آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          [تحميل] أشباه الظلال للكاتبة / برد المشاعر ( ليبية فصحى) (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          1110. الدلال . شارلوت لامب - عبير د.ن - حصرياً (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : هوس الماضي - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          [تحميل] كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة " (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-12-20, 06:06 PM   #11

Ďonia Mohamed

? العضوٌ??? » 447817
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » Ďonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة monaeed مشاهدة المشاركة
اختها مين
هى مامتتتش
يااى حد ينده حد يفهمنا
من لله يابو فيروز
هيبان ف الفصل الجاى بأمر الله.




Ďonia Mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-12-20, 11:20 PM   #12

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع

"خذلنى الحب وخذلته .. فهربت منه إليه!"
"فيروز"
====
جلس سفيان فى المطعم الذى أمره رائد بالتواجد فيه.. وجواره يمنى التى أتت معه .. بعدما رأته وأخبرته بعد محادثتها معه أن رائد أخبرها أن تأتى له فى نفس المكان و بما أن وجهتهم واحدة فقد أتت معه!!

ومن بعيد شاهدتهم فيروز التى كانت تدلف لنفس المطعم ... لوهلة اندهشت فى بادئ الأمر ... لكنها تمالكت نفسها وتقدمت منهم!
حين لمحها سفيان .. استقام واقفاً فجأة أمام أنظار يمنى المندهشة .. لكن تلك الدهشة تلاشت حين رأت فيروز مقبلة عليهم، فابتسمت بإدراك وهى تنظر لها دون أن تتحرك من مكانها ... بينما ابتسم سفيان -الذى كان ينظر لها حين توقفت أمامه بالضبط- ابتسامة واسعة .. قبل أن يحتضنها بحرارة وهو يقول بخفوت :
_وحشتينى يا فيروز .
ربتت فيروز على كتفه وهى تقول بنبرة جافة بعض الشئ :
_عامل ايه يا سفيان .
_الحمدلله .. انتى عاملة ايه .. وعايشة ازاى لوحدك؟؟ هوننا عليكى تبعدى عننا كل ده .
ابتعدت عنه مع كلماته وهى تنظر له بابتسامة متداعية مع قولها الساخر :
_ادينى عايشة .. يعنى لما كنت مغفلة معاكم مكنتش عايشة .

ازدرد ريقه بتوتر وهو يشير بعينيه نحو يمنى الجالسة جوارهم .. والتى ابتسمت وهى تقول ببعض المكر :
_عادى يا سفيان خود راحتك .. انا عارفة كل حاجة .
_صحيح .. عارفة كل حاجة .. بس احنا إللى طلعنا مش عارفين حاجة .
الصوت الذى صدح جوارهم الآن .. كان لرائد الذى وقف خلف مقعد يمنى .. يرمق ظهرها بنظرات ثاقبة .. فى حين التفتت هى برأسها إليه وهى تجعد أنفها بطريقة مسرحية مع قولها الساخر :
_اتاخرت اوى .. يا ابن عمى .

عقد سفيان حاجبيه .. وهو ينقل نظره بينهما بعدم فهم .. بينما فيروز اتسعت عيناها بارتياع وهى تنظر ليمنى بدهشة!
فى حين كان رائد يبادلها النظر بسخرية وهو يقول :
_صحيح اتأخرت .. بس انتى مبتضيعيش فرصة يا نوارة!

رفع بصره نحو فيروز المذهولة وهو يقول :
_اختك اهى يا فيروز .. لعل ده يشفعلنا عندك شوية .

_اختى مين !!! نوارة !!
همست بها فيروز الذاهلة وهى تطالع نوارة بعينين امتلئتا بالدموع سريعاً !
لا تصدق ان أخنها قد عادت .. أختها التى ظنتها قد رحلت عن عالمهم للأبد قد عادت !
لكن كيف .. هى رأت جثتها بنفسها ذاك اليوم!

اما عن سفيان ..xفهو ظل ينظر لها وهو لا يراها أمامه!!
بل يرى تلك الطفلة التى قضى طفولته معها !!
لا يرى يمنى .. بل يرى نوارة .. الطفلة التى كانت تلعب معه فى صِغره !
فأى زمان هذا الذى فرق بينهم .. أى زمان؟؟

لكن وقوف نوارة المفاجئ اجفلهم جميعاً .. وهى تنظرx لهم بقوة وتقول :
_انا مش نوارة .. انا يمنى الخطيب !! متخلوش الأمور تختلط عليكم .

عقد رائد حاجبيه وهو ينظر لها نظرات مجنونة .. تكاد تفتك بها .. ثم تقدم إليها وهو يقبض على ذراعها بكفه بقوة آلمتها لكنها كتمت آه المها وهى تنظر فى عمق عينيه بقوة .. فيقول رائد بفقدان صبر :
_اعقلى يا يمنى .. مفيش فايدة انك تنكرى الحقيقة .. انا معايا تحليل ال dna بتاعك انتى وفيروز .. مفيش مجال أنك تكدبى .

رفعت حاجبيها بدهشة مدعاة وهى تقول بجدية :
_ومين قال انى بكدب ولا هكدب قدام مين .. انا اه نوارة .. بس نوارة ماتت .. يوم ما تخليت عنها انت وابوك .

رفع رائد نظره لها بحدة .. وهمّ بقول شئ .. قطعته هى بقولها الحاد وهى تبعد كفه عن ذراعها بخشونة :
_متبررش .. انت وابوك كنتوا عارفين كويس اوى أن الجثة إللى لقيتوها دى مكنتش جثة نوارة .. بتحليل dna بسيط زى إللى انت ماسكه دلوقتى عرفتوا انها مكنتش غير بنت الخدامة .. مش نوارة .. ومع ذلك .. مدورتوش عليها .. عايشة ولا ميتة .. بتاكول ولا ماتت من الجوع .. حصل فيها ايه .... انتوا طلعتوا اندال اوى يا ابن عمى .

انهت جملتها وهى تلتقط حقيبتها من فوق الطاولة وهمّت بالذهاب .. لكن يد سفيان التى أمسكت بكفها فجأة منعتها .. فالتفتت برأسها فجأة بقوة وهى تكشر عن انيابها بشراسة .. لكن فور رؤيتها لسفيان ارتخت .. واتشحت بابتسامة متداعية وهى تربت على كفه بيدها الحرة مع قولها الخافت :
_بلاش يا سفيان .. بلاش تدخل انت فى الموضوع ده .. متبوظش الصورة إللى انا رسمهالك من سنين .
ربتت على كفه مرة أخرى .. قبل أن تنتزع يدها منه وهى تقول باختناق يشى بدموعها :
_خليك انت الحاجة الوحيدة الحلوة إللى طلعت بيها من كل ده .. خليك انت يا سفيان .
.....
لم يدرِ ماذا يقول .. فقط هو تلعثم .. وحروفه كلها أصبحت فجأة مُعدمة!
لا يصدق أن صديقته قد عادت .. ولا يصدق أيضاً ما تحكيه عن والده وأخيه !!
هو لا يدرى أى شئ!!

افلتت يدها منه وخرجت من المكان نهائياً .. فيما بقى هو مكانه للحظات قبل أن يترك فيروز ورائد بالداخل ويخرج خلفها بإصرار لم يدرِ من أين امتلكه!!
وجدها على قارعة الطريق .. تستوقف سيارة أجرة .. ظل يهرول نحوها حتى وصل إليها قبل أن تمتد يدها نحو باب السيارة!
نظر لعينيها وهو يقول بلهاث :
_انتى رايحة فين .. اصبرى لما نتأكد .. انتى مش شكلها .. انتى مش زى نوارة .. نوارة مكنتش كده .

ظلت أنفاسه الثائرة تتصارع للخروج من رئتيه بينما يقول بصعوبة :
_انتى اكيد مش هى !!!

ابتسمت .. وهى تنزل يدها عن باب السيارة وتصرف السائق الذى تذمر بحركة سريعة!
ثم ودون حديث .. رفعت يدها نحو رأسها .. أزالت عنها الشعر المستعار الذى تضعه .. ثم حررت شعرها الأصلى من ربطته، ومازالت عينيها مثبتتين على عينيه المذهولتين !
القت بالشعر المستعار أرضاً .. ثم رفعت يدها مرة أخرى نحو عينيها تلك المرة .. وأزالت العدسات اللاصقة التى كانت تضعها لتغير لون عينيها المميز!
ثم أخرجت من حقيبتها عدة مناديل ورقية ومسحت بها وجهها من أطنان الأصباغ التى تضعها فوقه لتمحى ملامحها الحقيقة!
لتصبح فى النهاية ..
نوارة التى عرفها طوال عمره .. نوارة صديقته بحق!

رغماً عنه همس بذهول وعينان متسعتان على أخرهما :
_نوارة !! انتى نوارة !!
_انا هى يا سفيان .
قالتها بابتسامةِ شجن وهى تومئ مؤكدة مع قولها :
_ايوة انا نوارة .. إللى سابوها من غير ما يتأكدوا هى عايشة ولا ميتة .. نوارة إللى لولا ستر ربنا مكنش زمانها واقفة معاك دلوقتى!

ازدرد ريقه بتوتر وهو ينظر لها .. ثم قال بخفوت متلعثم :
_طيب .. طيب ليه يا نوارة مظهرتيش من زمان طالما انتى عايشة .. ليه بعدتى عننا كل ده .
_عشان انا مكنتش املك حاجة غير كده يا سفيان .. انا معرفتش اعمل غير كده .

قطب حاجبيه بعدم فهم ثم قال مستفسراً :
_حصل ايه يا نوارة !؟
لم يدرى لماذا يكرر اسمها مرة تلو الأخرى هكذا !
وكأنه يريد التأكد من وجودها .. وكأنه يستعذب اسمها الآن بعدما فقد لسانه حلاوة مذاق نطقه لسنوات!
هزت نوارة رأسها نفياً دون معنى وهى تقول بتنهيدة :
_دى حكاية طويلة اوى.. اوى.
تحفز فى وقفته وهو يمسك بكفها بقوة قائلاً :
_والله ما هتمشى غير لما اعرف كل الحقيقة! والله يا نوراة ...... والله !!

رفعت عينيها إليه بعدما اخفضتهم إلى كفه المتمسك بها .. لكنه لم يفلته بل شدد عليه أكثر وهو يومئ لها مشجعاً .. فقالت هى بخفوت :
_الحكاية طويلة يا سفيان ..
يوم الحريقة، إللى انا معرفتش سببها غير متأخر .. انا هربت .. ايوه هربت .. انا صحيت وقتها .. وقدرت اهرب من غير حد ما يحس وقبل ما يحرقوا البيت .. طلعت من غير ما يحسوا بيا .. بعد ما شوفتهم موجهين السلاح فى وش بابا وماما .. خوفت .. خوفت اوى يومها .. وطلعت جريت على برا فى نص الشارع عشان انادى حد لكن ملحقتش اروح اى مكان بعد ما وقفت مكانى.. مش عارفة اروح فين ولا لمين .. لكن الوقت سرقني .. عدى بسرعة اوى .. بسرعة اوى يا سفيان .

ترقرق الدمع فى عينيها .. قبل أن يسقط على خديها وهى تكمل بصوت مختنق :
_ملحقتش اروح اى مكان .. وفجأة لقيت النار طالعة من بيتنا ...متخيل صدمتى، بيتنا بيولع .. بابا وماما وفيروز .. كلهم.. كلهم ولعوا جوا .. انا بقيت لوحدى!
رجعت تانى قدام البيت .. عشان اعمل اى حاجة.. لقيت ناس شكلهم يخوف واقفين عند العربية إللى كانت فيروز فيها .. شوفتهم .. شوفتهم وهما ..... وهما ....
تلعثمت كلمتها و وتيرة بكائها تزداد مما جذب إليهم أنظار بعض المارة، فازدرد سفيان ريقه بتوتر، وهو يجذبها من كفها خلفه .. ثم جلس جوارها على أحد الأرصفة فى الطريق .. جلس دون أن يفلت كفها وهو يهمس بخفوت :
_كملى !
_شوفتهم ... وبعدها شوفت فيروز والدم عمال ينزل من دماغها .. كنت متأكدة أنها ماتت .. ومع النار إللى طالعة من البيت كنت عارفة بردو ان بابا وماما ماتوا!
طلعت اجرى .. مكنتش عارفة نفسى بعمل ايه .. كنت بجرى وبس .. فضلت اجرى كتير اوى ...لوقت انا معرفهوش .. لكن فجأة وقعت فى الطريق واغمى عليا من غير ما احس بأى شئ!!

كان كفاه يشتدان على كفيها دون إرادة منه وهو يتخيل ما تحكى عنه وما لاقته !!
هو الذى كان يكبرها بعدة أعوام .. تأثر نفسياً بالحادث .. فما باله بها .. هى التى كانت ..
قاطعت تفكيره وهى تردف :
_فجاة لما فوقت لقيت نفسى فى مكان كويس اوى.. أوضة واسعة .. ومكان نضيف .. بس انا .. انا مكنتش قادرة اتكلم !! فقدت النطق لاكتر من سنة .. وبالتالى محدش عرفنى!
بعديها بفترة .. عرفت ان بابا .. إللى هو البشمهندس كمال الخطيب .. هو إللى لاقانى بحالتى دى مغمى عليا فى الشارع .. معرفش يعمل ايه .. هو فكر وقتها انه خبطنى بعربيته .. فودانى المستشفى .. ولما اطمن انه مجرد إغماء ومحصلش اى إجراءات معقدة ولا كده، خدنى على بيته .. فوقت هناكx .. اناx مكنتش بتكلم ولا بتعامل مع حد .. قعدت سنة على الحال ده .. تايهة مش فاهمة اى حاجة ولا عارفة اى حاجة!
رافضة اى حد .. حتى الكتابة لما كانوا بيحاولوا معايا عشان يعرفوا انا مين .. مكنتش برضى اكتب .. وفى السنة دى حصل كتير اوى .. منها أن بابا كمال ساب المدينة وسافر .. كان لازم يسافر عشان شغله وعشان يستقر .. بس هو مطلعش برا البلد !!!
عشان كده كان فيه فرصة مع ابوك أنه يدور عليا.. بشوية تعب بس .. كان ممكن يلاقينى .. لكنه استسهل .. ومدورش عليا .. مع انه كان يعرف أن الجثة دى مش انا... هو ورائد كانوا يعرفوا !!
_طب وانتى ايه إللى خلاكى متأكدة ؟!
_عشان انا لما عدت عليا سنة واتنين فى بيت بابا كمال .. رفض انه يسبنى بعدها .. اعتبرنى بنته وربانى وعلمنى .. وعالجنى من صدمتى .. وفضل معايا خطوة بخطوة .. وانا كان عندى امل .. اتكلمت وعرفتهم انا مين .. والكل عرف .. بس الحقيقة انا عرفتها بمساعدة بابا كمال ... والحقيقة ان يوم الحادثة .. بتحليل dna بسيط للجثث عرفوا أن جثة البنت دى مش انا .. دى بنت الخدامة .. بس برضو مدوروش!
انا وقتها .. معرفتش اعمل ايه .. كنت، كنت فى حالة ملهاش وصف ... كنت غضبانة اوى .. لما هما عرفوا انى مموتش .. مدوروش عليا ليه .. ليه!
عشان كده انا سبتكم كل السنين دى .. انتوا بعتونى وانا بعتكم!

تجمدت ملامح سفيان وهو ينظر بلا تعبير .. بالتأكيد للموضوع أبعاد أخرى .. أبيه لن يتركها هكذا كل هذه السنوات وهو لا يعرف أين هى..
_ما يمكن فى حاجات انتى متعرفيهاش .
نطق بها سفيان أخيراً وهو يحاول إقناع نفسه قبلها.. لكنها هزت رأسها نفياً بابتسامة يائسة وهى تقول :
_لا يا سفيان .. انا عارفة كل حاجة وهى دى كل الحقيقة .. إللى انت مفكر انى معرفهوش أن رائد سافر بعد الحادثة بتلات سنين .. لا يا سفيان عارفة .. كل حاجة طول السنين دى انا عرفتها عنكم ... اذا كنت انا هونت عليكم وسيبتونى من غير ما تدوروا عليا.. انتوا مهنتوش عليا.. كل اخباركم كانت بتوصلنى.. وكان بيبقى كفاية عليا اوى انى اعرف أنكم بخير... كلكم .

