وعلى الرغم من ان الليل قد أسدل ستائره بقي الحال كما هو.. حاولت الإتصال بمحمد اكثر من مرة والنتيجة هي نفسها.. هاتفه مغلق!.. فلم يكن امامها اي خيار سوى الإتصال بشقيقه غياث..

من اجابها كان محمد الذي هتف بعصبية:
- اين انت؟ لماذا تأخرت؟

- لتوي انهيت دوامي ولا يوجد باصات.
اجابته بهدوء فقال:
- مسافة الطريق فقط وسأكون عندك.

وبالفعل لم يتأخر.. فبعد ربع ساعة كان يقف بسيارته امامها..
تساءل محمد وهو ينظر الى تجمهر الطلاب بجانب محطة الباصات:
- ما الأمر؟ لماذا كل الطلاب تقف هنا؟

- لا اعلم.. كل ما في الأمر انه لا يوجد باصات.
غمغمت بإرهاق ليقول:
- لماذا تأخرتِ؟

هتفت آلاء بسخرية:
- أعتذر ولكن الآن فقط انتهيت من عملي.. كان هناك اليوم اقبالًا كبيرًا من الزبائن.. وجميعهم يريدونني بالأسم الشخصي ان ارقص لهم!

حدجها محمد بنظرات حادة وقال بصرامة:
- تكلمي بطريقة لبقة مؤدبة ام أنك لا تعرفين!

- سؤالك ليس منطقيًا فكيف تريدني ان أجيبك! انت تعلم انني لدي امتحانات هذه الفترة فبالتأكيد ساتأخر.
وانا منذ الساعة الخامسة عصرًا انهيت دوامي ولكن لم يكن هناك باصات لأعود الى المنزل وانت ايضًا لا ترد على اتصالاتي.
تمتمت بسخط فصمت الى ان اقتربا من المنزل..
- لا تصعدي بسرعة الى الغرفة.. اجلسي قليلًا مع اهلي وبعد ذلك أصعدي.

****************
لقد تعبت.. ما بين الإعتناء بعائلة كبيرة وما بين مدرستها وامتحاناتها وإرهاقها الدائم كما يبدو لها بسبب الحمل..
أنهت امتحانها ونهضت لتسليمه ثم عادت الى مقعدها لتوضب اغراضها بينما الصداع يشتد برأسها..
فجأة اخذت الدنيا تظلم بعينيها والدوار يعصف برأسها لتفقد وعيها سريعًا وتقع على الأرض..

بعد نصف ساعة إستيقظت لتجد نفسها في الإدارة.. كيف وصلت الى هذا المكان؟ آخر ما تتذكره انها كانت في الصف توضب اغراصها حتى تغادر وبعد ذلك لا تعلم اي شيء..
عرفت من السكرتيرة انهم اتصلوا بمحمد ليأتي.. وبالفعل بعد عدة دقائق كان يدخل محمد إدارة المدرسة حيث تجلس بوجه شاحب مرعوب..
تساءل محمد بقلق شديد وهو يتفقدها بعينيه:
- ما الذي حدث؟ هل يؤلمك شيئًا ما؟ كيف تشعرين الآن؟

بعد ان تأكد من سلامتها هدر بتأنيب وهو يكاد يفقد عقله من شدة خوفه عليها وإهمالها بصحتها:
- اذا كنت تعلمين انك متعبة فلماذا تذهبين من الاساس الى المدرسة ام انك فقط تودين العناد سيدة آلاء؟

أطلقت العنان لضحكاتها لتنطلق دون ان تسيطر عليها.. تشعر انها تجلس امام شخص مجنون متقلب المزاج.. تارةً خائفًا مرعوبًا عليها وتارةً أخرى غاضبًا منفعلًا عليها..
إستفزته وهي تضحك هكذا فهتف بإقتضاب:
- أنظروا اليها كيف تضحك بحق الله! هل قلت شيئًا مضحكًا؟

نفت برأسها وهي تقول:
- لا لم تقل شيئًا نضحكًا ولكن سيطرت علي رغبة قوية بالضحك.. فماذا افعل؟ ومن ثم انا خرجت صباحًا من المنزل بحال جيد ولكنني الآن فقط تعبت.. الموضوع ليس عنادا ولا اي شيء اخر.

هتف محمد بتهديد:
- اذًا هيا انهضي لأخذك الى المستشفى وارى سبب تعبك هذا وسبب وقوعك كل قليل.. ولكن يا آلاء أقسم بالله اذا كان نقص فيتامينات بسبب قلة الأكل سترين شيئًا في حياتك كلها لم تريه مني.. انت تشعرينني وكأنني ادعك تعيشين في مجاعة!

لم تنبس ببنت شفة وإكتفت بمحاولتها إلجام ضحكاتها من التحرر.. كانت مطمئنة لانها تعلم ان سبب فقدانها الوعي وإرهاقها هو الحمل لا غير.. ولكنها لم تود ان تخبره فالآن سيتأكدان بأنفسهما اذ كانت حاملًا او لا..
بعد ان سألتها طبيبة النساء بعض الاسئلة واجرت لها بعض الفحوصات جلست بإبتسامة امامهما وقالت:
- مبارك لكما انتِ حامل في الأسبوع العاشر.

لم يصدق اذنيه وهو يوثب سريعًا عن مقعده ليعانقها ويقبلها أمام الطبيبة المبتسمة.. رباه لا يصدق! هي حامل بطفله! معشوقة قلبه تحمل قطعة منه.. رغم السعادة التي تفشت في روحه لم يستطيع ردع وقاحته وعبثه فغمز لها وقال امام الطبيبة التي لم تفهم اي كلمة من لغتهما:
- مبارك لنا حبيبتي.. اجل بالتأكيد ستكونين حامل.. هل يعتقدون اننا كنا نلعب بعبثٍ؟ نحن ناس تعمل بضمير وإجتهاد قوي!

طأطأت بخجل وصمتت الا انها لم تقدر على منع الفكرة القاسية التي هاجمت رأسها وحطمت فرحتها.. هي حامل منذ ليلة زفافهما.. منذ تلك الليلة القاسية التي اذاها بطريقة محال ان تنساها يومًا!

---------------------------
يتبع..
أعتذر على التأخير..

٥٠٠ لايك و ٢٥٠ كومنت ينزل بسرعة الفصل اللي بعده..

رأيكم بالفصل؟
توقعات؟
ما تقلقوا النكد في الطريق..
استمتعوا شوي بس بهاللحظات..

قراءة ممتعة..
مع حبي:
أسيل الباش


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:27 AM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الرابع عشر
سألوني كثيراً يا ابتسامتي الرغيدة..
أين هو وطنك الذي تعشق فيه العيش؟
وهل تعرفين ما كانت إجابتي الزهيدة؟
لا وطن ما دامت امرأو روحي عني بعيدة..
سألوني يا حبيبتي أين ارضك الصامدة؟
فأجبت شامخًا برأسي بكل خيلاء
امرأتي هي أرض لا تحطمها مدافع ولا حديد..
وسألوني مرة أخرى يا كاردينتي الحبيبة..
هل انت في عشقها اسير ام هي في غرامك شهيدة؟
فابتسمت دون ان اجيب للعيون التي لحبنا حاسدة وهمست: هل الطفل في ملاذ امه فقيدا؟

---------------------------
جلست في منزل أهلها براحة كما تمنت ورغبت.. كانت قد دعوتهما والدتها الى الغداء بمناسبة حملها.. لم يبقى احدًا من عائلتهما الا واخبرهما محمد بحملها بكل غرور وإفتخار..
قال والدها بغيظ موجهًا كلامه لمحمد:
- ألم تشعر بالخجل وانت تتصل بي وتقول ابنتك حامل؟!

اجابه محمد بشقاوة ووقاحة:
- ماذا تريدني ان اقول لك في حين انها منذ اكثر من شهرين تنام بجانبي؟ ماذا تعتقدني سأفعل كل هذا الوقت؟ هذه هي نهاية التي تنام خارج المنزل.. عيب يا عمي ان أعيدها اليك فارغة.. يجب ان املئها.. وانت تعلم انها لم تكن في اي منزل.. بل كانت في منزل محمد الذي يحافظ على الأمانة ويعيدها لصاحبها بإضافات.. يعني انا اخذت ابنتك منك لوحدها والآن هي صارت شخصين وليس واحدًا.. من المفترض ان تشكرني يا عمي بدلًا ان تقول هذا الكلام.

وتابع محمد بذات العبث دون ذرة خجل:
- ومن ثم عمي نحن كنا نعمل.. يعني حينما اتصلت لك قبل فترة اشكرك على هذه الجوهرة واخبرتك ان تدعي لي فورائي عملًا لأنني اريد تبييض وجوهكم وانهيت المكالمة ماذا ظنننتي افعل؟ هذه هي نتيجة العمل بجدارة.. انا لم اكن الهو وانت تضحك!

لم تعرف أين تخفي وجهها الذي كان ينفجر من شدة احمراره بسبب هذا الوقح عديم الخجل الذي ابتلاها الله به.. ويلومها على لسانها الطويل وهو...؟
تشبثت بسترة شقيقها ايلام تخفي وجهها بظهره وهي تسمع والدها يقول:
- إخجل يا ولد.. انا عمك وهذه ابنتي.. إعمل للعيب حساب قليلًا ولا تتواقح هكذا.

هتف ايلام بعبث وهو ينظر بطرف عينه الى شقيقته التي تختبئ خلف ظهره:
- اخرجي.. ولا تختبئي خلفي.. كيف تعيشين مع هذا الرجل بحق الله؟
ثم تطلع الى محمد وقال بغيظ:
- آجل لقد فهمنا سيد محمد ماذا كنت تفعل.

تمتم محمد دون اكتراث:
- انت ايضًا تفعل مع شقيقتي نفس الذي افعله مع شقيقتك وقبلي ايضًا.

- بالتأكيد.. انا قبلك بفترة طويلة.. هل تريد بعض الدروس؟
قال ايلام بوقاحة هو الآخر ليرد محمد عليه بإبتسامة ملتوية:
- لا.. اسأل شقيقتك اذ كنت بحاجة لدروسٍ او لا.

رباه ما هذه الوقاحة التي تسري بدماء رجال هذه العائلة.. شعرت بجسدها كله يتضرج بحمرة قانية وليس فقط وجهها.. شتمت بصوت منخفض وهي تلعن الساعة التي تزوجت بها من هذا عديم الذوق والخجل.. الا يراعي خجلها قليلًا؟
شكرت الله وكادت ان تهرع لوالدها الذي أخذ يوبخهما على وقاحتهما وتقبله.. ولكن بأي عين ستنظر الى والدها الآن بعد كلام هذا الوقح الذي يتطلع اليها بتباهي وكأنه يفتخر بوقاحته!

**************
بعد مرور ثلاثة ايام..
الضيق اخذ يستشري في روحها حالما دخل الى المطبخ ووجدها واقفة تنظف.. التعب بلغ مبلغه منها.. طلبات محمد لا تنتهي وهي من شدة التعب لم تعد تحقق له شيئًا منها.. الحمل يرهقها والإعتناء بالمنزل والعائلة يزيد من إرهاقها بدرجة لا تطاق..

وكالمعتاد وقف محمد يتكلم بغيظ لتتجاهله وتفضل الصمت فهدر بحدة:
- ألست أكلمك؟

- ماذا افعل محمد اذ كانوا اخوتك مدللين اكثر مما يجب واختك الكبيرة تقول انا ضيفة والأخرى تقول لا استطيع ان اعمل لأن أمي مسافرة وانا حزينة عليها؟ كل شيء يقع على عاتقي انا.. منذ الصباح حتى المساء ابقى أعمل ولا اصدق ان يأتي الليل لأنام وارتاح قليلًا!
هتفت آلاء بإنفعال ليقول محمد بعناد وإصرار:
- ذلك لا يهمني.. انا أريد ان استفرد بك وليعتنوا هم في المنزل.. أقسم بالله انني سأفتعل فضيحة في المنزل اذا استمر هذا الحال... هل تفهمين ماذا يعني منذ يومين؟ منذ يومين...

دخل غياث الى المطبخ متسائلًا:
- ما خطبك تصيح منذ يومين؟ منذ يومين ماذا؟

إستدارت سريعًا لتستمر بغسيل الأطباق وهي تسمع محمد يرد بسخط:
- لا شيء.. منذ عدة ايام لم اتناول الطعام.

- الم تكن جالسًا معنا قبل قليل تتناول الطعام؟
تمتم غياث بتعجب وهو ينظر الى محمد فحدجه الآخر بنظرة حارقة وزمجر بإحتدام:
- غياث اخرج من هنا.. رجل يتحدث مع زوجته فما شأنك انت؟

لم يحتاج غياث كثيرًا حتى يفهم المعنى من كلام محمد خاصةً وآلاء تدير وجهها عنهما وكأنها لا تسمع ما يجري في المطبخ فقال بإبتسامة خبيثة:
- آه حسنًا.. وماذا ستفعل للذي يجعلك تتناول طعامك اليوم؟

- كيف ذلك وحضراتكم لا تنامون الا حينما ينام الجميع كخفافيش الليل؟
تمتم محمد بحنق فضحك غياث بإستمتاع:
- ماذا ستعطي للذي يفرغ لك المنزل بعد قليل؟

- أدعه يسهر غدًا.
اجابه محمد ليقول غياث قبل ان يخرج ضاحكًا:
- حسنًا اذًا.. انتظر لنصف ساعة وسترى المنزل كله فارغ لآجلك.

صعدت الى غرفتهما والضيق يستحكم روحها.. كيف يتحدثان هكذا امامها دون اي اعتبار لوجودها؟ شتمت بحنق وهي تجلس على السرير بينما الموقف عينه يتكرر امامها.. رباه ألا يوجد حدود للوقاحة التي تمشي في دماء رجال هذه العائلة اللعينة؟ الإحراج يخنقها ويثير عصبيتها.. سحقًا لهم جميعًا..

حينما دخل محمد خلفها متباهيًا بكون المنزل قد فرغ من الجميع عداهما هدرت آلاء بعصبية لم تسيطر عليها:
- كيف تتحدث هكذا مع غياث بينما انا موجودة؟

- انا لم أقل له اي شيء.. هو فهم الموضوع لوحده.. ودعيني الآن احتفل بمناسبة حملك لأنني لا زلت حتى لم القي تحية السلام على ابني.
قال محمد بعبث فتمتمت بغيظ:
- قليل ادب!

- وانا اعشق قلة الأدب حبيبتي.
همس وهو يدنو منها ليلقي تحية السلام على طفليهما بحرارة.. طفله الحبيب هذا.. المتربع في رحم امرأته الحبيبة.. فلا بد ان يكون السلام مختلفًا..

********************
لم تصدق انه قد وافق ان تنام في منزل اهلها بعد الإسطوانة المعتادة ورجائها له بكونها متعبة جدًا..
رغم غضبه من طلبها البقاء والنوم في منزل اهلها الا انه وافق بعصبية شديدة ثم غادر منزل اهلها..
رباه.. لماذا لا يبقى لطيفًا متفهمًا كما كان صباح اليوم؟ لماذا يجب ان يتحول الى محمد العصبي المخيف؟

صباح هذا اليوم استيقظت متعبة للغاية ليست لديها القوة لتحمل اي شيء والضيق يسيطر عليها فأرغمها على النهوض حتى يذهبان لشراء الملابس لها..
وفعلًا أحست بإمتنان كبير تجاهه لأنها كانت بحاجة للترفيه قليلًا عن نفسها.. وبعد ذلك اصطحبها الى منزل اهلها لتجلس وسطهم وطلبت منه ان تنام في منزلهم الا انه رفض فحزنت الاء ليهتف بموافقته رغمًا عنه..

لم تطمئن لموافقته الغريبة.. ولكن مع ذلك كانت بحاجة للإبتعاد عن منزل أهله وعن الضغوطات كلها.. تنفست الصعداء وهي تتطلع برضى الى غرفتها.. هذه هي المرة الأولى التي تنام في منزل اهلها منذ زواجها.. اخيرًا تحقق مبتغاها..

