آخر 10 مشاركات
اكليل الصبار ج1- من س اني عشقتك -قلوب أحلام زائرة- بقلمي:زهرة سوداء(مكتملة&الرابط) (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          22 - ضربة شمس - اليزابيت اولدفيلد - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          النمرة الشرسة (29) للكاتبة المُذهلة: وفاء محمد ليفة(أميرة أحمد) *كاملة & مميزة* (الكاتـب : وفاء محمد ليفة - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          لو..فقط! *مميزة**مكتملة** (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب (الكاتـب : bella snow - )           »          71 ـ هل تجرؤين؟ ~ جيسكا ستيل (مكتوبة/ كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-12-20, 03:03 AM   #11

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي


نوفيلا جميلة جدا قصة رائع.....و سرد اروع....اسلوب سلس يترك تتخيل القصة بكل تفاصيلها....استمري موفقة باذن الله 👏👏👏👏👏👏👏❤❤



Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-20, 10:02 PM   #12

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

يسعد مساكم
عذرا عالتاخير بسبب فصل الكهربا

الفصل الرابع

فإذا وجدت الحُبّ لا تحرم فؤادك ما يريد
فالعمر يا ولدي سنينٌ والهوى.. يومٌ وحيد ️
فاروق جويدة

بعد شهر

كانت ورد تراقبها بعيون معجبة ، كيف تعامل العارضة المتوترة ، تهمس لها بكلمات مشجعة لتتمكن من إكمال عملها بشكل أفضل ، فتكون كلماتها تلك دافعاً لمن حولها ليقدم أفضل مالديه ، تعاملها مع من حولها من عمال في موقع التصوير يجعل عملها مميزاً ونابعاً من القلب
لقد أصرت ورد أن تعاود العمل معها ، وتحت إلحاحها الشديد ونوبة الكآبة التي أوشكت أن تدخل بها ، وافق كل من جود وتيم على ما تريده
حين أحضرها جود صباحاً ، أخبرته جوري ألا يقلق بشأنها فهي ستهتم بها ، وتخبره بأي جديد يطرأ معها ،
ابتسمت برقة وهي تتذكر نظرات زوجها المودعة لها ، كم هي محظوظة وتشكر الله في كل لحظة على نعمة وجوده في حياتها زوجاً ورفيق روح
لفت انتباهها صوت جوري الذي ارتفع قليلاً ، وهي تخبر الجميع بأنهم سيأخذون استراحة لمدة قصيرة
افترق الفريق لنيل الإستراحة ، بينما جوري امسكت الفتاة التي كانت تحادثها من يدها ، وقادتها نحو الطاولة التي تجلس عليها ورد، طلبت منها الجلوس ثم ناولتها كوب ليمون بارد قائلة :

_ هيا إشربي كوب العصير و اهدئي

وورد تراقب باهتمام وجه الفتاة المتوتر ، دون أن تتدخل بالحوار ، جلست جوري على ركبتيها أمام الفتاة تشجعها وكأنها طفلة صغيرة :

_ أنت جميلة جداً ، وبإمكانك أن تقومي بأكثر مما في هذا المشهد من إبراز لجمال ملامحك ، انسي أن هناك كاميرا تقوم بتصويرك ، وتعاملي مع الأمر وكأنك وحدك، لا يوجد أحد حولك ، لا تهتمي لآراء الأخرين ، فقط ثقي أنك تستطيعين القيام بهذا العمل، وعندها ستبرزين جمال روحك وداخلك إضافة لجمال ملامحك يا عزيزتي

ابتسمت الفتاة لكلام جوري الذي أعطاها حافزاً نحو الأمام ، توميء لها بالموافقة على ما تقوله ، وقد زال الكثير من توترها الذي كانت تشعر به قبل لحظات ، استأذنت بالذهاب لتعديل مظهرها
فعادت جوري تجلس قرب ورد ببعض التعب ، تغمض عينيها علها تنال كذلك قسطاً بسيطاً من الراحة
قالت ورد بإعجاب بتصرفات جوري مع فريق عملها :
_ من أين تأتين بكل هذا الصبر للتعامل معهن .

قالت جوري بهدوء وقد عادت عيناها لتفقد المكان الذي يجب أن يتم التقاط الصور فيه

_ ربما لكثرة تعاملي معهن .. إنها المرة الأولى لها لذلك هي متوترة ، ولكن مرة تلومرة ستصبح ماهرة ولن تشعر بهذا التوتر بعد ذلك أبداً ، وسيصبح هذا العمل اعتيادياً لها

ثم عادت تنظر لورد بابتسامة ، تشير نحو حافظة الطعام أمامها :

_ وأنت هل تناولت طعامك .. لقد أعدته خديجة خصيصا لك

قالت لها ورد بابتسامة خجلة من كل هذا الإهتمام الذي باتت تحيطها به ، وكأنها فرد من أفراد عائلتها :

_ أجل تناولته كله إنه لذيذ جداً ، اشكريها نيابة عني..

ضحكت جوري وهي تنهض من مكانها نحو العارضة التي عادت لموقع التصوير بهمة ونشاط ، قائلة :

_ كلا. سوف تشكرينها بنفسك ، فهي أصرت على دعوتك للغداء ، ولا مجال للرفض أبداً

رن هاتف ورد فأمسكته تضعه على أذنها تجيب ، بينما تبتعد جوري لإكمال عملها :

_ أهلا أمي … أنا بخير .. أجل أتناول الطعام ، إنني أكل طعاما أعدته لي السيدة خديجة التي أخبرتك عنها .. طعامها لا يقاوم يا أمي .. حقا ستعودان قريبا .. سيكون تيم سعيدا بهذا الخبر … أجل أمي حاضر سأعرفك على السيدة خديجة ..بلغي سلامي لوالدي .. اشتقنا لكما كثيراً

أغلقت الهاتف ، ثم عادت لتراقب جوري وكلها سعادة بخبر عودة والديها القريبة .. لقد سافرا منذ أربعة أشهر إلى الخارج لأن عمها المقيم في الخارج أجرى عملية جراحية خطرة
تتذكر أن قرارهما كان بالسفر شهراً واحداً ، لكن في كل مرة يحدث جديد يجعلهما يطيلان المدة
وهي وتيم شجعاهما على البقاء كي يعيشان فترة راحة في بلد جديد
…..
بعد ساعات من العمل كان التصوير قد انتهى بنجاح
كان تيم يقف غير بعيد عنهم يراقب تحركها كالفراشة بينهم
تعطي تعليماتها بابتسامة يقسم أنها لا تفارقها
رآها تقترب من ورد تهمس لها ببضع كلمات تعطيها كوب العصير ثم تبتعد عائدة لعملها ، لكن بين كل لحظة وأخرى تنظر نحو ورد تشير لها إلى كوب العصير وكأنها تتأكد أنها ستنهيه كله
ابتسم وهو يناظر وجهها يفكر :

(هذه الفتاة يليق بها أن تكون أمّا
وليس أي أم ّ بل أمّا لأطفاله هو … هل يعقل أن يكون له نصيب من هذا الحنان المطل من عينيها هل يعقل أن يستيقظ كل صباح على نظرة تكفيه عن العالم أجمع )

هز رأسه ضاحكا لسير أفكاره ، ثم اقترب بخطوات بطيئة نحو شقيقته
محاولاً تجاهل نداء قلبه بأن يشبع ناظريه من تأمل وجهها .

(انظري كم هو وسيم)
انتبهت جوري لهمس الفتاة التي تقف قربها رفقة عاملة أخرى ،فنظرت بذات الإتجاه الذي تنظران إليه ، فتوسعت عيناها صدمة لرؤيته واقفاً قرب شقيقته لكن أنظاره مسلطة عليها
أدارت وجهها بحرج شديد، وهي تراه يغمز لها يهديها أجمل ابتساماته ، فوجدت الفتاة التي مازالت تقف قربها تنظر له ببلاهة مطلقة ،غير قادرة على إخفاء إعجابها به ، وكزتها بيدها تأمرها بالعودة للاهتمام بعملها ، لا تعلم لما فعلت ذلك ولكن فقط تريدها ألا تنظر له بذلك الشكل
حاولت أن توقف ذلك النبض الخائن لقلبها الذي بات يدق بطريقة غريبة في وجوده
فآثرت الابتعاد عن محيطه تدخل الى الكابينة المخصصة لتبديل العارضات لملابسهم
جلست أمام المرآة تنظر لانعكاس وجهها بتمعن ، تفكر به
لقد باتت صدف لقائهما كثيرة
رغما عنها تسلل شعور غريب لقلبها
جعل دقاتها غير منتظمة بطريقة تبعث الحياة لأوردتها
جعل أحلامها أكثر وردية تتنعم بها كل ليلة
تعترف أنها بعد علمها أنه مذيع ، طلبت من ياسمين أن تعطيها التردد للمحطة الإذاعية المحلية والتي لم تهتم قبلاً بسماع أي من برامجها ، وسألت عن الوقت المخصص لبرنامجه، لتهرب بعدها من تساؤلات ياسمين عن سبب طلبها ذاك
أصبح سماع برنامجه كل صباح شيئاً مهماً لها طوال الشهر المنصرم ، تتلهف لسماع أخباره من ورد التي تحدثها دون أن تقصد عنه ، تشعر بكل ذلك الإهتمام الذي يحيط به شقيقته
يشبهها
أجل إنه يشبهها بتلك العاطفة التي تربطه بشقيقته
بذلك الاهتمام الذي يغدقه عليها
مع فرق بسيط ، أنها تعتبر نفسها أُماً لياسمين أكثر من شقيقة ، والدتهما توفت بعد ولادة ياسمين بثلاث سنوات ، فتعاونت و والدها ومربيتهما خديجة على العناية بالصغيرة
و والدها توفي بعدها بسنوات وهي ماتزال في سنتها الجامعية الثالثة ، بينما ياسمين كانت في الرابعة عشرة
حينها اضطرت لخوض معركة ضد عمتها التي أرادت أن تكون وصية على شقيقتها ، لكن وجود إبن عمها عاصم منع تسلط عمتها ، وجعلها هي المسؤولة عن كل ما يخص شقيقتها
تعرضت وقتها لمشاكل عديدة وكان الحمل على كاهلها كبيراً ، ولكن ولله الحمد تخطت كل ذلك
واستطاعت أن تصل لما وصلت إليه ، واستطاعت أن تكون خير سند لشقيقتها توصلها نوعاً ما لبر الأمان
لكن أن تحب أو ترتبط بأحد الأشخاص كان آخر شئ في حساباتها لأسباب عديدة أهمها تلك المسؤولية
صوت إحدى العارضات المنادي لها ، أعادها من شرودها ، فنظرت نحوها بتساؤل لتخبرها العارضة التي تقف قرب باب الكبينة تراقب بفضول ملامحها الغريبة ، أن السيدة ورد تريدها
أخذت نفساً عميقاً تصفي به ذهنها ، ثم استقامت واقفة متجهة نحو الخارج ، لتجد ورد وتيم مازالا مكانهما
حاولت أن تستعيد رباطة جأشها ، و سارت نحوهما بهدوء تتجاهل النظر لوجهه قدر إمكانها
القت التحية ثم ابعدت نظراتها بتوتر عن نظراته التي باتت تشعر فيها وهجاً غريباً ، ومشاعراً ترفض تصديق وجودها
قال تيم محاولاً عدم إظهار استغرابه من حالتها الغريبة وتهربها من نظراته :