كفه يرتب على يدها دون وعى منه وكأنه بهذا يحاول مواساتها ولا يدرى كيف .. لكنه نطق اخيراً متساءلاً ببعض العتاب :
_طب انتى كنتى معانا طول الشهور إللى فاتت دى .. ليه مقولتيش انتى الحقيقة بنفسك .. ليه خبيتى شكلك وملامحك عننا عشان منعرفكيش .. ليه يا نوراة؟
_عشان كنت عايزاه هو اللى يعرفنى .. هو إللى يسعى ورايا عشان يتأكد أن انا نوارة .. كنت عاوزة أى أمل قلبي يتمسك بيه ... أى أمل أن حبى ليه كل السنين دى مرحش على الفاضى .. أمل أنه لسه فاكرنى منسنيش!!
قالتها بحرارة وهى تنظر له فى عمق عينيه قبل أن تستطرد :
_انا من يوم ما وعيت مكنش فى قلبي غيره .. ولحد دلوقتى .. مفيش غيره .. بس لما استسلم ومدورش عليا ده إللى خلانى ازعل اوى .. بس حبى ليه مقلش... ولا عمره هيقل.. و لما عرفت انك هتتجوز فيروز فرحتلكم اوى والله .. واتمنى بجد تكملوا مع بعض يا سفيان .. فيروز شافت كتير وتستاهل تكون انت مكافئتها بعد كل ده .. عشان انت شخص ميتعوضش والله يا سفيان .

ابتسم رغم مفاجئته التى طغت على سطح مشاعره كلها، بل خليط المشاعر الذى ينتابه ولا يدرى أي منهم يناسب المنطق ليشعر به..
يبادلها النظر بحرارة قبل أن يقول بهدوء حَذِر :
_مش هنكمل !
عقدت حاجبيها وهى تنظر له بتوجس ثم همست :
_ليه؟
_عشان رائد بيحب فيروز يا نوارة .. وفيروز بتحبه.. هو إللى كان المفروض يكون جوزها دلوقتى مش انا .
اومأت عدة مرات وهى تقول :
_عارفة عارفة ان رائد بيحبها انا كنت معاه طول الوقت ده .. بس فيروز مش بتحبه .. فيروز مش هترضى بيه .. وكنت مفكرة انك .. انك بتحب فيروز وهتكمل معاها بدليل انك مش راضى تطلقها لحد دلوقتى .

هز رأسه نفياً بالمقابل وهو يقول :
_مش صح .. فيروز بتحب رائد .. وهى طالبة الطلاق منى من يوم كتب الكتاب .. لكن انا كنت مستعد اشيل مسؤوليتها عشان ماضيها إللى انتى عارفاه .. إللى بينى وبين فيروز .. اكتر من صداقة .. و اسمَى من اخوة .. بس عمره ما كان حب ولا هيكون .
أسقط فى يدها وهى تنظر له بعدم تصديق قبل أن تقول بتيه غلفها فجأة :
_يعنى ايه؟؟
_يعنى رائد لفيروز .. وفيروز لرائد يا نوارة .. دى الحقيقة الوحيدة إللى كلنا نعرفها من سنين .

هبت واقفة بحدة وهى تقول بهستيرية، بينما تشرف عليه من علو :
_لا يا سفيان .. متضيعش الأمل إللى انا عايشة عليه.. قولتلك خليك انت برا الحكاية دى .. انت كنت صديقى وهتفضل كده طول عمرى .. و واجب عليك انك تساعدني .. متطلقش فيروز .. ارجوك يا سفيان متطلقش فيروز .

تنهد وهو يطرق برأسه أرضاً بابتسامة يائسة ..لن تفهم .. رأسها اليابس هذا لا يعرف سوى أنها تحب رائد وكفى .. ولن تفهم أى شئ أخر!!
هو بالكاد يصدق أنها لم تمت .. بالكاد يقنع نفسه أن القبر الذى ظل يزوره لسنوات ليس لها!!
وأن هناك حقيقة واحدة فقط الآن .. وهى أن نوارة هنا معه، معهم !!
يرفع وجهه لها ويقف على قدميه ... ليقول :
_تعالى يا نوارة نروح .. وبعدين يحلها ربنا .
====
قبل قليل فى المطعم..
وقف رائد أمام فيروز التى كانت إلى الآن تبكى دون أن تشعر .. كانت فى حالة ذهول لا تصدق بعد أن عرفت أخنها عادت !
وأن كل هذا الماضى كان سراباً!

_برضو يا فيروز مش عاوزة ترجعى؟
قالها رائد بتنهيدة وهو ينظر لها بعمق!
يكاد يرجوها أن تكف عن البكاء .. يكفى كم الصدمات التى عرفها .. وخوفه من أن تلقى باللوم عليه لأنه لم يبحث عن نوارة طوال هذه السنوات!
دقات قلبه الهادرة تكاد تستحلفها ألا تقول شيئاً!
كفاه عتاباً .. فقد انحنى ظهره منه!!

_عرفت ازاى انها نوارة يا رائد؟
قالتها فيروز، متجاهلة الرد على سؤاله الأخير .. فتنهد وهو يجيبها بتورية :
_شكيت فيها وعرفت .
_يا رائد عرفت ازاى بلاش نلف وندور .
زفر بقوة وهو يرفع يده يمسح بها صفحة وجهه وهو لا يدرى ماذا يقول لها..
أيقول أنه حين قبلها فى سيارته قام بقص بضعة شعرات من شعرها الحقيقى، ليس المستعار .. ليقوم بالتحليل؟؟
وأن تلك الحركة لم يقم بها إلا لكى يعرف هويتها الحقيقية، بعد، شبه بها والذى دام طويلاً!!
رفع عينيه لها وهو يحكى لها باختصار عن الموضوع .. قبل أن يختمه بقوله :
_انا كنت شاكك من طريقتها معايا ..ومن شكلها وتكلفها فيه، وروحها إللى بتقول ان هى نوارة مش حد تانى، و ولاد كمال الخطيب إللى طول عمره معروف عنه انهم ٣ بس إنما الرابعة دى محدش يعرف عنها حاجة.. عشان كده حصل إللى حصل فى العربية وعرفت اخود منها حاجة اعمل بيها التحليل .

أحمرت وجنتيها رغماً عنها وهى تخفض عينيها عنه بحياء .. رغم أن ما قاله كان سيثير غيرتها فى وقت آخر .. لكن لا الموقف والظروف تسمح لها بترف هذه المشاعر !!!
لذلك نحت خجلها جانباً وهى ترفع وجهها له وتقول بجمود:
_طيب .. ايه حكاية أن انتوا عارفين من زمان؟؟

زفر مرة أخرى وهو يراها تنحدر للمنطقة التى لا يريدها .. لكنه رغماً عنه أجابها بالحقيقة :
_ايوا يا فيروز .. انا وبابا كنا نعرف .. بس احنا مقدرناش نوصل لحاجة .. ومتلومينيش عشان أنا سافرت بعدها وبرضو بحثنا مجبش نتيجة .. ممكن نكون فعلا مدورناش كويس .. استسهلنا الموضوع .. متعبناش .. بس دورنا .. وبعدها انا سافرت .. ومكنش بإيدانا حاجة نعملها .
_طب ليه مقولتوش من يومها؟
_لان احنا ملقناهاش .. دورنا ورجعنا بإيدانا فاضية.. وانتوا كان فيكو إللى مكفيكو .. مكناش هنيجى نزيد وجعكم تانى .. كفاية إللى انتوا فيه .

صمتت وهى تطرق برأسها دون حديث .. لن تلومه ..فقد لاقت من الخذلان الكثير فلن تلومه على هذا الأمر أيضاً !!
سحبت حقيبتها عن الطاولة وهى تقف؛ تنوى الخروج من المكان !!
لكن رائد الذى اعترض طريقها وقال بحرارة، مُصراً على ما يريد :
_تعالى معايا يا فيروز .. خلينا نرجع بيتنا .
رفعت عينيها القاسيتين إليه .. كل مرة تنظر فيها بعينيه ترى حقيقة وضعها مجردة فيهما .. فلا ترى بعدها سوى خذلانه لها فقط!!
تحاول الخروج من تلك الدائرة علها تنساه .. أو تتمكن من إدانته بذنبها!
لكنها لا تقوى على هذا ولا ذاك!
عالقة هى فى المنتصف السخيف بين نقمتها وحبها!!
فأى طريق تسلك؟
_ماتنساش انى مرات اخوك يا رائد .. متخليش حبك ينسيك الأصول!
قالتها فيروز بقوة .. وهى تحاول جرحه بكل السبل.. لن تقوى على مسامحته إلا حينما تشعر بأنها قد أدت انتقامها المزعوم منه بحق!
كتف ذراعيه أمام صدره وهو يجابهها النظر بقوة .. ليقول بثقة بعد وهلة :
_هيطلقك .. وبمزاجك .. عشان كل ده كان غلط من الأول يا فيروز .
اقتربت خطوة منه وهى تضيق عينيها ناظرة له .. ثم قالت بثقة تماثله :
_هى كلمة واحدة بس صح إللى قولتها ان كل ده كان غلط .. بس يطلقنى دى إللى انا مش متأكدة منها .

ابتسم رائد بما لا يستحق أن يُسمى ابتسامة اصلاً .. وهو يقترب بوجهه من وجهها المرفوع نحوه .. ثم همس أمام عينيها :
_نوارة رجعت ... مظنش ان سفيان هيفضل متمسك بيكى ونوارة موجودة .

اجفلت للحظة .. وقد تخاذلت كلماتها أمام الحقيقة التى يحكيها .. لكنها استجمعت حروفها وهى تقول :
_متعييش نفسك ف وهم .. انت عارف كويس ان سفيان لو اجبروه انه يختار بينى وبين نوارة هيختارنى انا.. سفيان هو الشخص إللى بيفضل غيره على نفسه.. حتى لو هيكون على حساب حبه ... مش انانى زيك يا رائد .. كنت مفكر انك لما تخبى عنى الحقيقية وترجع تتجوزنى انا هركع تحت رجليك واقولك كويس ... حلو اوى إللى عملته وسترتنى .. بس لا يا رائد انت كنت بتستغل جهلى بكل حاجة حواليا .. وراسم بيه دور البطل .. انت خذلتنى اكتر من اى حد يا رائد .. اكتر من اى حد!
====


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-12-20, 11:55 PM   #13

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
افتراضي

يمنى طلعت هيا نوااارة
فيروز قلبى وجعنى عليها مش عارفة اية اخر حكايتها


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 05:41 AM   #14

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي

ايه اللغبطة ديه 🙂
دلوقتي يمنى الحرباية طلعت نوارة والحمد لله طلعت عايشة محصلهاش حاجة
بس هي بتحب رائد و رائد بيحب فيروز وفيروز بدأت تحب سفيان وسفيان بيحب نوارة وانا بحب الجرجير 🙂🙂😂😂😂😂😂
والله النوفيلا دي فيها كمية ساسبينس مش طبيعية بتخلي دماغي تعمل ايرور كتير اوي واول مرة اجرب الشعور ده 😂😂😂♥️♥️♥️
تسلم ايدك يا دنيا بجد ومستنية الاحداث الجاية جدا ربنا يستر 🙆‍♀️😂♥️♥️


Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-01-21, 11:02 PM   #15

Ďonia Mohamed

? العضوٌ??? » 447817
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » Ďonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس
...

"ومن ثم تتخبط روحى فتعيث فساداً بين جنباتى فلا أدرى هل "اتسول" حبك .. أم "اتوسل"ك الرحيل ؟!"
====
_عاملة ايه يا فيروز؟؟
قالها سفيان الذى يجلس الآن أمامها فى شقتها التى تقطن بها وحدها!
مرت عدة أيام منذ آخر لقاء بينهم جميعاً .. هما ورائد ونوارة فى المطعم ..
نوارة التى أبت إلا أن تذهب إلى بيت كمال وأصرت أنها لن تأتى لبيتهم سوى زائرة فقط .. لن تدخله على أنه بيتها ابداً .. لأنه لم يكن ولن يكون !!
هكذا قالت له يومها حين كان سيتجه بها نحو بيتهم .. وهى رفضت .. فاضطر إلى أن يذهب بها إلى بيتها هي ويعود هو إلى بيته!!

_انا الحمدلله .. تيتا إللى عاملة ايه؟؟
قالتها فيروز بهدوء .. ليجيبها سفيان وهو يطرق برأسه للحظة :
_تيتا مش كويسة يا فيروز .. كلنا جينا عليها .. بعدك عن البيت .. واكتشافها أن نوارة لسه عايشة ورافضة انها تيجى البيت تشوفهم على انها نوراة مش على انها يمنى .. تيتا تعبانة يا فيروز وعاوزانا حواليها .

سرعان ما امتلئت عيناها بالدموع .. قبل أن تمسك بيده وهى تنظر له قائلة :
_احنا فعلا جينا عليها .. بس كلنا الظروف أجبرتنا يا سفيان .. كلنا !!

رفع يده إلى وجهها يمسح الدموع عن عينيها وهو يقول بحنانه المعهود :
_يبقى لازم نجهز يوم ونروحلها كلنا فيه .. وانتى كمان لازم ترجعى البيت يا فيروز .

كان دورها لتطرق برأسها للحظات .. قبل أن ترفع عينيها له قائلة بتردد :
_سفيان .. احنا لازم نطلق .

تنهد وهو ينظر لها بعمق .. ونظرته طالت وطالت .. قبل أن ينطق بها أخيراً بعد فترة :
_اصبرى دلوقتى يا فيروز .. اصبرى دلوقت .

امتقعت ملامحها وهى ترد بدورها بهستيرية مفاجئة :
_ازاى يعنى يا سفيان .. هنفضل ساكتين لحد امته؟؟
هتفضل كل مرة تقولى مش دلوقتى يا سفيان انا..

ربت سفيان على يدها مهدئاً وهو يقول :
_طب اهدى طيب .. انا مقولتش حاجة لكل ده .

فجأة اجهشت فى بكاء مرير وهى تتمتم من بين دموعها :
_انا مبقتش فاهمة نفسى يا سفيان .. مبقتش عارفة انا بحبه ولا لا .. رائد بالنسبالى بقى كيان مبهم مبقتش فاهماه .. ومبقتش بحس نفسى انى بحبه زى الاول .. معدش قلبي بيدق لما بشوفه .. مبقتش بحب ابصله زى الاول .. مبقتش شيفاه الكيان العظيم إللى الكل بيعظم فيه ... مبقتش شيفاه اصلا .. و ده إللى مخلينى متلغبطة .. صحيح هو غلط ف حقى .. بس غلطه ميستاهلش انى ابطل احبه .. انا مش فاهمة نفسى .

أحاطت رأسها بكفيها وهي تطرق به بيأس .. هي لا تفهم نفسها حقاً..
لا تفهم إذا ما كانت تحبه كما كانت .. أو أن خذلانه كان أقوى من حبها له!!
لا تفهم .. ولا تظن نفسها ستفهم ..
ذاك اليوم فى المطعم .. لم تظن نفسها قادرة على الوقوف أمام رائد بكل تلك القوة، بل وتجرحه بحديثها أيضاً !!
هي لم تعد هي .. وهو أصبح كما لم يكن قبل ذلك!!

_عشان كده بقولك اصبرى يا فيروز .
قالها أخيراً وهو يربت بكفه على كتفها بتفهم .. ليردف بهدوء :
_انتى متلغبطة .. كل اساسياتك انهارت ف لحظة .. فطبيعى يكون حالك كده .. بس انتى قوية .. وانا عارف كويس انك هتعرفى تختارى صح .

صمت للحظات، ازدرد فيها ريقه بتردد قبل أن يحسم أمره ويستطرد بقوة :
_وانا سبق وقولتلك انى معاكى يا فيروز .. و عمرى م هتخلى عنك ابداً .. انتى دايماً كنتى معايا و ف ضهرى .. جه الوقت إللى لازم ارد لك فيه جميلك معايا .

نظرت له بطرف عينها و نظرتها طالت للحظات، قبل أن تقول بتماسك هَش :
_سفيان انا عمرى م هنسالك وقفتك معايا .. صحيح انا كنت زعلانة انك خبيت عنى انت كمان .. بس.. بس انا مش بعرف ازعل منك .. صدقنى .. حاولت اخود موقف ومعرفتش .. رائد إللى انا حبيته .. قدرت اخود معاه موقف واوقفه عند حده .. لكن انت لا.. معرفتش ازعل .. معرفتش !!

