آخر 10 مشاركات
ندبات الشيطان- قلوب شرقية(102)-للكاتبة::سارة عاصم*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : *سارة عاصم* - )           »          وعاد من جديد "الجزء 1 لـ ندوب من الماضي" -رواية زائرة- للكاتبة: shekinia *مكتملة* (الكاتـب : shekinia - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (الكاتـب : الحكم لله - )           »          عالقة بشباك الشيطان (105) للكاتبة: Carole Mortimer *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          69– يدان ترتجفان - كاي ثورب – روايات عبير القديمة(حصريا) ( مكتوبة/كاملة )** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          تراتيل الماضي ـ ج1 سلسلة والعمر يحكي - قلوب زائرة - بقلمي: راندا عادل*كاملة&الرابط* (الكاتـب : راندا عادل - )           »          نون عربية (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree75Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-11-20, 03:50 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل/ للكاتبة شتات الكون، متميزة جداً مكتملة







بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل
للكاتبة شتات الكون











قراءة ممتعة للجميع.....



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 29-05-21 الساعة 03:42 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-20, 04:19 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

رابط التحميل هنا


السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
.
.
اخباركم؟

عدت من جديد
برواية جديدة ومختلفة تمامًا عن بقيّة ما كتبت

في الواقع كُنت راح انشرها بعد ختامها كليًّا ولكن قررت بشكل سريع من إني اشاركم ايّاها في وقت مبكر قليلًا على ختامها
ولكن ولله الحمد هذه المرة قطعت في الرواية مشوار طويل..

الرواية مختلفة تمامًا على ما اعتدت عليه احببت هذه المرة اطرح شيئًا مختلفًا عمّ كتبته.
بالنسبة لي كطرح جريء ترددت بين الإمضاء فيه او التوقف ولكن شجّعت نفسي...لأكمل مسيرة أجزاء كُثر منها!

اتمنى لا يتم الحكم عليها مُسبقًا كما اتمنى منكم الصبّر اثناء نشرها

ولكل من يريد النشر اتمنى يتم التواصل معي شخصيًا في الخاص


اتمنى الرواية تكون مختلفة كما أنا اراها، في الواقع أوّل مرة اكتب نوع مثل هذا

فاتمنى إنّي وفقت في الطّرح...






.
.
بالنسبة لمواعيد البارتز
الأكيد كل اسبوع فيه بارت ولكن اليوم افضل لا يتم تحديده
لظروف عدّة..
.
.

تحياتي لكم

شتات الكون




التعديل الأخير تم بواسطة Topaz. ; 29-05-21 الساعة 12:44 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-20, 04:22 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

مقدمة
.
.
تشعر أنّ روحها الخفيفة تتجدد كلما عبروا في هذا الطريق تُبحلق في كل الأشياء وكأنّها تريد بعنينها البريئتين أن تلتقط صورًا مثاليّة للمناظر التي تحبّها، فهي اصبحت تعشق الصّباح وتعشق إجازة الاسبوع للخروج مع جدّها للإمضاء في طريق الأحساء التي استطونت قلبها بحُب المزارع والنخيل، سيذهبون جميعهم في رحلة انتظرتها مُنذ بداية الأسبوع، كانت متحمسة في إنهاء واجباتها، انجزت واجب "الخط العربي" في تكرار حرف الثاء وانهت واجب الرياضيات في تعلم كيفية جمع الأعداد وانهت واجب العلوم سريعًا دون عناء كل هذا فعلتهُ يوم الأربعاء من أجل ألّا يكون لديها شيء في يوم الخميس، فقلبها طرب ومتشوّق للذهاب للـ"نخل" كما تسميه بل هي مزرعة متوسطة تقبع في شمال الأحساء على الطريق الرئيسي المؤدي للدمام أغلب الاراضي هُناك مزروعة بالنخيل آنذاك.
نظرت للدخان المتصاعد والغيوم تُلاحقهما وهما يسيران بالسيارة، شهقت لتلطب من جدّها: جدي نزّل النافذة ابي اشم الريحة.
ضحك وهو ينظر لها، حفيدته مجنونة بحب رائحة"الطّبينة" والتي هي عبارة عن حرق سعف النخيل وقطع اللحاء"الكرب" والشوك وبعض الحشائش حيثُ تتم تغطيتّه بالتراب الرطب قبل اضمار النّار فيه لكي لا تنتقل النّار لبقيّة الزرع ثم يتصاعد الدّخان ويبث راحة يحبّها اهالي الأحساء وتحبها هي بل تعشقها تغمض عينيها تستل نفسًا عميقًا، يضطرب قلبها النّجدي للرائحة، تُبدي أهازيج السعادة تُغني في آذانيها تكرر
" هذا بخور النخل جدي"
يبتسم جدّها يبدأ بتفهيمها لِم المزارعون يشعلون النّار ويضرمونها لتكوين هذه الطّبينة هي طفلة ولكن تفهم جدّها جيّدًا فهو لهُ القدرة على التخاطب معها بمنطق يوصل لها الفكرة سريعًا دون ان تجد صعوبة في ذلك.
فهمت أنّ هذه الأدخنة المتصاعدة لها فائدة كبيرة في قتل الحشرات الضارة ومنح النخلة القوة وفهمت ايضًا لا يحرقون معها أوراق أو قطع بلاستيكية تحرّك رأسها بفهم وألتفت على الطريق من جديد ليركن السيارة أمام باب المزرعة نزلت معه ونزلوا البقيّة من سيارتهم خلف سيارة جدّها(الددسن)، اخذت تركض تفرد يديها في الهواء الطلّق وتدور لكي تجعل فستانها ينفرج قليلًا، تُفيدها الطبيعة ...يفيدها النّظر في النخيل العملاقة لتُجدد عليها حلاوة الحياة في أوّج طفولتها التي تعيشها بهناء بالقرب من جدّها ووالدها اللّذان يسعدا قلبها بالمجيء لهُنا، أخذت تركض وراء الفراشات السوداء المرقطة بالأصفر، تحاول من إمساكها لتضعها في علبة وتأخذها معها في الخُبر ولكن الفراشة اسرع من وصول يديها إليها، تطير وهي تركض وتصرخ بحماسة طفولية عالية...ينظر لها الجد بقلب مطمئن وسعيد يهمس لها
"تعالي شوف الارنب اللي طلبتيه مني"
تتوقف عن الرّكض لتتجهة لناحية الاقفاص...شعرت بإحدى الدجاجات الحُرّة والتي تركض هُنا وهُناك في المزرعة بلا قيود تطأ على رجلها...نظرت لها وودّت لو تمسكها ولكن الدجاجة ركضت لتسمع صوت نقنقتها( بِق بِق بِق باق) عقدت حاجبيها هنا وادركت انّ الدجاجة هاربة من الديك...واقترب صياحه منها هي في الواقع تخافه ذات يوم طبّق بمنقاره الصغير على صبعها بجلده الرقيق وادماه، لذا هرعت راكضة لناحية جدّها واحتضنها وضحك هنا، وطمئّنها لن يحدث لها ما حدث في السابق...وقدّم لها الأرنب...ابتسمت وابتهجت اساريرها هُنا....فتحت القفص ولكن قال "انتبهي لا يطيح في الثبر"
هزت رأسها برضى واقفلت القفص ليذهب جدها لناحية الشجيرات الصغيرة، نظرت للأرنب اعطته لقبًا"رجوى" اسمٌ ثمين على قلب والدها، نظرت "للثبر" وهو عبارة عن قناة صرف زراعي تتجمع فيها فوائض مياه العيون والنخيل...ولكنه وعر...وذو عمق مخيف....هو بعيد وجدّها واضعٌ سياج لكي لا يعبر احد امامه...انطلقت الفكرة في رأسها لن يحدث شيء للأرنب...فتحت باب القفص....ترددت في إدخال كلتا يديها الصغيرتان لسحب الأرنب لحريّته...تريد ان تطلقه ليركض وتركض وراؤه...اخيرًا مسكت اذنيه...واخرجته...تحسست نعومة فروه ودققت بنظرها على بياضه....ضحكت حينما حرّك رجليه وكأنه يريد الهرب...تركته...وانطلق بشكل سريع اذهلها....وركضت وراؤه وهي تصرخ وتضحك في آن واحد...اخذ يدور حول المبنى الصغير....انفتح شسع نعلها وهي تركض...توقفت عن الرّكض لتجد نفسها في التراب الرّطب....لقد اتسخ نعلها المفضّل عقدت حاجبيها وزمّت شفتيها الطفوليّتان لتنحني وتُغلق شسعُها ...استقامت بوقفتها واخذت تجول بنظرها تبحث عن الأرنب....اخذت تمشي بحذر لكي لا تنزلق رجلها وتسقط على الارض....اتجهة ناحية اليمن ونظرة لقفزات الأرنب الشاسعة نحو"الثبر" صرخت وخشت عليه من السقوط....ركضت وكادت تنزلق رجليها...اصبحت تسحب انفاس الخوف لا تريد ان يموت في اوّل يوم وجدته فيه، عقدت حاجبيها بغضب، نظر إليها ابن عمّها قائلًا"وين؟" ولكن لم تجيبه، ركضت للهاوية وهو عقد حاجبيه حينما ادرك إنّها تتجّهة لناحية الخطر...صرخ بها للعودة ولكن صرخت
"الارنب بطيح وموت"
فركضت حينما ركض وراؤها ابن عمّها الذي يصرخ بها غضبًا ان تتوقف...ولكن استمرّت في الركض...لتنظر للسيّاج هل تقفز منه....فالأرنب توقف بالقرب من "الثبر" تمامًا...لن يحدث شيء...رفعت رجلها اليسار والآخر كالأسد يصرخ بها للتوقف وألّا تتخطّى السياج...ولكن وضعت رجلها اليمين لتنزلق سريعًا في الطين
ويصرخ الآخر
"رحيل طاحت في الثبر"


.
.
نُقطة خوف
.
.

وكأنّ الأشياء بدأت تختفي
تتضاءل لكيلا يتم لها أثر ولا وجود
تتآكل على بعضها لتُحذف من وسائط الذكريات الشيء الكثير
لا شيء هُنا يواسي الشيء الآخر ولا يُخفف عنه
ظلام، وخوف وعينَيْن تترقبّان الفرج بلِا صبر!
تصطك العِظام ببعضها ليرتجف الجسد بلا إرادة من شدّت البرد
اليوم هو اليوم الثلاثون من الصدمة
ضجيج هُناك ضجيج مألوف آلفتهُ خلال هذه المدّة التي ارعدت قلبها الصغير....
صوت ضرب السلاسل على القُضبان الحديدية
صوت وطأ اقدام الوحوش البشريون....هذا صوت خوفها...
انفتح الباب....انكمشت حول نفسها بألم نفسي فظيع...
انتشلوها من على الأرض وحكّموا يديها بالأغلال....
كانت ترتجف...تحاول الصمود أمام الخوف...
تذكرت اليوم الموقف عشرات من المرات ليجعلها تهتز......بحلقت بعينيها كالفاقدة لعقلها ..ثم.....مشت معهما مرغمة عبرّت امام العنابر الأخرى......سمعت ضجيج بقيّة السجينات ....التفت يمينًا ويسارًا لتنظر لأعينهن التي تطّل من خلال فتحات الباب المستطيلة الضيّقة....تعثرّت بمشيها ولكن شدّا على اكتافها وانذروها لتنظر للأمام...ترقرقت عيناها بالدموع....خرجوا من قسم العنابر وقّع الشرطي على أوراق ليثبت خروجهما الى المحكمة في هذا الوقت.

ثم شد على يدها من جديد ...وعبروا الممر لتكسر اشعة الشمس عينيها كلما تقدما للأمام......شعرت لوهلة أنها ميتة والآن روحها ستُبعث للأماكن المناسبة لها ،باتت نبضات قلبها تُسمع....ضجّ في رأسها ألم...من شدّت التفكير اغمضت عينها .....وأخذت تتنفّس بصوت......ثم خرجا بها ليمشيا بها بالقرب من السيارة ..... وأركبوها داخلها....نظرت من خلال النافذة للشارع بتعب وخمول....تشعر ما زالت إلى الآن تحتاج وقت لتعدي هذه الأزمة ...تلفتت تبحث عن نجاتها .....تشعر بالاختناق.....حقًا تشعر انها ستختنق وتموت من هول ما يحدث لها ...نظرت لزاوية معينة من الشارع....
وشخصت عينيها حينما لمحتهُ ينظر لها بأسى.....بصدمة تُماثل صدمتها تمامًا....لكل الأشياء التي تحصل حولها...
ودّت لو تصرخ وتلومه على كل شيء، ودّت لو تخبره انّ السجن مخيف....وبارد......ومؤلم...وهي على غير استعداد تام للمكوث فيه لأيام اكثر!

اغمضت عينيها....تحاول أن تستوعب أي كارثة رمت نفسها بداخلها ....ولم تجد إجابة على ذلك....
شعرت بالاختناق....والاصوات بدأت تتداخل في بعضها البعض
شدّت على قبضة يديها حاولت استرجاع الأحداث ولكن لم تستطع
تشعر بالتّشوّش والخوف، ولكن استمرت في القَسم والتمتمات التي توضّح بها انها مظلومة!

كان الباب مقفلًا....زوجها اقفل عليها الباب.....كيف دخلوا؟ من الباب الخلفي.....ألم يقفله؟ ولماذا؟! أم انه نسى من شدّت غضبه في لحظتها؟

تكرر بداخلها
(اتصلت عليه...اتصلت عليه!)
ولكنه لم يُجيب!
.
.

فتحت عيناها لتنساب الدموع على خدّيها ......فتحوا الباب مجددًا وسحبوها....لتخرج أمام المحكمة!
متى وصلوا؟ لا تدري!

أخذت تجول بأنظارها تبحث عن الخوف والأمان!
وجدته يركن سيارته ترجّل منها
وثقبته من شدّت تحديقها فيه، الرجل الذي ترك في نفسها اثرًا سيئًا لمجابهة الحياة
هذا الرجل الذي انصاغت إليه لإرضاء الجميع وتشتملهم السعادة بحفوف الابتسامات المطمئنة!
لم تتمنّى يومًا ان يقترن اسمها بالزوجة، ولكن عجلُّوا بهذا اللقب
امتلكتهُ وهي ذات خمسة عشر اعوامًا!

سقطت دموعها من عينيها ، دفعوها قليلًا للأمام لتتحرّك ولكن شعرت بثقل جسدها وثبوته على الأرض وكأنّ هناك مسامير غُرزت من باطن رجلها وثُبتت على الأرض.....لم تزحزح ناظريها عنه....هو السبب لكل ما يحدث....هو الوحيد الذي جعل حُبها ينمو اكثر لذلك الشخص....لتستمد منهُ طمأنينة في ضوضاء السجن...لا تستطيع ان تنكر انّه سببًا لضيق حياتها....وسببًا في عدم قبولها للحياة!

آخر ما سمعتهُ منه تهديدًا، ينّم عن ملله منها....شدّوا على يديها بقوة ودفعوها حتى كادت تسقط ولكن امسكوها جيّدًا ...وبدأت تخطو خطواتها على السلالم
وهو يتبعها ....ويرى تقلبات وجهها بهدوء!
.
.
.
تمضي الأيام، لتهدينا دروسًا مجانية ، تمضي بسرعة مخيفة......كانت تشعر بسرعتها في المضي...ولكن الآن....الثانية الواحدة عبارة عن دقيقة والدقيقة عن ساعات كثيرة والساعات عن أيام طويلة.....مشت بثقل في الممر.....والكثير من الناس يحدقون بها......بحجابها الذي لم يوضع بشكل صحيح....لخصلات شعرها الطويل الظاهر للعلن ليتمتعوا بالنظر إليه!.....لجسدها الذي يرتجف جنونًا مما قد يحصل حينما تقف أمام القاضي!......لعينيها التائهتين .....ولجسدها الضئيل بين هاذين الشرطيين اللذان يمسكان بها كالقاتل الحقير!

لفوا يمينًا ثم دخلوا القاعة الكُبرى ...مشوا بخُطى تنظر للأمام بذهول وحينما وصولوا للمكان المطلوب...اجبروها على الجلوس في أول الكراسي أمام القاضي.....اغلقوا باب القاعة
وضرب القاضي بالمطرقة الخشبية على الطاولة ....وبدأت الرسميات للتناقش في الأمر

لم تسمعهم......ولم ترى وجوههم.....عينيها ما زالتا تبحث عنه.....وجدته في تلك الزاوية....يختبأ خلف صمته.....وتحت نظرات والدها الذي لا تدري متى أتى إلى هذا البلد....انسابت دموعها.....ودّت لو تحتضنه...وتخبره أنها بحاجة كُبرى لمعانقته......ودّت لو تخبره عن مدى خوفها.......نظر إليها....بعينيه المحمرتين......رمشت مرتين ثم أشاح بنظره عنها....
وضجّ فؤادها لماذا؟
اجابها الشرطي حينما اجبرها على الوقوف للاستماع للحكم...هل سيعدمونها؟
هي لم تقتله؟ ها هو جالس أمامها.....يبتسم....يحدّق بها مطوّلًا...يرسل إليها رسائل الانتصار...رغم أنه هو المخطئ هو الجاني والمدمّر، هو من تهجم عليها...وهو من حاول التحرش بها.....كيف آل بها الأمر لِأن تكون هي الجاني وهو المجني عليه كيف؟

ارتجفت سواعدها حينما نطق القاضي بصوته الغليظ

(صدر الامر العالي من المحكمة العُليا بمدينة كامبردج .....بمحاكمة المدعوّة رحيل عبد الرحمن عبد العزيز السامي البالغة من العمر ستة عشر أعوامًا في يوم الثلاثاء الموافق لتاريخ 1\1\2013 ..بالسجن لمدة لا تقل عن ثمان سنوات ...رُفعة الجلسة)

التفتت على والدها سريعًا بسبب صوت ارتطام جسده على الكرسي من شدّة صدمته بالحكم ونظرت لأخويها اللذان يحدقان له بخوف....التفتت كالبلهاء عليه من جديد.....تريد ان ترى صدمته ولكن رأت شحوب وجهه...
ثم نزلت عيناها على المجرم الحقيقي....لترى ابتسامته المستفزّه!

همست كالمخبولة: ليش؟!

نهض القاضي ليخرج .....وامسكاها الشرطيان لنقلها للسجن الخاص للمراهقين.....وسيتم نقلها فيما بعد للسجن الذي يضم بداخله اشكالًا والوانًا من المجرمين الحقيقيين!

لم تستطع التحرّك....لم تستطع.....سقطت انظارها على اب زوجها وعمها......وصُعقت ...من نظرات الحُزن المرتسمة في عينه....هل العائلة جميعها هنا؟
اخذت تُداري شهقتها بالعض على شفتها العلوية بأسنانها السفلية!
تحدث الشرطي آمرها بالتحرك...ولكن لم تستطع تريد العودة معهم للوطن....لا تريد ان تتجرّع مرارة غربة الوطن وغربة الأهل في السجون !
سحبت قدمها اليسرى وهي تحدّق بهم وكأنها تودعهم جميعًا ....ودّت لو يأتي والدها أمامها وتحتضنه لتبكي براحة....
ولكن لم يفعل
مشت بخطى ثقيلة وهي تتكأ على اطراف أصابع رجلَيها....كلما سحبت هواء...انتشلتها رجفة بكاء لتخرج شهقة خفيفة من صدرها...لتُخرس لسانها عن رغبته في نطق الحروف....

العالم كلّه اظلم في عينها.....ثمان سنوات ستبقى هُنا ثمان سنوات...الآن عمرها ستة عشر...ستخرج ليصبح عمرها ثلاثة وعشرون سنة....هزت رأسها تنفي الأمر برمته لا تريد أن تتخيّل انها ستنام مطولًّا على سريرٍ حديدي تضرب حدائده الصغيرة في ظهرها كلما تحركّت، وتشتم رائحته النتنة كلما خبأت وجهها في وسادته، وتشد على لحافه بقوة لكي يدفئها ولكن كان يعريها اكثر ليشعرها ببرودته .......هل ستأكل طعامهم الذي لا طعمه له لمدة ثمان سنوات!
والاهم ....هل ستبقى هنا بعيدة عن والدها وخالتها زوجة ابيها لمدة ثمان سنوات......هل ستضيع من عمرها ثمان سنوات بلا طموح...بلا تحقيق ما تريده وإن كان سخيفًا؟!

ارتجفت شفتيها......الممر طويل...حقًّا طويل.....تريد الخروج تريد اكسجين...تريد سحب الهواء لرئتيها...تريد حياة!
ولكن سمعت صوت يناديها.....وقفت واجبرت بحركتها وهي تلتف للوراء أن يشدّا الشرطيان على عضديها!....ولكن لم يأخذ الأمر إلا ثوان واصبح أمام وجهها....يعني هي لم تسير لمسافة طويلة ؟ كانت ثقيلة لدرجة لم تعبر كليًّا من أمامهم!

نظرت إليه.....تنتظره يحتضنها.....يقبّلها ...يطبطب عليها....ويسم بالله عليها ....ويهدّأ من روعها....تريد أن يطمئنها ..تريد أن تسمع منه كلمة واحدة لتزيل هذا الجمود والخوف من عليها ولكن...ما حدث خلع قلبها من مكانه من جديد....
رأت يده كيف كانت ترتفع وتهوي....لتصطدم وتضرب خدها الأيمن ....لتترك اثرًا قاسيًا على قلبها الغريب......
لماذا يضربها والدها؟ ألم يصدق أنها مظلومة؟
لماذا؟
همست: يبه...
وباعداها الشرطيان عنه ولكن تحدث قبل ان يمرراها عن وجهه وعمها واخويها وحتى زوجها يستمعون لِم يقول!

: ليتك متي بدل امّك!

اهتّز كيانها بأكمله، واشاحت بنظرها عنه لا تريد ان ترى تجّهم وجهه ولا تريد ان تستمع صوت أنفاسه الغاضبة
هو غاضب منها؟
ولكن هل يعلم انها مظلومة؟
هل سيتخلّى عنها؟ ولكن هي لم تتخلّى حتى بها ضحّت من اجل سعادته وقبلت بالزواج من ابن عمها ولم ترفض ولم تخبره انها لا تريد الزواج ......خفق قلبها بشدّة.......شدّت على قبضة يديها.....واستسلمت للأيادي التي تسحبها للخارج.....خرجت معهما دون ان تلتفت للوراء......
مشت في الطريق الجديد ، في الطريق الذي يحمل بين طياته غصّات لم تتجرعها يومًا.....الجميع سيتخلّى عنها....الجميع
وربما حتى ليث!
.
.
التخلّي عنك وكأنّك هامشًا لا يُعني.. شيء مؤلم، أن يتركوك تُعاني الألم وحده موجع، أن يوجعوك بعتاب لأمر ليس بيدك فيه شيء مُرهق!

نظراته خلال الزيارات التي حصلت خلال السنتين الماضيتين مجلبة للقهر لقلبها، ومدخلة لروحها في اوساع الاكتئاب
هو يعلم بالحقيقة ولكن يقسو عليها وكثيرًا على مبادئ كثيرة أهمها كلام الناس، والقيل والقال....لم يخبروا أحد بالحقيقة هذا ما فهمته من والدها...ولكن هو موجوع.....من هذه البصمة التي بقيّت في سجل حياتها حتى الممات!

زوجها كان يأتي مع والدها وعمها......والدها دومًا هو المتحدث...القاسي بكلماته...والذي يُصيب قلبها تمامًا....ولكن هي فرحه لزياراته خلال السنتين الماضيتين.....لا يهمها العتاب ولكن رؤيته هي الأهم....هي السعادة...وهي الأمر الذي تخشى من أن تفقده!... ولكن بعد ان مضت على محكوميتها ثلاث سنوات.....لم تراه....وتم نقلها إلى السجن الآخر التي عجزت من ان تصنفه....مخيف حقًّا مخيف.....لا يمر يوم عليها إلا وهي مضروبة....مشتومة.......ملّت من الأمر....تشعر بالحرقة من هذه الإهانة التي تعيشها....تعايشت معهن....واصبحت تشابههن في القساوة...خاصةً بعدما طُعِنت من قبل سجينة ...راودتها عن نفسها ولكنها رفضت!

حتى هاجمتها ، ودخلتا في شجار مخيف.....تلك تضرب...وتمزق ملابسها عنوة....والاخرى تشمّخ وجهها بعنف ......تلك تشتم والأخرى تسب بأقوى الكلمات ....اصبحت تفهم لغتهم جيّدًا أصبحت لديها طلاقة محلية سريعة........ضربتها لتفرّغ غضب الثلاث سنوات في هذه السجينة المقرفة ......تَذكر انها ضربتها بعلبة زجاجية رأتها مُخبأة تحت وسادتها وسادة السجينة التي طلبت منها المعصية!
ولكن الأخرى ....لم تفقد وعيها بل سحبت شظية حادة خّلّفت بعد كسر هذه الزجاجة ولم تتردد في طعن رحيل.....

شعرت وقتها رحيل انها ستفارق الحياة، ستحلّق في العالم الآخر براحة وسكون....حقًّا هي ملّت من الأمر....وتخلّي الجميع عنها حتى ذلك المشؤوم ....صعّب عليها فكرة تقبل الحياة.....

نقلوها للمستشفى .....تضررت من هذه الطعنة بشكل كبير......تضررت رئتها اليُمنى حتى نزفت .....دخلت في غيبوبة مدتها شهرين.......كانت تشعر بما حولها...ولكن لم تشعر به كواقع كانت تشعر به ككابوس ليس كحلم!...لا تدري هل زوجها زارها خلال تلك الفترة أم لا...ولكن تتيقّن انه لم يقم بالزيارة فحينما استيقظت.....لم ترى يزرها احد......
وتتذكر جيّدًا انها بكت لتخليهم عنها وكأنها غريبة لا تحمل بنهاية اسمها كنيتهم!
.
.
.

مضت تلك الأيام الصعبة،.....وتعايشت في السجن ....وتأقلمت على التضارب...والمضاربة...والتنا بز.....والتحرشات.....
هي لا تضرب احداهن دون سبب...من حاولت ان تضربها او التقرّب منها باشمئزاز ضربتها....بعنف مخيف.....كانت تفرّغ كآبتها.....وحزنها....وقهرها بضربهن حينما يعتادون عليها بكلمة او فعل.......حتى جاء يوم.....كسرت انف احداهن وعوقبت في السجن الانفرادي....دون طعامٍ وماء!
.
.
أصبحت تستيقظ من النوم على ضرب وصراخ وشجار....وفي بعض الحين تنام على قراءة كُتب توفر من قبل السجن.......كُتب علمية.....وبعضها دينية تنصيرية...او مسيحية...او علمانية وحتى سياسية قليلًا....شكّت كيف يوفرون كتب كهذه ؟....هل يهربونها؟......لا يهم...لم تهتم...ولكن كانت توّد لو يوفرون لها القرآن.....فهي تعبت طلبتهم به كثيرًا ولكن اخذوها بالسخرية.....
.
.

عانت كثيرًا من ناحية الطهارة....من ناحية الصلاة في السجن.......حتى تطوّر الأمر وبدأ كوسواس ينهش قلبها.....كانت لا تنام....تخشى من ان يُبطل وضوؤها فهناك أوقات محددة للدخول للخلاء......ليس كل الوقت متاح لها ان تدخل لتتوضأ....فكانت تدخل من الساعة السادسة ليلًا.....وهذا الامر ليس به عناء....لتصلي.....المغرب.....تبق ى على وضوؤها للعشاء...ثم....يأتي وقت تناول العشاء...تدخل على هذه الأوقات الخلاء تجدد وضوؤها......تصلي صلاة العشاء...وتسهر الليل...لكي تعيد جميع صلواتها خلال اليوم كله!......بسبب شكوكها في الطهارة......ثم تقرأ الكتب محاولةً في اشغال نفسها بأي شيء ليمضي الوقت سريعًا كما تظن.....اصبح الامر مؤلم....لا تنم...تعيد الصلوات....تقرأ..إلى ان يحين الفجر .....تصلي الفجر.....تنام قليلًا ربما لأربع ساعات أو أقل.....تجلس...على أوامر لخروجهن.....لتنظيف ممرات السجن......وهكذا....

امر وسواسها استمر لسنتين آخرتين......استمر هذا الوسواس....وهذا الحزن...والتضارب....والشجار... ....استمر لأيام طويلة...
وكل يوم يترك في جسدها نُدبة .....
اثر الطعنة بالقرب من خاصرتها باقٍ
اثر الحرق السجائر التي تُهرّب للسجينات على كتفها باقٍ، اثر التخميشات بالأظافر و الموس الحاد الصغير بالقرب من رقبتها وحتى صدرها باقٍ ، شعرت انها تشوّهت.......خارجيا وداخليًّا!

تعايشت مع هذه الآثار التي قسّت قلبها وكثيرًا......كما ان التدقيق في امر الطهارة اصبح مرهقًا وأصبحت عاجزة امامه على تحقيق مطلبه على وجه الكمال!


بكت كثيرًا بعد ان منعوها من تغيير ملابسها وطلبها لملبس اخر بسبب التصاق الدم فيه....شعرت بالجنون......كيف تصلي بعد......هذه الدماء التي التصقت بها بعد قضاء عادتها الشهرية......اي قرف يريدون منها ان تعيشه اكثر؟
تريد الاغتسال....ممنوع....
التبديل ...ممنوع.....
لا تدري كيف عادت عليها بعض مضي عشرت أيام فقط لا تدري
اصبح كل شيء بها مضطرب...اصبحت تأتيها بآلام تجعلها تصرخ من شدتها.....اصبحت ايامها ثقيلة وممتدة لعشرة أيام.....يئست.......واستسلمت ولكن لم تتهاون في امر الصلاة ابدًا!
.
.
ان يكون يومك مثل الغد والغد مثل الأمس والأمس مثل اليوم أمر يدعوك للجنون قليلًا....ملّت من كل الأشياء التي تُحيطها....ملّت من التضارب...وتأمل السقف...ملّت من تدريبات ماري تلك الفتاة التي برحتها ضربًا في السنوات الماضية اليوم أصبحت صديقة مقربة .....تدربها على الملاكمة كونها مدربة سابقة......اتفقتا اثنتهما على بُغض المثليين في السجن!

ورأت ماري رحيل بحاجة كبيرة للدفاع عن نفسها دون إلحاق الضرر لجسدها الذي احتفظ بالكثير من الآثار والضرب.....لم تتقبلها رحيل...ولكن الأيّام كفيلة بأن تجعلها تتقبل أي شيء!

بينما هي لن ولن تنسى يوم الثلاثاء من السنة السادسة من محكوميتها....أتى إليها في ظهيرة ذلك اليوم ....أتى ولا تدري هل توافقهم للخروج ورؤية الزائر قبل معرفته أم لا؟

لن تنكر كانت تتمنّى ان يكون الزائر هو والدها فقد اشتاقت إليه مضت ثلاث سنوات دون أن ترى وجهه تخشى من نفسها من نسيان ملامحه التي تجلب في قلبها الراحة والطمأنينة، ابتهجت ومنّت نفسها من رؤية احباؤها....تنفست بعمق.....

وعادت لصلابتها التي اكتسبتها بسبب الأيام القاسية......مشت معهما...وقلبها يخفق الحانًا كُثر......ألحان شوق، حنين وخوف.....تريد ان ترى وجهه الحنون ويحتضنها بأبوّته....تريد أن يُمسد على ظهرها ...ويخفف من أوجاعها .....تريد أن يمسح بكلتا يديه الحنونتين دمعها...تريد تبكي ....بلا حواجز معه......
فتحوا لها الباب الحديدي......لم يفكوا الأصفاد من يديها.....تذكر بأول سنتين حينما يأتي والدها يحررون يديها...ولكن الآن لماذا لم يحررونهما؟ هل تغيّرت القوانين؟!

لا يهم ....ما يهمها الآن رؤيته.....كانت متيقّنة من رؤيته.....ولكن حينما شرّعوا الباب لها......وتقدمت بخطواتها للتقدم للداخل......مشت وهي تحتفظ بنصف ابتسامة....حقيقةً نست كيف تبتسم...كيف تضحك.....وتهز المكان بسعادتها...نست كل هذا!.....لذلك اكتفت بنصف ابتسامة....لا تريد أن يراها عابسة دخلت ...نظرت للمكان ...بشوق ادارت عينيها تبحث عنه....وسقطت عيناها عليه.....توقفت عن المشي....وسمعت إغلاق الباب.....خلفها.....

شعرت وكأنّ احلامها هُدمت امامها......اصبح وجود ابيها امامها كالحلم!

تنهدّت بضيق....وأشاحت بنظرها عنه.....لماذا اتى؟
ألم يختفي عنها خلال الثلاث السنوات الماضية ...لماذا اتى الآن....كان عليه أن يأتي في الأيام الصعبة التي تجاوزتها دونه.....هي ليست بحاجة لوجوده .....ولرؤيته.....يكفيها الحُب الذي تُخبأه في ثنايا صدرها فهو وحده من يجعلها دافئة ومطمئنة ....ويجلب لها الأمل الذي تقتله جدران السجون!

ماذا يُريد؟.....هل تاق قلبه للشجار؟.....للتجريحات.....والك لام الفارغ؟
عادت خطوة للوراء ، تحت انظاره التي تحدّق في تغيّر ألوان وجهها وعبوسه!
نظر لتنهيداتها....لشكلها الذي تغيّر عليه...كبرت....اصبحت شهية اكثر وهي حزينة بهذا الشكل العنيف القوي!....لم تُخفى عليه قوتها .....وشراسة نظراتها .....هُناك شراسة تنبعث من عيناها حينما تحدّق للمكان بشتات.....جسدها ضئيل ولكن التمس قوّته بوقوفها هكذا بظهر مستقيم وشامخ ربما بسبب التمرينات التي تعملها مع ماري......جعل من جسدها النحيل....قويًّا ومستقيما وشامخًا....بشكل واضح لمرأى العين!

حينما نظر لقدمها اليسرى تعود خطوة للوراء نهض
سريعًا
ليقول: رحيل.....

توقفت، ونظرت في عينيه، كانت تنظر لعينيه بشكل اشعره بالقشعريرة والألم على حالها....قرأ كل شيء من خلال عينيها.....متتبع بقيّة القراءة من خلال الآثار المرتسمة على شكل جروح وندم متفرعة بالقرب من خدها وانفها الشامخ وحتى رقبتها المكشوفة.....جروح طويلة....بتعرجّات كثيرة لترسل لهُ أغنية ألم تجرعة نوتاتها خلال السنوات الماضية، اخذ نفسًا عميقًا......

فقال: لو سمحتي تعالي جلسي....

وأشار للكرسي.....لم تُشيح بنظرها عنه ، كانت تحدّق به ، تغيّر في الواقع عليها....كبر......شعرت بذلك.... الآن اصبح عمره ستة وعشرون سنة ....بينما هي واحد وعشرون سنة.....اصبحا في سن العشرون......اصبحا ناضجين ولكن بطريقة مختلفة عن بعضهما البعض.....
حكّت انفها وبضيق
لخذلانها لعدم مجيء والدها: ما له داعي ليث.....لا كان جيت.....ما فيه شي يستاهل يخليك تجي وتشوفني.....صح؟

فهم تُعاتبه لعدم مجيئة خلال السنوات الماضية واليوم يأتي ليزف لها خبرًا مضى عليه ستة اشهرٍ! ليس مجبور في التبرير لها....لأنّ التبرير سيوجع قلبها اكثر مما يخفف عنه.....هو حقًّا يشعر بصعوبة الأحداث ومرورها أمامه دون ان يجد حيلة .....وحينما يجد حيلة ابطلوها قبل تنفيذها فماذا يصنع ؟

تحدث وهو يشبّك أصابع يديه ببعضهما البعض: رحيل....جلسي.....

يأمرها كما يفعلون .....يريد أن يجبرها على الجلوس معه....بعد حدوث كل الأشياء.....هي كانت بحاجة للفضفضة للتحدث معه وإلقاء اللوم عليه في وقتها ولكن الآن كل شيء خمد بصدرها ليحرقه بخفه .....لا تريد البقاء معه...لا تريد.....والآن يأمرها بكل برود.....بأن تجلس معه....وكأنه يزورها بشكل يومي!

اقتربت منه بطريقة هجومية ، وضربت بيديها على الطاولة واصطكت اصفاد الحديد عليها ......مما لفتت انظاره وجعلته يرفع رأسه لينظر للغضب المتدفق من عينها وحتى ألفاظها
كان صدرها يرتفع وينخفض بشكل مخيف

تأخذ هواء بكمية كبيرة وتزفره بغضب : ليش جيت؟.....ثلاث سنوات باعد نفسك.......عن المواجهة ليش الحين بالذات جيت هاااااااااا؟

لم ترى منه إجابة
فضربت من جديد على الطاولة: ليث لا عاد تجي.....مابي اشوفك....وانا عارفة انك ما تبي تشوفني...بعد....حالك حال ابوي....اخواني.....كلكم تظنون......الغلط مني........كلكم تفكرون....إني انا اللي سمحت لهم يسوون كل هالاشياء ....

صرخت في وجهه بعينين محمرتين : كلكم تظنون انه شرفكممممممممممم طار في الهواء......

اغمض عينيه بقوة ثم تحدث بنبرة عالية: عااااااااااااارف انك دافعتي عن نفسك......والتقارير الطبية تثبت عذريتك!

علقت عيناها في عينه وهي ترمش في الثانية الواحدة مرتين بشكل سريع، فهمت الأمر استقامة في وقفتها...واخذت تتقدم خطوة للأمام وتعود إلى نفس الخطوة من جديد حكّت جبينها....وبدأت يداها بالارتعاش....فهموا بأي علاقة تعيش مع زوجها؟ عضّت على شفتيها السفلية....ثم وبشكل هجومي سحبت الكرسي وجلست أمامه...
تحدثت: عرفوا انّه حنا.....

كان ينظر إليها ، تغيّرت ردود افعالها
لم تكن تغضب هكذا في السابق....لم تكن مضطربة هكذا ابدًا
قاطعها: مابي أتكلم في هالموضوع....

رحيل بحده وانفعال في آن واحد: أجل جاي نتكلم في أي موضوع؟....شالموضوع المهم اللي خلّا سموّك تجي تزورني بالسجن بعد هالسنين اللي مرّت؟......شاللي ذكرك فيني؟

سيحرقها اكثر سيجعل رمادها يشتعل من جديد ليُصبح رمادًا آخر.....ربما سيحرق الجميع يومًا...كيف يخبرها....ليس من حقّه ان يوجعها ولكن مجبور....هذه الأيام الصعبة تُجبره كثيرًا على ارتكاب الحماقات والاخطاء التي ربما لن يغفرها له الجميع....خاصةً رحيل.....

مسح على رأسه عدّت مرات وبدأ يتوتر....ويحكّ حاجبه بطريقة مريبة لها.....
....... فهمت توتره ......

اسند ظهره للوراء....كيف يرتب الكلمات كيف؟

مسحت على انفها، لطول سكوته ، تسلل توتره لقلبها....فهمت حيرته في التحدث

احبّت ان تختصر عليه الأمر: في تطور في قضيتي؟

ولكن فجأة اردفت بسخرية: صحيح المفروض ما اسالك لأنك مو متهم....

انقّض سريعًا ليمسك بأكتافها
حدّق في عينيها التي تحدقان به بغضب : مهتم....مهتم بشكل ما تتصورين....ثلاث سنوات وانا اتنقل من محامي لمحامي ثاني..عشانك.....بس كلما نلاقي ثغرة قانونية يمكن تطلعك من هنا بسرعة طمسوها ......طمسوها يا رحيل.....واخفوها...

ابعد يديه عنها واسندت نفسها على الكرسي وهي تقول: ماله داعي للكذب....
كان سيتحدث ولكن عض على شفتيه وابتلع كلمته وابتسمت باستخفاف على ردت فعله، تمتم بالاستغفار
ثم قال وهو يشتت ناظريه عنها: جيت لك لأمر عائلي....

التفتت عليه بسرعة، "أمر عائلي" خفق قلبها هنا، ماذا حدث؟
ما هو الأمر العائلي العاجل الذي جعل ليث يأتي إليها....خافت
تنفست بصوت مسموع وازدرت ريقها
: شصاير؟

ليث نظر للمعة خوف تحتضن محجر عينها، سمع صوت تنفسها الذي يضيّق من تنفسه.....لا يدري كيف يزف إليها خبر مثل هذا في السجن....
ولكن ...وضع يديه على يديها.....وكانت ستسحبهما منهما كردة فعل سريعة منها ولكن شد عليهما ....
: رحيل......
ارتجفت يديها وحاولت ان تسحبهما من يديه لا تريد منه ان يشعر برجفتها واثر وقوع جملته عليها
شدت على اسنانها: اترك ايديني.....وقول لي وش صاير؟

شد اكثر على يديها واقترب من الطاولة وتحدث وهو يحدّق في اهتزاز الدمع الساكن في عينها

: كان المفروض اقولك هالخبر من قبل ستة اشهر بس ما كان عندي الجرأة ولا حتى الحين عندي الجرأة اقولك إيّاه....

اغمضت عينيها بقوة لا تريد ان تبكي...وظن ليث حينما ستُغمض عينيها ستسقط الدموع واحدة تلو الأخرى كعقد اللؤلؤ المقطوع ولكن صُعق...لا دموع منزلقة على الخدين.....فتحت عينها ورأى لمعان الدموع المخادعة له من جديد......
وهي تهمس بانكسار: ابوي فيه شي؟
وارتجفت يديها بقوة ، وشد اكثر على يدها...بلل شفتيه وهو يحرّك رأسه بالنفي......
فأغمضت عينيها لتهمس بالحمد.....حاولت سحب يدها وهي تقول
: دام ابوي بخير....يعني ما فيه شي ...صح؟

شد اكثر على يدها حتى آلمها ولكن لم تُبدي له بهذا الألم.....طأطأ برأسه....كيف إعادت بناء نفسها من جديد حينما نفى من ان يكون والدها مصاب بمكروه؟
عزّ عليه ان يُهدم ما بنتهُ بداخلها من أمل جديد
عزّ عليه أن يهديها حُزن من نوع آخر ويرحل دون ان يخفف عنها وهي في هذا السجن المظلم.....

هزت يديه لتسحب يدها ولكن رفع عينيه وبلا مقدمات
اردف: اختك ماتت!

جمدت في مكانها واخذت تحدّق به ، وتكرر ببطء
: أختي ماتت؟

هز رأسه ليؤكد لها.....ازدردت ريقها .....رمشت عدّت مرات.....لم تستوعب الامر....ماتت؟.......إحدى التوأم ماتت؟......إحداهما....أُرسلت من هذه الدنيا إلى العالم التي تمنتهُ كثيرًا......الى المكان الذي تظن بداخله هدوء وطمأنينة اكثر من هذا العالم......يعني الآن تلقّت فُقد أبدي مهما فعلت لا تستطيع تعويضه....ضحكت بخفة.....وهي تهز رأسها يمينًا ويسارًا غير مصدقة الأمر....تحت انظار ليث الذي يمسح على كفيها ويشد عليها بخفة ...لا يريد ان يخرج من هنا قبل ان تستوعب الأمر ...لقد ارشى المسؤول هنا ليبقى معها لمدة ساعة ونصف......يريد ان يكون بجانبها يعلم لن تتحمل الأمر يعلم بذلك.....

سحبت كفي يديها منه بقوة واستطاعت سحبهما ثم ضمّت كفي يدها لناحية صدرها تكرر: ماتت....

ليث خشي عليها : رحيل.....

رفعت عيناها له بوجه محمر ومخنوق وبغصة: مناهل ولا وصايف؟

ليث سكت مسح على ذقنه مردفًا: مناهل.....

لن تتحمل وصايف فُقد اختها التوأم.....لن تتحمل....هذا ما تفكر به الآن....بينما هي.....لن تتحمل هذا الفراق ابدًا.....نهضت ...وهي ترتجف....نهض هنا وهو يناديها ولكن ....لم تُعطيه بالًا.....مشت بانكسار....لناحية النافذة المحكمّة بالأقفال والتي ضد الرصاص.....تنهدت .....واخذت تشهق ....شهقات متتالية ...مخيفة لليث....الذي مشى خلفها.....واراد ان يمسكها ولكن صرخت

: لا تمسكيني....
فوقف في مكانه....اقتربت اكثر من الجدار والنافذة أصبحت امامها تمامًا.....تشعر بتنمل قدميها....تشعر بالاختناق......والخوف......اليو م تلقت خبر موت اختها .....اليوم خسرت خسارة عظيمة وهي في السجن....اشتاقت لها ...كيف تموت قبل ان تراها....كيف؟.....اقتربت من النافذة.......كانت اشعة الشمس متسلسلة منها ....دخلت تحت الاشعة ....وهي تحاول مسك هذا الشعاع كالمجنونة.....
هذا حريّتها، هذا الضوء حريّتها....وحريّة مخاوفها.....

ليث ارتعب لحالها : رحيل قولي لا إله إلا الله......

كان الشعاع ينعكس على الاصفاد.....وهي تحاول تحسسه...واخذت تقترب......من النافذة إلى ان لمست بيدها الزجاج....شهقت من جديد.....وهي تنظر للسماء.......
همست بكلمات متقطعة مفهومة لليث: ياا ربي...يووووجع.......يوووجع.......

وهي تضرب على قلبها....ثم اندفعت لتُلصق جسدها على الجدار القريب من النافذة لتنهار باكية .......وهي موليّة بظهرها لليث....

ليث اقترب منها ، هنا ومد يديه ليمسك بجسدها وهي تتلوى باكية وتضرب بيدها على الجدار
صرخت : منااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااهل ل............

ليث لفها إليه واحتضنها بقوة ....وهو يحاول ان يُدير وجعها....وألمها....يحاول ان يخفف عنها ولكن ......ما لم يتوقعه انهيارها بهذا الشكل.....وارتخاء جسدها ما بين يديه
وسكون أنفاسها!
.


.
.

بداية
.
.
في وقتنا الحالي من سنة 2020
.
.
تقلّب الأوراق ما بين يديها، تتمعنّهما جيّدًا تُعيد قراءتهما من جديد لا تُريد ان تُخطأ لا تريد أن تكون هُناك بقعة سوداء في سجلها الطبي الحديث......ستتمكّن من كل هذه الضغوطات...كل شيء يسير على طبيعته....وما تشعر به ....أمر لا بد منه حالها حال أي موظف جديد في سنته الأولى....لا داعي لا للقلق ولا الخوف....
ولكن ما بال اليوم الطويل هذا؟
مسحت على وجهها عدّت مرات ، ثم نهضت من على الكرسي مبتعدة عن المكتب.......نظرت لِمَ يجول خلف النافذة.....ما زال المستشفى اليوم مكتظ بالحالات الجديدة ، باب الطوارئ لم يهدأ يُدخل عليهم ضحايا حوادث سير كثيرة ....تنهدت
ثم أشاحت بوجهها عن النافذة سمعت رنين الهاتف
سحبته من على الطاولة نظرت للاسم
اجابت: هلا يمه....
اجابتها بصوت حانٍ: هلا يا عين امك......وراك يمه ما جيتي تأخرتي؟
ضغطت بأصبعَيْها الإبهام والسبابة على عينيها : باقي لي ساعة وإن شاء الله يخلص دوامي....
سكتت والدتها ثم قالت: جدتك متصلة علي......اليوم مسوين عزيمة......يبون العيلة كلها تجتمع.....قبل لا ليث يرجع أمريكا باليل.....

اغمضت عينيها، لا تريد ان تواجههم من جديد، لا تريد ان تُسمم جسدها لحديث مفروق منه ومُتعب...لا تُريد احراجات كثيرة ......لا تريد ذكريات لعينة.....كيف تهرب هذه المرة كيف؟

تحدثت: يمه ماله داعي اروح.....
فهمت نبرتها تلك، نبرة الحزن الذي نتجت عن الضغط العالي الذي تجرعتهُ من جدتها وجدها....لا يحق لها ان تردعهما بأي طريقة احترامًا لكبر سنهما...

: يا يمه جدّتك لزّمت على الكل يحضر......تعوذي من ابليس يا دانة.....

سكتت ورمشت بعينيها لتُداري دموعها: طيب يمه طيب...الحين مشغولة لرجعت البيت يصير خير....

ابتسمت والدتها: طيب يا يمه...ديري بالك على نفسك.... استودعتك الله...
.
.

ثم أغلقت الخط.....أما هي نظرت للمكتب الذي حلمت للوصول إليه...الذي قاتلت من اجله...وصلت إليه رغم الخلافات التي نشبت بين والدها وجدها وجدتها.....حاربا رغبتها من ان تكون طبيبة....حارباها إلى ان وصل الحد لعدم التواصل مع ابنهما بسببها ولكن بعد سنة من دخولها لكلية الطب عاد جدها يعامل ابنه بشكل سوِ وطبيعي إلا هي.....ما زالت منبوذة في التعامل معها!

كما ان جدتها لم تنتهي من نعتها بألقاب تفلق قلبها ، تتذكر جيّدًا ذلك اليوم الذي اخبرتها فيه
(يا سويدة الوجه .....إن تزوجتي عقب عنادك! ..ماحد يبي مرا تشتغلي وسط الرياجيل....)

لن تلومها على هذا التفكير هذا ما تربت عليه سابقًا وعليها ان تتقبله ولكن لن تتقبل ان يحكّموها بعادات وتقاليد واهية لا معنى لها في الأصل!
تنهدت عدّت مرات......وتذكرت تجريحهما لها....اصبح امر العنوسة ولقبه يطبّق عليها تمامًا من قِبلهما.......اصبح الأمر يقتلها....حينما تسمع امر يخصها من ناحية الزواج.....تشعر حتى والدها بدأ يقلق من عمرها الذي وصل الى ستة وعشرون سنة....دون عريس....دون ان تتلقّب بالزوجة.....اخذ الجميع يضغط عليها دون ان يشعروا بذلك......

والأمر الذي يُبكيها......رغبة والدها بأن تكون زوجة لليث.....أجل زوجة لليث ولكن حدث ما حدث ......واصبح ليث لرحيل ابنت عمها.....جعلوها تتقبّل فكرة الزواج منه....جعلوها تتعلّق بأمل أن تكون زوجة له يومًا ولكن انقطع الحبل بشكل مفاجئ لن تنكر انها حزنت ولكن لم تتألم ابدًا!
هم من خططوا وهم من جعلوها تتأمل دون حُب بل شعرت وقتها أنها مُجبرة على تقبل ان تكون له يومًا ولكن لم تسير الأمور كما يجب.....

نهضت وارتدت (نقابها) قامت بترتيب هندامها....ثم خرجت من المكتب .....لتلتقي مباشرة .....بطَيْفه.....خفق قلبها.....ستة اشهرٍ من النظرات ...والتردد....ومحاولة خلق حديث غير مرتب معها....تشعر أنّ هُناك موّال في رأسه ولكن تخشى من ان تُصيب في معنى هذا الموال....تنهدت بضيق ثم عبرت للأمام
ليتّبع طيفها وهي تعبر من امامه!
.
.
.
خلف جدران المنزل من الواجهة الخلفية ، هُناك لقاءات لا تنّصف بمعانٍ كثيرة، ولكن تحمل بداخلها قلوب في مرحلتها الطائشة من العمر، لا يهمها سوى فعل المغامرات على وجه العِناد أو على وجه الحُب الذي لا يُصنّف في كُتب العاشقين......

قامت بترتيب حجابها وهي تنظر يمنةً ويُسرى وتقول: نواف وش تبي ناديتني؟ وجايبني هنا عشان بس تناظر فيني؟

لن ينكر خائف من ان يأتي أخيه صارم على حين فجأة او اخويها فهد وريان....لذلك سيعجّل بالأمر اقترب منها ادخل يده في مخبأ ثوبه ثم اخرج مدلية
تحمل بطرفها حرفه بطريقة كلاسيكية
ابتسمت وهي تسحبه من يدها: شالمناسبة...
نواف بِلا سابق انذار ضرب طرف رأسها بخفة: تستهبلين على راسي؟
ضحكت بخفة : هههههه للأسف لا....
نواف هز رأسه بيأس : فاشلة دراسيًا وحياتيا...
ضربته بقوة على كتفه وشدّت على اسنانها: شدخللللللل؟
نواف ضحك بخفة : لأنك ما تفهمينها وهي طايره بالهواء....
ثم قال بهدوء: يوم ميلادك بكرا...وحبيت اهديك واقولك كل عام وانتي بخير .....دام شفت الفرصة قدامي متاحة من إني اشوفك....ما فوتها....
خجلت تلك المراهقة من كلامه وهي تشتت ناظريها عنه
ثم قالت: يوم ميلادي يوم موجع بالنسبة لقلبي يا نواف....

فهم حزنها، وفهم جملتها تلك على أي سياق كلام....وعلى أي معانٍ ...فهي محملة بمعانٍ تدّل بطريقها على الفراق الأبدي والحُزن السرمدي!

اقترب قليلًا منها ثم قال: وصايف.....قولي الله يرحمها....
تنهدت بضيق وهي تتلفت يمينًا ويسارًا
ولكي تُضيّع حزنها: يلا خلاص روح....لا جدي والله يطلع وشوفنا ويجلدنا...
نواف ابتسم: طيب.....احبك يا خبلة ولا عاد تحزنين....طيب...
هزت رأسها وهي تتلفت يمينًا ويسارًا مرةً أخرى للتأكد من عدم تواجد أحدهم!
اشارت له: يلا روح...
ارسل لها قُبلة طائرة في الهواء ثم ركض للجهة المخالفة لجهتها.....أما هي ركضت للجهة المعاكسة له والتي تؤدي بها للدخول إلى المطبخ من الباب الخارجي...
.
.
ركض....ليبتعد عن الشبهات .....ولكن بركضته ولهثته وابتسامته جلب إليه كل الشبهات!

كان يركض على سحاب الحُب النائم في صدره، لا يرى شيء أمامه ......سوى وجه وصايف.....ولكن صحى على نفسه ...وتوقف عن المشي ...حينما تلقّ ضربه على صدره ....ضربه خفيفة ولكن مؤلمه كونه تلاقاها على حين غفلةٍ منه!
ارتعب ونظر لوجهه

: وين طسيت فيه.....اخوك صارم ...يقول لك عجّل روح نزّل الذبيحة من السيارة....

بحلّق في وجهه مصدومًا وخائفًا من أنه رآه واقفًا مع ابنت عمه
لم يسمع منه جوابًا

فأشار بيده أمام وجهه: هههههههههههههههي .......الوووو......نوافوه تسمعني....علامك؟

التفت عليه الآخر ليقول: والله من شفت ركضتك تقول ناقه هايجة ....وانا حاس فيه شي....

ابتسم هنا رغمًا عنه والتفت للآخر: وش مخبّص؟
تلعثم هنا وسمع صوت أخيه الصارخ: نوااااااااااااافوه ووجع انقلع نزل الذبيحة...
ثم دخل بشكل سريع وهو يتمتم: جايك يا جدي جايك...

يشعر بالتصادم من أصواتهم وبالخوف من تجمّعهم هنا في وجهة المنزل حكّ جبينه
وهو تأفف: أأأأأأأأأأأف نواف جيب نواف حط....نواف صب قهوة.....نواف نزّل الأغراض....صبي عندكم انا؟!

ضربه بخفة على كتفه ليقول: روح نزّلها لا يجي صارم وقوم بالواجب معك....
اختفى من امام عينهما على هذه الجملة
ليردف: حرام عليك يا ليث خوفته....
ليث التفت : مَن يخاف؟ نواف؟.....لو يخاف صدق...ما سوى سواته الشينة .....قبل يومين.....يا فهد...

تحدث الآخر: طيش مراهق لا يودي ولا يجيب...بس خذها مني يا ولد عمي جبان....والله يخاف من صارم....بشكل ما تتصوّر..

ليث يحدّق لنواف من بعيد: أي اتركه يخاف يا ريّان اتركه....من خاف سلم....
فهد أتى بجانبه ونفض الغبار من على يده: إلا ما قلت لي ورا فيصل ومحمد ما جاو لذا الحين.....
ليث مسح على وجهه: جدي مكلفهم بمهمة....
ريّان ضحك هنا: هههههههههههه جدي وده يسوي الليلة عرس.....بس عشان يجبرك تجلس وما ترجع أمريكا......
ليث ابتسم على مضض: تبي الصدق ما ودي ارجع....
فهد بمعنى عميق: هانت يا ولد عمي...

لم يُعجبه أخيه، ورقّ قلبه في هذه اللحظة
أي قصّة حزن ارتسمت على محياكِ يا رحيل؟
أي هاويةٍ سقطتِ فيها دون أن تخرجين منها سالمة؟!
هو لن ينكر أنه كان مصدومًا لدرجة لم يستطع أن يُبدي فيها بمشاعره، وأصبح كالتمثال واقفًا أمام الأمر بِلا إحداث أيّة ضجّة
أغمض عينيه واخذ نفسًا عميقًا لم تُخفَ على ليث تقلباته، يعلّم ريّان هو الأقرب لرحيل!
لمجيء رحيل على هذه الدنيا قصّة!
قصة مُعاناة وانتظار لاحتضان أمل جديد، ولكنها أتت بأمل لتستبدله من زاوية أخرى على سمفونيّة فُراق طويل!
بينما أخيها فهد متألم لِم حدث لها ولكن قاسٍ عليها
لا يتذكر أنه سأل يومًا عنها حتى لم يذكر أنّه اتصل كما يتصل عليه ريّان ليتأكد منه اّنه ذهب إلى زيارتها......
تذكر ذلك اليوم ، الذي لبس فيه لباس المواجهة لإخبارها عن موت اختها لن ينسى مكالمة ريّان وقتها حينما اخبره بوجوب اعلامها بهذا الخبر وإلا سيأتي إليه ليبرحهُ ضربًا!
ابتعد عنهما ولكن
سمع صوته: لحظة ليث ابي اكلمك....
فهد نظر إلى أخيه وإلى وجه ابن عمه ليث....
سحب نفسه من أمامهما ليذهب لجده بالداخل في المجلس...
ريان لم يسأل مُنذ اتى هنا عنها، ليث بقي في وطنه لمدة لم تقل عن الثلاث اشهر، بقي هنا ليُداوي حنينه ، وليِروي ظمأ حُبه لهذه الأرض ولأهله كافة....
لا يُسمح هنا بذكر رحيل في المجلس بل حتى في بعض بيوتهم، اصبح ذكر رحيل هُنا يشتت اذهان الوجود، ويشتت قلوب كُثر عجزّت عن النسيان ...
اقترت منه
تحدث: ليث...
نظر إليه لوجهه ، لن يقول رحيل تُشبهه ولكن هُناك لمحة تذكّره بها، طريقة تحديق ريّان به يذكّره تمامًا بتحديقها به حينما يختلق امرًا جديدًا للتشاجر فيه معها!

تنفس بعمق: آمر....
ريّان كل شوقه يتدفق في وجهه وفي نبرته الدافئة: اخبار رحيل؟
.
.
رحيل عجزت من ان ترحل من عقولهم ، اشغلت عقولهم وقلوبهم لكي لا ينسوها ولكن تناسوها والبعض منهم حاول نسيانها للأبد ولكنه عجز!
هل يكذب ويخبره انه رآها قبل مجيئه إلى هنا؟ هو لم يراها مُنذ ان زفّ إليها خبر موت اختها ، يعني انّه مضى بما يُقارب السنتين على رؤياها ولكن اخبارها تصله...بطريقة ما!
.
.

حكّ أنفه : بخير...يا ريّان طمن نفسك....
ريّان بلل شفتيه: عارف ليث أنّك تضررت من هالموضوع....بشكل كبير.....جدي وضغطه عليك....واجبرك تجلس بأمريكا......هناك طول محكوميتها.....بس اظن ما طالت إلا وفُرجت....جا الفرج.....جا لك الفرج يا ليث...

ركزّ بناظريه على ريّان ماذا يقصد؟ حدّق فيه مطوّلًا ليقوّس حاجبيه علامةً للشكوك التي تدور في رأسه
قال: شتقصد ريّان؟
ريّان بهدوء: اللي اقصده....طلاقكم صار قريب....

ابتسم بمضض وهز رأسه لعدم رغبته في تقبّل ما سمعه
: انا ورحيل مستحيل نطلّق يا ريّان......
ريّان بشفقة على هذا الحال الذي وصلوا إليه: مانت مجبور تعيش معها....
ليث لينهي النقاش : ما نيب مجبور بس انا اخترت....
ريّان حكّ ذقنه ولم يردف بأي كلمة، فقال ليث
: عن اذنك....بروح البيت ابدّل ثيابي وراح اجي...
هز رأسه وكأنه يريد ان يستوعب رغبة ابن عمّه في البقاء مع رحيل للأبد ولكن يشعر بعدم مصداقية هذه الرغبة خشي من جدّه وراء هذه الرغبة ليجعلها اجباريّة في التنفيذ...تنهد بضيق ثم دخل هو الآخر إلى المجلس!
.
.
.
مُتعبة من هذا الوضع الذي لا تبرير له، لا شيء يفسّر ردود أفعال والدها لهذا الموضوع ، هو ينتشلها من القاع ليوقع بها في ظلام دامس ، هو لا يدري انها تحمل بداخلها كلام مغلّف بالتعبير ناحية هذا الامر ....هذه المرة الثانية التي يرفضه
يرفضه ويبعده ، هي تريد ان تستوعب لماذا ولكن لا تجد الإجابة

أكملت المكالمة : والله رفضه....انا مانيب فاهمه....ابوي....متخيّلة يرفض بدون ما يشاورني؟

اجابتها ابنت عمها لتقول: يمكن الرجال مو كفو يا عهود ...

تشعر بالاستنفار من هذا الامر هي ليست ممّن تسعى وراء الحصول على الزوج ولكن والدها بدأ يجعلها تفكر كثيرًا بردود افعاله من هذه الناحية

: وشو ما هوب كفو....ولد خالتي رابي قدام عينه ....ويشهد له انه رجّال....اللي عجّزت افهمه ليش يرفضه مرتين....

تحدثت الأخرى بنبرة تخللها الشك: وليش انتي مشتطّه؟
عهود بقهر: لأني عجزانه افهم ابوي....

قاطعتها بنبرة تلاعب: عجزانه ولا براسك شي ثاني؟
عهود بمزاج عكر: يعني ؟
أكملت بضحكة خفيفة: هههههههه اشم ريحة حُب بصراحة....
اخذت الأخرى تشتمها لتكمل: وين حنا فيه بالله؟...هااااااا.....مخّك ضرب أخت أصايل؟.
أصايل : هههههههههههههه والله جد عصبيتك وكذا اللي يسمعك تحبينه...
عهود: السالفة مو سالفة حب......السالفة رفض ابوي....متخيلة يرفض حتى ناس تجي لدانة بدون ما يقولها....صار قدام عيني موقف خلاني انصدم من ابوي....
أصايل: والله انا واثقة من عمي ما يرفض إلا انّه في شي....
عهود بتفكير: امممم.......مادري ....يمكن......المهم.....تعالي انتي وهيلوه بدري بيت جدي......مابي اروح واتم لحالي لساعات طويلة....
أصايل: ههههههههههههه طيب متى بتروحين.....
عهود وهي تمسح على شعرها: بتروّش وبنزل بدخل من الباب الداخلي لجدي مالي خلق البس عباية....واطلع للشارع!
أصايل : أقول هجدي بس عيال عمي بو فهد هناك...واخواني...لا سوين لنا سالفة....
عهود وقفت لضحك: ههههههههههههه طيب....انقلعي....
اصايل : صدق لحظة ....بتجي دانه ولا كالعادة...

سكتت ، تعلم اختها لا تستطيع مواجهة لسان جدتها وجدها.....ولا تستحمل الجلوس في مكان غير مرحب بها فيه...ولكن الامر اتى من السلطات العُليا جدتها لا تستطيع ان تخالفه
لذلك قالت بثقة: اكيد بتجي....
اصايل : حلو ...عشان نفلها صح....
عهود أصبحت امام الدولاب: يصير خير ...ما ناخذ منك إلا هالكلام......بعدين ما نشوف لا فله ولا باربي...
ضحكت الأخرى: ههههههههههههههههههههه والله جدتي تبطل مفعول السحر والحماس قبل لا يبدأ....
عهود: ههههههههههههه لا تقرقرين واجد على راسي انقلعي تجهزي ....عشان نروح....باي...
اصايل : باي.
.
.
.
أخبرني عن الحُب ومصداقيته، أخبرك عن جنونك من سماحك لهذه المشاعر بالعبث في أوتار قلبك!
ما زالت متأمّلة به، ما زال قلبها عالقٌ في محيط مظلم ودامس يجول ذهابًا وإيابًا نحوه، تُحبه، سمحت لمشاعرها تلك من ان تكبر وتنمو وتزرع جذورها لتتفرّع وتتيّقن من حبها لناحيته كانت تظن حُب مراهقة عابر بل ليس حُب لا يُسمى حتى بحب بل إعجاب ولكن عُتمة هذا المكان اجبرها على قبول مشاعر تضارب عقلها وقلبها فيها فرضخّت لها بهدوء لتصنع بداخلها
حديقة ازهارٍ ملوّنة بالحياة البعيدة عن الجانب المُظلم منها، تشعر هذا الحُب يقويها، ويُعطيها الامل ولكن حينما بلغت الثالثة والعشرون منها

استوعبت انها اسهبت في هذه المشاعر، التي بدأت تأخذها على طُرق مفترقه ، طرق حنين وشوق....وبكاء ليلًا وارسال الرسائل الهوائية له....
شعرت بفظاعة الخيانة التي يفعلها قلبها تجاه ليث...
ولكن ليست نادمة!
تحلف انها ليست نادمة، تنهدّت ونظرت للجدار المتصدّع والذي خُطّت عليه وشقّت دروب الحنين والضيّاع......تحمّلها هذا الجدار وتحمّل كلماتها العربية الغير مفهومة
مرسومة بتعرجات ناجمة عن اهتزاز يدها وهي تكتب...ملّ من حديثها ومن تأملها ......انقلبت لناحية اليسار.....جميعهنّ نهضن للخروج لوجبة الإفطار....
اليوم تشعر بفقدانها للشهية لا تريد أن تأكل، لا تريد التحرّك ولكن تريد فقط التحديق في هذا الجدار.....تريد ان تتأمل كل ما كتبتهُ
شعرت بقدوم إحداهن والتفت سريعًا
لتبتسم عليها وتقول بلغة عربية تعلمتها منها بطريقة مكسرة فكلاهما اخذتا ثقافة الأخرى بعد مرور هذه السنوات معًا!
تحدثت : قومي.....بريك فاست...
ضحكت على نطقها لكلمة (قومي) دومًا ما تدخل في شجار على طريق المُزاح في النطق ايقنت الأجانب لا يستطيعون نطق بعض الاحرف العربية مهما حاولوا
وضعت يدها على بطنها لتُشير: مالي خلق....بطني يعورني....
جلست بالقرب منها بتعجب : عشان كيذا...لازم.....تاكلي...

جلست على السرير وسحبت نفسها للأعلى وضمّت ساقيها لتلصقهما في بطنها
هزت رأسها: مالي نفس ماري...روحي اكلي....
نهضت الأخرى وهي تشير لأسفل بذلتها: راح اخبي ...
ضحكت رحيل : ههههههههههههههه لا سوينها لا يجيك عقاب يعدّل وجهك هالمايل....

ماري رمت عليها وسادتها الموضوعة على السرير ثم خرجت، تاركة وراؤها رحيل التي نظرت إليها السجّانة لتكرر عليها موعد الإفطار ولكن هزت رأسها انها لن تخرج تركت الباب، ولكن بقيّة السجّانات والشرطة المناوبة كانت تملأ المكان ..... رحيل نهضت
لتتجه للخلاء.... تستطيع ان تذهب الآن للخلاء أو قاعة الطعام دون اصفاد على يديها.... ذهبت لترشح وجهها تشعر هُناك حرارة مشتعلة في صدرها مصدرها ألم بطنها....كما انها ..... تشعر بالغثيان ....اعتادت على هذه الأمور التي تتجرّعها شهريًّا....

توجّهت للمغاسل فتحت صنبور الماء ...وابعدت يدها عنه لتجعل الماء باصفراره الناتج عن الصدأ ينساب اولًا وحينما بدأ الماء صافيًا أدخلت يدها وبدأت ترُشح وجهها بكميات كبيرة، نظرت لحدقت عينيها من خلال المرآة ....ابتسمت بسخرية على ندبته التي تركها على خدها الأيمن...هي تمتلك ذكرى من ليث! ذكرى لن تستطيع إمحاؤها مهما بقيت حيّا!

تحسست هذه الندبة ببط واخذ ضجيج الذكريات يبدأ في عقلها اللاواعي....بللت شفتيها...ثم التفت بشكل سريع على سجينة خارجة من الخلاء.....ابتسمت لها وردت لها الابتسامة
هذه السجينة هادئة، منعزلة على نفسها كليًّا لا تدخل لا في شجارات ولا احد يستطع التجرأ عليها بكلمة أو فعل ....
توجهت للمغاسل.....غسلت يديها ثم نظرت لرحيل التي تنظر لنفسها بأسى من خلال المرآه...اقتربت ثم أخرجت من مخبأ بذلتها الأمامي
فص علك ومدّته لرحيل ،
رحيل نظرت للفتاة ، التي لا تتحدث كثيرًا ولا تذكر لها موقف صراع في السجن.....رغم انّ ماري تحذرها اشد الحذر من أكل أي شيء من قِبل السجينات ولكن رحيل شعرت هذه الفتاة ليس وراؤها الأمور التي تفكر بها ماري سحبت العلك وهي تشكرها وخرجت الفتاة

هي بحاجة لإيقاف هذا الغثيان ، بحاجة كُبرى أدخلت العلك في فاهها وبدأت تمضغه على مهلٍ منها....دخلت الخلاء........لا يوجد قفل في الواقع على الحمام والسبب يرجع وراء محاولتها في الانتحار بعد مرور شهرين من تلقي خبر وفاة اختها مناهل
حصلت على الموس الحاد من إحدى السجينات.....لم تتردد في لحظة ضعفها وضعف ايمانها من إحداث جرح عميق في معصم يدها الايسر بقي اثر هذا الجرح إلى هذا اليوم
اخذت تتحسس بيدها اليُمنى أثر الجرح وهي تُسند بظهرها على الباب
الحنين أتاها، هذا المكان يشهد على عواصف كثيرة منها رغبتها في الانتحار......هذا المكان وحده من أظهرت فيه ضعفها
رغم انه مكان غير مرغوب...وتتذكر نهي والدها عن البكاء في الحمام وهي صغيرة ولكن الآن تُكثر من هذا الأمر كثيرًا...تبكي وتنهار.....بداخله دون ان تجد أحدًا يخفف عنها....يا ترى لو علم بذلك سيوبخها كما يفعل سابقًا؟

اغمضت عينيها.....اليوم تريد ان تتذكر شيئًا بسيطًا ليجعلها سعيدة ولكن لا تجد
يوم زواجها تتذكره ليست سعيدة
يوم سفرها مع زوجها ليست سعيدة
يوم ولادة فقط وصايف ومناهل كانت سعيدة ولكن وفاة مناهل ثقيلة على قلبها
أبعدت هذه الذكريات واسهبت في جانبها الآخر
كيف دخلت هنا....كيف حاكموها.....كيف الجميع تخلّى عنها......عضّت على شفتيها .....