في المساء..
اتصلت به اكثر من مرة ومع ذلك لم يرد على اي من اتصالاتها.. قضمت شفتها السفلى وهي تحاول الإتصال به مرة اخرى دون اي نتيجة تُذكر..
ارسلت رسالة الى غياث تسأله عن مكان محمد.. وكادت تجن من شدة الغيظ وهو يرد على رسالتها..
"خرجنا لنسهر مع اصدقائنا في ملهى ليلي"

اللعين.. هل ينتقم منها لأنها رفضت ان تعود معه الى المنزل؟ ليرى اذًا من هي التي ستعود غدًا برفقته.. يلوي لها ذراعها حتى لا تتجرأ وتطلب مرة اخرى النوم في منزل اهلها.. حسنًا اذًا لن تكون آلاء اذا لم تدمر له سهرته..
"محمد.. لقد اتصلت لأخبرك انني الآن في منزل صديقتي.. جميع الفتيات تجمعن في منزلها وانا خرجت اليهن ايضًا لأنني لم اراهن منذ فترة طويلة وكما تعلم اليوم هو نهاية الأسبوع.. اتصلت عدة مرات لأخبرك ولكنك لم ترد على مكالماتي.. ما يهم ان تعلم الآن انني اجلس برفقتهن ومن المحتمل ان انام برفقتهن او ربما اعود بعد الساعة الثالثة ليلًا.. تصبح على خير"

بعثت الرسالة لمحمد وجلست بإبتسامة ماكرة تنتظر جوابه فلم تمر دقيقة واحدة حتى ترى اسمه يضيء شاشة هاتفها.. إحتدت وطأة الوميض الماكر في حدقتيها وهي ترد عليه بصوت ناعم ليهدر بعصبية:
- اين انت؟

- في منزل صديقتي اسراء.
اجابت آلاء بهدوء فهتف محمد بغضب وإهتياج:
- الآن وحالًا تعودين الى منزل.. هل يوجد امرأة محترمة تبقى حتى هذه الساعة خارج المنزل؟

- اولًا انا لست في ملهى ليلي حتى تقول لي هذا الكلام! انا في منزل صديقتي واجلس مع فتيات مثلي ولم اخرج لأسهر واشرب الخمر والهو مع الفتيات وارقص.. ولن اعود سيد محمد مهما فعلت وقلت الا بعد ساعتين.
القت كلماتها العنيفة ودون ان تسمع رده الغاضب كانت تعلق الخط ثم الهاتف ببرود شديد وتنام قريرة العين.. بعد ان دمرت له سهرت واثارت جنونه في هذا الوقت المتأخر..

****************
- ابي هل بإمكانك الإتصال بمحمد لتطلب منه ان ابقى ايضًا اليوم هنا لأنني مرهقة ولا اود ان اعود.
قالت آلاء لوالدها بعد تناولها الفطور فغمغم كريم:
- لقد اتصلت به قبل ان تطلبي يا ابنتي وقلت له اننا لم نراكِ البارحة منذ الساعة الحادية عشر مساءًا وطلبت منه ان تبقي ايضًا اليوم ولكنه لم يوافق وقال انكما مدعوين على العشاء ولا يستطيع ان يعتذر من الناس ووعدني انه سيدعك تنامين مرة اخرى.

كاد ان يُغمى عليها وهي تسمع كلام والدها.. لمذا قال لمحمد هذا الكلام وجعلها تبدو كاذبة؟ رباه محمد سيقتلها اليوم لا سيما لأنها كذبت عليه.. كيف ستنقذ نفسها من هذا الموقف التي وضعت نفسها به بيديها؟
بعد ساعتين كان تجلس بجواره في السيارة.. الغضب يرتسم على وجهه بمهارة خاصةً بعد ان سأل والدتها مرة أخرى متى نامت وأجابته في تمام الساعة الحادية عشر..

لم تعرف كيف تخرج سليمة وبأقل اضرار من هذه المصيبة ولكن لا بد انها ستجد طريقة ما تنقذ نفسها بها..
تساءل محمد بعصبية:
- لماذا كذبت؟ هل يعجبك ان ترفعي لي ضغطي؟ انتِ ترتاحين كما يبدو لي حينما ترينني غاضبًا.

كادت ان تتحداه وتقول "آجل، ارتاح نفسيًا حالما اراكً غاضبًا" ولكنها عوضًا عن ذلك فضلت إستخدام المكر لتمنع نفسها من تلقي عقابه..
- لا حبيبي، في الواقع انا كنت اشعر بشوق شديد اليك وخجلت ان اقول لك.. ولذلك فقط قررت اثارة غضبك حتى احدث مشكلة وبالتأكيد انت ستأتي الي.. لأنني اعلم انك محال ان تدعني ابقى خارج المنزل حتى هذا الوقت المتأخر من الليل.. كنت واثقة انك ستأتي الي لأراك ولنعود الى شقتنا ولكنك لم تلقي لي بالًا وفضلت ان تتابع سهرتك مع اصدقائك بدلًا من العودة الي لنبقى معًا.

نظر اليها بطرف عينه بغيظ لثوان معدودة قبل ان يعيد نظره الى الطريق امامه ويقول بصرامة:
- اقسم بالله لو انك لستِ حاملًا كنت سأجعلك تندمين على هذه الأفعال.. وكأنني لا أعرفك وافعالك يا الاء!

لم تتجرأ وترد عليه فإختارت الصمت لتلوذ بالفرار من هذا الجدال العقيم.. وكما أيقنت كان يكذب فلا يوجد عزومة.. المصيبة انهما يفهمان بعضهما البعض.. هو يعلم انها تكذب بكل كلمة نطقتها وهي تدري انه يكذب بموضوع العزومة.. محمد ذكي وهي كذلك الأمر وهذا صدقًا صعب عليهما معًا لأن كل منهما يفهم ماذا يخطط وماذا يفكر الآخر..

حينما وصلا جلسا مع العائلة يتبادلون اطراف الحديث.. ثم نهضت بسبب طلب محمد منها ان تعد له كوبًا من الشاي..
نفذت طلبه بهدوء شديد وحينما عادت وناولت محمد الكوب قال سمير زوج شقيقته ايمان:
- انا ايضًا اريد كوبًا من الشاي.

استفزها.. حقًا استفزها.. لماذا لم يطلب منها قبل عودتها من المطبخ ام انه يراها خادمة تعمل لديهم؟
تطلعت آلاء بعصبية مكتومة الى زوجته ايمان وقالت بإستفزاز:
- انهضي انت واحضري لزوجك ما يريد.

ثم استدارت لتجلس فيردعها صوت محمد الغاضب وهو يصيح بأسمها:
- آلاااااااااء!

إنتفض جسدها من عنف صوته فسارت بجمود نحو المطبخ ثم عادت ووضعت كوب الشاي على الطاولة وصعدت الى غرفتهما مسرعة وهي تتمنى الصراخ وتحطيم هذا المنزل اللعين على رؤوسهم كلهم.. لقد صاح بها امامهم جميعم! جميعهم يرونها خادمة.. ماذا يعتقدونها!! تبًّا لهم وله..
شعرت به يتبعها وما ان اغلق الباب استدار اليها وهتف بحدة:
- ما هذا الذي فعلتيه في الأسفل؟

- لم افعل اي شيء.
قالت ببرود فهتف:
- بل فعلت وتعلمين انك مخطئة ايضًا.

- انا لست خادمة هنا لديكم.. عملي ان ارى طلباتك انت فقط.. زوجته كانت جالسة لماذا لا تنهض هي وترى طلبات زوجها ام ان كل شيء الحمقاء آلاء يجب ان تقوم به؟
صاحت آلاء بعصبية وتابعت بصراخ وهي تتطلع اليه بوحشية:
لماذا تزوجتني؟ لماذا اخذتني من اهلي؟ هل احضرتني لأخدمك انت وأهلك؟ انا من الاساس مخطئة لأنني وافقت على الزواج بك.. لماذا تصيح بي امامهم في حين انا لم اخطأ؟ اين الخطأ فيما فعلت؟ انا لست مخطئة.

رغم تمرد عصبيته واهتياج عروقه نظر محمد اليها بهدوء وقال:
- سأتصل بوالدك واخبره ان ابنتك عديمة التربية ولا تلمني اذا أذيتها!

انهارت تماما وهي تصيح بينما تضرب نفسها كمن فقدت رشدها:
- اذا كنت عديمة تربية لماذا تبقيني هنا؟ اذا كان لساني طويلًا كما تقول لماذا تبقيني بجانبك؟ أعدني الى أهلي.. أعدني....

لم يسكت تدفق كلماتها المجنونية سوى يده التي هوت على وجنتها بصفعة قاسية بينما يهدر بصوت متحشرج غاضب:
- سأتصل بوالدك!

جلست على السرير تبكي بعد خروجه.. مرعوبة جدًا.. خائفة ان يخبر والدها بالذي حدث وينقل اليه التفاصيل بصورة خاطئة فيحزن ويغضب منها.. لم تكن خائفة من محمد ابدًا.. الحقير لعنه الله.. لقد صفعها رغم قسمه انه لن يضربها ابدًا..

لا تعلم كيف ومتى كانت تنام وما اوقظها فقط هو شعورها به يولج الى الغرفة في الساعة الثالثة ليلًا ورائحة الخمر تفوح منه بعد ان اختفى طيلة اليوم..
وكأن اخر ما يتردد في ذهنها قبل ان تجذبها دوامة النوم الى اعماقها هو ان محمد يشرب الخمر..
لا تعلم اذا كان معتادًا دومًا على احتساء الخمر او ان هذه هي المرة الأولى له..

منذ ذلك اليوم الذي تشاجرا به وهي لم ترى وجهه او تسمع حتى صوته.. كانت تنام قبل ان يعود الى المنزل وتستيقظ صباحًا بعد ان يغادر الى عمله.. وحقًا هذا الشيء طمئنها وأراحها..
كانت هي الأخرى تقضي معظم وقتها خارج المنزل.. حتى انها لم تكن تتناول الطعام في منزل عائلته.. تجنبت التواجد مع كل اخوته.. لا تنظف.. لا تجلس معهم.. ولا تتحدث اليهم..

لقد مرّ ثلاثة ايام بالضبط دون ان تراه وتتمنى صدقًا ان لا تراه اطلاقًا.. اهانته لها امام عائلته لا تنساها ابدًا ولن تتهاون بعد الآن.. هي ليست مجبرة على الاعتناء بأحد منهم.. ناهيك عن ضربه لها بعد ان قسم امام عائلتها انه لن يفعل ابدًا..
في هذا الوقت اي حاليًا فعلًا كرهته.. يرفعها دومًا لعنان السماء بغزله ورومنسيته ثم يلقيها بكل قسوة في غور الأرض.. لقد ملّت من تقلبات مزاجه.. من قسوته اللا منتهية ومن رومنسيته وحنانه.. لماذا لا يرتكز على حال واحد بحق الله؟

اليوم بعكس الأيام السابقة اضطرت ان تعود مبكرًا الى المنزل بما ان دوامها انتهى مبكرًا.. دلفت الى المنزل بهدوء لتتمنى بشكل فوري لو انها تعود الى صديقاتها وتجلس معهن عوضًا عن رؤيته في المنزل هو الآخر..
كان الغداء جاهزًا فجلست على الطاولة تتناول الطعام بهدوء دون ان تتفوه بكلمة واحدة على الرغم من نظراته التي تكاد تفترسها دون اي خجل.. عيناه تراقبان كل حركة تقوم بها بتركيزٍ شديد..

اشتاق اليها.. حينما كان يعود الى المنزل في الأيام السابقة كان يراها نائمة بسلام بينما هو يحترق.. يعلم انها محقة بغضبها ويلعن يده التي خانت قلبه وصفعتها.. لم يكن يود ان يصل الحال بهما الى ما هو عليه الآن ويعود الى نقطة الصفر مرة أخرى ولكنه لم يستطيع السيطرة على عصبيته..
غضبه كان متراكمًا منذ رسالتها وكذبها بكونها خارج المنزل في وقتٍ متأخر وبعد ذلك رؤيته لها تفقد السيطرة على نفسها وتضرب نفسها بهيستريا.. فلم يكن امامه خيارًا اخر سوى ضربها عسى ان يعود اليها رشدها بعد كلامها المثير للإستفزاز..

في ذلك اليوم خرج والغضب يعصف به عصفًا من نفسه قبل ان يكون منها هي.. لقد ضربها رغمًا عنه.. يده بعد خروجه بقيت ترتجف بإنفعال.. كره نفسه لآجلها.. هو يراها تتعب ولكن ليس بوسعه ان يقول اي شيء فهؤلاء اهله.. وحينما يصل الموضوع اليهم يكون الخط احمرًا..
لقد غادر المنزل بأكمله وذهب ليجلس مع صديقٍ له والضيق يجثم فوق صدره ويثقل روحه غضبًا.. لم يكن يريد ان يشرب الخمر ولكن حينما عرض عليه صديقه كأسًا من الخمر اغراه شيطانه واحتسى الكأس كله عسى ان ينسى ما دار بينه وبينها..

في الأيام السابقة قصد البقاء خارج المنزل لوقت متأخر والمغادرة قبل ان تستيقظ من نومها فلم يكن جاهزًا للمواجهة.. رغم اشتياقه اليها كان يبتعد عنها ليمنحها فرصة كبيرة حتى تهدأ ولكن اليوم كما يبدو حانت المواجهة فها هي تجلس امامه تتناول الطعام ببرود شديد دون ان تأبه بنظراته التي تكاد تخترقها..

راقب غيّاث ما يدور بين شقيقة وزوجته بإستمتاع صامت.. شقيقه الغاضب والذي يكاد ان يلتهم زوجته بدلًا من الطعام من قوة نظراته.. وزوجته الباردة التي لم تنظر اليه ولو خطئًا!
إبتسم بمرح ثم تساءل موجهًا كلامه لآلاء العابسة:
- ما هي الأخبار؟

ضحكت آلاء قاصدة ان تغيظ الأحمق زوجها وقالت:
- الأخبار كلها خير.. لقد احضرت لك الشيء الذي طلبته مني.. ولكن لا تنسى الوعد الذي قطعته علي وسأكون دائمًا في الخدمة يا قلبي.

- انتِ فقط تأمرين.. وفي أي وقت ترغبين ان أخذك سأفعل.
قال غيّاث ضاحكًا ليهدر محمد بحدة:
- وفقًا لما اعتقد ان الكلام لا يصح على الطعام.. واذا كنتما تريدان الحديث بشيء ما بينما نحن جالسون تحدثوا بوضوح لا بألغاز.

تطلعا غيّاث وآلاء الى بعضهما البعض وضحكا ليهم محمد ان ينهض ويحطم فم شقيقه.. تتجاهله وتفضل الحديث مع شقيقه بدلًا عنها.. وتعقد صفقات ايضًا دون علمه! ستفقده عقله هذه المرأة حتمًا..
وثب محمد عن مقعده بعصبية وهتف بينما يتطلع الى شقيقه:
- حينما تنهي طعامك تعال الي.. لا اريد ان اجدك جالسًا مع النساء.

- ان شاء الله اخي.
اجابه غيّاث بمرح ليحدجهما محمد بنظرات ساخطة قبل ان يسير مبتعدًا..

*******************
وقفت تقطع حبوب الفاكهة في المطبخ لآجلها.. فلم يعد يهمها اي احد منهم..
شعرت به يقترب منها من عطره الرجولي التي حفظته دون الحاجة للنظر اليه فتابعت يداها ما تفعله دون ان تلتفت اليه..
وقف محمد خلفها وقال بهدوء بينما يتطلع اليها:
- أسف.. أعلم انني لا يجب ان ارفع يدي عليك.. ولكنها كانت ساعة لعب بها الشيطان في عقلي.. وانت كذلك قمتِ بإستفزازي جدًا ولم تكوني في وعيك.. لا اعلم اذا كان ذلك بسبب هرمونات الحمل او شيء آخر.. ولكن استمحيني عذرًا انتِ ذاك الوقت كنتِ غير طبيعية البتّة ولم اجد أي خيار أمامي سوى ضربك حتى تعودي الى رشدك وتعرفين ماذا تتكلمين.

غلف الجمود ملامح وجهها بتبريره الواهي واعتذاره البارد.. مثير للسخرية حقًا!
حينما لم ترد عليه اردف محاولًا جعلها تتحدث اليه:
- ماذا تفعلين؟
استمرت بتجاهله ليهتف بحنقٍ:
- هل رأيت؟ تصرفاتك هذه هي من تخرج الشخص عن طوره.. رجاءًا آلاء حينما اتحدث اليك أجيبي ولا تبقي صامتة هكذا.

- حينما اتكلم لا يعجبك ويتم ضربي ايضًا وكذلك حينما لا اتكلم لا يعجبك.. ماذا افعل؟ هل اهرب كي لا يجدني احد وترتاح مني؟
تشدقت آلاء بتهكم فقال بجدية:
- لا، تكلمي.. ولكن بطريقة لبقة وأوزني كلماتك قبلًا.

استدارت اليه وهتفت:
- لا أجيد قول غير هذا الكلام.. لا اعلم كيف أجامل ولا كيف اكون منافقة.. انت تريدني ان اكون منافقة حتى ارضيك وأرضي الموجودين في هذا المنزل.

ثم التقطت صحن الفاكهة خاصتها وتركته لتذهب وتجلس قليلًا مع شقيقاته رغم نظراته الغير راضية وبعد ذلك صعدت الى غرفتهما ليلحق بها ويقول بتروي بينما يجلس على طرف السرير:
- تعالي واجلسي لنتحدث.

- ماذا تريد؟
تساءلت بضيق فقال بحزم:
- تعالي واجلسي لنتابع حديثنا.. لا تلقي كلماتك وتهربي دون سماعي.

- محمد ماذا تريد؟
هتفت آلاء بنفاذ صبر فتمتم حانقًا:
- هل افهم من كلامك هذا انك ستعيدين ما فعلتِ مرة اخرى؟

- ما الذي اعيده؟ من منا الذي اخطأ؟ انا ام انت؟
هدرت بعصبية فأجاب بهدوء:
- نحن الإثنان.. انت بطول لسانك وعدم احترامك لي.. وانا بضربي لك.. واعلم ان خطئي اكبر ولكنني أعتذر منك وأعدك انها لن تتكرر ابدًا مرة اخرى.. وان شاء الله يدي تنكسر قبل ان ترتفع عليك وتؤذيك.

