آخر 10 مشاركات
خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          217 - عيون الحب - كاثرين ارثر - مكتبة مدبولى - اعادة تنزيل (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          ليلة مصيرية (59) للكاتبة: ليندسي ارمسترونج... (كاملة) (الكاتـب : monny - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          لاجئات بيت الحكايا (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة بيت الحكايا (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          تجري في دمي(35)للكاتبة:Michelle Reid(الجزء الثاني من سلسلةعرائس راميريز)*كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قسم الروايات المتوقفه

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-12-20, 09:54 AM   #11

نور الدنيا

? العضوٌ??? » 341
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 1,548
?  نُقآطِيْ » نور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond repute
افتراضي


تسلم يدك عزيزتي على الفصل
نهاية الفصل غامضة يآ ترى ماذا سيكون مصير نغم فى أول مهمة لها هل ستقتل الرجل أم تقتل نفسها




نور الدنيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-21, 08:07 AM   #12

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع


دفعته عنها تحاول تحرير نفسها من بين براثينه، تشعر بثقل جسده كالجاثوم فوق صدرها، يكتم على أنفاسها، وهو غافل عن معاناتها، يظن تأوّهاتها المتحشرجة متعة سافرة تُسمعه سمفونيتها.
تملكّتها نوبة فزع أضعفتها، تعاني الأمرّين، توشك على الصراخ بملئ حنجرتها، ولكنّها عادت ونبّهت نفسها بوجود حرّاسه عند باب المصعد، بإنتظار أي نداء منه، فعادت وهمدت تحت ثقله، تحاول أن تستعيد رباط جأشها، تفكّر، نعم « فكّري نغم، لقد تدربتي على طرق تخليص نفسك من هكذا وضع، وكنت تنجحين بسهولة، فما بالك الآن، تتصرفين على أنّك ضحية على وشك سلخ جلدها.....
إهدئي
تنفّسي
فكّري
إسترخي
أغمضت عينيها تحاول إسترجاع إستراتيجية الدفاع عن نفسها بهكذا وضع، تشعر بقبلاته تزداد تعمّقاً، أنفاسه تهيج وملاماساته متطلّبة،
تثير إشمئزازها....
شهقت بعمق عندما وقع بثقل جسده بأكمله فوقها، كأنّه فقد وعيه،
فتحت عينيها بتساؤل، لا تفهم ماذا حصل له، يجزع قلبها عندما شاهدت ظلالاً تحوم فوقها، فسارعت لتدارك الوضع،
دفعته عنها، تشاهد شخصاً طويل القامة يقف بجوار السرير، يرتدي قناعاً أسوداً.....
هبّت عن السرير تهاجمه في الحال،
لا تفهم سبب تواجده، جزعة من أن يكون منافساً لها، قادم لسرقة ما هي قادمة لسرقته....
هاجمته بشراسة مصدومة من تقنياته القتالية، تراه يصدّ ضرباتها ببراعة، يراقصها، يحيد دون أن يفسح لها المجال بلمسه مثيراً تصاعد غضبها،
وعندما ملّ من ملاعبتها جذبها من ذراعها يثبّت ظهرها الى صدره، تململت تحت قبضته تشعر به يحاصرها، ينتصر عليها،
قبض على عنقها يمنعها عن الحراك يخاطبها بصوت ليس صوته الحقيقي، إذ القناع الذي يضعه على وجهه مدّعم بآلة تبديل الصوت.
« إنتهي من مهمّتك وأخرجي من هنا حالاً»
همدت تحت قبضته، صدرها يعلو وينخفض بعنف بسبب أنفاسها المتحشرجة، يترسّخ بعقلها ما قاله، إنتهي من مهمّتك!
هل هذا يعني بأنّه ليس هنا لمنافستها؟
« هل، هل أنت هنا لمساعدتي؟» سألته بنبرة يشوبها الشك،
ما تزال تتخبط بمحيط غمامة سوداء حوّلتها لغبية بدرجة متفوّقة.


حرّرها بعد أن تأكد بأنّها لن تهاجمه من جديد يجيب عن سؤالها بجفاء رصدته في الحال:
« أنا هنا لإنقاذ حياتك، كفّي عن الأسئلة وباشري بجمع ما تحتاجين اليه هيا» حثّها بنبرة غاضبة كأنّه كارهٌ لكل ما يدور من حوله.
إستدارت تواجهه تحاول معرفة هويّته بالرغم من الزي الأسود الذي يرتديه، يخفي ملامحه من رأسه حتّى أخمص قدميه، لا يكشف شيئ منه، حتّى كفّيه يغطيهما بقفّزات جلدية سوداء.
هل تعرفه؟
هل يعرفها؟
أم أنّه مجرّد خطة باء في حال خطة الف فشلت؟
ولكنّها لم تطل التفكير، تسارع بلملمة شتات نفسها تعود لجو العمل
رتّبّت فستانها تمطّه نحو الأسفل كارهة لذلك القناع الذي يخفي وجهه خلفه، يتركها في الظلام، لا تعرف حتّى أين تتجه نظراته.


تلفّتت حولها تذكّر نفسها بالعمل الذي أتت لهذا المكان لأجله، أخذت بضع أنفاس عميقة تستعيد رباط جأشها وثباتها.
« ماذا فعلت له؟» سألته تراقب العجوز فاقداً للوعي عرض السرير
« أعطيته حقنة مخذر» أجابها بإقتضاب


وبخطوات واثقة سارعت للخزانة، فتحتها تتفقد نوعية الخزنة التي يملكها، مكتشفة بأنّها تعمل على بصمة العين، عادت الى عميلها وجذبته عن السرير تترقّب مساعدة ذلك اللوح الواقب بزاوية الغرفة يراقب ما يدور من حوله بجمود.


« الن تساعدني؟» سألته تعاني من إنزاله عن السرير وسحبه الى الخزانة فكتّف المقنّع ذراعيه عند صدره يقول« ليس عملي، ماذا كنت ستفعلين لو أنّي لم أهب لنجدتك؟»
« كنت سأقتله» أجابته بحدّة يفلت من يديها فإصطدم جسده بالأرض بعنف.
« حذاري، لا ترغبين بترك رضوض بجسده تثير الشكوك حولك» أخبرها ببرودة أشعلتها، فشذرته بنظرة غاضبة تسحب جسده فوق الأرضية المغطاة بالسجاد الفاخر تلهث أنفاسها بإرهاق« نذل» شتمته تردف « بكل تأكيد سيظن بأنّ تلك الرضوض سببها ليلة مشحونة بالعواطف»
التفتت اليه ترمقه بإمتعاض لحظة نخر ضاحكاً إستهزاءً بتعليقها.
« آه، عزيزتي، عندما تكون الليلة مشحونة بالعواطف العنيفة حينها الأنثي هي التي ستحمل أثارها على جسدها وليس الرجل.»
«تافه» كان تعليقها الوحيد تشتعل وجنتيها خجلاً، أولته ظهرها تشتم فستانها القصير توقن بأنّه يرى منها أكثر مما هي ترغب له أو لأي رجل بأن يري منها، رفعت الرجل بين ذراعيها وأجلسته على مقعد كانت قد وضعته قبالة الخزنة، فتحت له مقلته وقربّت وجهه من كاشف الرمز، يطن بصوت يعلن فشل قرائته، فجرّبت للمرّة الثانية والثالثة والرابعة.
فإستعجلها المقنّع يلعب بأعصابها« هيّا، كفّي عن اللهو»
« إنتظر حتّى أنتهي من مهمّتي وأريك كيف يكون اللهو» تمتمت تعدّل جسد الرجل وتقرّب الكرسي أكثر من الخزنة، تقول« هيّا، فأنا لا أملك الليل بطوله»


قفز قلبها بغبطة عندما طنّ أخيراً بصوت قبول القراءة يُحل قفل الخزنة فسارعت لفتحها، أخرجت عود الذاكرة منها، خلعت شعرها الإصطناعي تخرج من تحته آلة صغيرة يعادل حجمها حجم عود الذاكرة، شبكت عود الذاكرة فيه وضغطت على زر نسخ المعلومات تأخذ عنها كل ما تحتوية.


