آخر 10 مشاركات
تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          593-الزوج المنسي- اليزبيث أوغست -قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          الشيـطان حــولك .. *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : smile rania - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-12-20, 06:54 PM   #1

نايرا

? العضوٌ??? » 481661
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » نايرا is on a distinguished road
افتراضي غرز الخياط..."الهوية السوداء "


السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

ساستهل كلامي بقوله صلى الله عليه وسلم :

من لم يشكر الناس لم يشكر الله

لذا بعد شكري لله على توفيقه ...انا اشكر كل القائمين والمشرفين على هذا المنتدىx ...شكرا لمنحي الفرصة والشرف لنشر اول رواية لي في هذا الفضاء الراقي
واشكر مسبقا كل من منحني من وقته الثمين ليقرأ حروفي

ثانيا .. ريان من الجزائر..طالبة جامعية اخر سنة...ودودة كتب وروايات من الدرجة الاولى
حسنا كيف اشرح لكم بشكل مبسط...لنقل فقط ان غالبية الروايات الالكترونية والورقية التي تعرفونها قد وقعت ضحية نهمي وشغفي الشديد للقراءة...ما ان انهي ضحيتي التي بين يدي حتى ابدأ رحلة البحث عن كاتبة جديدة وضحية جديدة التهم حروفها بجوع...
المهم وبعد قراءة كل انتاجات تميمة وانفاس قطر وكاردينيا وشموسةx وغيرهنx من المبدعات وصلت الى المرحلة المحبطةx التي يصل اليها الجميع على ما اعتقد..وهيx عدم ايجاد روايات بنفس المستوى والحبكة والابداع...اصبت بالاحباط لفترة لكني ببساطة عقدت العزم... هته المرة الرواية القادمة التي سأقرأها ستكون من كتابتي باذن الله...
ولهذا انا هنا بينكم... جئت لاضع بين يديكم وليدتي البكر وروايتي الاولى والتي لن تكون الاخيرة باذن الله سأضعها هنا وانا اعرف جيدا بأنكم لن تخذلوني ولن تقصروا بتحليلاتكم المثيرة وتوقعاتكم وتشجيعاتكم التي تعطي اغلب الكتاب دافعا قويا للكتابة...

احبكم جميعا ❤ وx اتمنى فعلا عندماx نلتقي مجددا عند نهاية الرواية ان يعلق شيئ من هاته الروايةx في اذهانكم وقلوبكم سواء من شخصيات او احداث اواقوالx او حتى انا شخصيا...

تنويه :هاته الرواية حصرية لمنتدى روايتي الثقافية ولا اقبل بنقلها الى اي مكان قبل انتهائها ..
.
ثانيا : هاته الرواية ستكون ضمن سلسلة ولن تكون رواية منفصلة باذن الله

بالنسبة للفصول ستنزل كل سبت مساءا باذن الله❤❤
لننطلق جميلاتي على بركة الله.....❣

لحظة لحظة 😅😅 قبل ان انسى اودx ان اشكرx بشكل خاص مليكة قلبي الاولى وملهمتي رقم واحد تميمة نبيل التي كانت سببا في مباشرتي الكتابة...
اود ان ابعث ايضاx بتحياتي للكوين كاردينا التي كانت سببا في وجودي هنا ايضا ❤❤شكرا من قلبي

xxxxxxxxxxxxxxx

xxxxxxxxxx

xxxxxxxxxxx x

xxxxxxxxxxxx الغرزة الاولى :x هوية السواد

البداية :

صوت باهتxx يبدد صمت المكان المظلم خافت الاضاءة .. صوت ماكينة الخياطة المهترئة التي اكل عليها الدهر وشرب..ينكبx عليها متحكما بها وكأنه يروض حيوانا شرسا.. يدخل ويخرج الخيوط بمهارة متلاعبا بقطعة القماش التي وقعت ضحيته...لحية بيضاء أعلن الشعر الاسود عن انسحابه منها ..نظرات خاوية وعيون سوداء كسواد هذا المكان تحتويها نظارة ذات اطار زجاجي شفاف مليئ بالغبار ...خدود ذات عظام بارزة تعطي للناظر انطباعا بان هذا الشيخ لا يعرف للاكل طريقا.. منظره امام تلك الماكينة لا يشبه باي طريقة منظر خياط بسيط منكب على عمله ..هذا المنظر يعطي انطباعا اكثر عمقا واكثر رعبا على الاقل لمن يعرفه ..منظر قاتل ينقض على ضحيته ربماx ..

بعد لحظات منx المعركة الطاحنة بين الماكينة وقطعة القماش المهترئة توقف قليلا .. سحب تلك القطعة البيضاء من بينx مخالب الماكينة ثم رفعهاxx يضيق عينيه ممعنا النظر فيها...كانت شيئا مثل المنديل...منديل ابيضx محدد الجوانب بخيوط سوداء ...

_انه جميل

ابعد المنديل عن ناظره بهدوء ليفسح المجال لرؤية صاحب هذا الصوت الاجش الذي لا يخطئه...نظرات خاوية مثل نظراته تماما تواجهه ببرود...مالت شفتاهx في شيئ ما يشبه الابتسامة ثم اردف بسخرية :

اعجبك فعلا..لا بأس لقد صنعته من اجلك..كما تعلم الشتاء على الابواب وفرص اصابتك بالزكامx كبيرة سيساعدك حتما على مسح انفك الحاد يا جهاد

ضحك جهاد بخفوت ثم سحب المنديل من يد العجوز الغريبx متمعنا فيهx بعمق وقد اختفت ضحكته ثم قال بعد فترة من الصمت :

شكرا..لكن اعرف جيدا انه ليس من أجل انفي الحاد كما تقول ..لقد وصل صاحبه على اية حال وانا هنا لاعلمك بهذا

سحب ذلك العجوز المريب المنديل بعد ان وضعه جهاد على الطاولة امامه .. فتح درجا مخفيا في الماكينة كان مخصصا لوضع الابر والخيوط لكنه لم يكن يحتوي على اية ابر او خيوط في الواقع بل كان شيئا اخر تماما ..سكين اسود صغير مزخرف
الجوانب...تلمسه بين اصابعه بشغفx ثم قال بهدوء دون ان يرفع راسه :

أحضره اذا

بدا جهاد وكانه لم يسمعه للوهلة الاولى وهو يراقبه بصمت ليرفع العجوز عيونه مستفهما لكن جهاد كان ثابت النظرات ...ليقول بجمود وحسرة خفيةx :

هل يجب ان يحصل هذا في كل مرة ؟!

ابتسم العجوز بهدوء دون ان يحيد بنظراته عنه مرددا باصرار حازم :

احضره جهاد

خرج جهاد لكنه لم يدخل مجددا بل دخل شخص آخر .. مراهق صغير في مقتبل العمر قد يكون في الخامسة عشر او يقارب السابعة عشر بخجل..هزيل طويل شاحب الملامح يرتدي اسبال رثة جعتله يبدو كمتشرد متجول..اقتربx يقدم خطوة ويؤخر اخرى وقد بدا وكانه مستعد للهرب في اية لحظة...
...لمح ذاك العجوز المهيب جالسا يمعن فيه النظر بغرابة اجفلته .. ابتلع ريقه وسحب نفسا مرتجفا وهو يتقدم اكثر فاكثر حتى وقف امامه مباشرة ثم و دون اية مقدمات مد العجوز امامه سكينا صغيرا وقال بصوت اجش وهو يحدق فيه بغموضx :

بما انك وصلت حتى هنا فانت تدرك جيدا ما عليك فعله يا ولدي

ارتجفت شفتاه بقوة وشحب ووجههx محدقا برهبةx في تلك السكين الممدودة امامه.. امسكها بيد مرتجفة ثم تهاوى فوق اول كرسي امامه يتنفس بصعوبة...لقد كان يعلم هذا منذ البداية فلما هو خائف الان...هل يتراجع بعد ان وقع الفاس في الراس... هل سيتمكن من الخروج حيا حتى وان تراجع...؟!

كلمات صديق عمره الذي كان رفيقه الدائم ايام الشقاء في الميتم تتردد على مسامعه وهو يهتف بحماس:

انهم جماعة كبيرة يا صاح.. شيئ مثل العائلة يعني..زعيمهم رجل كبير يدعى الخياط انه يجمع المساكين امثالنا من الشارع ويقدم لهم حياة كاملة تخيل فقط... انهم اقوياء فعلا ان اصبحنا منهمx فسنكون تحت حمايتهم لباقي حياتنا ...سننجو من الشارع يا صاح..
.
يتذكر جيدا كيف قاطعه مخاطبا اياه بعصبيةx :

اهدأ يا مجد اهدأ وحكم عقلك..انهم عصابة ..ليسوا عائلة بل عصابة... انت تريد منا ان ننجو من الشارعx ببساطة لننضم لعصابة من العالم السفلي سنلقى حتفنا حتما على ايديهم..مستحييل يا اخي عندما هربت من الميتم كان كل ما اريده ان احيا بعيدا عن القذارة التي رايته منها ما يكفي طوال سنينx حياتي..اردت ان انجح في شيئ ما وان اجعل ابيx يندم على اللحظة التي وضعني فيها بيده في ذلك المنفى...عليك ان تدرك الان ان الجنون الذي تتفوه به امامي الان بعيد كل البعد عن ما اخطط له

ضحك مجد وقتهاx بقوة حتى دمعت عيناه ثم اخذ يهتف بشراسة :

انت مسكين يا وليد مسكين فعلا...اي نجاح ستحققه وانت مرمي في الشارع تنام فوق الجرائد وتزاحم القطط المشردة في طعامها...افق يا صاح

ثم واصل يهتف بصوت عال مؤشرا بيديه نحو الفراغ الممتد امامهماx :