هل هو الآخر كرهها كما كرهوها البقيّة؟

لا تدري ربما نعم ولكن لا تريد ان تؤمن بذلك.....نزعت من على نفسها الثياب وعلّقتهما جانبًا على المسمار المثبّت في الحائط المهترئ
اخذت تستحم وتفكر......وتبكي ....وتحتضن نفسها بهدوء....لا تدري كم من الوقت مضى وهي على هذا الحال ...ولكن تشعر بثقل الثواني عليها.....شعرت بتقلص شديد اسفل بطنها عضّت على شفتيها، ثم أغلقت صنبور الماء، وارتدت ملابسها بعجل....خرجت من الخلاء سريعًا، تريد ان تستلقي على السرير ....ألمها بدأ يزيد....وبدأت تشعر بالحرقة تقتلها من ناحية صدرها....اعتادت على هذا النوع من الألم ....
.
.
حينما وصلت ألقت بنفسها على السرير واحتضنت اللحاف ...بشدة....تشعر بالخوف.....هذا الألم يشعرها بالخوف...يذكرها بكل شيء ....يُسلب روحها لتتعلّق على استار ذكرى محاولتها من النجاة من تحت أيديهم.....

كيف لهم سلبوا حريّتها ، وخطفوا أنفاسها بهيمنة سيطرتهم عليها، شدّت على اللحّاف اكثر .....واخذت تتنفّس بعمق
لا شيء يُضاهي ما تشعر وتحس به، اخذوا حريّتها ، قتلوا احلامًا كُثر، وأوقعوا بها في ظلام دامس، أيعقل هذا!
هل سيأتي يوم وستعوّض كل هذه الأشياء التي الآن بنظرها لا تتعوّض!
خذلان، وتناقض لا تدري متى ستخرج من هذه الدوامة الحقيرة ...لا تدري...
زاد الألم....وزاد النّزف...تشعر بدفء سائل يتدفق ما بين رجليها بهدوء...وهذا الأمر ارعبها...لأنه لم يحدث مسبقًا...كانت تتألم نعم ولكن .....لا تذكر انها تجرّعت مع هذه الآلام....نزف شديد....ماذا حدث لها؟
شعرت بالذعر قليلًا وعضّت على شفتيها حينما شعرت بوخز عظيم ....يتسلل من منتصف بطنها حتى اطراف أصابع قدميها.....ازدردت ريقها واخذت تنظر للسقف.....تعرّق جبينها على حين فجأة ماذا يحدث لها؟

نهضت من على السرير وهي تشعر بالغثيان، يزداد عليها.....وألم بطنها يحرقها....اسندت جبينها على كف يديها اليسرى التي وضعتها على الجدار.....اغمضت عينيها بشدّة....وعضّت على شفتيها....
كل الأشياء تريد حرقها، كل الأشياء تريد ان تستنزف طاقتها، ماذا سيحدث لها هل ستموت؟
تبقى لها اسبوعًا فقط لتنتهي من هذا، اسبوعًا فقط....هل ستموت حينما أصبحت قريبة من النجاة من هذا القبر المخيف؟
هزت رأسها لن تستلم أمام هذا الألم ....شدّت بيدها اليسرى على بطنها......حاولت ان تبتلع صرخة ألم غصت بداخلها.....
ولكن شعرت بالدفء يتسلل إلى ساقيها بشكل مكثّف!...شعرت بعبور سائل ...لا تريد ان تنظر إليه تخشى من نفسها...لا تريد ان تحدّق به.....تخاف.....لا تريد ....ولكن نظرت للأرض نظرت لقدمَيها......ذعرت ...دم....ما تراه دم......ماذا يحدث؟

عادت خطوة للوراء.....لتصطدم بالمواجهة الأكبر بقعة كبيرة على سريرها.....تعبّر عن دماؤها النازفة...مِمّن؟

هذا الدم

....ما يحدث لها غير معقول...مخيف؟....وكأنها امرأة اجهضت طفلها للتو....ماذا يحدث......
شعرت بالتقلّصات تزداد.....جثلت على ركبتيها وصرخت هنا ....بوجع ...بدأ يأخذ مأخذه ليضيّق عليها أنفاسها......ويستثير رعبها من فكرة الموت....كم تمنّت الموت لا تدري كم مرة ....ولكن دعت على نفسها به...عدّت مرات.....ولكن الآن لا تريد الموت هي على غير استعداد تام له...
سقطت منحنية للأمام، صرخت وجلبة جلبة في السجن حتى اقتربا منها شرطيان وشرطيتين....بكت....بذعر...وهي تحدّق بوجوههم وتستمع لأسالتهم ...ماذا حدث....؟...ماذا بك؟
ولكن أصبه فاهها مفتوحًا تعبيريًا للألم وعينيها شاخصتين ...شدّت بيديها على كتف الشرطية وكأنها تطلب منها النجدة
تحدث الشرطي متعجبًا: she is bleeding..
"إنها تنزف!"

صرخت هُنا وهي ترفع رأسها للسقف تطلب الرجاء من الله ان يخلّصها مما هي فيه.....بدأ جسدها يشتعل بالحرارة وأخذت تتصبب عرقًا
امسكتها الشرطية واخذ الشرطي يقوم بالنداء لفرقة معينة وشرح الوضع سريعًا من خلال جهازه.....انقطعت أصواتهم بالنسبة إليها....صرخت وبدأ جسدها يرتجف....تشعر انها تنزف.....بكثافة مخيفة.....لِم تنزف؟
دارت عيناها كالمغشي عليه واستقرت انظارها بشكل تلقائي على الباب....اخذت الغشاوة تسيطر على عينها...ولكن رأت طيف ابتسامة على وجهها....رأت عيناها تتابعها بصمت ثم استدارت ورحلت من أمامها....

همست قبل ان تعض على شفتيها: يمه......

ارتخى جسدها بتعب وبثقل على يدين الشرطيتان اللتان امسكتا بها، لم يأخذ الأمر منهما دقيقتين بعدما اتى الأمر بالخروج إلى العيادة وإن استدعى الامر سيتم نقلها إلى المستشفى حملها الشرطي....
وخرجا بها من خلال الباب الخلفي والذي لا يستدعي للمرور من قاعة الطعام امام السجينات لا يريد إثارة الفوضى .....وإحدى الشرطيات امرت احدى العاملات بتنظيف المكان ومسح الدماء وتغيير مفرش رحيل.....
.
.
بينما رحيل.....اصبحت ترتجف على سرير العيادة، لا تسمع الأصوات بوضوح....شعرت بلمسات تتحسس جبينها....سمعت همهمات .....تتضمن استدعاؤهم اجباريا لنقلها إلى المشفى ......أخذت تأن .....وتزدرد ريقها بثقل......طال الامر قليلًا ولكن .....اعطوها مسكن خفيف ليقلل من الألم........وبعد ان مضت عشر دقائق تم نقلها إلى المشفى..
.
.
.
انتهى



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 29-05-21 الساعة 03:40 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-20, 04:29 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



Part 2
.
.
.

قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.



.
.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.

بدأ الامر يُنرفزه ويأخذ مأخذه في تعشيش أفكار سيئة حولها
بدأ يفكّر لِم هو مرفوض هكذا؟ رفضها له يجعله يتمسّك بفكرة الارتباط بها كعِناد لإثبات رغبته بها وانه قادر على تحقيق رغبة زواجه
زفر، لا يجد مبررات لرفضه مرتّين فهو عاش على ربط حياته لِيُشركها معه في سراب طيفها الذي انطبع في مخيّلته كانت صغيرة ولكن كانت اجمل اطيافه، رقص معها على أحلام الاشتراك على أوتار الاشتياق فهو لا يقبل فكرة هذا الرفض العنّيف الذي وقف أمامه ليعبر ويقف كالشوك في حلقه لا لن يقبّل ولن يتوقف تفكيره عن هذه الأفكار السيئة أبدًا
ضجّ في شرر غضب التآويل التي تُراقص أفكاره واذهانه دون توقف
ولكن انقطعت بطرق الباب، والدته تُحاتيه ....وتشيل على اعتاقها حمل ثقيل....لحالته التي ساءت بعد سماع رفضها له
...كونه ابنها الوحيد وهو الأبن الذي تبقّى لها وتريد أن تراه سعيدًا .....هي عانت على ان تحظى بأبن.....كلما حملت مات طفلها قبل ان يُكمل الخمس شهور في بطنها دون سبب طبي واضح......تأزّمت كثيرًا
لذا تخشى على ابنها من الحُزن ، من الألم ...من ضيقته.....فهو معجزتها التي تمنّتها طويلًا، لا تريد أن يجن لسبب كهذا لا تريد ان تذوق حُزنه!
.
.
فتحت الباب

.
ثم دخلت نظرت إلى وجهه المحمر ولبعثرة الوسط ....أدارت نظرها عليه، وجههُ مليء بالتعابير التي تنّم عن حدّته لا تدري كيف تخفف عنه ، ولا تدري كيف تتقبّل فكرة تعلّق ابنها بأبنة اختها! هل حقًّا يريدها أم يحبها؟ ليجن هكذا فالأمر مختلف حينما يؤول إلى الحُب إلى التعلّق إلى الجنون وبعثرت الكيان، وهي لا تريد منه ان يتبعثر تخشى من هذا الأمر لا تريد ان يضِيع من يديها لسبب كهذا
تنهدت وتقدمت لناحيته إلى ان جلست بالقرب منه طبطبت على ظهره: يمه ذياب....لا ضيّق خلقك....قلت لك....خلاص انسى عهود....

اسمها اصبح ينرفزه يشعل نيرانًا في قلبه لذلك نهض كالمقروص....لا يتقبل الأمر ولن يتقبّله ابدًا
يشعر روحه تريد ان تفارقه يشعر بدبيب نمل يمر ويعبر في جسده ليشعل جنون غضبه ذهابًا وإيابًا عند سماع اسمها

تحدث بعصبية بلغ منتهاها: واذا قلت لك ما ابي غيرها!؟
.
.


"واذا قلت لك تبغي الأرواح تلتقي وتبقى الأماني ما تنتهي!"
ولن تنتهي قبل ان يُنهيها هو بنفسه
.
.

بدأت تغضب من عناده واصراره عليها، كما أن عهود كما اخبرتها اختها رافضة الأمر برمته ...يُعني ليس هُناك أمل ما دامت هي رافضة فكرة الزواج كليًّا فماذا تصنع ليقتنع ابنها بالأمر؟

تحدثت: قلت لك يا ذياب عهود الحين ما همها غير دراستها ماتبي العرس......هي مو رافضتك انت....رافضة الزواج بكبره......فخلص دامك تبي العرس.....ادوّر لك على وحده ثانية حتى لو من اهل ابوك....

كيف يمرر الأمر وكأنها لا تُعني له شيئًا كيف يتركها هكذا ويقطع احباله الوهمية التي تربطه بها مُنذ مراهقته حتى اصبح رجلًا هذا اليوم ؟
كيف يخبرها أنّ قبل النوم يستودع مشاعره لها ويُسكنها في قلبه من جديد لتكبر ويهِيم بها عشقًا سرمدي؟
كيف يخبرها أنّ غضبه بسبب عدم قدرته على قبول الأمر من جذوره؟
اغضبته ، اشعلت في قلبه حيرة وعنَاد وشرارة انتقام
يريد ان يؤلم قلبها ويصيبه مثلما آلمت قلبه ...ولكن يأمل ألا يقسو عليها ويطبطب عليها بحب استوطنه ليالٍ طويله!

ذياب احتد صوته: مانيب غشيم يمه...سمعتك وانتي تكلمين خالتي هي رافضتني انا....يعني رافضتني شخصيًا....


مسحت على شعرها واخذت تنظر لأبنها الهائج

: واذا رافضتك؟...على قولتك شخصيًا......وعارف هالشي.....خلاص ....ارضى بقسمتك ونصيبك ....واتركني الدوّر لك على وحده ثانية....

ذياب بنبرة تحدي ونفور مشتعل في فؤاده: وانا مابي إلا عهود...

خرجت والدته عن طورها وهي تشير له: وعهود ما تبيك يا ذياب افهم افهم....
ذياب بدا له الأمر مهمًا على معانٍ كثيرة
أشار لنفسه بغضب: وش فيني من عيب عشان ترفضني؟

تمتمت والدته بالاستغفار ثم نظرت لعينيه الجاحظتين بالغضب: عداك العيب يا يمه ......بس من حقها ترفض وتقبل .....لا تحط بخاطرك ...هي رفضتك....وفيه كثير يبونك.....

وهو لا يريد سواها!
ولا يُريد سوى تلقينها درسًا في مدارس الحُب وانتقام بسيط لإشعال سحابه فوق رأسها المتحجّر بأفكاره التي تزعجه!

تنرفز كثيرًا: والله يا يمه ما آخذ إلا هي........عن اذنك...

ثم خرج من غرفته تارك والدته تضرب على كفيها بأسى للحال الذي وصل اليه
فكرّت من جديد....ستعاود بالإتصال على اختها ام صارم لتحاول مع عهود في الموافقة!
في الواقع هم لا يعلمون أنّ عهود لم يؤخذ رأيها ابدًا في هذا الامر
لا يعلمون أنّ الرفض ليس من عهود بل من والدها!
وذلك العاشق يريد أن يُهبط على رأسها انتقام تراجيدي بحبّه الذي اخذ يسيّره على افكارٍ مجنونة...
.
.
.
الشعور هذا ...الذي يجعله يمُوت ويحيى في اليوم آلافًا من المرات
يحاول قطعه، ورميه في مجرّات الخيانة...ليهدّأ عقله وباله
ولكن لم يمت...لم يختفي....لم يهدأ....هو خائف....ومقهورًا في الآن نفسه.....كيف يخدعوه؟....كيف أوصلوه إلى هذه الطُرق ؟ كيف هان عليهم ان يوقعوا به إلى فشل ذريع بالرغم من قربهم منه
لم يكونوا أصدقاء فقط بل تعامل معهم وكأنهم اخوة له ولكن ماذا فعلوا به؟
و
ماذا فعل حتى به يشنُّوا عليه حربًا لا تُرى بالعيون
اخذوا جهد وسهر ليالٍ طويلة
بدلًا من أن يُسعدوا من اجله وتشجيعه
اخذوا منه تعبٍ لا يستطع وصفه
بدلًا من دفعه للأمام وجعل نجاحه نجاحًا لهم لأنهم اخوة، أوقعوه في فخٍّ قسم ظهره ولم يُبالوا!
ولكن
تنهّد بضيق ...ثم سحب إلى رئتيه ذلك النفّس الملوّث لينعشه قليلًا!
نفث الدخان بعد ان كتمه في صدره لثانيتين
واطلق سراحه
نظر لتكوّر الشمس في زاوية الغروب من السماء لينبعث شعاعها بخيوط مخملية حمراء تسر الناظرين إليها بهدوء........اخذ يشكو إليها حزنه...ووجعه....اخذ يتلوا لها اغانٍ طافت في حلقه ليلفظها خارجه على عتاب لا يجد من يسمعه....
"الصديق اللي شاركته كل شيء بحياتي خان العشرة ولام صدّي لمن عرفت خبثه"
قوّس حاجبيه، وسحب الدخان من جديد إلى صدره ليتغلل ما بين ذكرى حسنة عنهم وأخرى سيئة تدفعه نحو ضلال أفكاره....
اخذ يبحلق في السيجارة وهو يمرر لسانه على شفته السفلية همس
: والله سفلة!
.
.
ثم اخذ من جديد يسحب هذا الدخان
شعر بصوت خشخشة .....ووطأ قدم احدهم...لم يُطفأ السيجارة ، ونفث الدخان ليتبعثر أمامه ليلوّح له بتشجيع على أفكاره التي ستُلقيه إلى جانب انهيارات الخبائث من انهارهم وينابيعهم التي تفجرّت بداخله دون ان يعي ذلك!
.
.
التفت سريعًا قبل ان يهم بسحق سيجارته ويندم
رآه واقفًا ينظر إليه بشرر، وكأنه يوبّخه على تدخينه

ابتسم له بسخرية وعاد ينظر للأمام
ثم سحب نفس جديد منها لتضمحل بيده وليلاعبها بإنزعاج يده!

اقترب منه اكثر: حمار انت؟
لم يُجيبه
بل نفث الدخان من رئتيه ببطء واخرج جزء منه من انفه وكأنه يريد ان يثبته له انّه متمكّن منها لدرجة لم يتوقعها منه!

تنفرز من نظراته وفعلته تلك
وعبثه مع سيجارته ...
سحب السيجارة من يده واخذ يشمها قائلًا: بديت اشك انك مدمن؟

ثم رماها على الأرض لسحقها كمن يسحق حشرة كريهة ومزعجة لا يستطع الخلاص منها إلا بالدهس!

ضحك بلا مبالاة وبعينين محمرتين قليلًا ناجمة عن سهره الطويل عاملًا على أفكاره التي ربما ستوقع به إلى الغفاري المظلمة!

ليردف: لالا ما وصلت لهالمواصيل....

احتار لأمره مسح على شعره وزفر ليردف بحده: متى بتعقل انت؟ تفكرني ما اعرف شي؟

نظر إليه ببرود: شنو اللي تعرفة؟

اقترب منه اكثر وبنبرة صارمة: المخطط الجديد؟.....وتخطيطاتك الزفت......اللي بتموّت فيها ناس أبرياء!

مات ضحكًا هنا ومسح على جبينه ليردف: هههههههه تراك مكبّر الموضوع.....

اغمض عينيه ليمتّص غضبه
ثم قال: فيصل ....تراك جالس تخطط على قتل أرواح وانت مانت حاس....خلاص سرقوا المخطط منك .....سو جديد وابدأ من جديد....لا تخلي الحقد يملأ قلبك...تراك بتخسر....

استشاط غيضًا: خسروني مشروع ضخم.....وانا عادهم مثل اخواني .....قلبوا علي فجأة صاروا عدوان.....راح اعلمهم العداوة الصح....والله لا أندّمهم....يا محمد...
بلل شفتيه: فيصل......تعوذ من ابليس...وابدأ مشروعك من جديد....اترك عنك العناد...وانت توّك صغير قدامك....فرص....

تحدّث بقهر: من بدايتها خربوا سمعتي........من بدايتها......خلوني الضعيف اللي ما يعرف راسه من ساسة....انطردت من الشريكة....عشان ما قدمته وهم يخذونه مني باردة مبرّدة........وانا حلمي اشتغل في هالشريكة من لم كنت ادرس.....

محمد اقترب منه وامسك يده: بحريقة تحرقهم ......شفت ابوي كيف وقف معاك......سو مخطط جديد وابوي وعمي وحتى جدي بيدعمونك....فيه.......جدي سمعته باذني بكلّم لك...

فيصل بنرفزة قاطعه: ألف مرة قلت مابي دعم من احد...ابي ابني نفسي بعيد عنهم.....مابي احد يحسسني اني مو قادر ألاقي طريقة تخليني أوقف على رجولي....

محمد بغضب: انت تبي تحرق نفسك هذا قصدك......اسمع يا مهندس زمانك....والله ان استمريت على هالعند.....بتخسر نفسك....

ثم تقدم لناحيته وبتهديد: ولا تحدني اعلّم ليث على سوالفك....
ثم أشار لرأسه: هالذكاء اللي فيك حطه في مكانه الصح....لا تخليه يدمرك.....وانزل جهّز نفسك وتعال بيت جدي....لا تتأخر...

ثم غاب عن انظاره وبقي هو ينظر لفراغ أخيه بنفس متسارع
ثم ركل برجله علبة الماء الكبيرة
وهو يشتم ويسب الجميع بلا استثناء!
.
خائف من أن يحُدث هذا الطائش امر لا يستطيع الخروج منه، لا يدري كيف يُقنع أخيه بأن يُشيح بنظره عن هذا الأمر...اصدقاؤه سرقوا جهده لا يختلف هنا ولكن تفكير أخيه شبه اجرامي!
ان يخطط على استعادته واستبداله بمخطط آخر به أخطاء جُرم
وإن كشفوا الأمر في لحظات استبداله له سيسجن لا محاله!
لا يدري هل يُخبر ليث؟ ام يسكت
نزل من على عتبات الدرج....واشتم رائحة البخور تغلغل جيوبه الانفية بهدوء....ابتسم...
حينما رأى اخته تركض لناحية والدتها وتشم رائحة البخور بصوت مسموع: الله يمه الله...على هالريحة اللي نشمها بس في المناسبات...

ضربتها والدتها على كتفها: كذاااابة من يوم يومي ابخّر البيت.......
ضحك بخفة وسمع اخته الأخرى التي تراقب الامر بصمت: صدق بس هالنوع من البخور ما نشمَه الّا في المناسبات..
تدخل هو: عشانه خاص للمناسبات...
تحدثت والدتهما: هذا البخور غالي...شريته من ام عبد لله وادري لو حطيته في يدكم انتي واختك كلتوه.....
ضحكت اصايل: هههههههههههه يمه مو لهدرجه....
ثم قالت هيلة بمزح: يمه ترانا نعرف نفرّق بين المعمول والبخور....
نهضت والدتهم: انا أقول قومي انتي واختك روحوا تجهزوا....مو تلبسون ..وسون خرابيطكم حزّة الحزّه.....
اصايل : الله على الكلام الشرقاوي الللللللللللله....
تدخل هو سريعًا: أي والله امي اكتسبت لهجة اهل الشرقية ....بسرعة....
نظرت إليه : ترانا عمر ساكنين هنا...وما نروح للديرة إلا نادر....
هيلة : بروح اكشخ....وبسبقك بروح بيت جدي ترا عهود رسلت لي انها راحت...
اصايل نهضت : اويلي...قسم بالله بتلعن شكلي.....بقول لي تأخرت الحين...
ثم ركضت على عتبات الدرج تتبع اختها...
بينما ام ليث قالت: محمد ليث رجع من بيت جده ولا...

محمد بهدوء: صعد يتحمم....فوق...
ام ليث تستعجله: طيب قوم تجهز وقول للثاني هاللي حايس عمره على شي ما يسوا يجهز....
هز رأسه وهو ينهض .....ليتجه مرة أخرى لعتبات الدرج...لو تعلم انّ الآخر يفكر بالانتقام على حساب نتائج وخيمة ...ماذا ستفعل؟
تنهد ودخل لغرفته.....
.
.

بينما في الغرفة المجاورة له
كان جالسًا على سريره وبيده منشفته الصغيرة ينشّف شعره بهدوء....يشعر بالعتمة تطوّقه من كل مكان.....يشعر بالاختناق من هذا الإهتمام الذي يزيد من وجع الذكريات عليه، كما يُشعره هذا الإهتمام بالحماقة والخداع، هو مخدوع والآن هو يخدعهم جميعًا!
لن ينسى بداية الأمر في دراستهُ وفي غربته الأمر الذي جلب له جُلبة واجبره على اختيار طُرق صعبة ومستحيل الوقوع فيها ولكنه وقع، ظنّ أنه ذكيًّا بالقدر الذي يردعه من هذا الوقوع ولكن وقع على وجهه وأوقع معه الجميع، لم يكن الأمر منطقيًّا ببدايته ولكن لا يدري كيف اقتنع أنّ هذا الامر اكثر منطقية لجني المال بسهولة وهو طالب في رحلته العلمية التي تخللها ضيق نفسه وماله، ادخل نفسه في اوساع المتاهات اللامعروفة ويعلم جيّدًا القانون هنا لا يحمي المغفلين ولكن لا يدري كيف يخرج من امر كهذا....كل ما يعرفه الأمور بدأت تتوارى عليه كالسيل الذي لا ينضب.....جميعهم أتوا على رأسه جماعة واحدة حتى به نظر للنتيجة التي اخرست لسانه واثقلت حركاته ليُصبح بطلًا ومضحيًّا في أعين الجميع!

تنهّد بضيق يُريد العودة للامكان للأشياء التي يُحبها وتحبه دون مسؤولية ودون أخطاء تجلجل من تحته ارضهُ المطمئنة
نهض بعدما ارتدى ملابسه وهمّ بالخروج من غرفته لكيلا تضيق عليه اكثر بالتساؤلات وبالاهتزازات النفسية الغير مطمئنة!

ولكن سمع رنين هاتفه، مسح هُنا سريعًا على شعره المبلل ثم عاد لسريره ليلتقط هاتفه ثم نظر للاسم
وازدرد ريقه هنا هذا الاسم يذكّره بمصائب عدّه فهو شريك الحُزن وشاهدٌ على الألم!
أجاب سريعًا: هلا ركان....

كان في الممر يجول ذهابًا وإيًّابًا ، الإضطراب اخذ يغشّيه ويأكل من وجهه جزء كبير ...ليث انزل على عاتقه ثقل لمدة سنوات طويلة الزمه بأن يهتم ويذهب لمجابهة كل ما يحصل لها
هو لم يرفض لأنه يريد ان يُسدي دينه! ولكن الآن كيف يخبره انّ اصابتها ليس كما اعتاد عليه في السابق!

تنزف وبشدة والسبب مجهول.......يحاولون إيقاف النزيف...ولكن بلا جدوى...خيار خضوعها لعملية بسيطة لإيقاف النزيف تتطلب توقيع منه.....وامر التوقيع ليس بيده بل بيد ليث!
لا يدري كيف يبدأ في الموضوع فهو يعلم حساسيته ستشعل نيران ليث
.
.

تحدث: هلا ليث....فاضي؟
جلس ليث على طرف السرير بلل شفتيه سؤاله مُخيف وواضح ونبرته حائرة يعرف صاحبه اكثر من اللازم لذلك ليختصر الامر قال
:اي ...صاير شي؟

الأمر ثقيل، حقًّا الأمر ثقيل وجدًا...هو لم يتقبل الأمر و طرأت عليه أفكار شيطانية حول ما حدث لها كيف ليث؟
يخشى من تلك الأفكار التي تدور في عقله يخشى من ان تصيب الهدف ...لتحّز اعناقهم بعمق ثقلها العاري من الرحمة!

تحدث وكأنه يُريد اطالت الأمر: حولك أحد؟

فهم توتره ، سكوته المطوّل .....محاولته في تمهيد الأمر نهض ومسح من جديد على شعره المبلل....
وتحدث: ركان تكلم .....اسمعك....

ركان : رحيل في المستشفى...

عقد حاجبيه وكأنه ألف سماع هذه الجُملة ، سمعها في سنوات سجنها الأولى ووسطها وحتى نهايتها ليس هُناك ما هو جديد ولكن احب ان يتأكّد: مضاربة جديدة؟

ركان ازدرد ريقه شتت ناظريه وكأن صاحبه أمامه يخشى من ان يفهمه وينفجر ينبوع غضبه عليه: مادري...

ليث ليختصر عليه: طعن سكين؟......ولا شي ثاني!؟
.
.
طعن قلبك يا ليث ، طعن معدتك لتستفيض حمضها وتشعل نيرانها المُثيرة التي تأخذ من قوتك الشيء البسيط ومن طاقتك الشيء المعتدل!
.
.

ركان اتجه للكراسي جلس وبهدوء: لا هذا ولا هذاك....ليث....رحيل تنزف..
.

صوت طنين التعجّب وبلاهة الاستيعاب طغت على عقله لتوقفه لثانية وينقطع عن العالم كليًّا ويتجلّى من وجوده في الغرفة
: شلون يعني؟

نظر ركان للمارة ثم قال بثبات ليتخلّص من هذا الثقل: نقلوها من السجن للمستشفى وهي تنزف ومو معروف السبب....الدكتور ما عطاني تصريح واضح.....قال لي احتمال....يكون في يعني احد....

ثم سكت
بينما ليث اخذت أنفاسه تضطرب.....شد على قبضة يده اليسرى...اتصل عقله بالعالم و لمن حوله وبدأت خلاياه تستوعب ما سمعته آذانيه
فاكمل ركان: متحرّش فيها!

ليث بعينين ثابتتين: يعني ما كشفوا عليها؟

ركان : الدكتور عطاني هالكلمتين ودخل مرة ثانية وطلبت انا دكتورة ......تشوف اللازم......بس ليث....عطاني الدكتور ورقة....النزيف مستمر....لدرجه حطوا لها كيستين دم.......ويبوني أوقّع كموافقة مبدئيّة لو ما وقف يدخلونها العـ...

قاطعه بصرامة: لا توقّع......مستحيل......

ركان حك جبينه: واذا ما وقّف؟!

ليث انطلقت جيّاد ذاكرته للوراء وبدأت معالم القساوة على وجهه بشكل لا إرادي وحانق

: تموت احسن........واسمعني ....بس تطلع الدكتورة .....وتعلمك بالتفاصيل...تتصل علي راح انتظر...

ثم اغلق الخط...شدّ على هاتفه

ووضعه في مخبأ بنطاله ، اغمض عينيه ، وعضّ على شفتيه تفريغًا للغضب الذي بداخله، الجميع بدأ ينتهز الفرص لسلب روحه لسلب شيء ليس من حقهم ، خائف من ان تكون مؤامرة جديدة توقع به في هفوات الشيطان، خرج من غرفته لا يريد التفكير بالأمر كله ولا يُريد ان يتخيّل انها ضحيّة لفكرة جديدة.. راح بخطواته يُغلق باب الغرفة بقوة يريد أن يخرج من البيت، برمته ......وفعل ذلك.....ركب سيارته ......واسند سريعًا جبينه على مقود السيارة .....ضيقه.....هُناك ثقل جاثمٌ على صدره يوقف من رغبته في سحب الهواء في رئتيه يريد أن يتلاعب مع هذا الشعور بأخذ زاوية هادئة بعيدة عن ضجيج ما بداخله ولكن لا يدل هذه الزاوية!

أيعد من الجنون ما يفعله؟ وما يجب عليه فعله؟!
ليس من السهل عليه ان يتقبّل الأمر وإن كان لا يحبها؟!، ولا يريد ان تحدث تطورات جديدة تُعاكس وجهتها لا يريد ان يطيل الأمر اكثر ...
رفع نفسه من على المقود، نظر للشارع بصمت موحش على أفكاره التي تقفز يمنةً ويسرى أمام عينيه الفارغتين من معانِ التقبل....تأفف بصوت مسموع ...ثم .....بدأ يقود سيارته للاشيء...سمح لآذانيه ان تستمع لنفسه ....ولضجيجه الداخلي....ولكن امتزج صوت رنين هاتفه مع حديثه الذاتي
اخرجه من بنطاله،
نظر للاسم وتنهد كثيرًا واخذ يشتم المتصل وهو يتساءل ماذا تريد!
لا يسعه شيء، حتى الهروب يجده من زاوية أخرى ويلتقفه ويُعمي عينيه عن مكانه!
أجاب: خير أمل؟

تحدثت وهي تنظر للأنبوب الصغير الذي ارتبط بكف يدها اليُمنى، ونظرت للغرفة البيضاء الواسعة ، مسحت على شعرها، لتنسجم مع نوتات الغصّات التي تعُرّي حُبها أمامه ولكن كيف يفهم هذا الحُب وكيف يُهديها وردًا مقابلًا له....كيف تقنعه بهذا الحُب الذي تشكّل على خارطة لا مفتاح لها بالأصل
ولكن تجزم هي ستبقى معه لفترة ستنتهزها
.
.
.

أنا معك اعلم بذلك ولكن أنتَ لستُ معي
لستُ إلّا جمادًا بِلا روح حينما تحدّق عيناك في عينيّ!
.
ثم

.

اغمضت عينيها
وهي تردف بجفاف: اجهضت!

ضرب (بريك قوي) هنا، واخذ يشتمها بصوت عالٍ، أي جنون فعلته
اخذ يمزج عصبيّته من جميع الجوانب، لا يرى سوى صورتها يريد ان يخنقها، الآن حقًّا يؤمن أنّ المصائب لا تأتي على رأسه فُرادى ولا يُكفيها أن تصيبه بوجعها بل تلتزق به وتعزّيه بطريقتها السوداوية : بأمررررررررررررررر منو؟...وليششششششششششش؟.....مج نونة انتي؟

اغمضت عينيها واخذت تستل نفسها العميق الذي بات خانقًا بعد سماع نبرته تلك تحاول السيطرة على رجفة جسدها: عارفة انت ما تبي عيال مني...ولا انا ابي اصير مسؤولة عن طفل...حنا فاهمين بعض زين يا ليث...وزواجنا مجرّد...
قاطعها بصرخة خرجت من جمجمته الصلبة!: مو من حقك تقتلين ولدي....مو مننننننننن حققققققققققك....

أمل اهتزّت شفتيها واخذت الدموع تهتز في محجر عينيها، ابنه الآن جعله ابنه وقبل فترة جاعله ابن الـ*الحرام*؟ أي تناقض تعيشه مع هذا الرجل واي حياة؟: بتقنعني انّك متقبّل حملي ومصدّقه انه منك؟.....وبتقنعني في مجال اصير زوجتك للأبد؟

سكت ليث، اخرستهُ من جميع زوايا تفكيره واخذ يشتمها بصوت اشبه للهمس، زواجهما لم يكن مخطط له، ساءت الأمور واتجه للزواج لعلاجها، لم يكونا أصلا على معرفة ببعضهما البعض، ولكن خيوط وهمية جمعتهما في مركبٍ واحد وخطأ صغير بدر منه جعله يقع من جديد في الرحيل عن القرارات الصائبة، هي خطأ كان وواجب عليه ان يُصلحه ولكن هي بدأت بتعقيده في مسألة حُبها المزعوم والذي في غير محلّه هو لا يحب نفسه فكيف تحبه وتطلبه التبادل؟

تحدث: حسابي معك لم ارجع أمريكا يا أمل....لم ارجع.......راح اعلمك كيف تسوين شي بدون ما تاخذين اذني فيه ؟

امل ضحكت بسخرية وسط دموعها التي انسابت على خدها وأوّلت صمته الطويل إلى: يعني مقهور عشاني بس ما استاذنتك....مو عشان اني...

لم يعد قادرًا على سماع صوتها لدقائق أخرى صرخ: قفلي قفلي الخط....مابي اسمع صوتك.....لو قدامي والله خنقتك بيدي.....قففففففففلي....

ثم اغلق الخط قبل ان يتلفظ عليها بجمل تُهين كيانها الضعيف، ضاع في خريطة أفكاره التي لا تنتهي ، اغمض عينيه ، لا تهدّأ تلك الدوامات الصغيرة التي تعوم وتطفو في منتصف رأسه أي بلاء ادخل نفسه فيه حتى يصل إلى هذا المنحدر الوعر، الأمور يومًا عن يوم تزداد مخافتها وتزاد مهابه وحماقه!
انطلق بسيارته بلا عقلٍ يدرك كل شيء، العودة هُناك ستضع أحرف كثيرة على جمل كان خائفٌ من قراءتها!

.
.
رحيل الأمنيات وتباعدها، تباعد الأرواح وتجاذبها، حنين الروائح وعدمها! يُعني انّك على وشك فقد الوعي يُعني انك بدأت رحلتك الجديدة من الفُراق....الألم الذي يخالط روحها لينتشلها من على الأرض ويوقع بها على حين فجأة ليس مؤلم بقدر حاجتها إلى حضن تلك رغبتها اكثر ألمًا واشّد طلبًا ولكن لا يوجد أحدٍ ليُلبيها.....ودّت في ضعفها هذا وتجرّع هذا النوع من الألم تواجد ليث .....ولكن هو الآخر غير مُتاح.......بحلقت في السقف....اخذت تعد على أصابع يديها ......تكرر بداخلها هذا النزيف سيتوقف وهذا الألم سينجلي ......ولكن العجيب انها بدأت تخوض في فكرة ما يحدث لها.....ليس طبيعيًا، اخذ شريط ذاكرتها يعود للوراء وكأن صبيّا صغير يشد بطرف عباءة امه ليجعلها تتراجع خطوات بطيئة خشيةً من ان توقعه بلا قصد على الأرض، تذكرت ألم بطنها، عادتها الشهرية، حديثها البسيط مع ماري، دخولها الحمام.....تناولها العلك...استحمامها....برودة اطرافها وزيادة الألم....ثم النزيف.....لا تستحمل ذاكرتها في ان تجعل منها مشعوذة قادرة على فكّ الشفرات فهي متعبة ومستهلكة مُنذ ثمان سنوات ...اغمضت عينيها ....تهز رأسها لتَجمع عواقب الأمور وتتوعد المتسبب بحالتها بالويل والثبور!
.
.

فُتح الباب لتدخل فتاة ذات ملامح حادة وشعر قصير اشقر يصل إلى اكتافها النحيلة ....مشت لناحيتها ليصدر حذاءها الكعب طرق عالٍ ليدوي في رأسها ويزيد من وجعها النفسي!
فتحت ملف أصفر....نظرت لجهاز تخطيط القلب....قلّبت وجهها وراقبته جيّدًا ...قامت بضم يديها لتكتفهما.....وكأنها رجل آلي اعتاد على برمجة تلك الحركات دون صوت ....ثم
اردفت بلا مقدمات بلغتها التي لم تصنفّها من أي دولة لعدم قدرتها على التركيز: فيكي تئدري تكلمي؟

علقت انظار رحيل عليها هزّت رأسها بنعم....وكأنها تتحدى الحياة!...فداهمتها الأخرى بقول: أنتي خسرتي دم بالزاف....واللي صابك غريب.....هادا الشي اكترو بصير للي بيجهضوا طفلهم وانتي ....متل ما نعرف لساتك...
تحدثت هنا رحيل بجهد جهيد في اخراج الحروف لا تريد ان تذكّرها بالماضي هي إلى الآن كما هي قبل ثمان سنوات لم يحدث الأمر الذي يريده الجميع لم ولن يحدث!: عارفة......انا ما درري شنوو جالسس يصيرر فيني...

تقدمت منها تلك ثم تهجّد صوتها وهي تمرر يدها بحنان على ساق رحيل: حدا تعرّض ليكي بالسجن؟

هزت رحيل رأسها بلا لتنفي ذكرى أخرى أوقعت بها بالدخول إلى السجن ثم قالت: أصلا انا ...فيني.....

ثم سكتت بسبب الألم الذي خالج اسفل بطنها....وشعورها بانسياب سائل جاهدت نفسها على تجاهل شعور مروره البطيء المؤلم...هزت رأسها الطبيبة وهي تطبطب على يدها
: فهمت عليكي..

هزت رأسها رحيل لتؤكد الأمر ثم اشارت لها لتنم عن رغبتها في الحديث
شدت انتباه الطبيبة
ثم نطقت بصعوبة : كلت علك....وبعدها زاد الألم وكل شي.....
سكتت الطبيبة ثم ابتعدت قليلًا
هزت رأسها ثم خرجت دون ان تردف بكلمه واحدة وما إن خرجت حتى سألت الممرضة التي تنتظرها بالقرب من الباب هل نتائج التحاليل أصبحت جاهزة ام لا ولكن يبدو انّ الأمر مطولًا
ثم التفتت على الجهة الأخرى ليوقفها ركان
بقوله: شصار؟
تحدث بهدوء: بعد التحاليل راح خبرك بكل شي...
ركان بتعجل وتوتر: استعجلي يا سوزان....
هزت رأسها بتفهم: واخَّه(طيب)!
.
.
ثم مشت من أمامه واخذ ينظر لباب رحيل وللشرطين الواقفان امامه بتوتر....الأمر لن يؤول بنفسه لأركان الهدوء ولأركان الثّبات.....تقدم قليلًا بالقُرب من غرفة رحيل يجول بأفكاره وذكرياته ...ليسقط على شوكه اللعين ......تشابكت عينيه بعينَيْن الشرطي هز برأسه وكأنه يُخبره انه ما زال بخير ....ولكن في الواقع ليس بخير.....الأمور تضخّمت عليهم جميعًا واصبحوا لعبة يتسلّى بِها العدو حيثما يشاء وكيفما يشاء!
.
لم يظنون يومًا انهم سيخسرون أنفسهم لأمد طويل مثل هذا ، لم يتوقعوا وصولهم إلى هذه النقطة التي استقرّت لتُصيب قلوب كُثر أهمها تلك المسكينة!
مشى بِخُطى يواسي بها نفسه ، لن ينسى ذلك اليوم الذي عصى صاحبه ذلك المشؤوم ...وكيف آلا به الحال لِيُصبح تحت الثرى يُذكر وتَشتاق إليه القلوب ويزداد الحنين لرؤيته ولكن لا يستطيعون اخماد حريق الاشتياق ابدًا!
مضت عدّت سنوات على موته ولكن لم ينسى كلمته
"سامحوني ورّطتكم والله ما ضنيت وضعهم جذيه!"
هز رأسه بكره لهذه الذكرى التي جعلتهم يتخبطون في بعضهما البعض فرقّتهم الحقيقة وجمّعتهم على وجه الإكراه إلى ان

التفت لصدى الذكرى وشخصت عيناه حينما تذكر، صراخه
"سلمان لااااااااااااااااااااااا"
.
.
تعرّق من هذه الذكرى التي اخذت تخنقه وتذكّره كيف كان عاجزًا وقتها في مد يديه وسحب سلمان ....لإنقاذه...تذكّر...كيف آلات به الأمور ليدخل في قوقعته السوداء التي اخرجهُ منها ليث.....
مسح على رأسه ليسكّن نشاط الذكريات لديه .....نظر لحوله بعجز ثم تمتم بالاستغفار!
.
.
.
يقسو على نفسه قبل أن يقسو عليها ، يشعر بالخزي والانكسار
ليس سهلًا ان يتقبّل الأمر برمته فهي محبوبته التي انتظرها لسنوات عديدة فهي جاءت بعد سبع سنوات من رحلة عذاب والدتها كم تمنّى ان يحمل ما بين يديه أنثى تركض وتلعب وتدور من حوله تردد
"بابا"
تحققت امنيته برحيل الامنيات بِلا وفاء للوعود! اجل
لن ينسى ذلك اليوم في سنة
1997م
في الشتاء الثاني من شهر ديسمبر
على وجه الخصوص في شمال المملكة\ الجوف-محافظة سكاكا
شهدت هذه المنطقة على صرخات غريبة جعلته يغفو ويصحى على غروب عذبة....بكى حينها ...ولكن تلك الطفلة آنسته في حزنه ....عاش من أجلها ومن اجل اخوَيها ....ولكن حينما اشتدّ عودها وبلغت مبالغ الرشد ...ماذا فعلت؟
أوقعت بنفسها للهاوية دون إدراك معنى الهاوية ومخاوفها، من شدّت حزنه وانكساره انفاها عنه ولكن لم ينفيها عن عقله وباله!

نهض لينظر لوجه التنازلات، ولوجه الحُزن يعلم لم تحبه يومًا ولكن جُبرت على هذه الحياة ...ضحّت بشبابها.....لتصبح مسؤولة عن ولدَين وطفلة عمرها سنة.....يشعر بنفورها منه حتى بعدما انجبت طفلتها المشاغبة .....انجباها بعد مرور بما يقارب الثمان سنوات من زواجهما.....رغبة لم تتبادل بالشعور نفسه ولكن جُبرت على اخراس نفسها في التقبّل .....فهي له وهو لها....لن يتغيّر شيء....هي لم تتحمل قبول هذه الحياة التي دخلت في رحابها....ولم تتمناها ابدًا......فأركان المنزل يذكرها بخيانتها لأختها المرحومة ....ولكن جميعهم يقول
"اختك فرحانه عشانك ربيتي بنيّتها وعيالها"

ولكن هي ليست سعيدة بقدر هذه الطبطبة

تحدثت وهي تمد له العقال: تأخرنا بو فهد...تلقى عمي الحين جالس يسأل عنك.....
تحدث وهو يرتّب غترته ونسفتها: التعب هد حيلي يا عذاب....صليت المغرب وما شفت نفسي إلا نايم......

نظرت لعيناه المنعكستين على المرآة : لو تعبان تعذّر واجلس ريّح نفسك....الزم ما علينا صحتك ...
سحب قنينة العطر اخذ يرش على نفسه منها بهدوء، ثم سحب نفسه ببطء
ليصبح أمامها تمامًا
تحدث بهدوء : لا تحاتيني انا بخير.....بس ما اخفي عليك ما ودّي اروح هالعزيمة اللي بتكسر ظهري وجدد علي مصايبي!

عقدت حاجبَيها لتهويله للأمر، أي مصائب وأي كسر ستجدده عزيمة والده؟ ولكن لم يخفى عليها اشتمّت رائحة رحيل هنا

واردفت : الكل بدون استثناء يا بو فهد ما هم حول هالموضوع......تطمن....

ابتسم على مضض وهو ينظر بعينيه للزاوية اليُسرى وكأنه هكذا اخذ يُحاصر بعقله صورتها المنعكسة بشكل ضبابي على عينيه!
: ما عرفتي ابوي زين.....يقدر يلّف ويدور وفجأة ألاقي نفسي في موضوعها.....
طبطبت على كتفه وهي تُطلق زفير راكد في قلبها: كلكم قاسين عليها يا بوفهد...
ثم حدّقت بعينيها لترفع يديها عن اكتافه : وادري كلامي هذا ما راح يعجبك......
لينهي الحديث وصمته النائم في قلبها تهرّب ليقول: هالقساوة ما جات لهالقلب عبث!
ثم اقترب من باب الغرفة
والتفت عليها : وصايف ما رجعت؟
هزت رأسها
ثم قال: أي زين ما سوت عن اذنك!
بينما هي تنهدت هنيهة ثم سحبت عباءتها وحقيبة يدها لتتبعه ...
.
.
.
حينما خرجت من الغرفة ومشت بخطواتها لتتقدم لناحية عتبات الدرج رنّ هاتفها على قدوم اطلالة فهد الذي يغلق حول معصمه ساعة يده الذهبية وهو يردف مبتسم: خالة وش هالزين....
ابتسمت له وهي تخرج هاتفها: بعض مما عندك يا الغالي...
ثم رفعت هاتفها لتقول: لحظة....
ابتعدت قليلًا ثم اجابت: هلا مزون..
اتاها صوتها وهي تلهث وتلتقط أنفاسها من بعيد
أخرجت كلماتها بصعوبة وهي تبكي: عمّه......الحقيني....يا عمّه.....
شعرت باهتزاز جسدها في هذه اللحظة وتقشعره
نظرة لابن اختها بشكل سريع ثم اردفت : مزون علامك يمه؟....وش صاير؟...وراك تصايحين.....عمّه عمّه....وش صاير؟....ابوك في شي؟

شعرت وكأنها ركدت عن الركض ....ثم.....سمعت ازدراءها ...وسحب نفس عميق لرئتيها ...
نطقت بصعوبة: ابوي بيذبحني بيذبحني يا عمّه....
قبل أن تُجيبها بغضبها الصارخ من دماغها الذي بدأ يضج بضجيج الانهيار
خرج ريّان ليردف لفهد: شفيكم؟
ارتفع صوتها: وش مهببه من جديد؟....وش مسوية .....حسبي الله عليك....كل ما ركّدت اخوي.....و...وصيته عليك.....تحرقينا بمصايبك اللي ما تخلص...نطقي وش مسوية...

بكت الأخرى لتصبح عاجزة أمام هذا التوبيخ في نطق الحروف من مخارجها الصحيحة: ما اقدر أقول...يا عمّه ما اقدر...
ضربت على فخذها بصرخة: نطقييييييييييييييي وش مسوية؟
اقترب هنا فهد منها ليقول: خالتي .....
اشارت بيدها تمنعه من التدخل
وريّان اخذ يطفو نَفسه في أعماق صدره ليجثم عليه
ارتفع صوت والدهما من الدور السفلي : ام وصايف يلا تأخرنا...
تحدث هنا رّيان وتصرّف سريعًا : يبه روح.....انا بجيب خالتي....
سمع تذمر ابيه على مضض ثم التفت على خالته
وهي تقول: نطقي وش مسوية ووينك فيه؟
لم تجيبها عن السؤال الأول ولكن اجابتها على الثاني وهي ترتجف وتبكي: بروح للسكاكا لبيت جدي....
صرخت هنا: حسبي الله عليك وش يوديك هناااااااااااك البيت مهجور....له سنين....وطريق طويل....تبين تجلطين ابوك وجلطيني.....من اللي ودّاك.....
بكت خائفة: ما رحت قلت بروح....
أكملت توبيخ: يا جعل روحك تروح.....انثبري في الرياض....ولا تتعدينها ولا قسم بالله.....انا اللي بذبحك ما هوب راشد....والحين قولي لي وينك فيه.....
تحدثت بعدما صرخت لرؤيتها لقطه قفزت أمام عينيها قُبالة المنزل الذي على قيد الإنشاء: في الشارع.....

اغمضت عينيها تمتمت بالاستغفار اخذت الأجواء تضطرب اكثر واكثر فهد تساءل ما الذي يحدث وريّان يستمع بخوف
قالت: ارجعي البيت...قلتتتتتتتت ارجعي البيييييييييييت....
بكت بألم وهي تنظر ليدها: ابوي كاسر يدي أخاف يذبحني...
صرخت هنا: ليته كسر رجلك يا قليلة الخاتمممممممممممممممممممة .......
بكت : عمّه....
صرخت: عمت عينك ان شاء الله....الحين بسكر....وترسلين لي الموقع ...وإلا والله ما راح تعينين خير.....ارسليه....ارسليه الحين...
بكت الأخرى : طيب...
ثم أغلقت الخط
ريّان تقدم: يمه شصاير ...
فهد بذعر: شفيها مزون....
مسحت على جبينها : مسوية مصيبة...واخوي كالعادة ضاربها وهي هربت ......ويدها مكسورة...
فهد فار دمه: وشو؟...وش مسوية؟
ريّان نظر لخالته: والحين هي وين؟
ام وصايف: بالرياض ...تقول بتروح لسكاكا....الله ياخذها.....المهم واحد فيكم يروح الرياض....
فهد بصدمة: يمه مستوعبة ....المسافة اللي بين الخبر والرياض يعني يمدي هالمجنونة صدق تهج لسكاكا او لأي مكان ما نعرفه ...ما راح يمدي...
ام وصايف : وش اسوي......حسبي الله عليها....
ريّان بهدوء: اتصلي على خالي راشد....
ام وصايف بحلقت بعينيها: والله بيذبحها.....ما كسر يدها إلا هي مسويه شي كايد....
ريّان بصوت اشبه للعصبية: انا اكلمه......احسن من هالغبية تضيّع عمرها......وانا وفهد نروح لهناك....بس على الأقل نقول له عن مكانها وروح لها...لا يصير لها شي...

هزت رأسها بقلق واخذ فهد يهدّأ من اضطرابها رغم اشتعال سُحب النيران في قلبه فتلك المتهورة لا تهدأ ولا تمكث يومًا ليمر عليها بسلام
بل تحاول ان تستفز زفير غضبهم ليجنّوا عليها ويودُّوا قتلها!

بينما ريّان اعتزم قراره باتصاله على خاله الذي اجابه بعد الرنّة الثالثة
: هلا خال كيف حالك؟
يحاول ان يسيطر على نفسه التي طاشت في لحظات غضبه : هلا ريّان
ريّان حك طرف حاجبه ثم قال: خال.....مزون اتصلت على خالتي .....وهي تبكي و....
قاطعه وهو يشتمها من قلب محروق ويُدعي عليها وكأنها عدوته ليست ابنته فما فعلته لا يُغتفر بالنسبة إليه!

فقاطعه ريّان: استغفر ربك يا خال...والله لو يصير لها شي.....تجن....





تحدث بلغة سليطة وغاضبة: ما تركت لي عقل الله يأخذ عقلها.....جننتي يا ولد اختي جننتي....
ريّان: هد نفسك...اذكر الله....
فجأة سمعوا والدتهم تقول وهي تنظر لهاتفها: رسلت الموقع....
فهد سحب الهاتف من يدها ونظر إلى الرسالة ثم قال لأخيه: قوله يروح لها.....
ريّان هز راسه: خالي وش مسوية عشان تكسر يدها.....
راشد نسى نفسه ودخل في صومعة الغضب: بنت الـ###...هربانة من المدرسة مع بنات رايحة معهم يتفطرون بمطعم .....ويتصلون علي مدرستها وخبروني عن سواد وجها .....وظليت بالساعات ادوّر عليها خفت صار لها شي...بالأخير تجي البيت وتنكر انها هربت..وقول راحت بيت صديقتها تذاكر وخذها الوقت ليت الموت خذاها ...ما اعترفت الا لم ضربتها بعد ما طلعتني من طوري......وغير كذا كيف يهربون......من اللي معهم وشجعهم حسبي الله عليها........كانها بجيب اجلي ......

اغمض عينيه ريّان غضبانًا ولكن حاول السيطرة على نفسه: اسمعني خال.....هي بنت.....وطالعه بالليل هربانه وخايفة منك ويدها مكسورة.....ما ندري وش ممكن يصير لها....الافضل هد اعصابك....هي رسلت موقعها لامي روح لها...وودها المستشفى......وانا وفهد راح نجيكم.....بس تكفى لا تضربها..

راشد زفر: والله لو شفتها ذبحتها...تستغفلني وتحط ثقتي فيها بالأرض وتهرب....وش يضمن لي......ما معهم شباب.....اذوهم وتكذب علي.....

ريّان بحده: خال.....اترك عنك هالامور ذي....نحلها بعدين الأهم روح جيبها بيتكم ولا ودها المستشفى .....لا تكبر صدق السالفة وتجيك الفضايح على أصول....
سكت خاله ثم اردفت: بسكر وبرسل لك الموقع....
ثم اغلق الخط فقال: يمه ارسلي على رقمي الموقع..
فهد نظر لريّان: رسلته لك..
وبشك: وش مسوية...؟
ام وصايف : أي قول وش مسوية....
ريّان نظر لهما بحيرة ، هو الآخر شكّ في امر هروبهن ليس من السهل الهروب من مدرسة الفتيات هكذا ....
تحدث: هربت من المدرسة..
شهقت هنا خالته واخذت تدعي عليها بدلًا من ان تدعي لها وهي في هذه الأوضاع فالغضب اعماهما بغمامته السوداء
بينما فهد تقدم لناحية ريّان وهمس له ليُلفظ حديثه وهو يضغط على مخارج الحروف بقهر: مع من؟
نظر لعينيه الغاضبتين : البنات...
اغمض فهد عينيه وظن ريّان يراوغه
ورسل على هذه اللحظة ريّان موقعها لخاله....
فقالت والدتهما: احضروا العشا ثم امشوا للرياض..انا بكلم ابوكم.....ويلا نمشي تاخرنا على جدكم.....
هز ريّان رأسه وسحب معه فهد الذي اخذه بالأسالة
.
.
.
لم تتقبل فكرة الذهاب لهُناك، بسبب تلك الأشياء التي تحرقها وتجعل منها رمادًا حيث يعبث بها الآخرون على أنماط كثيره تجعلها لا تعرفهم ، لا تريد أن تواجه الجميع
هي انسحبت من التجمّعات العائلية لسنوات كثيرة فالآن تشعر بالخوف من رؤية الجميع !
فمن الطبيعي سينظرون إليها بتعجب، والبعض بغضب وشرر
والآخر في تنهد وضيق!
الأمر لم ينتهي على مسألة دخولها إلى مجال مكروه في نظر جدها بل اخذ منحنيات كثيرة منها ليث الذي لم يحقق رغبتهم في الارتباط بها!
جالت بأفكارها وتشوّهاته التي انصاعت لرغبات الآخرين ، ليس لها القدرة على تجفيف شعرها ارتدت ملابسها سريعًا بعد استحمامها الذي اخذ بما يُقارب الثلث ساعة من التفكير والتخبط والحيرة والخوف ايضًا من سماع حديث لا يروق لها ويزيد من جراحاتها!
بللت شفَتيها مسحت على طرف انفها عبورًا إلى شفتيها ليستقرّا كفيها عليهما وتضغط بخفة محاولةً في التفكير للهروب من هذه الليلة!
كيف تقنع والدتها؟
والدها؟
الامر صعب
جلست على طرف السرير ، وانطرق الباب وانفتح دون ان تأذن للطارق بالدخول وكان أخيها نواف
يخبرها: أمي تقول لك نزلي.....تأخروا....
.
.
نظرت إليه ونظر إليها وشعر بالريبة لشكلها، عينيها كانت في غاية الاحمرار رغم انها لم تبكي ولكن دلالةً على الإرهاق اليومي الذي تعيشه سواء في عملها ام لتفكيرها ، نظر لقطرات الماء التي تتصبب رويدًا على اكتافها وملابسها .....كان شعرها كثيف مائلًا للون البُني الغامق تفتّح لونه قليلًا بسبب وضعها للحناء نهاية كل أسبوع كانت تضعه لمعالجة شعرها
ولكن حقيقةً تشعر بالتعب منه ، بسبب طوله الذي يصل إلى مؤخرتها ، تفكّر كثيرًا بقصّه ولكن تخشى من هذه الفكرة وتشعر انه ميزة خاصة تستفرد بها بين فتيات عائلتها فطوله مميّز ومضيف على جمالها الطبيعي شيئًا من التميّز!
جميع النساء جميلات ولديهن ما يميّزهن عن غيرهن هذه قاعدة تؤمن بها وتشعر طول شعرها هذا ميزه يميّزها عن باقي فتيات العائلة !

تقدم ليدخل لغرفتها : دانة فيك شي؟.....تعبانة؟

اشعر بها؟ وبتلوّن حالها؟ ماذا تقول له
شعرت ببصيص فرج من الهروب فقالت: أي.....
نواف: يعني ما راح تجين بيت جدي؟
تشجّعت هنا : لا....قول لأمي امشوا...
نواف انسحب بهدوء من غرفتها: طيب....
ثم نزل من على عتبات الدرج راكضًا وهو
يتحدث بصوت عالي: دانة تعبانة ما راح تروح....
التفتت والدته هنا: علامها؟
صارم هنا نظر له ولوالدته فقال يُحسم الأمر: نواف وصّل أمي......
ثم استطرد متذكرا: عهود وين؟
ام صارم: راحت بيت جدك من العصر....
هز رأسه وكان سيتوجّه لعتبات الدرج
ولكن مسكت يده والدته لتخبره بهدوء: لا تضغط عليها...
ابتسم وطبطب على يدها التي على كتفه: لا تحاتين.....
ثم صعد للأعلى
ونواف خرج مع والدته ليذهبا إلى بيت جدهم القريب من منزلهم بمسافة بسيطة جدًا!
.
.
.
انطرق من جديد عليها الباب، ولكن لم ينفتح إلى الآن
فقالت: ادخل....
دخل ونظرت إليه، ثم شتت نظرها عنه وسحبت المنشفة لتبدأ بتنشيف شعرها بهدوء
بينما صارم اقترب وجلس على طرف السرير لِيُصبح أمامها
نظر لإحمرار عينيها، ووجهها المتعب قليلًا
: يقول نواف تعبانة.....اوديك المستشفى؟

تحدثت وهي تنظر لفراغها المحدود!: لا ...صداع بسيط ماله داعي مستشفيات....
انحنى قليلًا للأمام: ما تبين تروحين بيت جدي....
نظرت لعينيه الحادتين : لا.....ما ابي......
ثم نهضت وهي تردف بهدوء: ماله داعي اصلًا اروح.....
وقف هنا: بس جدتي اذكرت اسمك عند امي تبيك تجين....
التفتت عليه ليرتفع صوتها قليلًا: عشان تسمعني كلام يسمم لي بدني.....واضح اشتاقت ترمي علي حكي.......مخبيته لي في صدرها.....

صارم بتعجب، لم يعجبه حديثها، صرامتها ،وثقتها بما اردفت
فقال: هذا ظنك في جدتي يا دانة....
انفجرت هنا لتستطرد وتؤكد الأمر: هذا ظني في الجميع يا صارم....
صارم اقترب منها : احسني الظن لا تتعبين....
دانة تغيّرت نبرتها سريعًا: بعينك يا خوي شفت شنو سوو وشنو قالوا عني.....انا بعدت عنهم عشان احفظ كرامتي اللي هدروها قدام الجميع.......انا عندي احاسيس ومشاعر ......وادري انت وابوي وحتى امي وعهود تشوفوني ابالغ.....بس شي يوجع لم تناديني جدتي يا العانس....وناديني جدي قدامكم كلكم بألقاب تجرّح.......
تنفّس بعمق هنا صارم لا ينكر أن جده وجدته لم تخف حدتهما معها وتغيرت كثيرًا معاملتهما لها
تحدث: طيب هي قالت الكل يحضر وجدي وجدتي واضح يبون يصفون النفوس بعد مو بس عشان ليث بيمشي الليلة سووه العزيمة اكيد جدي نيّته طيبه ....ونسى موال تخصصك ....

دانة هزت رأسها وابتسمت بسخرية: حتى ولو ...مابي احط نفسي في مواقف بايخة...وأذيني.......الكل حاضر....ما فيني حيل على الكلام والنحزات.....قولوا لهم تعبانة.....اي شي....اكيد ما بيهتمون....
صارم تغيرت نبرته للحزم: يعني؟
دانة : مانيب رايحة...انتوا تكفون وتوفون ......
صارم أشار لها: حطي في بالك شي واحد....ابوي بعصّب...
دانة تنهدت: متأكدة راح يتفهم.
رمقها بنظرات أسى ثم خرج!


.
.

سمعت رنين هاتفها واضطرت للانعزال في زاوية المطبخ وقيّدتها اختها بحديثها الذي لا تستطع الآن تناقشها فيه بسبب تواجد الجميع هنا
تحدثت بصوت واطي : يا اختي شسوي ......قلت لك البنت رافضة الزواج ما هوب ولدي ذياب....ولا ذياب ما يعيبه شي؟
تحدثت الأخرى بتنهد: طيب اقنعيها انتي أمها يا سارا...
اضطرت للكذب: اقنعتها بس راسها يابس ...وش اسوي؟
تحدثت: يعني ما عندي لك خاطر؟
انفعلت هنا: وش هالحكي الفاضي ...
ام ذياب: اجل حاولي والله انه ولدي شاريها ومتمسك فيها .....ولا يبي غيرها....الولد جن من سمع رفضها.....وصار لا ليله ليل ولا نهاره نهار....خايفة عليه يا ام صارم....والله خايفة عليه.........لا يجيه شي...واموت بحسرتي....
ام صارم شعرت بانكسار اختها بالحديث تعلم معاناة اختها وخوفها على ابنها الوحيد
: والله مالك إلا طيبة الخاطر برجع اكلمها...وبحاول اقنعها بس بشويش علي يا اختي.......بحاول...فيها.......وان� �ظري مني خبر....بس مو الحين ولا بعد يومين .....عطيني وقت كافي..
ابتسمت هنا ام ذياب: خذي راحتك ....دقي علي وقت ما تبين بس ابي منك الخبر اللي يسعد.....
ام صارم بتورط: ان شاء الله إن كان لهم نصيب ربي يجعّل به.....مع السلامة....
أغلقت الخط ثم التفت لتنظر إلى ام وصايف التي أتت لتأخذ صحن الفواكه وهي تردف: ام صارم اذا ما عليك امر ودي دلال القهوة والشاي...
ام صارم نظرت لحالها ووجهها المخطوف فقالت: ام وصايف علامك....من جيتي وجهك مصفوق .....احد من الاهل فيهم شي؟
ام وصايف نظرة لها وابتسمت: لا ما فيني شي....بس احاتي هالمسكينة هاللي ببلاد الغرب.....وخايفة عمي يجب طاريها قدام الكل.....وانتي عارفة عيالنا الصغار ما يعرفون شي عن هالسيرة ابد........لا وصايف...ولا عهود .....ولا اصايل ولا حتى هيلة ونواف....

ام صارم أتت بالقرب منها وطبطبت على كتفها: لا تاكلين هم ما هوب جايب سيرتها......
ام ليث دخلت عليهما على حين غفلة
وهي تقول: ام صارم ...وينها دانة فيه ماجات؟......وعمتي طالبتها....
ضربت هنا على صدرها بخوف: يا ويلي....
ام وصايف نظرت لها: استهدي بالله علامك خفتي....
ام ليث : هي ما هيب جاية يعني؟
ام صارم بتوتر: لا......تعرفون بعد الحكي اللي انرمى عليها من جدتها وجدها.....ما عادت تحب تجي لهنا ابد.....
ام ليث وهي تسحب كاسات العصير: انا أقول اتصلي عليها وخليها تجي......جدتها طلبتها.....بالاسم......
ثم خرجت بينما ام وصايف قالت: كلميها تجي.....يا ام صارم ....ساعة زمن وتروح بعدها...
هزت رأسها ثم خرجت ام وصايف وبقيت ام صارم تحاتي الأمر اتصلت على صارم لتتأكد هل اقنعها في المجيء ام لا؟
.
.
نظرت إليهن جدتهن بعينين حادتين محطيتين بتجاعيد الوقار والهيبة
تحدثت بنبرتها العجوز الحادة : انا قايلة لكم من زمان لا عاد تحطون في وجوهكم هالاصباغ....توكم صغار .......عيب يا مال اللي ما نيب قايلة....لا صيرون فاصخات حياء وبلا مستحى..

وصايف اقتربت منها ولكزتها بخفة: يا جده كلها كحل....واشويّة ~تنت~....
نظرت لها وهي تصغّر عينيها لتستوعب الكلمة: وش؟
أتت الأخرى وهي تضع صحن المكسرات امامها: مورّد خدود يا جدّه....ما تعرفينه ....
والأخرى أتت بالقرب من ساقيها : مورّد الشفايف.....وايامك بعد....
ضحكت هنا اصايل :هههههههههههههه تبين احط لك يا جده عشان تجددين شبابك وأيّامك الرومنسية مع جدي.....
استشاطت قيضًا جدتهن لهذا الحديث وضربت بخفة عهود التي جلست بالقرب من ساقيها وكذلك وصايف التي عن يمينها وسريعًا التفتت على هيلة : قومّوا يا قليلات الادب.....قوموا ...عن وجهي....
عهود بلا مبالاة مدّت صحن المكسرات: أقول جدتي خذي...والله انه الطّعم بالراس....
ام ليث تحدثت: اعقلوا عن جدتكم ولا تتعبونها....
الجدة نظرت لعهود: اكلي بذا الخرابيط....ولحطينا الرز.....ولا كلتي والله لا....
نهضت عهود وهي تقبل رأسها: إلا حلفك يا جده أخاف منه لا تحلفين...
أصايل وهي تسكب لها القليل من الشاي: ههههههههههههه والله جدتي ما تمزح لحلفت.....
هيلة تردف بشقاوة وهي تضرب على صدرها: حلف رجال ...تحلف وتوفي....
رمقتها جدتها بنظرات اخرستها ولكن تلك الشقية الأخرى أكملت: جده.....شرايك بعد ما نتعشى ونقهوى....نطلع للواجهة اللي تطل على الحوش.......حديقتكم يعني الظريفة....وتقولين لنا قصة حبك انتي وجدي الفارس المغوار....
ضربتها هنا و"نقزت" وصايف من مكانها وهي تضحك والجدة تهزأ: قليلات ادب من يومكم.......ما تعقلون عن هالكلام ....
ثم التفت على ام صارم بعد ان أتت وجلست بالقرب منهن
فقالت: وين دانة بنيتي....
ام صارم نظرت لهن بهدوء : تعبانة..
الجدة عقدت حاجبيها: علامها؟
عهود تدخلت هنا بشكل سريع لإنقاذ والدتها: حرارة ...وحلقها......وتستفرغ يا جده......ومن شدّة حرارتها ما تقدر تقوم من فراشها......
نظرن البنات لها وهن يكتمن انفاسهن عن الضحك بينما ام ليث ابتسمت على مضض على كذبتها تلك
فأردفت الجدة: عسى ابوك وداها المستشفى؟
ثم التفت على زوجة ابنها: ولا ما وداها؟
عهود تدخلت من جديد: تعرفين دانة يا جدة ......دكتورة وتعرف لنفسها.....
الجدة تردف بتنهد: أي اعرف اعرف..
.
.
.
يخبّأ نفسه وهو ظاهر لهم ، يحاول أن يهدّأ من اضطراباته التي حدثت من خلال تلك الاتصالات التي لا تهدأ وتهل عليه بالأخبار السيئة يتوعّد بداخله امل وتارة يحتار بأمر رحيل، يريد السفر الآن يريد ان يضع النقاط على الحروف والتخلّي من مجاملاته التي تحرقه وتحرق الجميع!
نظر إلى فرحت جده وإلى والده وأعمامة وأبناء عمومته، الجميع مُبتهج ، الجميع قادر على تجاوز مصاعبهم ولكن هو الآن غُممت عيناه عن رُؤية الحقائق وتقلّب الوجوه!

تحدث جدة : يا وليدي يا ليث.....هالله هالله بنفسك ...لرحت هناك.....
واضطرلقول : وهالله هالله بزوجتك بنيّتنا رحيل....ما وصّيك عليها..

لم يستغرب أبا فهد من الحديث فهناك ما بينهم مالا يعرف بالحقيقة المرّة ولا يريدون ان تتسرب حادثة رحيل في افواه الصغار منهم.....لا يريدون ان يوسعّوا دائرة ما حدث ولا يريدون ان يُفسدوا عليهم حياتهم البريئة من هذه الوقائع !

