آخر 10 مشاركات
229 - كذبة بيضاء - ديانا هاميلتون - أحلام الجديدة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : وهوبه - )           »          لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          منحتني السعادة (2) للكاتبة: Alison Roberts .. [إعادة تنزيل] *كاملة* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          رواية نبــض خـافت * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          4-البديله - فيوليت وينسبير - ق.ع.ق .... ( كتابة / كاملة)** (الكاتـب : mero_959 - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: --------------
-------------- 0 0%
------------------ 0 0%
المصوتون: 0. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-20, 01:52 AM   #1

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي سأظل مبتسماً *مكتمله*


مرحبا أعزائي الروائيين


أنا متابعة للمنتدى منذ سنوات وقرأت الكثير من رواياتكم الجميلة ، فأحببت أن أشارككم روايتي البسيطة

أتمنى تعجبكم


سأظل مبتسماً





~مقدمة~


أحاول السير في هذا الطريق
أنا أحــاول
إنه طريق غدار
لكن كل مافعلته هو أنني ذهبت خطوة واحدة فقط
خطوة واحدة من ميل ... والوقت يداهمني
إن رحلتي طويـلة
وذراعاي أصبحتا ثقيلتان جدا
أحيانا لا يمكنني رفعهما
أنا خــائف
طريقي مليئ بالمنحدرات وحاد كالصبار
وأحلامي فارغة مثل الرياح
لكن الامر يتعلق بالوجهة وليس بالرحلة
إنها طريق جديدة تنتظرني
إنها فقط خطوة أخرى ..
أتمنى أن تهب ريح الامل وتأخذني إلى وجهتي
كل ماعليا فعله هو التحلي ببعض الإيمان
وسوف ألمس السماء ذات يوم
عى الرغم من أنني لا أعرف ماذا ينتظرني إلا أنني متفائل
وسأظل مبتسماً



**نلتقي كل أحد و خميس **


الفصل الأول بعد قليل


روابط الفصول

الفصل الأول .. المشاركة التالية
الفصل 2، 3 .. بالأسفل

الفصول 4، 5، 6، 7
الفصول 8، 9، 10، 11، 12، 13, 14، 15, 16, 17 نفس الصفحة
الفصل 18, 19, 20, 21, 22, 23 نفس الصفحة
الفصول 24, 25, 26, 27, 28, 29, 30 نفس الصفحة
الفصل 31 - 39 الاخير مع الخاتمه


SAMAR-YANA likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 27-04-21 الساعة 05:07 PM
اوديفالا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 03:02 AM   #2