_ كيف حالك جوري

أجابته بهدوء منافي لما يحدثه بداخلها صوته ونداءه باسمها ، من مشاعر تربكها و تدغدغ قلبها بأحاسيس جديدة عليها :

_ بخير .. لما كلفت نفسك بالقدوم كنت سأوصل ورد بنفسي

عضت شفتيها وهربت بأنظارها أرضا بعد جملتها ، فهذه أغبى جملة تلفظت بها ، همست بداخلها
(غبية .. غبية )
أما هو فرغم ذلك الشعور السيء الذي مر بداخله جراء جملتها ، إلا أنه قال بهدوء :

_ لم استطع منع نفسي من القدوم … هناك سر يجذبني إلى هنا .. سر بات يؤرقني

رفعت أنظارها إليه وليتها ما فعلت فقد سمرته نظرتها المتفاجئة
عينيها الواسعتين أبرزت جمال لونهما العسلي وأهدابها السوداء الطويلة المحيطة بهما جعلتهما آخاذتين
وهناك أسفل عينها اليمنى ، تلك الشامة الصغيرة ،تستريح بكل طمأنينة ،تاركة أنفاسه تتسارع ، ورغبة بملامسة موقعها المطمئن ذاك تتزايد بداخله
فمها الذي انفرج قليلا بفعل صدمتها يبعث بعقله خيالات كثيرة مغرية ،
لكنها لم تتركه يتنعم بتأمله لها ، إذ أنها سرعان ما استدارت نحو ورد تقول بتوتر :

_ انتبهي لنفسك .. سأكلمك مساء … س. سأذهب لتفقد حلا كانت تتحدث بالهاتف بعصبية

أجابتها ورد بابتسامة قائلة

_حسنا سأنتظر اتصالك ، والآن إلى اللقاء

ابتعدت عنهما بخطوات ظاهرها هادئ بعكس ما يعتمل بصدرها ،وذلك بعد أن قبلت ورد على وجنتها مودعة لها
عادت ورد تنظر لتيم الذي كان يراقب جوري وهي تبتعد عنهما بشرود ،ابتسامة كبيرة شقت ثغرها وهي تقول له بمكر :
_ هل ما أراه في عينيك حقيقي

نظر لها متنهداً وهو يمسك بيدها يسيران نحو السيارة
أدار المحرك وتحرك بالسيارة فقالت ورد باهتمام :

_ هل تحبها يا تيم ؟

نظر نحو شقيقته ثم عاد ينظر أمامه قائلاً :

_ إن كان أول ما أفكر به صباحا هي…نظراتها ،تفاصيلها … إن كان أول ما اشتاق له هو سماع صوتها .. إن كانت رغبتي بأن امسكها من يدها لأضمها لصدري، لأدفنها داخل قلبي ، تسمى حباً
فأجل أنا أحبها

امسكت ورد كف يده بدعم ، فابتسم وهو ينظر إليها ثم توقف على إشارة المرور مكملا حديثه بتنهيدة عاشقة :

_ سنوات وأنا انتظر أن ألتقي بفتاة احلامي .. ليأتي لقائي بها صدفة .. لن أقول أنها سكنت قلبي منذ أول لحظة لكن شئ غريب جذبني لها .. فعدت اكرر لقائاتي بها لأجدها استوطنت هذا القلب

قالها مشيراً بسبابته لموضع قلبه ، فقالت ورد بسعادة لم تستطع إخفاءها

_ إنها محظوظة بك ، كما أنت محظوظ بها .. لا تتردد يا تيم .. افصح لها عن مشاعرك ، فما رأيته اليوم يؤكد أنها تحمل لك مشاعرا ، لذلك لا تتردد وكن مقاتلا في سبيل حبك

عاد يتحرك بالسيارة وهو يضحك قائلاً

_ وهل هي حرب

قالت ورد وهي تغمض عينيها متنهدة بحالمية

_ إنها أجمل حرب ، و أروع انتصار هو انتصارك فيها

……

لقد تبرع بإعداد القهوة بينما جود دخل لغرفة نومه يكمل اتصال عمله
كان في المطبخ يجهز الفناجين فسمع شقيقته تضحك بقوة، اقترب من الباب ليشاهدها تتحدث بالهاتف مع جوري تضحكان
أراد أن يعود لاستكمال سكب القهوة في الفناجين لكن ضحكات ورد اوقفته وهو يسمعها تقول

_ سأشكر حلا لأنها استطاعت أن تقنعك بالأمر … يا إلهي جوري توقفي عن التحدث بهذه الطريقة بشأن طولك ...يا فتاة كثيرات يتمنين الحصول على هذا الطول ، اسأليني انا ، اهم شئ أنك لست مضطرة لإرتداء أحذية الكعب العالي لتبرزي جمال ما ترتدين …. لا تضحكي يا فتاة …. أنت من يليق بها ارتداء تلك الأثواب لا العارضات اللواتي احضرتهن .. أرسلي لي صورة لك حالاً

عاد نحو الداخل تاركاً إياها تكمل حديثها هامساً وهو يسكب القهوة :

_ تلك الغبية لا تعلم أن طولها جذاب بشكل كبير .. لا تعلم كيف يضطرب قلبي ووجهها يكاد يكون مقاربا لوجهي … سأعلمها يوما كم اعشق طولها ذاك

خرج نحو الصالة يضع القهوة على الطاولة بينما شقيقته لاتزال تتحدث
كانت تنظر له بمكر وهي تخبر جوري بتأكيد :

_ اسمعيني بما أن العطلة بعد غد ما رأيكن أن نجتمع في مطعم … إنه مكان مميز .. كلا لا أريد أعذارا .. فأنا سأنشغل عنكن في الاسبوع القادم ، لأن والداي سيعودان من السفر .. حسنا أخبري ياسمين وحلا واحضري خالتي خديجة .. وأنا سأخبر جود وتيم … الى اللقاء

اغلقت الهاتف وهي تراقب شقيقها الذي يحاول أن يوهمها بأنه منشغل بهاتفه ، غير مهتم بحديثها مع جوري ، قالت بضحكة ماكرة

_ماذا هل تبحث عن أحدهم بالهاتف

نظر لها متصنعا الغضب ثم رماها بالوسادة الصغيرة قائلا :

_ توقفي عن هذه النظرات الماكرة

قالت وهي ترفع قدميها عن الأرض مستلقية على الأريكة تريح ظهرها ويدها بشكل تلقائي تموضعت فوق بطنها التي باتت ظاهرة بشكل صغير :
_ ماذا فعلت أنا ، لقد هيأت لك دعوة للغداء فكن مستعداً

رنين هاتفها أنبأه بأن الصورة وصلتها ، بطرف عينه نظر نحوها فشاهد ابتسامتها المتسعة وهي تنظر لشاشة الهاتف ، كم ود لو أنه يستطيع أن يطلب منها أن تريه إياها ، لكنه فضل عدم طلب ذلك
ثم غادر متحججا أن لديه عملاً

….
وصل للمنزل
أخذ حمامه ثم استلقى على سريره ، يتكأ برأسه على مسند السرير يضع كمبيوتره المحمول فوق ساقيه يتفقد موقع التواصل الاجتماعي
ضرب أحرف اسمها في ايقونة البحث ، لتظهر له صفحتها الشخصية فهي صديقة لورد ، ومن السهل أن يصل إليها
دخل إلى صفحتها يتفحص منشوراتها
ليست كبقية الفتيات تضع صوراً شخصية لها ، بل كلها إما عبارات صباحية أو مسائية جميلة ، مقطوعات موسيقية، أو صور مميزة من إتقانها هي
تردد بضغط زر طلب الصداقة ، لكنه أخيراً فعل ، ثم عاد يتفقد منشورات صفحتها ، ريثما تقبل طلب صداقته
تساءل بداخله
هل باتت تستمع لبرنامجه الصباحي
ابتسم عند هذه الفكرة ، لتتسع ابتسامته أكثر وقد قرر ماسيفعله غداً
أغلق الحاسب و وضعه جانباً ، ثم أغمض عينيه يتنعم بأحلام ، هي بطلتها بامتياز

….

في الصباح كانت جوري تتحضر للخروج ، فاليوم آخر يوم تصوير مع ورد
سعيدة لأجل ورد ، ولكنها بنفس الوقت حزينة لأن لقاءاتها بها ستصبح أقل
ترافقت وشقيقتها نحو السيارة ، أخذت كل منهما مقعدها ، أدارت المذياع و ياسمين بجوارها تدندن مع الأغنية التي تذاع
رجف قلبها وهي تستمع للموسيقا التي تعلن بداية حلقته اليومية
صفقت ياسمين قائلة :

_ هذا رائع لن تفوتني حلقة اليوم

نظرت لها جوري قائلة :

_ يبدو أنك معجبة كبيرة بالسيد تيم

قالت ياسمين بابتسامة كبيرة :
_ إنه رائع … العبارات التي يختارها ، والضيوف الذين يستقبلهم ، كل شئ ببرنامجه مميز

أجل إنه مميز ، وهل تستطيع أن تنكر ذلك، بات سماعها لحلقاته اليومية روتينها اليومي ، بل أهم ما تفعله في يومها
ولكن
ألف لكن تسكن عقلها
أتاها صوته المرحب بالمستمعين لحلقته ، فعاود قلبها الإرتجاف بطريقة أكثر قوة
رغما عنها ركنت السيارة جانباً ، فتساءلت ياسمين باستغراب :

_ هل هناك خطب ، لم توقفتي ؟
قالت جوري في محاولة منها لأن تكون هادئة فلا تنتبه ياسمين لإرتباكها :