«حسناً بإمكانك إستغلال الوقت بإعادته الى السرير ونزع ما تبقى من ثياب عنه» إقترح المقنّع وهو ما يزال يقف عند الزاوية، يراقب الوضع من بعيد.


ولأنّ عزّة نفسها أكبر من أن تعيد طلبها بالمساعدة قامت بالمهمة بنفسها، بالرغم من المعاناة التي كبتتها ببسالة،
أعادته الى السرير، جرّدته من ما تبقى من ثيابه،
إعتلت السرير وراحت تقفز عليه تبعثر وسائده وشراشفه، نزعت بضعة شعيرات من شعرها الإصطناعي ووضعتهم فوق الوسادة وعندما إنتهت وقفت بجوار السرير تتفقد عملها بإبتسامة مكتفية.
التفتت الى المقنّع ترمقه بنظرة عابثة فخورة بنفسها، أعادت الآلة الى رأسها وإرتدت فوقها شعرها الإصطناعي تستعد للمغادرة.


« هل إنتهينا هنا؟» سألته تتعجب من وضعه وصمته، تتساءل من أين دخل عليهما؟
هل كان داخل الجناح لطوال ذلك الوقت؟
وإذ كان كذلك، لماذا لم يقم بالمهمة بنفسه؟

إقتربت منه تراه ينتصب بوقفته تتخيّل نظراته تراقبانها من خلف ذلك القناع الأسود، وقفت قبالته تسأله« كيف ستغادر الجناح؟»
« كما دخلته» أجابها بإقتضاب
رفعت حاجبها ترمقه بإستنكار « حسناً، وكيف دخلت؟»
« ليس شأنك» أجابها يبعدها من أمامه، تجاوزها يتفقد وضع الجناح
تبعته تسأله« هل أنت خطة باء؟»
« أنا لست بخطة باء، ستعودين الى المقر وتخبريهم بأنّك نفّذتي المهمة بنجاح تام دون أن تقدمي على ذكري نهائياً»
« ماذا تقصد؟»
إستدار يواجهها « أنا لا أقصد»
« هل تعني بأنّ المقر لم يرسلك، أنّهم لا يعلمون بأنّك تدخلت لمساعدتي» سألته يتسلل الأمل الى صدرها، هذا يعني بأنّه سيساعدها على الهرب، نعم....
ومن تلك الإبتسامة البلهاء التي إعتلت وجهها فهم مسعاها....
« على ما يبدو أنّك ذكية، لماذا إذاً تتصرفين كالأغبياء؟»
عبست تقذفه بسياط نظراتها المشتعلة« أيّها الحذق، الذي لم أفهمه وما أزال لا أفهمه هو من أنت؟ ومن أين أتيت؟ هل أعرفك؟ ولماذا تخفي وجهك خلف قناع؟ ولماذا لا تريدني أن أذكرك أمام هيئة المقر؟»
« أسئلة كثيرة أجوبتها لن تقدّم أو تؤخّر، كوني ممتنة لإنقاذي لك، غادري وإنسي أمري نهائياً» أخبرها يفتح لها باب المصعد بالبطاقة، يطلب منها المغادرة.
« الست هنا لمساعدتي على الهرب؟» سألته بالرغم من أنّها واثقة بأنّه ليس كذلك.
صمت لبرهة طويلة وتّرتها، خاصّة أنّها عاجزة عن قراءته من خلف قناعه ذاك.
« أنا هنا لإنقاذك من غضب المسؤولين عنك، وليس لتهريبك»


قبضت على ياقة فستانها المنخفظة لدرجة سافرة يترسّخ بعقلها معنى كلماته المقتضبة تلك، لو أنّها فشلت بمهمّتها هذه لكان إنتهى الأمر بها كراقصة تعرّي في إحدى الملاهي الليلية، أو عاهرة، أو لربما أسوء من ذلك بكثير....


تحشرجت أنفاسها بصدرها تدرك قيمة ما فعله هذا المقنّع، بوصف أو بآخر فهو قد أنقذ حياتها من مصير قذر كان سيدمرها ويقضي على ما تبقى منها، هذا المقنّع أنقذ شرفها وإنسانيتها، أنقذ تلك الطفلة التي ما تزال حيّة بداخلها تسعى للتحرر بأي ثمن.......
« هل سأراك مجدداً؟» سألته تركل نفسها بسرّها على نبرة صوتها التي فضحت توقها.....
لماذا تريدين رؤيته مجدداً أيّتها الغبية؟
ومن دون أن يقدم لها إجابة مكتفياً بالصمت، ضغط على الطابق الأرضي من المبنى حيث تنتظرها الشاحنة في المرآب، لإعادتها الى المقر.
فوقفت وسط المصعد تشاهد فلقتي الباب تحجبانه عنها......


أوّل مهمة
أوّل فشل ذريع على الإطلاق
أوّل درس حفظت أخطائه وثغراته بحذافيره
تعد نفسها بعدم تكراراها أبداً
طبيعة عملها هذه لا تتماشى أبداً مع النزاهة والشرف الذي تتمسك بهما، ولهذه الأسباب بالذات، عليها أن تجد طريقة ذكيّة ومحنّكة لكي تتمكن من تنفيذ مهامها دون المساس بشرفها وتغميس كفيها بالدماء.......
غافلة عن أن هذه المهمة ليست سوى البداية فقط
والآتي أعظم
والآتي يفوق تصوّرها وقدرة إستيعابها.....



*** *** ***


أطول حمّام على الإطلاق، المكان الوحيد الذي تسمح له بأن يشهد على ضعف حيلتها، تفسح المجال لكل ما يعتمل بجوفها من مشاعر متضاربة أن ترسو على السفح، تجد لنفسها متنفّس، فتختلط دموعها السخية بالمياه الساخنة، تنحب بخفوت، تنوح روحها السجينة تتوسّلها أن تجد طريقة للخلاص، تنتفض الطفلة بداخلها، تتوق لأمان لم تعشه على الإطلاق، لحريّة لم تنعم بها بيوم من الأيّام.


بكت ونحبت وتعالت شهقاتها المريرة الى أن جفّت دموعها، فركت جسدها حتّى قارب جلدها على الإنسلاخ، يتحوّل لون بشرتها الى أحر قاني.


لقد عادت الى المنشأة، فتمّ قيادتها مباشرة الى غرفة الإجتماعات، حيث كان زاك وبعض مساعديه بإنتظار ما بحوزتها من معلومات.
كانت مرهقة،
مرهقة جسديا ونفسياً، ولكنّهم لم يكترثوا لمعاناتها، إذ لم يفسحوا المجال لها بالمغادرة الاّ بعد أن أخذوا منها كل المعلومات المطلوبة،
أسئلة كثيرة تم طرحها
وأجوبة دقيقة كانت المطلوب
وتكررت بعض الأسئلة
كأنّهم يتأكدون بأنّها لا تخفي عنهم أدنى تفصيلة
وكان هناك من يدوّن كل حرف نطقت به
وكاميرا موجّهة مباشرة الى وجهها، لمراجعة كل ردّة فعل قامت به على كل سؤال تم طرحه عليها، وذلك الشريط سيعاد مراجعته من قبل مختص، كي يؤكد لهم بأنّها كانت صادقة.
ولكن ما لا يعرفونه بأنّها بارعة في الكذب، بارعة لدرجة بأنّه لم يرف لها جفن وهي تلقي كذباتها المتكررة
أوليست تلميذة زاك المتفوقة؟


العملية تمّت بنجاح تام
من دون أي مضاعفات
العميل تناول المخذّر الذي دسّته له بالمشروب
رافقته الى السرير
كانت مطيعة جداً لمتطلباته
إنتظرت الى أن فقد وعيه
سحبته الى الخزانة
إستعملت بصمة قزحية عينه لفتح الخزنة
نقلت المعلومات المطلوبة دون أن تترك أثراً خلفها على الإطلاق
وغادرت بذات الطريقة التي دخلت جناحه بها .......