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الأول

وضعت أخر كيس إسمنت في الشاحنة قبل أن تغادر بلحظات ، أقف هنا منذ ساعات تحت حرارة شديدة ، وبعد الثانية زوالا بدأت ألسنة اللهب تتساقط فوق رأسي جف حلقي بسبب الرياح الحارة ،قررت أن أتوقف لأشرب بعض الماء فإذا بشاحنة أخرى تدخل إلى المصنع تنتظر دورها ليتم ملئها بأكياس الإسمنت ،لكنني تجاهلتها ومشيت نحو الصنبور الواقع خارج المصنع ، حيث سمعت رئيس العمال يصرخ
( عشرة دقائق فقط ياأليكساندر ) فأومأت بدون أن أنطق بكلمة
(وأنت أيضا يا دوغلاس )
وضعت رأسي تحت الصنبور لأبلل رأسي فسمعته يردد : (أقسم بالإله ، ذلك الرجل بعيد عن حتفه بلكمة واحدة مني ، لا أفهم لماذا يحظى الجميع بساعة إستراحة بينما نحن عشرة دقائق فحسب)
(هذا هو قدرنا ياصاح.. لا نستطيع فعل شئ حيال ذلكَ )
(كلا يا أليكس ..لا يعجبني قدري وسأفعل شيئ حياله، أريد ان أتلقى مبلغ محترم
بنهاية الشهر، مبلغ يمكنني من بناء مستقبلي ،بحمل الإسمنت سأفقد صحتي وانا بأول شبابي)
( مالذي تفكر به الأن ؟ )
(لقد إنتهى وقت التفكير بالنسبة لي ،والان حان وقت التنفيذْ ،سأذهب إلى لندن ،حتما
إن بحثت جيداً سأجد فرص عمل محترم ..أقل شقاءا وأكثر أجراً)
(لندن؟ ..هذه قفزة كبيرة ياصاح ، .. بالإضافة هل ستترك أمك ووالدك بمفردهما؟)
(فكرت بهذاَ، عمتي تقيم بالقرب منهما وهي مستعدة لتعتني بهما ..أساسا هي إقترحت
عليا ذلك منذ مدة لكن ردة فعلي كانت مشابه لردة فعلك هذه ..وأمس إقترحت عليا الامر مجدداً وأقنعتني ، سأسافر للندن الأسبوع القادم)
وضع دوغلاس يديه المتشققتان مثل الأرض تحت مياه الصنبور وبلل شعره البني قائلا بجدية (لا مستقبل لي هنا لهذا سأصنعه في مكان أخر ..تعال معي إلى لندن ياأليكساندر .. أستطيع رؤية أنه لا مستقبل لك هنا أيضاً)
(أنت تعرف ظروفي .. تعرف كم أنا ممتن لهذا العمل ولا يمكنني المجازفة بفقدانه، أنت إذهب وأنا أتمنى لك التوفيق)
(برأيي فكر في الموضوع)
إنتهت العشر دقائق لكننا بقينا حين رأينا الشاحنة قد غادرت فعلا ، وإنتظرنا قدوم الشاحنة التي بعدها
أنا ودوغلاس لم نكن نتغذى وقد إعتدنا الامر ..كنا فقط نتجه لصنبور المياه ونروي عطشنا في هذا الحر الشديد ،ثم نبلل أجسادنا الجافة .. جلسنا على العشب تحت ظلال شجرة الصنوبر ، كم نسجنا أحلام كبيرة تحت هذه الشجرة ، لطالما ضعت في خيالتي في هذا المكان حيث أرى نفسي وعائلتي في حياة أفضل .. إستندت على جذعها وهو إستلقى متنهدا بملل
(هل أنت متأكد من قراركَ ؟ أنت لم تخرج من حدود هذه القرية قطْ )
أنا قلق عليه لانني أعرفه جيدا ، دوغلاس صعب التكيف وسريع الإنفعال والعاصمة تتطب الكثير من الصبر
( أنا متأكد من أنني نلت كفايتي من هذا العمل ومن هذه القرية )
أغمض عيناه الخضراوين الداكنتان اللتان تصبحان صفراوتين جدا عندما تصيبهما أشعة الشمسْ قائلا ( لقد حاولت هنا ، لكن لم يفلح الأمر معي ، أريد مستقبل مستقر ويجب أن أغامر من أجله وأنت يجب أن تفعل مثلي)
إبتسمت مع نفسي وانا احرك رأسي موافقا ، أتمنى لو كانت الامور بهذه البساطة
(هيا إنهض ، لقد وصلت شاحنة أخرى)
(ياي!) هتف بنبرة مكتئبة ساخرة ليعبر لي أنه حقا نال كفايته
إنتهى دوامي على السابعة مساءا ،حيث ان لنا رب العمل لئيم ويستغل حقيقة أننا نحتاج للوظيفة ليشغلنا طوال اليوم بساعات إضافية
في ضواحي إحدى الأرياف ..تحديدا في قرية صغيرة يقع منزلي قرب الجبل ..بعيدا ربع ساعة على منزل دوغلاس ..كنا بعيدين جداً عن الأخرينْ ..بعيدين عن الحياة ، على الرغم أن هادا الجزء من الريف جميل جدا ، لكنه محروم من الكثير من المرافق المدنية
كل شيئ بعيد عن المنزل ولست أملك سيارة ، كما ان فرص العمل اقل ولا احد سيوظف شاب بدون شهادات جامعية
مع ذلك فانا أحب حياة الريف ، أحب هذه الأرض النابضة بالحياة حولي ، فالوقت يمر ببطئ ، واحب المشي على هدا الطريق الطويل ذو المناظر البانورامية ، لأستمتع بلحظات من الهدوء، حيث تحيط بي الجبال والبحيرات ومروج مليئة بالأزهار ، الهواء صافي ،ورياح المساء الناعمة التي تغلف المسار
لي ذكريات كثيرة هنا
أبكي أحيانا على طول الطريق
وغالبا أمشي فيه وحدي أستمع لتغريدات الطيور
أتأمل درجات اللون الأحمر للمساحات الزراعية الواسعة تتغير ، أحب رؤية الشمس التي تصبح عاطفية وهي تغرق في الأفق
يغمرني السلام والهدوء لهذه التفاصيل الصغيرة ولا يسعني سوى الإبتسام
حين صار مساري أقصر ، قررت أن أركض ماتبقى منه ، وأحببت كل ثانية من الهواء البارد العذب لدرجة أنني أغمضت عيني ، بعد يوم طويل ومرهق
دخلت للمنزل وإتجهت لتلك الغرفة الصغيرة بمحاذات المطبخ لأجدها مستلقية في تلك البقعة الحزينة ،تحملق للسقف الكئيب ،وجدت إيمانويل جالسا بجانبها ..كان يداعب خصلات شعرها السوداء الداكنة بهدوء وبمجرد ان راني حتى وقف في الزاوية ،جلست وحملت رأسها لحضني ،ففتحت عينيها ببطئ شديد وحرارتها زادت إرتفاعاً عما كانت عليه هذا الصباحْ ( ماكنزي) همست إسمها فإرتفع بؤبؤ عينها بلون الشوكولاطة الداكنة لي
وبصعوبة حملت يدها وعانقت ذراعي ثم أغلقت عينها ..كأنها ليست في هذا العالم معنا
(هي على هذا الحال منذ الصباح ..حاولت أن أخفض حرارتها بماء بارد لكنها
لا تنفك تتصاعد)
إنه يتكلم وينظر لهاتفه ثم أردف وكأن الأمر لا يعنيه (الماء البارد هو كل مابقي لتخفيض حرارتهاَ، أعتقدت أنك يجب أن تعلم ) عانقتها لصدري ثم حملتها وخرجت للفناء حيث تهب بضعة نسمات باردة ،جلست على العشب ووضعتها كالطفلة الصغيرة في حضني ،تبعني إيمانويل وظل واقفا قرب باب المنزل يراقبها بشفقة لكن ليس بشفقة كافية ليصرف عليها نقوده
فتحت عينيها نحو القمر الذي خرج من بين السحاب ساطعا ، ونزلت دموعها التي شلتني كالحجارة ، وهي ترتجف بين يداي همست: (أشعر وكأن سكين حاد ينحت بجسدي)
ماكنزي هي أختي الصغيرة ، تبلغ من العمر سبعة عشر عاما ، لكنها تبدو أصغر بكثير
حين كانت في الحادية عشر تم تشخيصها بالفشل الكلوي المزمن، ومنذ ذلك اليوم أصبحت أخاف في كل ليلة حين تغمض عينيها أن لا تستيقظ لترى شروق شمس جديد
وبعد وفاة والدي أصبحت ظروفنا بائسة جدا ، لقد عملت بعدة وظائف منذ كنت في الخامسة عشر لأساعد أبي ، ثم حين مات حللت مكانه وأصبحت المسؤول عن توفير أدوية أختي ، وتوفير حصص الغسيل الكلوي لها كل شهر ، لكن عملي لم يكفي ، ولا حتى عمل أمي بالخياطة ، والأن حتى أرون يحاول أن يساعدني بعد مدرسته ، إنه يأخد أغنام الجار ألفرد لترعى في الحقول الخضراء ، ويغسل السيارات ، وحين تسنح له الفرصة يساعد بعض المزارعين في حرث الأراضي ، إنه يبذل كل جهده ويطرق على كل الأبواب ليقدم مساعدات مقابل بعض النقود القليلة
(أين هي أمي ؟ )
مط شفتيه بإنزعاج (أمك أخذت الملابس التي اكملت خياطتها امس ..رافقها أرون ) بمجرد أن إنتهى من إخباري حتى ظهرا في الأفق ..كانا يبدوان لي مجرد نقطتين وكلما إقتربا بانت ملامحها بمجرد أن وصلت أمي حتى جلست أمامي وتفقدت حرارتها ، أمي لم تكن بأفضل حال منا ، وكم يؤلمني قلبي حين أتذكر انني إبنها الأكبر ولم أستطع أن أقدم لها ولو حذاء جديد ،إنها تلبس هذين الخفين المهترئان صيفا وشتاءاً ولديها فقط ثلاثة فساتين معدلين بالخيط في كل زاوية
( لم يبقى لدينا مخفض حرارة ،أخاف أن تزيد حالتها سوءاً ) أخبرتني أمي بيأس
فبقيت جالسا هناك عاجزا ..ليس لدي سنت في جيبي ومازال هناك أسبوع لنهاية الشهر
لم أستطع فعل شيئ سوى الدعاء ،بأن تنخفض حرارتهاَ
(خاتم جميل!) ردد أرون بغيظ وعيناه تتجهان ليد إيمانويل ،كان يرتدي خاتما من الفضة ،يبدو سعره غالي ،نظر لنا ببرودة ثم جلس على الكرسي بدون مبالات
(أرون ، خذ ماكنزي للداخل ) اومأ وحملها بلطف ،دخلت امي معه وأنا إتجهت لإيمانويل ، جلست بجانبه وسألته بهدوء (من أين حصلت عليه ؟ أقصد الخاتم)
إبتسم إبتسامة صفراء وقلب وجهه للناحية الاخرى وكأن أخرشيئ يريده الأن هو التحدث معي ، ثم تمتم ببرودة ( هدية)
(إيمانويل ،أخبرني أنك لم ترجع لرؤية تلك المرأة مجدداً ) صار صوتي حادا
فإلتفت لي ونظر لي بعيونه المفترسة (ماأفعله أمر لا يخصك أليكساندر! تذكر هذا دائماً)
(طيب هل وجدت عملا ؟ دخلي ودخل امي البسيط في الخياطة لا يكفي !)
طريقته في زم شفتيه فهمت أنه لم يجد عمل ولا ينوي أن يجد .. دخل المنزل حين نادت امي ان العشاء جاهز ليخبرها بإشمئزاز ( الأن أصبحتِ تحضرين بقايا طعام البيوت التي تنظفينها )
(أمي ؟)
( أردت تقديم المساعدة للسيد والسيدة ألفرد ، إنهما مسننان وذلك واجبنا كجيران ، والسيدة ألفرد أصرت عليا أن أخذ بعض الطعام لأرون لأنها تعرف كم يحب طبخها ، يبدو أنها أعطتني كمية كبيرة )
(في تلك الحالة ، لما لا ؟) غير إيمانويل رأيه
(بما أنك ذكرت الموضوع، فأنا أفكر جديا بهذا الأمر ولا أرى مانعا لطالما هي وظيفة شريفة )
(أمي العزيزة ) عانقتها لصدري وقلبت أعلى جبينها بحزن (لا تفعلي فأنا سأجد عمل أخر ، لاداعي لتنظفي بيوت الناس )
( أليكساندر لا يعقل أن أرمي عليك بكل المسؤولية ، أنت لست آلة )
(لا تقلقي عليا فأنا في عز صحتي ، حسنا ، لا تقلقي فكل شيئ سيكون بخير )
مسحت على خدي بدموع تتلألأ في عينها اللتان لا تنامان إلا ساعات قليلة قائلة (لا أعرف ماكان سيحل بنا بدونكَ )
فإبتسمت معها ( لا تقلقي فأنا هنا ياأمي ، أنا أحميكم )
إن إيمانويل الوحيد الذي تعشى هذه الليلة فنحن لم نستطع أن نأكل وماكنزي بهذه الحالة ، تتألم بداخلها ولايمكنني فعل شيئ حيال ذلك
(أرون ، قم ونم في مكانك ) طلبت من أرون حين قاربت الساعة الحادية عشر لأنه لم يفرط بتركها بقي يجلس مقوص الظهر على الارض الباردة ، يمسك يدها حيث إنجرف في النوم بتلك الوضعية ، جعلته يقف بصعوبة جيث جر أقدامه نحو الصالة ليلقي بجسده المرهق فوق تلك الأريكة ويستسلم للنوم، أما إيمانويل ينام في غرفته التي رفض أن يشاركها
(أنت أيضاً إذهب للنوم إبني ،أنا سأسهر على ماكنزي)
رغم أن النعاس كان يغلق عيناي إلا اني لم أستطع تركها ،لن أسامح نفسي إن حدث مكروه لها ..لن اسامح نفسي لانني عاجز ان أوفر لها أبسط الحاجيات
إتجهت أمي لألة الخياطة وبدأت تعمل على الخياطة ..امي تتعب ليلا نهارا منذ كنا صغار و هذه الألة أطعمتنا جميعاً ..صوتها كان كالتهويدة لنا
لا ادري كيف غفوت لأني شعرت بلمسات رقيقة على وجهي وسمعت صوت دافئ تعبان
(أخي )
فتحت عيني فوجدت ماكنزي تحدق لي بوجه شاحب إختفت منه ألوان الحياة ،إنحنيت قليلا وقبلت جبينهاَ (كيف تشعرين الان ؟ ) عبرت لي بإبتسامة صغيرة أنها بخير ..لا تريدني أن أقلق عليهاَ
(أليكس أريد الماءْ)
قمت للمطبخ وملأت كوب من الماء ، وجدت أمي قد جهزت لنا الفطور ..كان فقط قطع خبز الأمس وحليب دافئ .. هادا يعني أن السيد ألفرد إستدعى أرون ليحب ماعزه أمس وهو دوما يعطيه بعضا من الحليب
دخلت للغرفة الصغيرة التي تنام فيها ماكنزي لأجد إيمانويل معها ، هو يتكلم وهي تبتسمْ ..دخلت ويبدو أنني عكرت مزاجه لأنه قرصها بخفة في خدها النحيف وغادر
(عزيزتي) بمجرد ان رأت كأس الحليب حتى زمت شفتيها وتسطحت ،تحول وجهها للأصفر وقالت: ( لست جائعة)
(أرون إستيقظ لقد تأخرتَ ) إن المساحة الضيقة جدا سمحت لي برؤيته يضع الغطاء على وجهه مستسلما لنعاسه (أرون إستيقظْ ..الساعة السابعة ونصفْ الان ) والحقيقة أنا أيضا تأخرت على العمل..يفترض أنني في الطريق الان
