آخر 10 مشاركات
476 - درب الجمر - تريش موراي ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          على فكرة (مميزة) (الكاتـب : Kingi - )           »          ♥️♥️نبضات فكر ♥️♥️ (الكاتـب : لبنى البلسان - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          اتركي الماضي ميتاً- نوفيلا زائرة -لفاتنة الرومانسية :عبير محمدقائد *مكتملة& الروابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          سحر جزيرة القمر(96)لـ:مايا بانكس(الجزء الأول من سلسلة الحمل والشغف)كاملة إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] للــعشــق أســرار، للكاتــبة : فـاطيــما (مصرية)(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          رسائل بريديه .. الى شخص ما ...! * مميزة * (الكاتـب : كاسر التيم - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-11-20, 12:31 PM   #1

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي ربيع بلا وردات - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::دنيا محمد*مكتملة*





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته








كتابة وتأليف::دنيا محمد
تدقيق ومراجعة لغوية::دنيا محمد
تصميم الغلاف والفواصل::هدى خورشيد
اشراف الرواية::أم زياد



الفصل الاول
الفصل الثاني
الفصل الثالث

الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس والأخير


بعد الانتهاء من تنزيل النوفيلا بأمر الله






ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 06-02-21 الساعة 04:46 PM
noor1984 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 11:05 PM   #2

Ďonia Mohamed

? العضوٌ??? » 447817
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » Ďonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم..
إليكم أولى فصول نوفيلا "ربيع بلا وردات"
أتمنى تنال استحسانكم ورضاكم..
وشكر كبير للغالية "أم زياد" على إشرافها الكلى على النوفيلا وموأزرتها لحد نزول الفصول..
دمتن بود!
====

"لا قيمة لاعترافك بالخطأ .. ما لم تبذل جهداً لتصحيحه .."

انهت كتابة كلماتها فى مفكرتها الحبيبة .. قبل أن تغلقها، فيظهر أمامها غلافها الوردى شبيه "أحلامها الموئودة" تحت أنقاض أمنيات لم تتحقق .. ولن تتحقق !!
غلافها الذى صنعته قبل عودته، والذى يحوى كل صورة اختلستها له، فيذكرها بأنها طوال عمرها لم تكن سوى "مُختلسة" .. تختلس حبه .. تختلس سعادتها .. تختلس كل حق لها .. دون أن تجد طاقة لتواجه وتأخذ حقها وجهاً لوجه ..!!

كانت تظن أنها بمجرد ما أن تعيش وحدها، مستقلة عنهم سيتجدد شعور القهر بداخلها بعد كل ما علمته وبعد خداعهم لها طوال هذه السنوات .. لكن الواقع يقول العكس .. يقول: إن الشعور يتزايد ويتزايد حتى تشعب داخلها، مبتلعاً قلبها فى دوامة سوداء !

أغمضت عينيها على صورة الغلاف التى اختزنتها داخلها.. صورة مجمعة تحوى كل صوره طوال مراحل حياته..
واحدة وهو طفلاً صغيراً بملامح آسرة .. ثم واحدة وهو أكبر قليلاً؛ تقريباً فى سن الروضة .. وأخرى وهو بالمدرسة .. وأخرى بزى الثانوية .. وأخرى يوم سفره؛ ليكمل تعليمه خارجاً .. يوم لم تره بعدها إلا بعد مرور سنوات .. وليتها ما رأته .. بل ليته ما عاد!!!
كانت ستظل تحيا الوهم الذى رسمته لنفسها وسط عائلة ليست لها .. لكنها كانت تعيش .. على أقل تقدير!!

تأففت صاحبة العينين السمراوتين وهى تلقى بالمفكرة جانباً ثم تستقيم واقفة وتخرج إلى الشرفة، نحو الهواء الطلق الذى يداعب بشرتها المائلة إلى السمرة قليلاً .. وشعرها شبه المجعد .. والذى دائماً ما كان مثار سخرية من الجميع !!
قبيحة؟؟
لا .. أبداً ومن يقدر على نعتها بهذا؟
فهى ورغم كل شئ .. جميلة .. بل جميلة جداً فى الواقع .. على الأقل فى نظر نفسها .. أو فى نظره هو !!
وعلى ذكر هو .. هلّ على ذاكرتها حديث قديم له!
حين بدأت تشب عن الطوق وتبدأ الأنوثة فى رسم خرائطها على جسدها وروحها !!

(( رآها واقفة أمام مرآتها تنظر لنفسها بعين غير راضية .. حينها ضحك بخفوت وهو يتقدم منها ممسكاً بحجابها ويرفعه نحو شعرها ليغطيه مع قوله شديد الخفوت والأسر :
_حلوة يا "فيروز".. حلوة جداً كمان .. بس لو تسمعى الكلام ومعدتيش تشيلى حجابك من دون سبب وفى اى مكان .

يومها التفتت له عاقدة ذراعيها أمام صدرها وهى تقول باستفزاز طفولى :
_لتكون وصى عليا وانا معرفش ياسى "رائد"!!
أيضاً جاوبها بضحكته الأسرة وهو يقول :
_والله تبقى كدابة لو تنكرى كده .
لم تستطع كبح الابتسامة التى ارتسمت على شفتيها قبل قولها :
_طيب يا سيدى شكرا كفاية .))

أغمضت عينيها على صورته ذاك اليوم .. تقريباً كانت تلك آخر مرة رأته يضحك لها فيها!
آخر مرة أزهر فيها "ربيعها" .. قبل أن تذبل "ورداته" .. ليصبح بعدها "ربيع بلا وردات"!!
=====
قبل عشر سنوات !

_فيروز .. اوعى تنامى يا ماما .
قالتها والدة فيروز وهم جميعاً فى السيارة عائدين الى بيتهم بعد يوم لعب طويل فى مدينة الملاهى .. لتجيبها فيروز بنعاس :
_حاضر يا ماما .

كانت وقتها فى السادسة عشرة من عمرها، وأختها "نوارة" التى تغط فى نوم عميق جوارها الآن .. فى الثانية عشرة!
ضحكات أبيها العالية تخللت الشباك العنكبوتية الملتفة حول عقلها .. فابتسمت بخفوت قبل أن تروح فى سبات عميق بعد يوم لعب طويل!

يومها .. خرج أباها -رجل الأعمال المعروف ذو السيط الذائع- من السيارة وهو يحمل نوارة بين يديه .. ليدخلا إلى البيت مع والدتها .. تاركاً فيروز خلفه حتى يدلف بنوارة ويعود لها ليحملها ....
لكنه لم يخرج .. لا هو ولا أمها ولا نوارة حتى!!

فبينما هى غافية فى سباتها فى السيارة .. تحول البيت إلى كتلة لهيب ونيران كانت تتراقص حتى عنان السماء ..بسبب أنبوب الغاز .. ومن ثم أحالت البيت بأكمله إلى كتلة من رماد .. وبداخله أبيها و أمها وأختها الوحيدة !

تَذْكُر فيروز أنها لم تكن تعى شيئاً ولم ترى شيئاً من كل هذا .. بل هى كانت نائمة فى السيارة .. وكل تلك التفاصيل روتها لها خالتها -والدة رائد- بتريث .... بعدما أفاقت فى المشفى بعد الحادث بعدة أيام!

ولماذا فى المشفى وهى لم يطالها أذى؟
فقد روت لها خالتها أيضاً .. أنها تلقت ضربة برأسها أفقدتها وعيها لعدة أيام!
حيث اصطدم رأسها بباب السيارة وهى تحاول القيام والخروج منها بلهفة بعد ما رأت منظر النيران العظيم!!
......
ذاك اليوم فى المشفى ...
بعد أن فاقت وخرجت خالتها من الغرفة وبعد أن روت لها ما حدث معها ومع أهلها .. كانت هى غارقة فى دموعها مع كم المعلومات التى لم تستوعبها!

يخبرونها أنها فقدت كل عائلتها دفعة واحدة ... وهى التى لم تعرف معنٍ للفقد قبل ذلك قط!
يخبروها أنها صارت وحيدة .. وهى التى لم تعتد إلا النوم بين ذراعى أختها الحنونتين .. أى جحيم يزجون بها فيه .. أى جحيم ؟؟

افاقت على صوت الباب الذى يُفتح .. ودلف منه رائد صاحب الثمانية عشر عاماً حينها..
جلس جوارها على طرف الفراش يراقب الدموع التى تسقط من عينيها .. دون أن ينبث ببنت شفه، وبملامح رخامية جامدة .. إلى أن قال بعد فترة طويلة بصوت شديد الجمود :
_بطلى عياط .
هزت رأسها نفياً وهى لا تدرى ماذا تقول .. لترفع يدها بعدها إلى وجهها تمسح دموعها المتساقطة ببطء .. وتحاول التوقف .. الى أنها لم تقدر .. حينها ربت رائد على كفها بلطف وكأنه يواسيها .. ويقول بنفس النبرة :
_يلا جهزى نفسك .. عشان هتخرجى من المستشفى .
.......
وبعدها انتقلت للعيش فى بيت خالتها .. مع أولادها "سفيان" ورائد!
سفيان الذى كان يبلغ حينها ستة عشر عاماً .. كان شديد التأثر بالحادث .. بل إنه ظل أكثر من شهرين بعدها لا يتحدث!
يوم الحادثة صمم على التواجد فى المكان .. لكنه لم يقوَ على رؤية الجثث المتفحمة .. وخاصة جثة "نوارة" الصغيرة .. والتى كان يعتبرها هى صديقته الوحيدة .. منذ صغرهم وكلٌ منهم يجد راحته لدى صاحبه .. كانوا أشد من صديقين حتى .. كانت طفلة رائعة .. لهذا كان شديد التعلق بها .. لذا من بعد رؤية جثتها يوم الحادث .. كان وكأنه أحدٌ اجتث روحه من جذورها .. فتركها بلا قرار!!
لكنه من بعد أن افاق من صدمته كانت فيروز هى مصب اهتمامه !!

ورائد الذى كان غامضاً بشدة بالنسبة لها رغم حداثة سنه .. لا يفصح عن مكنونه لاى أحد ..كان شديد الانطواء على نفسه!
لكنه معها هى .. كان يتبدل ثلاثمائة وستون درجة .. كان حنوناً، مراعياً، بل كان هو الوحيد الذى ينسيها فجيعتها!
بينما كانت خالتها وزوجها فى حالة يرثى لها حيث كان هو عمها وزوجته خالتها!
كانوا عائلة واحدة .. فلم يكن لها مكان تلجأ له سوى هم بطبيعة الحال!!!
........
بعدها بثلاث سنوات..
كانوا قد بدأوا يشبون عن الطوق قليلاً !
وكانت علاقتها برائد تشتد وطأً فى كل لحظة عن سابقتها .. وإن كان هو على صمته المبهم بالنسبة لها!
صحيح أنه لم يصرح لها بأى شئ .. إلا أنها كانت تقرأها فى عينيه .. فى أفعاله .. فى حنانه .. فى تفهمه .. فى كل حركة تصدر عنه.
ألا أن الفرحة لا تستمر.
والسعادة لا تفتئ تفتح بابها حتى تغلقه فى وجهنا ما أن نقترب!
وقفل بابها هذه المرة .. كان ممثلاً فى جدتها وعمها. حيث اقترحوا على رائد أن يسافر ليكمل تعليمه بالخارج رغم أنه بالفعل قد أتم عامين هنا فى كليته .. لكنهم فضلوا أن يسافر!
لماذا؟؟
هى لا تملك جواباً .. فجدتها شديدة التحفظ فى هذه الأمور .. كما أنها ترفض خلطتها برائد وبسفيان تماماً!
لكنها ورغم كل شئ .. توطدت علاقتها بسفيان.. لأسباب لا يعلمها كلاهما!!
ربما لأنها حاجة فى نفس يعقوب!
أو ربما .. لأن كلٌ منهم قد وجد شئ ضائع منه فى صاحبه!
لا أحد يعلم .. كل ما هى موقنة منه هو طبع جدتها شديد التحفظ .. بل يميل إلى القسوة أحياناً!
وذاك ما يخيفها من أيامها القادمة!!
=====
بعد انقضاء العشر سنوات..

وكأنى من حقى احضنك..
وسط الشوارع..
وكأنى لما اقول بحبك كل واحد يبقى سامع..
أصرخ فى كتفك ينفرد شالك..
وأشد طرفِك أقع..
والبرد يبقالى هنيالك..
انا البكا حالى وانتى الغنا حالك..
هنيالك..

نائماً فوق سرير غرفته .. مستنداً برأسه فوق ذراعه.. ينظر لسقف الغرفة بعقلٍ شارد!
غير عابئاً حتى باللحن الذى قام بتشغيله قبل أن تبتلعه الذكريات فى بئرها السحيقة!

مقتطفات من ماضيه الغريب تمر على عينيه كالطيفx
.. فيشعر بوخز قلبه شديد الأثر!

بيتٌ مُحترق..
جثة طفلة..
نيران متطايرة..
صوت سيارة الاسعاف شديد الإزعاج..
جثة طفلة..
صراخ..
بكاء..
جثة طفلة..

اجفل بشدة وهو يسحب عقله قسراً بعيداً عن جحيم ذكرياته .. بعدما كان ينظر للسقف بملامح قُدت من حجر!
مرت عشر سنوات .. عشر سنوات ومازال الأثر كما هو .. عشر سنوات ومازال جلد سياط الحزن حارقاً وكأنه داء ليس له دواء!
عشر سنوات كان يستطيع فيها تناسى كل شئ ويمضى قدماً فى حياته!
ألا إنه لم يفعل .. فظل مكبلاً بأغلال الماضى وشعوره الغريب داخله يتزايد كل يوم عن سابقه!
بأن "الذكريات ستعود" لتكون واقعاً ملموساً!

الصبر عِله جروح مجروح على عنادك..
انا البكا حالى وانتى الغنا حالك..
هنيالك..
الصوت مقطع وغايم..
منبوح اوى قصادك..
والحب عندك غنايم..
مهزوم وفى بعادك..
الصبر عِله جروح مجروح على عنادك..
انا البكا حالى وانتى الغنا حالك..
هنيالك..

_هنيالك ... روحتى مكان ما روحتى، وسبتينا احنا للى احنا فيه .
همس بها بخفوت شديد .. وهو يتنهد بعمق ويعتدل فى جلسته .. قبل أن ينتفض على الثورة التى اقتحمت غرفته دون إذن .. وما كانت سوى فيروز الذى هتفت بفرحة :
_جه يا "سفيان" .. رائد جه!!

ضحك سفيان وهو يضرب كفاً فوق الآخر وهو يقول :
_طب انتى جيالى انا ليه يا فيروز .. انزلى استقبليه هو إللى كان مسافر مش انا .