بحقد هتفت:
- ليتها يا رب تنكسر وتتحطم الى قطع صغيرة جدًا حتى لا تنفع لشيء اذا عدتها او حاولت ان تعيدها.. وحتى لو اعتذرت دعني الآن لوحدي لأنني لا زلت غير مستوعبة الذي فعلته.. انت كل مرة تفعل مصيبة ما ومن ثم تأتي وتعتذر وانا كالعادة يجب ان اسامحك.
نظرت اليه واستأنفت بجدية:
- محمد هل انت متأكد من كونك تحبني ام انك تكذب علي؟ لأن الذي يحب احدًا لا يؤذيه.. او ربما تقول اضحك عليها بكلمتين؟ تارةً اغتصاب وتارةً أخرى ضرب.. حسنًا.. في المرة المقبلة ماذا ستفعل؟ ما هي المصائب والمفاجآت التي تخفيها لي؟ لأن انت في كل مرة تقوم بفعل امور لا يتقبلها العقل او يفكر لها اطلاقًا!

- كل هذا الحقد تجاهي تحملينه بقلبك؟ حسنًا تابعي...
غمغم وهو يعلم انها محقة.. لقد اذاها كثيرًا ودومًا تغفر له.. ولكن لماذا لا تفهمه؟ لقد اعتذر منها فلماذا لا تسامحه؟!

تنهدت آلاء قبل ان تقول بيأس:
- ليس بقلبي يا محمد.. ولكن انت كل مرة تفعل شيئًا يؤذيني.. كل مرة تجرحني وانا يجب ان أغفر لك اخطاءك لكي تستمر الحياة! ومع العلم ان كل الذي تفعله بي لا يُحذف بكلمة أسف! ومع ذلك اقول لنفسي كبّري عقلك يا آلاء وسامحيه لأنه يحبك وانتِ ايضًا تحبينه.
استشرست عيناها وهي تضيف:
- لو انني اسمع امرأة تقول زوجها ضربها او فعل شيئًا مما تفعله انت بي سأقول لها انفصلي عنه واحرقيه واحرقي بيته كله بينما يكون نائمًا.

- اعوذ بالله! منذ الآن سأنام في الصالة.
قال محمد متفكهًا لترمقه بضيق وتقول:
- ظريف جدا اليس كذلك؟ محمد إفعل اي شيء.. صرخ.. إغضب.. ولكن ممنوع ان ترفع يدك علي وتضربني.. انا مهما قمت بمصائب كبيرة قبل الزواج لم يضربني احد من اهلي.. اكبر عقاب لي كان حرماني من شيء احبه.. انا لست حيوانًا لتضربني.. وحتى الحيوان لا يتم ضربه.. الم تقسم امام والدي ووالدك انك لن تضربني ابدًا ام انك أقسمت عبثًا؟

- سأصوم لثلاثة ايام.
اجابها بهدوء ثم إستطرد:
- لقد اخرجتِ كل ما في قلبك وكأنك تحملين كل هذا الكلام منذ سنة كاملة.. لقد قلت لك انا أسف ومن الأساس هذه هي المرة الأولى لي التي اضرب بها فتاة.. الا يكفيك حبيبتي انني اعاقب نفسي منذ ثلاثة ايام بعدم رؤيتي لك؟ هذا اكبر عقاب بالنسبة الي.

- حقًا؟ كثّر الله خيرك.. كسرت قلبي بكل صراحة.. سأجلس الآن وابكي!
علّقت آلاء بإستهزاء فغمغم محمد بتعب:
- آلاء انا أسف ومستعد ان افعل اي شيء تريدينه منه لتسامحيني.

- لا أريد اي شيء غير ان تحترمني ولا تكرر الذي فعلته مرة اخرى.. لأنك لو كررته لن تراني بعد الآن ابدًا وهذا ليس مزاحًا وانا لا اتكلم عبثًا يا محمد.. انا جدية في كل كلمة قلتها.
هتفت بتهديد فإرتفع حاجبه الأيسر بتسلية وقال:
- وماذا ايضًا؟
تطلعت اليه بضيق شديد فزفر قبل ان يردف:
- أعدك ان ما حدث لن يتكرر.. فقط قولي ماذا تريدين مني الآن أن افعل حتى أحققه لك.

- لا شيء ولكن فقط خذني الى المستشفى لأن صدري يؤلمني.
غمغمت بألم فهمس بأسى:
- أعلم انه متعب منذ ساعتين حيث كنت تجلسين في الأسفل.. انهضي لنذهب الى المستشفى.

*****************
لا تصدق الخبر.. جدها الحبيب توفي.. اسوأ خبر قد تسمعه في صباح اي يوم..
لقد عادت من المستشفى ليلة البارحة مرهقة والوهن يفاقم من اوجاعها ومن اعباء حملها.. لم يستطيعوا الأطباء ان يساعدوها بشيء غير منحها الأوكسجين بما انها حامل.. ولم تستيقظ الا على خبر وفاة جدها..

إعتزلت الجميع وبقيت في غرفتها تبكي وكل كلمة قالها لها جدها يوم زفافها تدوي في اذنيها كأغنية عذبة.. كانت تحبه.. كانت تحبه كثيرًا..
أحست بحضن محمد الذي ضمها الى صدره بحنو وغمغم:
- لا تبكي حبيبتي.. ادعي له عوضًا عن ذلك.. لا تنسي انك حامل ومثلما هو جدك فهو جدي لذلك كفى حبيبتي ولا تبكي.
كفكف دموعها بأنامله واستأنف:
- سأنهض لأوضب حقيبتي حتى اسافر الى العراق مع اهلك.

- ستذهب؟ وماذا عني؟
همست بنبرة واهنة من شدة بكائها وارهاقها فقال بتفهم:
- حبيبتي لا ينفع ان تأتي معنا.. ماذا ستفعلين هناك اذا أتيت؟!

- محمد خذني معك!
غمغمت آلاء ببكاء وهي تتطلع اليه بعينين متوسلتين فمرر يده برقة على شعرها وقال بحزن على حالها:
- والله لا ينفع يا روحي.. انتِ لا زلتِ في بداية حملك.. السفر خطر عليك.

- متى ستعودون؟
تساءلت وهي تجفف دموعها التي تنهمر دون توقف فأجابها مطمئنًا:
- لا اعلم.. ربما بعد اسبوع سأعود اي بعد انتهاء العزاء.

- حسنًا اذًا سأنهض لأوضب لك حقيبتك.
همت ان تنهض فمنعها قائلًا:
- ارتاحي فأنت متعبة جدًا اليوم لذا انا سأفعل.. وجهزي نفسك فبعد قليل سيصطحبك غياث الى منزل اهلك وستبقين هناك ريثما اعود.. واريدك ن تعديني انك لن ترهقي نفسك بشيء.

- أعدك.. ولكن آلا ينفع ان اتي معكم؟
همست بينما تنظر اليه كيف يوضب ملابسه بعينين دامعتين ليتنهد ويقول:
- لا حبيبتي.. والله لا يصح ولا ينفع.. ابقي هنا واعتني بنفسك وبطفلنا.
ثم دنى منها بعد ان انتهى من توضيب حقيبته وجذبها الى حضنه بقوة غير راغبًا بتحريرها وتركها..
قبّل رأسها وإستنشق عبيرها بعمقٍ ثم همس:
- ابريني الذمة وسامحيني.

رفعت رأسها لتتطلع اليه ودون سبب تشعر بإنقباض غريب في قلبها فهتفت بضيق:
- محمد ما هذا الكلام؟! انت ستسافر لأسبوع فقط ومن ثم ستعود.. وانا سامحتك.

قبّلها قبلة أخيرة طويلة على شفتيها بادلته اياها ثم إبتعد عنها وأسند جبينه على جبينها مستمتعًا بأنفاسها اللاهثة التي تصفع وجهه بنعومة ساحرة وغمغم:
- انتبهي الى نفسك حبيبتي ولا تبكي اذا كنتِ تحبيني.

اومأت بموافقتها فإبتعد عنها بصعوبة لتشعر برعب يداهم قلبها خوفًا عليه على الرغم من كونها لا زالت لم تسامحه بعد ولا زالت غاضبة منه..

******************
رغم تعبها وعدم قدرتها على تناول اي شيء بسبب الحمل قررت اخيرًا ان تذهب الى المدرسة..
جلست في حديقة المنزل وكماشة حديدية صلدة تعتصر قلبها.. تشعر بإختناق رهيب..
رفعت رأسها سريعًا حينما شعرت بأحد يقف فوق رأسها فإنصدمت وهي ترى كريم يقف امامها ويقول:
- البقية بحياتك.. لقد اعتقدت انك في العراق لأنني لم اراك منذ يومين في المدرسة.. أتيت لأتفقدك أكثر من مرة ولم أجدك.

قالت آلاء وهي تتطلع اليه بهدوء:
- وحياتك الباقية.. لا، لم اسافر الى العراق.

- ها هم عشاقك كثيرون.. تقفين معه بإعتياد اما نحن فقط لا.. ممنوع!
شحب وجهها وهي تسمع كلام ليبان وكلادس اللذان اقتربا منها من حيث لا تدري.. لا يا الله! ليس امامه.. ليس امام كريم.. لا تريده ان يتحاقر معها ويتسبب لها بمشاكل جديدة عقيمة مع محمد او يستغل خوفها لصالحه..
خفق قلبها بتوجس مذعور وهي ترى كريم يهجم على ليبان ويجذبه بعنفٍ من ياقة قميصه بينما يزمجر بشراسة:
- كرر الكلام الذي قلته!

ضحك ليبان بدناءة وحقارة لتقف آلاء سريعًا بينهما كحاجز وتهتف:
- أتركه يا كريم.. الف مرة اخبرتك ان لا تأتي الى مدرستي او الى مكانٍ اكون متواجدة به.

دفع كريم ليبان بقوة وصاح بعصبية:
- ماذا يريدان هذان الرجلان منك؟

تجاهلت الرد عليه واكتفت بالنظر الى ليبان وكلادس والقول:
- هذا شقيقي وليس كما تعتقدان.

- وايضًا تبررين لهما؟
هدر كريم بجنون ليبتعدا ليبان وكلادس بعد كلامها قليلًا عنهما فأغمضت الاء عينيها تناجي الله بالتحلي بالصبر حالما زلف منها كريم وتابع بغضب أشوس:
- من هما حتى تبررين لهما؟ ماذا يريدان منك؟ وزوجك اين بتركك هكذا؟

صمتت قليلًا تحاول استجماع طاقتها لمواجهة هذا المجنون الذي يأبى الخروج من حياتها على الرغم من زواجها منذ أشهر..
يجب ان تغلق هذا الموضوع بأسرع طريقة قبل ان يتدهور اكثر فقالت آلاء بإنفعال:
- ومن انت حتى أخبرك؟ لا شأن لك! ماذا تريد مني يا كريم؟ هذا يكفي! إبتعد عني.. الا تسمع الكلام الحقير الذي صرت اسمعه بسببك؟ الف مرة اخبرتك انني لا اريد ان اراك.. لو رأك محمد او شخص أعرفه معي ماذا سيقول عنا وماذا سيحدث بي؟

- لقد أتيت لأعزيك فقط.
غمغم مبهوتًا برد فعلها العنيف فقالت بحدة:
- لقد وصلت تعزيتك.. شكرًا لك وارجوك غادر.

رأته آلاء يغادر بصلابة رغم ترنح قلبه الموجوع المقهور لتتهاوى ارضًا وتجلس على ارضية الحديقة بخورٍ شديد..
لقد اكتفت منهم جميعًا.. اكتفت من العذاب الذي يتسببونه لها.. لماذا لا يدعونها وشأنها بحق الله؟ اغمضت عينيها بوهن والكرب يطوق روحها المكلومة بكل قسوة لتعزم على الحديث مع والدة كريم حتى يكف عن ملاحقتها..

------------------------
يتبع..

رأيكم بالفصل؟
توقعاتكم؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
اسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:28 AM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الخامس عشر
كاد ان يسقط قلبها ارضًا وهي تسمع الكلام الذي يقولونه.. انفجار!! غشت الدموع مقلتيها لتترنح بألم ووجع فيتلقاها سريعًا شقيقها ايلام الذي أخذ يحاول تهدئتها وطمئنتها.. ما كانوا يجب ان يخبروها بينما هي حامل في الشهور الأولى..
كان احساسها في مكانه الصحيح.. كانت تعلم ان شيئًا سيء سيحدث.. سالت دموعها بخوف شديد وهي تتذكر كلماته الأخيرة قبل ان يسافر.. لا لا محال ان تصدق!

- آلاء هو بخير.. اهدأي ارجوك!
هتف إيلام بأسى وهو يحاول بث الطمأنية في قلبها الا انها هزت رأسها بنفي وغمغمت بألم:
- انت تكذب، انا اعلم.

- والله هو بخير.. فقط اصابته بعض الجروح.. ان الله يحبه فالإنفجار حدث قبل ان يدخل السوق.
قال إيلام بجدية لتتطلع اليه بعينين دامعتين تتوسلانه بعدم الكذب عليها.. فإبتسم بحنو ثم جلس بجانبها وإسترسل:
- لقد اخبروني انه سيتصل بك بعد ان يخرج من المستشفى.

- متى؟
سألته بلهفة باكية فضمها الى صدره واجابها:
- اعتقد بعد ساعتين.

تنهدت بوجع وتلقائيًا إرتفعت يدها لتضعها أسفل بطنها حيث يقبع طفلها الحبيب.. لا تود اي شيء سوى سلامته.. رغم كل ما حدث بينهما من مشاكل الا انها محال ان تنسى لحظاتهما الجميلة معًا.. اي مكروه يصيبه فهو يصيبها بالمثل..
بعد اقل من الساعتين كان يتصل بها.. فبلهفة ردت على الإتصال ليوافيها صوته القوي رغم ارهاقه..

- محمد... هل انت بخير؟
سألته بنبرة متحشرجة فأجابها رحمةً بحالها:
- أجل حبيبتي انا بخير.. حمدًا لله.

- ما الذي حدث؟
غمغمت وهي تمسح دمعة انسابت رغمًا عنها على خدها.. ليتنهد محمد وهو يتذكر الذي حدث ليقول:
- ذهبت مع اولاد عمومتي لشراء الأغراض الناقصة لفاتحة جدي رحمه الله من السوق.. وبينما نحن نركن السيارة حدث الأنفجار.. وهبنا الله عمرًا جديداً.. الحمد لله.

- أريد ان اراك.. إتصل بي فيديو.
همست بوهن فاومأ بموافقته ونفذ لها ما ارادت لتنهمر دموعها سريعًا وهي ترى الجروح التي زخرفت وجهه الوسيم فنهاها عن البكاء بنبرة حانية حازمة:
- لا تبكي! هذه الجروح لا تؤلم.. لا تنسي انك حامل ولا يجب ان تبكي.

هزت رأسها بنفي ثم شهقت وهي تنتبه الى الضماد الطبي الذي يحيط بيده:
- يدك ايضًا مصابة.. كيف أصبت هكذا؟

- هذا بسبب زجاج السيارة.. انظري الي لولو حبيبتي.. والله انا بخير.. وان شاء الله سأعود اليك ولطفلنا قريبًا.
قال بإبتسامة ثم تابع بعبثٍ قصده حتى تبتسم:
- يجب ان اعود مبكرًا لأبث لطفلي شوقي اليه.. يجب ان يعلم ان شوق والده حار جدًا.

تألقت الإبتسامة على شفتيها لتهمس بتساؤل:
- متى ستعود؟

- سأبحث عن حجز قريب وسأقول لك اي يوم.. ولكن لن اخبرك اي ساعة ستكون الطائرة.. اريد ان افاجئك.
قال بشقاوة وكأنه ليس ذلك الذي كاد ان يموت بسبب انفجار لولا رحمة ربنا..
وفاه صوتها الرقيق المرهق لينشرح قلبه وتدوي خفقاته بصخب شوقًا اليها.. رباه كم اشتاق اليها! كاليتيم في بعدها.. لقد ادمنها وكله رضى بهذا الإدمان..
- سأنتظرك.

**************
بعد بضعة ايام..
ضحكت بخبث مرح وهي تتذكر كلامه بأن تجلس قبالة الباب تنتظره غدًا منذ الصباح وحتى المساء..
أيظنها غبية حتى تجلس فعلًا تنتظره بجوار الباب؟
إتصلت بوالدتها في وقت متأخر من الليل وعرفت منها متى ستهبط الطائرة في العاصمة (بروكسل).. بما انه سيصل في تمام الساعة الواحدة ظهرًا فلا بد انها يجب ان تستيقظ مبكرًا لتطلب من شقيقها محمود ان يقلها الى الشقة لتنظفها وتشتري حاجيات المنزل بمساعدته.. وبالفعل في صباح اليوم التالي اصطحبها شقيقها محمود لشراء اغراض للشقة وساعدها بتنظيف الشقة خشيةً عليها من التعب بسبب حملها..