(ستعود امي يأية لحظة ..هيا يا بطل إستيقظْ ) أرون هو الوحيد الذي يدرس بيننا..كذلك ماكنزي لكنه تم طردها بسبب غياباتها المستمرة وبالفعل رسبت مرتين هي فتاة مجتهدة لكن مرضها منعها من إظهار قدراتها،ماكنزي حتى وهي مريضة كانت دوما مرحة وكانت روح هذا البيت القديم لكنها إنتكست بعد موت أبي ،كان ذلك صدمة كبيرة لهاَ فصارت لا تخرج البتة إلا مع احد منا لاتتكلم إلا إذا أرادت شيئاً ،ونحن كلنا متعلقين بها ..خصوصا أرون لأنهما توأم ، إنها نصفه الأخر
(عزيزتي .. إشريي الحليبْ ،أنتِ لم تأكلي شيئا منذ الامس)
حركت رأسها رافضة فرفعتها وحملت كأس الحليب ،سأسايرها في كل شيئ لكن في مسألة صحتها لن أفعل ..قربت كأس الحليب منها فترقرقت عيونها بدموع مفاجئة ونظرت لي نظرة معاتبة
(هذا سيعطيك بعض القوة ) مدت يدها وأبعدت كأس الحليب
ثم فتحت ذراعيها لأرون الذي أعطاها عناق سريع وخرج ،بنفس الوقت دخلت أمي فقمت
(يجب أن أذهب الأن ولكن سنتحاسب مساءا على العشاء ياماكنزي)
لم تعجبني حال أمي أيضا فهي تبدو مرهقة جدا مؤخرا ، أعطيتها عناق سريع لأنال مباركتها وركضت حتى لحقت بأرون فطريقنا واحد
(لا تقلق على ماكنزي ..لدي نصف دوام اليوم ،سأعتني بها وسأرواغها لتأكل ) ربت على كتفي حين رأى كم قلق انا على ماكنزي
(حسناً )..حين وصلنا لمفترق الطرق أمسكته من كتفيه وجعلته ينظر لي
(نحن نضع امالا كبيرة عليكَ، إهتم بدراستكَ ..لديك مستقبل أخي ، فلا تفكر بشأن شيئ أخر عدى التفوق ، أريدك أن تجعني فخورا بكَ )
(ليتني كنت أستطيع مساعدتك في مصروف البيت ،ليتني كنت أستطيع مساعدة أختي بمنحها كليتي )
( دعني أنا أقلق بشأن ذلك ، لا تشغل بالك فكل شيئ سيكون خير.. هيا إذهب
فليباركك الرب)
إتجه كل منا في طريقتين مختلفين ،أعرف كم بكى أرون حين ظهرت النتيجة وكان غير مطابق مع ماكنزي ، ولا حتى أنا وامي كنا مطابقان ، لكن أبي و إيمانويل بلا ، هاذا الأخير رفض التبرع بحجة أنها مسؤولية أبي ، حتى بعدما مات أبي إستمر برفضه و ندم لأنه أجرى التحاليل في المقام الأول لأنه إعتقد أنه لن يكون مطابقا ،رفض التبرع لها بصرامة ولا أحد منا إستطاع أن يعيده عن قراره ..لا يريد ان ينقذ أختناَ رغم أنها الوحيدة التي يحبها في ذلك المنزل
(صباح الخير ياصاح ،كيف حالك ؟ ) وجدت دوغلاس ينتظرني أمام المصنع
فقلت ونفسي تؤلمني ( سائت حالة ماكنزي ليلة أمس ، لكنها تحسنت هادا الصباح شكرا لله ) غيرنا ملابسنا لنرتدي هذه الملابس المتحدة باللون الرمادي الداكن
( إذا لماذا مازلت قلقا ؟ ) لم يصدق ان ماكنزي تحسنت
(الامر لا يتعلق بها ..إنه يتعلق بإيمانويل )
( ماذا بشأنه ؟ ) قلب عينه بكل إستياء حين ذكرت أخي
(لقد عاد ليتسكع مع تلك المرأة جيسيكاَ، لقد تغير منذ تعرف إليها وأصبح غريبا علينا ثم هناك أمها تتصرف معه كأنها هي التي أنجبته ، لقد طردت أمي من معمل الأقمشة خاصتها، وإحتفظت بإبنها لتجعله يقوم بكل الاعمال العالقة لها مجانا ، وهي التي ملأت رأسه بان لا يتبرع لماكنزي بكليته ، بعد أن جعلته يكرهنا )
(لماذا قد تفعل امر كذلكَ ؟)
(أخبرتني أمي أنها كانت مغرمة بأبي فيما مضى)
(أوه ، إذا هي لم تحصل على الزوج فقررت الحصول على الإبن ، صاح دعني أزورها)
( تمالك نفسك دوغلاس ، إنها تبقى إمرأة )
( لا تقلق سأتحدث مع إيمانويل فحسب وهي ستسمع )
( ألا تظنني أستطيع فعل ذلك لو كان يفلح ؟ )
( طبعا تستطيع ، لكن إن أنا فعلته ، سيفلح بدون شك ،ساعيد أخوك العاق إلى صوابه أنت تعرف إلى مدى قد أصبح سيئا )
( حاولت التكلم معه أمس فطلب مني عدم التدخل في حياته ، دوغلاس أنت لا تدري كم أحتاج لعونه في هذه الأوقات ،نحن في ضيقة كبيرة ،ديون علاج ماكنزي تطاردني ومصاريف البيتْ من جهة ،تخيل لم أستطيع حتى أن أوفر لها دواء لتخفيض الحمة أمس ..لحسن الحظ أنها تحسنت قليلا هذا الصباحْ)
(كان يجدر بك أن تتصل بي لأحضره لكِ ، ماكنزي تهمني بقدر ماتهمكَ)
رأيته يمسك كيس الإسمنت بأظافره حتى خشيت أن يثقبه فنزعته منه (دوغلاس ..لا تقلق على ماكنزي ..ساحاول أن أجد عملا ليلي ،سأعمل كل لحظة لأوفر لها مصاريف العلاج، أختي الصغيرة ستكون بخيرْ) أومأ بإبتسامة مصطنعة وكرر عليا طلبه (رافقني للندن ..إنها فرصة العمر ، انا وأنت سنتحد هناك لدي أمل كبير بأن حالنا سيتحسنْ ) إنه مستعد ليتوسلني لأرافقه لكني لاأستطيع المغامرة
وصلت الساعة لمنتصف النهار بشق الانفس فتملكني جوع شديد ،إتجهت كعادتي للصنبور ووضعت رأسي تحته ..الماء البارد أنعشني قليلا ،أشعر برأسي سينفجر
(لون وجهك كالليمون .. هل أنت بخير؟)
(لم أستطع أكل شيئ أمسْ ،لااحد منا تعشى أمس ..طبعا عدى إيمانويلْ)
(إن أخوك هذا أناني بطبعه ،منذ صغره لا يهتم إلا بنفسه، مهلا ..هل يضايق ماكنزي ؟)
( لا ) خرجت نبرتي حادة لأنه فكر أني قد أسمح له بذلك
(إن ضايقك مجددا فقط إتصل بي ، إنه يعرفني ويعرف مالذي سيحل به ، في النتيجة سمعتي تسبقني )
(الوحيد الذي أفتخر به هو أرون ،المسكين عندما أرى كيف يعيش أقرانه مقارنة به
يعود مباشرة للبيت ليرعى أغنام السيد ألفرد ،لا ملابس جديدة لديه،لا أحذية جديدة ،لا هاتف حتى لو كان قديماً ..أشعر كأنني فشلت بتحمل المسؤولية التي تركها أبي لي)
( أنا واثق ان أمورك ستتحسن للأفضل ،فقط لو ترافقني إلى لندن )
حين يقول لندن بهذا الحماس يشعرني أنه سيجد المال مفروشا على الأرض هناك والحقيقة شيئ اخر
إنتهت العشر دقائق وعدنا للعملْ ..بمجرد أن حملت كيس إسمنت حتى خيل لي اني سمعت صوت أرون يردد (إمنحني فقط دقيقة! ..أقسم إن الأمر عاجل )إقتربت من الباب لأجده هناك يتوسل إحدى العمال ليتركه يدخل
( أرون ) إتجهت إليه راكضاً ورأيت أن دموعه كخيوط قد وصلت لعنقه ،كان يرتعش ولم يستطع التكلم
(ماذا بك ؟ ماذا حدث ؟ ) من قلقي انا رحت أشده من قميصه بقوة وأهزه بعنف حتى همس (ماكنزي )
شعرت بالذعر
إنه شعور أعرفه جيدا وأكرهه
يجعلني عاجزا
..لم أستطع سوى ترديد إسمها مجدداً بخوف كبير ورخاء في لساني
(أخذتها معي كالعادة لأرعى الغنم ..وفجأة بدأت تتلوى متألمة ثم اغمي عليها ..إنها في العيادة الان مع أمي ..لم ادري مالعمل فالطبيب قال انها تحتاج لغسيل كلوي فوراً لقد اتيت مباشرة هنا لأنه طلبك ياأليكساندر )
أحسست فجأة بهبوط في ضغطِ وتثاقل في قدمي وكان دوغلاس هو الذي أسندني لكي لا أقع أرضاً ،حيث دخل هو في صدمة وعجز عن قول شيئ
(أسرع أليكساندر ) شدني أرون من يدي وجرني معه ،لم أطلب حتى إذن وأخر ماسمعته هو مدير العمال يطردني ،لأنه ممنوع المغادرة وقت العمل وهناك الكثير مستعدون للعمل مكاني
لكن حياة أختي في خطر
لا أعرف كيف إنطلقت راكضا عبر الحقول والطرق الترابية إتجاه العيادة تاركا أرون خلفي بمسافة كبيرة
(آآه إبني ..أختك .. أختكَ )إنهارت أمي تحت أقدامي ،وهي تردد (أه يا إبنتي المسكينة ..أه ياإبنتي الصغيرة ) نحن ليس لدينا تأمين صحي ،وليس لدي الأن المال لغسيل الكلى
وفي لحظة شعرت بالعالم ينهار حولي ، أستطيع سماع صراخها بسبب الألم ،أختي المسكينة
(أرجوك..أرجوك لا تدعها تموت ..هي لاتزال صغيرة بحق السماء ، أختي العزيزة) سقط أرون على ركبتيه بجانب أمي وهو يتوسل للطبيب الذي جاء يعلمنا بان حالتها خطرة جداً وتحتاج لغسيل كلوي فورا
(أنا لن أمنحكم املا مزيفاً ، كم من المرات أنذرتكم ..هي تحتاج لزراعة كلية جديدة وتحتاج لثلاث حصص غسيل كلوي في الأسبوع وليس واحدة في الشهر)
أمسكني الطبيب وأخذني بعيدا عن أمي وأخي ،وقال منزعجا ( أنت مازلت لم تدفع ديون العلاجات السابقة ..وأنا لا استطيع مساعدتك اكثر أليكساندر ، فالوساطة في هذه العيادة الصغيرة لن تنفع اختك على المدى الطويل ) صدف ان هذا الطبيب يكون قريبي
إبن عمي أندرو ..وهو الوحيد الذي يساعدني بشأن علاج أختي ..فبوساطته إستطعت أن أدفع تكاليف العلاج بالأقساط ..يساعدني خفية عن أهله ، عمي الذي يمتلك مزرعة كبيرة لإنتاج بيوض الدواجن ، لن أنسى في حياتي اليوم الذي ذهبت إليه برفقة والدي قبل موته بأسبوع ، أراد أبي أن يقترض بعض المال منه لعملية نقل الكلية ، فتفاجأت بعمي يهزأ به و بسخرية حيث سأله إن كان عاجز عن أن يتحمل مسؤولية ماكنزي فلماذا أنجبها ؟
ومن ثم رفض أن يقرضنا المال بحجة أنه يملك ديونه الخاصة أيضاً ويجب عليه تسديدها في القريب العاجل ، يؤلمني قلبي حين أفكر أن والدي مات حزينا ومات معه بصيص الأمل الذي كان لدينا ، مات وهو يوصيني بأن أهتم بعائلتي من بعده وبماكنزي خاصة .. والدي مات بنوبة قلبية لأن حزنه كان أكبر ممايستطيع تحمله
ولن أنسى أيضا أنه بعد وفاته ، جائت زوجة عمي ، لتقدم لنا العزاء لكنها جائت لتستعرض مجوهراتها وثيابها الغالية الثمن اللاتي جعلتها تبدو أصغر من امي ..او أن الفقر جعل أمي تبدو أكبر من سنها، والحقيقة أن زوجة عمي لم تأتي سوى لتغيظ والدتي ، ولتعزيها بكلمات شامتة ،لطالما أخبرني أبي أنه خسر أخوه جورج في اليوم الذي تزوج ليندا بيترسون ، ولقد أحضرت معها إبنتها دارلا التي لم تكن سوى نسخة من نرجسية أمها ، وقد إنقطعت العلاقة بيننا ذلك اليوم
حين طلبت زوجة عمي بكل شماتة من أمي في الجنازة بان تأتي مرة في الأسبوع لتنظف لها منزلها ..وستدفع لها مقابل ذلكَ، وأنا لم أتحمل فقلت لها في الحال أننا لا نحتاج لنقودها ، وكانت تلك حجة صغيرة لتفتح علينا الحرب قائلة أننا ناكري الجميل ، لكن أندرو كان مختلفا عن عائلته العجيبة حيث لم يعتبرنا فقراء متسولين بل أبناء عمه فساعدنا في الخفاء
وكذلك دفع جزءا صغيراً من الديون ..وأنا أتفهمه الان فالعيادة ليست ملكه وأنا لا اريده أن يفقد عمله
(أليكساندر ..الامور لن تسير بهذه الطريقة ، لايمكننا غسل كليتها للأبد ، يجب أن تجمع المال لتنقلها للمستشفى ، وهناك سيتكفلون بزراعة كلية جديدة لها)
(أنا أعرف ذلك .. لكن أتوسلك للمرة الأخيرة ، إفعلها من أجل الإنسانية ،عليك ان تساعدها ..هي تصرخ من الألم ، أتوسلك لا تدعها تتألم اكثر ..هي صغيرة وضعيفة)
(للمرة الاخيرة ياأليكساندر .. المبلغ أصبح اكبر من أن يتم تجاهله ، على الأقل سدد القليل منه ) لقد رأيت الشفقة في عينيه نحو ماكنزي حين فتح الباب ..وفي تلك اللحظة شعرت بقلبي ينقسم لشطرين حين رأيتها تتخبط فوق سرير العيادة
(حسنا حسنا ، سأحضر لك المال أندرو ، فقط باشر بذلك، سأعود)
تركه يهز رأسه بكل مأساوية وركضت إلى أقرب محل هواتف ، وضعت هاتفي فوق المنضدة فنظر لي كأنني مجنون
(كم سأحصل مقابله)
(ليس بالكثير ، إنه هاتف قديم جدا)
(سأقبل مهما كان المبلغ )
وضع لي بضعة اوراق فحملتها وعدت راكضا إلى العيادة ، فإصطدمت بأحدهم في الرواق
(أليكس! ) إلتفت بسرعة نحو صوت دوغلاس خلفي ، قلت بدون أن أتوقف عن السير ( ماذا تفعل هنا ؟ عليك ان ترجع في الحال أو فصلت عن العمل مثلي ) (سأستقيل على كل حال ) أستطيع رؤية خوفه الشديد على حياة أختي ، عدت أدراجي إليه حين لم أجد أندرو ، أمسكته من كتفيه وهززته بقوة ( دوغلاس .. لاينبغي أن تكون هناَ )
(لقد قلت لك أن ماكنزي تهمني بقدرك)
تركته حين جائت أمي مع أرون فطمئنتهما ( لا تقلقا ..ستكون بخير ) لكن دوغلاس إنفجر عن صمته وصرخ عاليا : ( إلى متى ستكون بخير ؟ .. إلى متى ستعتمد على الغسيل الكلوي ؟ .. إلى متى تظن أنها ستتحمل ؟)
(دوغلاس عليك ان تهدأ في الحال) أبعدته عن أمي وأرون حين زرع فيهما القلق الشديد وبدد إرتياحهما ( ماكنزي ستعيش ) رحت أؤكد له ..وهذا ماوعدت أبي به
أنني سأنقذ أختي من الموت ..وسأجعل عائلتي تحظى بحياة مستقرة وكريمة.