ها هو العالم الحقيقي...هاهو وليد.. البقاء للاقوى.. البقاء للاقسى..x البقاء للاشرار..للخبيثين .. الابرياء والطيبون لا مكان لهم هنا..انت اذا شئت فيمكنك انx تقضي باقي حياتكx كحمل وديع تتربص بك الذئاب...لكن انا اخترتx ان اكون مع قطيع الذئاب كي لا ينتهي بي الامر جيفة مثلما سيحصل معك حتما ..انا سانضم لهم ولو كلفني الامر حياتي

انتفض من ذكرياته على صوت العجوز الذي سعل بقوة وانتبه انه هنا فعلا..في السرداب المظلم مع الخياط الاكثر ظلاما... لقد اتى برجليه الى هنا بعد ان ادرك ان مجد كان محقا نوعا.. لا يوجد هنا مكان للحلم الذي خطط من اجله ولا متسع لندم والده الذي لايهتم اصلا..x توجد فقط حقيقة واحدة تنص على انx البقاء للاقوى وهو قد اختار منذ اليوم ان يكون مع الاقوى...اظلمت ملامحهx وشد على السكين اكثر ..اصطكت اسنانهxببعضها واغمض عيناه بقوة متجاهلا كل الالم الذي ينهش ذراعه محدثا شقا كبيرا بالسكين حتى نزف منه الدم بغزارة ثم فتح عيناه وهو يتنفس بسرعة...اقترب منه ذلك العجوز ممسكاxx المنديل الابيض الذي خاطه قبل قليلx واخذ يمسح له الدم بهدوء حتى تحول ذلك المنديل الى اللون الاحمر تماما..

فجاة ودون مقدمات اخرج ابرة تشبه الابر الطبية المقوسة التيx يستخدمها الاطباء لخياطة الجرح..شد خيطا غريبا متيناx ثبته فيها.. ثم مده نحوه وقال بهدوء غريب وكانه يلاعب ولدا صغيراx :

هيا يابطل ..الخطوة الاخيرة وسينتهي كلx هذا..

ظل وليد يرمقه بوهن ودموع متحجرةx ثم تناول منه تلك الابرة واخذ يخيط ذلك الجرح الذي احدثه بنفسه ..لم يغمض عينيه ولم ترتجف يده حتى هاته المرة ..وكانه اعتاد على الالم.. وكانه قد اصبح بالفعل واحدا منهم ..هذا الطقس الوحيد الذي لم يفهم ماهيته احد حتى الان... لتنضم الى جماعتهم عليك تجرح نفسك بنفسك ..وتخيط جرحك بنفسك لتبقى تلك الغرز على جسدك وصمة لوفائك واستعدادك للتضحية من اجل كل فرد منهم...او لتبقى تذكيرا لك ربما ان حاولت خيانتهم يوما ما..من تلك الغرز يحيك لك الخياط خيوطا وهمية تربطك بهx ..من تلك الخيوط سيحركك مثل الدمية الخشبية في مسرحية يكون هو الكاتب والمخرج فيها... من تلك اللحظة ستصبح غرزة من غرز الخياط ......

ابتسم العجوز بهدوء مركزا نظراته على الشاب شاحب الملامح الذي يقابله. د.ثم قرب وجهه اكثرx منه واضعا يدهx على كتفه و هو يهمسxبصوت باهت :

اهلا بك بيننا يا ولد...

الفصل الاول :

xxxxxxxxxxxxxxxxxxx

فتاة المشرحة...انتظري

x اغمضت عيناها الخضرواتان بحنق وانحنا كتفاهاx تخاذلا وتعبا في نفس الوقت .. سحبت نفسا عميقا لتضغط على اعصابها قبل التفوه باي شيئ قد ينهي مسيرتها العملية... انها ثاني مرة تنادى فيها بهذا اللقب اللعين منذ ان وطئت قدماها ارض المشفى...مجموعة من الالقاب الواهية تطلق هنا وهناك دكتور...ممرض...مساعد..استاذ لكن حتما فتاة المشرحة يعتبر علامة مسجلة خاصة بها..هي تجزم فعليا ان لا احد في هذا المكان يعرف اسمها مع انها تتمنى في كل مرة ان تحصل على رفاهية كهاته.. ان يناديها احد ما مثلا بدكتورة ولو على عن طريق الخطأx او حتى ان يناديها احد باسمها مجردا دون القاب.. المهم ان تتخلص من هذا اللقب المنحوس الذي يذكرها يوميا بخيبتها في الحصول على وظيفة تناسب شهادتها العلمية.....شهادتها التي لا تعني شيئا والان باعتبار انهاx تعمل في مشرحة الى جانب كهل في الاربعين توقف في الثانوية العامة...

التفت بقوة وهي تواجه ذلك العامل الذي استمر في تعذيبها نفسيا مناديا باعلى صوتهx حتى تملك الفضول جميع الموجودين في بهو المشفى لمعرفة من هيx فتاة المشرحة هاته ...ثم هتفت بحدة مفاجئة اجفلته :

ماذا تريد !!

عقد العامل حاجبيه باستغراب من هجومها الغير مبرر لكنه لم يعبأ بل واصل مخاطبا اياها بعملية :

يحتاجونك في الاسعاف

في ظرف ثانية واحدة تبددت هالة الحدة والشراسة التي كانت تحيطx اهتزت حدقاتها لوهلة وظهر الشحوب جليا على ملامحها ..شعرت بتلك الرجفة الغريبة التي تهز اوصالها في كل مرة تسمع فيها هاته الجملة...الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لم تستطع التعامل معهاx هنا رغم انها تقابله يوميا ولمدة عام كامل منذ مباشرتها هاته الوظيفة..في كل مرة تمسك بها تلك الجثة الهامدة المغطاة بالبياض لتسوقها الى ذلك الصقيع الذي يدعى المشرحة تشعر وكانها تساق نحو منصة الاعدام ...تتاوه برعب خفي في كل مرة تنزع فيها الغطاء عن وجه الميت لتلمح ملامحه الخاوية من الحياة...تصم اذانها بقوة عن نحيب ذويه الذين حضروا لاستلام جثته او التعرف عليها ...لقد شهدت انهيارات مفجعة في هذا المكان لكنها لم تنهر يوما رغم وطأة هذا الضيف الثقيل.. بل اجبرت نفسها على الصمود لانها لا تملك رفاهيةالانهيار اصلا ... وصلت الى الاسعاف بخطى متثاقلة ..كان حادثا كبيرا على مايبدو ..الجثث متناثرة هنا وهناك بعضها مغطى باهمال من راسه حتى اخمص قدميه ...الاطباء في حالة استنفار قصوىx يهرعون لانقاذ ما تبقى حتى ان احدهم قد صعد فوق الناقلة ليضغط على جرح احدهم بقوة وهو يصرخ بحزم :

الى الانعاش هيااx بسرعة ...بسرعة شباب

انتفضت بقوة على نداء احد العمال المخضرمين في المشفى الذي قال متسائلا دون ان ينظر لها فعليا وهو يسجل شيئا ما في السجل :

هيا يا فتاة...لنباشر عملية نقل الجثث فورا قبل ان تنتشر الفوضى في المكان...لا تنسي ان تتبيني هوياتهم وتباشري بالاجراءات كي تسهل علينا عملية تسليم الجثث

سحبت نفسا مرتجفا وهي تهز براسها باحترام x ثم انطلقت نحو مهامها المعتادة تنفذها ببسالة منقطعة النظير دون ان يعلم احدهم انها تكافح فعلا داعسة على قلبها كي لا تصرخ من الهلع والوهن النفسي...
دخلت الى ذلك الصقيع الذي يدعى المشرحة وهي تسوق تلك الجثة المتجمدة لتفتح احدى الثلاجات الممتدة على مدى نظرها كي تضعها فيه...كم شعرت حينها برغبة ملحة في ازاحة هذا الغطاء للتفرس في ملامح هذا الميت بالذات.. .لقد كانت هاته عادة سيئة فعلا لازمتها منذ فترة.. في كل مرة لا تستطيع تحمل الفضول الغريب الذي ينهشها كي تزيح الغطاء عن وجه الجثث ...سحبت عنها الغطاء بيد مرتجفة...ثم سرعان ما جذبته بقوة لتعيد تغطية وجهه مغمضة العينين تلهث بصعوبة..بالكاد استطاعت كتم صرختها المرتعبة جراء هول المنظرx فقد كان نصف وجهه مشوها تماما...شفتاه فاغرتان وعيونه زائغة ولم يتطوع احد لمسح وجهه اصلا من الدم الذي كان يغطيه ...

'مالذي تفعلينه جوهرة ..

شهقت بقوة متراجعة للخلف وما ان لمحته خلفهاx حتى وضعت يدها على صدرها هاتفة فيه بغضب وهيx ترتجفxx فعليا :

عمي حميد ما هذا ... ستصيبني حتما بنوبة قلبية ان استمريت بالظهور امامي بهذا الشكل المفاجئ...ارجوك حاول ان تصدر صوتا لطيفا او ان تدخل فقط بهدوء دون صراخك المعتاد

ظهرت السخرية المعتادة على ملامحه الباردةx وهو يتجاوزها ساحبا تلك الجثة بلا مبالاة...يتعامل مع كل الجثث ببرود و قلب جامد وكانه بسنين عمله الطويلة هنا قد استمد الصقيع المتأصل في روحه من جليد المشرحة ...استدار نحوها بعد ان فرغ من مهمته وهو يهتف باستهزاء واضح :

ماذا...مالذين تخافينه اصلا لا افهم...هل تؤمنين بالزومبي يا مخبولة ؟! لقد ماتوا يا فتاة ماتوا وسيبدأ حسابهم بعد قليل هل تظنين بانهم مهتمون مثلا بالتحول الى ارواح شريرة واصدار اصوات مرعبة فقط من اجل اخافة حضرتك..