_ كلا لا شيء ، لكنني قررت أن استمع للحلقة رفقتك ، سأحضر كوبي قهوة وأعود

انتظرتها ياسمين بالسيارة ، بينما هي احضرت كوبي القهوة من متجر صغير يبيع منتجات القهوة على جانب الطريق
أعطت أختها الكوب الخاص بها وبداخله قهوتها كما تحبها ، وجلست هي بمقعدها تستمع للأغنية التي تبثها القناة
ارتشفت رشفة من قهوتها ، وظلت تمسك الكوب بيديها الإثنتين
أتاها صوته مجدداً ، وكأنه يهمس لها وحدها ، دون أن يستمع له أي شخص غيرها :

( أتعلمون أمراً
لطالما حدثتكم عن الحب
وأخبرتكم أنني لم أعش الحب بعد
ولكن )

توقف صوته وكأنه يأخذ نفساّ قبل العودة لمتابعة حديثه ،تتخيل تعابير وجهه وهو يتحدث بهذا الهدوء ، حبست أنفاسها تنتظر عبارته التالية ،ولم يطل إنتظارها ، إذ عاد صوته كنغمات وتر ، تعزف لحناً خاصاً بها

( في يوم خريفي
أتت إلي صدفة عجيبة
جعلتني ألتقيها
لن أنكر
لم يكن حباً من النظرة الأولى
لكن شيئاً ما جذبني إليها
وابتعدت مع نسائم الخريف
وظننت أن لا لقاء سيجمعني بها مجدداً
لتعود الصدفة الجميلة
وتضعها في دربي أو العكس لست أدري
لكن
حينها فقط
أيقنت حينها أنها إشارة لي
بت أتحين الفرص للقاءها
بات قلبي يرفرف فرحا بها
وبات كل صباح لي
معطراً بأحلامي عنها
جميلة أنت يا تلك الجنية
التي سرقت القلب دون استئذان
جميلة عيناك النقية
عسل أذوب به كأنه إدمان
جميلة بسمتك البهية
ترسم في روحي أحلاما بمختلف الألوان
جميلة أنت بكل ما فيك
أو تعلمين سراّ
أجمل ما فيك قامتك الندية
ترينها غرابة
وأراها قمة الافتتان )
اهتز الكوب بيدها ، لتسقط بضع قطرات على قدمها لكنها لم تهتم
فقلبها بات يهدر بطريقة تكاد توقف تنفسها
هل يقصدها
هل يتغزل بها
هل هذا اعتراف منه بالحب
أتاها صوت ياسمين القلق :
_ جوري أجيبيني ، هل أنت بخير ؟

همست تهز رأسها بتأكيد بصوت مرتبك :

_ أنا … أنا بخير .. لكن يبدو أنني أخذت عدوى ما ،لا تقلقي .. إنه الخريف ، وتقلب الطقس فيه ، يجلب الكثير من الأمراض
تخلصت من الكوب ، ثم عادت لقيادة السيارة لتوصل ياسمين محاولة أن تهدأ من نفسها قدر المستطاع ، لكن هيهات لو استطاعت
عقلها يسترجع صوته وتلك الكلمات التي باح بها
عاد صوت ياسمين ينبهها بوجودها قائلة بخيبة أمل :

_ ستصاب صديقاتي بخيبة أمل

تساءلت دون أن تحيد عيناها عن الطريق :

_ لما ؟

تنهدت ياسمين وهي تقول :

_ أنت لا تعرفين أن تيم هو نجمهم .. يعشقن صوته وأكثر ، كل واحدة منهن رسمت لها أحلاما وردية معه

عادت جوري تتساءل ببعض الحدة ، وشعور آخر يتسلل خفية لداخلها :

_ وهل هو ممثل أو مغني لتعجبن به بهذا الشكل الزائد عن الحد

عادت ياسمين تقول بحماس :

_ ربما ليس كذلك ، لكنه بالنسبة لهن أهم …

أرادت تغيير الموضوع كل لا يزداد غضبها ، لكنها عادت تنتبه للأغنية التي بثت عقب إعترافه ، والتي لم تنتبه لها في خضم ثورة مشاعرها

(أبلغ عزيزا في ثنايا القلب منزله
إني وإن كنت لا ألقاه ألقاه
وإن طرفي موصول برؤيته
وإن تباعد عن سكناي سكناه
يا ليته يعلم أني لست أذكره
وكيف أذكره إذ لست أنساه )
كانت ياسمين تدندن مع الأغنية بعد أن قامت برفع الصوت
أخفضت جوري الصوت ، وهي تقول محاولة الهروب من كل ما يعتمل بداخلها:

_ متى ستنهين تدريباتك لأجل الحفل

قالت ياسمين بتذمر من إنخفاض صوت الراديو

_ أخبرني ميار قائد الفرقة ، أن الحفل سيقام في أول الشهر القادم ، أي مع بداية الشتاء تقريباً ، بعد أسبوعين من الآن ، وهو سيقوم بمساعدتي بشكل أكبر في تدريباتي القادمة

اومأت بتفهم ، فعاد صوت تيم يضرب جدران قلبها وياسمين تمد يدها نحو زر رفع الصوت قائلة :

_ دعيني استمتع بالحلقة ، مادمتي تريدين سماعها معي

( طبعا
تستغربون ما أقوله
لكني
أردت تخصيص هذه الحلقة لها فقط
لن تكون حلقة طويلة كالعادة
لكني أردت أن أخبرها بما فعلته بي
واتمنى أن تكون قد سمعت
أجل يا أصدقائي
لقد تفاجأت أنها لا تعرف عن برنامجي
أرأيتم مأساتي
لا أعلم إن كان الفضول دفعها لسماع البرنامج
ولكني اتمنى أن تفعل
وأن تكون رسالتي قد وصلتها
آه
نسيت أمراً
قبل الختام
تفقدي بريدك الإلكتروني
يا صدفتي الخريفية )

لم تسمع البقية من كلامه ، ولا ختامه لحلقة اليوم ولا الأغنية التي أذيعت بعدها
لما أختار هذا اليوم
لما فعل هذا
حاولت أن تتجاهل … أن تنكر
ولكن في قلبها كان شعور كبير من البهجة يسيطر عليها
وفي عقلها صراع حول تقبل هذا الأمر
في كل لحظة تحيد عينها نحو شقيقتها الجالسة قربها
تثرثر لها بالكثير من الأشياء
فيعود الصراع يحتدم بقوة أكبر داخلها
هل ستسطيع أن تخطو نحو ما يريده قلبها
لكن ماذا لو لم يتفهم موقفها
ألف لكن ولكن
وكلها تجعل الصراع محتدماً بين قلب يتلهف للحب وعقل يضع الكثير من العراقيل من وجهة نظرها هي
حمدت الله أنها وصلت بالسلامة إلى المعهد الموسيقي دون أن تتسبب بأي حادث جراء شرودها
ساعدت ياسمين على النزول من السيارة ، و أوصلتها إلى بوابته ، ولكن يد ياسمين منعتها من المغادرة فقالت متسائلة :

_ هل انت بخير يا ياسمين ؟

أجابتها ياسمين بتأكيد :

_ أنا بخير ، لكن أنت لست كذلك ،عودي للمنزل ونالي قسطا من الراحة ،أشعر بأنك مرهقة للغاية

بارتباك أزاحت خصلات شعرها خلف أذنها ، وهي تقول :

_ أنا بخير ، لا تقلقي عليّ ، لكني أعدك أن أنهي عملي سريعاً ، وأعود للمنزل بعدها لأرتاح ، اتفقنا

بإيماءة من رأسها أجابتها ياسمين:

_اتفقنا

ودعت شقيقتها و اتجهت نحو عملها فهي قد تأخرت هذا اليوم كثيرا
ألقت التحية على حلا ثم ورد التي سبقتها هذا اليوم وقبل أن تقوم بأي شيء ، توجهت للكابينة بعيدا عن الجميع ، متحججة بأن عليها أن تتفقد شيئاً ما
لكنها اغلقت باب الكبينة خلفها ، تجلس على المقعد بارتباك ، أخرجت حاسوبها المحمول من حقيبته ، وفتحته تتفقد الإشعارات على موقع التواصل الاجتماعي
كان طلب صداقة منه
من صفحته الخاصة بالعائلة ، وليس تلك التي تتابعها مع الآلاف من المتابعين له ، والخاصة بعمله و ببرنامجه
لم تضغط زر القبول ، فقد ترددت لم تعرف لما ّ
فتحت صندوق الرسائل بعد أن وجدت إشعارا بوجود رسالة ،رسالة واحدة منه لاغير

(صدفتي الخريفية مساء الخير )

يا إلهي
همست بها ، وعيناها تعودان للتأكد من الحروف
هل هي مراهقة صغيرة لتفعل بها هذه العبارة كل هذه الأفاعيل
إنها تشعر نفسها تشبه نسمة حرة تسبح في السماء
قلبها يدق بنغم سحري خاص
وروحها ترفرف بسعادة
عيناها تعودان وتعودان لقراءة هذه الجملة البسيطة بظاهرها والرائعة جداً في ماتحمله حروفها من معانٍ
نهرت نفسها وهي تغلق الحاسب قائلة :

_ توقفي توقفي يا جوري

لامست وجنتيها بيدها وهي تشعرهما تتوهجان بحرارة غريبة
عادت تهمس لنفسها بتشوش

(ما الذي يحدث لك .. هل أنت مراهقة لتفعل بك تلك الجملة ما فعلت … جوري تماسكي طوال سنوات أبعدت الحب عنك .. بسبب ياسمين أولا .. بسبب عدم رغبتك بإشعارها أنها عبء عليك )

عادت تقف تنظر لنفسها بالمرآة تنظر لجسدها وطولها
وذكرى قديمة تهاجمها … ذكرى كانت السبب الأقوى في رفضها أي إدعاء بإعجاب أو مشاعر حقيقة
نفضت عن رأسها تلك الذكرى
تهمس لنفسها بابتسامة

( لقد قال أن طولي يفتنه )

ابتعدت عن المرآة قائلة وقد بدت كالمجنونة تخاطب نفسها

_ يا إلهي سأصاب بإنفصام في الشخصية قريباً بسببه

عادت تفتح الحاسب ، وتعيد قراءة الرسالة
مدت يدها بتردد لتحذف الرسالة، لكنها توقفت في اللحظة الاخيرة مبتسمة وذلك الشعور بالسعادة يعود ليزهر بداخلها بقوة
اغلقت حاسبها ، وأعادته للحقيبة ، ثم استقامت متجهة نحو باب الكابينة ،أخذت عدة أنفاس عميقة ثم همست لنفسها بتشجيع :

_هيا جوري … استفادي من هذه الطاقة بداخلك ومن هذا السحر، واجعلي هذا اليوم يوما مميزا في التقاط صورك

……


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-20, 08:38 PM   #13

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soy yo مشاهدة المشاركة
نوفيلا جميلة جدا قصة رائع.....و سرد اروع....اسلوب سلس يترك تتخيل القصة بكل تفاصيلها....استمري موفقة باذن الله 👏👏👏👏👏👏👏❤❤
يخليلي قلبك سعيدة جدا انك بتابعي القصة وانها نالت اعجابك 😍😍😍😍😍😍😍


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-12-20, 09:01 PM   #14

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

بارت جميل مليء بالمشاعر....لكن العائق الذي تحس به الجوري يمكن عند تيم و لا شيء...💕💖💖

Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-12-20, 03:35 PM   #15

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soy yo مشاهدة المشاركة
بارت جميل مليء بالمشاعر....لكن العائق الذي تحس به الجوري يمكن عند تيم و لا شيء...💕💖💖
تسلمي لقلبي يارب


تماما مشكلة جوري انها عندها ظن ان هذا العائق تيم يفكر به ، لكن تيم بعيد جدا عن هذا التفكير


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-12-20, 03:38 PM   #16

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

يسعد أوقاتكم
مضطرة انشر الفصل قبل موعده عشان عندنا بيفصل النت معظم اليوم
نوفيلا_جوري
الفصل_الخامس
…...