اوديفالا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 02:40 PM   #3

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html



واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 03:13 PM   #4

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصص من وحي الاعضاء مشاهدة المشاركة
اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html



واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


ان شاء الله
شكرا تسلمي 💜


اوديفالا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 12:50 AM   #5

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثــــاني
أخبرت نفسي ( فقط خطوة أخرى) وأنا أخرج من منزلي في الصباح لأبدأ رحلة نحو مصير مجهول تركت عائلتي حيث لم أستطع النظر للوراء ، خشيت أن أتراجع لذلك مضيت قدما ، تركت التلال خلفي وودعت أخر لحظات الهدوء
شاهدت من خلال نوافذ القطار المروج المليئة بالأزهار التي تتشابك مع دوامات ودوامات مع بساتين البرتقال والعنب ومساحات طويلة من حقول القمح
آه ياإلهي سأشتاق بشدة للسير في تلك المساحات الطويلة بجانب الجداول المائية
محطة بعد محطة أصبحت الطريق ضيقة ، والجبال بعيدة فتمنيت أن أتحكم في سرعة القطار تمنيت أن يتوقف لوقت أطول ، أو أن يستدير ويعيدني إلى بيتي
لكن صافرات القطار بقيت مستمرة حيث إجتاز المراعي الخضراء للماشية والأغنام ، صارت طاحونة الهواء تبدو وكأنها توقفت عن الدوران ، وإختفت أعمدة السياج، إختفت أسقف البيوت الياجورية ، تحولت الألوان الزاهية إلى خط أسود لا نهاية له و تلاشى السلام والهدوء ليحل مكانه الضجيج والزحام
(هل تسمعني ؟)
( هل تسمعني ؟ )
(نعم نعم ..ماذا قلت دوغلاس ؟)
(لقد وصلنا)
( لاحظت )
مرت ثلاثة ساعات بسرعة ، وهانحن ذا في محطة قطار لندن وسط إكتظاظ شديد من الناس
( مرحبا بنا في مدينة الضباب ) علق دوغلاس حقيبته على ظهره وإستنشق هواء هذه المدينة مبتسما ، لطالما كره الريف ، لطالما نظر لتلك الحياة بسلبية
بدأنا نمشي بدون وجهة وكلما توغلنا بداخل لندن كلما أصبح الغبار ملموسا أكثر من الهواء
(أعرف أنه لا أحد هنا بإنتظارنا ، وأعرف أن أمورنا ستكون صعبة ولا أحد سيرحمنا ، لكن تذكر لا أحد رحمنا في الريف أيضا)
( ستكون أمورنا على مايرام ، أمل ! )
كل أفكاري كانت متجهة نحو هذه العاصمة الكبيرة، أين سنذهب وأين سننام ..بينما قلبي بدأ يحن بالفعل لعائلتي
أطلق دوغلاس تنهيدة مرحة هامسا : ( أنا جائع جداً)
( كذلك أنا ..فلنشتري شيئاً في طريقناَ)
في الدقائق الأولى شعرنا كأننا سنضيع, ثم إندمجنا مع الحشد ..يالها من مدينة كبيرة صاخبة
إنه عالم مختلف وفرق عظيم بين قريتي ولندن ، البنايات العالية تحجب السماء ، لم أتمكن من رؤية الشمس الساطعة حتى أسمع أزيز دواسات السيارات وإنزلاق الدراجات المسرعة بينها، الرصيف مكتظ بأناس حولنا في كل مكان ، يسيرون في كل الأتجاهات بأذهان مشتتة ، تناثرت رائحة البنزين في الأرجاء لتجعلني أشعر بالدوار ، تراكم الضغط داخل رأسي من حركة المرور المزدحة ، من أبواق السيارات والضجيج القادم من كل مكان ، المشي العشوائي وطقطقات الكعوب ، فتوقفت أمام نافورة ينبعث منها المياه ، وجلست أمام العصافير التي كانت تحاول الشرب منها
يالها من إثارة
كل شيئ هنا سريع .. إحتجت لإستراحة حتى أستطيع إستيعاب كل شيئ حولي ، لمواكبة إيقاعاتهم السريعة فالجميع مستعجلون
كم هو حزين أنني لن أستطيع التحرك هنا بحرية كما إعتدت في الريف
( لا تخبرني أنك نادم على مرافقتي وأنك تريد العودة لأني لن أسمح لك )
( لقد فكرت كثيرا ليلة أمس ورتبت أفكاري، قررت أن أعطي فرصة لهذه المدينة ، أريد أن أبقي
خياراتي مفتوحة للمستقبل وأنا مستعد لمواجهة كل التحديات التي ستضعها لندن في طريقي )
إبتسم وهو يمد لي يده قائلا ( هيا إنهض ، الوقت باكر للإستراحة )
أمل أن تحمل لي رياح لندن قصة مختلفة
تجولنا في الشوارع صعودا ونزولا ،رأينا العجلة الزجاجية الضخمة التي تدعى عين لندن ،ومررنا على ملعب كرة القدم ،عليه عدد كبير من الناس مستعدين شراء التذاكر ، بحثنا في الشارع الرئيسي للتسوق
بحثنا في المدارس والمطـاعم والمـقاهي وحتى في المتـاجر ، وفي بعض المصانع ، ثم بحثنا أكثر في وكالات سيارات الأجرة ،وفي الشركات الخاصة
لكن ضاع منا أمل كل باب طرقناه
ومن جهة أسعار المطاعم العادية كانت مرتفعة الثمن ولم نستطع تحمل تكلفة وجبة عادية
ثم وجدنا محلا صغيرا مختبئا في إحدى الأزقة ، لولا اللافتة الخشبية الصغيرة المعلقة على جدار ذو دهان مقشر ( فاست فود دييغو ) لماعرفنا بشأنه
الأسعار كانت مناسبة جدا فجلسنا في هذا الفناء البسيط على مقاعد قريبة جدا من الأرض وطلبنا ساندويشان
(الرائحة شهية .. أشعر كأن أمعائي تتمزق من الجوع) تمتم دوغلاس
الرائحة حقا شهية , إذ في مرحلة ما أمعائي كانت تتمزق من الجوع مثله , ولم تفتني النظرة الخائفة التي ظهرت على عيون النادل حين رأى دوغلاس يجلس بقلة صبر، من الواضح انه خاف من شكله ليس إلا .. أعني لباس أسود , أوشام , وجه متمرد ..واول فكرة ستصدر في رأسه أنه سيفتعل مشاكل أو سيتنمر عليه فهو كان فتى ربما يدرس في الثانوية ..في عمر أرون
(أسرع أيها الفتى ..أين ساندويشي ؟ ) كنت أنا الذي فقد صبري فإستيقظ من شروده وأومأ مطيعاً ( في الحال )
وفي الحال أحضر ساندويشان لذيذان جدا من خلال الرائحة , وراح دوغلاس يأكل بسرعة ويردد
( هذا ألذ ساندويش قد أكله في حياتي باكملها ) ثم صمت قليلا وأخبرني بصوته الذي أصبح عاطفيا فجأة ( أتمنى لو كانت ماكنزي معنا ..لترى كم لندن جميلة ولتجرب طعم هذا الساندويش اللذيذ )
( فقط تمنى لها أن تكون بخير)
توقف عن الاكل وأخبرني بهدوء : (بمناسبة الحديث عنها أنا سأساعدك في دفع مصاريف أدويتها وعلاجها)
(لماذا ستفعل ذلك ؟) توقفت عن الأكل
صر على أسنانه لأنني طرحت عليه هذا السؤال الذي وجده مستفزا ليجيبني ( لانك صديقي ) ( لاتشغل بالك على أختي يادوغلاس ..دعني أنا أقلق عليها فأنت لديك مستقبلك لتبنيه )