وبعد أن تأكدوا منها وتفقدوا محتوى المعلومات التي أحضرتها أمروا الحارس الذي رافقها طوال رحلتها بنقلها من مقر الإجتماعات الى مقرها.......


خرجت من الحمّام بعد أن جففّت جسدها، إرتدت ملابسها المريحة التي ترتديها عادة في أرجاء المقر، بنطال أسود قطني وكنزة رمادية، وتلفّتت حولها بحيرة، اليوم سيتم نقلها من هذا الجناح، الى جناح المبتدئين، خاصّة أنّها قامت بمهمّتها الأولى، مهمّة بالرغم من أنّها لا تفخر بها على الإطلاق وترغب فقط بنسيانها كليّاً، الاّ أنّها عاجزة عن التوقف عن التفكير بذلك المقنّع!
أسئلة كثير تجول بعقلها حوله.
أسئلة لا تجد لها أجوبة منطقية على الإطلاق
تثير خوفها
تثير شكّها وريبتها حوله
أيعقل أنّه كان إمتحان من قبلهم، أم من قبل زاك
كي يروا، هل ستخفي عنهم تلك التفصيلة كما طلب منها المقنّع؟
أم أنّها ستتصرّف كالعميلة المطيعة وتفضح ما حصل بحذافيره؟
شبكت أناملها بخصال شعرها حائرة، ضائعة، وألف سؤال ونقيضه يجولون بعقلها...
هل أخطأت بإخفائها الأمر عنهم؟
أم فعلت الصواب؟
هل كان ذلك إمتحان وفشلت فيه؟
كيف لم تفكّر بذلك؟
كيف غفلت عن هكذا إحتمال وأخذته بعين الإعتبار؟
الهذا السبب أتوا بها مباشرة الى غرفة الإجتماعات؟
كي لا يفسحوا لها المجال بالتفكير؟
كي يروا ردّة فعلها التلقائية؟


« يا ويلتك يا نغم، ما الذي فعلته؟»

التفتت ناحية الباب لحظة شعرت بالمقبض يتحرك، فسارعت اليه تنصت للحركة القادمة من خلفه، هناك من يحاول دخول غرفتها خلسة.
من يعقل أن يكون؟

« نغم، هذا أنا دوڤينا، إفتحي أرجوك»
فتحت الباب وجذبتها الى داخل الغرفة تغلقه خلفها مباشرة، « دوڤينا، ما الذي تفعلينه هنا بحق السماء» هتفت بها بإستنكار، إذ ممنوع عليهم دخول غرف بعضهم البعض بعد منتصف الليل.
« أين كنت؟ فأنت مختفية منذ أكثر من أسبوع؟» سألتها تلحظ أمارات القلق تعتلي ملامحها.
« أنت، أنت تعرفين بأنّه ممنوع علينا التحدث عن مهمّاتنا» أجابتها تريدها فقط أن تغادر، إذ يكفيها ما في جعبتها من هموم ومصائب.
« لقد كنت قلقة جداً عليك، قلقة من أن لا تعودي» هتفت دوڤينا ترمقها بمقلتين زرقاوتين شاحبتين مثيرة تساؤلها.
« ها أنا عدت سالمة وبأفضل حال، عودي الى غرفتك وسنتحدّث غداً، أعدك» طلبت منها تدفعها ناحية الباب فرفضت دوڤينا المغادرة تقول ،
« سيأخذوني، سيأخذوني من هنا نغم» أخبرتها ينتفض جسدها ذعراً
فعقدت نغم حاجبيها بتساؤل« ماذا تقصدين ؟»
«لقد طلبوا منّي أن أُجهِّز نفسي للمغادرة غداً صباحاً، ولكنهم رفضوا إخباري الى مكان وجهتي» أخبرتها دوڤينا تتمسك بساعديها، تستنجدها بنظراتها المذعورة، إنّها خائفة، خائفة لدرجة الشحوب.
« لا تخافي، لربما ستذهبين بمهمة ما وتعودين كما...» وصمتت،إذ كانت على وشك أن تزل بالحديث حول مهمتها.


هزّت دوڤينا رأسها تقول بنبرة مرتعشة « أنا واثقة بأنّي لن أعود، تماماً كسلمى، لقد طلبوا منها أن تجهز نفسها للمغادرة في الصباح الباكر الشهر الماضي وهي لم تعد الى الآن، ولا أظنّها ستعود، وكلارا، كذلك الأمر، أخذوها منذ أكثر من أسبوعين ولم تعد الى الآن، هناك الكثيرات اللآتي يغادرن ولا يعدن، وأنا خائفة من أن أكون واحدة منهن، نغم، أنا خائفة جداً، لا أريدهم أن يأخذوني من هنا، أنا أعلم بأنّ نهايتي ستكون بالمكان الذي سيتم نقلي اليه، أنا متأكدة»


صمتت نغم لا تعلم بماذا تخبرها، إذ توقن تماماً أسباب جزع دوڤينا، فمن يغادر المنشأة ولا يعود، حتماً يكون بسبب أنّه تم بيعهن لمن سيستعين بهن بمهمات قذرة، كتجارة الرقيق، أو بيع الممنوعات، أو أعمال السرقة والقتل، وفتاة تتمتع بجمال فاتن وجذّاب كدوڤينا، حتماً تم بيعها لعجوز ثري سيقتات من رحيق جمالها الى أن تذبل بتلاتها واحدة تلوى الأخرى، عندها سيرميها لكلابه ويشتري لنفسه أخرى........


عصرت قبضتها تكبت غضبها، لا تعلم كيف تواسيها، أو تخفف عنها، أو كيف تنقذها من مصيرها ذاك،
ولكنّها عاجزة مثلها تماماً
فالبارحة بالتحديد، كانت على وشك أن تصبح ضحية عجوز قذر
البارحة كانت محظوظة حتّى تم إنقاذها من قبل المقنّع
ولكن هل يا ترى سيحالفها الحظ بالمرّة المقبلة كذلك الأمر؟
أم سينتهي أمرها إمّا قاتلة أو مقتولة؟
دوڤينا العزيزة، التي بالرغم من محاولات نغم العقيمة في دفعها بعيداً عنها، كي لا تتعلّق بها وينمو بينهن مودّة ستنتهي لا محال بفاجعة، الاّ أن الأخيرة لم تستسلم بمحاولاتها، تدفع نفسها دفعاً ناحيتها، تتوسّل وصالها وصداقتها.


إرتمت الى صدرها تبكي، تروي كنزتها بدموعها، تتوسّلها لشيئ كلاهما عالم بأنّها لا تملك له حلاً، ولكن في بعض الأحيان، تجد نفسك تتوسّل بالرغم من يقينك أنّك لن تجد إجابة لتوسّلاتك تلك.