حُبُكِ يا عميقةَ العينين
تطرفٌ تصوفٌ عبادة
حُبُكِ مثلُ الموتِ والولادة
صعبٌ بأن يُعادَ مرتين ️
نزار قبّاني

اليوم التالي
تجمع الجميع حول طاولة الغداء ، ورد وبجانبها زوجها جود يمسك بكف يدها من تحت الطاولة يضغط عليه برقة كل لحظة وأخرى هامساً

_ سعادتك اليوم ترفرف داخل قلبي أنا

تنظر ورد له بعشق ، بإفتتان ، غير مهتمة بوجود الآخرين حولها
إنه عشقها
حبها الذي حملته في قلبها لسنوات
ووالد تلك الشقية التي تنام مرتاحة في رحمها
مقابلاً لها ، كانت حلا وإبنتها الصغيرة التي رافقتها في هذا اليوم تضعها في حجرها تستمع لهمهماتها الناعمة بسعادة مشوبة بالحزن وكأن عقلها في مكان آخر تماما
وإلى جانب حلا كانت ياسمين تجلس ببعض الإرتياح ، تنصت بسعادة لهمهمات الصغيرة التي تحبها بشكل كبير
وبقربها تجلس جوري بعقل شارد كذلك لقد حاولت أن تعتذر عن هذا الموعد ، لكن ورد اصرت ، وكأنها تعلم أن جوري تقصد الهروب من أمر ما برفضها قبول هذه الدعوة
تنهد بخفوت وارتباك غريب يطغى على كل تفكيرها ، لقد أمضت الليل كله تفكر بلقائها به
بما سيحدث حين تلتقي عيناها بعينيه ، عيناها ستقومان بفضحها حتماً ،ستظهران ما يحدث داخل قلبها من اضطراب لذيذ
سيخبرانه بأنها استمعت لذلك الإعتراف الذي صرح به
تصريح زلزلها ، بل أزهر وروداً داخل جنبات قلبها ، اعتراف وصلها حرفاً حرفاً فتشربت الحروف كأرض عطشى بعد سنوات من الجفاف
أيفعل الحب كل هذا
يجعلها روحها ترفرف بسعادة لتتجرأ بعدها وتقبل طلب صداقته بالأمس بخطوة متهورة منها
دفعتها حين أدركت ما فعلت لإغلاق حاسوبها خوفاً من أن يعاود محادثتها أو يتجرأ أكثر فيعيد اعترافاته مرة أخرى
عادت التساؤلات لعقلها لما هي خائفة من هذا الإقتراب
لما ترفض أن تفتح المجال أمام تلك المشاعر
نظرة مضطربة منها نحو ياسمين جعلها تتنهد بخفوت مجدداً وبتعب كبير تحاول دائماً انكار وجوده
أزاحت نظراتها عن شقيقتها لتعاود النظر لكرسيه الفارغ ، لقد تأخر بالقدوم وهذا أعطاها مجالاً لأن تستعيد بعضاً من توازنها
تحاول أن تستجمع شتات نفسها الذي بعثره هو بكلماته التي صرح بها
في داخلها تتعاظم أمنيتان متضادتان
الأولى أن يأتي
أن يتواجد معهم الآن
فيطيب قلبها سعادة بقربه
والثانية ألا يأتي
أن يبقى اليوم بعيداً عنها
أن يتركها لترتب أفكارها
أن يفسح لها مجالاً لتستوعب كل مايجري بينهما
لكن أمنيتها الأخيرة ذهبت أدراج الرياح وهي تسمع صوته وهو يلقي التحية عليهم
حواسها كلها انتفضت بارتباك لذيذ ،
قلبها يطرق بقوة داخل جنبات صدرها وكأن الدماء عادت لتتدفق داخله من جديد ، فيزهر مشاعراً محببة داخله

(لا تنظري إليه ياجوري لا تفعلي )

ضمت قبضتيها بقوة فوق حجرها ، تمنع نفسها عن النظر إليه ، تحاول السيطرة على مشاعرها ، لكن رغماً عنها رفعت عيناها بإرتباك نحوه بعد أن جلس مقابلاً لها
لترى تلك النظرة في عينيه
نظرة أعادت الزلالزل المنعشة لروحها والصخب لقلبها
رغماً عنها
وكأن كل ما فيها تآمر ضدها
تعلقت عيناها بعينيه
بحديث خاص لا يفهمه سواهما
تخبره أن رسالته وصلت ، أن اعترافاته وجدت صداها داخل قلبها هي
فيجيب حديث عينيها متسائلاً بحديث مشابه بعينيه التي تحتضن تفاصيل وجهها بحب لم يعد يستطيع إخفاءه
( إذا لما أرى التردد يجول على ملامحك )
نظرة رانت منها دون شعور نحو ياسمين ثم عادت أنظارها تتعلق بخاصته تخبره أن هناك روحاً تتعلق بها لن تتخلى عنها مهما حدث
لتلمح تلك الابتسامة الخاصة بها وحدها تزين ثغره ، يخبرها أنه فهم
وبجملة رددها مخاطباً ياسمين الجالسة قربها :

_ ياسمين يا شقيقتي الصغيرة .. هل تسمحين أن أدعوك بهذا

جملة ولكنها زادت من انتشار المفرقعات داخل قلبها ، تراقب ملامحه بتمعن غريب عليها ، رغم أن لا صوته ولا صوت شقيقتها يصلها
لكن فقط تراقبه
لتستفيق على سؤال ورد التي كانت تراقبها منذ أول لحظة وصل بها شقيقها لتفهم مايجول بخاطرها ، فهي أكيدة أن جوري تبادل شقيقها المشاعر ذاتها

_جوري هل أنت بخير ؟

انتفضت وهي تنظر لورد بدهشة
فلاحظت أن الكل ينظر لها باستغراب ، مما دفعها للوقوف بإرتباك ، متهربة من نظراتهم تلك ، قائلة بصوت بدا ضعيفاً للغاية :

_ ليس بي شئ .. لقد التقطت عدوى ويبدو أنني سأمرض .. سأذهب لأغسل وجهي وأعود

تحركت مسرعة بخطوات مرتبكة ،مدت يدها تتلمس وجنتها المبللة بالدموع ،لتسارع بخطواتها أكثر
دخلت الحمام مغلقة الباب خلفها ببعض الحدة ، حمدت الله بسرها أن لا أحد سواها
اقتربت من صنبور المياه تفتحه ، تتلمس المياه وتنثرها على وجهها بشرود
رفعت أنظارها نحو انعكاس وجهها في المرآة ، ويديها تستندان على حافة المغسلة الرخامية
تنظر لوجهها الشاحب وعينيها اللتان شابهما احمرار خفيف جراء بكائها الذي لم تشعر به كيف بدأ
تتساءل مخاطبة نفسها

(ما الذي حدث لك يا جوري
منذ متى كنت ضعيفة بهذا الشكل ،
تزلزل عالمك مشاعر تجربينها لأول مرة ، ما سبب هذا الإرتباك والتشتت كله من قبلك
أأنت تحبينه )

عادت تهمس لنفسها مؤكدة وهي تنظر لصورة وجهها المنعكسة على سطح المرآة

(أجل أحبه ولأنني أحبه أخاف أن أرى لحظة تردد واحدة في عينيه ، أرى ندماً قد يسكن ملامحه يوماً ، أنت لم تخلقي للحب يا جوري تذكري جملتك هذه دائما )

خاطبت نفسها بقسوة ،
ثم مسحت وجهها وهي تتذكر ياسمين وأنها لابد قلقة عليها
خرجت من باب الحمام لتصدم به واقفا بانتظارها على مقربة من حمام السيدات ، يضع يديه في جيبي سرواله يرفع قدمه يسندها على الحائط كما باقي جذعه
وعيونه مغمضة وبعض الانهاك قد ترك أثره على ملامح وجهه
ملامح باتت محفورة في عقلها ، تعشقها
ثواني فقط تلك التي وقفتها تتأمل ملامحه وكأنها تتشبع منها ، وكأنها ستكون زادها للقادم من الأيام
ثواني فقط إذ سرعان ما فتح عينيه حين شعر بنسيم عطرها قريبا منه
استوى في وقفته يقف قبالتها لا تفصلهما إلا خطوتين فقط ، وحالته تشابه حالتها متأملاً لملامحها ،
اقترب منها خطوة واحدة متفقداً لها أكثر ، عيناه تجول بحرية فوق ملامح وجهها ثم تعود لتسكن مقلتيها في بحث عن إجابة
حاولت أن تبتعد عن مجال نظراته التي يحاصرها بها والتي تزيد عذابها أضعافاً
لكنه لم يسمح لها بأي هروب ، فهو قد قرر أن الهجوم خير وسيلة معها هي ، قال بخفوت غريب نابع من مشاعره المحتدمة بداخله تجاه مايحدث معهما :

_ دعيني فقط اطمأن قلبي أنك بخير

للمرة التي لا تعلم عددها تسمرها كلماته ، تربكها وتحدث تلك الزوبعات الخيالية داخل قلبها
لتجد نفسها تهمس بخفوت كان لذيذا لقلبه ، وقد تلونت وجنتاها بحمرة خجل عذري :

_ أنا بخير … إنها فقط .. فقط

قاطعها قائلاً

_ لقد أخبرتني عيناك بكل شئ

نظرت نحوه ، وصدرها يعلو وينخفض بإرهاق من كم هذه المشاعر التي تعيشها كلها دفعة واحدة بقربه ، وهو لا يرحمها ،لا يدعها لتلتقط انفاسها ، أما هو فأكمل قائلا :