تنحنحت بحرج وهى تدلف للداخل ثم جلست جواره على طرف الفراش، مطرقة برأسها وهى تقول بابتسامة خجولة :
_تعالى انزل معايا .
_فيروز !
نطق بها بدهشة وهو يضحك .. فزمت فيروز شفتيها وهى تضربه فى كتفه بقبضتها!
مسد سفيان جانب كتفه الملكوم ووتيرة ضحكه تتزايد!
لا يتجرأ أحد على التطاول عليه بتلك الطريقة سواها.. لا أحد اصلاً يتحدث معه بتلك الحرية سواها هى!
الجميع يدعوه ب "المقعد" .. وحدها فيروز من استطاعت لمس هذا الجانب فيه!
منذ "الحادثة" .. وهو قليل التواصل مع عائلته .. بل مع البشر جميعهم؛ وخاصة بعد سفر رائد للدراسة لم يبقى له سوى فيروز!
هى تلتمس طيف "أخيه" فيه!
وهو يلتمس طيف "أختها" فيها!
غريب !! صحيح؟؟
لكنهم حقاً كذلك .. صديقان يتلمسان ذكريات أحباء قدامى فى أشخاص قريبين منهم!

نظرت له فيروز بتبرم وهى تقول برجاء :
_عشان خاطرى يا سفيان ..انزل معايا انا مش عارفة اتلم على اعصابى من ساعة ما سمعت صوت العربية برا .
_بتحبيه على ايه يا لوزة انا مش عارف؟ ده عامل شبه الفار الطباخ !
سألها سفيان باستهزاء متعمد .. ليثير حفيظتها .. وفعلاً اهدته ضربه اقوى من سابقتها على كتفه وهى تهتف بغيظ :
_كفياك "تنمر" بقى .. لا وانت الشهادة لله شبه عمرو دياب اوى .. جتك نيلة!

تأوه سفيان وهو يضحك .. قائلاً بمسكنة :
_ايدك تقيلة اوى يا بت خالتى .
_عشان تتعلم الأدب يا ابن عمى .
ردت عليه بمرح أثار ضحكة يتيمة لديه .. انقطعت فور نطقها بما قالته بعدها بحزن :
_عيد ميلاد "نوارّة" بكرة .

غامت عيناه بقتامة .. قبل أن تتبدل نبرته؛ لتشبه نظرته وهو يقول :
_عارف .
_وعيد ميلاد "خطيبتك" برضو بكرة .
_برضو عارف .
_طب هتروح لنوارة؟
_ايوه .
_يبقى مش هتروح لخطيبتك .

تنهد سفيان بضيق وهو يرفع وجهه لها قائلاً باستسلام :
_برضو ايوه .
هزت رأسها نفياً وهى تقول له بتحذير :
_"ستى سلوى" لو عرفت مش هيحصل طيب .

اشاح بوجهه فى ضيق وهو يقول :
_مش عارف بقى تعمل إللى هى عاوزاه .. محدش قالها تجبرنى انى اخطب البنت دى وانا اصلا مش عاوزها .. هى عارفة انى مش هكمل معاها وهسبها بس بتكابر وفاكرة الدنيا كلها ماشية على مزاجها .. مفكرانا عيال صغيرين متحكمة هى فى مصيرنا .

زفرت فيروز وهى تربت على كتفه قائلة بحنو :
_متقولش كده .. هى بتحبنا ... وعاوزة تعملنا الصح بس من منظورها هى .

أثارت جملتها حفيظته فالتفت لها وهو يقول بصوت منخفض وعنفٍ مكتوم :
_صح ؟؟ فين الصح فى كده؟ الصح انها خلت رائد يسافر يتعلم برا غصب عنه وضد رغبته .. خلته يبعد عنك السنين دى كلها .. وهى عارفة انكم متعلقين ببعض .. الصح ده إللى خلاها تغصبنى على انى اخطب واحدة انا مش حاببها .. ومش هنستفيد من الحكاية غير اننا نبهدل بنت الناس معانا .. هى عارفة انى مش مُتزن نفسياً من يوم الحادثة .. وبرضو بتنفذ إللى فى دماغها ..هو ده الصح إللى انتى شيفاه .. متكذبيش على نفسك يا فيروز .
ازدردت فيروز ريقها بتوتر وهى تمنع دموعها من السقوط بشق الأنفس!
كلمات سفيان على إيلامها إلا أنها صحيحة تماماً .. ولمست ذاك الوتر الحساس داخلها!
ذاك "الوتر" الذى تخشى هى "العزف" عليه كى لا تثير حفيظة ماضيها، فيثور ب "لحنه الشاذ" على "أغنية حياتها" رتيبة الألحان!!

_فوض امرك إلى الله .. ستك مسير الأيام تغيرها .
نطقت بها بخفوت وهى تستقيم واقفة لتنزل إلى الأسفل .. لكنها ما كادت تتحرك حتى أمسك سفيان يدها يوقفها وهو يقول بأسف :
_متزعليش من كلامى .. انا عارف انك حساسة من حكاية الحادثة .. بس والله انا ما قصدى .
ربتت على يده وهى تقول بابتسامة باهتة ماثلت نبرتها بعدها :
_كلامك مش صح .. عشان انا مش حساسة من ناحية الحادثة .. انا مش فاكرة حاجة اصلا !!

نظر لها بأسف دون رد .. نظرة كانت تحمل الكثير والكثيرx والذى يود قوله .. لكن قوله لن يفيد!
الكثير من الأحاديث يريد أن يرويها لها..
لكن لعل الصمت أسلم!!
لولا أنه مطمئن علي مستقبلها لما تأخر لحظة واحدة فى إخبارها بكل ما لا تعرفه .. لكنه مطمئن عليها رغم كل شئ!!
وهى سيأتي عليها يوم لتعرف، لن يران الجهل عليها أكثر، فقط هى مجرد مناسبة يخشى عليها من اقترابها!

طبع جدته .. يخبره أنها لو كانت تنتبه لعلاقته الوثيقة بفيروز لكانت أجبرته على زواجه منها .. لكنها لم تفعل .. بل طلبت منه أن يخطب فتاة أخرى .. بنت أحد كبار رجال الأعمال .. لذا لم يعد فى الصورة سوى رائد .. وهو من تريده فيروز .. ومن يرتضيه هو زوج لها .. لذا هو مطمئن!
ولا تسألوا لماذا ينحصر الخيار بين رائد وسفيان فقط!
فهو نفسه لا يدرى إجابة .. أو لا يملك الشجاعة لها!
ربت سفيان على يدها أخيراً ثم قال بلطف :
_استنى هنزل معاكى .
وصمت على هذا.. موقناُ فعلاً أن الصمت أسلم!
====

"لن يلتقى ساكنان .. على أحدهما التحرك .. وأنا قد اتخذت قرارى ب"العدو" نحوك أميالاً .. فهل "مشيت" أنت نحوى خطوة ؟؟!"
"يمنى"
====
هبط سفيان مع فيروز الدرج جنباً إلى جنب .. عيونهم فوق هؤلاء الذين يتبادلون البسمات والضحكات .. والفرحة بعودة رائد!
رائد الذى انصاع لرغبة جدته وأكمل تعليمه بالخارج.. ليمكث بعدها فترة لا بأس بها هناك .. لا لشئ سوى لرغبته بعدم العودة!
ولماذا لا يريد العودة .. ببساطة لأنه يعلم عواقب عودته والتى ستكون بمثابة رياح عتية غريبة النشأة على ربيع روحه الرتيب!
ومع ذلك تأبى الرياح إلا أن تجرى بما لا تشتهيه سفننا!

ظهرت فيروز أعلى الدرج جوار سفيان مما استدعى نظرة لامبالية من رائد الذى كان يجلس الآن جوار جدته وأمه !
نظرة اشتعلت لأول وهلة قبل أن تخبو بحرافية وهو يجيد رسم تعبيراته التى أصابت قلبها.
فبقيت على خطواتها المتباطئة على الدرج .. إلى أن توقفت تماماً فى منتصفه .. بينما أكمل سفيان طريقه نحو اخيه الذى اشتاقه!
فاستقام -صاحب العينين الفاتحتين والملامح الوسيمة التى لا تخلو من جدية- واقفاً وهو يستقبل سفيان محتضناً إياه .. وهو يهمس جوار أذنه :
_وحشتنى اوى .. يمكن اكتر حد وحشنى فى العيلة دى .
ربت سفيان على ظهره ثم قال بنبرة لا تخلو من عتاب :
_والله انت اكتر .. بس محدش قالك اقعد كل ده فى الغربة وانت عارف اننا مستنينك .
ابتعد رائد عنه ناظراً له بابتسامة ثم قال :
_عامل ايه يا سفيان .
_الحمدلله .. اهى الحياة ماشية .

نظر له رائد نظرة فطِنة .. سبر بها أغواره قبل أن يربت على كتفه بحزم حانى .. ليجلسوا متجاورين بعدها وينشغلوا وسط دفء العائلة التى أحاطهم!
غافلون عن تلك التى رمقها رائد بنظرة أخيرة مُختلسة لم يلاحظها أحد ولا حتى هى!
قدماها اللتان كانتا تسابقان الرياح لتتخطى تلك الخطوات البسيطة التى تفصل بينها وبينه .. صعدت نفس تلك الدرجات ولكن عكسياً هذه المرة!
تصعد نحو الأعلى دون أن تستدير بل عينيها معلقتين بالمشهد أمامها .. وخاصة لرائد الذى حتى لم ينظر إليها نظرة واحدة -على حد قولها-!
تاركة تلك العائلة التى هى ليست منهم!
اخيراً استدارات لتصعد .. مهرولة فوق درجات السلم.. تناشد غرفتها الآمنة لتنجدها من كل هذا الذى تحياه!
وبالطبع .. تلك الحرب الصامتة لم تخفى عن عينى جدتهم التى كانت تقبع فوق كرسيها المتحرك الان .. وعينيها فوق الجميع .. لا تترك فيهم ثغرة سوى واقتحمتها!
كل نظرة مختلسة .. كل عتاب .. كل شئ لاحظته بعقلها الفطِن .. قبل أن ينتهى كل هذا بصعود فيروز الدرج!!
هنا أغمض رائد عينيه بشدة .. كمن يقاوم حملاً جاثماً فوق صدره .. ومن ثم...
فتحهم لينخرط مع الجميع وكأن شيئاً لم يكن!!
=====
_تعالى يا حبيبى .
صدرت عن والدة رائد بترحاب شديد وهى تمسك بيده ليدخل معها غرفتها .. ومن ثم جلسوا فوق طرف الفراش .. لتمسك هى بكفيه وهىx تتطلع لملامحه باشتياق جارف .. لتقول بعدها بصوت مختنق بكاءً :
_وحشتنى اوى يا رائد .. وحشتنا كلنا يا حبيبى .. كنت عامل ايه طول السنين دى بعيد عننا .
قبل رائد كفيها وهو يقول مبتسماً :
_والله يا امىx ما كنت عاوز ابعد .. بس دى كانت رغبة بابا وستى .. مكنش ينفع اقول لا .. وانتى والله وحشتينى جداً .
ربتت على كتفه بحنو .. وهى تقر عينيها برؤيته أخيراً سالماً، معافَ .. ثم قالت بعد لحظات :
_قولى بقى كنت بتعمل ايه طول السنين دى وكانت حياتك عاملة ازاى ادينى جبتك بعيد عنهم اهو .

ضحك رائد بخفوت وهو يعاود تقبيل يديها .. قبل أن يبدأ فى سرد ما كان يحدث معه كله .. بتفاصيل تارة مضحكة وتارة مؤلمة لقلبها كأم وهى تستشعر فيها وحدته وشجنه .. إلى أن انتهى تماماً وهو ينظر لها ضاحكاً بخفوت :
_بس يا ستى كده ده كان ملخص حياتى هناك .

جذبته لأحضانها وهى تربت على ظهره برفق .. قبل أن تهمس أخيراً بعد فترة بحذر :
_طب وفيروز ؟
عقد رائد حاجبيه .. قبل أن يعتدل وهو ينظر لها قائلا باقتضاب :
_مالها؟
_لاحظت انك تجاهلتها ساعة ما جيت .. على حد علمى انك كنت بتميل ليها وانتوا صغيرين عن كده .. ولا الغربة غيرتك .
زم شفتيه وهو ينظر أمامه دون رد .. ثم أخيراً نقل عينيه إليها وهو يقول بنبرة قاطعة :
_امى ..الكلام فى الموضوع ده انتهى من زمان .. ولو سمحتى .. ارجوكى بلاش نجيب سيرته نهائي .
قال كلماته القاطعة وهو ينهض متمتماً ببضع كلمات عن كونه يحتاج للراحة بعد السفر .. ليذهب بعدها نحو غرفته غير عابئاً لنظرات أمه اللائمة والتى شيعته بها حتى توارى عن ناظريها!
====
دقائق تمضى وراء دقائق وهى مازالت كما هى فوق سطح المنزل على تلك الأرجوحة التى بناها هو يوماً .. لم تجد سلواها عن تجاهله سوى فى مكانه هو!
إن كان "صاحب الذكرى" قد زهد فيها، ف"الذكرى" ليست بزاهدة!
لم تتوقع أن يكون رد فعله بعد كل هذه السنوات فى الغربة هكذا!
هو حتى لم يسألها عن حالها!
أكان اهتمامه كل هذه السنوات الفائتة أدعاءً؟؟

_سرحانة ف ايه ي لوزة؟
قالها سفيان وهو يجلس جوارها على الأرجوحة، مُخرجاً إياها من شرودها .. فابتسمت بتكلف وهى تنظر له قائلة :
_لوزة طول عمرها وهى سرحانة .. مش حاجة جديدة .
_بس كده مينفعش يا لوزة .. مفيش حد يستاهل انك تسرحى فيه باستثنائي انا طبعا .
قالها بتفاخر مفتعل، فضحكت عالياً وهى تنظر له نظرة ممتنة .. بادلها هو بأخرى مشاكسة بحاجبين متراقصين مع قوله :
_ولا تزعلى يا لوزة ... مش بيقولك راح قرد يجى غزال .
هنا تعالت ضحكتها أكثر .. وعقلها يرسم لها رائد بصورة قرد .. مجرد الفكرة فقط فجرت داخلها طاقة ضحك كبرى تعالت بجنون أمام عينى سفيان المتعجبتين!