همس فيصل في اذن أخيه محمد: جدي يعرف يكذب احسن مني والله شوف كيف يوصي عليها .....
فيصل لكزه على صدره بخفة: اسكت لا يسمعك وولّع فيك حطب نيرانه......
بينما في الزاوية الأخرى يحاول الآخر ان يتوصّل إلى ما فعلته مزون تفصيليًّا لتجعل خاله يجن بجنونه ويكسر يدها
ولكن رد ريّان عليه: فهد الوقت مو مناسب اسكت لا يحد يسمعك ....
بو صارم همس في اذن ابنه: جات دانه معكم؟
صارم هز رأسه بلا فتنهد بضيق وعلى هذه الأثناء تحدث والده
وهو يقول: جمعتنا اليوم ما هيب عشان وليدي ليث وبس......
ثم نظر إلى ابنه أبا صارم ليقول: بعد عشان بنيتي دانة...
نواف نظر لأخيه وابيه وشعر بورطتهما
بينما صارم همس وسمعه فهد: لا بالله عيّنا خير...
فهد همس له: شصاير؟
صارم بنفس الهمس: جدتي طلبتها بالاسم بس دانة ما جات...
فهد التزم بالصمت هنا وسمع صوت جده ليقول: قطيعتها لنا ما هيب عاجبتني هذا بدل ما تجي وتطيح على راسي وتقول جدي ابي رضاك....

أبا صارم لم يعجبه حديث والده حقًا هو يضغط على ابنته بشكل كبير

: يبه.......انت عارف ليش ما تجي هنا.....
الجد رفع صوته قليلًا: الماضي يبقى ماضي ونبي نصفي النفوس......اتمنى انها جات معكم ابي اكلمها.....
صارم بهدوء: ما جات يا جدي عشانها تعبانه...
بو فهد نظر لأخيه وكأنه يقول هل هذا صحيح؟
بينما أبا ليث اردف: ما تشوف شر دكتورتنا......
الجد سكت ثم اردف: اتصل عليها خل تجي...كلها خطوتين.....
نواف تعجب من نبرة صوته بينما والدها قال: يبه قلت لك تعبانه.....واذا عندك كلام تبي توصله لها اجله.....
الجد اخذ يفكر ثم قال: نأجله نأجله...
ثم نهض ونهضوا جميعهم فاردف: اجلسوا...اجلسوا.....
ثم التفت على ليث: ليث وليدي تعال معي...
ريّان همس هنا: جدي يخوّف...
فهد نظر لأخيه يوافقه على الرأي دون ان يتلفظ بكلمه
بينما أبا فهد تنهد فهمس له أبا ليث: وش يبي ابوي؟
أبا فهد : علمي علمك بس تعرف ابوي....ما وراه إلا المفاجآت والجلطات...
تدخل هنا أبا صارم يغتصب ابتسامة تظهر على محيا: لا قول كذا يا خوي.....
أبا فهد: أتمنى هالليلة تعدي على خير....
نواف شعر بالملل من اجوائهم الغير مريحة وود لو يلتقي مرةً أخرى بسراب محبوبته ، تنهد وتأفف وسمع صوته
صارم الذي قال: بدل هالتأفأف قوم صب قهوة....
نظر إليه منصدم وضحك بخفة هنا ريّان وحرّك حاجبيه: قوم صب لي....جاز لي طعمها......تسلم يد من سوتها....
فهد اخذ يضغط على نواف هو الآخر: وانا جيب لي من هالبقلاوة.....
نواف بحنق: اظن لكم ايدين ورجلين ...
اخرسه والده بصيغة امر: نواف فز وقوم ضيّفنا....
نواف بخجل وارتباك نهض: على امرك يبه...
صارم همس : ما تجي إلا بعين الحمرا...
نظر إليه وهو يهمس: اننننننن.....
فهد سمعه وابتسم هنا.
.
.
بينما في البيت الشعبي الخارجي الجانبي من وجهة المنزل، اغلق على نفسيهما الباب......خفق قلب ليث....لا يعلم لماذا يشعر بالارتباك ....بالخوف من حديث جدّه الصارم بكل شيء....لا يعلم ماذا سيقول ولكن هو متيّقن ما ابعده عن الجميع إلّا أنه سيتكلم عن امر رحيل التي لم تبرح من ذاكرته المخضرمة ....لا يدري يشعر انه *سيشلع قلبه * من مكانه ويختطفه بعيدًا عن كل الأشياء التي تدور حوله......استيقظ على صوت ثخين
مهيب رجولي بهيبة شيخوخته : ليث....اجلس...
أشار له ان يجلس بجانبه، ومن يجلس بجانبها يا جدي؟ ومن يهدّأ من روعها؟
وما بال عقلي يأتي بطيفها الآن وكأنها تُعاتبني على كل الأشياء؟

جلس ، ووقع قلبه على قول جده: ليث عارف انك تحمّلت الغربة ......ولملمت فضيحة كانت بتصير علك بفم اللي يسوا واللي ما يسوى....اشهد انك أجودي ونشمي....فزعت لعمّك....ولملمت سالفة ...كانت راح توقف في رزق هالضعوف.....اصايل.....وهيلة.....� �دانة.....وعهود... ...والله لو سمعوا الناس بسواد هالوجه ما حد بياخذهم ولا بيقدّم لهم.....لكن انت.....بفزعتك.....يا وليدي.....قدرت تلملم الموضوع...كملت دراستك واشتغلت هناك .....وتغرّبت عن اميمتك وبيّك.......عشانها......وجا الوقت اللي.....
.
.
الوقت اللي...؟...ماذا؟....اعتصر قلبه.....وانشدّت عضلات وجهه مستفهمًا لبقيّة الحديث؟......هل آن أوان الإجبار على الفراق....على التبّاعد بطريقة تُشابه الطريقة التي تقاربا فيها؟....هو لم يفهم ما هيّة الشعور في حضورها...لم يمهلم الوقت للتعرّف على مشاعرهما؟......أليس من حقّه ان يفهم هذا الشعور ليخفيه او يظهره او حتى يُميته؟
شعر بحرارة تلتهم جسده الثقيل ، لتوقف عقله عن التفكير ايضًا
استمع جيّدًا: تكمل فيه جميلك وإن كان صعب الوضع يوليدي......ادري انك ضحّيت بشبابك بغربة شينة بس ربي بجازيك خير الجزاء ان شاء الله رحمة ضعف عمّك وقلّة حيلته..........كمّل هالزواج يا ليث...وإن بغيت تزوّج على كيفك ومزاجك ماحد مانعك....الشرع محلل لك اربع ....

ظهرت ابتسامة تنّم عن بلاهة تفكيره قبل قليل.......شعر بسقوط شيء عن صدره ليجعله يتنفّس بهدوء...ازدرد ريقه
قال: ما سويت شي يا جدي......انا كل اللي سويته وقفت مع زوجتي وقت ضيقتها......وانا عارف انها مظلومة..
غضب الجد بقوله: وإن كانت مظلومة جابت لنا سواد وجه ولا بنات السامي ينسجنون؟
ليث سكت لا يجابهه غضب جده إلا بالصمت
لاذ بصمته وجده اكمل وهو يدقق في وجهه المخنوق: تحبها؟
.

ليث ارتبك ، ولأن باتت الأشياء تقترب منهما الاثنان اكثر من ذي قبل ولأن الظروف تعاكس وجهتهما العصيبة ، استقرّ هذا السؤال في فؤاده
لا يعرف يُجيب بـ
ـ"نعم" ويناقض تصرفاته قبل ثمان سنوات أم يجيب بـ"لا" ويناقض تصرفاته اثناء محكوميتها؟
.
.
اللعنة عليك أيها القلب الخائف ، المرتجف بأنين الحيرة ، المتخبأ خلف استار الحقائق التي تُبعدك عنها امتارًا كثيرة
لا يدري هو حُب ام اهتمام ام محاولةً في التكفير عن ذنبه؟!
.
.
ضحك الجد بهدوء: هههههههههه واضح انك غرقت في هواها يا وليدي....

ابتسم على مضض لا يدري ماذا قرأ جدّه من معالم وجهه
ثم قال: جدي بإذن الله بكمل حياتي معها.....وان شاء الله بس تنقضي محكوميتها ننزل هنا على طول....
قال الجد بصرامة: لا....
ليث سكت
ليكمل الجد: الناس بتاكل وجهنا .......يا ليث......والكل من أهلنا وجماعتنا .......شاكّين بالوضع....وحنا ما نبي نعطيهم الخبر على طابق من ذهب كنت خايف تقول ابي اطلقها.......وكنت خايف يجي هاليوم وما نقدر نسد حلوق الناس......
.
.
ليت الناس يموتون جميعًا وتبقى رحيل تعيش حياتها لمرة دون ظلم!
.
.
قال: وش علينا من الناس....؟
الجد احتدت ملامحه: تبي العرب تاكل وجيهنا يوم نروح للديرة؟....كافي الكلام اللي يوصلني وسمني....
ليث بدفاع: جدي...
ارتفع صوت جده: اسمعني.....ما ترجعون إلا وعندكم بزر...بأحضانكم يا ليث.......
.
.
ليث شعر بصقعة كهربائية تسري بجسده كله؟ يطالبه بالتقرّب من رحيل لن يلومه على هذا الحديث فهو لا يعلم انّ رحيل زوجته ولكن على ورق.......لا يعلم انه لم يدع لنفسه بالتقرّب إليها ...إلى ان اعتادت على البُعد.....لا يعلم انهما يعيشان كالأخوة قبل حدوث كل هذه المسخرة؟...وحدهما من يعلما بحقيقة هذا الزواج ابيه وعمه والدها أبا فهد......هي لا تريده .....كيف ؟
.
.
قاطعه: لازم يا ليث......عشان نحط حد لكلام الناس......
ليث وبدأ يخرج من طور صمته: ط### بالناس يا جدي.....
الجد شخصت عيناه: ليييييييث لا يرتفع صوتك....
ليث بانفعال: جدي....رحيل نفسيتها تعبانه........طالعه من سجن....مو ملاهي.......يبي لها وقت على ما تتقبل الحياة....وتطالبني وتطالبها....بمسؤولية جديدة بظروف ..
قاطعه بصوت مرتفع: ما يهمني قلت اللي عندي يا ليث....ولا والله واللي رفع سماه......تنقلع هناك انت وهي بامريكا......ولمتوا....نجيبكم بتوابيت ندفنكم......وندفن سواد الوجه.....اللي صابنا من ورا راسها....
ثم نهض بثقل جسده وخرج...
بقي ليث ...ينظر لانحناء ظهر جسده...ولتقوّس شفتيه.....في نطق كلامه الأخير...يُطالبه بقتل رحيل.....بقطع عنقها .......هو لا يريد ان يتحمل مسؤولية ....كهذه....لا يريد ان يفرض نفسه عليها .....وهو يعلم جيّدًا ......لا تريده .....لن يطلقها يقسم انه لن يطلقها من اجل الجميع.....ومن اجلها....ولكن لا يستطيع ان يقتلها!....لا يستطيع ان يستبيح دمها.......هي الآن تصارع الآلام .....وجده يخطط على مضاعفة هذه الآلام والشعور....بقي في مكانه بطريقة تنّم عن ضياع تفكيره......نظر لنفسه من خلال النافذة الزجاجية التي تعكس صورته

.
.
ألم يُكفيك القتال بعد؟
ألم تكفيك الصرخات التي سمعتها؟
الم يكفيك انهيارها في وسط السجون؟
ألم تكفيك الطعنات؟.....الجروح.....والحرو ق؟
هل آن أوان القتل الجسدي البحت؟
.
.
شخصت عيناه، ما يأمره جده به جُرم، مشى خطوتين ثم جلس على الأرض يدور حول نفسه ، يرقص على اهداب حيرته، ينظر من جديد للباب الذي خرج منه جده
بلل شفتيه
تذكر موقفًا
/
\
/
\
/
\
في سنة 2012م
سنة ارتباطهما ببعضهما البعض ، سنة مميّزة عليهما بطريقة مأساوية .....اجتمعا سريعًا تحت سقف واحد .....اصبح ظلها يترقّب ظلّه ...وظلّه يترقب ظلها...ليتشاجرا!

تذكر كيف تسلّطت عليه الأضواء، ليدخل إلى صالة الأفراح هو وعمه أبا فهد وابا صارم.....تذكر فرحة فهد من خلفه.....ورقص ريّان امامه ....تذكر أصوات الزغاريد.....ورائحة دهن العود والمسك والبخور.....تذكر وجهها.....البريء من كل شيء.....ادرك...وقوفها بفستان...ابيض طويل....يخبأ جسدها النحيل بطريقة كلاسيكية مُثيرة للشفقة على حالهما......تذكر رجفتها حينما لامست شفتيه جبينها ......
.
.
تذكر دموعها ونحيبها في الغرفة حينما اطبقت عليهما بأسنانها الغاضبة
لن ينسى نظرتها المترجيّة في التوقف إلى هذا الحد من هذا الزواج
كانت ترجوه بعينيها ان يكتفي بحفل الزواج .....ان يكتفي بوجودها....ان يُعطيها فرصة التقبّل ولكن؟
اهداها جملةً لعينة فردت من لسانه: توقعتك احلى .....ليتني خذت دانة ولا نطقت باسمك....
ازاح من على جسده *البشت* رماه على السرير وهي تنظر إليه بصمت وصدمة لاذت بحزنها وانكسارها لتجلس على الارض
نطق وهو يشير لها وكأنه ينتقم من شيء لا يصرّح به: زواجنا بصير على ورق يا بزر....لا تخافين ....نامي.....قومي....
كانت تبلغ من العمر آنذاك خمسة عشر اعوامًا أصبحت عروس بائسة في سن مبكّر ودّت لو تنطق هي ايضًا لا ترغب به كما صرّح لها بطريقته
التي جرحت شيئًا من انوثتها كل ما ودّته الآن تبكي، هي خائفة من هذا الزواج هذا الكائن الذي أتى ورمى بنفسه على السرير .....
ودّت لو تعود لمنزل والدها ولكن لا مجال للتراجع
خبأت وجهها وبكت كل الأشياء التي تعتصر فؤادها دفعة واحدة!
\
/
\
/
\
/
ابكاها في ليلة العمر
كما يسموها ولم يكتفي بهذا القدر لم يكتفي ابدًا
ابكاها سنين طويلة
والآن
جده يريد ان يُكمل ما هو ناقص بداخلها
مسح على وجهه ونهض ثم خرج من منزل جده!

.
.
.
.

انتهى
.
.
.
قراءة ممتعة للجميع
(لاحظوا إلى الآن قفلاتنا هادئة وجدًا

.
.
"الرواية متواجدة على الواتباد
ولكن البارت الثاني ما راح ينزل عليه اليوم".
.
.

حسابي على الأنستغرام الخاص للرواية:

shatat_zz




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-20, 04:41 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



Part 3
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
مُشتاقة، أحن..تزداد رغبة النّظر إليه..لا يختفي من أمام عينيّ، ملامح وجهه ربما اختلفت ولكن راسخة في عقلي..هل أطرأ على باله كما يحدث لي الآن؟ ربما لا..
.

ومن الممكن طرأتِ على باله ولكن يعلم جيّدًا عاقبة الإسهاب في مشاعر لا تؤدي إلى الطريق المستقيم ولا تروي ظمأ العشقان إلا بالشيء الخطير، ربما ينتظر بزوغ شمسه ليتشجّع وَيمد أشعته لِتُلامس نعومة خدّيكِ، وتتراقص شفتيهِ على نُدبة الألم التي ورّثها لكِ ليث، ولكن ما بالكِ تسهبين في التفكير به الآن رغم
*لواهيب * الألم التي تشتعل أسفل طرفكِ الضعيف؟
بللت شفتَيْها ثم اغمضت عينيها ببطء شديد لتجول بذاكرتها بشيء يُسلّيها ويُنعس عينيها اللّتان تجول حول أرجاء الغُرفة باحثةً فيها عن طيف حُبٍ وطيف تسليةٍ يُزيح من على فؤادها غُبار الخوف، كانت سترفع يكفَيْها لتُمسد على شعرها وتزيح من على جبينها حُبَيبات العرق ولكن شعرت بشيء يُشدهما للأسفل فشدّت على طرف شفّتها السفلية وهي تشتمهم نست انهما قيّدا رسغيها في طرف السرير خشيةً من هروبها!
.
.
.
في خارج الغرفة
.
.
.
وفي المكتب الجانبي المركون في الزاوية
.
.
.
يستمع لها بإنصات شديد، يهُز برجليه متوترًا مما يسمعه
فهم اللّعبة، فهم الكمين الذي أوقع تلك المسكينة على فراش المرض، هُناك مؤامرة قاموا بإدارتها في داخل السجن أدروها بحنك وذكاء مُرهب دون أن يُثيروا الشكوك

اكملت سوزان: الموضوع بعيد عن التسمم ركان...
زفر بصوت مسموع وهو يحرّك كف يده اليُسرى في الهواء مستفهِمًا : يعني؟

أكملت وهي تنظر لنتائج التحاليل: مثل ما ظهر لنا .....العلك اللي حكاتني عنه...في الأصل فيه نسبة كبيرة من ميدروكسي بروجسترون....وهوا ...هرمون جنسي أنثوي ......يستخدموه لعلاج الـمينستروال ديسوردرس....

هز رأسه يحثها على الإكمال، وفي عقله ألف سؤالِ وسؤال

لتقول: اللي صار باختصار .....اضطراب إلها وهي في عادتها الشهرية .....وسبب إلها نزيف بالزاف ....

ركان فرقع أصابع يديه، بلل شفتيه سريعًا: قالت لك اسم السجينة اللي عطتها العلك؟
هزت رأسها بلا
فنهض كالمقروص دون ان تُدرك ردّت فعله واخذ يفكر أمامها ذهابًا وإيابًا
ثم قال: سأليها سوزان
نظرت إليه بدهشة: دابا؟(الآن)
هز رأسه، بينما هي تحسست من الأمر وشعرت بصعوبته فقالت
: قاسحة عليا بزاف (صعبة علي كثيرًا)

نظر إليها متنرفزًا: ليش؟

بحلقت بعينيها عليه لتردف : البنت ذكية .....وراح تشك لم راح اسالها عن الاسم....

ركان وأخذت العصبية تضغط على وتين قلبه: واذا سألت سوزان......خوفك مو منها من ايش بالضبط؟

سوزان نهضت وتقدمت لناحيته بطرق نعليها نظرت إليه بشتات: البوليس....
استفهم بنظرته إليها: ليش؟
اشاحت بنظرها عنه وهي تزمر بنبرتها الحادة: ماشي شغلك (ليس من شأنك)
ركان ضرب بالجدار بيده بغضب: سوزان بديتي تطلعيني من طوري .....خوفك من الشرطة اذا ماله مبرر الافضل ....تروحين تشوفين شغلك.....الوقت جالس يداهمنا....

الامر مُرعب حصل مباشرةً بعدما خرجت من المختبر، شعرت وقتها إنها على شفا حفرةٍ من الخطر ، ابتعدت عن ركان دارت حول نفسها، الخطورة هي من جعلتها تتعرّف عليه هي من جعلت فؤادها يتعلّق به وتطير معه على غيمة الهُيام الذي يُداعب أوتار قلبها بلطف شديد، لذا هي لا تريد ان تخسره مقابل هذه الخطورة التي بدأت تأخذ من عقلها الشيء الكثير، لا تريد من هذه الخطورة قطع تلك الأوتار بوحشية!

تحدثت بلا مقدمات : ركان ما فينيش اتحمل كل دا خالص....

ضحك هنا سريعًا لإنقلاب اللهجة وفهم انعكاس لونها هذا
اقترب منها وضع يديه على كتفيها، غمز بعينه اليُسرى بشك
ثم قال: ما تكلمتي مصري إلا وانتي...
هزت رأسها وهي تتملّص من يديه ببطء: أي صح......انا مسافرة لوالدي.....هناك....

اخذ يُجاريها ونظر إليها بتمعّن: اللي اعرفه كنتي ناوية تروحين المغرب شصار؟
نظرت للزاوية التي تلتهمها بصمت: ما قدر روح هناك بعد وفاة امي....ركان.....
اقترب اكثر منها همس: خايفة من شنو بالضبط؟ سوزان.....

وبنبرة حادة: شصاير؟...مخبية علي شي؟

ابتعدت عنه لمسافة طويلة وهي تستل نفسًا ثقيلًا من صدرها هُنيَهْة ثم سحبت هاتفها فتحته على إحدى الرسائل المرسلة وناولته إياه: اقرا.....

نظر إليها ثم سحب الهاتف وهو ينظر لها بشك قرأ بصوت مسموع: الاطمئنان أم القُربان؟

قوّس شفتيه نظر للرقم جيّدًا.......وكان رقمًا خارجيًا...نظر إليها يُريد أن يستوعب الأمر ونظرت إليه ....مستفهمة ....مسح على شعره وكأنه بدأ يفهم كل شيء بشكل تدريجي، هل انفضح؟
هل أصبح الأمر مرئيًا لهم، شتمهم بصوت علني جعلها ترجع خطوة أخيرة للوراء، فكّر جيّدًا ماذا لو علم ليث بالأمر؟ يقسم انه سيوبخّه
سوزان : ركان...
نظر إليها وهو يستل نفس عميق غاضب: هذول مو شرطة .....
سوزان وكأنها بدأت هي الأخرى تفهم غضبه فمسحت على شعرها وبلهجة صارمة: ركان ما فيني اتحمل اكثر من كدا.......

شدّ على رأسه يُريد ان يستوعب الأمر ثم دار حول نفسه واوقفته برجاء
: بلييز......ركان خلاص...انت سويت اللي عليك بالزاف......

بعد هذه الرسالة وإشارة التهديد تذكّر من الماضي الشيء الثقيل والكثير في ثانية واحدة واخذ يلوم نفسه على امرٍ كان خارج نطاق إرادته
من قاده لكل هذا شعوره ويخشى من أم تلتهمه هذه المشاعر على أنواعًا من القهر والخوف يريد ان يخبأها ولكن باتت مفضوحة!

ثم قال: خلاص لا تسألينها.....
شدّت على يده واردفت بهمس: هاد الخدمة فيها تمارة بزاف.....
نظر لعينيها لتكمل بلهجة أخرى مختلفة: والمفروض تنسحب منها....
هز رأسه : عمل صعب ما نختلف.......بس انا اسوي كل هذا مو عشان عمل وفلوس...عشان الاخوّة اللي بيني وبين ليث...
نظرت لعينيه بعينيها اللامعتين وبعتب: لمتى؟
ركان بتنهد: لين يفرجها الله...
ازاحت هنا من على جسدها المعطف الطبّي وسحبت حقيبتها ثم اردفت قبل ان تخرج: طيارتي الصبح على الساعة ست.....
همّت بالخروج ولكن اعترض طريقها وهو يقول: بتسافرين بدون ما تودعين حبيبك واضح..
ابتسمت على مضض وفي قلبها شيء من الغصّة: بأي طريئة عاوزني اودّعك؟
ركان ضحك: بالطريقة المغربية...
نظرت إلى عيناه هم ان يحتضنها ولكن ابتعدت ثم اردفت بنبرة شاحبة: الشرجم اللي يجيك منو الريح ستدو وتهنا ركان ...

فهم انها بلغت منتهى الصبر والخوف
نطق اسمها مناديا
ولكن خرجت وأغلقت الباب وهي تقول: دير بالك على نفسك أسبوع وراجعه ليك......
لم يتبعها ولم يبرح مكانه ، لا يعرف كيف يبرر لها كل ما يعيشانه وهما حديثي الزواج رغم انها كانت تعلم ببعض الأشياء ليس بكل شيء ولكن بالشيء البسيط الذي ربما يجعلها تغفر له هذا البُعد وهذا التوتر!
ضرب بيديه على الجدار ثم خرج الآن لن يهتم بها وهو مضطر لذلك، عليه ان يتحدث مع ليث وينقل له اهميّة الاخبار قبل ان تتفاقم عليه الامور!
.
.
.
عقّد الأمر وركنه في أركان الأوجاع التي لا يفقهون فيها شيئًا، كان ينتظر هذه اللحظات ليبدأ بالعودة للمكان الذي سيحميه من نسمات الشرر ولكن حُكَم جدّه سيجعله ينسلخ من جديد ليعودة للامكان...
تذكر مقطع راسخ في ذاكرته من إحدى الروايات التي قرأها ذات يوم
"هناك شيئًا في داخلي يرفض الفرح...يرفض لأنه لا يستطيع، لا يستطيع أن يقفز فوق جدار عال...وصلد من الحزن المتراكم طوال هذه السنوات"
الآن فهم هذا الشعور الذي يُخالجه خلف قضبان نبضاته، يجزم هذه العبارة قاسية لدرجة لا تُحتمل ...لأنها وبكل بساطة تتأرجح ما بين تفاصيل ما يوّد فعله وبين عجزه في فعل الشيء! القفز والعودة من نقطة الصفر لتعويض ما تُلف في نقطة النهاية بات صعبًا.....جال بخطواته أمام المنزل لا يجرأ على الإبتعاد اكثر ، فالجميع سيشُك بما دار بينه وبين جدّه ومن الواضح جدّه لا يريد ان يُكسر ابنه بهذا الخبر لا يريد أن يزف له بُشرى بقاء ابنته مطوّلًا هُناك، مسح على جبينه ، ونظر لظلمة السماء المرقّطة بالنجوم باتت مرقّطه بشكل متوهج بسبب الضباب الذي أعمى عينيه فجأة
هل البكاء يعد من الرجولة؟ أو دعك من الرجولة فالرجال يبكون بصمت ويبكون خلف جدران عتمتهم البعيدة عن أعين البشر ولكن هل البكاء ينّم عن الضعف؟
وضع يده اليُمنى على خاصرته يشد أزره بنفسه، كيف سيتم الأمر وهو من بادر في ترك النقاش مفتوحًا بينه وبينها لمدة ثمان سنوات كان سينهيه بطريقة لطيفة ولكن ......الآن لا يدري كيف سيكون نقاشهما.....مسح على لحيته الخفيفة وبدأ يفكّر.....تذكر أمور عدّه أهمها نظراتها...حينما دخل عليها في ذلك اليوم....ترتجف....الوسط حولها مبعثرًا دماء تخضّب كفّيها اللّذان لم يكفان عن التراقص أمام وجهها ووجهه....ملابسها ممزّقة.....تكشف أجزاء كثيرة من جسدها النحيل بدلًا من ستره ...جروح تلتهمها بشكل يُدعي للظنون والشكوك.....خدها الأيمن متورمًا بسبب......
تنهّد بضيق....تورّم خدها بسببه.....بسبب طيشه .....وردات فعله المجنونة...لا مكان لهُ هُنا يُريد العودة لهناك.....ليتسنّى لهُ التفكير بطريقته...هُنا لا يستطيع ان يُحرك الساكن والراكد فقط يستطيع الجلوس للتآكل ببطء، سمع رنين هاتفه .....
همس: آه يا ركان آه....
استل نفسه وأجاب: هلا ركان...
ولكن سمع صوت يُناديه: ليث...
التفت ورأى أخيه محمد الذي قال: الكل منتظرك داخل بحطون العشا....
هز رأسه وهو يُشير إلى هاتفه: بس لحظات عندي مكالمه مهمه....
محمد نظر إلى وجه أخيه ، لم تعجبه نبرته ......ووجهه الشاحب
قال: ليث صاير شي؟
ليث يهز رأسه ويؤكد: لا ....
لم يُكثر الحديث دخل للداخل
ثم قال: تكلم ركان....
ركان وهو يَمشي لناحية سيارته في المواقف الخاصة للمستشفى: الوضع مدبّر لرحيل يا ليث......والوضع هالمرة مو محاولة قتل من قِبل سجينات متوحشات....ولا محاولة تسميم......هالمرة الضربة شبه قوية.......سوزان قدرت بشكل وكالعادة غير قانوني تتوصل للنتايج....في سجينه عطت زوجتك علك..

ركب سيارته اغلق الباب: ولكن في الواقع هو دواء ميدروكسي بروجسترون.....الحريم ياخذونه عشان اضطراب عادتهم الشهرية...

ليث بسرحان: أي؟
اكمل ركان: زوجتك في عادتها .......وكلت العلك...وسبب هالشي لها اضطراب....ونزيف....

ليث أخذ يشد على اسنانه وهو يشتمهم ثم قال: وكيف حالتها الحين....
ركان اسند نفسه على (السيت): مستقرة بس ليث في شي لازم اكلمك عليه....
ليث مشى للأمام خطوتين: اسمعك....
ركان اغمض عينيه بقوة واردف: انا وسوزان تزوجنا...

وجاءته الطامة الكُبرى التي ستكسر كيانه كليًّا
شتم ركان بصوت مسموع
وضحك الآخر من شدّت توتره
فقال ليث: وتضحك بعد؟
ركان ابتسم : شسوي حبيتها.....
ليث : وما لقيت إلا هي تحبها ؟.....ركان بالله كيف تفكّر انت...وبعدين شلون تزوجها وبنت الناس اللي خاطبها وش صار عليها؟

ركان شتت ناظريه: فصخت الخطوبة مني؟
ليث بعصبية: وتزوجت سوزان عشان كذا تنتقم من نفسك...
ركان باندفاع: لا والله ....ليث انا حبيتها....
ليث بحده: أنت جنيت عليها الحين يا ركان....سويت لنفسك نقطة ضعف للعدو تدري ولا ما تدري...كأنك جالس تعيد التاريخ نفسه....بطريقة ثانية ....

ركان حكّ انفه: لا تبالغ!

وكيف لا يُبالغ يا ركان وما بال رسالة التهديد؟

ليث: تدري أنك كلب؟
ركان ضحك من جديد
وصرخ ليث دون أن يدرك ما مدى ارتفاع صوته: لا تضحك.....
ركان بلل شفتيه: اسمعني الحين واترك سوزان وانا على جنب......برفع خطاب لمدير السجن عن اتخاذ الإجراءات للي حصل ومن ضمن الشيء بطالبه بعمل حملة تفتيشية للسجينات بشكل مفاجأ ولو سأل بقول معليش اسمحلي ليث ....شاكّين انه رحيل حاولت الانتحار وبكذا اضمن انه ما راح يرفض خطابي....
ليث سكت مطولًّا
ثم قال: انا أقول ماله داعي خاصة رحيل بتطلع بعد سبعة أيام.....ما ابي اكبّر الموضوع....
راكان : وانا أقول برفع الخطاب .....
ليث بغضب: قسم بالله بتوطّى بطنك....بس أوصل....
ركان لينهي المكالمة ضحك: وانا انتظر فمان الله

اغلق الخط دون أن يُخبره عن امر الرسالة، شعر بعدم ضرورية اخباره بهذا الأمر خاصة بعد سماع ردّت فعله عن امر زواجه من سوزان لا يريد ان يشغل باله اكثر ويُهديه دلائل توضّح مدى مصداقيّة حديثه له، ولكن بدأ هو الآخر يضطرب...ويشعر بالخوف على سوزان ونفسه ورحيل وحتّى أخته......لا يدري إلام تُشير هذه الرسالة ولكن يعلم .....انها رسالة تهديد تُشير إلى السلام او القتال والتنازع؟
قاد سيارته نحو الشقة، وهو يجزم سفر سوزان لمصر أتى في الوقت المناسب لأبعادها عن المخاطر، سيقوم بتجهيز الخطاب وفي الصباح الباكر سيناوله مدير السجن دون ان يرف له جفن!
.
.
.
.
تواجدهن هُنا يضفي على المكان مرحًا بدلًا من سكونه الموحش وركاكة هدوئه المخيف، اخذت كل واحده منهن تخطط على البقاء هُنا لهذه الليلة ولم ترفضن الأمهات فمنازلهن لا تبعد عن هنا إلا مسافات بسيطة والبعض منها مجاور له، تناولن العشاء قبل الرجال ...

جلسن بالقرب من جدتهن في الواقع يحبذن الجلوس بالقرب من الجدة وهي تحب تواجدهن رغم انها في بعض الحين تظهر لهن عكس ذلك

تحدثت وصايف وهي تقضم تفاحتها الحمراء: جدّة ما اشتقتي للديرة؟
الجدة وهي ترتشف من قهوتها العربية الشيء الكثير: والله يا بنيتي اشتقت ...وودي لو بعطلتكم نروح هناك.....
فجأة شعرت وصايف بقرصة على فخذها ...وضرب على ظهرها
وأخرى تشد على اسنانها وهي تزفر: الله ياخذك يوم سألتي هالسؤال....
وصايف وهي تفرك مكان القرصة وتبحلق في عينين هيلة: خيرررررررر تقرصين؟
أصايل همست لها وهي تضربها بخفة على رأسها: شكلك تبينا نصيّف في الديرة حسبي الله عليك...
ضحكت بخفة بعد ان استوعبت الامر
فقالت الجدة بحدة بعد سماع حديثهن: لو بنروح......بنروح من ورا خشمكم....اجلسوا عن البنت لا تأذونها....
عهود : طيب يا جدة....بس تكفين مو هالسنة تكفين....

الأمهات كانوا يتحدثون فيما بينهن ، وام وصايف قلبها يرتجف خوفًا على مزون تلك الفتاة التي لا تهدأ عن جنونها وافعالها الصبيانية التي تُثير من غضب والدها الشيء الكثير.....تشعر وكأنها تجلس على جمرٍ حار ......تفرّك بكفيها في بعضهما البعض تريد مرور الوقت بشكل سريع ولكن الوقت لا يمر.

وكذلك ام صارم بدأت تقلق من إصرار الجدّة لرؤية دانة التي اضعفها كلامهما بشكل يوحي انها بدأت لا تثق حتى بنفسها ، واقعيًا بدأت تخشى على ابنتها منهما.

اردفت ام ليث بهدوء وبصوت اشبه للهمس: والله ودي يا ام وصايف النفوس تتصافى ....وليث يكمل هالزواج....بس ما ظنتي يكتمل...

وفي الواقع هي لا تريده أن يكتمل وكيف يُكمل ابنها حياته مع خريجة سجون منبوذة من قِبل كبير عائلتهم "الجد" والأهم من قِبل والدها
وإن كانت ابنت عمّه هو عمل الكثير من اجل عمه والعائلة تغرّب ابتعد عنها لسنوات.....باتت رؤيته قصيرة وتستمد منها أملها في انهاء الامر ليبقى مطولًّا ولكن هيهات يعود بإدراجه إليها وتشتعل بالنيران وتبدأ بالشتائم والدعاوي الغير محببه

تريد ان توصل الفكرة لخالة رحيل....زواجهما سينتهي وعليكِ بالتقبّل....

فأردفت ام صارم هنا: الله يهدي النفوس...يا ام ليث...وما ظنتي ليث بطلقها.....ما طلقها بالأوّل يطلقها الحين؟

اردفت بابتسامة تغتصبها لترتسم على ثغرها : أتمنى.....يا ام صارم...ودي اشوف عياله...واشوفه هو ورحيل مستانسين....
ام وصايف اخيرًا نطقت: الامر هذا ما ندخّل فيه حنا...ليث ورحيل هم يقررون..........اهم شي بنت اختي ترجع هنا.....وننسى هالايام القشرة....
ام صارم بتنهد: صادقة يا خويتي صادقة....
ام ليث ألتزمت من جديد الصمت وبدأت تفترس وجه ام وصايف بنظرات لا تحمل صفة الكره ولا تحمل صفة المحبة!
.
.
وعلى هذه الأثناء اردفت الجدّة: قوموا طسوا من وجهي ....ابي اشوف عيالي.....اكيد يبون يدخلون وسلمون علي....
أصايل: وين يا جدّة تو حاطين لهم العشا ما امدى ياكلون .....صبر لو احد بيدخل وبسلّم عليك بيعطينا خبر...
عهود بتلاعب: جدّة تحبين جدي؟
اخذت جدتهن تستغفر بصوت مسموع وعالٍ
حتى ابتسمن الأمهات على ذلك
هيلة نهضت وبدأت تخرج صفير تكرهه جدتها وتوبخها عليه
: يا اللي ما تستحين ....عن حركات العيال يا قليلة الخاتمة
ولكن هيلة غمزت لها: لا ضيعين السالفة يا جدّة جاوبي....
اشارت الجدّة بعصاتها للأمهات: اسمعوا ...وانتوا تروحون البيت خذوهم معاكم ما ابيهم ولا بستقبلهم...
قفزت هنا سريعًا وصايف تقبلها على جبينها وخدها وأنفها ورأسها
حتى ارتفع صوت الجدّة بغضب: يا الخبلة شسوووين؟
وصايف بنظرات رجاء: تكفين يا جدّة لا ...نبي نجلس معك....
الجدة تُحدّث زوجات أبناؤها: ان تركتوهم معي بتدفنوني بكرا هذا انا قلت لكم....
ام صارم ابتسمت: عسى عمرك طويل....
ثم اشارت للبنات: قوموا عن جدتكم وبسكم طحن وحن بذا السوالف...
ام وصايف: اهجدي يا وصايف ولا ما فيه جلسة هنا....
تحدثت أصايل بهمس وهي تتلاعب بحاجبيها: قدرتي تضيعين الجواب يا جدّة ......
الجدّة لكزتها بخفة على بطنها: العقل زينة لبني آدم ...
ام ليث : قوموا اغسلوا المواعين ابرك لكم......
هيلة : والله بنغسلهم بس مو الحين....
ام وصايف: أي لم يوصلون السقف....
ضحكت هنا ام صارم: وبعدين يتذمرون....
عهود : لالا لاتخافون ما راح نذمر......والله....مو صح بنات...
البنات بصوت واحد: صح.
اردفت الجدة بابتسامة : الله يخلف عليكم بس!
.
.
.
الجميع يأكل
يُشارك الآخر بأطراف الأحاديث إلّا هو عقله بات مشغولًا اولًا برحيل وركان ثم أمل!
شرب علبة الماء القريبة منه ثم اردف قبل ان ينهض: اكرمك الله يا جدي
نظر إليه الجميع بتعجّب وصمت لم يأكل شيء ، همس
أخيه فيصل في اذن محمد: ليث مو طبيعي...
أكّد الآخر بنفس الهمس: واضح فيه شي...
بعد انتهاؤهم من العشاء ورفع السفرة عن الأرض
بقيا في المجلس
نواف عاد من جديد يناولهم فنجان القهوة بتذمر
بو فهد تحدث: تروح وترجع بالسلامة يا وليدي...
بو ليث نظر لأبنه: ما اوصيك على نفسك وزوجتك يا ليث...
بو صارم اكمل: طمنا عليك لوصلت....
فهد وقف هنا : ليث جدتي تبقى تسلم عليك..
هز رأسه بهدوء
ثم نهض صارم: بأعطيهم خبر وبعدها راح ندخل ....
فز هنا نواف متحمسًا لفكرة الدخول لجدته لعلّه يرى وصايف هناك ،
لم يلبثوا إلا ثوانٍ حتى انصرفوا النساء في الصالة العلوية تاركين لهم المجال بالدخول.....
نواف شعر بالخيبة ولكن انحنى وقبّل جبين جدته وهو يقول: اخبارك يا جدّه...

اردفت بحنان: علومي تسرّك يا يمه....
وتواروا عليها البقية يقبّلون رأسها ثم جلس بالقرب منها وبقي ليث جالسًا عن يمينها
مسكت كف يده وهي تقول: والله يا وليدي ما ودي تروح لذيك البلاد......تعبنا وانا امك...
ريّان تضايقه هذه العبارات ، تشعره بنذالته هو الآخر ....الجميع يتمنّى عدم عودة ليث هناك ولكن لا أحد يرغب بعودة رحيل إلى هنا ، هي كسرتهم لا يختلف ولكن اشتاق إليها وكثيرًا!
شدّ على قبضة يده
ووصله رد ليث: كلها كم شهر ونرجع ....
ضربت على صدرها هنا : ككككم شهر.....مو تقولون .....بتطلع بعد...
قاطعها صارم وهو ينظر لأخيه نواف الذي لا يعي شيء مما يحدث
في الواقع: أي يا جدّة أي....لا تضغطين على ليث...بإذن الله بيرجعون بعد ما يخلصون شغلهم هناك.....
ليث هز رأسه لصارم
ثم قال فهد: هانت يا جدّة......
نواف نهض هنا بخيبة من لُقيا وصايف: عن اذنكم....
ثم خرج...
فقالت الجدة هنا: ليث يمه...هالله هالله ببنت عمك.....الصدق هي زعلتنا كلنا....بس اشهد اللي سوته عن الف رجال ورجال.......دافعت عن نفسها.....يمّك....وحفظت نفسها...وما ارخصتها لضعوف النفوس.....وجدّك بيجي يوم ولين قلبه عليها.....
ريّان بتدخل سريع: يعني قلبك لان عليها يمه؟
التفتت عليه ثم ابتسمت على مضض: قلبي ليّن من اوّله عليها وعلى دانة......يمّك الأم تضرب وتسمي على ولدها.....ورحيل بنتي....جعلني ما اذوق حزنها.....بس احزنتنا يا وليدي....احزنتنا.....والأيام كفيلة تنسينا اللي صار...
فهد باندفاع: ما ظنتي ....
فيصل حك جبينه هنا وبهدوء ليشتت امر رحيل برمته: متى طيارتك يا ليث...
محمد نظر لساعته: باقي ساعة....
ثم نظر لأخيه: المفروض تكون جاهز يعني ومجهّز كل شي
ليث هز رأسه
أكملت الجدّة: لا تضرها ولا تحزنها.....وتحمّلها....يا يمه.....
قبّل كفّي يديها ورأسها ثم قال: تبشرين يا الغالية ......ولا توصين حريص

سمعوا صوتها آتٍ من الناحية اليسرى وهي تقول بصوت يرتجف عجزت عن اخماده في وسط صدرها: ما وصيك يا ليث عليها....استوصوا بالنساء خيرا يا ليث.......هالله هالله فيها....

ولأنها خالتها ....وليست والدتها ....فهي فقط "تفتش" وجهها لليث والآن أمام أبناء العائلة ...لبست عباءتها وغطّت وجهها ووقفت خلف الجدار لتحدّثه
فهد استشاط قيظًا دون مبرر
بينما ريّان علم بضعفها من نبرة صوتها

تبادل فيصل ومحمد النظرات بصمت
وصارم استأذن للخروج
فقال ليث: رحيل في عيوني يا ام وصايف....في عيوني...
كممت فمها عن اظهار شهقت بكاؤها ثم دخلت في الغرفة القريبة منها
نهض ليث ونهضوا البقية
وقالت جدته: ودعتك الله .......وهالله هالله بصلاتك......
قبّل كفها من جديد وخرج قبل البقية وهو يشعر بالضيقة
بينما
فهد همس لريّان: بروح اكلم ابوي.......بقوله خالي راشد مريض ولازم انا وريّان نروح للرياض....
ريّان هز رأسه راضيًا لِم يقوله أخيه
الجميع بدأ بالانسحاب الى بيوتهم .....بعد انتهاء هذه الليلة التي اشعلت في فؤاد البعض بعضًا من الشك والريبة ،
.
.
دخلوا المنزل واغلق ريّان الباب، الأمر يهمّه للغاية ، أمر تلك المجنونة التي تطحن في عقلها الكثير من الطيش والقليل من الرزانة ، يعلم خاله لن يهدأ لهُ بال قبل أن يلقنها درسًا ويستفسر اكثر عن أمر الهروب ويخشى أن يطول الشد بينهما ويذبحها حتّى! فهي تمتلك اسلوبًا مستفزا في الحديث ، وقعت عَيناه على خالته ليست على ما يُرام لسببين إحدى الأسباب تتلوّن وتتشكّل بمحاورها الضيّقة في رحيل وبمخالبها وغضبها في مزون
تحدث فهد قبل أن يخطو والدهما على عتبات الدرج
: يبه....
التفت عليه وكأن هو الآخر ارسل بنظراته لهما شيء من حُزنه الدفين وقلقه الذي جثم في داخله بعد دخول ليث عليهم مكفهر الوجه ، هو الآخر يعلم بنوايا والده ولكن لا يريد ان يتيقّن بها

تحدث: علامك؟

نظرت إلى أبناء اختها وفهمت الأمر
تدخلت سريعًا : بو فهد اخوي راشد تعبان...
شدّه الأمر : علامه .....وش فيه؟
ريّان تقدم: لا تحاتي يبه بس تعب بسيط.....وودنا انا وفهد......نسري للرياض نطمن عليه...
سكت ونظر لزوجته التي تفرّك بيديها
ثم قال بهدوء: لو تبين تروحين روحي معهم ما عندي مانع .....
ولكن نطقت: لا ما اقدر واترك وصايف ....لحالها...هم يروحون يطّمنون عليه...وطمنون قلبي....
بو فهد بهدوء: براحتكم تصبحون على خير...
ثم صعد ...
بينما هي تحدثت: عليكم الله ما تزيدون النار حطب لرحتوا....اعرف اخوي نار وشرار.....هدوه.....والخبلة ذيك لاحد يكلمها خلوها علي........
فهد مسح على لحيته: لا تحاتين يا خالة ....روحي نامي .....
ريّان اكمل: بس نوصل بنتصل عليك....
ام وصايف سحبت الهاتف من حقيبتها: ما بنام إلا لم اكلم خالكم.....
ثم مشت على عتبات الدرج
بينما فهد اردف: يلا نمشي...
ريّان هز رأسه: يلا
.
.
.
.
دخل واغلق الباب على نفسه، نظر لفوضويّة أفكاره على هيئة اثاث مكسّر ومحطّم وسرير مبعثر، ونفس متصاعد للأعلى ، دار حول نفسه
.
.
.
حدّثيني عن ليلةٍ اسودّت فيها الرؤية وبها العيون تلاقت في ضباب العُتمة السرمدي يا رحيل.....
.
.
يعلم قلبها يشدو بألحان الكُره لناحيته ، يعلم انها اخذت في اتجاهه المواقف السيئة، يعلم تكره قُربه، وحنينه، وشوقه اللامعروف إن كان حقيقة أم سراب وخيال يحاول التكيّف معه لأنها زوجته؟
جلس على طرف السرير وسحب حقيبته القريبة من الكمودينة فتحها تفحصها ليتأكد هل نسي شيء أم لا!
تأفف من هذا التفكير
وسمع صوت ارتفاع اخويه محمد وفيصل
فحمد لله كثيرًا انّ حبل رحيل من فكره انقطع
نهض وخرج من الغرفة
ودخل غرفة محمد
على صوت فيصل: اقولك هاته .....اعرف انت اللي آخذته....
نظر إليهما وهو يقول: قصّر حسّك ووجع......لا يسري صوتك لأمي وابوي.....
محمد بغضب وشرر: علّم اخوك......
ثم التفت عليه ليقول: قلت لك مخططك الزفت ما اخذته...
فيصل اتى بالقرب منه: قللللللللللللللت لك رجعه لي متأكد انت اللي خذته...
ليث نظر لفيصل وبهدوء: أنا اللي آخذته...
فيصل نظر إلى ليث ثم لمحمد ضحك بسخرية وظنّ محمد هو من اخبره
: ما قدرت رحت قلت له....
محمد كان سيتكلم ولكن ليث تدخل سريعًا: ما هوب هو اللي قال لي يا فيصل....انا عرفت....
فيصل استل نفس عميق: ليث لا تدّخل فيني...وهات المخطط....
ليث تحدّث بنبرة حادة: لا بدّخل فيك.....دامك مجنون ولا تعرف توزن افكارك انا بدّخل...
ضحك هُنا فيصل ومشى الى ان جلس على طرف السرير نظر لأخيه محمد: شف من يتكلم....
انقرص قلب ليث لا يدري لماذا شعر
بشفافيّة روحه وتعرّيها أمام فيصل
محمد نظر لليث: ليث اتركه عنك...
ليث وهو يحدّق في أخيه: محمد اطلع برا...
محمد نظر إليه خشيَ من انّ الأمر سيكبر
امسك يد أخيه: ليث...
ليث: قلت اطلع برا...
محمد نظر لفيصل الغير مبالي ثم خرج
فاقترب ليث من أخيه ثم قال: تدري لو سويت اللي ببالك شبصير؟
فيصل بسخرية: شبصير؟
ليث التهمه الغضب: الوضع بينكشف من البداية ......وراح تنسجن ...وتخيس بالسجون ......وتعوّر قلب امي وابوي......
فيصل نهض وتحدث: مالك دخل وإن انسجنت لا تدخل.....لا تخليني
ثم اقترب من أخيه ليقول: ادخّل فيك بعد انا...

شعر ليث انّ أخيه يُشير إلى أمر ولكن لم يُعطيه أي مجال للتحدث عنه تحدث: فكّر بنفسك اشوي.....انت تظن الحين كيانك انهدم بمجرد مديرك ما اطردك....بس في الواقع لا...بينهدم لم تسوي افكارك الشيطانية......

فيصل: انا أقول لا تأخر نفسك على طيارتك وعطني المخطط....
ليث : ما راح اعطيك.....وعن اذنك...
واقترب من الباب وكاد يفتحه ولكن فيصل اردف قال: سلملي على رحيل.....وقول لها......انت السبب في دخولها للسجن يا ليث...بلاش كذب وتمطيط في السالفة...اختصرها عليها وأنا اخوك!
ثم غمز له بعينه اليُمنى!

التفت سريعًا عليه ليتسم الآخر: انا مانيب غشيم......اذا ما عرفت كل شي.......اعرف.....يا ليث اني اعرف جزء من الشي اللي مخبيه ..ولا تحدني على شي انت تخاف منه.....
ليث بثبات : بزر ما عليك شرها........
ثم خرج من الغرفة تارك فيصل يتآكل بنفسه ويشتم أخيه
.
.
بينما ليث ذهب لتوديع والده ووالدته محاولًا تجاهل حديث أخيه
.
.
.



انتهى
.
.
.
قراءة ممتعة للجميع



.
.
.
.

حسابي على الأنستغرام الخاص للرواية:

shatat_zz




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-20, 04:45 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




Part4
.
.
.

لا تقوى على النوم، بها حديث وثرثرة حُب عميقة ، تُسكر لسانها وتُثقله ومشاعر أخرى تُخرس أحاديثها الباطلة! هل ستمضي هذه المشاعر ، تزول وتنمحي من القلب في عُمر معيّن؟ هل سيعود اتزانها يومًا؟

لا تستطيع ان تُراسله الآن، تحدّثه سرًّا دون ان تُراقب ذاتها دون ان تراقب الله!
تخون نفسها والجميع، أصبحت مقيّدة لهذه المشاعر والأمر بات حلوًا لديها ولا تستطيع ان تنفصل عنه.....

تحدثت تحت صمتهن وهي تحدّق في سقف الغرفة: بنات كيف اعرف اني احب؟
سمعت شهقة من احدهن علامةً للإستنكار لهذا السؤال، كانوا جميعهن مستلقين على الفراش على الأرض متراصيّن بجانب بعضهن البعض
وعلى هذا السؤال جلسن سريعًا
ضربتها احداهن: شالسؤال الغبي
تحدثت الأخرى بسخرية: هالسؤال سأليه لعهود...
حدقّت عهود في عينيها: اصايلوه........وتبن....
وصايف نظرت لهن: ترا جد اسأل ......بس كذا مجرد سؤال....
هيلة اشارت لها بكفيها: أي حيييييييييييييييل مجرّد سؤال واضح.....
اصايل : طالعي بعيني طالعي....اعترفي تحبين؟
عهود بضحكة: هههههههههههههههههه واضح هلوسات ليلية.....
هيلة : بس يقولون الكلام ما بعد اثنعش الليل ...كله صحيح ...مثل السكران لشرب خمر...وصار يفضفض.....
أصايل ضربتها على ظهرها: تشبيهاتك وقحة.....
ضحكت عهود: هههههههههههههه من يومها...
وصايف : افففففففففففف الشرهة علي اللي ابي احرك هالسكون والملل....
.
.
سحبت اللّحاف لتغطّي بها وجهها وهي تزفر: خلاص .......خمدوا....لا تجاوبون....

سحبت أصايل من على وجهها اللحاف: لالا....قومي...

هيلة تربعت أمامها وهي تقول: خليني ابدأ لك بفلسفتي....
ضربت عهود جبهتها: على كذا ما بيجي دورنا...
ثم قهقهت: هههههههههههههههههه بالله تكلمي عاد انا ابي انام كود انام على فلسفتك البايخة...
هيلة عبست بوجهها ثم نظرت لوصايف التي جلست "متربعة": ما عليك منهم سمعي...احم احم.....الحُب ....شيء عظيم......ولا هو عيب ولا حرام....
ضربت أصايل على صدرها: أي شجعيها شجعيها يا بقرتنا....
عهود : هههههههههههههه لا عاد اصايل الصدق الحب لا هو عيب ولا حرام بس مجتمعنا ما يتقبل مثل كذا علاقات....
اصايل بحدّه: اكيد ما بيتقبل ...ودينا الحنيف حرّم العلاقات المحرمة...
ضربتها سريعًا هيلة على ظهرها : خليني اكمل وأوضح لك فلسفتي يا مستعجلة...
ثم نظرت لوصايف التي تتبسم لهيلة: شوفي...الحُب الشريف العفيف....اللي طريقة مؤدي للزواج......ما فيه شي....بس حُب يؤدي إلى ضياع شرف البنت.....
اصايل بسخرية: لاحظوا كيف تنطق يؤدي....
عهود وضعت رأسها على فخذ اصايل: عايشة الدور...ههههههههههههه...
هيلة تستل نفسها عميقًا وهي مغمضة لعينيها: وربي بذبحكم خلوني اكمل....
عهود: كملي كملي.....
وصايف: جد عاد خلوها تقول اللي عندها....
هيلة : الحب اللي يوديك في داهية هذا مو حب صادق وهذا حُب شهوة لا يودي ولا يجيب.....ما منه فايدة ...غير الضياع والفضايح!
وصايف عقدت حاجبيها: طيب كيف اعرف انه حُب صادق...
أصايل تدخلت سريعًا هُنا: لم اللي يحبك يتقدم لك على طول...ما يلعب بذيله من خلف الكواليس...
ضحكت هنا عهود: ههههههههههههههههههههه اوه اوه انتقلت عدوة الفلسفة...
ضربتها أصايل على جبهتها وهي تضحك: هههههههههههه والله ما قلت شي فيه فلسفة..
هيلة تؤكد: كلام اصايلوه صح.......يعني اللي يسوون علاقات محرمة مثل اللي تكلمه بالخفا ...او تطلع معه......بدون حلف هذا ناوي عليها ....يعني راسي على شر يأخذ منها اللي يبي...ويتوكل...
عهود قاطعتها بصوت شبه مرتفع: بس اللي والله يقول احبها.....ويجي يخطبها هذا ما بشوفينه الا في الاحلام يا وصايف ههههههههههههههههههههه....

وصايف سكتت هنا بحيرة
بينما أصايل نظرة لها : وصايف....انتبهي توقعين في الفخ.......وربي جدي واخوانك يعلقونك على باب بيتهم جثّة......
هيلة وهي تستلقي: وانا قول كذا بعد..

وصايف وكأنها بدأت تخاف من الأمر نظرت لها: مجنونة انا....اسوي كذا....بس سألت وانتوا عاد لعبتكم الشك والظنون....
عهود بجدية: طيب الحين انطموا وناموا عشان صدق نجلس نسوي فطور ونفطر مع جدتي....
هيلة : صدق ناموا.....
أصايل نهضت لتخفف اضاء الغرفة: هدوء يا بنات...
وصايف استلقت: تصبحون على خير....
ردوا عليها ولكن لم تسمعهن، بقيت في قاع الظلام تفكّر بحديثهن...وشعرت هنا بالخوف القليل من كشف أمرها
!
.
.
.
استيقظت من نومها على وقتها الذي لم يتغيّر أبدًا ، جلست على صوت المنبّه لتنهض بتكاسل ناتج عن تعب جسدها وبكاؤها في الأمس! دخلت الخلاء، توضأت ثم افترشت سجادتها لتُشرع في الصلاة
وبعدما انهت صلاتها قرأت وردها ثم، عادت تستلقي على السرير ولكن تعلم أنها لن تعود للنوم....اخذت تحدّق في السقف تحرّك قدم رجليها يمينًا ويسارًا كالبندول، تشعر بالصداع يُلزمها ان تشرب قهوتها قبل بدأ يومها وإلا سيسوء مزاجها اكثر.....بقيت على هذا الحال إلى وقت الشروق....ثم نهضت ...وخرجت من غرفتها.....الهدوء في هذا الوقت يأخذ مكانًا في أركان المنزل .....مسحت على شعرها....ثم ذهبت بعد نزولها إلى المطبخ لتغلي الماء من أجل عمل قهوتها العربية


وهي على هذه الأثناء دخل والدها وهو يقول: صباح الخير ....
التفت عليه وهي تبتسم : صباحك ورد وياسمين يا الغالي....
ابتسم لها على مضض هنا ثم اقترب منها وقال: دانة ...يبه.......تعالي الصالة ....بعد ما تسوين القهوة....
ابتسمت له بهدوء وفي رأسها قلق كبير: ان شاء الله....
خرج، وهي بقيت واقفة....تنظر للدلة بشرود.....اغلقت غاز الفرن.....ثم سكبت قهوتها في الدلة....اخذت سريعًا كوب ......املأت جزء منه...ثم شربته في دفعة واحدهّ!
شعرت بإحتراق لسانها ولكن وضعت الكوب على طاولة الطعام ثم خرجت.....دون إكتراث!

بينما والدها كان جالسًا ينتظرها ما إن اقبلت حتّى رفع رأسه ونظر لها ، حقيقةً بدأت تخاف من أنّ هناك أمر سيء قد حدث وسيُناقشها فيه.

جلست بالقرب منه : آمرني...
رفع رأسه ونظر لوجهها: ما يامر عليك ظالم
ثم قال: دانة....
نظرت إليه ليُكمل: جدك أمس سأل عنك....

فهمت الآن سيحدّثها عن عدم مجيئها في منزل جدها تحدثت بهدوء: يبه كنت تعبانة عشان كذا ما رحت....

تحدث أبو صارم بلا مقدمات: يا بوك عارف أنك ما رحتي عشان جدك وجدتك....بس جدك ملزّم يلتقي فيك......ولا تنسين يا دانة صلة الرحم واجبة .....ومهما صار ذول اهلك....

دانة وبدأت تغلي من الداخل ماذا يريد منها جدها؟ تشعر انّ هناك امر وراء طلبه لرؤيتها
قالت: طيب ....لرجعت بروح له.....

حكّ انفه: متى دوامك...
تحدثت بهدوء: سبع ونص...
نظر لساعته وكانت تشير الى الخامسة والنصف فقال: روحي له....الحين هو اتصل علي....يبيك.....اطلعي لهم من الباب الخلفي.....

تنهدّت هنا وتشعر انّها في مصيدة جديدة لا تستطع التخلّص منها، نهضت قبلّت رأسه لا تستطيع ان ترفض له طلبًا: طيب عن اذنك....
.
.

ثم مشت وفي قلبها وجع من ذكريات المواقف التي حدثت بينها وبين جدها وجدتها...لن ترتدي العباءة ولا حتى الحجاب...ستذهب لهم ببجامتها الكئيبة ككآبة ما تشعر به.......خرجت إلى (حوش المنزل) واتجهت إلى الجهة اليسرى ....للجهة التي تؤدي بها إلى الباب والذي يؤدي بدوره بها إلى منزل جدها ...تنهدت كثيرًا ....لا تريد أن تكرهه من أجل أمر جديد.....لا تريد قلق جديد....وقفت أمام الباب...لوهلة شعرت بالتراجع....ولكن ....اغمضت عينيها...لتستمد طاقة ضئُلت بداخلها.....ثم فتحته......ودخلت برجلها اليسرى......واقفلت ورائها الباب.....نظرت إلى الأرجاء........وقعت عينيها على النخلتين الجانبتين للجدار الذي عن يمينها...ونظرت إلى حوض المشموم التي تهتم بهِ جدتها شخصيًا......تنهدت....لم يتغيّر شيء ..سوى قطعت الحشائش الصناعية التي افترشوها على بقعة الأرض الواسعة......مشت......تعلم جدّها وربما جدتها ايضًا ينتظراها في المجلس الرجالي....مشت...وهي تفرّك بكف يديها بقوة........تتنفس بعمق ...تريد أن تهدّا من اضطرابات قلبها......وصلت إلى باب المجلس...رفعت يدها لتطرقه بخفة قبل أن تدخل....ولكن شعرت برغبتها في البكاء .....كتمت هذه الرغبة خلف أسوار ربيع الأزهار التي تتحرّك يمينًا ويسارًا مع هبّات الهواء المائلة للدف .....ازدردت ريقها ....ثم طرقته وهي تشد على بجامتها.....

اتاها صوته الغليظ: ادخل......
فتحت ردهة المجلس ببطء...اخذ صدرها يغرق ويطفو....بقلق....وضعت قدم رجلها اليُمنى على العَتبة......ثم دخلت للداخل....وقعت عينيها على جدها.......ازدرد ريقها....على قوله: دخلي يا دانة....

دخلت وهي تشعر بثقل وتخدر جسدها تهابه، تخاف من صراخه ومن نظرته الحادة اذا غضب لا تريد الجلوس معه تعلم سيوجعها على مبادئ الخوف عليها وانه اعلم بمصلحتها كما فعل قبل سنوات حينما أرادت تخصصها المكروه لديه....

وصلت اليه انحنت لتقبل رأسه ويده وهي تقول: اخبارك يا جدي؟
خرجت هذه الجملة بثقل وصوت مهتز...
هز رأسه: اخباري تسرك اجلسي...
جلست عن يمينه ثم نظر إليها بهدوء: اخبارك؟

دانة هزّت رأسها وهي تفرّك بيديها: بخير......
جدها نظر إليها ثم قال: اسمعيني يا دانة......انا ما نيب راضي على قطاعتك لنا....

هل نسى انه طردها يومًا وأخبر الجميع انه لا يريد رؤيتها هي لم تقاطعه هو من أجبرها على هذا دون ان يحس!

اكمل: مهما كان انا جدّك ....مجبروه على صلتي يا دانة....وانتي لا تسألين لا باتصال ولا بزيارة........

هل يُناقض نفسه الآن ماذا يقول هذا العجوز؟

نظرت إليه لتقول: بس انت ما تبين...
الجد قاطعها: لو انك جايتني ما سكرت الباب بوجهك......لو انك طحتي على راسي تعتذرين.....ما كان رديتك .....يا دانة......

تعتذر؟ من اجل ماذا يا تُرى...
ثم حاولت ان تسيطر على أركان توترها: جدي اذا جايبني عشان موضوع التخصص.....وشغلي....فاسمحلي من الحين.....الزم ما علي صحتك ولا ابيك تنفعل....ولا ابي اضايقك......
.
.
ولا تريد ان تُضايق روحها، ولا تريد استذكار ما حدث من قبل....قاطعها هُنا وهو يقول: لالا...على هونك الحكي اللي بقوله ما هوب عن تخصصك الأغبر......بنرضي فيه.....من يوم ورايح.......عشان ابوك يا دانة...
سكتت
وهو اخذ يرمي قنبلته سريعًا
.
.
وعلى هذه الأثناء هو ايضًا دخل بمفتاحه الخاص لمنزل جده،،تعجّب من اتصاله وَطلبه بالمجيء إليه الآن في هذا الوقت خشي من انّ مكروه قد أصابه، ولكن صوته كان يبدو بخير وأمره عندما يأتي يجيء مباشرةً إلى المجلس الرجالي، لم يُخبر والده ولا حتى أخيه لكي لا يُثير الفزع في قلوبهما....ولكن جدّه اثار الفزع في قلبه.....ارتدى سريعًا ثوبه المنزلي (وهو عبارة عن ثوب رجالي نص كم بلونه البني)......كانت خطواته سريعة في التقدم.....خائف على جدّه.......تمتم بالإستغفار ليطرد تلك الأفكار التي تعْبث بدواخل اطمِئنانهُ....مشى بِخُطى متسارعة متجهًا للمجلس...حاسمًا أمر خوفه!
.
.
.
بينما جدّه قال: بكلمك عن موضوع الزواج...
دانة وقع قلبها في الأرض: ايش؟
الجد بحده ولكي لا يدع لها أمرًا في الحديث: على ولد عمّك محمد ......

دانة وقفت هُنا وهي ترتجف وتقول: بس انا مو موافقة.....
الجد بحدة: وانا جبتك هنا لأني عارف هالرد......اشوفك قمتي تتعدين الحدود كثير...وعارف الأغبر ابوك...ما راح يسمع لي...وبيسمع لك......بس خلاص.... عنّاد يا دانة...دراسة ودرستي....وشغل واشتغلتي وانا بالع الموس وواقف بحلقي.....بس مسألة الزواج انا اللي بدخّل فيها....عمرك وصل ستة وعشرين سنه........والعمر يمضي...وودي افرح فيك...واشوف منك أحفادي!

دانة دارت الدنيا واظلمت في عينيها يُعني أنه سيُحسم الأمر تحدثت وهي تشير له: ما فيه شي بالإجبار يا جدي...انا الحين ما ابي العرس همي شغلي......و
الجد تحدث مقاطعًا إيّاها: أقول اقطعي الححكي....و...
.
.

وفجأة انفتح الباب ودخل محمد الذي سقطت عيناه عليها سريعًا، توتر ثم ارتد للوراء مرتبكًا...

وكاد يغلقه ولكن جدّه قال: اددددددددددددددخل يا محمد....
.
.
فتحت عيناها على الآخر فهمت فخ جدّها الآن، فهمت ما يريده منها بهذا الوقت.....تجمّدت في مكانها....شبّكت أصابع يديها ببعضها البعض وبدأت تفركهما مع ارتفاع وانخفاض ضغطها بشكل مخيف ....قالت له
وهي تزفر النفس بثقل: جدي..

كرر الجد قوله: محمد قلت لكككككككك ادخل...

هل فقد عقله جدّه ليطلبه بالدخول وابنت عمّه واقفة هّناك ببجامتها؟ شعر بالتوتر .....ثم قال: جدي...انا جايك بعد اشوي بس ....أعطي مجال لبنت العم تدخل داخل....

دانة واقفة كالصّنم تحدّق في جدها وتيقّنت بظنونه التي يراها خيرًا لها......لم تعد قادرة على الوقوف مطوّلًا وبدأ نفسها يضيق

والجد هنا ضرب بعصاته على الأرض ليصدر صوتها متحزمًا بغضبه: قللللللللت لك ادخل!

اغمض عَينيه محمد غاضبًا من جدّه لا يدري ماذا يريد وكيف يدخل هل اخته أصايل أو هيلة من وقفت امامه؟ ولم يلحظ ذلك
ولكن الشّعر الطويل يبرهن له أنها لم تكن من إحداهما...فتحه ببطء وبدأ قلبه يخفق
نهض هنا الجد وسمع همس دانة: جدي تكفى....
ولكن لم يُعيرها أي اهتمام كانت واقفة تشد على أطراف قدميها ويديها تنظر له برجاء واحراج من موقفه هو يريد أن يراها محمد الآن على مبدأ
"النظرة الشرعية"
هل محمد يعلم بنوايا جدّه أم هما الاثنان خططا للأمر
وقف محمد بجانب الباب وهو مطأطأ برأسه ولم يدخل بعد
قال: جدي متأكد ادخل؟
الجد هنا مشى ببطء ومسك قبضة الباب وسحبه ونظر لحفيده وهو يقول :ادخل ....
دخل محمد مجبورًا وأعطى ظهره لأبنت عمه وهنا دانة لم تتحمل وضعت يدها على فمها وبكت بلا صوت
تحدث الجد: اسمعني يا محمد انت الحين على وجه زواج....واللي بعمرك ....اعرسوا وعيّلوا.......وما اشوف في سبب.....لعدم زواجك يا وليدي......عشان كذا....انا خطبت لك بنت عمّك دانة....
فُجع قلب محمد، خطبها؟ متى وكيف
تحدث: كككككيف جدي؟
الجد يتحدث وكأن محمد موافق على الأمر: ابوك ما راح يقول لا.......وانا ابي اشوفك معرس...حالك حال اخوك ليث.....
محمد بتلعثم: ججججدي... انا مااا نيب مستعد للزواج.......واذا تبي تفرح وزوّج احفادك زوّج فهد ولاريان هم اكبر مني!

الجد ربت على كتفه: وانت الأجدر منهم بالمسؤولية ان شاء الله....
ثم قال: اجمعتكم انت وهي بذا الوقت عشان الشوفة الشرعية.

نزلت دموعها على خديها بلا توقف ، لا تدري كيف ينظر إلى الأمر ببساطة، هل يريد الانتقام بهذا الشكل لأنها خالفته في إحدى السنوات الماضية؟ هل يريد أن يقتلها أكثر من ذي قبل، أدارت عينيها في الفراغ.....وهي تكتم شهقاتها بصعوبة!

تسمع محمد غاضبًا ومنفعلًا يقول: جدي هالمواضيع ما تجي على الكيف.....وبلا تخطيط.....جدي انت ما كلمتني من قبل...عشان تحطني بالصورة......انتي جالس تجبرني.....

الجد بحده: وش فيها بنت عمّك عشان ترفضها؟
مازال محمد مولّي بظهره وهي واقفة خلفه على بعد سنتيمترات: بنت عمي على عيني وعلى راسي.....بس انا ما بي العرس بكبره...

نطقت اخيرًا هنا....وصوتها يرتجف: ولا انا....

الجد ليحسم الأمر : اسمعوني زين......بتزوجون يعني بتزوجون.....اسمعني يا محمد....انا عارف بالبلا اللي تسويه ......زواج مسيار ما مسيار من ورانا......العلم جاني...ولانيب غشيم....

التفت على جدّه سريعًا هنا، التماس كهربائي مسكه من طرف أقدام رجليه حتى رأسه ، شعر وكأنها متعري من ملابسه أمام جده
كيف علم؟
الجد بحزم: لا تناظرني كذا ولا تنكر...
وبصرخة: قبل ثلاث شهور.......ابو من هاللي متزوجهم بالخش جاني لعند بابي يشتكي...يا حْميد...
اكمل: ويطلبني ادخّل بالموضوع ....واخليك تعلن زواجها.....

شعر بالحرج والتعرّق وتسللت نظراته إلى تلك الواقفة بجسدها الذي يهتز لينم عن صدمتها في وضوح هذا الصباح الباكر

تحدث جدّه: دام هذي سوالفك....تحمّل......أجل تزوّج مسيار.....تاخذ وتطلق........وتخلي سيرتنا على كل لسان......انا بحقق رغبتك..وبزوجك....
محمد بلل شفتيه واغمض عينيه لثانية: جدي الأمور ما تمشي بالإجبار......طيب يمكن انا ابي اخذ من برا العيلة....