_أنا لست غراً يا جوري ، حتى لا أفهم ما يؤرقك، ما يعذب تفكيرك فيتركك صريعة الأفكار والهواجس المؤرقة لعقلك وقلبك .. ولكنني أخبرك أن ترمي كل قلقك جانبا فلا داعي له لأنني

وصول بعض النساء متجهات نحو الحمام ، جعله يقول بارتباك من وقفتهما تلك :

_ هيا لنغادر من هنا ،ياسمين قلقة عليك كثيراً

سارت امامه محاولة السيطرة على ارتباكها ، لكن قبل أن تبتعد عنه قال بتأكيد:

_ سأكمل حديثي معك اليوم ،أنا لن أؤجله أكثر من هذا يا جوري

عادت تجلس قرب شقيقتها تطمئنها أنها بخير ،
وعادت تحاول أن تنخرط بأحاديث مختلفة مع ورد وحلا محاولة قدر الإمكان تجاهل وجوده قبالتها ، لكن كيف السبيل لذلك
فكل حواسها معه هو لوحده وكأن الكون خلا من الجميع وبقي فقط هو بجانبها
رنّ هاتف ياسمين ونطق الهاتف اسم المتصل
(عاصم)
لم تستطع ياسمين إخفاء سعادتها وهي تمسك الهاتف لتتحدث معه

_ أهلا عاصم ...لقد اشتقنا لكما كثيرا … كيف حالك أنت وسراب … لم لا تجيب اتصالاتي …. حسنا فهمت … أنا بخير .. وجوري كذلك .. أنت لن تفوت حفلتي الأولى أليس كذلك … هدية…
أنت تعرف هديتي فلن اخبرك بها يا عاصم …. حسنا الى اللقاء
.. أجل سأعطيها الهاتف ،جوري

نطقت ياسمين باسمها لتخبرها بأن عاصم يود محادثتها ،أخذت جوري الهاتف بابتسامة كبيرة ، جعلت ذلك الذي يراقبها يشعر بالغيرة من طريقة تحدثها بأريحية مع هذا الغريب

_ أهلا عاصم .. لقد اشتقنا لكما انت وسراب … كلا لسنا في المنزل نحن في الخارج رفقة أصدقاء لنا ...لن تسامحك ياسمين إن فوّت حضور الحفل .. حاول أن تأتي .. حسنا إلى اللقاء أكلمك لاحقاً

أغلقت الهاتف ، وأعادته لشقيقتها ليأتيها سؤاله المباغت ببعض الحدة :

_ من هو عاصم هذا ؟

ضحكت ورد وزوجها وهما يلمحان الغيرة بصوت تيم ، بينما ابتسمت حلا وهي تؤكد أن مالمحته من شرارات بين تيم وجوري حقيقي
مهما تهربت جوري من مشاعرها تلك ، أما ياسمين فاندفعت تجيبه بفخر ، غافلة عن سبب سؤاله :

_ إنه ابن عمنا رحمه الله

نظر نحوها بغيرة ، بتملك ، بمشاعر عديدة لم يكن يدرك أنه يمتلكها من الأساس ، إنه يغار عليها من عاصم هذا ومن كل شخص آخر يقترب منها
ووصلتها غيرته تلك ، ولم تمتلك إلا أن تكون سعيدة ، سعيدة بنظرته تلك أشاحت بنظراتها بعيداً عنه تدعي حديثا مع ياسمين، وقلبها يرفرف داخل قلبها من جديد بقرار قرر أن يفرضه على عقلها
وصل طعام الغداء فتناول الجميع طعامهم وسط أحاديث متنوعة ،
انقضى الوقت مسرعاً دون أن يشعر أحدهم بذلك
قرروا تناول القهوة قبل مغادرتهم للمكان ، كانت ابنة حلا قد غفت فوضعتها والدتها في العربة المخصصة لها والتي جلبتها معها تحسبا لنوم الصغيرة
قالت حلا وهي تستقيم واقفة :

_ جوري انتبهي لها ، سأجري مكالمة هامة ، ثم أعود

أشارت لها جوري بالإيجاب وابتعدت حلا لتحصل على بعض الخصوصية وهي تجري اتصالها
فقالت ورد باهتمام وقد لاحظت أن حلا غير مرتاحة :

_ جوري ،تبدو حلا مهمومة ما بها ؟

قالت جوري وهي محتارة إن كان يجب عليها إخبارهم بمشكلة حلا أم لا :

_ إنها تود بيع سيارتها ، لتشتري المنزل الذي تقطنه الآن

قالت ورد وهي تنظر لحلا الواقفة في مكان بعيد نسبياً عنهم

_ ولما ذلك ؟

أجابتها جوري ، بينما يداها تلقائياً تمتدان لتعدل من غطاء الصغيرة النائمة :

_ إن صاحب المنزل يود بيعه ، وهي لا تستطيع أن تترك هذا المنزل ، لأجل صغيرتها ، لذلك الحل أن تشتريه هي ..

قالت ورد بدعم حقيقي وقد باتت تعد نفسها أكثر من صديقة لهم :

_ هل بإمكاننا تقديم أي مساعدة لها يا جوري ، نحن لسنا صديقات فقط بل قاربنا أن نكون شقيقات

قالت جوري وهي تنظر نحو حلا ، ثم تعود نظراتها نحو ورد :

_ إنها ترفض أي مساعدة ، عنيدة جداً ، لكن حين يحين وقت تدخلنا لن أستمع لأي من اعتراضاتها كوني متأكدة من ذلك

أومأت ورد بتفهم وعادت للانشغال بالحديث مع ياسمين فور أن عادت حلا حتى لا تشعرها بأي حرج

….

دخلت جوري غرفتها بعد أن خلد الجميع للنوم .. جلست في سريرها تحاول أن تزيح تعب اليوم عن كاهلها ، لكن النوم جافاها فمدت يدها تلتقط حاسوبها المحمول تضعه على ساقيها ، فتحته دون شعور منها تبحث عن صفحته الشخصية تناظر صورته
تذكرت وداعه اليوم الخاص بها وهمسه أنه يرغب بلقائها
قامت بتصفح صفحته لتصدمها آخر منشوراته والتي لم يمض على نشره لها سوى دقائق :

( صدفتي
ليتك تسمحين
بأن أكون سندك
رفيق دربك
بلسم جراحك)

خرجت من صفحته تضغط الأزرار بسرعة ، وكأنه يراقبها ، يعلم أنها الآن تقرأ منشوره
اغلقت الحاسب ووضعته على الطاولة قربها ثم أطفات النور ، تهرب منه ومن كل شيء
ورغم تزاحم الأفكار بعقلها خلدت للنوم سريعاً وابتسامة عاشقة تزين ثغرها

…..

في اليوم التالي
كانت رفقة حلا في مكتبها الصغير تقوم بتنسيق الصور التي التقطتها سابقا تجهزها للنشر بعد أن تم إذاعة الإعلان الخاص بها
حلا هي الأبرع على الإطلاق بعملها في تنسيق وتصميم الصور
إن كانت جوري بارعة في التقاط الصور ، فإن حلا بارعة بطريقة التصميم للإعلانات وعرضها ، مما يجعل عملهما مكتملاً ومميزاً ، يرغب به الكثيرون
رنّ هاتفها برقم تيم ، فتلونت وجنتاها بلون أحمر وهي تنظر للرقم فقالت حلا مبتسمة :

_ أجيبي قبل أن يفقد أمله ، كفاكي تعذيباً له

نظرت لها باستنكار لما قالته ، ثم نظرت نحو الهاتف بتردد ، لكن إلحاحه بالرنين جعلها تجيبه وبداخلها توقع أن سيحها عنه أو عنها
لكنه خيبً توقعاتها للحظات ، وظهرت الخيبة جليةً على ملامح وجهها وهي تستمع له باهتمام لما يقول ، سرعان ماتغيرت ملامحها للراحة وهي تعده أن تخبره بقرارها قريبا ، وكل ذلك وحلا تراقبها باهتمام ، أغلقت الهاتف وهي تنظر نحو حلا ، فقالت حلا متساءلة وقد جذبها تبدل ملامح صديقتها :

_ ما الأمر ، أي حفل يخبرك عنه ؟

قالت جوري وهي تحاول التفكير بعرض تيم :

_ لقد أخبرني أن هناك حفل زفاف لإبنة شخصية مهمة، ويريدون فريق تصوير متقن لعمله ، ولأن شقيق العروس صديقه أخبره عن مركزنا

قالت حلا مفكرة بالأمر كذلك :

_ لم نصور حفل زفاف قبل ذلك

قالت جوري وهي تشرح كيف سيكون العمل ،كما أخبرها هو :

_ لا سيكون هناك جلسات تصوير للعروسين بمفردهما ، وبعدها صور للحفل بالإضافة لتصوير الفيديو، إذا لا شيء صعب قد نخاف منه

قالت حلا بتردد ،رغم رغبتها بتجريب هذا النوع من العمل :

_ لست أدري .. أنا مترددة ، إنها أول مرة يعرض علينا مثل هذا العمل

نظرت جوري لحلا تنتظر رد فعلها ، وقد أخبرها تيم حقيقة ما فكر به وهو يرشح فريقهم للعمل

( كان صديقي قد أخبرني قبلاً ببحثهم عن فريق تصوير مميز ، ولكنني لم أرشح فريقك له لأنني اعلم أنكم لا تقومون بمثل هذا العمل ،ولكن بعد سماعي لحديثك عن مشكلة حلا البارحة ،اتصلت به أخبره أنني وجدت فريقاً مميزاً قبل أن يرتبط مع أحد آخر ،لذلك قررا الأنسب لكم ، لأخبره بجوابك فهو ينتظر اتصالا مني )

قالت جوري بتأني :

_ حلا إن المبلغ الذي سنجنيه سيكون ممتازا لك ، يمكن أن يساعدك بحل مشكلتك

نظرت لها حلا بصدمة قائلة :

_ ماذا تقصدين بكلمة لي أنا ؟

أمسكت جوري كف يدها تنظر لصديقتها بدعم قائلة :

_ هذا العمل سيكون لك .. مردوده سيكون لك وبذلك ستتمكنين من دفع المتبقي من ثمن المنزل

نظرت لها حلا بعينين متسعتين هامسة :

_كلا لن أقبل بهذا .. إن كنت ستوافقين فأنا سآخذ نصيبي كما المعتاد

هزت جوري رأسها نافية بحزم :

_ كلا لن يحدث ، وإلا فإنني سأخبره برفضنا لهذا العرض …

ابتعدت عنها حلا تهمس بإسمها باستنكار :

_جوري

لكن جوري عادت تقف قربها وهي تقول برجاء :

_حلا أرجوك … أنت كما ياسمين بالنسبة لي ، لم تقبلي أن أساعدك بالمال الذي أملكه ، فدعيني اساعدك بأن نعمل معا في هذا الحفل، ستتمكنين من دفع المبلغ المتبقي دون الحاجة للتفكير ببيع أشياءك

هل تنكر حلا حاجتها لهذا العمل ، وخاصة أن سيارتها لم تباع بعد ، وذلك السيد الراغب ببيع منزله يضغط عليها لتشتريه مستغلاً حاجتها لوجود ابنتها في مكان آمن ، قالت بقلة حيلة :

_ حسنا .. لكني سأعيد لك المال لاحقاً

ضمتها جوري سعيدة ، توافقها على ما قالته ، ثم اتصلت بتيم تخبره استعدادهم لذلك العمل

……


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-21, 06:00 PM   #17

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

نوفيلا جوري
الفصل السادس والأخير

أحبك
يا زهرة ندية
زينت حياتي وأحالتها لجنة وردية
أميرتي
عاشق أنا لكل تلك التفاصيل
لوشوشات صاخبة نتبادلها
سراً وعلانية
لنظرات تشي بحب كبير
سكن جنبات القلب
ونثر النبضات السحرية
أحبك في أمسي
واليوم
وغدا
وفي كل حين
أنا أحبك
….