زفرت بنفاذ صبر وحنقx لتباشر تدوين معلومات شخصيةx للجثث دون ان ترد على سخافته ...بينما استند هو على حافة الناقلة التي كان يسوقهاx متأملا الفراغ امامه ..بعد فترة من الصمت قال بهدوء مؤشرا بيديه على ثلاجات الجثث :

اااهx ياجوهرة..انظري ... منذ الصباح فقط قد كان لهم اسم.. و الان حتى اسمهم سيختفيx ليستبدل بلقب المرحومx ... اترين هذا الذي ادخلته قبل قليل..

رفعت جوهرة راسها بهدوء لتلمح اصبعه الذي يؤشر على ثلاجة امامه :

_هذا الذي ترينه وجدنا في معطفه خاتما مرصعا موضوعا في علبة مزخرفة حمراء...اراهن بكل اموالي بانه قد كان على وشك التقدم لحبيبته الليلة..

راقبتهx بوهن كاتمة غصتها المريرة وهو يخرج من جيبه الخاتم الذي كان يتحدث عنه... يقلبه بين يديه بتفحصx ثم سرعان ما ابتسم بسخرية وهو يتمتم :

لقد كان الله رحيما به على اية حال ...اخذهx قبل ان يقدم على هذا الجنون السخيف

شردت جوهرةx في الخاتم بين يديه دون ان تحاول مناقشته حول رايه عن الزواج ففي اخر مرة فعلت هذا قد اقسمت يومها على ان لا تناقشه في شيئ مجددا ثم قالت بهمس باهتx :

مالذي ستفعله بالخاتم اذن ؟؟

هز كتفيه بلا مبالاةx ثم ادرف ببساطة :

ان اتت صاحبته فسيكون اخر ذكرى لها من حبيبهاx غالبا..وان لم تأت فساحتفظ به لابيعه...انظري اليه لابد من انه غال الثمن

راقبته بنظرات جليدية وهو يرفع الخاتم موجها اياه نحو الضوء الباهت الموجود في الغرفة يتفحصه بتركيز ثم همست من بين اسنانها بحدةx :

لن تبيع شيئا ليس لك عمي حميد ..المرحوم ليس مقطوعا من شجرة ...حتى وان لم تأت صاحبته فساعمل شخصيا على تسليمه للشخص الذي سيأتي لاستلام جثته ...

مدت نحوه السجل وهي تحدق فيه بتحديx ثم اردفت بجمودx :

ان لم تحترم شيبتك فاحترمx اخلاقيات مهنتك وحرمة الجثث المرصوصة امامكx على الاقل..

رفع حاجبيه باستغراب من هجومها المفاجئ الغير معتاد ثم قال بلا مبالاة وهو يرمي الخاتم فوق الطاولة امامها ليتناول السجل متجها نحو الخارج :

خذيه اذن وسلميه لمن تريدين...انا لا اطيق اصلا ذلك الجو الدرامي الذي يحدثه كل شخص يدخل الى هنا...
ساذهب لتوصيل البقية ...اما انت فاسترخي فقط... جثث اليوم مؤدبة لن تؤذيك غالبا فقد اوصيتهم عليك شخصيا

خرج يضحك برعونة دون انx تلتقط شيئاx من مزاحه الثقيل فقد كانت شاردةx فيx ذلك الخاتم الصغيرx المرمي امامها ..امتدت اناملها الرقيقة نحوه لتلتقطه ثم رفعت راسها نحو الثلاجة بهدوء التي تحوي جثة صاحب الخاتمx ...خرج صوتها كهمس خافت وهي تردد بحنو وكانها ترى الميت واقفا امامها الان :

_لا تقلق ... xانت لم تستطع البقاء معها
لكن خاتمك سيبقى بدلا عنك .. ساحرص على تسليمه لها . ...اعدك

بعد فترة مرهقة نفسيا ومعنويا انهت اخيرا جل مهامها ...مشت عبر الرواق الطويل تجر رجليها بتثاقل والوهن يعصف بكل خلية من جسدها حتى وصلت امام غرفة كان بابها مفتوحا قليلا :

عمي منصور النجار يعمل يعمل ليل نهار

ابتسمت بحنو و اسندت راسها على ذلك البابx مغمضة العينينx تسمع تلك النبرات الدافئة التي تعرفها جيدا وهي تدندن .. الحسنة الوحيدة التي خرجت بها من عملها بهذا المشفى ..مرام ذات الجمال الغريب الذي يجعلها تصلح لان تكون اميرة اغريقية في الزمن الماضي ...لا ان تكون مجرد امراة مسكينة يدعس عليها الجميع بقسوة في هذا المشفى بسبب بؤسها و قلة حيلتها..

تعرفت عليها اثناء رحلة شقاءها في البحث عن علاج لابنها الصغير ذي الشعر القطني الذي شهدت معها تساقطه شعرة بشعرة ..كانتا رفيقتي كفاح بشكل ما.. جمعهما مشفى لا ترغب اي منهما في البقاء به او الدخول من بابه اصلا..

ارهفت السمع مجددا فالتقطت الصوت الحاني يخفت تدريجيا :

يعمل يعمل و هو يغني...

سمعتهاx تتنحنح بحرج وهي تضحك :

اممم حسنا لا اعرف ياx ماما لؤي ماذا كان يغني النجار حينها.. لقد نسيت بقية الاغنية..ما رايك ان نعيدها من البدايةx هاx

ثم واصلت تدندن مجددا محاولة تذكر بقية الكلمات :x

يعمل يعمل وهو يغني..

_يعمل وفي يده المنشاااار

التفت مرامx بسرعة ناحية الباب لتلمح الفتاة الهزيلة ذات العيون الربيعية والشعر البنيx المموج التي دخلت مكملةx غناء بقية الكلمات وهي تضحك
بهدوء ...

ظهر التأثر جليا على ملامح مرام ثم ابتسمت بخفوت وهي تهتف لابنها مداعبة اياعx :

انظر من تذكرنا اليوم يا لؤي واكرمنا بزيارته بعد ان قطعنا لايام طويلة .. ما رايك ان نجبرها اليوم على الغناء معنا لبقية الامسية عقابا لها على تأخرها عن زيارتنا ..

هز الصغير راسه بحماس طفولي موافقا امه ثم هتف بعتاب وهو يمد يديه الصغيرتين نحو جوهرة :

اشتقت لك يا جوري...لماذا توقفت عن زيارتي..

ابتسمت جوهرة بحنوxله ولامه و اقتربت منه معانقة جسده الصغير المكبل بالاسلاك الطبية...حضنه الصغير الدافئ المناقض لصقيع المشرحة يجعلها دائما تدعو في سرها ان يشفيه الله تماما..هي لا تتخيل انها في يوم ماxقد تمتلك رباطة الجأش لتسوق جثته الصغيرة بيديها الى المشرحة و تقف بعدها مواسية امه المفجوعةx بكلمات واهية...انحدرت دمعةx خائنة لمجرد تفكيرها بهذا الاحتمال فسارعت لمسحها خوفا من ان يلمحاها..ثم ابعدته ببطئ عن حضنها لتمسح على شعره قائلة برقةx :

اه يا حبيبي كنت لاقضي كل عمري بجانبكما لو كان
الامر بيدي لكن عملي لا يسمح الا بهاته الدقائق المعدودة التي اقتطعها بصعوبة من دوامي...سامحني واعدك بانني ساعوضك يوم العطلة حسنا...ساخذك مع امك الى الحديقة التي تحبها لرؤية ذلك الببغاء الثرثار هاx ما رايك ؟!

التفتت لمرام التي هزت راسها بتفهم مبتسمة بينما
كتف هو ذراعيه عابسا و هو يهتفx باستياء طفوليx :

يااااع لا اريد رؤية ذلك الببغاء التافه...لقد نعتني بالغبي اخر مرة ...انه وقح ...حيوان وقح

ضحكت مرام بقوة على تذمر صغيرها الذي اقنعته بصعوبة يومها ان يترك الببغاء و شأنه بعد ان حاول ضربه بحجر صغير ثم قالت بعتاب :

حبيبي لقد اخبرتك يومها انه مجرد حيوان مسكين لا يعلم مالذي يقوله او يفعله.. كما انه ببغاء يكرر فقط ما يسمع ...لابد من انه التقط هاته الكلمة من احدهم وضل يرددها دون ان يقصدك انت بالضبط ...كما ان ابني لا يوجد اذكى منه في الدنيا ..انت تعرف هذاx

قالتها وهي تدغدغه بشراسة من بطنه حتى ضحك بقوةx متفاعلا معها وهو يتخبط... لكنها توقفت عن هذا فورا بعد ان تذكرت ان الاسلاك الطبية قد تنقطع بغتة .. انها الانx لا تملك الحق حتى في ملاعبته بهذا الشكل بعد مرضه....

بعد ان هدأ من نوبة ضحكه رفع راسه لجوهرة مستفهما ببراءة :

ما هو عملك في المشفى يا جوري... هل انت دكتورةxx؟! لكنكx لا ترتدين المئزر الابيض ولا تضعين سماعة ايضاx ..هل نسيتهما في المنزل..؟!

ارتبكت العيون الاربعة المحدقة بهذا الصغير الذي كان سؤاله بريئا لدرجة ان الاجابة عنه قد لا تتناسب مع برائته...لكن جوهرة تداركت الموقفx محاولة ان تجعل صوتها طبيعيا قدر الامكان وهي تبتسم بوهن :

امم حسنا..اتذكر يا لؤي تلك المرة التي حدثتك فيها عن الله ..لقد اخبرتك يومها ان الله في اليوم الذي يحس فيه باننا قد تعبنا كثيرا من الحياة واشتقنا اليه اكثر ...سيأخذنا عنده كيx يريحنا من تعبناx و يجعلنا نعيش معه الى الابد في الجنة...حسنا في هذا اليوم الذي يقرر فيه الله اخذ شخص ما اليه انا اعمل على تحضيره وتجهيزه...