رفضت المغادرة مصرّة على النوم بجوارها، حضنتها تربّت على شعرها الأشقر كخيوط الحرير، تبكي على صدرها كما لم تبكي من قبل، ونغم إكتفت بضمّها بقوّة، تفسح لبعض العبرات أن تهرب من مقلتيها....
تودّع إحداهن الأخرى، يتسلل الخوف الى قلب نغم، تفكّر، ماذا لو تشابه مصيرهما؟
كيف ستتصرف؟
كيف ستتمكن من إنقاذ نفسها؟
ستقتل نفسها،
نعم هذا ما ستفعله قبل أن تسمح لهم ببيعها الى عجوز ثري قذر.......
كانت تلك آخر فكرة خطرت على بالها قبل أن غفت........

*** *** ***


كل شيئ من حولها مشوّش،
كأنّها مكبّلة داخل جدران كابوس قبيح لا تعرف له مخرجاً
صراخ
صراخ يصم الأذان
من هذا المزعج الذي يصرخ بتلك الطريقة الشنيعة؟
ولماذا؟
لماذا تشعر بأنّها مكبّلة الأطراف
تختنق
تعجز رئتيها عن جمع أنفاسها
كأنّ هناك شيئاً ضخماً جاثماً فوق صدرها!
هناك من يناديها
يطلب منها أن تهدأ
ولكن لماذا؟
لماذا عليها أن تهدأ؟
ولماذا هي ثائرة من الأساس؟
حنجرتها تحترق
تهتز بعنف
ذلك الصراخ المزعج يصدر منها،
هي التي تصرخ
هذا صوت صراخها
ولكن لماذا تصرخ


بعد برهة تحوّلت صرخاتها لنحيبٍ خافت
تنوح وتبكي بلوعة
تشعر بقلبها يتمزق حزناً
تتذكر سبب إنهيارها
سبب غضبها
سبب قهرها
لقد إستيقظت من غفوتها تشعر بالبر يلفّها، تلمست السرير بجوارها تفتّش عن الغطاء فلم تجده،
أنارت الغرفة كي تفتّش عنه فقوبلت بجسد دوڤينا الضئيل، معلّق من باب حمّامها،
وجهها الذي كان مشرقاً منذ ساعات قليلة، أضحى قاتماً، أزرق اللون
وجسدها الذي كان يضج بالحياة أضحى هامداً
لا حياة فيه
لقد شنقت نفسها
بغرفتها
وحِرامها
وباب حمّامها


إنّها تكره دوڤينا
تكرهها على ما فعلته
تكرهها ولن تغفر لها أبداً


إنّها مجهدة
روحها تئن تحت وطأة الضغوطات التي تستمر بكتمانها
لا تملك أحداً تثق به فترمي عليه حملها
حياتها ليست ملكها
قراراتها لا تملك عليها سلطة


دوڤينا قامت بما هي عجزت عن القيام به
دوڤينا حررت نفسها وتركتها هنا وحدها
دوڤينا أثبتت لها بأنّها حياتها لا تساوي أي شيئ في هذا المكان......
دوڤينا إختارت الرحيل من دون معركة
من دون مقاومة
من دون منح نفسها فرصة لتبديل مصيرها
دوڤينا جبانة .........


*** *** ***



التعديل الأخير تم بواسطة noor1984 ; 06-01-21 الساعة 05:30 AM
امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-01-21, 02:44 AM   #13

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير
نغمة هزت عرش الشيطان
أعتذر مقدماً عن قسوة المشاهد والأحداث 🤧😔



الفصل الخامس


قادها إثنين من الحرس الى مكتبه،
مشت بينهما دون مقاومة، الإرهاق يسيطر عليها كليّاً، روحاً وجسداً، لقد تمّ حجزها لثلاثة أيّام بعد إكتشاف إنتحار دوڤينا بغرفتها، تم خلالهم التحقيق معها من قبل لجنة الحوادث لأكثر من مرّة، وهي كررت عليهم ما حصل دون زيادة أو نقصان، لا تشعر بأنّ هناك من داعٍ لتغفل عن أيّة تفصيلة، مهما كانت صغيرة، لا تريد أن تتورّط بحادثة إنتحار دوڤينا، خاصّة أن الأخيرة إختارت غرفتها لإنهاء حياتها.........


« غادرا» هتف زكاري بحارسيه بنبرة جافّة يهب عن مقعده، فرفعت بصرها اليه تراقبه يقترب منها بجمود.
إنّها تراه لأوّل مرّة بعدة الحادثة، إذ لا يحق له التدخل مطلقاً بمجريات التحقيق أو طبيعة الحكم.


وقف قبالتها يهيمن عليها بجبروته، شبك كفيه بجعبيته مكتفياً بمسح ملامحها بصمت، حركة يقوم بها دائماً بعد أن تفتعل مصيبة ما، ولكنّها هذه المرّة تقسم ببجاحة بأنّها لم تفعل شيئ ولم تساعد دوڤينا على الإنتحار.


رفعت رأسها بشموخ رافضة الرضوخ، عصرت قبضتها تكبح جماح رغبتها بالصراخ به بملئ صوتها، بأنّها تكرهه، تكره نفسها، وتكره كل شيئ يخص حياتها في هذا السجن.

هزّ برأسه يزفر نفساً طويلاً يقول أخيراً« أنت توقظين الوحوش النائمة نغم، لذا نصيحتي لك بأن تتوقفي عن لفت الأنظار إتجاهك، والاّ نهايتك ستكون أشنع من أي نهاية شهدتي عليها في هذه المنشأة»
« لماذا؟» سألته بإقتضاب
« لأنّ هذا هو حظّكم الذي قسمته لكم هذه الحياة» أجابها يفهم مقصدها في الحال....
« أنتم وحوش منعدمي الإنسانية، ما ذنبنا كي تفعلوا بنا ذلك؟ ما ذنبنا كي تتاجروا بأرواحنا بتلك الطريقة المبتذلة، تأسرونا روحاً وجسداً، تجردونا من إختياراتنا، تصنعون منّا آلآت تنفذ أوامركم والاّ الهلاك مصيرها، لماذا؟» سألته بنبرة منفعلة يتصاعد غضبها بجوفها تدريجياً.
« الم تملّي بعد؟» سألها يشذرها بنظرات محذّرة يردف« الم تملّي من المقاومة، أما حلّك تقنعين بمصيرك وتستسلمين؟»
« أبداً» همست تلمع مقلتيها إصراراً لا ينفذ منهما.


« اللعنة عليك» هتف يصفعها بعنف« اللعنة على عنادك» صفعها من جديد، تغلي الدماء بعروقه من عنادها وكبريائها، تقف قبالته بكامل جبروتها، لم يرف لها جفن من صفعاته المتكررة، قبض على ساعديها يهزّها بعنف، ينتفض جسدها بين ذراعيه وتتطاير خصال شعرها من حول رأسها، هزّها يفقد أعصابه كليّاً أمامها« لقد إستهلكت فيك كامل طاقتي، أنشأتك خلافاً عن البقية لأنّي رأيت فيك مستقبل المنظّمة، التي ستقوم بتنفيذ المهمات المولات اليها ببراعة وقلب ميّت، وليس لكي تبدأي حياتك المهنية بعلامة سوداء، أيّتها الغبية، إنتحار دوڤينا بغرفتك جعلك موضعاً للشكوك، جعلك محطاً للأنظار، جعلك نقطة سوداء بكتابي أنا»


حرّر جسدها بعد إنتفاضته الأخيرة تتقهقر الى أن إصطدمت بمكتبه، إستندت اليه بكفيها كي توازن نفسها فوقع تحت سطوتها خنجر مزيّف يستعمله لفتح الرسائل الورقية، وبالرغم من يقينها بأنّه ليس حادّاً أو كفؤاً للتسبب له بجرح مميت، ولكن رغبتها الجامحة بإيذائه دفعها لإستعماله.
عادت اليه تدفع الخنجر المزيّف نحو صدره، عيناها تستشيطا حقداً وإجراماً، ستقتله، وليقتلوها من بعد ذلك، على الأقل ستكون قد قتلت الشيطان الكبير.....
«سأقتلك أيّها الشيطان اللعين»
جزّت على أسنانها تهدر به بغضب مستعر، تصارع ضدّ قبضته التي أمسكت يدها قبل أن تطأ صدره.
قبض على عنقها بكفّه الثانية يمنع عنها الهواء ومن ثمّ ركلها على فخذها يتسبّب بفقدانها توازنها.
وما هي الاّ برهة حتّى إنقلبت الموازين، فأضحت هي تحته وهو فوقها، يثبّت جسدها بثقل جسده، ويقبض على ذراعيها فوق رأسها.