كان إسبوعاً متعباً لكل من جوري وحلا ، مع عروس متطلبة جداً جداً ،تجريان هنا وهناك لتنفيذ طلباتها الغريبة طوال الوقت ، ولكن والحمدلله انجزتا عملهما بكل إتقان ، وقد كانتا فخورتين بما أنجزتاه ، عمل مميز أكثر من المعتاد مما جعل والد العروس يقدم لهما مبلغاً إضافياً ،كهدية زفاف ابنته في بادرة لطيفة منه وشكر لهما لتحمل طباع ابنته النزقة التي يعرفها جيداً
واليوم هو موعد حفلة ياسمين التي استعدت من أجلها شهوراً طويلة
كانت جوري ماتزال في فراشها ، تأخذ استراحة قبل البدء بالتحضير للذهاب للحفل
عيناها تناظران السقف بابتسامة بلهاء تزين ثغرها بعد الرسالة التي وصلتها منه اليوم
أسبوع كامل لم تقابله به ، ولكنه لم يتوقف عن محادثتها عبر تطبيق الرسائل
في أول يوم سألها دون مواربة ، لتعلم أنه شخص واضح تماماً ، لايحب أن يلتف حول أي موضوع

( لم لا تحبين طولك )

تفاجأت حينها كثيراً بسؤاله وبمعرفته لما تشعره حيال طول قامتها ، لكنها لأول مرة تجيب هذا السؤال بكل صراحة

( منذ كنت صغيرة كنت اسمع التعليقات على طولي الذي يزيد عن قريناتي ، وخاصة أن قامتي النحيفة في فترة مراهقتي ، جعلت ذلك الطول أكثر وضوحاً ، بتلك الفترة شعرت أن بي عيباً ، فالكل كان يراني طويلة بشكل منفر ، لا يفوتون فرصة دون إلقاء تعليقات يجدونها مضحكة لكنها كانت تترك أثراً سيئاً جداً في داخلي )

أجابها بذات الصراحة رغم الضيق الشديد الذي شعر به لأجلها والغضب من كل متنمر يجد لذة في الاساءة الى الآخرين

( طولك مميز … دعيني أقول أنه فتنني .. لأول مرة لا اضطر لأن أحني رأسي لأكلم إحداهن )

ضحكت يومها كثيراً ، وقد عادت الأزهار لتنتعش في قلبها أكثر وأكثر وهي تجيبه :

( سبب مقنع لأن ترى طولي مميزاً )

عاد يكتب لها وهي كمراهقة تنتظر بشوق ما سيظهر لها من كلمات

( أنت مميزة كزهرة جورية نادرة .. فاقبلي وكوني جوريتي أنا )

زادت ابتسامتها وهي تتذكر رد فعلها حينها بأن اغلقت الحاسب بوجهه ، وياء الملكية خاصته تجعل قلبها يطير فوق السحاب، ثم عادت تفتحه بخجل من تصرفها لتجد رسالة أخرى منه
( كم أحب لون وجنتيك حين تخجلين )
وضعت كفي يدها على خدها لتشعر بالحرارة تغزوهما أكثر وأكثر

في اليوم الثاني وجدت نفسها متلهفة للحديث معه ، أنهت أعمالها المنزلية بسرعة واطمأنت أن ياسمين دخلت إلى غرفتها ، ثم توجهت نحو غرفتها تفتح حاسوبها تنتظر ظهور الاشارة التي تخبرها أنه هنا ، ولم يطل انتظارها كثيراً وهو يتواجد عبر تطبيق الرسائل يرسل لها تحية المساء ، لتمد نفسها تنطلق بالحديث، تحدثت معه عن عملها وعن عشقها لمهنة التصوير بشكل خاص :

( اتعلم أمراً ،أمي كانت عاشقة للتصوير مثلي ، كانت تستخدم الكاميرا في توثيق كل لحظاتها ، ثم انتقلت لتوثيق لحظاتنا نحن ابنتيها ، يمكنك تخيل كم الصور العائدة لي ولياسمين )
تنهد مبتسماً يتخيلها طفلة صغيرة بمرحها وسحرها الدائمين ، سيطالبها يوماً بمشاهدة كل تلك الصور التي تتحدث عنها والخاصة بها ، عاد يقرأ ماتكتبه بشوق لكل كلمة تكتبها :
(هي من أهدتني الكاميرا خاصتي ، التي لا تفارقني أبدا ،هي من علمتني كل ما يتعلق بإلتقاط الصور ، وكيفية الحصول على أفضل اللقطات ، رغم أنني كنت في عمر صغير جدا حينها ، ولكن كل كلماتها ظلت عالقة في رأسي لا تفارقني )

أتتها جملته التي راقصت قلبها ، تمسح حزنها الذي سببته ذكرياتها تلك :

( أحب مشاركتك كل ذكرياتك يا جوري ،لأكون جزءا منها ، بل الجزء الأهم ، أمسح كل لحظة حزن من ذاكرتك وأزيد لحظات السعادة فرحاً)

في اليوم الثالث كان دوره ليتحدث معها عن عمله هو ، عن عشقه لتلك المهنة التي يمارسها ،أن يكون جزءاً صباحيا من ذاكرة الناس ،جزءاً يحمل التفاؤل والإشراق لهم بعيداً عن تلك الهموم التي تعصرهم بثقلها ، أن يكون كلمسة عطرة في صباح كل شخص يتابع برنامجه
أخبرته حينها عن رأيها و رأي ياسمين ببرنامجه وتحاشت ذكر صديقاتها اللواتي يهمن به حباً ، وشعور بالغيرة يسيطر عليها كلما تذكرت حديث ياسمين عن صديقاتها وعشقهن لبرنامجه وله شخصياً
( لم أكن استمع لبرامج الراديو قبلاً بعكس شقيقتي ياسمين التي تتابع العديد منها ، ولكن بعد سماعي لحلقات برنامجك علمت سبب تعلقها بالبرنامج ، أنت كما قلت يا تيم تمتلك سرّاً يجذب المستمعين لمتابعة برنامجك ، تختار كلماتك بدقة ولكونها نابعة من قلبك تصل إلى قلوبهم مباشرة ، كنسمة منعشة ترسم بسماتها على وجوههم )
تمالك نفسه وهو يقرأ كلماتها ، يكاد يجزم أنها الآن تنظر لكلماتها بحرج شديد تود مسحها ، كم يرغب باعترافات تحمل حبه لها ، ولكن يعلم أن جوري تحتاج لمساحة تتعرف فيها عليه أكثر لتعلم أنه أبداً لن يخذلها

في اليوم الرابع تحدث كل منهم عن ذكريات جميلة لازالت عالقة لديه منذ الصغر ، حدثته جوري عن وفاة والدتها ،عن تلك المرحلة الصعبة من حياتها لتجد نفسها مسؤولة عن شقيقتها التي لم تبلغ الرابعة بعد ، عن محاولة والدها تعويضهم لفقدان الأم ، ولكن يبقى لغياب الأم أثراً مؤلماً لا شيء يستطيع محوه من قلبها ومن قلب شقيقتها ، حدثها عن عائلته عن علاقته القوية بورد والتي ينظر لها دائما كجزء قوي من روحه ، حدثته عن المراهقة وكيف كانت أيام الدراسة في تلك المرحلة ،
سألها ممازحاً
ّ
( لابد أنك أحببت أحدهم في تلك المرحلة ، و أصبح هو فتى أحلامك بإمتياز )

تركته يتلظى بنار الإنتظار ، وقد اعجبتها هذه اللعبة التي يمارسانها يومياً ، ثم بدأت تكتب له :

( حب ،لا أظن أن قلبي سبق ودق لأجل أحدهم ، ليس في فترة المراهقة ولا بعدها ، كنت دائما أغلق قلبي في طريق أي مشاعر يمكن أن تصل إليه ، استمد القوة لذلك من خلال ياسمين واهتمامي بها )

كم أسعدته تلك الحروف التي خطتها ، لو تعلم فقط ، سعيد أن قلبها يدق للمرة الأولى لأجله هو ، وأنه أول من شرعت أبواب قلبها في وجهه ، رغم محاولتها انكار ذلك في كل مرة ، باندفاع سألها

( والآن )

حاولت تجاهل فهمها لسؤاله ، وابتسامة ماكرة تزين ثغرها ، لم تكن تتصور أنها يمكن أن تتحدث معه هكذا في يوم من الأيام ، فسألته

( الآن ،ماذا )

فكرر سؤاله ، وقد فطن لتهربها من الإجابة ، ممراً أصابعه في شعره يبعثره ، محاولاً طرد توتره بعيداً

( ما موقع الحب في قلبك)
انتظر لثانيتين وإشعار مشاهدتها للرسالة يصله ، ثم عاد يكمل سؤاله :

(هل يدق الآن بصخب داخل صدرك ،بطريقة تجعلك سعيدة بشكل غريب )

لم تجبه فكيف ستتجرأ وتخبره بكل هذه المشاعر التي تجتمع دفعة واحدة لديها وهي تحدثه ،
هل تخبره أنها تشعر أنها فوق غمامة وردية ،تضحك بسعادة ، يتراقص قلبها طرباً لكل حرف يكتبه لها ، تحججت متهربة من الإجابة ومنهية الحديث معه أن ياسمين تحتاجها

