آخر 10 مشاركات
هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          587 - امرأة تائهة - راشيل فورد - ق.ع.د.ن ... حصريااااااا (الكاتـب : dalia - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          16- انت وحدك - مارغريت ويل - كنوز احلام القديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          سيدة قلبه (35) للكاتبة: Deborah Hale .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree278Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-03-21, 05:03 PM   #31

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الثالث عشر


ما بعد البداية

الفصل الثالث عشر (نزوات اضطرارية)

طلب عمر من سارة ان تزوره بالمشفى .. و قد طلبت منه بدورها ان لا يخبر أمير وخالتها عن نتيجة التحاليل والتى اكدت احتمال وجود اورام .. وان الأمر يستلزم عمل منظار وأخذ عينات لتحليل الأورام .. لذا كان عليها ان تذهب بدون علم أمير وخالتها فى اليوم الذى سوف تجرى فيه عملية المنظار .. لذا كانت فى ورطة منذ ان تحدد ميعاد المنظار تفكر فى الطريقة التى تذهب فيها بمفردها الى المشفى دون علمهم .. لذا أخبرتهم انها قد تلقت تليفونا من احدى صديقاتها القدامى تطلب منها مصاحبتها للمشفى لتكون رفيقتها اثناء وضع مولودها الأول لان زوجها فى سفر وليس لديها من يكون معها فى ذلك اليوم ..

عرض عليها امير مرافقتها ولكنها اخبرته بانه ليس هناك داع .. لأن ذلك ربما يحرج صديقتها ..
فى صباح ذلك اليوم وصلت سارة الى المشفى .. قابلت عمر الذى رحب بها وطمئنها ان العملية لن تستغرق اكثر من الساعة .. وسوف تخرج من المشفى فى غضون ساعات قليلة .. كما طمئنها انه سوف يكون بجوارها حتى تعود لمنزلها ولن يشعر أحد بما قامت به ..
مرت خمس ساعات حتى انتهت سارة من عملية المنظار واستراحت بحيث عادت الى البيت وكأنها لم تجرى شيئا ..

كانت سارة قد بادرت اكثر من مرة للاتصال بأمير وخالتها حتى لا يقوم أى منهما بالاتصال بها اثناء أو بعد المنظار .. وتحدثت فى كل اتصال بصورة طبيعية لكى لا يشك أى منهم فى شيء ..
مر عدة ايام كانت خلالهما سارة تنتظر نتيجة المنظار وتحليل العينة التى اخذت اثناء المنظار على أحر من الجمر .. قضت ليالى يجافيها النوم من التفكير فى النتيجة وما سيترتب عليها .. تفكر فى أمير ومصير ارتباطهم ..

فى صباح احد الأيام تلقت سارة اتصالا من عمر .. وقد تعود منذ اجراء عملية المنظار ان يتصل بها يوميا يتطمئن عليها وعلى احوالها .. بل هو كان يتعمد ذلك حتى يتقرب اليها ويوطد العلاقة بينه وبينها ..

خفق قلب سارة بشدة عندما شاهدت اسم عمر فى ذلك الصباح على شاشة التليفون .. فقد كانت على علم ان اليوم هو ميعاد ظهور نتيجة العينة ..
سارة بيد وشفاه مرتعشة : ألو .. صباح الخير يا دكتور عمر ..
عمر بصوت حزين : صباح الخير يا سارة .. عاملة ايه النهاردة ..
سارة : بخير .. الحمد لله .. يا ترى نتيجة التحليل طلعت ..؟
سكت عمر للحظات .. غاص فيها قلب سارة الى أبعد مكان فى صدرها من صمته واجابته المتوقعة .. ولكنه فى النهاية رد بصوت مهزوز على سؤالها بسؤال : سارة .. ممكن نتقابل .. ؟
سارة وقد عقدت حاجبيها متعجبة من طلبه : أفندم ..!!
شعر عمر ان سارة ربما تكون قد فهمت طلبه بطريقة خطأ .. فبادر فى محاولة لتخفيف ردة فعلها : على فكرة أنا الدكتور بتاعك .. يعنى طلبى ده عادى .. مش مقصود منه حاجة وحشة لا سمح الله ..

سارة وقد شعرت بالحرج من ردة فعلها : لا .. أنا مقصدش .. بس مستغربة شوية لطلبك .. بس على فكرة .. أنا ممكن أخمن سبب الطلب ده .. انت مش عايز تقول ان نتيجة التحاليل ايجابية فى التليفون .. بس صدقنى مش حتفرق كتير ..

عمر فى محاولة للهرب من الاجابة عن استفسارها عن نتيجة التحليل .. فهو لا يريد ان يخبرها بها فى التليفون .. ثم يقول لها بعض كلمات المواساة التى لن تشفى رغبة قلبه فى ان يكون الى جوارها فى تلك اللحظات العصيبة من حياتها : سارة مش حينفع اقولك حاجة زى دى فى التليفون .. احنا لازم نتقابل ونتكلم .. لان الموضوع محتاج شرح .. ومتطلبيش منى حاجة تانية .. ارجوكى ..
كانت اجابته واضحة بالنسبة لسارة .. فنتيجة التحليل حتما ايجابية .. وتحمل اخبارا غير طيبة لها .. لذا لم يكن عندها فى ذلك الوقت رغبة للأخذ والعطاء .. أو أى كلام آخر اضافى .. كانت كالذبيحة التى قد استسلمت لقدرها .. فقالت بهدوء : ماشى يا دكتور .. أنا حخلص شغل الساعة اربعة .. ممكن نتقابل بعد الشغل ..

اتفق معها عمر على ان يتقابلا بكافيتريا بالقرب من المشفى فى الرابعة والنصف ثم انهى المكالمة معها ..

ذهب عمر الى الكافيتريا قبل سارة بعدة دقائق .. فى حين وصلت سارة فى الميعاد .. كانت قد بدأت تشعر بغضب وضيق من نفسها فى طريق الكذب الذى بدأته مع من حولها بصفة عامة ومع أمير بصفة خاصة .. فقد طلب منها أمير ان تنتظره حوالى ساعة لينهى بعض اعماله ثم يذهبا سويا للغداء قبل ان يقلها للبيت .. ولكنها تحججت بصديقتها المزعومة مرة أخرى .. وانها تريد أن تزورها وتطمئن عليها وعلى المولود .. ولكنها فى الحقيقة هى ذاهبة لمقابلة عمر ..

ابتهج وجه عمر عند اقبال سارة عليه .. وقف ليستقبلها بابتسامة عريضة مشرقة .. وقد نسى تماما سبب مقابلتها .. على الأقل بالنسبة لها ..
عمر : أهلا يا سارة .. مواعيدك مظبوطة تمام ..
سارة بابتسامة مجاملة واهية : مساء الخير دكتور عمر ..

جلسا .. وسارة لا تجرؤ ان تنظر اليه مخافة ان تقرأ فيها سؤ الخبر الذى تهابه .. وكذلك كان عمر .. ظلت الأجواء بينهما مضطربة غامضة الى ان تكلم عمر بابتسامة مصطنعة .. يحاول ان يذيب جبل الثليج اقابع بينهما : عاملة ايه يا سارة ..
سارة بابتسامة يأس : الحمد لله .. مستنية تجاوبنى على سؤالى .. ايه اخبار تحليل العينة ..؟
حاول عمر الهروب من الاجابة بأن قال لها : طيب ومستعجلة ليه كده .. مش نشرب حاجة الأول .. انتى يادوب لسة واصلة ..

سارة وقد فاض ما بها .. فانتظارها فى حد ذاته عذاب بصرف النظر عن النتيجة : أرجوك يا دكتور عمر .. احنا عارفين من الأول من تحليل الدم ان النتيجة ايجابية .. المهم دلوقتى نعرف الموضوع واصل لحد فين .. وفى اى مكان ..

عمر وهو ينظر الى عينيها يؤكد بنظراته انه معها ولن يتركها فى محنتها أبدا : اسمعى يا سارة .. مهما كانت النيجة .. اتأكدى انى معاكى ومش حسيبك الا لما تكونى فى افضل حال ..

تعجبت سارة من كلماته ونظراته .. فهى فى النهاية مجرد حالة من ضمن مئات الحالات التى يعالجها كل يوم .. فلم هذا الاهتمام الزائد ..؟!! ولكنها فى النهاية لم تقف عند هذه النقطة طويلا : لذا ردت بدون مبالغة : شكرا دكتور عمر .. كتر خيرك .. ممكن بقى تجاوبنى ..
فاجئها عمر وبدون مقدمات بقوله وهو يصوب نظراته اليها : بتشكرينى على ايه بس .. أنا اللى المفروض اشكرك انك سمحتيلى اكون جنبك.. وانى اكون الشخص الوحيد اللى يساعدك فى الظروف دى .. علشان كده بوعدك انى مش حخذلك أبدا ..

كانت سارة تنظر الى عمر مندهشة مما يقوله ولكنها حاولت ان لا يأخذها بحديثه الى مواضيع أخرى هى ليست مستعدة للدخول فيها .. أو نقاش اسبابها ونتائجها .. لذا سألته بهدوء وبابتسامة تبدو راضية بما سيقوله عن حالتها المرضية : تمام .. شكرا مرة تانية .. ممكن بقى نخش فى الموضوع وتجاوب على سؤالى ..
عمر بتردد واضطراب : طبعا زى ما قلتى من شوية احنا كنامتوقعين نتيجة ايجابية .. وده ظهر فى تحاليل الدم اللى اتعملت قبل كده .. بس العينة اللى اتخدت اثناء المنظار وتم تحليلها .. كانت من الرحم .. الورم موجود فى الرحم يا سارة .. وللأسف هو متفاقم شوية ..

أطرق عمر برأسه الى الطاولة لم يستطيع ان يخبرها بمعنى هذا وما سيترتب عليه .. وتركها فى ذهول تنظر الى وجهه فى وجوم لا ترى أمامها سوى أمير .. وليس هناك مستقبل تأمله بعد ذلك معه .. تركها عمر لتستنتج ما هى مقدمة عليه اذا ارادت ان تنجو من هذا المرض الفتاك والذى ثمنه سوف يكون حرمانها من ان تكون أما فى يوم من الأيام .. تركها فى مستقبل مظلم ليس لها مفر منه .. مستقبل ليس فيه أمير .. حتى وان علم بحالتها ووافق ان يحرم هو الآخر من ان يكون أبا لأولادها .. فهى لن تنجب بعد ان تزيل الرحم بما يحتوى من ورم جاء فى غير وقته .. كانت تتمنى لو انه امهلها القليل من السنوات لتنجب طفلا او طفلين ثم يأتى بعد ذلك وقتما يشاء .. المهم عندها فى المقام الأول هو ان تكون مع أمير بقية عمرها .. فوجود أمير معها كان أهم عندها من أن تكون أما .. لكن الآن قد فات الأوان .. هو حتى لم يمهلها لتلقى مصير أمها .. لم يكن بها رحيما الى هذا الحد ..

عاود عمر النظر الى سارة فوجدها مازالت شاردة تنظر الى الفضاء .. وقد سالت الدموع من مقلتيها وكأنهما نهران من الحزن يحفران فى قلبه ألما شفقة عليها .. فبادر ليهون عليها : سارة .. ارجوكى متبكيش .. احنا لسة مسمعناش رأى الدكتور أحمد .. ده دكتور كبير .. وان شاء الله يكون عنده رأى غير اللى بتفكرى فيه ..

ظلت سارة على حالها للحظات ثم قامت بمسح دموعها بظهر يديها .. وقالت ان شاء الله .. وقفت بعدها وهى لا تزال تنظر الى الفضاء : آسفة يا دكتور عمر .. تعبتك معايا .. اسمحلى امشى دلوقتى .. محتاجة أكون لوحدى شوية ..

لم يجد عمر مايقوله .. ولم يشعر بنفسه الا وهو يمسك يدها .. فنظرت له بعيون جاحظة وكأنها تنهره .. فأطلق يدها وهو يقول : آسف .. صدقينى حصل غصب عنى .. ثم وقف هو الآخر وهو يقول : طيب ممكن اوصلك ..
سارة : لا مفيش داعى .. أنا حابة اتمشى لوحدى شوية.. معلش اعذرنى ..
عمر " طيب يا سارة على راحتك .. أنا حشوف الدكتور أحمد النهاردة فى المستشفى وأعرف قراره بالنسبة للحالة .. حكلمك المسا ..

لم ترد سارة وأومأت برأسها ثم انصرفت فى هدوء تمشى على غير هدى حتى وصلت الى كورنيش البحر .. وقفت تنظر الى رحابته وامواجه الهادئة التى تأتى من بعيد وتتكسر امامها على الشاطئ .. وكل ما حولها يعبث بأفكارها ثم تتلاشى الأفكار والقرارات كما تتكسر وتتلاشى الأمواج على شاطئ البحر امامها ......

----------------------------------------------------------

فى حديقة الفندق ذات الخمس نجوم بشرم الشيخ استلقت ليندا التى جاوزت الستين بعدة أعوام مرتدية فستانها الذى يعلو ركبتيها بقليل .. عارى الصدر .. زاهى الألوان .. تتمتع بآشعة الشمس الممتعة والتى تفتقدها لشهور عديدة ببلدها .. جلست تنتظر زوجها الذى لايزال نائما فى حجرته بالفندق وقد جاوزت الساعة الحادية عشر .. ومازال امامه بضع ساعات ليستيقظ .. ذلك هو حالهم منذ أن تزوجا ..

مرت ساعتين قد اكتفت العجوز بعدهم من حرارة الشمس التى كادت ان تحرق بشرتها .. فحملت نفسها وصعدت الى الحجرة علها تستطيع ان توقظ زوجها ولو مبكرا قليلا عن ميعاد استيقاظه الذى اعتاده .. فقد اصابها الملل من وحدتها .. فهى على هذا الروتين اليومى منذ ان تزوجت حديثا ..

جاوزت الساعة الثانية بقليل عندما نجحت ليندا اخيرا ان توقظ أدهم الذى ظلل يتمطأ فى سريره لدقائق لا يريد ان يفتح عينيه حتى لا يصدم بواقعه المرير الذى يعيشه مع تلك العجوز الشمطاء التى تكبره باكثر من خمسة عشر عاما .. ولكنه لم يجد حلا سواها بعد ان هرب من مطاردتها فى امريكا عندما عرضت عليه الزواج بعد ان علمت بانفصاله عن زوجته السابقة .. فهى كات تعيش حكايته من بداية زواجه بجارتها سيلفى الى ان انفصلت عنه .. وقتها آثر أدهم العودة الى مصر لعله يستطيع ان يقنع عبد القادر بمساعدته كى يفر من جحيم زواج العجائز .. ولكنه عندما فشلت مساعيه لدى عبد القادر .. لم يجد بدا من أن يرسل الى ليندا ليخبرها باستعداده للزواج منها .. ولم تدخر هى وقتا أو جهدا وجائته على عجل الى القاهرة لتتزوجه ويذهبا الى شرم الشيخ لقضاء شهر العسل الذى امتد لأكثر من شهر ..

تلك كانت زيارة ليندا الاولى لمصر ..وقد أحبتها وانبهرت بطقسها وجمال شرم الشيخ .. فقررت أن تبقى مع زوجها فى مصر .. بعد أن اقنعها أدهم بان تستثمر ثروتها التى ورثتها من زوجها السابق فى مصر .. اتفق معها على عمل شركة للمقاولات يديرها هو .. فهذا هو المجال الذى يفهم فيه على حسب دراسته ..

نظر أدهم حوله يستطلع الحجرة بعد أن افاق من نومه .. فشعر بأن كل ما حوله جميل ومثالى الى ان وقعت عيناه على زوجته العجوز تخرج من الحمام ملتفة ببشكير بدايته عند صدرها و نهايته فوق ركبتيها بكثير .. فشعر بانقباض ولوعة فى قلبه واشمئزاز من الكم الهائل للتجاعيد التى تقع عليها عينيه .. وان كان وجهها وحتى جسدها لازالت عليهم دلائل انها كانت جميلة فى شبابها .. لكن للأسف كان ذلك منذ زمن بعيد .. شعر أدهم أن كل ما حوله جميل عدا تلك العجوز الشمطاء ... فهى النشاز الوحيد فى تلك اللوحة البديعة ..

بادرت ليندا التى اتقنت بعض الكلمات العربية منذ أن كانت جارة لأدهم وكانت تعشق ان يعلمها كلمات عربية .. زادت حصيلتها منها منذ ان وطأت قدميها مصر وهى تحاول جاهدة ان تجارى كل ما هو عربى حولها : صباه هير هبيبى ..
أدهم بقرف وهو يدير وجهه عنها يتحجج انه يبحث عن التيشيرت الذى خلعه عن جسده قبل النوم : صباح الخير ليندا ..
ليندا بسعادة ليس لها مناسبة : كوم بأه هبيبى .. بطل كسل ..
أدهم بفظاظة : فيه ايه يا ليندا .. اقوم اعمل ايه .. ؟ انتى عايزانى فى حاجة .. ؟
ليندا : انت نسيت أدهم .. مفرود ناهردا روه مهامى أشان ورك شركة ..
أدهم : المحامى فى القاهرة ليندا .. لما نرجع القاهرة حنروح للمحامى .. انتى اللى لسة مشبعتيش من شرم .. يعنى انتى اللى معطلانا ليندا ..
ليندا : أوكى هبيبى .. ممكن نروه كاهرة اسبوع جاى نقابل مهامى .. كلمه هدد ميعاد ..
أدهم : أوكى ليندا .. أنا حدخل آخد شور قبل ما أفطر .. انتى ايه برنامجك النهاردة حبيبتى ..
ليندا : زى كل يوم ادهم .. هنروه مكان جديد زى ما وأدتنى .. انت قلت لى شرم فيها هاجات كتير لازم شوفها ..
أدهم : احنا خلصنا كل الأماكن ليندا .. أنا شايف انه كفاية كده شرم وننزل القاهرة .. فيه أماكن كتير فى القاهرة ممكن تزوريها .. أكتر من شرم بكتير ..
ليندا : اللى تشوفه أدهم .. ممكن ننزل كاهرة بأد يومين ..
أومأ أدهم برأسه وهويقوم من فوق سريره متجها الى الحمام ..

كان بالأمس قد خسر الكثير على مائدة القمار .. لذا وقف تحت الشاور يغسل هموم تلك الخسارة ويفكر فى هذا الداء الذى لا يستطيع ان يتخلص منه .. هو موقن انه بلا شك هالك بسببه رغم كل محاولاته فى الإقلاع عن ادمانه له ..

شرد أدهم وهو يقف تحت الماء المنهمر فوق رأسه كأنه ضربات تذكره بحاله الذى وصل اليه .. فهو لم يجد حلا آنذاك سوى ان يرسل الى ليندا ويوافق على الارتباط بها كما كانت تتمنى .. كان مضطرا الى التواصل معها من قبل أن يقوم بتطليق زوجته ويرجع الى مصر .. كانت بمثابة صديقة له ولزوجته .. اتفق معها قبل ان يغادر الى مصر على ان يحافظا على الاتصال بينهما ليطمئن على احوال اولاده بامريكا .. لكنها فى نفس الوقت قد تركت له عرضا مفتوحا بالزواج منها .. صحيح انها كانت تكبر سيلفى زوجته السابقة .. ولكنها فى نفس الوقت اكثر ثراءا منها .. لذا وافق أدهم مرغما على الزواج بها من أجل ان يجد المال الذى يعيش منه فى المستوى الذى تعود عليه .. ولكنه فى نفس الوقت كان يكره بشدة معاشرته للعجائز .. ودائما يتمنى لو يرتبط فى الحلال بزوجة مصرية تصغره بأعوام مناسبة .. فهو لم يذق مثل هؤلاء النساء سوى فى الحرام .. وهو كأى رجل تربى فى بيت ملتزم يمقت الحرام .. ويكفيه كبيرة من الكبائر فيما ادمنه من لعب القمار .. فلم عليه ان يضيف الى ذنوبه كبيرة أخرى من الكبائر كمعاشرة نساء يتمناها فى الحرام ..

مر اليومان وكلاهما يتبع برنامجه اليومى .. خاصة أدهم الذى يقضى يومه من العصر الى المغرب مستلقيا أمام حمام السباحة يتطلع الى النسوة والفتيات الصغيرات أمامه ولا يمل من محاولاته لايقاع احداهن لقضاء بعض الوقت معها بعد ان تنام زوجته التى من عادتها ان تأوى الى فراشها مبكرا وتخلد للنوم لتتركه مع لهوه ثم الذهاب لصالة القمار ليخسر بعضا من اموالها الكثيرة .. ولكنه كان أحيانا يضحك له الحظ ويكسب بعض المرات ..

عاد أدهم بصحبة ليندا الى القاهرة .. بالطبع نزلا فى شقته .. وفى اليوم التالى طلب نادر المحامى الذى تعامل معه من قبل بعد ان تعارفا عن طريق عبد القادر .. كان يريد ان يتفق معه على ميعاد لزيارته هو وليندا كى يساعده فى عمل اجراءات تأسيس شركتهما والبحث عن مكان مناسب لمقر الشركة ..

نادر وقد تفاجأ باسم أدهم يظهر على شاشة تليفونه .. فهو أحد عملائه منذ عدة سنوات كما كان عبد القادر ولا يزال أحد زبائن نادر .. فسارع نادر بفتح الخط .. فهو منذ فترة يبحث عن أدهم كما طلب منه نادر منذ اختفاؤه..
نادر : ألو .. باشمهندس أدهم .. فينك يا راجل دوختنا عليك ..
تعجب أدهم على الجانب الآخر عاقدا حاجبيه : أهلا يا متر .. لعلك بخير .. هو انت كنت بتدور على ولا ايه ..؟!!
نادر : بصراحة مش أنا اللى بدور عليك .. الدكتور عبد القادر هو اللى قلقان عليك جدا لأنك اختفيت ومش عارف يوصلك .. الحمد لله انك بخير ..
أدهم ببرود : آه .. عبد القادر .. تمام يا متر .. أنا حبقى اكلمه .. بس دلوقتى أنا بتصل بيك علشان احدد معاك ميعاد .. فيه موضوع كده عايزك تساعدنى فيه ..
نادر : خير يا باشمهندس .. ايه الموضوع اللى عايزنى فيه .. ؟
أدهم : موضوع شغل .. بصراحة أنا وزوجتى عايزين نفتح شركة هنا فى القاهرة .. ومحتاجك تساعدنى فى عمل عقد الشراكة اللى بينى وبينها وكمان فى اجراءات تأسيس الشركة ..
نادر : تمام يا باشمهندس .. وخير ما فعلت انك رجعت لمراتك وولادك ..
أدهم : أنا مرجعتش لمراتى ولا حاجة .. اللى بكلمك عنها دى مراتى الجديدة .. هى امريكية برضه .. ياترى امتى نقدر نزورك فى مكتبك ..
نادر وقد تعجب لهذا الرجل الذى أدمن الزواج من الأجنبيات : لو تحب بكرة ان شاء الله .. ياترى يناسبك الساعة تلاتة العصر ..؟
أدهم : تمام يا متر .. اعتقد انه ميعاد مناسب .. ياترى مكتبك زى ماهو ولا غيرته ..
نادر : طبعا زى ماهو .. صعب ان المحامى يغير مكتبه يا باشمهندس .. فى انتظارك انت والمدام بكرة ان شاء الله .. بس ياريت تبعت لى صورة باسبور المدام وصورة بطاقتك علشان أجهز العقود .. وكمان تبعت لى فى رسالة واتس أى نسب للمشاركة أو شروط للعقد اتفقتوا عليها ..

انتهت المكالمة بين نادر وادهم الذى جلس يفكر فى عبد القادر .. فبالرغم من انه لا يزال غاضبا منه ومن مقابلته الجافة له ورفض مساعدته فى آخر لقاء بينهما .. الا انه شعر بشيء من السعادة لاهتمام عبد القادر به والبحث عنه .. كان يشعر ان العلاقة بينه وبن عبد القادر يمكن ان تعود الى سابق عهدهم .. فهو الآن لا يحتاج مساعدته بعد أن اضطره الى قبول الزواج من عجوزه الجديدة حتى ينقذ نفسه من مد يده للغير ..
ولكن سعادته بعودة علاقته معه لم تمنع أدهم من ان يحقد على عبد القادر واسرته .. خصوصا كلما نظر الى ليندا نادبا حظه .. فعبد القادر الذى يكبره بعدة سنوات قد فاز بزوجة صغيرة وجميلة وأسرة سعيدة وعافاه الله مما ابتلى به أدهم من لعب القمار أو معاشرة النساء فى الحرام .. فى حين انه قد فقد ابنائه بتنازله عنهم .. وتزوج مرتين من امرأتين تكبرانه بعدة اعوام .. خصوصا تلك الأخيرة التى تكبره بكثير ولا تليق به أبدا ..

--------------------------------------------------

أقامت رنيم فى الأسبوعين الأخيرين من حملها عند والديها .. بالرغم من ان امينة طلبت منها كثيرا ان تظل عندها .. وهى كانت ترغب فى ذلك .. ولكنها حاولت أن تحافظ على مشاعر ابويها .. وأيضا على تقاليد وعادات معظم الشعب المصرى فى مثل تلك الظروف ..
طلبت من أشرف ان يقيم معها .. ورغبت والدتها فى ذلك وألحت عليه .. ولكنه رفض بحجة أن المسافة بين بيت والد رنيم وبين العمل كبيرة .. فى النهاية تركه الجميع على راحته .. وآثروا ألا يضغطوا عليه ..
ولكنه كان يمر عليها بعد العمل يجلس معها بضع ساعات ثم يعود الى شقته يبيت فيها وحده ..