توقفت قليلا لتاخذ نفسا متحشرجا ثم اردفت بثبات وهي تربت على راسه بهدوء :

يعني مثلما تفعل معك امك في الاعياد... تاخذك للحمام كي تغتسل.. تجعلك ترتدي اجمل ملابسك وتضع لك عطرا جميلا لتكون جاهزا للفرح اليس كذلك؟! ..هكذا نفعل نحن يا حبيبي ..نحن نجهز ذلك الشخص ليواجه الله بشكل جميل يليق بجلالته ... هل فهمت الان يا روحي..

هز لؤي راسه بطفولية وهو يبتسم ابتسامة واسعة ثم هتف بحماس :

واوو عملك رائع يا جوجو...حسنا ما رايك اذن ان تغسليني انا ايضا و تساعدني في اختيار اجمل ثيابي وتطلبي من الله ان يأخذني اليه انا ايضا لاني اشتقت اليه واشتقت لابي

ثم واصل وهو يهمس بخفوت مبتسما :

سيكون من الرائع ان اعيش معهما بالجنة

شعرت بطعم الصدأ يتراكم في حلقها جراء جملته التلقائية البريئة وامتلأت عيناها بدموع حارقة ابت ان تسمح لها بالنزول امامه.. امه مرام لم تكن بحال احسن منها فقد وقفت بسرعة لتتجه نحو النافذة متشاغلةxx بسحب الستائر كي لا يلمح انهيارها ..لم تسمع جوهرة سوى شهقاتها المتقطعة تنتحب بعذاب وكتفاها اللذان يهتزان بقوة...

حاولت جوهرة تمالك نفسها كي تشغله عن انهيار امه سحبت نفسا عميق ثم اردفتx بصوتها الحاني مبتسمةx :

لا يا حبيبي لاx ..انا لا استطيع انا اطلب هذا من الله.... الله يقرر وحده مالذي سيكون مناسبا .. لكن اتعلم مالذي سنطلبه من الله معا الان ؟!...هيا ارفع يديك معي وردد ما اقول اذن..

رفع يداه الصغيرتين ناظرا الى جوهرة ببراءةx يترقب بحماس مالذي ستقوله...ابتعدت مرام عن النافذة تمسح دموعها بقوة لتوقف رعشتها ثم جلستx امامه بعد ان هدات قليلا ..رفعت يديها ايضا وهي تحيطه بحضنها ..
بينما بدات جوهرةx مغمضة العينين تتلو الدعاءx بترجي صادقx :

اللهم انت الشافي المعافي اشفني شفاءا لا يغادر سقما اللهم اذهب الباس اللهم اذهب السقم اللهم عافني من مرضي اللهم احفظني لامي ولجميع من احبهم امين يا رب العالمين

كانت تتلو الدعاءx بشكل متقطع حتى يسهل عليه الترديد وراءها بينما ساعدته امه مرام في تكرار الكلمات الصعبة عليه .. عندما توقفت جوهرة ومرامxx لتنظرا اليه بحنو تفاجأتا بانه قد واصل الدعاء مغمض العينين وهو يبتسم ببراءة وشغف :

يا ..الله انا احبك واعلم ان بابا معك فاعتني به حتى اتي عندكما اتفقنا؟!...اه تذكرت امرا مهما ..يا ربي انا احب التفاح كثيرا و اتمنى ان يكون هناك الكثير منه في الجنة لان الدكتور لا يسمح لي باكله هنا...ارجوك اعطني الكثير منه عندما اتي اليك..ارجووووك

فتح عينيه مبتسما ببراءة لامه التي سالت دموعها هاته المرة امامه دون ان تهتم كثيراx لمسحها .. بادلت جوهرة نظرات متعبة وكانها تستنجد بها ..x قربته الى حضنها بسرعة تستنشق رائحته الطفولية بعمقx وكانها ستختنق ان لم تفعل هذاx ... الاطباء والفحوصات وتحاليل الدم وغيرها من المصادر الطبية التي تعلق بها جلx املهاx تقول بان ابنها يمر بمرحلة تحسن...وقد يشفى قريبا..لم تبقى سوى عملية صغيرة.. فقطx عملية واحدة وسيكون صغيرها في امان بين احضانها.. كل ماعليها فعله الانx هو توفير المبلغ اللازم...لكن ما هذا الشعور اذن؟ لماذا تشعر بان هاته الرائحة الطفوليةx تختفي تدريجيا....لماذا تشعر بان النهاية قد اصبحت وشيكة فعلا...x وان الشيئ الوحيد المتبقي لها في الدنيا يتسرب كالرمل من بين يديها...
انتفضت من افكارها السوداوية التي تطحنها دونما هوادة على صوت هاتف جوهرة التي باشرت بالرد على المتصلx و خرجت مبتسمة تلوح لهما بيدها ..بادلتها الابتسامة بوهن ثم استدارت للؤي الذي بدا وكانه سينام مجددا ...اغمض عينيه بهدوء وراح في سباته العميق مفسحا لهاxx المجال كي تتأمله بوهن وحسرة .. غطته جيدا لتجلس امامه ممسكة بيده الصغيرة المليئة بالاسلاك...لقد بدأ العذاب الذي تعيشهx كل يوم... عذاب انتظاره حتى يفتح عينيه مجددا خوفا من ان لايفتحهما ابدا...

سارت جوهرة علىx طولx الرواق بخطى حثيثة تشد على الهاتف بقوة تكاد تهشمهx وهي تهتف بحدةx :

ما هذا الهراء الذي تقولينه يا اماني...كيف تفعل هذا هل جنت تماما... اسمعيني جيدا لو كان هذا مقلبا من مقالبك يا اماني فسانهيك هاته المرة صدقيني سانهيك

جاءها الصوت الانثوي المرتبك يهمس بتوتر :

الله يشهد على اني اقول الصدق يا جوهرة ..لقد جمعت كل رجال ونساء الحي تولول وتلطم صارخة بانك قد تركتها ورحلت ...حاولت و بقية النساء تهدئتها لكن لا جدوى كانت مغيبة كالمجانين...لحسن الحظ انها هدأت قليلا عندما اخبرتها اني اتصلت بك وانك في الطريق لكنها تبكي لحد الان..انا في بيتكم مع امي وجارتنا حسنية ارتأينا ان نبقىx عندها حتى ترجعي خوفا من ان تفعل شيئا بنفسها...صدقيني جوهرة لم تكن طبيعية ابدا..

زفرت جوهرة بوهن وهي تشعر بان اضلعها ستنطبق عليها من شدة الضغط النفسيx الذي عاشته اليوم.. وكان هذا اليوم يابى بان ينقضي على خير... xتمتمت بتعب لتنهي المكالمة :

حسنا اماني شكرا حبيبتي...انا في الطريق لن اتاخر..

بعد فترة الطحن والعجن اليومية في المواصلات وصلت جوهرة بصعوبة الى بيتها المتهالك الذي لا يعتبر بيتا بالمعنى الحرفي او الشكلي...رغم انه يكون كوخا اكثر منه بيتا لكن مبلغ الكراء الباهض الذي تدفعه شهريا لذلك الرجل البغيض لا يتناسب مع مظهره ابدا ...لكنه كان الخيار الوحيد امامها انذاك ...ادخلت المفتاح وادارته لتفتح الباب لكنه لم يتحرك.. اعادت الكرة مجددا.. ثم سرعان ما شتمت بصوت خفيض من بين اسنانها وهي تحرك المفتاح بقوة محاولة مرة ثالثةx :

تبا..تبا..لقد غير القفل مجدداx وسيجبرني كالعادة على دفع ثمنه تبا لك...

زفرت بحدةx ضاربة القفل بقوة ...ثم حاولت الهدوء والتماسكx لتطرق الباب هامسة :

استغفر الله استغفر الله العلي العظيم ... يا ربي انت تعلم جيداx ...انت تعلم

فتحت اماني الباب وامسكتها فجأة من ذراعها ساحبة اياها للداخل بقوة وهي تهمس بحدة :

اين انت يا بنت ادخلي بسرعة قبل ان تجن مجدداx . .

دخلت جوهرة الى ذلك الفضاء الصغير الذي من المفروض ان يسمى صالونا او غرفة جلوس ربما... ما ان لمحت منظرها المريع حتى تأوهت بخفوت وx هلع كانت هناك جالسة بين ام اماني وحسنية تسند راسها على كتفهاxبتعب ..منظرها مريع.. شعرها مبعثر اهوج يحيط بوجهها المنتفخ المحمر وعيونها الملتهبة مفتوحة بصعوبة وهي تتمتم بضياع :

ذهبت يا حسنية ذهبت وتركتني..بينما تولت حسنية تهدأتها بحنو وهي تهمس :

ستعود يا زهرة استهدي بالرحمان يا حبيبتي لن تذهب لاي مكانx

وفعلا رفعت حسنية وام اماني راسيهما معا في تلك اللحظة ليتنفسا الصعداء اخيراx بعد رؤية جوهرة مقبلة ..

ابتسمت لهما بوهن ثم سحبت نفسا مرتجفا و تقدمت اكثر لتجثو امامها... وضعت يديها على ركبيتها وقابلت وجهها وهي تهمس بحنو وكانها تداعب طفلا صغيراx :

لم اذهب امي ..لن اذهب لاي مكان..ها انظري انا هنا ارفعي راسك انا هناxامي

كانت زهرة ترمقهماx بضياع وغرابة وكانها لا تعرفها...وكانها تحاول ان تستوعب وجودها فعلاx رفعت راسها قليلا بوهن ثم همست بعذاب :

انت هنا فعلا

اتسعت ابتسامة جوهرةx وهمست بصوت متحشرج مقاومة دموعها :

انا هنا اميx ..