بعد ان جهزت نفسها واغراضها جلست تدرس في الصالة.. بالتأكيد لن تجلس جوار الباب كما قال لتنتظره.. بما انه لا يود اخبارها متى سيصل اذًا عليه ان يتحمل نتيجة افعاله..
جذبها تركيزها في الدراسة الى ديمومة جعلتها لا تشعر بأي شيء حولها.. اندمجت تمامًا بالدراسة.. ولكن العطر المميز هو الوحيد الذي سحبها اليه قسرًا..
رفعت عينيها وضحكت ثم نهضت بسرعة وهي تسمعه يقول:
- وفقًا لما اعتقد انني قلت لك ان تنتظريني بجانب الباب وان تبقى عينيك مسلطتان عليه لا على الكتاب!

ببهجة وقفت قبالته وقالت بمرح قبل ان تقترب منه وتعانقه:
- حمدًا لله على سلامتك.. الذي لا يقول اي ساعة سيعود بالتأكيد لن أنتظره.

ضمتها يداه الى صدره بقوة ليتيح لأنفه بتنشق عطرها الأخاذ.. لا يصدق انه اخيرًا عاد اليها لينعم بدفئها وعذوبة عطرها.. قبّل وجنتها بنعومة نظرًا لوجودهما في الصالة ثم أبعدها قليلًا بقدر ما تسمح له ذراعيه ليتأمل أدق تفاصيلها بشغف وقال بإبتسامة شقية:
- عيب ان تنتظري زوجك.. اليس كذلك؟ لقد اتيت خصيصًا لأرى رقصك بشكل مباشر بعد كلامك.
ثم جذبها مرة اخرى الى صدره ودس أنفه في طيات شعرها القصير وهمس متأوها بلوعة:
- اشقت اليك بجنون.. رباه اشعر الآن فقط ان الروح ردّت الى جسدي.

- الا يوجد بعض السلام لنا أم انك رأيتِ حبيب القلب فنسيتنا؟
إبتعدت آلاء عنه بعد ان سمعت كلام والدتها ثم سارت نحوها وعانقتها وقبلتها وقالت بإبتسامة:
- كل السلام والأحضان والقبلات لك انت يا غالية.

- لا لقد نسيتِ انني اتيت أيضًا.
- كفي عن الدلال أمي.. هو من الأساس الذي دخل وانا لم أكن اعلم بوجوده.
غمغمت الاء بشقاوة فضحكت والدتها وقالت:
- حسنًا حسنًا يا أم لسان.. لا أحد يقدر لك.

- خالتي بما انني أوصلتك الآن سأغادر.. هيّا آلاء احضري أغراضك.
قال محمد بهدوء فمنعته جميلة قائلة بإصرار:
- إجلس اولًا وتناول الطعام وبعد ذلك غادر.

حاول الإعتراض الا ان جميلة أصرت فوافق قائلًا:
- اذا سأذهب لأرتاح في غرفة آلاء ريثما يجهز الطعام.

سارت آلاء خلفه كما قالت لها والدتها وفور ان دخلت الغرفة شعرت بيديه تجذبها الى صدره القاسي ثم أوصد الباب خلفه..
همست آلاء بتوتر:
- محمد.. ماذا تفعل؟

رفع يده ليبعد خصلاتها المنسابة على وجهها بينما يده الأخرى بقيت على خصرها تعمل على تقريبها اليه اكثر.. ثم همس وهو يتأمل وجهها الفاتن بعشق:
- اشتقت اليك.. على الرغم من كوني مرهقًا حد الجنون الا انني حالما رأيتك برح التعب من جسدي كله.. نسيت كل شيء وشعرت بجسدي كالريش يطير بي اليك بسهولة شديدة.

منحته إبتسامة رقيقة وهمست:
- حمدًا لله على سلامتك حياتي.

طبّعت شفتاه قبلة ناعمة على خدها وغمغم دون ان يبعد شفتيه عن موضعها:
- وماذا ايضًا؟

- لا شيء آخر.
ردت وهي تشعر بوجهها يحترق من شدة الخجل.. رباه محمد وعاطفته التي لا تنتهي.. عاطفته سرمدية ليس لها حل ابدًا.. تجتاح قلبها دون اي رحمة.. أحست بطنين قاسي يصم اذنيها وصدرها اخذ يرتفع وبهبط بلهاث لا ارادي حينما قبلها على طرف شفتيها..
إبتسم محمد مستمتعًا بخجلها وإحمرارها الذي يهيج من جنونه بها:
-ممممم ها قد بدأنا بالخجل.

ثم قبّلها مرة اخرى ولكن على شفتيها تمامًا وتساءل:
- اين هي تلك الوقحة التي قالت لي عُد مبكرًا اذا اردتني ان ارقص لك؟.. لقد أخبرتك قبل قليل جميلتي انني عدت خصيصًا لأرى هذا الرقص بنفسي.
شعرت بقدميها كالهلام.. ماذا ترد عليه بحق الله وهو يحاصرها هكذا بكلماته وقبلاته؟ تشتت حروفها في حنجرتها فلم تقدر على جمعها البتة.. فقبّلها مرة أخرى لدقائق طويلة حتى كاد ان يهلكه عشقه اليها ورغبته التي تنتهب بتناول هاتين الشفتين المغريتين..
لم يحررها من قيده الذي يحرقه قبلها غرامًا وهو يقول بخشونة:
- اود ان أخذك الآن ونغادر.. ما رأيك؟

همت ان تعترض الا ان صوت الباب الذي طرق انقذها وهو يجيبه بدلًا عنها فإنسلت من بين ذراعيه بسرعة وخرجت وهي تسمع تمتماته الحانقة المعترضة..
رغبت صدقًا ان تتمكن من النظر اليه كما هو يفعل دون ذرة خجل بينما يجلسون يتناولون الطعام جميعهم.. تمنت ان ترفع حدقتيها لتتأمل أثار الجروح التي على وجهه.. لقد اختفت تقريبًا ويده ازال عنها الضماد الطبي دون ان يلقي له اي اهمية..

قال محمود بجدية:
- انت محظوظ جدًا بآلاء.. اليوم منذ الصباح استيقظت وأوقظتني لأصطحبها لشراء مسلتزمات الشقة وقامت بتنظيفها.. ماذا تريد اكثر؟ كل ما يهمها كان ان تأتي وترى كل شيء جاهز.. آلاء اصبحت صاحبة مسؤولية لدرجة انني شقيقها مصدوم بها.

- ماذا تظن اذًا؟ معي كل شيء يختلف!
قال محمد بغرور وتباهي لتزم شفتيها بغيظ وهي تسمع جواب شقيقها:
- اجل انا ارى.

- كفى.. ماذا أترونني دون فائدة و أصبحت الان ربة منزل!
هتفت بسخط وهي ترشقهما بنظرات غاضبة ليضحكوا..
- كل الفوائد بك.
ثم وجه محمد سؤاله الى محمود:
- هل انت الذي ساعدتها على شراء اغراض المنزل؟

- اجل انا لماذا؟
اجابه محمود فقال محمد:
- لأنك لو تركتها لوحدها لم تكن ستعرف كيف تشتري اي شيء.. في بداية زواجنا حينما كانت الشقة فارغة أخبرتها ان تكتب نواقص الشقة فتلقيت اكبر صدمة في عمري وهي تقول لا اعرف.. حتى انني من الصدمة سألتها بعدم استيعاب ما الذي لا تعرفينه فتجيبني بكل ثقة انها لا تعرف ما يحتاج المنزل من أغراض!

ضحك محمود ملئ شدقيه:
- لو كنت مكانك سأعيدها الى منزل اهلها.

حدجته الاء بضيق شديد ليحتد توعدها لزوجها المستمتع بكل ما يحدث..
فقالت جميلة بجدية:
- آلاء تجيد فعل كل شيء.. كالطبخ والتنظيف ولكنها فعلاً اغراض البيت ليس لها اي علاقة بها.

- صحيح.. لقد ادركت هذا الشيء ولذلك أصبحت انا المسؤول عن هذه الأمور.. واحيانًا اصطحبها معي لتتعلم واحيانًا لا.
قال محمد بهدوء فهدرت آلاء يتجهم:
- هل انتهيتم من حديثكم عني لأنني على ما يبدو الموضوع الرئيسي الآن؟

تعالت ضحكاتهم المستسمتعة بتعابير وجهها الحانقة فيثيرون استفزازها اكثر..
نظرت الى محمد لتجده يتطلع اليها ضاحكًا فغمز لها بغرور وكأنه يخبرها انها محال ان تتغلب عليه..

*******************
في طريق عودتهما الى الشقة..
تنهدت آلاء وقالت وهي ترى الإرهاق الشديد الذي ينجلي بوضوح على ملامح وجهه:
- اذا كنت مرهقًا الى هذا الحد لماذا لم تدعنا تقضي هذه الليلة في بيت اهلي كما طلبا منك والدتي؟ كان سيكون اسهل لك.

- والله انا متعب للغاية ولكنني كذلك أريد ان اخذ راحتي معك.. في شقتنا سأرتاح اكثر وبالإضافة الى ذلك انا لا زلت لم أسلم على طفلي بعد.. إبتعدت عنه مجبرًا ولم أدعه يتعرف على والده سوى مرات قليلة جدًا.. لا اريده ان يأخذ فكرة سيئة عني ويقول ابي ليس مجتهدًا.
هتف محمد بجدية مضحكة وتابع بوقاحة بينما ينظر الى بطنها المسطحة:
- ابني حبيبي.. والدك مجتهد كثيرًا ويعمل طيلة الوقت ولكن منذ اليوم الذي حملت بك والدتك حتى الآن لم اعد أعرف كيف استفرد بوالدتك او اراها كما يجب.

- محمد كف عن وقاحتك هذه!
تمتمت آلاء بإحتقان ليهتف محمد بإستنكار:
- لتظروا الى من يتكلم عن الوقاحة.. اين هي تلك الوقحة التي جعلتني ابحث كالمجنون عن موعد اقرب رحلة فقط حتى أحجز وأتي اليها.. والآن تنعتيني بالوقح!

- انسى الكلام الذي قلته.. كنت فقط اود ان أسعدك قليلًا.
تمتمت بخجل فقال محمد بذات النبرة التي جعلتها تهز رأسها دون فائدة وتشيح بعينيها الى نافذة السيارة:
- وانا اتيت اليوم لآجل هذه السعادة حبيبتي.

وضع محمد الحقائب ارضًا بعد دخولهما الشقة وقال بجدية:
- اذهبي وارتاحي في الغرفة ريثما استحم.. ولا تفتحي الحقائب الآن ودعيها.. غدًا سأرتبها.

همهمت بموافقتها لتغير ثيابها سريعًا ثم تتوجه الى المطبخ لتعد مشروبا باردًا لآجلها..
جفلت للحظات وهي تشعر به خلفها يضم ظهرها الى صدره العاري ويده تبعد شعرها كلها ليضعه على كتفها الأيمن فيقابله عنقها المرمري..
طبّع محمد قبلة طويلة ناعمة على عنقها وغمغم:
- الم اخبرك ان ترتاحي ولا تفعلي اي شيء؟

- اولًا نعيمًا وحمام العافية.. ثانيًا انا لم افعل اي شيء غير إعداد هذا المشروب لأنني اشعر بالعطش.
همست آلاء ليتناول الكوب من بين يدها ويرتشف منه ثم يقول بتلذذ:
- مممم فراولة وحليب!

اومأت بخفوت ثم غمغمت بنبرة طفولية:
- اجل ويجب ان تحضر لي كل يوم علبتين احدهما فراولة والأخرى عنب.. وممنوع ان تقترب منهما ابدًا لأنهما لي وحدي.

ادارها اليه ضاحكاً ثم بخفة رفعها ووضعها على مصطبة المطبخ وقال:
- اصبحت خفيفة جدا.. اليس من المفترض ان التي تحمل تصبح أثمن وأثقل؟

- لا اعلم ربما لأنني استفرغ كثيرًا والطعام لا يثبت داخل معدتي.
همست بهدوء فقال محمد بمرح:
- بالتأكيد لأن طفلي الغالي مشتاق لوالده وانت تحرمينه منه فلذلك ينتقم منك هكذا.

- انا؟!!!!!
تمتمت بصدمة ليومئ:
- اجل انت.. من اذا؟
إستشرست ملامحها الناعمة لتدفعه وتقول بعبوس:
- اذًا ابتعد عني ودع اتهامك الباطل ينفعك.

هتف محمد بمراوغة وقحة:
- لماذا اذًا لا تثبتي العكس وتقولين "يا حضرة المحامي كلامك ليس صحيحًا وهذه هي البراهين".. وتقدمين الي اجمل البراهين كما ترغبين سواء هنا او في الغرفة.. وانا سوف أدرس و اراجع ورقة ورقة وكلمة كلمة ومادة مادة.. وسأراجعها جيدًا ولن ادع اي شيء يمر من بين يدي دون ان اراه بتركيز عميق.. أنتِ حاولي فقط.

شهقت بخجل وصاحت بنبرة منخفضة:
- محمد كفى وقاحة.
قال محمد بشوق بينما يضع يدًا على ظهرها والأخرى تحت ساقيها ليسير نحو غرفتهما:
- لا زلت لم تري شيئًا بعد يا قلبي.. منذ ايام طويلة وانا بعيد عنك دون ان ارتوي منك ولو نطفة.. اي انك حبيبتي سترين الوقاحة الآن على أصولها.

*****************
في صباح اليوم التالي..
- حبيبي هيّا افتح الحقيبة.. اعلم انك لم تحضر لي شيئًا من العراق ولكن افتحها ورتبها.. لا يجب ان تبقى هكذا.
قالت آلاء بجدية فهمهم محمد على مضض:
- امنحيني عدة دقائق وسأفتحها.

- لقد سألتك البارحة عن البوم صور الزفاف وقلت لاحقًا.. هو جاهز، اليس كذلك؟
تساءلت بلهفة فأجابها بنعم باردة لتصفق سريعًا بحماس وتغمغم:
- اين هو؟ هل احضرته برفقتك؟

- لا!
تمتم بجمود بينما ينهض لترتيب ملابسه.. فوقفت آلاء امامه بتوجس وهتفت:
- لماذا لا؟ اين هو اذًا؟

- لا يوجد صور للزفاف ولا فيديو ايضًا.
قال بحزم لتقول:
- دعني افهم على الأقل.

- وجدت الصور وأشرطة الفيديو جاهزين ولكنني أتلفتهم والقيتهم في القمامة!
- حسنًا، لماذا؟
تساءلت بإنفعال مقهور ليرد بحزم:
- هذا افضل آلاء وأغلقي هذا الموضوع.

تساءلت بإنفعال مقهور ليرد بحزم:
- هذا افضل آلاء وأغلقي الموضوع.

- لا، ليس افضل ويجب ان اعلم لماذا.. هذا حقي.. هل تعلم منذ متى انا انتظر هذه الصور وفي النهاية تقول ان الصور ليست موجودة لأنك أتلفتها؟!
هدرت بعصبية ليتنهد بصبر وينصهر القليل من جموده بسبب ملامحها المتألمة..
- آلاء لا اريد اي شيء يذكرني بذلك اليوم المشؤوم.. حينما رأيت الصور بسرعة اخذتني ذاكرتي الى تلك الليلة.. انا لست مستعدًا على جعلك تتذكرين تلك الليلة مرة أخرى لأنك ستتألمين بلا شك.

- اجمل شيء هو صور الزفاف يا محمد!
غمغمت بحزن فأمسك يدها برفق وجذبها الى طرف السرير ليجلس ثم يجلسها على ساقه..
وضع أصابعه اسفل ذقنها ليرفع ذقنها اليه برقة وهمس بحب:
- أعدك ان أقيم لك حفل زفاف جديد وسأشتري لك فستانًا جديدًا ونلتقط الكثير من الصور ولكن هنا في بلجيكا.. فقط اصبري قليلًا لأن جدي مات حديثًا.. حسنًا حبيبتي؟

- حسنًا.. ولكن لم تخف حرقة قلبي المقهور على الصور.. لقد كنت انتظرهم بشغف!
تمتمت بحنق فقال وهو يبعد شعرها عن وجهها بأنامله الغليظة:
- وعدتك بحفل زفاف جديد.. ماذا تريدين اكثر حبيبتي؟

- حسنًا.. لنرى.
غمغمت برضى ليبتسم بشقاوة وتشتعل عيناه بعاطفة ساحرة:
- اريدك أن تنفذي وعدك.. أرقصي لي.

- الآن!
هتفت بدهشة فهز رأسه موافقًا بحماس:
- سأنهض لأقوم بتحضير الأرجيلة وانت جهزي نفسك.

انهضها برفق عن ساقه وسار نحو المطبخ لتغمغم بتعجب:
- لا بد انه حقًا مجنون!