مرت الأربعة الأيام الأولى منذ ذهاب رنيم عند والديها على هذا الروتين اليومى .. يستيقظ أشرف ليذهب الى العمل .. ثم يعود ليبقى مع زوجته عدة ساعات بعد ان يتغدى معها ومع والديها .. ثم يرحل فى المساء الى شقته ..

فى اليوم الخامس وقبل أن يخلد الى النوم بدأ أشرف فى تصفح الفيس بوك كعادته .. كانت لديه رسالة طلب اضافة صديق .. ساقه فضوله ليعرف أولا صاحب طلب الصداقة .. ففوجئ انها من نور .. زميلة مقربة له من أصدقاء الجامعة .. تزوجت بعد تخرجها بقليل وسافرت مع زوجها الذى كان يعمل مهندسا بإحدى الدول العربية .. ومنذ أن تزوجت وانتقلت مع زوجها خارج مصر لم يسمع عنها شيئا .. تعجب فى البداية أن تتواصل معه نور بعد تلك الفترة الطويلة من الانقطاع عن الجميع.. ولكنه قبل طلب الصداقة من باب الفضول والتسلية فى ان يعلم اخبارها ..

لم تمر دقائق حتى استلم أشرف رسالة شات من نور ..
نور : هاى أشرف ..
أشرف : هاى نور .. ايه اخبارك ..؟
نور : أنا تمام .. وانت ..؟
أشرف : ماشى الحال .. انتى رجعتى مصر امتى ..؟
نور : يعنى .. من سنة تقريبا ..
أشرف : أفهم من كدة انك استقريتى انتى وجوزك هنا فى مصر ..؟
نور : تقصد استقريت انا هنا فى مصر ..
أشرف : مش فاهم .. تقصدى ايه ..؟
نور : أنا اتطلقت ورجعت مصر لوحدى ..
أشرف : لا حول ولا قوة الا بالله .. ليه كده .. ؟
نور : يعنى .. زى ما بيقولوا .. كل شيء قسمة ونصيب .. تقدر تقول ما اتفقناش ..
سكت أشرف ولم يدرى ماذا يقول فى مثل تلك الظروف ..
نور : المهم سيبك انت منى وقوللى عامل ايه فى حياتك .. ويا ترى اتجوزت ولا لسة ..؟
أشرف : زى ما قلت لك ماشى الحال .. اتجوزت وجايلى بيبى فى الطريق ..
نور : بجد ..!! ألف مبروك .. عمرى ما اتخيلتك حتعملها ..
أشرف : ادينى عملتها ياستى .. وزى ما بيقولوا كلنا لها ..
نور : ياساتر .. ومالك كده بتقولها وكأن حد غصبك عليها ..
أشرف : لا ابدا .. بس يمكن كانت أيام العزوبية احلى .. يعنى مفيهاش مسئولية ..
نور : هو كده صنف الرجالة .. عايزين كل حاجة تريحهم .. طالما رضيت بالجواز .. يبقى لازم تشيل معاه المسئولية ..
أشرف : هو يعنى مينفعش الجواز من غير المسئولية .. ؟!!
نور : لا مينفعش طبعا .. جواز معناه مسئولية ست وبيت وأولاد ..
أشرف : بس .. بس .. متفكرنيش .. خلينى استمتع بالكام يوم العزوبية اللى أنا عايشهم اليومين دول ..
نور : عزوبية ايه يابنى .. انت مش بتقول انك متجوز .. هو انت زعلان مع مراتك اليومين دول ولا ايه ..؟
أشرف : لا ابدا .. لا زعلانين ولا حاجة .. بس انتى عارفة عاداتنا .. الست اللى قربت تولد بتروح تقعد عند اهلها قبل الولادة بكام يوم ..
نور : افهم من كده انك حتبقى بابا قريب ..
أشرف : أيوة ياستى حبقى زى ما بتقولى كده ..
نور : هو انت ليه يا اشرف محسسنى انك لا مبسوط بجواز ولا بخلفة .. ولا أنا فاهمة غلط .. وقرون الاستشعار عندى بايظة ..؟!!
أشرف :بصراحة مش قادر أحدد .. أنا فى أول الجواز كنت مبسوط جدا .. وفرحان انى أرتبطت بالانسانة اللى حبيتها .. لكن بعد فترة .. وللأسف فترة قصيرة .. حسيت بملل غير طبيعى .. وابتديت اعيش حياتى اللى كنت عايشها قبل الجواز .. يعنى .. رجعت لشلة الكلية وكنت بقضى معظم الوقت معاهم .. نخرج .. نروح جيم .. نلعب بلاى ستيشن ..
قاطعته نور : معقول .. ومراتك كان ايه محلها من الاعراب ولا رد فعلها فى تصرفاتك دى ..؟
أشرف : أكيد كانت مضايقة .. ومنكدة على حياتى .. لكن أنا كنت مصدر لها الطرشة وبعمل اللى انا عايزه .. لكن بعد فترة حسيت انها اتغيرت وشغلت نفسها بحاجات تانية غيرى .. ساعتها ابتديت أنا كمان اتغير واهتم بيها زى الأول ..
نور : غريب أوى اللى بسمعه منك .. بس عموما كويس انكم رجعتم زى الأول .. ده معناه انك بتحبها أوى ..
أشرف : هى انسانة كويسة .. بس للأسف الحلو ما يكملش ..
نور : تقصد ايه ..؟
أشرف : بصراحة ساعات كده تصرفاتها بتضايقنى ..
نور : بصراحة مش قادرة افهمك .. منين بتقول انها سابتك تعمل اللى انت عايزه وانت نفسك اللى اتغيرت لما شغلت نفسها عنك .. ومنين بتقول ان تصرفاتها بتضايقك .. هو انت عايز منها ايه بالظبط .. ؟
أشرف : مش عارف .. بس كان نفسى اننا منفكرش فى خلفة الولاد قبل سنتين تلاتة من جوازنا .. للأسف هى مقدرتش تصبر أكتر من سنة واحدة وخالفت الاتفاق اللى بينا وحملت ..
نور : انت انسان غريب أوى يا أشرف .. أى واحدة بتتمنى انها تحمل وتبقى ام أول ما تتجوز.. ازاى تطلب منها انها تمنع نفسها من الغريزة دى .. ياريتنى أنا قدرت أخلف أول ما اتجوزت .. مكنش بقى ده حالى ..
أشرف : أنا آسف يا نور .. بس هو انتى اطلقتى ليه ..؟
نور : علشان محصلش حمل ولا خلفة طول السنتين اللى اتجوزنا فيهم .. أنا عندى مشاكل فى الموضوع ده ..
أشرف : ولا يهمك .. كل شيء نصيب .. وان شاء الله ربنا حيعوضك قريب ..
نور : الحمد لله على كل حال ..
أشرف : وانتى بتقضى يومك ازاى ..؟
نور : يعنى .. بروح النادى وبقابل صحابنا .. ومفيش حاجة تانية اعملها ..
أشرف : أنا بقالى فترة مبروحش النادى .. علشان كده مشفتكيش .. عموما ححاول آجى النادى علشان اشوفك .. ده لو مكانش يضايقك ..
نور : أبدا .. بالعكس .. حكون سعيدة لو شوفتك ..
أشرف : خلاص .. بكرة حاجى النادى شوية بعد الشغل .. أنا بخلص شغل الساعة اربعة .. ايه رأيك ..؟
نور : تمام .. أشوفك بكرة .. باى ..

انتهى الشات بين أشرف ونور .. شعر بعدها بشيء من السعادة والاضطراب ينتابه .. وقليل من تأنيب الضمير .. لا يعلم هل من الصواب ما فعله .. هل هو بسبب الفراغ الذى يعيشه هذه الأيام ببعد رنيم عنه .. لا يظن ذلك .. هو يشعر منذ زمن ان هناك شيء ما ينقصه .. ولا يدرى ماهو .. هل ما شعر به تجاه رنيم فى يوم من الأيام هو مجرد اعجاب ولم يرقى لمرتبة الحب الذى لطالما ينشده .. لذا فهو الآن يبحث عن هذا الحب بين جنبات ماضيه وحاضره .. لعله ينعم به فى مستقبله .. ولكنه عاد وتساءل .. ورنيم .. ؟؟ وحياته التى بدأها فكانت نتيجتها ابنته القادمة على الطريق ..

انتاب أشرف هما جثا على قلبه .. شعر بعدها بوحدة وغربة شديدين .. شعر بخوف كطفل تركته امه وحيدا فى البيت فصار يخاف الهوام والعفاريت التى يسمع عنها فى قصص من حوله .. شعر بخوف مما هو قادم عليه .. مما حدث مع نور منذ دقائق وما سيحدث وسوف يجلب له مشاكل قد لا تحمد عقباها مع رنيم وتهدم بيتا بناه بصعوبة بالغة ..
---------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 08:50 PM   #32

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الرابع عشر

ما بعد البداية
الفصل الرابع عشر (غروب سعادة)

استأذن نادر بعد قليل من اداء واجب العزاء لبسمة وامها ليذهب الى ريم التى كانت جالسة بمفردها .. كان يريد ان ينتهز الفرصة لينفرد بابنته ويطمئن على أحوالها خلال الفترة التى غاب عنها ومكثت فيها مع علا وجمال .. وهل أثارت كعادتها مشاكل معهم بتصرفاتها الغير ملتزمة والطائشة .. هو يعلم ان ابنته صعبة المراس ومتحررة أكثر من اللازم .. لذا خاف ان تصطدم مع أى منهم مما يسبب مشاكل بينه وبين سلمى التى بالطبع ستنحاز الى اولادها .. لكن ريم قد طمأنته أن الأمور قد سارت بينها وبينهم على مايرام .. حتى انها خرجت معهم أكثر من مرة الى النادى .. فى وجود خالتها نجوى ..

انزعج نادر بشدة عندما سمع اسم نجوى يفرض نفسه على حياته الجديدة .. فهو يعلم جيدا من هى نجوى وكيف يمكنها ان تثير المشاكل اينما وجدت .. لذا غضب من ريم وانتفخت اوداجه وهو ينهرها : هو احنا مش اتفقنا قبل كده اننا داخلين على حياة جديدة .. واننا نخف شوية فى علاقتنا مع طنط نجوى ..؟!!
ريم وقد اجفلت من ردة فعل والدها : بابى أنا مطلبتش منها انها تيجى النادى وتتعرف على جمال وعلا .. أنا اتفاجأت بيها فى النادى .. وكنت مضطرة انى اعرفها عليهم ..
نادر : يعنى انتى متصلتيش بيها وعرفتيها انكم رايحيين النادى ..؟
كذبت ريم حتى تتجنب غضب والدها : لا أبدا .. احنا اتقابلنا معاها صدفة فى النادى ..
هدأ نادر قليلا وقد شعر بذعر ابنته .. فلانت نبرته وهو يقول : اسمعى يا ريم يا حبيبتى .. أنا مقدرش امنعك عن خالتك لانى عارف اد ايه انتى بتحبيها .. بس صدقينى يا ماما .. لو مامى الله يرحمها كانت عايشة هى بنفسها كانت حتحط حدود لعلاقتك بأختها .. وأنا حاولت أفهمك قبل كده يا ريم .. طبع طنط نجوى يا حبيبتى صعب .. ومش حيجيلنا منها الا المشاكل .. أرجوكى .. مش عايز اكرر الكلام ده تانى .. حاولى تقللى من التعامل معاها .. أنا عايز لنا بداية جديدة وهادية مع طنط سلمى .. بداية ميكونش فيها مشاكل .. فاهمانى يا ريم ..

هزت ريم رأسها بالموافقة على ما يطلب نادر .. الذى سكت قليلا يلتقط انفاسه ثم اردف : وكمان فيه حاجة تانية عايز اطلبها منك .. جمال وعلا يا حبيبتى مش من سنك .. دول ضعف عمرك .. يعنى مش من اللايق انك تناديهم باسمهم كده زى ما بتنادى حد من صحابك اللى فى سنك .. يا ريت تندهى جمال بأنكل وعلا بطنط ..

ظهر التذمر على وجه ريم .. كيف يطلب منها ابيها أن تلتزم بألقاب لهم .. خصوصا جمال .. كيف تناديه بأنكل وهى تصبوا الى الارتباط به .. أحست انها ان فعلت فسوف تباعد بينهم المسافات فى الاتجاه الذى لا تتمناه .. أما علا .. فقد وجدت الأمر أشد سخافة .. فمعظم السيدات مهما كبرت لا تحب ان يناديها أحد بكلمة طنط تلك .. لذا قالت معترضة : بابى .. مش حقدر .. أنا خلاص اتعودت انى اناديهم باسمهم وكمان مفتكرش ان علا حتحب انى اقولها طنط .. ده أنا حتى فى اوقات كتير بنادى طنط نجوى باسمها كده من غير طنط ..

لم يصر نادر على طلبه هذا واقتنع بما قالته ريم .. فقال لها : عموما طالما انهم معترضوش فخليكى على راحتك معاهم .. بس من غير ما نتعدى حدود الذوق والأدب .. تمام يا مامى ..؟
ريم بابتسامة : تمام يا بابى ..
وقبل ان ينهى نادر كلامه مع ابنته قال فجأة : آه .. فيه حاجة أخيرة حابب انبهك ليها يا ريم ..

نظرت له ريم وقد ارتسم على وجهها الرعب مخافة ان تكون علا قد أخبرت سلمى عن ما تفعله ريم على الانترنت .. وفى النهاية وصل الخبر لوالدها .. لذا جحظت عينيها من الترقب والخجل ..
نادر : انا يمكن كلمتك قبل كده عن طنط سلمى وشرحتلك اد ايه هى انسانة طيبة ومتفاهمة .. بس اللى لازم تفهميه انها من النهاردة هى اللى حتكون مسئولة عنك .. يعنى من الآخر كده مش عايز مشاكل معاها .. حاولى تتعاونى معاها .. ثم نظر لها نظرة ذات مغزى وهو يكمل : وبلاش كل كبيرة وصغيرة تخرج برة البيت .. خصوصا لطنط نجوى .. فهمانى يا ريم ..
أومأت ريم بالايجاب .. وكل جزء من جوارحها لو نطق لانفجرت قنبلة من الرفض لكل كلمة قالها بخصوص سلمى .. فهى لا تريدها ان تتدخل فى حياتها بأى شكل من الاشكال .. أو تسيطر عليها كما سيطرت على ابيها .. هى تبغض سلمى .. بكل ما تحوى الكلمة من معنى .. وقد ساهمت نجوى فى تغذية تلك المشاعر لديها منذ أن علمت برغبة نادر فيها ..
بمجرد ان انهى كلامه .. دخلت ريم الى الحجرة لتجهيز شنطتها لتعود الى منزلها كما طلب منها ابيها .. بعدها سمع صوت باب الشقة يفتح وتدخل سلمى ومعها جمال وعلا .. فسارع نادر موجها كلامه لسلمى : ايه يا حبيبتى .. مش ياللا بينا علشان نلحق نروح .. أنا محتاج استريح شوية .. أنا طلبت من ريم تدخل تجهز شنطتها علشان نمشى بمجرد ما تنزلوا من عند بسمة ..

نظر له الثلاثة بتعجب .. فهو لم يمهلهم أى فرصة للجلوس سويا أو حتى لالتقاط انفاسهم من زيارة بسمة ..
شعر نادر بسخافه طلبه .. فبادر وملامحه تقول عكس ما يرغب : لو حابة نقعد شوية .. مفيش مانع .. بس بصراحة أنا حاسس انى مرهق شوية ومحتاج اريح ..
ردت سلمى بسخرية : لا .. وعلى ايه نقعد طالما انك تعبان وعايز تريح ..

لم يعلق نادر على تقريعها الواضح له امام ابناءها .. وفى اللحظة التى كانت ريم تخرج فيها من الحجرة .. نظرت سلمى الى علا تقول : عموما يا علا يا حبيبتى ابقى كلمينى علشان أعرف منك ايه الموضوع المهم اللى كنتى عايزانى فيه .. فأدركت ريم انها لا محالة سوف تخبرها بأمر ريم وما تفعله ..
نادر : أنا كمان عايزك فى موضوع مهم يا علا .. عموما يمكن هو نفس الموضوع اللى ماما حتكلمك فيه ..

تجمدت ريم فى مكانها وهى تستمع الى ما قالته سلمى وابيها .. فبالتأكيد قد أخبرتهم علا بالأمر .. وسوف يفتضح أمرها بين الجميع ..

-------------------------------------------

بعد ان تركت سارة عمر .. ظلت على كورنيش البحر حتى قاربت الشمس على الغروب .. .. فيما كانت تنظر بتمعن الى الأمواج وهى تتعجب من الرحلة القصيرة لكل موجة وكأنها منذ ولدت على سطح البحر حتى تكسرت على الشاطئ انما تمثل ايام الحياة لها تماما مثل السعادة القليلة لها مع أمير والتى كادت ان تنتهى .. كان غروب الشمس يذكرها بزوال فرصتها أن تكون أما فى يوم من الأيام .. ظلت طوال ساعات لا تعلم ماذا تفعل حيال ارتباطها بأمير .. هو بالتأكيد لن يرغب فى امرأة لا تنجب .. وان قبل فسوف يكون من باب الشفقة التى لا تقبل بها لنفسها ولا تتحملها من أيا كان .. خصوصا من أمير .. وعلى فرض ان القدر قد كتب لها ان ترتبط به .. فسوف يأتى اليوم الذى يطعنها فيه عندما لا يقوى على تحمل عدم الانجاب وان يكون أبا .. فكالعادة فى معظم تلك الحالات .. أما انه سيأتى عليه اليوم الذى يصارحها فيه برغبته فى زواج آخر يستطيع فيه ان يكون أبا .. أو يفعلها بدون علمها .. وقتها لن تتحمل هى تلك الطعنة وسوف تكون النهاية بينهما .. لذلك من أولى ان تتركه هى قبل أن يشفق عليها أو قبل ان يتركها هو عاجلا .. ام آجلا .. غادرت البحر وعادت سارة فى المساء الى البيت خائرة القوى .. شاحبة الوجه.. فهى لم تتناول طعاما مطلقا منذ الأمس .. وظلت واقفة على قدميها أمام البحر لساعات طوال ..

حاول أمير الاتصال بها عشرات المرات هو وخالتها ولكنها قد اغلقت تليفونها بعد أول اتصال تلقته من امير ولم ترد عليه فيه ..

كانت جميلة تجلس فى انتظارها وقد كاد القلق عليها ان يقتلها .. فما لبثت ان دلفت سارة الى الداخل حتى وقفت جميلة واتجهت اليها مسرعة بعد ان وضعت امير الصغير على الاريكة التى كانت تجلس عليها وهى تقول بلهفة : سارة حبيبتى .. كنتى فين طول اليوم .. خضتينا عليكى انا وامير ..

سارة وقد كادت ان يغشى عليها من الاعياء : من فضلك يا طنط .. سبينى بس اقعد واريح .. أنا مش قادرة اصلب طولى .. قالتها ثم انهارت فوق المقعد المجاور وهى تغمض عينيها وتشعر ان الدنيا تدور بها ..
جميلة بفزع : سارة .. سارة حبيبتى مالك فيكى ايه ..
حاولت سارة ان تطمئن جميلة فقالت بصعوبة : متقلقيش أنا بخير .. بس يمكن حاسة بدوخة علشان مكلتش حاجة من امبارح ..
جميلة وهى تضرب صدرها بيدها : معقول .. ليه كدة يا بنتى .. ايه اللى بتعمليه فى نفسك ده .. ثم سارعت الى المطبخ وهى تقول : لا حول ولا قوة الا بالله .. دى عين وصابتك يا حبيبتى .. عادت جميلة اليها فى ثوانى قليلة وهى تحمل برطمان العسل وملعقة .. فدست فى فمها ملعقة عسل حتى تزودها بالطاقة التى تحتاجها .. ثم تناولت كوب من الماء ووضعت به ملعقة عسل أخرى لتذيبه فى المال وتجعلها ترتشف منه قدر ما تستطيع ..

مرت حوالى خمس دقائق استطاعت بعدها سارة ان تفيق من اغماءة وشيكة ..
تركتها جميلة بعد ان اطمأنت عليها ودخلت الى المطبخ لتأتيها ببعض الطعام الذى وضعته على الطاولة أمامها وبدأت تضع لها الطعام فى فيها بنفسها ..

بعد لقيمات بسيطة شعرت سارة بأن نفسها تعافى الطعام .. فقالت لخالتها بوهن : كفاية يا طنط .. مش قادرة .. حاسة انى عايزة ارجع .. مش طايقة الأكل ..

لا تعرف جميلة لماذا ظنت فجأة أن سارة قد تكون أخطأت مع أمير وانها حامل .. فبالاضافة الى حالتها الغريبة من أيام ووجومها معظم الوقت وغيابها بالساعات خارج البيت بالاضافة الى لمسة الحزن التى لا تفارق وجهها الشاحب ومعافاتها للطعام هى علامات لا تنبأ بخير .. هى علامات تصاحب الغالبية من حديثى الحمل ..

لم تتردد جميلة التى فزعت فزعا شديدا من الفكرة ان تسأل سارة بوضوح : سارة .. أنا خالتك يا حبيبتى .. لا .. أنا امك اللى ربيتك .. وبخاف عليكى اكتر من أى حد فى الدنيا ..
قاطعتها سارة بتعجب : هو فيه ايه يا طنط .. انتى عايزة تقولى ايه ..
جميلة بتلعثم : انتى حصل بينك وبين أمير حاجة ..
سارة وقد عقدت حاجبيها .. متعجبة من سؤال خالتها : حاجة .. حاجة زى ايه .. أحنا امورنا كويسة مع بعض ..
جميلة : مقصدش .. أنا اقصد أمير قرب منك .. حصل ما بينكم حاجة يعنى ..؟

ضحكت سارة بسخرية .. لم تتصور للحظة ان يصل تفكير خالتها الى تلك المنطقة : لا طبعا يا طنط .. ايه الكلام اللى بتقوليه ده .. ازاى تظنى في أو فى أمير حاجة زى دى .. لعلمك أمير ده انسان محترم جدا .. وعمره ما حاول حتى يمد ايده زى ما اغلب الشبان بيعمل اثناء الخطوبة .. ثم ضحكت سارة وهى تقول : وبعدين ده انتى لسه بتقولى انى تربيتك .. اد كده تربيتك طلعت فشنك ..
جميلة : آسفة يا حبيبتى .. بس قلبى وقع فى رجلى لما قولتيلى انك مش طايقة الاكل وحاسة انك عايزة ترجعى ..
سارة : وهى كل واحدة تحس انها عايزة ترجع تبقى حامل ..اهدى يا طنط وبلاش الأفكار دى .. أنا بس يمكن أخدت برد من وقفتى على البحر ..

شعرت سارة بانها أخطأت عندما قالت جملتها الأخيرة .. فهى تفتح لخالتها الباب لاسئلة هى ليست مستعدة بعد للاجابة عليها ..
بالفعل بادرت جميلة تسألها بتعجب : وايه اللى وقفك على البحر . وايه التأخير ده كله .. أنا فى الأول افتكرتك مع أمير .. بس من شوية هو اللى اتصل بي وكان بيسأل عليكى .. بيقول ان تليفونك مقفول من بدرى ومش عارف يوصلك ..

كانت حالة سارة لا تسمح لها بالمراوغة فى الاجابة .. وكأن الدنيا قد اظلمت من حوها .. تشعر بوحدة قاتلة .. تبحث عن بصيص أمل يجعل استمرار علاقتها بأمير غير مستحيلة .. أمل فى ان تصبح أما لابناء من أمير وليس سواه .. فلوعة فراقه المرتقبة لا يعدلها لوعة .. حتى لو كانت لوعة كونها عاقرا .. اذا ما شاء قدرها ان تزيل الرحم بسبب ما أصابه من أورام ..

كانت حالة الحزن والوهن الذى تحياه هى ما جعلتها تقرر أن تتكلم مع خالتها وتخبرها بكل ما كانت تحاول ان تخفيه عنها وعن أمير .. كانت تشعر بضعف للدرجة التى كانت تحتاج فيها الى احد قريب منها يحمل عنها نصف الهم الذى تعيشه تلك الأيام .. ومن سواها جميلة أقرب إليها حتى تلقى بهمومها بين يديها لعلها ترتاح ولو قليلا مما تعانى ..
سارة وقد امتلأت مقلتيها بالدموع : بصى يا طنط .. قبل ما اتكلم لازم توعدينى ..

شعرت جميلة بوخزة فى صدرها من خبر قد يكون مؤلما تراه جليا فى الدموع التى بدأت تنساب على خد سارة وكأن نهران قد فاضا من مقلتيها : أوعدك ..!! اوعدك بإيه يا حبيبتى .. وليه بتبكى بالشكل ده .. ؟ ثم اقتربت منها والتقطت رأسها تضعها فى نحرها .. وتضمها بشدة بين ذراعيها ..
سارة : آه .. آه يا طنط .. تعبانة .. تعبانة أوى ومش عارفة اعمل ايه ..
جميلة وقد بدأت هى الأخرى تذرفف دموعها وبقلب قد حار فى امر حبيبتها المنهارة بصدرها : اهدى .. اهدى يا سارة يا حبيبتى وفهمينى ايه اللى فيك يا بنتى .. أنا مش فاهمة حاجة ..
هدأت سارة قليلا ثم قالت بهدوء : الأول اوعدينى ان مفيش حد يعرف اللى حقوله .. وخصوصا أمير ..
جميلة : أوعدك ازاى وأنا مش عارففة ايه هو اللى بتخلينى اوعدك بيه .. مش يمكن يا بنتى الوعد ده ميكونش فى مصلحتك ..
سارة : اوعدينى يا طنط .. أرجوكى ..
جميلة : طيب يا سارة .. اوعدك .. ها .. قولى بقى يا حبيبتى ايه اللى تعبك بالشكل ده ..