_براحة على نفسك يا فيروز فيه ايه؟
_مش قادرة مش قادرة .
قالتها بصعوبة وسط ضحكاتها .. والتى ظلت فترة طويلة إلى أن هدأت شيئاً فشيئاً .. فهز سفيان رأسه بقلة حيلة مع ابتسامة .. تلاشت فور سماعه شهقة بكائها جواره .. فنظر لها بهلع وهو يقول بقلق :
_فيروز .. مالك يا فيروز .
هزت رأسها نفياً دون معنى وهى تتمتم ببضع كلمات غير مفهومة .. فرفع سفيان يديه بتوتر وهو يضم كتفيها إليه هامساً :
_خلاص يا فيروز .. متزعليش .. اكيد مش قاصد .
_قاصد يا سفيان .. قاصد .. عشان هو معدش بيحبنى .. اكيد مش هيفضل مخلص طول السنين دى .
_يا فيروز هو لسه نازل اكيد مُرهق من السفر .. بكرة تتكلموا وترجعوا زى الاول .. بس لازم حد منكم يتحرك .. مش هتتلاقوا غير لما حد منكم يتحرك .
اومأت بصمت وهى تحاول كبح دموعها بصعوبة .. تحاول الإيمان بكلمات سفيان تلك .. علها تدخل بعض السكينة على قلبها الملتاع!!

كل هذا تحت نظرات رائد الذى كان خارجاً من غرفة أمه ليتناهى إلى مسامعه صوت الضحكات الصاخبة من الأعلى!
فأخذت قدماه تصعد خطوة خطوة فوق الدرج نحو سطح المنزل .. ومع كل خطوة كان صوت الضحكات يتضح أكثر!
حتى وقف أمام باب السطح ينظر إلى ظهرهم المواجه له .. وضحكاتهم ترن بأذنيه كنصال جارحة والتى سرعان ما استحالت إلى بكاء وما دار بعدها!
وقتها .. اشتدت شفتيه كخطاً واحداً بما يدل على غضبه .. قبل أن يجبر قدميه على التحرك بعيداً .. كى لا يفعل شيئاً لا يحمد عقباه الآن!
=====
فى اليوم التالى...
كان يوافق عيد ميلاد نوارة الراحلة!
وكان اليوم الذى يذهب فيه سفيان ليقضى يومه هناك .. فى المقابر لفترة .. ثم يتنقل بين دور الرعاية والأيتام بقية يومه!

كان يهبط الدرج نحو الباب الخارجى .. حين استوقفه نداء جدته من خلفه :
_رايح فين يا سفيان؟ رايح لخطيبتك؟

الصوت الحازم بطبيعته استوقفه .. فوقف مكانه، مولياً لها ظهره، مغمضاً عينيه بقوة!
لا يريد أى جدالاتٍ عقمية الآن .. كفاه ماهو مُقدم عليه!

التفت لها ببطء ثم تصنع ابتسامة جليدية وهو يقول بهدوء :
_نعم يا تيتا ...ايوه رايح لخطيبتى .

ابتسمت برضا وهى تتطلع له بنظرة ثاقبة ثم قالت :
_طيب .. روح .. ربنا يسهلك الحال .

اومأ دون تعبير وهو يستدير عنها، منطلقاً نحو وجهته .. وهو يحمد الله سراً داخله انها لم تُطل فى الحديث عن أى أمر .. فهو الآن كالكأس الممتلئ تماماً .. لا قدرة لديه على احتمال لى كميات أخرى وإلاx.. فاض وانسكب!
=====
استيقظ رائد من نومه الطويل على ضوء الشمس الذى تخلل الغرفة .. الوقت الآن تخطى الظهيرة بساعات بينما هو مازال نائماً!
عقله الذى لم يرحمه تفكيراً طوال ساعات الليل لم يهدأ الا بعد شروق الشمس!
عقله هذا الذى سيودى به يوماً ما .. وهو يعلم ذلك .. لكنه غير نادم على اختياراته .. ويعلم أيضاً عواقب اختياراته وهو مستعد لتحملها .. حتى لو وقف فى وجه جدته!!

السر الذى يعرفه وحده لن يُشرك أحداً فيه .. سوى أبيه فقط هو الذى يعلم .. لكن الحمل الأكبر فوق كاهله هو .. وهو لن يتوانى عن فك شفراته التى تؤرق مضجعه!
كما أن الحديث الذى ينوى أن يلقيه على مسامع جدته يؤرقه بشدة .. ويخاف عواقبه أيضاً!
لذلك هو يتجاهل فيروز هذه الأحيان حتى ينهى حديثه مع جدته!
ولكن كل هذا لن يدور إلا بعد أن ينهى الحفل الذى ينوى أبيه إقامته الليلة بمناسبة عودته من الخارج .. ويود أيضاً من خلاله نشر اسم رائد فى الوسط حتى يستطيع أن يدير شركته بنفسه!
ومن يعلم ربما يُحدث الله بعد ذلك أمراً!!
=====
وقف سفيان برهبة أمام القبر الذى يحوى داخله منذ سنوات جسداً كان لطفلة باهرة الجمال!!
طفلة لم تكن كأى طفلة!
ذكائها الذى كان يسبق سنها .. ولسانها الفصيح المنطلق كانا يجعلان منها شيئاً لا يمكن تكراره .. شئ يقع الجميع فى حبه!
وهو لم يكن استثناء!!

اقترب سفيان بقدميه نحو القبر أكثر ثم مد يده يتلمس "الشاهد" ببطء .. وأصابعه تتلكأ فوق حروف اسمها المنقوشة عليه برهبة!
هو لم يخف يوماً الموت فى حياته .. لكنه ربما يمقته!!
ويمقت أيضاً أى شكل للنار!!
لم يكن يوماً مُعترضاً على إرادة الله .. ويوقن تماماً أن ذاك ما هو إلا قضاء وقدر!
لكن منظر البيت المحترق وبقايا النيران تتطاير من قمته .. وصورة جثة الطفلة .. لا يُبارح مخيلته!
هو لم يتعلق بها حباً كما الجميع اعتقد!
لا .. هو فقط .. استكثر طفلة -بكل هذه الصفات- على الموت!

استغفر ربه جهراً .. وهو يحنى رأسه قليلاً مع قوله :
_استغفر الله .. متعظمش على إللى خالقها .

وبعدها ظل فترة طويلة ماكثاً أمام القبر .. يراقبه وكأنما يراها من خلاله!
قبل أن يفيق بعد فترة وهو ينظر للقبر مرة أخيرة.. قبل أن يرحل .. نحو وجهته التالية!
====
طوال طريقه ورنين هاتفه لم يتوقف!!
تلك المدعوة خطيبته تلح عليه منذ أول النهار لكى يأتى ويحضر حفل يوم مولدها .. لكنه ليس معها!
عقله لا يريد!
وهو لم يفعل شيئاً لا يريده يوماً ولن يفعل!
ستغضب جدته.
وإن يكن .. هو ليس مهتماً على كل حال!

توقف بسيارته أخيراً .. أمام دار للأيتام، اعتاد ارتيادها كل يوم مثل هذا!
يقضى يومه كله وسط الأطفال هنا .. ممن هم بمثل عمرها .. أو يختلفون!
هنا يجد بعضاً من سكينته المفقودة وسط صخب عالمه، غير المُحتمل !

دلف للداخل .. ثم بدأ بتجميع الأطفال فى حديقة الدار .. ليجلب بعدها -بمساعدة أحد العاملين- الهدايا التى أحضرها لهم من السيارة ..
فيبدأ بتفريقها .. ثم مشاكسة الأطفال .. حتى يتعالى صوتهم بصخب وهو معهم وكأنه يعود لأيام طفولته مرة أخرى!
وأثناء صخب الاطفال .. أتى طفلٌ من خلفه متعلقاً بعنقه وهو يشكره بحرارة شديدة .. مما جعل توازن سفيان يختل ويسقط معه أرضاً، ضاحكين بشدة!
لكن فى حين كان يحاول الاعتدال وهو يدغدغ الطفل بين يديه .. رأى من بعيد طفلة جميلة .. تقف بعيداً عن الجمع بكثير .. تنظر لهم بعينين حزينتين والهواء يتلاعب بخصلاتها الطويلة البنية .. فترفع يدها لتزيحهم بعفوية ثم تتابع مراقبتهم مرة أخرى!
استولت على كل انتباهه .. فضحك للطفل ضحكة أخيرة .. قبل أن يستقيم واقفاً متجهاً نحوها .. حتى وصل أمامها .. فجثى على ركبته أرضاً وهو يحيط وجهها بكفيه قائلاً :
_الجميل زعلان ليه؟ ليه مجتيش تاخدى هدايا مع اخواتك .
هزت رأسها نفياً دون معنى .. فعقد حاجبيه وهو يستقيم ليسحبها خلفه ويتجه نحو علب الهدايا .. لكنه ما كاد يفعل حتى افلتت يدها منه وفرت هاربة بعيداً عنه!!
عقد حاجبيه وهو ينظر فى أثرها بوجوم!
تشبهها .. بل هى بكل تفاصيلها المتمردة .. وشعرها الذى كانت ترفض إلا أن تتركه طليقاً للهواء .. عينيها الفاتحتين اللتان كانتا يخالفانها فى كل الأوصاف الآن .. عدا تلك الشعلة التى يراها تلتمع فى حدقتيها!

هز رأسه وكأنما ينقى أفكاره .. ثم استدار ليكمل لعب مع بقية الأطفال .. ولكن رنين هاتفه -الذى لم ينقطع- قاطعه مرة فمد يده لجيب بنطاله يستخرجه ليطالعه اسم خطيبته مرة أخرى!
حينها أخذ نفساً عميقاً ... ثم فتح الخط .. وبعد مكالمة رسمية بحتة، قرر تفجير قنبلته :
_بعتذرلك عن كل شئ .. بس احنا مش هينفع نكمل مع بعض!
====
عاد إلى البيت مع حلول المساء منتظراً معركته الحادة مع جدته بعدما فعله منذ قليل .. لكنه وجد المنزل يعج بالمدعوين .. والأجواء الاحتفالية تملأ المكان بصخبها!
استنتج بعض الأمور الخاصة بإقامة هذا الحفل .. قبل أن ينسحب بخفة نحو الأعلى .. دون أن يراه أحد .. لكن رائد الذى كان متأنقاً الان فى حُلة بهية قابله أثناء نزوله..
_انت لسه فاكر تيجى يا سفيان .
قالها رائد وهو يقف أمام سفيان الذى قال بإرهاق :
_بقولك معلش يا رائد مش هعرف انزل والله .. بس انت عدى الليلة يعنى معتقدش انك متحمس الموضوع للدرجة دى يعنى .. المهم .. تيتا معملتش اى خناقة فى البيت ولا جابوا سيرتى فى حاجة؟

التوت شفتى رائد بابتسامة خبيثة وهو يقترب منه، هامساً جوار أذنه :
_قصدك على المصيبة إللى عملتها وانك سبت خطيبتك .. لا متقلقش تيتا عرفت والغريب انها ما أدتش اى رد فعل .
نظر له سفيان بطرف عينه وهو يقول بتوجس :
_اهو عدم رد الفعل ده يقلق اكتر من لو كانت اتكلمت .
ضحك رائد وهو يرد :
_لا أتقل بس كده .. دى شكلها محضرالنا مفاجأة .
عبس سفيان وهو يقول بامتقاع :
_مفاجاة !! أنا إللى جبت ده كله لنفسى .
====
هبط رائد الدرج لينضم إلى الحفل بعدما ترك سفيان الذى اتجه نحو غرفته لينال قسطاً من الراحة.
وأثناء اندماجه بين المدعوين .. استوقفه نداء أبيه :
_تعالى يا رائد .

توجه رائد نحوه .. ليقوم أبيه بتقديمه إلى ضيوفه بلباقة مع قوله :
_وده يا رائد الباشمهندس كمال الخطيب .. لسه متعاملين مع بعض من قريب .. بس شغل لا يُعلى عليه .. وان شاء الله نفضل اصدقاء .. ودى المدام .. ودى بنته الانسة "يمنى" .

لم ينظر رائد لتلك التى تُدعى يمنى .. وهو يومئ بلا معنٍ .. قبل أن يندمج مع أبيها وأبيه فى بعض المواضيع .. وأثناء حديثه الجدى مع الرجلين حانت منه التفاتة مفاجئة لتصطدم عيناه بنهرا العسل اللذان توجا نظرتها ال.. الغريبة بحق !!
نظرتها له غريبة .. أو نظرتها عامة غريبة .. نهرا العسل بعينيها تراهما لأول وهلة يشعان إغواءً قادراً على الإيقاع بقديس!!
ومن ثم تستحيل تلك النظرة بأعجوبة ما إلى نظرة طفلة .. نظرة آسرة على ضعفها وبراءتها .. نظرة عمرها فى حدقتيها لا يتجاوز الثوانٍ .. لا يلاحظها سوى من يستطيع التركيز بعينيها بشدة وهو لم يكن بالراهب الذى يغض بصره على كل حال!

نظرته طالت .. ومراقبته المتمعنة طالت أيضاً .. مما جذب الانتباه له قليلاً فأدار وجهه سريعاً وهو ينحى أفكاره عن تلك الآسرة الآن .. وإن كانت النظرة قد حُفرت فى عقله .. فلا يظن أنه سيبرح إلا وقد فك شفراتها كاملة!

وإن كان هو قد استعاد تركيزه .. فتلك التى تقف على بعدٍ منهم فمازالت كما هى غير واعية لشئ سوى لأنها الآن أمام شخص لا تعرفه!!
هذا ليس رائد .. هذا ليس من أحبته هى.!!
رائد الذى أحبته لم يرى من الكون سواها .. وكانت وعوده كلها تنص أنه لن يرى سواها!
أتراه العهد قد نُقض!!
أتراه الوعد قد كُتب عليه عدم الوفاء!!
أم تراه هو لم يعد هى .. وهى لم تعد هو كما كانا فى السابق!
بل عاد كلٌ منهم لشخصه .. هو رائد وهى فيروز وكفى!

انتهى الفصل الأول، قراءة سعيدة!
====



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 17-12-20 الساعة 01:14 PM
Ďonia Mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-12-20, 07:59 AM   #3

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي

اولا الف مبروك يا باشا 😂♥️♥️♥️
ثانيا النوفيلا جامدة جدا جدا بجد ♥️♥️♥️
يارب امسك نفسي و محرقهاش عشان الاحداث خلت دماغي تعمل ايرور كده 🥴😂😂
تسلم ايدك ومستنية الفصول الجاية جدا ❤❤❤


Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-12-20, 06:25 PM   #4

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Nour fekry94 مشاهدة المشاركة
اولا الف مبروك يا باشا 😂♥️♥️♥️
ثانيا النوفيلا جامدة جدا جدا بجد ♥️♥️♥️
يارب امسك نفسي و محرقهاش عشان الاحداث خلت دماغي تعمل ايرور كده 🥴😂😂
تسلم ايدك ومستنية الفصول الجاية جدا ❤❤❤
بننننت اسكتي


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-20, 12:12 PM   #5

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني
"لأن يتخذ القلب مكانه رسمياً بين حسابات العقل والقدر .. لهو أكبر فساد، من الممكن أن يعيث بحياة الإنسان ..!!"
====
وقف سفيان أمام جدته -التى يعلم الله وحده على ماذا تنوى- بعد انتهاء الحفل!!
منتظراً، منتظراً وهى لا ترحم .. فماذا عساه بفاعل ليدافع عن نفسه سوى بدء الهجوم..

