آخر 10 مشاركات
499 - أكثر من حلم أقل من حب -لين غراهام - أحلام جديدة جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          219 - صديقان ...وشيئا ما - جيسيكا ستيل (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          أرواحٌ تائـهـة في غياهِبِ القَدَر (الكاتـب : الـميّادة - )           »          [تحميل] لعنة العشق ،للكاتبه / همس يوسف "فصحى" ( Pdf)ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          عــــادتْ مِنْ المـــــاضيِّ ! (1) * مميزة ومكتملة *.. سلسلة حدود الغُفران (الكاتـب : البارونة - )           »          بين مخالب النمر (106) للكاتبة: Lynn Raye Harris *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          لعـ زواج ـــبة (2) "الجزء 2 من سلسلة لعبة الصديقات" للكاتبة المبدعة: بيان *كاملة* (الكاتـب : monny - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-11-20, 06:31 PM   #1

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 4 نوفيلا سأخبرك سراَ * مكتملة ومميزة *








السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة على أعضاء المنتدى الكرام ، اشتقت إليكم كثيرا سيتم بإذن الرحمن نشر فصول نوفيلا( سأخبرك سرا) كاملة التي وعدتكم بها في نهاية رواية باليرينا الشرق
اتمنى أن ينال العمل ثناءكم واعجابكم دمتم بخير


وسام الاشقر




















فصول الروايه
الفصول 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، ... بالاسفل
الفصل 8
الفصل التاسع الأخير



ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 13-01-21 الساعة 03:35 PM
وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-20, 06:43 PM   #2

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-20, 06:54 PM   #3

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الاول


الفصل الأول



شايف البحر شو كبير

كبر البحر بحبك

شايف السما شو بعيدي

بعد السما بحبك



كبر البحر و بعد السما

بحبك يا حبيبي بحبك



نطرتك أنا ندهتك أنا

رسمتك على المشاوير

يا هم العمر يا دمع الزهر

يا مواسم العصافير



ما أوسع الغابة

وسع الغابة قلبي

يا مصور عبابي

ومصور بقلبي



نطرتك سنة يا طول السنة

واسأل شجر الجوز

شوفك بالصحو جايي من الصحو

وضايع بورق اللوز

ما أصغر الدمعة

أنا دمعة بدربك

بدي أندر شمعة

وتخليني حبك

—————————-

في وسط المياه الزرقاء الدافئة تتلألأ فوق سطحها لآلئ لامعة المشهد؛ نتيجة انعكاس ضوء الشمس الساطع فوق سطحها الناعم، مع انكسار أمواجها بحياء عند تلامسها لذلك الجسد الضخم، فيتلقاها بنعومة كأنثى تلامسه باستحياء فطري .

وقف بجسده يواجه البحر الذي يصل مستواه لركبتيه العاريتين بسبب سرواله القصير المنقوش بألوان صفراء، وخضراء، يعلوه صدره المكشوف أسفل قميصه الصيفي الأخضر، مفتوح الأزرار، يضربه نسمات الهواء العليلة، تداعب خصلات شعره الأسود فوق وجهه القمحي.

صدرت من حنجرته صرخة رجولية مختصرة، عند شعوره بجذب صنارته التي بدأت بالتحرك بقوة معاكسة لجسده، فتنبئه بكبر حجم الوليمة التي ابتلعت طعمها بعد صبر طال أكثر من أربع ساعات، قام بلف بكرتها بسرعة. ماهر متمكن يجمع خيوطها بقوة وشراسة، صائد يمني نفسه بوليمة شهية. بعد دقيقة واحدة استطاع القبض على سمكة متوسطة الحجم ممتلئة اللحم، ويلقيها بصندوقه الممتلئ بالثلج.

وقف يدندن بكلمات أغنيته المفضلة لفيروز؛ يسلي بها وحدته في ذلك المكان النائي عن البشر تقريبًا، إلا من منزله الساحلي الذي يملكه منذ أكثر من ثلاث سنوات، المجاور للعديد من المنازل الخاضعة للإنشاء.

خرج من المياه بساقيه المتساقط منها قطرات المياه؛ ليحدث نفسه بعد جمعه لأدوات صيدهx-وهو يحمل صندوق الحافظة للأسماك-:

- عليَّ جمع بعض قطع الخشب أولا، ثم أعد أكبر وليمة يمكن أن أتناولها، لقد بدأت عصافير معدتي تنادي باستماتة.

.....................

بعد ساعات قليلة كان يتخذ مجلسه فوق شاطئ البحر الأزرق فوق كرسيه الخشبي، يدخن سيجارته الخاصة باستمتاع مغمض العينين، يُخضع حاسة سمعه لمعزوفة الأمواج المتلاطمة، بجوار مقعده بقايا الحطب المشتعل الذي قام عليه مسبقا بإعداد وجبة الشواء للأسماك التي فاز بها منذ قليل .

ظل يفكر في ذلك الهدوء المحيط به من البشر- جاهلا كم مر عليه من الوقت وهو بذلك البيت الساحلي- يتمنى في تلك اللحظة أن يعود التيار الكهربائي للبيت، فهو يجهل سبب العطل المفاجئ منذ ليلة أمس عندما استسلم لنومه العميق؛ بسبب إرهاقه الجسدي جراء قيادته لمدة أربع ساعات متواصلة، ولكن الأهم الآن يجب عليه معرفة سبب تأخرها في الوصول كما وعدته- حتى الآن- ليعود يزفر بملل من قيده المكبل به بسبب انقطاع التيار.

شرد في أول لقاء بينهما لتشق شفتيه ابتسامة ناعمة على أول ذكرى غالية جمعتهما، ليقع صريعا في سحر عينيها، فتح عينيه ليشاهد المشهد بعيونه السوداء ليتجسد أمامه كشريط يمر أمام عينيه، فيندمج معه بعين الخيال.

**********

كان يقف وسط حشد من المدعوين الحاضرين على شرف حفل أبيه السنوي، الذي يقام بطريقة روتينية، احتفالا بأرباح شركاته بجانب استغلاله لمثل هذا الحفل المليء بالكثير من الصحفيين والإعلاميين؛ ليعلن عن تبرعه السنوي لإحدى الدور الخاصة بالأيتام، فهو مجبر دائما لتقبل مثل هذه النوعية من الحفلات بابتسامته البلاستيكية التي يهديها لمن حوله كــــــ"روبوت"متحرك- ولما لا فهو الوريث الوحيد لتلك الثروة الطائلة بلا شك .-

رفع كأس مشروبه- يتناوله بدون شهية- لتقع عينه على صديق عمره يعبر مدخل القاعة، تتبعه امرأة ترتدي فستانا باللون الأسود بأكمام طويلة من (الجوبير)، يظهر على طلتها الأولى حدة نظراتها لمن حولها بأنف مرفوعة، بكبرياء أنثى. فاق من تفحصها ليكتشف اقترابهما، فيعود إلى ذلك، منتظرا تحية صديقه له:

- أراكَ في أبهى صورتك صديقي العزيز .

اقترب منه "سيف الدين" يبادله العناق، ويقارعه بمزاح معتاد، ونظره معلق بفضول على من يصطحبها معه.

- بالطبع!!. أتشك في ذلك؟. أكاد أن أرى بعينيك نظرة غيرة، وحقد معتاد عليه منك منذ الصغر.

ابتعد عنه (عماد) عن مجال ذراعيه بعد أن بادله العناق الأخوي بابتسامته المرحة.

-لا أشك في ذلك؛ لأنني على يقين بأني في مجال منافستي لا منافس لدي، فيجب عليك الابتعاد عن مجال منافستي، ستفشل لا محالة !!!!.

ثم قطع حديثه المازح ليتبدل مكانه الجدية، ويقوم بتقديم من معه، يقول:

- أقدم لك "رغد" مساعدتي الخاصة بالشركة.

ابتسم "سيف" برزانة ورجولة ساحرة، ومد يده يقبض على يدها، يقول:

-تشرفت بمعرفتك سيدة "رغد".

بادلته التصافح بنعومة مبالغة، وبنظرة إغراء.

-بل الشرف لي سيد"سيف الدين".



انتشله من ذكراه صوت نباح الكلب المزعج الذي يكرهه، كما يكره تربيتها. نظر جهة اليسار ليشاهد جاره بالبيت المجاور يحاول السيطرة على كلبه الذي ينبح، ويقفز في محاولة منه الهرب تجاهه، فيزيد من جذبه من حزامه الجلدي الذي ينتهي بطوق يقيد عنقه، ولكن كلما زاد من جذبه؛ زادت شراسة الكلب كأنه يريد أخبار صاحبه بوجود شيء ما يضايقه، فما كان منه إلا أن رفع يده بتودد يلقي التحية على جاره من بعيد، يقول:

- السلام عليكم!. هل يوجد مشكلة مع كلبك اليوم؟.

كان يحاول فتح حوار بينهما لعله يساعده في إصلاح العطل الكهربائي لديه، فتفاجأ بتجاهل ذلك الجار المتعجرف، وانصرافه للداخل بعد أن نجح في السيطرة على هياج كلبه البوليسي أسود اللون.

همس من بين أسنانه بضيق -يسب سُبة خارجة- فإنه لا يتحمل أمثاله من المتعجرفين رافعي الأنوف، قائلا بسخرية:

- جار متعجرف، بغيض، ممتلئ بالدهن، أراهن أنه يأكل نصيب كلبه من اللحم ويلقي له بالعظام. معذور ذلك الكلب يريد الهرب من تسلطه.

ثم حدَّث نفسه بصوت مسموع لنفسه، كأنه يفسر سبب هياج الكلب تجاهـه (من المؤكد أنه كان يستنجد بي ليخلصه منه. مسكين أيها الكلب).

دخل إلي البيت يصدمه الظلام الذي بدأ يتخلل الأجواء؛ لاقتراب موعد غروب الشمس، فتضرب جسده برودة تخللت بشرته، فالمنزل من الداخل يزداد برودة عن الخارج، فألقى بجسده المرهق فوق الأريكة الكبيرة فيجب عليه جمع بعض قطع الأخشاب من البيت المجاور القائم تحت الإنشاء مؤقتا؛ ليدفئ برودة جسده.

تسطح بجسده، واضعًا مرفقه فوق عينيه، ينشد النوم بعد تلك الوجبة الدسمة التي تحتاج لكوب من الشاي الثقيل، ولكن لا بأس، سينام قليلا؛ ليستعيد نشاطه مرة أخرى؛ لعل يومه ينتهي، و يجده، أمامه كما أبلغته بالهاتف أمس.

**********

دخل بأناقته المعتادة شركة صديقه "عماد" يبحث بعينه عن مكان حجرته الخاصة، فهذه أول مرة يتنازل ويزوره في مكان عمله، ولكن حقيقة الأمر ما دفعه لتلك الخطوة المتهورة إلا شيء واحد: أراد رؤية من خطفت نبضات قلبه من أول لقاء، واستحوذت على تفكيره. تعجب كثيرا من تأثيرها عليه بهذا الشكل المخيف، وحاول أكثر من مرة طردها من حيز تفكيره، وإغلاق أبوابه بإحكام، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل المخزي. لَم ينسَ أنه ظل أياما يقاوم أن يفعل تلك الخطوة الجريئة المتهورة، التي لا تناسب سنه ومكانته بين رجال الأعمال. عند اقترابه من أحد الحجرات، لمحها بالداخل جالسة خلف مكتبها الخاص، تعمل بآلية، ووجه معقود، وحاجب مرفوع، بتحفز كأنها تحارب شيئا يزيد من اختناقها. أجفل من مراقبته عندما زفرت بقوة تنبئ عن فشلها في أمر ما. أراد استغلال تلك اللحظة حتى يمتّع عينيه من ملامحها ورؤيتها على سجيتها غير المصطنعة، ما كان منه إلا أن ضبط وضعية رابطة عنقه، وأغلق زر سترته، وتقدم برسمية حتى ثبت أمام مكتبها. اخذ من الوقت لحظة حتى تستوعب أن هناك ما يحتل الحجرة معها، ويمتلك جزءا من فراغها، فرفعت عينيها بوجه رسمي اعتادت عليه مع جميع العملاء، فاصطدمت عيناها بعيونه البنية، لاحظ ارتباك ملامحها للحظة، حتى كافحت للعودة كما هي بهيئتها الرسمية فسمعها تردف بروتينية:

- صباح الخير. تحت أمرك سيدي؟

ابتسم على رسميتها المصطنعة معه، أتناست أنها رقصت بين يديه في حفل والده؟! وكادت أن تفجر أصبع قدمه بكعب حذائها عندما أخطأت في خطواتها، فأجابها برسمية مماثلة:

-مساء الخير سيدة "رغد ". نحن الآن أصبحنا بعد العصر!

لاحظت نبرة السخرية بلهجته فأكملت بنفس الرسمية:

-تحت أمرك سيد "سيف الدين" هل يمكنني مساعدتك؟.

وقفت يستقيم في وقفته يتلاعب بقطعة كريستالية فوق مكتبها بإهمال، وابتسامة لم تفارقه فأردف بثقة:

-نعم. لقد جئت اليوم لمقابلة رب عملك "عماد بك".

كان يريد استفزازها وإحراجها والتقليل منها. هل هذا بسبب تجاهلها لمعرفته عند دخوله؟ فأجابته وهي تشيح بنظراتها عنه، تتلاعب بأوراق ملفها المسبب لها الضيق:

-السيد "عماد" لديه اجتماع مغلق سيستمر لمدة ساعتين. من الأفضل أن تعود في وقت آخر حتى يتمكن من مقابلتك "سيد سيف"".

وضع قطعتها الكريستالية فوق مكتبها بهدوء ،وتراه يتراجع يجلس بأريحية بعد أن تحرر من زر سترته فوق الأريكة الخاصة مواجها لها، ثم يتبعه بوضع ساق فوق أختها. يجيبها بنفس الثبات المعاكس لضربات قلبه التي تدفعه لاستفزازها

-سأنتظر حتى ينتهي. أم لديك مانع؟!