سكتت سارة طويلا حتى كادت جميلة ان تفقد الأمل فى ان تقول شيئا .. ولكنها نطقت أخيرا : أنا عندى نفس المرض اللى ماما ماتت بسببه ..

شعرت جميلة وكأن سكينا قد طعن فى قلبها وردت بفزع وهى تضمها بشدة الى صدرها : يا ساتر يا رب .. ايه اللى بتقولي دة يا سارة .. وعرفتى منين .. ؟
سارة : أنا اتأكدت بعد ما عملت منظار من كام يوم .. والنهاردة طلعت نتيجة تحليل العينة اللى اتخدت بالمنظار .. والنتيجة طلعت ايجابية .. الورم مأثر على الرحم .. وفى الغالب لازم اعمل عملية .. واحتمال يستأصلوا الرحم ..
جميلة : لا يا سارة متقوليش كده .. لا حول ولا قوة الا بالله ..
سارة : ماما الله يرحمها ماتت بعد ما استأصلوا الرحم .. بس كانت خلفتنى قبلها .. لكن أنا مش حلحق حتى احمل وأخلف ولو طفل واحد يربطنى بأمير طول العمر .. سكت للحظة لالتقاط انفاسها ثم قالت : العمر اللى فى الأصل معرفش هو اد ايه ..

كانت جميلة تردد بصوت خافت وهى ترتعش : لا حول ولا قوة الا بالله .. لا يا حبيبتى .. ان شاء اللى ميكونش اللى بتقوليه ده صحيح .. بعد الشر عنك .. يارب الطف .. يارب لطفك ..

ساد الصمت لحظات كانت سارة تستلقى برأسها على صدر خالتها تنعم ببعض الراحة .. فقد كانت منهكة القوى من طول بقاءها خارج البيت طوال اليوم .. ومجهدة من التفكير فى مصيرها هى وأمير .. حبيب القلب الذى عشقته من أول مرة رأته فيها .. فى حفل زفاف اخيه أشرف ..ولم يدرى هو بحبها الا مؤخرا .. قبل أن يعترف لها بحبه ويتقدم لخطبتها منذ شهور قليلة ..
تكلمت جميلة : وليه يا سارة مش عايزة أمير يعرف ..؟ هو مين اقرب لك فى الدنيا دى كلها منه .. ؟ وبعدين لو مش حيقف جنبك فى ظروفك دى .. أمال امتى حنعرف معدنه يا عمرى .. ؟
سارة : أهو علشان معدنه ده يا طنط مش لازم يعرف أى حاجة .. واللى بينى وبينه ده لازم ينتهى فى هدوء ..
جميلة وقد ازاحت رأسها بهدوء من فوق صدرها تنظر فى عينيها : ايه الكلام الفارغ اللى بتقوليه ده يا سارة ..
سارة : ده كلام العقل .. وده وقته .. القلب لازم يقبل بيه .. بالرغم من انى بحب أمير اكتر ما هو بيحبنى بألف مرة .. وعلشان كده لازم انسحب من حياته فى هدوء وأديله الفرصة اللى يستحقها فى انه يرتبط بواحدة تقدر تخلف له ولاد ..
جميلة بنرفزة : انتى ازاى تقررى حاجة بالنيابة عنه .. دى اسمها انانية .. من حقه يعرف اللى انتى فيه . وساعتها هو اللى يقرر ان كان يستمر معاكى ولا ينسحب ..
سارة : أنا عارفة ان أمير بمعدنه الأصيل مش ممكن ياخد قرار الانفصال عنى .. خصوصا وأنا بمر بالظروف دى .. شهامته اللى أنا عارفاها كويس حتمنعه انه يعمل كده ..
جميلة : طيب وهى فين المشكلة طالما حيكون و راضى بيكى و بكل ظروفك .. وبعدين الناس لازم تكون على الحلوة والمرة مع بعض .. يعنى لو الحكاية بالعكس كنتى حترضى انه هو اللى يسيبك من غير ما يديكى فرصة تقفى جنبه ..
سارة : بعد الشر عليه .. أنا افديه بروحى .. ومش ممكن اسيبه أبدا مهما كانت ظروفه ..
جميلة : شفتى بقى انك انانية ..
سارة : صدقينى يا طنط أنا مش أنانية ولا حاجة .. أنا علشان بحبه بجد بختار مصلحته .. أنا لو انانية كنت عرفته ظروفى وأنا متأكده أنه مش حيسيبنى .. على الأقل وأنا فى الظروف دى .. بس ادام شوية كل شيء حيتغير وحيبقى نفسه فى الولاد .. وده اللى مش حقدر احققهوله .. وساعتها حيقرر انه يسيبنى ويروح للى تقدر تخلف له الولاد اللى نفسه فيهم .. او يتجوز من ورايا ويعيش بقلبين بينى وبين اسرته التانية .. وأكيد فى النهاية مش حيستحمل الوضع ده .. ده غير انى من الاساس مش حوافق عليه ..
جميلة : انتى يا بنتى كده بتعذبيه وبتعذبى نفسك ..

سكتت سارة ولم تتكلم .. هى فقط لا تسمع سوى الى عقلها الذى يخطط لها من الآن كيف تنهى ما بينها وبين أمير قبل ان يعلم ما حدث لها ..

تكلمت جميلة مرة أخرى وهى تربت على كف سارة القابع بجوارها : اسمعى يا سارة .. متسبقيش الأحداث يا حبيبتى .. الموضوع لسة فى أوله .. هو الدكتور عمر قالك ايه عن الحالة بالظبط ..
سارة : الحالة مش تخصص عمر .. المفروض الدكتور أحمد اللى يقولنا ايه المرحلة اللى وصلت لها .. وايه قراره بالنسبة للحالة ..
جنيلة : وده حتعرفيه امتى ..؟
سارة : بكرة ان شاء الله عمر حيبلغنى ..
جميلة : طيب يا حبيبتى .. زى ما وعدتك انى مجبش سيرة لحد .. أنا كمان عايزاكى توعدينى ..
سارة : أوعدك بايه ياطنط ..
جميلة : توعدينى انك متتصرفيش فى اللى بينك وبين أمير الا لما ترجعيلى ..
سارة : حاضر يا طنط ..

ضمت جميلة سارة مرة اخرى الى صدرها ولم يقطع عليهم سكون البيت بعد ان نام أمير الصغير سوى صوت تليفون جميلة التى التقطت التليفون من جوارها لترى اسم امير على الشاشة .. فقالت : ده امير يا سارة .. هو انتى لسة قافلة تليفونك ..
سارة : أيوة يا طنط ..
جميلة : طيب يا بنتى يا ريت تردى عليه . علشان هو قلقان عليكى من بدرى .. وعلشان كمان ميحسش بحاجة ..
أومأت سارة برأسها .. ثم فتحت جميلة الخط وقالت وهى تحاول ان تكون على طبيعتها : أهلا يا أمير ..
أمير : مساء الخير يا طنط .. يا ترى سارة رجعت ..
جميلة : أيوة يا حبيبى رجعت من شوية .. حالا حتكلمك ..

التقطت سارة التليفون وردت بهدوء على أمير : أهلا يا أمير .. عامل ايه يا حبيبى ..؟
أمير بضيق : فيه ايه يا سارة .. انتى فين طول اليوم .. وليه تليفونك مقفول من بدرى .. أنا بتصل بيكى من بدرى ..
سارة : آسفة .. الشحن خلص وأنا كنت برة طول اليوم ومعرفتش اكلمك .. كنت مشغولة مع صاحبتى .. ابنها كان تعبان وما كنتش عارفة تعمل ايه..
أمير بعد أن اطمئن عليها : طيب يا حبيبى . المهم انك بخير .. أشوفك بكرة فى الشغل .. تصبحى على خير ..

سارة وقلبها يخفق له بشدة .. وقد بدأت دموعها تنساب من جديد : وانت من اهلة يا حبيبى ..
أغلقت الخط .. ثم اجهشت فى البكاء .. لتدخل عليها جميلة من جديد وتضمها اليها وهى تقول : اهدى .. اهدى يا سارة يا حبيبتى .. ربنا رحمته واسعة .. تبات نار تصبح رماد باذن الله .. ياللا قومى انا حضرت لك العشا ..
سارة : مليش نفس يا طنط ..
جميلة باصرار : وأنا مش حسيبك الا لما تتعشى .. ثم جذبتها من يدها واجلستها على طاولة الطعام .. تضع اللقيمات فى فيها وهى تقول بابتسامة : ياللا حاكلك بايدى زى ما كنت بأكلك وانت صغيرة ..

ابتسمت سارة فى مجاملة لخالتها وبدأت تأكل على مهل ..

-----------------------------------------

اليوم هو اليوم الموعود لغادة وسعيد .. اليوم يوم اللقاء كما تعاهدا .. لم يذق كلاهما للنوم طعما فى ليلة اللقاء .. فغادة ظلت تفكر فيه وفى لقائه بسعادة .. تكاد ان يطير قلبها اليه شوقا .. ولكن سعيد كان على عكسها تماما .. فقد جثت كل التعاسة والحيرة على قلبه .. ولكنه فى نفس الوقت كان قلبه على وشك ان يخرج من صدره ليحلق فى سماء لقياها ..

من فرط الشوق .. كل منهم وصل الى مكان اللقاء قبل الميعاد بحوالى نصف ساعة .. تلاقت اعينهما وهما لا زالا يقتربان من بعضهما البعض .. وقد بدت غادة كفراشة الصباح يتطاير شعرها الناعم التى فضلت ان تترك له العنان لتبدوا له فى ابهى وأجمل صورها .. يحتار من ينظر اليها فى النور من حولها .. هل هو نور الشمس قد انعكست على وجهها .. أم هو نور وجهها الذى أضاء الشمس من حولها .. كان سعيد ينظر اليها وقد سحره جمالها ورقتها .. يتردد فى نفسه جملة طالما تكررت فى كل حين .. كم انت جميلة يا غادة .. ثم تذكر وعده لنفسه بالأمس فإخذ يلومها ويلعن قراره .. أى فراشة تلك التى يقترب منها وهى تبعد عنه خطوات.. كى يحطم كل آمالها بعد دقائق معدودة .. هل سيستطيع .. ألن يمسه سحرها مثل كل مرة يقرر فيها ان ينهى علاقته بها .. فلا يستطيع أن يفعل .. ولا يستطيع أن ينطق بكلمة واحدة تحزنها ..
أما هى فقد كانت تقترب .. لاتصدق مدى الشوق الي هذا الوسيم الذى سحرها منذ أن وقعت عينيها عليه .. فصارت لا ترى من الرجال سواه .. ولا تتمنى غيره .. ولا تصدق مدى السعادة التى باتت مرادفا لاسمه ..

اقتربا حتى أصبحت المسافة بينهما بضع سنتيمترات .. فكادت قواهما أن تخور .. كادا يتعانقان .. لولا أن هناك من العيون تنظر اليهما من كل اتجاه .. لفعلا دون تردد ..

طالت النظرة التى قد زادت عن الثلاث دقائق .. ولولا تعليق اثنين من الشباب وقد خرق التعليق سمعهما لطالت ولو بقيا هكذا سنين .. فأى شوق يلتهب ثم يعود ليخبو .. وما يلبث أن يلتهب بينهما من جديد .. !!!!!!!

تنحنح سعيد بعد سماعه هذا التعليق الذى ايقظهما من متعة حديث العيون .. ثم قال بهيام أيام وشهور الفراق : غادة .. وحشتينى ..
غادة وقد اسبلت جفنيها وكأنها تريد أن تغلقهما على صورته : وانت كمان يا سعيد .. وحشتنى أوى ..
سعيد : ممكن نمشى بعيد عن هنا شوية .. أنا محتاج اتكلم معاكى بعيد عن العيون السخيفة اللى حوالينا ..
غادة : زى ما تحب ..
سعيد : فيه كافيتريا قريبة من هنا ..؟
غادة : النادى قريب .. لو تحب نروح هناك ..
سعيد : بلاش النادى .. ممكن حد يعرفك هناك يشوفنا مع بعض وتحصل مشكلة .. وبعدين أنا مش عضو فى النادى .. وممكن يغلسوا علينا واحنا داخلين ..

سكتت غادة فهى لا تعرف غير النادى مكانا .. فما كان من سعيد الا ان أوقف تاكسى وركبا فيه . ثم طلب منه ان يذهب الى وسط البلد حيث يوجد العديد من الكافتريات ..

مرت دقائق قليلة قبل ان يجلسا على طاولة فى ركن هادئ من اركان الكافيتريا .. ظلا لعدة دقائق أخرى تتلاقا عيونهم كل منهم يقول فى نفسه اشياءا لعل الآخر يقرؤها دون أن تتحرك شفتاه ..
بعد قليل قطع احد الندل خلوتهم ..
النادل : صباح الخير يا فندم ..
سعيد : صباح الخير .. ثم وجه كلامه الى غادة : تحبى تشربى ايه حضرتك ..؟
غادة : أى حاجة .. اقصد أى عصير فريش ..
سعيد للنادل : اتنين عصير فراولة فريش من فضلك ..
ذهب النادل لتسأله غادة بابتسامة : اشمعنى فراولة ..
سعيد : علشان يتفكرنى بيكى ..
غادة بابتسامة ضاحكة وقد أحمر خدودها من الخجل : يا سلام ..
سعيد : أهو شوفتى انتى كده شبه الفراولة .. خدودك احمرت زيها .. سكت للحظات ثم قال : بحبك ..

ارتبكت غادة اكثر وقد اذابتها الكلمة والنبرة التى نطق بها فشعرت بسعادة ورعشة جميلة هزت كيانها وقالت : وأنا كمان .. ثم مرت لحظات أخرى من الشوق بين عيونهما .. لتقطع غادة نسيج الحرير الواصل بينهما بعد أن شعرت بانها على وشك ان تدخل فى مرحلة تتمنى فيها اكثر من تبادل النظرات فقالت : قولى بقى عملت ايه فى الأيام اللى فاتت ..
سعيد .. وقد حمد الله فى نفسه انها فعلت ذلك .. فهو أيضا كان أكثر هياما منها وكان على وشك أن يلقى بكفيه الملتهبتين شوقا اليها ليمسك يدها الملقاة فوق الطاولة .. وقد عاهد نفسه من قبل أن لا يلمسها الا وهى فى بيته زوجا له : كنت بجاهد نفسى بين الشغل وبين التفكير فيكى ليل نهار ..
غادة : ووصلت لإيه ..
سعيد : فى الشغل .. الحمد لله بتقدم .. وبدأ المهندس خالد يعتمد على فى حاجات كتير .. ده غير انه زى ما وعدنى بيدينى شغل للشركة انفذه كمقاول .. ثم أطرق سعيد برأسه الى الطاولة خجلا من نفسه وهو يقول : والله الراجل ده مش عارف أعمل معاه ايه ..

سكت سعيد طويلا وقد تذكر السبب الذى جاء من اجله لمقابلة غادة وقد وجد ان تلك هى اللحظة المناسبة ليقول لها ما يجول بخاطره وظل طوال الليل يردده بينه وبين نفسه .. محاولا ان ينتقى الكلمات التى لا تحزنها .. بالرغم من انه يعلم ان مجرد فكرة الفراق سوف تقتل احلامها الجميلة التى يراها تتراقص امامه الآن فى عينيها ..

لما طال سكوت سعيد ولاحظت غادة الحزن البادى على وجهه قالت : مالك يا سعيد ..؟ ليه وشك بقى حزين فجأة كده .. ؟!
سعيد وهو مازال على حاله : ابدا .. بس لما جت سيرة المهندس خالد حسيت اد ايه انا انسان مش كويس ..
غادة بتعجب بالرغم من انهما قد ناقشا هذا الأمر قبل ذلك .. وبسببه اتخذا قرارا لم يستطيعا ان يستمرا فى تنفيذه والآن هما سويا من جديد : ليه بتقول كده ..؟
سعيد وقد نظر اليها نظرة خاطفة ثم عاد ينظر الى الطاولة مرة أخرى وكأنه طفلا عملا ذنبا ويخجل من نفسه : انتى عارفة ليه ..

تذكرت غادة الاسباب التى من اجلها اتفقا من قبل على ان لا يلتقيا حتى يستطيع سعيد ان يتقدم الى خطبتها .. فأطرقت هى الأخرى الى الطاولة وقد جثا الهم على قلبها ..

مرت دقائق وهما على هذا الحال حتى وصل النادل بالعصير وقطع عليهما الصمت ..
سعيد بتلعثم واضطراب بعد دقائق الصمت والسكون : غادة .. ممكن تسمعينى كويس ..
نظرت اليه غادة وأومأت اليه برأسها .. فى حين كان هو يتكلم ولا يزال ينظر الى الطاولة .. وبالرغم من ذلك كان وضعه بالنسبة اليها يزيده وسامة ويزيدها تعلقا به ..
سعيد : تفتكرى ان اهلك ممكن يوافقوا على ..؟
غادة وقد فاجئها السؤال .. فهى تعلم ما يدور براسه وما يفكر فيه ويتخوف منه .. وبالأمس كانت فى نقاش حاد مع امها وزوجة أخيها تدافع عنه قبل أن تدافع عن القضية التى بسببها تؤمن بحقها فى الارتباط به .. ليأتى هو الآن ويزعزع موقفها ويدخل الشك فى قلبها فيما آمنت به ودافعت عنه ..

تعلم غادة .. بل هى على شبه يقين انه من الصعب بل يكاد يكون من المستحيل ان يوافق أهلها على سعيد .. وتعلم السبب جيدا .. وقد حدثت نفسها كثيرا .. حتى انها أصبحت منذ أن تعلقت بسعيد تكره وجود صفيه لديهم بالبيت .. بل تكاد أن تكرهها هى كونها اما لحبيبها .. لانها سوف تكون السبب المباشر لرفض أهلها اياه .. ولكنها بالرغم من ذلك تشبثت بالأمل .. وفى ان والدها لا يرفض لها رغبة .. ورغبتها الأولى والأخيرة هى سعيد .. فردت علي سؤاله بسؤال تحاول فيه ان تطمئنه وتزيل مخاوفه التى تراها على وجهه : وليه لا .. بطل تفكر فى الموضوع ده من فضلك يا سعيد .. على الأقل النهاردة .. أنت عارف أنا من امتى نفسى أشوفك ..
رد سعيد : غادة .. انتى عارفة انى بحبك أضعاف ما بتحبينى .. وكان نفسى اننا نتقابل وأشوفك ونتكلم واشبع منك .. مع ان ده مش ممكن يحصل ..

ضحكت غادة ملئ فيها وهى تقول : شوفت بقى .. أهو ده الكلام اللى عايزة اسمعه النهاردة ..
ابتسم سعيد هو ايضا وعاد يمطرها بكلمات الحب والغزل ونسى تماما ما جاء من أجله .. مرت الحصة الأول والثانية والثالثة من الدراسة وهى لا تشعر بالوقت الذى يمر ولا تريد أن تفكر سوى فيما تعيشه من لحظات جميلة مع حبيب قلبها ..

غادرا بعد ذلك .. عادت غادة الى البيت وذهب سعيد الى عمله وكل منهم يفكر فى الآخر .. غادة فى سعادتها بهذا اللقاء .. وتنتظر اللقاء التالى وقد اتفقا على ان يتلاقا مرة كل شهر .. وسعيد كان تتلاطمه امواج الفكر بين السعادة التى عاشها معها اليوم وبين قراره فى أن يفترقا .. والذى خاب أمله فى نفسه أن يستطيع أن يتخذ هذا القرار .. او حتى يلمح به .. بمجرد أن طلبت منه غادة أن لا يتكلم فى أمر سوى حبهما ..
-------------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-05-21, 07:20 PM   #33

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الخامس عشر

ما بعد البداية
الفصل الخامس عشر (لقاء بعد انتظار)

-------------------------------------------------

كان عبد القادر فى عيادته المسائية عندما تلقى تليفونا من نادر .. ففتح الخط بسرعة عله يتلقى منه خبرا عن أدهم ..
عبد القادر : ألو .. استاذ نادر .. حمدا لله على سلامتك انت والباشمهندسة .. يارب تكونوا انبسطوا فى شهر العسل .. ايه أخبارك .. ياترى فيه خبر عن أدهم .. عرفت توصل لحاجة ..؟
نادر : أهلا يا دكتور .. أولا شكرا على سؤالك .. احنا بخير الحمد لله .. أنا بتصل بيك علشان اطمنك .. أدهم كلمنى ..
تنفس عبد القادر الصعداء وهو يقول : الحمد لله انه بخير .. وكان فين مختفى طول الفترة اللى فاتت دى كلها .. ؟
نادر وهو يضحك : كان بيقضى شهر عسل ياسيدى .. الأخ اتجوز .. معلش مش قادر اقولك عقبال عندك .. ربنا يخلى لك مدام اجلال ويخليك ولادك ..
تعجب عبد القادر بشدة على الجانب الآخر : معقول .. ازاى .. وإمتى .. ده المفروض انه لسة منفصل عن مراته فى امريكا .. وبعدين هو اتجوز مين بالسرعة دى .. غريب أوى البنى آدم ده ..
نادر : والله يا دكتور أنا معنديش تفاصيل .. بس هو طلب منى ميعاد هو ومراته علشان عايزنى اعملهم اجراءات تأسيس شركة بينهم ..

عبد القادر وقد شعر ببعض الارتياح انه اطمئن على أدهم انه بخير وانه محصلش له حاجة وحشة لا قدر الله : تمام يا متر .. أشكرك على اتصالك .. الحمد لله انه بخير .. مع السلامة .. وبلغ تحياتى لمدام سلمى ..
نادر : يوصل ان شاء الله يا دكتور .. وسلامى للأسرة .. وسلام خاص للاستاذ كريم .. مع السلامة ..
انهى عبد القادر المكالمة وجلس يفكر فى أمر أدهم .. ولكنه لم يطيل التفكير حيث كان لديه كثير من زبائن بالعيادة ..

توجه بعد انتهاء العيادة الى البيت .. كان الجميع فى انتظاره جالسين يتسامرون ويضحكون ويلاعبون آية وكريم .. وكانت بالطبع فاطمة خالة اجلال هى مصدر ضحكاتهم بخفة دمها وبتعليقاتها وقفشاتها المضحكة ..

ألقى عليهم السلام وقبل يد أمه ورأسها كما تعود وطبع قبلة على خد زوجته ثم ضم ابنته بكل حناد ولم ينسى ان يحمل كريم من يد اجلال ليضمه الى صدره بكل حنان ويشتم رائحته .. لتشاكسه فاطمة بخفة ظلها : هو يعنى أنا اللى وقعت من قعر القفة .. تبوسهم كلهم وتاخدهم فى حضنك الا انا ..

ضحك الجميع وضحك عبد القادر وهو يتوجه اليها ويطبع قبلة حنونة فوق رأسها : يا خبر ازاى يا ست الكل ده انتى الخير والبركة ..ثم جلس يداعب كريم ..
سألت امه : لسة برضه يا عبد القادر مفيش خبر عن ادهم ..؟
ابتسم لها عبد القادر وهو يقول : أدهم بخير يا أمى .. بخير أوى لدرجة انه اتجوز ..
تعجب الجميع وردت امه وهى تعقد حاجبيها : اتجوز !! ده امتى .. وازاى .. أمرك عجيب والله يا أدهم .. ده لسه يادوب راجع من امريكا بعد ما طلق مراته وساب لها الولاد .. سبحان الله .. وياترى عرفت اتجوز مين ..؟
عبد القادر : لا والله يا أمى معنديش تفاصيل .. بس الظاهر انه اتجوز واحدة غنية .. المتر نادر قاللى انه كلمه علشان عايز يأسس شركة هو ومراته ..
فايزة : استر يارب .. أحسن يكون وقع على واحدة غنية يشطب على فلوسها على ترابيزة القمار .. ويرجع بعد كده وكأنك يا ابو زيد ما غزيت ..
عبد القادر : ربنا يستر يا أمى ويهديه .. أنا عموما حكلمه بكرة ابارك له واعزمه هو ومراته نتعرف عليها ..

بعد ساعتين صعد الجميع كل الى غرفته .. وضع عبد القادر كريم الذى ظل يحمله طوال جلسته مع اسرته فى سريره بعد ان غط فى النوم .. ثم استدار لإجلال التى كانت تقف خلفه وضمها الى صدره بحنان بالغ .. وهو يقول لها : وحشتينى يا حبيبتى ..
ابتسمت له إجلال بخجل وهى تعلم مراده .. فاليوم يمكنه الإقتراب منها بعد ان انتهت ايام النفاس بعد الولادة وقد أصبح فى شوق كبير لها ..

نظرت اليه بحب بالغ وهى تقول : وانت كمان يا حبيبى وحشتنى اوى .. والحمد لله انك ارتحت من ناحية ادهم .. أنا كنت حاسة بيك الايام اللى فاتت .. اد ايه كنت مضطرب وقلقان من ناحيته ..
عبد القادر : الحمد لله يا حبيبتى .. فعلا كنت قلقان عليه ومنه .. لكن الحمد لله .. هم وانزاح .. ثم غمرها بذراعيه وهو ينظر لها بشوق ويقول : وفى الوقت واليوم المناسب .. يستحق ادهم انى اشكره .. أول مرة يعمل معايا واجب .. بس من غير ما يدرى .. عموما كتر خيره .. ثم طبع قبلة على خدها وعندما اقتربت شفتيه من شفتيها سمع بكاء كريم فى سريره .. فاغتاظ بشدة وهى تتركه بلطف وتتجه الى طفلها ..

نظر اليه عبد القادر بتأفف وهو يردد بعد ان ابتسم : كده برضه يا كريم .. بقى أدهم يعمل معايا الواجب ده .. وانت تيجى وتفسده .. الله يسامحك ويسعد ايامك يابنى ..