«لقد تخطيتي حدودك بأشواط هذه المرّة وجنيتي على نفسك» زجر بها يردف«لم يعد هناك من عودة »
شذرها بنظرة محذّرة يجبرها على الهمود، تتنفّس تحته بعشوائية، صدرها يعلو وينخفض بوتيرة غير منتظمة، تصارع للملمة شتات نفسها والسيطرة على أعصابها الهادرة...
« وهل تظنين أن قتلي هو الحل، هل تظنين بأنّي إذا مت سيتم إقفال هذه المنشأة؟» سألها بنبرة ساخرة يردف« إنّها شبكة عالمية يحكمها من هم أكبر منّي ومنك، وإذ رحلت أنا عنها سيأتيكم غيري أيتها الغبية»


همدت تحت سيطرته يترسّخ بعقلها ما يقوله، تسترجع إنهيارها وما أقدمت على فعله بلحظة طيش غبي، لقد هاجمته بنيّة قتله، لقد تطاولت عليه بالكلام، لقد أقدمت على إيقاظ الوحش فعلياً هذه المرّة.
شهقت بمرارة تسبح مقلتيها بالدموع الحارّة، تتراكض الى مخيّلتها أنواع العقاب الذي سينزله فيها بسبب ما قامت به.


بكل تأكيد لن يكون عقابها هذه المرّة الجلد، أو الحبس الإنفرادي، بل حتماً سيكون عقابها عجوز يغتصبها، وتصبح دميته الأدمية لأجل غير مسمّى......


« ماذا، هل عدت الى رشدك الآن؟» سألها يستلذ بأمارات الفزع التي إجتاحت ملامحها الشاحبة.
« أرجوك» توسّلته
« على ماذا تتوسّليني بالتحديد؟» سألها يضغط على جسدها أكثر، يثبت لها من هو المسيطر، من له اليد العليا، من يملك السلطة عليها، روحاً وجسداً.


« لم أعي ما أفعله، الإرهاق الذي عانيت منه بالأيّام الماضية أثّروا على أعصابي ورجاحة تفكيري»
« وإمتحان آخر أخفقتي فيه» زجر فيها يونّبها« كيف تسمحين لتلك الضغوطات النفسية أن توثر على ردّات فعلك، وتدفعك للتصرف بتهور وغباء، والتسبب لنفسك بالهلاك.»


أطبقت جفنيها تصفّي مقلتيها من فائض دموعها، فتحتهما من جديد تشاهد هيئته تتراقص أمام ناظريها، نظراته ثائرة تقطران غضباً وخيبة، ولا يبدو أنّه على إستعداد لتجاوز ما قامت به.


تنحّى عنها يقف على قدميه، تراجع عنها بضع خطوات يأمرها« قفي»
وبخطوات مهزومة وقفت، تنتظر حكمه عليها.
وقفت قبالته بإنكسار، خائفة من القادم، زاك لن يغفر لها، خاصّة أنّها ما تنفك تثبت له بأنّ مجهوده الذي إستهلكه في إعدادها وتعليمها وتنشئتها كي تكون ذراعه اليمنى، تقذفهم في وجهه بفشل يتبعه فشل......

« طالما أنّك أبديت إستعداداً تامّاً لإهدار دمائي، ما رأيك أن تغمّسي يديك بدماء هدف مطلوب منّا قتله»
رفعت بصرها اليه تنسحب أنفاسها من رئتيها دفعة واحدة، فتحت فمها بنيّة التعليق لتعود خائبة، عالقة وسط صراعٍ عقيم مع نفسها،
لن يقدم على بيعها لعجوز قبيح وقذر!
لن يقدم على جلدها أو حبسها!
بل سيفعل ما هو أشنع من ذلك بكثير،
سيرسلها بمهمة لقتل أحدهم!
يريدها أن تقتل شخصاً لا تملك ضدّه أي سبب للقتل، بل ستقتله لأنّها الأوامر، ولا يهم الأسباب، أو ما إذ كان يستحق الموت بتلك الطريقة القبيحة، ولكن حتّى لو كان يستحق الموت، فمن هي كي تكون الجلاّد الذي سينزل بحقه حكم الإعدام.
رفع زاك حاجبه يتحدّاها أن تفتح فمها، أشار لها للباب يقول«إذا فشلتي بعمليتك هذه، إعتبري بأنّ شأنك قد إنتهى بهذه المنشأة نهائياً»
عاد الى خلف مكتبه يأمرها« غادري»

**** **** ***


وقفت عند باب قاعة التدريب تراقب مجموعة من الأولاد، تتراوح أعمارهم بين العاشرة والثانية عشر يتدربون على فنون القتال.
هجماتهم شرسة
وصدّاتهم أشرس
ذكروها بنفسها
عندما كانت بسنهم
تصدّ الضربات بذات الشراسة
ليس لأنّها شرسة
بل لأنّها لا تريد أن تتلقى الضربات
فكانت تدافع عن نفسها بإستماتة
تهاجم وتصد ولا تسمح لأحد بالتعرض لها
لأنّها اذ لم تفعل ذلك سيتم الدوس عليها تحت الأقدام
لا تثقي بأحد
هنا، الكل عدوّك
الكل ينافسك
الكل يقاتل لنفسه فقط
ولتلك لأسباب بالتحديد إيّاك أن تقدّمي مصلحة أحد على مصلحتك
إذ في نهاية المطاف لن يفضّلك أحد على نفسه
وعندما يحين وقت الإختيار
لن يختاروا الاّ الأفضل
وإذ لم تكوني الأفضل
سيتم تصفيتك
وذلك كان هاجسها في ذلك الوقت
وهذا هو هاجس هؤلاء الأطفال الذين يجدون بكل طفل آخر عدو ينافسه لمركز هو ذاته لا يعرف عنه شيئ في الوقت الحالي.

لقد تمّ تعيينها لتعليمهم مادّة علم النفس
كيفية ضبط النفس أمام الضغوطات
دراسة مكنونات الغريم من ملامحه وردات فعله التلقائية، تلميحاته وحركات جسده العفوية.....
إبتسامة ساخرة إعتلت ملامحها التعيسة، تفكّر بأنّ زاك أحسن إختيار المادّة التي عليها تدريسها لهؤلاء الأطفال
مادّة ستحاول جاهدة إيصالها لهم بكل جوارحها، لأنّها تعلّمهم التقنيات اللازمة التي تساعدهم في المحافظة على حياتهم وعدم تعريض أنفسهم للفضح أو الفشل في المهمات التي سيتم توليتها لهم عندما يصبحون جاهزون لها
هذا يعني أن حياة هؤلاء الأطفال تعتمد على أمانتها المطلقة في إيصال تلك المعلومات لهم بعملية مطلقة خالية من العاطفة
وإذ أخفقت بمهمّتها ستدمر نفسها وتدمرهم
ستكون السبب الرئيسي في تصفيتهم
لأنّه من يرفض التخلّي عن عواطفه ومشاعره في هذا المكان، يتخلّون عنه في الحال......