ارتفع صوت امها قليلا وهي تردد : انت هنا انت هنا
وكانها برمجت لسانهاx على هاته العبارة مسبقا...ثم ودون اي مقدمات انتفضت واقفة بقوة ساحبة جوهرة معها لتهزها بقوة وقد تحول همسها الضائع الى صراخ مجنون وكان الشيطان قد تلبسها في ثوان :

اين كنت يا بائسة..اين كنت هاا ..يا ناكرة الجميل اتدركين كم تعذبت في انتظارك لقد كنت اموت هنا كل ثانية بينما انت تلعبين في الخارج مع امثالك من العاطلين والبؤساء...اين كنت انطقي xx

حاولت جوهرة تهدئتها بصعوبة ...مثبتة اياها من كتفيها وهي تهتف برجاء بائس :

ارجوك امي اهدئي.. ارجوك لا داعي لكل هذا لقد تاخرت في العمل فقط و...

تركت الجملة مبتورة بعد ان شعرتx بتلك اليد التي قبلتها صباحا قبل ان تخرجx تهوي بقوة علىx وجنتهاxx... كانت صفعة قوية لدرجة ان راسها قد ارتد للخلفx على اثرها ...ارتفعت يدها تلقائيا لتحط على وجنتها تتحسسها بذهول متسعة العينين .. بينما شهق جميع الموجودين بلوعة حتى هي ... لم تستوعب زهرةx فعلتها.. لم تظن يوما انها قد تصل الى صفع وحيدتهاx امام الجميع بهاته الطريقة المخزيةx حاولت ان تمد يدها نحوx الساكنة امامها وهي تهمس بهلع : جوهرة انا...

لكن جوهرة اعتدلت بهدوء دون ان تنظر اليها..استدارت لاماني وامها وجارتهم الاخرىx وهي تبتسم بصعوبة وعيون مليئة بالدموع المتحجرة قائلة بادب :

شكرا بارك الله فيكم.. لقد اتعبناكم معنا فعلا...يمكنكم ان تغادروا ...اطمئنوا الان ستكون بخير

حاولت اماني ان تعترض ...بينما اردفتx ام اماني بتردد:

لكن يا ابنتي ربما قد تحتاجين مساعدة او...

قاطعتها جوهرة مجددا وهي تهمس بتعبx :

لا باس يا خالة...انا ساتصرف..لا تقلقوا

خرج الجميع بعد ثوان تاركين جوهرة وامها والوضع البائس الذي ساد بينهما ... هوت حيناهاx زهرة على اول كرسي امامها تشد علىx الوشاح الذي ترتديه بقوةx وهيx ترتعشx دون ان تملك الجراة لتنظر نحوها.... تاملتها جوهرة بجمود مستندة على البابx و طال الصمت بينهما حتى تمتمت بصوت باهت x :

ساحضر شيئا ما لنأكله ...

استدارت بسرعة نحو المطبخ لتصفق الباب بقوةx .. استندت عليه والغصة المريرة تتزايد شيئا فشيئا حتى اخذتx تشهق بقوة x كغريق يطلب الهواء ...تلك الصفعة كانت كل ما تحتاجه لتنهار فعليا...انتحبت كما لم تفعل يوما ..شعرت بانها تبكي كل شيئ دفعة واحدة ...بكت حظها العثر ..بكتx احلامها البائسة بكت شهادتها الدراسيةx ووظيفتها والخاتم المرصع..بكتx مرام و ابنها وشعره القطني والسرطان الذي ينهشه دون رحمة بكت موتى المشرحة واهلهم و شبكة المواصلات و ثمن الايجار و مفتاح القفل الذي ستدفع ثمنه وصاحب البيت الغليظ..كانت تبكيx كل شيئ باستثناء الصفعة لانها لم تكن الا سببا ظاهرياx للبكاء ...حاولت بصعوبة الوقوف مجددا لتلملم شتاتها كما تفعل دوما ...x لتطبخ لامها التي صفعتهاx و عنفتها امام اناس لا يفهمون شيئا من القصة ...انهت الطبق ووضعته في صينية ثم خرجت بهدوء متجهة نحوها لتضع الطبق امامها ...اخذت ملعقة من الحساء ثم قربتها من فمها وهي تهمس بصوت خافت :

هيا افتحي فمك..الحساء ساخن كما تحبينه

رفعت زهرة عيونها بانكسار وحسرةx وهي تنظر الى عيون جوهرة الحمراءx بضياع كالمدمنين او المخمروين... ارتجفت شفتاها قليلا ثم فتحت فمها ببطى لتتناول مافي الملعقة الممدوة امامها...تقابلت عيناهما في عتاب صامت ثم لم تشعر زهرة الا بيدها المرتجفة التي امتدت نحو ابنتهاx لتربت برفق على وجنتها التي تلقت الصفعة قبل لحظات... همستx بترجي وهي ترتعش كالمحمومة :

سامحيني يا ابنتي ساامحيني

لكن جوهرة لم ترد..لاتدري ان كانت سترد بعد الان..واصلت اطعامها بهدوء دون ان تنبس ببنت شفة...دونx ان تتناول اي شيئ حتى...سؤال واحد يتردد داخل جوانحها...يجبرها بالحاح على ان تجد له الاجابة المناسبة :هل حان وقت الرحيل..؟!x هل يجب ان تباشر في البحث عنهم؟!

xxxxxx _xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
_xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

_xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

اوووف ليس هكذا ابيx ...انت تؤلمني

عقد حاجبيه بتركيز محاولا ان يكمل التسريحة الغريبة التي وجدها في اليوتيوب وتبرع بان يجربها عليها كما يفعل كل مرة قبل ذهابها للمدرسة... رغم ان اغلب هته التسريحات كانت فاشلة تنتهي في كل مرة بفك ابنته لشعرها والركض مسرعة نحو غرفةx او اخته الصغرىx فرحx لتعديل الكارثة لكنه لن يمل ابدا من المحاولة ...زفر بنفاذ صبر ثم شد ضفيرتها برفق محاولا تثبيت الصغيرة وهو يهتف بخشونة :

توقفي قليلا يااا...لقد افسدته تماما..هل ترغبين بان ارسلك للمدرسة بمظهر المشعوذة على المكنسة..هيا اثبتي قليلا حبيبتي سننتهي بعد قليل

تنهدت بطفولية وهي تحرك راسها بملل وتسمرتx في مكانها كما امرها ..بعدx فترة ليست بالقصيرة ..هتف فجأة بحماسx مناقض لشخصيتهxالجادة ونبرة صوته مليئةx بالانتصارx :

اخيراااا...انتهينا والاميرة جاهزة ...انظري هاx ما رأيك

كانت ابتسامته الواسعة تظهر اخر ضرس في فمه وهو يرتقب ردة فعلها بنفاذ صبر بعد ان وقفت امام المرأةxتطالع شكلها.. لكن هذه الابتسامة سرعانx ما خفتتx تدريجياx بعد ان انفرجت شفتاها الصغيرتان قليلا وظهرت على ملامحها اثار الخيبة مجددا وهذا ما يعني فشله الذريعx تماما ككل مرة..x هتف فجأةx بحماس وتلقائية محاولا تدارك الوضعx :

حسنا..حسنا لا بأسx سنحاول مجددا ...انظري انها ليست بذلك السوء بعض التعديلات الصغيرة امم مثلا لناخذ هته الشعرة من هنا وهاته من هنا ولنضع هذا المشبك هنا.و و و ما رأيك

ظلت ملامحها ثابتة وهي ترمقه بملل وكانها تقول انك زدت الامر سوءا..بينماx بادلها هو النظر بقنوط لثوان ..لم يلبث الا ان زفر بمللxبعدها وهو يهتف بتذمر :

حسنا اذهبي...

وكانها كانت تنتظر هتهx الجملة بالذاتx التيx و ما ان سمعتها حتى ابتسمت بزهو وx تشبثت به مقبلة اياه على خده ثم انطلقت ركضا وهي تفك شعرها نحو غرفةxعمتها فرح لتعيد تسريحه ...

راقبها بعبوس معترفا بفشل ابوته كالعادة في تقديم ابسط شيئ يستطيعه وهو تسريح شعرها الكستنائيx .. ثم خرج من غرفته مطاردا لها حتى وصلا الى غرفة فرح .. سرعان ماتوقف عند باب الغرفة
اين كانت تقف صغيرته رافعة يديها وهي تغطي فمها محاولة كتم ضحكتها بصعوبة ..رفع حاجبيه مستفهما لكنها اشارت له بمرح وطفولية وهي تهمس :

مالذي تفعله عمتي فيرو؟x

تقدم اكثر ليطل براسه ببطئ على الباب...في النهاية وكالعادة رأى شيئا لم يتوقعه ...كانت تقف بشكل مستقيم وقد بدت اطول من قامتها القصيرة ترفع ذراعيها نحو السماء وتحاول في نفس الوقت رفع رجلها اليمين مغمضة العينين تتنفس بعمق ...كانت تبدو وكانها في عالم اخر ..لا يعرف ان كان هذا نوعا جديدا من الرياضة او طقسا من طقوس استحضار الارواح لكن شكلها كان مضحكا جدا وهي تحاول التوازن... بالاضافة الى السماعات التي كانت تضعها منفصلة عن العالم كانت تكرر بصوت خافت هادئ :

اممممممم امممممممم الحياااااة جميييلة ...كل شيئ سيكون بخير ....كل شيئ سيكون بخير

دخل الغرفة ودخلت جيداء وراءه وهي تكتم ضحكتها الطفولية ..ظل يراقبها بتجهم وهي تتلو تلك العبارات السخيفة مكررة اياها و في لحظة مباغتة فتحت عيناها فجاة ...شهقت بقوة وهي تراه امامها وملامحه لا تنبؤ بالخير ابداx ..لم تستطع التوازن .. حينها وفي دقيقة واحدة كانت تحت رجليه بعد ان سقطت امامه بقوة .. وفي هاته اللحظة انفلتت جيداء ودخلت في نوبة هيستيرية من الضحك ..بينما ظل هو ثابتا..لم يتحرك ولم يحاول حتى مساعدتها وهي تقف محاولة الاعتدال بسرعة xبل ظل يراقبها ببرودx حتى اعتدلت، ثمx قال بعدها بنبرة استهزاء وهو يحركx بعينيه بملل :

_هاه دعيني احزر...اليوم استيقظت.. فجاة وقررت ان الارض لم تعد تتسع للمزيد من جنونك،فحاولت تجريب الطيران

_ظلت تنظر له بغباء وحاجبين معقودين.... حتى الاستهزاء بهاx لا تفهمه..كم كانت تبدوxx مضحكة في تلك اللحظات التي تحاولx فيها استيعاب شيئ ما وانتظار الوحي لينزل عليها ...