وضع الساندويش على الطاولة كأنه شعر بالشبع المفاجئ وهو لم يكمله حتى ولم يعلق أيضاً
وقف قائلا : ( إن إنتهيت تعال لنبحث عن وظيفة )
رفعت ساندويشي التي لم أصل حتى لمنتصفه ( دعني أستمتع بلحظات السعادة القصيرة )
فجلس مجددا مقطبا جبينه (ربما كنت محقا ياأليكس ،ربما لندن ليست المكان المناسب لقرويان مثلنا )
( ماذا حدث لحماسك ؟ )
( لقد بدأ صبري ينفذ ياأليكس ، نحن طرقنا كل باب منذ وصلنا هنا )
( إذا سنطرق المزيد من الأبواب حتى نجد وظيفة ، لا تتوقف عن الإيمان ، مازال لدي أمل كبير )
إنطلقنا في سبيلنا مرة أخرى.. إشترينا جريدة و إتصلنا بجميع إعلانات طلب التوظيف
وكل محاولاتنا بائت بالفشل , ولكن هذه البداية فقط فهذه عاصمة كبيرة
(اللعنة!) لقد فقد دوغلاس الامل ( ظننت ان الامر صعب , لكن الامر يكاد يكون مستحيـــل)
فقلت له وأنا أضع يدي فوق كتفه : نحن في بداية الطريق!
( كن واقعيا ياصاح , لقد أظلم الحال ونحن لم نترك بابا إلا طرقناه , ولا تنكر أن نصفهم رفضو توظيفنا بسبب شكلنا البائس ، نحن نبدو مثل متسولان لعينان )
حين سقط الليل توقفنا قرب جسر لندن المتحرك , إستندت على إحدى الرفوف المطلة على هذا النهر ,أرى أضواء هذه المدينة الجميلة تنعكس عليه
(إسمع ياصديقي , لعل الحظ لم يحالفنا اليوم ,لكن غدا هو يوم جديد ..سنحاول غدا)
أومأ بسخرية كبيرة
(والان لنستمتع قليلا بهذا المنظر الجميل..على الأقل إنه مجاني)
(من الصعب أن أستمتع به فيحين أشعر بالإحباط)
(لا تتشائم ، ستأتي أوقات أفضل بكثير لنا )
كنت مرهق جدا ومتأكد انني حتى لوحاولت رفع معناوياته للصباح فهو سيحافظ على تشائمه لذلك إكتفيت بقول (الله لن يتركنا ) ثم ألقيت نظرة أخيرة على جسر لندن وإبتعدت لأجد مكانا أنام فيه الليلة ، تجاوزنا الفنادق الموجودة هنا كونها ذات أسعار عالية , أفضل مكان وجدناه كان
إحدى المقاعد الموجودة على حافة الطريق المطلة على النهر
(إذن أنت تقول لي أنه في أول ليلة لنا في لندن ..سننام تحت النجوم )
( من الواضح ) أجبته بإبتسامة خفيفة
( كم رومانسي! )عانق محفظته الصغيرة لصدره , أغمض عيونه بضيق واضح
( ليلة سعيدة أيها المتسكع )
إلتفت لي بعصبية لأنه لم يعجب بسخريتي في هذه اللحظة (الأمر المضحك أنه يمكننا النوم بآمان فلا مال لدينا لنخاف من السارقين )
( هه فعلا )
كان خلفنا حديقة صغيرة ممتلئة بالأشجار ,فنهض وألقى حقيبته بإهمال ليضع عليها رأسه كوسادة وأغمض عينيه
ففعلت مثله وإستلقيت على المقعد , ونظرنا كلينا للقمر البعيد ، لقد كان الريف مضاء بنور القمر والنجوم الساطعة ، لكن هنا يوجد ضوء باهت لعشرات من مصابيح الأعمدة الكهربائية ، لا يمكنني رؤية النجوم
أدركت أن الخريف حل حين هبت رياح باردة وأسقطت أوراق الشجرة فوق وجهي ، إختبأت تحت سترتي القديمة ونظرت بإتجاه هدير أمواج نهر التايمز التي تتصاعد عاليا وكأنها تتراقص تحت إيقاعات موسيقى عازف الكمان الجالس في نهاية الطريق
أصبح شعري يتقلب بسبب رياح النهر القوية وانتشر الضباب في الأرجاء لكن البيوت بقيت مستيقظة لوقت متأخر ، مازلت أسمع أصوات السيارات والدراجات النارية ،ومازال الناس يتجولون من حولنا، يمرون أمامنا ورؤوسهم مرفوعة ، سمعت دوغلاس يزفر فأخبرته
(غدا بالتاكيد سيكون أفضل وسيباركنا الله بنعمته)
علمني أبي ان كل شيئ سيكون على مايرام لان الوقت سيمر ،تلك اللحظة التي نظن فيها ان العالم توقف ، تلك اللحظة التي تكسرنا ، تحزننا ،تلك اللحظة التي نظن أنها لن تمر أبدا ..ستمر وستاتي لحظات افضل منها مادمنا نتحلى بالإيمان في قلوبنا
( أرأيت ..الامر ليس بهذا السوء )
( لا يمكن آن يصبح أسوء )
إستيقظنا في الصباح الباكر حيث كان الضباب يعم في الأرجاء ويخفي البنايات وجسر لندن
وذهبنا لنطرق باب أخر بأمل كبير
(أنتما بدون أي خبرة ..و بدون شهادة جامعية أيضاً، أعني ..هناك الكثير في صالة الإنتظار يملكون هاذين الشرطين الأساسين ، أتمنى أن تجدا عملا في مكان أخر)
لقد كان هذا الرفض الألطف من بين الجميع لحد الساعة كان رجل في منتهى اللباقة ولذلك قلت له محاولا :
( أرجوكَ ..وظفنا.. سنعمل أي شيئ)
(أنا واثق هناك عمل هنا لا يتطلب شهادة وخبرة) قال دوغلاس
(سيدي ..سنعمل بأي شيئ وسنكون عند حسن ظنكَ)
(أنا حقا أسف) رافقنا نحو الباب
حين خرجنا من مكتبه رأيت الكثير من الأشخاص ينتظرون في صالة الجلوس ,بمظهر أنيق وملفات حسن سيرة وشهادات كثيرة ..ماذا نفعل هنا على كل حال
لكن على الأقل كما قلت عاملنا بأدب ..فلقد مررنا على ثلاثة شركات من قبله وتم منعنا من الدخول لواحدة لاننا لا نرتدي بدلات , وتم السخرية علينا من طرف إثنتان
(إنتهى أمرنا !) همس دوغلاس تحت انفاسه ثم أخذ نفسا عميقا مرددا بغضب
(إذا ماذا ؟ لا احد يقبل بتوظيفنا هل هذا يعني أننا سنعود للقرية ؟)
(مستحيل أن أعود إلى هناك خالي اليدين ، لقد وعدت أمي ولن أخلف بوعدي مهما حدث ، سأستمر بالبحث ولن أفقد الأمل )
توقفنا عند إحدى المحلات لأشتري قارورة ماء ,لقد جف حلقي من الركض هنا وهناك
وبدون نتيجة
مرت خمسة أيام محطبة..ننام في الشارع ونتجول طوال اليوم لعل الحظ يحالفنا , ولقد أرهقنا البحث وكرهنا كلمة (لا)
لا أحد يرضى بتوظيفنا ..لاأحد يعطينا فرصة , كم قاسية هي لندن .. لاأحد يرحمنا
لاأدري كم مر من الوقت ونحن نجلس هنا على إحدى الأرصفة ، جمدنا البرد , قتلنا الجوع لكننا لسنا نتذمر من ذلك , كل ماأردناه هو وظيفة .. كل ما أطلبه هو عمل يمكنني من مساعدة أختي .
ياإلهي ساعدنا
(لن أسامح نفسي إذا إنتكست أختي , لا املك ولا سنتا في جيبي وأندرو وضح لي أنه لن يقوم بأي وساطة مجددا لأن ديوني تراكمت ، لا أريدها أن تتألم وتبكي ..حين تفقد وعييها أخاف أنها لن تستيقظ مجدداً ,وأخشى أنها قد ماتت ..لن أسامح نفسي إن ماتت أختي ، لا أريد أن أفقد عزيز أخر في عائلتي ، لذلك أنا لن أستسلم ،سأبحث عن عمل ولو كان راتبه قليلاً مثل الذي كنا نتلقاه في القرية )
(أنا معكَ ) وضع يده فوق كتفي ووقف ( قم..ماكنزي بحاجتك ، لنجد وظيفة ياصديقي)
أعطاني يده فأمسكتها ووقفت متفائلا ( سنجد وظيفة )
بقينا ننتظر في محطة الحافلات , قدوم حافلة أخرى لتنقلنا إلى أمل جديد
ففرص إيجاد وظيفة في هذه المنطقة هو صفر
(البرد شديد في هذه الأيام ..أليس كذلكَ ؟ ) إلتفت ليساري وأنا غير متاكد ان هذا الكلام موجه لي ,وبالفعل وجدت رجلا كبيرا ..ربما في عقده الخامس يبتسم بعينيه نحوي
(صحيح سيدي )
لقد تلبكت لانني لست معتاد على مخاطبة الأغنياء , يرتدي بدلة كلاسيكية فخمة ، مرتب جدا ، كان شعره القصير مائلا إلى اليمين ..ولديه لحية كثيفة تخفي شفتيه ونصف وجهه
فيها شيب خفيف جدا
(لماذا لا ترتدي شيئا دافئا ياإبني ..أم انت من هاؤلاء المخلوقات العجيبة التي لا تبرد في الطقس القارس)
لقد كان يمزح ..كان يمزح حتما لأنه ضحك في نهاية جملته وأنا سايرته وإبتسمت
(هل ستتأخر الحافلة ؟ .. لأن لدي موعد مهم جداً بعد ساعة , ولسوء الحظ تعطلت سيارتي بالقرب من هنا) راح ينظر لساعته بقلق
(هاقد وصلت الحافلة ) تمتم دوغلاس بضيق وهو يضع حقيبته خلف ظهره ,فصعدنا
( أووه لا ..يبدو انني نسيت محفظتي في السيارة ) إلتفت للسيد فوجدته ينظر للسائق بحيرة شديدة فقلت له : لا تقلق سيدي ..لقد توليت الأمر
وهنا إلتفت لي دوغلاس هامسا تحت أنفاسه ( حقاً ؟ ) تجاهلته فسمعت هذا الرجل المحترم يسألني ( حقا ستفعل ؟ ) كأنه إستغرب تصرفي جداً
(لمالا سيدي ؟ ..علمني والدي أن فعل الخير من صفات الرجل الصالح)
(أيها الرجل الصالح ،أسرع فليس لدينا اليوم بطوله لمواعيظك) قال السائق بنبرة كارهة فأومأت ودخلت مسرعا
جلست انا بينما وقف دوغلاس أمام النافذة
كانت الحافلة ممتلئة قليلا , وبمجرد أن رفعت عيني حتى رأيت نفس الرجل يقف بجانبي
بمجرد أن إنطلقت الحافلة حتى بدا لي كأنه سيفقد توازنه بأية لحظة وسيسقط
كما كان منزعجا جداً من الضيق وإقترابه الشديد بالناس ,لقد شعرت بالشفقة عليه حقاً لانه معتاد على سيارته كمايبدو
(تفضل بالجلوس مكاني ) وقفت وتركت له مقعدي , ولكم إتسعت إبتسامته لذلك حيث
أسرع ليتخلص من هاؤلاء الأشخاص الملتصقين به
(هذا لطف كبير منكَ )
رفع وجهه البشوش وسألني( ماإسمك ؟) وهو يضم حقيبته لصدره ,إنه يحمل إثنان ..واحدة وضعها خلف ظهره وهو مستند عليها, يبدو لي أنه رجل أعمال
( إسمي هو أليكساندر ستون )
إبتسم نحوي وهز رأسه .. كنت أحدق إليه وقلبي يتمنى أنني حين أصير بمثل سنه
أكون قد حققت كل أمنياتي .. أكون قد حققت مستقبلا جيدا لعائلتي
(دعني أحزر ياأليكساندر ..أنت لست من لندن !) تفحصني جيداً قبل ان يعطيني هذه الملاحظة إنه متأكد من ذلك لكنه لم يرد أن يقل ذلك مباشرة