قبضت على حاجب باب قاعة التدريب بكامل قوّتها، تمنع نفسها عن الإسراع لفصل أحد المتدربين عن بعضهما البعض، أحدهما يقوم بلكم الاخر بطريقة وحشية والآخر على وشك فقدان وعيه تحت قبضته.
« اللعنة عليكم»
هسّت تستدير مغادرة المكان، لا تطيق رؤية الهمجية التي يُنشؤون هؤلاء الأطفال عليها، مجرّدين من المشاعر الإنسانية، يحوّلوهم لآلات مبرمجة تنفّذ الأوامر دون سؤال......
مئات المقاتلين يأتون الى هذا المكان أولاداً ويغادرونه عند إكمالهم الثامنة عشرة من أعمارهم.
أفواجٌ تأتي وأفواجٌ تغادره ....
يأتون الى هذا المكان مفعمون بالبراءة والأحلام، ويغادرونه أجساداً بلا أرواح، مجرّدين من أي نوع من المشاعر، مهمتهم القتل ببرودة أعصاب......
يتم بيعهم للقيام بأعمال إرهابية، إنتحارية، تجسسيّة.......
هم وحظّهم، بحسب أعمال المنظمّة التي تقوم بشرائهم........


« نغم»
التفت تشاهد فيرونيكا تقترب منها،
بهيئتها القتالية، يبدو أنّها كانت تتمرّن، شعرها الأشقر معقود أعلى رأسها وجسدها مشدود حدّ الإرهاق....
وقفت قبالتها تجفف عنقها وصدرها بمنشفة صغيرة لقحتها على كتفيها قبل أن قالت« لقد سمعت أنّك نجحت بمهمّتك الأولى دون أي مضاعفات»
« وهل كان عندك شك بي ؟» سألتها نغم لا تستسيغ نبرتها التي دسّت فيها السخرية.
إبتسامة باردة زيّنت ملامح فيرونيكا مثيرة حيرة نغم، تدرك أن هذه المرأة لربما تعاني من فصام بالشخصية، إذ في بعض الأحيان تنهال عليها بالنصائح والمواعض، وأحياناً أخرى تبدّل إستراتيجيّتها للنقيض عبر محاولاتها الماكرة في إحباط عزيمتها، كأنّها تحاول أن تزرع الشك بقلبها وروحها بطريقة خبيثة دون أن يتم إدانتها......
« هل تعلمين أن كل خطأ وتمرّد وعصيان تقومين به يتم تسجيله ضدّك وإعتباره نقطة سوداء بسجلك؟»
توترت ملامح نغم لبرهة طفيفة أحسنت إخفائها في الحال خلف ملامح غاضبة، كتّفت ذراعيها عند صدرها تقول « خلاصة الكلام؟»
إلتوت شفتي فيرونيكا تهمس لها« يعني أنّك مهما حاولتي بمهمّاتك تلك، فأنت ما تزالين تحتاجين للكثير لتبييض سجلك الأسود لدى مسؤولين المنظمّة»


إكتفت نغم بالصمت، ولكنّها أبداً لم تهتز أمام جبروتها، تلك الملعونة تسخر منها بطريقة راقية .....


على ما يبدو أن فيرونيكا كانت تضمر لها الفشل الذريع بمهمّتها الأولى ولم تحبّذ مسألة نجاحها بها، لأنّ هذا الأمر سيكون بداية الطريق نحو توليها المهمات الحساسة التي لا يقوم بها الاّ النخبة الموثوقة، وإذ إستمرت نغم بالنجاح بمهماتها بتلك الطريقة السلسة، هذا يعني بأنّها في نهاية المطاف ستتمكن من أخذ مكانتها لدى زاك ولدى المنظّمة.
ولكن ما لا تعلمه فيرونيكا أنّ نغم لا تسعى لأخذ مكانها، بل كل ما تريده هو الإستحواذ على فرصة مناسبة للهرب من هذا المكان.

*** *** ***


دخلت الشقّة التي تم إستئجارها لها تشعر بقلبها يتراقص بصدرها، تلفّتت حولها تغمرها الغبطة، أغمضت عينيها تتنشّق بعمق، تملأ رئتيها بالحريّة، وأخيراً، أخيراً أتتها فرصة الهرب من جحيمها.


جالت بنظراتها التفقدية تتفحّص المكان من حولها، ما تزال لا تصدّق بأنّها هنا، في هذه الشقّة وحدها، في مدينة عملاقة كهذه المدينة، التي بكل تأكيد ستبتلعها دون ترك أثر لها.


أسرعت نحو النوافذ تراقب الشارع، يتقافز قلبها بين أضلعها، أبنية عملاقة كثيفة، مرصوصة في كل مكان، سيّارات وشاحنات وأناس، مدينة حيّة تضج بالحياة، أغمضت عينيها تستلذ بأصوات الضجيج التي تسمع سمفونيّته لأوّل مرّة بحياتها.....


لطالما فكّرت بطرق هربها التي لا تُعد ولا تحصى، ولكنّها أبداً لم تتخيّل بأنّ المسألة ستكون بهذه السهولة....
وبأنّها بمجرّد نجاحها بعملية صغيرة تمكّنت عبرها من نيل ثقتهم لدرجة أن يتم إرسالها لتنفيذ هذه العملية وحدها.
إذ في المرّة السابقة كان هناك حارس ينتظرها عند المخرج الوحيد للمبنى، تلقاها بمجرد أن إنتهت من المهمة وعاد بها الى المنشأة.
أمّا الآن فهي وحدها
ليس هناك من أحد ينتظرها أسفل المبنى،
وحتّى لو كان
ستجد طريقة للهرب منه......
لأنّها تملك ما يكفيها من الوقت لفعل ذلك!


لقد تمّ تخذيرها لإخراجها من المنشأة هذه المرّة، لذا لا يمكنها الجزم لكم من الوقت قد بقيت فاقدة للوعي، وبالتالي لن تتمكن من معرفة ما إذ تم إخراجها خارج البلاد أم فقط خارج المقاطعة.
إذ عندما عادت لوعيها وجدت نفسها بشاحنة مغلقة أوصلتها الى هنا، أنزلها الحارس وقال لها « أنت وحدك الآن، سأعود اليك غداً مساءً، لا تغادري الشقة لأي سبب من الأسباب» وغادر.


إبتسامة ساخرة زيّنت محياها، تفكّر بمكر،
وهل يظنون بأنّها ستقوم بقتل رجل بتلك السهولة؟
أغبياء!
لن تنفذ العملية
بل ستهرب
وليذهب زكاري هو ومنظّمته الى الجحيم!
نعم، هذا ما ستفعله
لن تقتل أحد، بل ستغادر هذه الشقّة وتذهب الى أقرب مركز شرطة وتخبرهم بكل شيئ، ومن ثمّ تطلب منهم أن يساعدوها للعودة الى بلدها.