تململت قليلا في وقفتهاx و حكت راسها بحرج بعد ان استوعبت مقصده ثم ضحكت بخفوت:

_اي طيران يا اخي هداك الله ...في الحقيقة لا اعرف ان كنت تعرف هذا ...لكن اسمها رياضة يوغا وانا امارسها للصفاء الذهني...

قالت العبارة الاخيرةx بنبرة مسرحية وهي تسحب نفسا عميقا مغمضة العينين

حاولx بصعوبة كتم ضحكته على تعابيرها وطقوسها الغريبة والمحافظة على قناع وجهه الجليدي وهو يقول ببرود :

_وهل حصلت علىx الصفاء الذهني يا ترى؟

_لا لكن حصلت على هذه...

مدت ذراعها ببراءة لتريه تلك الكدمة الصغيرةx التي ظهرت جليا على بشرتها السمراء اللامعة ، وواصلت وهي تقول بتلقائية :

_في الواقع لقد سقطت من السرير قبل قليل وانا احاول تطبيق حركة الفراشة..

ظهر الوجوم على وجهه و هو يكرر بصوت خافت وخطير :

_ حركة الماذا..؟!

_ترددت قليلا من ردة فعله لكنها اعادتها بصوت بطيئx وهي تشدد على كل حرف :

حركة الفرااااشة اخي...

راقبت ملامحه المتجهمة التي لا تدل على شيئ...وظنتx انهx لم يفهمها فقالت ببراءةx ونبرةx مضحكة وهي ترفع حاجبيها باستفهام:

اخي حركةx Buttrflyx ؟!

كتم ضحكته بصعوبة اثر لكنتها الانجليزيةx التي تطرب بها الجميع منذ دخولها للجامعة ثم ابتسمx بسخرية وهو يتمتم باستهزاءx :

_x حسنا اذن.. وما هاته الامممممم الحياااة جميللةx ولا اعرف ماذا..هل تخدعين نفسك حقا بهاته الجمل المبتذلة ..

زمت شفتيعا بامتعاض و هزت كتفيها بملل وهي تقول بتخاذل :

وماذا افعل يا اخ..لقد وصل بي اليأس الى درجة التحايل على ذاتي من اجل اقناعها بان الحياة الزفت التي اعيشها داخل اسوار هذا السجن ستتغير يوما ما...
ثم واصلت بعملية وجدية مضحكة :

ثم ان هاته السخافات في قاموسكx تسمي في قاموسx التنمية البشريةx بالتوكيدات الايجابية...انها تساعد الكثيرين على التخلص من السلبية المحيطة بهم وتحفيزهم معنويا...مشكلتكم ان التفتح لا يعرف لكم طريقا اقرؤا القليل من الكتب يااات

ضحكت من غير مرح حقيقي لتخفت هاته الضحكة تدريجيا بعد ان زادت ملامحه الجليدية قتامة... ظلت ترمقه مبتسمة بتوتر منتظرة ان ينطق باي شيئ الى ان قال بهدوءx مركزا نظراته عليها :

حسنا اذن يا انسة فرح لنكن واضحين فقط...انا سافعل اي شيئ من اجل ان تكونوا بامان هنا...داخل هذا السجن الزفت كما تقولين... ان كان لديك اعتراض ما فسيكون من دواعي سروري ان اسمعه لاحطم انفك الصغير بعده طبعا...

لقد فهم مزاحها بالخطا مجددا كما يفعل كل مرة... ويبدو بانهاx قد وضعت الملح على الجرح كما تفعل كل مرة ايضا دون قصد منها....هي وحدها من تعرف تاثير كلمة امان عليه وتعرف مالذي يعانيه في سبيل حمايتهم..

ابتسمت برقة مناقضة لشخصيتها الصاخبة ثم همست بحنان وتأثر بالغx :

فداك انفي وكل اعضائي يا اخي..انت تعرف ان مزاحي الثقيل الذي لا تهضمه المعدة لا ينتهي ابدا..
لم اقصد سجنا بالمعنى الحرفي وانما قلت هذا فقط كتعبير مجازي دليلا على مللي

كانت ستسترسل بالشرح المفصل كعادتها الا انه قاطعها بحدة مبتسما ابتسامة خفيفة اراحت فرح وهو يقرب اليها جيداء :

...حسنا....حسنا فهمت...خذي هته العفريتة الان وافعلي بشعرها شيئا كالعادة...المهم ان لا تتاخري.. لست مستعدا لنفخ راسي بنصائح تلك المعلمة عن الاب المسؤول والاب المتفاني...

لمعت عينا فرح بشقاوة وهي تغمز للصغيرة ورود التي امسكت بيدها فاستوعب فورا المقصود ثم قال بنبرة خطيرة مهددة :

اياك ثم اياك ان تفعلي شيئا مريبا بشعرها يكفي ما افعله انا بها كل يوم..فقط اجعليها تبدو طبيعية كتلميذة في السنة الثانية اتفقنا؟!

رفعت فرح يدها في حركة عسكرية هاتفة بحزم :

امرك قائد..ابنتك في الحفظ والصون هل تريده كيرلي مموجا ام مسرحا بشكل تام ام...

زفر بنفاذ صبر ثم هتف بقوة :

فقط اذهبي فرح...هيا

انطلقت فرح ساحبة ورود من يدها الصغيرة وهيx تدندن معها اغنية غريبة حفظاها معا وصرعا بها رؤوس كل الموجودين في البيت ورأسه هو بالذات ...تنهد بوهن واخذ يدلك مقدمة راسه باصابعه محاولا تبديد هذا الالم الذي يطحن راسه دونما هوادةx

حينها انطلق صوت من الطابق السفلي ينادي بقوة :

فرح...تعالي يا ابنتي..اين انتx

تذكر عماد انه وقت استيقاظها فاتجه الى غرفتها مسرعا ليجدها جالسة على السرير

...ستينية بملامح ملائكيةx ترمقه بحنو مبتسمة لتقول بعدهاx بعتاب خفيف :

هيا يا ولد هيا ساعدني بسرعة

اقتربx ناحيتها مبتسما بعمق.. ثم جذب ذلك الكرسي المتحركx ليركنه امام السرير مباشرة ..x حملها بخفة ليضعها فوقهx وقد اخذ يتاوه هاتفا بامتعاض مصطنع :

ما هذا يا سلطانتي عليك التفكير جديا في الحمية قبل ان تطحني بوزنك الثقيلx ما تبقى من عظامي

لكزته بخفة على كتفه وهي تهتف باستنكار طفولي :

اهذا كلام يوجه لامك التي تحملت وزنك طوال تسعة اشهر كاملةx ..انت مدين لي بحمليx كما حملتك انا من قبل يا ولد ..اعتبرها كصفقة

ضحك بقوة وهو يحرك راسه بعدم تصديق ثم اردف بذهول :

اصبح الامر هكذا اذن..احملني واحملك بالمقابل ..وصفقة ايضا ...اذن كان علي ان تعقدي هاته الصفقة مع الحاج رحمه الله انتما مسؤولان عن وجودي..انا لا دخل لي

تنحنحت بخجل بعد ان غمز لها ... ثم ضحكت قائلة بارتباك :

دعك من هذا الان...وخذني الى الحمام فورا يا ولدي لاتوضأ واصلي.. لقد ناديت تلك المخبولة لكنها لم تسمعني غالبا .. ضيعت صلاة الصبح اليوم

ثم اخذت تهمس بخفوت وحسرة :ليغفر لنا الله تقصيرنا...

رمقهما بنظرات حانيةxمشفقة على حالهاx ثم حرك بها الكرسي متجها نحو الحمام ليساعدها في عملية الوضوء..انه يتولى غالبا عملية غسل رجليها لانها ببساطة لا تستطيع الانحناء...شلل على مستوى الاطراف السفلية كلها جاء بغتة دون مقدمات ليتركها ساكنة عن الحركة الى الابد .. لكن الله كان رحيما كالعادة ليمنحها اولادا يعملون كبديلx للاطراف الصناعية ...يفعلون لها كل ما لا تقدر فعله...انتهت من وضوءها بصعوبة ثم توجه بها ليركن الكرسي في الركن الذي خصصته للصلاة ...

كبرت بخشوع مغلقة العينين بينما جلس هو على السرير متأملا بانبهار هالة النور التي تصلي امامه ...كل ولدx يراقب امه و كانها معجزة ما ... لابد من ان هذا قانون ثابت في جميع اقطار المعمورةx لان ابنته جيداء ايضا كانت تراقب امها بنفس الانبهار تلك الليلة.
اما هو..هو فقطx لا يتذكر فعلاxام انه لا يريد ان يتذكرx ..لكن تلك الليلة بالذات كانت فوق كل قوانين الذاكرة والنسيان ...نزلت يومها بخطوات بطيئةx من الدرج كملكة متوجة تتهادىx بفستانها الابيض الطويل الذي يعرقل حركتها بعض الشيئ ..حجابها الناعم بنفس لون الفستان يحتوي ملامحها الزهرية برقة تخطف الانفاس ..كان عليه ان يدرك هذا من البداية اطلالة اسطورية كهذه تليق حتما بتلك النهاية المأساوية...تلك الليلة تليق لان تكون ليلة نهاية الحكاية ...ليلة عيد مولده الخامس والثلاثين ..لقد اصرت حينها ان تحضر كل شيئ بنفسها حتىx انها تولت الحجز في المطعم الذي كان غالبا من مهامه فهو يختار بالذات المطاعم التي تحتوي على تشديدات امنية ونظم حماية قوية تحسبا لاي طارئ ...يذكر يومها قلبه الذي اختلج بين اضلعه عند رؤيتها..مشاعر مبعثرة هنا وهناك كثير من السعادة وكثير من الامتنان للقدر الذي جمعه بها وكثير من الامل بمستقبل مشرق لهما و لصغيرتهماx وكثير من شيئ ما لم يفهمه حينها.. لكنه في نهاية تلك الليلة قد فهمهx جيداx ...