انهت كلماتها وهى تستدير نحوه قبل أن تلف ذراعيها حول عنقه وتخفى وجهها فى كتفه قائلة بصوت مختنق :
_سفيان انا تايهة .. مش عارفة نفسى عاوزة ايه .
ربت على ظهرها برفق وهو يفكر بأنه أكثر هشاشة وتيهاً منها !!
هو الذى لا يعرف ماذا يريد !!
هو التائه .. المتخبط بين جحيم أفكاره!!
هو الذى يشعر بداخله شديد الخواء !!
_بس ده مينفعش .. انتى لازم تعرفى نفسك عاوزة ايه.. لازم تحددى هدفك .. لازم تقدرى تسامحيه يا فيروز ..لأنك بتحبيه وهو بيحبك .. فلازم تدوا بعض فرصة .
قالها بهدوء وهو يبعدها عنه برفق .. فرفعت هى يدها تمحى دموعها عن وجهها بطفولية وهى ترد بدورها :
_انت شايف كده؟
_اكيد طبعا .. انتى بتحبيه لأنك لو مكنتيش بتحبيه كان زمانك دلوقتى نسياه تماماً .
اومأت فيروز بعدم اقتناع!
عدم اقتناع كان هو الآخر يملكه .. لكنه لا يملك شئ ليقوله غير هذا !!
لا يعرف حتى كيف يتحدث معها هكذا بكل أريحية عن كيف أنها تحب أخيه ولا تستطيع مسامحته وفي المقابل هي زوجته هو !!
ربما الكثير سيرونه هكذا ليس برجل .. ليس لديه نخوة مثلاً!!
لكنه حقاً ليس كذلك وهو يعرف نفسه جيداً!
ليس من المفترض حتى يثبت أنه رجل أن يقسى عليها وهو يعلم هشاشة كينونتها وضعف نفسها !!
"الرجولة" من منظوره ليست بمفهوم أن يفرض نفسه عليها وهو يعرف أن قلبها ليس له .. هى حرة فى الاختيار .. و قد سبق وقال أن اختارته يُشهد الله عليه أنه سيكون خير عون لها!
هو معها .. ك "صديق" أولاً قبل أن يكون "زوج" !!
هذا إن صح أن يطلق على نفسه لقب زوجها !!
ودوره ك"صديق" ها هنا يحتم عليه أن يفهم اولاً ماذا هى تريد .. ومن ثم يبدأ بتحديد دوره فوق "رقعة الشطرنج" تلك التى تسمى "حياتهم" !!!
=====
وقف أربعتهم امام فراش جدتهم فى بيتها!!
رائد وسفيان وفيروز .. ونوارة التى كلفتهم الكثير والكثير من الإقناع حتى وافقت أن تأتى !!
بعدما اقنعوها بشق الأنفس أن جدتها ليس لها ذنب!
والذنب كله يقع على عاتق رائد وأبيه !!
وبالنسبة لها .. قلبها المتيم برائد لا يحمله أى مسؤولية .. حتى لو كان الأمر هكذا غير عادل !
وبه تتخلى عن حقها !!

_كبرتى يا نوارة .
قالتها جدتها بضعف وهى تمسك بكفها برفق .. فجلست نوارة على طرف فراشها وهى تقول بهدوء :
_محدش بيفضل صغير يا تيتا .

لهجتها كانت تحمل نوعاً من الجفاء، تقبلته سلوى برحابة صدر وهى تضم رأس حفيدتها إلى صدرها بحنان غريب على طبعها الذى يميل للقسوة !!
ذاك الحنان الذى أذاب الثلوج المتجمعة فوق قلب نوارة.. لتجهش فى البكاء بين ذراعى جدتها وهي تتمتم :
_وحشتونى اوى يا تيتا .. وحشتونى اوى .. على طول كنت بشوفكم من بعيد وكنت بتمنى لو انى فى حضنكم هنا .. بس ...
ربتت سلوى على رأسها .. وهى تقول من بين دموعها هى الأخرى :
_مفيش بس يا حبيبتى .. خلاص .. بقينا كلنا مع بعض .. كلنا اهلك وانتى رجعتيلنا مش هتبعدى عننا تانى يا نوارة.

دمعت عينا فيروز وهى تنظر لهم من بعيد .. لا تزال لا تصدق !!
بالأساس هو أمر لا يُصدق لكن حدث ولا حرج !!
فهل تملك شيئاً إلا أن تُصدق ؟؟
====
مر الوقت عليهم فى بيت جدتهم ..
لم تستطع نوارة التكيف تلقائياً معهم .. بل تقوقعت على نفسها فى ركن نأى بالحديقة .. مبتعدة عنهم جميعاً !!!

_نوارة !!
الصوت الانثوى الذى اقتحم خلوتها .. جعلها تجفل للحظة .. قبل أن تلتفت بلهفة وهى تميز صوت فيروز خلفها .. لكن فيروز بادرتها وهى تقترب منها بسرعة .. لتتلقفها بين يديها .. مُحتضنة إياها بلهفة تفوقها .. وهى تقول من بين دموعها :
_وحشتينى اوى.. وحشتينى اوى يا حبيبتى .
_مش قدى .. مش زيى وانتى بقالك سنين شايفه صورها على التليفون ومش عارفة تحضنيها .. مش عارفة تلعبى معاها زى زمان .. مش عارفة تنامى فى حضنها زى ما كنتوا صغيرين .. انا كنت بتعذب... بتعذب يا فيروز .
ربتت فيروز على ظهرها بحنو لا تريد إفلاتها .. بل ظلوا متمسكتين ببعضهن البعض فترة لا بأس بها .. قبل أن تبتعد نوارة عنها وهى تمسح دموعها قائلة بمرح :
_وسعى بقى كده الدنيا حر !
ضحكت فيروز وهى تضربها بخفة على ذراعها قائلة :
_بقى كده .. لا الدنيا مش حر .. ده حضنى إللى دافى بس .
_هو من ناحية دافى .. فهو دافى .. و رحب .. بيساع الناس كلها .
كان ذلك سفيان الذى وقف على مقربة منهم، عاقداً ذراعيه أمام صدره .. فضحكت نوارة ببعض المكر وهى تقول بصخب :
_وانت عرفت كل ده منين ياسى سفيان .
رفع سفيان عينيه لها بنظرة غريبة لم تستطع هى تفسيرها .. قبل أن يقول بهدوء :
_يا بنتى دى صديقة الشباب .
ضحكت نوارة عالياً .. بينما احمرت وجنتا فيروز .. قبل أن تقول نوارة بمرح :
_انا اسمع عن صديقة الطفولة .. انما جديدة صديقة الشباب دى .. لولا انى عارفة اخلاقك كويس يا ابن عمى كنت فهمت غلط.

ابتسم سفيان وهو يهز رأسه بيأس :
_زى مانتى .. لسانك اطول منك .. بس لا يا فالحة .. هى صديقة السنين إللى فاتت بس .. انتى صديقة الطفولة !

اتسعت ابتسامة نوارة بطفولية شديدة، بما لا يناسب موقفها المحتد من الجميع !!
تشعر أنها تريد الاجتماع بعائلتها من جديد .. دون الأخذ في الاعتبار بأى ماضى مهما كان !
لكنها تعاند .. تعاند حتى نفسها !!

_اخجلتم تواضعنا .
ضمت نوارة يديها بطفولية وهى ترمش بعينيها عدة مرات .. مما استجلب ضحكات فيروز .. التى غطت ثغرها بقبضتها وهي تضحك عالياً !!
فالتعمت عينا هذا الذى كان يقف على مقربة منهم .. هذا الذى كانت الابتسامة تكاد تشق وجهه من اتساعها!!
وهو يرى ضحكتها هكذا لأول مرة منذ أيام طويلة!!

_متجمعين عند النبى ان شاء الله .
التفت الجميع على الصوت المرح الذى أتاهم .. فاتسعت ابتسامة نوارة التى استحالت إلى ضحكة من فورها .. فنظر لها رائد باستغراب .. بينما ابتسم سفيان وهو يقول :
_والله انا جيت على صوت الضحك والعياط وحاجة آخر لغبطة يعنى .. ده غير ان الأخت نوارة مش عاوزة تسكت .
ثم التفت إلى فيروز وهو يقول بمرح غريب على طبيعته المنطوية :
_اللى عنده معزة يلمها يا ست فيروز .

تخصرت نوارة بكفيها وهى تقول بطفولية :
_بدأنا نغلط كده .. على فكرة انا ممكن اقول لاخوك يلمك عادى .. هو مش انا لسانى اطول منى برضو .

خبطتها فيروز بخفة على ذراعها وهى تنظر لها بتحذير.. فرفعت نوارة طرف شفتها بسخرية وهى تقول بفظاظة :
_ايه يا ست .. مش بقول الحق .
_يا بنتى بطلى لماضة بقى .
ضحكت فيروز وهى تقولها .. قبل أن يقطعها سفيان وهو يقول :
_بقولكم ايه انتوا عالم رايقة .. انا ماشى!
_روح استجم روح .
ردت نوارة بمرح غريب وكأن طبيعتها لم تتغير على مدار السنوات .. ثم استطردت بنبرة ذات مغزى :
_طب يلا يا حبيبى روح وخود مراتك معاك .

تجهمت ملامح رائد من فوره .. بينما ابتسم سفيان بفطنة وهو ينظر لها .. ثم قال بهدوء لم يخلو من مكر :
_يا ماما احنا خوات .
_خالتك اسمها جَمالات يا ابن عمى .
مرحها "المفتعل" هذه المرة لم ينجح فى فك توتر الجو .. بل سفيان قال وهو يستدير ليذهب نهائياً :
_صدقونى انتوا عالم صداع اوى .
رفعت فيروز عينيها بحذر نحو رائد .. فلم تشعر بأى تغيير .. كما وصفت لسفيان قبل ذلك بالضبط .. لذا اخفضت عينيها وهى تنسحب ببطء .. تجر اذيال تخبطها خلفها !!
هل تعلم كيف تكون روحك متخبطة فلا تدرى أي الخيارات تفضل !!
هل تتسول الحب ... أم تتوسل الرحيل!؟

المكان الان أصبح فارغاً إلا منهما .. نوارة ورائد ..
رائد الذى لم يذهب لحاجةٍ ما فى نفسه!
تلك التى جعلته يقترب من نوارة التى جلست كيفما كانت منذ قليل على المقعد الخشبى.
فجلس جوارها وهو ينظر لجانب وجهها قائلاً :
_لسه زعلانة !؟
ولو كان شعر بدقات قلبها التى تتواثب الآن داخل صدرها .. لكان عرف أى مكانة يحتلها داخل هذه المخلوقة .. رغم أنه شبه تخلى عنها فى صغرها .. لكنها تلتمس له عذراً!
هو لم يكن راشداً بالقدر الذى يوفر له القدرة على أن يبحث ويستنبط المعلومات التى توصله إليها !!
لذلك هى تعذره .. بل هى لا تملك إلا أن تعذره!
وقلبها الفتى شاهدٌ على هذا!

_انت شايف انى ممكن اسامحك بسهولة؟
أخيراً تجاوبه ببعض الجفاء المفتعل .. دون أن تنظر إليه .. فتنهد رائد بعمق وهو ينظر لجانب وجهها شديد التناسق والكلاسيكية وهو يقول بهدوء :
_نوارة انتى اكيد عارفة انى سافرت بعدها بفترة .. غير انى مكنتش هعرف اعمل حاجة .. اى حاجة عشان الاقيكى ...المفروض تلتمسيلى العذر ده .. انا مكنتش صغير اه .. بس برضو مكنتش كبير !!
كان دورها هى لتتنهد الآن وهى تنظر له نظرات خشى هو تفسير معناها ..
رائد هاهنا يعتذر لها .. ويسترضيها .. أى سعادة تلك؟؟
قالت أخيراً بابتسامة مستسلمة :
_على فكرة انا مزعلتش منك .. ولا كنت بلومك .. انا بس كنت عاوزاك انت إللى تلاقينى مش اكتر .
ابتسم بدوره وهو يجيبها :
_وادينى لقيتك يا ستى .. وانا إللى دورت وراكى .
اومأت برأسها إيجاباً بابتسامة تلاشت تدريجياً مع قوله بعدها بتردد وهو يحك شعره بارتباك :
_نوارة بصى .... بالنسبة للى حصل فى العربية فأنا اسف ... انا كنت ....
ضحكت بارتباك مماثل وهى تشيح بوجهها عنه بوجنتين محمرتين خجلاً!
لولا شعورها بالذنب نحو هذا الموقف بالتحديد .. لكانت أقرت بكل ارادتها بأن تلك اللحظات كانت أروع لحظات عاشتها فى حياتها!!
قالت نوارة مغيرة مجرى الحديث :
_الا قولى بقى شغلك أخباره ايه .. على فكرة اناx بدرس ف المجال ده ومتفوقة جدا ممكن افيدك .. وبمناسبة اننا قرايب وكده فالحكاية فى بيتها .
ضحك رائد وهو يشكر لها صنيعها بتغيير مجرى الحديث .. قبل أن ينخرط معها فى حديث مطول عن مجال عملهم المشترك .. قبل أن تقاطعهم مناداة سفيان من الداخل وهو يقول بقلق :
_حضر العربية بسرعة يا رائد .. تيتا تعبانة وهننقلها المستشفى .
=====



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 21-01-21 الساعة 05:59 PM
Ďonia Mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-02-21, 03:41 PM   #16

Ďonia Mohamed

? العضوٌ??? » 447817
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » Ďonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الاخير..
"لكنى تعبت لأن أراك تبتعد ، وانت بداخلى تسكن .."
====
_متقلقوش يا جماعة ..خير ان شاء الله .. هى حاليا حالتها مستقرة .. بس مش عاوزين ليها اى مجهود .
قالها الطبيب بعملية وهو يطمئنهم على حالة جدتهم .. فتنفسوا الصعداء وهم يتسألوا اذا كان من الممكن أن يروها .. فسمح لهم الطبيب .. و هم الان جوارها ملتفين حول فراشها بالمشفى !

_الف سلامة عليكى يا عمة .
قالتها جميلة وهى تربت على كتفها برفق .. فابتسمت سلوى بضعف وهى تقول :
_الله يسلمك يا بنتى .
_خوفتينا عليكى اوى يا تيتا .
قالتها فيروز التى كانت الان تمسك بيدها ثم تستطرد :
_الف سلامة عليكى .. ان شاء الله هتبقى بخير .
ابتسمت لها جدتها وهى تقول بوهن :
_يا بنتى معدش في العمر قد إللى راح .. انا إللى خايفة عليكى .. و نفسى اطمن على امانتى قبل م أقابل ربنا .

همست فيروز بتأثر وهى تشدد على كفها بعدم وعى .. و قد ساءها حقاً الاتيان بهذا الذكر الان :
_يا تيتا متقوليش كده .. ان شاء الله هترجعى معانا وتبقى كويسة .
_عايزانى ابقى كويسة ؟
اومأت فيروز بحرارة .. فيما قالت جدتها بوهن :
_خلينى اطمن عليكى يا حبيبتى .. اختارى مستقبلك يا فيروز .. متسيبيش نفسك متعلقة كده .. لانتى طايلة سما ولا ارض .

اضطربت فيروز وهى تقول بارتباك :
_يا تيتا بس ......
_مفيش بس يا فيروز .. انتى و رائد بتحبوا بعض .. رائد هيحافظ عليكى يا فيروز .. انتوا ملكومش غير بعض يا حبيبتى .
ابتسم رائد وهو ينظر لهم بأمل .. فيما كانت ملامح سفيان عادية جداً .. لا تنم عن اى شعور .. وهو يراقب الوضع أمامه كنوارة التى كانت الأن فى اقصى مراحل توترها ..
القرار الان بيد فيروز .. اما ان تحكم على قلبها ب "الوأد حياً" .. و اما تمنحه "قبس الحياة" من جديد !!!

_اللى تشوفيه يا تيتا .. كل إللى انتى عاوزاه هيحصل .
قالتها فيروز أخيراً حاسمة الأمر وهى تربت على يد جدتها .. قبل أن تستدير خارجة من الغرفة نهائياً ...
لكن ، قبل أن تخرج من الباب التقت عيناها بعينى سفيان لوهلة .. فوجدته مبتسماً ، مشجعاً ، وكأنه يدعمها دون قول .. انا معكِ اياً كان قرارك !!!!

خرجت فيروز من الغرفة وهى تخفى توترها بصعوبة .. بينما تقدم سفيان من رائد المبتسم ، فربت على كتفه من الخلف وهو يقول بحفاوة :
_مبروك يا رائد .
_الله يبارك فيك يا سفيان .
قالها رائد بابتسامة تلاشت تدريجياً .. قبل أن يتنحنح بحرج وهو يردف :
_هو يعنى .. كده المفروض انه .....
اتسعت ابتسامة سفيان وهو يربت على كتفه مجدداً مع قوله المتباسط :
_عارف عارف .. بكرة ان شاء الله هاخودها و هنروح نتمم إجراءات الطلاق فى المحكمة .

ابتسم رائد إبتسامة مهتزة وهو يومئ دون حديث .. ابتسامة سفيان الطيبة تطمئنه .. لكنه أيضاً لا يأمن تدابير القدر ... و قد علمته الأيام ألا يأمنه !!
فلا يأمن مكره الا المغفلون !!