شعرت بالرخص هنا دانة وبالرفض لكيانها تمامًا كما رفضها ليث في السابق تشعر انها تلفظ آخر الأنفاس ، ذلّها جدها ذلها وكثيرًا

تحدث الجد: وحنا ما نبي نزوّجك من برا......الأَولى تأخذ من بنات عمّك.......
محمد مسح على وجهه: جدي....
رفع سبابته أمام وجهه: بتوافق ولا والله ما يردني غير أبوك واعلمه بسواد وجهك ببنات الناس....
اخرسه وأوقعه في الفخ.....
ثم سمع صوت دانة تبكي تقول: جدي بروح بيتنا...وزواج ما نيب مزوّجه......
وتحرّكت وهي تنظر للأرض عازمة على الخروج ولكن اعترض طريقها الجد: مانتي برايحة بيت اهلك......وزواج من محمد بتزوجين.......
بكت بصوت مسموع وهي تخبأ وجهها بكفيها
ثم نظر الجد لها بغضب: اظن حطيتكم في الصورة الحين .....وبكرا بقول لأبوك انك موافقة ..

ثم نظر إلى ابنه: وانت بقول لبوك كلمتني عشان اخطبها لك.....

دانة لم تتحمّل انزلقت من أمام جدها سريعًا ومشت بلا هُدى وبلا عقل لناحية الباب وضرب كتفها اليمين بكتف محمد .....شدّت انتباهه على طريقة ركضها وشهقاتها المتتالية ....كانت تركض وتبكي وترتجف في آن واحد......نظر إلى جدّه وهو يقول
: جدي لا هي ولا انا موافقين على هالزواج........عن اذنك...
ثم خرج
على صوت جده وهو يصرخ: لا ما هو على كيفك ولا على كيفها.....بتزوجون......دام راسي يشم الهواء....
.
.
محمد خرج دون ان يلتفت وراؤه ،شعر بقساوة جدّه على دانة كثيرًا منظرها وهي تخرج مكسورة كسر بداخله اشياء كثيرة مهما كان وحصل فهي ابنت عمّه لا يرضى على إذلالها وجدّه فعل ذلك ببساطة سيحدّث والده عن نوايا جدّه قبل ان يوقع به وبتلك المسكينة في فراغ قراراته القاهرة
.
.
.
بينما دانة دخلت المنزل وصوتها لم تعد قادرة على التحكّم به كانت تصرخ لم تكن تبكي فقط، هي تبكي قهرًا وحُزنًا على حالها الذي وصلت إليه جدّها باسلوبه هذا جعلها تشعر بالرّخص أجل؟ كما أنه
أهانها ....أمام ابن عمّها على مبادىء لا تعترف بها اصلًا ....هل فقد عقله؟
دخلت إلى الصالة وهي تشهق....ووالدها كان موجودًا.......وجهها احمر ....دموعها لم تتوقف ومستمرة في الإنزلاق على خدّيها ....اخافت والدها على منظرها هذا ...نهض واتجّه ناحيتها
: يبه دانة وشفيك؟....وش صاير؟

بكت وهي تقترب منه وكأنها تريد جدار حماية تحتمي به من قوانين وقرارات جدّها الذي لم يأبى لا بمشاعرها ولا برغباتها وقراراتها ......تشبّثت به ثم شهقت...
حتى به قال: على هونك يبه.....
طبطب على ظهرها: ذكري الله اهدي....وقولي لي وش صاير؟
حاولت ان تنطق حرف واحد...وتخبره عمّ حصل ولكن عجزت
وبكت كثيرًا ، حتى احتضنها ....وشعر برجفة جسدها كلّه....خاف عليها وعلى هذه الاثناء .....نزلت والدتها ونظرت إليها وخافت...

اقتربت منها وهي تلطم على صدرها: يمه دانة وش فيك؟
نظر إليها زوجها: روحي جيبي لها ماي.....
دانة غاصت في احضان والدها تبكي بلا توقف...مصدومة من موقفها كيف يُدخل عليها محمد...كيف يخطط وينفذ.....ويتيقّن بخضوعهما له كيف؟
اخذ ابا صارم يطبطب على ظهرها ويمسح على شعرها وهو يقرأ عليها ما تيسّر من القرآن.
اخذت تهتز ببكاء موجع، فخشي عليها والدها من ان تتعاكس للوراء أتت والدتها
: شفيها؟
سحب الكأس من يدها واخذه: يبه دانة شربي....
هزت رأسها بلا
فقال: شصار؟.....شقال لك جدك؟
فهمت والدتها الأمر وضربت بكفيها دلالةً على الرفض لذهابها إليه
فقالت: ياربي....
رمقها زوجها بنظرات ثم قال: دانة..
سمع صوت انينها.....ورجفتها تزداد ....شد عليها اكثر
فرتّل بصوته: اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ*لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ*اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

نفث عليها وارشح وجهها بالماء وجلست والدتها بالقرب منها واخذت تطبطب عليها.....
بينما هي اخذت تهدّا قليلًا ....ولكن صوت شهقاتها ما بين الفينة والاخرى يخرج بشكل مؤلم
تساءلت والدتها: يمه شقال لك جدّك؟

والدها شعر انّ الوقت ليس مناسبًا للحديث لذلك قال: تكّلم بعدين....
واكمل رقيته الشرعية بهدوء وهو يشد عليها بيدينه حانيتين.


.
.
.
.
دخل ونظر إلى والده الجالس في صالة منزلهم وقُباله والدته ، إلى الآن لم يخرج من معمعة اللاتصديق والتصديق لِم فعله جدّه ....تقدم لناحيتهما وفي نيّته إخبار والده بما حصل، فمن المستحيل أن يخضع لمثل هذا القرار المصيري
ولكن سبقوه حينما نظروا إليه وقالوا : محمد .....وين كنت؟
تحدثت والدته: طالع بدري؟
تحدث وهي يبتلع ريقه: جدي اتصل علي وطلبني ورحت له....
تحدث ابا ليث بخوف بعد أن نهض كالمقروص من مكانه: ليش ابوي فيه شي؟
محمد حرّك رأسه بلا وهو مصعوق من تخطيط جدّه على هذا الأمر وخداعه في طلبه بالمجيء مستعجلًا من أجل رؤية دانة ......مسح على رأسه، اخذ يحدّق في والدَه
فقالت والدته: يمه محمد تكلم....شفيك ابوك يسألك....
محمد نظر إليها: هاا؟
اقترب منه تحدث بحدّه: علامك فاهي؟.....وش فيه ابوي....
محمد اخيرا تمالك نفسه: جدي طلبني اروح له....وخدعني.....وخدع دانة بنت عمي....
ابا ليث بعدم فهم: وش تخربط؟
ام ليث: ولد تكلم مثل الناس وش تقول؟
محمد امتص غضبه بشدّه على قبضة يده: جدي جمعنا في المجلس بدون لا ندري عشان الشوفة الشرعية.....ودانة انهارت تبكي...وانا طلعت.....

شهقت والدته هنا : هأأأأأأأأأأأ......من جدّك محمد؟...جدّك سوا كذا؟!
ابا ليث : اللي تقوله صدق؟
محمد خرج من هدوءه: اي صدق جدي.....يبي يزوجنا غصب...وماسكني تهديد اذا ما وافقت بعلمك اني ازوّج بالسر....
شهقت من جديد والدته واهتز جفنها
ابا ليث فتح عينيه على الآخر: مزوّج بالسسسر....
محمد : ما اظن سويت شي حرام...بس الحرام اللي جالس يسويه جدي فيني وفي دانة.........وصّل له اني مستحيل أوافق.....واتصل على عمي تطمن على دانة...عن اذنك...
ثم غاب عن انظارهما.......ومازالت والدته مصعوقة من الأمرين .....نظرت لزوجها وادركت انه لم يكن اقل صدمة منها....
: بو ليث!
ابا ليث تحدث بغضب شاتمًا ابنه على فعلته.......ثم قال: حسبي الله ونعم الوكيل....كل يوم تطلع لنا بشي يا يبه كل يوم.....عطيني جوالي.....
ام ليث هزّت رأسها وهي منصدمة: بروح اجيبه لك..
.
.
بينما محمد صعد على عتبات الدرّج وهو يتأفأف وخرج من قوقعة صدمته بالسب والشتم، توجّه لغرفته وفتح الباب بقوة واغلقه كما فتحه وصدر صوته ضجيج في المنزل

وقعت عَيناه على فيصل اخيه فتحدث: شعندك جالس بغرفتي؟

فيصل وهو يحدّق في جهازه المحمول: وصلت لمعلومة حقيييييييييرة عن أخوك!

حقًّا هو ليس بمزاج عالٍ ، وحديث فيصل عن ليث زاد من غضبه : انت ما تستحي على وجهك شالكلام؟.......وأي معلومة....ياخي انشغل بنفسك........
فيصل نهض وغمز له بعبث: روح قوله هالحكي.....دامه خذ المخطط...حطيته ببالي.....وتراني مواصل بس عشان ......اجيب أجله.....
محمد مسح على رأسه عدّت مرات ثم قال: انت متأكد تكلّم عن اخوك ولا عدوّك؟
ضحك الآخر: ههههههههههههههههه
محمد جلس على طرف سريره: انقلع تراني مو فايق لك ولخبالك.....خذ عفشك واطلع.....كفاية اللي سواه جدي...ابي ارتاح....

ما زال ينظر لشاشته ولكن قام بتغيير موقعه وجلس على مكتب محمد المصغّر: وش مسوي جدي بعد؟
محمد رمى نفسه على السرير: ناوي يزوّجني دانة بنت عمي.....غصبن عني...
فيصل نظر لأخيه ثم قال: والله جدي كل يوم يصدمني من تفكيره كيف يخطبها لك وهي كانت المفروض لليث...

جلس محمد واخذ يتحدث بحرقة: مو هنا المشكلة.....المشكلة ......اللي سواه قبل أشوي جايبها وجايبني وخادعنا وجامعنا بالمجلس....يعني مسوي فيها شوفة شرعية.....
فيصل بصدمة: مو من جدك!!!!

محمد حرّك يده: مع الاسف....احرجني واحرج دانة....وجلس يهدد فيني يعلّم ابوي عن زواجاتي اللي بالسر....

فيصل ضحك هنا، ثم غمز لأخيه: شصار على حمل آخر وحده؟

نهض سريعًا ووقف قُبالة أخيه وبشك: انت تفتّش من وراي؟

فيصل ابتسم له ثم نهض: لا ....بس انت واخوك تفضحون نفسكم بمكالماتكم اللى يسمعها سابع جار بآخر الليل......وادري انّك خليتها تجهض من ورا خشمـ....
لم يدعه يُكمل الحديث كمم فم اخيه: جب قصّر حسك....وانا بطلّت ازوّج من بعد اللي صار....
فيصل بلا مبالاة: احسن ....ثم
وبلا مقدمات لف الجهاز على اخيه وهو يردف: عمايل اخوك السودة....اخيرًا قدرت اخترق حساباته....

فتح محمد عينيه على الآخر وشعر بالقشعريرة، واحتقن وجهه بالحُمرة وبدأ حقًّا يخاف من اخيه فيصل حينما يحقد لا يُدرك ما يفعله، ابعد الجهاز عنه وصرخ
: وشو هذا؟

فيصل : سواد وجه اخوك بامريكا....قبل اظن تسع سنين ...

محمد بغضب: اي....وبعدين؟....وش بسوي يعني....
فيصل نهض: سهله بوريهم ابوي....
شد سريعًا على معصم يده: هالصورة سوت لنا بلبلة زمان يا فيصل...وهي سبب زواج ليث.....فلا تفكر تفتّح جروح قديمة.........

فيصل وبدأت علامات الإستغراب تطغي على وجهه: يعني ابوي يدري بهالأمور؟

مسح محمد على وجهه عدّت مرات دار حول نفسه كيف اخيه لم يمسح هذا الماضي المُغبث كيف؟ تحدث بغضب: اي......اخوك من تزوّج عقل.....لا تقعد تنبّش من وراه وفي ماضيه.....

فيصل بشك: عشان كذا ابوي اجبره على رحيل...

محمد وبدأت الأمور تتضارب بداخله يخشى من انّ ليث حقًّا لم يتوب عن هذه الأمور: ماحد جبره ....ليش تحسسني مو عايش هالأحداث معنا...

فيصل غضب من نفسه لماذا لا يعرف بهذه الأمور حقًّا؟ ولكن ربما كان مشغولًا بهمومه وبمشاعره المتخبطه آنذاك!

فقال: لأني وقتها صدق مو عايش عشان أعرف سالفة هذا وذاك....

محمد : والحين اذا عرفت وش بصير....
فيصل مسح على رأسه : ولا شي.

محمد بجدية: اسمع فيصل....اللي ناوي تسويه بفيصل ....ترا مردوده بيرجع عليك......بالموت ابوي نسى هالسالفة......وليث مانجبر على الزواج...هو اختار رحيل......بنفسه....ورفض دانة...ومن حقه انه يختار اللي يبيها..هالصورة هذي.....بسنة يمكن 2011.....ولد جارنا المرحوم سعد اذا تذكره كان مبتعث وبنفس دفعة اخوك....جا ووراها جدي وابوي......والدنيا قامت ولا قعدت.......وصار الكل يكلّم عليه وقتها انه راعي بنات......وسكر..وابوي تعب..وقال له ما ترجع امريكا إلا وانت مزوّج ولّا انسى تكمّل دراسة........فانسى تفتّح هالجروح مرة ثانية.....

وكأنه بدأ يعي ما سيفعله تنهد ثم قال بحزم: تراه مزوّجها صار له ثلاث سنين......واسمها أمل!
محمد تجمّد في مكانه: متأكد؟
فيصل اغلق اللاب توب ثم حمله: والله....
محمد مسح على رأسه: كيف عرفت؟
فيصل بدأ يحتار من حياة اخيه ليث : اسمع الله حق انا اتصنّت عليه لجا يكلّم جواله ....ومرا دخلت غرفته ابي شاحن.....وشفت عقد زواجه......وسمعت تلاطيش...وفهمت يكلّم وحده اسمها أمل....ونفسه هو اللي قريته........واخوك ما شاء الله ذال امها بكل مكالمة يعايرها بالماضي....والحين فهمت هالسالفة.....

محمد ضربه على طرف كتفه: تصنّت علينا يا كلب؟
فيصل وكأنه يبرر فعلته: من دافع الفضول......عرفت مصايب ......وعرفت هو سبب سجن رحيل....بعد!



محمد لم يتحمّل اشار له: حدّك عاد.......فيصلوه.......ترا الكلام اللي تقوله كبير...واذا وصل لأبوي او جدي....قسم بالله بتموّتهم كلهم ..فاحفظ السانك.....واترك عنك هالحقد......والتبن المخطط خذه منك عشان يحميك....ما يبيك......تعيش في انتقام .....وخرابيط......وتحرق نفسك......
فيصل وكأنه بدأ ينسى امر المخطط ونظر لأخيه: المخطط اقدر اعيده.......بس حياة اخوك والله فُل اكشن واضح.....وفل مصايب.....وجاني فضول اعرف كل شي....
شد ياقة بدلته بشكل سريع : فييييييييصل.....اعقل......اعقل وانا خوك....وابعد عن ليث....لا تشبب النّار وخلها خامدة......
فيصل ابعد يدين اخيه عنه ثم غمز له: انت تامر......وانا أطامر...بس كلمه وقوله لا يدّخل فيني...عن اذنك...

ثم خرج من الغرفة تارك اخيه يسبه ويشتمه يخشى من هذا المجنون يُحدث بلبلة في منزلهم...اخذ هاتفه اتصل على ليث....واخذ ينتظر ردّه....
.
.
.
بينما ليث كان في السيارة للتو خرج من المطار و للتو وصل إلى الأراضي التي نفت حلمه الكبير إلى ظلال الطريق وإلى رياحها العتيّة سمع الرنين
ثم سحبه : الو....
محمد بضيق: ليث.....فيصل هكّر حساباتك.......ووصل لأشياء تخوّف....

ضرب بريك قوي : اييييييييييييييش؟....وش توصل له؟

بدأ يشك بالأمر
محمد: صورتك مع البنت اللي في السيارة....ومنظركم المخل....انت شلون ما زلت محتفظ بشي مثل هذا؟

ليث زفر براحة هنا ثم قال: هذي حساباتي القديمة.....
محمد بصرخة: وليه ما الغيتها؟
ليث بصداع: محمد الزم حدودك ولا تجلس تصارخ.....وهالثور تركه يسوي اللي يبيه......
محمد يريد ان يثير الرعب في داخل أخيه: عرف انك مزوّجها....
ليث بتنرفز وقبل أن يُنهي الحديث: بسلامته!
ثم اغلق الخط، واخذ يشتم اخيه وارسل لركان (اذا مو مشغول اتصل علي ضروري)
.
.
بينما في الواقع ذلك العاشق، فرح بقبول مدير السجن لخطابه، وسُعد به وشعر انّه بدأ يعود لترتيب رتابة عواصفه، تذكّر محبوبته اليوم رحلتها لا يريد ان تذهب إلى مصر وهما متخاصمان....اتصل عليها وشدّ رحاله إلى طريق المطار......يتمنّى ان يحظى بلقائها قبل ان ترحل من هنا......
حدّثها وهو أمام الإشارة: كيف قدرتي يا الخاينة تروحين المطار بدون ما تجين الشقة؟

كانت جالسة في الانتظار تحدّق لمعصم يدها وتنظر للوقت بملل....لقد اخرّوا موعد الطيّران من أجل الصيانة المفاجأ
سمعت رنين هاتفها أجابت: مشان ما نكتر هدرا ونتخاصم....

ابتسم وهو ينعطف يمينًا وينظر للشارع بسعادة: يعني مو مخاصمتني؟

سوزان بعبث: اشوي....

ركان نظر لمعصم يده: ركبتي طيّارتك؟

سوزان بجدية ابعدت خصلات شعرها عن وجهها: للاسف صار امر طارىء ونزلونا.....عشان اجراءات السلامة ....وإعادة الصيانة....
ركان : ياااااااااااا حبيبي...بجيك طيّارة......ولهان عليك بالزاف.....
سوزان ضحكت: ههههههههههه ما راح يمديك يا باشا....
ركان بتحدي: لا راح يمديني.....
سوزان بحذر: لا تسرّع ركان بليز عن الجنان......
ركان زاد من سرعته: تامرين امر......سكري.....ثوان وبكون قدامك.....احبك...
سوزان ضحكت ثم اغلقت الخط، نظرت لمن حولها....شعرت بالملل....ثم نهضت متجّهة لناحية الخلاء..دخلت ..وبدأت تعيد رسمة كحل عينيها بدقة.....وأضافت على وجنتيها بعضًا من الحُمره ...وزادت من ملمّع الشفاه.....ثم خرجت..نظرت للممر من جديد ...ِشعرت انّه اصبح مزدحمًا نوعًا ما.....ومن المفترض أن يكون مزحومًا بالنساء على الأقل ولكن لا وجود للجنس الأنثوي هُنا.....شعرت بالريبة.....فكل ما فعلته مشت بخطُى متسارعة مع طرق نعليها على الأرض.......ازدردت ريقها...وشعرت برجلَين من ذوي الأجسام الرياضية الضخمة يتبعان خطواتها سمعت رنين الهاتف اخرجته من حقيبتها ......وكانت رسالة نصية فتحتها
(الإطمئنان أم القُربان؟ أظن الإجابة هي القُربان!)

نظرت خلفها سريعًا، فهمت الرسالة التي كُررت عليها مشت بخطى اسرع.......نظرت يمنةً ويسرى وكأنها تريد النجاة....ارتفع صدرها وأخذ يهبط بخوف.....التهديد وصل على شكل رجال من ذوي البدلة الرسمية السوداء.....يحاوطون المكان من كل جانب.....خافت وشعرت بالقشعريرة.......ازدردت ريقها......حاولت ان تكتب رسالة ....لركان.....لتمنعه عن المجيء إلى هنا ...وهي تمشي....فهؤلاء الناس لا يستطيعون ان يلحقون بها الأذى وهي هنا أمام هذا الغفير من النّاس.....ارسلت رسالتها لركان....وخرجت ...من المطار....وهي تركض .......وبدأت المطاردة مبكرًا ....تبعوها أربعة رجال ....خلفها تمامًا!
.
.
.
بينما ركان....كان يقود سيارته بشوق...ولكن ما زال في الطريق ...تأفف لزحمة السيّر سمع رنين هاتفه ......وكانت رسالتها قرأ
(ركان لا تجي.....تذكر رسالة التهديد......نفذوها!)

اضطرب واخذ نفسه يعيق تركيزه: شلون يعني......ِسووووزان......

شعر بالخوف، وبدأ بالتعرّق تذكر حديث ليث.....وتحذيره....تذكر أمور كُثر....تذكر وجه سلمان..وجه رحيل وهي مطأطأة برأسها في المحكمة....تذكر...تهديدهم بصوت وحشي....ضرب على المقود واتصل على ليث

وما إن انفتح الخط تحدّث وهو يلهث مُتعب من الذّكريات ومن خوفه: ليث....اذا ما بعدت عن المطار......ارجع سوزان....نفذوا التهديد....بيذبحونها......الو.. .ليث...
ليث في الواقع لم يبعد كثيرًا فكثرة الإشارات المرورية وزحمة السير اعاقته
عقد حاجبيه: وش تقول؟.....اي تهديد....

ركان قاد سيارته بجنون: سوزان....يهددونها...بحرقون قلبي......ليث....تكفى......روح....أ لحق عليها قبل لا يوجعوني!

ليث وكأنه بدأ يفهم الأمر تحدث بصراخ: قللللللللللللللللللللت لك.......ما سمعتني......باي باي...

ثم اغلق الخط وانعطف عائدًا للطريق الذي قطعه، شعر بالخوف هو الآخر، هل ما سيفعلونه تخويف أم تهديد حرفي لينفّذ ويفلق قلب صاحبه كما فلقوه قبل سنين عدّه!، ضرب عدّت مرات على المقود تفريغًا للغضب الذي احتل جزء كبير من صدره.....لا بد ان يصل.....قبل أن تحل اللعنة الحقيقية على رأس صاحبه اجرى اتصال سريع، وكان خائفًا من ألّا يستجيب....له....وأعاد الإتصال بما يُقارب الخمس مرات ولم يُجيبه....شعر بالإحتراق....وبالخوف.....اذًا التهديد سينفّذ.....شعر بانخفاض ضغطه....كل الأشياء السيئة بدأت تمر على عينيه كشريط لا بد ان يتجرّع قساوة طعمه ومنظره في هذه الأثناء.....داس على البنزين....صارخًا في نفسه ....بأنهم ضعفاء لا يستطيعون ان يفعلوا شيئًا بها.....كان يوهم نفسه........ويمنّيها بأنه لا مكروه سيصل لها......
.
.
بينما ركان جن من الآخر....وقاد سيارته بسرعة تكاد تأخذ روحه الملهوفة على حُبٍ شقي لم يكتفي به بعد......سابق الحُب بالعادات والتقاليد....وكسره ...بالتمسّك......والعطاء.....لا يريد أن يسلبوه شيء أحبّه من قلبه....لا يريد أن يسلخوا جسده وروحه.....ويعلقّانهما في دهاليز الخوف والكآبة.......لا يريد ذلك....هو على غير استعداد تام لمراسيم العزاء!
.
.
بينما هي ركضت.......ركضت وهي لا تعلم أين تذهب....أخذت تبكي......تصطدم في هذا وذاك.....تدخل في ممرات ضيقة لتضيّعهم ولكن تجدهم يسابقون الريح للإمساك بها....وكأنها غزال يركض من هجوم أسود ووحوش جائعة تريد الإنقضاض عليه في غابات الأمازون، كعب نعليها يؤلمانها وبشدّة.....ولكن لا وقت ان تنحنى لتزيحهما.....لن تتوّقف عن الركض لن تتوقف ابدًا سمعت رنين هاتفها......واطلاق النار من ناحيتها...صرخت ....وسحبت الهاتف....
اجابت: ركان.....وييييييييييينك.....

اتاه صوت انفاسها، وصوت اطلاق النار.....واصطكاك صوت اسنانها
تحدث: وينك فيه؟

نظرت للشارع لم تركز على الصوت ركضت بسرعة: شاررررع......ِشااااااارع.......� �لثاني......من ....وجهة المطار....

امرها: ارسلي الموقع.



اغلق الخط عرف موقعها جيّدًا ولكن يعلم انها لن تكون هناك بعد فترة!، فهم انها دخلت في الممرات الضيقة.....ولكن ما ارعبه صوت إطلاق النار....يتمنّى أن يصل في الوقت المناسب...ويتمنّى ألّا يصل ركان الآن.........يخشى من أن يصل ويراها طريحة على الأرض تقلّبها أيادي العدو للتأكد من موتها......انعطف....يمينًا أركن سيارته...وركض......
فاتحًا الموقع يتبعها.....بقلق...

وركان وصل.......ودخل المطار كالضائع يبحث عنها ....ثم خرج واتصل على ليث ولم يجيبهّ!
.
.
بينما هي .....تشعر انهم يملكون القدرة على إحاطتها..ليسقطوها في الفخ ولكن هم يريدون منها الركض....يريدون منها ان تفقد صوابها...وانفاسها......ولكن توقفت....حينما ادركت ذلك...وجثلت على ركبتيها وكأنها تخبرهم عن استسلامها.....حاوطوها.......وتو جّهت الأسلحة عليها...اصبحت في دائرة الموت..نظرت لهم بخوف.......ولكي يرعبون قلبها.....أطلق احدهم النار بالقرب منها حتى صرخت.....وضحك الآخر
كاد يقتلها ثالثهم ولكن رابعهم أوقفه وهو يشير له سيجعله يقتلها بعد مرور خمس دقائق.....فالأوامر حازمة لايستطيعون تنفيذ شيء دون إشارة من كبيرهم....

اخذ صدرها يهبط وينخفض مع ضغطها....تريد ان تنهض...ولم تستطع الرجفة سيطرة على كيانها.......
بينما ليث....ما زال يركض......ويدخل في الممرات الضيقة تابعًا الموقع......ووصل إليه.....ودخل إلى الممر.....المفتوح على البيوت من الجانب الآخر......نظر للرجال.....ونظر إليها...خفق قلبه.......تخيّل امور كُثر.......ثم توجّه إليه احدهم...ومد يده له
ليناوله الهاتف
سحبه ليث وضعه على اذنه ولم يبس بكلمة واحده
سمع صوته الغليظ: قول لصاحبك لا يدّخل نفسه في شي ما يخصّه ولا بيخسر .......تراه شايف نفسه وايد......واللورد.....يبي يخّسره حياته بس انا وقفت بويّه ....وقلت لا عطه قرصت أذن.......ما يهون علي .....رفيج ولدي سلمان!

ليث شد على قبضة يده وهو ينظر لسوزان: يعني؟

تحدث الآخر: خل يطلّق سوزان......وتسافر برا امريكا احسن.......وقوله يتنازل عن القضية اللي بيرفعها عشان رحيل زوجتك........لا يسوي روحه بطل وايد......ولا راح يندم!
ليث بتعجب ركان لم يخبره انه سيرفع قضية: قضية؟
تحدث: اوه شكله ما قالك .....المهم الحمد لله على سلامة سوزان......واذا ما نفذ الأوامر.......اللورد بشوف شغله...ولا بقّدر اسوي شي..باي...
ثم اغلق الخط، وناول الهاتف للرجل الذي اشار لبقية الرجال بالإنصراف......ثم ركض ليث لناحية سوزان التي تبكي بخوف، وذعر انحنى......واضطر بالإمساك بها من اكتافها ليبجرها على الوقوف و النهوض
: تعالي نمشي....
لم تفهم شي مما حدث ولكن فهمت انّ هذا التهديد نُفّذ للتخويف.....وللخضوع على شيء ما.....مشى وهو ممسك بكف يدها ويسحبها معه واتصل على ركان وما ان اجابه
: الو
قال: روح شقتك انا وسوزان بنكون هناك...
ثم اغلق الخط قبل ان يسمع ما اراد قوله.....مشوا بهدوء.....وقلوبهم بها عواصف كُثر...وصل إلى سيارته ودخل وهي ركبت.....واسندت ظهرها للوراء.....واغمضت عينيها
تحدث: انتي بخير؟
هزت رأسها بلا......وسمعت رنين هاتفها....
فبدأ بالقيادة وهو يقول: ردي هذا ركان....
اجابته واخذها بلهفته يتساءل عن الأمر ولكن هي ليست بحال للإجابة عليه انهت المكالمة سريًعا وهي تنظر للطريق بشتات.....بينما ليث....اصبح حانقًا وغضبانًا من ركان....الذي سيؤدي بحياته للهلاك......يعلم صاحبه يظن بالقانون يستطيع ردهم وهو لا يعلم بذلك الأمر هو يُغرقه ويُغرق نفسه ايضًا........ما كان عليه ان يتزوّج سوزان ...ولا كان عليه التدّخل في قضيّة رحيل.....مسح على وجهه حقًّا هو مُتعب....لا يدري كيف يُداري الأمور وكيف يحلها.....مضى في طريقه لربع ساعة....ووصل الى شقة ركان....وركان في الآن نفسه وصل......ونظر إلى وجهه ليث البارد....وركض لناحية زوجته واحتضنها وهي بكت على صدره بخوف ورعشة...تمسّكت به وكأنها تخبره انها للتو عادت للحياة!

تحدث: افتح الباب....
ابعدها عنه حضنه.....فتح الباب.....انغلق عليهم

وثار هنا ليث ليُمسك بياقة صاحبه حتى شهقت هنا سوزان بعينيها الدامعتين وكحلها المنساب على خديها ابتعدت عنهما مسافة ليلصق ليث ظهر ركان على الجدار: انت وش سويت؟

ركان نظر لعينيه بعدم فهم فضرب ليث بكف يده على الجدار: تزوّج ....و...ترمي نفسك بالتهلكة.....ترفع قضية من وراي؟ وش سويت ....تبي تحرق نفسك وتحرقها وهي مالها ذنب!

واشار لسوزان التي ترتجف بكاءًا
ركان ابعد ليث عنه وهو يصرخ: لمتى بتظل جبان وهم يلعبون فيك يمين ويسار...لازم احد يضحّي عشان نقدر نجيب أجلهم...

ليث ابتعد عنه ثم اقترب من وجهه يصرخ: قلت نضحي؟.....سلمان وش سوى ها؟.....وش سوا......ضحّى.....ضحّى...وانصدم بحقيقة ابوه........وبالأخير وينه؟....ووووووووووووووووين ه؟

ركان انخرس هنا وطأطأ برأسه ، وسوزان جلست على طرف الأريكة غير متزنة في تفكيرها ولا حتى في وقفتها نظرت لهما بضياع أدركت ركان حياته على "المحّك "الآن

تحدث ليث بعصبية: حطيت سوزان ....في الانظار......فهموا هي ساعدتنا طوال السنوات اللي تمت فيها رحيل داخل السجن.......عرفوا انه حمايتها كانت كبيرة .....لرحيل لم تنجرح.....ونقلونها للمستشفى...عروفوا الحين منوا اللي يبطل افعالهم داخل المستشفى.......وانت قدمتها لهم كقربان....

شعرت بالقشعريرة تسري بدمها تذكرت الرسالة (الإطمئنان أم القُربان) هل حقًّا ضحى بها ركان كقربان للخلاص من امور....بكت

وركان صرخ هنا: ما قدمتها كقربان......ولا راح اسمح لهم....

ليث ما زال يصرخ: سمحت لهم وخلصت ......اليوم اللي سووه...ايششششششششششش؟.....لعب ؟....تفكر يبون يلعبون معك....لا .....يبون يحرقون قلبك......وبعدين تعال قولي وش سالفة رفع القضية.....

ركان مسح على رأسه: المدير قبل الخطاب وبقوم بحملة تفتيش....وجهّزت أوراق للقضية عشان ....لعرفنا اسم السجينة اللي عطت رحيل العلك....

ليث بصرخة يبدو انه خرج عن طوره لتعجّل ركان للأمور وربطها مثلما يحلو له: وانا طلبت منك هالشي؟....انا شكيت لك وقلت رح ارفع قضية......ركان ...تراك جالس تلعب بالرماد......والرماد العن من النار بالنسبة لهم!
سكت ركان ثم قال: راح اكنسل...
قاطعه: غصبن عليك راح تكنسل.....وتقفل أوراق قضية رحيل...للأبد.....هي ما بقى على محكوميتها إلا ستة ايام وبس....
ركان كاد يتكلم ولكن صرخ: ولا كلمممممممممممة انا تعبت .........من الوضع.....

ثم اقترب منه: وصلوا لي التهديد........طلّق سوزان...وخلها تسافر من هنا وإلا راح يسودون عيشتكم.......انتوا الاثنين....وبو سلمان هو اللي كلمني ووصّل لي هالشي......

سوزان شهقت ونهضت وهي تقول: مستحيييييييل....

ركان ترقرقت عيناه: شقول انت!!
ليث بحده: اذا تبين تعيشين.....تطلقي منه وسافري.....

واشار له: وانت مجبور تنفّذ.......
ركان خرج عن صمته: لا لاني مجبور ولا شي.....
ليث شدّه على الجدار بقوة حتى صدمه من ردت الفعل هذه : لا مجبور......مابي افقدك مثل سلممممممممممممان.........افهم. ......

سوزان بكت بصوت مما شدّت انتباه ليث نظر لها: بكونين بحمايتي .......رح احجز لك ......سفر لمصر .......بعد ساعة من الآن....وبوصلك بنفسي......خليك بمصر.....فترة لا تقل عن سنة.......هناك ما يقدرون يسوون لك شي.....

ونظر لركان: وانت......تعرف شغلك......عن اذنكم ...بطلع اشم هوا وبرجع....

ثم خرج تارك قلبين يرفرفان على حافة العتاب والفُراق

نهضت وهي تنظر إليه بعدم تصديق لِم يحدث لهما
.
.
ادفعني للهاوية ، اجعلني اغوص واطفو من جديد على سيمفونيات غريبة، دعني اموت بالقرُب من وتين الوجدان النابض بالحياة، دعني اتسلل واشتم رائحة عطرك رويدًا رويدا، دعني اموت هُنا لا هُناك ....غُربتي انمحت لوجودك....لكيانك وهمسك....لا تدعني الآن اضيع.......لا تدعني الآن ابكي صارخة لا للفراق.....رمت نفسها عليه....
تُعزّيه وتعزي نفسها على الفُراق المجبوران عليه، شدّها إليه....قبّل جبينها ....واشتّم رائحة شعرها بعدما دفن وجهه بداخل كثافته التي تُحرق لهيب الأشواق .....هل حان موعد التلاشي والإنصهار؟...هل حان موعد الإنفجار الصارخ بالقهر .......والبكاء بمسميات الحُب التي ثُدمي الوجوه تحت عناوين العِتاب....ابعدها عنه قبّل كفّي يديها

تحدث: سامحيني....

همست له برجاء: لا تتركيني ركان....
مسح على شعرها حدّق مطولًّا في عينيها: يعز علي اتركك.....بس ما ابي اخسرك للأبد!
فهمت تنازله ، وفهمت خوفه من الموت احتضنته، قبّلت كتفه برجاء وأنين استوحش منه خوفًا من الفراق الأبدي!
شدّت عليه بقوة وهي تقول: الحياة معك لها طعم ولون ركان!
شّد عليها واغمض عينيه همس في اذنها: بنلتقي في ظروف افضل من الحين.....
دفنت وجهها في رقبته وكأنها تُدفن نفسها في سراب عشقها الذي أخذ يتفرّع بجذوره في كل مكان من جسدها ، ارتعشت وهمست له بسكرة الخوف من عدم رؤياه: اوعدني.

ودّ لو يدخلها في قلبه ، ويمنع العالم عن رؤيتها، أهذا هو الحُب الذي يترنّم به عشقًا مجنون ليلى؟ أهذا هو العشق الذي أدم قلب روميو....وابكى عَين العامرية؟ لماذا يشعر انه يختنق من هذا الحُب.....يختنق ويفرّط بحياته من اجله.....لا يريد منها ان تبتعد...تنسلخ من يديه كما تنسلخ اليرقة لتبدأ دورة حياتها الجديدة بعيده كليًّا عن شكلها السابق! لا يريد هذا الإنسلاخ.....الشكل الجديد......البُعد على ألوانٍ مدمرة ربما لا لون لها....احتضنها....اشتم رائحتها......قبّل جبينها مودعًا اياها
همس : وعد!
ابتعدت عنه مسكت كفي يديه نظرت لعينيه
ليؤكد هو
.
.
أنا الآن بدأت بالتلاشي
.
.
شد على كفي يدها بلل شفتيه نزلت دمعتين على شكلٍ متتالي على خده مما جعلها تندفع لتمسحهما بعنف وهي توبّخه: لا توجع قلبي.....
طأطأ برأسه لفترة، عاجز عن التنازل عنها ، عاجز عن التخلّي والإبتعاد
عاجز ومهووس بها حدّ الثمالة
رفع رأسه: انتي طالق.....
ابتسمت في وجهه بكت وهي ترتجف قالت: راح نلتقي من جديد......
لم يترك لها فرصة على الإبتعاد سحبها لحضنه......وهمس في اذنها: انتظريني تكفين!


.
.
.
وصلا....يشعرا بالإرهاق والتعب.....تلك المتمرّده نزعت من عينهما النّوم، والراحة......ووالدتهما لم تكف عن الإتصالات فهذا يُعني انها لم تنم .....طيلة الليل......بينما هو حدّث خاله.....واخبره انهما على وشك الوصول إلى المستشفى الذي ارسل لهما موقعه......تحدث
بهدوء: فهد......ما يحتاج اقولك....تمالك اعصابك....ولا تزيد خالي....ترا صوته لم كلمته......كلش ما يطمّن ...وبالقوة ماسك نفسه عنها لا يذبحها.....
فهد دخل موقف السيارات ليركن سيارته: ليته ذبحها وفكّنا من مشاكلها......
ريّان: تكفى فهد.....صير عون لا تصير لي فرعون .....
فهد زفر: انزل انزل.....نطمّن على الوضع ونروح اي فندق نريّح لأنه راسي بدا يضرب علي...
ريّان سكت ولم يُكثر عليه الحديث: طيب...

نزلا من السيارة ، ريّان يعرف جيّدًا بأي دور هما....ركبا المصعد....فهد يتوّعدها في سرّه....وريّان غاضبًا منها وخائفًا على خاله بشكل كبير.....كلاهما متعبان وكلاهما غاضبان ولكن احدهما قادر على كبح مشاعر غضبه والآخر يبذل جهد كبير في فعل ذلك.......انفتح الباب
نظر فهد للغرفة: قلت رقمها 309...
ريّان اشار للغرفة: اي هذي....
مشوا....بالقرب من الباب....طرق ريّان الباب...لا يستطيعون الدخول.......بقيا واقفان ينتظرا خروج خالهما......لم تمر ثوان عدّة حتى خرج.....نظر لهما .....
وتقدم فهد يسلّم عليه اولًا...خالهما ليس رجلًا عجوز....في اواخر عمره...لا بل...يعد شابًا ببداية الأربعين....تزوّج في عمر صغير .....وانجب طفلته......بعد مرور سنة من زواجه على المرحومة زوجته.......ابتعد فهد وسلّم عليه ريّان......
ثم اغلق الباب راشد وتحدث: مالها داعي جيّتكم....تعبتوا نفسكم......
فهد بهدوء: تعبك راحة يا خال......طمنا عليك...
راشد بتنهد : انا بخير......
ريّان بنبرة ذات معنى : ومزون اخبارها؟
راشد مسح على لحيته بهدوء.....لا يدري كيف خرج حقيقةً من تعقّله ليضربها هكذا....ولكن هي من زادت الأمور سوءًا بهروبها......وتحريكها ليدها
: كسر بيدها اليسرى.......كسر مضاعف....واضطروا يسوون لها عملية.......أمس بالليل......
فهد بلل شفتيه يشعر بالرضا، على ما أتاها ولكن في الآن نفسه تساءل: تدّخلت الشرطة؟
ريّان : خال مو معقولة من الضرب؟
راشد هز راسه ليجيب فهد: لا هي قالت لهم طحت على الدرج...
ونظر لريّان: هي الغبية لم رحت لها......أمس....فكرتني بضربها...وهربت وطاحت عليها......وضجّت عليها بالألم وضاعفت الكسر....
ريّان تمتم: لا حول ولا قوة إلا بالله.....
فهد طبطب على كتف خاله: ما عليها شر.....
راشد بعتب: والله انه ما ودي ضربتها....ولا ودي وصلتها لهالحال....بس شقول.....كل ما قلت بتعقل......إلا تزيد طيش وخبال.....كأنها ولد بمشاكلها......صرت اشك اني مقصّر معها عشان تسوي كذا فيني.......خلتني طول الليل اعيد حساباتي........ضربي لها....غلط.......بس شسوي.....جننتني.......خلتني مجنون وقتها...
فهد اقترب منه : خال هد بالك.....انت مو مقصر.....لا تلوم نفسك...
ريّان: خالي....تعال اجلس...
ثم اقتربا من الكراسي الموضوعه جانبًا أمام باب غرفتها
تحدث راشد بقلب ابوِي : أمس من الألم ما نامت تصرخ من قمّة راسها.......تبكي وتنادي امها......حزّت بخاطري والله........تناديها وكأنها تبيها تحميها مني.......ليت يدي اللي انكسرت ولا ضربتها...

ريّان نظر لفهد....
ثم قال: خالي.....لا تجلس تلوم نفسك.....الحين صار اللي صار....وهي مجبورة تتعلّم من هالدرس....انت مو قصدك تضرها.......بس قدّر الله وما شاء فعل.......

راشد رفع رأسه لينظر للسقف...وعينيه محمرتين وبهما دموع محتجزة ما بين حنانٍ وقسوة........بلل شفتيه....
: انا من خوفي عليها ضربتها......اجل تستغفلني...وتطلع....مع صديقات السوء......انا وش يدريني....بكرا ما يجرجرون فيها لأماكن ثانية......وتخبي علي؟.....هي خبله....همها الضحك....والخبال....ولا تفرّق ذا يحب لي الخير...ولا ذاك يحب لي الشر....تمشي ورا الضحك والهبال.......وهذا اللي يخوفني عليها.....هي مو شايلة مسؤولية نفسها .....

فهد بجدية: قول لا إله الا الله ....واترك هالكلام الحين...وريّح بالك....
ريّان نهض: قوم معي خالي......نروح نشتري فطور...ونجي....وفهد يظل هنا......

فهد سكت وخالهما قال: لا ما بطلع من هنا...اخاف تجلس ....وتحتاجني...

ريّان باقناع: باذن الله ما بتجلس ......كلها كم خطوة.......وبعدين لجلست فهد ينادي الممرضة لها.....لازم تطلع انت تشم هوا اشوي......يلا....خال عاد لا تردني....
فهد بتأييد: اي والله تحتاج تشم هوا ......
راشد نهض : طيب بس لا نتأخر...
ريّان بهدوء: ان شاء الله
ومشيا معًا، وبقي فهد ينظر للباب ، يهز برجله بقوّة.....ماذا يعني تهرب؟.....تستغفلهم جميعًا؟......هي اعتادت على ان يضربها والدها ثم يعود يطبطب عليها...ثم هي تعود بشكل متمرد في فعل اشياء محظورة.....لابد ان يوضع لها حدًا قبل أن تقع في الفخ....ثم تنكسر بلا جبر!

نهض....وهو عازم على الدخول إليها، ولكن يشعر لو فعل هذا الامر سيخون خاله....ولكن هو نيّته لا تؤول إلى المعاني الشريرة والخبيثة
ولكن هي ليست من محارمه؟!
تنهد وتمتم بالاستغفار....ولعنها سرًا وهو الذي يعلم بحكم اللعن......يكمل اللعن على حديثه الذاتي ...أنا لستُ مثاليًا!....مشى......مزون....تلك الفتاة التي ......لا تكف عن مشاغباتها....ضحكتها....المستف زة ......حركاتها الصبيانية بأنوثة مركبة لا يعرفون كيميائيتها....هي صعبة ......ولكن سهلة في أيدي الغير.....في أيدي الناس الغُرباء......ربما هم يظنون بها هكذا....ولكن هذا هو الظاهر من شخصيتها ........وضع يده على مقبض الباب......كان سيدخل ولكن استوقفه صوت رنين هاتفه
سحبه ونظر للاسم وكان ريّان فتح
واتاه صوت اخيه: لا تدخل لها....اعرفك مجنون...

خشي من ان يكون خلفه التفت للوراء سريعًا ولم يجده فقال: ما رحتوا؟

ريّان: دخل خالي الحمام...
ثم
نظر للأمام فقال: هذا هو طلع...لا تدخل.....اعرفك....كبريت....وهي نار وشرار....ما نبي مشاكل......واكيد هي تعبانة مو حول الكلام....باي....
اغلق الخط

وعاد فهد ينظر للباب ...تنهد.....ودخل بلا تردد واغلق الباب خلفه......اغمض عينيه .....ثم تقدم بخطى ...بطيئة......يخشى من ان تكون حاسرة الرأس ....فكاد يتراجع...ولكن غضبه دفعه من جديد في التقدم......فتح عينيه...واصبح واقفًا امامها مباشرة......ينظر لبهوت وجهها المصفر.....الحجاب موضوع على رأسها .....خاله هو من وضعه......عينيها منتفختين قليلًا.......أنفها محمر.....وشفتيها السفلية مجروحة.....ابتسم بسخرية.....فهم...انها تلقّت صفعة قوية ...ادّت إلى جرح شفتها بشكل ملحوظ........نظر إلى يدها اليُسرى المجبرة......ونظر لليمنى وإلى الأنبوب المغروس فيها بوهن.......اقترب منها.......انفاسها منتظمة.......حاجبيها معقودين......رجليها متقرفصتين نوعًا ما.....تنهّد......اخرج هاتفه .....ارسل لأخيه ريّان
(اذا وصلتوا المستشفى ارسل لي ضروري)
.... وقف أمام رأسها المنحني قليلًا إلى ناحية اليمين.....يتمنّى لو تستيقظ.......لو يقدّم لها حديثه الغضب......يتمنى ذلك......ولكن يشعر انها لن تستيقظ.....لذلك.....
اقترب قليلًا .....همس: مزون......
لم يرى منها بادرة تنّم عن استيقاظها....
تحدث بصوت ارفع قليلًا: مزون.....
عقدت هنا حاجبيها .....ثم ابتلعت ريقها وتحدثت بصوت محشرج : يبه....

ابتسم فهد هنا رغم عواصف كثيرة بداخله، ثم قال: انا فهد......

هنا فتحت عَينيها ببطء شديد ونظر إليها، وقعت عينيه على سوادت عينيها الواسعة التي تذكّره ببراءة طفولتها......ورمت سهام حنين الماضي في فؤادة.......لا يدري لماذا تذكّره بوالدته تمتلك طريقة في التحديق مشابه لطريقة تحديق والدته .......ولكن لم تجعله يسهب في حنينه ....اغمضت عينيها ......وعضّت على شفتيها بقوة.....حتى نزفت شفتها السفلية المجروحة....وخرجت أنين حاولت كتمه....

قال: تتألمين؟
ثم بجدية اردف: احسن.....هذا يعني وصل الدّرس......ما كان المفروض تسوين سواتك........ولو ما سوتيها كان الحين انتي بالبيت........لمتى مزون وانتي تدورين مشاكل؟

ليست لها طاقة على الحديث وعلى الأخذ والعطاء ،حقًّا هي مُتعبة....لا تريد منه التحدّث.......حاولت الجلوس...واتكأت على كوها من يدها اليُمنى......وشعرت بوخز جرحها يصل لأعماق قلبها...وصرخت بشكل لا إرادي......وخشي هُنا فهد اقترب....منها .....تحدث
:لا تتحركين ....
اخذت تتنفّس بعمق....مسحت بيدها السليمة على شفتها ......ونظر للدم...سحب علبة المناديل واعطاها اياه...سحبت منديلًا ثم جاهدت نفسها بالتحدّث......
: فهد اطلع برا.......مابي اسمع كلام......تعبانة....وابي ارتاح....اطلع....

فهد حدّق في عينيها: اوجعك كلامي؟
مزون صوت تنفسها بات مسموعًا من المها: اخاف انا اللي اوجعك يا مفضوح.....




ضحك هنا وابتعد عنها ، يفهم ما تقصده جيّدًا، ويفهم معانيه التي لا يجرؤ على مواجتها!

: حقيقي يوم عن يوم تثبتين لي انك غبية بجدارة....
مزون والألم بدأ يأخذ مأخذًا من جسدها وابتلأت الدموع في عينيها: وانت اثبت لي انك....منفصم شخصيا بجدارة.......

فهد اقترب قليلًا منها: اليوم خالي راشد كسر يدك.....انتبهي بكرا .....لا يذبحك.....
مزون بحده: حلاله....
فهد بنبرة مخيفة: سالفة هروبك......وطلعتك الخربوطية ما تمشي علي مثل ما مشتيها على خالي........اعترفي طالعة مع منو؟

مزون بللت شفتيها ، حدّقت في عينيه......غاصت في نبرتها الحادة: مع خويي....عندك مشكلة؟


فهد اغمض عينيه وكأنه يريد التماسك قبل ان تمتد يده عليها ، بلل شفتيه هو الآخر ثم قال: لو عندك صدق خويي وحبيب ما كان قلتي لي....
مزون بتعب: قلت لك فيك انفصام......

فهد بحده: طالعة مع مين؟

مزون لتنهي النقاش: صديقتي وخويها....

فهد نظر إليها ونظرت إليه وهي تقول: برا.......دامك عرفت.......يلا برا....

فهد انحنى للأمام ثم قال: الوعد لم اقول لأبوك...
ثم غمز لها......وتوجّه للباب
أما هي وعت على نفسها ، واخذ جسدها يرتجف هذا المستفز جعلها تعترف لتقهره ولكن من الواضح سيحرقها الآن!

تحدثت بصوت متعب ومرتجف: فههد......فهد....
ولكن خرج واغلق الباب
.
.
وشتمها على العقل السقيم التي تمتلكه، اذًا هي تعمل كالوسيط الذي يجمع الحبيبان مع بعضهما البعض ، هي تمتلك الشجاعة وتملك قدرة كبيرة على الكذب في الإقناع وهذا ما يجذب إليها الناس في حلول مشاكلهم المراهقية
ولكن حقًّا هي مكشوفة امامه ، خرج لكي لا يجرم في حقها ولا حتى في حقّه، هي غبية وستبقى هكذا، مسح على رأسه وزفر عدّت مرات ليهدأ من نفسه
.
.
.
.
.
اوصلها إلى المستشفى، لم تتقبّل فكرة التحدث عن الأمر ولكن عمها شرح كل شيء لوالدها بعد اتصاله، وهي اصرّت على الذهاب لمزاولة عملها محاولةً في تشتيت ذهنها الصلب......خرجت من سيارة اخيها ونزلت إلى المستشفى......مشت بِخُطى تحفوها الإنكسار والانبهار،بداية يومها صعب....تريد ان تتجاوز الأمور بسهولة ....لا تريد لا تعقيد....ولا تريد مشاكل تعثو وتفسد بمزاج والدها.....تنفّست بعمق....وتوجّهت إلى المصاعد....انفتح الباب.....ودخلت وكاد ينغلق ولكن اتى الدكتور...نفسه الذي يراقبها عن بُعد ويحدّق بها وكأنها لم تشعر به! وضغط الزر ليوقفه ويدخل.... كانت ستخرج....ولكن انغلق الباب بسرعة.....وضغط على الزر....تنفست بصوت مسموع......لا تريد ان تجتمع معه في مكان واحد.....
وشعر بتوترها او ربما شعر بنفورها منه ......لم يتحدث بكلمه وهو الذي رتب كلمات وجمل كثيرة من اجل لحظة ربما يستفرد بها لوحده! يريد ان يشرح لها أمور عجز عن فهمها هو!
ولكن الوقت.....لم يجعله ينبس بكلمه واحدة انفتح باب المصعد خرجت.....ومشت لناحية المكتب...شعرت به....يراقبها ولكن لم تُعيره اي اهتمام....

فتحت المكتب ودخلت واغلقته....ازاحت سريعًا من على جسدها العباءة ......وارتدت (اللاب كوت) الواسع واحكمته على جسدها.....ورمت نفسها على الكرسي....وعلى هذه الاثناء انفتح الباب......نظرت إلى صديقتها....
وهي تقول: وجع وجع.....شالتأخير.......رئيس القسم ترا حطك غياب....

دانة تنهدت: بسلامته والله....
جلست الأخرى بالقرب منها وهي تقول: دانة شفيك؟...الأهل صاير لهم شي؟
ازاحت دانة هُنا من على وجهها النقاب وظهر وجهها المحمر لصديقتها التي شهقت: أمانه وش فيك؟
نظرت إليها: تكفين موضي لا كثرين علي كلام........ابي ارتاح....

موضي بتفهم نهضت: تمام تمام....بقوم اجيب لك قهوة تخليك تصحصحين......
هزت رأسها برضى ، واتجهت موضي بالقرب من الباب ولكن فجأة التفتت وهي تقول: الدكتور رعد اللي يصير لك واضح.....في راسه موّال اتجاهك.....
دانة بملل اشارت بيدها: وهذا بعد بسلامته!
ضحكت موضي وهي تخرج
أما هي بقيت تنظر لزاوية المكتب بتفكير تعبث به وتجعله يتأرجح كالبندول في رأسها لن تجعل أحدًا يعبث بها من ناحية الزواج كما فعلوا بها سابقًا لن تقبل أن تكون كرة هشة يتلاعبون بها كما حلا لهم في السابق تقبلت الامر وتعايشت معه حتى بها اقتنعت بفكرة الإرتباط بليث بشكل أبدي وموجع! أما الآن لن تقبل الإرتباط بأخيه مهما حدث لا تدري كيف تحل الأمر لا تدري
اتصلت على ابنت عمها وهي تتنهد
.
.

بينما عهود مع بقيّة البنات داخل المطبخ اثاروا في المطبخ فسادًا واشعلوا بداخله الأوساخ.....كسرت إحداهما البيضة على الاخرى واخذت الاخرى ترمي عليها بعض الصحون البلاستيكية
وتصرخ: غبية غبية.......كيف تسوين فيني كذا....
اصايل وهي تضحك: هيلة تكفين لا تكسرين علي والله ريحتها ...تجيب الصداع.....
هيلة رمت عليها البيضة لتصطدم في بطنها وهي تقول: خذي....موتي بخياسك.....
وصايف بشهقة: هأأأأ.....تلعبون بالنعمة مثل البزران وربي جدتي بتجي بتلّعب الخيزران على ظهورنا....بنات اشوية عقل وذرابه....تكفون......

عهود وهي تقلب البيض في المقلاة: اقول تعالي سوي حليب......
ثم نظرت لأصايل: اصايل تكفين نظفي حوستك مع اختك لا يجي جدي ويطردنا....
وصايف بجدية وهي تسحب إبريق من كومة الصحون: والله وجهه ما يبشر بالخير هذا انا اقول لكم....خلونا ننظف هالحوسة...
ضج صوت اغنية عراقية في المطبخ
وجميع الأعين تلاقت في النقطة نفسها
هيلة : ووووووووووووويع شالذوق الخايس......
ضحكت أصايل: هههههههههههههههه من يسمع اصلا لهالمغني التعبان غير بنت عمّك...
وصايف : ههههههههههههههه عاجبها النطق...واضح ....ولا صوته وربي ......ما فيه حلاة......
عهود رمقتهن بنظرات: اقول لا تطنزون على مطربي المفضّل بس....
ثم سحبت الهاتف من على الطاولة واجابت: هلا دانة...
دانة بتعب: لساتك في بيت جدي؟
عهود: اي....
دانة بجدية: عطيني اصايل......صار لي ساعة اتصل عليها ما ترد...
عهود: طيب
ثم مدّت هاتفها لأصايل باستغراب: دانة تبي تكلمك...
اصايل بتعجب: ليش...
عهود ناولتها الهاتف: مادري...
اصايل سحبت الهاتف وهي تجيب: هلا دانة
دانة بلا مقدمات: اصايل ابيك ترسلين لي رقم محمد......ضروري الحين....

اصايل صعقت وذهلت من الأمر : ليش فيه شي؟
دانة بتوتر: لا لا .....
وبكذب: عشان الشغل....
اصايل بدأت تقتنع فهو مسعف في الهلال الأحمر....ودانة دكتورة ...يُعني حقًا لا شكّ دانة بحاجة إليه من أمر طبي بحت....
فقالت: تمام ارسله الحين....
اغلقت الخط دانة وارسلت الاخرى الرقم تحت تساءل
عهود: شتبي؟
اصايل : رقم محمد...

هيلة بتعجب: ليش؟
اصايل بصرخة: لا تجلسون تطحنون فوق راسي...اكيد للشغل....والحين خلونا ننظف...ونجهز الفطور بهدوء......
وصايف: وانا اقول كذا....لانه لو دخلت جدتي هنا ولا جدي قسم بالله ....ما بنوقف بكى.....
هيلة : ههههههههههههههههههههه ما فيه إلا عنف في هالعايلة .....
اصايل بدأت بالتنظيف: يلا يلا الهمّه بنات...
.
.
.
بينما دانة هو وحده من يستطيع ان يوقف هذه المسخرة قبل أن تبدأ ، ازدردت ريقها واتصلت عليه ونهضت لتقفل الباب...واتجهت بعد ذلك أمام نافذة المكتب...وانتظرت ردّه
.
.
في الواقع هو غفى بعد صومعة الأحداث ، حاول تجاهل الأمرين امر جدّه واخيه وترك الحرب وراؤه وركض خلف راحته بالنوم
سمع الرنين وشعر بالتملل، ولكن اصرار الرنين جعله يستيقظ وينهض جالسًا على السرير سحب الهاتف ونظر للرقم الغريب
اجاب: الو...

توترت لصوته المشبّع بالنوم ماذا سيقول عليها ولكن حقًّا لا يهم
تحدثت: هلا محمد انا دانة بنت عمّك....

انخلع هُنا كيف وصلت لرقمه ؟ ولكن لم تترك له مجالًا قالت: خذت رقمك من اصايل.....محمد ......انت الوحيد اللي يقدّر يوقف هالمصخرة لو انا ما قدرت.....لا انت موافق ولا انا موافقة على اجبار جدي.....تكفى مهما قالوا لك...ومهما وعدوك بشي....ارفض.....تكفى يا محمد.......مابي احترق مع هالقرار.....


ازدرد ريقه ثم قال: ابشري يا بنت العم ....والله هالزواج ما راح يتم......تطمني.....من هالناحية....

دانة زفرت براحة: ان شاء الله......وآسفة على ازعاجك...مع السلامة.....
.
.
ثم اغلقت الخط ونظر للهاتف بصمت لفترة لم تعطيه مجال للتحدث ولكن لا يهم ...نظر للوقت ونهض كالمقروص تأخر على عمله كثيرُا اخذ يشتم فيصل وليث ....ونفسه ..والجميع لهذا التأخر اتصال دانة جاء في وقته توجّه للخلاء ليستحم سريعًا ثم سيخرج بعدها!
.
.
.
حدّثه وطلب رؤيته ووافق الآخر، الطريق نوعًا ما طويل فمقهى سيركل يقع على طريق الكورنيش في فؤاد مجمع سنتر، لا يدري لماذا اختار هذا المكان ولكن لبّى نداؤه وذهب وهو خائف من الأمر اليوم لم تنفك النزاعات ولا الصراخ من رأسه بسبب جدّه والآن لا يريد أن يصدمه ابن خالته
أركن سيارته ونزل ذاهبًا إلى موقع المقهى دخل، واستقبلته رائحة بجمال رائحة الزهور.....والموسيقى الهادئة ارخت جزءًا من اعصابه المشدودة...مشى وتلفت يمينًا ويسارًا ونظر لذياب الذي يُشير إليه

تقدم وسلّم عليه ثم قال: هلا بولد الخالة....يا رجال صار لي زمان ما شفتك....
ذياب ابتسم : تعرف شغلي في بقيق....والشهر الجاي بنقلوني هنا....

صارم زفر براحة: ما بقينا يجي هالنقل ونرتاح....خالتي بسوي لك عرس بدون نقاش.....
ذياب حك انفه: واضح......بدون نقاش...
ضحك صارم بخفة ثم قال ذياب: شنو تشرب....

صارم بهدوء: خلنا من الشرب والاكل قولي وش فيك....ترا قسم بالله خفت لم قلت تبي تكلمني ضروري......

ذياب اسند ظهره على الكرسي نظر لمن حوله ثم قال: خير خير يا صارم....
صارم شبّك اصابع يديه ببعضهما البعض: طيب تكلّم ....
ذياب : تدري ليش عهود ارفضتني مرتين؟

شبح وجهه وجفّ الحديث من لسانه ، هو في الواقع لا يعلم بخطبة ذياب لأخته عهود مرتّين ولكن تنحنح ثم قال: واذا قلت لك انا مادري عن هالخطبة.....

ذياب بتعجب: معقولة خالتي ما قالت لك؟
صارم لم يكن اقل صدمه منه لا يدري لماذا لم تحدّثه والدته او حتى والده لو كان يعلم بالأمر
: لا والله......
ذياب: غريبة!

صارم بهدوء: ما الغريب الا الشيطان.....والحين قولي.....متى خطبت وانرفضت....
ذياب بهدوء: ماخذت فترة.....وانا مستغرب من هالرفض......ترفضني مرتين بحجة الدراسة......
صارم بجدية: من حقها.....
ذياب يحاول ان يتمالك نفسه: ما قلت شي......بس صارم انا شاري اختك......وانا موافق انها تكمل دراسة وموافق تتخصص اللي تبيه.....بس تعطيني فرصة ثالثة........وبصبر عليها....على الاقل بس خطبة......ونحلل...لا نملك ولا نسوي شي رسمي.....كلمتك هالمرة.......عشان تدّخل.....وانصدمت انك اصلا ما تدري عن هالأمر....

صارم بعقل مشوش: لا تحاتي.....بسألها عن الرفض....وبقول لها الكلام اللي قلته لي....وان شاء الله خير....

ذياب بجدية: خل الامر بيني وبينك......امي اظن بكلمّ خالتي مرة ثالثة.....بس انا باعتمد عليك....
ضحك بخفة صارم: ههههههههههه تمام.....الحين اطلب لي قهوة وحلى اروّق عليه......بعد خرشتك لي.....
ضحك ذياب: تامر امر
.
.
.
.
ارتفعت الأصوات ، واختلفت الأمور والموازين واتجهت للطريق الذي لم يتوقّعه يومًا ان تتجّه عليه .....الآن يهاجمانه على قراره الذي يعلم أن كلاهما يريدان هذا القرب
ضرب بعصاته على الارض: اسمع يا سلطان عارف انّك تنتظر واحد من هالشيون يجون يخطبون من بناتك........ولا ما كان رفضت اللي يتقدمون لهم....
بو صارم وشعر بحديث والده يلسعه نهض: بس ما ارضى عليهم بالغصيبة يا يبه......والطريقة اللي سويتها اليوم في دانة ....كانت راح تجلط بنتي.......

بو ليث يحاول أن يتحدّث بهدوء: يا يبه.....ما نقدر نجبر احد على شي ما يبيه.....محمد رجال بطول عرض تبينا نجبره....ودانة كبرت ما عادت صغيرة نقرر عنها.....

ضرب من جديد بعصاته على الأرض وهو يقول بصرامة: إلا نقبل......يوم كل واحد يسوي سوايا شينة من ورانا...ويجيب لنا كلام يسم البدن على ألسن الناس....نجبر...ونقرر.......
ثم اشار لأبنه ابا صارم وهو يقول: ما تدخّلت يوم انك تخليها تدرس في الرياض طب وتجلس هناك لحالها.....
بو صارم نار : كل هذا وما تدخلت.....
الجد بحزم: لو اني متدخّل والله ما كان درست......
بو ليث همس لأخيه: اذكر ربك بو صارم.....
الجد : لا تجلسون تنابحون علي وكأني قاتلهم اثنينهم....وانت....
واشار لأبا ليث: ولدك يسربت من وراك......وماخذ الدين على كيفه...يزوّج مسيار وطلّق وكأن هالضعوف ما وراهم اهل......خايفين عليهم.......جاني اقولك...ابو البنت....يقول لي على سواد وجهه ولدك......مخلي البنت تجهض اللي في بطنها.....وحالتها صعبة .....وانت جالس تدافع عنه....

بو ليث نظر لأخيه ثم لأبيه: يبه انا ما دافعت عنه.......بس ما يصير نعالج الغلط بغلط كبير.......زواجه من دانة غلط....اثنينهم ما يبون بعض.....

الجد : وانا قلت بيزوجون يعني بيزوجون....
بو صارم بحده نهض: وانا قلت لا يبه........دانة تعبت واجد من داومتك أنت وامي.......حاطين حيلكم عليها.....بنتي تعبانة .....ياخي فهموا.......تعبانة...وما فيها حيل لهالحمول....وانا والله ما راح اجبرها.....

الجد بسخرية: وانا ما اشوفها تعبانة ولا قاله الله....بس انت مكبّر راسها علينا....
بو صارم تمتم بالاستغفار ثم قال: يبه.....دانة فيها اكتئاب......صار لها تتعالج منه فترة مو هينة....وتوها بدت تتشافى.....مابي شي يأثر عليها.....

الجد : والله من قل الايمان!

كاد يتكلم ولكن قال اخيه: يا بو صارم اذكر الله ...
ثم التفت على ابيه: يبه اللي جالس يصير.......ما يصلح......انا اقول.....

الجد قاطعه :انا اقول اذلفوا عن وجهي.....
بو صارم : يبه.......دانة ما راح تزوّج محمد دام راسي يشم الهوا وانتهى...
ثم خرج
الجد: روح كبّر راسها روح....
بو ليث: يبه الموضوع مو يكبّر وصغّر....الموضوع مصيري.....هذي حياتهم.....شلون تبينا نجبرهم.....يعيشون بلايّا سعادة هااا؟......يبه لو جبرناهم....وش بصير مصيرهم بكرا...والله ليطلقون.....وما اظنك تبي هالشي.....انا مابي اضغط على محمد عشان لا اخسره...ودانة تراها صدق مريضة يا يبه......خف عليها......البنت كافه خيرها وشرها.....وبس تبي تحقق حلمها.......وما سوت شي غلط....الا والله سوت الشي اللي يخلي عيلة السامي يفتخرون فيها.....عيد النظر يبه.....عيد النظر تكفى...

ثم خرج تاركه يتمتم بالاستغفار والنظر للأمر من جديد ولكن بقي مصّر على وجهة نظره لأسباب عديدة لا يتمكن من شرحها لهم أبدًا!
.
.
.
اوصلوها إلى المطار، ودّعت ركان بقلب متوجّع ، ونظر ركان لليث بعتاب كبير...ثم غاب عن انظاره...شعر بالقهر على صاحبه ولكن ليس بيده شيء يفعله من أجل إبقاء علاقتهما على بر الأمان من الافضل ان ينفصلا لكي لا يخسرا بعض للأبد، وهو الآن اخذ يواجّه نفسه، واخذ يشجّعها على مواجهة الأعاصير الجديدة، مر في الممر وهو يشتم رائحة المعقّمات ورائحة ، المنظفات ارتعش من الداخل لا يجرؤ على هذا اللقاء، لايدري كم مضى على عدم رؤيتها ربما سنتين او ثلاث! يذكر آخر موقف كان موقفه حينما زفّ إليها بُشرى مأساوية عن وفاة اختها الآن لن يزف إليها اي شيء....حتى الأمان والحُب لن يزّفه إليها لأنها لن تتقبّله

ولكن .....كيف اصبح شكلها؟ لا يدري لماذا هو مهتم ولكن يشعر بغرابة مشاعرٍ استوطنت كيانه في غضون ايام سريعة، مشى واقترب من الباب نظر للشرطيّان يقفان أمامه، تنهدّ للوضع الذي آلت إليه يعاملونها على انها وحش كاسر يعثو في الارض فسادًا وهذا الأمر كسر بداخله شيء لا يستطع ان يصفه لنا....اقترب .....وتعرفّا الشرطيان عليه...وفتحوا الباب.....
دخل وبه رعشة خوف من لقاء مجهول المشاعر ،تنفّس بعمق...اغمض عينيه وتقدم للداخل....وفتحهما ببطء....لم يراها على السرير.....ونظر لعاملتين تنظفان السرير الذي احتفظ ببقايا بقع دم لم تكن كثيفة ولكن مرئيّة للعين....تاه في دماؤها، وتاهت مسامعه في صوت انينها الخارج من الحمام......كان صوت الممرضة وهي تطمئنها تصل إليه تخبرها انها عدّت مرحلة الخطر.....فهم انها تساعدها على الارتداء ......
وسمع رحيل تشتم فتاة باسمها وهي تحلف ناسية انها في الخلاء ولا يجوز لها ذكر الله فيه: الكلبة شفتها بعيني تضحك.....هي عطتني علك يا جعلها تموت.....والله بس اطلع من هنا والله لا اندّمها......والله لأخليها عبرة لمن يعتبر.....!

ابتسم على حديثها، وابتسم على حديث الممرضة التي تهدّئها بأرق الكلمات المتضاده مع حديثها العربي......سمع هدير صوت الماء......ثم انغلق بشكل مفاجأة
توتر ، وشعر بالتعرّق في هذا الجو البارد.....انفتح الباب.....ونظر إلى جسد الممرضة الطويلة ممسكة بخصر لجسد نحيل......ومتوسط القامة....بالنسبة إليها......بانت رحيل......بضعف حالتها...وانحناؤها القليل للأمام وسحب رجليها بدل رفعهما بقدر معيّن عن الارض للمشي....نظر لشعرها الطويل والكثيف الذي يغطّي ظهرها وفتحات اللبس الذي ترتديه......لم يرى وجهها بعد أن حالت الممرضة بين نظره وبين وجهها...ساعدتها على الاستلقاء ولم يخفى عليه توجّع رحيل وشتمها لتلك السجينة التي تسببت لها بهذا الحال الأليم......
قامت الممرضة بتعديل الأنبوب الموصول في يدها.....ثم خرجت ودخل بشكل سريع الشرطي...وقيّد يدها اليُسرى في طرف السرير بالأغلال....وهي مغمضة لعينيها.....ضجّ بداخله شعور الغيرة والحميّة كيف يدخل عليها وهي حاسرة الرأس كيف لمس يدها أمام عينيه وهو لم يوبّخه.......بينما هي لماذا مستسلمة ام انها اعتادت على هذه اللمسات؟

شدّ على قبضة يده ثم نظر إلى وجهها المصفر......ونظر لجفنيها المرتجفين وشفتيها التي تهمس بهما بالإستغفار........سمع صوت السين يخرج من فمها ببطء شديد إلى ان خرج الشرطي!
تعجّب من أداؤها في الاستغفار
اقترب واخرج صوت بحركته والتفتت عليه بشكل سريع مما اصابت هذه الحركه شيء بداخله
فتحت عيناها
وهو قال: الحمد لله على السلامة.