التقطت اجلال كريم ووضعته على صدرها ليرضع .. ثم يعود الى النوم من جديد .. انهى عبد القادر اخذ شاور خلال رضاعته لعل مياه الشاور تطفئ شيئا من شوقه ولهيبه الى لقاء زوجته .. وقد كان قلقا من ان يستمر كريم فى الاستيقاظ ويضيع عليه فرصة ظل ينتظرها على احر من الجمر منذ ولادته ..
ولكن كريم كان بالفعل كريما .. فقد خرج عبد القادر من الحمام ليجده نائما من جديد ويجد اجلال تنتظره فى سريرها وهى فى اجمل وابهى صورة .. وتضع له البرفان الذى يعشقه منها ورائحتة كادت تسكره بمجرد ان خرج .. ليكمل معها ما بدأه قبل ان يستيقظ كريم ..
فى الصباح ذهب عبد القادر الى المشفى كعادته وبعد ان اجرى عدة عمليات و انهى المرور على المرضى تذكر أدهم .. فجلس فى مكتبه وكانت الساعة تقترب من الثانية عصرا .. فطلبه تليفونيا ..
استيقظ أدهم من نومه ينظر الى شاشة تليفونه .. ولما شاهد اسم عبد القادر تأفف قليلا .. ثم فتح الخط : ألو .. صباح الخير يا عبد القادر ..
عبد القادر : قصدك مساء الخير .. انت لسة نايم لغاية دلوقتى ..
أدهم : آه .. كنت سهران امبارح شوية ..
عبد القادر : عموما أنا بتصل بيك أطمن عليك .. وابارك لك ..
أدهم : وهو يفرك عينيه ليجبر نفسه على ان يفيق : تبارك لى على ايه بالظبط ..
عبد القادر : على الجواز ..
أدهم وهو يشيح بيده : آه .. الله يبارك فيك ..
عبد القادر : طيب مش كنت تقول .. على الأقل كنا نحضر الفرح علشان نسايبك يعرفوا ان ليك أهل ..
تعجب أدهم من كلامه فرد عليه : نسايبى ..!!
عبد القادر : أيوة نسايبك .. ولا مراتك ملهاش أهل ..
ضحك أدهم بصوت عالى وصل الى حد القهقهة .. حتى تعجب منه عبد القادر فقال : فيه ايه يا ادهم .. هو ايه اللى بيضحك فى كلامى ..؟!!
أدهم وهو يحاول ان يتحكم فى ضحكه : لا أبدا .. بس بصراحة هى صعب يبقى لها أهل .. أقصد انها آخر السلالة فى عيلتها ..

سكت عبد القادر بعد ان صدمه ادهم بتعليقه .. فى البداية لم يفهم ماذا يقصد .. ولكنه فهم ما يرمى اليه بتعليقه السخيف عليها وانه اذا كان راضيا عما فعله .. فهو بالتأكيد لن يذكرها بسوء .. مهما كان وضعها أو وصفها .. فهم انها كبيرة الى هذه الدرجة فى العمر .. ولكنه اراد ان يتأكد من ظنه : تقصد ايه .. مش فاهم ..
أدهم وهو مازال يضحك ويسخر من نفسه : أقصد أنها كبيرة حبتين ..
عبد القادر : يعنى هو انت اللى صغير .. ؟
أدهم وهو يمسح عينيه التى امتلأت بالدموع من كثرة الضحك : بصراحة .. بالنسبة لها .. آه ..
عبد القادر وقد بدأ هو الآخر يضحك على ضحك أدهم : ليه يابنى .. وايه اللى رماك على كده ..؟
أدهم بحزن وأسى : اللى رمانى أقرب الناس لي .. واللى طول عمرى بعتبره أخويا الكبير .. اللى رمانى .. ابن خالى العزيز يا عبد القادر ..
عبد القادر وقد وصلته رسالة التقريع من أدهم : لا وانت الصادق يا أدهم يا أبن عمتى .. اللى رماك هو مخك وادمانك للقمار اللى ضيع منك ثروة كان زمانك بيها دلوقتى مليونير .. وعموما أنا عارف انى غلطت فى حقك .. علشان كده حاولت اتصل بيك اكتر من مرة من وقت ما اتقابلنا آخر مرة .. بس للأسف تليفونك كان بره الخدمة .. ده أنا حتى بعتلك واحد من عندى لحد بيتك وبرضه معرفتش أوصلك .. بس لو كنت صبرت علي شوية كنت حتلاقينى بكلمك وابلغك على مشروع فكرت اننا ممكن نعمله مع بعض ..
قاطعه أدهم : للأسف جيت متأخر يا صديقى ..
عبد القادر : خلينا نعمل بمقولة " أن تأتى متأخرا خيرا من ان لا تأتى مطلقا" ..
أدهم : عموما شكرا يا عبد القادر على رغبتك فى انك لسه عايز تقف جنبى وتساعدنى .. بس أنا خلاص لقيت شريك للمشروع .. أنا اتفقت مع ليندا مراتى اننا نعمل شركة مقاولات .. هى حتدخل بفلوسها وأنا حدير الشركة .. وده مجالى اللى بفهم فيه ..
عبد القادر : عموما .. لو احتجتنى حتلاقينى يا أدهم .. دلوقتى سيبنا من الكلام ده .. أنا عازمك انت ومراتك تتعشوا معانا الجمعة الجاية .. اعتقد ان المفروض انك تكون حابب انها تتعرف على أهلك ..
أدهم بسعادة وابتسامة ما لبثت أن تلاشت عندما ذكر من تكون هى زوجته .. فهو لا يحب أن يكون هو وهى مادة لسخرية الآخرين ولكنه رد مضطرا : إن شاء الله يا عبد القادر .. حبلغ ليندا وأأكد عليك الميعاد .. أشوفك على خير ..
عبد القادر : باذن الله..مع السلامة..
أدهم : مع السلامة ..

-------------------------------------

ذهب أدهم بصحبة ليندا الى مكتب نادر الذى قد حدد لهم ميعاد لمقابلته بعد ان جهز لهم مسودة عقود الشراكة بينهم فى شركة المقاولات المزمع انشاءها بتمويل من ليندا على اساس ان تكون نسبة الواحد والخمسون فى المائة لأدهم .. وباقى النسبة لليندا .. هكذا طلب أدهم من نادر ان يحضر العقود على هذا الأساس .. فقد ضغط أدهم عليها فى ان يكون له النسبة الأكبر من الأسهم .. بالرغم من انها هى من ستقوم بتمويل الشركة بالكامل ولن يتحمل هو أى قدر من المال فى تأسيس الشركة ..
نادر بترحاب وهو يتحرك من مكتبه متجها الى أدهم وزوجته : أهلا .. أهلا يا باشمهندس .. نورتم المكتب ..
أدهم : أهلا بيك يا متر نادر .. من زمان متقابلناش ..
ليندا مقلدة لزوجها : أهلا متر نادر ..
تفاجأ نادر وهو يمد يده ليسلم على ليندا ولكنه تدارك صدمته فى كبر سنها الواضح عليها وكأنها ام أدهم وليست زوجته فضحك من لهجة ليندا وهو يعلق : وكمان بتتكلم عربى .. ما شاء الله ..
ليندا :أنا اتألمت أربى اشان انا بهب مصريين ..
نادر مجاملا : والمصريين بيحبوكى ليندا ..
ليندا : شكرا متر .. شكرا ..
مل أدهم من حوار المجاملات بين نادر وليندا .. لذا قاطعهم : تمام .. كلنا بنحب بعض .. الحمد لله .. ياترى يا متر حضرت عقود الشركة ..؟
نادر : قبل العقود تحبوا تشربوا ايه ؟
أدهم : مفيش داعى .. نراجع العقود ونمضيها وبعد كده نشرب زى ما احنا عايزين ..
نادر : وهو يتحرك الى مكتبه : عموما العقود جاهزة .. وبالإنجليزى زى ما طلبت .. اتفضل راجعها انت والمدام ..
أدهم : والله أنا ماطلبت .. هى اللى طلبت تكون العقود بالإنجليزى .. وطالبة كمان انها تتوثق عن طريق سفارتها .. أنا لو علي .. عايزها بالعربى ..

أدرك نادر ان ليندا ليست بالسيدة السهلة .. خصوصا فيما يتعلق بأموالها ..
بدأ أدهم وليندا كل منهم يقرأ نسخة العقد وقد طلب منهم ان يسجلوا ملاحظتهم ليتناقشوا فيها بعد القراءة لاجراء التعديلات المطلوبة بعد الاتفاق على البنود النهائية ..

مرت دقائق ثم بدأ كل منهم يتكلم عن ملاحظاته .. لم يبدى أدهم أى ملاحظات لأنه من البداية وضع البنود والشروط التى يريدها .. وجميعها فى مصلحته .. فى حين أن ليندا قد سجلت العديد من الملاحظات .. ثم ناولت نادر نسختها ..

تكلم أدهم بابتسامة عريضة وهو يناول نادر نسخته : تمام يا متر .. العقود زى الفل ..
نظر نادر الى نسخة ليندا بيده يتفحص ملاحظاتها .. ثم رفع رأسه ناظرا الى ادهم دون أن ينطق كلمة واحدة .. ولكنه ناول النسخة التى كانت بيد ليندا الى أدهم وهو يرفع كتفيه اشارة الى حيرته وتعجبه ..

أخذ أدهم يقرأ الملاحظات المدونة باللون الأحمر .. وقد امتلأت النسخة بها .. ولكن كان أهمها بالنسبة له أن ليندا قد رفعت نسبة شراكتها الى خمسة وسبعون بالمائة .. فى حين أصبحت نسبة أدهم خمسة وعشرون فقط .. وقد كتبت بجوارها نظير مجهوده فى العمل بالشركة .. ومعنى هذا أن ما سيتقاضاه هو عبارة عن راتب ليس الا ..

استشاط أدهم غضبا وجن جنونه بعد ان علم بنية ليندا بخصوص البنود التى اتفق معها عليها .. ولكنه حاول أن يتماسك .. فطلب من نادر الاجتماع بزوجته على انفراد ..

دخلت ليندا وأدهم الى غرفة الاجتماعات بمكتب نادر .. فبدا أدهم ثورته على ليندا ليقول بصوت عال وهو يلقى بالنسخة من يده امامها وهى جالسة بهدوء مستفز تنظر اليه : ايه اللى انتى كاتباه ده يا ليندا .. هو احنا مش اتفقنا على البنود المكتوبة فى العقد من قبل كده ..
ردت ليندا بهدوء : اسمع أدهم .. أنا مش ابيطة اشان اوافق على بنود دى .. أنا اللى هدفا فلوس مش انت .. لو مش موافق على شروطى .. بلاش شركة .. وهلينا زى ما اهنا .. انت اللى آيز شركة مش أنا ..

علم أدهم صعوب النقاش معها وانه فى المكان الأضعف .. فتكلم بهدوء لعله يستطيع ان يقنعها بتغيير البنود .. فقال : أيوة يا ليندا . بس أنا كده مش شريك .. وبعدين ازاى عايزة تييجى تديرى الشركة معايا .. أمال أنا دورى ايه ..
ليندا : أدهم .. انت آرف ان أنا اكدر أأمل شركة وهدى .. زى ما انت آرف ان أندى هبرة كبير فى ادارة شركات .. وده شجلى اللى اشتجلته سنين كتير فى أمريكا .. كمان انت مش هتكون فاضى لادارة .. فيه اندك تنفيذ مشروآت وتسويك .. أنا بهطط لشركة واستثمار كبير أدهم .. على اكل نقدر ندفع فلوس انت بتهسرها فى كمار .. كل يوم .. فاهمنى أدهم .. فى كمار انت بتلأبه مش أنا ..
سكت أدهم ينظر اليها بخيبة امل .. يتمنى لو أن يطبق فى تلك اللحظة على رقبتها ليتخلص منها وهى تذله بتلك الطريقة المهينة بعد أن أذل نفسه بزواجه منها ..
فى النهاية قال ادهم بانكسار : اوكى ليندا .. أنا محتاج وقت أفكر .. مش حينفع نمضى العقود النهاردة ..
ليندا بابتسامة باردة : أوكى هبيبى .. معاك كل وكت ..

خرجا من حجرة الاجتماعات واعتذر أدهم لنادر وأخبره أنهم سوف يراجعون أمر البنود من جديد وانه سوف يتصل به فى غضون يومين ..

-----------------------------------

مرت الأيام الأخيرة لحمل رنيم وحان موعد ولادتها .. فاجئها الطلق فى مغرب احدى الأيام .. فطلب والدها طبيبتها المتابعة لحالتها فأبلغها فقالت لهم ان يتوجهوا الى المشفى .. وفى اثناء ذلك طلبت امها أشرف الذى لم يأتى بعد الى زيارتها كعادته كل يوم .. فقد كان اليوم فى أول لقاء مع نور التى توطدت علاقته بها عن طريق التليفون .. واليوم هو أول لقاء لهم فى النادى بعد المكالمات اليومية الطويلة بينهما عبر التليفون ..

لم يرد أشرف على تليفونه بعد أن نظر الى الشاشة وتأكد أن الطالب هو حماته .. لم يدرى لماذا انتابه خوف من أن تشعر به حماته وهو يجلس مع نور عبر التليفون .. ولكنها عادت وطلبته مرة ثم مرة .. ليضطر أن يستاذن من نور ويأخذ التليفون بعيدا ليرد على مكالمة حماته ..
أشرف : ألو ..
لم تعطيه علياء فرصة حتى للترحاب بها وقاطعته : انت فين يا أشرف .. رنيم جالها الطلق .. واحنا رايحين بيها المستشفى .. بلغ مامتك ورغد وحصلنا على هناك ..
لم يستوعب أشرف المكالمة وظل ساكنا لا ينطق ولا يتحرك .. وكأنه نسى معنى جملة جاءها الطلق .. لتصيح فيه علياء مرة أخرى : انت معايا يا اشرف .. سامعنى ..
رد بتلعثم : أيوة أيوة .. حاضر يا طنط ححصلكم حالا ..
علياء : متنساش تبلغ مامتك ورغد ..
أشرف : حاضر حاضر .. مع السلامة ..
عاد أشرف بوجه شاحب الى الطاولة حيث تجلس نور لتسأله نور : فيه ايه يا أشرف .. مال شكلك متغير بعد المكالمة دى ..
أشرف : أنا آسف يا نور .. بس مضطر امشى حالا .. مامت رنيم اتصلت وقالت ان رنيم جالها الطلق ورايحين على المستشفى علشان تولد ..
نور بصدمة : هه .. طيب .. طيب .. مفيش مشكلة .. ربنا يقومها بالسلامة ..
أشرف : شكرا يا نور .. وآسف .. مش عارف اقولك ايه ..
نور بابتسامة : متقولش حاجة .. دى ظروف طارئة .. وطبيعى انك تكون جنبها دلوقتى .. ياللا علشان متتأخرش عليها ..
أشرف : طيب .. عموما حكلمك بالليل ..
نور : يا ريت .. على الأقل علشان تطمنى على رنيم والبيبى ..
تحرك أشرف سريعا لسيارته .. طلب أمينة ثم أيمن وهو فى الطريق الى المشفى وابلغهم كما طلبت منه علياء ..

وصل الى المشفى فى غضون دقائق .. كانت رنيم قد وصلت هى ووالدتها الى المشفى منذ نصف ساعة .. وقد كشفت عليها طبيبتها .. وأبلغتها انها لا تزال معها بعض الوقت .. ربما ساعات حتى تدخل الى حجرة الولادة ..

مرت خمس ساعات . وكان الطلق يأتى بين الحين والحين لتتألم رنيم بشدة عندما يأتى فتمسك بيد أشرف وتضغط عليها بشدة حتى يزول ألم الطلق ..

كان الجميع حول رنيم يحاولون تسليتها والتخفيف عنها وقت الطلق .. وخصوصا أمينة وغادة ورغد .. وباالطبع والديها .. ولكن أشرف كان يقف خائفا مضطربا وهو ممسك يدها وقت الطلق .. ثم يخرج خارج الحجرة من شدة الاضطراب والقلق الى أيمن وأمير ووالده الذى كان يخرج ويدخل الحجرة من وقت لآخر ..
سألت غادة رنيم : ان شاء الله تقومى بالسلامة يا رنيم .. قوليلنا بقى حتسمى البيبى ايه ..
رنيم : خليها مفاجأة يا غادة ..
أمينة : مش مهم اسمها ايه .. المهم تكون من الصالحين وسعيدة الدارين .. الدنيا والآخرة ..
علياء وأحمد ورغد فى صوت واحد : آمين ..

بعد لحظات دخلت الطبيبة ومعها اثنين من الممرضات وأمرت بدخول رنيم الى حجرة الولادة ..ولكن أصرت رنيم على ان يدخل أشرف معها ولم تمانع طبيبتها ..

مضى على رنيم وأشرف داخل غرفة العمليات أكثر من ساعة .. كانت الولادة فيها صعبة .. بل تكاد تكون متعسرة .. ولولا صبر وبراعة الطبيبة لكانت أمرت ان تكون الولادة قيصرية .. ولكن رنيم قد رجتها ان تصبر عليها حتى تلد طبيعى بالرغم من الألم المبرح الذى كانت تعانيه فى محاولات ساعة كاملة ..

أخبرتها الطبيبة أن رأس البيبى تظهر بوضوح .. وما عليها الا ان تضغط بشدة حتى تخرج الرأس .. وهى الجزء الأصعب والأهم من جسد البيبى فى الولادة .. وبالفعل فعلت رنيم وهى تمسك يد أشرف وتضغط عليها بشدة وتتألم ألما كبيرا .. حتى أن أشرف لم يتحمل ما تعانيه زوجته وبدأت دموعه تنساب لتألمها ..
أخيرا خرجت رأس البيبى فجذبت الطبيبة بقية الجسد الصغير .. لتخرج الطفلة الصغيرة الى الدنيا وتملأها صراخا ..

حملتها الطبيبة بعد ان قطعت لها الحبل السرى وجهزته .. ثم وضعتها بين يدى رنيم التى تلقتها بلهفة التسع اشهر .. تحتويها بكل حنان وأشرف ينظر اليها متعجبا .. لا يصدق انها ابنته .. ينظر اليها ولا يدرى حقيقة شعوره .. فهو يتساءل .. هل أنا أب الآن .. وهل هذا المخلوق الصغير جعلنى كذلك .. ثم اقترب من رنيم يقبلها فى جبينها وهو يمسح دموعه ويقول لها : حمد الله على سلامتك يا حبيبتى ..
رنيم بعد ان مالت على يده التى مازالت ممسكة بها ووضعت عليها قبلة امتنان ان ظل معها حتى تلد : ميرسى يا أشرف .. ومبروك يا حبيبى ..
أشرف : مبروك علينا يا حبيبتى ..
قاطعتهم احدى الممرضات وهى تقترب من رنيم لتأخذ الطفلة من يديها وهى تمانع ان تعطيها لها وكأنها خائفة من أن يأخذها أى أحد من حضنها وهى تقول بفزع : انتى وخداها على فين ..
ضحكت الممرضة وهى تقول : متخفيش يا مدام رنيم .. لازم ناخدها نحميها ونلبسها هدومها وبعدين حنجيبهالك فى الأوضة علشان ترضعيها ..
رنيم : والنبى خلى بالك عليها وبالراحة وانتم بتحموها وتلبسوها ..
الممرضة وهى تبتسم ابتسامة عريضة : حاضر .. متقلقيش .. احنا بنعمل الحكاية دى كل يوم خمس ست مرات .. وكل الامهات بيوصونا نفس الوصية .. ولا يكون عندك أى فكرة ..
اختفت الممرضة من أمام عيون رنيم التى كانت متعلقة بطفلتها وتخاف عليها بشدة ..

عادت رنيم الى حجرتها بالمشفى وكانت الحجرة خاوية .. فالجميع كان هناك عند حجرة الأطفال .. الجميع واقف امام نافذة الحجرة من الخارج ينظر على البيبى بشغف وحب شديد .. وكانت الدموع تتساقط من الفرحة من عيون الجدود الأربعة وهم يهنئون أشرف الذى كان لا يزال واجما لا يستوعب ما يمر به .. هو فقط ينظر الى الطفلة وقد بدأ يتحرك قلبه نحوها وهى نائمة تقاوم لتفتح عينيها بصعوبة .. وكل من حوله يعطيها شبها يختلف عن الآخر ..
جاءت ممرضة وقالت لهم : على فكرة مدام رنيم خرجت من اوضة الولادة .. هى دلوقتى فى اوضتها ..

تحركت أمينة وعلياء الى رنيم .. فى حين ظل الباقى ينظر الى الطفلة .. ثم تحرك الباقى الواحد تلو الآخر الى حجرة رنيم ..

دخل الجميع مهنئين رنيم ويقبلونها .. وبقى أيمن وأمير خارج الغرفة حتى يتأكدوا من أنها قد ارتدت حجابها .. ثم دخلوا وهنؤها ..

دخلت احدى الممرضات بعد قليل تحمل الطفلة وهى تقول لرنيم : ادينا ياستى جبنالك القمر ده علشان ترضعيه لانها جعانة أوى .. وعمالة ترضع فى اديها .. فتلقتها أمها بلهفة واشتياق شديدين .. وهى تقول : يا حبيبتى .. تعالى لماما يا قلبى .. فخرج كل الرجال فى هدوء ماعدا أشرف الذى ظل واقفا بجوار رنيم ينظر الى ابنته وهى تلتقم ثدى امها بعد عدة محاولات من رنيم .. فتلك أول مرة تقوم بارضاع ابنتها ..

كان أشرف ينظر الي طفلته ومازال غير مستوعب ويتساءل .. عن كونه اب الآن أم ليس بعد .. هو لا يشعر بشيء سوى انه يرغب فى حمل هذا الكائن الصغير الذى يشبه رنيم كثيرا .. يريد أن يضمها اليه وقد أحب رؤيتها كثيرا ..
مرت دقائق قبل ان تدخل الممرضة مرة أخرى وهى ممسكة بورقة وقلم وتسأل أشرف : ياترى اخترتم اسم القمر الجميل ده ولا لسه ..

نظر أشرف الى رنيم لا يعرف بماذا يجيب .. فابتسمت له رنيم ثم نظرت الى الممرضة وهى تقول : اسمها "أمينة" .. أمينة أشرف خالد ..

لم تصدق أمينة وخالد اختيار رنيم لاسم ابنتها .. فبكت من السعادة وهى تقترب من رنيم لتضمها بحنان وتقول : يا حبيبتى يا رنيم .. ربنا يجبر بخاطرك يا بنتى ويخليكى ليها يارب ..
ذرفت الدموع من عينى خالد وهو يرى مدى ولاء رنيم وحبها لأمينة زوجته ومدى فرحة أمينة بكنتها الوفية ..

اقترب خالد من رنيم .. طبع قبلة حانية فوق رأسها .. وهو يقول لها : يارب تكبر وتشوفيها أد امينة وفى حنانها وطيبتها ..
ردت رنيم بابتسامة .. متشكرة يا عمى .. على فكرة ماما وبابا هما اللى شاروا على بانى اسميها على اسم ماما أمينة ..
نظرت اليهم امينة وهى تقترب من علياء وتضمها اليها بحنان وهى تقول : متشكرة لهم .. متشكرة يا علياء يا حبيبتى .. والله طول عمرى من يوم ما عرفتكم وأنا بقول انكم فعلا ولاد أصول ..
رد احمد والد رنيم : ربنا يديم المعروف يا ست امينة والله ما نتخير عنكم .. بس خلى بالكم المرة الجاية لو بنت حنسميها علياء .. ولو ولد ...
سارع خالد وقال : يبقى أحمد .. ان شاء الله ..
ضحك الجميع ونظرت رنيم الى اشرف وهى تقول له : ايه يا اشرف مش عايز تشيل بنتك ..؟
رد أشرف بتلعثم : هه .. لا طبعا .. عايز .. هو ينفع انى اشيلها .. اصلى خايف تقع منى ..
ضحكت علياء وهى تتناول أمينة الصغيرة من يد امها وتطبع قبلة على جبينها ثم ناولتها لأشرف وهى تقول : ولا تخاف ولا حاجة .. أهو تشيلها بالشكل ده .. ايد تحت راسها وايد تحت وسطها وتضمها لصدرك ..
حمل أشرف طفلته كما وصفت له حماته ثم قربها الى صدره وطبع قبلة على خدها ..
قال أيمن : ياللا يا أشرف .. من السنة انك تأذن فى ودنها اليمين وتقيم الصلاة فى ودنها الشمال ..
فعل أشرف والجميع يردد ورائه ما يقول ..
فى اليوم التالى عادت رنيم الى بيتها بعد أن بات معها أشرف وأمها فى المشفى ..
لم يتذكر أشرف نور منذ أن وطأت قدمه المشفى .. لذا لم يطلبها كما وعدها ليطمئنها على رنيم .. ولكنها لم تدخر جهدا وارسلت له رسالة مختصرة على الواتس : طمنى يا أشرف على رنيم والبيبى .. يارب تكون قامت بالسلامة ..

نظر أشرف الى الرسالة التى وصلته وهو بين الجميع ولم يستطع ان يرد عليها الا بعد الثانية صباحا بعد أن غادر الجميع وقد راحت رنيم وامها فى سبات عميق .. فكتب لها : أشكرك يانور على سؤالك .. الحمد لله قامت بالسلامة .. وجابت أمينة ..

ردت نور التى من عادتها ان تسهر حتى الصباح : ألف مبروك .. تتربى فى عزك .. وحمدا لله على سلامة رنيم ..
أشرف : الله يبارك فيكى ..
-----------------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 08:44 PM   #34

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل السادس عشر

ما بعد البداية
الفصل السادس عشر (خداع اجبارى)

مرت عدة اسابيع كان خلالهم شريف لا يترك بسمة معظم الوقت .. وقد ساعده على ان يكون بجوارها اطول وقت ممكن هو انشغال والده فى تلك الفترة فى عدة مؤتمرات خارج البلاد ..
أخبرت بسمة أمها عنه .. وعن رغبته فى الارتباط بها .. وعن لقائه لوالدها وموافقة ابيها على الارتباط به قبل وفاته .. كما أن خلود قد تحدثت مع حسنه مؤخرا على رغبتها فى خطبة بسمة لشريف .. ولكن لم يتطرق أحد الى موقف ابيه من علاقة ابنه بها .. ولكنهم اتفقوا على عمل الخطبة بعد انتهاء العام الدراسى الحالى ..