صوت إغلاق الباب .. او صفق الباب جاءهم حاداً بعد خروج نوارة من الغرفة بالكثير من العصبية .. والتى تعجب لها الجميع .. لكن لا أحد أعطى للأمر اهتمام !!
عدا سفيان الذى كانت عيناه فوق باب الغرفة لوقت طويل وهو يبتهل داخله أن تسير الأمور على خير ..!!
=====
يومان مرا ...
يومان .. وهى مازالت حبيسة غرفتها فى بيت ابيها المزعوم .. ترجو الله كل لحظة ألا يتم الأمر ..!!
هى لا تكره الخير لاختها .. لكنها تحبه !!
و يشهد الله عليها !
هى لم تلتقيه وجهاً لوجه قبل ذلك فى شبابها ..
لكن طفولتهم المشتركة -بكل ذكرى فيها- تحوم فى ذاكرتها .. وكأنها أُصيبت بمتلازمة الذاكرة الفولاذية عند هذه الذكريات القليلة ..!
صوره التى ظلت تجمعها على مدار السنوات من كل مكان على مواقع التواصل .. مازالت لديها .. حتى أنها قامت بتحويل بعضاً منها إلى صورة مطبوعة !!
و لا تزال تهيم فيه دون سبب مقنع !
حقاً .. دون سبب مقنع !!
هى لم ترى منه شيئاً لكل هذا الحب .. هى لم ترى منه سوى خذلان بالأساس!
ومع هذا تعشقه !! و هذا ما يحيرها فى أمر نفسها ..
و يحيرها كثيراً فى الواقع ..
لكنها على كل حال .. تحبه و كفى بهذا قيلاً !!

طرقات خفيفة على باب الغرفة .. جعلتها تمسح دموعها سريعاً .. وهى تعتدل فى جلستها هاتفة لمن يقف بالخارج ، تسمح له بالدخول !!
تبعه دلوف أبيها المزعوم للغرفة ...فوجدها على هذا الحال !
ابتسم ببشاشة وهو يقترب منها .. ويجلس على طرف فراشها .. قبل أن يقول مداعباً :
_الجميل زعلان ليه؟؟

هزت رأسها نفياً وهى تقول بوداعة :
_لا ابداً .. مفيش اى حاجة ؟
_على بابا يالا !!
ضحكت إثر قوله المرح قبل أن تطرق برأسها وهى تقول بنبرة ممطوطة :
_مفيش حاجة .. هو بس .... الموضوع القديم .
نظر لها بفطنة و نظرة ثاقبة لم تمحى ابتسامته .. ثم قال بهدوء ونبرة رخيمة :
_طالما بتحبيه ليه متعرفيهوش .
_بيحبها يا بابا .. بيحب فيروز .
قالتها بابتسامة ضعيفة وهى تخفض عينيها عنه .. ثم استطردت :
_انت مشتفهوش كان عامل ازاى لما تيتا طلبت منهم يتجوزوا .. كان طاير بيها .. و فيروز شافت كتير .. و انا مش هبوظ فرحتها .
كفه الذى يربت على كتفها بحنو انتقل الى شعرها بحنان وهو يقول :
_انتى بتعملى الصح .. و طالما انتى صح .. يبقى ربنا مش هيكسر قلبك أبداً .. بس فى موضوع كنت عاوز اكلمك فيه .

رفعت عينيها له أخيراً بجدية وهى تقول :
_قول يا بابا .
_اسمك .. و نسبك .. لازم ترجعى لأهلك تانى يا يمنى .. "ادعوهم لابائهم هو اقسط عند الله" .. مينفعش يكون فى أيدينا الصح و منعملهوش .

ابتسمت وهى تقول بنبرة شبه مرحة :
_عاوزة تخلص منى يا بابا انت كمان .

قبل رأسها باعتزاز وقال بوقار :
_يا حبيبتى انتى غالية عندى .. زيك زى ولادى بالظبط .. بس مينفعش يا يمنى ..
(على ايام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ... كان متبنى زيد بن حارثة .. وقف قدام الناس كلها و قال : هذا زيد .. ابنى .. يرثنى و ارثه .. حتى أن الناس كلها بقت تناديه زيد بن محمد .. و هنا بقى نزلت آيات الله عز وجل "ادعوهم لابائهم هو اقسط عند الله" .. وتم تحريم التبنى .)...
فمينفعش يا يمنى نكون عارفين نسبك الحقيقى و نضلل .. انا ف الاول عملت كده لانى مكنتش اعرفلك حد و كان لازم نسافر .. ويشهد ربنا عليا انى حبيتك زى ولادى .. و مسكتش السنين دى غير عشان رغبتك مش اكتر .. لكن بما انك رجعتي لعيلتك و عرفوكى .. يبقى لازم نصحح الغلط .

ابتسمت بفخر وهى تنظر له بتقدير .. قبل أن تومئ وهى تقول بطاعة :
_حاضر يا بابا .
ربت على رأسها مرة آخرى بحنو وهو يقول :
_حضرلك الخير يا حبيبتى .. لكن اوعى تخلى نوارة تنسيكى يمنى .. هنا بيتك و هيفضل بيتك وقت ما تحبى .. و مفتوحلك دايماً يا قلب بابا .

دمعت عيناها وهى تتعلق بعنقه بقوة وهى تهمس :
_والله هتفضل طول عمرى بابا .. انا معرفتش اب غيرك .. و محدش غيرك فضل جنبى .. ربنا ميحرمنيش منك ولا من حنيتك عليا .
=====
رفع يده إلى وجهه يحجب عن عينيه اشعة الشمس التى تنعكس عليها ..!
يرفع وجهه نحو البيت ، ينتظر خروج فيروز امام سيارته كى يذهبوا ليتمموا ما ينتونه ..!
لكن فيروز تأخرت بالداخل !!

انتظر فى الخارج بعضاً من الوقت أيضاً .. حتى وجدها تخرج أخيراً من باب البيت ..!!
تعلقت عيناه بملامحها و خاصة بعينيها المنتفختين مما يدل على ليلة حافلة بالبكاء !!!
لماذا ؟؟ هو ليس لديه فكرة !!
او يدعى جهله لهذا !!

_اتفضلى .
قالها بابتسامة متزنة وهو يفتح لها باب السيارة .. فقابلته بابتسامة مرتجفة ، وهى تستقل السيارة ..!!
بعدها ركب هو خلفها و انطلق بها ..
و مع كل مسافة كانت السيارة تقطعها مهما كانت صغيرة كانت تزيد من تواثب دقات قلبها داخل قفصها الصدرى !
لا تدرى خطأ من صواب ... لا تدرى شيئاً ، اى شئ!!

المسافة تنقضى و الطريق نحو وجهتهم يتقلص بسرعة رهيبة .. و قرارها يتوثق كل ثانية !!

لم يتبقى سوى أمتار قليلة .. بل قليلة جداً فى الواقع وهى مازالت تتخبط !!
الصمت الذى يحوطهم يزيد من انقباض قلبها .. أنفاسها تتسارع وكأنها تعدو فى ماراثون دون توقف !
أخيراً ....

_اوقف يا سفيان ... اوقف ارجوك !!
كفها الذى ارتفع نحو قلبها عاكس طريق كفها الاخر و الذى تمسك بكفه بقوة مع قولها شبه الهستيرى !!
مما جعل سفيان يقف بالسيارة على جانب الطريق مسيطراً على حركتها بصعوبة .. بعد القلق الذى اعتراه فجأة إثر فعلتها !!
لكن هذا لم يهاله .. بل ما هاله أكثر ما بعدها ..
حين التفتت فيروز نحوه بلهفة وهى تتعلق بعنقه بقوة و تردد بهمس مضطرب ، و الذى اختلط مع دموعها :
_بلاش يا سفيان .. مش عاوزة أطلق .. متسبنيش ارجوك .

تنهديته الحارة بعدها وازت حرارة عناقها له .. وهو يشدد ذراعيه حول جذعها وهو يهمس بحرارة :
_اتاخرتى اوى .. اتاخرتى اوى يا فيروز .. كنت مستنيها من زمان .. و كنت خايف .. خايف لتضلى فى اختيارك .
_عارفة .. عارفة انى اتأخرت .. بس مكنش ساهل عليا إللى حصل !! ولا انى اختارك انت كان ساهل .

ابعدها عنه برفق وهو ينظر لملامحها ملياً ..
لا يصدق .. فيروز اختارته بملء إرادتها .. وهو معها بإرادته !
لا ليس شفقة .. ولا شعور بالمسؤولية كما كان يدعى كل هذه الأيام .. بل حبهاx .. حبها هو ما يدفعه لكل هذا !!
لم يكن يصدق نفسه يوم تصارح بينه و بينها انه يحب فيروز ..!
لكن ما اكد له هذا هو رؤية نوارة دون اى ردود انفعالية !!
رد فعله كان طبيعى جداً ...مقارنة بحاله طوال السنوات الماضية !!
لو كان حقاً يحمل ذرة مشاعر ولو بسيطة نحو نوارة ما كان شعر بكل هذا تجاه فيروز ..
فيروز التى كان يعتبرها قضية حياته !!
و قد ربحها ... اخيراً !!

_سفيان ..
لما طال شروده نادته فيروز بها .. لكنه ابتسم وهو يضمها نحوه مرة أخرى .. هامساً بحرارة :
_بحبك يا فيروز ... والله بحبك .
_ليه مقولتش كل ده يا سفيان .. ليه مقولتش ؟
_مكنش ينفع .. مكنش ينفع اتكلم واقول حقيقة شعورى وانا شايف أخويا بيحبك وانتى بتحبيه .. مكنتش هرضى ابقى انانى و امنعكم عن بعض .. طالما انتوا بتحبوا بعض .. كان قدرنا ان احنا الاتنين نحبك يا فيروز .. و ف النهاية القرار كان فى ايدك انتى !

ابتعدت هى تلك المرة وهى تنظر فى عينه بعينيها الدامعتين وهى تقول باختناق :
_مقدرتش يا سفيان اتخطى مشاعرى ليك وكأنها لم تكن قصاد مشاعرى لرائد .. انا كنت بحب رائد مش هنكر .. لكن حبنا كان ضعيف اوى .. ضعيف انه يكمل قصاد كل إللى حصلx .. مكنش معانا مواقف تقوينا قصاد إللى داخلين عليه .. عشان كده حبنا انهار قصاد اول محطة !!

صمتت للحظة لاهثة قبل أن تستطرد بلهفة لا تعرف كيف تواتيها كلما تحدثت عنه :
_بس .. بس احنا غير .. احنا صحاب .. ماضينا كلنا كان سوا .. اوجاعنا و مشاكلنا كلها كانت سوا .. كنت صديقى و فضلت فى الدور ده حتى وانت بتحبنى بس مستنينى اختار .. و كنت مستعد تدينى حريتى لو مكنتش اخترتك .... عاوزنى بقى بعد كل ده مختاركش .

دمعاتها التى كانت تكبحها بقوة ...انفرطت رغماً عنها .. وهى تستطرد بتمتمة مختنقة :
_والله معرفتش انى بحبك غير لما حسيت انك هتروح منى .. لا انا اتأكدت انى بحبك يا سفيان ..

ازدادت لهفتها وهى تردف امام عينيه المبتسمتين كطفلة اخذت هدية :
_فاكر لما كنت على طول تقولى انتى الضهر و السند و الصديقة ..طيب فاكر لما قولت لنوارة كده من يومين .. قولت أن هى صديقة الطفولة بس انا .. انا صديقة شبابك و صديقة مشاكلك .. انا وقتها كان نفسى اقولك .. انك بالنسبالى اكتر من كده .. انك انت إللى كنت الضهر و السند و العزوة .. انت إللى حاولت ازعل منك و معرفتش .. وجودك انت كان بكل إللى حواليا .. برضو عاوزنى بعد كل ده م اختاركش !

رفع كفها نحو شفتيه يقبله بحرارة قبل أن يضم رأسه نحوه مقبلاً جبهتها وهو يهمس بخفوت :
_وانا معاكى .. معاكى فى كل حاجة و اى حاجة ي فيروز .. هفضل فى ضهرك دايماً .. حتى لو كنتى مش محتاجانى .
=====
دلفت نوارة من بوابة البيت هذا اليوم .. نوت أن تحدث عمها بشأن النسب -كما أخبرها أبيها- .. لكن منظر رائد -الذى يجلس على المقعد الخشبى فى الحديقة- استوقفها للحظات ..!
كل قراراتها بأن تتجاهله تبخرت فى جزء من الثانية ...!
وجدت قدميها تقترب من مكانه ببطء شديد .. حتى وقفت خلفه ، تأملت ظهره المقابل لها للحظات كان هو فيها شارداً ..!!
اليوم ذهب سفيان بصحبة فيروز لإتمام الطلاق .. لكنه يشك أن يكملوا اى إجراء بالأساس!!
هو ليس مغفلاً ولا ساذجاً لهذه الدرجة حتى لا يلاحظ نظرات اخيه و التى يحاول جاهداً إخفائها عنه لكنهاx تفضحه بشدة !!
لطالما كان سفيان شديد الشفافية و خاصة أمامه هو !!
لهذا هو الآخر كان تاركاً القرار بيدى فيروز !!
لكن النتيجة مازالت قيد المراجعة على ما يظن !!

_رائد !
النداء الانثوى من خلفه اجفله للحظة .. لكنه التفت برأسه نحوها مبتسماً ابتسامة هادئة وهو يقول :
_نوارة !
عدوى الإبتسام التى انتقلت منه إليها جعلتها تبتسم هى الأخرى .. لكن ابتسامتها هى خرجت مهتزة، كأهتزاز مشاعرها نحوه تماماً !!
و كلماته التالية كانت أكثر ودية من طبيعة حديثه معها :
_البيت نور والله .. ياريت هلالك يهل علينا كل يوم كده .
تعبيرها كان مزيج ما بين الهيام و التخبط .. و بينهما هى حمقاء لا تدرى لنفسها وجهة .. تتصنع القوة و التمرد وهى أكثر البشر ضعفاً و هشاشة !!
فهل لمثلها حظ فى اى شئ يا ترى ؟؟

_طول عمرك البَكَش بيجرى ف دمك اكتر م الأدرينالين يا رائد .
تصنعت المرح الذى تجيده وهى تقترب أكثر لتجلس جواره على المقعد .. قبل أن تختل ضربات قلبها حين جلجلت ضحكته جوارها .. فابتسمت وهى تتطلع له قائلة :
_مبروك !

جعد انفه بطريقة مسرحية وهو يقول بسخرية :
_اصبرى لما الموضوع يتم الأول .. شكله مش هيكمل .

عقدت حاجبيها بتوجس و ازدادت دقات قلبها وهى تتسأل :
_يعنى ايه ؟

رفع كتفيه بجهل وهو يقول بهدوء يخفى خلفه الكثير ... بل بالأساس هو لا يعرف لماذا يحكى لها كل هذا اصلاً :
_مش عارف .. بس حاسس ان الدنيا هتبوظ .

ضحك ضحكة مفتعلة اختتم بها حديثه وهو ينظر أمامه بشعور غريب .. و ظلا على هذا الوضع للحظات .. حتى مدت نوارة يدها وضعتها فوق كفه وهى تتكلم كما الام حين تحدث طفلها :
_متخافش .. أياً كان الوضع .. لو بتجبها بجد .. حبلها الخير .. مهما كان اختيارها ..

ازدردت ريقها بتوتر وهى تقاوم نفسها بقولها الحانى :
_وانا معاك .. فى ضهرك فى اى وقت هتلاقينى جنبك .. حتى لو مش محتاجنى .. هكون موجودة من بعيد لما تحتاجنى هتلاقينى !!

نظر رائد لعينيها المحدقتين به باهتمام وهو يحاول تفسير كنه كلماتها .. ثم نقل بصره بين عينيها و كفها الصغير الذى يحتوى كفه بحنو .. وهمّ بقول شئx .. ولكن قبل أن يقول شئ .. اى شئ !!
وقع بصره على فيروز و سفيان اللذان كانا يدخلان الآن من بوابة المنزل .. متشابكى الايدى .. ضحكة كلٌ منهما تضاهى ضحكة الاخر إشراقاً !!
و بالنهاية كانت نتيجة الاختيار واضحة كالشمس أمام عينيه .. فلم يكن بحاجة لسؤال !!!
فيروز اختارت .. فضلت السند على الحب !!
لكن من يلومها على هذا .. من؟؟

كف نوارة الذى كان يحتوى كفه منذ قليل .. كان الان بين راحته هو .. يشد عليه دون وعى منه ..!!
فيما كانت ابتسامة مفتعلة ترتسم فوق شفتيه !!
مستعداً لاستقبال الآتى !!! بكل روح رياضية !!
=====
"أؤمن أن الأشياءx التى تحدث دائماً رغم كل شئ .. رغم اعتراضنا ، رغم خوفنا من التبعات ، رغم كل العثرات ،ورغم حذرنا .. هى الصحيحة تماماً ؛ لذلكx ثق دائماً بأن الله معك .. و أمن بقدرك .. لأن الله قدّر .. و قدر الله دائماً خير ..!"
=====
عينا رائد التى كانت الان فوق يديهما المتشابكتين .. انتقلت الى عينى نوارة جواره وهو يفتعل المرح و الضحك وكأنه لم يراهم لتوه ..
تعجبت نوارة من تبدل حاله المفاجئ .. لكنها جارته فى الحديث حتى وجدته يصمت أخيراً بابتسامة وهو يقول لمن خلفها :
_حمدالله ع السلامة .. نقدر نقول مبروك !؟

اطرقت فيروز برأسها أرضاً دون حديث .. بينما سفيان ابتسم وهو يواجه رائد قائلاً باتزان :
_تقدر تقول مبروك !