في تلك السيارة الفاخرة عيناها تتألقان بوهج غريب رغم ظلام الليل وهي تهتف بحماس وتشير باصبعها ناحية اليمينx :
من هنا عماد من هنا..استدر لليمين

زفر عماد بنفاذ صبر وهو يقول بتذمر :

حبيبتي هل انت متأكدة من الطريقxx ..نحن ندور في نفس المسار منذ نصف ساعة تقريبا ما رايك ان نسال احدا ما..لربما قد اخطأنا في الاتجاه ..؟!

ضيقت عيناها تمعنx بتركيزx في الخريطة الالكترونية عبر هاتفها ثم قالت بخفوت :

لا انا متأكدة...هذا التطبيق موثوق جدا وقد حجزت عليه من قبل ..

ثم ودون اي اية مقدمات انتفض بقوة جراء صرختها العفوية وهي تهتف بحماس وتلكزه على يده الموضوعة على المقود :

هاهو عماد ها هو استدر بسرعة...

كاد عماد ان يفقد تحكمه بالمقود ولوهلة كان سيباشر بتوبيخها لحماسها الزائد عن اللزومx الا انه تراجع عن ذلك في اخر لحظة وهو يبتسم بقلة حيلة.. لا يستطيع توبيخها اصلا حتى لو اراد هذا انها الوحيدة التي يستطيع امامها ان يكبح غضبه الاهوج الوحيدة التي استطاعت ترويض مزاجه الصعب وطبعه الجليدي... الوحيدة التي يتخلى بين يديهاx عن كل الرتب والالقاب العسكرية ليصبح مجرد رجل يحب زوجته بجنون العالم كله ...x التفتت بسرعة نحو ابنتها الصغيرة التي كانت في المقعد الخلفي تتلاعب بمللx باطراف حزام الامان و عيناها شبه مغلقتان من النعاسx ثم هتفتx بحنان :

ورودx هيا استيقظي حبيبتي.. هيا.x لقد وصلناx ...

ترجل عماد من السيارة قبلهما متأملا المطعم ...صغير و مظهره الخارجي يوحي بالحميمية والدفء جراء واجهته التي توحي للناظر بانها مصنوع من الخشب بالاضافة الىx الاضواء الخافتة المنثورة بعناية على ابوابه...رغم صغره وبعده عن التجمعات السكانية الا انه كان مزدحما بعض الشيئ والامر الذي لفت انتباه عماد واثار قلقه بعض الشيى هو عدم وجود اية حراسة اوx اي اثر لحضورx امني...فكت هي حزام ابنتها لتخرجها من السيارة حاملة اياهاx ثم تقدمت نحو مبتسمة بنعومة لتمسك يده وتسحبه معها الى الداخل...
بمجرد دخولهما اتجه النادل نحوهما مسرعا وهو يقول بادب ويؤشر لهما ليتبعاهx :

تفضلا من فضلكما..طاولتكما جاهزة

استدار عماد نحوها رافعا حاجبيه بتعجب وهو يقول بعبث :

امم لست سيئة مدام جمانة ...انت تبلين جيدا لحد الان

ضحكت بنعومة ثمx اقتربت منه وهي تهمس بحماس وفخرx :

طبعا انه عيد ميلاد قائدي ...انا مجبرة على ان ابلي جيدا عالاقل كي لا اقضي باقي حياتي في زنزانة منفردة ..

ضحك بقوةx محركا راسه بقلة حيلةx ثم استسلمx تاركا لها يده التي لم تفلتها منذ دخولهما وهي تسحبه نحو طاولتهاxxx ..
بعد قائمة طويلة وعريضة من الاطعمة التي طلبتها بنفسها واجبرته على تناولها ..جاء وقت الكعكة...كانت صغيرة الحجم مزخرفة الجوانبx تتناسب مع عددهم القليل.. مع انه يعرف انها لن تاكل منها الا بصعوبةxx بعد ان ادخلت تلك العفريتة اخته فكرة الحمية في راسها

هتفت ورود بحماس طفولي لتقف من كرسيها وهي تتجه نحوه مسرعةx لتجلس في حضنه :

_هيا بابا هيا انفخ على الشمعة وتمنى امنية

تلقى عماد ابنته في حضنه وهو يتشرب ملامح جمانةx الخيالية على ضوء الشموع وغصة غريبة تملأ حلقه...
شعور مريع فقط ..وكانه سيبكي الان رغم عدم وجود سبب يجبره على هذا ...رغم انه الوقت المناسبx تماما للسعادة

ابتسمت برقة وهي ترمقه بتعبير غريبx ثم همستx بصوت متحشرج :

تمنى امنية عماد

اخفض راسه قليلا يتامل الشمعة المتراقصة امامه ثم رفع عينه نحوها...ابتسم بصعوبة محاولا كتم ذلك الشعور الغريب.. ليهمس بصوت مختنق خافت :

امنيتي الاولىx تجلس امامي ..وامنيتي الثانيةx تجلس في حضني هل هناك متسع لاماني جديدة يا جمانة؟!

افسحت المجال لدموعها التي تولت السيطرة على الموقف..كانتx تبكي وتضحك بخفوت في نفس الوقت بينما كان ذلك الشعور البغيض في قلبه يتزايد وx يخنقه شيئا فشيئا..انطلق صوتها اخيرا كهمس متحشرج لتقولx :

ربما هناك متسع لامنية ثالثة...

ثم رفعت يدها واضعة اياها على بطنها تحت انظاره المصدومة لتقول بحنانx :

امنيتك الثالثة قد تكون هنا ربما..

ربما لم يسمع ...او ربما سمع ولم يفهم... او ربما فهم ولم يعرف كيف يتصرف تحت وطأة هاته المشاعر التي تعصف به ..الله كريم فعلا ..والله اراد اليوم...x اراد ان يقول للاطباء الذين اخبروها اياما بعد ولادتها لورود انها لن تحمل مجددا بسبب خلل في الرحم ان كلمته هي العليا وان ارادته هي التي تسير الحكاية...
تساقطت دموع عماد بهدوء لاول مرة امام مراى عينيها
لم يقوى على كتم غصته التي تحولت الى دموع حارقة لا يعرف ان كان يبكي بسبب السعادة والذهول
ام بسبب ذلك الشعور الخانق الذي يطحنه لكن القائد كان يبكي فعلياxx في موقف كان اكبر منه...

حاول كتم دموعه بصعوبة بعد ان بدات ورود ايضا بالبكاء غير مستوعبة لما يحصل...مسح على وجنتها الصغيرة بحنان بالغ ثم قال بهدوء وهو يضحك بخفوت :

حبيبتي لما البكاء... لا تبكي هيا ...سيصبح لك اخ

عقدت حاجبيها باستغراب طفولي محدقة في امها وهي تشهق بصوت متقطعx :

هل سيصبح لي اخ حقا ماما ...اذن لماذا تبكيانx ..؟!

لم يجاوب احد لوهلة و ساد الصمت المكان و ترك السؤال معلقا...كانا يحدقان في بعضهما بعمق دون ان ينبسا ببنت شفة ..ترك عماد الجواب لها لانه لحد الان لا يفهم سبب انفلات دموعه بهذا الشكل..

لاح اخيرا شبح ابتسامة واسعة على شفتيها وهي تقول بحماس مناقض للموقف الغريبx موجهة الكلام لورود :

من السعادة حبيبتي.. نحن نبكي من
السعادة ...سنصبح عائلة كبيرة وسيكون لك فريق كامل من الاخوة والاخوات...صدقيني ستحصيلين على الكثير منهم كما تمنيت من قبل اليس كذلك عماد؟!

نظرت نحوه بلهفة منتظرة ان يوافقها لكنها ابتسامتها ارتجفت قليلا بعد ان ان لمحت تعابير وجهه الغريبة .. تشعر بشيئ غير طبيعي في نظراته منذ بداية السهرة لكنها آثرت الصمت وعدم التعليق على هذا... اومأ عماد موافقا على جملتها بهدوء دون ان يعقب...ثم انحنى بعدها بعجلة ليطفئ مع ورود الشمعة المتراقصة امامهx لانه يشعر برغبة ملحة في انهاء السهرة و العودة الى البيت دون وجود ايx مبرر فعلي

بعد دفع الفاتورة واثناء خروجهم جذبت ورود امها من الفستان وهي تهمس بحرج :

امي اريد ان اذهب للحمام

تنهدت جمانة بتعب ثم تمتمت بقلق موجهة الكلام لعماد :

لقد دخلت الى الحمام حوالي عشرة مرات منذ الصباح ...x اظن ان علينا فعلا مراجعة الدكتور يا عماد ..بدات اشك ان الفتاة تعاني من شيئ ما في الكلى..
هز براسه موافقا دون تركيز حقيقي..وقد استغربت جمانة ردة فعله هاته فهو في العادة يعقب على كل موضوع يخص ابنته... سحبت ورود من يديها متجهة نحو الحمام .. لكنه استوقفهاx بقوة غير مبررةx اجفلتهاx ثم اردف بحزم وهو يتناولx يد ورود منها و يمد نحوها مفتاح السيارة بعجلةx :

لا باس حبيبتي ساخذها بنفسي.. انت اسبقينا الى السيارة واغلقي الابواب حتى نعودx لن نتاخر هيا اذهبي ..