- لقد سمعتك.. واجل انا مجنون بك وكلي رضى عن هذا الجنون.
ضحكت آلاء رغمًا ليتلألأ المكر في مقلتيها وهي تفكر انها لا بد ستفقده حتى القليل الباقي من صوابه.. يريدها ان ترقص له؟ ستفعل بمهارة وإحتراف كما يحترف بوقاحته دون اي ذرة خجل امام الجميع او بينهما وحدهما..

*******************
اطلق محمد صفيرًا عاليًا عابثًا بعد ان وقفت آلاء امامه بقميص نوم اسود قصير للغاية وعلى شفتيها احمر شفاه بلون عنابي قاتم بينما يتغلغل عطرها النفاذ الى اعماق روحه ليثير به مشاعر مجنونة.. الا انه عليه ان يتمالك اعصابه فهو يريدها ان ترقص له..

- هكذا اذًا يجب ان اصبح ثقيلًا واجلس!
قالها بإعجاب بينما يضع الأرجيلة التي اعدّها على الارض بجانب الاريكة التي سيجلس عليها يشاهدها بينما هي ترقص له وحده..
- دقيقة واحدة!

نظرت اليه بتعجب بينما تراه يدخل الى الغرفة لتبتسم حالما عاد بشال ابيض تزينه بعض الورود الصغيرة..
وضع محمد الشال حول خصرها ثم قال بحماس:
- هيّا!

ضحكت الاء بمرح:
- يبدو ان مزاجك في افضل حالاته!

- ما دمتِ امام عيني بالتأكيد سيكون هذا حالي يا عمري انتِ!
غمغم وهو يدنو منها محاولًا ان يقبلها الا انها ابتعدت سريعًا لتهتف بحزم:
- ممنوع!

وضعت الاغنية بينما عاد هو الى مكانه.. ثم اخذت تتمايل بخصرها وجسدها بكل مهارة وبحركات مدروسة متقنة.. كانت منطلقة تمامًا وهي ترقص امام حدقتيه المستمتعين المثبتتين على ادق تفاصيلها بطريقة جعلتها تتابع رقصها بكل ثقة واغراء..

جذبها محمد فجأة الى حضنه وهمس بصوت اجش:
- هذا يكفي!

ابعدته عنها وحركت اصبعها امامه وجهه بلا ليضحك بإستمتاع ويعود الى مكانه مرة اخرى قائلًا:
- قوية وقت الرقص سيدة الاء!

لم تتوقف عن الرقص ابدًا بل ازداد رقصها جراءةً لتلهب انفاسه وتكاد تقضي على صبره المعدوم..
انحنت اليه في حين لا تزال تتابع رقصها ليستغل محمد الفرصة ويحيطها بذراعيه مثبتًا اياها في حضنه بينما يهمس بنبرة خشنة تحكي قوة مشاعره الثائرة:
- اعتقد ان هذا يكفي! لقد تعب طفلي وانا ايضًا متعب جدًا!

غمغمت الاء ضاحكة:
- للعلم فقط ان هذه ليست المرة الاولى التي تتصرف بها هكذا.. لا تدعني اتابع رقصي.

التقط شفتيها بقبلة شغوفة ثم ابتعد للحظات وهمس:
- لقد اكتفيت الآن حبيبتي.. انا اريد التطبيق!

وقبل ان تحاول الاستفهام كان يعاود تقبيلها بطريقة اكثر جنونًا.. اكثر شغفًا.. كان يستوطن كيانها ويغرق في رحيقها دون اكتفاء.. لساعات ولا يمل.. ولا يعتقد انه سيفعل.. كانت هذه القصيرة تثير جنونه.. تستولي على كل خلاياه بكل سهولة.. كالطفل تمامًا بين يديها.. وهو كان يريدها هكذا دائما تذوب كالشمعة.. تذوب متألقة بنورها وسحرها.. تحترق بشغفها من غزله الغريب.. بغزل متعدد اللغات.. هولندية، المانية وفرنسية.. اما العربية كانت صامتة تراقب بغيظ في ركن خفي!..

بعد انتهاء ثورة جنونهما التي يعشقها محمد كانت آلاء متوسدة صدره العاري على الاريكة التي تحتل الصالة بينما تسمعه يقول وهو يشرب سيجارته:
- ما رأيك ان نخرج عصر اليوم؟

رفعت رأسها لتطالعه وهمست:
- الى اين؟

انزل رأسه ليقبلها وكأنه لا يرتوي.. لا يمل.. لا يكتفي ابدًا:
- عسل يا ربي! لا استطيع ان اشبع منك مهما ارتويت ومهما فعلت!

- محمد!
زجرته آلاء بدلال ليهتف بهيام:
- يا قلب محمد الذي سيقف في اي لحظة بسبب هذا الدلع!

- هيّا قل لي الى اين ستأخذني؟
همست بحزم ناعم ليقول بإبتسامة:
- مفاجأة.. سنخرج بعد ساعتين ونتناول الطعام في مطعم ومن ثم سنذهب للترفيه عن أنفسنا ونستمتع.. حسنًا حبيبتي؟

- اجل حبيبي.. موافقة جدًا.
- الا يوجد شكرًا؟
تساءل محمد بعبث فضحكت وقالت وهي تبتعد قليلًا عنه:
- دعنا نخرج اولًا وبعد ان نعود سأشكرك.

اعادتها يداه بسرعة الى حضنه وغمغم:
- قليلًا فقط أشكريني الآن.

- محمد.. انا حامل لا تنسى.
قالت ثم رغمًا عنه نهضت وإرتدت قميصه بينما تسمعه يتمتم بحزن مزيف:
- قلبك قاسي جدًا حبيبتي.

- صحيح.
همست بإبتسامة وهي تنظر اليه ليجذبها سريعًا اليه ويردف ضاحكًا:
- تعالي الي قليلًا.. اريد الحديث معك.
بصعوبة وغيظ إبتعدت عنه ليتعالى صوت ضحكاته الرجولية الوقحة..

******************
لقد إستمتعا كثيرًا الليلة الماضية بوقتهما خارج المنزل.. هي قالت مسبقًا ان محمد لديه عدة جوانب.. ولكن حينما يكون لطيفًا حنونًا رومنسيًا فهو يعبر بها حدود الخيال وحينما يكون غاضبًا حزينًا مقهورًا فهو يفوق قسوة العالم أجمعه.. يفرط بكل شيء يفعله دون حدود ولا تدري اذ كانت يجب ان تفرح ام تخاف..

اصطحبها محمد الى مطعم راقي جدًا وطيلة الوقت كان يعاملها برقة ويتغزل بها وبالتأكيد لم يخلو غزله من وقاحته التي تجعلها تحمر خجلًا لتصبح شبيهة بحبوب الفراولة التي تعشقها.. ثم ذهبا الى مركز المدينة حيث كان هناك الكثير من الإحتفالات في الشوارع والأغاني تدوي في الأذان بصخب يجعل الجسد يتحرك بإثارة وحماس رغمًا عنه..

ما امتعها وأسعدها كثيرًا هو سماح محمد لها ان ترقص في حضنه بما ان السماء داكنة بسواد ليلها وكذلك ترقص داخل احضانه دون ان تعلم انها ترقص على قلبه بنظراتها البريئة اليه وحركاتها الجريئة.. آه كم تثير حيرته.. كل صفات العالم متجمهرة في هذه الأنثى لتكون رئيسة عالمه الوحيدة..

إنفطر فؤاده وهو يراها تتألم وتتقيأ منذ الصباح.. حاول ان يرغمها على تناول الفطور ولكنها كالعادة ترفض بسبب شهيتها المعدومة الا انه بنفسه كان يطعمها بإصرار وهو يضعها في حجره لتتناول الطعام مجبرة.. وحامها مرهق للغاية لها ولقلبه الذي يتعذب بمعاناتها.. لا تستطيع تناول اي شيء واذا تناولت تتقيأ.. لقد نحفت كثيرًا عكس بقية الحوامل..

حاول منعها عن الذهاب الى المدرسة الا انها اصرّت لأنها لديها امتحانين يجب ان تفعلهما.. أوصلها الى المدرسة ولم يطاوعه وتينه بالمغادرة.. خشي ان تفقد وعيها او يصيبها مكروه لا سمح الله فبقي ينتظرها في موقف السيارات الخاص بالمدرسة..
بعد بضعة ساعات كانت تخرج ليطمئن قلبه وهو يراها تخرج بملامح افضل مما كانت عليه صباحًا.. انتبهت اليه فسارت نحوه ليسألها بقلق:
- كيف تشعرين الآن؟ هل تشعرين بالتحسن؟

اومأت ليبتسم بحنو ويردف:
- والإمتحانين؟

- احدهما سهلًا والآخر لا بأس به.
همست وما انا وصلا الشقة قالت وهي تسير تجاه الغرفة:
- سأنام قليلًا.

هتف بموافقته لتنام دون ان تشعر على نفسها ولم تعي على نفسها الا بصوته الذي يوقظها:
- آلاء حبيبتي، الطعام جاهز.. انهضي لتأكلي وبعد ذلك عودي الى النوم.

- محمد ارجوك دعني انام.. لست بقادرة على النهوض.. جسدي كله يؤلمني.
همست بوهن وهي تكاد ان تبكي من شدها المها وضيقها فمرّر محمد يده على وجهها المتعرق وغمغم بآسى:
- انهضي لآجلي حبيبتي.

وثبت آلاء بصعوبة عن السرير فسرعان ما إتسعت عيناه بصدمة وخفق قلبه برعبٍ شديد وهو يتطلع الى الدماء التي تملأ فراش السرير.. رباه حتى ملابسها كلها دماء! ماذا حدث لها؟!! انها تنزف بجنون!
قال محمد بشحوب:
- ما هذا؟!

نظرت اليه بعدم فهم قبل ان تتبع مجرى نظراته لتشعر ان قلبها ينحصر داخل صدرها.. يضيق ويكتم انفاسها.. هذه دمائها وهي لا تشعر بشيء!
حاولت فك لسانها الذي تشابك بعقدات رعبها وهمست بإرتجاف:
- لا اعلم!

حملها محمد رغم الدماء التي تملأ ملابسها وادخلها الى الحمام متسائلًا بخوف حاول التحكم به بصعوبة وهو يرى الرعب المكتوب على محياها:
- هل تتألمين؟

- قليلًا فقط.
اجابت فقال بحنو:
- سأحضر لك بعض الملابس بينما تغتسلين.. وان شاء الله لا يوجد الا كل الخير.

بعد ان وصلا الى المستشفى همد القليل من ذعرها والطبيبة تقول بعد ان اجرت لها السونار:
- الطفل لا يزال موجودًا في رحمك ولكنه نزل قليلًا فقط.. انتِ مهددة بالإجهاض ولذلك عليك بالراحة الشديدة.. وممنوع ان تتحركي او تفعلي اي شيء لمدة اسبوعين.. وسأعطيك إبر مثبتة للحمل.. وستبقين حتى غدًا في المستشفى وممنوع اي إقتراب من زوجك على الأقل لأسبوعين.

هزت رأسها موافقة وهي تشعر انها لا تزال قابعة بين الحلم والواقع.. ولكن خوف خبيث تسلل الى قلبها ليزرع الذعر في روحها ويضرم نيرانه بمشاعرها الأمومية وهي تشعر ان طفلها لن يعيش.. ستخسره وتتعذب في أروقة احلامها المتلهفة به..

-----------------------
يتبع..

رأيكم بالفصل؟
وتوقعاتكم للقادم
لأن المصائب لم ولن تنتهي
وستكبر اكثر واكثر..

قراءة ممتعة..
مع حبي:
أسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:29 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السادس عشر
اتألم ويصرخ الخوف في مضجعي..
يستغيث متأوهًا ولا احد لديه البلسم..
اتألم وكلما يزداد وجعي وتتدلهم ظلمتي..
خوفي يتسرب الى عظامي فيكسرني..
يضعفني.. يبعثرني.. ويخنقني..
أتقصى بين السواد الحالك عن غايتي..
فلا اسمع الا صدى صوت بعيد يطالبني..
تهفو روحي اليه متوسلة والى القعر تجذبني..

---------------------
زمت شفتيها بضيق بسبب توبيخ والدتها وخالتها لها على اهمالها بنفسها وبحملها امام محمد.. متى أهملت بنفسها بحق الله؟ لا تعلم! والآن لا بد ان محمد ايضًا سيؤنبها بعد ان يعود..
حتى الآن ملامحه كلها مبهمة.. لا تقرأ منها شيئًا وهذا يشعرها بالعجز والتوجس.. ولكنها على يقين بكونه غاضبًا..

ولج محمد الى الغرفة قائلًا بهدوء:
- احضرت لك الطعام.

- ليست لدي شهية!
غمغمت آلاء بصدق فهتف محمد بعصبية:
- من الأفضل لك ان تأكلي.. لم تضعي شيئًا بفمك منذ الفطور وهذا الذي في رحمك ليس ذنبه انك والدته.. فتناولي الطعام بصمت لآجله!

- محمد.. ما خطبك؟
تساءلت بضيق فأجابها بإقتضاب بينما يفتح اكياس الطعام ويضع اطباق الطعام امامها.. شوربة خضار وصدر دجاج وسلطة وبطاطا مقلية.. يبدو شهيًا في الواقع!
- لا شيء وهيا كُلي.

ما باله يعاملها هكذا؟ بدأت تتناول طعامها بتوتر بينما تنظر اليه.. ثم همست بأسمه وهي تراه واضعًا كل تركيزه في هاتفه فقال بنفاذ صبر:
- آلاء لماذا تحبين التكلم كثيرًا؟

- أريد ان افهم ما الأمر؟ ما الذي يجري معك؟
هتفت آلاء بجدية ليقول:
- انتبهي لنفسك آلاء.. ملابسك كلها ضيقة وانت الآن حامل وهذا ليس جيدًا لصحة الطفل.. غير ذلك رقص وحركة ومشي طيلة الوقت فبالتأكيد الطفل سينزل.

- لا تلقِ اللوم علي وحدي ولا تنسى نفسك ايضًا فقربك مني هو السبب الرئيسي من الأساس.. لا تلمني لوحدي.
هدرت بضيق شديد.. لماذا يلومها وحدها وكأن ليس له اي علاقة فيما حدث لها.. صحيح انها ترتدي ملابس ضيقة بالإضافة الى حركتها الكثيرة ولكن ماذا عنه؟ بالتأكيد هو ليس بريئًا مما حدث لها..
للحظات تطلع بنظرات عميقة الى اغوارها الا انه لم ينبس بحرف واحد بل اكتفى بإعادة نظره الى هاتفه ولا تعلم اذ كان صدقًا منشغلًا بهاتفه ام أنه فقط ينفث عن ضيقه في هذا الهاتف المسكين..

بعد ان انهت طعامها قام محند بالنداء على الممرضة لتفحصها..
كانت حرارة جسدها مرتفعة قليلًا عن المعدل الطبيعي فأعطتها الممرضة دواءًا خافضًا للحرارة قبل ان تخرج..
اغتاظت الاء من عودته للتركيز في هاتفه بعد خروج الممرضة.. محمد يبدو ليس طبيعيًا.. منذ متى يتشبث بهاتفه هكذا ويأبى تركه؟
رغمًا عنها رأف قلبها بحاله وهي تحس بضيقه الشديد وتأنيب الضمير الذي غزى جوارحه خاصة بعد لومها له..
نادته آلاء بنعومة ليرفع رأسه ويتطلع اليها فأردفت:
- إقترب واجلس بجانبي.. اريد الحديث معك.

زلف بمقعده من سريرها وتساءل بهدوء:
- ما الأمر؟

- أتشعر بالحزن لأنني أهملت صحتي قليلًا ويجب ان انتبه واكون حريصة اكثر على نفسي بما ان هناك في داخلي روح؟ محمد اذا الله يريد ان يمنحنا هذا الطفل سيفعل واذا لا مهما فعلنا وتلقيت علاجات ولم أتحرك ابدًا من مكاني فلن يكون من نصيبنا او انني قد أنجبه ليومين، اسبوع أو شهر ويكبر امامنا ونتعلق به وبعد ذلك يأخذه ربنا منا لأن ليس مقدرًا لنا.. نحن لا نعلم ماذا كتب الله لنا.
غمغمت آلاء بحنو ليسرح فؤاده خفقة مؤلمة متولها لآجلها.. رباه بدلًا ان يسندها ويطمئنها هو تفعل هي.. أي رجل هو ليستحقها وان كان بالإجبار؟!
همس وهو يتأمل العسل المنصهر في مقلتيها فبدلًا ان يراها بحدقتيه مرهقة شاحبة يراها مشعة كورد الربيع الأصفر..
- انت كيف تكونين هكذا؟

- ماذا تعني؟
تساءلت بحيرة ليجيبها بحب:
- يعني بدلًا ان اقول لك انا هذه الكلام انت التي تقولينه.. بدلًا ان اطمئنك انت التي تفعلين على الرغم من كونك اكثر شخص بحاجة ان يخفف احد عنك.. ولكن ها انت الآن جالسة تفكرين بي وتحاولين التخفيف عني كي لا احزن.. انا موجوع عليك انت يا آلاء لا على الطفل.. لا يهمني اذا عاش او مات.. جل ما يهمني هو انت وان لا تتأذي.