(أنا عابر سبيل من أرض بعيدة ..أتيت مع صديقي) أشرت لدوغلاس برأسي فحرك الاخر حاجبيه فقط ليلقي التحية الغريبة الخاصة به
(أووه هذه محطتي ..تشرفت بمعرفتكً أليكساندر , وأتمنى لك حظا طيباً أنت و صديقك)
كأن الوقت يسابقه فهو نزل مسرعاً، وحين كنت سأجلس رأيت حقيبته .. (لقد نسي حقيبته ) حملتها وإلتفت لباب الحافلة فكان قد نزل ( ساعيدها له ..)
( أليكس إنتظر ..) مررت بسرعة عبر الناس وخرجت مناديا ( سيدي إنتظر ) نظرت للأمام فرايته يسير بسرعة كبيرة ( سيدي لقد نسيت حقيبتك .. سيدي!) رغم انه كبير في السن لكنه يسير بسرعة كبيرة, إضطررت للركض خلفه ,وبدوت كأنني سارق وليس فاعل خير
(إنتظر سيدي حقيبتكَ )
توقف فجأة حين قاطعت له طريقه ونظر لي بحيرة والقليل من الحذر حتى رفعت له حقيبته ( لقد نسيت حقيبتك سيدي ) وفي هذه اللحظة خطفها بسرعة مني كأن مافيها شيئ ثمين وراح يتحدث بسرعة وفزع ( ياإلهي..وأنت لحقت بي وفوت محطتك لتعيدها لي بينما شخص أخر مكانك كان سياخذهاَ ..هل تعرف أن هذه الحقيبة تحتوي على مستندات مهمة جداً ولو ضاعت مني اليوم لكنت وقعت في مشاكل لا حلول لها )
توقف ليأخذ نفسا وضرب كتفي مرتين : (شكراً لك ياأليكساندر ,أنت حقا رجل صالح
شكراً لك ياإبني لانك أنقذتني اليوم )
(إحترس على أن لا تضيع منك مجدداً)
إبتسم معي وهو يضم حقيته لصدره : (حسناً .. كنت سأسألك ماذا تريد مقابل هذه الخدمة لو لم اكن أعلم ان مافعلته للتو هو جزء من طبيعتك الخيرة , وأنا حقا لا أريد أن أفهم عملك الصالح بطريقة مختلفة ..أنا أتمنى لك التوفيق في حياتك)
( وداعا سيدي)
وإستدرت عائداً لمحطة الحافلة ..فوجدت أنها قد غادرت ..وبقي دوغلاس مستندا على إحدى عوامد الكهرباء ووجه لا يفسر من الإنزعاج ( نحن مضطران الان لننتظر الحافلة التالية ..فوجهتنا لا تزال بعيدة قليلا .. أنظر أين جعلتنا نتوقف ..في هذه الاحياء الراقية)
( لماذا لا نلقي نظرة بينما نحن هنا)
(أليكس نحن لن نجد عملا هنا فمستوانا لا يسمح.. فقرنا واضح جداً في هذه المنطقة)
(لعلك محق .. فلننتظر الحافلة التالية ,أمل أن لا تتأخر كثيراً)
(مهلاً .. هل ترى ماأرى ؟) أشرت لإحدى المباني الفاخرة المنتشرة بكثرة في هذا الحي
فأومأ بغيظ ( أجل ..أرى بوضوح ..مهلا .. أنت لست جاد ؟ تعرف أنك لو عملت لشهر كامل فراتبك لن يكفيك لتدفع ثمن وجبة واحدة هناك )
(صاح .. بحقكَ .. أنظر جيداً، هناك إعلان توظيف فلنتحقق منه )
(مطعم سيرافينا فيفر ! )
قرأت اللافتة الكبيرة التي تجذب الجميع بأناقتها وجمالها والاحرف كانت مكتوبة بخط كبير وكلاسيكي ,ثم انزلت عيني إلى الباب الفخم الذي علق عليه ورقة إعلان لطلب التوظيف , فكان هناك رجل بجانب الباب , يأخذ سيارات الأغنياء ويركنها
(المعذرة سيدي ..هل ماتزال الوظيفة متاحة ؟) سألته فأومأ بسرعة وأشار بيده للباب
( ستجد موظف الإستقبال على اليمين ..إتفق معه )
وعندما فتحت الباب ودخلت ظننتني في متحف اللوفر
فماكل هذه الرفاهية ؟ هل يعقل ان كل هذه النقود صرفت فقط لجعل المطعم يبدو خياليا مثل حلم خرافي لكي يشعر الأغنياء بالرضى وهم ياكلون ؟ ليدفعوا الضعف عند رؤيتهم هذه الفخامة...
(مرحبا سيدي .. نحن هنا من أجل الإعلان الموجود في الخارج ) هذه المرة تحدث دوغلاس لانني مازلت شارداً في الثراء الفاحش .. وهناك فرقة موسيقية أيضاً في زاوية المطعم حيث تطل على أفضل مواقع الطاولات ..اللحن هادئ جداً وجميلْ
(لقد علقنا الإعلان منذ قليل فقطْ ,وأنتما أول من إستجابا للطلب ، إستمعا.. إن كنتما مهتمان حقا بهذه الوظيفة ,يمكنني أن أوظفكما في الحال لأننا حقا نحتاج بشكل ضروري لكما، إستمعا ..نحن نحتاج لشخصين لغسل الاواني ,وتقشير الخضروات ,وكذلك لتنظيف المطعم في الليل وإخراج الزبالة وأحيانا قد نستعين بكما لتقديم الأكل , بالنسبة لكما سيبدأ العمل من التاسعة صباحا حتى منتصف الليل ,إن لم يكن لديكما إعتراض فستباشران في الحال )
نظرنا لبعضنا البعض لثواني ..هذه ليست الوظيفة التي حلمنا بها في لندن , لكن المبلغ سيكون أفضل من الذي كنا نتلقاه في القرية بكثير لأنه مطعم فاخر ..ربما ليس كافي لكن بهذه الطريقة
سأتمكن من توفير أدويتها وكذلك سأجد عملا ثانيا لأدفع الديون
(نحن موافقان وسنبدأ في الحال)
(هناك غرفة في نهاية الممر ..يمكنكما النوم فيهاَ ) وبعد هذا الإقتراح نحن لن نصدق اننا في يوم وجدنا وظيفة وكذلك مكانا لننام فيه ، ملجأ من الليل
(رائع سيدي … سنبدأ في الحال )
هذا المطعم مكون من طابقين..والطبقة الثانية مطلة على الطبقة الأولى حيث هناك درج صغير يؤدي إليهاَ
سرنا في رواق قصير حتى وصلنا للمطبخْ ,كان كبير وفاخر بدوره ، لديه نوافذ على شكل مرايا تطل على بعض الأجزاء من المطعم ، يحتوي على الكثير من الأفران والثلاجات وحوض كبير ، ممتلأ بالطباخين الذين تتقاطع طرقهم مع بعض في كل ثانية ..والحرارة عالية مقارنة بالردهة
(مرحباً ) بمجرد ان قلت هذا حتى أمسكني رجل من ذراعي بكل قوة يملكها وأعطاني مئزر أبيض ( إرتدي هذا في الحال .. وإبدأ في غسل الاواني .. وأنت أيضاً تعال وقشر هذه
الخضار ..أسرعا أسرعا فأنا لا أحب التراخي ) كان هناك صندوق من البطاطا والجزر وأنواع مختلفة من الخضار
وأنا كان ينتظرني جبل من الصحون والملاعق الفضية الجميلة ,إرتديت المئزر ووضعت قبعة على رأسي حرصا على عدم تساقط ربما شعري ووصوله عن طريق الخطأ للاكل ,وكذلك فعل دوغلاس الذي جلس على مقعد صغير وشرع بتقشير البطاطا , كانوا يعملون بسرعة في هذا الحر
والشيف يبدو رجل حازم لأنه يصرخ على الجميعْ
(أسرع أكثر ..أنت بطئ جداً ) لقد كانت هذه الملاحظة الثالثة التي يوجهها لدوغلاس وهو ظل صامت فقط لأنني كنت ألتفت إليه وأهمس ( لا تعطه الفرصة ليطردكَ) فأنا واثق أن هناك الكثير من البائسين مثلنا يبحثون عن وظيفة حتى لو كانت مثل هذه
(هل تملك مكابح بأصابعك ..لمالا تسرع ؟ .. لدي ثلاثة اطباق رئيسية ل20 ضيف وإن بقيت تعمل بهذه الطريقة لن أحضر شيئاً ,مايك أين هي بقية الخضروات ؟ لماذا لم تصل بعد ؟ إتصل وتحقق الان ) صرخ على دوغلاس مجدداً وانا حقا خشيت أن يقوم بتصرف متهور ..دوغلاس الشاب الذي إستمرت صداقتي معه لحد الساعة وأنا اعرفه مثل خيالي .. قد يقبل بكل شيئ سوى بان يتنمر عليه أحد ..إنه لا يرضى بان يتطاول عليه أحد مهما كان
(حاضر شاف ) لقد كان مايك فتى صغير , شديد النحولة ومن الواضح انه ليس من لندن أيضاً .. مختلف عن بقية الطهاة هنا ..ومشابه لنا لحد كبير
كان الهاتف معلق بجانبي فجاء وطلب رقما ,وهو ينتظر الرد إلتفت لي قائلا : (اليوم ستقام حفلة عيد ميلاد لشخصية مهمة والشاف متوتر لهذا السبب , إذ يجب ان يكون كل شئ جاهز ومتقن وممتاز في الوقت المحدد )
(حسنا )
(لقد وصلت الخضروات والأسماك شاف ) هتف مايك بصوته العالي
(تعال ..أيها الولد الجديد..ماإسمك ؟ ) فجأة وجدته يقف خلفي ..ومسافة بطنه هي التي كانت تفصل بيننا ..كان نحيلا لكن بطنه بارزة ومتدلية ( إسمي هو أليسكاندر شاف)
( أليكساندر .. أخرج مع مايك وأدخلا صناديق الخضار والأسماك ,أسرعا أسرعا)
تركت الصحون وخرجت من الباب الخلفي , سيارة هجينة كانت ممتلئة بالخضروات وأخرى بصناديق الأسماك قادمة مباشرة من البحر
ومازلت أسمعه يصرخ (أسرعا) من هنا ,فادخلنا تلك الصناديق جميعها
وضعت الصناديق أمام دوغلاس وإغتنمت الفرصة لأقول له ( إبق هادئ ) فأومأ وأخفض عيونه كأن لا خيار لديه ..فلا خيار لديه
(لقد اضفت كمية كبيرة من الملح .. مابك أيها الأعمى ألا ترى ؟ )صرخ الان على شاب أخر يدعى جاستن
لكنني إكتشفت أن جميعهم يصمتون ولا يردون عليه أبدا ,كأنهم إعتادوا على هذا الريثم
وعلى الساعة الرابعة أغلق المطعم وتمت إعادة ترتيب الطاولات لتصبح على شكل طاولة واحدة مستطيلة تتسع لعشرون ضيف , ووضع عليها صحون ومعالق ذهبية
ومنادل جميلة تم طويها بطرق عجيبة ،مع كؤوس شفافة طويلة لامعة ، وضع النادل أربعة باقات من الورد الأصفر الجميل تحت هذه الثريا العملاقة التي جعلت المنظر يبدو كلوحة فنية تباع بملاين الدولارات
بما أن المطعم أغلق فانا أكملت غسل الاطباق ثم إنتقلت لغسل الكافيار في ماء بارد بينما كان ينتظر الكركند دوره
أما دوغلاس فهو يلازم الصمت كأنه غير موجود البتة , ومن لحظة للحظة يضغط على السكين بخطورة ويوجه نظرات قاتلة للشاف بيشوب
تعاونا نحن الإثنان وأنهينا سريعا تحت الضغط ,وبحلول الساعة السابعة بدأ المدعويين
بالتوافد ..هناك مرآة أخرى إزدواجية تحتل نصف مساحة الجدار في المطبخ مطلة على الخارج كانت باقات الورود الكبيرة تحجب عليا المنظر لكنني أرى قليلا بعض الوجوه المتألقة ..