ارتبكت لجلوسه واستفزازه الغير مسبب فسألته بدهشة:

-ستنتظره هنا !!!!. ساعتين؟.

حرك رأسه ببطء بالإيجاب، فزفرت بخفة، حاولت تمالك أعصابها، لتشغل حالها مرة أخرى بذلك الملف الذي تقوم بمقارنته للبيانات بجهاز الحاسوب، ولكنها في كل مرة تجد خطأً تجهل مصدره وسببه. رفعت أناملها تدلك جبينه؛ تخفف توترها، في محاولة التركيز مرة أخرى، ومعرفة مصدر الخطأ. إنها لا ترغب في أن يحط عليها جام غضبه الناتج لخسارته في آخر صفقة.

شعر بتوترها مع خفض نظراته لأصابعها المهتزة بشد، تحاول فردهما وثنيهما أكثر من مرة، وتضرب على أزرار الحاسوب المحمول خاصتها بقوة، وباليد الأخرى أوراق كأنها تقارن شيئا ما بين الأوراق والشاشة أمامها بجبين معقود. لم تنتبه لتحركه ولا لوقوفه خلف مقعدها. صدرت منها انتفاضه عندما رأته يميل من خلفها يهمس بجانب أذنها، يشير إلى شيء ما على شاشة الحاسوب قائلة:

-افتحي ذلك الملف.

ارتبكت من اقترابه بذلك الشكل الذي سبب لها الانتفاض، ظلت مستكينة تنتظر ابتعاد، قائلة بصوت متوتر:

-هل يمكن أن تبتعد قليلا؟!.

ظل على نفس انحنائه ينظر لجانب وجهها بوله، وابتسامة تزين شفتيه بمكر ظاهر، ولم يلبي طلبها، بل طلب منها مرة أخرى -بصوت منخفض هامس سبب قشعريرة بجسده، وأنفاسه تضرب جانب وجهها-:

- نفذي ما قلته. عليكِ فتح ذلك الملف وستجدين ما أنتِ محتارة به، ومستعصٍ عليك.

رمقته بجانب عينيها باضطراب، ونفذت بتردد ما يطلبه منها، وقامت بفتح ما يشير إليه. كانت تظن أنه سيحررها، ويعود بمكانه الذي احتله منذ دقائق، إلا أنها تفاجأت برفع جسده عنها، مستندا بكفيه خلف مقعدها، ويملي عليها بعض الخطوات التي نفذتها بآلية، حتى وصلت لملف مفقود كادت أن تحذفه سهوًا منها، فزفرت تخرج هواء رئتيها براحة، وسعادة انتصار. أما عنه
: وقف خلفها واضعًا كفيه بجيوب سرواله الأنيق منتظرا التفاتها إليه، فشاهدها تلتف بمقعدها المتحرك، تبعها وقوفها بابتسامة متوسطة تردف بعبارات شكر:

- شكرا لك. أنا منذ الصباح وأنا أحاول الوصول إلى مصدر الخلل، ومع كل محاولة أفشل في ذلك. كدت أن أجن وأفقد الأمل في حل تلك المشكلة. شكرا لك مرة أخرى.

ظل ينظر لها وهي تكرر عبارات شكرها المملة بعين الإعجاب، فأراد استفزازها:

-يبدو أن خبرتك قليلة بالعمل بالحاسوب، ولكن كيف حصلت على مثل تلك الوظيفة بتلك المؤهلات الغير ملائمة لها.

رفعت أنفها بكبرياء من سخافة عباراته تقارعه:

-لا تظن أن بعبارات الشكر التي قدمتُ لكَ منذ لحظات تعطيك الحق بأن تسخر من مؤهلاتي ومهاراتي، فذلك خطأ عابر يقع فيه أذكى الماهرين، وكما يقولون: (لا يقع إلا الشاطر ) سيد "سيف الدين".

**********

طرقات خفيفة يكاد يستمع لها أثناء غفوته كما اعتقد، جعلته ينتفض من نومته، يفتح عينه بالظلام المحيط إلا من كشاف يدوي مضيء فوق الطاولة، فعقد حاجبه وتساءل: هل نام تاركا مصباحه مضيئا؟! ولكنه قبل أن تأخذه الأفكار كثيرا انتبه لنفس الطرقات البسيطة مرة أخرى بإصرار من صاحبها. تحرك يفتح بابه ببطء لتقع عينه على فتاة صغيرة الحجم نحيفة الجسد تضم نفسها بذراعيها، وتدلكه بكفيها صعودا وهبوطا، فعقد حاجبيه من هيئتها وصمتها، وظل ينظر خلفها بالخارج، حتى لاحظ حلول الظلام الدامس على الأجواء بالخارج، وانتشار الهدوء من حوله إلا من صوت تلاطم الأمواج العال، فتنحنح يجلي حنجرته لعله؛ يفهم من هي، وماذا تريد، والأهم من أين أتت، ولكنها لم تمهله يسأل، فنطقت بشفاه بائسة مرتعشة:

-آسفة على الإزعاج. يبدو أنني أقلقت نومك. هل تسمح لي بالدخول؟. فانا أكاد أتجمد من البرد بالخارج.

لم تعجبه جرأتها، وتعاملها معه كأنه فرد من أهلها، أو كصديق قديم يُطلب منه وينفذ بالحال، فنظر إليها وهي تحاول تدفئة جسدها بكفيها -رغم أنه لا يشعر بأية برودة مثلما كان يشعر منذ ساعات- فكان دوره بأن يسأل ببعض الحدة:

-هل لي أن أعرف من تكونين أولا؟. وكيف أتيت إلى هنا؟. قبل السماح لك بالدخول -إن وافقت على ذلك-.

نظرت تجاه البيت الساحلي المجاور نظرة طويلة، ثم واجهته بضعف –تجيبه-:

-أنا أعمل لدى تلك العائلة التي تحتل البيت المجاور.

صمتت للحظات فنظر لها بعينيه؛ يريد المزيد من التوضيح، فأكملت بصوت ضعيف:

- لقد خرجت للتمشية بعد نوم الجميع، ونسيت مفتاحي الخاص بالداخل. فأنا عالقة بالخارج منذ أكثر من أربع ساعات، وعندما اشتد البرد بي، فكرت أن ألجأ لمن يسكن هنا حتى يأتي الصباح.

ظل صامتا يراقبها من علو، يقيم كلماتها، وبعد ثانية تنحى مبتعدا عن مدخله؛ لتولج بأقدام هلامية، تحمد خالقها أنه سمح لها بالدخول. اتجهت بآلية جهة غرفة الجلوس، تجلس بأريحية فوق الأريكة، وتردف:

-شكرا لأنك سمحت لي بالدخول.

وقف ويديه بسرواله القصير يسألها:

-أتريدين مشروبا ساخنا يساعدك على التدفئة؟.

هزت رأسها بالرفض:

-شكرا لكرمك. لست بحاجة لذلك.

تحرك يجلس على أريكة مجاورة لها يسألها بفضول:

-ما اسمك؟!.

أردفت بسرعة تجيبه:

-روح. اسمي "روح".

**********






التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 26-11-20 الساعة 08:07 PM
وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-20, 06:57 PM   #4

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الثاني

الفصل الثاني
سألها مرة أخرى حتى يكمل معلوماته عنها:
-أخبرتني أنك تعملين لدى جاري البدين منذ دقائق. ما نوعية العمل لديه؟. هل تعتنين بكلبه المزعج؟.
ابتسمت ابتسامة بسيطة توضح له:
-نعم اعتني، ولكن لا اعتني بكلبه، بل بابنه المزعج المثير للأعصاب أكثر من عشرة كلاب. ههههه.
مزحتها لم تجعله يضحك. ظل يراقب ملامحها البسيطة جدا، وشاح رأسها يخفي شعرها أسفله. فعندما استشعرت مزحتها البسيطة لم تؤتِ بثمارها ارتبكت.
فقال بتعجب واضح:
-هل يوجد ابن لذلك البدين؟. كم عمره؟. لم أراه مطلقا.
رفعت أناملها الرفيعة تلمس جوانب وشاحها بتوتر تجيبه:
-خمس سنوات.
اسند وجنته لقبضته ينظر لها ببعض القلق:
-ولكني لم أراه في أي وقت من الأوقات على الشاطئ مع والده. ولم أراكِ أنتِ أيضا. لقد اعتقدت أن ذلك البدين قاطن هذا البيت وحيدا مثلي، يشكو الفراغ والوحدة.
هزت رأسها بطريقة سريعة توافق على كلماته تجيبه:
-لقد كان يمنعني من الخروج خارج البيت خوفا على ابنه من البحر.
رفع حاجبه واستثار سمعه صيغة الماضي:
-قد كان؟ أم مازال؟.
أجابته بثبات وهي تنظر بعيونه بهدوء وسط الظلام المحيط إلا من مصباحه الصغير:
-مازال. مازال يمنعني. خوفا من يصيبني ويصيب ابنه مكروه.
أشاح بوجهه عنها ينظر للفراغ بصمت، وظلت هي تراقب ملامحه الجذابة بحزن شديد، فأردفت تسأل بغرابة:
-هل ستظل هنا وحيدا؟.
التفت لها بسرعة وقد فاجأه سؤالها الغريب فسألها بحدة:
-كيف علمتي بوحدتي فأنا لا أذكر أني أخبرتك بشيء خاص بي منذ دخولك.
ابتسمت ابتسامة بسيطة تجيبه:
-توقعت ذلك. لو كان هناك غيرك بالمكان لكان جالسًا معنا الآن وسط ذلك الظلام الملتف بنا . كما أنني رأيتك مرة من خلف زجاج النافذة المطلة على الشاطئ.
هز رأسه بعدم اقتناع يشعر بداخله ببعض الريبة من تلك الفتاة رغم بساطتها وهدوء ملامحها إلا أن يحيطها الكثير من علامات الاستفهام، فسأل نفسه قبل أن ينطلق السؤال على لسانه بفضول:
- أليس من الآمن اللجوء لسيدك وطرق بابه بدلا من طرق باب غريب وحيد مثلي في مثل ذلك الوقت؟.
نظرت له بعض لحظات بصمت ظهر له شرودها للفراغ، ثم همست بصوت ظهر اهتزازه واضحا له يشوبه السخرية:
-نعم. نعم . كان يجب عليّ طرق بابه وإيقاظه من نعيم نومه حتى أنال منه أشد عقاب؛ لإفساد راحته، والخروج بدون علمه.
نظر إليها يدقق في سكونها وشرودها. لقد ظن أن حريٌّ به أن يقلق من تلك الغريبة المتطفل، ولكن اتضح أنها أضعف من أن تقتل ذبابة. ابتسم بداخلها عن منحنى تفكيره، هل هو بعضلاته وقوته التي كان دائما يتباهى بها أمام أقرانه يخشى من تلك الأنثى الضعيفة؟!. سألها بفضول -وهو ينحني يجذب سيجارته البيضاء من علبته-. تحركت عينيها الصغيرتين تراقب أصابعه تتحرك بالهواء، وتسمعه:
- هل ذلك البدين يمارس معك أي إيذاء جسدي؟!.
نظر لها وهو ينفث الدخان الغير ظاهر وأكمل بصدق:
-عليك إخباري بحقيقة الأمر. إن كنت تتعرضين لأي ضغط من أي نوع أو إيذاء يمكنني أن أ...
قاطعت حديثه بابتسامة حزينة يشوبها السخرية:
- ماذا تظن أنك فاعل؟!. ستحدثه بألا يعاقبني. أم ستهدده مثلا أم ستحارب من أجلي؟!.
ظهر الارتباك واضحا الذي يحاول إخفائه خلف انشغاله بسيجارته، فأكملت بصوت ينخفض تدريجيا حتى تلاشى مع آخر حرف:
-أم ستبلغ الشرطة؟!.
رفع كتفيه بلا مبالاة يجيبها، وهو يتحرك بمصباح يده:
- ولا هذا ولا ذاك. فالأمر لا يخصني حتى أتدخل فيه. وأعرض نفسي للمشاكل.
-هذا ليس ما أبلغتني به من قبل. لقد ظننتكَ مهتما !!!.
عقد حاجبيه ينظر لها مستفسرا عن مقصدها، ولكنه فضل إلا يخوض ويتعمق في تلك المواضيع الغير هامة. ضيق عينيه أكثر عندما شاهدها تتربع فوق أريكته الخاصة التي كان مستلق فوقها منذ قليل، فحذرها بإشارة من سبابته:
-إياكِ وإفساد أريكتي الجديدة. لا تحاولي نزع غلافها.
نظرت بجوارها فوق الأريكة يمينًا ويسارًا تتفحصها، ليجدها ترفع كفيها بالهواء باستسلام طفولي:
-أقسم إلا أفعل!.
حاول جاهدا التحكم في ابتسامته الفطرية لتصرفها، فقال يضيف لها بطريقة آمرة:
- يجب عليك أن تكوني ضيفة خفيفة؛ حتى لا تعرضي حالك للطرد. فأنتِ على دراية بحالة الطقس بالخارج.
- مفهوم. مفهوم. لستَ مضطرا لاستخدام عنصر التهديد لفتاة لطيفة وتعيسة مثلي.
رأى بعينيها الصغيرتين مدى استسلامها لحياتها، فأراد أن يتعامل مع ذلك الأمر المؤقت بلباقة بعيدا عن جفائه، فأخبرها وهو يتجه إلى حجرة الطهي المصممة على الأسلوب الأمريكي:
-سأعد لك مشروب الشيكولاتة الساخنة؛ حتى يمدك ببعض الدفء.
وقف يبحث بمصباح في يده في الأرفف عن مكان ذلك المسحوق المفضل لدى الفتيات، فيهمس لنفسه:
-هذه علبة الشاي. ما هذا؟. لا لا أريده فهو: قهوة، لا إنه السكر. جيد. باقي لنا أن نعرف أين ذلك المسحوق السحري المتملك لروح الفتيات.
-هذا هو وجدته!.
انتفض رعبا عندما وصله صوتها الهادئ خلفه، ليسقط المصباح من يده مصدرًا صوتًا مزعجًا:
- لِمَ لم تصدرِ صوتا!.
ابتسمت وهي تحتضن بين كفيها علبة مسحوق الشيكولاتة، تسأله بفضول:
-هل أفزعتك؟. لم أكن أعلم أنك تخاف من الأشباح وتلك الخرافات.
جمع شتات نفسه، ومرر أنامله يغمرها بخصلات شعره يهدئ من روعه، يدافع عن نفسه:
-مطلقا !!!. لا أخشاهم مطلقا!!!. لأن بالنهاية ستظل تلك الأمور خرافات كما ذكرت منذ لحظة.
ابتسمت له تمد يدها له بعلبة المسحوق فأخبرته:
- دعني أقوم بإعداده لنا. ولكن أين مُشعل الموقد؟.
حاول البحث عن أداة الإشعال اليدوية؛ فالموقد يعمل بالكهرباء (بالإشعال الذاتي)، ولكن قطع التيار يجعل المهمة صعبة. اندهش عندما فتحت إحدى الأدراج تبحث عن غايتها لتقول بانتصار:
-لقد وجدته.
راقبها وهي تتجه لتضعه فوق الطاولة الرخامية تطلب منه:
- هل أشعلت لي الموقد فأنا أخاف بعض الشيء من استخدام موقدك.
اقترب يشعله بسلاسة، وقام بعدها بوضع المياه. لاحظ تراجعها لتراقب عمله بهدوء، فسألها ساخرا:
-كان هناك شخصا قدّم مساعدته لإعداد المشروب الساخن. تراجعه يدل على أنه فاشل في إعداده. أليس كذلك؟.
ظلت ساكنة تراقبه أسفل الإضاءة التي بدأت في الضعف؛ لانخفاض بطاريتها فهمست بصوتها الرقيق:
- مصباحك أوشك على النفاد. يجب عليك البحث عن سبب انقطاع التيار الكهربائي في أقرب فرصة.
هز رأسه موافقا وهو يملأ الكوبين بالمشروب الساخن، وقال وهو يتقدمها لتتبعه:
-نعم. غدا بإذن الله سأبحث عن سبب الانقطاع، رغم ملاحظتي لوجود الكهرباء بمنزل البدين.
ضحكت برقة وهي تلقي بحالها فوق أريكته الثمينة متربعة كما كانت. تصحح له:
-يدعى "شوكت". البدين اسمه "شوكت ".
حرك كوبها من فوق الحامل يضعه أمامها مع حمله لكوبه يرتشف منه؛ لتساعده على التدفئة. لا يعرف سبب ازدياد برودته ليلا. ظل يرتشف من كوبه بصمت يراقبها من فوق حافة الكوب بفضول، يتفحص هيئتها الملائكية البسيطة، لا يفهم سبب فضوله حولها. رغم بساطتها إلا أنها غامض؛ غامضة بشدة. كاد أن يسألها سؤاله، فسمعها تسأله بفضول:
-هل تزوجت؟. أاااقصد: هل أنت متزوج؟.
أجابها بسلاسة مع استمرار رشفه للمشروب:
-نعم. منذ ستة أشهر.
رفرفت بأهدابها بطريقة رفرف بها قلبه، فتسأله مرة أخرى:
-أين هي؟. أليس من المفترض أنك عريس جديد. لِمَ أنتَ وحيد الآن؟!.
أراح ظهره على أريكته الفردية؛ واضعًا ساقا فوق الأخرى، يقارعها ببعض الحدة:
-ألا تلاحظين أنك تتدخلين فيما ليس لك شأن به.
أخفضت رأسها بانكسار واضح، وظلت تتلاعب بأناملها بطرف أريكته بنعومة، وقالت بعد لحظات قليلة:
-آسفة على التدخل في شئونك. اعترف أني ثرثار؛ كثيرة الحديث. لقد كانت زوجة أبي تطلق عليَّ "مذياع الحارة".
تأثر من صوتها ونبرتها التي يشوبها البكاء، فأجابها بعد أن أراح كوبه فوق الطاولة وأولاها اهتمامه:
-لم أقصد إهانتك، أو الإساءة لشخصك، ومع ذلك سأرضي فضولك أيتها "الروح". من المفترض أن تكون معي في عطلة استجمام بهذا البيت البعيد عن السكان والضوضاء، ولكن شركتها قطعت أجازتها لعمل هام، وستلحق بي إلى هنا كما اتفقنا.
ابتسمت ابتسامة لم تصل لعينيها، تراقب ملامحه برضا فقالت بفضولها المعتاد:
- يبدو أن هناك قصة حب تطوف في الأجواء.
ابتسم يهز رأسه؛ فهذه الفتاة سيقتلها فضولها يوما أن لم تتوقف. فأدار دفة الحوار:
-ماذا عنكِ؟. هل أحببتِ من قبل؟.
رفعت نظرها إليه بعد أن كانت مشغولة بالتلاعب بأريكته الغالية باهتمام لسؤاله. فلاحظ لمحة الحزن غمرت عينيها. فوجدها تحرك شفاها الصغيرة تجيبه بهدوء:
- يبدو أن ليس لي نصيب في تلك الأمور. فأنا فتاة بسيطة حكمت عليها الأيام بأن تعيش حياة ليست باختيارها. حياة يحرم فيها الحب والأحلام.حياة لا تعرف فيها إلا البؤس والشقاء. أتعلم؟. تلك الدنيا هوة سوداء تبتلعك أن لم تكن لديك القدرة على مجابهتها؛ كما فعلت بي!.
- لمَ تلك النظرة السوداوية عن الحياة؟! فالحياة جميلة تملؤها المتع والبهجة يجب عليك سرقة نعيمها قبل نفادها.
رفعت ذقنها له تقارعه:
-تلك نظرة أرباب الأعمال، وأصحاب الشركات والثراء الفاحش؛ مثلك، ليست نظرة الطبقة الكادحة المطحونة لتوفير لقمة للعيش.
ساد الصمت بعد محاضرتها الرنانة ليهدأ الجو من حولهما، ويعم السكون إلا من صوت أمواج البحر بالخارج، وأنفاسهما المضطربة، فوجدها تبلغه بصوت مهزوز منكسر:
- سأخبرك سرًا "سيف بك" وهذا سيكون سري الأول لكَ: لقد أحببتُ مرة واحدة فقط .