- اذًا هل ستأتي معي لنبقى في منزل أهلي؟
كانت هذه رغبة والدتها بل إصرارها على ان تبقى في منزلهم عدة أيام لتعتني بها وطلبت من محمد ان يأتي برفقتها وحتى ولو لم يوافق كانت مصرة على اخذها مغها للإعتناء بطفلتها الكبرى..
- بالتأكيد.. لن أتركك لوحدك.
قال محمد بجدية لتبتسم آلاء:
- رائع.. لأن ليس امامك اي خيار آخر

إرتفع حاجبه الأيسر بإستمتاع وتمتم:
- يعني؟

- يعني محال ان ادعك تبقى في الشقة لوحدك او حتى في منزل اهلك.. انت مخير ما بين المجيء معي او المجيء معي فقط.
غمغمت بحزم فقهقه بمرح وقال قبل ان يتوسد السرير بجانبها ويضمها بين ذراعيه بناءًا على طلبها:
- لم أحبذ الخيار الآخر ولذلك سأتي برفقتك.

*******************
خمر مجددًا.. انقبض قلبها بعنف وكأن احشائها تتمزق وهي تفكر انه ربما مدمن على الخمر.. تود الإستفراد به لتفهم ما الذي يحدث.. تلك المرة لم تتمكن من سؤاله ولكن الآن محال ان تصمت.. لا تستطيع ان تتغاضى عن امر ضخم كهذا..
كانت قد خرجت من المستشفى صباح اليوم بعد تعليمات الطبيبة الصارمة وبعد ان أوصلها الى منزل اهلها غادر ليفعل بعض الأشياء الهامة كما قال وها هو يعود الآن برفقة عائلته.. تجمهر الجميع في منزل أهلها لآجلها وهذا الشيء قيّدها ومنعها من لومه على ما يفعله بنفسه وبها وبطفلهما..
أخرجها من زوبعة افكارها القاتلة صوت شقيقها إيلام الذي قال بعبث:
- لقد بدأت منذ الآن يا عريس.. كنت فرحًا بزوجتك لأنها حملت بهذه السرعة فجرّب اذاً طعم المعاناة على أصولها.

- لماذا كم مرة جرّبت قبلي انت؟
- لقد شبعت انا.. فقط أصبر قليلًا.. يؤلمني قلبي عليك لأنك لم تستطع ان تستمتع الا قليلًا.
قال إيلام ضاحكًا فتمتم محمد بغيظ:
- هذا ليس من شأنك.. وركز فقط بما لديك.

قال غيّاث متباهيًا بنفسه:
- إبقوا بهذه الأحاديث المملة.. لا يوجد اجمل من الحرية دون زواج وقيود ودون حليب وحفاظات.

بعد نصف ساعة كانوا يغادرون وسط ضحكاتهم على ايلام الذي اراد البقاء والنوم في منزل اهله كحال محمود ولكن تم طرده بسبب الفوضى الذي يتسبب بها هو وعائلته..
نهضت آلاء اخيرًا وتوجهت الى غرفتها لتتمدد على سريرها فتبعها محمد ثم جلس بجوارها على السرير وتساءل بتذمر:
- كيف سأنام مع ضجة الشارع هذه وكأنني لا اجلس في منزل؟!

- ستعتاد.
قالت بهدوء ليردف بتساؤل:
- ألا زلت تتألمي؟

تغاضت الرد على سؤاله وهتفت:
- سوف اسألك سؤالًا وأتمنى ان تجيب دون كذب.

- اسألي.. متى كذبت عليك من الأساس؟
- هل انت تشرب الخمر؟
تساءلت وهي تحاول تحليل تعابير وجهه فرد عليها بهدوء وان كان إستغرب سؤالها:
- ليس كذلك تمامًا ولكن اذا احد قدم لي كأسًا أشرب.. ما الذي حدث حتى تسألين سؤالًا كهذا؟

- الذي حدث هو انك احتسيت الخمر اليوم وقبل فترة قصيرة ايضًا احتسيت الخمر.
هتفت آلاء بعصبية فإعتدل محمد سريعًا بجلسته وتفرست حدقتاه النظر بها بقوة بينما هي تسترسل بقهر:
- انت تعلم ان احتساء الخمر حرام وان الله سيعاقبك وربما سيعاقبك بي وبطفلك الذي يرقد داخل احشائي.. انت لا تخف لن يحدث لك اي شيء لان الله سيعاقبك بنا نحن.. ومن ثم الخمر شيء مقرف ومثير للإشمئزاز فلماذا تتحتسيه؟

قال محمد بجدية:
- انا لست مدمنًا يا آلاء او أحتسي الخمر كل يوم .. كنت في منزل صديقي اليوم وقدّم لي البعض فشربت كأسًا واحدًا فقط.. والمرة السابقة التي تتحدثين عنها كنت غاضبًا ومخنوقًا فشربت.. واعتقد انني لا أعود يوميًا الى المنزل ثمل او ان الكأس في يدي طيلة الأربعة وعشرين ساعة فلذلك اغلقي هذا الموضوع.

- لن أغلقه ابدًا اذا لم تتوقف نهائيًا عن تناول هذا السم.
هتفت بعناد ليزفر بحنق:
- انا لا اتناوله يوميًا حبيبتي ولستُ مدمنًا لذلك أغلقي هذا الموضوع.
غمغمت أسمه بإعتراض وتحذير فقال بضيق:
- كفى آلاء.. لقد فهمت.

- حسنًا بما انك فهمت المرة القادمة اذا شربتَ الخمر سأخبر والدك وسأدعه يتصرف معك لوحده.
هتفت آلاء بجدية ووعيد ليهدر بعصبية وتهديد:
- حاولي فقط ان تجلبي هذا الموضوع على لسانك حتى ولو بمزاح امام والدي وسأدعك ترين شيئًا في حياتك كلها لم تري مثله قط ..هل تفهمين؟

- اذا كنت تخاف الى هذا الحد فلماذا تشرب الخمر من الأساس؟ اتركه.
قالت بحزم رغم خوفها من غضبه فهتف:
- ها هي تقول مرة أخرى أتركه.. انا ماذا قلت قبل قليل؟ هل أكرر حتى تفهمين؟

بإصرار وتحدي قالت بينما تنظر الى احمرار وجهه الغاضب بتوجس:
- حتى ولو قدموا لك لا تشرب والا والله سأخبر والدك.

- آلااااااء!!!!
صاح محمد بحدة اجفلتها الا انها تماسكت وكادت ان تنهض وتقبل الذي طرق الباب لينقذها من الشرار الذي يطلقه من عينيه..
فتح محمد الباب دون ان يسأل حتى من الطارق فوجد شقيقتها الصغرى لِمار فسألها بخشونة:
- ماذا تريدين؟

- اريد ان اتحدث مع شقيقتي.
قالت ثم دلفت الى الغرفة ليرتفع حاجبه وهو يرى ماذا تفعل هذه الصغيرة التي لا تختلف عنها زوجته بشيء الا بالعمر والجسد..
تساءلت لِمار وهي تنظر الى شقيقتها الكبرى:
- انت ستنامين هنا، اليس كذلك؟
اومأت آلاء بإبتسامة لتردف لِمار بجدية مضحكة:
- اذًا انت تعرفين القوانين واين يجب ان انام اذا كنتِ في منزلنا.

ضحكت آلاء بحنو وقالت:
- اجل، تعالي ونامي بجانبي.

- ومحمد اين سينام؟
تمتمت لمار بضيق فهمست آلاء بتفكير:
- بجانب أمير.. ما رأيك؟

- لا والله! تخطط هي وشقيقتها اين انام! ما هذا الذل؟ حمدًا لله ان لدي منزل اذهب وانام به.
هتف محمد بسخط فنظرت آلاء اليه بطرف عينها وقالت بصرامة:
- ممنوع ان تطئ قدميك باب الشقة ما دمت لست موجودة برفقتك.

- عبدٌ انا لديكما! هيّا نامي اليوم ولكن غدًا ممنوع.. هل تفهمين؟
قال محمد وهو يتطلع الى لمار فوضعت يدها على خصرها وهتفت بإستفزاز:
- ما دامت شقيقتي هنا فمكاني بجانبها وهي تعرف هذا الشيء واذا لم يعجبك بإمكانك الذهاب والنوم في اي مكان ترغب به.. لن نعترض.

هذه الطفلة تستفزه حقًا اكثر من شقيقتها نفسها!
هتف محمد بغيظ شديد:
- وماذا ايضًا؟ الضعيف هنا انتم تأكلونه وتفعلون به الويل! الآن اخبريني فقط ماذا سيحدث اذا صفعتك بسبب لسانك الطويل هذا؟

- لن يحدث اي شيء غير انني سأذهب الى الشرطة وأشكوك لهم وانت محامي وتعلم ان هذا يعتبر تعدي على حقوق الطفل ومؤكدًا ايظاً تعلم جيدًا ما هي حقوق الطفل ام انك تريدني ان أخبرك بها بنفسي؟ اولًا ممنوع ان تضرب طفلًا.. وممنوع ان تعاقبه وممنوع ان...
قالت الصغيرة البالغة من العمر ثمانية سنوات فقط كلماتها بقوة وجراءة لتتسع عيناه بذهول من حذاقة هذه الطفلة وقوتها فهتف:
- كفى!!!!
ثم دنى منها وضمها بينما يسألها برفقٍ مصطنع:
- من أين تعلمتِ هذه الأمور؟

- في المدرسة، وقالوا لنا المعلمون اذا احد أزعجكم بالكلام اتصلوا بهذه الأرقام وحفظنا الأرقام جيدًا.
غمغمت لمار ببراءة فقبّلها محمد مرة أخرى وقال بحنو مبالغ به:
- ماذا تريدين حياتي ان احضر لك هدية؟

ضحكت آلاء بإستمتاع شديد وهي ترى كيف هذه الطفلة تناقش محمد وتحقق ما تريد بكلامها وكأنها المسيطرة لا هو! اخيرًا بعد ان نال على رضاها اغلق محمد الأضواء لتنام الصغيرة بينهما قريرة العين..
ساد الصمت قليلًا حتى نامت لمار فرفع محمد جسده قليلًا وتطلع الى آلاء وقال:
- اعوذ بالله من شقيقتك.. انا محامي ولم أقدر لها ولا لطول لسانها.. كيف غداً ستكون حينما تكبر وتتزوج؟ كان الله بعون الذي سيتزوجها فعلًا!

ضحكت آلاء بمرح ليوثب عن السرير ويحمل الطفلة بذراعيه..
- محمد ماذا تفعل.. اذا نهضت في الصباح ووجدت نفسها بمكان آخر ستتسبب لك بفضيحة.
- لا تقلقي.. لن أخذها الى مكان آخر فقط سأضعها بالجهة الأخرى لأنني اخشى ان تضربك فتؤذيك خلال نومها.
قال ثم احتل هو مكان الصغيرة ليكون في المنتصف..
جذب آلاء الى صدره وأسند رأسها على عضلات صدره المتينة وأردف:
- ليكن الله بعوني هذه الأيام.

- تحمل لآجلي.
غمغمت آلاء ضاحكة بخفة فقبّل أعلى رأسها وهمس:
- لآجلك فقط اتحمل كل شيء.. تصبحين على خير حبيبتي.

******************
بعد يومين والدها وعمها عادا من السفر..
والدها كان مرهقًا جدًا من السفر وكم أوجعها حاله.. ومع ذلك لم يتوانى عن احتوائها وبثها الكلمات التي احتاجتها.. هي تحب والدها بجنون.. رغم الظروف التي مرت بها الا انها لا تجد نفسها الا كلما يتفاقم حبها لوالدها الذي لم يقسو عليها ابدًا ودومًا يمنحها كل ما ترغب وكل ما تتمنى.. يغدقها بعاطفته الأبوية ويدللها وهي دومًا جاهزة لتلقي دلاله..

تجهم وجهها بغيرة حالما رأت الهدايا التي اشتراها محمد لشقيقتها لِمار ولأبن شقيقها محمود.. اين هديتها هي ايضًا؟
ضحك محمد ووعدها بهدية اجمل من هديتهما.. وسرعان ما اختفى العبوس وحلّ الذعر مكانه حالما اتت والدتها بالعلاج المؤلم..
بكت آلاء وهي تهرب من والدتها التي أتت بإبرة مثبتة الحمل المؤلمة ليثبتها محمد مكانها ضاحكًا بينما تغمغم لوالدتها ببكاء طفولي:
- أمي والله تؤلم!

- يجب أن اقوم بتصويرك.
قالها محمد ضاحكًا لتهتف آلاء بعصبية:
- أصمت او أخرج من الغرفة.. لماذا لا تشعرون بي؟ والله الإبرة تؤلم كثيرًا.
ثم حاولت الهروب مرة أخرى الا ان محمد قيد حركتها بكل سهولة وزجرها بحنق:
- آلاء هي مجرد إبرة وسهلة جدًا فلا داعي للتصرف كالأطفال.

تبرمت بشفتيها كطفلة مسكينة ثم صاحت ما ان همت والدتها بضربها الإبرة..
- أمي ارجوك انتظري قليلاً.

هتفت جميلة بنفاذ صبر:
- محمد أحقنها انت بالإبرة.. لم أعد اتحملها.
- لا كفى.. هيا اعطيني الإبرة.
قالت آلاء بسرعة فهزت والدتها رأسها دون فائدة بدلال طفلتها ثم حقنتها بالإبرة وسط ضحكات محمد المستمتعة..
- طفلة! والله لا اعلم كيف ستولدين اذا كنت هكذا تفعلين من مجرد إبرة.

- هذا ليس من شأنك.. من الأساس انت السبب بكل ما يحصل لي.. لقد كنت مرتاحة في منزل والدي ولكنك اتيت وتزوجتني وهذا الطفل الذي ببطني الآن بسببك.
هتفت بحقد ليتشدق محمد:
- آجل هذا المسلسل الذي نسمعه يوميًا بعد حقنكِ بالإبرة.

- بقي ثلاثة ايام فقط فتحملي.
قالت والدتها بجدية فتبرطمت آلاء بحنق.. وإحتدت وطأة ضيقها حينما اخبرتها والدتها ان عمتها ستأتي للسلام عليها بعد قليل..
بعد ان خرجت والدتها جلس محمد بجانبها وكالعادة أخذ يخفف عنها ضيقها بوقاحته اللا متناهية..
تمتمت آلاء بسخط وهي تضربه على صدره بقبضتها الصغيرة بخفة:
- كفى محمد.. انا لا اطيقك.

- لماذا يا عمر وقلب محمد؟ الا يفكيك انني محروم منك؟ ثم اين شقيقتك صاحبة اللسان الطويل.. لا زلت لم اعطيها بعد الهدية التي شعرتِ بالغيرة منها.. دعيني اذهب واعطيها هديتها قبل ان ترفع علي قضية.
قال محمد ضاحكًا لتغمغم آلاء بشماتة ومرح:
- والله هي الوحيدة التي تقدر لك.. وتعلم كيف تأخذ حقها منك.

- صحيح.. سأعود لك بعد ان اراها.
سار محمد الى غرفة لمار وفي يده الهدية التي اشتراها لها ولحسن ابن شقيق آلاء..
وجد محمد الصغيرين يلعبان معًا فإبتسم وقال لها بينما يناولها هديتها التي كانت عبارة عن طين اصطناعي وادوات ماكياج خاصة بالأطفال..
أخذت لِمار منه الهدية بلهفة ثم أخذت تقفز على سريرها بسعادة وتساءلت:
- هل بإمكانني ان افتحها عمو محمد؟
اومأ لها محمد بحنو ففتحتها لتتسع عيناها الجميلتان بإنبهار وتقول ببهجة طفولية:
- شكرًا شكرًا.. هديتك جميلة جدًا عمو محمد.. الآن بإمكاني ان اصمت ولن أخبر الشرطة عنك وأقول انك تنتهك حقوق الطفل.

إعتلت الصدمة وجههُ وردد:
- انتهك حقوق الطفل؟!
ثم تابع بغيظ:
- من اين تجلبين هذه الأشياء الى عقلك؟ هل انت متأكدة انك تذهبين الى المدرسة ام الى اين بالضبط؟

- لا عمو.. هذه الدروس تعطيها لنا المعلمة ونحفظها حتى نعرف ما هي حقوقنا.
غمغمت لِمار ضاحكة.. كانت الصغيرة معتادة تلقائيًا على قول عمي لأن فرق السنوات الذي بينهما يجعلها بعمر ابنته لو كان قد انجب اطفالًا مسبقًا..
هز محمد رأسه بحيرة من هذه العائلة ثم ناول هديته لحسن الذي فتح الهدية التي كانت عبارة عن سيارة شرطة والأخرى سلاحف النينجا..
- شكرًا.. الآن بإمكاني ان اجمع كل شخص أزعجني وأخذه بسيارة الشرطة هذه والقيه قي السجن.
قالها حسن بمكر طفولي..