اوديفالا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 01:38 AM   #6

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثــالث

(الأطباق الرئيسية جاهزة للتقديم ,وكذلك المقبلات والمشروبات ) قال كورتيس وهو واحد من الطباخين , عدى أنه الأكبر سنا..اكبر من الشاف بيشوب بنفسه ,وقد احببته على الفور فالإبتسامة لم تكن تفارق وجهه
(أسرعا أنتما الإثنان .. نظفاَ ذلك الجانب من المطبخ ) طلب الشاف بيشوب وطلباته هنا كانت اوامر , ريثما كانوا يقدمون العشاء ,نحن نظفنا جميع الأفرنة ,والأواني المستخدمة للطبخ، القدور والمقالي ، ثم مسحنا الأرضية بينما بقية الطباخين ذهبو لغرفة تغيير الملابس,أما نحن فسنظل هنا حتى إنتهاء العشاء لكي نغسل الأواني ..ونمسح الطاولات والارضية
وحين وصلت الساعة السابعة , غادر الطباخين والشاف بيشوب الى منازلهم ,بقي فقط الفتى مايك فهو يعمل ساعات إضافية مثلنا
الان سننتظر حتى مغادرة المدعويين لنبدأ بالعمل.. وقفت بجانب دوغلاس في الردهة لنلقي نظرة سريعة
كانت الأنوار ذهبية خافتة ، والفرقة الموسيقية تعزف لحنا هادئا على الكمان والبيانو
سيدات بفساتين مصممة ومجوهرات غالية ورجال ببدلات أنيقة
قادمين لجعل هده الليلة لهم
متالقين ومستعدين للاحتفال
كانو جميعا منسجمون مع بعضهم ..سوى تلك ، هناك في إحدى المقاعد كانت تجلس لوحدها، عينيها تحدقان بالطاولة بإهتمام وكأنها أهم من الحوار الذي يجري هناك ،لوهلة شعرت انها تعد الملاعق
شعرها الأشقر الطويل المجعد كان كثيفا بمايكفي ليخفي بعضا من وجهها ويتدلى على كتفيها وظهرها ، حتى الأن عينها لم ترفعهما قط
إستدرجتني ضحكة تلك المرأة التي تحمل باقة الورود الحمراء وترتدي فستان مخمليا بنفس اللون ليجعل بشرتها تشع بأنوار ملائكية ، شعرها كان ذهبيا لامعا تمسكه بمشبك مليئ بأحجار كريمة وعيونها ساحرة جدا بلون الياقوت الأزرق
كانت مزيج من الحداثة العصرية والرومانسية
وقع بريقها على مايك الذي تنهد بحسرة قائلا :
(مهما حدقنا فنحن لن نعرف أبدا كيف هو شعور العيش بهذه الطريقة )
اصبحت الطاولة مليئة بأغلى المأكولات وأفخم المشروبات
يمكنني أن أشم الرفاهية في الهواء
وسط الموسيقى ووهج الأنوار الذهبية قامت لترقص تلك الحسناء مع الرجل الذي قدم لها باقة الورود ، يرتدي بدلة فخمة مصممة ورولكس في يده ، كان مأخوذا بها ،فالسحر يحيط بها مثل جنية خيالية
(إنها سيرافينا فيفر ..الفتاة التي تتهافت عليها أكثر المجلات الشهيرة لتكون في اغلفة مجلاتهم)أخبرنا مايك وهو لا يستطيع حتى أن يرمش لكي لا تفوته أي حركة منها
(إنها مجرد فتاة جميلة) قال دوغلاس بعدم إكتراث
( انها من أجمل النساء على قيد الحياة ، الحسناء التي كل يحلم بها كل رجل ،والأن هي خطيبة توماس شيلبي ، ياله من وغد محظوظ)
اعجب بها مايك بهوس
(هذه الليلة التي تبدو بالنسبة لكما تحدث مرة واحدة في العمر تتكرر كل يوم بالنسبة لهم )
(مهلا دقيقة ، هل قلت أن إسمها سيرافينا فيفر ؟ ) تذكرت أنه نفس إسم المطعم
( نعم ، إنها إبنة الميلياردير جيمس فيفر المالك لسلسة فنادق ومطاعم فيفر ، أتعرفان ، يقولون أنه في عيد ميلادها السابق إشترى لها والدها يخت ضخم يحتوي على خمس غرف ومسبح ، واليوم سيهديها منزل خاص في إيطاليا يطل على البحر ، انها واحدة من المحظوظين القلائل
تتمتع بالحياة الطيبة في حين نحن نكافح من اجل لقمة العيش ، اترى ذلك الشاب الجالس بجانب اللايدي سيليستيا فيفر )
(من ؟ ) همس دوغلاس فإحتار مايك قائلا ( من !!؟ ألا تعرف عارضة الازياء الشهيرة سيليستيا فيفر ، أين تعيش بحق السماء ؟)
(المرأة الوحيدة التي أعرفها في لندن هي الملكة )
قصد مايك تلك السيدة التي تبتسم بإفتخار إتجاه إبنتها التي تشبهها على السيدات اللاتي يجلسن بجانبها وهي تتباهى بوشاحها المصنوع من الريش الغالي
( أيا كان ، ذلك اخوها بيتر ..أخبرني جاستن أنه راه ذات مرة يحرق ورقة نقدية بقيمة عشر دولارات ليشعل سيجارته وهو يقود أغلى السيارات ، كل شهر يشتري واحدة جديدة من اخر طراز ثروة ال فيفر تزداد في كل يوم يمر )
( هذا اغلى منظر رايته في حياتي) تمتمت بشرود تام (ماهذا العالم المثالي الذي أراه )
(انه عالم يفوق خيالنا ) قال مايك ( انه عالم الملوك المذهل)
(لاأريد هادا العالم المذهل..أنا فقط أريد أن أبني منطقتي الخاصة،حيث أعيش في سلام مع الذين احبهم ) كان لدوغلاس رأي مختلف
إنزلقت عيناي مجددا لتلك الشقراء فلاحظت أنها لم تأكل شيئا أثناء جلوسها ، طبقها مايزال كماهو .. كان الوحيدة التي وضع لها طلب خاص عبارة عن طبق سلطة وحده بدون أي شيئ أخر
كنت على وشك أن أسأل مايك عن هويتها حين ظهر كورتيس فجأة أمامنا وهو يربط مئزره الأبيض
(ممنوع وقوفكم هنا ياشباب أدخلو إلى المطبخ قبل أن يراكم أحد )
عدنا الى الواقع
عدت للمطبخ التي كانت تتسلل من إحدى نوافذه موسيقى الكمان التي تجلب لي متعة ، تجعل ذهني صافي
(ظننتك غادرت ؟ )
جلس على إحدى المقاعد الطويلة أمام الحوض بوجه مبتسم
(ذهبت لأغير مئزري بعد أن تلوث بالصلصة ، لا يمكنني المغادر قبل المدعويين ، تعرف في حال أرادو شيئ أخر )
( يفترض أن يبقى الشاف بيشوب ، لكن ممتن أنك من بقيت) همس دوغلاس بإرتياح
إكتفى كورتيس بإيماءة صغيرة وقرر أن لا يناقشنا بهذا ، ثم نظر لمايك قليلا ليقول : ( لقد سمعت ماقلت صدفة ، وكوني رجل عمل طوال حياته ومزالت أعمل أريد أن أسديكم نصيحة ، فأنا أعتبركم مثل أبنائي وكنت في مثل عمركم مرة ، الحياة الجيدة تكتسب ولا تعطى ، هاؤلاء الأشخاص هناك عملو بجد ولم يجلسو بينما الأموال تمطر عليهم ، ونصيحتي لكم إن كنتم ترغبون بالنجاح في حياتكم ، أن تعملو بجد أيضا ، وليس هناك داعي للإستعجال ولا للشعور بالإحباط عند الفشل ، وأهم شي هو التواضع ، خطوة واحدة كل يوم حتى تصلوا إلى هناك ياأبنائي)
(شكرا على النصيحة ياكورتيس)
(على العفو أليكساندر)
لاحظت عبر زجاج المرايا كعكة عيد الميلاد ذات الخمسة طوابق كبيرة ، تم وضعها وسط الطاولة حيث كادت أن تلامس الثريا ، ثم سمعتهم يغنون لها عيد ميلاد سعيد مع المغني الذي راح يعزف على البيانو
(بماذا تفكر ؟ )سألني دوغلاس وقد عاد ليجلس على إحدى المقاعد بتعب فجلست أمامه
(أنا أفكر إن كان الفقر إبتلاء لنا أو نعمة )
غادرت عائلة فيفر على تمام الساعة العاشرة , ثم غادر مايك وكورتيس وصار المطعم خاليا , لم يبقى سوى حارس الأمن في الخارج ,ونحن في الداخل لننظف هذه الفوضى
تمنيت لو أني أستطيع تنظيف فوضى حياتي مثلما أنظف فوضى الغير الأن
(أي نعمة تراها في تنظيف القذارة التي يخلفها الأغنياء ورائهم ؟ ) وهنا تذمر دوغلاس حين وصلنا للمرحاض,كما انه لاحظ أن المكان بأكمله سيأخذ منا على الأقل ساعتين لينتهي تنظيفه ..فهو كبير وممتلأ بالمرايا
وحين اكملنا في منتصف الليل ,اطفات الاضواء وتوجهنا مباشرة للغرفة التي أخبرنا عنها موظف الإستقبال ولم تكن سوى غرفة الخردة وضعت فيها طاولات مكسرة وبعض الأواني القديمة, مساحتها صغيرة جدا, لكن على الأقل هناك سريران و أغطية ,لا يمكنني التذمر ,هذا أفضل من لاشيئ


خمسة عشر يوم منذ حصلنا على هذه الوظيفة , وقد كنت أنهض كل يوم وأقول لنفسي
من اجل ماكنزي ..سأتحمل الشاف بيشوب , وأعلم أن دوغلاس يردد نفس الكلام لنفسه من أجل مستقبله عدى أنه كل دقيقة ..فنحن نبدأ على التاسعة صباحا , بتقطيع الخضروات ,واللحوم وكل ماهو موجود للتقطيعْ والتقشير , والشاف بمجرد ان تطا قدمه هذا المطعم حتى يشغل حقارته ويبدأ يومه بتوزيع ملاحظات ليست في محلها ..إنه لا يتحمل رؤيتنا نقف لدقيقة بدون فعل شيئ , كأنه هو الذي يدفع لنا ويجب ان نعمل لكل سنت ، حتى لولم يكن هناك عمل ,يخترع لنا واحداً
حتى بدات أشك ان له مشكلة شخصية معنا , لكن من الجانب الأخر
كنت أستمتع حقا برفقة الثرثار مايك ..والنكتات التي يلقيها , وكذلك حكايات كورتيس حين كان شابا في مثل سننا ..لقد تفاجأت لأنه عمل كطباخ طوال حياته ويملك شهادات متعددة ,وفي مطاعم مختلفة في بريطانيا ..وهو إستقر في مطعم فيفر منذ عشرين سنة , وعمره الان سبعة وخمسون سنة , لكن الذي فاجئني أكثر أن الشاف بيشوب كان تلميذه
والان هو رئيسه , الحياة حقا ليست عادلة
قائمة الأكل لهذا اليوم كانت تحتوي على أطباق شهية , وعلى سلطات متنوعة ,أرى بعض الأشخاص يأتون هنا ويطلبون الأكل ,بأسعار غالية ,ثم يكتفون بتصويره وأكل السلطة
وفي الاخير يرمى الطبق بدون أن يمس في النفايات ,هناك أشخاص يموتون جوعا في الخارج , وفي قرارة نفسي أتسائل لماذا منحت النقود للأشخاص الذين لا يقدرونها.. لا أقصد أن كل الأثرياء لكن بعضهم يسيؤون إستخدام هذا المال ,حملت الطبق الذي يوازي سعره سعر راتبي
تلك الفتاة بالكاد أكلت,ألقيته في النفايات ..ياإلهي سامحني على هذا التبذير
أنا متأكد لو انها كانت مثلنا , لو نامت لليلة واحدة فقط وهي جائعة ,وهي تعرف أنه لا تستطيع توفير ولو حتى قطعة خبز لأدركت أن الطعام نعمة ولاجيب أن نسرف فيهاَ
( أين هو مايك ؟ أين يختفي ذلك الغبي حين أحتاجه ؟ ) إرتفع صوت الشاف بإنزعاج شديد فاجابته إيمي وهي طباخة ماهرة جداً وكذلك الوحيدة التي لا يقوى الشاف على الصراخ بوجهها أو إذلالها ..كونه يخاف منها ,وبحكاية أخرى لأنها إمراة قوية وحين تتحدث ترفع الساطور الذي تقطع به اللحم بتهديد فهو يتراجع ويصمت
( أنت أرسلته ليحضر لك ملابسك من المغسلة)
( تأخر ! ، أنت ، إخلع مئزرك, ستوصل هذه الطلبية)
قصدني أنا وقد عادت لهجته للحادة فنزعت المئزر , وهو حملق بملابسي البسيطة
قميص أبيض ,سروال جينز عادي ، مط شفتيه وحمل العلبة بتردد ( إحذر أن يتدفق الحساء ..ومن الافضل ان تكون في منزل فيفر قبل أن يبرد ) أومأت حتى قال منزل فيفر وانا رفعت وجهي له :
(هلا أعطيتني العنوان شاف )
فتح عيونه بإتساع وسخرية : (هل تحاول أن تقول أنك تجهل أين يقع منزل فيفر ؟)
(من الواضح أنه لا يعرف ذلكَ ,إنه جديد في لندن ) تكلم كورتيس وأنقذني حين أعطاني العنوان بنفسه
( هل مازلت تقف هنا؟ هل تنتظر أن نهلل لك لكي تذهب ؟ ) وفي هذه اللحظة قلت لنفسي هدئ من نفسك أليكس .. أنت تحتاج لهذه الوظيفة
( أنت لم تعطه مفتاح السيارة شاف , أنت لا تتوقع منه أن يصعد الحافلة ؟ ) قالت إيمي مجدداً فإبتسم بإصفرار لكن يداه كانتا تريدان خنقي , حيث أخرج مفتاح شاحنة السيارة وسلمها لي كأنه يسلمني شيئ ثمين وودت لو أقول له إهدأ انت مجرد عامل هنا مثلي مثل الجميع ..وهذا المطعم يخص آل فيفر أنفسهم وليس آل بيشوب