شعر بارتفاع صدرها للأعلى دون انخفاضه سحبت شهيق دون ان تزفره ثم نظرت للأمام وعادت تطبّق جفنيها معلنة عن عدم رغبتها في رؤيته
اقترب منها اكثر.....وبه رغبة كبيرة في لمس شعرها.....وجنتيها......وحتى يديها......
انحنى وشعرت بقربه فتحت عينيها على وسعهما وكأنها تستنكر منه هذا القرب
ولكن لم يترك لها مجالًا في الإبتعاد انحنى ليقبّل جبينها بهدوء ثم ابتعد عنها وهو يقول: اخبارك الحين؟
رحيل وكأنها الرد الآلي تجيب عليه بثبات ازدرت ريقها : دامني شفتك زفت....
ضحك بخفة وابتعد قليلًا ليجلس على الكرسي الجانبي فتحدثت وهي تنظر للسراب: هالمرة منو مات؟

فهم قصدها هو يأتي ليهديها اخبارًا عن موت الأهالي حزّ بخاطره وبرجفة صادقة قال: قلبي!

ضحكت بسخرية: من زمان ميّت مو شي جديد.....
ثم سكتت وهو سكت يتأمّل ما آلت عليه وآل عليه الزمان....تحدث وهو يقترب من السرير: تحسنتي؟
نظرت إليه وهي تقول: مالك شغل.....والحين اطلع....ابي ارتاح....مالي خلق زيارات.....
ليث نهض وهو يقول: انا هنا .....وراح اتم هنا من يوم ورايح.....محكوميتّك تنقضي بعد ستة ايام.....
رحيل شهقت بخفة تمثّل الدهشة وسط معمة الآلام: اوووه تصدّق نسيت؟!
لم يهتم ولكن نطقت ببطء: بنتهي من كابوسك يا ليث......ست ايام...وبطلع ونرجع للسعودية ونطلّق باذن الله.....

مسكينة تفكّر الأمور بهذه السهولة تفكّر انها قادرة على تخطيه
هز رأسه: نتكلم في هالامور بعدين......
رحيل نظرت إليه بحده ثم قالت: شرايك نطلّق الحين لأنه والله ما عادت تفرق....
ليث نظر لعينيها مباشرة باحثًا عن هويّتها الاولى ولكن لم يراها قال: ما نقدر نطلّق.....
رحيل سكتت، ثم ضحكت، ثم نظرت إليه بعينين متوحشتين عضّت على شفتيها: انا اقول صدق نكلّم في هالامور بعدين احسن.....

ليث ابتسم إلى ان بانت صفّة اسنانها العلوية ثم قال: وانا اقول كذا بعد.....
رحيل اشارت له بيدها المحررة: اطلع برا.....

لن يخرج، ولن يسمح لها بأن تجبره على الخروج، إن لم يكن يحبها فهو يشتاقها وكيف للشخص الذي لا يحب يشتاق؟ لا يدري ولكن يشعر بالتناقض....جلس على طرف السرير انحنى لينظر إلى عينيها.....كان يريد أن يشعر بخفقان قلبها من قربه ومن نظراته ولم يجد بها سوى البرود
: ما راح اطلع....
انهضت جزء بسيط من جسدها العلوي بألم واصبح وجهها قريب جدًا من وجهه ونفسها الغاضب اخذ يختلط بنفسه الغير منتظم
تحدثت: لا تطلع.......شوف ضميرك....يمكن ضميرك يطلّعك برا.....
ثم التفتت لتقدّم له خدها الأيمن بندبته التي مّر عليها ثمان سنوات تلك النُدبة التي جعلتها تتجرّع اوّل آلامها ممهدّه لآلام كثيرة لم تتخيّل يومًا على رؤيتها وتذوق جزء بسيط منها ، هي مقهورة منه للحد الذي تريد قتله فيه للخلاص منه ...ولكن شعرت بتطبيق يديه على وجهها
وشعرت ......ماذا يحدث؟
فتحت عينيها على الآخر حينما شعرت بشفتيه تلتصقان بنُدبتها اللعينة ....لقد قدّمت نفسها كضميره الذي سيخشى من مواجهته ولكن التهم هذا الضمير بقُبلة لعينة اشعلت في فؤادها الغضب......
.
.

انتهى
.
.
قراءة ممتعة.





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-20, 12:28 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



Part5
.
.
.

.
.
.

قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.






.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.


.

أنا الضمير، أنا الخوف كلّه أنا التي تستطيع أن تنتشل الأحلام من يديك ماذا حدث؟
هل تبادلنا الأدوار هل تعلّقت الأماني في أرواح الإنتقام التي تطفو على أحبال الأوهام هل أصبحتُ الآن مجرمة وأنت ضميري الذي يحرُق ويعبث بكل شيء؟ ابتعد ....فالقُرب دومًا مشئوم....وتلاقي الأعين يُدمي القلب ويحوم بالذكريّات للوراء...أكرهُك كما تكره الأم قاتل ابنها.....أكرهُك للحد الذي يجعلني أغّص في نُطقها ولفظها ...وفي تخيّل طيف ظلالها العابس في وجهك....ابتعد قبل أن أصبح حقًّا مجرمة!
.
.
ودّت لو يدها المقيّدة محرره من بعثرة السجون ....ولكن حرّكتها بقوة لتحّز معصم يدها بغضب تمكّن من أركان جسدها المشدود...حاولت التّحرك للإبتعاد..وأدركت تقيّد روحها على السرير أمام رغباته التي رُبما لن تقف إلى هذا الحد من الجنون.....والإنهيار الغضبي العصبي..
.
.
دفعته بيدها المحررّه بقوة ولكن الإبرة الصغيرة وخزتها من الداخل وشعرت بوجعها ولم تهتم..تسللت نيران الغضب إلى حلقها لتُطبّق على عُنقه بشدّة لم يتوقع يومًا ستجن عليه كما جُنّت الآن.....كان يظن إنها لن تمرر الأمر بسلام.....ستصفعه على وجهه أو حتى ترفسه ولكن لم يتوقّع إنها تملك الجُرأة في محاولة خنقه وبعثه للعالم الذي لا يُريد الذهاب إليه بشكل سرمدي فهو على غير استعداد تام للُقياه!..شعر برجفة كفّيها بحُمرة عينيها الواسعتين اللّتان تحدّقان به بكره عظيم وعتب طويل الأمد......وكأنها تُخبره إنّها تنوي بهِ شرًّا وستُفسد عليه رغبات كثيرة تدفّقت بهرمون إدرناليني شرس في مقدمّة رأسه......لم يُبدي لها بأي ردّت فعل قاسية ليس لأنه ضعيف ومصدوم...."لا" لأنه يُدرك فعلته طائشة وهي"غير متاحة لهذه العواصف" لن تكون قادرة على تحمّله..حاول الصمود أمام وحشية تخميش أظافر يديها لِعُنقه.....أغمض عينيه ليمتّص غضبه.....ولكن أرجفت جسده حينما
شدّت على أسنانها لتنطق: أيقنت الحين ضميرك ميّت..وأيقنت يقين تام ما عندك ذرّة إحساس يا ليث!

لم يتحمّل إنغراز تلك الأظافر في جلده، فهي تشّد عليه بجنون وبدأ يفقد قدرته على كبح الألم، مسك يدها وأبعدها بقوّة عن عُنقه وكانت ستعود بالتّطبيق عليه ولكن شد يدها بقوة وألصقها فوق صدرها واجبرها على الإستلقاء بعد أن دفعها على الوسادة وانحنى قليلًا لينظر لعواصف غضبها من خلال عُقدة حاجبيها وإحمرار وجهها وشدّها على جسدها وهي تحاول التفلّت منه ليتحدث بصوت غاضب ويثبّتها على هذا الوضع بعد أن ركلته: جنيّتي؟
حاولت تحريك يدها لتدفعه بعيدًا عنها ولكن عجزّت!: انت اللي جنّيت ونسيت نفسك ونسيت .......أنا من أكون؟.....أنا ما نيب رحيل......أنا رمادها يا ليث....رمادها.....

ليث حدّق في عينيها بتركيز وتحدي غريبين: إذا انتي رمادها فأنا الهوا اللي ببعثر هالرماد..فهجدي!

لم تتحمّل قُربه وحديثهُ الذي ينّم عن رغبته في السيطرة عليها صرخت في وجهه غاضبة: اطلع برااااااااااا.....مابي أشوفك.....اطلع الله ياخذك!

ابتعد عنها قليلًا لا يريد أن يكبّر الأمور من أوّل لقاء لهما قال لها: بنلتقي كثير.....والأيام قدامنا يا رماد ليث!

ثم خرج تاركها تشتمه ، وتدعي الله أن يسلبه روحه وراحته، تذكرت في لحظة عواصفها ما قبل ثمان سنوات ، تذكرت حديثه الذي يُصيب ويُدمي قلبها تذكّرت أفعاله التي تستنفذ طاقتها وتجرّد من عينيها النوم عانت معه وكرهت حياتها بسبب الإرتباط به، قرار الإرتباط به كان قرار خاطىء ولئيم هضمت حقّها من أجل سعادة العائلة والعائلة لم تهتم بها في أوّل كسرٍ لها، ارتجف جسدها وزاد الألم لم تنخرط وراء رغبات البُكاء أغمضت عينيها وحاولت الصمود ثم النوم ونجحت في ذلك!
.
.
.
بينما هو ابتعد عن المكان وذهب لسيارته ، شعر بالتعجّب من ردّت فعلها الوحشية ومن حديثها ونظراتها أين رحيل التي لا تجرؤ على النظر في عينيه حينما يقترب منها؟ أين رحيل التي تُهدّأ من الأوضاع لا تُزيدها؟ أين رحيل التي تحاول إبعاد نفسها عن الوسط المبعثر بهدوء دون أن تعثو بأعصابه؟ أين كل هذا؟
تلاشى وتبخّر في مبخرة السنين القاسية التي حرقته بالوطأ عليها بأقدام عارية لا تهتم بقساوة ما يطأ عليه حرقتهُ ولهبت جروحه بعد مرور شهور عدّة ، تلاشت حقًّا واصبحت رماد مخيف.....رماد يستطيع اقتلاعه وبعثرته ولكن يعلم سيتحوّل إلى ريح عاتية ....وعواصف لا خلاص منها....ضرب بجبهته على المقوّد.....كان غاضب والآن ازداد غضبه بشيء مضخّم..في الفؤاد....هو من صنعها على هذا البؤس وهذا العُنف هو من أحرق الجميع وجعل من رمادهم أذى يُبعثر حياته يُمنةً ويسرى
مشى سريعًا متجهًا إلى شقتها لن يجلس لوحده فالجلوس لوحده سيجعله يجن سيذهب هُناك ....وسيلغي حساباته القديمة....وسيلقّن تلك الأخرى درسًا على فعلتها الأخيرة......هو اليوم لقّن ركان درسًا جعله يكره بشكل كبير...ولقّن الأخرى أنه قادر على السيطرة على كيانها الضعيف دون يعي لتصرفاته....هو متهور ومصدوم مما آلت عليه رحيله!....مشى ..من أمام المستشفى وفي صدره ثقل....لا يعلمه إلّا الله ....لو كان ركان في ظروف أفضل مما هي الآن لذهب إليه ولكن يعلم ذلك الآخر لا يُريد أن يرى وجهه أو حتّى يسمع صوته!، تنّهد....وتذكر تداخل الأمور في بعضها البعض لهذا اليوم
اتصال محمد، ورغبة فيصل في الإنتقام منه، ركان وسوزان وحبهما المزعوم......رحيل ووجعها وتغيّرها الذي أخافه........تنهد لتلك العواصف جميعها...وسحب الهاتف....اتصل عليه يريد أن يخبره بأمر واحد وصريح

انتظر ردّه ثم قال دون مقدمات: فيصل .......لمَ تحاول تفتّش من وراي دوّر على أخبار جديدة.....تهدمني هدم.....ياخوي.....أهدمني....ما راح أقولك شي....لأني من الآخر أنا مهدوم.....إذا تقدر ترممني من جديد....وتقدر تبني هالكيان من جديد بكون شاكر لك......جدّي لو تقوله الحين ليث مزوّج ما راح يعصّب لأنه من حقي هالشي!......ولأني ما طلقت رحيل....ولأني ملتزم بقوانينه اللي تمر على رقبتي وتنحرني في اليوم مليون مرة.......خلني أقولك على شي...

انعطف يمينًا، بينما فيصل حقيقةً أمام حاسوبه على برنامج خاص للمهندسين في رسم مخططاتهم الأوليّة سمع رنين هاتفه وحينما نظر للإسم ابتسم وظن أخيه خاف من أمر تفتيشه في حساباته القديمة فأجاب يريد أن يتشفّى على نبرة خوفه ولكن صُعق من بنرته الحاسمة والغير مبالية ......كما شعر بضعفه على صورته القاسية .......وترجم عقله حال اخيه بأنه في حالة يُرثى لها الآن وإلّا لم يقول كلماته هكذا دون أن يحسب حسابها!

سكت ليسمعه يكمل: لو تظن إني خذت المخطط عشاني اهدمك...فأنت غلطان يا خوي....لو أشوفك مهدوم ومبعثر يوم أهدم نفسي وأرممك من جديد!....بس أخويّاك ما هوب سهلين ....مجهزين لك رد لو تسوي لهم شي........راح يسجنونك ولا راح يطقون لك خبر.....عرفت بهالشي.....وثار قلبي عليهم يا خوي......وقّفتهم عند حدهم........ومسكت عليهم مخططات لمهندسين سارقينها منهم مثل ما سرقوا مخططاتك.......انطردوا وتم إحالتهم للتحقيق ويمكن ياخذون تأديبي سجن......اسمعني زين...يوم يومين بالكثير ومدير الشركة اللي ياما وياما نفخت قلوبنا عليها بيتصل عليك يتعذر وبيطلب منك ترجع للشغل........لا تفكرني عدوّك يا فيصل......أنا ظهرك ياخوي.....يوم ينحني ظهرك أنا وراك.....بشدّه وما بسمح له ينحني.......ولا بسمح لحد يضرّك لو على حسابي!

تبعثرت الحروف من فاهه، وغّص في الكلمات والأحرف ، مساعدة ليث له احرجتهُ على تفكيره السابق واشعلت في فؤاده جزء بسيط من الغضب لا يريد من أحد التدّخل في موضوعه ولكن ليث قطع الأمر من جذوره دون أن يخبره .....ويثق محمد لم يحدّثه ولكن يعلم أنّ ليث على علمٍ بطرده من العمل ومن الممكن هذا الأمر اشعل في داخله الفضول ليصل إلى أمور هو عجز على أن يصل إليها ويُلامسها.......خفق قلبه بالأخوّة وشعر بضيق نفَس أخيه......وبهدلت وضعه.......احرجه.....نهض ودار حول نفسه لا يدري ماذا يقول....طال الصمت.....

ثم قال: ليث....مستحيل أنا اضرّك!

ليث توقف أمام العمارة: ما كنت بتضرني بس كنت بتوجع ابوي وامي في لحظة غضب منك .....فيصل .....حكّم أعصابك وفكرك ولا تكون مستعجل في الحكم على الأمور.....تكفى......لا تخلّي العصبية تاخذ منك الكثير......مع السلامة ياخوي!

أغلق الخط، وترك فيصل يخوض حرب خجله بينه وبين نفسه، شعر بخساسة تفكيره وانحطاط مخططاته على أخ يؤثرهُ على نفسه من أجل أن يحميه رمى الهاتف على السرير وخرج من الغرفة يُداري إنحراجه من الأمر وأشياء أخرى يعجز عن البوح بها أو الإعتراف بها أصلًا!
.
.
.
أغلق باب سيارته وهو يتنهّد بثقل الأحداث المُرّه التي مرّت عليه واحدة تلو الأخرى ما إن وضع رجله على هذه الأرض حتى شعر بالتعب والإرهاق يُريد أن يحظى بلحظات الإسترخاء والنوم ولكن لا يظن انّ موعده قد حان!
سيدخل الآن الشقة ليدخل إلى نيران أخرى عنوانها الألم والأمل بترحيل الماضي القريب عن عينيه وتقريب الماضي البعيد في لحظاته المُشتعلة!

مشى ووصل إلى الباب فتحه ودخل لتستبقله رائحة المنظفات، والروائح الطيّبه

علم إنها بالداخل، مشى بِخُطى ثقيلة ودفع باب غرفة النوم
وسمعها تقول :لا تطمّن انا بخير....لا بس كنت تعبانة اشوي........انت صوتك ما يطمّن........متأكد؟.....احلف طيّب؟....ههههههه طيب طيب خلاص.......مع السلامة
.
.
اغلقت الخط والقت برأسها على السرير، تشعر بالتعب...والإعياء من جديد بعد أن قامت بترتيب الشقّة، كان عليها أن تلتزم بقوانين الراحة التي عددّتها لها الطبيبة ولكن لم تلتزم بأي واحده منها!
لم تلحظ
وجود ليث...بسبب انشغال ذهنها والإنارة الخفيفة التي اشعلتها قبل أن تستلقي كليًّا على السرير تريد أن تنام !، تريد الإسترخاء والابتعاد عن مخاوفها، ولكن شعرت بإرتداد جسدها قليلًا على السرير ....نهضت بشكل مخيف واشعلت الأباجورة القريبة منها، ووقعت عينيها على ليث الذي مشى بخفّة واقترب من السرير وجلس على طرفه
وضعت يدها على قلبها وهي تقول: ليث!؟

اشعل الأباجورة التي بجواره ....واتضحت الصورة له.....فتاة مُرهقة بوجه شاحب وعينين محاطتين بالهالات البنيّة تفترس بياض بشرتها بعّنف شديد ....وشعر قصير مبعثر على راحة كتفيها العاريتيَن بإهمال.....ورائحة المعقّم تضّج من حولها....اقترب منها ولمس أطراف خصلات شعرها وهو يقول: قصّيتي شعرك؟

ابتعدت عنه ثم أزاحت من على جسدها الممشوق الغطاء وحاولت النهوض ولكن شدّ على عضدها وأعادها لتسقط على الفراش وتأوّهت وهي تقول: بشويش علي.....
أتاها صوته كحفيف مخيف : سويتي اللي براسك؟
أمل استعدلت بجلستها تنهدّت بضيق من الأمر لم يكن سهلًا تقسم انّه لم يكن سهلًا: سويت الصح يا ليث.....
شد على قبضته وجذب جسدها إليه بعد ان (تلّهُ) لناحيته: من متى يا أمل صرتي تقررين هذا صح وهذا غلط؟

عضّت على شفتها السفلية لتكتم صرخة كادت تخرج من فاهها هي مُتعبة اليوم خرجت من المستشفى بعد مراحل الإجهاض التي مرّت بها بصعوبة شديدة وبالغة في الأسى!

قالت وهي تنظر لعينيه بتمرّد: من لم ما عدت اتحمّل اسمع كلامك اللي يهيني ....وافعالك اللي تحسسني إني ولا شي.....ليث أنت عادّني مثل الجماد لا يحس ولا له ردت فعل.......وصار هالشي يخوّفني.....وصرت اخاف منك.....همّي اطلع من هالزواج بأقل الخساير يا ليث....بأقل الخساير......
ضحك بسخرية على حالهما وأرخى من قبضة يدّه وأخذ يتلاعب بالحديث: تطلعين بأقل الخساير ؟كيف بالله فهميني؟

أمل اغمضت عينيها وسحبت لرئتيها هواء ثقيل، القت بنفسها على الوسادة وهي تقول: تعبانة ما فيني حيل افّهمك ولا فيني حيل للكلام......ابي ارتاح.....

لم تسمع منه كلمة واحدة، شعرت بحركته من إهتزاز السرير....وفي الواقع هو الآخر انحنى ليزيح من رجليه الحذاء ........وابعده بعيدًا عنه.....وأزاح من على جسده الجاكيت والقى بنفسه خلف الغطاء......تحدث وهو ينظر للسقف: ما فيه راحة معاي يا أمل!

أمل استلقت على جانبها الأيسر وولّت بظهرها عنه اهتز شيء بداخلها من حديثه
بللت شفتيها وشدّت على الغطاء لناحية صدرها وكأنها تريد أن تحمي نفسها منه وتخرج عقلها من غصّات موجعة تتلاشى وتظهر على صور مخيفة أمامها: دامها ما هي معك اعتقني ...ألاقيها بعيد عنك!

توقّف بؤبؤ عينيه عن الحركة، وشدّ على اللحاف بقوة استفزتهُ بتلك الجُملة التي تصرّح بها له(أبي الطلاق) استلقى على جنبه ليرى ظهرها يستقبله بتمرّد كبير....اقترب منها وجلس ليسحب جسدها الضعيف بالوهن ويجبرها على الجلوس تحدّث بغضب: بتلقينها في قبرك ان شاء الله.....


ضعفت، يؤلمها حديثه نظرته لها وكأنها ساقطة اُجبر على مجارات قباحة افعالها بالإقتران بها رغمًا عنه! اهتّز جفنيها وابعدت انظارها عن نظراته الحادة التي تُخبرها يومًا عن يوم عن كُرهه الدفين لها....
انزلقت من يديه : ان شاء الله..

نظر لضعف حالها: عارف انّك سويتي كل الحرام.....بس ما توقعت بيوم أنّك راح تموتّين روح.......روح....تكبر وتنمو بداخلك....

يقذفها ويجدُد أحزانها التي لم تمت مُنذ سنوات مُنذ ان كانت بعمر التاسعة عشر من عمرها ....ضحكت بقهر وفي الآن نفسه انسابت دموعها على خدّيها بوجع : دام هالروح منّك مابيها ......مابيها....

ليث أصاب وضرب فؤادها وهو يدفعها بيده بتقليل من شأنها: اي ما يعجبك الحلال.....هوايتك الحرام!......تعوّدتي عليه....

خرجت من طورها وخرجت اللّبوة التي تختبأ خلف أسوار قضبان السرج بقصته التراجدية في صورة عنف غريب...تشبّثت في أكتافه جذبتهُ للأمام قليلًا وحدّقت في عينيه لثانية ودفعته للخلف لتصرخ تريد أن توقظه من جنون حديثه الذي يذكّرها بماضي هدرت فيه كرامتها وهي تُلاحقه من أجل أخيها!: اقسسسسسسسسسسسم بالله عارفة انّك تدري اني شريفة....واوّل رجال بحياتي انت.....بس انت ما زلت تبي تنتقم من نفسك فيني....تبي تحمّلني ذنبك.......وتخليني انا المذنبة...وانا في الأصل ضحيّة......ضحيّة لييييييييييييييث ضحيّة ......

شهقت بالبكاء واخذت تبكي بشكل هستيري، بينما ليث لم يُبدي لها بأي ردّت فعل أخذت تهزّه متناسية الألم الذي يخالجها أسفل بطنها، نست إنها للتو خرجت من المستشفى، للتو أخذت علاجاتها.....للتو بدأت بالتعقيم ......لتهدّأ من عولمة الآلام....ولكن شعورها بالإهانة والرّخص جعلها تنسى كل الأشياء من حولها......وجعلها تترنّح....وجعًا على ماضٍ هي مأثومة عليه ولكن لم تتوقع ستؤول نهايته إلى كل ما يحدث لها الآن.....

ضربته على صدره تحت صمته الغريب: هنت كياني يا لييييييييييث.....خليتني اركض وراك سنين عشان ألملم الفضيحة........
أشارت له بأصابع يدها وهي تهتز: أربع سنين....أربع سنين يا لللللللللللللللللللليث...... شفت فيهم النار تحرقني.....شفت فيهم يدينك تقتلني.......خلاااااااص.......خذ ت حقّك وزود....ليش تحاول تدفني وأنا حيّة وأتنفّس....ليش مو جاي تستوعب انت سبب ضياعي .......وانت اللي جبرتني اركض وراك مثل المدمن اللي يبي نجاته بس نجاتي كانت بين يدينك للاسف....بين يدييييييييييننننك.......

ضربته على صدره من جديد ولكن مسك يديها وأخذ ينغمس وراء رغبته في الصراخ وضرب سوط العذاب على ظهرها بحديثه: انا مااااااااااااااا جريتك للأماكن المشبوووووووووووووووووهة.. ...انتي اللي قدمتي نفسك للللللللللي......في ذاك المكان.....ولا نسيتي؟!

رجعوا للنقطة نفسها، رجعوا لرمي الذنب على الآخر من جديد ، اليوم سيدوران حول الحلقة السوداء إلى أن يجّف الحبر الأسود من خّط تجديد الذكريات اللئيمة!

صرخت في وجهه بدموع ونفس متسارع: ماااااااااااااااااااااا اغووووووووووووويتك.......ما عرضت نفسي علللللللللللليك يا كذااااااااااااااب........

ليث بكره وحقد ضغط على يديها: اغوتيهم........شفت نظراتهم لك.........وانقذتك منهم!

تفلتت من يده وضربته بقوّة على قلبه: ليييييييييييييتك انقذتني منك ومن شرّك.......حبستني بين إيدينك ....حسبتك ملاك.......وقتها.....ما كنت جالسة أوزن الأمور من خوفي..لعبت بشرفييييييييييييييي..سميت علي هديتني طبطت علي..ولعبت على كيفك بعدها...والحين جالس تحاسبني وكأني انا اللي قدّمت لك نفسي برضا.......

لييث صرخ في وجهها يريد ان يتخلّص من غضب مكبوت في صدره : شاللي جابك هناااااااااااااااك؟

تحدثت بوهن وتعب وصوت مبحوح: الله يلعن الفضول!

تلعن، وكأن الأمر هيّن وكأن اللعن أمر طبيعي يمرر على لسانها دون أن تشعر بثقله اخرسها البكاء لقطع تكرار اللعن من على لسانها ....بكت واخرجت أنين وجعها، ثم غرقت في الكح بشكل متتالٍ زاد من الوجع أسفل بطنها....حاولت ان تهدّأ نفسها أمام عينيه التي زاغت بكره لناحيتها وبغضب شديد عليها ، تعلم صعب عليه أن يتقبلها كزوجة للأبد وهو مغتصبها الذي هرب لسنوات ولم تستطع اصطياده إلا بعد أن لوى الزمن يديه بسجن رحيل...شعرت وقتها بالإنتصار .....من أخذ القدر بحقّها ....شعرت وقتها انها حقًّا على حق وهو على باطل....بغض النظر عن سبب تواجدها هُناك في مكان مشبوه كان من الواجب عليها ألا تكون فيه وقتها.....ولكن الفضول....والمراهقة التي دفعتها في استكشاف الأماكن احالتها إلى هذا الحال المريع، بكت وابتعدت قليلًا عنه ارتجف جسدها من الصراخ والألم ونهضت وهي تنحني على بطنها تحاول الصمّود....ومازال الأنين يقترب منه وهو يبعدّه عن مسامع آذانيها
وكأنه ينّزه عنه آثامه!
نهض ، واقترب منها بعد تحديق طويل لها، أوجعها بالقدر الذي اوجعتهُ ومن الممكن اكثر...اسندت جبينها على الجدار....ورفعت رجلها اليسرى وانزلتها لتضرب الأرض لتترجم الألم.....ثم توقفت عن فعلها وأخذت تشّد بقوة على أسفل بطنها.....للتو أخذت المسكن .....والآن استشاط الألم......ابتعدت عن الجدار ....ثم اقتربت من الدرج...فتحته بيد مرتجفة.....سحبت علبة المسكن اخذت قرص جديد وابتلعته دون ان تُلحقه بالماء! وكل هذا أمامه ....كان قريب منها ....اصطدمت به في حركاتها العشوائية التي تريد بها تخفيف ألمها....
دارت حول نفسها تنظر للسقف هامسة بضعف: يااااارب.....
.
.
أخطاؤك كثيرة ، وادّعاؤك على تلك المسكينة بالشّرف الحق بها الضرر الكثير ، إلى متى يا ليث ستبقى أسد يهاجم فريسته بِلا رحمه إلى متى تنتقم بلا وجه حق لمن لا يستحق الإنتقام هي اخطأ واذنبت في المجيء لهُناك وانت اخطأت ولم تكن ذو مرؤءة وقتها! وقمت بخيانة صاحبك الذي أودع فيك الثقة المطلّقة ؟استجارت بك لتنجّيها وتخلّصها من الأيادي القذرة والتهمتها كفريسة سهله بالنسبة إليك وقتها، اضعفت هويّتها........التقطت صورًا لها للإبتزاز إن اضطرّ الأمر.....متناسيًّا أمور كُثر اوّلها صاحبك!....عذّبت فؤادها ....وهي في أوج تأنيب الضمير.....همّشتها، لتأتي فوق رأسك المصائب واحدة تلو الآخرى.....اُجبرت على الاختيار على أمور كُثر وفي أوقات غير مناسبة......وافقت على التظليل ووافقت على ممارسة كبرياؤك على نفوس ضعيفة هزّها الشوق للوطن.......وكانت أضعف النفوس وقتها رحيل...التي أعلنت عن رحيلك السقيم....رحيل ليث....المتعجرف....والضعيف أمام تهديدات ابا سلمان......والقوي أمام أمل ورحيل!
.
.

جرّ قدمه لناحيتها، حرّكت شيئًا بداخله على ضياعها في وهن الألم......وقف أمامها وهي منحنيّة تخرج شهقاتٍ متتالية .....تارة تناجي الله...وتارة تنادي والدتها المتوفّاه.......لم يُمهل مشاعر الغضب والكره لتتمكّن منه من جديد.....اقترب منها.....وامسك باكتافها وعاونها على النهوض ثم أخذها لأحضانه الملتهبة شدّ عليها وشعر برعشات الوجع التي تتخلّل خلايا جسدها الضعيفة تتسلل إلى جسده سريعًا بكت بصوت موحش على مسامعه وحاولت التملّص من يديه لتبتعد عن نيران كُرهه لها ولكن شدّ عليها
وهو يُهمس: اششششش.....

يُداويها ويُجرحها، يهّز جزء كبير من ذاكرتها ثم يُحاول عابثًا في لملمت طُرقها المتفرّقة....مشى بها لناحية السرير.......تحدث
بهمس مُرعب لكيانها تعلم هدوء افعاله تلك ليست محبةً فيها
: ارتاحي....

خضعت لأمره، واستلقت على سرير الأحلام المنسيّة في منفى الظلام الدّامس من تجويف باطنها المخيف، استلقت على جانبها الأيسر وهي تشهق وتلفظ انفاس الذّعر من ماضٍ طغى على حياتها الحاضريّة وسيطغى على مستقبلها اللامعلوم!
ضمّت شفتيها لتكتم بكاؤها ...شعرت به يضع الغطاء على جسدها بهدوء ثم يعود بالجلوس مطبطبًا على كتفها
اغمضت جفنيها واستمرت في البكاء الصامت تحت انظاره التي تخترق روحها الغير مطمئنة!
.
.
.
"عطيتك حُب ثمين، بس بسألك بتقدر تعطيني الأمان والعشق الثقّيل؟"
.
.
سؤال صعب يراودها بخوف همسه اللّيلي السّابق في ظلام عواصف أفكارها بالأمس!، حديث الفتيات بالأمس اشعل فتيل الخوف من الإستمرار في مراهقتها المتمرّده هي لو تعلم ماذا حدث لِأبنت خالها التي تُكبرها بثلاث سنوات ربما سترتدع كليّا عن هذه المشاعر ولكن تشعر انّ هُناك في منتصف صدرها جناحين يرفرفان ليجبرا هذا الشعور اللئيم في الإبتعاد عن مُلامسة خوفها وقلقها!
اغلقت الباب بإحكام، ثم فتحت صنبور الماء واتصلت عليه
.
.
بينما هو كان جالسًا في المطبخ يأكل طعامه و يرى تقلّب وجه والدته الحادق
يُراقبها يسمع تمتمات وهمسات الإستغفار وتارة يسمعها "تتحلطم"على وضع أخته..وتدخّل الجد في موضوع تزويجها
تحدث بعدما ابتلع لقمته: يعني جدي يبي يجبرها تزوّج محمد؟
التفتت عليه وكأنها تريد أن تتحدث وتفصّح عمّ بداخلها: اي والله يا نواف.....ما غير شاد جدّك حيله على هالمسكينه....مرة يبيها تجلس بالبيت ....والحين طالع لنا بطلعة هالزواج....والله يستر من الجاي!

نواف تحدّث وهو ينظر لها بثقة: مستحيل ابوي يوافق....كلنا نعرف دانة مكانتها عند أبوي غير.....ومستحيل يسمع لجدي.....
ثم قال: اصلًا جدّي بديت اشك في عقله والله....من الكبر خرّف.....ولا عاد يفهم شي....

اقتربت منه توبّخه : اسكت اسكت.......عيب عليك مهما كان هو جدّك وواجب عليك تحترمه قدامه ومن وراه.....
نواف اخذ لقمه أخرى: ما قلت شي.....
ثم ضجّ رنين هاتفه فاخرجه ينظر للإسم وابتهجت أساريره واتسعّت ابتسامته لتزيّن وجهه أمام والدته التي ولّت بظهرها عنه في تلك اللّحظة لكي تُغسل يديها
نهض وشعرت بحركته ثم
التلتفت عليه: بتطلع؟
نواف حكّ رأسه: لالا..ما بطلع برا البيت بروح غرفتي.

ثم خرج من المطبخ وعلى هذه الأثناء دخل صارم
: هي انت.......روح نزّل الأغراض من سيارتي....
نواف التفت عليه: انا لي اسم.....وبعدين تراني مانيب صبي ابوك....كل اشوي تتأمّر علي....
صارم بحسم الأمر: انقلع وبلا كثرت حكي لا اجي اسنعّك....
نواف بتطنيش حرّك يده وهو يتجّه لعتبات الدّرج
وارتفع صوت صارم: نوووووووووووافوه......نووووو ووافوه ووجع....
خرجت والدته هنا وهي تحدّق له: بسم الله وش فيك يمه.....
صارم أشار للفراغ: ولدك هذا يبيله تأديب والله..ما هوب جاي يتعدّل.
ام صارم : علامه بعد؟
صارم وكأن تذكر أمر آخر أهم للتحدث به: خلينا منه الحين يا يمه.. وتعالي أبي اكلمك في موضوع.....
ام صارم بخوف: خير؟......دانة فيها شي؟

صارم امسك يدها قبّلها : لا هدي يمه علامك اخترعتي.....ابي اكلمك عن ذياب.......
ثم مشى بها إلى الصالة وهو يقول: كلمني وقال لي خطب عهود أختي مرتين والأخت حضرتها رافضته.....صدق هالحكي؟......واذا صدق ليش ما ادري انا بذا الموضوع؟

توترت وبدأت تفرّك كفّيها ببعضهما البعض نظرت للفراغ من حولها وهي تتنهد: صدق....

صارم وكأنه بدأ يغضب ، كان عليهم أن يخبروه...فهو اخيها الكبير ومن حقّه أن يؤخذ برأيه في أمر كهذا....ولماذا عهود ترفض ابن خالته...ذلك الرجل الشهم ذو الأخلاق العالية والرفيعة يراه شيئًا عظيمًا ....ويرى عليها أن تعيد الأمر للموافقة عليه.

صارم: طيب ليش ارفضته؟

ام صارم تحدثت بلا حواجز ونظرت بإهتمام : الصدق ابوك رافض....مو هي.....عهود اصلا ولا تدري عن شي....

صُعق هنا : طيب ليش رافضه؟.......وش فيه ذياب عشان ينرفض؟

ام صارم بصوت واطي: يعني ما تعرف ابوك؟......هو حاط بباله دانة وعهود ياخذونهم عيال عمهم....وهو مصّر على هالشي....حتى دانة يرفض العرسان اللي يجونها عشان هالموال....وانا تعبت والله من اني اقنع واكلمه......وش اسوي؟!


صُعق بل بهت لونه لم يتوقّع والده يكون في هذه العقلية أبدًا عقد حاجبيه: ودامه يبي عيال عمي ياخذون خواتي...وراه عصّب واشتط لم كلمه عمي وعلّمه بسوايا جدي اليوم الصبح؟

ام صارم بتنهد: ماعجبه تسرّع جدّك.....وطريقته في اقهار اختك.....ابوك الله خير.....يبي عيال عمّك لخواتك .....بس ما يبي يجبر خواتك على احد ما يبونه!

صارم غضب نهض: يمه شالتناقض!!!!.....هو اجبرهم وخلاص.....يبي لهم عيال عمهم ولا يبي يجبرهم؟...كيف كذا ما تجي......وبعد اللي صار اليوم....والله انا اقول يمشّيهم في رزقهم.....وخطبة ذياب هالمرة بدّخل فيها...وانا اللي بكلمه.....

ام صارم بخوف: يمه لا سوي لنا مشاكل.....ما فينا حيل لمناطح جدّك....
صارم تنرفز: ما بسوي مشاكل بس بكلّم ابوي....وبعدين غلط عليكم توصلون لذياب عهود هي اللي رافضته ليش ما قاله هو رافضه......ولا مستحي ؟ وتلصقونها براس اللي ولا تدري وين الله قاطها فيه.....

ام صارم خرجت عن طورها: وش تبيني اقول لأختي وش تبيني؟....زوجي ما يبي ولدك ..والله إنها ثقيلة علي!
صارم اشتدّت عروقه بغضب: والله لو قايلتها احسن......على العموم بكلّم ابوي...عن اذنك....
ثم صعد لغرفته وبقيت هي تنظر وراؤه بتحسر على أوضاعهم!
.
.
.
في غرفته ما بين ضحكه وأخرى وما بين ابتسامة ورغبات كثيرة وخوف من مداهمات أخيه عليه اقفل الباب
قال: يعني لساتكم ببيت جدي؟
وصايف وهي تتحدث كالهمس: اي......توقعتك تجي اصلا....
نواف : هههههههههه تبينهم يقرون علي الفاتحة؟......خاصة انتوا هناك مستحيل اي ولد الحين يروح ويطب في بيت جدي!.....ولو راح يجلس عند جدي برا.....وشلي بالطلايب يا قلبي.....لو جيت بياخذوني ....اسالة.....

وصايف بخجل : طيب.....لا تجي.......بس بقولك اشتقت لك......

نواف وبدأ العالم يفتر من حوله لهذه الكلمة وبدأ قلبه يُلاعب انغامه : اووووووووووووف....انا اكثر.....تدرين عاد.....ودي نزوّج وحنا بهالعمر......والله....
وصايف بفجعة: لالا وش نزوّج مجنون انا خمسطعش سنة وانتي ثمنطعش سنة.....خير !

ضحك هو الآخر وجلس على الكرسي المقابل للنافذة: ههههههههههههههه عاد انتي صدقي.....كلّش الحين اهلي بزوجوني.....

وصايف ابتسمت: اكيد لا.....توّك بزر .....
نواف عقد حاجبيه: منو البزر؟
وصايف نظرت للباب وهو يُطرق عليها وصوت عهود صارخة: ياااااااااااااااااااااااا ااااااا تبن ....طلعي بنفجر......

وصايف همست: نواف اكلمك بعدين في مداهمة.....
ضحك وأخذ يمثل نبرة العصبية: قبل قولي لي منو البزر؟

وصايف لتنهي النقاش: انا.....
نواف سمع صوت اخته عهود: لا والله عهود البزر....وش هالصوت اللي يردح......عسى جدّي يسمعها..
وصايف ضحكت: ههههههههههههه يلا يلا باي....احبك.....
نواف ابتسم: انا اكثر....
ثم اغلقت الخط ووضعت الهاتف في مخبأ ملابسها اغلقت صنبور الماء....
ثم فتحت الباب وسحبتها بقوة عهود وهي تقول: شذا شذا شسوين؟
وصايف حرّكت يدها : يعني اللي يدخل الحمام وش بسوي؟.....وما فيه الا هالحمام!
عهود وهي متضايقة حقًّا وتريد الدخول : كل الحمامات فُل.....
وصايف ضحكت: ههههههههههههههههه بالله الزفتة هيلوه وش حاطة في البيض؟!

عهود وهي تغلق الباب: واضح سم..الله ياخذها!

ضحكت وصايف ومشت متّجهة للجدّة ولكن لم تدخل لغرفتها عندما سمعت صوت جدها العالي يهز أركان الغرفة ليوقفها أمام الباب بقوله: أنا أنا يا حسنا صرت الحين ظالم؟

الجدّه بحلقت في عينيه: يومنّك تبيهم لبعض كلّمت عيالك بالأوّل ولا كان سويت سواتك من فجر الله.......اللي صار لا هو من سنعنا ولا سلومنا يابو عبد الرحمن......ما هو حنّا اللي نجبّر الأنفس!

الجدّ استشاط قيضًا ورفع عصاته وانزلها على الأرض لتصدر صرير وصل لمسامع وصايف التي بهت لونها وهي تتصنّت عليهما
: لا والله بصّير من سلومنا ...يوم اشوف واحد منهم يغلط.......وينحرف عن عاداتنا وتقاليدنا وخلينا علك يتحلّى به اللي يسوى واللي ما يسوى.....محيميد قلت لك وش مسوي...والثانية ما هيب مرتاحة لين تجيب العار....وانا
وضرب على صدره بقوة: ولد ابوي ما راح اخليها تجيبه....وإن جابته مثل بنت عمّها....ما ردّها إلا....
قاطعته زوجته ووصايف هنا شهقت حينما ذكر انّ هناك من جلبت لهم العار خافت وأخذت ترتعد سواعدها تخيّلت لو يعلم بخفاياها هي ونواف ماذا سيصنع؟!

سمعت صوت جدّتها تقول: بتذبحها ؟....وبعدين بنت عمها ما جابت العار.......إلّا دافعت عن نفسها وادحرّت وجه الشيطان......ما عادت تعقل الأمور يا بو عبد الرحمن....

الجد نظر إليها ولتجاعيد الزمان التي خطّت خطوطها التي تلحّن شريط حياتها بسلاسة!: ذا الحين تقولين الكلام هذا........

الجدّه : بتظل بنتي حتى يومنّها تغلط......وأدري وليدي ليث....ما تمسّك فيها إلا انه يدري انها صادقة.......

وصايف اخذت تفكّر ماذا يحدث؟ ماذا يقصدون؟
الجد: خلينا من رحيل وليث......وخلينا بمحمد ودانة.....

الجدّه لتنهي النقاش: انت اللي جالس تخلط الحابل بالنابل........ودام بو صارم ما يبي يزوجّها ولا محمد يبي يزوّج.....مالك حق تجبرهم.....وحنا تعبنا من المشاكل ....نبي نهجد اشوي......اترك المركب يسير بخفة بلا حمول وهموم!

الجّد ارتفع صوته: إن ماخذها والله....
الجدّه بخوف: عليك الله ما تكمّل حلف....حلفانك مثل السيف.......يقص.....ارقابنا كلنا.......عطهم وقت يستوعبون اللي صار.......لا تضغط عليهم .......عطهم وقت......

لم ينطق حرفًا وسمعت وصايف طرق عصاته على الأرض تقترب من الباب، فاندفعت للجهة الأخرى راكضة لتبتعد...دارت حول الدرج ثم ذهبت للغرفة التي يجتمعنّ فيها....فتحت الباب
نظرت لوجهه اصايل وهيلة
وهي اخذت تضرب على خديها: بنات بناااااااااااات .....مصيبة.....مصيبة .....

اصايل وهي تنظر لها بتعجب: خير شفيك تنابحين؟
وصايف اقتربت منهما.....ودخلت عليهما عهود وهي تنطق بوجه باهت: وجه جدي ما يطمن بنات خلونا نشيل قشنا ونرجع بيوتنا....

وصايف فركّت يديها ببعضهما البعض: اي والله مولّع من العصبية....
هيلة انشدّت خلاياها فضوليًّا: طيب قولي وش المصيبة....
وصايف نظرت لعهود: سكري الباب...
عهود اغلقت الباب وأتت لتجلس معهن
وصايف: سمعت جدي يكلّم جدتي وهو معصب حيل.....اللي فهمته يبي يزوّج دانة ومحمد غصب عنهم....
شهقت هُنا عهود
ونظرت لوجهه اصايل المصفوق وهيلة التي تؤرجح نظرها بينهن

هيلة: لالا قوية ذي.....ِشلون يجبرهم؟
اصايل بجدية: من جدّك سمعتي كذا؟
وصايف باضطراب: والله سمعت اشياء تخوّف ولا فهمت شي......جاب طاري رحيل....ليث.....ما فهمت ما فهمت.....بس واضح في بعد سالفة حنا ما نعرفها.....

عهود ضربت على فخذيها: يمه يمه شلون بيجبر دانة....مو من حقّه والله.......

هيلة تهدّأ من روعها: انطمي لا يسمعك.......
ثم التفت على وصايف: جدي صرامته هذي بتودينا ورا الشمس....

وصايف بعينين لامعتين: والله يخوّف....اذا قدر يجبرهم ...يعني قادر يجبرنا حتى حنا...
اصايل اشارت لها: لالا......مستحيييييييييييل.... وين حنا فيه....زمن الجاهلية؟

وصايف باندفاع : لالا....في زمن العادات والتقاليد...
عهود بجنون وغضب: وزمن البنت لولد عمها..
هيلة بقلق: ماتوا اللي يجبرون بنت العم لولد عمها..
تدخّلت عهود سريعًا: هذا هو جدي عايش!
هيلة ضربت على وجهها: الله ياخذني قبل لا يجي هاليوم....من زين عيال العم عاد....كل واحد مشهّب تقل تمساح......بالله لو حلوين يمكن قبلت!

عهود قرصت ساق رجلها: كلي تبن....صارم جماله يذبح قلوب العذارى....ويطيّح الطير من السماء.....

هيلة اخذت تفرك مكان الضربه: وجع وكسر....الله يحفظه لكم ما نبيه....
اصايل ضحكت: ههههههههههههههههه عاد الزين كلّه عند خواني والله........

وصايف نظرت لهن بنصف عين: بدينا بالمهايط.......بس أخواني احلى من اخوانكم كلهم.....ياخي خذوا من جمال أهل الشمال بشكل........تخسون تشوفون مثله.........

اصايل ضحكت من قلب كيف آل بهن الحديث لهذه الأمور سريعًا ضحكت اكثر حينما
سحبت عهود رقبة وصايف واخذت تشد عليها وهي تقول: كلي تبن فرحانه يعني بلون عيونهم ؟

وصايف ضحكت: ههههههههههههههههههه شدخل العيون....
هيلة لاعبت حاجبيها: ملوّنه....
اصايل : اي فهد عيونه عسلية فاتح حيل......وريّان مادري احسه مو اخوكم....واضح لاقينه على باب المسجد!
ثم انخرطت وراء ضحكها!
وصايف ابتعدت عن عهود وهي تضحك من قلب: ههههههههههههههههههه ليش؟ ايش فيه النقيب ريّان....

اصايل حرّكت يديها ونسوا أمر الجد في هذه اللحظة: بياضه يخوّف ......

هيلة بتدخل سريع: اكره الرجال البيض....حلات الرجّل بجلافته وسمارة.....

عهود كشّت على وجهها: خلاص ما لك إلا واحد يشبه اخوك فيصل...

اصايل بصوت مرتفع: خير خير تعيبين على اخوي؟

وصايف تتحمد ووتشكر: حنا وين وانتوا وين؟

عهود بضحكة: هههههههههههههههههههه لا بس فيصل اسمر...وجلف خشن الأفعال والأقوال......واضح من التعنّف أختك ....حبت نوعه....
هيلة ضربتها على ظهرها: ههههههههههههههههههههه حقيرة...و####

وصايف بحذر: والله لو تسمعك جدتي وانتي تشتمين والله تعلّق راسك .....فوق...

واشارت على السقف
اصايل نظرت لوصايف: خوفك زايد منهم.....

وصايف : لأني جالسة اكتشف اشيا تخوف والله...الأوضاع كلّش ما تطمن الواحد..

هيلة ضربتها على معصمها بحركتها العشوائية: ما يخاف الا الغلطان يا ام عيون !
وصايف نظرت لها: يدّك لا عاد تمدينها...وبعدين لا تتنمرين علي.....

هيلة تكمل: عيون هالكبر تقل عيون بقرة....
اصايل بضحكة: ههههههههههههههههههههه طنشيها طنشيها من الغيرة........عشان عيونك حلوة......
وصايف بتحسس: والله عقدتني التبن......كله تكرر علي هالموال....

عهود : هههههههههههههههههه تنمري على خشمها وتسكت....

هيلة تخصرت بيديها: وش فيه خشمي؟

عهود بضحكة: ابد والله تقل ساحرة ناقصها مكنسة عشان تطير...

وصايف اسندحت ضاحكة امامهن

والأخرى نهضت : اتركوا السوالف وخلونا ننقلع من هنا...على الأقل ننقلع بكرامتنا قبل لا نسمع كلام يضايقنا.
هيلة بقهر: انننننن......ما راح نروح مكان إلا لم نتغدا....واذا على عصبيّة جدي....هو من انخلقنا وهو كذا....عصبي ودمّه حار.....ويجيب ويصفع....ليش خايفين هالكثر....يعني بزوّجكم الحين مثلا.......

عهود بتفكير: لا والله بديت احاتي اختي انا.....

وصايف : اي والله مسكينه...
هيلة تنظر لهن: ما راح يصير لها شي...وعمي مستحيل يترك جدي يسوي اللي يبيه.....

اصايل بجدية: والله حتى ابوي....مستحيل يجاريه في هالموضوع...إلّا موضوع الزواج عاد

وصايف نهضت وهي تقول: اجل قوموا نطلع نشم هوا في الحوش....ما جينا هنا عشان نجلس في هالغرفة....

عهود نهضت بتأييد: اول مرة هالبنت تقول شي سنع.......صدق بروح اضبّط قهوة وشاي....
هيلة : وانا بسوي حلا سريع.....يحبه قلبكم.....
اصايل : يلا....
.
.
.
استقبله في مجلسه، يشعر اخيه ليس على ما يُرام من شدّت الغضب ويعلم الأوضاع لن تنتهي في هذه النقطة والدهم سيحاصرهم بعقوبات اخرى إن خالفوه والوضع حقًّا لا يستحق الانفعال لابد من التحدث بهدوء
.
.
ناوله كأس الماء: اشرب يا خوي اشرب.....سم بالله واشرب......وتعوّذ من ابليس....
بو صارم تنهد بضيق سحب الكاس وشرب منه القليل: والله ما شفتها يا علي....كيف تصيح.....زود على ما هو قاهرها بالكلام اللي يسم بدنها يبي يجبرها....انا ما فيني حيل على الأخذ والعطا معه.....عارف ما راح يرضى إلا لم يسوي لهم عرس.......

بو ليث بجدية: إن قدر عليك ما بيقدر على محمد .......محمد ولدي واعرفه.....عصي.....ما ينجبر على شي ما يبيه من هو صغير.......وابوي الله يهديه عقّد الأمر لم جبرهم على الشوفة الشرعية....لو أنه مكلمنا قبل يمكن كانت الامور أزين..

بو صارم بوجهه باهت: غلطان .......سواته غلط.....خاصة على بنتي.....استرخصها بهالطريقة ونزل من قدرها......

بو ليث طبطب على اخيه: قدرها على العين والراس......لا قول كذا......هو ابوي مستعجل......وياخذنا بالصيحة.....
بو صارم بتنهد: انا والله تعبت..من تحكّمه..خاصة في دانة.
فجأة انفتح باب المجلس ودخل : السلام عليكم.......
ثم دخل وجلس بالقرب منهم: خير وش صاير؟.....خبصتوني....طلعت من دوامي.....وجيتكم طيّارة!
بو ليث نظر لأخيه: ابوك.....يبي يزوّج محمد ودانة غصب عنهم....
وبو صارم اكمل بسخرية: حضرته مجمعهم بدون ما يحسون مسوي لهم نظرة شرعية وبنتي جنّت......
بو فهد بتعجب: ابوي سوا كذا؟
بو ليث بتنهد: دامك اكبرنا......ودامك.....
فهم ما يريد قوله رفع كف يده الأيمن معترضًا وقاطعًا حديث أخيه: ما بدّخل ......انتوا تدرون كيف علاقتي معه اصلا من بعد سالفة رحيل....

بو ليث يحاول يتحدث بهدوء: تبقى الأكبر والأقرب له ياخوي....كلمه فهمه هالشي غلط.....

بو صارم نظر لأبا فهد الذي قال: ابوي لحط شي بباله......يسويه....بشوفة عينك....قبل لا يمشي ليث....خذاه كلّمه....وولدك رجع مختبص....وانا عارف.....وش قال له......ابوي ما ودّه برجوع رحيل ابد.....وبسوّي هالشي غصبن عني...
بو ليث تذكر وجهه ابنه وتقلّب حاله: الموضوع اللي حنّا فيه غير......حاول أنت....
بوصارم : نخيتك ياخوي كلمه انا والله تعبت ما اقدر عليه...وانتوا ابخص بحالة بنتي....بنتي تعبانة.....واخاف ترجع لورا وتنتكس.....
بو فهد حز بخاطره حديث اخيه تنهد: اكلمه بس مو الحين اكيد الحين هو مولّع....الله يعين امي عليه ....

بو ليث بيأس من وضعهم: انا مادري كيف يفكّر ابوي....
بو صارم بسخرية على حالهم: يفكّر كذا بيقدر يخلّي ترابط العيلة قوي..
بو فهد يُدرك خوف أبيه ولكن لا يعجبه تصرّفه نظر لأخويه وهو يتحدث بمعنى عميق لم يفهماه: وسكّت اللي في بالي!

بو ليث بسرحان ونطق ثقيل: ما يدري انه شتتنا والله!
.
.
.

كانت قلقة ، تشعر بالمسؤولية تجاه ابنت اخيها، لا تدري كيف تؤدي مسؤوليتها ناحيتها بشكل سليم وبشكل صحيح فبُعد الأماكن آلت بها إلى النّقص! تأففت وهي تنظر لشاشة هاتفها تحاول ألّا تزعج ولدها ريّان من كثرت الإتصالات ولكن تعجز عن الجلوس دون قلق نهضت ونظرت لنفسها من خلال المرآة فجأة تحمّلت مسؤولية الجميع
موت اختها اثّر بها بشكل كبير وجعلها تتخلّى عن نفسها بالشكل الذي يُدمي القلب بهدوء، واخيها راشد لم يحمّلها مسؤوليته ولا حتى مسؤولية ابنته ولكن نبضت المسؤولية تجاههما بشكل لا إرادي
لمعت في عينيها دموع ودّت في هذه اللحظات لو كانت والدتها موجودة تخفف عنها من حمول تلك المصائب
وتذكرت على هذه الأثناء رحيل وهذا ما لا ينقصها همست
بثقل: الله يفك عوقك وسهل دربك يا رحيل...
ثم اتصلت عليه سريعًا
.
.
.
.
للتو وصلا إلى منزل خالهما الذي اصّر عليهما بالذهاب إلى منزله بدلًا من الذهاب الى أحدى الفنادق، وافقا بخجل وبعد وقت قصير من عودة ريّان وراشد إلى المستشفى ....غادرا....
كلًّا منهما يشعر بالثقل والتعب
وريّان لم تخفى عليه تهجمّات نظرات اخيه لبابها قبل المغادرة وفهم سريعًا انه دخل إليها في غيابهما ....وهذا الأمر اشعل في داخله الغضب

تحدث: انا قلت لك لا تدخل لها...؟
فهد حكّ جبينه واغلق باب الحمام خلفه: مابي اتكلم ...الكلام اللي سمعته منها استنفذ طاقتي من إني اتكلم!

ريّان عقد حاجبيه: وش قالت؟
فهد يمر من امامه: مالك دخل؟
ريّام امسك معصم يده وبنرة انفعالية : شلون مالي دخل؟
فهد نظر إليه، وإلى العرق البارز في جبينه
رفع حاجبه الأيسر: ليش اشتطيت؟
ريّان تعوذ من الشيطان ثم قال: ترا الموضوع جد يطلّع الواحد من طوره....ويوم إني اجاهد اكتم غيظي مو معناه......اني مو محترق من الداخل....وش مهببه هاللي خلّت خالي......يفترسها كذا؟
ابتسم بسخرية على كلمته الأخيرة ثم قال: ما انصحك تعرف؟
ريّان بحده: تلعب بالنّار يا فهد؟

فهد اقترب من اخيه وبلا مقدمات: مزون ما تصلح لك ريّان!

ريّان نظر لعينين أخيه ، تفجّرت ينابيع الغضب من داخله ، وشعر بثقل الجمله التي افلقت شيئًا عميقًا من باطن عقله، وكأن فهد أيقظه على واقع صلب مؤلم، هو لم يفكّر يومًا بهذا ابدًا
زأر غاضبًا: شالكلام؟.....بس عشاني سألتك...تراها بنت خالي...وانا ادري انك....تحمل ناحيتها مشاعر......
فهد ضحك غاصًا في حديثه: ههههههههههههههههههه لا تجلس تفلّم لي من راسك.......
ريّان بحدّه: وانت لا تجلّس تخبّص لي بكلامك......
فهد بلل شفتيه: تعبان وابي انام وصرت ارمي عليك خيط وخيط اعذرني...
ثم غاب عن انظاره تاركهُ يشتمه بصوت مسموع جعله يبتسم رغمًا عنه، وسمع هُنا ضجيج هاتفه وعلم انّ والدته هي من تتصل فأجاب وهو يتجّه إلى المجلس سينام هُناك بعيدًا عن اخيه لكي لا يدخل معه في مُشاحنات ومشدّات كلامية عنيفة
: هلا يمه.....
ام وصايف بلهفة: طمّني؟
ريّان يمسح على وجهه عدّت مرات : مزون بخير....وخالي بخير.....تو انا وفهد رحنا بيته ...عيّى علينا نروح فندق.....
ام مزون بمحاتاة: زين ما سوى زين.......طيب مزون ما فيها شي؟

ريّان فهم نوبة الهلع التي تجتاح صدرها وقلبها اللطيف : اقسم بالله ما فيها شي...وباذن الله بالليل بخليك تكلمين خالي وطمنك عليها....بنفسه...

ام مزون شعرت انها اثقلت عليه وهو مُتعب : طيب طيب.....روح نام وريّح لي بالك.....مع السلامة....

ريّان: مع السلامة
اغلقه، وانفتح باب اللاواعي من عقله، اخذ يفكّر بأمور كُثر اولّها رحيل وآخرها مزون!
عزم على الإتصال على ليث ولكن في نهاية الأمر تراجع والقى بنفسه على الكنبة ليغط في سباته العميق!
.
.
.
كانت تنظر إليه تحاول ان تقرأ تغلّبات وجهه ولكن لم تجُده غضبانًا ففهمت إلى الآن لم يُزّف إليه الخبر الذي تقسم لو وقع من لسان فهد على مسامعه لذبحها!، هي تعلّم جيّدًا تورطّت وظنّت انها قادرة على ان تُخرج نفسها من هذه الكارثة دون إحداث عواصف تهيمن عليها ولكن قدراتها لم تكن بتلك الكفاءة التي تخرجها من الأمر كما يخرجون الشعرة من العجين!

الأمر مسليّا وخارجًا عن القوانين وهي ترى الخروج عن سيطرة قوانين والدها مُتعة! ولكن تقسم انها تستمتع في الأمر ولكن لا تستمتع في اثارة غضبه كل ما في الأمر تريد ان تغُامر ، فالحياة في نظرها إما مغامرة جريئة أو لا شيء! ولكن هذه المرة لم تحتسبها بالشكل الصحيح
خروجها مع صديقتها من أجل لُقيا حبيبها كان خداعًا لها، هي اخبرتها إنها فقط تريد الهروب معها من أجل أن يتناولا وجبة الإفطار، وخروجهما كان في الحصة الثالثة يُعني في تمام الساعة التاسعة والربع!
الأمر لم يكن سهلًا، الخروج تسللًا من المدرسة والقفز على الجدار أمر في غاية الجرأة والقباحة ايضًا!
فهما فتيات ليست بفتية لتمرير الأمر وكأنه طبيعي ومحتمل حدوثه!، تعلم امر الهروب هكذا رغمًا عن الجميع يُجلب الشبهات ولكن لم يكن لديها خيار في التراجع حينما قفزت ونظرت للسيارة التي تنتظرهما، ودّت لو تضرب وتصفع صديقتها على وجهها فهي قامت بخداعها ولكن لم تستطع، لا المكان ولا الزمان مناسبين خضعت للأمر بشرط، أن تكون بعيدة عن محط الأنظار وتلك الأخرى وافقت، ولكن لم تكن على دراية تامة إنهما سيبقيان معًا طيلة الوقت وفي الواقع قلقت على صديقتها ولم تنسحب وبقيّت معها إلى ان تأخرت ولفتت انظار الجميع بالتأخر وافتقدها والدها حينها والمدرسة لم تكف عن الإتصالات عليه لزّف خبر هروبها المزعوم!
.
.
بللت شفتيها وهي تُراقب والدها الذي جلس على الكرسي بالقرب منها يقرأ القرآن
همست : يبه ابي ماي....

لم يتحدّث ولم يُبدي لها بأي ردّت فعل عنيفة هي كانت تنتظرها نهض ....وسحب قارورة الماء فتحها وناولها ليدها السليمة
سحبتها وشربت .....رشفتين ثم اعطتهُ اياه
قالت: يبه آسفة.....والله ما اعيدها...

عاد إلى الكرسي ليرتّل هذه المرة قراءة القرآن بصوت دافىء اجبرها على السكون وفهمت رغبته في عدم التحدّث معها ، تنهدّت وبحلقت بعينيها في السقف ، خائفة من كل الأشياء الآن ، تخشى من فهد يقوم باخباره، ويصبح والدها قاتلًا بسببها، سحبت هواء عميق لرئتيها واغمضت عينيها لتستسلم للنوم مرةً اخرى! فبعد أن تم اعطاؤها المسكّن تُجبر على النوم بلا ارادةً منها
.
.
.
*الامنية ديالي هيا تبقا معايا طول الحياة*
.
.
.
*عارفة تحبني موت لم اتكلم مغربي*
.
.
.
*خلني اعترف بسببك خليتني اعشق لهجة أمي ولا أنا اتكلّم مصري بحت....وبحبي لك دمّرت عيارات راسي وخليتني اتكلم فجأة سعودي.....باختصار صرت بسببك مجموعة إنسان!*
.
.
*قلبت علي كلمة نهديها ليك، ساعة ما لقيت حسن من كلمة، الله يخليك ليا*
.
.
*ما تصوّرش قد إيه واحشاني*
.
.
.
*هديتك قلبي تهلا فيه، ماشي حيث ديالي، حيت نت فيه*
.
.
*ركان لا صير أناني وتخليني احبك انا اكثر من كده ترا ما اتحمل اموت!*
.
.
.
*الحوايج الزوينة بالنسبة ليا، ولات مرتابطة بيك*
.
.
.
*رد علي يا مجنون....أحبك*
.
.
.
*اليوم الحالات ما هي صعيبة علي بالزاف*
.
.
*متى راح تجيني...ولهت عليك؟*
.
.
*لا تهزّر معايا ورد*
.
.
يغرق، يموت، يكرر قراءتها عشرون مرة وحتى وصل الثلاثون، افتقدها فجأة عن محيطة، يبكي أجل بكى ولكن بلا دموع، هُناك احاسيس تختلجه تُخبره أنه لن يلتقي بها مرةً اخرى، يحاول السيطرة على نفسه ، وعلى جماعة الشؤم التي تجتاحه بحرب صامتة من الدّاخل ولكن لا يقدر على مجاراتها، يشعر بدأ بالتآكل، الآن فهم ماذا يَعني الحُب وماذا يعني العُشق وما الفرق بينهما؟!
تاقت روحه إلى سماع صوتها يُريد أن يُطمئنها انه لن ينساها يُريد أن يجدد العهد والوعود في هذه اللحظة التي عصفت به رسائلها القديمة لتعبث بنبضات قلبه شوقًا لها!
ابعد الهاتف عنه، واخذ يتذكّر حديث صاحبه ، ليث قسى عليه بسبب قساوة الأيّام التي تجرّع مرارتها، لن ينكر انه على حق في حديثه ولكن يصعب عليه تقبّل الأمر فالأمور آلت به إلى هذا المنحدر رغمًا عنه هو لم يخطط يومًا أنه سيعشق سوزان ولم يخطط يومًا أنه سيتزوّجها ولكن قلبه هو من قام بالإختيار وهو من عبث بموازين افكاره

تنهّد ونظر للأوراق التي أمامه من بعد اليوم لن يتدخّل في أمور ليث، سيبتعد ...وربما سيعود للسعودية ليصفّي ذهنه، ولكن نظر لإشارة التنبيه الصادره من البريد الخاص...فتحه...ونظر إلى الخطاب الرسمي من قِبل مدير السجن ، تنهّد وقرأه سريعًا وفهم أنه استطاع ترصّد الفاعل، وستتم معاقبته قام بتصوير النص هذا وارسله دون تردد لليث، وكتب تحتها
(ما راح ارفع قضية مثل ما تبي)
ثم اغلق هاتفه خشِي من أن يتصل عليه من أجل الأطمئنان يعرف قلب صاحبه ، حنون وقاسي في الآن نفسه ولكن حقًّا لا يريد أن يدخل معاه في جدالًا لا يرسوعلى برٍ ولا حتى على بحر!
نهض ليتجّه لغرفته ، وتوجّه إليها واغلق على نفسه الباب بعدما وطئت رجله بداخلها، سقطت عينيه على صورة تجمعه وتجمع ليث وسلمان تنهد متمتمًا
: الله يرحمك.
ثم رمى نفسه على السرير، اندفع بجسمه لناحية اليمين ، وسقطت انظاره على صورة عائلته والتي تضم بين جنُبات الإطار وجه ابيه ووالدته رحمهما الله واخته "حبيبة قلبه"!

ابتسم ، وتذكّر لا مجال للهروب من ليث فهو (نسيبه) وزوج اخته ، كان وقتها جدار للرفض على قبول هذا الزواج، كان يرى في زواج أخته منه ظلمًا لحقوقها كيف تتزوّج رجل متزوّج اولًا وكيف تُضِيع عمرها مع رجل هو يعلّم بماضيه ؟
ولكن رأى رغبة اخته كبيرة في هذا الزواج، واستمالت رضاه سريعًا من جانب العاطفة ، إلى أن وافق، شعر حقًّا إنها تحب ليث وتكن في قلبها له مشاعر جمّا ولكن ليث لم يشعر يومًا أنه يحب لا رحيل ولا حتى أمل!، وافق عليه ايضًا لأنّه يعلم صاحبه تحوّل إلى شخص آخر ولكن ماضيه مُخيف ويُلاحقه بعنف وهذا ما جعلهُ يتردد في القبول!

زفر بضيق ، ثم سمع رنين هاتفه الآخر، الهاتف الذي لم يضعه على الصامت، تنهّد، وفهم ليث هو من اتصل عليه
نهض وسحب الهاتف ولكن وجد رقم اخته ، للتو حدّثها قبل نصف ساعة تقريبًا ماذا حدث؟
اجاب بخوف: أمل فيك شي؟

اتاه صوته المبحوح: أمل بخير!

سكت، وجلس على السرير ينظر لأصابع يديه في الواقع يريد ان يتحدّث ولكن لا يعرف كيف؟ أدار عينيه للسقف

ثم قال: صوتها اليوم ما طمّني....ما كانت بخير....بس تكابر على اخوها..

اذًا لم تخبره عن فعلتها التي اقسمت ظهرها إلى نصفين من الألم، حقًّا هي شجاعة ، قررت ثم ذهبت إلى لمستشفى بالأمس وعملت عمليتها دون أن تخبر أحد ابهرتهُ في الواقع وكسرّت جميع توقعّاته عنها ، ولو يعلم اخيها بأمرها لأنشغل بها بدلًا من رحيل، لا يدري كيف يُجازي ركان على إحسانه إليه ولا يدري كيف يتقبّل أمل ردًا على معاملة أخيها الطيّبة!

ابتسم بسخرية ثم قال بنبرة يُراعي فيها ركان!: فيها شويّة تعب ما اكذب عليك.....بس هي بخير....

ركان بعبث : حتى لو ما تحبها ......حطها بعيونك عشانها هي تحبك يا ليث!

سكت ، وطال الصّمت بينهما يعلم صاحبه مجروح منه ولكن هو ايضًا مجروح من اخت صاحبه ومن افعالها ومن حديث اخيها عنها
يحبها ، ويرى فيها والديه يؤلمه هذا الوضع ، التفت عليها
قبل دقائق من الألم النفسي اولًا ثم الجسدي بكت إلى ان خلدت للنوم،
تنهّد: لا توصي حريص!

ركان تنهد: بيجي يوم وبطلّقها عارف!

ليث ابتسم بسخرية من جديد هي تعلم بذلك وانت تعلم بذلك على أي مبدأ يا ترى اصبحتما تعرفان رغبة لم تطب في جوف عقله أبدًا!؟ ولِم هذا الإصرار على ثبات الأمر ربما هما محقّان وهذا المفترض..ولكن هو لا يجرؤ على تطليقها أصلًا!

قاطعه ركان: عارف انت لا تحبها ولا تحب حتى رحيل......انت ما تحب ولا تعرف تحب اصلًا!

يُقسي عليه وكأنه يأنبّه على ما فعله به اليوم ، كأنه يقول لا تدري حديثك اليوم افلق قلبي العاشق ولأنك لا تعلم كيف يحدّث ذلك لم تُبالي في إلقاء خُطبة غضبك عليّ دون حواجز؟ حكّ أرنبة انفه واغلق باب (البلكونه) ثم خرج من غرفة النوم إلى صالة الشقة وجلس على الكنبة
لا يدري كيف يخفف عن صاحبه ولكن سيُعطيه مجالًا في التخفيف عمّ بداخله بالتحدّث: اخبارك الحين؟

ركان زمّ شفتيه ثم قال: بنظرك كيف بكون حالي؟
ليث بهدوء: بكّون بخير....وهي بخير....