كف فيروز الذى ارتجف بين يده .. اخذ يشد عليه ويمنحها دعمه .. فأخذت نفساً عميقاً وهى ترفع رأسها نحو رائد تنوى قول شيئاً ، قطعه هو بمبادرته :
_مبروك يا فيروز .. مبسوط انك اخترتى صح .

فغرت فاها تريد قول شئ .. لكنها لا تقوى .. الكلمات تذوب على ضفاف شفتيها فلا تجد فى ابجديتها شئ .. اى شئx تقوله فى موقف كهذا ..!
لكن رائد -الذى استقام واقفاً فجأة- رحمها بانسحابه مع قوله :
_تعالى يا نوارة .. تيتا ف البيت .. ندخلها .

تلقائيا مشت نوارة خلفه وهى فاغرة فمها على اتساعه .. صدمة !!
لم تكن تتوقعها .. لكن رائد فعل .. و أصاب توقعه !!
لكن هل هى واعية لمعنى هذا الان !؟؟

لم تفيق من صدمتها الا على رؤية جدتها وهى تحتضنها برفق .. حالتها تحسنت فى العدة ايام الماضية .. بينما هى لم تكن تزورها !!
أخيراً .. جلست جوار جدتها التى تسائلت بصوت منخفض :
_فيروز وسفيان لسه مجوش يا رائد ؟

اومأ رائد وهو يقول دون تعبير :
_لا .. جم يا تيتا .
_خلصوا إللى كانوا بيعملوه ؟
صمت رائد للحظة .. قبل أن يهز رأسه نفياً .. مما جعل جدته تقطب حاجبيها بتوجس .. ليقول هو بهدوء :
_مطلقوش يا تيتا .. هما اختاروا يكملوا .
ازدردت سلوى ريقها بتوتر وهى تشعر بأن خلف هدوء رائد هذا الكثير من الثوران !!
صمته الذى يملؤه الضجيج يفضحه .. لكنها حقاً شاكرة له هدوئه هذا !!
فهى رغم كل شئ .. لا تريد إفساد فرحة فيروز !
هما اختارا .. وهما ليسا بصغاراً !!

دلوف فيروز بجوار سفيان الغرفة .. زاد الصمت على الأجواء .. و لكن مظهرهما كان أبلغ من اى حديث !!
فابتسمت جدتهم وهى تشير لهم بالاقتراب .. فافتربوا منها سوياً ، فيما تراجع رائد للخلف مفسحاً لهم المجال ..
حينها ربتت جدتهم على كفيهما المتشابكين وهى تقول بابتسامة :
_ربنا يكتبلك الخير يا بنتى اياً كان .. المهم تكونى مبسوطة .
ابتسمت فيروز وهى تومئ مؤكدة بقولها :
_مبسوطة يا تيتا والله .. ربنا يخليكى لينا .

رمقتها جدتها بنظرة اخيرة قبل أن تنقل بصرها نحو سفيان وهى تقول :
_مش هوصيك عليها يا سفيان .. زى م اختارتها تتحمل مسؤوليتها من بعدى .. العمر مش دايم يابنى .
_متقوليش كده يا تيتا .. ربنا يطولنا فى عمرك .. فيروز فى عنيا والله .. انا بحبها و هحافظ عليها .

ابتسمت جدته .. ثم ألقت نظرة خاطفة نحو رائد الذى يقف فى الخلف دون تعبير محدد .. اللاتعبير هو ما يحدد محياه الآن !!

بعد خروج سفيان و فيروز من الغرفة .. اشارت جدته لرائد أن يقترب .. كل هذا تحت أنظار نوارة التى لم تعلق حتى الان و مازالت فى طور الاستيعاب !!

_نعم يا تيتا .
جلس جوار جدته ، مقابلاً لنوارة وقالها .. فصمتت جدته للحظات قبل أن تتسائل :
_زعلان !؟

هز رأسه نفياً بخفة وهو يقول بنبرة عادية :
_لا يا تيتا مش زعلان .. هى اختارت وهى حرة .. وانا واثق من سفيان انه هيحافظ عليها .. يمكن اكتر منى .. هو كان جنبها طول السنين دى و اكيد فاهم دماغها كويس .
_بس انت بتحبها يا رائد .
_صدقينى هنساها .. هى قالتها قبل كده .. "متخليش حبك ينسيك الأصول" .. وهى هتبقى مرات اخويا .. تفتكرى انى معدوم الأخلاق للدرجادى عشان ابصلها .

لانت ملامح جدته بشفقة وهى تتمتم :
_بس ده هيبقى صعب عليك يا رائد .
_ولا صعب ولا حاجة .. المفروض انه ميبكيش على حد مش عاوزوه ..هى اختارت وهى مش صغيرة بالظبط زى هو م قال ..
كانت تلك نوارة تهتف بهم بحمائية شديدة و دماء حارة .. امام نظرات جدتها المتعجبة و حاجبى رائد المرفوعين عالياً بذهول تام من تلك الحمائية المفاجئة ..
لاحظت نوارة نظراتهم المسلطة نحوها بتعجب .. فقطبت حاجبيها و ازدردت ريقها بتوتر ..
هل تمادت كثيراً ؟؟
لكنها قد اندفعت و انتهى الأمر .. فلتنهى ما تريد قوله ..
لذا استقامت فى جلستها بشكل مبالغ فيه وهى تقول بتمتمة :
_وو ... و يعنى اذا كانت هى .. هىx رفضته .. فانا قبلاه عادى .

هنا انخفض حاجبى رائد المرفوعين وهو يقطبهم بعدم فهم .. فيما ابتسمت جدتها و لم تلبث حتى تحولت الإبتسامة الى ضحكة من أعماق قلبها ..
فازدادت تقطيبة حاجبى نوارة وهى تقول بغباء :
_ايه .. انا مش بهزر على فكرة .. انا بتكلم بجد .
ازدردت ريقها -الجاف اساساً- مرة أخرى وهى تتمتم ببديهية شديدة :
_انا بحب رائد من زمان اوى على فكرة .. و مبهزرش .
فردت جدتها كفيها بقلة حيلة وهى تقول بيأس :
_يا بنتى اعقلى عيب كده .. هو انتوا بتتعاركوا على كيس شبسى !!
هتفت نوارة بانفعال :
_يا تيتا ماهى مش عاوزاه وهو مش هيعلق نفسه بحد مش عاوزوه .. صح يا رائد .. اهو .. قالك صح .. يبقى خلاص .. طالما فيروز مش عاوزاه يبقى يلزمنى انا بقى .

تعالت الضحكات .. لكن تلك الضحكات كانت لرائد هذه المرة .. فابتسمت نوارة تلقائياً وهى ترى ضحكته الواسعة ..
تلك الضحكة التى خفتت تدريجياً ، حتى استحالت إلى ابتسامة بسيطة وهو ينظر لنوارة بعينين ملتمعتين بعدم تصديق ..
اما نوارة فكانت تنظر له بعينين متسعتين على اخرهما ، و ملتمعتين بلمعة لهفة ميزها هو جيداً فى عينيها .. وهى ترمش بأهدابها كالأطفال .. و تعلو ثغرها إبتسامة بلهاء بشدة !!!
_موافق صح ؟؟ موافق تتجوزنى !!
تسائلت بنفاذ صبر ... فيما ظل هو على حاله .. فتململت نوراة فى وقفتها وهى تقول بنبرة غريبة ... مزيج من الرجاء و الأمر و الصرامة .. مع مرح بروح طفولية ساعدتها كثيراً فى هذا الموقف الأكثر غرابة :
_بقولك ايه .. احنا بنشترى راجل .. هتتجوزنى ولا تتجوزنى ؟؟
لما طال صمته الغريب .. و ابتسامته كما هى .. بل تزداد انبهاراً كلما نطقت هى بشئ من حديثها .. حينها .. تبَسمت نوراة وهى تمسك بكفه ، تصافحه وهى تقول بسعادة غريبة :
_السكوت علامة الرضا .. يبقى مواقف .. اوعدك احافظ عليك كويس اوى .. دانت إللى فى القلب برضو .
لكنها لم تتلقى اى رد سوى الضحكات مرة أخرى .. لكن هذه المرة بأكثر هستيرية من رائد الذى انحنى بجذعه وهو لا يستطيع السيطرة على ضحكاته .. فقطبت نوارة حاجبيها وهى تترك يده و تقول بعبوس طفولى :
_انت بتضحك ليه .. انت مش مصدق انى بحبك !؟

رفع رائد عينيه نحوها .. فصمتت للحظة قبل أن تقول بجدية شديدة أمام عينى جدتها المذهولتين :
_على فكرة والله م بهزر ولا بكذب .. انا بحبك يا رائد .. ومش هتكسف اقولها بعد كده .. انا بحبك .. و ده إللى بعدنى عنكم السنين دى كلها .. لانى كنت مجروحة منك اوى .. و ده برضو إللى خلانى ادخل حياتك انت بالذات ؛ عشان انت إللى تعرفنى ، انت إللى تشك فيا ، انت إللى تثبت حقيقتى و ترجعنى لعيلتى تانى ، صدقنى بحبك .. كل يوم و كل دقيقة .. كنت بحبك اكتر م إللى قبله ، بكل صورة كنت بلاقيها ليك ، بكل خبر جديد كان بيوصلنى عنك ، بفرحتى يوم م رجعت مصر ، بلهفتى عشان اقدر اوصلك و اشوفك و ابدا اقرب منك .. صدقنى .

حديثها فى نهايته كان خافتاً بشدة .. متزامناً مع اول عَبْرة سقطت من عينيها .. وهى تستطرد فى حديثها :
_انا عمرى م شوفت بنت هى إللى بتعرض على إللى بتحبه انه يتجوزها .. بس انا هو ، بقولك يا رائد اتجوزنى .. و انا عارفة كويس انك بتحب فيروز .. بس .. بس انا مناسبة ليك ، انا بحبك و هنسيك كل حاجة والله .. بس خليك معايا .

همس باسمها بذهول :
_نوارة !!!
_ارجوك يا رائد .. ارجوك .
زم شفتيه بقوة يحاول كبح جماح ضحكاته التى تريد الإفلات ، لكنه لم يستطع و رغماً عنه ضحك بصوت عالٍ !!!
مما استجلب دموعها أكثر .. و همّت بضربه لكنه كان أسرع منها وهو يمسك كفيها ليبعدهما عنه .. و يهتف بضحكاته :
_موافق والله .. خلاص موافق .
=====
حيطان بلون السما فى بيت يامة حلمنا بيه ..
امال بتترسم لعاشق صلى لربه تبقى ليه ..
بحلم بأيه .. بحلم تبقى حلالى لحالى ..
بحلم بحضنك وقت ضيقتى فتهون الليالى ..
بحلم بولادنا .. بحلم بدوق شهد الشفايف ..
بحلم فى الجنة نبقى لبعض و ابقى ليكى شايف ..
بحلم بصوت مأذون بيقول و احنا نعيد وراه ..
بحلم لما يقولوا بتحبيه ... تردى تقولى اه ..
بحلم بفرحنا بحلم بلمة هتفرحنا ..
بحلم بزفة فيها أهلنا و كل أصحابنا ..
بحلم بدمعة على بابنا عشان هتودعنا ..
بحلم بأول ركعتين فى بيتنا تجمعنا ..

_الاغنية دى تليق عليكى انتى مش عليا انا .. كان المفروض تبقى بصيغة المؤنث .
قالها رائد بمرح وهو ينظر لوجهها المقابل له وهو يمسك بخصرها بين كفيه .. يراقصها على الألحان .. فى نهاية الليلة بعدما تم عقد القران .. و الذى أصرت نوارة عليه فى اسرع وقت بعدما اتموا إجراءات تصحيح نسبها ..!
قلبت نوراة شفتيها بامتعاض وهى تنظر لعينيه بنظرة هائمةx تخالف تعابير وجهها الممتقعة .. ثم قالت بسخرية :
_ذلنى .. يلا أبدا وصلة الذل إللى كل يوم توريهولى من يومها !!
ضحك بخفوت وهو يقول بصراحة اقرب الى الفظاظة و الوقاحة :
_يعنى هو انا إللى كنت روحتلك لحد عندك وانا بقولكx اتجوزينى .. لا اله الا الله .

دمعت عيناها بحق وهى تقول باختناق :
_على فكرة كتر هزارك ف النقطة دى بيوجعنى .. مش عمال على بطال تفضل تفكرنى انك مبتحبنيش .

نظر لها دون تعبير .. وهو يضمها نحوه أكثر .. ثم قال بجدية ناظراً لعينيها :
_عاوزانى اكدب ؟

ابتسمت بيأس وهى تقول بمرح مختنق :
_يا سيدى لو هتبطل الدبش إللى بتحدفه ده اكدب .. بس ده بعيد عن انى عارفة انك لسه بتحبها .. بأمارة عينك إللى منزلتش من عليهم من ساعة مبدأنا .

تلقائياً رفع رائد عينيه نحو فيروز و سفيان اللذان يتراقصان الان بعيداً عنهما بمسافة .. قبل أن يعود بعينيه نحو نوارة بسرعة و كأنه يهرب ..!!
فابتسمت هى بسخرية وهى تتمتم :
_شوفت .. جالك كلامى .. اكدب بقى عشان منقلبش الليلة نكد .
هز رأسه نفياً وهو يركز عينيه بالاجبار على النظر لعينيها .. مع قوله الخافت :
_لا مش هكذب .. انتى قبلتى بيا و انتى عارفة كويس انا فيا ايه .. فمش هكذب .
لم ترد عليه .. بل ظلت تنظر له ، و صورته تتشوش أمام عينيها بفعل غلالة الدموع المتجمعة أمام حدقتيها .. فقال هو بنبرة صادقة :
_مش هكدب عليكى و اقولك نسيتها .. انا ممكن اه بكون بتجاهل احتراماً لحرمة اخويا .. لكن الحاجات دى مبتتنسيش بسهولة .

زمت شفتيها بقوة وهى تمنع نزول دموعها بشق الأنفس .. قبل أن تهمس برجاء :
_طب اسكت .. لا تكدب ولا تقول حقيقة .. اسكت و خلاص .
لكنه لم يعير حديثها اهتماماً وهو يردف همساً بقوة :
_و هكون كداب برضو لو قلتلك انى مبحبكيش ..او مش بميلك على الاقل .. مش هكدب و اقول ان "يمنى" محتلتش جزء من تفكيرى وهى واقفة معايا طول التلت شهور إللى فاتوا .. مش هكدب و اقول ان جرأة "نوارة" و اعلانها الصريح انها بتحبنى بعد ما تخليت عنها زمان مأثرش فيا .. هبقى كداب لو قولت انك ملمستيش حاجة فى روحى مكنش حد بيوصلها .. انا بحب حبك ليا .. و مسير الأيام تخلينى احبك انتى .. اما بالنسبة لفيروز فتأكدى انى لو مش هنساها عشان خاطرك .. فأنا هجبر نفسى انى انساها على الاقل عشان أخويا .
لم ترد وهى تلف ذراعيها حول خصره وهى تريح رأسها فوق صدره .. تسمع هدير قلبه تحت اذنها دون أن تحدد فعلياً إن كان لها مكان بين هذه الدقات ام لا .. لكنها ستصبر .. و الباقى تأتى به الأيام !!
_نفسى تقولها ف يوم يا رائد .. تقول انك حبتنى بجد ولو بعد سنين !!
اخفض وجهه وهو يقبل رأسها فوق صدره برفق وهو يهمس فى اذنها بوعد :
_صدقينى هحاول .. و هنجح !!
.........
إللى بينا اكتر من حب .. اكتر من دم .. اكتر من شوق ..
اكتر من حبيب و حبيبة ..
اكتر من جمال لحظة شروق ..
اكتر من خوف الزمن ف يوم يفرق ما بينا ..
و اكتر من اى حد يغصبك تنسى إللى ما بينا ..
مكتوب ليا اسمك عند إللى خلقنى و خلقك ..
يعنى انتى قدرى .. ازاى اعيش حياتى وانا مش جنبك ..
عمرى ابتديت أحسبه من اول م شوفتك ..
و إللى عيشته قبلك .. ضاع من حياتى انا قبل اما اقابلك ..
بتنفس حبك .. عايش على كلمة بحبك ..
فجأة صوتى بيحلى لما باجى و انده اسمك ..
يابخت إللى حبيبه خد بإيده .. خلى نهاره يبقى عيده .. اول م يشوفه الحب بيجرى ف وريده ..
فى حضنك بس بحس ان انا مرتاح ..
لو هم الدنيا كله صابنى بنسى معاكى اى جراح ..
بحبك و ازاى اقدر انساكى .. لو عمرى كله لحظة اتمنى أعيشها بس معاكى ...