_تيتا .. انا اخدت قرارى وسبتها.. انا مش صغير عشان تقرروا عنى .
قالها بهدوء شديد حاول جاهداً أن يجعله صافياً دون أى رتوش من عصبية .. ليهاله أن جدته لم تفعل شيئاً سوى أن تومئ موافقة وهى تقول :
_انت حر يا سفيان .. دى حياتك وانا اخترتلك إللى انا ارضاهالك .. وانت حر ف إللى تشوفه .

ارتاح .. بل ارتاح كثيراً لن ينكر .. ولكن ألم يقولوا :"أن الرياح دائماً تأتى بما لا تشتهيه سفننا" .
وقد كان .. حين فجرت جدته قنبلتها التالية :
_لكنى قررت انك هتخطب فيروز بنت عمك .

وإن كان توقعت ان يثور .. فتوقعها قد ضاع هباءً .. فقد صمت سفيان تماماً دون تعبير محدد وهو ينظر للجميع من حوله..
رائد الذى اشتعلت عيناه بغيظ مكتوم وعنف مكبوت نجح فى كبحهم بمقدرة يُحسد عليها..
أبيه وأمه اللذان كانا الآن فى أشد مراحلهما ذهولاً ومع ذلك لم يقدر أحد على التفوه بأى شئ .. ومن يقدر على معارضة أمر سلوى .. بل دعكم من سلوى .. هذا أمر القدر!
قدر فيروز أن مصيرها إما سفيان وإما رائد !!
ورائد قد خرج من الإطار بأمر من الجدة!
فأصبحت الصورة الآن خالية إلا منهما !!!

لكن الذى لم يكن متوقع بحق هو صمت فيروز غير المفسر خاصة بعد كلماتها التى قالتها باستسلام غريب على طبعها وهى تتجه نحو الدرج لتصعد إلى غرفتها :
_اعملوا إللى انتوا عاوزينه .. انا معدتش هتكلم .

هنا .. تشقق قناع التماسك عن وجه سفيان وهو يرى هذا الجانب المستسلم من فيروز .. هو كان مطمئناً لأنها سترفض وستثور .. لكنها الآن وضعته فى مأزقx حقاً.. وكل الظروف قد تكالبت عليه!!
صمت رائد الغاضب والذى لا يجد سفيان له تفسير سوى زهده فى فيروز وأنه لا يريدها .
اذعان أبيه وأمه المفسر -بالطبع- نسبةً لكل ما يعرفونه .
استسلام فيروز والذى لا يجد له تفسير أيضاً .
أما عنه .. فإن رفض الآن لن يكون سوى نذلاً !!
فبظروف فيروز -التى يعرفها الجميع- إن رفضها هو سيكون "معقداً" بالفعل كما يدعون ..

هنا .. لاحت صورة نوراة فى ذهنه .. فزم شفتيه بيأس .. قبل أن يحسم قراره الآن :
_وانا موافق !!!
====
صعد درجات السلم نحو سطح المنزل بملامح مكفهرة، جامدة .. لا يصدق ما يحدث حوله .. ولا يصدق أيضاً أنه يقف أمام كل هذا مكتوف الأيدى!
ما يريدون تحقيقه من خلاله يتنافى تماماً مع حقيقة مشاعره ومتطلباته هو!!
إن انصت إلى قلبه .. فإنه يبتهل باسمها .. ناسكاً، متعبداً فى محرابها وحدها !
وإن استمع لصوت العقل .. فما يخطط له -على الأقل الآن- لن يفلح معه أن يقف فى وجه جدته متحدياً رغبتها فى تزويج فيروز لسفيان .. وإلا حينها سيظهر بمظهر من يكره الخير لبنت عمه ال........

_ليه يا رائد سكتت قدامها .. ليه متكلمتش ودافعت عن حقك ف حبيبتك؟
كانت هذه أمه التى أتت وجلست جواره فوق الارجوحة المستقرة فوق سطح المنزل .. حيث كان قد وصل إلى هناك وجلس أيضاً متمعناً فى تفكيره .. حينها التفت لأمه وهو يقول بسخرية :
_تفتكرى انا حتى لو اعترضت .. سلوى هانم هترضى تغير كلمتها .
_تغيرها .. كلمتها مش كتاب مُنَزل .. بس طول مانتوا التلاتة ساكتين مفيش حاجة هتتغير .
_هما الإتنين موافقين .. مين انا بقى عشان اعترض .
_انت بتحبها .. من صغركم وانتوا متعلقين ببعض .
_مش صح .. عشان لو كنت انا ف دماغها او حتى فى قلبها كانت عارضت تيتا .. لكنها وافقت وهو وافق مين انا بقى عشان اعترض .. و متنسيش كلام تيتا لياx فى اخر مكالمة لينا قبل ما انزل من السفر .. و ده سبب كل إللى انا فيه .. لانى عارف كويس اوى انها مش هتغير كلمتها .

تنهدت والدته بهم وهى تشيح بوجهها عنه .. ومن يقدر على غلب رائد فى الحديث .. أو إقناعه بما لا يريده .. هو هكذا .. وسيظل دائماً .. لذا قالت بخفوت وهى تهب واقفة :
_اعملوا إللى انتوا عاوزينه .. انتوا زى سفيان ماقال مبقتوش صغيرين .. وعارفين الصح من الغلط .

نظر رائد لظهرها وهى ترحل .. وكأنها يترجاها أن تفعل شيئاً هو لا يقدر عليه .. لكنه لم يستطع أن ينبس ببنت شفه ولن يستطع .. طالما بقى مكبلاً بأغلال قرار جدته والذى ألقته على مسامعه فى آخر مكالمة لهم !!

ذاك السر ..
يتساءل دائماً فى قرارة نفسه .. لماذا لم يفعل أبيه شيئاً حيال الأمر كل هذه السنوات مع أنه يعلم به!!
ربما لأنه قد فقد كل أمل لهم قبل سفره ؟
وربما لأن طبيعة أبيه المتواكلة بعض الشئ لم تكن تساعده لان يفعل أى شئ!!
ربما وربما .. و لن تفيد أى "ربما" ها هنا .. فما حدث قد حدث وانتهى الأمر..!!!

_رائد !!
النداء بالصوت الناعم استخرجه من غمرة شروده .. تلك النبرة شديدة الخفوت .. كانت على مسامعه أقوى من دوى المدافع!!
"الحذر" الذى يسكنها .. كان يراه هو "تحذير" بألا تنفرط حبات العقد منه .. فيضيعx منه كل شئ !!
رفع رائد وجهه لها وهو يقول دون تعبير :
_نعم يا فيروز .

تلجم لسانها داخل فمها .. لا هى قادرة على الحديث بما حضرته فى عقلها فى الدقائق الماضية ولا هى القادرة على التراجع عن الأمر برمته!!
لذا تقدمت بتردد وجلست جواره على الارجوحة وهى تطرق برأسها .. حتى استجمعت شجاعتها ورفعت رأسها له قائلة بتردد ونبرة مختنقة واشية بقرب دموعها :
_هو، هو .. هو انت مش بتحبنى؟

كان يتوقع سؤالاً كهذا .. لن يدعى جهلاً لا يملكه.. لكنه لا يعرف ماذا يفعل!؟؟
بماذا يرد عليها .. ماذا يقول؟؟
أيقول أنه يحبها بل يهيم فيها منذ كانا صغاراً .. ويضرب بكلام جدته عرض الحائط..
أم يقول أنه لا يحبها مسبباً لها كسراً لن تمحيه السنون .. حتى أكثر من كسر الحقيقة..
اخيراً التفت بوجهه لها وهو يقول بنبرة لم تسمع هى أصدق منها يوماً :
_صدقينى ...انا لو قولت انى بحبك ابقى كداب .. لان انتى عندى غالية يا فيروز .. غالية اوى .. قليل فى حقك الحب .

تخضبت وجنتيها بحمرة قانية .. فى حين تعالى وجيب قلبها على نحو خطير..
اعترف أنه يحبها لتوه ..اعترف أخيراً !!
إذاً لماذا لا يحرك ساكناً ويفعل شيئاً ينهى به تلك المهزلة لماذا ؟؟
وجدت فيروز نفسها تبكى دون أن تشعر .. وهى تتطلع له بعينين مستنكرتين بعد لما يحدث .. لكنه اومأ لها مؤكداً بابتسامة متحسرة وهو يمد لها كفه .. ذاك الذى نظرت هى له الآن .. قبل أن تضع به راحتها بملء ارادتها !!
حينها شدد رائد على كفها أكثر وهو ينظر بعمق عينيها قائلاً :
_ارفضيه .. ارفضي كلام تيتا .. وانا اوعدك مش هتخلى عنك ابداً .

شهقت باكية وهى تتمتم بصعوبة :
_لكن انت معملتش حاجة تثبت الحب ده .. معملتش .
_عشان مش بإيدى حاجة اعملها .. هيجى يوم وهتعرفى فيه الحقيقة .. وهتعذرينى .. هتعرفى انى كنت خايف عليكى .
هزت رأسها نفياً دون معنى .. فى حين جذب هو كفها نحو شفتيه هامساً برجاء :
_اوعدينى !!
_اوعدك !!
تمتمت بها أخيراً باستسلام .. قبل أن تكمل جملتها :
_بس ارجوك .. اعمل حاجة اثبت بيها حبك .. ارجوك .
هز رأسه نفياً وهو يجيبها بخفوت، بينما اصابعه تشتد لا إرادياً على كفها :
_كنت اقدر اوعدك .. لو كنا فى وقت تانى .. لكن دلوقتى ...مش هقدر اوعدك بأى شئ .. انا متكبل يا فيروز .. ومش عارف آخر إللى انا فيه ده هيودينى على فين .. و ده سبب انى بتجاهلك من اول ما جيت .. مش عاوز .. اشوف خذلان فى عنيكى بس انا مش عارف هوصل لفين .. و قرار تيتا لغبطلى كل حاجة .. انا .. انا خايف عليكى انتى من الحكاية دى كلها .

ظلت تنظر له برجاء .. تستجديه تفسيراً لكل ما يحدث ولا تفهم منه شيئاً .. الكثير من الكلام يُقال .. والكثير الكثير من الأفعال حولها وهى لا تفقه أى تفسير .. ذاك الغموض الذى يلف حياتها هى لا تدرى له شفرة تستطيع أن تفكه بها!!
تريد .. تفسيراً !
_ارجوك يا رائد ...
قاطعها رائد بحرارة :
_ارجوكى انتى .. بلاش كلام فى اى حاجة ..مش طالب منك غير الثقة .. الثقة و بس .
_وانا ادتهالك .. بس اتمنى تكون قدها .
اومأ موافقاً وهو ينظر بعينيها بوعدٍ غير منطوق .. قبل أن يقف ويوقفها معه قائلاً :
_تعالى .. يلا بينا ننزل .
أمسكت بكفه بلهفة وهى تهتف باسمه .. حينها التفت لها بتساؤل .. فهمست هى بخجل شديد :
_على فكرة .. انا .. انا بحبك .. من زمان اوى .. وابداً مكنتش اتمنى انك تبعد .
ابتسم ابتسامة حقيقية نادراً ما تظلل شفتيه .. وهو ينظر لها بعمق .. عله يمدها ببعض الثقة التى تقويها وتقويه فى الأيام المقبلة !!!
قبل أن يطبع قبلة أخيرة على كفها .. ويسحبها خلفه دون رد .. ليهبطوا الدرج نحو أسفل .
هى الى غرفتها .. وهو إلى جدته !!!!
=====
_ممكن اعرف ايه إللى ناوية تعمليه ؟
تساءل رائد بجدية أقرب الى التجهم وهو واقفاً أمام جدته ... فى غرفة الأخيرة .. لتقول بجدية تماثله :
_زى ما سمعت من شوية ...سفيان هيخطب فيروز ...ولا انت ليك رأى تانى مع ظروف بنت عمك .

وبالرغم من أن فمه كان مغلقاً .. لكنه يظهر بوضوح أنه يكز على اسنانه كاظماً غيظه .. قبل أن يستدعى هدوئه وهو يقول :
_بس انتى عارفة انى بحب فيروز يا تيتا .. وانا عارف كويس اوى ظروف بنت عمى شكلها ايه .. وانا راضى بيها .
_بس انا مش راضية يا رائد .
_ليه؟
تساءل بغيظ بدأ ينال منه أمام هدوئها .. لتجيبه هى بعدها بلحظات مُفجرة السر القديم والذى يعرفوه جميعاً عدا صاحبته :
_لانى عاوزالك.......
قاطعها رائد بحدة هاتفاً :
_تيتا !!!
صمت للحظة وهو يتطلع لها بعينين متسعتين انفعالاً .. لا يصدق أن جدته تريد فتح الأمر .. والآن بعد كل تلك السنوات .. حقاً تلك المرأة ليس لديها قلب .. ليس لديها قلب!
_كفاية بقى كلام مش هيفيد .. كفاية .. فيروز مش هتتجوز سفيان .. فيروز بتاعتى .. من نصيبى انا، ومش من حق اى حد انه ياخودها منى .
هتف بها بحدة وهو يقر امراً واقعاً، واجب التنفيذ ...لكن على من ؟؟
من سيستمع لأمره هنا وهو فى حضرة جبروت جدته !!
هنا كل كلماته فقيرة .. بل مُعدمة!!
ولا صوت يعلو فوق صوت جبروت جدته إن صدح !
هو يعلم أن جدته شديدة .. بل قاسية احياناً !!
فجيعة فقدها القديمة جعلت من تفكيرها صلباً .. صعب المَرسى !!
فقدها لأبيها وأخيها وأمها فى يوم واحد إثر حادث أودى بهم جميعاً .. جعل منهما متحجرة القلب بدرجة كبيرة !!
ثم فجيعة فقد ابنها فى هذا الحريق الذى نشب ببيته لم يكن إلا إضافة الى محصل فجائعها ..ليزيدها قساوة على قساوة حتى أصبحت هكذا .. كما هى الآن !!
تحاول موازنة جميع الأمور بعقلها دون ان تجعل للعاطفة حساباً فى الأمر .. وطالما ارتضت فيروز لسفيان وسفيان لفيروز فلن يستطيع أحد ثنيها عما تريد !!
يتذكر بعضاً من حديث أبيه عن جده !
كان يقول أن جده ظل طوال عمره يحاول أن يجعل قلبها يلين ولو قليلاً .. لكنه لم يستطع !!
وان لم يكن جده يحبها وتزوجها !!
لما كانت قد تزوجت فى حياتها !!
"فسمعتها القاسية" كانت تسبقها ولم يكن أحداً أن يرتضى بها لنفسه .. لكن جده فعل .. لتأتى هى لتعيث فساداً فى حياتهم الآن !!
فأى قدر هذا..؟؟ أى قدر ؟؟
الذى تأمر عليه حتى قبل أن يولد على هذه الدنيا ؟؟

_يعنى انت بتتحدانى يا رائد ؟
قالتها جدته بصوتها الرخيم فيما هز رائد رأسه نفياً.. وقد بدأت بعض الشفقة اللعينة تتسلل إلى قلبه نحوها .. لكن حديثها التالى قمعها شر قمع :
_طيب .. ورينى هتعمل ايه .. ونشوف كلمة مين إللى هتمشى !!!
ها قد أعلنت الحرب صريحة .. لنرى إذاً حديث من سوف يسود !!