علم مجدى والد شريف بوفاة خميس .. فطلب بسمة تليفونيا وقام بتعزيتها .. ولكنه لم يفعل الا لحاجته لبسمة أن تستمر فى تنفيذ ما طلبه منها .. فهو كان يحاول بكل الطرق ان تكون تحت سيطرته .. وبالتالى فقيامه بالتودد لها ليس الا جزءا من احكام خطته واجبارها على تنفيذ ما يريد بكل السبل الممكنة ..

استقر مجدى فى البلد بعد انتهاء مؤتمراته الطبية المتلاحقة .. وقد بقى على امتحانات شريف للسنة الأخيرة شهرين .. لذا اتفق مع بسمة على ان يقللوا من مقابلاتهم .. وقد توقع من والده ان يطلب بسمة كى يطمئن منها على ما آلت له علاقتها مع ابنه .. اتفق معها ايضا على انه بعد ان ينتهى العام الدراسى .. فسوف يطلب ان يتم تعيينه فى محافظة أخرى لتنتقل هى الأخرى الى كلية الطب بنفس المحافظة وتكمل عامى الدراسة المتبقيين لها هناك وهى زوجته .. وبذلك يضمن ان تخرج بسمة من تحت سيطرته فى جامعتها الحالية .. ولا يعد له سلطة على اى منهما ..

كان شريف يخطط الى ان يسافر هو وبسمة بعد تخرجها من الجامعة الى لندن حيث تقيم اخته وزوجها .. ليحصل على درجة الزمالة البريطانية من هناك .. وتحصل بسمة على درجة الماجيستير أولا .. وربما الزمالة بعد ذلك.. لينطلقا بعد ذلك الى حياتهما العملية .. فالمشوار مازال بعيدا وشاقا بالنسبة لهما ..

كانت بسمة تشعر ببعض الرضا عما يخطط له شريف .. لأنه يثبت كم يحبها و متمسك بها .. والا لسلك الطريق الأسهل وهو ان يبقى فى كنف ورعاية ابيه الطبية لتتفتح له كل السبل بسهولة .. ولكن لم يكن لديها غير مشكلة واحدة .. وهى امها .. التى كان من الصعب عليها ان تتركها بمفردها وتسافر بعيدا عنها .. فأمها ليس لها سواها فى الدنيا .. ولا تستطيع ان تفعل شيء بدونها .. لذا كان شريف يطمئنها انه يمكن ان يصحبا امها معهما .. ولكن المشكلة كانت تكمن فى موافقة امها على ان تترك بيتها وبلدها .. هى لا تستطيع ان تبعد عن بلد يحوى جثمان زوجها الذى كانت تزور قبره كل يوم خميس من كل اسبوع .. وأحيانا كانت تزوره مرتين أو ثلاثة خلال الأسبوع .. فهى كانت تشتاق اليه فى اليوم مرات عديدة .. ولم لا وهو رفيق دربها الحنون الذى ذاقت معه طعم السعادة الحقيقية وعرفت معنى المودة والرحمة فى كنفه .. لذا عاهدت نفسها وعاهدت خميس على ان تظل قائمة على زيارة قبره الى ان تسكن الى جواره .. وقد كانت تشعر بأنها تؤنس وحدته كلما قامت بزيارته وهى تحدثه وتثرثر كما كانت تفعل قبل فراقه..

كان شريف يشعر بمدى الضغط الواقع على بسمة من قبل ابيه فى هذه الفترة العصيبة من حياتها .. اراد ان يرفع عنها هذا الضغط الذى تعيشه .. لذا اتفق معها على انه سوف يبدأ فى خطته التى ذكرها لها قبل وفاة والدها .. وهى ان يقنع ابيه بأن علاقته بها قد انتهت .. وسوف يتأكد ابيه من ذلك عندما يراه فى علاقة جديدة مع أخرى يرضاها له ..

وليد وسلوى هم اقرب اصدقائهم على علم بمشكلة شريف وبسمة مع والده .. فوليد هو الآخر كانت تجمعه بسلوى علاقة عاطفية .. وهما فى حكم المخطوبين .. لذا لم يتردد شريف فى ان يطلب منهم المساعدة .. وكان الاتفاق ان تقوم سلوى بتمثيل دور الحبيبة الجديدة لشريف .. ويظهرا ذلك لأبيه حتى يطمئن ان علاقته ببسمة قد انتهت ويرفع ضغطه وتهديده لها ..
لم يتردد اى من وليد وسلوى فى تلبية طلب شريف ..

بدأت سلوى فى الظهور مع شريف وقد تعمد شريف ان يلتقى بها فى الأماكن التى يتواجد فيها والده بكثرة .. فكلما علم بمكان سوف يتواجد فيه ابيه الا ويتفق مع سلوى ان يتقابلا فيه .. فبدأ ابيه يلاحظ تلك الفتاة الجديدة تظهر مع ابنه .. كان شريف يلعب مباراة لكرة السلة فى النادى يوم الجمعة وكان يعلم ان والده سوف يتناول غدائه بالنادى مع مجموعة من زملائه .. فاتفق مع سلوى ووليد الذى يلعب معه فى نفس الفريق ان تظهر سلوى فى الصورة .. وبعد انتهاء المبارة خرج شريف فى تمشية فى النادى متعمدا ان يراه والده وسلوى بصحبته ..
وبالفعل لم يكد ابيه ان يلاحظ شريف وسلوى حتى نادى على شريف : شريف .. يا شريف ..
نظر اليه شريف فشاور اليه ابيه يدعوه اليه .. فتحرك شريف وسلوى الى حيث يقف ابيه بعيدا قليلا عن طاولة زملائه
شريف : أهلا بابا .. معرفش ان حضرتك هنا ..
مجدى وهو ينظر بنظرة ثاقبة الى سلوى التى تقف الى جوار شريف تدعى الخجل : أيوة يا حبيبى أنا هنا من بعد صلاة الجمعة .. بتغدى انا وجماعة صحابى .. ثم نظر الى سلوى مبتسما وهو يقول : مش تعرفنا ..
شريف : اقدم لحضرتك زميلتى سلوى ..
مجدى : أهلا يا سلوى يابنتى .. وياترى انتى مع شريف فى كلية الطب ..
سلوى : لا ياعمو .. أنا فى تانية هندسة ..
مجدى : ماشاء الله .. وياترى مين والدك ..؟
شريف : سلوى تبقى بنت الباشمهندس على عبد الرحيم صاحب شركة الهندسية للانشاءات والمقاولات ..
مجدى وقد انفرجت اساريره بشدة : أهلا .. أهلا يا سلوى يا بنتى .. والدك من كبار المهندسين والمقاولين المعروفين فى البلد ..
سلوى بخجل مصطنع : ميرسى يا عمو ..
مجدى : للأسف كان نفسى اطلب منكم تقعدوا معايا شوية .. بس قاعدة العواجيز دى مش حتعجبكم .. عموما اتمنى اشوفك مرة تانية يا سلوى ..
سلوى بابتسامة : ده شرف كبير لى يا عمو ..
مجدى : ماشاء الله على الرقة واللباقة .. ياللا مش حعطلكم .. أشوفك بالليل فى البيت يا شريف ..
شريف : ان شاء الله يا بابا ..

استدار شريف هو وسلوى التى قالت لمجدى بابتسامة عريضة وهى تستدير : باى يا عمو ..
كان وليد يراقب الموقف من بعيد ويكاد ان يقع من فرط الضحك على حبيبته وصديقه اللذان يتقنا التمثيل على والده .. فى حين كان شريف فى ضيق شديد من ان يضطره والده لعمل تمثيلية كتلك عليه .. لكنه لم يترك له حلا آخر ..

عاد شريف الى البيت مساءا .. كان مجدى فى انتظاره .. وما لبث ان دخل حتى ناداه مجدى وهو يصعد على سلم الفيلا الى حجرته : شريف ..
نظر اليه شريف .. فقال مجدى بوجه بشوش على غير المعتاد : تعالى يا حبيبى .. عايز اتكلم معاك شوية ..

اقترب منه شريف وهو على يقين انه سوف يتكلم معه عن سلوى لكى يطمئن على ان علاقته ببسمة قد انتهت ..
مجدى بابتسامته السمجة : ايه اخبارك يا شريف يا حبيبى .. عامل ايه فى دراستك ..
شريف : تمام .. الحمد لله كله ماشى كويس ..
مجدى : ياللا بقى يا بطل شد حيلك .. المستشفى مستنياك .. وكمان منصب المعيد فى الكلية .. عايزين نفرح بيك ونشيل ولادك عن قريب ..

انتهز شريف الفرصة حتى يقنع والده بأن علاقته ببسمة قد انتهت فقال : مش لسة بدرى على موضوع تفرحوا بي ده .. وكمان ولاد .. طيب ازاى ده ..!!
مجدى : وايه المانع يابنى .. كل ما عليك انك تشد حيلك انت وبسمة وتتجوزوا وساعتها كل شيء حيبقى ممكن ..
رسم شريف حزنا على وجهه وقال : بسمة .. لا ما ظنش .. الظاهر اننا ملناش نصيب مع بعض .. خصوصا بعد موت ابوها ..
مجدى والسعادة تملأ قلبه ولكنه حاول اخفاء ان تظهر على جوارحه : ليه بتقول كده .. ؟ والحب الكبير اللى بينكم راح فين ..؟
شريف : الظاهر انى كنت غلطان وان حضرتك كان عندك حق لما قلت لى انها مش مناسبة لي .. أنا بصراحة فى الفترة الأخيرة حسيتها متغيرة من ناحيتى .. وبتتهرب كتير من انها تخلينى اقابل والدها قبل وفاته .. وده اللى دفعنى انى افكر كويس .. حسيت بعدها انى حتعب معاها بطريقة تفكيرها وعدم ثقتها فى نفسها .. الظاهر زى ما حضرتك قولت قبل كده ان الجماعة الفقرا دول بيبقى عندهم مركب عقد من الصعب يتخلصوا منه خصوصا فى علاقتهم مع اللى حاسين انهم اعلا منهم .. وبينى وبين حضرتك .. انا فى الفترة الأخيرة كنت بتكلم مع سلوى كتير من كتر معاناتى مع بسمة .. وحسيت بالفرق الكبير بين الشخصيتين .. شخصية بسمة وشخصية سلوى .. ولقيت مشاعرى من غير ما اشعر بتميل لسلوى اكتر ..
كان مجدى يستمع اليه وقد بدأت السعادة تظهر فى عينيه .. فهاهو قد وصل الى مراده ونجح بمعاونة بسمة ان ينهى حب بسمة فى قلب شريف ..

رد عليه بابتسامة عريضه وهو يقترب منه ويضع يديه فوق كتفيه ويهزه بفخر وهو يقول : أخيرا قدرت تفهم ان الفروق اللى كنت بتكلم عنها ومؤمن بيها شيء مهم فى العلاقات بين الطبقات .. انت كده يا شريف ابتديت تحط رجليك على اول خطوات النجاح فى حياتك العملية والاجتماعية .. انت كده ابنى صحيح .. اسمع يا بطل .. شوف الوقت اللى يريحك وخلينا نتصل بوالد سلوى ونحدد معاه ميعاد نروح نطلبها منه .. أنا عارف ابوها كويس .. ده من اغنى وانجح رجال الأعمال فى البلد .. أهو ده النسب اللى يشرف ولا بلاش .. مش تقولى عم خميس بتاع الارشيف اللى على المعاش .. ثم أخذ يقهقه ..

شريف وقد آلمه بشدة ما قاله والده عن خميس .. ذلك الرجل الطيب الذى لم يعد له وجود على ظهر الدنيا .. تعجب من قسوة قلب والده وسخريته من الناس البسطاء .. حتى الميتيين منهم .. رد على ابيه : لا .. لسه بدرى على الخطوة دى .. أنا صحيح حاسس بمشاعر ناحية سلوى واقدر ااكد لحضرتك انها مشاعر قوية .. بس فى نفس الوقت محتاج ادى نفسى شوية وقت أتأكد من مشاعرى دى .. وكمان من مشاعرها ناحيتى .. علشان اللى حصل بينى وبين بسمة ده ميتكررش تانى ..

قام مجدى من مقعده وهو يتجه الى حجرته وهو يقول بصوت عال .. خد وقتك يا بطل .. أتأكد زى ما انت عايز .. ويوم ما تتأكد قولى وأنا حخطبهالك هى أو أى واحدة فى مستواها .. المهم منرجعش تانى للمستويات اللى متناسبناش ..

جلس شريف فى مكانه بعد ان شعر انه نجح فى ازاحة حمل من على كتفه .. واستطاع أن يرفع الضغط الرهيب الذى كان يمارسه والده على بسمة .. لكنه كان فى نفس الوقت يشعر بالضيق من نفسه من انه اضطر ان يكذب على والده ويخدعه بمثل هذه الطريقة حتى يكمل خطته فى الوصول الى بسمة والزواج منها ..

دخل مجدى الى حجرته .. كانت خلود تأخذ الحجرة الواسعة ذهابا وايابا وهى تتكلم بتوتر فى التليفون مع يسرا ابنتها : اهدى بس يا يسرا يا حبيبتى .. كل شيء يتاخد بالعقل .. أنا مش عايزاكى تاخدى اى قرار وانتى منفعلة بالشكل ده .. لو حابة انى آخد اول طيارة واجيلك ..

سكتت خلود فجأة عندما شعرت بوجود مجدى يدخل الى الحجرة .. فقالت : طيب يا يسرا .. أنا حكلمك بعد شوية .. اوعدينى انتى بس انك تهدى ..
مجدى : مالها يسرا .. هى رجعت تانى لمشاكلها مع مدحت جوزها .. ؟
خلود : أيوة .. ومصممة المرة دى على الطلاق ..
صاح مجدى بعصبية : طلاق .. !! احنا معندناش حاجة اسمها طلاق .. فهميها يا ست هانم ان ده مش حيحصل ابدا طول ما انا عايش .. أحسن لها تموت ولا انها تطلق ..
قاطعته خلود : أعوذ بالله من كلامك .. بعد الشر عنها .. أنت ايه يا أخى .. مش قادر تحس اد ايه بنتك بتتعذب مع واحد بيخونها كل يوم مع واحدة شكل .. مش قادر تقدر حجم العذاب اللى بنتك عايشة فيه مع واحد لا بتحبه ولا هو كمان بيحبها ..
مجدى بسخرية : تحمد ربنا انه لسه باقى عليها .. ولا انتى نسيتى انها بقالها اربع سنين متجوزة ومش عارفة تجيب له حتة عيل ..
خلود بانكسار : وهو يعنى كان باديها .. وبعدين ما الدكاترة قالوا انها معندهاش حاجة تمنعها من الخلفة .. يعنى لسة ربنا ما ارادش .. مش يمكن عدم خلفتها دى لحد دلوقتى احسن لها على الاقل لو استحالت العيشة بينهم زى ما هو واضح للكل تطلع من غير عيل يفضل رابطها بيه باقى حياتها ..
مجدى : ده كلامك ورأيك انتى يا هانم .. بس انتى عارفة انه مش حيحصل غير اللى انا بقرره .. لان وجهة نظرى دايما هى اللى صح ..
خلود بقرف : طول عمرك مفترى .. وحاسس ان مفيش حد فى الدنيا بيفكر احسن منك .. مغرور ..
مجدى بتهكم : انتى اللى مش قادرة تعرفى ولا تحسى بقيمة الراجل اللى انتى متجوزاه .. قال مغرور قال .. آدى ابنك اللى كان حيموت على بنت مش من مستواه .. رجع وغير رأيه فيها واتبنى رأييى وسابها خلاص والحمد الله .. ودلوقتى اعترف لى بعضمة لسانه انى انا اللى كان معايا الحق .. و اتعرف على اللى من مستواه وان شاء الله تكمل حكايتهم ويتجوزوا .. مش تقوليلى بنت بتاع الارشيف ..
خلود : أنا عارفة انه مفيش فايدة من الكلام معاك .. وبكرة تعرف انك فعلا مفترى ومغرور .. ثم قالت له وهى تخرج من الحجرة : أنا خارجة اشم هوا غير الهوا الفاسد اللى ملا الاوضة ..
خرجت خلود وهى تغلق باب الحجرة بشدة ليفزع مجدى من صوت الباب فيقول : بالسلامة .. غورى .. ربنا ياخدك واستريح من قرفك ..

اتجهت خلود الى الطابق الاسفل حيث كان يجلس شريف .. لا يزال يفكر فى حواره مع ابيه ..
جلست خلود امامه والنرفزة واضحة على وجهها .. فقال لها شريف : خير يا أمى .. انتم اتخانقتوا تانى ..؟!!
ردت خلود بنرفزة : متشغلش بالك انت باللى بينى وبينه .. أنا خلاص اخدت على كده .. أنا كنت عايزاك فى موضوع مهم ..
شريف : خير يا ماما .. ايه هو الموضوع ..؟
خلود بقلق : يسرا .. يسرا أختك يا حبيبى .. كلمتنى من شوية .. وحالتها لا تسر عدو ولا حبيب .. ومصممة على الطلاق من مدحت ..
شريف : اهدى انتى بس يا ماما .. ما احنا قلنا من الاول بلا ش جواز الغصب والمصلحة ده من الأول .. صمم ان رأيه هو اللى يمشى .. وآدى النتيجة ..
خلود : طيب والعمل ايه يا شريف .. أنا لو علي تتطلق .. على الاقل تستريح من اللى هى فيه .. لكن المشكلة فى ابوك اللى مصمم انها تكمل معاه .. تخيل انه بيقول ان موتها اهون عليه من طلاقها ..
شريف : لا حول ولا قوة الا بالله .. فيه حد يقول كده على بنته ..!!.. سكت للحظات ثم اردف : اسمعى يا ماما .. الظاهر ان بابا مش بييجى الا بسياسة الخداع والأمر الواقع .. لازم يسرا تحطه ادام الامر الواقع ..
خلود بحيرة : وده حيحصل ازاى .. انت عارف ان مدحت مش حيطلق الا بعد ما ابوه يوافق على الطلاق .. أنا متأكدة انه هو كمان مش عايزها .. بس انت عارفه ميقدرش ياخد أى خطوة الا بموافقة ابوه .. وطبعا ابوه حيقول لابوك اللى لو عرف حيقوم الدنيا ومش حيقعدها .. وكله فى الآخر حييجى على دماغ المسكينة اختك .. اللى بتتعذب معاه فى الغربة لوحدها ..
شريف : يبقى احنا لازم نمسك على مدحت نقطة ضعف نضغط عليه بيها لحد ما يطلق من غير ما يرجع لوالده ..
خلود : طيب يابنى لو مكانش له نقطة ضعف .. حيبقى ايه العمل ..
شريف : اولا مفيش حد ملوش نقطة ضعف .. وأكتر حد ممكن يعرفها هى يسرا .. ثانيا لو مقدرناش نعرفها ساعتها ندور على حل تانى .. بس أنا متأكد ان مفيش انسان ملوش نقطة ضعف .. ولو مفيش يبقى ساعتها يسرا لازم تهدده انها حتخلعه .. والناس دى مش من مصلحتها الشوشرة اللى من النوع ده .. صدقينى ساعتها حيطلق بسهولة .. أهون عليه من انه يتخلع .. اسمعى يا أمى .. أنا عايزك تتكلمى مع يسرا وتحاولى تعرفى ايه هى عيوب مدحت أو نقطة ضعفه .. وساعتها نقرر حننصحها بايه وازاى نحل مشكلتها معاه ..
خلود : طيب يابنى ححاول .. هى مستنية منى تليفون .. حطلع اتكلم معاها وربنا يعمل اللى فيه الخير .. المهم انت اخبارك ايه مع بسمة .. سمعت ان الخطة ماشية تمام ..
شريف بابتسامة : تمام أوى .. الحمد لله .. مش عارف من غير مساعدة سلوى ووليد كنا ازاى حننفذ خطتنا ..
خلود : والله الولاد دول هايلين .. ربنا يتمم لكم كلكم على خير يا حبيبى ..

صعدت خلود وشريف الى اعلى حيث دخلت هى الى حجرة يسرا لتبيت فيها بعد ان تعاود الكلام مع ابنتها لتطمئنها انها وأخيها بجانبها فيما تقرر فى حياتها .. ودخل شريف الى حجرته ليطلب بسمة يتكلم معها عما حدث اليوم بينه وبين ابيه .. وليطمئن قلبها انه ما عاد هناك خوف من أن يضغط عليها ابيه مرة أخرى .. وان ما عليهم سوى المضى قدما فيما عزما عليه ..

-------------------------------------------

فى عصر اليوم التالى الذى قابل فيه عمر سارة وأخبرها بالخبر المشؤم عن اثبات وجود ورم لديها وانه سوف يتكلم مع الدكتور أحمد ليعرف رأيه فى حالتها .. اتصل بها مرة أخرى .. فنظرت الى شاشة تليفونها بهدوء المنكسر .. ثم ردت عليه : ألو ..
عمر : مساء الخير يا سارة ..
سارة : مساء الخير يا دكتور عمر .. يا ترى فيه اخبار من الدكتور أحمد ..
عمر : والله يا سارة الأخبار مش ولابد ..
سارة وقد شعرت بألم واحباط : قول يا دكتور .. الموضوع بقى مش مستاهل انك تتردد .. أنا مستعدة لأى اخبار ..
عمر : ليه بتتكلمى باليأس ده كله يا سارة ..
سارة : أبدا لا يأس ولا حاجة .. بس أنا مجرد انى تعبت شوية من القلق .. عموما المفروض الانسان يكون راضى بقضاء الله سبحانه وتعالى ..
عمر : ونعمة بالله .. طيب ايه رأيك نتقابل علشان الموضوع فيه كلام كتير وشرح للحالة واختيارات ..
سارة : مش فاهمة .. حضرتك تقصد ايه باختيارات ..
عمر : ماهو مش حينفع اوضح لك فى التليفون .. الموضوع محتاج وقت ..
سارة : أيوة .. بس أنا مش حقدر اقابلك النهاردة .. بصراحة عندى ميعاد مهم مش حقدر اغيره أو ألغيه ..
عمر بفضول : ميعاد مع أمير ..؟

سكتت سارة ولم تعلق بعد ان شعرت بفضول عمر .. الذى تدارك ردة فعلها فسارع يقول بتلعثم : أقصد يعنى لو الميعاد مع أمير .. فممكن يعنى توضحى له الموضوع .. أقصد انى مش شايف داعى انك تخبى عنه الحقيقة .. المرض لا هو عيب ولا حرام ..
سارة : أكيد أمير حيعرف الحقيقة بس بطريقتى وفى الوقت المناسب .. وأنا بس اللى المفروض احدد امتى الوقت المناسب ..

شعر عمر بردة فعلها وبغضبها منه بسبب تدخله فى حياتها الخاصة .. فسارع يقول : أنا آسف لو انى بتدخل فى خصوصياتك .. بس انتى المريضة بتاعتى .. بس يمكن اكون غلطت لما حسيت اننا قريبين من بعض .. ياريت متضايقيش منى ومن احساسى ده ..
ردت سارة تجامله بعد ان شعرت بأنها قامت بصده بطريقة مبالغ فيها : لا ابدا .. أنا مش مضايقة من حضرتك ولا حاجة .. وفعلا حضرتك قريب منى .. أنا بعتبر حضرتك أخ لي ..
شعر عمر بصدمة من جملتها الأخيرة بعد ان اثلجت قلبه بقولها انها تشعر انه قريب منها .. ولكنه فى النهاية شعر بانه يحرز تقدما فى علاقتها به فبادر يقول : طيب طالما احنا اخوات .. ايه بقى حكاية حضرتك اللى بتقوليهالى فى كل كلامك معايا .. ما أنا من يوم ما اتعرفنا وأنا بناديكى سارة كده من غير القاب .. ياريت انتى كمان تنادينى عمر كده من غير حضرتك ولا حتى دكتور ..
سارة : أحاول .. بس مع الوقت .. مش حتقوللى بقى ايه رأى الدكتور أحمد ..
عمر : حقولك لما نتقابل .. على الأقل علشان اتأكد انك مش زعلانة منى ....
سارة : بالرغم انى مش زعلاتة من حضرتك .. أقصد منك .. الا اننا ممكن نتقابل بكرة ..
عمر بسعادة ملحوظة : أوكى ولو ان بكرة الجمعة .. وده يوم العيلة .. بس علشان خاطرك أشوفك بكرة .. علشان تعرفى اد ايه انتى عزيزة على ..
لم تعلق سارة على تلميحاته التى اصبحت واضحة لها .. فكل ما يهمها هو علاجها وحسب .. فقالت : لو بكرة ما يناسبكش .. ممكن نخليها بعد بكرة .. أنا برضه بكون اجازة ..
عمر بلهفة : لا لا ابدا .. بكرة كويس جدا .. أشوفك بكرة ..