_الشكر و كل الشكر للى اختار الأغنية دى والله .
قالها سفيان ضاحكاً بوجهها .. فتبَسمت وهى تقول بعدم تصديق :
_سفيان انت قبلتنى عشان بتحبنى؟؟ مش عشان صعبانة عليك صح ؟؟

رفع عينيه لأعلى للحظات بتفكير .. قبل أن يعيدها إليها وهو يقول :
_صعبانة عليا دى بعيدة شوية ... عشان عمر نظرتى ليكى م كانت شفقة .. مش هقول برضو حب .. لانى مكتشفتهوش غير متأخر .. لكنها مش شفقة .. انتى إللى كنتى ساندانى و واقفة جنبى ف عز ما كان مفيش حد فاهمنى .. فالاصح أن انا إللى أبقى صعبان عليكى مش العكس .

ظلت عينيها متسعتين بانبهار وهى تقول :
_بس يا سفيان انا لحد دلوقتى مش مصدقة .. انا لحدx بعد م اتجوزنا كنت بقول انى لسه بحبه هو .. بس فجأة لما حسيت انى هخسرك .. مش هتبقى ليا .. كان شعور وحش اوى .. وقتها بس اتأكدت انى حبيتك .
_بس انا كنت بحبك من زمان .. و متأكدتش من ده غير لما نوارة رجعت .
ضيقت عينيها باستفسار فقال هو :
_انا كنت زعلان على نوارة اوى يا فيروز .. كنت زى م اكون مستخسرها ف الموت .. كنت بتمنى بس يوم ترجع فيه للحياة تانى .. وانا كنت بقول هعمل حاجات كتيرة اوى معملتهاش وانا صغير .. بس المفاجأة كانت أن هى رجعت .. وانا متأثرتش .. بالعكس .. انا حطيت نفسى ف موقف .. قولت لو خيرونى بينكم هختار مين .. و بكل صدق لقيت نفسى بقول فيروز ..هختار فيروز .. مش لاى سبب غير انى بحب وجودها جنبى .. بحب وقفتها معايا .. ساعتها اتأكدت فعلا أن الحب بيجى بالعشرة و المواقف .. مش دايماً بيجى فجأة و من غير توقع زى م كل الناس فاكرة .

ابتسمت دون رد .. قبل أن تريح رأسها على صدره .. لتقول بعد فترة طويلة :
_معاك حق !
=====
"و ما كنت ممن يدخل العشق قلبه ، و لكن من يبصر جفونك يعشق .. اغرك منى أن حبك قاتلى ، و انك مهما تأمر القلب يفعل .. يهواك -ما عشت- القلب ، فإن أمت .. يتبع صداى صداك فى الاقبرِ .. انت النعيم لقلبي و العذاب له .. فما أمّرك فى قلبي و أحلاك .."
(المتنبى ..)
======
بعد مرور عام ..

_يا ابنى ورينى التلج كده .. والعة معاك .
هتف بها رائد بالكثير من المرح -الذى اكتسبه طبعه المتعنت قليلاً- إلى سفيان الذى يواجهه عبر شاشة الهاتف ...
حيث سافر سفيان بصحبة فيروز خارجاً لإتمام بعض العمليات الخاصة بمحاولات إنجاب فيروز !!

كان سفيان يجلس فى الجهة المقابلة فوق فراشه بعدما افاق من نومه لتوه .. فقال بكسل و تذمر :
_يا اخى الهى تولع معاك زى م هي والعة معايا يارب .. خود يا خويا التلج اهو اصلك مكنتش عايش فيه سنين .
قالها وهو يدير شاشة الحاسوب نحو النافذة الزجاجية بعرض الحائط .. قبل أن يديره .. مع قول رائد المرح :
_يا ابنى انت خايف تدير البتاع شوية عشان اشوف .. ده انت ايه ده .
_بس يابابا بقى انا لسه صاحى مش فايقلك .
_فروق التوقيت .. احنا بنتغدى .. حتى بص نوارة بتاكول شبه الديناصور ازاى .
انطلقت ضحكاته وهو يحرك شاشة الهاتف نحو نوراة التى كانت تأكل بشراهة شديدة .. فصرخت برائد :
_يا بنى ادم انت بتعمل ايه ؟
_ايه يا نوراة هو فيه حد غريب .. ماحنا عارفين البير و غطاه .
قالها سفيان وهو ينطلق ضحكاً على مظهرها .. فعبست وهى تهتف بهم :
_كشفت راسى و دعيت عليك انت و أخوك فى ساعة إجابة يا سفيان يا ابن عمى روح .
ضحك سفيان عالياً ، وهو ينظر لهم عبر الشاشة .. و لكنه أبصر شيئاً ما فوق الطاولة ، فقال بانتباه :
_رائد هى دى "ملوخية" ؟؟
ضحك رائد عالياً وهو يرفع الإناء الزجاجى نحو الهاتف وهو يقول :
_اه دى ملوخية .. عاوز شوية ؟
_اه يا خى والله الهى يسترك .. الواحد معدته وجعته من كتر اكل الجبنة !
_يا بنى مانت نازل كمان شهرين تلاتة اصبر الشوية دول كمان !
_مش قادر يا رائد والله .. منك لله .
ضحك رائد وهو يمد يده نحو ملعقة ليتناول من الإناء الذى وضعه أمامه على الطاولة أمام عينى سفيان الجائعتين وهو يقول بابتسامة :
_انت عامل ايه .. و فيروز عاملة ايه ؟
رفع سفيان عينيه من خلف شاشة الحاسوب نحو فيروز التى تقف مقابلة له الان .. تجفف شعرها بعدما خرجت لتوها من المرحاض .. فالتمعت عيناه قبل أن يعود لرائد بسرعة وهو يقول :
_الحمدلله والله كويسين .. بس جعانين .
تعالت ضحكات رائد مرة أخرى وهو يقول بمرح :
_يا بنى دانت حالتك تصعب ع الكافر .
_اه والله ..
_ادينى جتلكم اهو .
كانت تلك نوارة التى جلست جوار رائد بعدما أنهت طعامها و أتت .. فضحك سفيان وهو يقول لها :
_ما لسه بدرى يا "كرومبة" !
_اتلم يا سفيان ..
قالتها بتحذير وهى تراه يدخل منطقتها المحظورة .!
وزنها الذى زاد كثيراً بعد الزواج !!
ثم تنحنحت وهى تقول بجدية :
_فين فيروز بقى ؟ انا زهقت منك !
_واطية يا بت عمى والله .. خودى يا ستى اختك اهى .
قالها تزامناً مع جلوس فيروز جواره ، واضعة كفها على كتفه وهى تلوح لنوارة قائلة بمرح :
_بقلظتى كده ليه يا نوارة .. انتى شبه إللى نزل عليها عرض خود واحدة و فوقيها تلاتة هدية !
عبست نوارة وهى تقترب من رائد بشدة ، توارى جسدها و هيئتها فيه وهى تقول بمسكنة :
_حتى انتى يا فيروز؟
_خلاص انتى هتعيطى ولا ايه ؟
قالها سفيان ضاحكاً .. فجاوبته نوارة وهى ترمق رائد شزراً :
_اه هعيط ..و تعالى خود أخوك و سافر بيه تانى .. عشان ذاللنى ، لا عاوزة اشوفكم و لا اشوفه .
ضحكوا جميعاً على طريقتها .. قبل أن يميل رائد على وجنتيها بقبلة رقيقة وهو يقول بود :
_ميهونش عليا زعلك يا نوارتى !

فعلته رفعت الدم لوجنتيها ، فنظرت له مؤنبة دون حديث على احراجها هكذا .. بينما تعالت ضحكات سفيان و فيروز .. و قال سفيان بمرح :
_مش قدامنا طيب .. ايه قلة القيمة دى .. طب كنت دارى الكاميرا حتى !
_يا بنى هو انت قافشنا ف شارع جامعة الدول .. دى مراتى .
_غور يا رائد .. دانت بقيت بجح يا اخى .
قالها سفيان بفظاظة ضاحكاً وهو يغلق شاشة الحاسوب فى وجهه ..!
و ما أن هدأ حتى رفع وجهه نحو فيروز التى نهضت من جواره وهى تفك حجابها وتلقيه على احد الكراسى بإهمال .. قبل أن تتجه نحو الشرفة و تخرج لتغلقها خلفها .. غير عابئة ببرودة الجو حتى ، مع ثيابها الخفيفة نسبياً !
رأها سفيان تقف أمام الحاجز وهى تكتف ذراعيها أمام صدرها .. فتنهد بعمق وهو يزيح الغطاء عن قدميه و يقف متوجهاً إلى حيث تقف ..
وقف خلفها .. ثم لف ذراعيه حول خصرها محتضناً إياها .. لكنه ما أن اقترب منها حتى سمع شهقة بكائها ..!
فتنهد بصبر وهو يستعد لبدء "عرض النكد" اليومى ..
هكذا هى كل يوم .. لكنه يقدرها .. و مستعد لتحمل عواقب اختياره كما يتنعم بحلاوته !!

_مالك يا فيروز ..
تسائل بصبر وهو يشدد يديه فوق خصرها ..
كيف تخبره ؟؟ كيف تخبره انها تعشق عناقه لها بتلك الطريقة ..
كيف يُشعِرُها بكل الأمان .. كل الدعم ..x كل الحب فى آنٍ واحد !!
اخذت شهيقاً عميقاً .. تسترد به أنفاسها الضائعة .. قبل أن تقول بخفوت :
_نوارة حامل و مرضتش تقول !
زفر تلك المرة وهو يقول بعقلانية :
_اكيد يا فيروز .. مش عاوزة تقول عشان خاطرك .. متزعليش .. و مش يمكن تكون فعلاً مش حامل .

هزت رأسها نفياً ببطء وهى تهمس :
_لا .. انا عارفة و متأكدة انت مش شايف جسمها اتغير ازاى .. و عارفة برضو انها مقلتش عشان خاطر متزعلنيش ..
صمتت لبرهة قبل أن تهمس باختناق :
_بس غصب عنى يا سفيان .. غصب عنى .
_عارف .. والله عارف .. بس انا جنبك يا فيروز ..
قالها وهو يديرها ؛ لتواجهه قبل أن يمسح دمعاتها بيده وهو يستطرد بمرح :
_وهو انا مش كفاية عليكى .. هل انا مش كفاية عليكى ؟؟
ابتسمت وهى تمتد على أطراف أصابعها لتقبل وجنته بخفة ، قائلة بخفوت صادق :
_انت عارف كويس .. انى مكتفية بيك عن ال دنيا دى كلها .
اتسعت ابتسامته وهو يرد بدوره بمرح :
_بتثبتينى بقى .

اومأت وهى تقول بابتسامة :
_أينعم .
_ وانا موافق .
اراح رأسها فوق صدره .. وهو يطبع قبلة فوق شعرها .. مُكملاً جملته :
_يا صحبتى !
_مش هتبطل تقول يا صحبتى بقى ولا ايه .
_هى مش عجباكى ولا ايه ؟
_لا مش القصد .. بس فيه حبيبتى مثلاً ممكن تتقال .. ولا صحبتى دى بحكم العادة ؟؟
رفع رأسها إليه وهو يقول بابتسامة :
_بقيتى منحرفة اوى يا فيروز .
غمزته ، قائلة :
_تربيتك !!
ضحك عالياً وهو يجاوبها على سؤالها :
_لا يا ستى .. مش بحكم العادة ولا حاجة .. انا بحب اقول صحبتى !
_لييييه؟؟!!!
ابتسم بخفة أمام سؤالها اللحوح .. ثم قال بعد برهة بنبرة لم تسمع اصدق منها يوماً :
_لان "الصداقة" عمرها اطول من عمر "العشق" يا فيروز .. وانتى كنتى صحبتى و عزوتى .. قبل م تكونى حبيبتى !
_عشان كده مش بسهولة قولتلى انك بتحبنى و استنيت لما انا اخترت .
هز رأسه نفياً كإجابة على سؤالها .. فقطبت باستفسار .. ليجيبها هو أخيراً بخفوت :
_عشان انا كنت مستعد انى اخسر كل حاجة و اى حاجة .. الا انتى .. الا انتى يا فيروز !!

استعادت شفتيها ابتسامتهما المشرقة من جديد .. إثر كلماته التى نزلت فوق قلبها ك "الغيث" عندما يختلط بالأرض فيزهرها !!
سفيان مهما مر عليهما الوقت يثبت لها انها لم تخطئ حين اختارته هو !!
لم تخطئ و لن تخطئ طالما هو معها ..!
هو الأرض التى لن تضيق .. و ستظل واسعة بما رحبت !!
هو السماء حين تمد لها سلماً من السحاب .. لترتقى عليه و تصل لعناق القمر !!
هو الخير .. بل كل الخير !!
=====
_كده يا رائد تحرجنى قدامهم .
هتفت بها نوارة بغضب وهى تقف أمامه فى غرفتهما ..
فعقد رائد ذراعيه أمام صدره .. وهو يقول بسخرية :
_يا بنتى انتى مراتى !
ازدردت ريقها الجاف اساساً وهى تستدير عنه .. لتقف أمام المرآة و تنزع عن شعرها ربطته فتسدله على كتفيها ... ثم تتجه نحو الفراش الذى رفعت غطائه قبل أن تندس تحته ، مولية إياه ظهرها وهى تقول باختناق :
_اطلع برا يا رائد .
_اطلع برا ؟!!
يسألها باستنكار فتجيبه هى بقوة :
_ايوه يا رائد اطلع برا ، الحكاية مش ناقصة حرق دم .
يغمض عينيه متنهداً للحظات قبل أن يفتحهم وهو يتجه نحو باب الغرفة فيغلقه ..!
حينها ظنت انه خرج .. فراحت تبكى دون توقف .. وهى تكتم دموعها فى وسادتها .. ثم ترفع وجهها وهى تحدث نفسها بخفوت :
_انتى كنتى عارفة إللى فيها .. عارفة انه هو مبيحبكيش .. و مع ذلك اصريتى عليه .. يبقى تستحملى .. استحملى انه مش هيحبك .. استحملى عينه إللى مبتنزلش من عليها لما بيشوفها .. استحملى عشان انتى إللى جبتيه لنفسك .
صمتت لبرهة ثم أعادت لنفسها مرة أخرى :
_لكن انا بحبه .. و الله بحبه .. ولو مكنتش بحبه مكنتش اصريت انى اخلف منه بسرعة وهو بيقولى استنى .. بحبه .. لكن هو مبيحبنيش .

_عارفة انتى قولتى كام بحبه فى الجملة دى ؟
يقولها رائد وهو يندس جوارها تحت الغطاء .. و يلف ذراعه حول خصرها ، مقرباً إياها إليه مع قوله :
_قولتى بحبه خمس مرات فى جملة واحدة بس .
_هما أربعة بس على فكرة .
تجيبه وهى تستلم لدفء احضانه ..
مغفلة هى .. بل مغفلة كبيرة فى الواقع .. وهى تعلم ذلك و تعترف به .. لكن ليس لها فى قلبها حيلة !
هو لم يعاملها بسوء مطلقاً ، حسن الخلق معها فى كل شئ .. حنون و مراعى !!
لكن هذا ليس شيئاً مقارنة بنظراته الخاوية التى تراها فى عينيه كلما نظر لها !!
حبها فقط .. حبها فقط ما ينقص !!

يضحك رائد وهو يرد بدوره مقرباً إياها منه أكثر :
_دى هرمونات دى صح ؟؟

تهز رأسها نفياً وهى تهمس بخفوت يائس :
_ياريتها كانت كده .. كنت عرفت حدها .
_نوارة !
_يا نعم !
_تعرفى انك طيبة اوى .
_عارفة .. ومش طيبة بس .. دانا هبلة و مغفلة كمان .
_طب تعرفى انك حلوة اوى .
_مبقتش حلوة الحمدلله من يوم م حملت ف ابنك .
_طب تعرفى انى بحبك اوى .
_كداب .

يعقد حاجبيه بتوجس وهو يدير جسدها لتواجهه ..ثم يتسأل :
_انتى قولتى ايه ؟
ترفع حاجبيها ببديهية وهى تكرر :
_ف دى بقى انت كداب .