نظر لها نظرة غير مفسرة .. شاردة بعض الشئ وهو يعود بذاكرته لاخر مكالمة بينه وبين جدته قبل أن يعود إلى هنا ..

((كان يتحدث معها وجهاً لوجه عبر الحاسوب .. وبدأ حديثه كالتالى بعد كل الترحيبات والدعوات المتعارف عليها ..
_تيتا .. انا نويت انى هطلب ايد فيروز رسمى لما انزل أن شاء الله .
التجهم الذى ساد ملامح جدته بعدها أثار توجسه للحظات .. إلى أن قالت جدته بهدوء :
_رائد انت عارف انك اغلى احفادى عندى .. وعارف انى بتمنالك كل الخير .
اومأ رائد دون معنى .. ليستمع إلى بقية حديثها :
_وانا مش موافقة على جوازك من فيروز .. وانت عارف كويس اوى ليه!
زم رائد شفتيه بقوة وهو يمنع نفسه من التهور بأى شئ .. نفس الموضوع القديم .. نفس السبب .. وكأن فيروز تلك ليست إنسانة!!!
هذا كان تفكيره .. قبل أن تقاطعه جدته بقولها الصارم :
_فيروز حفيدتى زيها زيك و زى سفيان .. وانا برضو عوزالها الخير .. بس مش على حساب حد منكم .. ولو فكرت تعمل اى حاجة من ورايا يا رائد .. انصحك تراجع نفسك .. عشان اى تصرف منك هيكشف المستور .. وفيروز هتتكسر فيها .))

عاد رائد إلى واقعه وهو ينظر لجدته بنظرة غريبة .. قبل أن يتساءل بخفوت :
_طالما انتى رافضة جوازى من فيروز وعوزاها لسفيان .. ايه اللى خلاكى تخلى سفيان يخطب ما الأول .. ناوية تعملى ايه لفيروز ؟

ظلت جدته تنظر له بنظرة ذات بأس دون أن ترمشx .. ثم قالت بنبرة جادة :
_كان لازم سفيان ياخود فرصته ... العدل بيقول كده .. لازم ياخود فرصة انه يختار لنفسه .. لو كان رضى بخطيبته مكنش ينفع اخليه ياخود فيروز غصب عنه، وأدى طريقه وهو أختاره ... انما طالما هو مش عاوزها ومش عاوز يختار .. يبقى هو أولى ببنت عمه .
_طب و افرضى سفيان كان رضى بخطيبته.. وانتى رافضة جوازى منها .. كنتى هتعملى ايه ساعتها ؟
بحدة يقولها .. فتجيبه جدته ببساطة شديدة .. وهى تفرد كفيها أمامه :
_بس سفيان رفض .. وادى الأمر الواقع و إرادة ربنا .

أثارت حفيظته حقاً .. فهتف بها بغضب :
_لا ده مش أمر واقع .. الأمر الواقع مش هيكون غير أن فيروز ليا و بس .. وإللى عندك اعمليه .
=====



"لطالما أخبرونا أن العشق هو مجرد بدايات .. بدايات فقط .. الاعتراف الأول.. الحضن الأول .. القبلة الأولى..لهفة الانتظار .. بعدها كل شئ يبقى سراباً !"
"سفيان"
====
وقفت فيروز فى المطبخ بعدما انهوا افطارهم كالعادة كل صباح .. لكن هذا الصباح كان مختلفاً .. بل هى كانت مختلفة !!
روحها متجددة .. تشعر بالجو حولها يشع بشئ جديد ..!
حديث رائد معها لليلة أمس تشعر وكأنه قد نزل على روحها برداً و سلاماً!
هى تثق به ورائد لم ولن يخلف وعده معها أبداً.!

_فيروز .. خودى يا حبيبتى المشروب ده وديه لعمك فى المكتب .
قالتها خالتها لتخرجها من شرودها .. فابتسمت فيروز وهى تلتقط منها الكوب وتتجه نحو غرفة المكتب والابتسامة تكلل شفتيها!
لكنها ما أن اقتربت حتى تناهت إلى مسامعها أصوات الشجار الآتية من الداخل .. لا ليس شجاراً بل رائد يهتف لأبيه فى غضب :
_يعنى ايه .. يعنى محدش هيعمل حاجة .. هنفضل واقفين قصادها مكتفين أيدينا .
ليجيبه ابيه بغضب مماثل :
_لا مش هنقف قصادها .. عشان ده مش رايها لوحدها.. دى رائي انا كمان .
_يعنى هى فيروز دى مش انسانة ومن حقها انها تختار .. سفيان ده مش من حقه انه ياخود واحدة بيحبها مش واحدة بيعتبرها اخته .. انا .. انا مش من حقى اخود البنت الوحيدة إللى حبيتها .. انا راضى بظروفها .. راضى بيها يا بابا .. وهى بتحبنى مين انتوا عشان تعارضوا كل ده .
_احناx ابوك و ستك مش حد غريب عاوزلك شر .. و يوم ما تيجى تتجوز .. لازم تختار واحدة تعرف تشيل ابن ليك ... من صلبك .. مش من حقنا نشوفلك ولاد يعنى .
_كفاية كلام فى الموضوع ده بقى كفاية .. انا راضى بيها .. راضى أنى مخلفش .. مش عاوز ولاد طالما هى معايا .
_و ترضى أن حد غيرك وصلها قبلك؟
_متدخلوش المواضيع فى بعضها .. انت وهما عارفين كويس اوى ان فيروز ملهاش ذنب فى إللى حصل .. دى كانت طفلة .
_بس ده ميغيرش حقيقة إللى حصلها .
_لا يغير .. يغير لانهم اغتصبوها .. يغير لانها كانت طفلة مكنتش تعرف حاجة ... يغير لانها بكل براءتها مكنش ليها ذنب فى أن أبوها طلع راجل *** هو السبب فى كل إللى حصلهم ده .. يغير من كل شئ .
بحرارة وقهر يهتف بها فى وجه أبيه ..
ذاك السر الذى ظل سنوات يكبحه داخله دون القدرة على فعل شئ ..
ذاك السر الذى ظل سنوات يؤرق مضجعه ..
و أيضاً ذاك السر الذى دفع أبيه وجدته لجعله يسافر إلى الخارج لكى لا يتهور فى أى شئ .. ويقوم بخطوة يضيع معها مستقبله كله!
يهوى بكفه فوق زجاج المكتب فيتسبب فى شرخه بشكل سرطانى مخيف .. ثم يهدر فى وجه أبيه بقوة :
_فيروز بتاعتى .. و كل إللى حصل قبل كده انا مليش دعوة بيه .. لان لا انا ولا هى كان لينا ذنب فى إللى حصل قبل كده .. غلط اخوك وطمعه وجشعه مش هيفضل ورانا طول السنين دى .. كفاية إللى نالها منه فى صغرها ومرضناش نعرفها طول السنين دى خوفاً عليها من الانتكاسة .. لكن وربى ... بعد كده ما هيوقف فى وش طريقى ليها شئ ... أى شئ .
.......
وبينما رائد يهدر بكلماته المهددة بالداخل .. كانت هى بالخارج تستمع لكل ما يدور .. لكل ما يُقال .. دون أن تصدق فعلياً!
حين ساد الصمت بالداخل .. سيطرت على ارتجافة جسدها الشديدة وهى تجر قدميها جراً نحو غرفتها .. قبل خروج رائد الغاضب من الغرفة واندفاعه نحو الخارج!
دلفت إلى الغرفة واغلقت بابها خلفها!
حينها .. حينها فقط سمحت لقدميها بالتخاذل .. لجسدها بالارتجاف ... لدموعها بالهطول .. لصوتها الذى كتمته فى صدرها أن يشق الغمام المتراكم فوق قلبها ويعلو !!
انهارت .. كما ينهار البناء من أقصى عليائه نحو أعماق الأرض !!

من هى التى اغتُصبت واُغتيل شرفها ؟؟
من تلك التى لا تستطيع الإنجاب لذلك لا يرتضونها لرائد ؟؟
من تلك التى يقولون عن أبيها أنه رجل غير صالح وهو سبب ما حدث لهم ؟؟
أبيها .. أبيها التى كانت تعتبره تمثال مجسد أمامها .. رمزاً للنزاهة والشرف .. يأتون الآن ويقولون عنه أنه السبب فى كل ما هى فيه!
يجب أن تتأكد .. لابد أن تتأكد ..لن تبقى مكتوفة الأيدي ..
ربما .. ربما كانوا مخطئين !!
نعم !!
ربما كانوا مخطئين !!!
=====
خرجت من عيادة الطبيبة النسائية الآن بملامحها الذابلة، وعينيها المنتفختين من كثرة البكاء، تجر أذيال خذلانها خلفها !!!
خذلوها .. نعم خذلوها !!
الآن أكدت لها الطبيبة أنها ليست عذراء!!!
إذاً حديثهم صحيح .. ولا داعى للتأكد من بقيت!!
ولكن بقى فقط أن تعرف كيف حدث كل هذا ؟؟
كيف حدث ما يدعونه هذا.. كيف ؟؟

وصلت إلى المنزل وهى تبتهل لتتماسك .. ذرة القوة الباقية داخلها لابد لها أن تنصرها فى حربها هذه!!

لكنها لم تفتئ أن تدلف للداخل إلا واستوقفها على الباب صوت الضحكات الآتى من خلفها!!
ضحكات أنثوية رقيعة .. تدوى خلفها كدوى الطبول!
من تلك ال....
انقطع تفكيرها وهى تلتفت لتصطدم بمشهد تلك البائسة التى رآتها ليلة البارحة تلك التى تُدعى يمنى .. صاحبة الملامح التى تشع إغواءً ذاتياً !!
بشعرها القصير شديد النعومة مقارنة بشعرها هى المجعد .. بشرتها الحليبية مقارنة ببشرتها السمراء .. نهرا العسل فى عينيها .. مقارنة بليل عينيها حالك السواد.!
مقارنة مجحفة لكليهما .. لكن هذا لم يؤثر بها .. ما أثار حفيظتها حقاً .. كانت رؤية رائد جوارها .. واقفاً معها جنباً إلى جنب أمام السيارة يبتسم لها إحدى ابتسامته الرائعة والتى تعرف هى تماماً كيف هو تأثيرها على النساء!
بينما الأخيرة ضحكاتها التى تدوى عالياً تدل على كمية السعادة التى تحياها معه الآن !!
أهذا الذى كان يعترف لها بحبه ليلة أمس .. ذاك الذى كان يعدها ويمنيها بالكثير!!
الله هى بحسرتها بعد كل ما عرفته عما هى فيه وبصدد مقابلته .. وهو مع تلك التى اغوته كما هو واضح تماماً ..!!!
استدارات ودلفت إلى الداخل لتجدهم جميعاً جالسين بالأسفل .. ومن ثم دلف خلفها رائد مع يمنى...
رمقها الأول بنظرة ضائقة قليلاً وهو يلاحظ عينيها المنتفختين من البكاء ومظهرها الرث!
لكنه أولى انتباهه الآن نحو يمنى التى ينظر الجميع إليها باستغراب ..فابتسم وهو يقدمها لهم بلباقة .. استلمها منه والده بود لسابق معرفته بها .. إلى أن قال رائد مبتسماً :
_كنت فى النادى .. و قابلت يمنى هناك .. وهى حبت تتعرف على ماما وتيتا .
اومأت والدته بترحيب وهى تستقبل يمنى بود .. لتجلس جوارها ..مع الحديث الرسمى والذى سرعان ما تحول لحديث أكثر ودية بسبب لباقة يمنى ولطافة حديثها!!

_بتدرسى بقى يا يمنى ؟
كانت تلك جدته التى رمقت يمنى بإعجاب لا تخطئه عين .. فتجيبها يمنى بصوتها الأشبه بناقوسٍ رنان .. شديد الغواية :
_اه طبعاً .. بدرس *** فى كلية *** .
_ما شاء الله .. ربنا يوفقك .

صوت رنين هاتف سفيان جعله يستقيم واقفاً ليبتعد قليلاً عنهم .. ليستمع إلى تفاصيل عن تلك الطفلة التى رآها ذاك اليوم فى دار الأيتام !
قيل له أنها طفلة حديثة الوجود فى الدار .. عائلتها توفيت وظلت هى تنتقل من بيت لآخر ..حتى اودعوها دار الأيتام .. حتى أنها بكماء لا تتكلم .. وذاك سبب هروبها منه ذاك اليوم .. حيث لم تفهم منه شيئاً !
رق قلبه كثيراً وهو يستمع لتلك التفاصيل منهم .. قبل أن يتعهد داخله أن يذهب لها مرة أخرى .. فى زيارة خاصة لها وحدها !

عاد إلى الجمع مرة أخرى بوجه مبتسم .. سرعان ما تلاشت ابتسامته وهو يستمع لقول فيروز شديد الجدية :
_انا فكرت فى كلامك يا تيتا .. وموافقة على جوازى من سفيان .

علت الابتسامة ثغر جدته وهى تنظر لرائد الذى ينظر لفيروز بذهول شديد !
لا يصدق !! أهذا عهد الثقة الذى منحته إياه؟؟ أهذا هو ؟؟

اتسعت ابتسامة جدته وهى تقول بود غريب على طبعها :
_الف مبروك يا فيروز .. الف مبروك يا سفيان .. ربنا يتمملكم على خير .