لم تتحرك جمانة من مكانها وهي تحدق فيه بغرابة . وقد بدت وكانها مترددة من الذهاب لوحدها لكنه كان مصرا لذا استسلمت اخيرا واخذت منه المفتاح...استدرات لتخرجx بينما لم يبارحxx مكانه متاملا اياها وهي تبتعد خطوة خطوة.. فجأة التفتx قبل ان تبتعد اكثر لتشرد بنظراتها فيx ورود دون ان ترمش..x بعد ثوان من التامل رفعت عيونها نحوه عاقدة حاجبيهاx وهي تقول برجاء غريب ملهوف :

اعتني بها عماد..اياك ان تغفل عنها ارجوكx ..

عقد حاجبيه بقوة والغصة تتزايد شيئا فشيئا...والشعور البغيض يحرقه اكثر فاكثر وهي تبتعد خطوة بخطوة و شيئ ما يصرخ في داخله بقوة : ذهبت ...رحلت غادرت...لن تعود

كان سيناديها لوهلة طالبا منها العودة والانتظار لتخرج معهما لكن ورود جذبتهx من اسفل وهي تهتف بتذمر :

هيا بابا...سانفجر

حينها و عندما كان على وشك الخروج حينهاx من المطعم ممسكا بيد ورودx سمعx النادل يناديه فاستدار باستغراب وانتظره حتى وصل عندهxو هو يلهث قائلا بصوت متقطع :

سيدي احدهم طلب مني ان اعطيك هذا ..

عقد عماد حاجبيه باستغراب ينظر بتوجس الى ذلك المنديلx القماشي الابيض الممدود له ...التقطه من النادل بعد شكره ...وx بعد ثوان معدودة من ربط الخيوط وجمع الافكار والتحليلاتx انتفض فجأةx كالمصعوق بالكهرباء بعد ان بدات الصورة تتضح امامه.. فتح المنديل المطويx بيد مرتجفة وانفاس متقطعة لتقع عيناه على ما كان مكتوبا بالحرف الواحد ...جملة واحدة ببنط عريض لا تحتاج شرحا كثيراx :

الخياط يبلغك سلامه

تجمد الدم في عروقه واحتقن وجهه بقوة وهو يشد اكثر على المنديلx ...لم يستطع سوى الهمس بشيئ واحد...اسم واحد فقط كان يسري على لسانهx يهذي به كالمحموم : جمانة جمانة

و دون ان يشعر باي شيئ فعليا حمل ورود بسرعة ليتجه مهرولا نحو الباب

كم بدا البابx بعيدا جدا حينها وكم شعر يومها بانه لن يصل ابدا ..كان كمن يركض في الرمال المتحركة يجر رجليه بتثاقل ...

خرج من المطعم يلهث بقوة كالمجنون يلتفت شمالا ويمينا الا ان لمحها لم تدخل الى السيارة كما طلب منها بل كانت تنتظرهما مستندة على الباب مطئطئة الراس.. تائهة في شيى ما .. عادت الحياة الى كل خلية من خلاياهx عندما رآها وتحفزت كل حواسه لينطلق مهرولا نحوها.. كم تمنى لو انه ركن السيارة يومها في مكان قريب من المطعم لربما قد استطاع ان يدركها انذاك لكن القدر سبقه اليهاx فقبل ان يصل تماماx كانت تلك السيارةx ذات الزجاج الاسودx تمر امامهاx ليخرج من النافذة ذلك الرجل الموشح بالسوادx ولم يحتج عماد حينها للكثير من الذكاء ليعرف مالذي هو مقدم على فعله ...خرج صوته كحيواان ضاري يحارب في البرية وهو يصرخ باعلى صوته :

جماااااااانة...ابتعدي

انتفضت جمانة من غفوتها و رفعت عيونها بهلع جراء صرخته المتوحشة ...لم تستوعبx مالذي يحدث حولهاx ولم تتمكن حينها سوى من ان تهمس بذهولx :
عماادx

_ عمااااد..عماد ورود جاهزة للمدرسة..هيا بسرعة اخي ستتأخر

رفع راسه من بين يديه بعيون محمرةx ليلمحx فرح التي تطل براسها من باب الغرفة.. حاولx بصعوبة ان يلتقط شيئا مما تقوله بعد ان كان مغيبا تائها في عالم آخر .. جال بانظارهx في الغرفة ليجد انx امهx لم تنه صلاتها لحد الان .. مسح وجهه وهو يسحب نفسا مترجفا ثم تمتم بضياع وعدم تركيزx :

حسنا ...حسنا اذن ادخلي انت وانتظري امي حتى تنهي صلاتها و خذيها لتفطر بعد ان تنتهي..لا تنسي الدواء ايضا ..

تجاوزها دون ان يمنحها الفرصة لتسأله حتى عن حاله لانه لم يبد طبيعيا ابدا...شيعته بنظراتها القلقة و هو يحمل عن ورود محفظتها الصغيرة متجها نحو الباب الخارجي بينما استدارت لها ورود وهي تلوحx و تهتف بطفولية :

الى اللقاء فيروو

انتبهت فرح من شرودها وقلقهاx على صوت ورودx لترد عليها بعدها بصوت عال وهي تلوح بدورها لها:

_الى اللقاء حبيبتي ... لا تنسي ان تاكلي الشطائر التي وضعتها لك عندما تخرجين الىx الفسحة..واياك تسمحي لذلك البدين من ان ياكلها معكx ..

خرج عمادx متجها نحو سيارتهx و ورود تسير معه بتعثر محاولة تدارك خطواته حتى وصلت الى السيارة ..فتح الباب و رفعها لتجلس في المقعد الاماميx ... حاول تثبيتهاx بحزام الامانx لكنها التفت للمقعد الخلفيx وهي تهتف بتذمرx :
ابي انتظر ...دفتري

اخرجت من محفظتها ذلك الدفتر الورديx وبدات بالرسم مبتسمة بشغف ...عدل عماد مرايا السيارة ثم ما لبث الا انx عقد حاجبيه وهو يقول بجدية معقبا على ما سمعه قبل قليلx :

هل صحيح ما سمعته يا جيداء ...هل ذلك الفتى حقا ياخذ منك الشطائر عنوةx يا حبيبتي لانه ان كان الامر كذلك فساتصرف معه بطريقتي الخاصة

رفعت عيونها اللوزية ترمقه بتعجب ثم قالت ببساطة وهي تهز براسهاx :

..لا...لا ابدا...انا اسمح له بهذا ابي فيروx تضع لي خسمة او ستة شطائر وانا طبعا لن استطيع تناولها لوحدي لهذا اتناول واحدة واوزع الباقي على البعض من زملائي

ابتسم بحنو وتأثر ليربت على راسها...لقد اصبحت نسخة مصغرة فعلا عنها وهذا ما يؤلمه بشدة...يؤلمه ان النسخة الاصلية عن ابنته غير موجودة الان لتلمح هذا الشبه... اراد فعلا تقبيلها في تلك اللحظة لكنه وانحنى نحوها لكنه تيبس في مكانه يحدق بغرابة..كانت ترسم شيئا ما في دفترها الوردي..رجل يرتدي ملابس سوداء تماما وقد جعلته طويلا بشكل مبالغ فيه كما رسمت له قبعة شتوية واظهرت تحتها بعض خصلات الشعر الطويلة
x عقد حاجبيه بتوجس ثم قال باستفهام حذر :

من هذا الذي ترسمينه حبيبتي ..هذا ليس انا اليس كذلك ؟!

رفعت راسها عن الدفتر لتضحك ببراءة :

طبعا لست انت يا ابيx انت لا تملك شعر طويلا... ولاتملك قبعة كهاته حتى... انه صديقي الجديد لقد اقترح علي بان ادعوه صاحب الظل الطويل وهو بدوره يدعوني جودي رغم انني اخبرته مرار وتكرارا بان اسمي جوديx انه يزورني يوميا قبل ان تاتي لاصطحابي..حتى انه بارع في الرسم مثلي تماما ...لقد رسم من اجلي شيئا انظر...

تحت انظاره المصعوقة التفتت لتخرج من حقيبتها غرضا ما ..الانx المشهد يعاد امامه العرض البطيئ ..نفس المنديلx الابيضx الممدود نحوه ...نفس رجفة يده .... نفس ارتعاشة فكه والقبضة المعتصرة في وسط صدره ... الشيئ الوحيد المختلف هو انها لم تكن نفس العبارة...بل كانت رسمة تظهر بدقة وبراعة امرأة ذات اجنحة طويلة تمسك بيدها طفلة صغيرة..

اظلمت ملامحه وازدادت قتامة ليشد بقوة على المنديل حتى ابيضت مفاصله...عيناه تسابق بجمود الكلمات المظلمة المكتوبة اسفل الرسمة :

نفذ ما انت مقدم عليه...وسيكون من دواعي سروري ان ارسل ابنتك للسماء لتصبح ملاكا ..
مثل أمها تماما...




_نهاية الفصل الاول

الى الملتقى باذن الله........

x

xx
xxxxxxxxxxxxxxxx




روابط الفصول

الفصل الأول .. اعلاه








التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 05-12-20 الساعة 07:53 PM
نايرا غير متواجد حالياً  
قديم 05-12-20, 07:48 PM   #2

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html




واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

قديم 26-12-20, 11:12 AM   #3

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي


تغلق الرواية لحين عودة الكاتبة لانزال الفصول حسب قوانين قسم وحي الاعضاء للغلق

عند رغبة الكاتبة باعادة فتح الرواية يرجى مراسلة احدى مشرفات قسم وحي الاعضاء (rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065, ebti ، رغيدا)
تحياتنا

اشراف وحي الاعضاء


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.