يقترب بوجهه من وجهها وهو يهمس أمام عينيها :
_وانتى ايه إللى عرفك .. كنتى دخلتى جوايا ؟

تنظر فى عمق عينيه قبل أن تقترب منه لتقبل شفيته بخفة ، ثم تتراجع وهى تهمس بخفوت :
_لا .. انا فهماك .

يعقد حاجبيه مرة أخرى وهو يسألها بتوجس مشيراً الى شفتيها :
_دى هرمونات برضو ؟

تومئ برأسها إيجاباً ببراءة شديدة .. فيقول رائد بجدية زائفة وهو يتنحنح بخشونة :
_طيب .. نرجع لموضوعنا .. فهمانى ازاى ؟
_فهماك يا رائد لان عينيك شفافة اوى .. بتفضحك بسهولة .. بمجرد نظرة منك .. بفهم انت ف دماغك ايه .
تجاوبه وهى تنظر لعينيه .. فيبتسم وهو يحيط وجنتها بكفه و يقول :
_انتى بقى إللى كدابة !
_ليه ؟
_عشان والله العظيم بحبك !
يهمس بها بصدق .. فتقابله هى بلامبالاة ساخرة بجملة قالها لها سابقاً :
_ليه .. هو انت إللى كنت روحتلى لحد عندى و قولتلى اتجوزينى .. لا اله الا الله .
_نوارة !!!
يهتف بها بجدية شديدة و تحذير بَيَّن ، ثم يستطرد :
_بطلى تستفزينى بالكلام ده !

تبتسم بسخرية وهى تهز رأسها نفياً .. و تكبح دموعها بصعوبة ثم تهمس بصوت لا يكاد يُسمع :
_انا موجوعة يا رائد .. موجوعة من عدم اهتمامك بمشاعرى .. انا عارفة ان ده كان اختيارى من الأول .. بس .. بس الوضع طلع صعب عليا اوى .

كان الآن دوره ليقترب منها مقبلاً إياها بخفة مع قوله :
_والله العظيم بحبك .. والله العظيم .. انا عمرى م حلفت بربنا كدب .. والله !

تعقد حاجبيها بريبة وهى تنظر له بتشكك .. مازالت لا تصدق .. ولن تصدق الا عندما يتيقن قلبها .. فلا قِبلَ لها بأدعاء آخر ... لا قِبلَ لها !!

_والله انا مبصتش لفيروز انهاردة زى مانتى فاكرة .. انا كنت .. كنت مستغرب .
يقولها بصدق وهو ينظر بعينيها بقوة .. ثم يستطرد بشرح ما يجول داخله :
_هما بقالهم شهور غايبين .. شهور كتيرة اوى .. فأنا لو كنت لسه بحس نحيتها بحاجة ..كنت هحس على الاقل انها وحشانى .. لكن ده محصلش ... انا كنت ببصلها عادى .. عشان كده كنت مستغرب شعورى وقتها .. ده كان اول اختبار ليا يا نوارة .. اول اختبار و نجحت فيه .
تبتسم وهى ترفع كفها لتربت على كفه الذى يحيط بوجنتها مع قولها :
_بس مش معنى كده انك نسيتها .. الاختبار الحقيقى يا رائد لما تشوفهاا قدامك .. تحس بوجودها .. ساعتها بس اقدر اقول انك فعلا نسيت .

صمتت لهنيهة ثم اردفت بتردد :
_و برضو ...برضو .. مش معنى انك معدتش بتحبها انك بتقيت تحبنى انا .. صح يا رائد ؟
_لا مش صح ! هو انا لو هحب هحب مين غير مراتى .. و أم ابنى ..
يجاوبها بصدق .. ثم يقول :
_والله ي نوارة انتى بقيتى غالية عندى اوى .. اغلى من اى حاجة فى حياتى .. انتى و ابنى إللى جواكى بقيتوا كل حياتى اصلاً .. و انا سبق و قولتلك دى مرات اخويا .. فأنا لو مش هنساها عشانك انتى .. هنساها غصب ؛ عشان خاطر انا باقى على اخويا و مش عاوز اخسره .. صدقينى !

هنا تنفرط دموعها وهى تتعلق فى عنقه و تخفى وجهها فى صدره .. ثم تتمتم من بين دموعها :
_قولها يا رائد .. قول انك بقيت تحبنى انا .. قول انك هتخلينى اصدق .. اوعدنى .
كفه يربت على رأسها بحنو وهو يهمس جوار اذنها :
_والله بحبك انتى .. ولازم تصدقى لان انتى الوحيدة إللى شاهدة على كل إللى حصل .. الوقت إللى انا اخدته كل ده يثبتلك انى صادق فى كلامى .
_طب ليه مرضتش تخلينى اقولهم انى حامل .
_عشان ميزعلوش .. هما اه كده كده هيعرفوا .. بس لما ينزلوا يبقى يحلها ربنا .
ترفع وجهها إليه بعد أن قال جملته .. ثم تقول بخفوت :
_طب انت و سفيان مفيش اى حاجة بينكم ؟

يهز رأسه نفياً وهو يقول :
_انا وسفيان عمر م حاجة زى كده تعمل بينا خلاف .. ده غير ان هى إللى اختارت مش سفيان .. وانا مش صغير عشان ازعل من اخويا بسبب كده .. او هو يزعل منى .. ده نصيب .. وانتى كنتى نصيبى وانا راضى بيه .. و بحبه !!

تبتسم اخيراً وهى تخفض عينيها عنه .. فيقول ضاحكاً بمرح :
_ايه ده والله انتى بتتكسفى من امته ؟

ترفع عينيها إليه ، عاقدة حاجبيها وهى تقول باستنكار :
_مين دى إللى بتتكسف ؟ انا ؟
_لا ده انا يا نوراة .. انا إللى بتكسف .. انا إللى خدودى بتقلب فراولة !
_اه قول كده بقى ..
قالتها ضاحكة أخيراً .. فيتنهد رائد وهو ينظر لها قائلاً :
_اخيراً ضحكتِ !
تبتسم وهى تكرر خلفه :
_اخيراً ضَحكتْ !
======
بعد يومين !!
_فيروز !!
يناديها سفيان بقلق ، بعدما أفاق من نومه ولم يجدها جواره ..!
ينهض عن فراشه وهو يبحث عنها فى أرجاء الشقة .. ثم يعود لغرفة نومهما مرة أخرى .. فيجدها تنظر له من خلف زجاج النافذة وهى تلوح بطفولية !!
فيتنهد بابتسامة وهو يتخصر بيديه، و يهز رأسه بيأس من تصرفاتها !!
يقترب من باب النافذة يريد فتحه ليخرج لها .. لكنها تمسك بالمقبض من الخارج بجهة معاكسة فلا يستطيع !!
ابتسم وهو يحاول فتح الباب مرة بعد أخرى .. فلا تسمح له وهى تتشبث بمقبض الباب بقوة من الخارج !!
_افتحى يا فيروز !
قالها سفيان بابتسامة من خلف الباب فلم تسمعه بل قرأتها على شفتيه .. ليراها تضحك وهى تهز رأسها نفياً ...!!
فعبس وهو ينظر لها ببلادة ثم تسائل :
_طب وايه لازمة شغل العيال ده على الصبح كده .

عقدت حاجبيها وهى تحاول تفسير حديثه .. و ظلت لثوانٍ عابثة، حتى ابتسمت وهى تنظر له عبر الزجاج لفترة .. ثم نفخت أنفاسها الدافئة فوق الزجاج البارد .. ليكتسى بطبقة دخانية .. راحت تكتب فوقها بأصبعها :
_لزوم الشقاوة !!

ضحك وهو يحاول قراءة الكلمات المكتوبة بطريقة عكسية .. حتى استطاع أخيراً .. فتعالت ضحكته أكثر وهو يفتح الباب على حين غرة منها و أثناء هيامها فى ضحكته .. ثم سحبها من يدها للداخل وهو يغلق الباب خلفها ليدفعه إليه وهو يحاوطها قائلاً :
_لزوم الشقاوة برا ف البلكونة مينفعش .
غمزها فى آخر جملته فضحكت عالياً وهى تقول :
_عيب يا سفيان !
_هو انا متجوز بنت خالتى لا سمح الله .
ضحكت مرة أخرى وهى تخرج لسانها بطفولية قائلة :
_لا وانت الصادق دى بنت عمك .

ضحك تلقائياً خلفها .. قبل أن يصمت تماماً وهو يتأمل الابتسامة التى تتوج شفتيها .. نادراً فى هذه الأيام .. ثم رفع انامله يزيج خصلة من شعرها المجعد الثائر حول وجهها وهو يقول بابتسامة :
_ضحكتك حلوة .. متحرمينيش منها !
_ضحكتى بس اللى حلوة ؟
تسأله بمكر ، فيجيبها بهيام :
_كلك على بعضك حلوة !
_بكاش .. بس بتعرف تجبر بخاطرى .
تقولها ضاحكة فيعبس وهو يسألها :
_و مين قالك انى بجامل او لمجرد انى بجبر بخاطرك بس ؟
زمت شفتيها للحظات .. ثم قالت بابتسامة لم تفقدها :
_هو انت محتاج انك تعرفنى انك بتجامل دى واضحة زى الشمس .. ثم انك جابر بخاطرى دايماً .. الفكرة بس انى بقول الحقيقة .. انا مش حلوة !

كان الآن دوره ليزم شفتيه بقوة وهو ينظر لها للحظات متمعناً ..
كيف يخبرها انها تجمع فى عينيه كل سحر و فتنة النساء !
كيف يخبرها انها و رغم كل شئ .. يشعر بها انقى و اطهر شئ قد حدث فى حياته كلها !!
كيف يخبرها ..!؟ كيف ..


_فيروز انتى مش عارفة قدر نفسك كويس .. انتى والله العظيم حاجة كبيرة عندى اوى .. مقامك غالى اوى .. و مش شايف غيرك و لا هشوف .. انتى جميلة .. جميلة اوى كمان .. لنا شايف و ميهمنيش رأى اى حد فيكى .. كفاية بس تكونى انتى شايفة نفسك من عيونى !
قالها بصدق شديد .. فاتسعت ابتسامتها ، وهى تقول له بانطلاق :
_تعرف .. ناس كتير بتختلف فى فكرة تتجوز إللى بتحبه ولا إللى بيحبها و احياناً بيكون الطرفين بيحبوا بعضx .. بس انا اختلفت .. انا اتجوزت إللى خلانى حبيت نفسى من حبه فيا !!

ابتسم وهو يميل على جبينها بقبلة اعتزاز .. قبل أن ينظر بعينيها وهو يقول بمشاكسة :
_طيب ايه بقى ... سبب المزاج الرايق ده انهاردة ؟

رفعت عينيها بتفكير للحظات ، ثم عادت إليه وهى تقول :
_مش هما بيقولوا تفائلوا بالخير تجدوه .. وانا بتفائل خير ..
صمتت للحظة ، ثم اردفت بأمل :
_نتيجة التحاليل و الاشعة الأخيرة طالعة انهاردة .. وان شاء الله خير !!

صمت للحظات تداعت فيها ابتسامته قليلاً مما أثار ريبتها .. لكنه استعاد مرحه وهو يقبل جبهتها مجدداً و يردد خلفها :
_ان شاء الله خير !
====
حين حل المساء .. و عادت من المشفى .. حيث تم إعطائهم نتائج التحاليل و الاشعة التى تثبت أنها مازالت غير قادرة على الإنجاب ، وأن كل محاولاتهم باءت بالفشل ..!

دلفت إلى الشقة .. ثم جلست على الأريكة فى الصالة الخارجية .. نزعت حجابها و وضعته جوارها و صمتت دون حديث !!
وقف سفيان قبالتها وهو ينظر لها من علو ثم ناداها بهدوء :
_فيروز !

رفعت عينيها نحوه دون تعبير .. فهمّ بقول شئ .. لكنه قطعته وهى تقول بجدية :
_سفيان .. قبل م تبدأ تقول اى حاجة اسمعنى للاخر .
عقد حاجبيه بتوجس .. لكنه اومأ موافقاً ، منتظراً إياها أن تتحدث .. و فعلت حين نظرت إليه و تحدثت :
_من دون اى جدال .. انا مش زعلانة م النتيجة .. قدر الله و ما شاء فعل .. ده نصيبى و انا راضية بيه ..
كفاية انت عليا م الدنيا دى كلها .. مش عاوزة غيرك منها .
صمت وهو ينظر لها دون أن يجد القدرة على النطق بأى شئ ..
لكنه تقدم و جلس جوارها قبل أن يضمها إليه واضعاً رأسها فوق صدره مقبلاً إياها .. ثم مسد على شعرها برفق وهو يهمس :
_يعنى هنقفل الموضوع ده ؟
هزت رأسها ايجاباً فوق صدره .. فتسائل سفيان مرة أخرى :
_وهنرجع بلدنا ؟
هذه المرة هزت رأسها نفياً ، فتعجب وهو يرفع رأسها نحوه قائلاً :
_لا ايه ؟؟
_لا .. هنقعد هنا شهرين كمان .. يومين عسل اتاخروا اوى .
قالتها بتلقائية عفوية مما جعل سفيان يضحك عالياً وهو يقبل رأسها مجدداً قائلاً :
_تحت امرك يا ستى !
=====
بعد شهرين
.....
كانت نوارة جالسة فوق الأريكة التى اصرت على وضعها فى شرفة غرفتهما ..!
وجهها مرفوع نحو القمر الذى يزين السماء ..
و كفيها يربتان على بطنها المنتفخة نوعاً ، و عينيها شاردتين .. بل و تحكيان الكثير !!

_بقى انا بقى إللى عنيا شفافة و بمجرد نظرة تفضحنى !!
كان ذاك رائد الذى جلس جوارها الآن ينظر لها بتلك الابتسامة التى تهلكها .. فنظرت إليه بابتسامتها الحالمة وهى تقول :
_انت لسه فاكر .. الجملة دى عدى عليها اكتر من شهرين .

اتسعت ابتسامته وهو يرفع كفها نحو شفتيه ...لاثماً إياه بخفة مع قوله :
_مبنساش حاجة بتقوليها .
ضحكت باستنكار وهى تسأله :
_وده من امته بقى ان شاء الله ؟؟
ابتسم وهو يجيبها بخفوت مفسراً :
_من زمان .. سواء لما كنتى يمنى .. كان كلامك قليل جدا و محسوب بالجملة عشان كده كنت مهتم بيه و بحفظه مش بس بسمعه .. و لما بقيتى نوارة بقيتى رغاية اوى بس كلامك كله حلو فبقيت برضو بحفظه كله .. و بحبه .. ده غير ان كلامك عن ابننا إللى جاى بيخلينى احبه فوق الحب اتنين .. انتى مبتشوفيش نفسك وانتى بتتكلمى عنه .. بتبقى مبسوطة ، مندهشة و عنيكى الجميلة واسعة بحماس بيخلينى انا اعد الأيام إللى ابننا هيجى فيها .. ببساطة حبك ليه خلانى احبه .. زى م حبك ليا بالظبط خلانى احبك .. شكله قدر و مكتوب أن كل حاجة انتى تحبيها انا احبها بعدك !

اختتم حديثه بضحكة بسيطة جعلت قلبها يحلق فى سماءه ..
كان كلامه العادي يهز جدار القلب عندها فما بالك بكلام الحب والمشاعر ...
كانت تستمع إليه بقلبها وروحها وكأن كل ذرة من كيانها تتشرب كلامه تشرباً كتلك النبتة العطشة في الصحراء الجرداء التي تتشرب قطرات المطر بعد أعوام من الجفاف ...

كانت تصغي إلى حديثه كما يصغي القديس إلي كلام الرب وهو متعبدا في صومعته بعيدا عن العالم من حوله..

كانت كل كلمة ينطقها تريد لها أن تختزن في الذاكرة ، لا تريد لها النسيان ..وأحيانا كانت تغمض عينيها وتستمع إلى حديثه في ذهنها وتردده في عقلها... حتى لا تسمح لذاكرتها أن تعبث به وتحوله إلى دائرة النسيان...x
ببساطة كانت .. هائمة !!

اطرقت برأسها للحظات .. ثم رفعت عينيها الدامعتين نحوه وهى تقول بمرح تحاول استجلابه :
_طيب انت بقى حبيت يمنى و لا نوارة ؟
ليجيبها بتلقائية :
_انا حبيت نوارة .. ومش ببالغ ...لان نوارة حببتنى فيها .. لكن يمنى كانت شدانى منكرش .. شكلك كان غريب حتى انا مشكتش فيكى غير لما قربت منك جامد .. تلقائية نوارة و عفويتها هى إللى انا حبيتها ..
لكن غموض يمنى كان بيشدنى افكه مش اكتر .