أنهت سارة المكالمة مع عمر .. ومضت حوالى ربع ساعة ليدخل عليها أمير مبتسما ولكن يبدو الاجهاد على وجهه : سارة حبيبتى .. ها .. جاهزة نمشى ..؟
سارة : ادينى خمس دقايق يا امير أدخل الأوراق دى للمهندس خالد ونمشى على طول ..
أمير وهو يجلس منهكا على مقعد بجواره : طيب يا حبيبتى .. أنا حستناكى هنا لغاية ما تخلصى ..
نظرت سارة الى وجه أمير وهى تقول له : مالك يا أمير وشك مجهد كده ليه ..؟
أمير : فعلا .. حاسس باجهاد اليومين دول .. اصلى لفيت كتير على المواقع اليومين اللى فاتوا .. حاسس انى محتاج اريح شوية ..
سارة : لو تحب نأجل مشوار النهاردة أنا معنديش مانع .. ممكن أى يوم تانى ..
أمير : لا ميصحش .. كل الناس حتجيب هدايا وتحضر السبوع .. مش معقول واحنا اللى نعتبر قريبين جدا من رنيم واشرف منجبش هدية لأمينة الصغيرة و نحضر بادينا فاضية .. ياللا بس انتى خلصى وبلاش كسل .. الموضوع مش حياخد مننا غير ساعة واحدة ..
سارة : وهى تتجه الى حجرة المهندس خالد : أوكى .. حالا وحرجعلك ..
لم يمر على دخول سارة سوى دقيقتين حتى سمع أمير رنة واتس لرسالة اتت للتو على تليفون سارة .. فنظر بتلقائية على الرسالة .. فلاحظ اسم المرسل دكتور عمر .. فتعجب من كون عمر يراسلها على الواتس .. فوجد نفسه يقرأ الرسالة وكان نصها " ميرسى ياسارة على المكالمة اللطيفة .. مش عارف اشكرك ازاى .. فى انتظارك بكرة علشان اشكرك بالطريقة اللى تستحقيها .. نسينا نحدد امتى وفين حنتقابل .. حستناكى بعد صلاة الجمعة فى الكافيتريا اللى اتقابلنا فيها آخر مرة .. اللى جنب المستشفى " .. ثم تابع فى نهاية الرسالة باشارة لوجه مبتسم ..
رفع أمير نظره الى اسم الراسل يتأكد منه مرة أخرى .. وبالفعل وجده "دكتور عمر" ..
تسمر أمير فى مكانه لا يصدق ما رأت عينه وقرأه للتو ..
خرجت سارة بعد دقائق وهى تبتسم من رقة المهندس خالد معها .. فقالت لأمير : مش ممكن المهندس خالد ده .. رقة وذوق مفيش كده .. يابختك بيه يا طنط أمينة .. كانت تهم بأخذ متعلقاتها من فوق المكتب ثم التقطت الموبايل وهى تقول : يالا أمير .. أنا جاهزة ..
كان أمير مازال واجما فى مكانه .. لم يستمع الى كلمة واحدة مما قالته .. فنظرت اليه سارة وهى تشاور بيدها أمام وجهه وتقول : ايه .. رحت فين .. ايه السرحان ده كله ..
انتبه أمير وهو يقول : هه .. آه فعلا .. كنت سرحان شوية فى الشغل ..
سارة : هو انت مش قلتلى اننا لازم نعمل بنصيحة المهندس خالد .. وننسى الشغل بمجرد ما نخرج من هنا ..
أمير بابتسامة صفراء : فعلا .. أوعدك أعمل كده أول ما نخرج من الشركة ..

ظل أمير صامتا بالسيارة .. يقود الى وسط البلد وسارة بجواره .. يفكر فى رسالة عمر لها والموعد المرتقب بينهما غدا .. وقد تلاعب بفكره وظنونه الشيطان ونفسه الى الدرجة التى صورت له انها تخونه مع عمر ..
وهى الأخرى كانت صامتة تفكر فيما قرره الدكتور أحمد لحالتها .. كلها خوف ورعب من أن يكون الحل الأوحد هو ازالة الرحم بما يحتويه من أورام .. فتضيع فرصتها فى الانجاب وان تصبح أما فى يوم من الأيام .. بل وينتهى حلم حياتها فى الارتباط بأمير ..

كانت سارة تنظر اليه من وقت لآخر يعتصر قلبها الألم .. لا تتصور حياتها بدونه .. ولكنها لاحظت صمته على غير العادة فسألته : مالك يا أمير ..؟
أمير وقد انتبه من شروده على سؤالها : هه .. لا أبدا .. مفيش حاجة ..
سارة : أمال ليه ساكت كده .. طول الطريق مقلتش ولا كلمة ..
أمير : يمكن علشان مجهد شوية ..
سارة : سلامتك يا حبيبى .. الحمد لله بكرة الجمعة وبعده السبت أجازة .. ممكن من فضلك تريح نفسك فيهم تماما .. حاول تسترخى وتاكل كويس .. وان شاء الله الاجهاد ده يروح وينتهى ..
أمير بدون ان ينظر اليها : ان شاء الله .. سكت للحظة ثم سألها : طيب وانتى حتعملى ايه فى اليومين دول ..؟
سارة : ولا حاجة .. يمكن بس أخرج بكرة بعد الضهر أزور ايناس صحبتى اللى لسه والدة .. حقعد معاها شوية وارجع .. بعد كده معنديش حاجة أعملها ..

تذكر أمير صديقتها تلك .. ايقن انها قد كذبت عليه فى المرات السابقة .. وكانت تذهب للقاء عمر .. نعم .. هو الأمر كذلك .. هى على علاقة بعمر .. ولكن متى حدث ذلك .. ولماذا .. لماذا تخونه .. اليس من الأفضل ان تواجهه بالحقيقة وانها لا تريده .. ويذهب كل منهم لحاله .. لماذا تصر على ان تكون على علاقة به وبآخر فى نفس الوقت .. ؟!! .. لماذا الخيانة ..؟!! لماذا ..؟ !!!!!!!!!! .. لم يكن يسمع سوى صدى نفسه وهى تحثه على الانتقام منها ومن خيانتها له .. وهو الذى كان يبذل كل ما فى وسعه لاسعادها بعد أن أحبها بالفعل حبا كبيرا ..
ساد الصمت بينهما لدقائق كان فيها أمير يفكر فى طريقة للانتقام منها بعد أن يتأكد من خيانتها له .. تكلم من جديد : طيب ايه رأيك يا حبيبتى لو تيجى انتى وطنط جميلة تتغدوا معانا يوم السبت .. فرصة نقضى اليوم كلنا مع بعض .. ؟
سارة بابتسامة : والله فكرة .. أنا معنديش مانع .. حشوف ظروف طنط ايه وارد عليك ..
أمير : تمام .. طيب ما تتصلى بيها دلوقتى وشوفى .. على الاقل ندى ماما خبر بانكم حتتغدوا معانا ..
سارة وهى تخرج التليفون من شنطتها : أوكى ..
سارة : ألو .. طنط .. أمير عازمنا على الغدا عندهم يوم السبت .. ايه رأى حضرتك ..
جميلة : أنا مفيش عندى حاجة يوم السبت .. ممكن يا حبيبتى نتغدى معاهم .. فرصة اشوف امينة هانم والمهندس خالد .. دول واحشنى جدا .. وبالمرة نشوف أمينة الصغيرة .. عروسة أمير الصغير ..
سارة : مفتكرش .. رنيم لسه عند مامتها ..
جميلة : ليه كل ده .. دى بقالها أكتر من اسبوعين ..
سارة : حسب ما عرفت من امير .. هى كانت تعبانة شوية بعد الولادة .. علشان كده اتفقوا على انهم يأجلوا سبوع امينة الصغيرة وحيعملوه النهاردة ان شاء الله .. أنا رايحة مع امير نشترى ليهم هدية .. حنقدمها النهاردة فى السبوع ان شاء الله ..
جميلة : يعنى حترجعى متأخر يا سارة .. يابنتى مش قلنا تريحى شوية علشان صحتك ..
سارة : متقلقيش ياطنط .. احنا يدوب حنقدم الهدية ونمشى على طول .. ده أنا حتى كنت لسه بتفق مع أمير انه هو كمان لازم يريح اليومين دول ..
جمييلة : واضح انكم بتريحوا اوى .. شباب آخر زمن ..
سارة : طيب يا طنط .. باى باى دلوقتى . علشان احنا وصلنا المول اللى حنشترى منه الهدية ..
جميلة : باى باى يا حبيبتى .. وسلمى لى على أمير ..

فى المساء كان الجميع ببيت أحمد وعلياء لاقامة حفل السبوع .. كان الكل سعيدا بالأميرة الجديدة التى ربطت العائلتين للأبد .. ولكن كانت المفاجأة هى حضور رغد وأيمن وبصحبتهم احفاد الشيخ عبد الله .. زهرة وعبد الحمن .. حيث أرادت رغد ان لا تخفى عن والديها أمر الطفلين أكثر من ذلك ..

كان أيمن يعارض بشدة طريقتها فى تناول هذا الأمر بهذه الطريقة .. وهى مفاجأتهم ووضعهم أمام الأمر الواقع .. خصوصا بعد اختلافها معهم فى أمر النقاب وقد تفاجأوا به أيضا .. نبهها أيمن انها بتلك الطريقة سوف تزيد الخلافات بينها وبينهم .. بل بينهم وبين أيمن أيضا .. فهم يعتقدون أن أيمن هو من أجبرها على ارتداء انقاب .. وأيضا هذين الطفلين جاؤا من حيث علاقة أيمن والشيخ عبد الله رحمه الله .. كان أيمن يخاف من ردة فعل والديها .. الذين هم آخر من يعلم بأمر الطفلين .. وخوفه الأكبر كان على مشاعر الطفلين اذا حدث ولم يقبل والدا رغد ورنيم الموقف الذى تضعهم رغد فيه بدون انذار مسبق ..

دخلت رغد وأيمن ومعهم زهرة وعبد الرحمن .. وبمجرد دخولهم ساد الصمت .. وتعجب الجميع خصوصا رنيم التى خافت من ردة فعل ابويها .. وقد يفشل حفل ابنتها بتصرف رغد الأهوج ..
توجهت رغد مباشرة بمجرد دخولها الى والديها اللذان كانا يقفان بجوار رنيم وهى تحمل ابنتها .. وبالطبع كانت تغطى وجهها لوجود رجال من غير المحارم .. طبعت قبلة على خدى والدتها واخرى لأبيها ثم رنيم وهى تشاور الى الاولاد مبتسمة تقول : بابا .. ماما .. أقدم لكم ولادنا أنا وايمن .. زهرة وعبد الرحمن .. سلموا يا ولاد على جدو وتيته ..

تقدمت زهرة وعبد الرحمن يمدوا ايديهم الصغيرة لأحمد وعلياء اللذان أصابتهم صدمة شديدة مما قالته رغد أمام الجميع .. وعلى الملأ .. ولكنهما قد مدا يديهما فى غير ادراك لتفادى احراج الطفلين .. ولم ينطقا ببنت شفة ..
لاحظت رغد رد فعل والديها وجحوظ عينيهما فى ذهول .. فاسرعت باحتضان الطفلين .. وهى تقول : ايه رأيكم فى المفاجأة الحلوة دى ..؟
ردت علياء وهى تمد يدها وتجذبها من ذراعها وهى تقول : تعالى .. عايزاكى فى كلمتين ..

تحركت معها رغد وامها تجرها جرا بعصبية لاحظها الجميع .. ووقفت رنيم وابيها بابتسامات مهزوزة .. محاولين الهاء الحاضرين عما يحدث ..

انفردت علياء بابنتها حجرتها وهى تصرخ فيها .. معتمدة ان لا أحد سوف يسمع صوتها بسبب صوت هرج الحفل بالخارج : ممكن أفهم بقى ايه حكايتك .. وايه المفاجآت اللى بتتحفينا بيها كل شوية .. مرة ترجعى لنا منقبة من شهر العسل .. ومرة تدخلى علينا وفى اديكى طفلين غربا قربوا يحصلوا طولك وتقوليلنا انهم ولادك انتى وأيمن .. مين يا بنت الولد والبنت اللى برا دول ..
حاولت رغد امتصاص غضب أمها : اهدى شوية يا ماما .. الناس قاعدة برة ..
علياء : والله عال .. عاملة حساب للناس أوى .. ومش عاملة حساب لأمك وابوكى اللى تعبوا فيكى و اللى كانوا فاكرين انهم ربوكى احسن تربية انتى واختك .. وبتتصرفى من غير ما تاخدى رأيهم فى أى حاجة .. ولا كاننا موجودين فى حياتك .. ما هو خلاص اتجوزتى .. وواضح ان جوزك قلب حياتك وتفكيرك ..
رغد بنرفزة : من فضلك يا ماما .. أيمن ملهوش أى دعوة فى أى قرار من قرارات حياتى .. أنا اللى اخترت انى البس النقاب .. وأنا اللى اقتنعت بانى اربى زهرة وعبد الرحمن .. بعد وفاة الشيخ عبد الله .. وده كان عن اقتناع انى باخد فيهم ثواب .. ومش زى ما حضرتك فاهمة انه اجبار من أيمن ..
علياء بتهكم : أيوااا .. الشيخ عبد الله .. مش ده يا هانم اللى ايمن بيدوش دماغنا بيه فى كل زيارة .. وأد ايه هو راجل عظيم .. وأد ايه هو السبب فى التغيير اللى حصل له فى حياته .. الحمد لله انه مات علشان كان فاضل شوية ونفاجئ بيكم انتم الاتنين من الدواعش ..
ردت رغد وقد بدأت دموعها تنهمر من هجوم امها .. وكان ذلك عند دخول ابيها الى الحجرة : ماما .. من فضلك كفاية لغاية كده .. أنا مش صغيرة .. أنا واحدة متجوزة وعارفة أنا بعمل ايه .. وكمان متحملة لكل نتايج اللى أنا بعمله ..

أغلق أحمد باب الغرفة بهدوء وهو يقول : كفاية لغاية كده .. صوتكم كله واصل بره .. مش وقته يا علياء .. لما يتفض المولد اللى بره ده انا لي كلام معاها هى وجوزها .. سكت للحظة ثم اردف بصرامة : ياللا قفلوا على المناقشة دى واخرجوا للناس .. ولا كأن فيه حاجة ..
خرج ثلاثتهم بعد ان مكثت رغد بمفردها لدقيقتين حتى تسيطر على نوبة بكائها ..

انتهى اليوم والجميع فى سعادة بحفل سبوع امينة الصغيرة .. ولكن معظمهم شارد فى أمر يشغله كثيرا .. فرنيم كانت تفكر فى ابنتها ومستقبلها وتخطط من الآن لتربيتها التربية التى تضمن بها ان تنشأ فتاة ذات شخصية قوية وفى نفس الوقت بارة بوالديها وعلى درجة من الصلاح ..

أما أشرف .. فكان يفكر فى الميعاد المرتقب بينه وبين نور .. وقد وعدها أن يقضيا سويا يومين فى السخنة بعيدا عن العيون بعد ان توطدت علاقتهما خلال الايام الماضية كثيرا ..
وأما سارة وأمير .. فكل يفكر فى مصابه.. هى تفكر فى مرضها وقرار الدكتور احمد الذى ربما ينهى على آخر أمل لحياتها وسعادتها مع أمير الذى بدوره كان يفكر فى خيانتها له مع عمر وكيف ينتقم منها بعد أن يثبت عليها تهمة الخيانة ..

أمينة وخالد لم يكن يشغلهم شيء سوى فرحتهم بحفيدتهم .. بالرغم من أن أمينة كانت تريد أن تتكلم مع علياء لتوصيها خيرا برغد ..

وبالنسبة لغادة .. فكانت فى سعادة بالغة بأمينة الصغيرة .. ولم يبرح سعيد خيالها عندما تتخيله بجوارها فى مشهد تراه بين رنيم وأشرف وأمينة الصغيرة .. ولكن لم يكن ينغص عليها حلمها سوى وجود أم سعيد التى أصرت أمينة ورنيم على حضورها الحفل .. فكانت كلما وقعت عينيها عليها .. انقبض قلبها وأحست ان حلمها هذا من المستحيلات ..

واما أحمد وعليا .. لم يكن لهم هما سوى أن ينتهى هذا الحفل حتى يستطيعا أن ينفردا برغد وزوجها ويفهمان منهما ماذا يحدث لهما ومنهما .. يريدان أن يطمئنا على ابنتها ومستقبلها مع ايمن ..

فى حين كان أيمن ورغد فى قلق شديد من اصرار أحمد والدها على ان لا يذهبا بعد انتهاء الحفل لانه يريد ان يتحدث معهما .. فكانا طوال الحفل جالسين فى سكون ينظر اليها أيمن بلوم وعتاب تقرؤه فى عينيه .. وكان كل خوفه أن يتصاعد الخلاف بين والديها من جهة وبينهما من جهة اخرى أمام زهرة وعبد الرحمن .. لذا .. اقترب أيمن من خالد وقال له بصوت منخفض : أنكل .. ممكن أطلب من حضرتك طلب ..؟
رد عليه خالد : خير يا أيمن .. طلب ايه يا حبيبى ..؟
أيمن : ممكن حضرتك وطنط أمينة تاخدوا معاكم زهرة وعبد الرحمن .. وأنا ورغد حنمر عليكم ناخدهم ..

وقبل أن يبرر أيمن له طلبه هذا .. قاطعه خالد وقد فهم سبب الطلب : من غير ما تطلب يا أيمن .. أنا كنت حقترح عليك اننا ناخدهم معانا .. أنا عارف ان احمد وعلياء محتاجين يتكلموا معاك انت ورغد .. بس كل اللى بطلبه منك يا أيمن انكم تقدروا خوفهم عليكم .. فمن فضلك حاول تستوعبهم وتستوعب تفكيرهم ورأيهم ..
أيمن : حاضر يا أنكل .. ومتشكر جدا لحضرتك ..
أومأ له خالد برأسه ثم مال على أمينة وقال لها : اعملى حسابك يا أمينة حناخد معانا زهرة وعبد الرحمن ..

فهمت أمينة أن هذا هو طلب أيمن الذى كان يتحدث مع خالد منذ لحظات ..
قال خالد بصوت مسموع للجميع : مش ياللا بينا يا أمينة .. الوقت اتأخر .. ولسه حنوصل أم سعيد فى سكتنا ..

ردت علياء وأحمد فى صوت واحد : لسه بدرى يا جماعة .. ملحقناش نشبع منكم ..
أمينة بابتسامتها الطيبة : لا كفاية كده .. الأيام جاية كتير .. وامونة الصغيرة حتجمعنا كتير باذن الله .. ثم توجهت بالكلام لأيمن ورغد : بقولك ايه يا أيمن .. احنا حنستأذنكم ناخد زهرة وعبد الرحمن معانا .. وابقوا فوتوا علينا خدوهم ووانتوا مروحيين ..
أيمن : وماله يا طنط .. حضرتك تأمرى مش تستأذنى .. انتى عارفاهم بيحبوكى انتى وانكل خالد اد ايه ..

نظرت علياء الى احمد فى اشارة واضحة منها على علم أمينة واسرتها بأمر زهرة وعبد الرحمن .. فى حين انهما آخر من يعلم .. وقد اغاظها هذا من ابنتها كثيرا ..
اقتربت أمينة من رنيم وطبعت قبلة على خديها .. ثم وضعت أخرى حانية على جبهة أمينة الصغيرة .. ثم اقتربت من علياء ووضعت قبلة على خدها وهى تقول لها همسا : بالراحة يا علياء على رغد وجوزها .. هما صحيح غلطوا لما خبوا عليكم موضوع زهرة وعبد الرحمن .. بس لما يشرحولكم انتى واحمد الوضع حتعرفى انهم كانوا معذورين .. وان وضع البنت والولد مش زى ما انتم فاهمين ..
لم ترد عليها علياء التى كانت بداخلها تستشيط غضبا من ابنتها وزوجها .. واكتفت فقط بإيماءة براسها ..
----------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 06:34 PM   #35

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل السابع عشر

ا بعد البداية
الفصل السابع عشر (نهاية كذبة)

مرت عدة أيام وعلا تفكر فيما حدث من ريم .. كانت تشعر انها تحمل سرا عنها .. سرا يشعرها بالمسئولية تجاه هذه المراهقة .. لذا قررت أن تخلى مسئوليتها عن الحفاظ على هذا السر وتحدث أمها بشأنه .. فهى الآن المسئولة عنها وعن تصرفاتها .. وما ستقوله لها .. وان كان شيئا مفزعا .. الا انه من الأفضل لو علمت به الآن قبل غدا ..
طلبت علا أمها على الموبايل : صباح الخير يا مامى ..
سلمى : أهلا علا حبيبتى .. عاملة إيه .. وأزى آدم وزين ..
علا : بخير يامامى .. انتى عاملة ايه ..؟
سلمى : بتنهيدة .. أنا بخير يا حبيبتى .. تمام .. الحمد لله .. ثم اردفت .. والله انتى بنت حلال .. كنت لسة حطلبك ..
علا : ايه رأيك نتقابل فى النادى النهاردة .. أهو منها نغير جو .. ومنها نتكلم .. لانى عايزاكى فى موضوع كده ....
سلمى : أنا كمان عايزه اتكلم معاكى فى موضوع مهم .. بس خلينا لما ريم ترجع من المدرسة .. علشان أخدها معايا ..
سارعت علا تقاطعها : لا .. بلاش ريم ..
سلمى بتعجب : ليه يا علا .. ليه مش عايزة ريم تييجى معانا .. هو حصل بينكم حاجة وهى معاكم ..؟
علا : لا يا مامى مفيش حاجة .. بس الموضوع اللى عايزاكى فيه مش عايزة حد يعرفه ..
سلمى : طيب يا علا .. نتقابل الساعة تلاتة .. كويس .. ؟
علا : تمام .. باى مامى ..
سلمى : مع السلامة يا حبيبتى ..

تقابلت سلمى وعلا فى الموعد .. كان يبدو الشحوب على وجه علا للدرجة التى أحزنت سلمى عند رؤيتها .. فهى مازالت بنفس الحالة من الحزن والشحوب منذ اكتشافها لخيانة زوجها .. أو بالأحرى طليقها .. ويوما بعد يوم يزيد حزنها وشحوبها وهى كما يقولون فى عز شبابها .. وبداية حياتها ..

بادرت سلمى : عاملة ايه يا حبيبتى ..
علا بإنكسار المطلقة التى تشعر بالفشل فى زيجتها وحياتها .. خصوصا عندما يكون زواجها عن حب .. وباصرار منها على من اختارت .. وفى النهاية قام بخيانتها مع أقرب صديقاتها وزوجة أخيها : الحمد لله يا مامى ..
سلمى : ليه حاسة انك لسه عايشة فى حزن .. وشك خاسس أوى .. وليه مش مهتمة لا بمكياجك ولا بلبسك .. يا علا الدنيا لازم تمشى .. على الأقل علشان مصلحة ولادك يا حبيبتى ..
ارادت علا تغيير الكلام .. لا تريد أن تفتح المواضيع وتنزف الجروح من جديد فيما حدث لها .. لذا آثرت أن تدير الدفة الى ما جاءت من أجله فقالت وهى تبتسم ابتسامة واهية : ان شاء الله يا مامى .. أنا بس محتاجة شوية وقت وحبقى أفضل من الأول .. المهم .. خلينا فى اللى أنا جايه علشانه ..
سلمى بانتباه وقلق : خير يا حبيبتى .. كنتى عايزانى فى ايه ..
علا : ريم .. الموضوع بخصوص ريم يا مامى ..
سلمى : ريم .. آه من ريم .. واضح انها حتعمل لى صداع مزمن فى حياتى .. البنت صعبة أوى يا علا .. مش عارفالها مدخل .. وعملت ايه تانى الست ريم ..؟

قصت عليها علا ما حدث بينها وبين ريم وما اكتشفته عنها والأباحيات التى تشاهدها فى خلوتها .. كانت سلمى تستمع اليها بعيون جاحظة .. لا تصدق ما تسمعه اذناها .. فأشد ما تكره سلمى فى حياتها ممارسة البشر كبارا أو صغارا لمثل هذه الأمور .. تلك هى طبيعتها .. أو ما نشأت عليه ..

أنهت علا الكلام فقالت سلمى : يا خبر .. معقول يا علا .. لا حول ولا قوة الا بالله .. ده ايه المصيبة دى كمان .. وأنا اللى مكنش عاجبنى مجرد انها بتحاول تتجاهل وجودى فى حياتها .. طيب وايه العمل فى البنت دى وفى تصرفاتها .. ؟!!!
علا : بصراحة مش عارفة يا مامى .. الموضوع صعب وخطير .. البنت دى لو ملحقنهاش ممكن المواضيع اللى زى دى تتطور معاها وتعمل مصيبة .. وبعدين فيه حاجة تانية لاحظتها عليها ..
سلمى بتنهيدة : ايه تانى يا علا .. اتحفينى ..
علا : البنت واضح انها معجبة بجمال .. طول الوقت عنيها ما بتنزلش من عليه وعلى طول بتحاول تفتح كلام ومواضيع معاه ..
سلمى : أنا كمان لاحظت الموضوع ده قبل كده .. بس كدبت عينى وقولت البنت صغيرة ومش معقول اللى أنا بفكر فيه .. بس واضح ان مش أنا كمان اللى لاحظت الحكاية دى .. معقول المفعوصة دى تفكر فى جمال .. ده ضعف عمرها ..
علا : واللى أكد لى الكلام ده .. لما قابلنا خالتها نجوى فى النادى ..