**********











التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 26-11-20 الساعة 08:08 PM
وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-20, 08:09 PM   #5

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

رتبت الروايه وحذفت الفصول وابقيت فقط اثنين حسب طلبك

بالتوفيق


um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
قديم 26-11-20, 08:19 PM   #6

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
رتبت الروايه وحذفت الفصول وابقيت فقط اثنين حسب طلبك

بالتوفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكرا غاليتي على تعبك لكي مني اجمل تحية


وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-11-20, 09:28 PM   #7

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الثالث

الفصل الثالث
واقفا خلف نافذته المطلة على شاطئه الخاص، يتأمل حركة الأمواج في مثل هذا الطقس البارد الذي يدفع ذلك البحر العميق بإلقاء ثورته على رمال الشاطئ بغضب، ففكر تفكيرًا جنونيا مخالفا للمنطق: ماذا سيحدث إذا ألقى بنفسه في أحضان ذلك البحر الثائر في تلك اللحظة؟. انتبه لصوتها الثرثار، وروحها المرحة التي لا تحمل همًا تقترب منه، وفمها مملوء بالحلوى التي عرض عليها تناولها منذ لحظات:
- رائعة تلك الحلوى. لم أتذوق مثلها بحياتي كلها.
التف إليها يواجهها بجسده، يمرر عينه على تلك القطعة الحية النادرة بإعجاب. صعب عليه أن يخفيه ليرى امتلاء وجنتها نتيجة حشو الكثير من قطع الحلوى الهلامية الملونة بفمها الصغير الوردي الخالي من أي ألوان صناعية. ظل ينظر إليها باستمتاع تعجب منه. لم تجمعه معها إلا عدة لقاءات قليلة، وتم التعارف بينهما؛ ليتفاجأ بتعاملها معه بكل أريحية كالتي تعرفه منذ سنين عدة. تجلى صوته عندما طال النظر بينهما، فبدأ يظهر فوق ملامحها بعض الاضطراب من نظراته، فقال بصوت مرح:
- أتمنى أن تكون خدمتنا نالت إعجاب سيادتكم.
رفعت أناملها تلمس وشاح رأسها الوردي المزدان ببعض الفصوص اللامعة البسيطة، فأجابته بصوت مضطرب:
-أعتذر. فقد قمت بالتهام جميع الحلوى الموجودة. ليس من الذوق أن يصيبني الفجع لأقوم بالتهامها بذلك الجنون بعد أن قمت بدعوتي لتذوقها.
وضع يديه بسرواله، وتحرك باتجاه حجرة الطهي؛ يعد له شيئا ساخنا يدفئ جسده المتجمد من برودة الطقس، فهمّت تسير خلفه بخطواتها الهادئة فقالت بنفس راضية:
-دعني أنا أقوم بإعداد المشروب. فلا تنس أنها وظيفتي.
ابتسمت لها، وأردف بهدوء يماثل شخصيته:
-لا عليك. سأقوم أنا بإعداده، أم ترغبين برد دَين الحلوى التي التهمتِها كالأطفال؟!.
خجلت من تصرفها الغير مسئول؛ فهي تعرف أنها عنيدة، ومتهورة، وثرثارة، كما كانت تدعوها زوجة أبيها، فأخبرته وهي تهم بالتحرك للخروج من بيته الساحلي:
-يبدو أنني بالفعل تطفلت عليك كثيرا، وأنت لا تعرفني سوى من إسبوع واحد. أعتذر منك !!!.
همت تتحرك فأوقفها ممسكا معصمها بقبضة حديدية، انتفضت على إثرها، ليحررها سريعا عندما زاد توترهما نتيجة اندفاعه في لمسها:
-انتظري. فأنا لا اقصد ما فهمتي. أنا لم أذكر أنك متطفلة أو أشرت إلى ذلك، لمَ ذلك الغضب إذًا؟!.
ظلت تلمس بأناملها مكان قبضته فوق معصمها بصمت ثم أردفت بخجل:
-يبدو أنني تهورت هذه المرة أكثر من اللازم حتى أدخل بيتك وأتجول به كما لو كنت صاحبته. لقد نسيت أنني مجرد خدامة.
هز رأسه معترضا على ما تقوله مدافعا عنها:
-أنتِ لست خادمة!!! كم عدد المرات التي صححت فيها تلك المعلومة لكِ. أنتِ مُربية. (مُربية أطفال). أفهمتي، أم تريدين حشو تلك المعلومة بعقلك الصلب؟!.
كادت أن تجيبه وتشكره على نظرته اللطيفة لها، المخالفة للواقع الأليم. إلا أنها انتفضت عند سماع صوت محرك سيارة سيدها، الذي ذهب للتسوق مع أسرته، تاركا إياها بالمنزل وحيدة؛ فصرخت رعبا وهي تتجه للباب الخلفي الذي تتسلل منه :
-يجب علي العودة قبل أن يكتشفا عدم وجودي بالمنزل في غيابهما. سيعاقباني. سأراك لاحقًا سيد "سيف".
وجدها تهرول برعب خارجة من الباب الخلفي، فنادى عليها بلهفة:
-انتظري. انتظري يا...
*******************
منذ أن استيقظ من نومته فوق الأريكة، وهو على وضعه ثابتا داخل إطار الباب الخلفي المفتوح للمنزل، المطل على ممر ضيق، فاصل بينه وبين البيت المجاور. لا يتذكر من حلمه سوى خروجها مفزوعة من الباب الخلفي كما هو واقف الآن، لينتفض مستيقظا، ينفض النعاس من عينيه، يبحث عن تلك الغريب، ونيسته طوال الليل. لا يفهم متى غفل عنها أثناء جلسته؟ ومتى خرجت من بيته؟ بعد عدة لحظات من التفكير، نهر نفسه بشدة عما يصدر منه الآن، فلا يوجد سبب واضح يدفعه بالربط بينها وبين من زارته في أحلامه. رغم أنه لا يتذكر ملامحها جيدًا. رفع عينه لأعلى لعله يلمحها من خلف أي نافذة من ذلك البيت، يريد أن يلقي عليها العديد والعديد من الأسئلة. لقد ضربه شعور أكيد أنها على معرفة مسبقة به. هل بالفعل كانت تعرفه قبل ثلاث سنوات؟ -قبل حادثه المريع الذي فقد على إثره الذاكر؛ ليفقد بعدها نفسه وهويته وكل من عرفهم-. لولا مجهود والده وصديقه لإعادته مرة أخرى يقف على قدميه لكان الآن ضائعا بلا هوية. زفر بضيق وشعر بآلام ضربت رأسه من كثرة التفكير والضغط على ذاكرته؛ لتذكر ما لا يتذكره. تحرك بهدوء يغلق الباب خلفه من الداخل بإحكام عن طريق المزلاج متجها لعلبة دوائه الموصوفة لحالته القابعة فوق اللوح الرخامي الأخضر بحجرة الطهي. همس لنفسه بعد انتهائه" ماذا بك سيد "سيف"! يجب عليك لملمة حالك، والتركيز على مستقبلك وحياتك، لا ماضيك الذي تجهله".
تحرك للخارج ممسكا مصباحه اليدوي المغلق، يحاول البحث عن صندوق الكهرباء الرئيسي، ويبحث عن سبب ذلك العطل، فلن يطيق الانتظار في الظلام أكثر من ذلك، وهو في حاجة ملحة إلى شحن هاتفه المتنقل. فكر كثيرًا بأن يستخدم سيارته في شحن ذلك الهاتف ولكنه خشيَ أن تتعطل هي الأخرى ويحجز بدون سيارة أثناء رحلة العودة. خرج من باب بيته المطل على الشاطئ فصدرت منه التفاته لا إرادية للبيت المجاور الخاص بجاره؛ يتأمله بصمت لعله يلمحها، ويعرف سبب خروجها من بيته بدون علمه، أو حتى شكره على واجبه الإنساني الذي قدمه لها. نهر نفسه مرة أخرى على انشغاله بها، وتحرك يضرب الرمال بفضول يحاول البحث عن صندوق الكهرباء الرئيسي فتحرك حول البيت في محاولة فاشلة. كاد أن يصرخ غضبا؛ كيف له إلا يتذكر مثل تلك الأمور البسيطة، كمكان وجود الصندوق الكهربائي، لابد أنه موجود في مكان ما هنا.أغمض عينيه يضغط عليهما بقوة يحاول التركيز لعله يتذكر. لعن حاله، ولعن اللحظة التي قرر فيها الاستجمام بذلك البيت. تذكر عندما قرر والده بيعه بعد الحادث الذي أصابه منذ ثلاث سنوات، لقد تشاءم منه الجميع -إلا هو- هو الوحيد الذي رفض التخلي عن، كأن روحه متعلقة به. أو كما ادعى أنه سيساعده في استرداد ذاكرته التي فقدها. أثناء شروده لمح هدفه؛ ذلك الصندوق المعدني رباعي الشكل، فابتسم ابتسامة انتصار زينت ثغره المختفي خلف شاربه ولحيته، وعند استعداده لفتح ذلك الصندوق الذي يعلق عليه أحلامه في عودة الكهرباء، اشتم رائحة الياسمين تضرب أنفه بقوة، فضربه شعور أنه اشتمها من قبل، فهذه الرائحة يألفها وتألفه. التف خلفه فضربه مرة أخرى شعور بالسعادة والفرح لا يعرف سببه عندما التقت عينيه بعيونها الصغيرة. كانت تقف أمامه بنفس ملابسها تقريبا، ونفس وشاح رأسها الرقيق المطرز بفصوص لامعة. ظل صامتا يدقق في لون عيونها الذي لم يستوضحه بالأمس في الظلام، وعندما طال صمتهما أجلى صوته بخشونة يردف بأول كلمة ضربت رأسه ، كأنه يتأكد من وجودها:
- روح!!!!.
زادت ابتسامتها بثغرها الوردي، وظل يفكر بشرود فيهما (إنها نفس الشفاة التي زارته في أحلامه ليستيقظ ناسيا تفاصيله). انطلقت تجيبه على سؤاله:
-نعم. أنا هنا.
بلل شفاه الجافة بلسانه يرطبهما يقول باتزان:
- لقد ظننت أنك تخليت عن خدماتي سريعا عندما استيقظتُ لأتفاجأ بانصرافك بدون حتى إيقاظي.
نظرت لملامحه بابتسامة ولهة تهمس برقتها كالفراشة:
- لم أرغب في إزعاجك عند حلول الصباح، فضلت أن أخرج من البيت ولا أثير إزعاجك. يكفي تطفلي على منزلك الخاص في مثل ذلك الوقت.
ابتسم على اندفاع كلماتها فأجابها بكبرياء:
-هل أنتِ معتادة على تلك الثرثرة الغير نافعة كل صباح؟! أم أنها چينات أنثوية تملكت منكِ بصورة بالغة.
ابتسمت مرة أخرى تهرب بأعينها من مراقبته، فلمح بجانب وجهها الحزن يغيم بعيونها كسحابة سوداء، وسمعها تسأله بلوم محبب:
-لما دائما تتهمني بالثرثرة الغير نافعة؟!.
تعجب من سؤالها عن شيء لم يصدر منه، فسألها بدوره باهتمام:
- حقًا!!. هل ذكرت مثل هذه الأشياء لكي بالأمس؟! لا أتذكر.
انتبهت لجملته فأخذت نفسا كبيرا زفرته ببطء، أرادت تغير مجرى الحديث، فإنه لا يتذكرها. يبدو أنه من الصعب عليه تذكرها. هل يعقل؟!. وقالت تداري ارتباكها:
- يبدو أنك وصلت أخيرا لمكان الكهرباء.
نظر خلفه باهتمام يشير بمصباحه المغلق:
-نعم. كنت على وشك البحث عن سبب العطل.
فتح غطائه المعدني ليظهر له العديد من الأزرار السوداء، والحمراء، مصفوفة، فوقف يفكر جليًا في أمرها. لم تمر الثانية ليجدها تسأله بمرح طفولي:
-هل لي بجائزة أن أخبرتك عن سبب العطل؟.
التفت إليها بتعجب، وبتقليل من قدراتها قائلا:
- أنتِ !!! ستقدرين على ذلك؟!.
-جرب أن أردت.
أفسح لها المجال لتقترب بضع خطوات، فيملأ رئتيه برائحة الياسمين المحيطة بها كادت أن ترفع أناملها ليلاحظ تراجعها عن ما تقدم عليه تسأله بمكر طفولي:
- ما مكافأتي؟ اعذرني، لا أعمل مجانا ولا تتطوعا.
ضحك ضحكة خشنة ذابت بها، فتراه يقرب قبضته المغلقة أمام فمه يحاول تهدئة نوبة الضحك من تلك الصغيرة، التي لم يتعرف عليها إلا من بضع ساعات قليلة. وعندما هدأت نوبته تدريجيا ضرب، سؤال قبض قلبه: (هل بالفعل لم يعرفها من قبل؟! وهل يجب عليه أن يصدق عقله؟! أم يصدق أحاسيسه؟!. أراد سؤالها عن ذلك، ولكن خشيَ أن يظهر أمامها كفاقد الأهلية، وكالمعتوه؛ فنطق يحاول اختبار شعوره وأحاسيسه:
- ما رأيك في الحلوى الهلامية زاهية الألوان؟ ستفي بالغرض أم نبحث عن مكافأةٍ أخرى.
صفقت بيديها بفرح تهتف:
- بالطبع، ستفي بالغرض.
****************
وقفت تحتضن كيس الحلوى بفرحة عارمة. فعندما وعدها بتلك المكافأة لم يكن يدرك أنه سيجد منها الكثير والكثير في مطبخه. حتى وقف عدة لحظات تشله صدمة ذلك، وسأل نفسه: هل كان مدمن على تلك الحلوى حتى يشترى منها الكثير، ويحتفظ بها داخل مطبخه ؟ هل بالفعل كانت له أم كانت لشخص أخر يحبها؟! ظل يراقب احتضان الكيس الصغير لصدرها بابتسامة زينت محياها، فأردف باتزان:
- شكرا لمساعدتي .لم أتوقع أن تكون الأزرار مغلقة من البداية، ولكن كيف علمتِ بأمر تلك الأزرار؟!! لقد قمتِ بضبطها سريعا !.
ظلت صامتة، واختفى من وجهها الابتسام ليحل محله الوجوم الظاهر فأنبأه ذلك بشيء تخفيه عنه، ولكنه لم يرغب في إرهابها، بل يريد مساعدتها له؛ لعل تلك الأشياء المفقودة بالنسبة له -تعود إليه. فأكمل بدبلوماسية:
-روح!!!!
رفعت رأسها له منتظرة حديثه، فلاحظت حكه لأرنبة أنفه بارتباك فأردف متسائلا:
- هل تقابلنا من قبل؟ أقصد؛ هل تم تعارفنا من قبل؟.
أجابته بمراوغة:
-نعم. لقد تم تعارفنا بالأمس.
هز رأسه بالرفض مصححا حديثه:
-لا. لا. أقصد: هل يعرف بعضنا البعض قبل أمس؟! هل تقابلنا من قبل؟!.
صمت يراقب نظراتها المنكسرة، لقد ضربت قلبه بمجانيق ملتهبة، ليزداد اعتصار قلبه منتظرا إجابتها. كم تمنى أن تكون إجابتها: "نعم تعرفني"، فكان ردها مراوغا:
-يجب عليك الإجابة عن هذا السؤال، وليس أنا.
- هل أعتبر الجواب، نعم أم لا؟ لمَ لا تريحني وتجيبي إجابة صريحة؟! رجاءً!!.
التفت خلفها تنظر جهة بيت سيدها عندما استمعت بصوت نباح كلبه الأسود، فقالت وهي تنوي الانصراف على عجالة:
-سأراك مرة أخرى. يجب عليَّ الانصراف الآن.
أمسكها من ذراعها النحيف بقوة يمنعها مترجيا:
-أجيبي وأريحي عقلي. هل أعرفك؟ لِمَ لا تجيبي وتنصرفي بعدها؟!!!.
لامست أناملها الباردة كقطعة الثلج يده، تحاول تحرير ذراعها بخفة تترجاه:
- أرجوك. أريد الانصراف الآن فأنا أرتعب من الكلاب. حررني قبل خروجه أرجوك.
تعجب من حديثها كيف ترتعب من الكلاب، وهي تقطن مع ذلك البدين، فوجد نفسه يفلتها بإرادته مغيبا، يراقبها بصمت، و يتأمل ركضها مختفيا داخل البيت. حتى اختفت من أمامه.
فحدَّث نفسه بحيرة: (لقد تقابلنا. أشعر بذلك) "رَوْح"، ولكن عقلي يرفض التذكر).
*************
"يا لها من مفاجأة سارة. مِن حسن حظي أنّي تمكنت من شحن بطارية الهاتف لأعرف موعد حضورك " قالها وهو يتحرك يضع بضع قطرات الزيت بالمقلاة الساخنة، وهو واضع بأذنه سماعته اللاسلكية التي تساعده من التقاط الصوت بدون حمل الهاتف، فوصله صوتها المرهق:
-يجب حصولي على قسط من الراحة أولا، ثم أستعد للسفر إليك بجانب محاولة إقناع "نعمان بك "بذلك. أنت تعرف رفضه لتلك الفكرة.
هز رأسه بحزن على موقف والده، فأجابها بضيق:
- نعم أتفهم ذلك. لا عليكِ فهو صب جام غضبه عليّ عندما علم بسفري لهذا البيت. مازال الحادث يسبب له بعض الرهاب والخوف من أن يتكرر.
وصله صوتها المتأثر:
-إن معه جزء من الحق في الخوف علي؛ فأنت مررت بفترة عصيبة كما قصصت وأخبرتني. عليك أن تصدق أنني أخاف من تلك الفكرة أيضا؛ بأن يصيبك مكروه مرة أخرى، لن أتحمل فقدك.
ابتسم على شعورها رغم أنها لم تعاصره تلك الفترة، ولم يتم تعارفهم إلا منذ عام واحد، إلا أنها تأثرت كثيرا عند علمت بالقصة كاملة، فأجابها بصوته الرجولي يطمئنها:
-اطمئني. لن يتكرر ذلك الحادث مرة أخرى بإذن الله. سأتركك لترتاحي قليلا ونعاود حديثنا مرة أخرى...مع السلامة...
أغلق المكالمة من زر السماعة، وقام بنزعها من أذنه يزفر براحة غريبة أنه استطاع أخيرا التواصل معها على الأقل، والاطمئنان عليها، ولكنه شرد في حديثها عن الحادث، وظل يفكر كيف كانت حالته عندما فتح عينيه لأول مرة بالمشفى لا يعرف من حوله، ولا كيف وصل إليها؟ كل ما علمه أنه أصيب بفقدان ذاكرته أثناء قيادته خلال طريق العودة من العاصمة لبيت الساحل؛ ليعلم بعدها أنه كان يقود بسرعة جنونية تسببت في انقلاب سيارته عدة مرات، حتى استقرت على سطحها، ويخرج منها فاقدا لذاكرته وذكرياته، ليمنع بعدها من الذهاب لذلك المنزل المشئوم. انتبه. إنه أحرق حبات البصل المقطعة أثناء شروده، فزفر بضيق مما حدث وأمسك المقلاة يلقيها بحوض المطبخ بضيق يقول بغيظ:
-حتى وجبة الغداء فشلت في إعدادها. ما بك "سيف"؟!!. هذه المرة ستعرض نفسك للموت حرقا.
خرج من حيز مطبخه متجها لأريكته المغلفة بغلافها الشفاف، يجلس بمكان جلوسها يتأمل البيت وأركانه بصمت محدثا نفسه: (لما تظهر فجأة وتختفي فجأة؟! هل تخفي شيئا لا يجب عليه معرفته؟! أم هذا طبعها؟!). تحرك بجزعه يلتقط علبة سجائره ويشعلها بشرود. شعر ببعض الملل الذي أصابه فجأة رغم غرابة طباعها إلا أنها تساعده على محاربة الملل المحيط به.
**************
في الجانب الأخر:
أغلقت الخط، ووضعته فوق المكتب الفاصل بينها وبين ذلك المراقب المكالمة باهتمام، فنظرة واحدة منه كفيلة لأن تعرف عدم رضاه عمّا يحدث من ابنه الوحيد، فقال بصوت خشن حاد:
-هل وصل لشيء لا نعلمه؟!.
هزت رأسها بالرفض:
-لا يبدو أنه قابل أي شخص بالمكان. فاطمئن ما تخافه لن يحدث "نعمان بك".
أراح ظهره خلفه بهدوء رغم انتشار ذبذبات التوتر حولهما بمكتبه الخاص يقارعها:
- أنا لا أخشى شيئا "رغد". ولكن أخاف أن يصل لأشياء لا يصح أن يتذكرها. ليس من مصلحته أن يتذكر ما كان فيه قبل ثلاث سنوات، ولا تنسِ السبب الحقيقي بقبولي زواجك من ابني الوحيد رغم أنك مجرد سكرتيرة خاصة!!.
شعرت بإهانة خلف كلماته كأنه يذكرها دائما بالفارق الاجتماعي بينهما، فأخذت نفسا تهدئ من غضبها وأجابته:
- لَمْ أنسَ "نعمان بك"، ولكن لا تنس أنه أحبني وأنا أحبه أيضا.
رفع أنفه يقارعها بحدة:
-لا أعترف بأمر الحب، وموافقتي لزواجك منه كان لمساعدته لتخطي تلك المرحلة البشعة التي مر بها. حتى ينساها ولا يتذكرها نهائيا.
عقدت حاجبها بتعجب من خوفه المبالغ به يقول:
- إنك تبالغ في خوفك" نعمان بك " فكما ذكرت لي من قبل أنها اختفت من حياته، ولم تعد موجودة حيث أنك أرسلتها بعيدا عنه.
ضرب بقبضته فوق المكتب يوضح لها مخاوفه:
-أنا متأكد من عدم عودتها مطلقا. ،ولكن ليس متأكد من عودة ذاكرته وتذكرها مرة أخرى. ولا تنسَ أنه إذا حدث ذلك يوما فسيحكم على زواجك منه بالفشل، ستكون الضربة التي تهدم قواعد أساس زواجكما. فمن عليه الخوف هو أنتِ، وليس أنا سيدة "رغد".
***********
جالسًا أرضا أمام شاشة التلفاز الكبيرة بيده ذراع أسود قابع بين كفيه، يضرب أزراره الملونة بقوة بدون أن يحرك عينيه على اللعبة الظاهرة أمامه على الشاشة بحائط الغرفة، مستندا بظهره على أريكته المغلفة. صدرت صرخة رجولية عندما تم اقتناصه من الأعداء، ليزفر بقوة غاضبة، ويلقي بذلك الذراع أرضا .يكره أن يُقتل ويكون خاسرا في مثل هذه الألعاب. أسند ذراعيه فوق ركبتيه المرفوعة بملل وصدرت منه ناظرة قاتلة لكيس الحلوى الهلامية القابع فوق طاولته الزجاجية بحيرة. لا يعلم ما دفعه لتفتيش وراء صلاحية تلك الحلوى خوفا من تصيب تلك الغريبة بالتسمم بسببه هو. ليتفاجأ أن صلاحيتها تكاد أن تنتهي في نفس الشهر الحالي. على ما يذكر عن طباعه أنه دائما حريص على رؤية تاريخ صلاحية مثل هذه الأمور قبل تناولها. هذا لا يدل إلا على شيء واحد أن تلك الحلوى كانت بالبيت منذ ثلاث سنوات، ووجودها ليس جديدا مع الأشياء التي بعثها والده من معلبات غذائية وأشياء تكفيه فترة كافية مع أحد حراسه الذي تولوا أمر تنظيفه قبل حضور، بل كانت موجودة بالفعل من قبل، ولكن السؤال الأهم هل كان مدمنا على تلك الأمور؟ أم لم تكن له من الأساس.مد يده يفتح تلك الحلوى ويتذوق إحداها محاولا الاستمتاع بطعمها كأي إنسان طبيعي، ولكن الحقيقة أنه لم يستسغ طعمها ليقول باشمئزاز:
-من المؤكد أنها لا تخصني. لا تخصني مثل تلك الأمور الصبيانية. مطلقًا. مطلقًا.
فما كان منه إلا أن انتفض من جلسته باتجاه نافذته؛ يزيح عنها ستائرها جزئيًا؛ يبحث ويفتش عنها، ربما تكون أمام الشاطئ لتشبع وتغذي فضوله.
********************
في غرفة المكتب:
جلس ينفث دخان سيجاره الكوبي القابع بين أنامله الغليظة التي يظهر عليهما خطوط كهولته وعروقه النافرة. فيسعل بخشونة جعلت من أمامه يتوتر بسبب إلحاحه لمقابلته رغم مرور مدة كبيرة على آخر مقابلة جمعتهما. فأجلى حنجرته يردف بحيرة:
-لقد طلبت حضوري على وجه السرعة. أتمنى أن يكون الأمر مهما ليستدعى كل هذا الإلحاح "نعمان بك".
رفع أنفه بكبرياء كهل غامض يجيبه بخبث واضح ينطق من عينيه:
- أتمنى إلا أكون قد عطلت حضراتكم عن أعمالك المشبوهة سيد فارس.
ابتسم بمكر على دعابة الأخر، الغير مستساغة، ولكن ما يربطهما من أعمال تفرض عليه التجاوز عن وقاحة ذلك الكهل:
- تحت أمرك "نعمان بك ".
أسند "نعمان" ذراعيه فوق المكتب الفاصل ينطق بكلماته ببطء:
- أتتذكر أمر تلك الفتاة منذ ثلاث سنوات مضت؟.
رفع حاجبه الكثيف وهز رأسه بالإيجاب، لقد تذكر تلك الفتاة التي أولاها اهتمامه قديما فأردف بثقة:
-بالطبع أتذكر، ولكن لِمَ تذكرت مثل ذلك الأمر القديم، فنحن أغلقناه منذ زمن.
أراح "نعمان" ظهره لمقعده مرة أخرى يقارعه –بمكر-:
-أردت فقط التأكد أن كل ما أمرتك به قد تم وكما أبلغتني قديما؟!. يجب أن تعلم أن ذلك الأمر لن يتحمل أي أخطاء تطيح بنا حتى لو كان خطأ صغير.
أردف فارس بثقة وابتسامة تزيين وجهه:
- يجب أن تطمئن "نعمان بك"، فأمر تلك الفتاة دفن منذ زمن ولن يستطيع أحد نبشه.
****************************************


وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-20, 09:59 PM   #8

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الرابع

الفصل الرابع
في نفس اليوم عصرًا:
تحرك في غرفة نومه بالدور العلوي يقلب في خزائن ملابسه المرصوص بها ملابسه بطريقة مرتبة بشكل مبالغ فيه، يفتح أدراجه الواحد تلو الأخر، ولكنه لم يعثر على أي شيء بسبب فراغها؛ فأغلقهما بغضب. كان يأمل أن يعثر على أي شيء يحاول تذكيره بحياته، فهذا الترتيب والتنظيم المبالغ فيه أثار ريبته، يشعر دائما بأن هناك أمرا يحاول الجميع إخفائه عنه، بداية من والده. بينما استعد لإغلاق خزانة ملابسه، أعاق ذلك شيء يجهله حجز إغلاقه، ظل يحاول إغلاقه أكثر من مرة وفشل؛ فدفعه الفضول أن يعرف سبب ذلك العائق. انحني ينظر بداخل خزانته يدقق النظر ليجد شيئا لامعا ساقطا داخل خزانته، فانتشله يقلبه بين أنامله بحرص، ليكتشف أنه ليس إلا سلسالا فضيًا أنثويا صغيرا يتدلى منه حرف (r). اندهش من سقوط مثل ذلك السلسال بذلك المكان جاهلا من يمتلكه. أيعقل أنه خاص بزوجته "رغد "وسقط منها سهوًا بملابسه؟! رفع كتفيه بلا مبالاة، وقام بإلقائه بإحدى الأدراج الفارغة حتى يبلغها به عند وصولها. تحرك مرة أخرى اتجاه النافذة المعدنية يزيح طرف ستائرها، فتشق فمه بسمة رضا عندما لمحها تسير بقدمين حافيتين أمام البحر بشرود. انطلق بسعادة من وجودها مرة أخرى كما وعدته هابطا الدرج وثبًا حتى يصل إليها قبل اختفائها.
**********
اقترب منها بخطوات رزينة، حاول إبطاء سرعتها حتى لا يظهر تلهفه الغير مبرر مناديا باسمها لتنتبه إلى وجوده ولكنها على ما يبدو أنها لم تندهش من ظهوره أمامها فجأة كأنها تتوقع وجوده، فرأى ابتسامة تزيين محياها بصمت كعادتها عندما يهتف باسمها الغريب:
- رأيتك من النافذة تسيرين شاردة. فدار بعقلي فكرة التطفل عليك قليل؛ حتى نكمل حديثنا مرة أخرى كما وعدتني.
وجدها تغمر كفيها بجيوب تنورتها الواسعة، تشاهد البحر وأمواجه، وقرص الشمس يزين لوحته بحزن لم يخفَ عليه، فأجلى حنجرته يحاول بدء الحديث بطريقة لا تريبها فقال يعاكسها:
- هل لي أن أتعرف على اسمك أيتها الشاردة؟!.
متأكد من أنه لمح طيف ابتسامة تشق شفاها الوردي، فأجابته -دون أن تقطع مشاهدتها للبحر أمامها- بتهكم:
- هل أعتبر ذلك معاكسة من شاب غريب مثلك لامرأة ساحرة مثلي.
رفع حاجبه بتعجب واضح، يمرر عينيه ببطء على جسدها ومنحنياتها الغير ظاهر خلف ملابسها الواسعة، فقال ساخرا:
- امرأة!!!.أنتِ امرأة وأنا شاب. ألا ترين أنك تبالغين أيتها المرأة. فأنا لا أرى أمامي سوى فتاة صغيرة تقف بكبرياء أمام رجل كاد أن يدخل بقدمه الثلاثين. أليس كذلك أيتها الساحرة؟!.
ولكن دعيني أسأل بالبداية ما عمرك الحقيقي أيتها المرأة؟
رفعت عيونها له بهدوء تنطق كلماتها بثبات:
- يبدو أنك تخليت عن لباقتك التي كنت تتحلى بها كسابق عهدك لتسأل عن عمر أنثى "سيف الدين"!.
اقترب منها خطوة ليكتشف مدى ضآلة جسدها. فكل لحظة يتأكد من أنها تعرفه من قبل فأجابها مترجيا:
- هذا يثبت أنك على معرفة مسبقة بي. فذلك الاسم مفضل لدي، ولا يناديني به إلا كل قريب أو عزيز فأغلب الجميع يفضلون تلقيبي "سيف" فقط.
رفعت أنفها بثقة تجيبه بمكان يتمنى:
- نعم "سيف الدين" أنا أعرفك حق المعرفة. هل هذا يرضي غرورك؟.
أغمض عينيه يشتم رائحة الياسمين التي تفوح منها يملأ بها رئتيه فغابت عينيها بحزن جلي يجب عليه أن يذكرها بنفسه يجب عليه أن يحررها. لن يحررها إلا إذا بحث بنفسه عمّا فقده. فتح عينيه عندما وصله صوتها الرقيق:
- هذا هو سرِّي الثاني لك. أم تراك نسيت سرّي الأول "سيف الدين"؟!.
تعجب من سؤالها الغريب يحاول تذكر سرها الأول، ما هو؟ .فانفرجت أساريره عندما تذكره وقال بسرعة:
- لقد وقعت في الحب مرة. أليس هو السر الأول؟
هزت رأسها بابتسامة بسيطة:
- جيد.ذاكرتك أصبحت لا تخونك كما كانت تفعل.
نظر خلفه اتجاه البيت المجاور، يسألها بقلق:
- هل يمكننا السير سويًا؟ أم ذلك البدين سيعترض؟.
تحركت تسير فوق الرمال فتبعها براحة غريبة، وهي تجيب ببساطة:
- لن يعترض فهو غافل هو وأسرته لبعض الوقت.
*********
بعد قليل من الوقت الذي مر به وهو يبلل قدمه بالمياه، يحاول حثها لفعل ذلك مع رفضها الغريب مع التقاطه بعض الصور لنفسه بخلفية البحر. جلس على رمال الشاطئ بجوارها يحاول حثها على ذكر أي شيء يساعده:
- كيف كان لقاؤنا الأول "روح"؟
- أغمض عينيك وحاول أن تتذكر.
أغمض عينيه ملبيا طلبها بطاعة، يسمع لصوت البحر وتلاطم أمواجه العالية ولكنه فشل في التذكر، ليتوالى عليه صوت صراخ أنثوي يستغيث باسمه مرارا، ومرارا، ولكنه يجهل لمن تلك الأصوات. دائما يتذكرها ولا يتذكر غير ذلك؟.
فتح عينيه يواجهها بضيق من فشله:
- أفشل في التذكر. لِمَ لا تساعديني في التذكر ولكي جائزة مثل المرة السابقة؟
نظرت للبحر بشرود ظهر إليه أنها تفكر في المكافأة فقالت بتأثر:
- ليت الدنيا تكافئنا دائما بما تريد كما تفعل أنتَ حاليا. لم أنلْ إلا القهر والظلم والعقاب.لم أهنأ في تلك الحياة التي تحاول أن تتذكرها.
- لمَ دائما أرى نظرة الحزن تغمر وجهك الصبوح؟ أجابته بدموع تغمر عينيها:
- هل بالفعل تريد تذكر لقاءنا الأول؟ هل تذكُّر ما مضى سيريحك "سيف الدين" أم سيزيد من ألمك؟ .عليك أن تعرف أن هناك دائما أشياء يفضّل دفنها حتى لا نعود للتألم مرة أخرى.
اقترب منها بجسده بإصرار يشعر أنها تخفي الكثير، فيؤكد لنفسه أنها طوق نجاته لعودة ماضيه فقال بإصرار:
- سواء كان ماضي سعيد أو أليم أريد أن أعرف كل ما تعرفيه عني. (نحن كبشر لا قيمة لنا بدون ذكريات).
ابتسمت بتألم تتمم قائلة:
- نعم. أنتم كبشر لا قيمة لكم بدون ذكرياتكم.
سحبت نفسا عميقا تجيبه ببساطة:
- هنا التقينا؟.
تلقت حوله متسائلا:
- هنا؟ .في أي مكان تحديدا؟ وماذا حدث عندما رأيتك؟.
هزت رأسها بالرفض تصحح ما فهمه، وأشارت بسبابتها للبحر أمامها:
- هنا التقينا. لقد تهورت في مرة، وألقيت بنفسي في أحضانه. ولكنه أحب أن يلقنني درسًا قاسيًا فسحبني تياره، وكدت أن أموت غرقًا، إلا أنك ظهرت فجأة، وأنقذتني قبل ابتلاعه لي.
نظر للبحر يحاول التذكر مثل ذلك الحدث، ثم التفت لها بابتسامة غريبة يسأل بتعجب:
- أنا!!! أنا من قمت بإنقاذك؟
هزت رأسها بالإيجاب:
-وكان هذا أول لقاء يربطنا.
انتبه كلماتها الأخيرة فأستفسر سريعًا:
- هل ربطنا لقاءات أخرى؟
- الكثير والكثير من اللقاءات التي لا تعُد ولا تحُصى.
وصله رنين هاتفه فقرر أن يتجاهله، ولكن إلحاح الرنين جعله يخرجه من جيب سرواله القصير يجيب بابتسامة بعد رؤية هوية المتصل:
- "رغد" هانم!! أخيرًا تذكرتي زوجك المسكين، ورأفتي بحاله.
تحرك من مجلسه بدون إدراك يسير خطوتين فوق الرمال الناعمة، يستشعر سخونتها، متناسيًا تلك المراقبة لابتسامته بحزن لا يعرف سببه. طالت مكالمته عدة دقائق ليغلق بعدها، ويلتف معتذرا إلا أنه ثبت مكانه بذهول عندما وجد مكانها خاليا منها. ظل يتلفت حوله بريبة يبحث عنها بضيق واضح من اختفائها مرة أخرى بدون أخباره. لمَ تتلاعب به دائما ويشعر بهالة الغموض تحيطها؟
********************
بعد دقائق كان يلقى بجسده وسط الأمواج المتلاطمة في محاولة لتصفية ذهنه كما كان مقررا قبل حضوره. يجب أن ينال قسطا من الراحة النفسية والعصبية، بعيدا عن أي ضغط يمارسه عليه والده "نعمان بك"أثناء ذهابه وإيابه بحرية. بالمياه لمح طيف جاره البدين وبيده حزام جلدي ينتهي بطوق كلبه الأسود الشرس يناظره بملامح وجه واجمة أثارت حفيظته. لم يشعر دائما بتحفظ ذلك الشخص في المعاملة معه؟. بينما هو يستعد للخروج من أحضان المياه الدافئة، استرعت اهتمامه تلك النظرة الكارهة التي رمقه بها. لم يشعر بتحفز ذلك الشخص للعراك معه تارة وتجاهله لشخصه تارة أخرى؟ خرج يلتقط قميصه القطني من فوق الرمال بدون تحرير نظره من وجهه المحتقن غيظا. كاد أن يسأله عن مشكلته معه؟ ؟.حتى تفاجأ باقترابه خطواتنا يكبح خلالهما غضبه ويصرخ بوجهه بحنق واضح:
- ماذا تهدف بالضبط؟ لأي شيء تخطط؟ ألن نسترح منك ومن أمثالك؟ .لم تحوم مرة أخرى حول بيتي!!.
ثبت "سيف" مذهولا من اندفاع جاره البدين المحاول السيطرة على كلبه بصعوبة، ولكن من الواضح أنه فشل في السيطرة على غضبه هو، فضيق عينيه يشير لنفسه بتعجب واضح يتساءل:
- تقصدني أنا بهذا الحديث؟ أعتقد أنه اختلط عليك الأمر مع شخص أخر .عذرا عليّ الانصراف الآن.
كاد أن يتحرك ليتفاجأ به مرة أخرى، يصرخ بوجهه مهددًا:
- انتظر. لم أسمح لك بالانصراف.
التفت له مرة أخرى يحاول تهدئة حاله من القبض على رقبة ذلك المتطفل، ليجده يكمل بوجه محتقن بالدماء:
- "سيف الدين نعمان". فأنا لا أخطئ أبدا بك. كان يجب علي أن أعرف كما يقولون (ذيل الكلب لا ينضبط). لِمَ عدت بعد أن استرحنا من طلتك البهية سنوات، وارتحنا من شرك؟ .
قال بحيرة:
-ما مشكلتك معي؟ هل حدث بيننا خلاف من قبل. اعذرني لأني لا أذكرك بسبب ح...!!
قاطعة بسخرية واضحة:
- حادث. بسبب حادث. الذي انقلبت له جميع وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، أليس هذا ما تريد قوله؟!.
اقترب باهتمام ليعرف ما يجهله:
- أنتَ تعرفني جيدًا؟ حديثك يدل على ذلك، أليس كذلك؟ ولكن اسمعني جيدًا لو حدث بيننا خلاف سابقا فأنا أقدم أسفي، رغم أنني لا أتذكر شيئًا.
قارعه بحدة:
- هذا الأسف احشره بفمك القذر. فهذا الاعتذار لن يعوضني ما تعرضت إليه وإهانتي بسببك. ولكني سأحذرك "سيف بك". ابتعد عن حيز بيتي ومن يسكن داخله. لن أسمح لك بإغواء خادماتي مرة أخرى.
****************************************


وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-20, 10:38 AM   #9

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الخامس

الفصل الخامس


جحظت عينيه مذهولا من اتهامه له، ولكنه شاهد خروج ابنه البالغ عشر سنوات تقريبا مع امرأةٍ أجنبية تدل ملابسها على أنها خادمته الخاصة ولكنه كان يتمنى رؤيتها مرة أخرى. هل يمكن أن يكون قد أنزل عليها عقابا لخروجها ومقابلته؟ فقال مدافعا عن نفسه:

- لِمَ كل هذه الثورة؟. هل شكت إحدى خادماتك مني. ولكن انتظر لم تتحدث كما لو أنني تعرضت لإحدى الخادمات. هل جننت؟!.

ابتسم ساخرا، يلتفت لابنه وخادمته، مع استمراره في جذب طوق كلبه الهائج الذي لم يكف عن النباح والقفز اتجاه بيت الأخر، وقارعه:

- أتعلم. لن يدخل عقلي فقدان ذاكرتك إذا استطعت الهروب من الجميع والادعاء بذلك فهذا لن يقنعني. ولكني أحذرك إذا تعرضت لإحداهن مرة أخرى وحاولت إغواء إحداهن؛ سأبلغ عنك الشرطة سيد "سيف"!!.

انصرف بغضب يجذب كلبه الثائر بقوة، ويغلق الباب خلفه بغضب تاركا إياه مذهولا مما سمعه من جاره من اتهامات. هل كان سيء الأخلاق؟ هل كان يتعرض لهن. هل كان متحرشًا مثلا؟! لا، لا، هذا مستحيل، مستحيل، فهو ليس بتلك الأخلاق القذرة، فأجابه كل هذه الأسئلة لديها هي فقط.

********************

في حي شعبي بسيط:

دخلت امرأة بملابسها الرثة، وأعلى رأسها وشاحا صغيرا باليًا، ولكن هذا لا يمنع من إظهارها لبعض الخصلات الحمراء المصبوغ بها شعرها من أسفل وشاحها القصير. لتقول بعد أن زفرت بقوة، دليلا على ضيقها لذلك الجالس أمامها فوق مقعده المتحرك:

- ألم نتخلص من تلك الكآبة المصاحبة لنا ليل نهار؟.

رفع عينيه الغائمتين بسحابة من الدموع، ورفع كم جلبابه البسيط يمسح آثار دموعه المبللة وجهه المليء بخطوط تجاعيده، يقول بصوت مبحوح:

- تستنكرين عليّ حزني على ابنتي يا "نجاة". ابنتي التي خرجت بها من تلك الدنيا أجهل مكانها حتى الآن. أجهل ما أصابها. هل ماتت أم على قيد الحياة؟!.

اندفعت تسحب من بين يده صورتين لابنتيه مغتاظة من ذلك الكهل، الذي زاد حمله على أعناقها بعد اختفاء ابنته، التي كانت تُعيله بخدمتها عند تلك الأسرة الثرية. ولكن لم يدم الأمر طويلا ليأتيهم اتصالا من سيدها، يبلغ عن هروبها واختفائها. قالت وهي تتجه جهة جارور صغير بجوار فراشه تلقي به الصور بإهمال:

- عليك أن تنسى يا "عبد الحميد" فابنتك ألقت بك خلف ظهرها. وهربت مع ذلك الشخص الثري؛ ابن الحسب والنسب. فنحن قليلي الحيلة وأنت تعلم. وقد رأيت بنفسك عندما تجرأنا مرة على إبلاغ الشرطة ما طالنا من تهديدات، غير اتهامنا بالسرقة الملفقة .

تحركت تقف أمامه تضع يد فوق الأخرى أمام بطنها الظاهرة بسبب سمنتها تكمل بإصرار:

- علينا التفكير كيف ندبر لقمة العيش يا عبد الحميد.فلا تؤاخذني فالحمل زاد الضعف فوق أكتاف ابني المسكين بعد هروب ابنتك الغالية. وأنتَ لا تكل من بكاء اختفائها منذ ثلاث سنوات.

تركته يناجي ربه بقلب مخلوع، يرفع عينيه للسماء في دعاء صامت بينه وبين خالقه بعينيه التي كادت أن تبيض من كثرة البكاء متمنيًا أي خبر عنها، حتى لو كان موتها.على الأقل سيطمئن قلبه.

********************

نائم على وجهه فوق أريكته بإرهاقٍ تملك من كل جوارحه. بعد سباحته بمياه البحر المالح، وأخذه لحمام دافئ ينفض عنه ملوحة البحر. ولكن ما زاد إرهاقه إرهاقا تلك الكلمات السامة التي ضربته كالسوط الغارق بزيته لتجلده بدون رحمة، ما أصعب أن تُعاقب على أشياء تجهلها. يجب عليه أخذ قسط من الراحة والتفكير آجلا.

بعد لحظات:

رفرف بأهدابه خلف تموجات خصلاته التي تخفى عيونه الحزينة، حينما شعر بملمس أنامل باردة فوق وجهه تداعبه برقة، مصاحبةٍ لعطر الياسمين الذي ملأ رئتيه بنعومة. رفرف بأهدابه يحاول مقاومة إرهاقه، ونفض نعاسه في محاولة منه القبض عليها قبل هروبها مرة أخرى كما تفعل دائما. فالتفت بجزعه يستلقي فوق ظهره بكسل، واضح ساندا رأسه فوق ذراعه يواجهها فتلوح على وجهها ابتسامتها الخجلة، فأخرج كلماته بشوق مُؤجج:

- اشتقت إليك "روحي" لِمَ كل هذا التأخير؟.

رفع يده لها في دعوة واضحة؛ لتقريبها له، فأراحت كفها البارد براحته الخشنة، حتى صدرت شهقة مكتومة منها حينما جذبها إلى صدره بقوة؛ لتسقط فوقه مستندة بكفيها تلتمس دقات قلبه المتسارعة، المتناغمة لقلبها الوردي حتى قالت مستنكرة فعلته:

- "سيف الدين"!! أنت تعلم أنني أكره تلك التصرفات الصبيانية، التي لا تزيدني إلا رعبا وإرباكًا.

لاحت فوق شفتيه ابتسامة رضا على خجلها، فهو معذور على اندفاعه معها أحيانا. لقد وقع في فخ عشقها بدون أن يدري متى وكيف؟ .وذلك التمنع والدلال لا يزيد إلا لهيبه اشتياقًا، فأردف يجيبها:

- كم، أكره إرعابك "روحي". وكم أعشق إرباكك.

حاولت الهروب من محيط نظره، ودفعه من صدره العاري، فما كان منه إلا زيادة تشبثه بها كطفلٍ يرفض تحرير دميته، فأخبرها بصوت هائم:

- لن أحررك بتلك السهولة إلا بعد أن تريحي قلبي المعذب.

صمتت بخجل تخفض عينيها عن مرماه فأكمل مترجيًا مُصرًا:

- عليك أن تنطقيها لي مرة واحدة بشفتيك. أريد سماعها مرة واحدة.

قارعته ببعض الحدة الزائفة:

- اتركني "سيف الدين". بالله عليك. لقد أتيت حتى أطهو لك وجبة سريعة وأعود مرة أخرى قبل أن يعود سيدي من الخارج، فلا تعطلني. فذلك سيعود عليك بالنوم بدون عشاء كأمس.

استقام من نومته يقربها له من كتفيها بإصرار غريب:

- ليس لكِ سيد غيري. أنا سيدك. أنا مالكك. وسأصبح زوجك عما قريب فلا تثيري أعصابي بتلك الكلمات الكريهة. المبتذلة.

أجابته بقلة حيلة:

- ولكن تلك هي الحقيقة.لم يُكتب لنا التعارف إلا عن طريقهما. لولا خدمتي ومراعاتي لطفلهما. ما كان مقدرًا لنا التعارف أبدا .

رفع راحتيه يضم بهما وجهها الصغير بأنفاس متسارعة، يشدد على كلماته:

- لا تغيري الحديث. لقد ترجيتك أن تسمعيني إياها. إنها كلمة من أربعة أحرف . أيصعب عليك نطقها؟!.

رفعت أناملها الباردة تلمس ظهر كفه تجيبه بصوت خجول:

- لا. لم أرى أسهل منها. ولكن !!.لن أستطيع ترديدها على مسامعك إلا بعد الزواج. الحقيقة أخجل من ذلك "سيف الدين".

وقف مندفعا لتجفل هي من تحوله المفاجئ تحاول البحث في ملامحه عما ينوي، فسألها بقوة:

- هل تثقين في "سيف الدين"يا" روح "؟ هل تثقين بي؟.

هزت رأسها بدون تفكير بنعم، فجذبها من جلستها تستقيم أمامه يقول:

- لنتزوج إذن. لن أستطيع الانتظار والبعد عنك أكثر من ذلك. ماذا فعلتي بي يا ابنة "عبد الرحيم" لتذهبي عقلي برؤيتكِ.

ابتسمت بمرارة لغزله:

- "سيف" عليك أن تتريث في قرارك.لم يمر على تعارفنا سوى شهر وخمسة أيام فقط. لقد تعرفنا صدفة مجرد صدفة جمعتنا أمام الشاطئ من الممكن أن تكون مشاعرك تجاهي نزوة عابرة لا تندفع خلفها، وأيضا هناك الكثير من العقبات التي تمنع زواجنا.