ابتسم سفيان باهتزاز وهو ينظر لفيروز نظرة مستنكرة.. بينما تجاهلته فيروز تماماً وهى تنظر لرائد بتشفى غريب !!
ها قد فعلت ما تريد .. نظرات رائد الغاضبة والعاجزة تظن هى أنها ترمم بعض الشروخ داخلها .. كسرته مثلما كسرها!
خانت عهده مثلما خذلها هو وهو يخفى عنها الحقيقة طوال هذه السنوات .. مثلما كسر قلبها الآن وهو يخون عهدهما قبلها!!
كسرته .. ولكن لما يظهر أنها قد كسرت قلبها قبل أن تكسره هو ؟؟
اما بقيتهم فلا تملك أن تفعل لهم شيئاً !!
هم خذلوها لكن شعورها نحوهم لا يمثل ولو نذراً يسيراً من شعورها نحو رائد !

رائد الذى اندفع إلى الخارج بغضب شديد .. تحت نظرات يمنى المبتسمة والتى تنظر للجميع بغرابة!
تارة إلى فيروز .. ثم إلى سفيان .. ثم والدة رائد جوارها .. والد رائد وجدته .... عينيها تدور عليهم جميعاً .. حتى قاطعتها سلوى وهى تقول بود :
_اطلعى وراه يا يمنى يا حبيبتى .. شوفى يمكن يكون ادايق من حاجة .
اومأت يمنى بابتسامة واسعة وهى تنفذ أمرها وتخرج خلف رائد .. لكنها حين مرت جوار فيروز اتسعت ابتسامتها أكثر وهى تقول :
_مبروك يا فيروز .. مبروك يا استاذ سفيان .
اومأ سفيان دون معنى .. بينما رمقتها فيروز دون حديث .. نظرة مشتعلة، مليئة بالغيرة، قطعتها يمنى وهى تخرج خلف رائد الذى وجدته جالساً على مقعد خشبى فى الحديقة .. ينظر أمامه بلا تعبير .. الجمود الذى يسود ملامحه يشى بعلاقة قوية كانت تجمعه بتلك الفيروز!!

_شكلك كنت بتحبها !
قالتها بنبرتها المميزة وهى تجلس جواره على المقعد .. فلم يلتفت لها حتى وهو يقول بخفوت شارد :
_يمكن اكتر من اى حاجة فى حياتى .
_و ايه إللى جابرك انك تسيبها .
_انا مسبتهاش .. الظروف هى اللى مصرة انها تاخودها منى .

تنهدت وهى تستند بكفيها على المقعد جوارها وهى تقول :
_يااااه .. دانت حالتك حالة .
_ولا عمرى شوفت حد محتار حيرتى .
_طب يلا بينا نقوم .. انا جاية اتغدى معاكم .. هتروحنى من غير غدا عشان اقول عليك بخيل .
ابتسم بمرارة وهو ينظر لها نظرة أشد مرارة .. قبل أن يهمس بخفوت :
_يلا بينا .
====
مر يومان ..
تم الترتيب فيها لكل شئ .. كل شئ يجرى بسرعة رهيبة وكأن الوقت تحالف معهم ليكون ضده هو الآخر!!
اليوم عقد قران سفيان وفيروز التى لم تخرج من غرفتها طوال اليومين الماضيين!
لم يرها ولن يحبذ أن يراها!
طوال اليومين الماضيين وهى ترفض الخروج من غرفتها والحديث مع اى أحد فيهم!
فقط تنزوى على نفسها دون حديث !!
وهذا ما اخافه حقاً عليها!
فكر أنها من الممكن أن تكون عرفت شيئاً من الحقيقة ..x لكنه عاد واستبعد هذا الاحتمال!
فلو كانت عرفت لما ظلت صامتة كل هذا الوقت !
إذاً ماذا يحدث معها ماذا !؟؟
يخاف عليها .. بل يموت رعباً ويود لو يعرف فى ماذا تفكر ..لكنها اغلقت أمامه كل الأبواب بقبولها زواجها من سفيان !!!

خرج رائد من غرفته وهو ينوى الهبوط إلى الأسفل .. ليحضر عقد قران حبيبته على أخيه !!!
هكذا فكر بكل سخرية انقطعت ما أن رآها تخرج هى الأخرى من غرفتها فى آخر الممر الممتد بين الغرف .. ليهاله مظهرها الذى لم تفلح مساحيق التجميل فى إخفاء تشوهاته !!!
عينيها المنتفختين والهالات السوداء تحتهما تشى بليلتين عصيبتين قضتهما بكاءً !!
مظهرها الهزيل وخز قلبه بشدة .. وهو يراها عكس طبيعتها التى تتوهج طاقة ونشاطاً !!!
ظلت تتقدم منه والنظرة فى عينيها يرهبه معناها!!
نظرة متشفية !!
وهى حقاً كانت كذلك !!
هى تعتقد أنها هكذا تحرق قلبه كما خدعها وأخفى عنها الحقيقة طوال هذه السنوات !!
لا يهم أنه كان يحارب لأجلها جدته وأبيه .. هى لا ترى هذا بالأساس!
هى لا ترى سوى أنه خدعها .. بل كلهم خدعوها !!
ربما هو سفيان فقط من لا يعرف شيئاً !!
وهذا ما ستتأكد منه اليوم .. لكن بعد عقد القران بعدما تكمل انتقامها من رائد كاملاً !!

وصلت أمامه .. لتكتف ذراعيها أمام صدرها وهى تقول له بهدوء :
_مفيش مبروك !!؟

كتف ذراعيه بالمثل وهو ينظر لها بغرابة قبل أن يقول بهدوء خطير :
_ممكن اقول مبروك فى حالة واحدة بس .. لو تكرمتى دلوقتى و نزلتى تنهى المهزلة دى .. ساعتها هعرف اقول لنفسى و اقولك مبروك .

ضحكت بما لا يمت للمرح بصلة .. بل كانت شبه تحتضر وهى تنظر له بمقت وتقول :
_مغرور اوى يا ابن عمى .. و غرورك خلاك تفترى على خلق الله .
جملتها حملت أكثر من معنى .. وهو ما وصله واضحاً .. وغذى شعوره بأنها تعرف شيئاً عن الحقيقة.. لكنه نحى هذا جانباً !!!
حتى لو لم تعرف .. هو لن يخبرها .. لن يخبرها!!
لن يكون سبب انكسارها ابداً !!!

_بفترى على خلق الله ؟؟
قالها بابتسامة مستنكرة وهو ينظر لها عاقداً حاجبيه انعقادة خفيفة .. ثم قال مستفسراً :
_امته افتريت عليكى انا يا فيروز ؟؟

ابتسمت ابتسامة أقل ما يُقال عليها .. بشعة !!
ابتسامة مشوهة .. شوهتها روحها بكل ما تعتمل به من ألم ونكران لكل الذى يحدث رغم الدلائل !!
ثم قالت له بنبرة قاطعة منهية الحديث قبل أن تتحرك من أمامه لتنزل :
_طول عمرك بتفترى عليا يا ابن عمى .. ده مش جديد عليك .
=====
صيغة الزواج المتعارف عليها .. يتلوها سفيان خلف المأذون بعدما ألقاها والده الذى يمسك بيده الآن .. تحت مسامع فيروز التى تشعر أنها لا تعرف ماذا يقولون ولا ماذا يفعلون!
هذا سفيان .. أخيها .. الذى قضت طفولتها كلها جواره والآن ..... يزوجوها له!!
أى هراء هذا؟
اما عن سفيان فحاله لم يكن بأفضل منها !!
هو الآخر لا يدرى ماذا يفعل !!
ما الذى يقوله و عمن !؟؟
عن فيروز ...أخته !!!
أخته التى أصبحت زوجته !!!
أى هراء هذا .. أى هراء ؟؟
_بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير .
بصوت الشيخ يسمعوها فتصم ما عداها بأثرها شديد الوقع .. شديد الوقع على مسامع سفيان الذى سحب كفه من كف أبيه على مضض وهو يشعر أن قدمه تزل به فى بئر عميق هو ليس أهل لغموضه !!!

على فيروز التى رفعت كفها نحو قلبها الذى ظل يهدر بعنف كأنما أحد يريد انتزاع دقاته !!

على رائد الذى اغمض عينيه بقوة وكأن هناك حملاً جاثماً فوق صدره .. ذاك الذى جعله يمد كفه متمسكاً بيد يمنى التى كانت تقف جواره الآن !!
نظرت نحو كفه الذى كان يضغط على راحتها بقوة ولعينيه المغمضتين تحت حاجبين معقودين بغرابة !!
كل هذا جعلها تهمس فى نفسها بتعجب :
"هو يحبها .. بل يحبها بجنون !!"

رفعت عينيها فجأة لتواجه عينى جدته المسلطتين على كفيهما بابتسامة .. فبرقت عيناها هى بلمعة تشبه لمعة الانتصار .. ربما !!
دارت بعينها على الحضور مرة اخرى لتصطدم بعيني فيروز التى كانت تنظر لكفيهما بنظرة تكاد تشع ناراً ...تكاد تحرقها حية!!
لكن هذا لم يعنيها .. بل ازداد الانتصار بعينيها بشكل عجيب ..!!! وغامض !!
حمدت فى داخلها ذاك الحظ الذى جعل والد رائد يقوم بدعوة والدها وهى لحضور الحفل!
ذاك الصنيع الذى حمدته له بعد رؤية تلك النظرات الآن!
وكأن مرادها يتحقق!

انتقل سفيان للجلوس جوار فيروز بعدما وضعت الإمضاء على الدفتر وأصبحت زوجته رسمياً!
حينها لم يدرِ ماذا يفعل .. ولا ماذا من المفترض أن يقول !!
لذا تنحنح بخشونة وهو يهمس لها بينما يقترب منها أكثر مقبلاً جبهتها :
_مبروك يا فيروز .

ملمس شفتيه فوق جبهتها كان ككى النار .. لا تدرى لما شعرت هكذا .. رغم أنها ليست أول مرة يقبل سفيان جبهتها .. فقد فعلها مراراً أثناء نجاحها وما الى ذلك !
لكن تلك المرة مختلفة..!!
تلك المرة بمذاق كونها زوجته !!

اما سفيان فكان فى حالة لا يُحسد عليها !!
لا يعرف ما هذا الذى يفعله وما الذى دفعه على الموافقة على كل هذا وهو يعلم أنها تحب أخيه !!
ربما لأنه لم يرى من رائد تمسكاً بها !
ربما .. لأنه أمام موافقتها وأمر جدته لم يعرف ماذا يفعل .. خاصة مع طبيعته المسالمة التى لا تميل إلى المقاومة .. فلم يشأ معارضة جدته وهو يرى خنوع فيروز للأمر!
أو ربما هو كل هذا !!!

_عاوزة اكلمك فى موضوع يا سفيان!!
قالتها فيروز وهى تنظر له بجدية .. فأوما وهو يقوم معها متجهين نحو غرفة منعزلة !!
أمام عينى رائد الذى اتسعت عيناه وهو يخفض بصره نحو كفه المتشبث بكف يمنى !
فانتشل يده منها بسرعة وهو يتأسف بارتباك أمام عينيها المبتسمتين بإغواء !!
قبل أن يجبر قدميه على الخروج من البيت بأكمله .. نهائياً !!
====
وقفت فيروز أمام سفيان فى الغرفة التى أدخلها إليها!
حينها اقترب منها بعد أن أغلق الباب .. وبطيبته الفطرية .. اقترب منها ببطء قبل أن يمد ذراعيه نحوها محتضناً إياها برقة وهو يقول بهدوء :
_متقلقيش يا فيروز ..هنعدى الازمة دى سوا .. نقدر ننجح جوازنا .. احنا مش ناقصنا حاجة .

أغمضت عينيها وهى تدفن وجهها فى صدره بقوة .. تتنعم ببعض الأمان قبل أن تجد الصدمة تحوطها من جديد!
تنهدت وهى تبتعد عنه، فافلتها وهو ينظر لها باستفسار!!
فأخذت نفساً عميقاً وهى تقول مباشرة :
_انا عرفت الحقيقة .. عرفت انى مش هخلف ابداً وده بسبب إللى حصلى ايام مكنت صغيره وقت الحريق .. عرفت ان هما .. ان هما ..

تقطعت كلماتها باختناق يشى بقرب دموعها والتى كبحتها بقوة تُحسد عليها وهى تردف بتحشرج :
_ان هما اغتصبونى !! بس انا مش عارفة ليه .. ليه حصل كده ؟؟ وايه حكاية أن بابا هو السبب .. انا مش مصدقة .. مش مصدقة يا سفيان .

هبطت دموعها أثناء حديثها .. مما استرعى شفقته وبقوةx .. لكنه قبل أن يصل إليها ليحتضنها .. رفعت هى يدها تصده وهى تمسح دموعها بقوة مع قولها قوى النبرات :
_سؤالى هنا .. انت متعرفش حاجة عن الموضوع ده صح؟؟ ولا زيك زيهم؟؟

الصمت الذى حلق فوق الرؤوس كان أبلغ من أى إجابة .. لكنها تمسكت بأخر أمل لها وهى تحثه برجاء :
_قول يا سفيان .. قول انك متعرفش حاجة وانك زيك
زيى .. ومستعد تكمل معايا للاخر .

صمته ..وتعبيراته غير المتفاجئة لم تكن بحاجة لتأويل .. لكنها ظلت مُصرة حتى قال هو بهدوء يائس :
_اه يا فيروز كنت عارف .. بس مكنش ينفع حد يتكلم عشان كنا خايفين عليكى .
لم يكمل جملته حتى وجد كفها يهوى فوق وجهه .. مع صرختها المختنقة :
_طلقنى يا سفيان .
=====



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 17-12-20 الساعة 01:19 PM
م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-20, 04:39 PM   #6

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي

ايه الفصل ده!!!!
قلبي هيقف مش بهزر ايه كمية الاحداث دي !
حرفيا في مشاهد عيدتها اكتر من مرة لاني مش مستوعبة اللي بيحصل ده غير العياط الكتير اللي عيطته 🥺🥺🥺
بجد تسلم ايدك الفصل جبار وقوي جدا


Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-12-20, 04:07 PM   #7

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
Rewitysmile9

منهم لله جميعا
كلهم منهم لله
اية دة 😭😟😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-20, 11:51 PM   #8

Ďonia Mohamed

? العضوٌ??? » 447817
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » Ďonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nour fekry94 مشاهدة المشاركة
ايه الفصل ده!!!!
قلبي هيقف مش بهزر ايه كمية الاحداث دي !
حرفيا في مشاهد عيدتها اكتر من مرة لاني مش مستوعبة اللي بيحصل ده غير العياط الكتير اللي عيطته 🥺🥺🥺
بجد تسلم ايدك الفصل جبار وقوي جدا
اومال مين إللى واخدة الابطال غسيل ومكوة ف البوستات 😹 جاية دلوقتى تعيطى 😹💜


Ďonia Mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-20, 11:54 PM   #9

Ďonia Mohamed

? العضوٌ??? » 447817
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » Ďonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond reputeĎonia Mohamed has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث..
===
"كيفما اكون .. تكيفى معى .. ك"شمس الصيف" .. ك"مطر الشتاء" .. ك"لطف الربيع" .. لكن إن كنت "خريفاً" فإياكِ -يا حبيبتى- أن تكونى "أوراقى" .. فلا حق لى بكِ إن تركتكِ تسقطين ..!!"
"رائد .."
====
_طلقنى يا سفيان .