في اليوم الخامس لم يتحدثا بسبب حفل الزفاف الذي أقيم ، وكانت هي وحلا متواجدتين فيه لإلتقاط الصور التذكارية لأهل العروسين
طوال الحفل كانت تتجاهل رغبتها بالتقاط هاتفها والاتصال به وسماع صوته ، أو ارسال رسالة له ، تتساءل هل هو مثلها مشتاق لاحاديثهما اليومية ، أم لا
للتفاجأ حين عودتها للمنزل بكم رسائل كثيرة منه ، لكنها كانت مرهقة جدا ولم تستطع الرد عليه

البارحة اليوم السادس أرسلت له رسالة تخبره أن اليوم موعد حفل ياسمين فسألها :

( أخبريني عن علاقتك بياسمين )

ترددت بالحديث معه عن علاقتها بياسمين ، ولكن معه بات للبوح نكهة أخرى، تربيتة على القلب تهديه دعماً غير منطوق ، لذلك بدأت تسرد له :

( ياسمين ،أشعر بها صغيرتي أكثر من كونها شقيقتي ، رغم أنها دائما تحاول أن تثبت لي أنها قوية ، ولكن في داخلي خوف الأم عليها
أخاف إن ابتعدت عنها ، أن تفقد طريقها وتتوه بعيداً عني ،أخاف أن يتألم قلبها لأي سبب ، ولا أستطيع حينها أن أملك حلاً لإزالة ذلك الألم عنها ، أخاف ألا أكون سنداً كافياً لها لتواجه القادم من الأيام )

أجابها بعبارة صدمتها ، وقد تناست دموعها التي هربت من مقلتيها وهي تتحدث عن شقيقتها :

( أنت تظلمين ياسمين ، وتظلمين نفسك معها يا جوري )

ودون أن يترك لها مجالاً للكثير من التساؤلات ، كان يخبرها بكلماته

( ياسمين قوية بشكل كبير ، ربما أكثر قوة منك أنت شخصياً ، ويوماّ ما ستدركين أنك استطعت أن تزرعي بداخلها قوة غريبة مبهرة ، إنها تعرف تماما ما تريد ، تعرف كيف تدافع عما تريده هي دون تردد ، أنت تظلمين نفسك حين لا تدركين أي شقيقة استطعت أنت بوجودك قربها ومعها ، أن تعطيها هالة غريبة من القوة لمواجهة ما يسميه الآخرين عجزاً ،لكنه كان لياسمين دافعا ومحرضاً نحو الأمام لتشق طريقها بقوة غير عابئة بكل ما يمكن أن يوقف نجاحها )

أعادت قراءة ما كتب ، لتبتسم بعشق له، وهو يجعلها ترى جانباً كان خافياً عليها ، أو بالأحرى تنكر وجوده لدى شقيقتها، لأنها تعيش بذلك الوهم من الخوف الشديد عليها
أنهت محادثتها معه متعللة بالتعب وإلا كانت ستبقى تحادثه حتى الصباح

صباح اليوم السابع
وصلتها رسالته

( اليوم أريد جوابك على سؤالي السابق جويريتي )

تلتها رسالة أخرى

( أنت تعلمين حتما أي سؤال أعني )

و رسالة أخرى

( حسنا سأذكرك فربما تتحجين أنك نسيته ، إنه السؤال المتعلق بالقلب يا جورية تيم )

ضحكت من كل قلبها ، وهي تشعر بنفسها بطلة قصة رومانسية بسبب هذه التصرفات التي تقوم بها وهي تراسله
أتاها إشعار آخر بوصول رسالة جديدة
كانت تحوي مقطعاً صغيراً من قصيدة

(لِمَ كلَّما
فكَّرتُ أنِّي لا أحِبُّكْ
يزدادُ حُبُّكْ
فأُحبُّ أكثَرْ
والشوقُ يَكبُرْ ؟
أنا في هَواكِ مُتَيَّمٌ
والأمرُ أخطَرْ
في لحظةِ العشقِ العميقةِ مُنيَتي
في داخِلي نهرُ الحنينِ يَشقُّني
وأشقُّهُ في كلِّ وقتْ
القلبُ مَشدودٌ إليكِ
بكلِّ وقتْ
القلبُ مربوطٌ بِحبِّكِ كلَّ وقتْ
يا حبلَهُ السُّريَّ رفقًا
إنَّ قَطْعَ الوِدِّ مَوتْ
عبدالعزيز_جويدة)

…..
مازالت على ابتسامتها تلك منذ الصباح، وكأنه ألقى بكلماته تلك بتعويذة عليها
كانت تلاعب خصلات شعرها تلفها حول سبابتها ثم تعيد إطلاق سراحها بشرود كبير
عاد حديث حلا معها البارحة يطرق مسامعها

( يبدو أن إحداهن هاجمها الحب دون استئذان
ضحكت دون أن تجيبها وقد اكتست وجنتيها بحمرة الخجل ، فقالت حلا بابتسامة سعيدة لأجل صديقتها _طالما أن الحب هاجمك فتمسكي به ،لا تفقديه لأسباب لا تقنع أحداً يا جوري
لا تجعلي ياسمين تشعر أنها كانت عبئا عليك في يوم من الأيام
بل اجعليها سندك ، كما كنت أنت سندها
إنه رجل جيد
وسيكون لك العالم كله
سيساند شقيقتك كما يفعل مع شقيقته، فلا تخسريه
طالما قلبك هذا ينبض باسمه
فلا تبخلي عليه بحبك )

أجل لن تبخل عليه باعتراف، واعترافها لا يعني تخليها عن شقيقتها
بل هي متأكدة انه سيكون سندا لشقيقتها أكثر منها هي
..
بعد أن أنهت ترتيب نفسها توجهت لغرفة ياسمين لمساعدتها
ابتسمت وهي ترى شقيقتها قد انتهت من ارتداء ثوبها ، فاقتربت تساعدها على تسريح شعرها
تتذكر مقابلة الأمس التي أجراها تيم مع فريق العرض الخاص بياسمين وزملائها
لقد طارت ياسمين سعادة ، وهو يخبرها أنها ستكون ضيفة برنامجه مع أصدقائها، كانت حلقة مميزة تابعتها بشغف وعشق وهي تستمع لتلك الرسائل التي يحاول ايصالها لها
وبلحظة جنون اتصلت برقم البرنامج تحدثه

(اسمح لي أن أعبر عن شكري لما قدمته من دعم لهؤلاء الشباب .. إنهم يستحقون أن يلقى الضوء على مواهبهم وأعمالهم المبدعة )

والآن هي أكثر شوقا من شقيقتها لبدء الحفل ، فهو سيحضر مع شقيقته وزوجها وعائلته، قالت ياسمين مخرجة إياها من أحلامها :

_ ماذا بك جوري .. أشعر أنك مختلفة هذا اليوم ..

فأجابتها جوري ، وهي تقبل وجنتها بحب ، تتأمل ملامحها والتي تخفي خلفها تلك القوة التي حدثها عنها تيم

_ أنا بخير .. سعيدة بك جداً ، هذا كل ما في الأمر

قالت ياسمين بخفوت :

_ هل تعتقدين أن عاصم سيتمكن من الحضور

قالت جوري وهي تقودها إلى خارج المنزل مغلقة باب الشقة خلفهما :

_ سيفعل .. لم يخلف وعده لك يوما

أومأت ياسمين بالإيجاب وهي تسير بمحاذاتها نحو سيارة جوري التي سيستقلانها لوجهتمها

...
في الصالة التي سيقام فيها الحفل
قامت جوري بإيصال ياسمين إلى مكانها في وسط المسرح ، حيث يوجد أصدقائها، كل منهم رفقة آلته التي يعزف عليها
تأكدت من جاهزية شقيقتها ثم توجهت لمكانها بين الجمهور تجلس قرب حلا و ورد بينما يجلس هو بجانب والديه
نظرت حولها تبحث عن عاصم فهو لا يعقل أن يفوت حفل ياسمين مهما حدث ، وإن كلفه ذلك السفر مئات الأميال
ولكنها عادت خالية الوفاض حين لم تجده، يبدو أنه لم يستطع القدوم ، وهذا يعني أن تتحضر لموجة اكتئاب من ياسمين
تلاقت عينيها بعينيه لتراه ينظر لها بغموض ، فعلمت أنه يتساءل عمن تبحث ابتسمت له ثم استدارت برأسها بعيدا عنه
اهتزاز هاتفها جعلها تبتسم وهي تدرك في قرارة نفسها أنها رسالة منه ولم يخب ظنها وهي تقرأ رسالته

( هل نسيت إخبارك أنني أغاااار
كثيرا عليك أغااار )

أجابته برسالة وقد أصبحت بحضرته عابثة ماكرة
(أولا أهلاً وسهلا ً
ثانيا سأترفق وأخبرك أنني ابحث عن عاصم ابن عمي
ثالثا كلا لم تخبرني أنك تغار )

انتبهت والدته لابتسامته ولمعة عينيه ، وهو يقرأ رسالة وصلته للتو فابتسمت بحنان ، وهي تعلم صاحبة الرسالة وقد حدثهم تيم بأنه يود الزواج منها
أما هو فكان قلبه لا يصدق ما يحدث
جوري معه تصبح أخرى تماما
مشاكسة ، ماكرة ، جميلة ، و...عاشقة
بذات المشاكسة أجابها

( أولا من فرط شوقي إليك نسيت القاء التحية
ثانيا لا تبحثي عن عاصم ولا عن غيره
ثالثا بعد سماعي لإجابتك اليوم سأخبرك كم أغار عليك وكم اشتقت لك )

ضغط زر الارسال ثم ران بنظراته تجاهها وهي تجلس على صفه على بعد خمس مقاعد وكأنها تقصدت بقاءها بعيدة عنه
خجلة هي ومرتبكة بات يعلم متى تكون كذلك
يعلم كيف ترفع كف يدها بتوتر تزيح خصلات وهمية عن وجهها لتضعها خلف أذنها
يعلم كيف تتحرك حدقتيها باهتزاز طفيف يساهم في إظهار لونهما أكثر
يعلم كيف تبتسم بتلك الطريقة التي بات يشعر أنها خاصة به وحده ولا أحد سواه
أنقذهما من الغرق صوت ياسمين الذي صدح بالغناء
فانخرط الجميع بسماع أدائها والفرقة المرافقة لها
….
قبل نهاية الحفل قالت ياسمين وهي مازالت واقفة بكل ثقة أمام مكبر الصوت، توحي للناظر إليها أنها تشاهد وجوه الحاضرين جميعاً
( أود شكركم جميعا .. لدعمنا .. لرسم البهجة في قلوبنا … لأيمانكم بقدرتنا على العطاء ، واسمحوا لي أن أشكر شقيقتي التي قدمت لي كل دعم لأكون هاهنا بينكم ، لأحقق حلمي ، جوري هل يمكنك الصعود إلي )