أمسكها من كتفيها يقربها له فكانت صورتها كالعصفور بيد الأسد:

- مشاعري لكِ ليست إلا مشاعر حقيقة "روح". فأنا لم أعرف طعم السعادة والاحتواء إلا تلك الأيام، لم تتسارع دقات قلبي في قرب أنثى إلا لكِ. وكما يحدث الآن في حضورك الطاغي.

دمعت عيناها تأثرا من حديثه، فشعرت بملمس إبهامه يزيل دمعتها الهاربة من فوق وجنتها، فحاولت ترتيب كلماتها لتقنعه بفشل ما ينوي فعله باندفاع:

- اسمعني "سيف الدين" وتفهم كلماتي. نعم تحبني يمكنني تصديق ذلك. ولكن زواجنا لن يدم سعادته إلا أيام. وحتى إذا استطعنا المقاومة واستمرينا. كيف ستواجه أهلك والعالم بتلك الزيجة؟. زيجة من فتاة بسيطة، فقيرة تعمل مربية أطفال كما تحب أن تُطلِق عليها.

- حريٌّ بكِ اختصار كل تلك المقدمة، والقول بصراحة أنكِ لا تبادليني نفس الشعور، لم تحبي "سيف الدين".

قال جملته بغضب واضح يواليها ظهره.

كان بين صراع داخلي بغضب والقلق عليها، ليصله شهقاتها المتقطعة، فحينما ألتفت إليها شاهدها تخفي وجهها بين كفيها بانهيار، ليسمعها تقول بصوت متقطع:

- أقسم لك أني... أني أحبك. بل أعشقك. وهذا ما يعذبني ويخيفني.

اندفع يجذبها بين أحضانه يشدد ذراعيه حولها بامتلاك يقبل رأسها من فوق وشاحها يهمس لها:

- وأنا أعشقك قلبي. عليك أن تهدئي أغدا علينا السفر معا؛ لأتقدم لخطبتك من الحاج"عبد الحميد" لا. لا، بل للزواج منك لن أطيق الصبر حتى تكوني زوجتي.

رفعت أعينها الحمراء تلتمس الصدق:

- حقًا؟!.

ردد مؤكدًا:

- حقًا !!

فقالت متذكرة:

- ولكن كيف سأترك رب عملي وأسافر معك دون علمه؟!.

اقترب منها مستغل انشغالها بالتفكير، يقتنص قبلة عميقة من شفتيها الوردية باستمتاع. تخشب جسدها من هول المفاجأة، ولكن بعض لحظات أدركت ما فعله لتدفعه عنها بخجل ظاهر تلومه بحدة:

- أنت وقح. وقح "سيف الدين". وسيكون دوري تربيتك بعد الزواج.

صدحت ضحكته الخشنة بقوة، لتدرك ما تفوهت به أثناء ثورتها الغاضبة، فأخفت وجهها مرة أخرى بكفيها خجلا. بينما اقترب من أذنها يهمس بعد هدوء ضحكته تدريجيا:

- وأنا سأعلمكِ معنى الوقاحة على أصولها بعد الزواج حبيبتي.

- وقح.اقسم بالله وقح !!!

********************

انتفض من نومته فوق الأريكة يبحث بعينيه عنها على ترديد كلماتها المداعبة له (وقح. أقسم بالله وقح). فهو متأكد مما رأى لقد رآها ولمسها، بل قبّل شفتيها الناعمتين. هل هذا حلم؟. أم ذاكرته بدأت في النشاط لتعود له تدريجيا؟.

شعر بأنه يألفها يعرفها، ضربات قلبه الموجعة تدل على أكثر من ذلك، هل كان يحبها كما شعر فعلا؟ نعم يحبها، يعشقها. أغمض عينيه بقوة يضغط على جفنيه لتضرب رأسه مشاهد خاطفة سريعة بينهما، تظهر مدى عشقه لها. انتفض من مجلسه يدور حول نفسه يعنف ويجلد حاله، كيف نسى ما بينهما؟. إذا كان عقله أَبَى التذكر فما كان على قلبه النسيان، لقد خذله وخذلها.

دفع ساقيه لجارور حجرة الطهي يفتحه؛ لينتشل منها كيسا من أكياس الحلوى أحمر اللون، ويسرع بفتحه ليتذوق قطعة صغيرة يمتص حلاوتها بفمه. أغمض عينه يناشد تداعي مشاهد تجمعهما تساعده على إزالة الغمامة عن عقله لتكتمل الصورة. شقت فمه المغلق ابتسامة راضية عندما تراءت أمامه صورتها وهي تطعمه بيدها تلك الحلوى. أكثر ما أسعده بداية اندفاع ذاكرته للعمل كما يجب. فتح عينيه ينظر للفراغ أمامه عندما تساءل عن سبب هجوم جاره عليه، هل قام بالفعل بتصرفات تُدينه؟ والأهم من كل ذلك كيف افترق عنها؟.

أثناء تفكيره العميق توازنا مع تناوله الحلوى بشرود، تذكر أمر السلسال الساقط بخزانة غرفته. لقد تذكر الآن أنه يخصها هي. "روح".

فجأة تسرب إلى سمعه طرقات خافتة ضعيفة خلف باب منزله، فقد كان متأكدا من عودتها مرة أخرى بعد اختفائها فجأة صباحًا. تظهر فجأة وتختفي فجأة،عجبا! ظل يعهد لنفسه أثناء اتجاهه لفتح الباب بأنه يجب أن يعرف ما حدث لها، وكيف ابتعدت عنه. كل الإجابات يجب أن تُقدم له الليلة. ولكنه توقف فجأة مندهشا عندما فتح الباب ليصطدم بوجه أخر لا يتوقعه الآن. كان وجه زوجته العروس "رغد". وقفت هي مندهشة من رد فعله عندما تلاقت أعينهما فقالت بضيق:

- ما بِك "سيف".كأنك رأيت عفريتًا!!!.

أجلى صوته ليظهر متزنا وأجاب مرحبا:

- لا، لا. تلك صدمة المفاجأة حبيبتي. لقد اعتقدت عودتك بصباح الغد.

تحركت تجر عجلات حقيبتها الصغيرة عندما تنحى جانبا ليدعوها بالدخول، ولكنه ظل ينظر للظلام الخارجي متعجبا، هل نام كل ذلك الوقت؟!.كاد أن يدلف مغلقا الباب لمح طيفها بعيدًا تتمشى فوق الرمال الباردة بحزن كعادتها. التفت لزوجته التي لازالت ممسكة بمقبض حقيبتها، تراقب ردود أفعاله بريبة قائلة:

- ما بك حبيبي؟ . لِمَ تقف عندك؟!.ألن ترحب بزوجتك.

لتكمل بمرح:

- هل هذا كل ما تعرفه عن حسن الضيافة.

مرة أخرى نظر خارجا في تردد يريد الإلحاق بها، ولكن يخشى من تساؤلات زوجته عنها. كيف سيجيبها عن أشياء يجهلها؟ فقرر الولوج وإغلاق الباب ليترك نفسه فرصة التفكير والترحيب بزوجته .

...................



قابضًا بكفه بقوة على سلسالها الفضي بتملك متخوفا من ضياعه كما ضاعت من حياته. متخوفا أكثر من المجهول ومن مشاعره المتقلبة التي ضربته بقوة وهو حائر بينهما: بين زوجته وحبيبته، بين حاضره وماضيه. بين يقينه وجهله.اعتدل في وقفته خلف زجاج نافذته المغلق حينما لمحها تسير مرة أخرى فوق الرمال الباردة والظلام يحيطها، كانت كزهرة الياسمين بملابسها البسيطة الفضفاضة التي لم تبدلها منذ أول لقاء بينهما، نفس التنورة الواسعة، وقميصها وغطاء رأسها الوردي. في لحظة تلقى لكمة موجعة بمنتصف صدره عندما شاهدها تسير اتجاه البحر المظلم بدون تفكير أو تحسب لأي خطر. فما كان منه إلا الالتفات لزوجته الغافلة؛ يتأكد من نومها العميق. حتى لا تضيق عليه بتساؤلات غير مستعد لمواجهتها.

في لحظات كان خارج المنزل مهرولا بملابس نومه البيتية، المكونة من سروال رمادي، وقميص قطني أسود، يحدد تفاصيل جسده الضخم، وخصلات شعره المشعثة، حافي القدمين، حتى لم يهتم لإغلاق بابه، كل ما يهمه الوصول لها. قبل أن تتعرض للغرق. ظل يركض وكل جسده منتفض خوفًا ورعبًا عليها. وبأعلى صوته راح ينادي باسمها غير مهتم لاستيقاظ من حوله. ينادي بصوت مهزوز، خوفا بقلب متألمًا:

- "روووووووح".روووح.

ظل يلهث بشدة حتى وصل للشاطئ، وبدأ يشعر ببرودة المياه أسفل قدمه فلم يدرك أنه داخل المياه إلا عندما لامست المياه ركبتيه، وابتلت ملابسه. ظل يشاهدها تسير باتجاه البحر حتى لامست المياه كتفيها متجاهلة ندائه كالمغيبة، وعندما قرر هِتافها مرة أخرى دارت تواجهه بملامحها الحزينة فأسرع يأمرها بإصرار كبير:

- هل جننتِ. !!!عليك الخروج الآن من المياه قبل أن تتعرضي للغرق. هيا.

وقفت ثابتة تنظر لوجهه بغموض، تسأل بدورها بنبرة ساخرة:

- ولما كل ذلك الرعب سيد"سيف".

لقد أزعجت الأموات بصوتك.

رفع حاجبه على طريقة حديثها، وتلفظها باسمه فأجابها مجاريًا لها:

- مممم. أموات؟!. وسيد"سيف"؟.هل هناك شيء فأتني. فأنا أشم رائحة غضب أنثوي يطوف بالأجواء.

رفعت كتفيها غير مبالية:

- ولما ظننت غضبي؟. هل لأنني اتهمتك بإزعاج الأموات. أم لأنك شعرت بحزني؟

ابتسم على مراوغتها في الحديث فاقترب منها ليزداد ابتلاله لصدره، فقال غير مصدقا:

- هل تصدقين أننا نتناقش في مثل تلك الأمور في عمق المياه الباردة، ومثل هذه الساعة. ما يرانا الآن سيتهمنا بالجنون، وخاصة رب عملك السيد "شوكت". من المؤكد سيبلغ الشرطة هذه المرة.

- نعم مجانين. ولكن اطمئن، عليّ لن يصيبني أذى البشر بعد الآن.

تعجب من كلماتها البسيطة، وتصنيفها الدائم كأنها غريبة عنهم.فسأل ساخرًا:

- بشر!! ممممم، وأنتِ أيتها الذكية تصنفين بشرية أم جنّية؟!.

خفضت جسدها بالمياه لتغمرها، وصعدت مرة أخرى بنفس ثباتها تقارعه:

- ماذا تراني "سيف الدين"؟. أريد أن أعرف.

- هل سنبقى الليل كله بالمياه . عليكِ الخروج الآن ستصابين بالبرد.

ضحكت بخفة قائلة -وهي مستمرة بتحريك المياه بذراعيها-:

- لا تخف. فتلك الأمور لا تصيب إلا أمثالكم.

ضاق ببردها الساخر والتفت ينظر جهة بيته، ثم جهة بيت جاره قائلا:

- "روحي" عليك سماع الكلمة. فأنا مرعوب من فكرة إصابتك بأي أذى، وخاصة إذا اكتشف البدين وجودك خارج البيت ليلا. ستكون الكارثة الكبرى. فأنتِ لَمْ تريه هذا الصباح، كم كان وقحا في حديثه!. يتهمني بالتحرش بكِ، أتتخيلين الأمر؟ .ولكن ما آثار انتباهي أنه يتحدث بصيغة الماضي. هل تحرشت بك من قبل "روحي". هل صدر مني ما أزعجه وأزعجك. فأنا تذكرت كيف كنا متناغمين، وتذكرت اتفاقنا على الزواج أيضا. كنت أعشقك "روحي " ومن العجيب أنني الآن أشعر نفس الشعور. اكتشفت أنني مازلت أحبك "روح". ولا أعلم كيف احتفظت بمشاعري اتجاهك، وأنا يصعب عليا تذكر ما بيننا.

- لا عليك "سيف الدين". لا تحمل نفسا أكثر من طاقتك. فأنا هنا لسبب واحد فقط.

حاول الاقتراب منها، ولكنها ابتعدت عنه اتجاه الخروج، ليقول مستفهما:

- ما هو السبب؟.

التفتت له وهو يتبعها للخروج:

- أن تخلصني،فأنا مقيدة هنا.

شاهدها تخرج بملابسها من المياه وهو يتبعها، ولكنه رفع عينيه يصطدم بعيون زوجته وهي ثابتة أمام الباب المفتوح من بعيد، فارتبك أكثر عندما شاهد اقتراب خطواتها بوجهها المرتعب، فصدرت منه لفتة لتلك الثابتة غير مبالية لذلك الموقف الشائك.



****************************************


وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-20, 05:45 PM   #10

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل السادس

الفصل السادس


نظر مرة أخرى لزوجته فقرأ نظرة القلق تنطلق من عيونها وصدح صوتها المرتعب:

- ما الذي رأيته؟ أجننت "سيف" !!!. تنزل بملابسك في البحر! وفي مثل ذلك الوقت! هل تشعر بالمرض؟.

نظرة خاطفة لتلك الثابتة يقول باضطراب لمثل هذا الموقف: (كيف سيبرر وجوده مع امرأة أخرى في مثل هذا الوقت؟!)

- لا تقلقي. إنني ارتعبت فقط عليها من أن تتعرض للغرق في مثل ذلك الوقت، فهي تجهل السباحة.

عقدت حاجبيها بذهول تشعر بأنه غير طبيعي منذ وصولها، فسألته بحرص:

- لا أفهم قصدك. عن من تتحدث؟.