بلدها!
وهل ما يزال بلدها يذكرها؟
لا يهم، المهم أنّها ستستيقظ أخيراً من ذلك الكابوس وتختار مصير حياتها بنفسها.
ستختار ثيابها بنفسها، طعامها، أوقات صحوتها وغفوتها، ستشاهد التلفاز متى أرادت وخاصّة أفلام الكارتون التي كانت تعشق عندما كانت صغيرة، ستتناول الكثير الكثير من المأكولات الغير صحيّة،
ستتوقف نهائياً عن التمرّن على الفنون القتالية وكيفية إستعمال الأسلحة المتطورة، ستتسلّق الجبال وتغوص بالبحار، ستعيش حياة طبيعية كبقيّة سائر البشر.


*** *** ***


قفز قلبها جزعاً تنخطف أنفاسها منها عندما ضجّ رنين هاتفٍ في أنحاء الشقّة الصغيرة، تلفّتت حولها بذعر تفتّش عن مصدر الصوت، وجدته على الطاولة الصغيرة في غرفة الجلوس، سارعت اليه تتناوله بأنامل مرتعشة، تتذكر مسألة الهاتف الذي سيتم إعلامها عبره عن تحركات الهدف.
فتحت الخط في الحال ووضعته على أذنها تسمع التعليمات.
« النافذة الشرقية الآن» كان هذا كل ما قاله الصوت
فسارعت لإخراج بندقية القنص الذي تم تسليمها إيّاها مع ما ستحتاج اليه من معدات بمهمّتها.
وبسرعة قياسية وسلاسة إكتسبتها عبر الممارسة، جمعت قطع البندقية بتقنية تامّة وأسرعت بها الى النافذة، تراقب مدخل الفندق عبر عدسة المكبّر، تترقّب مغادرة الهدف، وما هي الاّ دقائق قليلة حتّى رأته يخرج برفقة مرافقيه، السيّارة تنتظر أمام الباب، خرج من الباب الزجاجي يسرع لدخول السيّارة المفيّمة.
ثواني هو الوقت المتاح لها لإطلاق النار عليه وقتله، وإذ ترددت للحظة ستفشل العملية.
أبعدت البندقية عن النافذة تعيد فك أجزائها وإعادتها الى صندوقها المخصص، هذا الإتصال كان فقط لدرس خطوات خطتها، أمّا التنفيذ فسيتم غداً مساءً، أثناء مغادرة الهدف للفندق........
ومن الآن الى ذلك الوقت عليها أن تستمر بمراقبة خروجه وعودته كي تتمكن من إيجاد زاوية مناسبة لقتله.


إنّها واثقة بأنّ الشقّة مراقبة بالكاميرات، ولكنّها أبداً لن تسمح لوجودها بعرقلة خطتها، ولهذا الأمر، تصرّفت بطريقة غير مثيرة للشك، طلبت وجبة طعام، أكلت، دخلت الحمّام إغتسلت، عادت الى السرير، أطفأت الأنوار ونزلت تحت الشراشف تنام وهي ما تزال ترتدي حذائها.
وبكل صبر إنتظرت، ساعات وساعات،
همدت تحت الغطاء تدّعي النوم، تتخيّل الذي يراقبها خلف شاشات المراقبة يمل من مراقبتها غافية، بكل تأكيد سيحاول إلهاء نفسه بشيئ ما كي لا يغفى، سيفكر بأنّها نامت ولن تستيقظ الاّ قبيل الفجر.
وعندما حان الوقت، تدحرجت خارج السرير بخفّة تامّة، تاركةً الوسادة التي كانت تحتضنها مكانها، زحفت أرضاً ناحية الباب الذي عمدت على تركه مشقوقاً عندما أتاها العشاء، تسللت زحفاً من فتحته الضئيلة وعبر الردهة الى أن وصلت الى السلالم ، وهناك وقفت على ساقيها وركضت أسفلها، خمس طوابق، عليها أن تنزل خمسة طوابق، قفزت السلالم تأخذها بالجملة، ما تزال لا تصدّق بأنّها تمكنّت من مغادرة الشقّة، ولكنّ الوقت ما يزال مبكرا للإحتفال بالنصر، عليها أوّلاً أن تنجح بالهرب خارج المبنى، عندها فقط يمكنها أن تقول بأنّها نجحت بالهرب.
طابقين، ما يزال هناك طابقين
وها هو الطابق السفلي، لقد وصلت للطابق السفلي.
وقفت عند أسفل السلالم تلهث أنفاسها المتهالكة، تشهق وتزفر، تحاول أن لا تفقد رباط جأشها، سمعت صوتاً آتٍ من خلف باب ردهة مخرج البناية.
شقّته تشاهد مجموعة من الشبّان، يتشاحنون ويلهون، مرّوا من جوار باب السلالم يتابعون سيرهم نحو المصعد، تنفّست الصعداء تراقب الردهة الفارغة بترصّد، تفقّدت كاميرات المراقبة تفتّش عن نقطة عمياء، تبتسم بخبث عندما وجدتها، وبهدوء وخفّة خرجت، مباشرة نحو الباب، تكبح رغبتها الملحّة بالتلفّت حولها، لا تريد أن تثير إنتباه أحد لها، خطوات، خطوات معدودة وتصبح حرّة، فتحت الباب وخرجت منه.
خرجت وهي ما تزال لا تصدّق بأنّها خرجت بتلك السهولة
أيعقل أنّها غفت وتحلم بأنّها هربت؟
أم أنّها حقاً هربت؟


صوتٌ راعدٌ أثار هلعها بالتزامن مع مرور سيّارة من جوارها بسرعة رهيبة، قفزت ناحية الرصيف تقبض على صدرها بذعر، تبعتها بنظراتها الجزعة تضحك بهستيرية، تتمتم«يا الله، لقد كانت ستصدمني، كنت سأضحى بعداد الأموات في ذات اللحظة التي أصبحت فيها حرّة. »


تلفّتت حولها تتفقد المكان، تفكّر، الى أين سأذهب الآن؟
قطعت الشارع تتأكّد من أن ليس هناك من أحد يتبعها، إختارت الشوارع المظلمة والغير مكتضّة كي تسير فيها، تسرع بخطواتها تحاول الإبتعاد قدر الإمكان من شقّتها.
« مرحباً يا جميل!» أتاها الصوت من خلفها أجفلها، التفتت تشاهد شابين في مثل سنّها تقريباً، يلقون التحيّة.
فإبتسمت تدّعي بأنّها تسمع تلك الإطراءات يومياً، وبأنّها لا تشعر حالياً بالرغبة الملحّة بالهرب بعيداً عنهما قدر أميال.......
« أهلاً» أجابتهما تعصر قبضتيها بقوّة، تحاول أن تردع نفسها عن مهاجمتهما.
(إهدئي، لا يمكنك أن تبدأي بمهاجمة الناس في الشارع، إنّهم شبّان عاديون، يعيشون حياة عادية، ليسوا مجرمون أو مدربون على القتل بقلوب ميّتة.)
حاولت تهدئة روعها وحثّ نفسها على الإسترخاء.
« من هيئتك يبدو أنّ قطتك هربت منك وخرجتي في هذا الوقت المتأخر للتفتيش عنها» سألها أحدهما
« آه» تمتمت تتلفّت حولها بحيرة، لا تفهم سبب ربط هيئتها والوقت بالقطة تتذكّر بأنّها تحتاج لإيجاد مركز الشرطة كي تطلب مساعدتهم ولكنّها لا تعرف وجهته فسألتهما« في الحقيقة أنا أفتش عن مركز الشرطة، هل تعلمان ما إذ كان قريباً من هنا؟»
« مركز الشرطة؟» تساءل أحدهما يتأمّل ثيابها يردف بنبرة قلقة«في هذا الوقت المتأخر؟»
«هل تعرّض لك أحدهم؟» سألها الأخر يتفقدها بدوره