ركان بعتب: كيف وثقة فيه أنه ما بسوي شي حتى بعد هالبُعد....
ليث بثقة وثبات في الحديث: حصانتها من قِبل الدولة هناك أقوى من هنا......وانت أخبر بهالأمور!

لا ينكر هذا الأمر، ولكن يخشى من تسلل العدو بشكل قانوني هُناك وإطلاق فريسته على محبوبته!

اكمل ليث: لا تحاول تلتقي ولا تتصل فيها الحين ركان...اذا تحبها صدق ابعد عنها هالفترة......احفظ حقوق نفسك وحقوقها من عيال الحرام!

ركان ازدرد ريقه وزفر بضيق: لمتى وحنّا بنستمر في هالدوامة؟

ليث مسح على رأسه: انت عارف جالسين يضغطون علي انا بالذّات عشان أوافق على عرضهم....

ركان بعتب: ليتكم ما عطتوهم وجه....
ليث ارخى جسده على الكنبة : كنّا نظن انفسنا عُلماء زمانا....والأبواب انفتحت في وجهنا....عمري ما ظنيت اني في فخ كبير ماله قاع!

ركان لمعة عيناه: ولا ظنيت راح اخسر سلمان بسرعة..
تنهد بضيق: وفاة سلمان عقوبة لأبوه.....بس أوجعت قلوبنا..حنا الأثنين وبس!

ليث بضياع: موتته ذنب في رقبة ابوه....الله لا يوفقه.
ركان همس: الله يرحمه..مات بكرامته..وراس مرفوع!
ولينهي النقاش سكت ليربط جأشه ثم تحدث بهمس: يمكن ارجع السعودية فترة وارجع....

ليث ابتسم: وشغلك؟
ركان: بسلّم كل شيء لخويي....
ليث بتذكر: على كذا أمل بقول تبي ترجع معك....

ركان باندفاع: لالا....ابي ارجع بروحي....الأفضل هي تظل هنا.....

ليث: تمام...تروح وترجع بالسلامة.........اهم شي...ترتاح....وتريّح اعصابك....لفترة ......ما بطوّل عليك ...مع السلامة...

ركان بهمس: مع السلامة.

بينما ليث، نهض دار حول نفسه تذكّر أنه لم يحدّث والدته ليُطمئها انه وصل، اتصل عليها دون تتردد
.
.
.
بينما والدته كانت جالسة أمام التلفاز وعن يمينها فيصل يعبث بهاتفه بهدوء
سمعت رنين هاتفها سحبت الهاتف من على الطاولة الخشبية التي أمامها
ثم اجابت: الو...
ليث شعر بالاطمئنان لصوتها وبالأمان: اخبارك يا الغالية؟
حينما لامست نبرة صوته مسامعها فزّت بسعادة: هلا هلا يمه......اخبارك يمه؟.....وصلت؟....طمّني عليك..... قلبي يحاتيك يا عين امّك انت....

ليث نهض واخذ يتمشى بهدوء في الصالة: الحمد لله وصلت....وانا بخير...لا تحاتيني....

فيصل نظر إلى وجه والدته التي تهلل بالفرح والسرور
بلل شفتيه واخذ يتذكّر حديث اخيه الذي اشعره بضياعه وشتاته في حياته !

ام ليث : يا عين امّك متى بنخلّص من ضيم هالغربة؟

سكت، واخذ ينظر للنافذة بضياع ذهن: ان شاء الله قريب...

ام ليث بتردد نظرت لفيصل الذي يسترق النظر إليها بين الفينة والأخرى
ثم قالت: يّمه بتستمر في هالزواج حتى بعد ما تطلع؟
تقصد بعد خروج رحيل من السجن

فيصل شعر هُنا بنبرة الضيق والتردد في صوتها

ليث شعر برغبة امّه الواضحة في التخلّي عن هذا الزواج التي تنظر إليه بشؤوم وعبوس
وليقطع آمالها قال: اي يمه.....بستمر ويّاها ان شاء الله...
ام ليث بضيقه: والله ما ودّي وانا امّك بعد اللي صار...
فيصل شعر هُنا بالإحتراق لا يدري لماذا ولكن يشعر بالإحتراق لحديث والدته ربما لأنه الآن مقتنع سبب سجنها هو ليث!
ليث اضطر لقول: يمه احبها مستحيل اتخلّى عنها.

هل حقًّا تحبها ام نطقت جملتك على سياق الإقناع وانهاء الحديث؟
لا يدري.

فقالت والدته بنبرة لم تعجبه ابدًا: الله يهني سعيد بسعيده....

ليث سكت ثم قال: مابطوّل عليك سلمي على الكل.....مع السلامة...
ام ليث: حافظك ربي....
هنا تحدث فيصل: يمه ودّك ليث يطلّق بنت عمي؟

ام ليث بتصريح واضح: اي والله اني انتظر هاليوم .......

فيصل بصدمة: ليش عاد؟

ام ليث بنرفزة: وإن شاء الله تبيه يكمّل حياته مع خريجة سجون؟

فيصل بصوت اندفاعي وغاضب: الله هذا نظرتك لها؟

ام ليث نهضت لتتجّه إلى المطبخ: مو هذا الصدق خريجة سجون...وابعدت ولدي عنّي واجبرته على الغُربة......اف....منها بس ومن بلاويها المجرمة!

ثم ابتعدت عنه تاركته ينظر إلى سرابها بتعجّب!
.

.
.
ما فعله هو الصوّاب، وما فعله هو الذي سيسهل عليه سماع الأخبار التي يريدها هو يثق بابن خالته ، صارم أخذ من اسمه الكثير، وصدمته اليوم بخطبته مرتين لأخته تُعني انه سيفتح لهُ ابواب كُثر!
اذا تدّخل صارم ....سيحلّ جزء كبير من همّه...ولكن الآن اصبح هو الآخر تائهًا في حُبه وما بين الوقائع التي سيُخبره بها صارم....يخشى تبقى متمسكة برأيها ولا يستطيع صارم في اقناعها به، يخشى انّ خطّته لا تفلح.......ولكن سيتبقى في الأمر خير.....عدم معرفة صارم بالأمر يُعني هُناك أمر خفي يحاولون اخفاؤه عن الجميع وبدأ الشك يتطرق وينصب في قلبه!
مسح على رأسه بدّل ملابسه ثم نزل
لينظر إلى والدته تضع الغداء لهم
ابتمست له: حي هالوجه....
اقترب منها قبّل رأسها ثم قال: الله يحيك يمه.....هاا.....اليوم سمك....
ام ذياب : ايوا سمك يحبّه قلبك.....
ذياب اشتم الرائحة ثم اطرق بقوله: واضح ياخذ العقل....جعل ايدينك ما تمسها النار.....
ام ذياب ابتسمت على مضض : ابوك ببدل وبينزل.......
ثم قالت: ترا كلّمت خالتك...ووعدتني......هالمرة ما تجيب إلّا الاخبار اللي تسرّك ....

ذياب لا يريد ان يخبرها انه تحدّث مع صارم ، يريد أن يبيّن لهم إصراره في جميع الإتجاهات لذا سكت وجعل والدته تستمر في إقناع خالته لعلّهم يدركون حقًّا رغبته بِها!

ابتسم: الله يسهل....
وسمع صوت والده من الخلف يقول: اوه اوه اليوم سمك....

ام ذياب ابتسمت: اي اقربوا يلا وسموا بالله....
ذياب ابتسم وجلس بالقرب من والدته وجلس والده في وسطهم
وبدأوا بتناول الغداء بهدوء!
.
.
.
.
.
نومها اصبح متقطّع من الألم ومن التفكير ومن كل الأشياء التي تدور حولها، مُنذ أن جلست في تمام الساعة الرابعة فجرًا لم تنم ، نظرت لأشعة الشمس التي تحاول التسلل لها من خلال الستارة الطبيّة اليوم ....يوم مشرق جديد بألم أخف وطئًا مما قبله! تنهدّت واشتاقت لأشياء كُثر اولّها رؤية ابيها ، في الواقع هي بحاجة إليه وإلى حضنه ولكن اعتادت على شعور الإحتياج إليه دون أن ترى يد عون منه كما انها تاقت روحها لخالتها التي سدّت فجوة الأمومة التي تحتاجها مُنذ الصّغر ، اغدقت عليها بالحنان الأموي الكثير والمعاملة الأخوّية الطيّبة، حقًّا اشتاقت لأجواء الصباح في السعودية وإلى طقوسات جدتها ، واشتاقت إلى كل شيء ينتمي إلى وطنها الأصلي ربما تهيّض مشاعر الإشتياق لكل هذه الأشياء بسبب قُرب نهاية محكوميّتها التي طال أمدها وتشعر الآن بالعجلة في التخلّص منها...

بحلقت في السقف وتذكرت موقف ليث بالأمس، تشعر بضياعه ونسيان نفسه أمامها، لا تدري هل تفسّر فعله اشتياق لها أم مجرّد عناد لكيانها التي اعتاد على ان يهتّز قهرًا منه، حياتها معه ليست حياة طبيعية
افعاله بالأمس و تقرّبه منها تُشبه افعاله بالسابق ولكن الآن بطريقة كلاسيكية تُثير الاشمئزاز بالنسبة لها!
ربما نسى حديثه السابق، نسى موقفه السابق ، نسى آخر اللحظات التي وسّعت الفجوات بينهما
نسى حديثه صارخًا ينهرها عن الخروج للمدرسة عقابًا لأنها لم تقم بكَي بدلته! نسى كيف وقتها نسى نفسه ورمى عليها الكأس الزجاجي ليصطدم في خدها الأيمن مُحدثًا نُدمة كرهتها سنين طويله، لمست خدها ولمست النُدمة التي ظنّت ليث سينظر لها وستؤنّب ضميره ولكن بالأمس ايقنت لا ضمير له خاصة بعد تقبيل هذه النُدبة بكل قباحة ووقاحة خارج منه بشكل صادم!
شعرت بتنمل يدها المقيّدة وقامت بتحريكها ببطأ نظرت إليها ونظرت إلى الحّز المُزرق بسبب شدها بالأمس بعد أن اخرج ليث جنونها عليه

سمعت صوته من خلف الباب، وزفرت بضيق لا تريده أن يدخل عليها ولا تريد حتّى رؤيته
.
.
بينما ليث، في الواقع لم ينم إلّا ثلاث ساعات متواصلة وجلس للمجيء إلى المستشفى، جلس مبكرًا استحم وخرج
ونظر إلى زوجته أمل التي تحاول النهوض ونجحت في ذلك
اردف لها: لا تروحين الدوام اليوم.....

أمل دون ان تلتفت عليه : بروح لأخوي ركان......
ليث وهو يجفف شعره بالمنشفة: لازمتك راحة ...لا تروحين له....بكلمه يجيك....
أمل نظرت إليه بصمت وكأنها تستنكر نبرة العطف والخوف عليها
: لا تخوفه علي....
ليث لينهي النقاش: اصلا هو حاس فيك شي...
ثم اقترب منها حدّق في عينها ....وبهدوء: ارجعي انسدحي ارتاحي....واليوم بجيب غدا معاي لا تدخلين المطبخ...

ثم اقترب منها وقبّلها على جبينها بكل هدوء وخرج تاركها تهاجم عواصف كثيرة بداخلها، تشعر به
يهاجم وحش مخيف بداخله ، يحاول أن يُعاملها بإنسانية وكإنسان محترم ولكن في زوبعة غضبه وفي أوج ذكرياته لا يستطع، نزلت دمعتها على خدّيها وتنهدّت بضيق ثم دخلت الخلاء، تريد أن تستحم وتطرد من عقلها كل الاشياء التي تتعلّق به!
.
.
بينما هو وعندما كان في طريقه إلى رحيل اتصل على صاحبه يريد أن يُخبره عن حالة أمل بطريقة مغايرة للواقع! ربما هذا الأمر سيجعله ينشغل بعيدًا عن سوزان...فكّر بالأمس حينما يُخبره .....سيُثنيه عن العودة للسعودية....وهو في الواقع يريده بجانبه! يريده أن يكون قريب منه وهو يخوض جولته الحربية مع الحياة الجديدة الملازمة لشرط جدّه!

اجاب عليه بعد الرّنه الثالثة وهو يركن سيارته في المواقف: هلا ركان.....صحصح معاي...ابي اقولك شي مهم....

ركان وبالكاد يفتح عينيه: اذا عن الشغل ...انا بطّلـ....
قاطعه بهدوء: لا .....عن أمل...

فتح ركان عينيه بهدوء وجلس: شفيها؟

ليث سحب كيس من على المقعد الجانبي ثم نزل من سيارته واغلق الباب: الصدق اختك.....تعبانة وبالأمس ما رضت لي اقولك بكل شي.....

ركان بشك: يعني أمس متصل علي عشان بقول لي شي يخصها؟

ليث بكذب واندفاع في الحديث: اي....
ركان نهض من على السرير: شفيها طيب .....قول لي بلا مقدمات....

ليث ضغط على زر المصعد: كانت حامل وربّي ما تمم لنا.....اجهضت!

ركان بصدمة وشعر الآن استيقظ من نومه: اففففف.........وليش ما قالت لي........
ليث بهدوء: ما كانت تبي تخوّفك عليها.....ووصّتني ما اقولك....

ركان مسح على شعره واغمض عينيه ، في الواقع في الآوان الأخيرة اهمل اخته بشكل كبير....لا يذهب لزيارتها ولا يتصل عليها بشكل يومي....تساءل: من متى طيب؟

ليث بصدق هذه المرة وخرج من المصعد بعد ان انفتح: اجهضت قبل يومين......يعني انا بالسعودية اصلا.....وأمس طلعت من المستشفى.....
ركان بانفعال وغضب: ولا قالت لي شفيها ذي؟ ما هيب صاحية؟

ليث يكرر: ما حبّت تخوفّك عليها....
ركان بغضب: قال تخوّفني قال...سكر سكر....بروح لها.....ما بطمّن إلا لم اشوفها.....باي...
ليث ابتسم : باي....
ثم اقترب من الباب والقى التحية على الشرطيين ثم فتحا له الباب، دخل ملقيًا السلام عليها واغلق الباب من خلفه ولم تجيبه!

ثم اقترب ووضع الكيس بجانبها وهو يقول: شريت لك حجاب!

لم تنبس بكلمة واحدة كانت تنظر له وإلى وجهه وإلى الابتسامة التي استفزتها

وإلى حركته ايضًا في سحب الكرسي الجانبي ليقرّبه من السرير
جلس وشبّك اصابع يديه بقوله: اخبارك اليوم؟
ثم حكّ انفه سريعًا ليقول: اوه....ليش اصلا....اكيد بقولين ...زفت لم شفتك!

كانت تثقبه بنظراتها، تحدّق في تفاصيل وجهه التي تغيّر بها الكثير، تشعر انه كبَر وامتلك تفاصيل أخرى لا تريد التطرّق لناحيتها، طوله وفراعته، واستقامة ظهره كل شيء تغيّر أطالت النظر فيه وهي تفترس ايامًا كرهتها في حضوره وملامح ذكّرتها بأُناس كُثر ، شعرت بوجع قلبها ، وحُبها الصّادق ودّت لو كان حبيبها الحقيقي هو من يسأل عن حالها هو من يطبطب على ألحان احزانها...ولكن لن يحدث هذا .....يُعتبر مستحيلًا!
تنهدّت
واطرق: تغيّرت عليك كثير؟
شعرت إنها أطالت النظر
لذا أزاحت نظرها سريعًا وهي تردف بانفعال: للأسوأ طبعًا...
ليث ضحك وبنبرة مستفزّة لها: هههههههههههههه......ما اظن....من نظرتك ولهفتك......

التفتت بحده: لهفتي؟

ثم قالت لكي لا تترك له مجالًا للتوضيح: ما تزوّجت دانة؟

لم تنسى تلك الأيام والحديث الذي يُدخل فيه اسم دانة لإستفزازها ، ذاكرتها فولاذية لا تنسى وكيف تنسى وجُدران السجن ارغمتها على الإحتفاظ بكل كلمة قالها وبكل ردت فعل صدرت منه!
حاول ألّا يناولها مرادها وألا يخرج غضبه اسند ظهره على مسند الكرسي: تزوّجت بس ماخذت دانة.....

رحيل ابتسمت بسخرية: أجل خذت اختها؟

ليث وضع باطن كفه الأيسر تحت ذقنه وبكل أريحية قال: لا خذت من برا العيلة ...

واطرق سريعًا: وعلى فكرة زواج بالسر يعني...

رحيل هزّت رأسها : امممم ......الله يوفقك...
ثم التهمته بحدّتها: ومتى ناوي نطلّق ان شاء الله؟

ليث لا يريد أن يخبرها بالقيود والشروط الآن ، فالوقت غير مناسب ومشاعره غير مناسبة وهي في وضع لا يُستهان فيه
قال: نكلّم في هالموضوع بعدين.....

سكتت وحاولت ان تُنهض نفسها لتسحب السلك من وراء الوسادة لتضغط على الزّر من أجل أن تستدعي الممرضة ولكن نهض سريعًا ومنعها
لتقول بغضب: خيرررررررررر!

ليث انحنى قليلًا: ماله داعي تستدعين الممرضة وانا موجود....قولي لي وش تبين؟

رحيل شدّت على أعصابها: لا انت حيل ماخذ مقلب بنفسك؟.....طس عن وجهي ياخي.....
ليث لم يُعيرها اي اهتمام ، فصل السلك وابعده عنها بحيث لا تستطيع الوصول إليه وعاد بالجلوس ليقول: انا موجود...ومانيب غريب...تبين شي قولي لي...بلا ممرضة بلا هم.....

رحيل فزّت بجزئها العلوي واتكأت على يدها اليُمنى لتقول: لا والله أنك غريب!....انقلع برا......واشبك السلك.......
اندفع للأمام وبعند: ما بشبكه!
رحيل بللت شفتيها وهي تزفر: اللهم طوّلك يا روح....
ليث ابتسم: الحمد لله ما تغيّرتي كثير...

فهمت انه يقصد حينما تغضب تردف هذه الجملة ختامًا لإنهازمها في نقاشاتهما السابقة ولكن مالم يتوقّعه حينما سحبت الفراش من على جسدها واظهرت جسدها واندفعت للجزء الذي يحكّم يدها المقيّدة لكي لا تنشد مع حركتها ، وقعت عينيه على ساقيها الضعيفتان....وإلى ملابس المستشفى.......وقف مندفعًا لناحيتها
رحيل: اذا ما نديت لي الممرضة.....تراني مجنونه.......راح اصرخ واقول للشرطة حاولت تذبحني......

ليث اخذ ينظر لها، وإلى صرامتها في الحديث هو يعلم انها تغيّرت بالشكل الذي لا يتلائم مع شخصيته ولكن صُعق حقًا من تركيبتها الجديدة تحاول قهر ألمها بحركاتها الإندفاعية ، تذكر أمل وكيف انهزت امام آلامها بالأمس وخضعت لتوجيهاته حتى نامت!
حاولت الوقوف ولكن اقترب وصرخت: انقلع وخّر.....
ليث بثبات: قولي لي وش تبين؟
رحيل ولأنها بحاجة قصوى للذهاب إلى الخلاء: ابي اروح الحمام....وابي ممرضتي تجي تساعدني....
ليث : انا اساعدك....
رحيل بقسوة قرّبت يدها الطليقة من كتفه وضربته على مبدأ التهميش وهي تقول: تخسي والله!

ليث فتح عينيه على وسعهما ، وعلى جراءتها في قول كلمتها تلك وفعلتها استنفذت طاقته تنفّس بعمق ونظر إليها بثبات واقترب منها بجنون مندفع لردات فعله التي تهابها سابقًا
وضع يديه على أعلى اكتافها واجبرها على عدم التحرّك والتملّص
: سويها على نفسك احسن....عن اذنك!
ثم خرج من الغرفة ، جاعلها تشتمه وتحاول النهوض لسحب السلك ولكن عجزت، عادت بالإستلقاء...ومدّت يدها للسلك الذي ابعده عن مكانه لو كانت يدها غير مقيّدة لسحبته ولكن ....ضربت اصفاد الحديد في حديد السرير وعضّت على شفتيها شاتمته: الله ياخذك!
.
.
.
.
هذه القهوة الخامسة التي تحتسيها دون مبالغة، مناوبتها اخذت جزء كبير من تفكيرها وسحبتها منه ببطءولكن أفادتها لم تستطع أن تسترق جزء من الوقت لتفكّر من جديد في فعلت جدّها لأنها انشغلت لساعات طويلة لمعاينة المرضى وتفقّد احوالهم، بينما هذه القهوة لا تستعيد وعيها كما تفعله القهوة العربية لذلك اسهبت في شرب أكواب كثيرة منها!
سحبت كوب سادس من كافيه اوليه، نظرت لساعة يدها.... متبقي من انتهاء عملها فقط ساعتين، تشعر بالإنهماك الجسدي والنفسي تريد العودة الى المنزل للإختلاء بنفسها قليلًا هي ظنّت بالأمس انّ العمل سيفيدها وافادها لا تستطيع ان تنكر ذلك ولكن الآن تشعر بالخدر في أطراف جسدها ورغبتها الصارمة في الخلود للنّوم، شدّت على كوب القهوة وقررت أن تخرج إلى وجهة المستشفى لأنه ما زال لديها وقت للإستراحة ومدتها لا تقل عن العشر دقائق، تريد أن تتنفّس هواء نقي بعيد كُل البعد عن هواء المعقّمات
المختلط بأنين المرضى وأصوات المسعفين!
، سمعت رنين هاتفها
سحبته ثم قالت: هلا عهود.....

عهود بلا مقدمات وهي تنظر للبنات التي حاوطوها من كل جانب إلى الآن لم يذهبن لمنزلهن: صدق اللي سمعته؟
دانة سكتت وفهمت ما تقصده اختها لذلك قالت: اي بس ما راح يتم شي...
عهود : لا زعلين نفسك دانة اكيد ابوي بيرفض مستحيل يوافق جدّي....
دانة داهمتها بالسؤال: كيف عرفتي؟...صاير شي جديد ؟!....اكيد جدّي مقوّم الدنيا...ووصلت لكم الاخبار...
عهود نظرت لوصايف: تبين الصدق......عرفنا بالغلط...
دانة عقدت حاجبيها من خلف النقاب: عرفتوا؟!
سحبت هنا سريعًا اصايل الهاتف من يد عهود: اسمعيني دندونة الحلوة.....لا تحاتين اخوي محمد ما بيسمح لهالشي يصير اعرفه اخوي....
دانة ابتسمت وشعرت بارتياح لحديث اصايل: ان شاء الله...
سحبت هيلة الهاتف على صرخت وصايف بعد ان وطأت على فخذها بالغلط: وجع يا همجية ....
هيلة دون مبالاة: الو دانتنا الحلوة........أعطيك صك الأمان احميد اخوي.....هالمرة بخرّبها عند جدّي....وبعلّم جدّي انه قد ايش هو عنيد وواطي!

دانة ضحكت: هههههههههههه مرا مكبرين راس اخوكم....
هيلة بحلقت في أعين البنات: اي والله تراه شر...ولقال قيله ما يثنّيه...
سحبت عهود الهاتف : هاتي هاتي...
ثم قالت: الو دانة....تكفين لا ضيقين عمرك...وخذي الوضع "إيزي"..
وصايف ارفعت صوتها: ابشرك الأهل هنا وضعيّة الدفاع عنك....الكل عند جدّي....

قرّصت فخذها هيلة: انكتمي لا تسمعك جدّتي...
دانة سمعتها ثم قالت: صدق الكل جاي يكلّم جّدي؟

عهود بهدوء: لا....مو الكل.....بس أظن محمد عنده.....

دانة لتشتت انفاسها المضطربة: ما رجعتوا البيت؟

عهود شعرت بتوترها: لا.....اليوم باذن الله بنرجع...
دانة وهي تمشي اهتزت يدها بضيق من الحال، وانسكبت القهوة على الأرض فقالت: عهود اكلمك بعدين باي...
ثم لم تمهلها في قول شي اغلقته ونظرت للكوب الذي بيدها...رفعت جزء بسيط من النقاب وشربت المتبقي من القهوة وسمعت صوته يقول: ما توقعتك مدمنة قهوة كذا؟

التفت للوراء سريعًا وسقطت انظارها عليه ، بللت شفتيها خلف النقاب، لم تجيب عليه كانت قريبه من القمامة رمت الكوب
ثم حاولت العودة بأدراجها للداخل ولكن وقف أمامها ونظر لعينيها المتعبتين : واضح انك تعبتي من مناوبة امس....متى ينتهي دوامك؟

لا تريد التجادل معه ولا تبادل الحديث قالت بالمختصر: اي تعبت حيل......ساعتين وماشية البيت.......
كانت ستمشي ولكن تحرّك معها في هذه الخطوة وهو يقول: عطيني فرصة اكلمك....
دانة لتحسم الأمر وضعت يديها في جيوب (اللاب كوت) الجانبية : اذا في موضوع الشغل اوك.......
هز رأسه ثم قال: تعرفيني جرّاح قلب......مرّت علي حالة غريبة.......ما عرفت كيف احلها....
دانة : بس انا عام.....ما نيب جراحة قلب.....
اكمل وهو يحاول ان يُدخلها في جو الحديث: سويت له فحوصات للتأكد من سلامة القلب.........وكل شيء سليم...بس ما زال يتألم ويشكي من قلبه.....

دانة حقًّا لا تريد الوقوف معه تنهدت : يمكن ألم نفسي.....مأثر عليه ....أو وساويس وتوهمّات.....
طأطأ برأسه ثم رفعه وهو ينظر لها : يمكن......ويمكن يعاني عاطفيًّا ومأثر عليه هالشي؟
دانة سكتت، ونظرت إليه فهمت ما يُرمقها إليه وشعرت بالتوتر، مُنذ أسابيع أو ربما شهور لا تدري.....هو يُراقبها يحاول خلق حديث معها ، يحاول تجاوز الزحمة التي حولها ليسرقها من معمعة المستشفى والمرضى، وربما الآن نجح في فعل ذلك..لا تريد الوقوف معه..لا تريد! ولكن اضطرت
وقفت أمامه ولتختصر عليه الأمر ترددت في قول: دكتور رعد لو عندك شي تبي تقوله لي شخصيًّا...قوله لي بدون لا لف ولا دوران!

هل فهمت؟، هل بدأت تستوعب الأمر برمّته، هل يتجلّى من خوفه ويبدأ بالإعتراف حتى لو كانت ردّت فعلها غير محببه، انحرج حينما شعر انه مكشوف أمامها ، وشعر بسذاجة ابتداء الحديث معها....شتت ناظريه عنها وهي بقيت واقفة امامه تنتظر حديث منه لتنتهي من صومعة النظرات والملاحقات التي تُضايقها ستجعله يُفشي لها بما يكنّه إليها ومن ثم ستُبدي بردات فعلها ، بينما هو بقي حائر متردد
أما هي كتّفت يديها وزفرت بضيق، لا تريد ان تُطيل وقوفها أمامه لا تريد أن تُجلب من حولها أباطيل الأحاديث والشكوك التي يرتعب منها جدّها، شعرت بتوتره ينتقل إليها وشعرت بنظراته المشتتة التي يحاول بها جمع شجاعته في نطق ما يريد
ولكن حينما نظرت انهما بقيا على هذا الحال بما يقارب الخمسة عشر ثانية همّت بالتحركّ والإبتعاد عنه وحينما تحرّكت
تحرّك لسانه في قوله: دانة انا احبك!
.
.
.


انتهى






قراءة ممتعة للجميع



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-20, 03:24 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي






Part 6
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.


.
.
.
.
هل تعود للإلتفات عليه من جديد هل تُخبره إنها غير متاحة للحُب؟
هل تخبره إنها لا تصدّق لا ألف ليلة وليلة ولا قصّة قيص وليلى ولا حتى روميو وجوليت قصص وهميّة سردها المؤلفون لجذب انتباه المساكين الذي يتلفّتون يمنةً ويُسرى باحثين عن حُب عميق لا وجود له في الواقع...هي تنظر لهذا الجانب بتلك الطريقة التي جعلتها في هذا الموقف جامدة لا مشاعر لها ولا تَعرف كيف تُبدي بأي أحاسيس بداخلها حتى إن وجدت!
برود قاتل اجتاحها مع نُطقه لتلك الكلمة وارتسمت ابتسامة سُخرية على حالها لم يتمكّن من رؤية تلك الإبتسامة القابعة خلف أسوار هذا الحُطام الواقف أمامه!..أين جدّها لو يأتي الآن ويسمع ما يقوله "رعد" الرّجل الذي تلتقي معه في نُقطة النّسب..هم قريبان ولكن بعيدان في الوقت نفسه..لو يأتي جدّها الآن ويراهما لقتلها وقتله دون أن يرّف لهُ جفن..سحبت هواء لرئتَيها....التفتت على رعد ....نظرت لإحمرار وجهه، وشعرت بتوتره بينما هي لا تَدري كيف تصف شعورها ولكن
نطقت: عن اذنك!

ثم مشت من أمامه ذاهبة إلى اللاشيء، كيف تقبل حُب لا أصل له ولا تؤمن بوجوده؟ الحُب ابتدعوه النّاس من أجل مصالحهم فقط!

بللت شفتيها وشعرت برجفة يدَيْها خشيّت من أن تخرج هُنا وهُناك عيون تتربّص بها شرًّا وآذان تتربّص بها حُقدًا وتُوصل ما حدث لجدّها ويبرهن للجميع عن بشاعة افعالها في هذا المحيط العملي...اسرعت من خطواتها...إلى أن اختفت عن انظاره.
.
.
بقي يحدّق بها كالمجنون يعترف بمشاعره وترد عليه (عن اذنك) كيف توقّعت ردت فعلها يا رعد؟..مشى خطوتين تلك الخطوتين التي تتأرجح ما بين التّصديق واللّاتصديق في هذا الموقف..حيثُ إنّها أحدثت في قلبهُ شرخ ليتّسع حُلم حُبهِ بعدم الإقتران بخيوط مشاعرها اللّامعروفة!
.
.
اعلم إنني متفتّح درست بالخارج واعتدت على أمور كثيرة اكتسبتها من هُناك ليست أمور بشعة ولكن أمور اطلقت يداي المقيّدتان بعواصف لا يستطع المرء الإنسلاخ منها بسهولة! لأنّ تغييرها يُعني الفوضى بالنسبة لعائلتهما يُدرك هذا الشيء ويعيه ولكن لم يتوقع ردّها هذا ولم يتوقّع أصلا قبولها ولكن برود نُطقها للكلمات ثمّ الذهاب عن وجهه اشعره أنه عاد لأصل العادات والتقاليد ، والأهم استوعب حدود الله في حديثه معها في لحظة نسيانه لنفسه! ولكن حقًّا هو يحبّها وكان يريد منها إشارة بسيطة من أجل الإقبال على أمور كُثر على حسب الأصول والعادات التي اعتاد عليها .
لإتمام كماليات متوّجب عليه الإلتزام بها ولكن مُجبر على تقبلها وإن لم يتقبلها عقله!
وضع يديه في مخبأ بنطاله ، ثم مشى ليعود إلى مكتبه
.
.
.
بينما هي وصلت إلى مكتبها اغلقت الباب على نفسها وأجهشت سريعًا في البُكاء!
ماذا وجد بِها ليعترف بحُب لا تؤمن به أبدًا، كيف تجرّأ ونطقها هكذا، هل تسمح لنفسها الآن بالإنبثاق من شبكّتها المُعتمة بالتكذيب لهذه القصص
هل تُودع قلبها لهُ؟
لماذا الآن تبكي؟
.
.
أبكي خوفًا وحُزنًا على الحال الذي اوصلني إليه حديث النّاس عامةً ليس حديث جدّي وجدّتي فقط، هل يريد رعد انتهاك قلبًا لا يعرف الحُب أساسًا أم يُريد تبادلًا خفي تحت مسميات عُشقٍ وهمي لا يعرف النور أبدًا؟
كيف أتقبّل الأمر ولكن لماذا اشعر الآن تلك الكلمة بثّت في فؤادي التقبّل من إنني فتاة مقبولة لدى الجنس الآخر!
وأنا التي ظننت لا كيان لدي أمامهم، اشعرني لوهلة من الدّاخل من أعماق الشعور الذي اخبّأه ما بين صدري وعقلي
إنني لستُ كما يقولون، فتاة فاتها القطار على غيمات النجوم الموازيّة لقوس القوزح المُنير بعد سقوط قطرات المطر في يومٍ عصفت الشّمس بهِ بأشعتها لملامسة الأرض ببرودّة الصقيع لتخرج تلك الأطياف السبعة لتُقدم قصة تراجدية وهزلية وباكية وباسمة وقلقة ومتردة وأخرى خائفة مثلها تمامًا!
.
.

لا أؤمن بالحُب ولكن نظرة الإهتمام التي في عينيه أعطتني شيئًا من إنني أكذّب حديث النّاس
لذلك الآن ابكي!
.
.
كما أنها تبكي خوفًا من أن يتطوّر الأمر ولا تستطيع إيقافه وتُبرهن لجدّها الذي يُحاول تصيّد الأخطاء عليها إنها ليست كما يظن، مسحت على وجهها تُبعد الدموع قساوةً من على وجنتَيها ، لا تريد أن تبقى هنا أكثر...ولكن الوقت بات عالقًا لا يتحرّك..أخذت تدور في غرفتها ذهابًا وإيابًا مخففة عن الضغط الداخلي الذي تشعر به بحركاتها الحائرة والعشوائية ، سمعت طرق الباب..التفتت سريعًا
ثم سمعت صوت: دانة افتحي انا موضي...
اقتربت من الباب، فتحته على مصرعيه دون أن تُلغي اهتمامًا لمرور بعض الرجال أمام المكتب ، هي في الواقع لم تبالي لهذا لأنها لا تملك في هذه اللحظة عقلها...بينما في هذا الوقت لا تكثر الإزدحامات في هذا الممر، ولكن لم تنتبه لتلك العيون التي سرَقت ملامح وجهها بتفاصيله الدقيق.
أشبع فضوله وشوقه لرؤية وجهها في هذه اللحظة

علم إنها بكّت على إعترافه لإحمرار وجهها ، وإنتفاخ جفنَيها السفلي بشكل سريع أصاب قلبه بشيء من الندّم على هذا الإعتراف....رآها كيف احتضنت موضي وبكت دون أن تتحرّج من الأمر لا يدري لِم هذا البُكاء وما هو دواعيه؟ عقد حاجبيه مستفهمًا لكل هذا
ولكن موضي تداركت الوضع ودفعتها للوراء لتدخلها للمكتب وهي تشد عليها بطبطبة عالية في الحنان...

اغلقت الباب
وتنهّد مطرقًا قبل أن يمضي في طريقه: جميلة وحساسة!
ثم تحرّك من أمام المكتب!
.
.
موضي بخوف: دانة حبيبتي شفيك؟

لا تدري ماذا حلّ بها ولكن كل ما تُريده حُضن وبكاء بصمت دون السؤال عن السبب، اطبقت بيديها على موضي وبكت من جديد ، دفنت وجهها في كتف موضي إلى أن دعتها
ترتجف: الأهل فيهم شي؟

هُنا شعرت إنها بالغت بالأمر ابتعدت ومسحت دموعها لتهز رأسها بالنفي
فقالت الأخرى: أجل علامك تبكين؟

عضّت على شفتيها لِتُمنع بكاؤها المستمر: انا حلوة موضي؟

موضي أخرجت من فاهها(هااا) بشكل يدل على الصدمة ثم استوعبت جديّة السؤال و اقتربت منها وعقدت حاجبيها من الواضح دانة ليست في وضع يربط ويعي لِم يقول
: دانة لا تخوفيني عليك؟

دانة بنبرة خانقة: جاوبيني.....

موضي : والله ما علامك وش زينك...تقولين للقمر قِم واجلس مكانك!

دانة عادت تبكي من جديد وهي تُخبّأ وجهها بيديها، الآن اخذت تقول
لماذا ليث إذًا لم يختارها وأختار رحيل؟
وهذه المرّة الأولى التي تفكّر فيها بهذهِ الطريقة!
ربما فعلت الجد ، ووقفوها بذلك الشكلي الذي يُحرج الفؤاد أمام محمد أيقظوا شيء بداخلها هي لم تلتف إليه أبدًا ربما فكرة الزّواج الآن جعلتها تعود بالذاكرة للوراء لعقد المقارنات التي لا لزوم لها ولم تهتم لها في السّابق!

ولكن رفض محمد لها يُعني إنها غير مقبولة هذا ما تفكّر به رغم إنها لا تريد الزوّاج منه اصلًا!
ولكن تشعر الآن إنها داخل صندوق حديدي صغير ضيّق تتخبّط بداخله وتُحدث ضجّة بإصطدام جسدها في جدرانه الحديدية ....كل شيء بدأ بالإنبثاق وبالتدفّق بالأمس اجمعت نفسها في الإنهماك بالعمل ولكن إعتراف رعد اكمل عليها النّاقص وجعل كل الأشياء التي تحاول على كبحها تتسرّب من دواخل الخوف منها!

بالبداية شعرت بالبرود، بالسخرية، بالتكذيب....ثم بالخذلان والتحطيم والمقارنات المُفاجأة!

موضي : دانة وش صاير ؟
دانة ازدرت ريقها وتحدّثت بوجع: اللي بعمري تزوّجوا وجابوا عيال...وانا بس اسمع .....كلام النّاس اللي يعوّر موضي...
وكأنها فهمت الأمر اقتربت منها طبطبت على كتفها: اذا بنهتم للقيل والقال ما بنرتاح .....وانتي ما تزوّجتي للآن ...لأنه الزواج.....قسمة ونصيب مو عشانك مو حلوة ولا غيره........لا تحطين هالافكار براسك.....

دانة بنبرة مرتجفة على اللسان: اقسم لك بالله انا مو هامني الزوّاج...ولا أبي ازوّج أصلًا..بس كلام الكل يوجع..يوجعني هنا...
واشارت لقلبها: ما حد تاركني بحالي!

والأخرى أخذت تقول: والله فاهمة شعورك.......

دانة اردفت: يشوفوني ثقيلة والحين يبون يجبروني على الزواج يا موضي كأني سلعة بارت في المخازن ويبون يتخلّصون منها.....يبون يزوجوني لشخص كان في يوم من الأيام مربوط اسمي باسم اخوه متخيّلة!


موضي صُعقت من الأمر، يعني هذا الشيء الذي تمكّن من مزاجها ليجعله عكر ، شعرت بمعاناة دانة الآن وفهمت شعور الإجبار الذي تعيشه ليس من السهل أن تتقبّل الأمر وليس من السهل أن تتعامل معه وكأنه أمر طبيعي خاصة إنها اُجبرت من قِبل أشخاص مقرّبين منها!

: ماحد يقدر يجبرك يا دانة....انتي صاحبة الشأن والراي...ولك حق بالرفض أو القبول......وما اظن ابوك بيجبرك.....

دانة خرجت عن طورها: مو ابوي ....جدي يا موضي....جدّي مو تاركني بحالي....

موضي تنهدت: وابوك طيب وش رايه؟

دانة بللت شفتيها : مصدوم........وحسيته رافض.....بس خايفة يأثر جدي عليه....

موضي بجدية: ما اظن يا دانة .......ما اظن ابوك بوافق ابوه على شي مثل كذا......سمي بالرحمن وهدي.....واطلعي الحين روحي بيتكم وانا بكمّل شغلك وبغطي عليك......

دانة : والله اني تعبانة مو عارفة كيف اتصرّف....

موضي بهدوء: وكلي الله .....والحين طلعي روحي بيتكم...

هزت رأسها برضى، ثم اتجهت لناحية العباءة ، تريد الهروب من كل شيء الآن تريد أن تستوعب نفسها وحالها ثم الجميع ، ارتدت العباءة وسحبت الحقيبة والنقّاب، ستقوم بتأجير سيارة أجرة وستعود للمنزل رغم إنها تعلّم صارم سيوبخها على هذا الفعل!
.
.
.
أتى إليه بعدما فكّر كثيرًا بالأمر اتصالها بالأمس عليه يُعني عدم رغبتها الواقعية بهذا الزوّاج وفي الواقع هو أيضًا لا يريد أن يرتبط ويتحمّل مسؤولية ثقيلة على عاتقه ما زال هُناك وقت لهذا الأمر لا يدري لماذا جدّه مهتم و واضع جلّا تركيزه عليه وعلى اخويه ، رغم انّ فهد أكبر أبناء العائلة يبلغ من العمر اثنان وثلاثون سنة وصارم وريّان ثلاثون.

هو وفيصل لم يبلغا الثلاثون وحتى ليث في الواقع لم يبلغ الثلاثون ولكن ربما قصّة رحيل وإبتعاد عمّه ابا فهد جعلت تدّخلات جدّه في أمر زواج فهد وريّان خاملة بشكل القى باله عليهم وبالأخص عليه هو!

لابد أن يحدّثه ويبدي له بوجهة نظره بهدوء دخل عليه والقى السلام وبقيَّ معه في شدٍّ وجدال
إلى أن قال الجد: يعني تشوف فعلتك زينة يوم أنك تلعب باعراض الناس!

محمد يحاول أن يتمالك نفسه ويهدّئها لإنشاء حديث راقي بعيد عن ارتفاع الصوت: جدّي ما لعبت بعرض أحد....كل اللي سويته تزوّجت على سنة الله ورسوله!

الجد بانفعال بالحديث ، حرّك يده اليُمنى: ويُومنّك تزوّج بنيّة الطلاق......وتاخذ وتهد بذا الحريم ...ولا كأنّ وراهم أهل.....تحسبه يرضي الله اللي تسويه؟

محمد ما زال يحاول ألّا يخرج عن طوره: دام برضاهم اي....ماجبرت ولا وحده فيهم على الزواج مني يا يبه.....ما سويت الا برضى منهم.......وانا ما سويت إلا حكم وشرع الله....ما غلطت ....

الجد: اي هذا اللي عندكم ...ِشرع الله...وبرضاهم...حفظتوا هالكم كلمتين...وشوّهتوا صورة الدين ..اللي سويته راح تآثم عليه يا ولد علي.....يومنّك تزوّجهم وتقضي متعتك معهم وتتركهم ..
قاطعه: برضا....منهم يا جدّي!

صرخ في وجهه: يووووووووووم تجبر بنت الناس على الإجهاض .....بعد قول برضاها ومن الشرع؟.....اللي سويته يخالف الشرع ولا يرضي ربي.

محمد سكت لا يستطيع أن يتجادل مع جدّه في هذا الجانب مُطلقًا!
تحدث: قايل لها من الشروط ما تحمل وانقضت الشرط...ما كان المفروض تنقض الشّرط!

الجد ضرب بعصاته على الأرض: وتروح تطالبها تقتل روح....يا اللي ما تخاف الله.......وتخليها تخاطربنفسها....لدرجة يجي ابوها يصايح علي بانصاف الليول.......حطيتني بموقف يسوّد الوجه.........طيّبت خاطره بكم كلمتين وذلف يدعي عليك.......هذا هو الحين ساكت بس عشان بنته.....يومنها تطيب وتسترد عافيتها....والله أنه بشهّر فيك.....

محمد بدفاع كبير عن نفسه: ماله حق....ويوم إني شرطت عليها الشرط المفروض تكون حريصة عليه وما تخدعني .......واعتبر اللي صار غلطه...وأضمن لك ابوها ما راح يتكلم ابد!

الجد وبدأ الغضب يسيطر على خلايا جسده المخضرمة : بتروح تهدده بعد؟
محمد زفر : استغفرالله...
ثم قال: مو لهدرجة.......بس لا تجلس تحط أهميّة للناس....اهتم لرأيي الحين....واهتم لرأي بنت عمي وبس.....مشاكلي لا تخاف ......لو تجددت بحلها بروحي!

الجد : تهبّى اتركك تحل وتربط على كيفك وتأذي بنات المسلمين.......وزواجك من دانة بيتم.....


محمد أشار لنفسه بغضب ونبرة يجاهد ألا ترتفع: الحين أنت تبي تزوّجني لأنك خايف علي ولا عشان تعاقب دانة؟

الجد ضرب بعصاته على الأرض غاضبًا: لا يرتفع صوتك يا ولد ابوك..........بزوّجك عشان احفظ سمعت عيلة السّامي.......انت بجيب لنا مصايب بتوقّف رزق البنات وهالشي واضح وبنت عمّك بحاجة من يوقفها عند حدها وخليها تترك هالشغلة.....اللي خربت بيني وبين ابوها.....

محمد وكأن فهم الأمر ضحك بسخرية ثم قال: ههههههه اجيب مصايب؟......طيب انا رجّال أشيل عيبي ....ودانة لو تزوجتها حط بعلمك ما بخليها تترك شغلها دام عارفة حدودها واللي تسويه ما هوب عيب....

الجد فتح عيناه على الآخر: تراددني وتعاندني يا حميد.......

محمد بانفعال: جدي اللي تقوله لا يدخل العقل ولا يستوعبه اصلا......حاطني مثل الجدار اللي بيردع دانة من الشغل في المستشفى....وحاطني مثل العذر لهالزواج عشان اخطائي اللي بجيب العار.....وكأني بنت!

الجد نهض وبحزم: العار يجيبه الولد قبل البنت!....وهذاك...جبته ......ابو البنت قلت لك جاني.....وبكرا من بيجيني يشتكي منك وخرّب سمعة السّامي هاااااااااا؟......مو كفاية علي تحملت لملمت سالفة زوجة اخوك....مو كفاية بالع موس وحديد وأرقّع من وراها......وش بقى .....بتجي انت تكمّل علينا الناقص وتخلي اللي ما يشتري يتفرّج يا ولد علي؟

محمد تنفّس بعمق ،من الواضح الجدال مع جدّه لن ينفع بأي شي ولكن اقترب منه : جدّي....اللي سويته لا يجيب العار ولا يمس سمعتنا بكلمة.....اللي سويته بالحلال....ما سويت شي بالحرام.....ومو انا اللي يوطّي روسكم بالارض......واتركنا الحين من سالفة بنت العم ولا تدخّل المواضيع ببعضها......

الجد اشار لرأسه باصبعه المتجعّد بتجاعيد الغضب الشديد على حفيده: لا بدخّل يمكن هالراس يستوعب كلامي.......

محمد لينهي النقاش: جدّي انت مو مستوعب وش تقول اصلًا فكيف انا استوعب....عن اذنك...
ثم خرج، متنرفزًا من الحديث الذي سمعه، جدّه له نظرة غريبة في أمر هذا الزوّاج نظرة متصلة بقصّة ليث ورحيل هذا ما فهمه وهذا ما اشعل النيران في قلبه لذلك.....عزم على الاتصال على اخيه.....بينما تارك وراؤه نيران ملتهبة تريد الإنقضاض عليه ولكن اخرسها بالإستغفار
.
.
.
وفي الغرفة خلف النافذة شهقت بخوف: صارت صارت....طلع محمد....ووجهه معصّب......
عهود وهي تقضم اظافر يدها اليُمنى: الموضوع بيكبر والله...
وصايف بتنهد: جدي مو طبيعي لأصّر على شي يسويه....

كانت ستتحدّث اصايل ولكن سمعت صوت جدتها وهي تقول: وينكم يا بنات تعالوا افطروا معي....وينكم مختفين جعلكم بالصلاح......

اصايل نظرت لهن: قوموا...لا تحسسون جدتي انه نعرف بكل شي....خلونا نقضي هالكم ساعة بهدوء ونطس على بيوتنا....

هيلة نهضت: صدق قوموا...لا تجي الحين تسنّعنا!
.
.
سمع رنين هاتفه وهو يمر أمام بابها ، يمسح على شعره ويضغط بيده اليُسره على رقبته ، الوضع لا يُطمئن هي تُعاند وهو يسحب منها هذا العناد بشكل مخيف ومؤدي لطرق لا ترسي لهم على مبادىء الهدوء...لا يدري لماذا فعل هذا ولكن حقًّا هو يريد أن يكون بجانبها يريد أن يعوضّها يريد أن يحسسها بإهتمامه الذي ترفضه بعينين زائغتين ، تعامله وكأنه غريب، وهو القريب منها كحبل الوريد!
لا يريد أن يدخل عليها الآن ولا يريد أن يراها قبل أن يهدأ ، ذهب لمنادات الممرضة لتدخل لها وبقي في الخارج ينتظر فهو أدرك شيء ربما ردّت فعلها تلك بسبب انحراجها منه فهي لم تراه مُنذ زمن طويل
تأفف ولم يُجيب على المتصل في المرّة الأولى لأنه اطال التفكير
نظر للباب ....وسمع صوتها ولكنتها المتمكّنة من اللغة الانجليزية، فهم رحيل حقًّا ليست كما هي في السابق، عاد الرنين
اجاب حينما نظر لاسم اخيه خشي من أن يكون هُناك أمر مهم : هلا محمد

كان يقود سيارته بجنون وغضب يثيران الشغب في لفظ كلمات قاسية على مسامع اخيه: جدي يبي يجبرني على دانة.....متخيّل الوقاحة اللي وصل فيها؟!

ليث فتح عيناه على الآخر كيف له أن يقول على جدّه وقح بصريح العبارة مشى بخطى سريعة مبتعد فيها عن ضجيج الناس: استح على وجهك ولا عاد تقول على جدي كذا.....

محمد وكأنه يريد ان يُفرغ غضبه في اخيه: بزوّجني وحده كانت محيّره لك........ولا بعد عشان لا اجيب العار......مثل زوجتك!
ليث استشاط غيظًا: شقول انت شتخربط....شارب شي؟......الزم حدّك وكلّمني عدل!

محمد دون مراعاة لأخيه: كلمه يمكن يفهم منك.....اني مستحيل آخذها.......

ليث اغمض عينيه: سكّر ولم تهدأ وتعرف حدودك اتصل علي وفهّمني كل شي...باي....

محمد نظر للهاتف والقاه بجانبه بينما ليث تنهّد بضيق مما سمعه من اخيه اخيه محمد لا يغضب إلا لأمر جدي وصارم في حياته ،لم يفهم شيء منه ولكن فهم جدّه القى بنظره عليه وصبّ جلّا تركيزه في أمر استفزّ اخيه.....
اتصل على فيصل يريد أن يفهم كل شيء، والآخر كان في سيارته ايضًا كان سيذهب إلى زيارة إحدى اصدقاؤه في المستشفى: هلا ليث....

ليث بهدوء: شصاير عندكم ؟.....شسالفة محمد ودانة؟
فيصل عقد حاجبيه: منو قالك؟
ليث مسح على رأسه : مو مهم.....انت قول لي....وش السالفة....
فيصل ابتسم بسخرية: ابد والله جدي نام وجلس وطق بباله يزوّج محمد لدانة....ولا بعد خدعهم وجمعهم عنده واجبرهم على النظرة الشرعية...

ليث فهم الآن سبب عصبيّة اخيه تنهد بضيق : وابوي وش ردت فعله....

فيصل انعطف يسارًا: عمي بو صارم وابوي رافضين .....خاصة اللي سمعت دانة انهارت عند عمي.....بعد اللي سوّاه جدي....

ليث تمتم بالاستغفار ثم قال: محمد شاب ضو.....

فيصل اركن سيارته: من حقّه والله......واذا وافق محمد وتنازل...جدّي ما بوقّف ...بكمل سلسلة الإجبار....علي ...انا...ريان....فهد....والبنات.. ..اصايل وهيلة وحتى عهود و وصايف..
.
انا من دعيت جدّي يتمرد بقبولي لشرطه حتى جعلته يتمرد على محمد في اجباره على دانة يظن محمد يشابهني لذلك اندفع بهذا القرار الخاطىء!

ليث: لا ان شاء الله مو صاير شي......
فيصل بشك: وش قالك محمد........أكيد غلط...عليك....

ليث ابتسم بسخرية: يمون ولد ابوي......يلا ما اطوّل عليك...
فيصل سكت لوهلة ثم قال: باي!
.
.
نظر لفراغ ماضيه، لازال جدّه يظّن رحيل جلبت لهم عارًا لا يُمكن الخلاص منه ، فقد سُجّل في سجلّها الحياتي إنها مجرمة وهذا عار على عائلتهم وإن كان السبب الحقيقي دفاعًا عن نفسها! لم يتقاضى عن الماضي واصبح الحاضر يُرعبه ويجعله يتخبّط في إجبار هذا وذاك في أمور لا يحبذونها ، محمد لا يشبهه ، لن يخضع لأمره كما هو خضع من أجل أن يُلملم أواصل جذور هذه العائلة، وافق دون ان يُنطق كلمة (موافق) مجبورًا لكي يذلل طريق الصّلح بين جدّه وعمّه ، يُريد أن تعود الحياة طبيعية كما كانت قبل ثمان سنوات...ولكن لا يعلّم كل هذه الأمور مبنية على حساب تلك التي بالدّاخل!

صعبة الإقناع والحديث والأخذ والعطاء، عاد لمكانه ووقف أمام الباب، سمع صوتها المرتفع بلكنتها الغريبة وهي تتحدّث وكأنها من السكان المحلي من ولاية ما ساتشوستس، تتحدث سريعًا ، يرتفع صوتها، ينظر للباب ببهوت.......تذكّرها في بداية زواجهما، صوتها لا يرتفع ابدًا مهما فعل....نظرتها لا تعلو على نظرته ولا تقف أمامه بثبات.....كانت تهابه يشعر بذلك كانت لديها افكار بشعة حوله لأنه اعطاها تصريحًا انه شخص بشع بردات فعله، واقواله!

تذكر مواقف عدّة منها حينما خرج من مكتبه بعد مذاكرته الطويلة وسهره لساعات مُتعبة، خرج يُريد لُقمةٍ يسد بِها جوعه
وكانت وقتها أمام التلفاز
تحدث: قومي حطي لي اكل...
اردفت بهدوء وتوتر لامسه من ضمّها ليدها اليمين: ما سويت اكل؟
تحدث بغضب: وليش ان شاء الله؟
نهضت لتبتعد عنه وتكمل على نفس النبرة: لأني مو جوعانة!
اخرسها بصرخة: غبببببببببببببببببببببببب ببي يوم اخترتك ليتني اخترت دانة كذا ولا كذا هذا انا تزوّجت!
.
.
اغمض عينيه ، لم يختر دانة وقتها لأنها في سن زواج وقبوله لفكرة الزواج لا تعني قبوله التّام في خطبة أي فتاة للإقتران بها بشكل أبدي، فلو وقتها وافق على دانة وهي فتاة في سن زواج ومنه اسمها مقرونًا باسمه لزوجوه في ليلتها ، في ليلة نُطقه بالموافقة!
لذلك اختار رحيل، فتاة الخامسة عشر ظنّ عمرها آنذاك سيكون سببًا في خلاصة من فكرت الزواج ولكن لا يدري أنّ والده كان مصّر على أن يزوّجه لكي لا يعود لغربته وحيدًا ولكي يكف عن جنون افعاله وطيشه! الجميع وافق حتى هي وافقت!
جنّ جنونه ولم يستطع أن يتراجع، وافق وتماشى مع الأمر وتزوّجها!
وماذا حدث؟
اوصلها إلى هذا الحال، وجعلها تخوض تجربة قاسية في السجون دون إرادةً منه!

سمع صرختها ورغبة الشرطيّان بالدخول خوفًا على الممرضة منها فهي بنظرهم مجرمة ، خشي عليها ولكن لم يسبقهما دخلا قبله ....ووقفا على رأسها ...وانقضّا ممسكين باكتافها وهي تتحّرك بعشوائية......والممرضة تطلب منها الهدوء وتعتذر على عدم استطاعتها في تنفيذ ما طلبته منها....

ليث صُعق من المنظر، قُرب الشرطيان منها وامساكها بهذه الطريقة الهمجية ......اشعل في فؤادة شُعلة من الغيرة ومن التخيّل والإسهاب في التوقع انها عاشت أقسى من كل هذا! أبعداها الشرطيان تحت عينيه عجز عن الدفاع عنها مصدوم...من وحشيتهما في سحبها على السرير ....حتى ارتفعت رجلاها من على الأرض وثبّتاها بقوّة ...وقيّدا هذه المرة يديها الاثنتين! اهتّز من الدّاخل..نظر للشرطيان

صرخ عليهما اخيرًا
مترجم: ابتعدوا.......هيّا ابتعدوا....ليس من حقّكما أن تعاملوا مريضة بهذه الطريقة الهمجية .....سارفع بكما قضية لسوء معاملتكما!

لم يعيرانه أي اهتمام فصرخ(مترجم): هل سمعتمااااااااااا.....
ثم نظر للممرضة وهو يخرج بطاقته التي تدّل على انه طبيب رسمي من قبل وزارة الصحّة(مترجم): اجلبي مهدأ الآن.....
ثم نظر للشرطيان وهو يمّد لهما بطاقته: اخرجا الآن.....

الممرضة خرجت والشرطيان خرجا بصمت، بينما رحيل، صرخت : قووووووووووول للحقيرة تنادي الدكتورة....قول لها...........الـ#......الـ###.........ا لـ####...

شتائم كبيرة ، محظورة على مسامعهم وعلى نُطقها ....تتلفّظ بها بكره ووجه مُشرّب بالغضب....نظر إلى جسدها الضعيف المُرتجف!...وإلى لبسها الذي ارتفع إلى للأعلى..أعلى ركبتيها بقدر كبير!..نظر للفراش....وإلى بقع الدم التي التصقت سريعًا عليه.....نظر لساقيها واستوعب انسياب الدم عليهما يُعني إنها كانت تنزف وهي واقفة وحينما جرّاها الشرطيان على السرير التصقت قطرات الدّم المُنسابة سريعًا على الفراش الأبيض، في الواقع خفق قلبه، اقترب من السرير
وهي كانت مستمرة في الشتم وفي اللّعن ايضًا، تتحرّك بعشوائية تريد التفلّت







وضع يده على كتفيها صرخ: بسسسسسسسسسسسس.......ولا كلمة.....كلام الشوّارع لا عاد اسمعه على لسانك..

رفعت نفسها صارخة في وجهه بعينين باهتتين، تتحدّاه بعدم إهتمامها للألم: قوللللللللللللل لها تنادي الدكتورة.......قووووووووووول لها..........قوووووول.......

كانت منهارة ، منهارة بشكل ارعب قلبه الذي بدأ ينبض بالخوف من شكلها ونزيفها الذي لم تشعر به إلى الآن، نظر لحُبيبات العرق التي تُلامس جبينها بكل جبروت ، نظر لعينيها اللامعتّين بالألم الذي تأبى من ان تنطق به ،وضع يديه على كتفها خشي عليها من هذا الحال، حاول أن يدفعها ليُجبرها على الإستلقاء ولكن جسدها أصبح كالخشبة المسندّة على اللّاشيء في الواقع!
تحدث بصوت جدي: قولي لي وش تبين من الدكتورة وش اللي يألمك...
دخلّت الممرضة حدّثت ليث إنها جلبت ابرة المهدّأ
وانهالت رحيل عليها بالسب والشتم وكثُرت حركاتها العشوائية حتّى بها رفست برجليها ليث دون أن تشعر، لو كانت محررة وهي على هذا الحال لأدمتها في الواقع بجنون!
صرخت مصرّحة إنها تريد أن تخرج من المستشفى، فهم الأمر ليث اشار للممرضة وأمرها بالخروج، سوزان لم تعد هُنا لتمسك حالتها وأحالوا حالتها لدكتور آخر.
تحدّث ليث بعد أن سحب لرئتيه هواءً ثقيلًا متماشيًا مع غضبها وجنونها هذا : رحيل....هدّي......تراك جالسة تنزفين حاسة ولا مو حاسة؟

صرخت في وجهه: انقلع عن وجهي.....ناد الدكتوووووووووورة ابيها تكتب لي خروج....برجع السجن.......برجع......مابي أظل هنا......

ليث تحرك، سحب الإبرة وافرغ المحلول في علبة "المغذي"، الحديث الآن سيزيد حالتها سوءًا، ووضعها في الأصل سيّء عليها ان تهدأ، لكي لا تزيد بحركتها جنون ألمها الذي لا تُعيره أي إهتمام، وجهدها في الصراخ اتعب جسدها و انزفها في الواقع!
صرخت : انقلع براااااااااااااا........قلت لك نادها.....

لايدري كيف جنّت هل بسبب حركته؟ وعناده قبل دقائق قصيرة؟ أم تفعل هذا بسبب وجوده؟...بقَيت على هذا الحال.....تشتمه.....تصرخ...تطلب منه الخروج حالًا......تكرر: ابي اطلللللللللللللللللع ارجع السسسسسجن....ما تفهم؟

يرتفع صدرها بصرخة وينخفض بأنّه وأنين بدأت تستوعبه لم يستطع أن يقترب منها وهي تتلّوى بالصراخ والألم يريد أن يبدأ مفعول المهدّا ليقترب منها ، نظر ليديها اللتّان تشدّهما محاولةً في تحريرهما انتبه للحّز الذي أحدثته في معصم يديها، مرّت أربع دقائق ، وهي تكرر
: ابي اطلللللع.....انا مو تعبانة......ابي اطلععععععععع.....ابي ارجع السجن.....بعيد عنك......ابي اعيش لحالي......ابي......حياتي بعيد عنك.....بعيد عنكم كلكم....ابي اضم حُبي......ابي حُبي....ابيه.......ابييييييييي� �ه........ما ابيك انت!


نزلت دمعه خائنة من عينها اليُسرى بينما عينها اليُمنى مسكت احزانها لتتحجّر في محجر عينها المحمر، أخذ ينظر لها بثبات، مُبتعد عنها لكي لا يُبدي بردات فعل تزيد من الأمور سوءًا..يبحلق في هويّتها الجديدة..يحاول تفكيك تركيبتها التي اجتمعت في عُقدة التعقيد..توّقفت ذاكرته عن استرجاع رحيل في صورتها التي ألفها..والآن اتجّه في واقعيّتها التي كسرت بداخله أشياء وأشياء كثيرة لا يحبّذ مواجتها إطلاقًا!

وهي تكرر: أبي حُبي.....ابي ...اعيش بعيد عنك...عنكم!

ولكن ماذا تقصد(أبي حُبي أبيه ما أبيك أنت) هل ما أتى في عقله هذا ما تُعنيه ، هل تقصد أنّ هُناك شخص آخر امتلكتهُ في قلبها هل تقصد هذا؟ أم إنها تُهذي .....بهت لونه مع تكرارها هذا....ازدرد ريقه وشدّ على قبضة يديه لكي يمتّص غضبًا متسللًّا من هِضاب سوء الظن!
رفع قدمه اليُمنى ناويًا على ارتكاب حماقات كثيرة، تحت صوتها الذي أخذ ينخفض شيئًا فشيئًا بسبب مفعول المهدّأ الذي حاول أن يطبّق على جَفنيها بنُعاس لئيم يُخرسها على عدم الإعترافات التي ودّ لو تُكملها الآن
سمعها وهي تشهق بلا دموع وتطبّق عينيها بهدوء: أبي حُبي....ما ااااابييييكم ااانتم...مااااابيييكككم!

سبع دقائق من العواصف، من الجنون من التغلّبات والحديث المُثير للجنون، ضجّ في فؤاده غِيره وتساؤلات كثيرة ماذا حدث؟
ما كيميائية رحيل الجديدة؟ وماذا تقصد؟ لماذا يحاول ألا يستوعب الصدق في نبرتها في طلب حُبها المزعوم ، ربما تقصد والدها ولكن لا يظن لالا.....اقترب منها .....نظر لوجهها الشاحب بالصُفرة ، لأرنبة أنفها المحمرّة، لحاجبيها المعقودين لإرتخاء يدَيْها على جانبي السرير..وقعت عينيه على ساقُها الأيمن المثني بشكل جزئي....وإلى بقعة الدم....وجفاف الدم على ساقيها كلتاهما......شخصت عيناه....ثم ابتلع ريقه بجفاف حاد.....وأغمض عينيه بعد أن شعر بلذعة تسلع تفكيره بِلا رحمة، كنحلة مزعجة تدور تدور ثم تثبّت نفسها على الموضع الذي تُريده لتنتقم وتُغرس أبرتها الصغيرة فيه تأديبًا!

مدّ كفّي يديه ....ليُنزل طرف ملابسها ويغطي بهما ساقيها برجفة عميقة.....الآن لا يفكّر بشيء سوى......حديثها الذي قالتهُ ثم غابت في راحة النوم المجبورة عليه ......سحب الغطاء ووضعه على جسدها.....ثم انحنى مقتربًا من وجهها ، سمع صوت تنفّسها التي تُقطعه شهقة لا إرادية تخرج لتُقطع عليه ضجيج الأفكار......رمش مرتين ....بذهن شارد يسمع فيه
صدى صوتها (أبي حُبي....)، اقترب منها اكثر، يحدّق بها كالمجنون أي حُب تسلل في قلبكِ وأنتِ في ظلمة السجنون؟ أي حُبٍ امتلكتيه وأنتِ بلا حريّة؟
وأنا الطّليق الحُر لم أمتلك معانِيه؟
هل أنت متأكد يا ليث؟ هزّ رأسه بجنون واتكأ على مخدتّها بيده اليُمنى حتى جعل رأسها يتدحرج خطوة جنونية ليلتصق جبينها بقبضة يده التي ترّص على الوسادة، تنّهد بصوت مسموع يُريد أن يُسمع العالم عن ضيقته، دائمًا وأبدًا تأتي الإعترافات واحدة تلو الأخرى عليه ، حديث محمد افلق جزء من قلبه وحديثها أخرس كيانه كلّه وقَسم ظهره !
شدّ اكثر على المخدّه ليقترب رأسها منه.......

همس: حُبك؟

وبنبرة مخيفة ، ومن المؤكد إنها ستهابها لو كانت في وعيها وفي شخصيتها التي يعرفها في السّابق!: شتقصدين يا رحيل؟

ثم طبّق وجهها بيديه بشكل سريع وبردّت فعل انفعالية للغاية لو كانت في وعيها لصرخت به بالابتعاد

همس كالمجنون: ما اسمح لك تقولين لي هالكلام وكأني جدار....حتى لو تقصدين ابوك......ما تقولين له حُبي.......ما تقولين له!

هو يعلم انها لا تقصد ابيها، يعلم هي مكسورة من ابيها ولكن ما الشيء الذي يُثبت ذلك لا يدري شدّ على وجهها قليلًا بجنون وبعثرة ما يفكّر به
لا لا هي تقصد ابيها! ضاع....حقًّا ضاع ....

شتم بصوت مسموع: الله ياخذ بو سلمان.....الله ياخذ اللورد....الله ياخذ......ستيفن..الله ياخذني وافتك!

شدّ على اسنانه وهو ينظر لها بعينين حاقدتين انحنى ليقترب من شحوب صُفرة وجه ذبل من لؤمه وفقد طعم الحياة!

هز رأسه يمنةً ويسرى: إلا الخيانة يا رحيل...إلا الخيانة!

ثم عضّ على شفتيه ، لا يعرف ماذا حلّ به، موقف الشرطيّان ادخلا في قلبه غيره وغضب، وحالها وهلوستها...ادخلاه في عالم عدم تمالك الكيان ولملمت شتاته، ودّ لو يخنقها ...يريد ان تستيقظ...يريد أن يتحدّث معها الآن يريد أن يستفسر عن مقصدها ولكن ......اغمض عينيه......ثبّت جبينه على جبينها واخذ يتنفّس بنفس مسموع......لو كانت تعي ما يدور حولها وشعرت بلهيب انفاسه لصرخت ضاجة تُنهيه عن الإقتراب هذا!.....شدّ على رقبتها من الخلف بعدما وضع يده اليسرى خلفها.....أخذ يتذكّر وجهها ....وهي في المحكمة....صفعة والدها لها.......وقوفها ترتجف أمام القاضي....تذكر صفعته لها قبل خروجه إلى الجامعة!......شكلها المبهذل في الشقة....صراخها......واعترافها الآن الناتج عن كل هذه الكوارث......يريد أن ينتقم منها ....يريد أن يحرق قلبها كما احرقت قلبه بغيرة ومشاعر أخرى لا تتلّون في معانيها بشكل صريح!
همس: رحيل.....

شدّ على رقبتها: تكفين لا تخليني أجّن عليك ....تكفين ...لا زيديني هموم تكفين...يكفيني إللي فيني يا رحيل!

فتح عينيه ابتعد قليلًا ، ارتجف جفنه الأيسر ثم ....وضع رأسها على الوسادة......ابتعد ....واخذ يجول...في الغرفة ...يمشي.....بخطوات ثقيلة.....لن يبرح مكانه إلّا بعدما تجلس.....يريد أن يستوعب حديثها المُر.....وكلامها الذي بثّ بداخله سُّم عنفواني غريب....التفت عليها من جديد يُريد أن يستوعب لفظها في نُطق (حُبي..) يريد ألّا يتيّقن أن يكون لها حبيب بديلًا عنه!، مسح على وجهه وارتجفت أحاسيس الغضب بداخله
ثم تذكّر نزفها، وخشي هُنا ان تسوء حالتها فخرج لمناداة الطبيب بوجه عابس ونفس متسارع وعينين تسرقان النظر إليها بتوّعد عظيم !
.
.
.
.
التنّاقض يجعل من شخصيتنا الإنقسام إلى عدّت شخصيات غير معروفة يلتهم طمأنينة حياتُنا دون ان نشعر، يجعلنا نبحث عن بصيص أمل للخروج من قوقعة التلّون تارة نلوّن تلك الزاوية على مبادىء وتارة نمحي الوانها على مبادىء أخرى، يفهم حديث ابنه، ويعيه ، ولكن هذا ما آلت به القوانين التي التزم بِها مُنذ الصغر كيف يغيّرها الآن! دعوكم من القوانين
لا ينكر انّ رغبته صارمه في الأمر، لا يريد من إحداهنّ ان تخرج كليًّا مبتعدةً عنه!
تحدث صارم: يبه انا مو فاهم ليش رافض ولد خالتي....وانت اللي تعرفه زين.....وشاركت في تربيّته......ترفضه وتحطونها براس اختي وتقولون له هي رافضتك...ولا بعد مو قايلين لي......ليش؟

بو صارم : ولد خالتك رجال ما يعيبه شي.....بس عهود ما هيب نصيبه!

صارم وثار الدم في وجهه: ليش؟.....منو منتظر من عيالي عمّي يجي يطلب يدها......فهد ولا ريّان؟....ولا فيصل ؟

بو صارم رفع يده: صارم ....احترمني ولا ترفع صوتك.....وانا قلت لأمك تنهي الموضوع.....