بصوت فيروز الذى تردد صداه فى المكان .. لم يصدق سفيان ما سمعه .. هو لم يتزوجها إلا دقائق .. والآن تطلب الطلاق!
أى مختلة تلك؟

_انتى واعية للى انتى بتقوليه ده يا فيروز؟
يتساءل سفيان باستنكار شديد وهو ينظر لها عاقداً حاجبيه .. فتجيبه بنبرة مختنقة وعينين مليئتين بالدموع :
_انا فى عمرى كله .. مكنتش واعية زى مانا فى الوقت ده .. لان عمرى كله كنت مغفلة .. ضاحكين عليها بكلمتين .. ليه .. ليه تعملوا فيا كده ؟؟ .. انا كنت عملتلكم ايه .. عدوتكم ؟.... خدت حد عزيز عليكم ...
لا معملتش حاجة لاى حد ... مفيش سبب مقنع يخليكو تخبوا عليا حاجة زى دى طول السنين دى كلها .

اختلج قلبه مع كل كلمة ذبيحة كانت تنطقها .. هى محقة، محقة فى كل شئ وإن كان يدينهم جميعاً !
يقترب سفيان منها ببطء ممسكاً كتفيها برفق وهو يقول بخفوت :
_انتى ضعيفة يا فيروز .. أضعف مما انتى متخيلة حتى .. عمرك مكنتى هتستحملى صدمة زى دى من اى حد .. سبحان من صبرك الأيام دى على إللى عرفتيه .. احنا كنا خايفين عليكى .. انتى كنتى طفلة .. مكنتيش هتستوعبى حتى إللى احنا كنا هنقوله .

كفيها يتعلقان بذراعيه فى رجاء وهى تنظر لعينيه هامسة :
_و الطفلة كبرت يا سفيان ..... كبرت و كان من حقها تعرف إللى فيها .. مش تعرف صدفة و يا عالم كانت عرفت ولا معرفتش .

صمتت للحظات ازدادت فيها دموعها وهى تردف همساً وعينيها تحكى ألف قصة من ألم :
_انتوا خوفتوا على الطفلة وقتها .. اديتوا الطفلة فرصة تعيش .. بس فى المقابل قتلتوا فيروز .. قتلتونى انا يا سفيان .

انهت جملتها وهى تضربه فى صدره بقبضتيها بضعف وهى تنتحب باكية !
لاتزال لا تصدق .. ولا تفهم .. رغم الحقيقة الواضحة وضوح الشمس !!
_ازاى ده حصل .. و ايه حقيقة الكلام إللى بيتقال عن بابا ده .. و اياك يا سفيان تكدب عليا .
قالتها وهى تتشح بثوب قوتها الجديد .. وتبتعد عنه بعد لحظات الضعف المضنية الفائتة، لكنه لم يفلتها .. بل شدد على كتفيها وهو يقربها منه أكثر .. هامساً أمام عينيها بقوة :
_اعقلى يا فيروز .. اعقلى وبلاش تفتحى فى الماضى .. صدقينى هتتعذبى اكتر .. ارمى كل ده ورا ضهرك .. و انا مستعد ابدا معاكى من جديد .. هنبدا سوا يا فيروز .. هنسافر .. مش هنقعد هنا .. و اوعدك انى احافظ عليكى .. بس بلاش نفتح فى الماضى ارجوكِ ..ارجوكِ يا فيروز .

للحظات ظلت تنظر له مبهوتة من حديثه .. قبل أن تفيق لنفسها وهى تنطق بذهول :
_انت إللى واعى لنفسك بتقول ايه .. سفيان انا عمرى ما شوفتك اكتر من اخ .. ولا هقدر اشوفك اكتر من كده .
صمتت للحظات قبل أن تردف بقسوتها المستحدثة :
_وانا اصلا موافقتش على كتب الكتاب ده غير عشان احرق قلب رائد على إللى خباه عليا كل ده مش اكتر .. متخليش عقلك يوديك بعيد يا سفيان .

ازدرد ريقه الجاف وهو ينظر لها بتعقيد .. فتفاجئه هى بقولها الأشد قسوة :
_و اصلا مين قالك انى سامحتك على إللى انت عملته .. زيك زيهم على فكرة .. الحاجة الوحيدة إللى تشفعلك انك خرجت بعد الحادثة مدمر مش اكتر .

تنهد بضيق وهو ينظر بعينيها بقوة قبل أن يقول بهدوء :
_لاخر مرة يا فيروز ...هقولك ننسى الماضى و نبدأ سوا من جديد .

اشتعلت عيناها كجمرتين متقدتين .. وهى تزم شفتيها تكبح حديثاً طويلاً تريد قوله لكنه ليس وقته الآن .. قبل أن تبتعد عنه بقوة هذه المرة وهى تقول بما يشبه السخرية :
_لا مانا هبدا من جديد فعلا .. بس لوحدى .. هعتمد على نفسى مش على حد فيكم .. كل إللى انا عاوزاه منك تفهمنى إللى حصل ايه .

ازدرت ريقها .. تُمرر تلك الغصة التى تحتل حلقها وهى تردف :
_تفهمنى ازاى عملوا فيا كده .. و ازاى انا مش هقدر اخلف ..و حقيقة الكلام إللى بيقولوا عن بابا ده .

اخذ سفيان نفساً عميقاً وهو يطرق برأسه للحظات .. قبل يحسم قراره وهو يرفع وجهه لها .. ملوحاً بسبابته فى وجهها هاتفاً :
_بس افتكرى انى قولتلك بلاش .. افتكرى انى عرضت عليكى كل حاجة .. و انتى إللى رفضتينى يا فيروز .

كان الآن دورها لتطرق برأسها .. فى حين قال هو بهدوء يائس :
_ إللى انتى عرفتيه صح يا فيروز .. ابوكى هو السبب فى كل ده .. ابوكى هو إللى كان شغله مش مظبوط و بيتاجر ف حاجات ممنوعة .. و بسبب شغله ده حصلكم إللى حصل .. طبيعة شغله كانت شائكة جدا ... و الأعداء فيها يامه .. و انتى ابوكى كان مِعادى طوب الأرض .. و واحد من إللى كان ابوكى سارقهم فى الشغل ده .. مكنش بيسكت على حقه .. و قرر ينتقم منه .. و عمل كده فى بيتكم .. اترصد لابوكى لما جيتوا من برا من المشوار إللى كنتوا فيه ..قتل ابوكى .. و ولع فى بيتكم .. و اغتصبوكى .

عند تلك النقطة انهارت أرضاً وهى تنثنى على نفسها تبكى بحرقة .. تحاول استيعاب كل هذا و لا تقوَ!
لينحنى سفيان جوارها وهو يحتضن كتفيها بدعم ويستطرد بقوله :
_لما عملوا فيكى كده انتى كنتى برا ف العربية .. و السبب انك مش فاكرة اى حاجة من دى .. انك اتخبطتى ف دماغك فعلا و ده سببلك غيبوبة قعدتى فيها اسابيع .. كان وقت طويل قدر فيه جسمك يتعافى من آثار الاعتداء .. عشان كده لما فوقتى محستيش بأى حاجة .. و وقتها عرفنا أن الحادثة بأكملها اتمسحت من دماغك .. لأنك اصلا كنتى نايمة ف العربية و مشوفتيش اى حاجة و بسبب الضربة ساعة الاعتداءx فقدتى وعيك و مشوفتيش اى حاجة ..و عرفنا بردو انك مش هتقدرى تخلفى لأسباب طبية كتيرة كانت بسبب الاعتداء فى السن ده .. انما البيت لما ولع.. كان فيه امك و ابوكى و نوارة .. و لحد دلوقتى محدش عرف مين عمل كده .. ابوكى مكنش حد يعرف عنه حاجة .. بالعافية البوليس قدر يوصل لشوية المعلومات دول .. و ف النهاية ابوكى مات و اندفنت معاه كل حاجة .. و تقيدت القضية ضد مجهول .
تهدج صوته فى آخر حديثه على ذكر نوارة وهو يطرق برأسه أرضاً .. بينما هى لا ترى أمامها أى شئ .. عقلها قد وقف عن العمل تماماً .. لا تستوعب ولا تريد أن تستوعب ..!!!
لا لن تصدق كل هذا الهراء !

صرخة مكتومة غادرت حلقها كتمتها بقوة وهى تخشى أن يسمعها أحد .. صرخة كانت تعبير بسيط عما يشتعل داخلها كآتون!
يشدد ذراعيه من حولها ليمنحها دعم هى فى أمس الحاجة إليه .. مع همسه المختنق :
_مفيش حاجة اصعب عليا من انى اكون سبب وجعك دلوقتى .. بس اعذرينى .. انا كنت زيى زيك .. تايه .. كانت اول مرة اشوف حاجة زى دى .. انا زى ما قولتى .. كنت مدمر .
تشبثت به بذراعيها وهى تخفى وجهها فى كتفه .. بل تريد أن تختفى عن العالم كله!
====
بعد مرور شهران .. عودة للحاضر ..
====
مازالت فيروز واقفة فى شرفة غرفتها .. داخل الشقة التى انتقلت إليها بعدما خرجت من ذاك البيت !
كان لابد لها أن تخرج .. لم تكن لتظل فى مكان خُدعت فيه !!
وخروجها أيضاً لم يكن بالأمر السهل !
فبعدما انتهت فترة الضعف التى انتابتها بين ذراعى سفيان .. كررت على مسامعه أمر طلاقها منه من جديد .. وللعجب !!
رفض رفضاً قاطعاً .. ومازالت إلى الآن على ذمته !!
حينها .. استسلمت هى .. فلم تكن بالحالة التى تسمح لها بالجدال .. ولكن أمر خروجها من البيت لم تنتظر فيه .. بل هبطت إلى أسفل و واجهتهم بحقيقة علمها للأمر .. بالبداية نظراتهم كلها توجهت نحو سفيان بلوم واضح .. لكنها تحدثت بقوة أمام أعينهم المذهولة :
_سفيان ملهوش دعوة بحاجة !! انا عرفت لما كان رائد بيتكلم مع عمى بالصدفة .

ذُهل رائد حينها وهو يتطلع لها مبهوتاً!
صدق ظنه .. هى كانت تعلم؛ لذلك كانت تتعامل معه بهذا الشكل!!
لكن !!
قطع تفكيره صوتها الذى صدح قاسياً بعدها :
_انا خدت قرارى .. مش هقعد فى البيت ده لحظة واحدة بعد كده .. و مش مسامحاكم على إللى انتوا عملتوا فيا كل ده .
....
كلماتها كانت باترة كحد السيف .. لم يستطع بعدها أحد أن يقول شئ !
هى محقة !
لم يكن عليهم أن يمنعوها عن معرفة الحقيقة منذ البداية .. لذلك هذا كان خطأهم!
وهى قد فعلت صواباً بابتعادها عنهم !!
ولكن رفض سفيان لتطليقها هو ما يسوءها !!
سفيان مازال لديه أمل .. ليس حباً فيها!!
لا ..
و إنما رغبة لإنقاذها مما هى فيه .. فيروز لم تكن له مجرد ابنة عم .. فيروز كانت أخته بحق .. و وضعها فى مكانة زوجته لم يكن بالأمر الصحيح أبداً !!
هذا هو تفكيرها هى .. وما تظنه يفكر به أيضاً !!
فهو لا يتمسك بها سوى كنوع من المسؤولية اعتادها سفيان خاصة عنها هى !!
وهو لم يكن بالشخص المهمل تجاه مسؤولياته على كل حال !
يمكن لهذا السبب هي لم تحمل تجاهه ولو مثقال ذرة من ضغينة ..
لم تقدر على أن تتخذ موقف تجاهه هو بالذات .. سفيان كان صديقها وسندها ولم تقوً على فكرة أنه خدعها، والحق هو أنه لم يخدعها .. لكنه حتى وإن كان فعل فهى لم تغضب منه ... البتة !!

أما عن رائد .. فهى قد تيقنت -تماماً- أن ما كان بينهما لم يكن سوى حباً ضعيفاً أنهار أمام أول عاصفة !!
كان تعتقد أنها بمجرد ما إن تبتعد عنه ستكتشف أن ما تكنه له لن ينقص ولو مثقال ذرة .. لكنها أيقنت أنها ما كانت سوى مشاعر اعجابى سطحية ما إن تصطدم بصخرة الواقع القاسية حتى تنهار تماماً!
لكن كل هذا قد ذهب أدراج الرياح!
فبعد يوم بالضبط .. وجدت منه إتصالاً هاتفياً .. بالطبع لم ترد عليه .. لكن مع رنة الهاتف شعرت بدقات قلبها تعود لتدوى من جديد .. وكأنها جثة عادت لتُبعث بعد عدم !!
مجرد اطمئنانها لأنه معها، جوارها، لم ينسها بعث بها طاقات من أمل .. جعلت سخط عقلها على قلبها يتزايد ..
لأنها هى ليست له .. ولن تكون له مهما حدث!!
====
وقد كنتِ .. أوراق خريفى والتى تساقطت إثر عواصفى .. فأصبحت -قطعاً- لا حق لى بكِ !!

هكذا كان تفكير رائد وهو يجلس أمام يمنى فى أحد المطاعم !
مر شهران على عقد قران حبيبته و أخيه!
لا يعلم كيف مرا عليه .. لكن وجود يمنى التى -تقريباً- لم تكن تفارقه هون عليه قليلاً!
لن يقول وجودها قد ملء حيزاً من تفكيره فى فيروز .. لكنه يمنعه عن التفكير بأى شئx !!
إحساسه غريب ولا يدرى له تفسيراً !!
لكن وجود يمنى كالمنوم المغناطيسي يمنع عقله عن التفكير بأى ماضى .. بأى وجع .. بأى شئ مهما كان !
وهو ما شكره لها كثيراً .. بسبب غموضها الذى يلفها ويمنعه من التفكير فى أى شئ عداها بشكل جيد !!

نظراتها الموجهه نحوه كسهام لا تضل طريقها .. تربكه.. وعينيها ... عينيها غريبتين جداً .. ليس شكلاً ولكن تعبيراً!
لوهلة يشعر وكأنها تنظر له بقسوة شديدة، تخيفه ... ثم فى جزء من الثانية تتحول نظرتها لتكون أكثر نظرات أهل الأرض إغواءً .. ولكن لمحة من براءة -تجاهد لتطفو على السطح- تظهر .. فتقمعها هى شر قمع !!
تخيفه ... أحياناً لا يُنكر ... لكن وجودها ليس بغريب .. يشعر أنه يألفه .. روحها التى تحوم حولهم فى أى مكان يجلسون به ليست غريبة !!
كلامها قليل ... بل قليل جداً فى الواقع ومع ذلك لم يرى من هى أكثر منها دراية عنه .. أتها ببساطة شديدة .. تخيفه !!!!!!