حاولت جاهدة أن لا تتأثّر بنظراتهما التفقدية، توقن أن ثيابها مثيرة للشك، إذ أنّها ترتدي بنطال بيجاما رمادي منقّط بأزهار زهرية وكنزة قطنية زهرية وخفّاً منزلياً بقدميها، حسناً، كان يجب أن تلعب دورها ببراعة، ولا تثير الشكوك حولها بإرتدائها ثياباً مناسبة للهرب.
إبتسمت تحاول طمأنتهما تقول « لا، فقط، لقد أضعت حقيبتي وفيها كل مقتنياتي وأنا بحاجة لأن أبلّغ عن فقدها»


تبادل الإثنين نظرات غامضة كأنهما يتبادلان حديثاً سريّاً فيما بينهما، عادا بإنتباههما اليها بعد برهة يقول أحدهما« إذ أردتي بإمكاننا أن نقلك بسيارتنا، إذ مركز الشرطة بعيد من هنا»
إبتسامة باهتة زيّنت محياها، تقول بإقتضاب « لا حاجة، شكرا لكما» وإستدارت تتابع طريقها، تفكّر، لا بدّ أن تلتقي بسيّارة شرطة بدربها، فتطلب منهم المساعدة، نعم، هذا ما ستفعله.
دخلت زقاقاً ضيّقاً، الأنوار فيه متباعدة جداً، وعندما خفّ ضجيج السيّارات تهيأ لها بأنّها تسمع خلفها خطوات أقدام.
التفتت تتفقد الشارع فلم تجد أحد، فعادت تسرع بخطواتها تراقب أخر الزقاق المطل الى شارع عريض ومنير، تفكّر بأنّها أخطأت بإختيارها.
الخطوات خلفها تقترب وتسرع...
هناك من يتبعها بكل تأكيد
ولكن من؟
أيعقل بأنّهم إكتشفوا إختفائها بهذه السرعة؟
ولكنّها إبتعدت كثيراً عن الشقّة، من المستحيل أن يجدوها بتلك السهولة!
هذا ما كان يجول بفكرها عندما قررت الإلتفات لتفقد هوية الذي يتبعها بذات اللحظة التي قبض فيها أحدهم على ذراعها.....


هاجمته في الحال تلكمه على معدته، تشعر بآخر خلفها يحاول تثبيتها، لكمته بكوعها تنهال عليه بالضربات المتتالية،
عاد الأوّل اليها يعاود مهاجمتها، فصدّته تركل منطقته الحسّاسة تسمع شتيمته المتأوّهة«أيّتها اللعينة، سأشوّهك بعد أن أنالك » هس يتهاوى أرضاً
تمكّن الآخر منها بضربة غير متقنة تدرك بأنّهما يقاتلان قتال شوارع، ليسا متمرّسين بفنون القتال، وهذا الأمر طمأنها بأنّهما بكل تأكيد ليسا من المنظّمة، بل مجرّد مجرمَيين ظنّاها صيداً سهلاً.


لكمته على أنفه تسمع طقّته تحت قبضتها تستلذ بصوت صراخه الذي علا،
شهقت بعمق عندما شعرت بشيئ حاد يخترق خاصرتها تفقد توازنها، تشعر بالزقاق يدور من حولها،
رفيقه طعنها!
غافلها وطعنها؟
منذ برهة فقط كان مستلقي أرضاً يتأوّه الماً ويشتمها بأشنع الألفاظ،
ولكن كيف تمكّن منها، وهي بحياتها لم تسمح لأشرس وأقوى مقاتلي المنشألة بالنيل منها؟!
ماذا حصل لها؟
أين ذهبت سنوات التدريب القاسية، التي لم يتمكن خلالها أحد من غرمائها بالتفوّق عليها؟
أين ذهبت تعليمات زاك، والتقنيات التي تدربت عليها منذ طفولتها؟
كيف أخفضت أدرعتها بمجرّد أن شمّت رائحة الحريّة فإستخفّت بهما وبتقنياتهما، فتساهلت معهما؟!
لقد خذلت نفسها بجدارة!
أين أنت يا زاك؟ فالتأتي وترى بنفسك خيباتك وتعب سنينك يذهب ضحية غباءٍ ليس له نظير.


جذبها من شعرها يجبرها أرضاً، قاومته تركله وتلكمه بشراسة، فتدخّل الثاني يعتلي جسدها ويثبّته أرضاً بثقل جسده.
«دعني، ماذا تريدون منّي؟» هدرت تنتفض تحتهما، كلاهما فوقها يحاولان تثبيتها.
« وهل تظنين أن دخول الحمّام كالخروج منه أيّتها الجميلة» قال أحدهما يصفعها بعنف تشعر بأنّها تفقد طاقتها مع كل لحظة تمر عليها، إنّها تنزف بحدّة.
« لقد طلبنا منّك أن تأتي معنا بالحسنى ولكنّك رفضتي، لذا تحمّلي عواقب رفضك أيّتها الّلعينة» هدر بها يمسح الدماء عن أنفه وذقنه، يشير لرفيقه أن يثبّت ذراعيها، فقبض على رسغيها يفسح المجال لصاحبه أن يشرع بفكّ أزرار بنطاله يترسّخ بعقلها ما سيفعلانه.


إنتفضت تحته تصرخ بهستيريّة، لا تصدّق بأنّ نهايتها ستأتي بهذا الشكل المشين، على يد مغتصبَين هاويَين.


لا تصدّق الفخ الذي قادت نفسها اليه بنفسها.
تدرك وبأقسى طريقة ممكنة أنّ الحياة خارج المنشأة لا تقل قباحة وشناعة وفضاعة عن الحياة داخلها.
لطالما ظنّت أن الإجرام بدأ منها وسينتهي بها، لتكتشف الآن وبالعملة الصعبّة بأنّ هناك أشخاص يولدون مجرمون
وأشخاص يتم إجبارهم على الإجرام
وهاذين الإثنين، معجونين بطينة الإجرام والفساد، فساد صافي المنشأ والمنبع وليس له علاقة بمنشأة إرهابية أو منظّمة.



التعديل الأخير تم بواسطة noor1984 ; 08-01-21 الساعة 03:18 AM
امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-21, 09:15 PM   #14

gegesw
 
الصورة الرمزية gegesw

? العضوٌ??? » 388516
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 913
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » gegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond reputegegesw has a reputation beyond repute
افتراضي

فرحانه برجوعك يا أمل وابداعك كالعادة ^^ وواضح ان المره دي مختلفة عن سابقاتها متحمسة كتيييير للمغامرة معك 💛🌻🤗

gegesw غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-21, 10:05 PM   #15

نور الدنيا

? العضوٌ??? » 341
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 1,548
?  نُقآطِيْ » نور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم يدك عزيزتي على الفصل
مسكينة نغم توقعت أنها تخلصت من المنظمة بمجرد هروبها من الشقة و لكن بخروجها تصادمت مباشرة مع العالم القاسي و أن هناك مجرمون خارج المنشأة أيضا
لا أدري و لكن أتوقع أن يكون الموقف الذي تعرضت له نغم أختبار لقدراتها و كيفية مواجهته


نور الدنيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 09:25 AM   #16

نور الدنيا

? العضوٌ??? » 341
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 1,548
?  نُقآطِيْ » نور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond reputeنور الدنيا has a reputation beyond repute
افتراضي

متى سينزل الفصل الجديد

نور الدنيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 11:16 PM   #17

ندى البنفسج
 
الصورة الرمزية ندى البنفسج

? العضوٌ??? » 484811
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 230
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Canada
?  نُقآطِيْ » ندى البنفسج is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ندى البنفسج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 06:51 PM   #18

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

تسلم يدك عزيزتي على الفصل

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:18 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.