وكان من الواضح حين صعدت للسيارة انني قادم من مطعم لأوصل طلبية ,فهي كانت مغطاة بإعلانات مطعم فيفر، شعرت ببعض الإسترخاء لإبتعادي عن الشاف الذي ظل يعزف على أوتار مزاجي , تبعت اللافتات وحاولت أن أسرع , لكن في النهاية ضعت في لندن وأدركت ان هذه كانت فكرة سيئة , كان يجب أن يرسل شخص أخر يعرف المنزل
لقد كنت ادور في حلقة ,وكل من أسأله يرسلني لمكان ما , إن كانوا لا يعرفون فلماذا لا يقولون مباشرة لا أعرف ..ليس عيب عدم معرفة شيئ ,والأن أخشى حقا ان يبرد الحساء
واخر شخص سألته أرسلني لهذا الحي المليئ بالفيلات الكبيرة التي تشبه القصور
فروادني شعور بأنني قريب من منزل فيفر ..إلا انني لم اجده بعد ، لاحظت الكثير من التفاصيل وأنا أقود في هذه الأحياء الراقية ، الحدائق الأنيقة ، الهواء ساكن ، إنها منطقة هادئة، نظيفة و خالية
لاهدير عجلات السيارات ولا اصوات المشي
اشعر بالرفاهية في الهواء مجددا
هذا يكفي .. إن عدت للمطعم مع الحساء ساطرد , يجب أن أجد المنزل الأن
اوقفت السيارة ونزلت .. أدعو من كل قلبي أن لا يراني أحد أسير هنا فيتصل بالشرطة ليبلغ أنني سارق
وإخترت منزل عشوائي ,سأرن الجرس وسأسألهم عن منزل فيفر ..وأتمنى ان يقولو هذا منزل فيفر
إقتربت من أحدى المنازل وبمجرد ان دفعت البوابة الخشبية الصغيرة حتى وجدت كلب يقابلني وبدأ ينبح ..ومستعد للهجوم لايمكن أن يكون حظي سيئا أكثر حرفيا
تراجعت للخلف حين أراد أن يقفز عليا, أنا معتاد على الكلاب المتوحشة في القرية التي أصادفها كل صباح ..وهذا كان أشرس منهم , وأنا إبتعدت عن المنزل ..عدت للوراء قليلا وتوقفت لأحاول في منزل أخر ، لكن فجأة إصطدم بي أحدهم
شعرت وكأن روحه دخلت في جسدي من قوة الإصطدام
إلتفت بسرعة لأرى فتاة تلهث وكأنها كانت تركض وهي واثقة أن دربها سيكون مفتوح ، إنها نفس الفتاة ذات الشعر الأشقر المجعد الكثيف ، تمكنت من رؤية وجهها مباشرة هذه المرة
كماتخليت فهي كانت ذات عيون زرقاء لكن ضبابية جدا ، تضع عدة درجات من اللون الازرق على جفونها حتى أني إستغربت كيف تستطيع أن ترمش ،وتضع لون أحمر داكن على شفتيها متجاوزة حدود شفتيها قليلا لتجعلهما أكبر
هي فقط نفضت وجهها ورفعت يدها قائلة ( لا تقلق ) وبنفس الوقت إستدارت لليمين حين سمعت صوت كعب حذاء قادم نحونا
( يالالهول حذائكِ ! ) توقفت شقراء أخرى خلفها وسرعان مارمقتني بنظرة متعالية وهي تضع يدها فوق صدرها بفزع
قامت هذه البنت التي تقف أمامي بتنهيدة عميقة وهي تقلب عينيها للأعلى وكأنها نالت كفايتها من العالم ، ثم فتحتهما بقوة حيث شعرت أنهما أصبحتا حمرواين ، وضعت يديها على خصرها النحيل وأطقت العنان لصوتها الذي اصبح عاليا وهي تريني حذائها ( لاتقلق .. يجب أن تخجل من نفسك , أنت لوثت للتو حذاء لويس فيتون الذي يوجد منه إثنان فقط في العالم , هل لديك أية فكرة عن سعره ؟) وحركت رأسها منتظرة إجابتي وأنا فقط وقفت هناك أحاول أن أفهم كيف تحولت من فتاة لطيفة إلى فتاة تزمجر وكأنها ممسوسة من قبيلة من الشياطن
فَكرتْ بقتلي أو كسر أطرافي
حيث نظرت إليها مجدداً، فتاة مراهقة , ترتدي ملابس الثانوية قميص أبيض بربطة عنق قصيرة و تنورة تارتان صفراء قصيرة جداً وضيقة تجلب الأنظار إليها ، شعرها المجعد الطويل يكاد يخفي ظهرها ، ثم نظرت لحذائها الأصفر ذات الكعب العالي الذي بالكاد كان يحتوي على قليل من غبار
بدت لي أقل من فتاة وأكثر مثل دمية ..حتى بدأت تزمجر
(كان خطئك يا أنسة ) ذكرتها
(يافتاة ..يافتاة ! ) إلتفتت لصديقتها التي قالت بذهول وهي ترفع سبابة يدها كأنها ستبدأ عراك
(يافتاة ! ..هل سمعت ماقال..سأكرر لك ماقال , قال..أنه خطئي )
( امم يافتاة ..لآ تجعليني أبدأ ! )
وفجأة وجدت نفسي عالق وسط مجنونتان
( لقد إرتكبت الكثير من الاخطاء في حياتي .. لكن تلويث حذاء لويس فيتون المثير
الذي طلبته خصيصا من باريس ليس أحدها )
( حسنا ..إنه خطئي .. أنا أسف ) شبكت يدي لها وهي رات أنني حقا لا انوي التمادي معها أكثر فقلبت عينيها للأعلى مجددا وكأنها ملت بدورها وأمسكت يد صديقتها التي أخبرتني ( هذا الحذاء الذي أفسدته أغلى من حياتك ، أيتها الغبي ) ثم اولتني ظهرها
(مهلا أيتها الأنسة .. أرجوك.. هل تعرفين أين يقع منزل فيفر ؟)
إبتسمت فجأة ولمعت أسنانها البيضاء وهي تقول (بالطبع ! .. إنه أقرب مما تخيل
فقد أسلك هذا الطريق إلى نهاية ,وإستدر لليمين ,قد بإستقامة حتى تجد أمامك قاعة للرياضة, هناك سترى جدار أبيض مليئ بالطحالب ويقابله بحيرة صغيرة , أسلك الطريق الفرعي وإنعطف لليمين ..وستجد منزل فيفر يقابلك )
(شكرا لك ياأنسة .. طاب يومكِ )
عدت للسيارة وذهبت بالإتجاه الذي ذكرته ,نظرت في المرأة الامامية لأرها مجددا , كانت لاتزال تنظر لي حيث قالت شيئا , عبر تحريكها لشفتيها قرات فقط كلمة خلفكَ .. لعلها تحدث صديقتها وصلت لنهاية الطريق بسرعة لكنني بمجرد ان إستدرت لليمين حتى وجدت نفسي في الطريق العام وعالق في زحمة السير , علقت فيها لنصف ساعة.. ومازلت أقود بالسرعة الاولى , مما لفت إنتباهي هذه السيارة السوداء الحبيبة ,رولز رويس فانتوم سوداء, لقد تخطيت سيارتين لأكون بجانبها , أردت ان أرها عن قرب لانها أذهلتني ولأول مرة في حياتي أتمنى ان أملك واحدة ..حتى لو كانت الامنيات حرام على شاب فقير مثلي لا يملك ثمن دراجة حتى , بالأاحرى حين تمر رولز رويس فانتوم على الجميع أن يتنحى جانبا لأنها سيارة ملكة ,ويجب ان تكون ملك لتقودها ..لقد إقتربت أكثر لارى من يقودها..بالفعل كان السائق يرتدي بدلة سوداء ونظارات سوداء, فنظرت للمقعد الخلفي ولوكان ذلك صعبا فالنوافذ تكاد تكون مغلقة,الأسود لون فخم حقاً ..من حسن حظي أن سيارة المطعم عالية ولذلك إستطعت رؤية سيدة تجلس في الخلف وبجانبها رجل لاحظت أنه يقرأ الجريدة وبمجرد أن راح يقلب الصفحة حتى ذهلت.. إنه نفس الرجل الذي نسي حقيبته في الحافلة , إذن لابد وأن هذه هي سيارته .. ولعل تلك زوجته , تحركت السيارة التي قبلي فإضطررت للتحرك انا أيضا للامام ..وحين وصلت لمفترق الطريق , سلكت الرولز رويس طريقا مختلفا وإبتعدت .. وهذه اللحظة شعرت بإكتئاب خفيف , فمجرد وجودي بجانبها رفع معنوياتي.. قدت حتى وجدت قاعة الرياضة ,وفعلا رأيت الجدار الأبيض المليئ بالطحالب وشعرت كأنني مررت من هنا سابقاً .. هذه الاحياء كلها متشابهة بالنسبة لي
سلكت الطريق الفرعي وإلتفت لليمين ..أوقفت السيارة وحملت علبة الحساء ثم خرجت
لاجد نفسي في نفس الحي .. وأمام نفس الفيلا
لاآآآآ هل خدعتني الصفراء
كانت الفيلا خلفي طوال الوقت ..جعلتني أقوم بدورة عبر المدينة لأعود إلى نفس المكان .. كان بإمكانها أن تقول ببساطة أن منزل فيفر خلفي ,أو فقط تشير إليه
أوه .. أوه هي قالت بالفعل .. خلفكَ .. هذا ماقصدته بالتأكيد ..لابد أنها ضحكت عليا كثيرا بحلول الأن , اكبر مشاكلها كان تلوث حذائها الغالي الثمن ..والان أكبر مشاكلي ان يطردني الشاف بيشوب حين أعود , أحتاج لهذه الوظيفة ..حياة أختي متعلقة بها
رأيت حديقة كبيرة تمتد للداخل حيث تتواجد فيلا كبيرة تشبه القصر , لحسن الحظ الكلب لم يكن هنا ,لذلك دخلت بسرعة متجاوز الحديقة التي صرف عليها الملايين ربما لتبدو بهذا الجمال والنظافة ،رغم الورود المزروعة إلا أنه لم تصلني أي روائح جميلة منها , سلمت الحساء لللخادمة .. لقد أخذته مني وهي تتذمر بكلمات لاتينية, ثم صفعت الباب في وجهي فعدت أدراجي للمطعم , وأجل سمعت الكثير من الملاحظات الغير مؤدبة من الشاف بيشوب , وكنت أنتظر منه أن يطردني .. لأنه المسؤول هنا على العاملين في المطبخ ، لكنه ختم كلامه قبل أن يغادر قائلا ( أنت محظوظ أيها الفتى المتسول لأننا نحتاج لخدماتك ..إستغل هذه الفرصة ) (لا تعره بالك .. إنه مجنون! ) قالت لي إيمي وهي تنزع قبعة الطباخ الطويلة من فوق شعرها البني وكانت أخر واحدة تغادر لنبقى فقط أنا ودوغلاس بعد أن أغلقت أبواب المطعم
وبدأت مهمتنا لنجعله يبدو نظيفا ويتلألأ
(لن تصدق ماحدث لي اليوم ، لقد إصطدمت بي تلك الفتاة الغنية فجأة ، لا اعرف ماذا حدث لها فجأة حين بدأت تصرخ عليا وتزمجر قائلة أنني لوثت حذائها الباهض الثمن ..تلك اللحظة أردت أن أفر هاربا نحو الشاف بيشوب لأنه بدى ألطف مقارنة بها )
(وأنت لن تصدق أن الشاف بيشوب لم يخرس ولا حتى لثانية منذ ذهابك وتذمر حول كل
شيئ وخصوصا حين أعاد أحدهم طبق التحلية لأنه لم يعجب بشكله .. أعني الأغنياء ! )
حركت وجهي بمأساوية مثله لأتمتم ( الأغنياء ! )
تقدم نحو الطاولات التي تطل على الشارع ,التي يكون سعر حجزها أغلى من الباقي لأنها تطل على حدائق جميلة ,وسحب مقعد ليجلس ( ذات يوم سنحضر ماكنزي هنا ..و سنطلب لها
أفضل الأطباق والتحليات )
أكلمنا التنظيف باكرا وذهبنا لنستلقي على الأسِرة الموجودة في غرفة الخرداوات
أنا معتاد أن أصدق في كل ليلة أن كل شيئ سيكون على مايرام ..أغمض عيني وأقتنع بذلك
لكن الليلة حين أغمضت عيني ، لم يشأ وجه تلك الشقراء أن يفارقني ...










اوديفالا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 05:58 PM   #7

فاطومه

? العضوٌ??? » 476853
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 68
?  نُقآطِيْ » فاطومه is on a distinguished road
افتراضي

بالتوفيق حبيبتي روايتك الاولي 😍

فاطومه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 06:50 PM   #8

بوفرديا

? العضوٌ??? » 435866
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 251
?  نُقآطِيْ » بوفرديا is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم
حبيييييييت الرواية بزااااااف وماجذبني لها هو عنوانها ومن ثم انعكاس العنوان على اليكس وعلاقته مع اخوته وصديقه متشوقة للفصول الباقية
بانتظارك يوم الخميس
😍🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰 🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰 بالتوفيق 💗


بوفرديا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 06:52 PM   #9

بوفرديا

? العضوٌ??? » 435866
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 251
?  نُقآطِيْ » بوفرديا is on a distinguished road
افتراضي

هل يمكنك تحديد ساعة انزال الفصل؟
🥰


بوفرديا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 07:39 PM   #10

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطومه مشاهدة المشاركة
بالتوفيق حبيبتي روايتك الاولي 😍


شكرا كثير حبيبتي 😗


اوديفالا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.