صارم بجدية: يبه جالس تناقض نفسك.........رافض محمد......والحين ما تبي تزوّج اختي عشـ...

قاطعه بصرخة : صاااااااااااااااارم اقطع الكلام..ولا عاد تهرج فيه مرتن ثانية!

صارم سكت ثم اردف: يبه .....عهود من حقها تقرر موافقة ولا لا.......عهود من حقها تعرف....ذياب جا وتقدّم لها......ومو من حقنا نمنع نصيبها ......

بو صارم يشعر بالتعّب والإنهماك في هذه المواضيع التي بدأت تخرج من يدّه ومن قيد تخطيطاته لها

اردف: ومن حقي كأبو اتمنى لها الافضل!

صارم نظر لعينين والده: ما اظن في افضل من ذياب.....لا توقّف نصيبها على توقعات يمكن تصيب وتخيب.....بشوفة عينك...محمد رافض دانة....ودانة رافضته .....من حقهم يبدون رايهم والكل يحترم هالراي......

بو صارم خرج من طوره: يعني بكرا ...لم تجي تبي تعرس ما تبي من بنات عمّك؟

صارم حرّك يديه : مادري يبه مادري....وش يصير....مادري كيف راح أفكّر وقتها.....مادري......

دخلت للتو.....إلى المنزل.....وصلت .....ودلفت الباب....وسمعت الحديث الذي افلق قلبها الى نصفين ( محمد رافض دانة...) لم يستوعب عقلها الجزء الثاني من الحديث بل بات مفقودًا، تنهّدت.....وسمعت البقيّة ...وفهمت ذياب متقدم لأختها........وهي تعلم بذلك...ولكن لا تدري انه يحاول من جديد.....اظهرت نفسها قبل أن يرد أبيها على أخيها.....ظهرت لهما بوجه محمر وعينين منتفختين ...وجسد منكسر من الدّاخل والخارج......نظروا لها ونظرت لهما.....

صارم عقد حاجبيه: منو جابك؟

ابتلعت حديث وغصّة، إلى الآن لم تخرج من صدمة اعتراف رعد....واسترجاع ذكرياتها واستيعابها لأمور كُثر

نظرت لأبوها وبنرة مخيفة : يبه وافق على ذياب.......ذياب رجال كفو......واسال عهود لو تبيه ولا لا.......لا توقّف رزقها ........عيال العم.......يمكن ما يبون من العيلة دام جدّي هذا تفكيره ودام هذا نظرته......راح الكل يعانده.......وأبي افهمّك شغله يبه

واشارت لنفسها بأصبها السبابة المرتجف: رفضت محمد لأني انا مابي ازوّج مو لأني ابي اعاند واكسر الكلام......بس تكفى يبه......اهتم لراينا......لا تصير مثل جدّي......واسال عهود ....عن اذنكم

بو صارم ازدرد ريقه ، نظره لها وهي تركض على عتبات الدرّج، ولحقها صارم سريعًا، تخبّط في نظرته للأمور لم تعجبه فعلت والده ابدًا ....ولكن "دام" إنها لم تُعجبه عليه أن يُعيد نظره في أمر رغبته بتزويج ابنتيه لإحدى ابناء عموتهم......وكيف يضمن ان يكون احداهم يريد الزواج منهنّ كيف؟ لا يريد ان يوقف نصيب الاثنتين ولكن يريد قُرب عائلته ، وابيه افسد الأمر كلّه!
.
.
.
ركضت ودخلت الباب، كانت ستُغلقه ولكن صارم وضع كف يده ودفعه بهدوء ودخل
يكرر بصرامة وعينين غاضبتين: مع من جيتي؟

لا تريد النقاش ولا تريد أن يراها أحد وهي في أوج ضعفها ، وفي ايلآن نفسه تريد من يُطبطب عليها ....لذلك نظرت إليه

: صارم....تكفى مابي اتكلم...تعبانة.....منهد حيلي.....مافيني على الكلام....المهم جيت...ووصلت هنا.....تكفى اعفيني من الكلام.....منهد حيلي....

سكت ونظر لوجهها الذي تحدّث له بالكثير من الألم ، ونبّههُ على وجعها الذي تحاول اخفاؤه
اقترب منها لَان صوته: اسم الله عليك من هدّت الحيل......

نزلت دموعها على خديها هزّت رأسها تؤكد : والله هدّوا حيلي يا صارم.......حاولت ابتعد بخيري وشري...وهم يلحقوني....جدّي .....يبي يدفني وانا حيّة......
اقترب منها مسح على رأسها مهونًا عليها: لا تقولين كذا يا دانة.....
دانة انفجر ينبوع الحديث من فاهها: خدعني....ووقفني قدام محمد...ارخصني....يا صارم...حسسّني وحده حقيرة...يبي لها الستر بأي طريقة.....
صارم اوجعه حديثها و أوصل لفؤاده شيئًا من قهر شديد وحنق على فعلت جده، غضب من الداخل وطبطب عليها من الخارج وقبّل جبينها مخففًا عنها: محشومة يا عين اخوك انتي....لا تقولين كذا وتقهريني عليك.....

ازدرت ريقها ثم ابتعدت وهي تمسح دموعها قالت: ابي انام......
صارم بتفهم : طيب.....لا تبكين....امسحي دموعك وسمي بالرحمن....

هزّت رأسها له ،بينما هو خرج غضبانًا من فعلت جدّه،
وتناقض ابيه ، سحب الهاتف من جيبه ، عازمًا على ان يحدّث اخته عهود ويجبرها على العودة إلى المنزل، لا يريدها ان تبقى هُناك يخشى من ان يجن جنون جدّه ويفعل ما يفعله في غفلتهم! الآن يجزم جدّه قادر على إقهار الجميع وإجبارهم على ما لا يريدونه.

اتصل عليها وهي كانت جالسة أمام جدتها تتحدث سمعت رنين هاتفها اجابت: هلا صارم....

اتاها صوته الصارم: اسمعيني ....الحين ارجعي بيتنا.....ارجعي.....

عهود بحلقت بعينها لبنات عمّها: طيب...
اغلق الخط في وجهها

ووصايف تقول: يعني جدّه .....انتقلتوا هنا بسبب شغل جدي؟

الجدّه وهي تجدّل خصلات شعرها الأحمر ذلك اللون الناتج من وضعها للحناء لتصبغ به شعرها الأبيض: اي....جينا للخبر.....قبل حوالي اربعين سنة او اكثر....عشان شغل جدّك.....ولا حنّا ديرتنا نجد......هناك أرضنا وبيتنا..وصرنا نتردد لديرتنا زيارة الشكوى لله.....

اصايل دخلت في الجو: اجل اشتقتي لهناك يا جدّه...
الجدّه ابتسمت لتزداد خطوط تجاعيدها على خديها: اوه يا بنتي....كيف ما اشتاق....والله اني اشتقت لأرض لمتنا......واحفظتنا......وارسمت قصصنا وذكرياتنا.....عليها...سقى الله ذيك الأيّام..كّنها جميلة وما تنسي!

هيلة اخذت تصفّر بفمها: اوه اوه....على الكلام....
بشكل غير متوقع لسعتها جدّتها بالعصا على فخذها: قايلة الف مرة لا حد يصفّر ...يا قليلة الأدب....
عهود ضحكت هنا وهي تنهض: هههههههههههههههههه قلعه

ثم اردفت: انا بروح بيتنا....

وصايف نظرت لها بشك: قلنا بنمشي بعدين....

الجدّه : لا ما تمشون قبل لا تتغدون...
شعرت بالورطة: صارم اتصل علي....يبيني ضروري....

اصايل وكأنها فهمت الأمر: خلاص طسي....
هيلة تحرّك حاجبيها بعبث: بتفوتك قصة ......حسنا وعبد العزيز....


لم تتوانى الجدّه من ضربها بخفة مرةً اخرى ولكن هيلة صرخت: آآآآآآآآآآآي جدّه والله يعوّر.....

الجدّه: من يومنّك صغيرة عوبا عوبا يا كافي الشر....ما تعرفين الحياء والمستحى....
هيلة بدفاع : طيب انا وش قلت...
عهود وهي تهتز ضحكًا انحنت على رأس جدّتها وهي تسلّم عليها: يلا جدّه مع السلامة...
الجدّه: سلمي على امّك.....

اصايل بهدوء: ترا جدّه حتى حنا بنمشي...
الجدّه : والله ما تمشون لين تتغدون معي....
وبنظره حادة: ولا قمتوا تسّحبون خوفن من جدّكم وصراخه؟

وصايف فتحت عينيها على الآخر
وهيلة بضحكة تبرير: لالا.......مو عشان كذا....
الجدّه : والله اني اعرفكم.......بس ما راح تمشون....
اصايل بتنهد: خلاص ما راح نمشي....
.
.
بعض المشاعر تسحب صاحبها للتساؤلات، وللتوقعات التي تُثير القلق في الرأي، ومن الممكن أن تتحوّل إلى مشاعر أخرى بسبب تعقيدات التفكير، هو عقله معقّد، مشغول بالكثير، خائف ومتردد، من أن يُرد مرة اخرى لنقطة البداية، هو يقسم انه يحبّها ولكن جُرح منها كثيرًا بسبب رفضها له مرتين
.
.
.
"انا ذياب وأنتِ عهود قلبي"
.
.
.
.
تنهّد برزت عروق الغضب لتنبعج على طول جبينه، لا يريد ان ينكسر مرةً ثالثة، ولا يريد هذه المرة الاستعجال في إبداء ردّت الفعل المتسرعّة والحديث المطوّل مع والدته سيترك الأمور تسير، إلى أن تأتي إليه طوعًا

خرج من غرفته ليخرج قبل أن يتعمّق في تفكيره!
.
.
.
الأخذ بالثأر واخذ الحق بيديك، يجعل منك شخصًا تائهًا في هفوات اللاتفريق بين الحق والباطل، يجعل منك شخصًا ضعيفًا بردّات فعل تورّث الرّماد عقوبةً!
ولكن الشعور بالانتصار وقتها يُريح القلب، يجعل منّك شخصًا طائرًا على غيمات السرور،
وكيف لا يشعر بذلك والعقوبة أتت لهم دون جهد منه! دون عناء رغم تخطيطاته على الإيقاع بهم
مرّ في الممر الذي يؤدي إلى غرفة105 يُريد أن يرى كيف تجرّد من صّحته وكيف أُدميّ جسده!

ابتسم بسخرية طرق الباب خشيةً من أن تكون عائلته حاضره لديه
انتظر رده، لم يرى ولم يسمع إلا السكون
فدلف من الباب
واغلقه بهدوء، ثم التفت لتقع عينيه على صاحبه المتجبّر والمنافق له بكل الأمور، صاحب الدواهي العُظمى وصاحب الخُطط التي كانت سببًا في طرده من عمله يومًا!
رغم انه كان مقربًّا إليه ، يعزّه يعامله كأخويه محمد وليث وربما اكثر!
ولكن ماذا فعل بالأخير؟
طعنه

رفع صوته: اوه اووووووووه .....مويهر........متكسّر....والله ما اصدّق.....اليوم هذا بالنسبة لي عيد!

فتح عينه اليُسرى ببطء شديد بسبب حاجبه المجروح والذي تمّت خياطته بالأمس ، وعينه اليمنى مُغطاة بشاش بسبب اصابتها الشديدة، حاول ان يبتلع ريقه بصعوبة لم يتمنّى يومًا رؤية صاحبه هكذا يتشمّت به ويضحك بسخرية على سوء حالته ولكن هو من جعله يتوّحش عليه بكره عميق
اقترب فيصل اردف: اجل تكسّرت ضلوعك هااا؟

أغمض عينه بتعب لا يريد أن يتجادل معه ، لا يريد أن يسمع عتابٍ منه ولا حتى كلمة طيّبة
ولكن فيصل لم يتوقف: اجل تبي تهرب خايف تنسجن؟

ثم ضحك: ههههههههههههههههههههههههه ه جزاك وأقل من جزاك الحادث....

ثم اردف بجدية: والله ما تدري قد ايش فرحت لم سمعت خبر الحادث!

تنهّد بضيق واخيرًا اردف: لا تشمّت فيني ....لا يجيك يوم....واجي انا اتشمّت فيك!؟

ضحك من قلبه، ضحك الأيّام.....والذكرّيات وصُحبة الطفولة....وأيّام الصداقة.....وثقة السنين وترابط اليَدين..وتكاتف ساعديهم على اكتاف بعضهما البعض...انقهر ....وتحوّلت الضحكة إلى صوت منفعل وغاضب

: كيف قدرت تخوّن فيني؟

سكت، هل يُخبره إنه كان غيورًا منه!، هل يُخبره أنّ الحسد تورّم في قلبه إلى أن اشعل فتيل الحُقد عليه واشعل ضوضاء الخُطط نحوه ليُنحّيه عن امتيازه واجتهاده الذي غطّى على كل ما يفعله من صواب؟!
بلل شفتيه تحدّث بهدوء: فيصل.....انا....
قاطعه بصرخة: كيييييييييييف طاوعك قلبك تسوّي فيني كذا........تخليني صغير بعين الكل....ولا اعرف شي....كيف هان عليك..تطعني بقفاي يا ماهر...وتسرق احلامي......كيف؟

لا جواب يخرج من شفتيه، ولكن يشعر بألم الكلمات وألم الجسد، وكرامته لا تسمح له بالتواضع والإعتراف بالخطأ، وعزّة نفسه لا تسمح له بالإنهيار والخضوع لفرض لسانه في نُطق التأسف نادمًا على كل ما فعله!

سكت وإخذ موقف الإستماع والإنصات لفيصل

الذي انحنى على السرير: قولي وش سويييييييييييييت لك عشان تجازيني بهالجزاء؟.......وانا اللي حسبتك مثل اخوي؟.....ووثّقت فيك......وش الخطأ اللي بدر مني وخلّاك تنتقم مني يا ماهر؟

ماهر نظر إليه بعينه المحمرّه وبنبرة شاحبة: ما سويت شي!

فيصل بصرخة: أجلللللللللللللل ليش خوّنت فيني؟

اغمض عينه وحاول أن يُبعد رقبته للناحية اليُسرى بصعوبة، فيصل ابتعد
وضحك منقهرًا من جديد اردف كلماته الأخيرة: لا تبرر ولا تقول شي......يكفيني اشوفك متكسّر وعاجز....يكفيني ويرضيني من الداخل يا ماهر.....يرضيني.....

ثم خرج من الغرفة، متوجعًا على صداقة تحوّلت إلى رذاذ يتبعثر في مهبّات الريح الخفيفة، لم يتوقع يومًا ستتحوّل مشاعر حبّه الأخوية إلى كره لناحية ماهر الذي لازم صداقته مُنذ اثنا عشر سنة ويزيدون!
تنهّد بضيق ومشى في الممر بخُذلان الأيام له..طُعِن مرّتين وأخذ يتجرّع لوعة هذهِ الطّعنات بصمت، زفر الخيانة التي داهمته لتّدخله في مصيبةٍ كهذه، مشى بلا عقلٍ وبلا نفسٍ منتظم، آلامه وضعه ، وآلامه عجزه ،وقهرته فعلته...وردت فعله كانت طامة كُبرى عليه...مشى دون ان ينظر لِم امامه
واصطدم في كتف...
رفع رأسه ونظر إليه بتعجب: محمد؟
محمد عقد حاجبيه: شاللي جابك هنا؟
فيصل حكّ جبينه: جيت ازور صاحبي؟
محمد بثبات نظر إلى عينيه: ماهر؟

فيصل ابتسم وابعد نظره عن اخيه هز رأسه: تبي الصّدق جيت اشمّت.....

محمد ...يفهم شعور اخيه ولكن لا يحق له ان يشمت بما حلّا لصاحبه يخشى عليه من أن تدور الأيام ويدخل عليه يراه بوضع مزري واشد من حال ماهر المسكين!
فنهره: عيبببببببببب عليك تشمت.....قول الحمد لله والشكر......واطلب ربي يعافيه......الرجال خسر عينه اليمين......وتكسّرت ضلوعه.......واحـ...
قاطعه فيصل بمشاعر ملخبطة: بس بس....ما ابي اسمع شي عنه!
ثم لغيّر الموضوع طرأ في عقله أن يقفز إلى موّال حديث ليث: مكلّم ليث؟

محمد بلل شفتيه هُنا واخذ يمشى بهدوء وتابع خطواته فيصل بهدوء ايضًا: اي.....
فيصل : شقلت له؟

محمد بإنكار لكل ما تلفّظ به: ولا شي......
فيصل توقف ووقف أمامه: واضح انّك جايب ام العيد معاه......
ثم قال: واضح ليث.....ماكل تبن من كل النواحي....فلا تزيده!
محمد ضحك وهو ينظر لعينين اخيه:ههههههههههههههههههه شف من يتكلّم....
فيصل ابتسم رغمًا عنه : والله ما الومك.......تضحك....بس صدقني الحياة تافله في وجه اخوك......وعشاني حاس فيه....ببطّل هالفترة تبحّث عنه!

محمد رفع حاجبه اليمين: بس هالفترة؟!

فيصل بنبرة مقصودة: اي........فيني فضول ودي اشبعه ....

محمد بطنز: ما في شي....بس انت تتوّهم.....
فيصل اشار على شنبه: هالشنب مو على رجّال....اذا اخوك مو في مصيبة كبيرة؟

مات ضحكًا هُنا محمد وأخذ يكح: هههههههههههههه كح كح....الله ياخذك وش مصيبته ......اكيد مصيبته رحيل وبس....

فيصل وضع كفّي يديه في مخبأه الجانبيين: هو مصيبة رحيل صدّقني!
سكت محمد ، ثم مشى بخطوات بطيئة: لا تجلس تخوّفني يا فويصل......

فيصل: حاسني قلبي ....والله.. وأحاسيسي عمرها ما كذبت!
محمد تنرفز من نبرة الجديّة من صوت اخيه: الله ياخذ أحاسيسك هذا اللي اقول لا عاد تحس وتنشب في حلوقنا......

فيصل طبطب على كتفه: طيب طيب......ماشي....
محمد ابعد يده عنه: ولا عاد اشوفك في الطوارىء......
فيصل بطنز: طيّب يا مسعف البشريّة انت....
محمد وهو ينفصل بطريقه عنه ويرفع صوته: انقلع..

ضحك الآخر متجهًا إلى الباب الذي يُخرجه من قسم الطوارىء والحالات الحرجة!
.
.
.
.
أحببتُك
وأودعتُ نفسي في جُنبات عٌشقك الذي يُلامس قلبي بهدوء نبضك الجميل
علّمتني الهيام الذي خشيت من إنني أقع في قاعه المُظلم
ولكن وقعت وما اخشاه لم يحدث، ألتقفتني من ظلامه وجنّبتني عنفوانه بيديك الناعمتين، وبهمسك الذي يُودّع بداخلي الطمأنينة!
.
.
.
مُنذ أن وصلت وهي تُبكيه، تُبكيه فُقدًا، وعُشقًا، تبكيه ألمًا وخوفًا من القدر على ألّا يُجمعهما مرةً اخرى، لم تبدّل ملابسها، لم تأخذ قسطًا من الراحة
كل ما تتذكّره وجهه وكل ما تريده الآن سماع صوته، تشعر برجفة جسدها وتشعر بخوف من افكارها ، انقلبت على جانبها الأيسر لتنساب دمعة باردة من عينها اليُمنى بهدوء، احتضنت شموخ أنفها بلؤم شديد، اعتصرّت فؤادها بيدها اليُمنى
لا تهدأ هذه العضلة ، لا تتوقف لتُريح العالم، لا ترى النور ولا الظلام، عصيّ من فكرة الهدوء .....غاضبة من فكرة السّلام......تشعر وكأنها بدأت روحها بالإنسلاخ الكلّي من جسدها، بكت بصوت هذه المرّة، بكت لترتاح ولكن يضجّ الضجيج نفسه ولا يهدّأ...لا يصمت أبدًا!

انفتح الباب عليها ، سمعت صوته: سوزان.....ما تئوميش يا بنتي.....تاكلي لك لُوئمة تسدي بيها جوعك......

كيف تأكل، كيف تتهنأ بالعيش وكأن شيئًا لم يكن خرج صوتها بنبرة قاسية على نفسها: مابي....
كان سيتكلم ولكن رفعت صوتها: عاوزة نام.....
تنهّد بضيق ثم اغلق الباب عليها، هي ليست بحال للحديث، ليست بحال للجدال ولا النقّاش.....
سحبت ساقيها للأعلى لتقرفّص نفسها وتبكي بهدوء، وبعد مرور دقيقة
نهضت وهي تكرر: ماقدر ماقدر....
سحبت الهاتف...ثم اتصلت...
.
.
.
ندم على تقصيره ناحيتها، ندم على إهتمامه بقضيّة رحيل أكثر من أخته، ندم على الإهتمام بحبه ، شعر إنه حقًّا أناني كيف نساها؟ كيف وثق بليث لدرجة أزاحها من عقله لأيّام طويلة؟
يشعر بالتهاب جُرحها الذي تحاول لملمته من عينيها، اصفرار وجهها واحمرار عينيها يدلّان على الوجع الذي تعايشت معه، يشعر بانكسارها

ربما انكسار فُقد الطفل الذي شعرت به من داخلها ومن مشاعر أمومة ربما نبضت في عقلها لفترة!
تحدّث بهدوء: الله يعوضكم يا أمل....لا تزعلين نفسك....ولا تضايقين عمرك......هذا قضاء الله وقدره!

رمشت مرتّين، وكأنها تُخبره هي من انهت هذا الطفل قبل أن يكبر هي قاتلة الآن ، ودّت لو تُخبره إنها تملك آثام كثيرة لا تستطيع التخلّص منها ، وآثامها متشكّله على هيأة ليث! والآن على شكل ألم ونزيف موجع!

همست تجاري اخيها بالحديث: الحمد لله....
ركان ابتسم: الحين قولي لي.....ليش ما كلمتيني......وقلتي لي عن تعبك....دام ليث بعيد؟
.
كلاكما بعيدان تائهان في حلقة الرحيل من اللاشيء، تُلاحقان الزمان في أخذ ما تريدانه دون الإلتفات لغيركم!
.
خرجت نبرة موحشة : ما حبيت اشغل لك بالك....واخوفك علي.....

ركان استفزّته : وش تشغليني؟.....أمل.....غلط عليك أنك ما علّمتيني لو صابتك مضاعفات وماحد حس فيك.....كان صـ...

قاطعته بنرة عتاب: انت صار لك أيام ما تتصل علي....ظنيتك مشغول....وما حبيت اخوفك على شي ما يسوى!

ركان بصدمة: شي ما يسوى؟

لم تُجيبه، فقال: أمل...

أمل رفعت نفسها لتسند ظهرها على الوسادة: ركان الحين صار اللي صار وانا بخير....صدقني بخير....

لا يُصدّقها، يشعر بضعف تنفسها وعدم انتظامه يشعر بضيق روحها على جسدها، ويقرأ شتاتها من عينيها.

همس: مرتاحة مع ليث؟

كيف قفز إلى هذا السؤال لا تدري؟ ماذا وجد من حولها او فيها ليطرحه هكذا بلا حواجز وبشكل غير متوقع
هزت رأسها: الحمد لله اي....
ركان كان سيتحدّث ولكن سمع صوت الرنين وقعت عيناه على الاسم الذي يُضيء الشاشة، وشعر بلذعة كهربائية تسير في قلبه وتُثير بهِ العواصف...تنهّد بضيق.....

أمل نظرت إلى تغلّباته: اذا الشغل رد.........

ركان وضع هاتفه على الصامت ثم ابتسم في وجهها: مكالمة مو مهمة.....

أمل نظرت إليه، كيف استطاعت أن تخونه؟ وكيف استطاع ليث أن يخونه؟ كيف استطاعا هما الاثنان على الأتحاد في معنى واحد في اتجاه ركان؟ لمعة في عينها دمعة اثارت شغب تفكير ركان الذي وضع يده على ساقها
: امل لا تخوفيني عليك.....وش فيك يا قلب ركان.....

أمل بكت : تمنيت امي جنبي وانا بهالوضع......
ركان نهض من على الكرسي وجلس على طرف السرير سحب كف يدها الأيمن وقبّله بحنان اخوي عظيم في مشاعره: انا جنبك يا عين اخوك....انا معك في كل الظروف.....اعترف يا امل اني قصّرت في حقك.....بس والله مو بقصد منس....والله....سامحيني يا قلب ركان.......سامحيني خليتك تخوضين اشيا كثير لوحدك....

أمل اُعتصر قلبها ولم تتحمّل في أن تبقى صامدة انهضت نفسها لتقترب منه وتحتضنه لتشعر بحنان ابوي فقدته مُنذ سنين طويلة ولتلتمس في طبطبته حنان أموّي غاب عنها مدّةٍ طويلة وقاسية ....بكت كل الأشياء...بكت آلامها واحزانها....واخذ يطبطب عليها متنهدًا بضيق لحالها!
.
.
متناسيًا تلك التي انهارت باكية لعدم ردّه، معتصرّة بيديها الجوال بقهر وضعف!
.
.
.
تناول غداؤه، ونظر للمجلس الذي اصبح خاليًّا من تواجد ابنيَه ابا ليث وابا صارم كلاهما الآن اصبحا متحاملين عليه لقراره المستعجل، والغير صائب في نظرهما، حديث محمد اشعل بداخله نيران من الغضب، لا يريد ضجيج آخر غير ضجيج حفيدته رحيل، لا يريد من محمد يُثير الريّاح الغربية ليُجلبها لهنا عتوًّا في نثر المصائب ولا يريد من دانة الإستمرار في عنادها له..لأنّ الأمر لن يكون في مصلح الجميع وسيخرج من يده تمامًا الحديث الذي سيقوّل عليهم!

تنهد بضيق، وسمع انفتاح الباب ودخول ابنه ابا فهد
دخل وسريعًا توجّه إليه وانحنى ليقبّل رأسه
: اخبارك يا الغالي؟
هز رأسه وهو يكرر بلا نفس: اخباري تسرّك...تسرّك....

جلس عن يمين والده ثم قال: علامك يبه؟

نظر إليه الجد بتفحّص وبتدقيق، ابا فهد لا يزوره في هذا الوقت ولا يأتي في هذه الساعة ففهم الأمر: دازينّك علي؟....قالوا لك...تدخّل بالسالفة وروح كلم ابوك.....المخرّف؟

ابا فهد بتدخل سريع: محشوم يبه......محشوم.....

الجد: انا عقب هالعمر.....وعقب ما كبّرتكم......تتكبرون علي....ولا تطيعوني.....وتحطون قراراتي في الزبايل؟

ابا فهد تنهد حقًّا كان عليه أن ينتظر ليوم آخر لتخفيف وطئت الحدث ولكن شعر بضيق اخيه وأحّب ان يحدّثه وهما في حرارة الموضوع!
: يبه......انت على عينا وعلى راسنا....وطاعتك واجبه.......وما بعد كلمتك وقرارك كلام وقرار.....بس يا يبه......أمّنتك الله تقولي تشوف اللي سويته صح؟ ولا هوب غلط...يوم تجمع الاثنين بدون ما يدرون عن نواياك ....وتجبرهم على النظرة الشرعية؟

الجد نظر إليه منفعلا: ما غلطت....والنظرة الشرعية ......هذا انت قلتها شرعية من شرع الله.......
ابا فهد : بس لازم تكون برضا الطرفين وانت ولا عطيتهم خبر....يمكن لو معطيهم خبر ما صار هالرفض....

الجد وكأن الكلام لم يعجبه: لو معطيهم كان ما شفت إلا غبرة ولد اخوك....وعناد بنت اخوك......
ابا فهد بعقلانية: ودامك تدري ليش تحاول تجبرهم؟

الجد ضرب بعصاته على الأرض: هالاثنين بالذات ما بيرتحون إلا لم يجيبون الكلام اللي يلوط الآذان لهالعيلة!

لا يدري كيف يحاوره بهدوء لذلك قال: يبه.......انت ليش حاط ببالك ....يمكن في يوم احد يجيب العار لهالعيلة......خوفك هذا هو اللي بخليهم يفكرون يجيبونه لك.....على طابق من ذهب!

الجد باندفاع وصرخة: وبنتتتتتتتتتتتك وش سوّت؟

والآن ستبدأ التناوشات في ماضٍ مُبعثر بعثر وسحق قلوب كُثر، ملّا من هذا النقاش وكان متوقعًا الدخول فيه

فقال: يبه رحيل ما اغلطتتتتتتتتتت لمتى وحنّا نكرر هالموّال؟

الجد : تدخّل السجن وتنحكم ثمان سنين.........ويكتبون بسجلها .....قضية محاولة الشروع بالقتل........وتقول ما اغلطت.....

ابا فهد وكأن جراحاته تجددت وكأن احزانه انهملت أمام عينيه طوعًا لحديث والده الذي لم يحسب حساب لا لعمره، ولا حتى تحسبًا لضيق روحه عليه.

تنهد وهو يكرر: قضية دفاع عن النفس....بس عيال الحرام.....خلوها شروع بالقتل....يبه رحيل مظلومة......

الجد بنبرة تهز الأبدان: مظلومة!....بس من بصدّق من الناس......مَن بيسكت لو سمع عنها؟.....مَن يا عبد الرحمن مَن؟

بو فهد وضع يده على لحيته ليمسح عليها ويستمد منها قوةّ ضئُلت بداخله! ، ابيه يؤلمه، يقتله دون لأن يشعر...يمرر على قلبه سيفه المتصدأ ليسممه!، يهتم لحديث النّاس ولا يهتم به.......لا يهتم به ابدًا!

تحدث بجراءة: اذا تشوف رحيل غلطانه.......وسجنها جريمة ما تغتفر في نظرك حتى لو كانت مظلومة..لا تعيد غلطتها بسجنك لدانة في بيت مغصوب....ولا هوب مرغوب من قِبل راعيه......دام محمد نطق ما يبيها......لا تجبر الأنفس لين تمّل وتطفش وتسوي اللي انت خايف منه ..هروب منك!

ثم نهض: راجع يبه قرارك.....اللي بيدمّر اثنين مالهم دخل بسالفة رحيل!

خرج وهو يُرمي قُنبلته الأخيرة دون ان يلتفت الى تهجّم وجه ابيه ، والذي اخذ يكرر الاستغفار بصوت مسموع..هّز رأسه وهّز اشواقه لها..راح بذاكرته لتلك الأيام التي يُمسك فيها يديها الصغيراتان..ذهب للرائحة التي تحبّذها..لركضها هُنا وهُناك ما بين الورود البنفسية والوردية التي زرعها لها خاصة..كانت ممّن يجن حينما يشتم رائحة "الرّيحان" لا تستطيع التّماسك أمام هذهِ الرائحة حتّى بها تأكل منه الشيء الكثير..رحيل قاسية في رحيلها في ظُلمة السجون..رحيل شيء كبير في قلبه وعقله..ولكن الآن يُدافع عنها بطريقته التي تُفلق القلوب!







.
.
.
سمعت رنين هاتفها اجابت سريعًا: هلا يمه .....اي ادري ابوي....عند جدي.....لا بظل اشوي....ليش؟...طيب طيب خلاص....خلاص بجي....

اتاها صوت والدتها بنبرة حادة: الحين تعالي...
وصايف: طيب....
اغلقت الخط ثم نظرت لأصايل وهيلة اللتان تغسلان صحون ما بعد الغداء
: بنات أمي إلا تبيني ارجع....
اصايل بهدوء: خلاص روحي حتى حنا اصلا بعد غسيل الصحون بنرجع...
هيلة : انتبهي بطلعتك......
وصايف بهدوء: طيب...
ثم خرجت ونظرت لجدتها اقبلت عليها لتقبّل رأسها قائلة: يلا جدّه مع السلامة...

الجدّه وهي تسحب الخرزة الأخرى من المسباح تلتها بتمتمة بالاتسغفار ثم قالت لوصايف: حافظك ربي....
وصايف ذهبت للغرفة الجانبية....ٍسحبت عباءتها ارتدتها.....وتحجبت ثم خرجت......من الغرفة مّارة على جدتها التي ما زالت تسبّح ابتسمت....ثم خرجت من المنزل.....مشت في الشارع.....بخطى هادئة.......مرّت إلى مدخل مجبورة للمرور عليه ......وهي تتنهّد بضيق على حال عائلتها وقرارات جدّها، تشعر انه قادر على ان يجبرها هي الأخرى على ما لا تريده ولكن هل سيجبرها على نواف ام غيره ؟
شعرت بانسحاب جسدها واندفاعه عند هذا المدخل قبل أن تتعمّق بالتفكير، والذي يؤدي إلى العبور إلى منزل قيد الإنشاء اضطربت وكادت تصرخ
ولكن سمعت صوته ليُطمئنها: انا نواف نواف....
ابعدت يده عن فمها واخذت تضربه على كتفه: وجع وجع.. وش هالحركات بعد...خوفتني!
ضحك وهو يبتعد عن ضرباتها: ههههههههههههههه خلاص....
تلفتت يمينًا ويسارًا: غبي انت تسوي كذا.....بالله لو احد شايفنا؟
نواف اقترب منها وهي ابتعدت للوراء ولكن اقترب الى أن التصق ظهرها على الجدار الذي لُطّخ بالأسمنت: ماحد حولك......
وصايف بذعر: طيب كيف عرفت اني بمشي بيتنا؟

نواف رفع حاجبه الأيسر: سهلة هذي...عهود قالت لأمي البنات بيرجعون بيتهم بعد الغدا وكان ودي أظل اتغدى معهم....

وصايف زفرت نفسها الضيّق الذي كتم صدرها ثم التفتت لتنظر هل هُناك احد يراهما عن بُعد؟!
ثم نظرت له: طيب خلاص وخّر شفتني الحين يلا بمشي....امي تنتظرني مابي اتأخر.....
نواف اقترب اكثر: ولهت عليك...
وصايف بتوتر من قربه ومن الوضع الذي تقسم إنها ستجني ثماره العلقم!: نوافوه لا تخوّفني بهالقرب وبعّد......

نواف بلل شفتيه واسند كفيه على الجدار من خلفها: الله الحين صرت اخوّف....
وصايف وضعت يدها على جبينه: مسخّن انت؟
نواف حرّك رأسه بتلاعب: لا.....
ثم قال: شوفي شوفي فهد....
واشار بيده للناحية اليُمنى،
خفق قلبها وشعرت أنّ نهايتها اقتربت على يد اخويها
والتفتت بذعر: ويييييييييين؟

وما إن التفتت حتى انتهز فرصة لسرقة رغبة نامت واستيقظت على رؤيتها ، شعور إندفاعي وطائش صادر من مُراهق متناسيًا عظم فعلته وخطيئته، قبّلها على خدها إلى إن تاهت روحه في استنشاق عبيرها الذي يُسكر الروح ويغطي العقل، "تسمّرت" وصايف في مكانها، لم تعد قادرة على تجاوزه للهروب ولم تعد قادرة على توبيخه عُقد لسانها، وشلّت أطرافها..واغمضت عينيها لتستسلم لضجيج دمّها المتدفّق من أعلى رأسها حتّى أخمص قدميها تبعثرت الكلمات للتّوبيخ..توّقفت xxxxب الساعة من الدوّران...رمشت وهي مُغمضة لتفتح عينيها..ما زالت تشعر بحرارة الذنب يسلخ خدّها بهدوء، تحاول الإبتعاد ولكن كان يشد عليها بيديه ، مجبرها على الإنتظار والنظر إلى ألسنة الأثم الذي تمتد إليهما وتضرب قلبها قبل قلبه بسوط تأنيب الضمير وصراخ مستعر خارج على هيأة قط أسود لامس قدم رجليها ليوقظ ذنب نواف من سُكرته اللئيمة ومن فعلته الشنيعة التي لا مفرّ من آثمها الموسوم بحُبٍ إندفاعي يتلو وراؤه عُقبات تستحل ضرب الأسواط بِلا توقّف!

صرخت: يمممممممه....
ابتعد عنها استيقظ من سُكرة مشاعره نظر لها بغياب عقلي مخيف: تراها قطوة....قطوة..... مو وحش!

اجتمعت الدموع في عينها، ونظرت في عيني نواف......خفق قلبها خوفًا من الموقف الجريء ومن القطّة التي أتت لتنتشلها من أثمها المخيف، تسارعت انفاسها...سحبت الغطاء على وجهها وركضت من أمامه مُبتعدة عنه وهاربة منه!
بينما هو وضع يده على قلبه وكأنه يريد تهدأت طبول الإنتشاء بحُب عميق مندفع، وخوف وُلد على صرختها من ذنب صغير كاد يسحبهُ لهاوية عظيمة!
.
.
.
كانا في الخارج جالسين على الكراسي القريبة من الغُرفة، يشعر وجودهما مثل عدمه، ويشعر بانزعاج اخيه، ويتذكر حديثه الذي اشعل في عقله ألف فكرة واخرى ولكن طرد جميع الأفكار بعنف
نظر إلى خاله الذي خرج : والله متعبين نفسكم يا عيال اختي كان ظليتوا ارتحتوا في البيت....

فهد بهدوء: تعبك راحة يا خال......انا اقول تعال معي....البيت ترتاح....وريّان يبقى هنا....

ريّان نهض وكأنه يُريد الهروب من شيء يهابه: لا انت ظل هنا...وانا وخالي نروح...
ثم التفت: خالي لازم تكلّم امي ترا قلبها يغلي على نار.....

راشد مسح على رأسه: بتصل عليها.....
فهد بجدية: لازم تروح البيت ترتاح......وتنام لك كم ساعة....
ريّان بتدخل سريع: بيمشي معي......

راشد بهدوء هز رأسه: طيب طيب....

ثم دخل لغرفة ابنته، ورآها تنظر للمكان بحاجبين معقودين ، وصمت وتنهدات متتالية
اردف بنبرة جافة: يألمك شي؟
نظرت إليه بعينيها الحائرتين ثم هزّت رأسها بلا
فقال: انا بروح البيت.....بارتاح وبجيك بالليل.....

بللت شفتيها : طيب....

ودّت لو تُخبره بألا يعود للمنزل وأنها بحاجة إليه وألم يدها يزداد ولكن شعرت بكره اللحظي عليها واشمئزازه من النظر إليها فسكتت بينما هو انسحب للخارج ليحدّث فهد: اي شي يصير اتصل علي....
فهد: لا توصي حريص بظل على هالكرسي
واشار له وكان مقابل لغرفتها: ولا راح اتحرّك اهم شي طمّن بالك....
ريّان نظر لأخيه بنظره عميقة ثم نظر لخاله: يلا خال....

ثم مشيا، وبقيا فهد ينظر للباب، وتذكّر حديثها حينما اخبرتهُ انها ذهبت من أجل صديقتها وصاحبها ، ضرب بكفيه ببعضها البعض بقهر ثم عاد للجلوس على الكرسي ونظر للغرفة بثبات وتحديق مستمر سيدخل لها حتمًا سيدخل ولكن ليس الآن.....ٍسينتظر .....
.
.
.
لم يستطع البقاء هُنا اكثر.....لم يستطع أن يبقى صامدًا، خرج لاستشناق الهواء.....يريد التنفّس ويريد حريّة التفكير بعيدة عنها، حديث الطبيب اخافه....النّزف مستمر.....يحاول أن يقنعه لخضوعها للعمليّة ولكن رفض وبشدّة، تبرّع لها بكيس دم....يريد منها البقاء......لتفسّر له جملتها....يُريد منها أن تذوق من علقم توبيخه لو كانت فعلًا تحب غيره!
فتح باب السيارة جلس بداخلها وأسند جبينه على المقود، لا يدري ماذا يفعل....ماذا يصنع....هي تكرهه ولكن هل يؤدي الكُره إلى الخيانة، إلى ارتكاب حماقات وذنوب خفيّة؟
علّق عقله في نقطة حديثها ، وعلّق قلبه في نقطة الغيره!
سمع رنين هاتفه
سحبه وكانت رسالة تنّم عن تهديد جديد ، ورغبة جديدة في الإنتقام
كُتبت بلهجة عربية مخيفة
قرأها بصوت مسموع
(ستة ايامٍ على لُقيا الجحيم، وأوّل جحيمك وخزٌ عظيم!)
ضحك بصوت عالٍ إلى أن اسند رأسه على الوراء، يقسم ما يعيشه الآن جحيم، جحيم أسود ذو دخانٍ خانق، وألسنة النيران تضربه على ظهره بسوطها الأليم، ضحك....كالمجنون.....اهتزّ جسده ....ودمعت عيناه....تذكر ليث....الطالب الطموح.......الذي وقع في فخ....تلك الأيادي التي تلتقط الموهوبين من آذانيهم...تلتقط أجناسًا كُثر من عقولهم ......ظنّ انه وجد جنّة الدنيا على ارضه.....ولكن وجد نفسه في ظلامهم العنيد..وجحيمه الذي يستعير ليأكل من عقله الشيء الكثير..وأوامرهم المخيفة كانت صدمة وعرقلة بدائية لتوقّف دوران حياته..اوّل تجربةٍ نجحت بمدحٍ وأخرى بتهديد.......ضحك.......لاعنًا نفسه.....وموبخها بطريقة هزيلية....لم يستطع الصمود....
قرأ الرسالة من جديد ليضج بضحكه وكأنه يقرأ نكتة عاصرت زمانه الخاص ..وفجأة وبشكل غير متوقّع....
تلقّى جحيمه الأوّل ..بعد سماع إطلاق النّار على سيارته وتحطّم الزجاج الخلفي..فتح عيناه على الآخر..واخفض رأسه..شهق بذعر.. عاد في هذهِ الدقيقة لوعيه وأدرك جديّة التهديد...هو دومًا ما يُدرك جدّيتهم إلّا بعد أن يضربوه بضربتهم الأنانية والقاسية..ترجّل من السيارة ..وركض إلى العمود محاولًا حمايةً نفسه....اسند ظهره على العمود القريب من سيّارته..ازدرد ريقه....اغمض عينيه يُريد أن يستوعب جحيمة، يريد أن يُدرك أنّ الماضي لا يموت..فالماضي كحاضره لم يتغيّر منه شيء..يكره صوت إطلاق النّار..تُقشعر من جسده وتوقف نبضه وعقله عن التّفكير..تجعله يتخبّط في صورة صاحبه ودماؤه المنتثرة..تجعله يستمع إجبارًا لصرخات ركان..لتتداخل الأصوات في بعضها البعض ويستمع لصوت رحيل..ورجاء أمل..ونشيق بكاؤه في ظلام الغُرفة..خفق قلبه..هل وصل إلى النّهاية التي حذرّوه منها؟..هل الآن سينتهي..يُصبح فُتاتًا لا يُلملم..يُخنق أبيه في عبرته كما خنقت رحيل عبرات عمّه..هل سيقهر والدته ببعده الأبدي..هل سيُدمع عين فيصل ومحمد..هل ستجن أمل بحبّها له..وتصرخ رحيل بسعادة لفقده؟..هل انتهت قصتّه..ليترك كل شيء وراؤه دون أن يُنهيه بنفسه؟

فتح عيناه ببطء شديد.. صوت إطلاق النّار اشعل الصدّاع في رأسه بشكل سريع ومؤثّر..تلاقت عينيه بتلك العيون السوداء ...وتلك الشفاه المبتسمة..اغمض عينيه مرةً أخرى..شعر وكأنه جّن وفقد عقله..هل الذكرّات لها خاصية في جعل العين ترا ما يفكّر بهِ الإنسان ويتذكرّه..كيف لهُ أن يقف أمامه؟..كيف يبتسم ليودع الآن في قلبه جنون وأُمنيات كادت أن تسرق عقله في تلك السنون الماضية..هل عاد من أجله..هل سمع نحيب ركان وهو يرجوه"تكفى سلمان لا تموت"..هل عاد الآن ليُثير زوبعات الجنون أم هو تعمّق في هلوساته وأمنياته التي تمتلك سحر جنوني في انتشاله من الواقع لتوقعه على فراشات الأحلام الخيالية..تقدم للأمام..ارتعشت كفّي يديه..ارتجفت شفتيه ..واخيرًا توقفّا جفنيه عن الحركة حينما أدرك حقيقة ما يراه..شخصت عيناه حينما رآه واقفًا بشموخ لم يختفي حتّى هذهِ اللّحظة..اقترب قليلًا.
همس اسمه كالمجنون: سلمان!

انتهى









ايوا وصلنا إلى كلمة "انتهى"^^

نزلت البارت اليوم لسبب..منها ما اقدر انزله خلال أيام الاسبوع الجاي
لظروف حياتية ودراسية

ولأني حابة أعطيكم خبر..راح اقطع عنكم فترة لا تقل عن شهر..اذا رجعت قبل شهر خير وبركة واذا ما قدرت اعذروني

اوشكنا على قرب الاختبارات النهائية..وما راح اقدر اعدّل على البارت وانّزل
في الواقع هالفترة مرة مضغوطة حتّى إني ما عدت اكتب..بس صايرة انزل لكم لأنه تعديل البارت وهو جاهز أهون بكثير من كتابة بارت من العدم!

حبيت اوضّح هالشي ونكون على بيّنة ^^

دعواتكم لي

وانتظروني

.
.
بالنسبة لردودكم راح انتظرها وبإذن الله بعد عودتي راح ارد عليها


.
.






ايما حسين likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-20, 04:26 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



Part7




.
.

قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.













.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.


يُبحلق بعينيه ليتمّعن في وجهه، يُريد أن يتأكّد هل هو حقًّا أم آن أوان الجنون؟ "تسمّر" وتخشّب في مكانه ولم يستطع أن يبرحهُ بالتقدم خُطوة واحدة لناحيته، كُل شيء في هذه اللّحظة توّقف ولم يُعد هُناك شيء قابل للتحرّك لدفع جسمه للتقدّم بعد الآن، حقيقةً يخشى على عقله من أن يُصاب بالعلل فكيف لهُ أن يقف أمامه هكذا بكل جبروت وبرود،
هل سلمان مات؟ كيف لهُ أن يعود للدنيا ما بين ليلةٍ وضُحاها، ارتجف شيء بداخله يرفض تقبّل فكرة عودته إلى الحياة من جديد، رفض بداخله هذا الوجود واستنكره كُليًّا، فالأموات لا يعودون حينما يرحلون يأخذون معهم بقايا من أجزاؤنا التي تلفها الوَله والحُزن ليبقى كل مكان من هذه الأجزاء فارغًا ومهووس بتتبّع روائحهم لإستيعادة جزء بسيط لسد الفجوات ولكن بِلا جدوى!
.
.

تمّعن في وجهه وكأنه يُريد أن يقرأ تفاصيل صديق رحل بوجعٍ مثخّن بالآلام الصعبة، صديق طرح عليه فكرة الدّخول في عالم المسابقات للموهبين وأصحاب الفِكر العبقري، مسابقة قد تكون إنطلاقة لحياة مليئة بالسكينة والهدوء ولكن دخلوا في أوسع أبواب الظلام والخوف والضيّاع حينما وطئوا أرضها الشائكة!
.
.

رحل ليبقى صدى صوته في أُذنه يتعذّر نادمًا على سحبه في طريق كان يظنّه مزفلةً بالمصالح التي ستُهمل عليه بالمال الكثير والشُهرة والاسم الذي يلمع في قائمة العُلماء المُلهمين!
.
.
رأى النظرة نفسها بتغيّر بسيط في رسمة العينين التي تُرسل إليه شرارة من ذكريات بَعثته ، رأى رسمة الوجه الحادة دون تغيّر ودون رحمة تبعث إشارات المواقف التي عجّز عن نُسيانها حتى يومنا هذا ، نظر إلى نفسه قبل ثمان سنوات في وجهه، بأس الذكرّيات ، وبأس هذا الوجود الذي أثار في داخله انهيارات لا تتوقّف في إذابة ما تبقى منه..هذا الوقوف جعل الحُطام الذي بداخله يستعيد شكله من جديد..ويتحطّم مرةً أخرى بوجع آخر فقط في خلال دقيقة أو ربما أقل!
.
.

كيف يعود؟ يلتهمهُ بوجود قوي وواثق ونظرات صارمة
كيف؟
والآن وفي ظروف مثل هذه كيف يعود ولماذا؟ولِم؟
كرر
يريد التأكد: سلمان؟
.
.
.
اقترب منه وعلى محياه ابتسامة سخرية وخبث، مشى بِخُطى متزنة لناحيته ألتمس اضطرابه وخوفه وحتى صدمته، هُناك أشعّة تُعني الخوف تُلامس يديه لترجفها بِلا إرادةٍ منه ألتمس هذا من شكله المُتهز، وجهه أخذ يصفر ويبهت في أقل من ثوانٍ عدّة
هل يفكّر الآن أنّ الميّت قد عاد للحياة؟ عاد ليعلك بألسنة نيران ماضيه حاضر صاحبه؟
.
.

: قالوا لي تشبه بشكل كبير بس ما صدّقتهم!

ثم أشار له بيده اليُسرى: وقالوا لي بعد أنّك مهووس فيه!
.
.

سكت ليث، يُريد أن يتخلّص من طنين الذكريّات وصدمت ما حدث له للتو في السيارة ورسالة التهديد، وعودة سلمان للحياة ، أنزعج وأنردع شيء بداخله يُقال له اليأس من الإيمان بوجود صديق آثرهُ على نفسه لسنوات ثم رحل دون توقّع منه، رحل ليترك في حياتهُ بصمة وجع لا تُمحى أبدًا.
.
.

حرّك رأسه وكأنه يُريد عودة تفكيره للوقت الحالي، يريد أن يحتضن ضياع الآمال في حديث هذا الشاب، استيعاب أمر مثل هذا يأتي ببطء شديد ممزوج بذكريات عصيّة على النسيان وتردد وتأمّل من كونها واقع يُلامس الوجدان!
.
.

وضع يديه على خاصرته وكأنه يشد من أزره الذي بدأ يتآكل ببطء
عاد ينظر إليه فهم، من أمامه شبيه لسلمان وليس سلمان ذاته، حقًّا الأموات لا يعودون...يرحلون دون عودة!
.
.
تنهّد بضيق ثم بلل شفتيه
لينطق بسخرية: بعد وش قالوا لك؟

اقترب الآخر وهو يحدّق بكل تركيز في عَينين ليث وبنبرة ثقيلة: هاجموا زوجتك........واستمتعوا معها...و....

لم يجعله يُكمل الحديث، انقضّ عليه ليُمسكه من ياقة بدلته وكأنه على هذه الجُملة استيقظ على الموقف كليًّا بحضور عقلهُ الواعي، هُناك شعور يُقال عليه *الغيرّة* استعمر جزءًا كبيرًا من قلبه ليحوّله إلى إنسان وحشي لن يتردد في إدماء الجميع!

ولكن الآخر ضحك وهو يرفع يديه باستسلام،غمز له بعينه اليُسرى وأنزل طرف جفنه لينظرعلى قلب ليث وكأنه يقول (أصبت الهدف إذًا): هوب هوب.......لا تتحمّس.....

وأشار بذقنه للرجل الذي أتى من خلف ليث وهو يقول: غلطة وحدة ....تنتهي برصاصة في قلبك....انتبه.....حاسب على ردّات فعلك....ما نيب جاي لك ذبّاح!

ليث التفت سريعًا للوراء ونظر للرجل الضخم ببدلتهُ الرسمية ، يرتدي نظارات سوداء ....وقفازات سوداء.....ويحمل بيده حقيبة سوداء.....كل ما يرتديه ويحمله أسود..وبيده الأخرى يحمل سلاحًا موجهًا إليه....دار عينيه كالمغشي عليه وكأنه فهم الكمين، بحلق

و نظر لمن حوله، ولم يجد النّاس ففهم
قاموا بإخلاء المواقف من أجل الإلتقاء به

تحدث الرجل الشبيه لسلمان: مدح لي ستيفن جمال زوجتك بشكل خُرافي.....تحمّست اشوفها...


ليث ضجّ فؤاده بالغيره، لم يعد قادر على الكتم وتمرير الحديث وكأنه يتحدّث عن امرأة أخرى ليست زوجته في الواقع قلبه ضجّ بضجيج رغبة الإندفاع لتحطيم لسانه ووجهه ولكن تمالك نفسه في آخر ثوانٍ من عزمه على الإنقضاض وألتهامه بغضبه شدّ على انفاسه وهو يضغط على قبضة يده اليُسرى،
.
.

والآخر أشار للرجل الضخم ليناوله الحقيبة السوداء اللّامعة، مشى الرجل الضّخم خطوتين
وناوله إيّاها سريعًا، سحبها من يديه ثم فتحها لِيخرج حاسوب محمول متوسط الحجم، مشى بالقرب من سيارتهم السوداء ليضع الحاسوب على مقدمة السيارة
: عاد عليك انت ....تخليني اشوف هالجمال ولا لا؟

ثم فتح الحاسوب وقام بتشغيله ونظر لليث ولعينيه اللّتان بدأتا تستشيط غضبًا بالحُمرة وتُرسل تهديدًا بلمعان الحُقد غمز له ليستفز خلاياه للإنقضاض عليه مجددًا
بات صوت تنفّسه مسموعًا ليدّل على محاولاته في كظم الغيظ!

وتحدث بكره: كم دفعوا لك عشان تدّخل معهم في المنظمة؟

التفت عليه وهو يضغط على (Enter) بأصبعه الوسطى لم يأخذ ثوانٍ حتى فتح الملف المطلوب: خمس ألاف دولار.

ليث مسح على رأسه ثم ضحك بسخرية وهو يتحرّك بتوتر: هههههههههههههه اقنعوك تهّرب في الدول اللي حددوها؟

ابتسم له وهو ينقر نقرتين على أيقونة ستفتح أبواب الجحيم على ليث ثم ابتعد عن الجهاز: اي.......


ليث بانفعال: غبييييييييي.......لو تظن نفسك بيوم أنك ذكي فأنت غلطان.....الحين صرت لهم مثل الأداء الرخيصة......بس يستعملون عقلك ......وياخذون منك الشي الكبير..ويرمونك رمية كلب!

حرّك رأسه: تؤ تؤ تؤ.......دامني ماشي على البروتوكولات .....بعيش بسلام وكان بإمكانك تعيش هالسلام......يا ليث.....

ليث اقترب منه: في أي سنة دراسية؟

ضحك الرجل: ههههههههههههه متخرّج يا بوي.

ليث يكرر: في أي سنة دراسية التقوا فيك...؟

الرجل عاد للجهاز: مالك شغل..

ليث بنفس متسارع: كم علاج صنّعته بأدواتّك الرخيصة؟ هااااااااااا!

الرجل قبل أن يلّف عليه الجهاز وبحركة بطيئة ومُثيرة للشك: حوالي خمس بنفس كفاءة الأدوية المرخّصة من قِبل هيئة الغذاء والدواء...

ليث ضحك بسخرية: ههههههههههههههههههههههههه بصير عبد لهم.... .....متى ما انتهوا منك تخلّصوا منك ورموك في الزبايل يا الرخيص..

لم يهتم لحديثه وثبّت أمامه الشاشة وقام بتشغيل الفيديو:
عارف ودّك تعرف وش صار لزوجتك......من ثمان سنين......وحبينا نقولك شنو صار بالضبط بفيديو مرئي بدون زيادة ولا نُقصان.....


خفق قلب ليث نظر لعَيْنين الرّجل وكأنه يُحدث مُفارقة بينه وبين سلمان، سلمان لم تكن عينيه تجحدان خُبث مثله ، كانت نظرات سلمان نظرة رحمه ومحبّة، ثقب عينين الرّجل ثم انزلها عنه وألتقت نظراته على الشاشة، سكن في مكانه، جمدّت أحاسيسه، ضاق عليه الكون وضاقت روحه على جسدّه الذي أخذ يضعف بتسلل رجفة الضمّير ورجفة مشاعر الغيرة التي استنزفتهُ اليوم بطريقة مُميتة ولم يظن يومًا سيعيشها ، ابتلع ريقه حينما نظر لثلاثة رجال ملثّمين يقتحمون الشقة، يتحركون بحذر وخطوات سريعة ينتهزون الفرص في هدوء شقّته كما أنهم مسلّحين في آن واحد
.
.

نبض قلبه على صرخة رحيل، وكأنّه بدأ يدخل في قوقعة الماضي والعودة للوراء بساعة زمن الفيديو الذي حاصرهُ بتذكّر أنانيّته بموقفه الأخير معها، بصرخته وثقل الجدال الذي حدث قبل كل هذا بساعات قليلة ،
هل حقًّا كانت ساعات قليلة؟
لا يدري، سحب هواء لرئتيه وعجز من أن يخرجه ويطلق زفير راحته به!
ضاق نفسه وعاد يتهجّأ بلسانه الثقّل كل الأحداث التي مرّت أمام عينيه بسرابها الخفي الذي أخذ عقله وقلبه وحياته كُلّها.
.
.
اغمض عينيه
.
.
عاد على مسامع أُذنيه صوت بو سلمان
وهو يحذّره قائلًا: مالك ما فر..رفضك هذا ما راح يثنيهم عن اللي بسوّونه فيك!

يذكر وقتها انهار صارخًا لم يستوعب حقيقتهم وإصرارهم في خنعه في أمور مُعقّدة كهذه: بسلامتهم..اتركهم يسوون اللي يبون..

هزّ رأسه ابا سلمان يكرر: بيهدمون حياتك دامك رافض تسوي لهم التجربة الأخيرة.......وتموّل لهم الأدوية في..
قاطعه وهو يخرج: مااااااااااااا راححححح أسوي شي من اللي تبونه..وانا خلاص بنسحب من هالمسابقة!
.
.
فتح عينيه ببطء شديد
.
.

رفض ولم يُعطي الأمر أهميّة بالغة ، لم يهتم لا للتهديد...ولا للحديث الخشن، وترجموا حديثهم، فيما يراه الآن.......صرخات رحيل تتكرر في المقطع لِتُثير غرائزه الفطرية من الغيرة، فهو رجل لديه من الغيرة ما تُكفيه ليضج بجنونه ليس هُناك رجل طبيعي وسوي يرى هذا المنظر في اهل بيته دون ان يُحرّك به شيئًا من الغيره والقهر والغضب.....
.
.
ومنظرها وهي تركض هُنا وهنُاك..باحثةً عن مخرج يؤدي بها إلى نور الطريق ويستخرجها من زلل وإنحراف الرغبّات التي تجري وراؤها دون كلل.....أثقل اطرافه...وأخفق قلبه..وأجحض عَينيه في وقتٍ واحد!
.
.
رأى شخص واحد يُلاحقها..يُرهب قلبها...يصرخ مهددًا إيًّاها بالتّوقف وإلّا لن تجري الأمور على خير..ثم بحلّق بعينيه ..للآخر وهو يحاول تضييق طُرق الهروب عليها بغلق النّوافذ..الباب الخلفي..وحتّى النوافذ!
.
.
كانت رحيل أشبه بالغزالة الضائعة في غابات الأمازون التي لم تألفها والتي أحاطتها حيواناتها الدموية المخيفة دون رحمه!... كانت تركض وتتبعها أفعى جرسية خانقة تُريد أن تعتصّر جسدها وهي تهز الجرس المعلّق في أسفل ذيلها معلنّة عن انتصارها وعن ضياع فرصة رحيل من الهروب..وكان يُراقبها الجاكور..بعضلاته وأطرافه المكتنزة ليُضيّق عليها سُبل الهروب..لم تُدرك وجود الكايمن الأسود الذي يحدّق بها ببطء ويوثّق لحظات افتراسها بهدوء!
مسح على ذقنه، يحاول أن يصمّد أمام انهيارات رحيل، وأمام هذا الفّخ اللّعين الذي أخذ من عمرها ثمان سنوات!
.
.
تنهّد بـ (آه) خرجت لِتُعلن عن ضعفه أمام عدوّه، أصابوا قلبه، وقطّعوا أنياطه ببطء شديد لينزف بعدها بكثافة الألم
اجبر نفسه على التحديق
لينظر لركض رحيل ودخولها إلى المطبخ بشكل مفاجأ وغير متوقّع......وهذا....يُعني دخولها للمطبخ سبب دخولها للسجن!
.
.

تحدث الرجل: زوجتك بطلة....قدرت على ستيفن شوف..شوف..

استوعب وقوف الرّجل عن يساره

هل ينظر للفيديو معه الآن، كم رجل شاهد الفيديو وشاهد زوجته؟ هااا.......احتقن وجهه بالغضب....وزاد ضيق تنفّسه شيئًا فشيئًا ......ودّ لو يصرخ في وجهه العالم أنه مخدوع .....وإنه ظالم في حق رحيل .....وإنه نادم على تجاهل تهديداتهم اللئيمة.....رآها تركض...ورآى الآخر يشد على طرف شعرها الطويل ليسقطها أرَضًا...وليسقطها في قاع الثمان الأربعين من العُمر!...رآه كيف يحاول عبثًا...في التمكّن منها ...صراخها فجّر بداخله ينابيع المواقف، والذكريّات، هذه الصّرخات سحبتهُ في جانب آخر من الحياة، في جانب ضياع دينه مؤقتًا في جانب فُسقه وعصيانه وتعدّيه على حقوق أمل ..تذكّر كُل الأشياء السيئة....صرخة رحيل كانت تمتزّج بصرخة أمل....كانت تحفّر في قلبه شيئًا من القهر....حرّكة رجليها العابثة في تحرير نفسها...تُشابه حركت رجلَي أمل وهي تصفعه على وجهه محاولةً في تحرير نفسها منه.....ما حدث لأمل حدث لرحيل ولكن بطريقة أخرى وبسيناريو بشع أرهق خلاياه وأضعف نظره من اكمال تسلسلهُ والتركيز على مؤثرّاته الصوتية ...
.
.

تصرخ تكرر اسمه من مكان بعيد، هو قريب....فالحاسوب قريب منه....ولكن بات صوتها بعيدًا، كانت تريد أن ينتشلها من يدي الظالم العابث، ولكن أين "هو" في ذلك الوقت أين؟

بحلّق في الشاشة، ينظر لستيفن وهو يحاول تثبيت وتطبيق زوجته ما بين يديه ......تلك اللّحظة التي أفقدت أمل عقلها فيها ...تلك اللحظة التي خان فيها رفيق دربه دون أن يعي هذا الجزء الكبير والمهم.....تداخلت الأصوات ليرتفع ضجيج وترددات وحشية اثقلت سمعه وابطأت تنفّسه......مع ضحك الرجل الآخر .....وهمهمات صاحبه في تشجيع ستيفن لإنهاء الأمر......وفي رجاء أنثوي مخيف
"موّتني ارحم لي"
.
.

المشهد والموقف استنفزوا صبره، وأيقظوا بداخله ألف حكاية وقصّة ، رأى كيف ستيفن يُكمكم فمها ويقترب من وجهها .....رأى سواد حياته على صورة ستيفن....رأى ضميره على هيأة طفل قصفوا بيته وأهدموا على رأسه منزله الجميل....وأيتموه في سنٍ لا يقبل التفكير في فقد الأهل!.....لا يريد أن يرى المزيد.....تفجّرت ينابيع النيران وتشبعّت منه لم يعد قادرًا على ان يقف صامدًا وينظر لكل ما يحدث ليعبث بذاكرته بالشيء الكثير .....سحب الحاسوب بشكل مفاجأ ورماه على الأرض لينكسر وتنطفأ شاشته اللئيمة لتنكتم صرخات رحيل
.
.

بينما هو صرخ بصوت مخنوق من الدّاخل لا يسعه الخروج من احباله الصوتية على نوتاته التي اخرستها الظروف وألجمتها المكابرة والصمود في بعض الحين
: الله ياخذكم......الله يا خذكم...

كان سيتدخل الرجل الضخم ولكن الرجل رفع يده ليمنعه
فضحك ليستفز ليث: هههههههههههههههههههه عاد ضيّعت على نفسك احلى لقطة.......زوجتك بيّنت شجاعتها....وهنا اطعنت ستيفن......واحفظت نفسها من شرّه!
.
.

ليث انحنى قليلًا وهو يضرب قلبه، وكأنه يريد تأديب أمرًا يخالجه في هذه الأثناء، ولكن اليوم ...اشتدّت عليه الحقائق لتعبث في عقله وتشتت ذهنه....اليوم رحيل اشعلت فتيل غيره بداخله....وهؤلاء اشعلوا فتيل....القهر عليها ليصبح كارهًا للنظر لهذه الحياة، اعتدل بوقفته ثم صرخ
: اااااااااااااااسككككككككك كككت اسككككككككككككت.....
.
.
ثم اقترب من الرجل والحارس اقترب من ليث
تحدّث: بخلونك تصنّع لهم أدوية وبكميات كبيرة....وبطالبونك تموّلها وين ما يبون واذا رفضت ..بسسون في أهلك مثل مممممممممممممما سوو في زوجتتتتي......

ثم سكت ، اخذ يتنفّس بعمق، يُريد إطفاء نار أوقدوها في وتينه من سنين طويلة!

الرجل نظر لليث بثبات: دخّلت في الأماكن اللي يبون على قولتك ....أدويّة تخسيس.....وبطريقة سليمة!
ثم غمز له

ليث لم يتحمّل ، اثقلوه ولم تعد له القدرة على تقبّل هذا الثّقل الذي يجثو على رقبته ليعتصر عرق الحياة منه ويوقف تنفّسه ثم يعدمه ببطء شديد اقترب منه ثم شدّه من ياقة بذلته وأتى الرجل الضخم لناحيته مدافعًا عنه ولكن الرجل أشار له ان يبتعد

فقال ليث بكره: بتموّت ناس مالها ذنب بسبب عقليّتك الأنانية وحبك الشديد للفلوس.....

الرجل ببرود: اذا الله كاتب لهم يموتون راح يموتون بهالأدوية ولا بدونها....

ليث بصق في وجهه ودفعه عنه، ليدور حول نفسه الضائعة بين جُنبات الفيديو ، صوتها يتردد في مسامعه يتردد بشكل قاسي ولئيم: واضح سوو لك غسيل مخ....يا الـ####...

الرجل مسح على وجهه وابتعد ليُرتّب ياقة بذلته وكأن شيئًا لم يكن له ثم قال: المهم انا جيت اقولك.....اللورد....يبيك .....تموّ....

قاطعه : ما راح اهرّب....ولا راح ارجع لهم.....

الرجل رفع يديه باستلام: اجل لا تلومهم على اللي بسوونه لك.....
ثم غمز له: واضح تبيني اشوف جمال...رحـ....
.
.
ليث لم يعد ليث اصبح وحشيًا

انقّض عليه ليُلكمه على وجهه بضربتين متتاليتين....وأتى الرجل الضخم ليضرب ليث بطرف المسدس على ذقنه ..ويبعده مسافات طويلة عن الرجل الذي امروه بحمايته ....حتى جرح طرف شفتّه السفلية ...وجعله يترنّح إلى أن وقع على الأرض....كاد يهجم عليه بطريقة هجومية عظمى
.
.
ولكن صرخ الرجل ليوقفه فهم لم يعطوه أمر مهاجمته ولا حتى قتله لا يريد أن يُجلب على رأسه المصائب!

ثم بصق دم من فمه وهو ينظر لليث: فكّر باللي قلته....اللهم بلغت اللهم فاشهد!

ثم نظر للرجل الضخم ليُعطيه إشارة الإنسحاب ليذهبا من المكان تاركين ليث، يجثو على ركبتيه .....ويمسح على رأسه بغضب شديد

صرخ وضجّ صدى صرخته في المكان لينّم عن مشاعره التي تكتّلت على فؤاده مُنذ اتصال محمد عليه وحتى آخر حدث له اليوم
انحنى للأمام واتكأ على كفّي يديه بلل شفته السفلية وتذوّق طعم الدم ثم بصقه....اخذ يتنفّس بعمق ....ويزفر لهيب الغيرة على زوجته.....والغضب عليها والخوف من نفسه من أن يفترسها دون وجه حق..لا يحق لذلك الرجل ان يُشاهد زوجته ......إن شاهدها هو.....ايضًا البقيّة شاهدوها....صرخ من جديد...الجميع يضغط عليه وكأنهم يريدون تذكيره بأوجاع قلبه ...زوجته لا يحق لهم ان يروها وهي في هذا الحال...بملابس ممزّقة.....تحاول التملّص من يدي ستيفن....تناديه بصوت عالٍ تستنجد به....صرخ بجنون......وهو يتذكّر قُرب ستيفن لها....ومحاولة تقبيله لها...لم يتحمّل الأمر وضرب بكفّه اليُمنى على الأرض موبخًا نفسه على ذهابه في ذلك اليوم للجامعة ليته بقيّ.....ولم يذهب ليت!
.
.
بكى بلا صوت ، بلا دموع، بكى قهرًا،
بكى بكاءًا يُكفكف بهِ شناعة بكاء طفلٍ صغير يُداعب دموعه تحت مظلّتهُ الشمسية في شتاء قارص ومؤلم، بكى بعَينين جاحظتين تُحدّث العالم وتُثرثر دون أن يعي العالم معانِ هذه الفضفضة، لا أحد سيستطيع فهم وجعه في هذه اللحظة سوى نفسه، وإن حاولوا فهمه....سيغرقون في ظُلمة عواصفه التي تسحبهم يمنةً ويسرى في صدى أوجاعه لتصدّع جوانبهم المُنيرة وتُطفئها بهدوء بكاؤه!
.
.

هدأت عواصفة بعد مرور ثلاث دقائق تقريبًا!
ثم نهض....وهو يترنّح متجهًا لناحية سيارته ....فتح الباب ودخل......ورمى نفسه على المقعد خلف المقوّد...تنفّس بعمق واغمض عينيه......ثم فتحهما ببطء .....وقاد سيارته بسرعة جنونية قد تؤدي به للهلاك!
.
.
.
.
اليوم السادس من شعورها بالخوف وعدم الرّد على اتصالاته اليوم خفّ أثر الذّنب الذي أيقظ في فؤادها رجفة خوف ممّا قد يحدث ولكن لم تنسى دخول ريّان عليها متعجبًا منها ومن الأثر الذي ظهر على خدّها ككدمة ليئمة التهمت نعومة بشرتها بعنف
تذكّرت الموقف بينها وبينه الذي حدث قبل ثلاثة أيام بعد عودته مباشرة هو وفهد من الريّاض، الجميع اقتنع بكذبتها في سقطوها في المطبخ في بيت الجدّه واصطدام خدها بشكل مفاجأ على الأرض ليظهر هذا الأثر الذي يذكّرها بحُب وعشقٍ اخافا قلبها واوقعاها في الذّنب، اصبح الأثر أثم تتجرّع لوعتهُ في اليقظة وفي الحلم!
.
.
طرق الباب ودخل تذكر كان في نظرته شك....تشعر انّه بدأ يفرّق بين الضربّة وبين .....حرّكت رأسها لا تريد أن تُعطي عناوين لهذا الأثر، ولكن ريّان لم يكن وجهه يدعي للخير، ربما حادثة مزون جعلته يُبدي بشكوكه نظرات تلتهمها، أو ربما هو ذكي لدرجة مخيفة لتجعله يعي هذا الأثر..أو لا تريد أن تضع احتمالات لنظراته المُخيفة
.
.