وسط تصفيق الجميع صعدت نحو المسرح وعيناها تترقرقان بالدموع، فلم تتوقع أن تفعل ياسمين ما فعلت، وأن تطلب منها الصعود إلى المسرح أمام كل هذا الجمهور ، أمسكت بيد ياسمين تضغط عليها برفق تهمس لها
_ لما فعلت ذلك يا ياسمين ؟
ابتسمت ياسمين دون أن تجيبها وإنما أكملت حديثها للجمهور :

_في كل مرة كنت أحزن واستسلم ليأسي بسبب ما فرضه علي فقداني لبصري ، كانت جوري تمسك يدي تخبرني أنها ها هنا لجانبي .. صوتها يخبرني أن حياتي ستكون أفضل وأن هناك دائما أمل قادم .. أتوقف عن الغناء مبتعدة عن هوايتي التي أحب فتعيدني بغنائها لأغنيتي المفضلة، إن كنت قوية الآن ، فكل ذلك بفضلها هي ، لذلك اطلب منها الآن أن تشاركني بأداء أغنيتنا المفضلة )

كانت جوري تناظرها بامتنان ،بفخر، بسعادة ،و حين سمعت طلبها حول الغناء حاولت الإعتراض لكن مطالبة الجميع لها جعلها ترضخ لتقف بخجل شديد قرب ياسمين ومازالت ممسكة بيدها تغني تزامنا مع الموسيقا التي انطلقت من خلفها فياسمين قد حضرت لهذا الشيء مسبقاً دون أن تخبرها بالأمر حاولت جوري ألا تنظر للجمهور كي لا تصاب بالارتباك ، فتكون السبب في فضيحة إن هي فشلت بالغناء
لكن عيناها بحثت عنده فوجدته ينظر لها بمشاعر غريبة ، أحست بها جميعها مشابهة لمشاعرها التي عاشتها وهي تسمع كلمات ياسمين
فأخذت تغني رفقة شقيقتها كلمات الأغنية

( ضميني يا اختي ضمي
نامي بأمان
في صدري دفء وحنان
أوصتني أمي أن تبقي جوا عيني
لا تخشي شيئا يا اختي لا لا تخشي
عيشي يا اختي
لن تشقي ما بين يدي
عيشي جوا عيني
قد مرت أمي في حلمي مثل النجم
ضميني يا اختي ضمي ضمي
في قلبي إن غابت أمي دفء الأم
ضميني )

انتهت الاغنية ووقف جميع الحضور محييا لذلك الترابط بين الأختين ، لتلك العاطفة، وذلك الدعم التي تقدمه كل واحدة منهما للأخرى
عينا جوري تعلقت بعينيه مجدداً
تبتسم لنظراته الفخورة .. لعشقه ..
انشغل الجميع بتهنئة الفرقة ثم تفرق الجميع كلٌّ للإحتفال مع عائلته
أما هم فقد دعاهم والد تيم للإحتفال في مطعم قريب من قاعة الحفل
توجه الجميع إلى هناك بعد أن تكسرت كل اعتراضاتهم أمام اصرار والد تيم على الدعوة ، ماعدا حلا التي توجب عليها العودة لأجل ابنتها
الكل منشغل بالحديث بينما هو منشغل بمراقبتها ، رغم تهربها من نظراته
نظر نحو ياسمين فلاحظ عبوسها ، وهو الذي توقعها ستكون سعيدة جداً بنجاح حفلهم الأول ، فقال بابتسامة وشعوره نحوها كشعوره نحو ورد تماماً :

_ ما بها صديقتي حزينة ؟

قالت ياسمين بخفوت حزين ، وهي تمسك بهاتفها بين يديها وكأنها تنتظر مكالمة أحدهم :

_ لقد وعدني عاصم بالقدوم لكنه لم يفعل، لأول مرة يخلف وعداً قطعه عليّ ، وأخشى أن مكروهاً أصابه فمنعه من الحضور

قالت جوري وهي تلاحظ حزن ياسمين، رغم أنها أكدت لها أن عاصم بخير :

_ لابد أن هناك سبباً قوياً يتعلق بعمله منعه من القدوم ، عندما أعود سأتصل به لنعرف ما جرى ، هل هذا جيد يا ياسمين

_بل اتصلي الآن !

قالتها ياسمين بطفولية وتلهف ، ففعلت جوري كما طلبت تحت أنظار تيم المسلطة عليها بغيرة لا يستطيع تجاهلها :

_ مرحبا عاصم .. اعذرني لاتصالي لكن .. أجل .. حقاً سأرسل لك العنوان حالاً

قالت جوري بسعادة كبيرة موجهة حديثها لياسمين ، غافلة عما فعلته سعادتها بذلك الجالس قبالتها

_ إنه قادم سأرسل له العنوان .. لقد تأخر بسبب إجراءات المطار .. لكنه أخبرني أن هناك من صور له الحفل كاملاً وجعله يتابع كل أغنياتك ، أظنه صديقه زياد .. أرأيتي أخبرتك أنه سيأتي

استغرب تيم وهو يلاحظ انقلاب حال ياسمين للسعادة المطلقة
نظر نحو جوري التي انتقلت لها سعادة ياسمين بالعدوى، لم يستطع إلا أن يغار عليها ، إنه يريد أن يستحوذ على إهتمامها كما الجميع ،لكنه لا يقدر وهو غير مرتبط بها
لقد أخبر والديه برغبته بالإرتباط بها وكانا أكثر من مرحبين بإختياره ولكن عليه أن يحصل على قبولها أولاً
إعتذر مغادراً لبعض الوقت ، ثم توجه لحديقة المطعم يحاول أن يجد وسيلة للتحدث معها
نظر نحو الداخل معبر زجاج النوافذ الكبيرة والتي تكاد تكون بحجم الحائط كله ، كانت الموسيقى الهادئة قد انطلقت ، بعض الثنائيات توجهوا للرقص الهادئ ومن ضمنهم ورد وجود
ورد التي لم يمنعها بروز بطنها من الرقص مع زوجها
أمسك هاتفه يتصل بها وحين أتته إجابتها ، قال بصوت غائم بمشاعر كثيرة تحترق بداخله :

_ جوري أنا أنتظرك خارجاً

لم تمض لحظات ، إلا وهي أمامه ، تسأله باهتمام وقلق استبد بها وهي تبحث عنه حتى وجدته :

_ تيم ، هل أنت بخير ؟

أشار لها نفياً ، ثم ندم وهو يرى الذعر على ملامحها ، بقدر ما أسعده خوفها ذاك عليه ، فقال بهمس عاشق وهو ينظر لعينيها :

_ أغار من اهتمامك بالجميع بينما أنا أجلس منسياً ّ… أكره أنني لست بقادر على أن أكون بقربك كما أشاء ، أنني لست بقادر على مراقصتك الآن كما يفعل الجميع

ابتسمت لطريقته ، هكذا هو فلم تستغرب ما يقول ، بكلماته البسيطة
يفعل بها الأعاجيب
ابتسامتها ونظراتها له ،دفعته ليقول :

_ اسمحي لي بهذه الرقصة

دون تردد أشارت له إيجاباً ، رغم غرابة الأمر ، إلا أنها وضعت يدها بيده
أمسك يدها يشدها نحوه ، ثم وضع يده الآخرى حول خصرها ، هامساً

_ اغمضي عينيك و ارقصي

لاتعلم لما كالمغيبة استجابت لهمسه

_ كوني نسمتي الخريفية …

ابتسمت وهي تشعر بخطواتها توازي خطواته ، تدور معه في ساحة صغيرة وهمية للرقص ، لا تحتاج لصوت الموسيقى ، فتلك الأجراس بداخل كل منهما ،تجعل لرقصهما نغماً خاصاً به ،وسحراً مميزاً يحيط بهما ، لم يطل إغماضها لعينيها ، وهي تشعر بقطرة مطر تسقط فوق وجهها
فتحت عينيها مبتسمة وهي تنظر له كانت عيناه غائمتان بمشاعر قوية
تناظرانها بعشق سمعت صداه بوضوح في جنبات قلبها الصغير
مازالت كفه تحتجز كفها ويده حول خصرها يتحركان معاً

_ أحبك

همس بها ، فتوقفت تنظر له بصدمة سرعان ماتحولت لإبتسامة وهي ترد له الهمس بهمس أكثر خفوتاً

_ أنا أحبك أكثر

ودون سابق إنذار تركت يده مبتعدة عنه نحو الداخل ، فيما عيناه تناظران طيفها بصدمة ، لم يصدق أنها أخيراً نطقت بها
أنه سمع ما تاق لسماعه كثيراً
تبعها راكضاً ليجدها تقف قرب ياسمين وقربهم يقف شاب يراه للمرة الأولى، ليدرك أن هذا هو عاصم

….

_ جوري

نظرت نحوه وهو يقف قبالتها بوسامته التي تعشقها
قال وهو يمسك يدها يلبسها خاتم الخطوبة وسط مباركات الجميع

_ مبارك لي أنك جويريتي أنا

دون صوت همست له وهي تلبسه خاتمه

_ أحبك

قبل جبينها يضمها إليه ، ثم جلس قربها ممسكاً يدها قائلاً بهمس لا يصل إلا لها :

_ اتعلمين لما بت أعشق الخريف … لأنك صدفتي الخريفية … في يوم خريفي قابلتك فتحولتي لحبيبة .. لمالكة لكل أسرار القلب .. بيدك فقط مفتاح نبضه .. جويريتي

ضغطت على يده من فرط مشاعرها التي يبعثرها بداخلها هامسة بعشق خالص له

_ كلمة أحبك لن تكفي لأعبر عما في داخلي لك تيم ، لكن تأكد أنني أحبك كثيراً كثيرا ً

..


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 12:21 PM   #18

duaa.jabar
 
الصورة الرمزية duaa.jabar

? العضوٌ??? » 395763
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 945
?  نُقآطِيْ » duaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond repute
افتراضي

روايه جميله سلمت اناملك

duaa.jabar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-21, 12:31 PM   #19

SAMAR-YANA
 
الصورة الرمزية SAMAR-YANA

? العضوٌ??? » 444713
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 846
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » SAMAR-YANA is on a distinguished road
افتراضي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

SAMAR-YANA غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-21, 07:44 PM   #20

فاتن منصور

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 417764
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 133
?  نُقآطِيْ » فاتن منصور is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة duaa.jabar مشاهدة المشاركة
روايه جميله سلمت اناملك
تسلمي لقلبي لجميل متابعتك 💘💘💘💘💘


فاتن منصور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:27 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.