قاطعته "روح "بسرعة:

- لا تجبها.أرجوك.

نظر إليها باستغراب واضح فأكملت برجاء:

- ولا تنظر تجاهي أيضا؛ حتى لا تظنك مجنونًا غريب الأطوار.

- ماذاااا؟ .

كان هذا سؤاله لها متعجبا من حديثها ليكمل بإصرار:

- لِمَ أفعل ما تطلبين؟ .

أغمضت عينيها بأسى ليصدح صوت "رغد" الصارخ مرتعبًا من حالته:

- ما بِك "سيف"؟ هل تتحدث مع نفسك؟!.

قالت روح بصرامة أكبر:

- لا تجادلها أرجوك. اذهب معها واتركني حتى لا تبدو مجنونا، فهي لن تستطع رؤيتي.

أمسكته "رغد" من ذراعيه لتلفت انتباهه لها:

- انظر إليّ، ما بِك؟ لا تخيفني منك؟ هل تناولت دواؤك اليوم.

أشار جواره بسبابته في الهواء:

-ألا ترينها؟ إنها أمامك؟ ألا ترينها؟.

انتحبت "روح " وأجابته:

- أرجوك. لا تفعل. لن يستطيع أحد رؤيتي سواك. أرجوك لا تجعلهم يحكموا عليك بالجنون.

- كاذبة. كاذبة. تكذبون جميعا. على أي شيء تخططان. ها؟! حتى تظهراني كالمختل.

ثم نظر لزوجته بعين الجنون:

- إنها هنا، تقف بجواري، ألا ترينها؟ لماذا تنكرين رؤيتها؟!.تكلمي.

أمسكته من ذراعيه تترجاه بخوف:

- مَنْ؟ مَنْ؟ .فأنا لا أرى غيرك الآن. تعال معي بالداخل إنك تحتاج إلى النوم، وسنتحدث غدا. يبدو أنها آثار العقاقير التي تناولتها.

نفض يدها بقوة ليشاهد انصراف "روح " مطأطأة الرأس باتجاه بيت جاره، فانتفض يخطو خطواته الواسعة حتى وقف أمامها:

- أخبريها. هيا أخبريها الآن. إنك موجودة. إنك حقيقة ولستِ خيال.

هزت رأسها بالرفض وقالت بأسى:

- أنا لست حقيقة، ولست أيضا خيال. أنا "روح". روحي عالقة بعالمك وأريد الخلاص.

التفت ليجد زوجته واضعة كفيها فوق فمها بملامح كالأموات، غير مصدقة لِمَ وصل إليه من هذيان، يتحدث مع الهواء الفارغ، ويصرخ، ويتجاذب الحديث. فانتفضت تجري لداخل البيت؛ خوفا مما يحدث يجب عليها إبلاغ والده بحالته.

نظر مرة أخرى ليتفاجأ باختفائها كعادتها. ظل يلف حوله بجنون يصرخ باسمها:

- "روح "."روح" يجب أن تخبريها أرجوكِ. روووووووح!!!!

................................

أغلق الهاتف بوجه شرس مما سمعه من زوجة ابنه، لِمَ لا ينسَى ويريح الجميع؟! ثم جذبه مرة أخرى يبحث عن اسم محدد؛ اسم ذراعه الأيمن "فارس". و عندما استمع لصوته من الجانب الآخر، صرخ به بحدة:

- أريد أن أعرف الآن وبوضوح، هل أنت متأكد من موتها؟ .

انتبه "فارس" لحدته فأجابه بحرص:

- لقد أخبرتك من قبل، لقد تخلصت من الجثة، و لكن لِمَ السؤال؟ .

رد عليه بنزق:

- ليس من شأنك. أردت فقط التأكد أن لا شكوك تحوم حولنا.

ابتسم بخبث وأردف بثقة:

- اطمئن.لا يعرف أحد بمكان دفنها إلا اثنان: أنا، وهي.

- هل أحببتها لتلك الدرجة؟ .حتى تهذي باسمها.

سألته بقهر على حالها فإجابة سؤالها واضحة وضوح الشمس بعينه.

ظل صامتا مقبضا بكفه على سلسالها الفضي بتملك يخشى على ضياعه منه. كيف سيتأكد أنه لِمَ يهذي ولِمَ يصبه الجنون؟. لقد كانت معه تحدثه في تلك الأيام السابقة. يجب عليه الوصول للحقيقة. هناك شخص واحد قادر على إطلاعه على كل ما يجهله؛ جاره البدين "شوكت ". انتفض من مجلسه بملابسه التي بدأ أن تجف فوق جسده يتجه خارج البيت متجاهلا هتاف زوجته خلفه في محاولة منها لإيقافه.

بعد لحظات كان يقف أمام باب بيت جاره ضاربا -بكل عدم تعقل ولا أي آداب للزيارة- عرض الحائط، ظل يطرق الباب بقبضته المغلقة بقوة، بهدف إزعاج نوم جاره بكل إصرار، حتى لو كانت نتائج ذلك تقديم شكوى ضده. لن يتراجع.

سمع صوت "شوكت" من الداخل يصرخ مستنكرا طريقة الطرق ليفتحه بغضب ويظهر عليه النعاس قائلا:

- ماذاااااااااااا؟ أجننت أن تطرق بابي في ذلك التوقيت، وبهذه الطريقة؟ ماذا تريد؟ إن الشرطة هي الوحيدة المناسبة لأمثالك.

- أعلم أن التوقيت غير مناسب، ولا طريقة اقتحامي بيتك، ولكنني لدي طلب واحد وسأنصرف بعدها، ووعد مني لن أزعجك مرة أخرى، ولن ترى وجهي المزعج.

ابتسم ساخر وهو يرتب خصلات شعره يقارعه:

- جيد أنك معترف بأنك مزعج لا تطاق. هات ما عندك، لن أقضي الليل كله منتظر سيادتك.

اقترب "سيف" خطوة بطريقة مضطربة يخبره مترجيا:

- أريد رؤيتها حالًا.

عقد "شوكت" حاجبيه يمد يده خلف بابه استعداد لإغلاقه إذا صدر أي تصرف مختل منه، سأله بحرص:

- مَن؟!..

أجابه بسرعة:

- "روح " أريد رؤيتها الآن أرجوك.

تحركت يد شوكت تبحث في جيوب بنطاله باهتمام مزيف، يبحث داخلهما، ويردف ساخرا:

- تخيل. لم أجدها معي !!.

اقترب "سيف" خطوة أخرى، فهو لا يتحمل ذلك الأسلوب الساخر، يترجاه بصوت خافت:

- أرجوك لا تستهزئ بي. عليك فقط الدخول وإحضارها لي. يجب أن أسألها عن بعض الأمور الهامة.

سأله "شوكت" بشك في صحة حالته العقلية:

- هل تناولت أي ممنوعات؟ .يبدو أنك في حالة مضطربة. و اعذرني يجب علي إغلاق الباب الآن.

أوقف "سيف" الباب قبل أن يغلق ليدفع به "شوكت "الذي تراجع خطوتان للداخل، فصرخ به مهددا:

- اخرج من بيتي وإلا طلبت الشرطة لك، لا ينقصني إلا المجانين أمثالك.

رفع "سيف" يده –مفتوحة- أمام "شوكت" مستسلما يعتذر عن تصرفاته:

- أرجوك سامحني. يحق لك ما تقوله. ولكن أرجوك تساعدني، فأنا على حافة الانهيار.أريد مقابلتها وسؤالها عن بعض الأشياء.

التمس "شوكت" الصدق بعينيه فأجابه موضحا:

- سيد "سيف".أنت تطلب مساعدتي في شيء لا أستطع تقديمه لك.فأنا لا أعلم ما أصابك أو لِمَ تظن وجودها هنا. ولكني سأخبرك ما يريحك:"روح" مربية ابني غير موجودة هنا. ولا أعرف أين مكانها.

- كيف؟! هل طردتها؟ هل عاقبتها لأنني أقابلها؟ هل هذا ما حدث؟ !.حسنا، أين أجدها؟ فهي طلبت مني مساعدتها، متى ذهبت من هنا؟ لعلي ألحق بها.

توتر "شوكت" من هيئته فبدا لها كمصاب بصدمة عقلية؛ يهذي بأشياء غريبة فطلب منه الجلوس قائلا:

- هل يمكنك الجلوس سيد "سيف". حتى أفهم ما تريد. وما الذي جعلك فجأة تظن وجودها هنا؟ فالفتاة مختفية منذ ثلاث سنوات وأنت تعلم ذلك.

هبط "سيف" بجسده مصدومًا فوق أقرب أريكة يشرد بعقله كيف تكون مختفية وقد أخبرته أنها تعمل لديه مربية لطفله ذو الخمس سنوات، فقال مدافعا عن فكرته:

- أنت تكذب. لأنك تريدني الابتعاد عنها، فهي أبلغتني أنها لازالت تعمل لديك وتتولى أمر ابنك الصغير.

جلس" شوكت" أمامه مستفهما:

- متى قالت ذلك؟ .منذ ثلاث سنوات!.أليس كذلك؟.

- لا، لا، أخبرتني به منذ يومين، فأنا لم أكن أتذكرها بالبداية بسبب فقدان ذاكرتي وتذكرت أنها ترعى ابنك ذو الخمس أعوام.

شعر شوكت بالرهبة من حديثه فقال له ينهي ذلك الحوار:

- اسمعني سيد "سيف". فأنا لا أطيقك، ولا أقبل جيرتك بسبب إغواؤك لها. ولكن ما يجب عليه قوله تقديرا لظروفك إن "روح" غير موجودة هنا لأنها هاربة من بيتي منذ ثلاث سنوات، ولدي دليل أخر على هذيانك؛ فابني عمره ثمان سنوات الآن، وليس خمس سنوات، ومنذ هروبها لم أستخدم مربية مرة أخرى، لا يوجد إلا الخادمة الأجنبية. أهذا أراح عقلك قليلا؟!.

اضطربت أنفاسه الساخنة المتسارعة، ووضع رأسه بين كفيه غير مصدق لذلك الحديث، حتى جاره يؤكد عدم وجودها مثل زوجته. وحتى هي أخبرته بأنه لا أحد يستطيع رؤيتها سواه. لا يصدق ما يحدث له.

فرفع وجهه الشاحب ينظر لجاره بتألم من تخبطه وسأله برجاء أكبر:

- أتخبرني أنني أتوهم رؤيتها؟ وأنني أصابني الجنون. سؤال أخير. لِمَ تنعتها بالهاربة؟! و لِمَ دائما تشعرني بأنني سبب في اختفائها والمحرض على ذلك؟!.

أسند شوكت مرفقيه فوق ركبتيه متسائلا بحيرة:

- أحقًا تسأل؟ .هل بالفعل لا تتذكر أم تستخدم أسلوب الضحية الذي لا يليق بك؟!.

انتظر دقيقة ينظر لعينيه الباهتة متسائلا: هل بالفعل لا يتذكر، أم يدّعي؟.ولكنه أراد إنهاء ذلك الموقف، وأكمل بثبات:

- في الحقيقة علاقتكما كان يشوبها الشكوك. وقوبلت باعتراضي دائما. فأنا لا أفهم مثل تلك العلاقات التي تجمع شاب في عمرك، من أصحاب الطبقة المخملية، بفتاة فقيرة، تعمل مربية عند أسيادها، فيمكن أن أقبل أن فكرة تعلق مثلها من الفتيات بأمثالك؛ لأنك كنت تمثل لها صورة الفارس الثري على الحصان الأبيض. وأنا لا ألوم عليها إلا لشيء واحد فقط؛ الساعة، ها، ولكن لم أفهم لمَ من هو مثلك يتعلق بها.

رفع عينه الباهتة يجيبه بكسرة:

- ألا يفسر لك وجودي الآن ببيتك في تلك الساعة سبب تعلقي بها؟! لأنني باختصار شديد عشقتها، ولم أكن ذلك الشاب المتلاعب بالفتيات مثلما تُصر أن تظهرني.

أجفل "شوكت" كأنه تلقى لكمة بمنتصف وجهه. وعندما طال الصمت بينهما كان "سيف" أول من قطعه بطلبه:

- أخبرني ماذا حدث لها أخر مرة كانت بمنزلك؟

تراجع "شوكت" بظهره يريحه على أريكته يستدعي ذاكرته لهذا الأيام ثم أخبره بحرص:

- عندما اكتشفت تكرار مقابلتها لك لم يعجبني الوضع؛ لأنني مسئولٌ عما يعمل لدي ببيتي، فكنت أعنفها أحيانا بالصراخ أو التهديد بطردها وإبلاغ والدها عن سلوكها، حيث كانت تظهر لي كفتاة طائشة.

في أخر ليلة عندما عادت من بيتك بعد منتصف الليل، قمت بتعنيفها ولطمها على وجهها، رغم، أنني غير معتاد على التعامل بذلك الشكل العنيف. كنت متوقعا ثورتها على ما صدر، ولكن قابلت تعنيفي بهدوء شديد قائلة (أنها سترحل معك)، وأخبرتني بوعدك لها بالزواج وهذا ما أخبرت به الشرطة عندما تم التحقيق في أمر اختفائها بعد البلاغ الذي قُدّم من والدها.

وأشار بإصبعه جهة الباب يكمل:

- ومنذ خروجها من ذلك الباب لم تعد مرة أخرى، ولم يكتب لنا اللقاء لذلك لا ألوم أحدا على اختفائها إلا أنت. هل علمت الآن لِمَ ألقي اللوم عليك؟ .

كان "سيف" يستمع لكلمات اتهامه بقلب متألم مكلوم. أسئلة كثيرة تدور وتدور فتسبب له الألم. غمر وجهه بكفيه يعصر عقله في محاولة فاشلة لتذكر تلك الليلة فتراءت له مشاهد متداخلة لها، تزامنا مع صرخات قوية باسمه صرخات مستنجدة.





****************************************





وسام الأشقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:12 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.