- اعوذ بالله.. لستما اطفالًا! كأنكما تعملان في الوزارة الداخلية والدفاع.. الاثنان تتحدثان عن القانون والشرطة والسجن.. ها انا محامي ولست مثلكما!
قال محمد بتعجب وهو يسير خارجًا ليتطلعا الصغيران الى بعضهما البعض بشقاوة ويستأنفان اللعب في الهدايا الجديدة..

دلف محمد الى غرفة آلاء وتساءل:
- اين عمي.. اريد السلام عليه.

- في غرفته.
- يا له من محظوظ بالتأكيد الآن يقوم بعمله جيدًا مع خالتي.
غمغم محمد بحسرة عابثة فزجرته آلاء بحنق:
- محمد كف عن وقاحتك ولا تنسى انهما ابي وامي ولا يصح ابدًا ان تتكلم عنهما هكذا.

- لم اقول شيئًا.. ما يهم الآن حبيبتي اننا يجب ان نعود الى شقتنا لأنني بعد يومين سأعود الى عملي.. ومحال ان استطيع البقاء هنا.. انت ترين بنفسك كمية الناس التي تأتي الى منزل أهلك وهذا مرهق لك بما انك يجب ان تجلسي ايضًا مع الضيوف.. فلذلك من الأفضل ان نذهب الى شقتنا ونغلق الباب علينا دون ان يأتي ضيوف كل ربع ساعة.
هتف محمد بجدية ثم إسترسل بضيق:
- وانا ايضًا تعبت بسبب قلة النوم.. غرفتك تطل على الشارع واصوات السيارات العالية بالإضافة الى لِمار التي تنام وسطنا كل هذا يتعبني حقًا.. وها انا اقسم شقيقتك لن تنام اليوم في غرفتنا.. لتنام في اي مكان آخر.. وانت حينما تولدين انا سأعتني بك لوحدي في شقتنا ومن يريد المساعدة بإمكانه القدوم الينا.. نحن لن نذهب للمكوث في منزل احد.

إعترضت آلاء بتفهم:
- محمد كيف ذلك وانت ستعود الى العمل.. الحركة ليست جيدة بالنسبة الي وانا سأضطر للبقاء هكذا في فراشي حتى تعود من عملك في وقت متأخر؟ من سيهتم بي؟ اجل أوافقك الرأي ان البقاء هنا مرهق وصعب بالنسبة لك ولكن ماذا عني؟

قال محمد مطمئنًا لقلقها:
- بالتأكيد حبيبتي والدتك لن تتركك واذا صعب على والدتك الاعتناء بك فشقيقتي الصغرى ستأتي لتعتني بك وتبقى بجانبك الى ان اعود من العمل.

***************
جلست آلاء بجانبه محمد وهي تعد نفسها لحرب الأعصاب التي ستدور بينها وبين عمتها.. ما كان يهدئها فقط هو ذراع محمد التي تلتف حول ظهرها بحماية وحبفتغيظ عمتها صفاء التي لا تعلم صدقًا لماذا لا تحبها ولا تطيقها.. ربما لأن والدتها رفضت عرض ابن شقيقتها للزواج.. هل حقًا كانت تعتقد انها ستوافق؟
رباه كم هي مرهقة هذه العائلة.. لا احد منهم مريح البتة!
تبادلت الاء أطراف الحديث قليلًا معهم فهي من النوع الذي لا يرغب بالحديث كثيرًا وخاصةً مع الغرباء او مع الناس الذين لا يعجبونها.. ليس خارجيًا بل داخليًا..

تجد مشاعرها تلقائيًا ترتسم على تعابير وجهها فيحكيها عسل عينيها وهو ينهمر بكل رضى عن صاحبته.. هي لا تجيد اطلاقًا التصنع او المجاملة والنفاق.. فما يدور بحرية في سرايا قلبها وعقلها بسرعة يتضح بتصرفاتها.. ولا تعلم اذ كان صدق مشاعرها هذا جيدًا ام لا.. ولكنها واثقة انه امراً مرهق لأنه يجلب لها الكثير من الأحاديث والأقاويل..

- في أي شهر من حملك انت الآن؟
تساءلت زوجة ابن عمتها التي تدعى سمر فأجابتها آلاء بهدوء:
- لا زلت في الشهر الثالث.

همهمت سمر بتفكير وقالت:
- أي انك منذ ليلة زفافك حملتِ؟!

- على ما يبدو آجل وفقًا لحساب الطبيبة.
غمغمت آلاء على مضض لأنها واثقة ان عمتها الآن لا سيما ستبدأ بتعليقاتها المثيرة للإستفزاز.. وهي حقًا ليس لديها مشكلة مع ابنها حسام وزوجته سمر.. ولكن مشكلتها الحقيقية تكمن بينها وبين عمتها..
وكما توقعت وفاها صوت عمتها الذي يتلألأ بين حروفه الغيرة:
- كنت اعلم انك حامل.. هذا واضح منذ المرة الأولى التي رأيتك بها حينما اتيت لأبارك لكما زواجكما.. لقد قلت لك في ذلك الوقت انك تبدين حامل ولكنك تصنعتِ عدم الادراك وانكرتِ وكأن خبر الحمل يمكن ان لا يقال او انك تستطيعين اخفاءه! في النهاية سيعلم الجميع بحملك.

- ولكن انا حقًا لم اكن اعلم في ذلك الوقت انني حامل حتى اقول لك اجل يا عمتي انني حامل! اولًا لأنني لا زلت عروسًا ولم افكر اطلاقًا بموضوع الحمل.. ثانيًا لماذا قد أواري وأخفي خبر حملي يا عمتي وكأنني فعلت شيئًا حرامًا او عيبًا؟
ختمت آلاء كلماتها بتهكم قصدته فإستشرى الغيظ في جسد صفاء خاصة وهي ترى الإستمتاع بعيون الجالسين بسبب ما يدار بينها وبين ابنة شقيقها الوقحة.. ثم هتفت بخبث قاصدة ان تنقل سمومها الى عقل محمد:
- لا ليس حرامًا.. لماذا قد يكون حرامًا؟ على اي حال انتبهي الى نفسك ومن الأفضل لك الآن ان تتركي المدرسة وتتوقفي عن الدراسة فهذا سيؤذيك ويضر طفلك.

----------------------
يتبع..
سوري عالتأخير..

رأيكم بالفصل وتوقعات؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
أسيل الباش


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 09:30 AM   #20

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل السابع عشر
سجّل يا تاريخ ان لا امرأة سواها..
سجّل يا تاريخ انني لا اعترف بالعشق دون وصالها..
سجّل يا تاريخ الثواني والدقائق التي كنت في احلامها..
سجّل بأكبر خط يقدر عليه قلمك انني اهواها..
سجّل ان القلب لا يدرك ما هو الحب الا بأحضانها..
سجّل ان بكائها وضحكاتها هما سيمفونية قلب يحبها..
سجّل انني مغترب دون وطن شفتيها..
سجّل انني جلاد يلسع ولا يشفع امامها..
سجّل انني طفل يتيم يوّد امانها..
سجّل يا تاريخ..
سجّل بقلم ختّال انني برّ امانها..
سجّل ان دموعي رجولةً لأروي شوقي وشوقها..
سجّل ان لا مغيث سواي يقدر على هدم مخاوفها..
سجّل يا تاريخ..
انني اعشقها دون قيود ومع حروب..
دون عيوب ومع ذنوب..
ومع دموع ودون ورود..
سجّل يا تاريخ..

---------------------
كان صعبًا جدًا عليها كبح ردها على كلمات عمتها المسمومة.. هذه الإنسانة لا تنفك ان تغيظها وتغضبها بتدخلاتها اللعينة.. لماذا لا تدعها وشأنها وتهتم فقط بإبنها وزوجته؟
لم تنتظر ان يتدخل احد ويرد على عمتها بل انطلق جوابها من شفتيها كسهم حاد..
- لماذا اترك التعليم؟ اعتقد انكم تعلمون انني اذا احببت شيئًا اتشبث به بأظافيري.. ولا تقلقي يا عمتي انا اجيد التعامل مع كل شيء بنفسي فإحتفظي بخوفك علي وعلى صحتي لنفسك.. وحمدًا لله ان محمد وامي موجودان ليساعداني وكذلك انا اجيد تقسيم وقتي بين الحمل والمدرسة.

وبخبث قصدته نظرت آلاء الى حسام وزوجته وقالت لتقهر عمتها مع انها صدقًا لا تتمنى لابن عمتها حسام وزوجته الا الخير..
- صحيح ماذا عنكما؟ الا يوجد شيء في الطريق ام انكما لا تخططان الآن للحمل او ان عمتي لا زالت لم تقرر لكما بعد متى تنجبان طفلًا؟
ثم تطلعت الى صفاء التي إسود وجهها من كلمات ابنة شقيقها وكاد ان يقضي عليها الغل والقهر..
- والله يا عمتي لو كنت مكانك سأقول لهما ان يأجلا هذا الموضوع الآن ويستمتعان بحياتهما قليلًا وبعد ذلك يفكران بموضوع الأطفال وليس مثلنا.. نحن طبعًا لم نخطط لهذا الشيء ولكن سبحان الله ما يريده الله يحدث.

لم يستطيع محمد لجم ضحكاته على رد زوجته التي اصابت الهدف جيدًا.. تجيد دومًا الثأر لنفسها وأخذ حقها..
هتف محمد بمزاح أجج من نيران صفاء:
- انا أوافقها الرأي.. استمتع الآن افضل لك من ان تصبح شقيقتك بدلًا من زوجتك وانت لا زلت عريسًا.

- لا تخف.. انا أخذ حذري.
قال حسام ضاحكًا فرشقتهما صفاء بحنق بينما جميعهم يستمرون بالحديث الى ان دخل شقيقها رحيم فسلّمت عليه ثم غادرت وهي تتوعد لابنها..
قرّب محمد آلاء منه وهتف بينما ضحكاته تصدح بإستمتاع:
- لأول مرة اراكِ غاضبة ومستفزة الى هذه الدرجة.. بالإضافة الى ردك العجيب الذي كاد ان يفقد عمتي وعيها.. انت تعرفين اطباعها وكلامها يا آلاء فكان عليك تجاهلها.

- اعلم.. ولذلك يجب ان ارد عليها بهذا الأسلوب مع ان حسام وزوجته لا يستحقان ان اقحمهما في هذا الموضوع.. ولكن لم استطيع قول شيء آخر حالما رأيتهما أمامي.
غمغمت بحنق فقال محمد بهدوء:
- لا بأس حبيبتي.. ولكن ردك فقط إستحوذ على إعجابي.

- أعجبك دومًا بأجوبتي.
غمزت له ضاحكة ثم توجهت الى غرفتها لتتبعها والدتها وتوبخها على كلامها بهذا الأسلوب مع عمتها الا ان آلاء بسرعة قالت ان كلامها كان خارج سيطرتها بسبب هرمونات الحمل فخرجت والدتها بغيظ شديد رغم علمها ان ابنتها تكذب لا غير..

***************
إكفهر وجهها وكاد ان يغرقها الغيظ في امواجه بسبب ما فعله بها محمد صباح اليوم بعد ان طلبت منه ان يقوم بعمل مساج لظهرها لأنه يؤلمها بشكل لا يطاق..
لقد قلق كثيرًا في البداية وكاد ان يتصل بالطبيبة النسائية المسؤولة عن حملها لأنها قالت انها تتألم ولكنها طمأنته فعمل لها مساج لظهرها بأيدي خبيرة جعلتها تطلق تأوهاتها المريحة والمستمتعة قبل ان ينحرف مسار يديه للمسات اكثر وقاحة جعلتها تهم بضربه..

قبلاته تفرقت على ظهرها العاري بخفة جعلت جسدها يقشعر تحت اكتساحه العنيف لمشاعرها.. هذا ليس عدلًا.. لم يكن هدفها ان يكون هو المسيطر والمستمتع وينقلب السحر على الساحر.. لقد قصدت ان تنزع قميصها ليتعذب وهو يلمسها دون ان يتمكن من فعل اي شيء آخر ولكن محمد دومًا يجد طريقة ليمتع نفسه بها..

رباه وقاحة هذا الرجل ستفقدها عقلها ذات يوم لا سيما.. أصابعه المحترفة تتقن الرسم على بشرتها وشفتيه تجدان التلوين بإبداع فنان أسطوري..
لم يبالغ محمد بوقاحته وعبثه بسبب تحذيرات الطبيبة ولكنه اراد زرع القليل من الخوف في عينين زوجته الماكرة.. فبعد ان توسلته بالإبتعاد عنها فقط إبتعد ضاحكًا وقال بشقاوة:
- اجمل مساج افعلهُ في حياتي.. وايضًا في منزل أهلك!

- أخرج من هنا يا قليل الأدب!
هدرت آلاء بسخط ليرسل محمد لها قبلة في الهواء ويقول قبل ان يخرج:
- انا في الخدمة دائمًا حياتي.. في اي وقت تريدين ان اعمل لك مساجًا ستجدينني جاهزًا.

أعد لها محمد صحنًا من الفاكهة لتتناوله بما ان لا احد في المنزل غيرهما ووالدها نائم.. ثم جلس هو ليعمل على القضايا الجديدة في الصالة..
كانت مغتاظة جدًا منه واذا لم تؤلمه حقًا ستصاب بالجنون.. فنهضت آلاء من مكانها وهي تراه يعمل بين الملفات وحاسوبه الخاص ثم قرصته بعنف ليرفع رأسه سريعًا ويطلق آهة متألمة..
لم تهمد رغبتها في إيلامه بعد فضربته بقوة شديدة على يده ليقهقه محمد بمرح بينما يراها تستمر بضربه..
جذبت آلاء يده لتدس أسنانها بين طياتها بقسوة جعلت ضحكاته تعلو اكثر واكثر..
- على ما يبدو ان الكلب الذي اشتريته علّمك كيف تعضين.

- أصمت!
زمجرت بحنق ثم رفعت يدها الى شعره حتى تشده الا ان يده كانت بالمرصاد..
طوّق محمد يديها بقبضتيه وجذبهما الى حضنه وقال بنفس المرح الذي يغضبها:
- افعلي كل ما ترغبين به ولكن اتركي شعري وشأني.. هل هدأ قلبك وارتاح الآن بعد ان ضربتِ وقرصتِ وعضيتِ ام ليس بعد؟

- ليس بعد!
اجابت بحقد ليهتف بعبث:
- تتحاملين علي منذ وقت المساج حبيبتي!

- محمد لا تضحك.. انا حقًا لا اطيقك واريد ان افعل اي شيء يؤذيك.
غمغمت آلاء بضيق ليهمهم محمد بتفكير مرح:
- مممم.. ما هو رأيك ان تنهضي وتضربيني اكثر لعلك ترتاحين؟

ضربته آلاء بقبضتيها الصغيرتين بعنف على صدره عدة مرات حتى إرتفع صدرها وانخفض بلهاث مرهق وسط نظراته وضحكاته المستمتعة بهذه الطفلة التي بين يديه.. من قال انها تبلغ من العمر ستة وعشرين عامًا؟ امرأته بالكاد تتجاوز السادسة عشر بطفوليتها وبراءتها.. وما يجعله يصدق عمرها الحقيقي فقط مكرها ودهائها واحترافية اغوائها..

**************
بعد ان تناولا وجبة الغداء جلسا وسط عائلتها يتحدثان بما انهما سيغادران بعد قليل ويعودان الى شقتهما..
لا تعلم كيف ستغادر وهي لا زالت تحتاج الى احد يعتني بها..
- أمي كيف سأغادر وانا بحاجة إليكِ؟ كل شيء سيكون صعبًا عليه وممنوع ان افعله.

رق قلب جميلة لحال ابنتها فغمغمت جميلة بحنو:
- سأتي اليك كل يوم في الصباح واجلس معك واحضر لك الطعام.
ثم نظرت الى محمد واستأنفت:
- محمد لماذا لا تتركها هنا؟

- والله يا خالتي لا يسعني فعل اي شيء.. كما وان هناك افضل لها.
- اجل، افضل! هذا صحيح ففي النهاية كل شيء سيقع على رأسك.
- لقد تورطت بعد ان تزوجت بأمرأة مدللة للغاية من قبل اهلها وعلي ان اتحمل وليكن الله بعوني فقط.
قالها محمد بمكر وهو ينظر اليها فهتفت آلاء بغيظ:
- أعتقد ان لم يضربك أحد على يدك ويخبرك ان تقف امام نصف العالم وتقول "عمي اريد ان اطلب يد ابنتك للزواج!"

- لقد ظننتكِ كبيرة ولكنني كنت مخطئًا فأنتِ ما زلت صغيرة ولستِ امرأة صالحة للزواج.. تم خداعي.
قال محمد ممازحًا ليهتف ايلام بجدية مضحكة:
- البضاعة التي تم فتحها لا تسترجع ولا تبدل!

- لم يتم فتحها فقط بل تم العبث بها حتى إنتفخت ايضًا.
رد محمد على ايلام بنفس وقاحته لتتمتم جميلة بحنق:
- اخرسا.. اليس لديكما ذرة احترام للكبار؟!