ضحكت بخفوت بينما يدها مستمرة بالتربيت على بطنها مع قولها :
_للدرجادى الفرق بين يمنى و نوارة شاسع .

قلب شفتيه بتفكير للحظات ثم قال بجدية :
_هو مكنش شاسع .. هو كان فارق سنين ضوئية .
ضحكت عالياً ، بينما هو ضحك خلفها وهو يقول :
_ألا صح يا نوراة .. انتى كنتى عاملة ف نفسك ايه .. انا فاكر ان كان شعرك قصير و مدى على بنى شوية .. لكن دلوقتى اسود خالص .. ليه ده بقى .

إجابته ضاحكة :
_هو انت ملاحظتش غير الشعر بس .. ده كان شعرى كنت لابسه عليه "باروكة" قصيرة وانا شعرى طويل .. و عينى كنت حاطة فيها لينسز عسلى وهى اصلا اسود .. و وشى كنت بحط فوقيه اطنان من الميك اب عشان ملامحى تتبدل شوية .. فكان طبيعى متعرفنيش من اول نظرة يعنى .. ثم إن انا كنت بتعمد بعدها اخلى ملامحى توضح شوية شوية عشان انت تشك بالتدريج .. لحد م تعرف .

ظل ينظر لها منبهراً ثم قال بانشداه :
_دماغ شغالة مش بتنام بجد !!
_اومال يا عمنا !
ردت بدورها غامزة .. فضحك وهو يهز رأسه نفياً بيأس ثم قال :
_لا بجد انا منبهر من التفكير ده .. بس اشمعنا انا يعنى .
زمت شفتيها بيأس وهى تقول :
_يعنى يا بختى كل ده و معرفتش !
_الصراحة لا !

صمتت للحظة .. كفت فيها عن التربيت فوق بطنها ثم قالت وهى تنظر بعمق عينيه :
_عشان كنت عاوزاك انت إللى تلاقينى .. انت إللى تمشى ورايا زى م سبتنى زمان .. كنت زى م اكون عاوزة ادى لنفسى مبرر لحبك .. كنت شايفة انى حبى ليك رغم إللى حصل و المسافات سذاجة و غباء .. لكن كل ده تلاشى مع اول مقابلة لينا .. ميغركش انى كنت متماسكة و باينة مسيطرة .. لا .. انا كنت عاملة شبه الطفل إللى امه اتخلت عنه لكنه رغم كل ده بيحبها و بيتمسك بيها .. كان هاين عليا اوقف قدامكم كلكم .. انت و سفيان و فيروز و أصرخ أن انا نوارة .. لكن برضو فكرة انى عاوزاك تمشى ورايا كانت مسيطرة اوى عشان كده سكت .

ابتسم وهو ينظر لها متمعناً .. ثم قال :
_انا بشكرك الحقيقة .. انك اهدتينى كل ده .

صمتت وهى تنظر له بابتسامة ثم منه إلى القمر .. و تعود برحلتها مرة أخرى .. لا تكل ولا تمل ..!
إلى أن شعرت فجأة بشئ غريب .. و آلام حادة أسفل بطنها .. فاتسعت عيناها وهى تقول بدهشة تتغلب بها على الألم :
_رائد انا هولد .
_تولدى ايه يا نوارة انتى لسه ف السابع .
يجيبها بسخرية فتصرخ حين يشتد الآلام :
_يعنى يا بنى ادم هو مفيش حد بيولد ف السابع .. خلص بسرعة !!

استقام واقفاً بارتباك ثم قال :
_حاضر حاضر !!
====
بعد شهر ..
كان يوافق اول يوم فى شهر رمضان !!

_هو لسه بدرى على المغرب !؟
تسائل رائد وهو يرتمى جالساً على الأريكة بجوار نوارة -التى كانت ترضع صغيرها- بتعب .. لتجيبه نوارة بسخرية :
_يا حسرة ع الرجالة .
_م تردى ع قد السؤال انتى غاوية غم ع المغرب .
_لا مش ع المغرب يا رائد .. احنا لسه مصليين العصر ...متحلمش .
أدار رأسه المستندة على ظهر الأريكة نحوها وهو يقول :
_نوارة انا بيقولوا .. القُبَل لا تفسد الصيام صح ؟
رمقته بطرف عينها وهى تنهى إطعام صغيرها .. ثم تريحه فوق كتفها وهى تربت فوق ظهره برفق .. ثم قالت بسخرية ، هازئة :
_احترم نفسك يا رائد .. انت بقيت أب .
_يا ستى هو انا شاقطك من شارع الهرم .. و بعدين بقيت أب ايوه عارف .. مش كل يوم تقكرينى بنفس الجملة .. مش حتة البتاع ده هو إللى هيحط على كتافى مسؤولية .
نظرت له بازدراء وهى تقول :
_حتة البتاع ده اسمه "يحيى" على فكرة .. ثم انك مش مسؤول ، انا إللى مسؤؤلة مش عديمة الإحساس زيك .
ابتسم بعدم اهتمام وهو يرفع قدميه فيضعمها فوق الطاولة التى تواجهه ثم يقول ببرود :
_طيب يا ست المسؤولة .. تبقى صحينى قبل الآذان .

و من بعدها اغمض عينيه و راح فى ثبات عميق .. لم يفيق منه سوى على همسات ضاحكة جواره .. فتح عينيه بصعوبة وهو يميز اسمه الذى يُهمس به جوار اذنه .. ليفزع فجأة فور فتحه لعينيه على رؤية سفيان الذى يجاوره و يكاد بصعوبة يلتقط أنفاسه من شدة ضحكه ..!!
_انت ي بنى ادم ايه إللى جابك انت مش كنت ف "..." !!
صرخ به رائد وهو ينتفض من مكانه مفزوعاً و يقذفه بوسادة -كانت توضع على الأريكة- التقطها سفيان بمهارة وهو يحاول كبح ضحكاته قائلاً بمرح :
_اتخضيت يا حج كامل .. !!!
زفر رائد بحدة وهو يتخصر مبتسماً بصعوبة ثم قال على مضض :
_حمدالله ع السلامة يا زفت .
_الله يسلمك يا سيدى .. مقبولة منك .

قذفه رائد بالوسادة الأخرى وهو يقول بفظاظة :
_وليك عين تقول مقبولة ولا لا .. دانا قطعت الخلف بسببك !!
_اسد يالا ف ايه ؟؟
قالها سفيان ضاحكاً بشدة .. فجلس رائد جواره وهو يقول بهدوء مصطنع :
_بطل هبل بقى وقولى مش كنتوا بتقولوا مش نازلين دلوقتي .
_الحق علينا قولنا ننزل عشان نقضى معاكم شهر رمضان و العيد .
_لا ياخى والله كنت خليك .. كنت مريحنا .
_واطى من يومك .
_طب يا سيدى شكرا كفاية .
قالها رائد وهو ينظر له بلامبالاة .. قبل أن تمر لحظات .. استدار له فيها مرة أخرى .. محتضناً إياه فجأة وهو يقول بحرارة :
_وحشتنى اوى يا سفيان !!!
_انت اكتر والله .. انت اكتر .
ربت سفيان على ظهره بابتسامة .. قبل أن يبتعد رائد عنه وهو يقول :
_عملتوا ايه وليه مكنتوش بتكلمونا الشهر إللى فات .

ضحك سفيان بعبث وهو يحكى له عن فكرة باختصار .. متوقعاً أن يحدث تغير طفيف لرائد .. لكن صدمته كانت حين ضحك رائد وهو يضربه بخفة وهو يقول بمرح :
_ناس تدلع و ناس هنا تغير بامبرز ليل و نهار .
ضحك سفيان وهو يطرق برأسه للحظة ... فتسائل رائد بتوجس :
_و عملتوا ايه ف الموضوع التانى ؟

ابتسم سفيان بحزن بعض الشئ .. قبل أن يهز رأسه نفياً دون حديث ..!
فأجفل رائد للحظة .. قبل أن يتدارك ملامحه و وقع الخبر عليه .. و يفتعل ضحكة مع قوله :
_شوفت يحيى .. عيل استغفر الله .. سارينة إسعاف ليل و نهار !
ضحك سفيان عالياً وهو يجيبه :
_محصليش الشرف لسه .. كان فاضل نص ساعة ع المغرب و طلعت اصحيك اول م جيت .
نهض رائد وهو يوقفه معه قائلاً بحماس :
_طب تعالى .. مش هقولك احلى طفل و لا معرفش ايه .. لا .. بص.. انا هبهرك .
_م طبيعى انبهر ابن نوارة و رائد لازم يبهرنى .. ده زمان جينات الغباء عنده مسيطرة !
_طب يلا يا خويا .
انطلقت ضحكاتهما سوياً وهما يتحركان ليخرجان من الغرفة !!
=====
هبطا السلم سوياً ليجدوا على المائدة .. فيروز التى تجلس فى المنتصف بين والدته و جدته ... وكلتيهما تطعمها من جهة حتى امتلء فمها عن آخره ومن خلفها نوارة تمسك يحيى بيد ...و باليد الأخرى تشير بها نحو فيروز وهى تشير لسفيان -الذى يقف مذهولاً على الدرج- إشارة انها تموت بين أيديهم ...
_كلى يا فيروز انتى خاسة كده ليه ؟
كانت تلك والدة رائد وهى تضع لها صنفاً من الطعام فى طبقها .. بينما جدتها تقول بصوتها الذى وهن كثيراً :
_يا حبيبتى انتى مكنتيش بتاكلى ولا ايه .

_بتاكول يا تيتا .. و الله دى كانت فاضلها تكة و تاكول دراعى انا شخصياً .
كان ذلك سفيان الذى انفجر ضاحكاً و هبط المتبقى من الدرج و جلس مقابلاً لفيروز على الطاولة .. ولا يكف عن الضحك على مظهرها ..!!!
فعقدت حاجبيها وهى تبتلع طعامها قائلة :
_على فكرة انت مش جدع .. كفاية يا تيتا والله شبعت والله ..
تراجعت جدتها وهى مازالت تقول :
_يا حبيبتى انتى مش شايفة وشك مخطوف ازاى .
_العيب على جوزى يا تيتا .. مبيأكلنيش .
قالتها وهى تنظر لسفيان شزراً .. فضحك سفيان وهو يقول بانفعال :
_والله كدابة .. انا مكنتش باكل و باكلها هى .. بس هى عاملة شبه القطط تاكل و تنكر .

ضحكت فيروز .. بينما جدتها ابتسمت وهى تضمها نحوها بحنان غريب على طبعها الشديد قليلاً .. بينما رائد وقف جوار نوارة جوار المائدة وهو يلف ذراعه حول جزعها محتضناً إياها بخفة .. قبل أن يميل على اذنها هامساً :
_هو ده إللى صحينى ع المغرب ...ده السحور فاضل عليه ساعة .
ضحكت بخفوت وهى تريح رأسها فوق صدره .. بينما ذراعيها يهدهدان طفلها دون توقف .. و عينيها مسمرتان على ضحكة فيروز .. ثم قالت بخفوت :
_فرحانة عشانها اوى .. فرحانة عشان هى فرحانة .
رفع رائد حاجبيه وهو يشدد ذراعه حولها ثم يهمس :
_كنت مفكرك انك هتغيرى مثلا .
هزت رأسها نفياً فوق صدره وهى تهمس :
_عمرى م غيرت منها .. فى عز مكنت انت بتحبها ..انا مكنتش بغير .. دى اختى يا رائد .. ولو كانت هى اختارتك انا مكنتش هتكلم .
قبل وجنتها بخفة و انامله تداعب صغيره بلطف مع قوله :
_ربنا يخليكى ليا .
رفعت عينيها نحوه مبتسمة دون حديث .. ثم أعادت رأسها فوق قلبه مجدداً .. وكأنها لا تريد أن تبتعد عن هنا !!

_هاتيه يا نوارة .
كان ذاك سفيان الذى انتقل للجلوس جوار فيروز .. اخرجها من شرودها فابتسمت وهى تناوله الطفل بحرص .. فحمله سفيان بروية وهو يبتسم بانبهار .. ليقبله بخفة مع قوله المرح لرائد :
_عاوز اقولك انى انبهرت مش باين عليه انه غبى زى م كنت متوقع !!
_قصدك ايه ي سفيان ؟
احتدت نوارة بمرح .. فضحك سفيان قبل أن يجد الطفل يُختطف من بين يديه بواسطة فيروز التى اوسعته تقبيلاً و ضحكاً !!
_حبيب خالتو والله .
قالتها فيروز ضاحكة وهى تلاحظ تململ الطفل من كثرة تقبيلها له ..!!
استمرت فى ضحكها وهى ترفع وجهها نحو نوراة تنوى قول شئ يخص عدم أخبارهم عن الحمل .. ففهمها سفيان ببديهية .. ثم قام بالتغيطة على الحديث بشكل مرح .. فانتبهت فيروز وهى تنظر له .. فبادلها سفيان النظر بابتسامة .. مفادها .. أن لا يهم ذكر هذا الآن !!

فأومأت بشكل غير ملحوظ .. قبل أن تندمج فى الحديث معهم مرة أخرى !!
======
ارتمت فوق السرير فى غرفة سفيان القديمة وهى تقول بتعب :
_مش قادرة .. هموت و انام !
ارتمى سفيان جوارها وهو يقول :
_تصدقى انا مش جايلى نوم .
_عشان انت زومبى !
قالتها فجأة ضاحكة .. فابتسم سفيان وهو يقول لها فجأة بخفوت :
_تعرفى يا فيروز انا حياتى كانت عاملة ازاى ؟
نظرت له باهتمام تنتظر تفسيراً .. فاجابها بنفس النبرة :
_كانت عاملة شبه الربيع لما بيجى بعد الشتا .. بيبدل السقعة و البرد لجو حلو و دافى .. بس ف حياتى كل ربيع كان بيجى .. كنت بحس انه جى من غير اهم حاجة بتميزه .
عقدت حاجبيها بتساؤل ، فهمس مجدداً :
_الورد .. اهم حاجة بتميزه الورد ...زى الشمس فى الصيف .. المطر ف الشتا ..ورق الشجر ف الخريف .. هو الورد إللى بيميز الربيع .. لكن انا حياتى بقى .. كانت من غير ورد !!

صمتت للحظة ثم اردف :
_لحد م انتى بقيتى وردتى !!

ابتسمت وهى تنظر لسقف الغرفة بشرود ثم قالت مازحة :
_الله عليك يا سفيان .. شاعر يابنى والله .
_البركة فيكى !!
قالها ضاحكاً .. فضحكت بدورها .. قبل أن يردف أخيراً وهو ينظر بعمق عينيها :
_يا صحبتى !!!
=====
وفى النهاية ستتزوجين "صديقك المقرب" ، ذاك الذى تضجرين رأسه بالحديث عن حبيبك و قلة اهتمامه .. ذاك الذى تكونين معه على سجيتكِ تماماً ..ذاك الصديق الذى يخبرك أن صوتك بشع .. يلقى بك فى البحر و يضحك حتى يسقط أرضاً .. ذاك الذى تبكين أمامه بألم و دون خجل ، فيضطر هو لمسح دموعك ..ذاك الذى تجهدين نفسك فى البحث عنx حبيبة له ..ذاك الذى تخبرينه انه رائع و تشتمينه دون مقدمات ..فأحتفظى بصديقك المقرب إلى أن يحين موعد الزواج ..!!"

انهت فيروز كتابة آخر شئ هى تشعر به فى دفتر مذكراتها الذى غيرت صورة غلافه بالكامل .. فبدلاً من أن يحوى صور رائد .. حمل صور سفيان على نفس الترتيب .. صور "صديقها المقرب" ..!!
=====
ربما ليست النهاية سعيدة .. و ربما كانت كذلك ..!!
"ربما" هذه لا تجزم بشئ !!
لكن ما الذى انا موقنة منه .. هو انا السعادة ليس لها "مفتاح" ، فبابها "مفتوح" دائماً لمن أراد الدخول !!
=====
xxxxxxxxxxxxx *تمت بحمد الله*
xxxxxx



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 06-02-21 الساعة 04:41 PM
Ďonia Mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-21, 03:46 PM   #17

funy19

? العضوٌ??? » 36652
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,009
?  نُقآطِيْ » funy19 is on a distinguished road
افتراضي

Thaaaaaaaaaaaaaaaanks

funy19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-02-21, 11:21 AM   #18

sam2001
 
الصورة الرمزية sam2001

? العضوٌ??? » 165263
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » sam2001 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

sam2001 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-02-21, 01:52 PM   #19

ندى البنفسج
 
الصورة الرمزية ندى البنفسج

? العضوٌ??? » 484811
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 230
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Canada
?  نُقآطِيْ » ندى البنفسج is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ندى البنفسج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 09:36 PM   #20

tia azar

? العضوٌ??? » 354006
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,794
?  نُقآطِيْ » tia azar is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

tia azar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:21 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.