جلس على طرف سريرها يتحدّث: كلّمتك مزون؟

وصايف تفرّك بيديها متوترة من تواجده في غرفتها: لا....
ريّان بنبرة ذات مغزى عظيم: تدرين ليش خالي راشد كسّر يدها؟
وصايف هزّت رأسها بلا لأنها حقًّا لا تعلم وقتها بحادثة مزون
فقال ريّان بنبرة خالج قلبها المذعور خوفًا: لأنها غلطت......وسوت شي عيب.......
وبنبرة جادة: اذا كلمتيها نصحيها ما بينك وبين عمرها فرق كبير....يمكن تسمع لك وتعقل.....وحذاري هي تجرّك في طريقها انتبهي!

وصايف ، تفحّصت نبرته ...نظرت لعينيه وتركيزهما المنصب على خدّها، هل حقًّا استطاع التفريق انها ليست كما ادّعت ؟....هل الآن يهددها بطريقة غير مُباشرة تُودع في قلبها الأذى والقلق؟

خفق قلبها ثم انهى حديثه: مرة ثانية انتبهي وانتي تمشين ......تمام....
ثم نهض وخرج من الغرفة
.
.
.
ارتجفت على هذه الذكرة حقّا مكان الضربة ليس مقنعًا من سقوطها على وجهها، ولكن مشَت هذه الكذبة على والدها ووالدتها ومن المؤكد فهد لم يهتم ....فهو الآخر لا يهتم إلّا بـنفسه، ولكن ريّان يحشّر أنفه في كل الأمور، امورها وأمر رحيل تلك الاخت التي اطالت غربتها ، وأطالت شوق والدتها، تنهّدت بضيق سيطر على كيانها ، سمعت رنين هاتفها ونظرت لرسائل نواف الجديدة
"تكفين ردي علي"
"آسف وصايف اوعدك ما اكررها"
"متخيلة صار لك ستة ايام متجاهلتني"
"خلاص عاد لا تخليني اكره نفسي "
"والله ادري اني تهوّرت واللي سويته غلط بس تكفين لا تحقريني كذا"
"عمي شّك يعني فيك؟....احد شك؟"
.
.
ابعدت الهاتف عنها ثم نظرت لخدها الذي بهت الأثر منه قليلًا ، تنفّست بعمق.....دارت حول نفسها واحتضنتها لتُداريها من عُقبات محتمل حدوثها لو علم الجميع بعلاقتها الخفيّة المحرمّة...
ثم سمعت رنين الهاتف سحبته لتضعه على الصامت
ولكن استوقفها الاسم (مزون يتصل بك)

اجابت: مسوية فيها زعلانة ولا تردّين علي؟
.
.


مزون خرجت من المستشفى بالأمس، والآن بقيت في الغرفة في الدور السفلي بدلًا من غرفتها العلوية، للتو تناولت الغداء مع والدها ونهضت دخلت الى الغرفة بدّلت ملابسها بصعوبة رغم انها تستخدم يدها اليُمنى التي اعتادت على فعل أمور كثيرة بها قبل الحادثة فهي اليد التي تعتمد بها في فعل كل شيء ولكن عقلها الى الآن لم يستوعب امر الإتكال على يد واحدة في الإستخدام فقط في أمور عديدة منها ارتداء الملابس..تنهدّت بضيق من صعوبة حالها الجديد.....ثم قررت بالاتصال على وصايف......تشعر انّها عاقبتها على عدم الاهتمام بها بما فيه الكفاية ...وفي الواقع اشتاقت لها
تحدثت مندفعة: لي حق ولا لا؟

وصايف بتنهد: لك الحق......لكن عرفت عن موضوعك في وقت غلط.....والله..
مزون بسخرية: بالله؟!

وصايف نهضت اقفلت باب الغرفة ثم قالت: انتي ما تدرين وش صار لي؟

مزون بنبرة جدية: وانتي بعد ما تدرين.....وش ما صار لي!!

وصايف بانفعال: كيف بعرف وانتي ما تردّين على اتصالاتي اصلًا....

مزون سكتت ثم قالت: قولي لي وش صاير؟

وصايف بجدية: تركيني انا وقولي لي.....انتي اخبارك؟.....وليش كسر خالي يدك......
ارفعت نبرة صوتها: مو داخل عقلي كسر يدك عشانك كسرتي كلامه مثل ما قالت لي أمي....وهربتي مدري شنو!

مزون مسحت على جبينها بتوتر: صديقتي الحيوانة قالت لي طلعي معي نفطر....وهربنا من المدرسة.....طبيعي....بس اللي مو طبيعي.....انها خدعتني وهالهروب....عشان اساعدها تطلع مع خويها!

وصايف شهقت ووضعت يدها على فمها: هأأأأ.... مو من جدّك؟

مزون: والله انهبلت وسفّلت فيها لين قلت بس....

وصايف: طيب لم عرفتي ليش ما رجعتي؟

مزون بصدق: لأني خفت على زفتت الطين......اصلًا واضح الكلب اللي تحبّه مسعور ويبي بس فرصة عشان يغتنمها...

وصايف بتفهم: وجلستي تراقبين وضعهم ....بالمقابل حصّلتي كسر مضاعف في يدك....وهي طلعت من السالفة سليمة!


مزون تنهدّت ثم سكتت
حقيقةً هذا ما حدث لها والأخرى حينما علمت بما حدث لمزون اتصلت عليها لتعتذر ولكن مزون قطعت علاقتها معها مؤكدّة لها انها لا تريد هذه الصداقة التي خُدعت بها ولا تشرّفها على حد قولها!

فقالت وصايف: خالي عرف بهالامر...
مزون ضحكت: ههههههههههه كان ما سمعتي صوتي بس اخوك فهد عرف...
وصايف فتحت عيناها على الآخر: كيف عرف؟

مزون سكتت، وكأنها علقَت بذاكرتها على الموقف الذي دفعها للقول والإعتراف!

وانفعلت وصايف لتتمشى في غرفتها بانفعال: لا لا قوووووووولين .....اعرفك....ام لسانين ........تعاندين......وتلاسنينه...� �انسيت قبل شهرين لم زرناكم وشمّك ريحة دخان وسألك وبكل وقاحة قلتي له ادخّن وانتي اصلا ما تدخنين.....بس تبين تستفزّينه!


مزون سحبت نفس عميق: اخوك مستفز....اصلًا....دايم يفوّر لي دمي...

وصايف: بس تراه يخوّف...هو ما يعاقب لحظتها....عشان يضرب بدل الصاع صاعين......مو نفس ريّان.....

مزون ارتفع صوتها بغضب: طييييييب شسوي فيه هو دايم يحشّر نفسه فيني....ويستفزني....قلت له.......وقال بقول لأبوي بس اشوا ما تهوّر ورجع لكم وفكني من شرّه.....

وصايف تنهدّت بضيق ، على حال ابنت خالها : طيب والحين خالي كيفه معك؟
مزون مسحت على شعرها: زي الزفت والله......مو طايق يشوفني.....وحتى لجا يساعدني .....مو مرا......فوق ما هو كاسر يدي جالس يعاقبني بنفوره مني.....ومخليني اتحمّل مسؤولية يدي المكسورة بروحي.....وانا تعبت مو كل شي قادرة اسويه بيد وحده!

شعرت بالأسى عليها واخذ شيء بداخلها يرتجف خوفًا من عقوبة ستأتي على رأسها لو عرفوا اهلها عن موضوع حبها المزعوم، تنهدّت بضيق: عمري انتي....تحملي....شسوين بعد...تراك مرا غلطانه....وزين منه كسر يدك ولا كسر راسك.....

مزون نظرت إلى يدها المجبّرة: والله ما قلت شي....بس شي يحز بالخاطر اعيش بوسط مكروهه فيه..وبيني وبينك ما نيب متعودة على زعل ابوي!

وصايف: عشان تستوعبين جنانك ولا تعيدينه مرة ثانية...

سكتت مزون ثم قالت : طيب قولي لي انتي وش فيك...وش الشي اللي شغلك عني....

وصايف تحدثت بلا حواجز: نواف

قاطعتها وهي تتأفف: ما تركتي حُب هالمبزرة انتي؟.....مجنونة؟...مستمرة؟

وصايف ارتجفت يديها : مستمرة وعلاقتنا متطورة....

مزون بحلقت في اركان الغرفة وهي تردف بسخرية: حلو حلو.....ها لوين وصلتوا؟....صعدتوا فوق النجوم؟!


فهمت مغزاها واخذت تعض على شفتيها : مع الاسف...

مزون بشهقة: وش سويتوا يا المجانين؟

وصايف انهارت باكية هُنا : مو انا ....هو....

مزون بصرخة نست نفسها: وصايفوه تكلممممممممممممممي معي بصراحة لا تخليني اجن عليك.......وش صار يا الخبلة؟

وصايف مسحت دموعها واستنشقت هواء لرئتيها لتهدأ عواصفها: باسني على خدّي...و
مزون عقلها وقف هنا: و؟
وصايف بحرج وخوف عظيم: خدّي فاضحني!
و بانفعال: فهميها عاد؟

مزون صرخت من جديد وابعدت وصايف الجوال عن اذنها
: ايا الـ##........الحيوان ......مجنونة انتي كيف سمحتي له.....وصايفوه.......يا هبلة كيف سمحتي له.....تعالي تعالي......فهميني شلوووووووووووون؟

وصايف بتبرير: ما سمحت له بس هو ما عطاني فرصة استوعب.....

مزون بانفعال: اتركي هالغبي عنك...والله انه بجيب العيد فيك.....غير كذا.....حرام اللي تسوونه ....واذا اليوم تجرّا يبوسك...والله بكرا راح.....يسوي ألعن من كذا فيك......وبدال ما يبكيك دموع مثل الحين ببكيك دم وندم....

وصايف بلعت ريقها: صار لي ستة ايام ما كلمته......

مزون بنبرة مرتفعة: ولا تكلمينه يا غبية......شوفي سمعيني زين.....انا غلطت وغلطي يعتبر بسيط...مو بسيط هو ....بس ولا شي قدام اللي تسوينه انتي وهالدلخ نوافوه....وشوفي خالك وش سوا فيني كسر يدي......عاد عايلة السّامي ما راح يكسرون يدك....راح يمسحون دمّك من على البلاط قبل لا يبرد فاهمة!؟

وصايف بكت...

مزون بتوبيخ: اي ابكي ابكي......الوضع ما يمزح....والله بس تنكشفون.....بنصلي عليك صلاة الجنازة.......يا غبية....كيف تصدقين حبه اصلا؟ها....

وصايف بنبرة باكية: والله احبه.....

مزون بمزاج عكر: حبّتك القرادة انتي وهو......اتركي عنك شغل المراهقات الماصخات.....وركزي على نفسك.....احفظي دمّك ولا ترخصينه بسوالف حب وعشق.....لا ينهدر على الارض عشان يغسل العار.....اللي ماحد يبيه!

وصايف بانفعال بالبكاء: لا تخوفيني......

مزون تزيد من العيار: ما اخوفك هذا الواقع....وبعدين الحيوان الزفت لو يخاف الله...ما سوا فعلته.......مجنون هذا....ما يحسب احساب لأحد....

وصايف بخوف: حاسني قلبي ريّان شاك في وضعي......

مزون : وانتي يا غبية لا تثبتين شكوكه ابعدي عن الشر وغني له.....اظن كلامي واضح....
وصايف مسحت دموعها: طيب....

مزون زفرت: الحين انقلعي....خليني امشط كشتي وبتصل عليك بالليل واذا دق عليك الحمار لا تردين.....

وصايف: طيب...انقلعي...
.
.

ثم اغلقت الهاتف وبقيت مزون تكرر: غبية والله غبية.....
.
.
ثم نظرت لوجهها الشاحب ، والى البثور التي خرجت لتتبعثر على جبينها وعلى وجنتيها بسبب سوء حالتها النفسية ، سحبت المشط تحاول ان تمّشط شعرها بيدها اليمنى ، واخذت تتذكر الامر ، تحمد الله انها لم تخضع في حُب سقيم قد يُجلب لها الشبهات ثم ضحكت هنا ، هي تُجلب الشبهات لنفسها دون حب بل بعنادها وخروجها عن الخطوط الحمراء، تذكّرت حديث وصايف وكيف ريّان يشك بها، تنهدت ودعت ربها ان يلطف بحالها وتبتعد الانظار عنها، حقًّا خشيت من فهد ان يلتفت في شكوكه ناحيتها تقسم لو شّك لن يدع عظمًا سليمًا فيها ،ارتعد قلبها
وتذكرت موقفها معه حينما خرج والدها ليرتاح ، لم تمكث عشر دقائق في الغرفة حتى به دخل
عليها وصرخت في وجهه وهي تحاول ان تغطي شعرها بالحجاب: وين داخل انت بلا احم ولا دستور؟

في رأسه مئة سؤال وسؤال يريد ان يأخذ اجوبتهم منها سريعًا: بسألك كم سؤال وبطلع....
مزون بنبرة حاده: وانا اقول اطلع من الحين لأني ما عندي لك أي جواب
فهد نظر إلى وجهها الذابل: لا بتجاوبيني غصبن عليك.....
ارتفع صوتها وهي تتحدث: مو جبورة يا روووووووووح ابوك انت....اطلع برا....ولا تنسى الحدود اللي بينا...
فهد بنبرة لاذعة: ليتك فاكرة هالحدود يا ام حدود لم هربتي .....مع خويّك....
مزون بدفاع: ما عندي خوي .....ولا تقذفني لا تخليني اقول لأبوي ......أنك تدخل لي بعد ما يمشي....
فهد اقترب منها: اذا انتي قدها قولي له.....وشوفي كيف يرجع عليك الوضع بشكل ضربة راس.....
وفهد ابتسم بسخرية: واظن ما تبين تنضربين ....ضربتين على الراس توجّع.....
مزون سحبت نفس عميق ونظرت له: شتبي انت؟.....ياخي ليتك محترم مثل اخوك ريّان كاف شره وخيره عني.....
فهد اشار لنفسه وبحده: انا فهد مو ريّان.....وكل واحد يعبّر عن غضبه وجنونه من اللي سوتيه بطريقته......
مزون : مفتخر بشخصيّتك الوقحة يعني؟...ليتك ربع من شخصيته.......بس....

فهد اثارت غضبه ثم طرح سؤاله بعد أن تذكر حديثها السابق: ليش هربتي؟.......ومنو خوي صديقتك؟

مزون اشارت لها بيدها وكأنه تخبره (انت مجنون): انفصام وزهايمر ما تجي والله........
فهد بحده: جاووووووبيني....
مزون صرخت بنفس حدّته: ما نيب مجبورة اجاوبك....ولا تتتتتتتترفع صوتك علي....

.







فهد بتهديد: بتقولين غصبن عنك....منو خويي صديقتك.....
مزون شعرت بوجع يدها هنا : ماعرفه.....وبعدين وش تبي منه؟....سالفة وانقضت...وانا خذت جزاتي....انت وش حارق رزقك.....ليش حاشر نفسك فيني....ياخي انقلع......اطلع برا.....

فهد : هالمرة بسكت.....غلطة ثانية قسم بالله...بنّدمك عليها.....وتذكري كلامي زين....

مزون : منو انت عشان تهددني....وكيف بتندّمني يا ولد السّامي هااا...انقلع عني انقلع....عندي أبوي يندّمني مثل ما يبي...ويعاقبني مثل ما يبي.....انت مالك شغل فيني....فاههههههم....
فهد هز رأسه: بشوفيني قدّامك عند اي غلط ....وبعلّمك ولد السّامي وش بسوي.......وتذكّري زين اسوي كذا لأنه عرضك وشرفك عرضي وشرفي...وسمعتك من سمعتي يا فااااهمة!

مزون بنبرة سخرية: مالك دخل فيني وكل واحد يشيل عيبه ......وطلعوا مراجلكم على انفسكم يا عيال السّامي...اوك....والحين برا.....

ودّ لو يخقنها بيده ، ويصفقها على وجهها ليجعلها تعي فعلتها وخطئها ولكن تعوذ من الشيطان وانسحب قبل ان يجن عليها، حقيقةً يخشى على خاله من افعالها وعلى والدته ويريد ان يوقف هذا الجنون قبل أن يُخرج اهلها من جنونهم لينقضّوا عليها بلا رحمة!
.
.
بينما هي في الواقع اخافها حديثه، تشعر فهد في رأسه موّال ، ولا تريد أن تُصيب في معناه، ولكن ستحاول ان تخفف من حدّت افعالها وجنون افكارها ورغباتها في هذه الايام القادمة من اجل ان تظفر برضا والدها وليس برضا ذلك المزعوم فهد!
.
.
.
اتصل عليه حائر هل يرد ويجيبه ويخبره انّ الوقت غير مُناسب في الخوض في الحديث عن هذا الأمر أو يخبره أن يمهله ايام اخرى ، لم يُجيبه نهض وخرج من الغرفة يشعر بالحرج، ويشعر انّ الأمر بدأ يضغط عليه، كمّا انّ الظروف غير مُتاحة الآن ليدخل من جديد في نقاش مع والده
خرج و ذهب لغرفة اخته ليطمئن عليها
طرق الباب ثم دعته بالدخول
ابتسم لها: اخبارك اليوم؟
دانة تشعر انها اصبحت بخير رغم الضجيج الذي يعود إليها في الليل: بخير لا تحاتيني....
صارم : اليوم بنت عمّك رحيل راح تطلع من السجن...

شعرت بالأسى على رحيل لفترة ليست هيّنة شعور ان تُسجن مظلومًا وتُهدر من عمرك سنوات وانت تنظر لها بعجز شيء يُقهر القلب والعقل
تمتمت: الحمد لله اللي ربي بلّغنا هاليوم......مسكينة ثمان سنوات ضاعت من عمرها....
صارم بهدوء: الله يعوّضها .......
دانة : آمين..
ثم اطرقت: شصار على موضوع عهود...

صارم : ابوي ما هوب معطيني لا اشارة رضا ولا اشارة رفض....

دانة بجدية: حاول تقنعه ......لا يوقّف رزق عهود على احلام واماني مو أكيدة......صدق هي صغيرة.....بس ذياب ولد خالتي ما ينتعوّض.....

صارم تنهد: بكلمه وبحاول فيه حاليا ماقدر اكلمه الاوضاع معتفسه الله لا يعفسنا.....وذياب الله يهديه مستعجل يتصل علي ويحرجني....مادري شقول له....

دانة : الله يكتب اللي فيه الخير......عهود تستاهل كل خير...

فجأة دخلت عهود وهي تقول: وش فيها عهود؟

صارم التفت عليها وهو يقول: قولي وش ما فيها؟

دانة: هههههههههههههه.......
عهود بوّزت بفمها: الله .....وش فيني......واضح شكلكم تحشون فيني....بس....عادي ما عندي مشكلة محتاجة حسنات مجانية..حشوا لين تتعبون!
ثم اردفت: المهم نزلوا.....سويت كيكة.....

صارم نهض : اجل صارم تحت يطفح فيها.....
ضحكت عهود: هههههههههههههه لا والله اخوك هالليّام ضارب عن الاكل ما دري شفيه.......

دانة نهضت: يمكن عشان الاختبارات قرّبت.....وهو ثالث ثانوي...وبدا يحاتي...

صارم : والله ما ظنتي شوفي وش مسوي من مصيبة وخايف نكشفه....
عهود ضحكت: هههههههههه مو لهدرجة عاد....
دانة اغلقت باب غرفتها حينما خرجوا: سويتي شاي؟
عهود : اي يلا نزلوا عاد...مليت وانا انتظر...ترا....
صارم : سوي لي قهوة انا ماحب الشاي...
عهود وهي تقفز على عتبات الدرج: طيب...
.
.
في غرفة نواف، يجول في الغرفة ذهابًا وإيابًّا، اخذ عقله الطائش يفكّر هل بدأت تكرهه بسبب فعلته التي نتجت عن رغبة حالمية بالحصول على موقف رومنسي كهذا!، موقف لم يحسب عواقبه ولم يتخيّله يومًا يحدث في ارض الواقع، ولكن حينما رآها هُناك شيء بداخله دفعه لجنون الإتيان بهذا الذنب الذي ابعد صوت وصايف عن مسامعه كعقوبة يستحقها على مدار الستة أيّام ، تنهّد ...وبدأ يضيق من فعلته ......مسح على رأسه ......ونظر لأرجاء الغرفة .....وهو فاقدٌ لعقله...ما ذنب قلب عاشق مندفع للهاوية؟ وما ذنب عقل يُحارب النوايّا بصرامة العواقب التي قد تكون سببًا في فصل تيارات هذا الحُب؟ كيف لكيانه الصغير يحقق مطالب حُب عفيف لسنوات ليحضى به على وعود وميثاق غليظ؟ تساؤلات ....وافكار كثيرة تذهب وتعود في عقله....ويرفضها قلبه.....ويقتات عليها ذهنه في التعمّق بها ليُصيبه جنون لحظي....جعله يتأفف......ثم سحب الهاتف من جديد
واخذ يتصل عليها ولكن هي لم تُجيبه!
.
.
مضطرب وخائف، هل حان لقاؤها؟ هل حان موعد اللّين والمبادرة في مد يد العون لها بشكل مباشر ليُشعرها بأبوّته هل آن أوان التنّازل عن الغضب والعصبيّة؟ هل يستمع لصوت زوجته (عذبة) التي تأتيه في منامه توبّخه على هذا البُعد، تُبكيه لتوقظ ضمير الأب ، هل اليوم يستطيع أن يحدّثها وكأنه نسيّ كل شيء، لا يستطيع في الواقع ، هو يحبها لم يكرها إلى الآن ولكن يكره ان يراها خلف قضبان السجون، وكره منظرها ووقفتها في المحكمة منهزّه وعيون ضُعفاء النفوس تفترس جسدها الذي يرتجف بخمول تفكيرها في تلك اللحظة، اثارت غضبه رغم ما فعلته يُدعيه بالافتخار بها، هي حفضت نفسها، حاربت إلى أن اوقعت الشيطان في الغار واغلقت عليه الأبواب المفتوحة، ولكن لا يستطيع ان يتجاوز غضبه وينهمل عليها بأبوّته لا يستطيع هو مجروح، وقُربه منها يُزيد من إلتهاب جُرحه الصغير والعميق في قلبه!
.
.
ينظر لزوجته، متحمّسة وكأنها ستلتقي بها اليوم بشكل مُباشر وكأنها تستطيع ان تحتضن جسدها الواهن، يشعر بحبها لها حتى في بعض الحين يشعر انها تحبها اكثر من ابنتها وصايف، رحيل لها مكانة في قلب خالتها التي اعطتها من وقتها الكثير، يذكر حينما تقدّم لها ليث، اوّل الرافضين كانت خالتها ، برهنت على هذا الرفض عمرها الصغير وعدم قدرتها على إدارة المسؤولية، ولكن لم يستمع لها، وابعدها عن احضانها، وجعلها تُبكيها ليالٍ طويلة، حزنت وذبلت مُنذ ان اصبحت رحيل على متن الطائرة لتتغرّب عن وطنها لمدّة كادت تقتل قلبها!
.
.

كانت تجول أمام عينيه ، متوترة وقلقة.....يفهم شعورها...وخوفها....لم تتحدث ولم تنبس بكلمة....لأنها تعلم ما إن ستتحدث سيسد طُرق الحديث عليها ويخرسها بلؤم غضبه على هذه الحادثة...لذلك خرجت....وبقي في الغرفة خلف اسوار مخاوفه ورهبته من خروج رحيل!
....
سمع خطوات ابنَيْه فهد وريّان ومرورهما للنزول.. من على عتبات الدرج ولُقياهما لخالتهما التي قالت: اتصلوا لي على ليث.....خلاص ماقدر...ابي اكلمه....
.
.
اغمض عينيه وهو لا يقدر ولكن لا يستطيع ان يعفو عمّ حدث رغم انّ الامر خارج عن إرادتها، ولكن شيء يدعوه للباس ثوب القساوة ويدعوه لعدم الصفح عنها، ما حدث آلمه بشكل متقطّع...إلى ان احدث بداخله تشققات نبتت بداخله نبتة القُرَّاص لتبث سمها العنيف وتخنقه، لذلك لا يستطيع ان يسامحها على إنبات هذا النوع من النبتات التي آثارت جنونه وغيث حُزنه ، يعلم الآن هي بحاجة إليه ولكن بُعده عنها افضل لكي لا يزعجها بعتابه وبحديثه العلقمي!
.
.

تنهّد وتمتم بالاستغفار
.
.
.
ولكن في صالة المنزل جلست امام ريّان حدّقت في وجهه: اتصل عليه...

تحدث فهد بنبرة خالية عن أيّة مشاعر:خالتي...استهدي بالله....وصبري.....تو رسل لريّان ما بعد ينهّون الإجراءات.....


نهضت وهي تضرب على قلبها وهي تكرر: قلبي مو قادرة....اصبر...قلبي ياكلني بشوقه عليها.....هذي قطعة من اختي...هذي وصيّتها لي.....قصّرت بالوصيّة قصّرت....

ريّان نظر لفهد الذي بدأ يزفر انفاسه بصوت مسموع يعلم الحديث عن والدته يؤلمه ، ويشعره بأحاسيس الحُزن والضعف، موت والدته اثّرت في نفس فهد بالشيء الثقيل والكثير!

نهض: خالتي....تكفين......اذكري الله .....

فهد وقف: خالتي تمالكي اعصابك...لا تنزل وصايف....وتنصدم لوضعك....

ام وصايف نزلت دموع الفرح من على خديها ومسحتهما وهي تكرر: كنت انتظر هاليوم....انتظره لين صبري نفذ....مو قادرة اصبر بعد.......مو قادرة....

احتضن رأسها ريّان وقبلّه وقبّل يدها وهو يقول: هانت خالتي هانت......
فهد رأف بحالها، سحب هاتفه واتصل على ليث
.
.
.
ليث بعد زوبعة الاحداث التي مرّت عليه ، قرر ألا يراها لمدّة الستة الأيّام الماضية لكي لا يزعجها ولكي تتشافى ، اخبره الطبيب إن لم تتحرّك كثيرًا ربما يستطيعون السيطرة على النزيف وإلّا كانت ستخضع للعملية جبرًا على ليث! فابتعد لكي لا يدخل معها في جدال، ولكي لا يستنفذ طاقتها ، ولكي لا يجن جنونه عليها ، انشغل في امر تجهيز غرفتها في شقته وقام بشراء ملابس عشوائية لها حتى انه لم يهتم لمقاسها ولكن خمّنه!، رتّب امور شقته خلال ثلاثة ايام، ثم لم يعود للشقة بل......اصبح وبشكل متتالي يذهب لأمل في شقتهما القريبة من شقة ركان...ولكن بمسافات قليلة .....

بدّل ملابسة، اليوم هو اليوم الذي انتظره ورسم ردّات فعله فيه.......اليوم سيضع عينيه في عين العدو ليخبره انه (انتصر) ولكن كيف انتصر وهم ما زالوا يبثون سمهم بتهديدات مبطّنة ومخيفة؟......ارسل رسالته
لركان الذي ما إن رآه بحاله الذي لا يسر بعد ان عاد لشقته في تلك الليلة التي صار عليه الهجوم حتى شفق عليه من جديد واخذ يشد من أزره ويخفف عنه وعن أمل...حتى به تناسى امر سوزان ..بشكل مؤقت....في الواقع وقتهُ اصبح مزدحمًا لا يجد وقتًا للتفكير في سوزان....فأمل اشغلت باله....وليث ارعب فؤاده بمنظره المخيف ولـ شفته التي تنزف...وسيارته بشظايا الزجاج المنتثر على المقاعد الخلفية....

فهم من ليث كل شيء....وعاد يطبطب عليه......وعاد يخفف من ألمه ووجعه......وعاد للقضية ليختمها ...دون مشاكل....اليوم ذهب للشرطة ليُنيب عن رحيل....ويوقّع على اوراق الخروج الرسمية.......ولأن صحتها مازالت سيئة استطاع ان يخرجها بهذه الطريقة عن طريق ثغرة قانونية لا تعتدي على قوانينهم......دون ان يجبراها على دخولها لمركز الشرطة!
.
.
ارسل له(خلصت؟)
.
.

لا يريد أن يذهب لها قبل أن يحدّث ركان ويخبره انّ الأمر انتهى

ثم نظر للغرفة لم تكن أمل موجودة ، بل ذهبت لعملها اليوم يعلم تحاول الهروب منه ومن لسانه تحاول الّا تدخل معه في نقاش يؤول بهما الى الماضي وإلى العتاب الطويل تضايق من نفسه وتضايق منها كثيرًا؟

جلس على طرف السرير ، سمع رنين هاتفه ظنّ ركان هو من يتصل لذلك
اجاب: هلا ركان...
فهد شعر بلهفته فقال: انا فهد......ليث طمنّا؟

ليث ادرك الجميع في حالة توتر ،الجميع خائف من حدوث شيء يؤخّر خروج رحيل من السجن!

مسح على وجهه: لسى باقي الإجراءات ما خلصت....
فهد نظر لريّان وهو يطبطب على خالته وخالته التي تدعو لرحيل بحرقة
مشى بهدوء مبتعدًا عنهما وبهدوء: ليث صاير شي؟...معقّد الامر؟

ليث : لالا....بس اجراءات قانونية طبيعي تطوّل....تطمنوا كل شيء بخير.....

فهد بلل شفتيه: طيب مابي اطوّل عليك...مع السلامة....
.
.

اغلق الخط، ثم نهض وهو يسمع جرس الباب، يشعر بالاضطراب والخوف، يشعر في اي لحظة سيخسر نفسه او سيخسر رحيل.....قلبه يرفرف على أجنحة الموت والفقد!،

نهض وفتح الباب...ونظر لوجه ركان...
صُعق بمجيئه اخذ من خروجه الى المركز بما يقارب الساعتين والنصف.....نظر إليه وكأنه يريد أن يلتمس فرحًا ويزيل خوفًا

ركان دخل واغلق الباب
ليث: بشّر...
ركان ابتسم بشكل تدريجي ورفع الملف في وجه ليث: عدّت على خير...

ليث تنفس بعمق ابتسم واخذ يضحك بشكل هستيري ، وهو يمسح على رأسه ، ويكرر: الحمد لله الحمد لله.....

ركان اقترب منه ولكي يُملم فرحته الضائعة في حلقة البؤوس والخوف....احتضنه....وهو يقول: الحمد لله .....والف الحمد لله على سلامتها يا خوي!...
ليث عقد حاجبيها لا يريد ان يبكي لا يريد ان يهتز ولكن ، اغمض عينيه ابتلع غصّته....حضن ركان بشدّة ، شعر انّ هناك ثقل انزاح عن قلبه الآن.....شعر انّ ضميره بدأ يخف من ضربه على مواطن الأوجاع...شعر بجمال الحياة والعالم رغم أنه قبل عدّة ايام يراهما بالسواد المعتم والخيبة الوخيمة...ركان طبطب عليه ....ثم ابتعد ليث وخرّا ساجدًا ليشكر الله ، ثم نهض سريعًا
وهو يقول: الحين بروح لها....اليوم خروجها من المستشفى اصلا....

ركان مسك يده هنا ثم قال: ليث......في شي لازم اقوله لك....

ليث التفت عليه : وشو؟

ركان اقترب منه: حياتك وحياة رحيل...وحتى امل في خطر....لذلك كون حريص.....وانا بكون معك.....وافضّل آخذ امل عندي بالشقة.....ومتى ما جات ليلتها تجي بنفسك تاخذها وجيبها هنا.....
ليث هز رأسه برضا: ابشر.....

ثم قال ركان: انتبه لنفسك ليث....مابي اخسرك....

ابتسم إلى ان بانت اسنانه : لا تاكل هم....
ثم نوى الخروج ولكن ركان امسكه واخرج من الملف ورقة متوسطة الحجم: خذ .....عشان توريها الشرطيين اللي على بابها.....بمجرّد ما راح يشوفونها راح تصير رحيل حرّة!

ليث سحبها من يد ركان بيده المُرتجفة، ابتسم في وجه ركان وهو يهمس بصوت مرتجف: مشكور ركان على كل شي....
ركان طبطب على كتفه ، ثم خرج ليث!
.
.
وبقي ركان يمسح على رأسه ليث عاصر أزمنة المعاصي في اوقات هو حاول أن يسحبه منها، كان يُرمم معاصيه بالنُصح وبالرفق به، لم يتركه يومًا كان الظهر الذي يُسنده مُنذ ايّام الدراسة ولكن كلاهما لم يتوقعا يومًا انهما سيقعا في فخٍّ عميق في ارتفاعه ووعر في عرضه، ركان استطاع انقاذ نفسه بسبب فشله لأوّل تجربة قام بها وقتها شعر بالأسى، شعر بالحُزن واخذ يدعم ليث وسلمان بالمواد التي يحتاجونها لصنع تجاربهما متأملًا لفوزهما والظهور على عتبات المسرح الذي يتوّجهما كمبتعثين موهوبين في دراستهما وافكارهما، ولكن كل شيء عاكس توقعاتهم ، كل شيء اخذ يضغط عليهما وهو الذي اصبح خارج دائرة السوء إلّا انه تعايش معهما اجواء رهبة الإجبار والتهديد،

الآن يقف بجانب ليث حتى بعد ان اصبح زوج اخته لم يتوقف من مساعدته المتعلّقة بزوجته رحيل، فهو يساعده مُنذ وقت طويل قبل أن يكون بينهما نسب حتّى، كان يشد به ازره، رغم أنّ زواجه بأمل لم يكن مقتنعًا به، ولكن أمل اصرّت عليه ، وحينما حاول يمنعها ، اخذت تضرب عن الطعام وتتخلّف عن الدراسة لأيّام جعلتها على حفى شُفرةٍ من الطرد من الجامعة ،

في الواقع هو فكّر كثيرًا ليث رجل ، تاب عن معاصيه، واصبح صلب في امور كثيرة كان ليّنًا فيها، الحياة صقلته وجعلت منه رجلًا متزنًا في افكاره ومعتقداته ، ولكن اقحم نفسه في مجموعة تخدع اصحاب العقول التي تحاول تطوّر من نفسها جعل قلبه يرفض هذا الارتباط
ولكن خضع لقرارهما، وقبل ان يزوّجها إيّاه سرًا دون ان يُخبر بقيّة اهله، الآن يشعر انّ العاطفة سحبته بالموافقة ولكن عقله بعد كل هذه التهديدات جعله يندم

وجعله يخاف من ان يخسر أمل في لحظة غفلة من ليث، كما انّ امل ليست على ما يُرام
ليس بسبب الإجهاض فقط يشعر انّها تُخفي امرًا ثُقل على اعتاقها
سحب نفسه إلى صالة الشقة وسحب هاتفه
سيتصل عليها ليطمئن قلبه ويوقف تفكيره الذي اخذه لمنحدرات مُظلمة
.
.
.
تعلم اليوم سيلتقي بزوجته، وسيحتضنها بحُبه الذي منعه من ان يحبها هي ليست مغفلة تعلم بكل شيء، بينما ركان لم يخفى عليها شيء ابدًا حينما تقدم ليث لخطبتها اخذ يسرد عليها انه متزوّج بابنت عمّه، الذي انسجنت ظلمًا، وانّ حياته في خطر ولكن لم يوضّح لها ماهية الخطر؟
ولكن هي مُجبرة على الموافقة ، لكي لا تؤلم قلب أخيها ولكي لا تخيّب ظنها فيه، وافقة وهي تكتم آهات منقهرة ، جبرت نفسها على مغتصبها إلى ان تولّدت بداخلها مشاعر غبيّة، احبتّه، وتمنّت لو ينسى الموقف الذي عجزت هي من ان تنساه، لن تنكر كلما اقترب منها ليث وكلما يحاول ان يُلاطفها بالحديث تتذكّر الموقف لتنفر منه، ولكن شيئًا فشيئًا بدأت بتقبله حتى مال قلبها إليه بقدر لا تستطيع ان توصفه..فهي تحب ليث..من بعيد..لا تحب ليث القريب من الجسد ليث الذي يخنق قلبها ويعتصر عقلها بذكرياتها السيئة..لا تدري كيف جمعت بين هذهِ المشاعر ولكن حدث وأحبّته!

في الواقع ليث لم يميل قلبه يومًا إليها كل ما فعله استرها على حد قوله خاصةً بعدما فُجع انها اخت صاحبه وقتها جنّ جنونه وانهار يوبّخ نفسه ، وقَبل ان يتزوّجها لكي لا يقع من عين صاحبه ولم يرد أن يكسره!

شعرت بوخز البرد يهشّم صقيع حُبها الذي اصبح ساخنًا بالغيرة من مسجنونةً ستخرج اليوم لتُخرس عاشق مُذنب بحقها ، احتضنت جسدها بيديها،
تساءلت ماذا رأت فيه لتحبّه وليُثير لوعة غيرتها على خبر اطلاق تلك المسجنونة التي تجزم انها ستسرقه منها رغم انه مسروق من قِبل قدرها ليُبعده عنها كيلومترات طويلة حتى وهو ممسك بكف يدها؟

تنهدّت، ارتجف قلبها وجعًا من ليث، لم تستطع الصمود أمام حماسه وهو ينتظر في الشقة، فخرجت لتوهمه أنها ذاهبة إلى عملها ولكن في الواقع لم تذهب، طيلة ذلك الوقت بقيت تتمشى في الشوارع لتخفف عنها عبء التفكير، وعبء الحديث الذي لا تستطيع البوح به!

ودّت لو تسأله هل تحبها؟ ماذا تعني لك؟
هل تاقت روحك شوقًا لها؟
ولكن افعاله كانت تُجيبها، نزلت دمعه من عينيها كانت ستمسحها ولكن سمعت رنين هاتفها
فاخرجته من الحقيبة ونظرت للاسم (ركان يتصل بك)
اجابته دون تردد بلعت ريقها ثم قالت: هلا ركان...
ركان شعر بثقل نبرتها تساءل: في المدرسة؟

تحدثت بكذب وهي تنظر لسكون المكان الذي تمشي بغير هُدى على طريقه: اي.......آمرني؟
ركان مسح على انفه: ما يامر عليك ظالم.....بس حبيت اسمع صوتك واطمن....

أمل بشك: ركان اهتمامك زايد فيني....

ركان هو خائف من اقتحام العدو صفوة حياته، وخائف من التهديدات تطولها لذلك في الأوان الأخيرة أخذ يهتم بها بشكل مبالغ فيه
: يمكن عشاني ندمان اني تركتك فترة بدون ما اهتم.....

أمل سكتت ولكي تخفف عنه اردفت: ما لومك...شغل المُحاماة مو سهل.....وعارفة يومك كله يروح في ملفّات هالقضايا......الصعبة!

ركان رقّ قلبه على حديثها وطيبة قلبها: يعني مو زعلانة مني.....

أمل بنبرة صادقة: في احد يزعل من ابوه؟

ركان لمعت عيناه بقهر فُقد والديه، شعر بوخز الكلمة ، هي تعتبره مثل والدها تمامًا رغم فارق السن ليس كبير بينهما، حاول أن يُلملم ضياعه بعد كلمتها وحاول السيطرة على انفعاله بقوله: الله انا ابوك؟....ِشكلك نسيتي بينا بس اربع سنين؟

ضحكت وهي تُلملم جراحات كُثر اوّلها الفُقد: هههههههههههه.....اي ابوي ....عندك مانع......
ثم تحوّلت نبرتها للين ولرغبة كبيرة في البكاء: ركان.....أنت اخوي...وابوي....وامي...واختي.... .وكل شي بالحياة.....

ركان ادار عينيه ليُداري دمعه كادت تخونه لتسقط: الله يخليك لي يا أمل.....

أمل مسحت دمعة تسللت على خديها: يلا .....باي....وراي كلاس الحين...

ركان يخفف اجواء الحُزن: طيب يا معلمتنا الحلوة.....انتبهي على نفسك....
أمل ابتسمت : وانت بعد...
اغلق الخط ، وهي اكملت طريقها للهروب من فكرة ذهاب ليث لزوجته الاولى !
.
.
بينما ركان بقي مكانه، يومًا عن يوم يشعر انّ أمل حياتها في ضيق مع ليث ولكن لا تُخبره بشيء ويخشى أن يكبر الأمر ولا يستطيع حلّه فيما بعد، اسند ظهره على مسند الكنب ونظر للسقف
وبدأت اسالته تجول في خاطره

.
.
لماذا جميع من نحبهم يرحلون سريعًا؟
إن لم يرحلوا بالموت رحلوا على سبيل الافتراق في مفترقات طُرق الحياة؟
لماذا يحدث هذا الأمر ، هل بسببه هو؟ هل لأنه ركان ليس شخص آخر؟

فقد والده ووالدته في سن كان في اوج حاجته إليهما وفقد سوزان حينما لامس قلبه حُبها!

اغمض عينيه، وتذكّر الاموات اولًا ثم اخذت صورة سوزان تكبر في ذاكرته، تحطّم اشياء كُثر بداخله، اشتاق إليها، ودّ لو يكسر حاجز الخوف من ايذاؤها ويتصل عليها،

فتح الهاتف، ذهب سريعًا إلى معرض الصور ، وسقطت عيناه على صورتهما، كانوا سُعداء لحظتها فريحين بهذا العُشق المتبادل، فالعاشق لا يريد اكثر من ان يكون عُشقه متبادل لا يريد شيء آخر سوى ان تبقى الإشارات على اتصال ووفاق دائم، ولكن ماذا حدث؟
تنهد
انقطعت سُبل هذا العُشق ولكن لم يمت إلى الآن يحتضر، يلوك نفسه ويلفظها من جديد خاسرًا جزء منه على أرض الواقع!

نهض ، وخرج من الشقة تارك ضوضاء تفكيره في الجانب الآخر من الحياة!
.
.
.
لا تريد لهذا الزواج الاستمرار، لا تريد أن ترى احفادًا من مسجونة تجرّعت ظلام الليّالي لسنوات عديدة ، لن ترضى ولن تخضع لقرارات تخمنّها ستظهر فيما بعد
سمعت رنين الهاتف سحبته اجابت: هلا ام صارم...
ام صارم وهي تحدّق في وجه زوجها : ما اتصل ليث وبشركم بشي؟

الجميع ينتظر والجميع يترقب اتصال ليث: لا ما اتصل.....
ام صارم نظرت لزوجها الذي اخذ يأكل نفسه بقلق كثُر وتعدد في معانيه
قلق متجه لرحيل وقلق متجه لنواحي عدّة
اخبرتهُ ان يتصل على ليث ويطمئن
كذب عليها بقوله(ماله داعي)

تنهدت ثم قال: اجل لاتصل ....عطينا خبر....

تحدثت الاخرى بلا نفس: طيب

ثم اغلقت الخط، ونظرت لفيصل ....ولمحمد.....اصايل كانت في غرفتها وبينما هيلة الى الآن نائمة بسبب سهرها الطويل في الليل

فيصل كان يفهم حنق والدته ، وخوفها من خروج رحيل ، شعر بالبؤس لناحية ابنت عمّه الجميع ينفر منها وخائف من خروجها الذي يُعني إعلان نتيجة بعثتها مع ليث للغير بطريقة غير مباشرة ، حاول طيلة الليلة الفائتة التوّصل لحسابات اخيه الجديدة وفشل ولم يعرف شيئًا جديدًا عنه ، بلل شفتيه ونظر لمحمد الذي اخذتهُ الايّام الماضية بكثرة السرحان والانطواء في غرفته

الجّد جعلهم يعيشون ايّامًا صعبة ، ومرهقة

تنهد ثم قال: يمه اجلسي....والله توترت من توترك....

ام ليث التفتت عليه بطريقة افتراسية: ومن قالك اني متوترة....
نطق محمد: واضح.....من نبرت صوتك.....
دخل ابا ليث هنا على حين فجأة وهو يقول: ماتصل ليث؟

فيصل تحدث وهو ينظر لوالدته شعر انها ستنفجر اليوم في قول رغبتها عن رحيل
: لا لسى....
بو ليث : الله يجيب العواقب سليمة.......

ام ليث نظرت له وباندفاع: وين تجي العواقب سليمة......ورحيل زوجته؟

محمد انصدم من حديث والدته وانشد ظهره منتصبًا ليعتزم الوقوف
بينما فيصل ابتسم بسخرية لأنها فعلت ما توقعه!

بو ليث اقترب منها : وش الحكي الجديد اللي اسمعه؟

ام ليث نظرة الى زوجها باحتقان وجهها المحمر: ما قلت شي جديد وغلط......ولدي بسبّت هالرحيل..صاير يدخل.....في مصيبة لمصيبة.....ثانية...ومن غربة لغربة.......ملينا ....مليييييييييييينا يا علي.......ابي ولدي جنبي....تعبت وانا احاتيه وهو بعيد عني....هالرحيل شؤم على ولدي شؤم!

ابا ليث خرج عن طوره وارتفع صوته: اظن ولدك رجال طول بعرض ما هوب طفل تحاتينه هالكثر....وبعدين استحي على وجهك تقولين على بنت اخوي هالحكي .....

محمد تدخّل خوفًا من ان يكبر الامر وتزيد جرعات والدته لتثير عصبيّة والده: يمه ....يبه...صلوا على النبي.......

فيصل بقيَ في مكانه يشاهد الموقف دون ان يُدخل نفسه في فيه....

ثم قالت ام ليث بنرفزة عظيمة: اسمع يا علي....هذا من الحين اقولك.....رحيل...ما تدخل هالبيت........ولا راح تبقى على ذمة ليث.......لا تجبرونه يخليها على ذمته.....وش يبي من خريجة سجون؟!

اقترب منها ابا ليث وفي داخله قهر على ابنت اخيه ، وعصبية على حديث زوجته التي فقدت عقلها في ذكرها هكذا
مدّ يده ليصفعها على وجهها ولكن محمد اوقفه وسحب يده المرفوعة ليقبلها وهو يقول: لا يبه لا....تكفى......هدي اعصابك...
هنا نهض فيصل وشعر انّ الأمر بدأ يتوتر ويأخذ منحنيات خطرة

تحدث: يمه...ماله داعي هالكلام....

لم يشعروا بتلك التي نزلت على عتبات الدرج بسبب اصواتهم التي ارتفعت وتسللت إلى مسامعها وهي في الغرفة ....خافت من أنّ احدًا اصابه مكروه فنزلت على عتبات الدرج سريعًا
لتسمع والدتها وهي تقول: وش قلت...ما قلت إلا الصدق...خريجة سجون وليث.....ما راح يبقى معها لو ايش يصير....

شهقت بقوة حتى جذبت إليها الانظار، واخذ فيصل يبحلق في وجهها مصدوم من فضح امر رحيل أمام اخته اصايل....
محمد نظر إلى وجهه اخته، وشعر باندفاع جسده للخلف
بسبب جنون وعصبية والده الذي اندفع ليصفع زوجته ولكن تدارك الوضع واحتضن ابيه صارخًا: يبببببببببههههه


ابا ليث بعينين محمرتين: اتركني عليها......اسمعها وش تقول على بنت اخووووووووووي.....تبي تقهرررررررررني....تبي تحر قلبي....ازود من انه مقهووووووووووور....
فيصل خاف على والدته التي وقفت تنظر مصدومة لرغبة زوجها الصارمة في صفعها وحديثه بلعت ريقها ، ونظرت اخيرًا لابنتها التي تأثرت كثيرًا بهذا الموقف

محمد: يبه تعوّذ من ابللللليس.....
بينما والده كان يدفعه ويحاول التملّص منه إلى ان صرخ: فيصصصصصصصصصصل ابعد امي .....
فيصل تدارك الامر وذهب لناحية والدته وسحبها من يدها
: يمه تعالي...
سحبها وهي تنظر لحال زوجها بذعر، مشت وهي خائفة منه وعليه لا تدري كيف لسانها لذعه لينطق بهذا الحديث الذي استنفذ طاقته، ونظرت لابنتها المصدومة لقولها، وما إن اقترب فيصل من عتبات الدرج حتى سحب بـ يده الاخرى اصايل التي تنظر لوالدها وفي عينيها دموع كثيفة: امشي اصايل...
مشت بتخبّط كيف رحيل مسجونة؟ ماذا تقول؟ حقيقةً الوضع يُثير الشبهات دومًا ما ليث يعود للوطن دونها معللًا سبب عدم نزولها لكثرة الاختبارات والدراسة، و جدوله الذي يخالف جدولها تمامًا ولا يستطيعا الاتفاق على موعد واحد للنزول ، لم يكن وقتها لهم الحق في السؤال والاستفسار بعد حديثه، لذا هم يخرسون!
صعد بهما لغرفته اغلق الباب
والتفتت اصايل على والدتها: يمه شقولون....رحيل مسجونة؟

في الواقع لا تريد والدتها افصاح امر رحيل أمام ابنتيها ولكن زلّة لسانها جعلت ابنتها تتخبط الآن اشاحت بوجهها عنها وذهبت لتجلس على طرف السرير
فقال فيصل: اصايل...مو وقت اسالتك...
اصايل بنبرة بكاء: أجل متى وقته؟

ثم قالت: يعني طولة الثمان سنين مسجونة؟....طيب ليش؟

فيصل مسح على رأسه وبانهيار صوتي قال: ممممممممما دري مادري....
بكت هنا اصايل بلا صوت على الموقف الخشن الذي حدث، وعلى الحقيقة المرّه التي التهمتها بصدمة قوية!
.
.
.
محمد اجبر والده على الجلوس : يبه اذكر الله .....لا تسوي كذا ......لا تمرّض عمرك.....

بو ليث : سمعتها وش قالت؟ ولا ما سمعتها....اذا هي تقول كذا ....وش حال الغريب؟
محمد طبطب على يد ابيه: مالنا ومال الغريب يبه؟.....طز بكلام الناس......امي ما تقصد....
بو ليث بنبرة انفعالية قاطعه: اشوي وتسب بنت اخوي...اشوي وتقول....اي هي مذنبة وما هيب مظلومة.....خلني اعلّمها حدودها قبل لا تتمادى....
محمد وضع يده على فخذ ابيه: يبه تكفى....هدي.....يكفي اصايل سمعتكم ......لا تخلون هيلة تسمع بهالسالفة بعد....

حك جبينه بتوتر : طلعتني من طوري....طلعتني من طوري....يا محمد.....انا من غير شي مهموم.....على غربة ليث.....وعلى غربتها هي ....غربة وطن....وغربة سجن....قلبي مقهور عليهم اثنينهم......بس ما في بيدي شي اسويه.....

محمد طبطب على ظهره ثم قبّل رأسه ليخفف عنه: هذا اليوم .....يوم الفرج....الحمد لله تيسرّت الامور وطلعت.....خلاص بيرجعون .....وراح ننسى ايام الغربة....

بو ليث بضيق: الاقيها من أمك ولا كلام ابوي هناك.....جالس....ياكل بلحم هالضعيفة.....ولا انقهر من ردات فعل اخوي عبد الرحمن......اللي شايل يده من سالفتها.....وشبه متبري منها.....كلنا زعلانين عليها ومنها....كلنا ما هقينا يصير فيها كذا.......وانخبصنا لم حاكموها ثمان سنين.......بس شنسوي ازود من اللي سويناه شنسوي؟

محمد فهم وجع ابيه ، فهم حديثه وصعوبة تمرير أمر رحيل وكأنه شيء لم يكن: لا تزّعل روحك يبه.....ربي فرجها علينا....اليوم طلعت بكرا بتشوفونها قدامكم.....والسالفة بتنطوي ولا بتنذكر ولا حد بيعرفها.....

بو ليث تنهد ثم قام: آه بس آه...
نهض معه محمد: اسم الله عليك من الآه يبه...لا تخوفني عليك.....

بو ليث نظر لأبنه طبطب على كتفه: بروح ارتاح......وقول لأمك لا توريني وجها......

محمد قبّل يده من جديد: تامر ...تامر...يبه...
ثم مشى والده بالقرب من عتبات الدرج
وتنهد محمد بضيق: وش سويتي يمه!؟
.
.
.
نظرت إليه وإلى عبوس وجهه، حدّقت ليديه وهو يُشبك اصابعهما ببعضها البعض جلست بالقرب منه : تقول ليث ماتصل...
بو صارم بسرحان: باذن الله بتطلع.....
ام صارم بقلق: سلطان....وراك كذا شاحب.....ومتوتر......السالفة مو سالفة رحيل.....

التفت عليها وهو يقول: وانا قلت لك اني احاتي رحيل؟......أنا واثق دام ولد اخوي معها رحيل بتطلع وبصير بخير...وبفكنا من شر كلام الناس بعد....

سكتت، حدّته جعلتها تقلق اكثر: اجل علامك؟

بو صارم بتنهد: احاتي عهود ودانة.....
ام صارم لتخفف عنه: وليش تحاتيهم....هذا هم تحت جناحك وبفضلك بعد الله ...عايشين مو قاصرهم شي وبخير.....

بو صارم اخذ نفس عميق: احاتي عهود وخايف اني ظلمتها لم رفضت ذياب.....واحاتي دانة وخايف من ابوي يقهرها.....

ابتسمت على مضض: عهود قدامك وقت ......عشان صدق ما تظلمها.

التفت عليها وكأنه صعق من انها تبرهن كونه ظالم لناحيتها

ولكن تمالكت شجاعتها في قول: اختي كلمتني مرة ثانية ....الولد شاريها يا بو صارم.....وولد اختي اعرفه زين ....تربّى على يديني وعلى يدك بعد....ما منه اثنين بهالعالم....رجال كفو......مصلي ومسمي ويخاف ربه....وموظف ولا عليه قاصر....ليش ترفضه......

بو صارم اطلق تنهيدة اخرى: اشهد انه رجل......بفعوله اللي ما تنسي.....

ام صارم طبطبت على فخذه: اجل فكر في الموضوع من جديد ....يا بو صارم ...لا نوقّف رزق البنت....ومن حق عهود تعرف بخطبة ذياب لها.....لازم نقول لها....ودانة دامك سندها وظهرها ...ماحد يقدر يكسر بخاطرها ويقهرها....
هز رأسه وكأنه بدأ يلين فنهضت وهي تقول: لا تنطوي على نفسك....كلنا تحت مجتمعين انزل ولا ضيّق خلقك .....

ابتسم لها على مضض: سبقيني وجايكم....
ثم خرجت وبقي يُعيد الأمور في رأسه ويعيد حسابات كثيرة سقطت من باله ولكن إلى الآن لم يفت الأوان ليقول انه خسر في إعادة حساباتها هناك متسع من الوقت ، يستطيع ان يُعيد استقامة الغُصن قبل ان يميل كل الميل، ويعوّج ثم ينكسر، تنهد ثم نهض ليخرج من الغرفة هو الآخر!
.
.
.
فكرة دخولها للسجن تُجلب له مجالب إثار الغضب وعدم التنازل في تقبّل الأمر واقعًا على اعتاق الخوف من حديث النّاس ، وأكل لحمها ولحمهم ، والطعن في تربيتهم وشرفها، لذلك هو غاضب ، حانق، لا يريد أن يرى احفاده ولا ابناؤه، يريد ان يبقى اليوم في منزله دون ان يرى منهم أحد ، يعلم اليوم خروجها وانتهاء رحلة المشقّة عليها، لن يتصل على ليث ليذكّره بشرطه لأنه يعلم جيّدًا ليث، يسمع لهُ لأنه يريد انشاء السّلم في هذه العائلة ، هذا الابن ليس أنانيًا كغيره من احفاده يفكّر بروابط الأسرة ويفكّر بالجميع، ويعلم أنه اثقل على اعتاقه بالشيء الكثير ولكن هو الوحيد الذي يستطيع أن يُلملم فضيحة تكاد تنبثق أمام النّاس ليستحلوا النميمة والغيبة فيها باطلًا!

تمتم بالاستغفار، يشعر بالضيق، والحُزن، يشعر بالاشتياق لها والألم، تلك اليتيمة عبثت بقلوب الجميع ، رحبُّوا بمجيئها في هذه الدنيا رغم أنّ هذا المجيء خلّف وراؤه حُزن شديد وقع على عينين وفؤاد والدها ، ابنه الاكبر الذي حاول إخفاء حُزنه والعيش بسلام، وصبّ جلّه تفكيره بتربية ابنته التي اطال انتظاره في تواجدها في احضانه، كان يتتوّق بأن يرزقه الله بابنه بعد ان رزقه بولدين ، رزقهُ إيَّاها ليأخذ بكتبته وأمره حُب سكن واستوطن فؤاده، الجّد هو من اخبره ان يتزوّج اختها من أجل تربية ابناؤه تقبّل الأمر ورضي به!

واهتمّ الجميع برحيل، اليتيمة التي كسرت بمجيئها ظهور كثيره ، اهتمّوا بها، واغدقوا عليها بالحنان الكثير
ولكن ماذا فعلت بالأخير؟
لم تفعل شيء ولكن هو وحده يلومها وكأنها فعلت كل هذا من خالص إرادتها
.
.
انفتح الباب، دخلت بخطواتها البطيئة تنظر لحُزنه وتنظر لتجاعيد الخوف الذي تطرق بابها للدخول إلى قلبه عبثًا لإيقاظ رحمة القلق على رحيل!

تركت الباب مفتوحًا ، ومشت بظهر احناهُ الزمن عبثًا بسبب كبر سنّها، اقتربت منه وجلست بجانبه، وانتشرت رائحة المسك في الأرجاء
وضعت يديها على فخذه لتتحدث : تحاتيها؟
الجد عقد حاجبيه : مَن؟
الجدّه ابتسمت لتزداد الخطوط الجميلة التي تُضفي في الفؤاد شيئًا من الطمأنينة وحُب الحياة: بنَيْتي رحيل؟

الجدّ بنبرة منفعلة قليلًا: ورا احاتيها واليوم بتطلع وولدي ليث معها؟
الجدّه : أي....يا بو عبد الرحمن......تراهو لا هو عيب ولا هو منقود يوم انّك تقول احاتيها......يوم تقول انك تحبها بس عتبان عليها وشايل بخاطرك عليها اشوي....

الجد باستنكار: اشوي؟

الجد هزّت راسها : يمكن شايل بالحيل عليها بس .....يا بو عبد الرحمن....جا الوقت اللي نكتم اللي صار في السر والعلن......

الجد نظر لها: هذا هو مكتوم في صدورنا لين مرّضنا....
الجدّه بمغزى في الحديث: اقصد جا الوقت اللي تبرهن فيه للكل انّك تحبها ولا ترضي عليها.....بالمذلّة...

صد عنها هنا لتكمل: يوم تستمر بهالصد.....بكبّر راس ليث عليها.....وبتكرّه ابوها فيها.....والكل..

الجد بغضب: واذا كبّر راسه وش بصير؟

الجدّه: راح يضيمها....ويظلمها ......
الجد ثار غضبًا
واكملت: يوم تصير مضيومه ومظلومة.....والله انها بتطلب الطلاق.....

تحدث منفعلًا: تهبى إلا هي......
الجده بنفس عميق: عشان كذا ...خفف من هالعتب...ومن هالحزن ....وهالغضب عليها....حنن قلب الجميع عليها....لا تخلي الكل يصير ضدها ......ودامك يا الراس الكبير ضدها ما بلوم الكل لوقفوا ضدها ....وهنا بنتي رحيل...بضيع وبتحس ما لها سند....


سكت ولم يخرج كلمة واحده نهضت : فكّر بكلامي زين ......وصير انت بالذات لها سند قوي ....وهي بهالحال...

ثم ركزت بناظريها عليه: ما قول هالكلام عشاني.....مو مقهورة من اللي صار.....قلبي يحترق .....وشاب ضو......بس مالنا إلا الرضا والقبول ...يا عبد العزيز........
ثم خرجت تاركته ينظر إليها باستنكار ، وشيئًا من الحُزن خالج قلبه!
كرر الاستغفار ونهض ليتوضأ ويصلي ركعتين ليخفف بهما ما يشعر به
من ضيق!
.
.
.









.
.
تصارع الحياة ، تحاول التماسك والتناسي، ولكن تلعن ذاكرتها العصيّة في النسيان، تشتم قلبها الذي يضّخ عبثًا للإستمرار في حُب ربما تلتقيه يومًا وربما يحرقُها بالنيران وهفوات الإبتعاد.....كُل شيء بات رماديًا لا لون له......تشرب قهوتها على نوتات نبضات قلبها التي تخفق على ترنّم اسمه ، نوتات تَيتانيكيّة غارقة في سفينة إجبار الكيان على الوقوف أمام هذا الموج من الهُيام!،
تنظر للنّاس، كيف يتماشون مع الحياة، وكيف يمارسونها بحُب قريب ، وكيف افواههم تمتلأ بالحديث الكثير وتنفرج ابتساماتهم لتتلوها ضحكات صاخبة تنّم عن سعادتهم وسط حُزنها الرمادي

.
.
ركان
أنتَ قلبي
أنتَ لي وحدي
أنتَ كما أنا أريد
رجل بلهفة عُشق جميل
رجل بابتسامة حُب عميق
أنت ركان قلبي
وهذا يُعني فيما معنى اسمك
أنت ثبات قلبي ووقارهُ!
تحملّني على مراحل الحُب السبعة عابثًا
بكياني ونبضي
تحتضنُي على ريش الهوى
وتُغمض عينايّ على نوتات الصبابة
وعلى همسات اعترافاتُك الداخلية من الحُب
تُمسك يداي تجعلني ادور حول نفسي وتوقعني في حضن الشغف
تُدخل نفسك في قلبي هوسًا
وتُداعب شعري وجعًا من الكلف
تُعاتبني على عشقٍ عميق ارتفع ادرينالينهُ في قلبك
ليجعلك تحدّثني مطولًّا
لا يُكفيك هذا
بل
تُراقصني على أعزوفة كلاسيكية تنّم عن العشق
لتسحبني لمرحلة النجوى
لتسرق عقلي واصبح مجنونةً لك
وتُبكيني في ابعاد وجهك عنّي متلاعبًا في قلبي
تُكمل مسيرة هذه المراحل
لنقع نحن الاثنان دون ادراك في هيامٌ
عميق
اعلم انّك هائمٌ بي كما إنني هائمة بك
ولكن تُحميني بالابتعاد
بالإنسلاخ من صفات ركان العاطفي اكثر من ان يكون قاسي!
.
.
.
تنهدت ..ازدادت مرارة القهوة على لسانها كمرارة حُبها!
سحبت الهاتف
ارسلت له
(إن حاولت الإبتعاد على مبادىء الحماية، فأنا أعشق المخاطرة ولا أقوى على بُعدك، احبك ركان)!
.
.
.
وصل اصبح أمام بابها، قلبه يخفق قلقًا، حُزنًا، وألمًا وعقله لم يتخطّى اعترافها ولم يتخطّى مشهد استنجادها به، هو عالق في مضيق رحيل، عالق في ذكريات رحيل وفي اعتراف رحيل، وفي حياة رحيل، اليوم عليه ان يتماسك من أجل ألا يخوضا جولةً في الغضب، اليوم عليه ان يتنازل من أن يسألها عن حُبها المزعوم، وعن اخبارها بشرط جدّه، اليوم فقط عليه ان يخرجها من حبل الضيق، ويدعوها بالدخول لحبل الرحمة والسكينة، ويريها نور الحياة، والدنيا التي غابت عنها مطولًّا ، ارتجف جسده يخشى من ألا تصبر نفسه على إثارة الجدال في سؤاله عن الحبيب الخفي ، وعن تساؤلات كثيرة اخرى، يخشى من نفسه أن يبتدأ بها!
تقدّم خطوّة للأمام ازدرد ريقه وناول الورقة التي اعطاه إيّاها ركان للشرطي.....الذي سحبها وقرأها والتي تدل عن الافراج عن رحيل بختام رسمي من قبل مركز الشرطة لولاية ما ساتشوستس، ولكن اجرى اتصال سريع لم يأخذ ثوانٍ حتى به
امر ليث بالانتظار ثم دخل الشرطي وبقي الآخر خارجًا
.
.
.
اخذت ترتدي الحجاب الذي جلبه لها ليث في كل الاوقات ، لا شيء الآن يوقفها من ارتداؤه، قد جدلت شعرها وادخلته في ملابس المستشفى ولفّت على رأسها الحجاب، حالتها النفسية باتت متدمرّة مازالت تريد العودة إلى السجن ما زالت تريد ان تعود لذلك المكان الذي لملمت بها نفسها، لا تريد رؤية ليث ولا تريد أن تختلي معه في مكان واحد لا تريد أن يستنفذ طاقتها التي استفذها الزمان مطولًّا لا تريد أن يُهيمن عليها بسيطرته الذكورية عبثًا لعنادها ، هي قرأت في عيناه الكثير وهي التي درست لغة العيون مجانًّا داخل السجون، تفهم الرغبات ، والنوايّا من خلالها، كم سجينة نوت بها خُبثا؟ وكم سجينة نوّت بها شرًّا وفعلته طيلة سجنها اللئيم ، لا يصعب عليها أن تفهم رغبات ليث لا يصعب عليها ان تقرأ حتى افكاره فهي قرأت افكار الكثيرين ، سمعت الباب ينفتح ونظرت للشرطي الذي اقترب
منها

ثم قام بتحرير يدها اليسرى من الاصفاد
ثم اردف لها أنه تم إطلاق صراحها
في الواقع لم تفهم شيء
هل بهذه السهولة ينتهي الأمر؟
هل تصدّق ما قاله
بحلقت في ظهر الشرطي وهو يفتح الباب ويخرج ويتركه مفتوحًا بأمر ليث
سمعت صوته

هل اخذت الحريّة؟ ولكن الحريّة لا تُليق بها هي اعتادت على ذلك المكان الذي يُلملم ضياعها ، اعتادت على الوحدة، على البكاء مطولًّا دون حضن يخفف عنها ودون دموع تنساب على خديها لتريح قلبها!
كيف ستعيش ؟ كيف تجرّب العَيش بطريقة اخرى بعدما اعتادت على كيفية لئيمة جُبرت عليها دون رضا؟
.
.
لم تعي أمر انتهاء الحكم عليها، شعرت برغبتها الصارمة في البكاء، اخذت شفتيها ترتجفان على دخول ليث واغلاق الباب وراؤه نظرت إليه ونظر إليها
همست له : خلاص....انتهت محكوميّتي؟

يفهم شعورها الآن، شعور مخالط ما بين التصديق وعدم التصديق اقترب من سريرها
وهو يهز رأسه، وهي وضعت يديها على فمها لتنخرط بشكل مفاجأ في بكاء عميق، انتهت رحلة العناء، انتهت رحلة محاولات حفظ النّفس من وحوش يريدون بها شرًّا ومن نوايا خبيثة يريدون بها ذنبًا، هي حمت نفسها على مدار السنوات التي قضتها في السجن من التحرّشات ، سجينات مهوسات بالجنس ، سجينات مهوسات بالشغب، سجينات كارهات للمسلمين، سجينات كارهات للجنسيات العربية حاولوا وكثيرا في ايقاعها في المصائب، حاولنّ كثيرًا في سلب شرفها رغم انها امرأة مثلهنّ!، رسموا على جسدها جروح كُثر تقسم هذه الجروح انها نتجّت بسبب، دفاع رحيل عن نفسها، بكت السنين ومرّها

جلس ليث على طرف السرير تهجّد صوته: رحيل قولي الحمد لله.....قولي الحمد لله انها عدّت وانقضت....
اخذت تكرر الحمد بخشوع ، بعينين مغمضتين بقلب مضطرب ومشاعر جمّا ولكن هي غير مستوعبة

تذكر امور عدّده وكأنها حدثت بالأمس
كوقوفها في المحكمة
وصفعة والدها لها على وجهها
وتذكرت قوله: : ليتك متي بدل امّك!
زاد بكاؤها لأنها اشتاقت له، ولحنانه
نظرت لليث وهي تمسح دموعها قساوةً: خلاص.....كل شي انتهى....كل شي؟

ليث اقترب منها وضع يده على كفّي يدها تحدث: قولي كل شي بدا......رحيل.......انسى كل شيء....

سحبت كفيها منه ابتسمت بسخرية ووجهها محمر تحشرج صوتها بنبرة بكاء: انسى كل شي؟

تنسى واثر الجروح المتفرّعة على جسدها ستذكّرها بأيامها الصعبة، كيف تنسى وطعنت خصرها من الناحية اليُمنى في بعض الحين تتوهم وجعها؟
كيف ستعيش حُرّة وهي لا تعي معنى الحرية التي سلبوها منها في عمر مبكر؟

بكت قهرًا وهي تخبّا وجهها عن ليث الذي زاغ قلبه ألمًا عليها
سُعد انها بكت ، ربما لترتاح
اقترب منها اكثر، كان خائف من مبادرة الحضن من مبادرة لملمت الضيّاع.....
همس: رحيل.....
رفعت رأسها له ونظرت لحركة يده التي تدّل على رغبته في احتضانها
ضحكت في ضياع بكاءها وهي ترفض بهز رأسها وتبكي: اللي ابيه يحضني مو موجود مو موجود يا ليث!
.
..
.
.
.

انتهى









ان شاء الله يكون قد المقام

دعوواتكم لي (باقي اختبر



البارت ما راح ينزل على الواتباد هالفترة لأنه في الواقع ما هوب أنا اللي انزله
تنزله
صديقتي وحاليا مشغولة ومضغوطة



ايما حسين likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-20, 08:45 AM   #10

فيحااا

? العضوٌ??? » 477590
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » فيحااا is on a distinguished road
افتراضي

رواية جمييييييله وتذكرني بروايات قبل ودسمة على ان تعدد الشخصيات وكثرتها تشتت بس الروايه رووووعه واتمنى تستمر للختام
ايما حسين likes this.

فيحااا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:56 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.