_انا من رائي نروح .. قعدتنا طولت اوى .
قالتها يمنى أخيراً بهدوء، مبتسمة ابتسامتها الدبلوماسية .. فانتبه رائد الذى نظر لها مطولاً .. قبل أن يقول :
_يلا بينا .
..
خرجوا سوياً من المطعم .. ثم توجهوا نحو سيارة رائد المُصطفة خارجاً .. ليركبوها ..
لكن رائد الذى ظل جالساً أمام المقود، يديه فوقه لا يتحدث ولا يتحرك .. فقط صوت تنفسه الثائر هو ما انبئها بأنه يصارع داخله .. وكفيه المشتدان فوق المقود حتى ابيضت مفاصله يدل على أنه يحاول منع نفسه عن شئ ما ..!
عقدت حاجبيها بتوجس وهى ترفع كفها ببطء تتلمس كتفه وهى تقول بريبة :
_رائد .. انت كويس؟ رائد .

_لا انا مش كويس .. ولا عمرى هكون كويس غير وهى معايا .
قالها تقريباً دون وعى منه .. قبل أن يفيق لنفسه وهو يلتفت لها فجأة ... مفتعلاً ابتسامة مع قوله :
_انا كويس، متشغليش بالك بيا .

اومأت فى تردد وهى تنظر له بتفحص، مُضيقة عينيها؛ علها تسبر شيئاً من أغواره .. لكنه كان كالبئر السحيقة بالنسبة لها ..
ظلت تنظر له متأملة بتعجب دون حديث .. لفترة طويلة .. لا هى فيها تكلمت ولا هو فيها رفع عينيه عنها .. وكأن تواصلاً لا مرئياً قد انبلج بينهما فجأة .. تواصلاً كان مفتعلاً نوعاً ما !!
انهاه رائد الذى اقترب منها ببطء وكأنه مُغيب .. ظل يقترب منها وهى لم تكن تمانع أو تتباعد .. بل ظل يقترب منها أكثر فأكثر .. حتى لامست شفتاه شفتيها .. فأغمضت عينيها وهى ساكنة مكانها .. ليتعمق هو بقبلته أكثر .. قبل أن يلف ذراعيه حولها متشبثاً بها .. شاكراً لنوافذ سيارته أنها مُعتمة !!
كفيه الذان كانا حولها الآن ارتفعا ليغوصا بين خصلات شعرها ..
حينها شعرت بكفيه اللذان يجذبا خصلات شعرها .. لتفتح عينيها حينها على نظرة غريبة .. بها لمعة انتصار .. أو مرارة كالعلقم لا يستطيع من يراها تحديدها .. لكن الألم كان فيها جلياً !

ابتعد رائد عنها أخيراً فجأة .. كما اقترب فجأة وكأن حية قد لدغته .. ثم استدار عنها ممسكاً بمقود السيارة ليقوم بتشغيلها وينطلق بها دون حديث .. وهى لم تكن تنتظر منه حديث .. بل عدلت من هيئتها التى بعثرتها أنامله، واعتدلت فى جلستها ناظرة أمامها .. دون أن ينبس اياً منهما ببنت شفه!!
=====
كانت تجلس فوق كرسيها المتحرك جوار نافذة غرفتها المطلة على الحديقة!
تنظر للمنظر أمامها بوجه مثقل بالهموم .. وابتسامة يتيمة تجاهد لتطفو فوق شفتيها!

رأسها يضج بأفكاره .. رأسها الذى لم يهدأ طوال سنوات عمرها، والتى تقارب على السبعين!

صوت خطوات زوجة ابنها جوارها قاطع تفكيرها .. فالتفتت لها بابتسامة صغيرة متداعية .. فبادلتها الأخيرة بأخرى واسعة وهى تضع الصينية التى فوقها المشروب فوق الطاولة الصغيرة جوارها .. لتجلس مقابلة لها وهى تقول بود :
_مأنش الاوان بقى يا عمة نرجع فيروز للبيت .

نظرت لها سلوى بنظراتها الثاقبة وهى تقول بهدوء :
_وهو انا اللى كنت طلعتها منه .
_لا .. بس نقولها ترجع .. دى بنتنا ملناش غيرها وهى ملهاش غيرنا .. ومش هينفع تفضل قاعدة لوحدها كده كتير .
قالتها والدة رائد بعقلانية .. فهزت سلوى رأسها موافقة .. لتصمت للحظات طويلة جداً .. حتى نظرت لزوجة ابنها وقالت أخيراً ببعض الشرود :
_عارفة يا جميلة .. انا ابداً مكنش نفسى نوصل بالوضع لحد هنا .. التلاتة احفادى .. و بحب التلاتة زيهم زى بعض .. بس رائد غير .. رائد البكرى .. نفسى و منى عينى أن اشوف ابن ليه قبل ما اموت ... بس ربنا مش رايد .
ربتت والدة رائد فوق كفها بلطف وهى تقول بما يشبه الرجاء :
_مقدر و مكتوب يا "عَمة" .. فيروز لرائد يا عمة .. و ربنا مش رايدلها انها تجيب ولاد .. عتبى عليكى انك خليتى سفيان يكتب كتابه عليها .. و انتى عارفة ان قلب اخوه متعلق بيها .. عملتى فُرقة بين الإخوات بدون قصد .. رائد من شهرين مكلمش سفيان كلمتين على بعض .

ابتسمت سلوى وهى تسمع لفظة "عمة" من زوجة ابنها .. كما كانوا ينادوها قديماً فى بلدتهم .. ثم اومأت بشرود وهى تعاود القول :
_لا .. رائد تفكيره مش كده .. مش قصده يقاطع سفيان .. هو بس مرتبك عشان كتب كتابهم .. تعرفى يا جميلة .. انا كل إللى عملته ده .. معملتهوش غير عشان مظلمش حد فيهم .. التلاتة ولادى وانا مش عاوزة اظلم حد على حساب التانى .. ظروف فيروز صعبة يا بنتى .. صعبة اوى .. ومش عاوزة اظلم حد من ولادك بيها .
_دى بنت عمهم يا عمة .. واجب عليهم يشيلوها غصب عنهم أو برضاهم .
_عشان كده كان لازم كل واحد فيهم يختار طريقه بنفسه .. عشان إللى يختارها هى فى الاخر بإرادته ميرجعش يتحجج بظروفها .. دى أمانة ابنى الله يرحمه يا جميلة .. مش هسمحلهم يبهدلوها حتى لو كنت بحبهم .
ازدردت جميلة ريقها وهى تقول بتردد :
_طب ما رائد يا عمة كان راضى بيها .. و بيحبها و هيشلها ف حبابى عنيه .. و ان كان على الولد كان ممكن يتجوز تانى .. حالنا ميسور الحمدلله .

هزت رأسها نفياً وهى ترد بدورها فى قوة :
_لا يا جميلة ... لا .. بنتى محدش يتجوز عليها .. دى كانت هتكسرها .. و خاصة وهى عارفة هو متجوز عليها ليه .. عشان العيب منها هى .. وانا مش هسمح لحد يكسر بنتى يا جميلة .

تنهدت جميلة وهى تطرق برأسها دون حديث .. فى حين قالت سلوى :
_انا عارفة ان رائد بيحبها و رايدها حتى لو مش هيخلف خالص .. و عارفة بردو ان سفيان مبيحبهاش و ان تمسكه بيها لحد دلوقتى ماهو الا احساس بالمسؤولية تجاه بت عمه .. سفيان راجل بجد .. و مستعد يتحمل مسؤوليتها حتى لو مش بيحبها اكتر من أخته .. بس كان لازم ده يحصل .. لسببين .. يمكن كان سفيان و فيروز رضوا ببعض و قرروا يكملوا .. و ان مكنش كده .. يبقى ده درس لرائد .. لازم كان يتعلمه عشان يحافظ عليها بعد كده .. و هى بجوازها من سفيان كانت فاكرة انها بتنتقم منه على كسرتها و عدم معرفتها الحقيقة من الأول .. و بكده ممكن يشفى شوية من غضبها نحيتنا لاننا خبينا عنها .. مع ان ربنا يشهد .. انا مكنت مخبية عنها غير عشان كسرتها دى .

بللت جميلة شفتيها وهى تحاول اقناعها بما تريد :
_كلنا عارفين ده يا عمة .. بس برضو رائد كان بيحبها من صغرهم .. و كان هيحافظ عليها .. يعنى انتى متعرفيش كان عامل ازاى يوم الحادثة .

لوحت بسبابتها نفياً وتقول بفِطنة :
_لا يا بنتى .. رائد محبهاش من صغرهم .. رائد كان لسه بيشم نَفَسه وقتها .. لسه فاهم يعنى ايه يبقى راجل و مسؤول ... كان دمه حامى زيادة عن اللزوم ، و ده اللى خلاه محموق عليها و زعلان ومش راضيه إللى حصل مع بت عمه .. ده مكنش حب .. لكن دلوقتى اقدر اتاكد اذا كان بيحبها او لا .

تنهدت بهم وهى تردف :
_دى إرادة ربنا و كان لازم كل ده يحصل .. عشان لا ابقى ظلمتهم ولا هما ظلموا نفسهم ولا ظلموا بنت عمهم معاهم .. إللى هياخودها منهم يبقى عارف انه مفيش رجوع .. هيكمل معاها الطريق لاخره من غير ما يجرحها .. سفيان هيطلقها .. لانها هى مش عاوزاه .. هى عاوزة رائد بس لما يحين الوقت بقى و تقدر تسامحه .
_بس كده كلام الناس مش هيرحمنا يا عمة .. هيقولوا طلقوها من واحد عشان يجوزوها التانى .
_الناس ملهاش غير الكلام .. هيحكولهم شوية و ينسوا .. انما انا بنتى مش هضيع سعادتها عشان خاطر الناس .. يولعوا وهى تبقى راضية .
نظرت لها جميلة بابتسامة مطمئنة نوعاً !!
سلوى ليست قاسية لتلك الدرجة .. صحيح أن قرارتها كان فيها نوعاً من الإجحاف فى حق الجميع .. لكن يكفى أن العائلة ستعود ليلتم شملها من جديد على يديها ..!!!
=====
بعد عدة أيام ....
لوح سفيان لتلك الطفلة التى رآها ذاك اليوم فى دار الايتام .. بعدما قضى معها يوماً خصصه لها بعد ذلك اليوم فى الملجأ ..
حقيقة .. كانت تلك أفضل ساعات قضاها فى سنواته الأخيرة .. لأن يشعر بأنه يقدم شيئاً ولو بسيطاً من الفرحة لتلك الطفلة .. كان بمثابة إنجاز بالنسبة له .. إنجاز كان يود لو يحققه لأخرى يوماً .. لكنها رحلت ..!!

استدار أخيراً بعدما اختفت عن ناظريه مع إحدى المشرفات .. ليلمح من بعيد .. تلك اليمنى التى أصبحت جزءاً من بيتهم فى الفترة الأخيرة .. تجلس فى ركن بعيد نوعاً ما .. مع أحد الأطفال تطعمه وتربت فوق شعره برفق وتبتسم له ابتسامة أقل ما يُقال عنها .. أنها رائعة !
شعرها القصير جدا تتلاعب به النسمات الخفيفة .. فترفع يدها من آن لآخر تزيحه عن وجهها!
شعرها شديد النعومة مقارنة بشعر فيروز المجعد !!
فيروز .. على ذكرها تنهد بقوة وهو لا يدرى ما الصواب بشأنها ليفعله!
هو يعلم أن أخيه يحتل كيانها كله .. لكنه لا يملك شيئاً ليفعله أمام ارادتها هى سوى أن يرفض تطليقها لحين أن ترسى هى على بر !!
وتعلم نفسها ماذا تريد !!
فإن استقرت عليه فى النهاية .. فيُشهد الله عليه أنه سيتقبل ذلك .. بل و سيسعى ليكون لها خير عونٍ فى هذه الحياة !!

وأثناء شروده لم يشعر بيمنى التى تقترب منه ببطء حذر ..حتى وقفت أمامه بابتسامتها تلك .. حينها أجفل وهو ينظر لها لأول وهلة .. لكن بعدها ابتسم بخفة .. قبل أن تبادره هى بقولها :
_ازيك يا سفيان .
_الحمدلله .. انتى عاملة ايه .
_انا كويسة .. مبسوطة انى شوفتك .
ابتسامتها تتسع شيئاً فشيئاً مع قولها .. وعينيها تعزف أنشودة نشازة عن نظرتها المعروفة بالفتنة .. وكأنها اتشحت بالحنين فجأة .. ويذكر هنا أن ما شعر به كان "حنين" لا "حنان"!!
والفارق ضخم..
صحيح هو كان يغض بصره عنها كلما كان يقابلها .. لكن نظرتها لا تحتاج لتأويل .. كما أنها أيضاً لا يُخفى على أحد أنها مفتعلة .. هى غريبة وتصرفاتها غريبة .. لكنه يشعر أنها تأتى لحده وتتوقف!!
قليلة الحديث معه بالذات .. وقد أسند ذلك لأنه هو قليل التعامل معها!!
لا طاقة له لمعاملة مثل هذا النوع من الفتيات !!
الفتيات .. المختلفة !!!

صوت رنين هاتفه .. أخرجه من شروده كما اجفلها هى أيضاً وكأنها كانت تتأمله ... لكنه لم يبالِ وهو يخرجه ليناظر اسم رائد المضئ على شاشته .. ليفتح الخط وهو يجيب :
_ايوا يا رائد .. حاضر .. هاجى على طول ...انت هتيجى على البيت.. لا .. طيب تمام .. سلام ..

انزل الهاتف عن أذنه وهو ينظر له باستغراب .. ماذا يريد رائد .. بعدما كان شبه يقاطعه الشهرين الماضيين .. ماذا يريد؟؟
=====
جلس رائد بسيارته وهو يمسك بيديه ورقة ما .. ينظر لها بعينين ملتمعتين .. ها هو قد فعل ما يريد .. لعل فيروزته ترضى عنه هذه المرة!!
بعدما!
بعدما يعيد لها أختها ....أخيراً!!
=====
قراءة سعيدة .



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 26-12-20 الساعة 06:13 PM
Ďonia Mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-20, 11:40 AM   #10

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
افتراضي

اختها مين
هى مامتتتش
يااى حد ينده حد يفهمنا
من لله يابو فيروز


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.