- دعيهما.. الاثنان قليلا ادب.
هتف رحيم بصرامة ليقول محمد متفكها بعد ان القى نظرة سريعة على زوجته المنشغلة بهاتفها:
- لا عمي.. نحن لسنا هكذا ولكن هل تنكر وتقول انها الآن ليست حامل؟

- لا، لا أنكر سيد محمد.
قال رحيم بإمتعاض ليبتسم محمد بغرور ثم يتطلع الى زوجته التي تضع السماعات في اذنيها دلالة على انها لا تسمع اي شيء..
منذ بداية حوارهما الوقح وضعت السماعات في أذنيها كي لا تضطر الى سماع حوارهما وتتجاوب تعابيرها مع وقاحتهما ولكنها في الواقع كانت تسمع كل ما يُقال بالحرف الواحد..
- هيّا سنغادر.
اصطنعت آلاء عدم سماعه فأبعد محمد السماعات عن أذنيها وهمس:
- سنغادر.
اومأت آلاء بإدراك ليرتفع حاجبه الى الأعلى بينما يتأمل ملامحها..
- انهضي اذًا.

في طريق عودتهما الى الشقة تساءل محمد وهو يوزع نظراته بين الطريق وبينها..
كانت صامتة وتعابيرها واجمة بشكل غريب لتدب الحيرة في عقله..
- هل انت مرتاحة ام ان طريقة جلوسك تزعجك؟
همهمت بلا باردة ليهتف بتعجب:
- ما خطبك؟
- لا شيء
تمتمت بإقتضاب ليقول بإستنكار:
- لماذا اذًا هذا التعابير الواجمة مرتسمة على وجهك؟

- لا يوجد شيء.. ولماذا تتحدث الى طفلة؟ انت اكبر بكثير من ان تسأل طفلة!
هتفت آلاء بغيظ ليقهقه محمد عاليًا ويقول بمرح:
- اذًا كنتِ تسمعين الكلام!

- كفى سخافة.. هل تود الإستمرار الآن بكلامك ذاك؟
هدرت بضيق ليغمغم بفكاهة:
- لا يا قلبي انا أمازحك فقط.. لماذا أصبحتِ حساسة جدًا ام ان هذه هي أفعال هرمونات الحمل؟

- اجل انا حساسة ولا تتحدث الي.
هتفت بعبوس ليضحك محمد ويداعبها القول:
- لا، كيف ذلك حبيبتي؟ سنعود الى الشقة وسأرضيك.

**************
إنبسطت شفتاها بإبتسامة واسعة خبيثة وهي تتطلع الى محمد الذي ينظف الشقة بينما هي تجلس وتراقبه بعينيها وتتأمر عليه.. رباه كم هو ممتع ان تتأمر عليه هكذا وكأنه يعمل لديها وهو ليس بوسعه الإعتراض او الرفض بحرف واحد ما دام هو الذي أصر على عودتهما الى شقتهما والإعتناء بها وبالشقة بنفسه..

لا تعلم حقًا كيف سيطرت على ضحكاتها وهي تبصر بإحمرار وجهه الغاضب وعصبيته المفرطة بالتنظيف بما انها تركز اكثر مما يجب بتنظيفه وبدأت تخلق له اعمالًا من تحت الأرض ليقوم بها..
"محمد نظف الأرضية جيدًا.. لا زالت وسخة"
"محمد أثاث الصالة لا زال مليئًا بالغبار.. ما هذا التنظيف بحق الله؟"
"محمد هناك ملابس يجب ان تغسلها"
"أغطية فراش السرير يجب تغييرها.. فغيّرها وأغسلها وقم بكي الأغطية التي ستخرجها من الخزانة"

اخذ يشتم بعصبية شديدة.. هذا ليس تنظيفاً بل انتقام.. حينما حاول الإعتراض تبرطمت بحنق وقالت انها تنظف دومًا هكذا وأكثر فمن الأفضل له ان ينظف بصمت.. حتى اخيرًا استشاطت أوداجه سخطًا وحنقًا فزمجر بإنفعال:
- كلما تبالغين بحقارتك كلما يزداد حسابك وعقابك.. هل تعلمين سيدة آلاء ام لا؟

ضحكت آلاء بشقاوة ثم غمغمت بنبرة حزينة مصطنعة:
- حبيبي انا حاليًا مريضة وممنوع ان أتحرك وفي الأيام العادية اقوم بهذه الأعمال دون الإعتراض بكلمة واحدة وانت تبقى تقول لماذا لم تفعلي هذه وهذه كما يجب وتبدأ محاضراتك الطويلة عن الترتيب والنظافة.

كانت فعلًا تشعر بإستمتاع رهيب وهي تراه هكذا عاجزًا عن الإعتراض.. ولكنها واثقة انه سيثأر لنفسه دون شك..
في الواقع لولا ظهور محمد في حياتها لكانت الآن اكثر النساء سعادة بتمرغها في حضن والدها.. وحبيبها الأول.. ولكن نصيبها وقدرها هو محمد.. رغم كل السيئات التي بشخصية محمد الا انها واثقة انه افضل بكثير من شخصية كريم الذي كان يكتم حريتها ويخنقها بالممنوعات والذي يثير اشمئزازها الآن من نفسها هو خضوعها له كالمسحورة بسبب عشقها له..

آجل هي كانت تتحداه كما تفعل مع محمد ولكنه كان مسيطرًا على تحركاتها وشخصيتها دون الحاجة ليتعب نفسه.. بينما محمد... رغم غيرته الشديدة يسمح لها بمتابعة تعليمها.. بالخروج مع صديقاتها.. يطلب منها تعلم القيادة.. يشجعها على الوصول لمراتب عالية ويساعدها في اعمال المنزل.. عكس كريم الذي كان يقول ان بعد زواجهما لن يكون هناك لها اي صداقات ولا تعليم ولا شيء.. ورغمًا عنها ستتحجب.. وحياتها كلها ستكون له.. عملها كله هو الإعتناء به.. حتى اهلها لا يجب ان تذهب اليهم كثيرًا.. اي انه سيكون محور حياتها الوحيد..

لا تقول ان محمد لا يحاصرها ويمنعها من عدة أمور ولكنه في النهاية لا يدفنها في الحياة.. لا يحرمها من تحقيق حلمها ويفرض الحجاب عليها.. لا يتعامل معها كأنها آلة همها الوحيد هو الإعتناء بطلباته ورضاه..
حالما انتهى محمد من التنظيف كان حقًا مرهقًا وعصبيًا للغاية.. فسكنت ضحكاتها ورأف قلبها قليلًا بحاله..

بعد ان أنتهى من الإستحمام وأتى ليجلس جوارها قالت آلاء بجدية:
- حان دورك الآن لتدرسني فغدًا لدي امتحان ويجب ان تقوم بتدريسي.

زفر محمد بحنق ثم بهدوء جذب الكتاب الذي كان امامها وإستهل بتدريسها بصرامة وجدية..
اجتاح الملل اوصالها.. يدرسها وكأنه حقًا معلم صارم وشديد مع طلابه..
مظهره هذا جذبها.. جديته بعيدًا عن عبثه ووقاحته.. ملامح وجهه الحادة بصرامتها.. ثم اختفاء البريق الماكر من حدقتيه..

لم تعد تسمع الكلمات التي تبجسها شفتاه.. كل تركيزها هجر الدراسة والتنظيف ليستقر على حدة ملامحه وجمالها.. انفه كان طويلًا حادًا كنصل السيف.. وعينيه المثيرتين كانتا في غاية البهاء.. حاجبيه كثيفين قليلًا ورموشه الطويلة مع اللون الساحر في عينيه جعلا قلبها ينصهر داخل صدرها وخفقاتها تعصف بعنف..
كان مزيجًا غريبًا ما بين الملامح الشرقية والغربية.. فسماره الخفيف مع ذقنه الخفيفة وحدة ملامحه جعلاه يبدو مثاليًا من ناحية جمال.. خاصة بحدقتيه اللتين تماثلان عينا الذئب..

همست آلاء بأسمه برقة والعبث يثب في مقلتيها بجنون فهمهم بخفوت دون ان ينظر اليها..
- حبيبي ماذا سيحدث لو أتيت لتدرسنا في المدرسة.. في الواقع ان لن اعترض او افعل شيئًا سوى قول "أستاذ، هل تسمح لي بقبلة؟" لأن منظرك وانت جدي هكذا جميل ومثير جدًا.
غمغمت آلاء بخبثٍ فتطلع محمد اليها وبسرعة جلجلت عيناه بوقاحته المعتادة..
- يعني ماذا تريدين مني الآن؟ قبلة مثلًا؟

- لا، لا اريد شيئًا ولكن كل ما في الأمر انني اشرح لك ماذا سيحدث لو اتيت الى المدرسة وعلمتنا.
قالت بهدوء فضحك ثم عاد الى جديته وتابع بشرحه لتردف:
- محمد ماذا ستفعل لو ان قميصي ارتفع قليلًا وظهر جزءًا من جسدي خلال الدرس؟

- أخشى ان أخبرك الآن وترسبي في امتحان الغد.
قال وهو يغمزها بوقاحة لتهتف بإندفاع:
- لا، لماذا قد يحدث هذا الشيء وانت بنفسك تشرف على ملابسي؟.. بالتأكيد لن يحدث هذا الشيء.

لم يعقب محمد وتابع بشرحه ثم حالما انتهى قال بإبتسامة واسعة ماكرة:
- أنهيت كل الذي علي القيام به... الآن حان وقت الجد ووقت العقاب والشرح بماذا سيحدث لو انني كنت استاذك وحدثت هذه الأشياء امامي.. وكذلك الأمر اريد ان اتأكد اذا دخل شرحي الى عقلك ام ليس بعد ولكن بطريقة مختلفة.

حاولت الإعتراض الا انه تمتم بحنق:
- وكأنني سأفعل حقًا كل ما ارغب به.. هذه مهدئات بسيطة فقط حتى تنتهي هذه الفترة.. وهيّا امامي الآن الى الغرفة لأبدأ بمراجعة الشرح لك من جديد وكما يجب.

وحينها عمل على إدخال كل معلومة في عقلها بطريقة محال ان تنساها وهو يبعزق قبلاته على وجهها وشفتيها بتوق وشغف.. ومن بين قبلاته كان يسألها واذا لم تعرف الجواب يصر على معرفتها له كما يجب حتى حفظت مادة الإمتحان غيبًا ووثقت انها غدًا ستأخذ علامة كاملة لا سيما بعد هذا الشرح القاسي!!!!

*******************
في صباح اليوم التالي..
دلفت آلاء الى صفها بعد توصية محمد لها بعدم التحرك كثيرًا وإرهاق نفسها..
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ما هذا الجمال؟"
همست آلاء في اعماقها حالما تفاجأت بوجود طالب جديد في صفها.. رباه هذا الجمال صدقًا لا يُعقل وكأنه قدم من كوكب آخر..
أخفضت عينيها بخجل.. تقاوم النظر اليه.. جماله محال ان يكون عاديًا.. البشرة البرونزية مع العينين الزرقاوين بلون السماء وهذا الجسد الخيالي ماذا يفعل هنا بحق الله!

حاولت إقناع نفسها بكونها متزوجة ولا يصح ان تنظر اليه.. ولكن هذا الجمال النادر يجبر الجميع على الإعجاب به.. لم يكن وسيمًا بطريقة عادية البتّة.. كان صاحب ملامح برازيلية بحتة بشعره وذقنه المائلان الى الشقار وبشرته البرونزية ولون عينيه الذي ابدع الخالق في تلوينهما..

قلبت عينيها بضجر حالما دنى ليبان وقال بنبرته الدنيئة:
- اهلًا وسهلًا.. لقد اشتقنا اليك.. اين كنتِ غائبة كل هذه الفترة؟

لم ترد عليه فألقى نظرة وسخة عليها ثم ضحك بطريقة حقيرة وغادر ليجلس مكانه..
دلف الأستاذ ثم نظر اليها ليقول اسمها واسم شخص غريب عليها..
"آلاء انتِ وكريس"
هذا ليس أسم احد زملائها في الصف.. هل هذا الأسم يعود للطالب البرازيلي الوسيم؟
حاولت ان تنحي هذه الأفكار جانبًا والتركيز بكلام الأستاذ..
"لديكما امتحان بعد ساعة"
ونظر الى هذا الرجل الوسيم وتابع قاصدًا آلاء بمعنى كلماته..
"اتمنى منك ان تكون منضبطًا ولا تستهين بدراستك لأن هذه هي السنة الأخيرة لكم وستحدد مستقبلكم.. يعني لا ان تأتي ليوم واحد وتغيب اسبوع ونحن يجب ان نكون تحت أمرك ومتى تريد نمتحنك.. أي مثل آلاء!"
أعاد المعلم نظره اليها وتمتم بحنق..
"غياباتك ازدادت كثيرًا.. انتبهي الى هذا الشيء.. انا لن انتظرك كل يوم لأمتحنكِ.. منذ الآن تأتين مع زملائك في الصف وتفعلين الامتحانات معهم.. لو هذا الطالب ليس جديدًا ويجب ان أمتحنه ما كنت سأعيد لك الإمتحان وسأكتفي بوضع صفرًا لك وسأدعك تنتظرين الى الشهر المقبل حتى علامتك في الامتحان القادم وسأقسمها على اثنين وهي ستكون علامتك النهائية"

- أستاذ انا لا اغيب عادةً.. ولكن سبب ازدياد غيابي هذه الفترة هو زواجي والتغييرات التي طرأت في حياتي.
قالت آلاء بهدوء قدر الإمكان فكلام هذا المعلم الغليظ حقًا أزعجها..
شعرت بأعصابها كلها تتقلص بعصبية مفرطة حالما وفاها صوت ليبان الذي يجلس خلفها..
- اذا كنتِ ستبقين تمارسين الحب انت وزوجك حتى الصباح بالتأكيد لن تتمكني من المجيء الى المدرسة!

بلمح البصر كانت تستدير اليه وهي تشعر انها سترتكب جريمة به.. هذا اللعين الحقير يجب قتله حتى تتخلص منه..
صاحت بإحتدام وشراسة ووجهها يحمر بعنف من شدة انفعالها..
- هذا الشيء لا يخصك..انا اتحدث مع الأستاذ فقط وليس معك.. حينما يتحدث اليك احد فقط تكلم اما الآن لا احد يبالي بك فإخرس.

إستدارت الى المعلم وإستأنفت:
- انا لا أستطيع ان اتي كل يوم الى المدرسة لأنني حامل والحركة الكثيرة تشكل خطرًا على حياتي وحياة طفلي.. ولقد اعطيت الورقة التي أخذتها من المستشفى الى الادارة وهي الان تعلم بوضعي الصحي.. وحتى اليوم ما كان يجب ان أتي الى المدرسة ولكنني أتيت لأجلك وحتى لا تقول هذا الكلام..
اذا لم تكن تريد ان تعيد لي الإمتحان فلا بأس ولكن اذا كانت زوجتك او ابنتك بمكاني ووضعها الصحي ليس جيدًا وممنوع ان تتحرك وفقًا لكلام الطبيبة هل كنت سترضى ان يحدث معها هذا الشيء ام انك ستفعل المستحيل لتكون بخير؟

إعتذر الأستاذ بلباقة لعدم معرفته بوضعها الصحي ثم طلب من ليبان الإعتذار منها الا انه أبى بإستهزاء:
- لن أعتذر لأنني لم اقل اي شيء خاطئ.

نظرت آلاء اليه بإشمئزاز وقالت:
- انا لست بحاجة الى اعتذارك.
ثم تابعت بنبرة منخفضة وصلت الى اذنيه:
- قذر.. حيوان!

وضحكت بإستخفاف أقرب الى الإستحقار ليحتقن وجهه بغضب شديد ويحدجها بنظرات حادة تجاهلتها وهي تستدير للتركيز في الدرس..
ثم فجأة تذكرت ذلك الطالب الوسيم لتعلن بخفوت على هذا الموقف المحرج وعلى الإنطباع الأول السيء الذي سيأخذه عنها..
تبًّا له.. ليفكر ما يشاء.. وكأنها ستبالي...
فكرت بحنق ثم بدأت توضب أغراضها حينما انتهى الدرس وخرج الأستاذ لتستعد لمغادرة الصف قبل ان تتفاجأ بالصوت ذو البحة الرجولية لتكاد تقسم انه صوت شبيه بآلة موسيقية عذبة.. هذا الصوت جميل بشكل لا يُعقل!..
- مرحبا، أنا كريس!

رفعت رأسها لتتطلع اليه للحظات ثم جذبت حقيبتها وردت التحية ببرود..
قال كريس ببشاشة:
- يجب ان تشكريني.

- لماذا؟
تمتمت وهي تتطلع اليه بإستغراب فأجابها بغرور محبب:
- لأن الأستاذ سيعيد لك الإمتحان بسببي.

- معك او دونك هو مجبر ان يمتحني ورغمًا عنه.
تشدقت آلاء بتهكم ثم غادرت وهي تسمع صوته يقول بمرح وإستمتاع:
- على ما يبدو ان هذا الصف ظريف وسأستمتع كثيرًا به!

---------------------‐--
يتبع..

رأيكم بالفصل..

مع كل حبي:
أسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:16 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.