ما أن سمعت سلمى اسم نجوى حتى انتفضت وقالت : نجوى .. وانتم ايه اللى وصلكم لنجوى .. ؟!!
علا : قابلناها فى النادى ..
سلمى : ماهى نجوى دى سبب فساد تربية البنت .. ده نادر لو عرف انها لسه على اتصال بخالتها حيسود عيشتها ..
علا وهى تبتسم بسخرية : عموما معتقدش أنها حتحافظ على علاقتها بيها من هنا ورايح ..
سلمى بتعجب : ليه بقى ..؟!!
علا : علشان نجوى دلوقتى بقت المنافس بتاعها فى جمال ..
سلمى وقد احتد صوتها : نعم .. !! نجوى وجمال .. لا بقى مهو احنا مش حنعيد موضوع سمر تانى .. ثم هدأت نبرتها : استغفر الله .. ميجوزش عليها الا الرحمة .. اسمعى يا علا .. نجوى دى حسب ما عرفت من نادر مصيبة لازم نبعدها عن جمال وريم بأى طريقة .. مش لازم يبقلنا كلنا علاقة بيها ..
علا : معقول .. للدرجة دى ..؟!
سلمى : والله حسب اللى سمعته من نادر عنها .. فكلمة مصيبة دى تعتبر شوية عليها ..
علا : يا ساتر يارب .. ده فعلا لو هى كده .. ربنا يكفينا شرها ..
سلمى : وعلى فكرة مش بعيد تكون هى اللى عرفت ريم طريق المواقع الزفت اللى بتتفرج عليها .. نادر قاللى انها بتشوف الحاجات دى عادى ..
علا : ايه القرف ده .. لو هى رضت على نفسها تشوف القرف ده .. ايه ذنب البنت المسكينة دى تبوظ اخلاقها وتبليها بلوة زى دى .. !!!!
سلمى : تقولى ايه .. انسانة مريضة ..
علا : عموما يا مامى .. أنا معلقتش على ريم .. ولا حسستها انى لاحظت الموضوع ده .. فضلت انى اسيبلك الموضوع ده تعالجيه بنفسك ..
سلمى : تمام يا حبيبتى .. تسلمى من كل شر يارب ..
علا : ويا ريت متجبيش خبر لأنكل نادر .. الموضوع بالنسبة لريم حيبقى مش كويس أبدا .. وممكن تكرهنا بسببه ..
سلمى : متقلقيش يا حبيبتى .. أنا حتصرف بينى وبينها .. مهو مش معقول كمان ححرق دمه .. وربنا يقوينى عليها ..

ساد الصمت بينهما دقائق .. هدأت سلمى خلالها .. ثم قالت : وانتى يا علا .. عاملة ايه دلوقتى يا حبيبتى ..؟

ابتعدت علا بعينيها عن مرمى عيون امها وهى تقول بسخرية : قصدك بعد ما أخدت لقب مطلقة .. سكتت للحظة ثم قالت : كويسة .. عايشة .. عايشة لولادى ..
سلمى : لازم تعيشيلهم .. بس فى نفس الوقت أو قبلها لازم تعيشى لنفسك ..
علا بأسى وما زالت على شفتيها ابتسامة السخرية : نفسى ..!! نفسى دى خلاص .. شيلتها من حساباتى ..
قاطعتها سلمى : متقوليش كده يا حبيبتى .. لو معشتيش لنفسك مش حتعرفى تعيشيلهم يا علا .. ولا حتعرفى تكملى مشوارك يا حبيبتى .. المشوار لسه طويل .. ومحتاج انك تطوى الصفحة القديمة دى وتنسيها تماما .. انتى لسه صغيرة يا حبيبتى ولو معرفتيش تسعدى نفسك عمرك ما حتقدرى تسعدى اللى حواليكى وخصوصا ولادك اللى اصبحتى مسئولة عنهم لوحدك ..
علا : يعنى عايزانى أعمل ايه يا مامى ..؟
سلمى بابتسامتها الجميلة : عايزاكى تنسى اللى فات وتبتدى من جديد ..
علا : تانى يا مامى .. ابتدى من جديد تانى .. ما انتى لسه قايلة مش عايزين نعيد موضوع سمر من تانى ..
سلمى : متخلطيش الأوراق يا علا .. لا سمر الله يرحمها حتكون آخر الستات بالنسبة لجمال .. ولا ياسر حيكون آخر الرجالة بالنسبة لك .. جوازكم منهم كان غلطة .. وراحت لحالها ..
علا : يعنى عايزانى أعمل ايه ..؟
سلمى : ماهو أنا حبيت اننا نتقابل النهاردة علشان فيه واحد متقدم لك ..
علا بتعجب : متقدم لى أنا ..
سلمى : أيوة يا علا انتى .. أمال متقدم لى أنا ..
علا : وده يطلع مين ان شاء الله ..؟ وشافنى امتى وفين .. وبعدين حضرتك عارفة انى مش حتجوز تانى .. وان حصل فى يوم من الأيام مش حيكون بالطريقة دى ..
سلمى : اسمعى يا علا .. انتى حرة فى قراراتك .. تتجوزى أو متتجوزيش ده شيء يرجعلك .. بس لو عايزة نصيحتى .. انتى لسه صغيرة أوى يا بنتى على انك تكملى باقى حياتك من غير راجل .. زيك زى جمال أخوكى .. هو برضه محتاج واحدة ست يكمل معاها حياته .. صحيح اللى حصل لكم كان صعب .. بس مش لدرجة انه يعقدكم من الجواز بالشكل ده .. لانه ببساطة زى ما فيه ستات ورجالة خاينين .. فيه كتير كويسين وولاد أصول وميعرفوش الخيانة .. وحرجع أقولك تانى يا علا .. سعادة ولادك مش حتتحقق الا بسعادتك .. ومتنسيش يا حبيبتى انك دلوقت مشغولة بيهم لانهم لسه صغيرين وما بيفارقوش حضنك .. لكن بعد كام سنة لما يكبروا مش حتلاقيهم جنبك زى دلوقتى وساعتها حتعرفى يعنى ايه معنى الوحدة .. وأد ايه قاسية .. فكرى يا علا .. فكرى كويس يا حبيبتى ..

سكتت علا ولم تجادل كعادتها .. وسكتت معها سلمى لتترك لها مساحة تفكر فيما قالته لها .. ثم بادرت سلمى بعد قليل وقالت : عموما يا علا .. سواء وافقتى أو رفضتى .. من الأفضل انك تعرفى مين اللى طالبك يا حبيبتى .. وبعدين فكرى وقررى على مهلك .. وقرارك كلنا حنحترمه فى النهاية .. بصى ياستى .. هو اسمه محمد وعنده تقريبا تسعة وتلاتين سنة .. وصاحب مصنع منتجات ألبان .. سبق له الجواز مرة قبل كده .. وانفصل عن مراته بعد حوالى خمس سنين جواز .. وعلى فكرة هو من زباين نادر ويعتبر صاحبه .. شافك فى الفرح وكلم نادر عنك .. نادر كان عرفنى عليه فى الحفلة .. بس بصراحة أنا مش فاكراه أوى .. دى كل المعلومات اللى أعرفها عنه .. وزى ما قلت لك .. فكرى .. أنا حسيبلك اسبوع تفكرى .. وصدقينى محدش حيضغط عليكى فى موضوع الجواز ده ابدا ..

كانت علا تنظر اليها .. وأحيانا تبتعد بعينيها عن نظراتها اليها .. ولكنها فى نفس الوقت استمعت لكل كلمة قالتها أمها ..

انتهى اللقاء وعاد كلاهما الى بيته .. كانت علا تفكر قليلا فى كلام سلمى .. ولكنها لم تطيل التفكير .. وفضلت أن تغلق هذا الباب بعد أن شعرت بعدم الرغبة فى الزواج مرة أخرى .. على الأقل فى الوقت الحالى .. كانت تشعر أنها تحتاج الى وقت أطول بعد انتهاء قصتها مع ياسر ..

--------------------------------------

ذهبت سارة لمقابلة عمر كما اتفقت معه .. ذهبت بعد أن أخبرت خالتها بتلك المقابلة .. ودعت لها الله أن يلطف بها .. وأن تكون نتيجة المقابلة خير .. ولكن كما تفعل خالتها فى كل مرة .. لامتها على انها لا تزال مصرة على أن تخفى على أمير أمر مرضها وحقيقة ما وصل اليه أمر هذا المرض ..
ذهبت سارة وهى طول الطريق تفكر فى قرار الدكتور أحمد بعد استشارة عمر له .. طوال الطريق يعصف بها أمرا واحدا .. أو خيارا واحدا لحالتها .. الا وهو ازالة الرحم ..

وصلت الى الكافيتريا وقدماها تتخبطان وقد مسكتها رعشة لم تستطع التحكم فيهما بمجرد ان شاهدت عمر يجلس شاردا ..

ما أن رآها عمر حتى وقف وتقدم اليها خطوتين ليصافحها .. جلست سارة وهى تنظر فى عينى عمر لعل نظرته تهدأ من روعها قليلا .. لعل يكون هناك بعينيه خبرا يطمئنها ولو قليلا .. طالت نظرتها فى عينيه وهو ايضا ان ينظر اليها يريد ان يطمئنها ..

لكن كان هناك على مقربة من سارة وعمر فى مكان من يراقب كل شيء يحدث بينهما بكل دقة .. بل ويقوم بتصوير كل صغيرة وكبيرة بينهما .. كان الدم يغلى بعروقه يريد ان يذهب اليهما ويفتك بعمر بعد ان يصفع سارة على وجهها .. ولكنه تماسك على أمل أن ما سيفعله فيما بعد أكثر من أن يشفى غليله بصفعة على وجهها أو أن يهشم رأس عمر ..
عمر : صباح الخير يا سارة ..
سألت سارة باضطراب دون حتى أن ترد عليه التحية : الدكتور أحمد رأيه ايه ..؟
عمر : ومستعجلة ليه كده يا سارة ..
سارة : أرجوك يا د كتور عمر أنا أعصابى مش مستحملة .. من فضلك تقولى ايه رأى الدكتور أحمد ..
عمر : حاضر .. حاضر .. بس ممكن تهدى شوية .. الانفعال ده مش كويس علشانك .. سكت عمر للحظات ثم تكلم وهو مطرق ينظر الى الطاولة وقد تشابكت اصابعه من الاضطراب : بصراحة يا سارة الدكتور أحمد رأيه هو ازالة الرحم .. هو شايف ان الحل ده حيجنبك عذاب العلاج الكيماوى أو الاشعاعى.. لأنه فى النهاية حتى لو استنينا سنتين تلاتة .. أو حتى أربعة .. برضه حنوصل لمرحلة ازالة الرحم ..

فى لحظات قليلة تجمعت دموع سارة فى مقلتيها وسقطت على خديها .. فلم يشعر عمر الا وهو يمد يده ليضعها على كفى سارة القابعتين فوق الطاولة متشابكتين وهو يواسيها : من فضلك يا سارة .. أرجوكى متعيطيش .. أنا مش بستحمل انى أشوفك فى الحالة دى .. أرجوكى ..
كانت سارة فى تلك اللحظات فى عالم آخر .. لا تشعر بالوجود من حولها .. ولا بعمر الذى مازال يواسيها واضعا كفيه فوق كفيها .. ولكنها بعد أكثر من دقيقتين انتبهت فسحبت يدها فى هدوء .. وهى تقول : يعنى هو الحل ده الوحيد فى رأى الدكتور أحمد .. ؟
عمر : للأسف .. هى دى وجهة نظره ورأيه الطبى .. وعلى فكرة دكتور أحمد من أكبر أطباء الأورام .. وأنا شخصيا بثق فى رأيه ..ثم أخذ عمر يتكلم كلاما كثيرا .. عن أنه لن يتركها أبدا وسيظل الى جوارها .. ولن يتخلى عنها أبدا حتى تشفى من مرضها .. فى حين أنها كانت تقريبا لا تستوعب أو حتى تستمع أى مما يقول ..

ساد الصمت بينهما قليلا ثم سألته سارة : طيب هو أنا ممكن اتكلم مع الدكتور أحمد ..
عمر بأسف : ياه يا سارة .. مكنتش أعرف انك مش واثقة في للدرجة دى .. عموما أنا ممكن آخدلك ميعاد معاه علشان تسمعى رأيه بنفسك .. ولو انك كده بتحطينى فى موقف محرج معاه ..
سارة : على فكرة أنا مقصدش اللى وصلك ده .. الحكاية انى عايزة أفهم منه أد ايه ممكن استنى لغاية ما يبقى ازالة الرحم ضرورى ..
عمر : وايه الفرق ..
سارة : الفرق انى لو حقدر استنى لغاية ما أتجوز وأخلف أكيد مش حاخد قرار عمل عملية زى دى دلوقتى .. أنا أهم حاجة عندى انى أقدر أخلف ولو طفل واحد .. وبعدها مش مهم انى اشيل الرحم ..
عمر : أيوة يا سارة بس دى مجازفة مش مضمونة .. وخطر على حياتك ..
سارة : حياتى .. طيب وهى حياتى دى حتساوى ايه لو مقدرتش أخلف وأبقى أم .. والأهم من كل ده انى أتجوز الانسان اللى حبيته ..
عمر وقد صدمته الجملة الأخيرة من كلامها : ياه .. للدرجة دى بتحبى الاستاذ أمير ..

لم ترد عليه سارة .. ولكن الرسالة قد وصلته .. فأردف عمر : عموما .. أنا شايف أن صحتك هى أهم شيء فى الدنيا المفروض هى بس اللى تفكرى فيها فى الوقت الحالى .. وأمير لو كان بيحبك بجد مش حيفرق معاه مسألة الخلفة والولاد دى خالص ..
سارة باصرار : بس حتفرق معايا أنا .. عموما مش ده موضوعنا .. أنا حابة أنى أقابل الدكتور أحمد وأتكلم معاه .. لان كلامى معاه حيتوقف عليه حاجات كتير فى حياتى ..
عمر : زى ما تحبى .. أنا ححاول آخد منه ميعاد فى أقرب فرصة وأبلغك ..
سارة : متشكرة جدا يا دكتور عمر .. وعمرى ما حنسى لك وقفتك دى معايا ..
عمر وهو يضع كفه على كفها مرة أخرى ولكنها تلك المرة سحبت كفها سريعا : متشكرنيش يا سارة .. انتى متعرفيش انتى غالية عندى اد ايه ..

تعجبت سارة من تصرفات وكلام عمر معها .. ولكنها أيقنت تلك المرة أن هناك ما يجول بخاطرة أو بقلبه بالنسبة لها .. فقالت : أنا لازم أمشى دلوقتى ..
عمر : انتى حاسة انك كويسة ..
سارة : أنا بخير متقلقش ..
عمر : طيب تحبى أوصلك ..
سارة : لا .. مفيش داعى .. ولم تعطه فرصة ليضيف شيئا .. فتحركت وهى تقول : بعد اذنك ..

أنهى أمير تصوير اللقاء بين سارة وعمر .. وقد تأكد أن بينهما علاقة حميمة .. والا كيف سمحت له أن يمسك يدها بهذه الطريقة .. خصوصا ونظرات الهيام التى كانا يتبادلنها فى اول اللقاء قد أكدت ظنونه فيهما ..

عادت سارة الى البيت وقد جفت مقلتيها من كثرة البكاء .. لم تكن تبكى سوى على الانتهاء المحتمل لعلاقتها بأمير إذا أصر الدكتور أحمد على ازالة الرحم الفورى .. كانت تدعو الله أن يخبرها بأنه يمكنها الانتظار حتى تتزوج وتنجب ثم ليكن ما يكون بعد ذلك .. فحب سارة لأمير حب لا يعلم مداه الا هى .. وهى فقط .. فقد أحبته منذ أن وقعت عينيها عليه للمرة الأولى .. وعاشت بحبها هذا لمدة عام كامل .. تدعو الله أن يكون أمير من نصيبها .. أحبته بكل ما تملك من مشاعر الحب للعالم أجمع .. وكم عانت عندما علمت أنه يحب سواها .. ثم كم كانت سعادتها عندما ايقنت بعد ان اثبت لها أنه يبادلها نفس الشعور .. الآن يأتى هذا المرض اللعين ليفرق بينهما .. هكذا بتلك البساطة .. فيا له من ابتلاء شديد ..

دخلت سارة الى البيت تجر قدميها جرا .. تلقتها خالتها بلهفة وهى تقول : تعالى يا حبيبتى .. اقعدى .. ارتاحى شوية وبعدين طمنينى عمر قالك ايه ..

حكت لها سارة ما أخبرها به عمر .. ثم غلبتها دموعها مرة أخرى وبكت .. فضمتها جميلة الى صدرها تطمئنها أن الله موجود وانه سوف يلطف بها .. وان أمامها فرصة بإذن الله أن تتزوج بأمير وتنجب منه .. وان الله قادر على أن يشفيها ويكشف عنها الكرب ..

فى اليوم التالى ذهبت سارة وجميلة ومعهما أمير الصغير الى بيت أمينة .. حاولت سارة قبل أن تذهب أن تتسم بالقوة وأن تحاول نسيان موضوع مرضها خلال الزيارة حتى لا يلاحظ أحد ما بها ..
رحب بهم الجميع .. أمينة وخالد وغادة .. لكن كان يبدو الضيق على وجه أمير .. بالرغم من أنه حاول أن يبدو طبيعيا ..

انتهت أمور الترحاب ومداعبة الصغير خصوصا من أمينة التى دعت الى سارة وأمير بانجاب طفل جميل كأمير الصغير .. ولم تكن تلك المرة الأولى التى تدعو لهما فيها بمثل تلك الدعوة .. ولكن تلك المرة لم يكن لأمير أو سارة نفس رد الفعل .. ففى كل مرة كانت تلك الدعوة تسعد قلوبهم ويبتسمون بشدة لها .. لكن تلك المرة عبث كلاهما ولم ينطق ببنت شفه .. حتى أن أمينة لم يعجبها رد فعلهما وقالت : يا ساتر .. طيب حد فيكم يقول آمين .. فابتسم كلاهما ابتسامة باردة .. افتعلها أمير لوعة من الخيانة والسخرية من رد فعله المرتقب عليها .. وافتعلتها سارة يأس وضعف وقلة حيلة ..

جاء ميعاد الغداء .. وكان أمير طوال الغداء على غير عادته .. فلأول مرة يجلس بعيدا عن سارة .. حتى أن خالد وغادة لاحظا ذلك وقالت غادة : ايه يا أبو الأمرا .. مش بعادة يعنى .. قاعد بعيد عن سارة ليه ..

لم يرد عليها أمير ولم يعلق .. وظل واجما ينظر فى الطبق أمامه .. فشعرت أمينة وجميلة بقلق نحو سلوكه هذا الغير معتاد .. فسارعت سارة لتلطيف جو التوتر الذى ساد على طاولة الطعام بسبب أمير وتعليق غادة : معلش يا غادة .. أنا عاذراه .. هو اليومين دول مجهد حبتين من الشغل ..
رد أمير : آه فعلا .. مجهد وتقدرى تقولى كمان محبط ومصدوم .. ثم تحرك من مكانه وأمسك بريموت التليفزيون وكان من قبل الزيارة قد وضع الفيديو الذى التقطه لسارة وعمر على فلاشة أوصلها بالتليفزيون وبدأ بتشغيل الفيديو ..

كان الجميع ينظر اليه فى تعجب من تصرفه .. ولكن ما أن بدأ الفيدو حتى إلتزم الجميع الصمت وهم يشاهدون الفيديو الذى بالطبع لم يكن يصاحبه صوت .. ولكن كان له تعليق من أمير وهو يقول بسخرية : وزى ما قالت الآنسة المصون سارة انى مجهد حبتين من الشغل .. وأكيد عندها حق فى اللى قالته .. بس دلوقتى أحب اعرف الكل ايه سبب انى محبط ومصدوم لدرجة انى كنت ممكن ارتكب جريمة . بس اكتشفت ان السبب ميستهلش .. معلش .. مش حقدر أكمل معاكم الفيلم الهابط ده .. لانى شوفته قبل كده .. اسيبكم تستمتعوا بيه .. ثم خلع دبلة الخطوبة من إصبعه وألقاها أمام سارة على طاولة الطعام وهو يقول : آسف يا آنسة سارة .. مش حقدر أكمل معاكى .. كفاية على اللى زيك لحد كده ..

توجه أمير بعد أن القى بقنبلته الى حجرته وترك الجميع فى حالة ذهول .. والصمت هو سيد الموقف ..

كانت سارة هى أشدهم ذهولا .. كانت تجلس فى مكانها تنظر امامها ولا ترى شيئا من كثرة الدموع المنهمرة من مقلتيها ..

تحجرت الكلمات فى حلق الجميع ولم يجد أى من الجالسين كلاما يقوله .. غير أن أمينة علقت تقول : ليه كده يا سارة .. لا حول ولا قوة الا بالله ..
ردت جميلة : ياللا يا سارة .. لازم نمشى دلوقتى ..

كانت سارة على وشك أن تصرخ وتقول انها مظلومة .. وأن ما يصوره الفيديو لا يعكس حقيقة الموقف .. ولكنها كانت مجروحة من تصرف أمير .. ومن قبله فقدانه للثقة فيها .. كان يتردد بداخلها صوتا أن هذا أفضل له من أن يرتبط بها شفقة بعد أن يعلم الحقيقة .. هى فرصة جاءتها ولابد ان تستغلها .. الفرصة التى كان عليها ان تسعى اليها لتجعل أمير يكرهها .. ثم ما يلبث ان ينساها ويعيش حياته الطبيعية .. وربما يحب من جديد ويتزوج وينجب اطفال ويعيش حياته الطبيعية التى تتمناها له .. حتى وان كان مع أخرى غيرها ..

وقفت وتحركت هى وخالتها فى صمت .. ثم استدارت جميلة لتقول لهم الحقيقة : الموضوع فيه سوء ......
قاطعتها سارة بشدة : طنط .. من فضلك .. لازم نمشى حالا .. أرجوكى ..

نظرت لها جميلة تلومها .. ولكنها استجابت لرغبتها .. وخرجا تاركين امينة واسرتها فى حالة من الحزن والأسف على ما فعلته سارة وما أصاب أمير منها ..
---------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 06:46 PM   #36

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
shezo likes this.

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-06-21, 10:30 AM   #37

ايمان صفي

? العضوٌ??? » 476237
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 223
?  نُقآطِيْ » ايمان صفي is on a distinguished road
افتراضي

رواية بتجنن بليز خلي رنيم تكتشف اشرف على بكير وحابة اعرف مواعيد التنزيل ويا ريت اكتر من فصل بالاسبوع
shezo likes this.

ايمان صفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-21, 05:51 PM   #38

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايمان صفي مشاهدة المشاركة
رواية بتجنن بليز خلي رنيم تكتشف اشرف على بكير وحابة اعرف مواعيد التنزيل ويا ريت اكتر من فصل بالاسبوع
شكرا جزيلا على التعليق .. أوعدك ان تكون الأحداث التالية اكثر سخونة لجميع الشخصيات .. سوف احاول تلبية رغبة حضرتك بخصوص عدد الفصول اسبوعيا ...

shezo likes this.

Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-06-21, 06:24 PM   #39

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الثامن عشر

ما بعد البداية

الفصل الثامن عشر (نتيجة القرارات الخاطئة)

طلبت خلود ابنتها يسرا لتطمئن عليها بعد الحالة السيئة التى تركتها عليها فى المكالمة السابقة ..
خلود : ألو .. يسرا .. ايه يا حبيبتى .. عاملة ايه دلوقتى .. يارب تكونى هديتى شوية ..
يسرا بهدوء : أحسن يا مامى .. متقلقيش .. أنا بخير دلوقتى ..
خلود وقد ارتاح قلبها قليلا : طيب يا حبيبتى .. الحمد لله .. ربنا يهدى سرك يا قلبى .. سكتت للحظات ثم اردفت : يعنى أفهم من كده يا حبيبتى انك صرفتى نظر عن موضوع انفصالك عن مدحت ..؟
يسرا بعصبية : لا طبعا .. بالعكس .. أنا مصرة أكتر على انى مكملش معاه ..
خلود : طيب يا حبيبتى .. زى ما تحبى .. بس ممكن أفهم انتى ليه مصرة المرة دى على موضوع الطلاق ده بالشكل ده ..؟؟
يسرا : يا مامى أنا لما اتجوزت مدحت كان فيه عيوب كنت عارفاها عنه من قبل ما يتقدم لى .. بس لما لقيت بابا مصر ومصمم على جوازى منه .. وافقت تحت ضغطه علي .. وضغطه على البيت كله .. وانتى عارفة كويس لما بابا بيصمم على حاجة .. وأكيد فاكرة هو عمل فينا ايه ايامها .. قلت وقتها فى نفسى انه شاب زى كل الشباب له نزواته اللى حتنتهى مع الوقت لما يتجوز ويخلف .. ووقتها كمان أنا عايزة انسى موضوعى مع آسر .. علشان كده وافقت على امل ان اللى كنت بسمعه عنه ميكونش صحيح .. أو انه يتغير مع الوقت .. خصوصا لو اصبح عندنا ولاد .. لكن للأسف .. مفيش حاجة اتغيرت ولا ربنا اراد ان يبقى عندنا ولاد .. وياريت المواضيع وقفت عند كده .. ده كل يوم والتانى بكتشف بلاوى من تصرفاته وأفكاره اللى مش قادرة استوعبها ..
خلود : أيوة يا يسرا .. يعنى هو ايه بالظبط الغلط اللى بيعمله ..؟
يسرا : قولى ما بيعملش ايه غلط .. بلاوى يامامى .. بلاوى ..
خلود وقد أصابها القلق : للدرجة دى يا يسرا ..؟!!
يسرا : أيوه يا مامى للدرجة دى وأكتر من اللى ممكن تتخيليه .. مدحت مدمن خمر .. ده غير موضوع جريه ورا الستات .. الموضوع اتطور معاه .. تخيلى انه عايزنى اجارى تصرفاته دى .. من كام يوم كنا فى حفلة تبع السفارة وطبعا كان فيها شرب وطلب منى قبل ما نروح الحفلة انى أشرب وأجارى الجو ده .. ولما رفضت قالى انت حتفضلى طول عمرك مقفلة ومتخلفة .. مش عارفة ايه علاقة التخلف أو التحضر بشرب الخمر ..
قاطعتها أمها : أوعى يا يسرا تكونى شربتى ..
يسرا : لا طبعا يا مامى .. أنا عمرى ما حسمع كلامه فى اى غلط من اللى بيطلبه منى .. وكالعادة .. بعد الحفلة هو وصحابه قالوا يروحوا يكملوا السهرة فى ديسكو .. وعلشان ميقولوش علي انى مقفلة ورجعية وافقت انى اروح معاهم بالرغم انى مبحبش أروح الأماكن دى .. وطبعا فى الديسكو بيكون فيه شرب ورقص .. سيبته على راحته يشرب ويرقص مع الستات والبنات زى ما هو عايز .. بس اللى مقدرتش اتحمله انه يضحك علي هو وصحابه لما واحد صاحبه طلب يرقص معايا .. الاستاذ الفاضل كان أول اللى اتريقوا علي انى برفض الرقص مع راجل غريب .. ده غير انه اليومين دول ملوش سيرة غير موضوع غريب وشاذ .. بس طبعا بيتكلم فيه على سبيل الهزار .. لكن أنا متأكده انه بيمهد له أو بيجس نبضى ناحيته ..
خلود برهبة : موضوع ايه ده ..؟
يسرا بتلعثم : تبادل الزوجات ..
خلود وقد فزعها وهالها ما سمعته : ايه .. زوجات ايه دى اللى حتتبادل .. ومين حيبدل مين .. ؟
يسرا : من كام يوم هنا سمعنا عن مجموعة من الأصحاب بيعلنوا عن تجديد الحياة الزوجية وانهم وصلوا لفكرة تضيع رتابة وملل الحياة بين المتجوزين وانهم علشان يقتلوا الملل اللى بيصيب حياتهم الزوجية يبدلوا ستاتهم لفترة .. بالذمة شفتى قرف أكتر من كده !!
خلود ومازالت فى حالة الدهشة والفزع مما تسمع : معقول .. ايه القرف ده يا بنتى .. انتى ازاى مستحملة كل ده ..
يسرا : وكل ده كوم والصفقات المشبوهة اللى ابتدى يعملها عن طريق شغلته فى السفارة كملحق تجارى كوم تانى .. وده طبعا ممنوع تماما .. ولو الحكاية دى انكشفت طبعا حيرفدوه من شغله .. وحتبقى فضيحة ..
خلود : معقول يا يسرا اللى بسمعه ده .. انتى ازاى مخبيه علينا كل اللى انتى فيه ده يا حبيبتى ..
يسرا : يعنى كنت حعمل ايه بس يا مامى .. كنت بقول لنفسى انها فترة وتعدى وبكره يتغير .. بس للأسف اكتشفت انه صعب يتغير .. وان عيوبه كل يوم بتزيد عن اليوم اللى قبله .. وخلاص معدتش مستحملة العيشة معاه اكتر من كده .. خصوصا انى مقدرتش احبه طول الفترة دى .. وطيعا تصرفاته واخلاقه مقدرتش تغير من مشاعرى ناحيته ..
خلود : يا حبيبتى يا بنتى .. الحمد لله ان مفيش ولاد .. انتى لازم تخلصى منه .. ده مينفعكيش ..
يسرا : ولاد .. طيب هو ازاى كانت تيجى الولاد وهو مبيقربش منى إلا كل فين وفين .. ده بيقعد بالشهور ميقربش منى ..
خلود : ايه .. !! انا مش مصدقة اللى بسمعه ده .. وطاب كان ايه لازمة الجواز من اصله .. لا حول ولا قوة الا بالله ..
يسرا : الظاهر ان الجواز بالنسبة له شكل اجتماعى .. لكن هو بيلاقى متعته فى الحرام اللى كل يوم والتانى بيكون مع واحدة شكل .. ولو تحبى اسمعك عنه وعن بلاويه أكتر .. مفيش مشكلة ..
خلود : بس .. بس يا يسرا يا حبيبتى .. اللى سمعته كفاية .. انتى مش لازم تستنى على ذمة البنى آدم ده أكتر من كده ..
يسرا : يا ريت يا مامى .. يا ريت أنام وأصحى الاقى نفسى خلصت منه .. بس المشكلة فى بابا .. تفتكرى حيسمح لى انى اتطلق منه ..؟!!
خلود : هو بعد كل اللى قولتيه ده حيقدر يعترض على طلاقك منه ..!! .. سكتت للحظة ثم اردفت : بس المهم اننا نثبت لبابا البلاوى اللى قولتيها دى .. انتى عارفاه مش حيصدق الا لما يتأكد بنفسه من كلامك ده .. هو فاكر انك عايزة تخلصى من الجوازة دى بأى شكل بسبب انك رفضتى مدحت فى الأول ..
يسرا : من الناحية دى متقليش .. أنا معايا فيديو صوت وصورة لمدحت وهو بيتكلم فى كل اللى حكيتهولك ده ..
خلود وقد صدمتها معلومة ابنتها : معقول يا يسرا .. انتى تعملى كده .. يا بنتى اللى عملتيه ده غلط .. ازاى تسجلى لجوزك بالشكل ده ومن غير ما يشعر ..
يسرا : موضوع التسجيل ده جه بالصدفة يا مامى .. بالعكس هو اللى بيطلب من وقت للتانى انى اسجل له هو وصحابه .. وعندى تسجيلات كتير محتفظين بيها لقعدات بتلم صحابنا .. هو اللى عنده هواية تسجيل قاعدات الصحاب دى .. لكن للأسف أو لحسن الحظ انه فى القعدات دى بيقول هو وصحابه نفس الكلام اللى حكيت لك عنه ..
خلود : غريب أوى اللى بسمعه ده .. عموما المفروض اننا منلجأش لموضوع التسجيلات دى الا فى اضيق الحدود لو اضطرنا هو اننا نستخدمها .. عموما أنا حتكلم مع باباكى .. وأشوف رأيه ايه .. وربنا يقدم لك اللى فيه الخير يا حبيبتى ..

انتهت المكالمة بين يسرا وخلود .. وجلست يسرا تفكر فى الأيام القادمة .. وما تحمله لها .. هل من الممكن ان تنفصل عن مدحت وتسعى لبداية جديدة .. شردت بذهنها الى أيامها قبل الزواج من مدحت .. فتذكرت أيام حبها الأول أيام الجامعة .. تذكرت آسر .. هل يمكن أن تجمعها الأيام به مرة أخرى .. ترى أين هو الآن ..؟ هل لا يزال يتذكرها كما تتذكره هى الى الآن .. ؟ هل مازال يحبها ويريدها كما حالها الى الآن .. تتذكر الآن آخر لقاء بينهما بعد أن ذهب لوالدها يطلبها منه للزواج .. وكيف بدا محطما يا ئسا من كل شيء .. يريد ان يرحل .. أن يهاجر بعيدا بعد أن حطم والدها أمله فى ان تكون له ..

آسر شاب من اسرة متوسطة جمعته بيسرا قصة حب جميلة منذ الأيام الأولى فى الجامعة .. كانا فى نفس الدفعة .. ظن أن تفوقه طوال سنوات الجامعة وتعيينه معيدا بها يعطيه الميزة فى أن يتقدم لها ويطلب يدها من ابيها .. لكنه اصطدم بالواقع المرير .. علم أن مهما علت مؤهلاته فهو بالنسبة لعائلتها لا شيء .. وتلك هى الرسالة التى أوصلها له ابيها بطريقته الخاصة والبغيضة ..
تذكرت يسرا كيف أدمت كلماته قلبها حزنا على ما أصابه من ابيها وعلى الفراق المجبرة عليه .. كانت تبكى بشدة ليس على حبها الضائع فقط .. ولكن ألما على تحطيم آماله فيها .. فلقد صارت كل احلامهم طوال سنوات حبهما هباءا .. ذهبت أيامهم الجميلة ادراج الرياح ..
لكن الآن لاح لها أمل جديد فى ان يلتقيا من جديد .. كانت تدعو الله فى سرها أن يكون لازال على العهد .. دون ارتباط بأحد ..

----------------------------------

جلست رغد وأيمن أمام علياء وأحمد كطفلين قد ارتكبا خطاءا كبيرا فى حق والديهم .. كانت رغد تدرك جيدا انها قد أخطأت منذ البداية حين عارضها أيمن قبل أن يتقدم لها فى أمر زهرة وعبد الرحمن .. تتذكر أنه حذرها من اخفاء أمر الطفلين عن والديها .. ولكنها أصرت على موقفها حينئذ .. وهاهى نتيجة تصرفها .. فأبواها فى حالة غضب وضيق منها ومن أيمن ..
همت علياء بالكلام .. فأشار لها أحمد بيده ان تتريث قليلا : لو سمحتى يا علياء .. ممكن تسيبى أيمن هو اللى يبتدى الكلام .. ممكن يا أيمن تفهمنا ايه اللى بيحصل بالظبط ..

كان أيمن جالسا متكئا بكوعيه على ركبتيه وواضعا وجهه بين كفيه .. وما أن سمع كلام أحمد حتى فرك وجهه بيديه وهو يقول : لو حضرتك تقصد اللى بيحصل بخصوص زهرة وعبد الرحمن .. أنا ممكن اشرح لحضرتك اللى حصل بالظبط .. وحضرتك بعد كده تحكم انت وطنط علياء اذا كان فى خطأمن ناحيتى أنا ورغد ولا لأ ..
أحمد : شوف يا أيمن يابنى .. أنا وعلياء مش من الناس اللى بيتدخلوا فى حياة ولادهم بعد الجواز .. وتقدر تقول ان ده طبعنا قبل ما يكون ترييح دماغ .. وانت حر انت ومراتك تعملوا فى حياتكم اللى انتم عايزينه .. تتشددوا فى دينكم ولا تكونوا متحررين زيادة عن اللزوم .. تربوا اطفال مش اطفالكم .. أى حاجة تعملوها انتم أحرار فيها زى ما انتم مسئولين عنها .. بس اللى مش من حقكم انكم تخبوا علينا من الأول تصرفاتكم اللى بنتفاجأ بيها وغيرنا يعرفها وكأننا متعبناش وربينا وسلمناك بنتنا واحنا مطمنين لك .. وبعدين نفاجأ انك من الأول خبيت علينا اللى غيرنا عارفه عنكم .. وكمان أجبرت بنتنا اللى ربيناها وتعبنا فيها انها تخبى عننا .. واللى زاد وغطى انك تجبرها على لبس وتشدد فى الدين ممكن يعرضها ويعرضنا كلنا لمشاكل احنا فى غنى عنها ..
قاططعته رغد : بابا ...
نهرها ابوها : انتى تسكتى خالص .. وأظن ان المفروض حسب اللبس اللى انتى لابساه ده انك تسكتى ومتتكلميش فى حضرة جوزك .. ولا دى مش عندكم فى التعليمات ..
ابتسم أيمن بسخرية من كلام حماه وقال : يا ترى حضرتك خلصت كلامك ولا لسه فيه حاجة تانية حابب تضيفها .. ؟
أحمد بغضب : بالرغم انه مش عاجبنى ابتسامة السخرية دى .. بس أنا خلصت كلامى .. وعايز اسمع تفسير منطقى للى بيحصل لبنتى معاك من يوم ما اتجوزتها .. وعلى فكرة .. ممكن حضرتك انت وهى تقولوا بكل بساطة ان دى حياتكم وانتم حرين فيها .. وأوعدك انى لا أنا ولا امها حنتدخل فى حياتكم بالمرة لا بالخير ولا بالشر .. أو بمعنى اوضح حننسى ان لنا بنت اسمها رغد من أصله ..

ما أن سمعت رغد كلام ابيها حتى اخذت تبكى فى صمت .. لم تكن تتخيل ان غضبه منها سوف يصل الى تلك المرحلة .. ولم تكن تتصور انه يستطيع التخلى عنها بكل هذه السهولة ..

غضب أيمن بشدة من كلمات حماه الأخيرة وكاد أن يقوم من أمامه ويقول له انه حر هو وزوجته وانه لا يسمح له بالتدخل فى حياته وحياتها .. ولكنه تحلى بالصبر على ما سمع .. تذكر انه والد زوجته الذى رباها وتعب فى تربيتها وان العلاقة بينهم علاقة طيبة لا يشوبها شائب .. وان من حق والديها ان يغضبا بسبب سوء الفهم .. لذا وجب عليه توضيح الأمور .. لا تعقيدها .. وافساد العلاقة بينهم ..فقال : أظن يا انكل بعد ما حضرتك بنفسك عطيتنا حرية الاختيار فى اننا نفسر أو منفسرش تصرفتنا .. من السهل علي انى اختار عدم التفسير واقول لحضرتك انى حر انا ومراتى فى تصرفاتنا واننا منسمحش لأى حد انه يتدخل فى حياتنا ..

نظر له أحمد وعلياء بعيون جاحظة .. وقبل ان ينطق أحمد بكلمة أكمل أيمن كلامه .. بس علشان حضرتك وطنط علياء مش أى حد .. ولكم علينا حق الطاعة ينقطع لسانى قبل ما انطق بكلام زى ده ..

ما أن سمع أحمد وعلياء كلام أيمن الأخير حتى هدأت نظراتهم وقلبيهم فى صدورهم .. فأكمل أيمن .. فبدأ يحكى لهما ما حدث بينه وبين الشيخ عبد الله عند مرضه الذى توفى فيه .. ثم الذى حدث بينه وبين رغد بخصوص الطفلين عندما اراد ان يتقدم لرغد .. ووجهة نظر كل منهم حينئذ .. وما هو الوضع الحالى للطفلين فى حياته وحياة رغد .. من كونهما لا يعيشا معهم فى بيت واحد .. وان هناك من ترعاهم غير رغد .. ثم اعترف له بأنه أخطأ عندما اتبع وجهة نظر رغد من البداية ..
كان أحمد وعلياء يستمعون اليه وهم يتعاطفون مع الطفلين واطمئنوا على حياة ابنتهم خصوصا عندما علموا انهم لا يقيمون معها فى شقتها وان لهم شقة بجوارها خاصة بهم ولديهم من يقوم على خدمتهم ..

أكمل ايمن كلامه قائلا : اما بخصوص تشددنا فى الدين فاسمح لى فى الموضوع ده بالذات كل واحد فينا يتكلم عن اللى يخصه .. لانه زى ما قال ربنا سبحانه وتعالى "وكل طائر ألزمناه طائره فى عنقه" .. سكت للحظة ثم أردف يقول : شوف حضرتتك .. وانتى يا طنط .. بالنسبة لى اعتقد ان درجة التزامى من يوم ما اتقدمت لرغد ما اختلفتش كتير عن دلوقتى .. أو بالأصح من يوم ما رجعنا من العمرة .. كل ما فى الأمر انى اطلقت لحيتى .. واعتقد ان دى مفيش عليها خلاف انها من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ..
قاطعته علياء : أيوة يا أيمن .. بس الوضع هنا يابنى مختلف شوية .. انت عارف ان اى حد بيربى دقنه بالشكل ده بيقولوا عليه يعنى انه ...
ابتسم ايمن وقال : يا طنط انا مليش دعوة باللى بيقوله أى حد .. لانى لما اقف ادام المولى عز وجل مش حتحاسب على اساس اللى بيقوله أى حد .. أنا المهم عندى اللى أمرنى بيه أو نهانى عنه رسولى صلى الله عليه وسلم .. علشان يوم ما ربنا يكتب لى انى اقابله فى الجنة بإذن الله أكون واحد من اللى بيفتخر بيهم من امته ..
علق أحمد وعياء ورغد : عليه أفضل الصلاة والسلام ..
أما بخصوص نقاب رغد .. فاسمحولى .. هى تتكلم عن نفسها لانها هى اللى اختارت انها تلبسه .. وصدقونى أنا شخصيا حذرتها من انها متعملش حاجة زى دى الا لما تكون مقتنعة بيها تماما ومتأكدة انها مش حترجع فى كلامها بخصوص أى قرار تاخده بالنسبة لحجاب أو نقاب .. اتفضلى يا رغد اتكلمى .. أنا كده خلصت اللى عندى واللى يخصنى ..
تكلمت رغد على مضض وقالت : قبل ما اتكلم فى موضوع نقابى عايزة اقول انى مكنتش اعرف يا بابا انى مش غالية عليك انت وماما للدرجة دى ..
أحمد : ايه الكلام الفارغ ده .. وهو انتى وايمن لو مكنتوش غاليين علينا كنا زعلنا من تصرفاتكم من الاساس ..
علياء : معلش يا احمد .. اصلها متعرفش ان العتب على اد المعزة ..

بدأت رغد تحكى لوالديها كيف انها قابلت فى المسجد النبوى فتاة اعطتها كتيب .. فابتسمت لها والقت نظرة على اسم الكتيب .. ووجدته عن الحجاب .. فرفعت عينيها لتشكرها فلم تجد لها اثرا بالرغم ان المسجد النبوى كان خاليا فى البقعة التى قابلتها فيها .. فتعجبت .. ولما ذهبت الى الفندق قرأت الكتيب وانشرح صدرها للحجاب .. فبدأت تسأل وتدرس موضوع الحجاب وعلمت ان الحجاب و النقاب شيء واحد .. وأن هناك شبه اجماع من العلماء على انه ان لم يكن فرض .. فهو فضل .. وانها اقتنعت بذلك واحبت ارتداؤه .. خصوصا بعد ان صلت صلاة استخارة .. لذا قررت ان لا تعود الى مصر الا وهى ترتديه عن اقتناع .. وانها بالرغم من المضايقات التى تتعرض لها من بعض الناس الا انها مقتنعة به وتشعر بالراحة فى ارتدائه .. ولكن ما ينغص عليها حياتها بحق هو رفض والديها له ..
ردت علياء : يا بنتى .. احنا مش رافضينه ولا حاجة .. احنا بس خايفين عليكى من المضايقات اللى بتتكلمى عنها دى .. وبعدين بصراحة احنا كنا فاكرين ان ايمن هو اللى اجبرك على لبسه .. وبعدين ما كفاية انك تتحجبى زى اختك .. لازم يعنى تغطى وشك ..
رغد : يا امى انا مرتاحة كده .. وبعدين ماهو وشى ده بيشوفه محارمى .. يعنى هو الناس مش حترتاح الا لما يشوفنى كل من هب ودب .. أنا كد مستريحة وحاسة أكتر برضا ربنا .. ويارب تكونى انتى وبابا كمان راضيين عنى .. وسامحونى انى خبيت عليكم موضوع زهرة وعبد الرحمن .. وفعلا ايمن ملوش ذنب فى الحكاية دى ..
أحمد : خلاص يارغد يا حبيبتى .. بطلى عياط بقى وحصل خير .. الحمد لله احنا دلوقتى مطمنين عليكم .. ثم قال مازحا وهو يضحك .. بس لو اتمسكتم ملناش دعوة بيكم ..
ضحك الجميع ثم ارتمت رغد فى حضن امها وقبلت يدها ثم يد والدها ..

---------------------------------------

لم تدخر نجوى جهدا فى التواصل مع جمال .. فمنذ ان تعرفت عليه بالنادى وتبادلا ارقام التليفون وهى تتصل به كل يوم .. تتحدث معه فى أمور شتى .. حاوطته من كل جانب .. ونسجت خيوطها حوله .. وكان المدخل السهل الى قلبه هو اطفاله .. فهى تدرك جيدا انهم نقطة ضعفه .. كما ادركت بعد ذلك عشقه لانوثة المرأة .. فكلما كانت أنوثة المرأة طاغية .. كان من السهل أن تصل الى مرادها معه .. ولكن ما لم تعلمه عنه الى الآن انه يحمل عقدة نفسية تجاه النساء بسب الخيانة التى عصفت بحياته وبحبه الأول .. عقدة من الصعب أن يتجاوزها ..
فى احدى الأمسيات .. واعدته نجوى على لقاء بالنادى .. وكعادتها فعلت بنفسها الأفاعيل من ملبس ومكياج حتى بدت فى أبهى صور المرأة الصارخة .. وما لبث الكلام بينهما يأخذ مجراه حتى تطرقت الى الكلام عن الحب والعشق .. وبدأت تحكى له عن معاناتها فى زواجها الأول والحرمان العاطفى الذى عانته من زوجها السابق .. ثم ما تعانيه الآن من وحدة .. وكم اشتياقها الى عمل اسرة صغيرة سعيدة ..

لم يشعر جمال نحوها بمشاعر كالتى شعرها نحو بسمة .. بالرغم أن هناك فارق كبير فى الأنوثة الصارخة بينها وبين بسمة .. وبالطبع كانت لصالحها .. ولكنه كان فى رحلة استكشافية معها .. يحاول اكتشاف نفسه من جديد بعد ان فقد الثقة فى النساء ومعها فقد الثقة فى نفسه .. بل ووصل به الحد الى انه ظن انه قد فقد القدرة على معاشرة النساء ..

نجوى ايضا لم تحبه ولم تشعر بأى شعور نحوه .. هى فقط أرادت ان تقترب من نادر وسلمى وتواتيها الفرصة لافساد حياتهما .. فهى تعلم ان الوصول لهما عن طريق ريم شبه مستحيل .. فنادر يسد هذا الطريق عليها بكل السبل .. كما ان ريم بمراهقتها المستعرة غارقة فى حب جمال .. لذا لجأت لأن تتقرب من جمال مباشرة .. فربما استطاعت من خلاله ان تنفذ خطتها فى التفريق بين نادر وسلمى .. ويعود اليها نادر الذى كسر كبريائها عندما رفض الارتباط بها وفضل سلمى عليها ..

خرجت نجوى وجمال من النادى بعد أن قضيا وقتا تحاول فيه نجوى ان تتقرب منه أكثر وتجذبه اليها بكل الطرق .. ركبت سيارتها بعد ان تواعدا على لقاء قريب .. ولكنها بمجرد ان سار هو نحو سيارته التى كانت تبعد كثيرا عن المكان التى ركنت فيه سيارتها حتى اضاءت فكرة بمخيلتها .. فاسرعت وفتحت غطاء السيارة الأمامى وقامت عمدا بنزع بعض الاسلاك حتى لا تدور السيارة .. ثم دلفت مرة أخرى الى السيارة وقامت بسرعة بالاتصال به : ألو .. جمال .. انت خرجت من النادى ولا لسه ..؟
جمال : لا ابدا .. لسه يدوب واصل للعربية فى الباركنج ..
نجوى : أنا آسفة .. بس عندى مشكلة .. العربية عملتها معايا ومش راضية تدور ..
جمال : طيب خليكى هندك .. أنا حجيلك حالا بعربيتى ..
نجوى : ميرسى يا جمال ..

مرت حوالى ثلاث دقائق عندما وصل جمال الى سيارة نجوى .. فاقترب منها وهى واقفة تستند على جانب الباب الأمامى : خير يا نجوى .. العربية مش عايزة تدور ليه ..
نجوى بحيرة : مش عارفة .. حاولت كذا مرة ومبتدورش ..
جمال : يمكن مفيهاش بنزين ..؟
نجوى : لا .. معتقدش .. أنا متأكدة ان فيها بنزين يكفى ..
جمال : طيب ادينى المفتاح كده .. أحاول ..
ناولته نجوى المفتاح ووقفت تنظر اليه وهو يدخل الى سيارتها ويحاول ادارة موتور السيارة .. ولكنه فشل بعد عدة محاولات .. فقال لها .. طيب نفتح الكبوت ونشوف فيه ايه ..
نجوى : لا .. مفيش داعى .. اصل العربية دى لو وقفت لازم تروح التوكيل .. دى تعليمات مركز الصيانة ..
جمال : طيب حتعملى ايه ..؟
نجوى : أبدا .. حسيبها واركب تاكسى ..
جمال : معقول حتركبى تاكسى لوحدك فى الوقت ده ..
نجوى : عادى مفيهاش حاجة ..
جمال : بقولك ايه .. تعالى معايا اوصلك وبعدين اروح ..
نجوى : بس أنا كده حعطلك عن الولاد ..
جمال : مهو أنا مش حقدر اسيبك كده .. وبعدين أنا مش مستريح لموضوع انك تركبى تاكسى لوحدك .. ياللا اركبى أوصلك ..
نجوى وهى تفتح باب سيارته وتجلس الى جواره : أنا آسفة جدا يا جمال .. مش عارفة من غيرك كنت حعمل ايه ..
جمال وهو يدير سيارته : عادى يا نجوى .. يعنى أنا لو مكانك مش حتوصلينى ..
نجوى بابتسامة عريضة : لا طبعا .. لازم اوصلك ..

مرت حوالى عشرون دقيقة وهى تركب بجواره وتصف له الطريق الى بيتها .. كان جمال يسترق النظر اليها من وقت لآخر .. خصوصا الى رجليها التى تعرت الى فوق الركبة بأكثر من ثلاثون سنتيمتر بمجرد ان جلست بكرسى السيارة .. والى صدرها وذراعيها المكشوفين أمامه بالكامل .. فالفستان الذى كانت ترتديه كان شبه فستان .. يكشف اكثر مما يدارى بكثير .. لذا كانت حرارته بجوارها تزداد مع كل نظرة اليها .. وقد لاحظت هى هذا .. فما لبثوا ان وصلوا الى بيتها حتى قالت له : وهى تترجل من السيارة : ميرسى يا جمال .. أنا آسفة مرة تانية انى عطلتك بالشكل ده .. ومش قادرة اقولك اتفضل .. بصراحة مش عايزة اعطلك عن الولاد اكتر من كده ..
رد جمال بتلقائية : لا .. ماهم زمانهم ناموا من بدرى .. ابتسمت بغنج وهى تميل على نافذة السيارة من الخارج : افهم من كده لو طلبت منك تشرفنى وتطلع شوية مش حتكسفنى ..
لم يتوقع جمال ردها هذا .. بل شعر انه قد ورط نفسه فيما تنويه نجوى .. ولكنه فى نفس الوقت كانت لديه رغبة شديدة فى ان يصعد معها .. كان لديه فضول شديد ان يعرف ماتريده منه تلك المرأة .. فرد بابتسامة : والله ده يتوقف على درجة اصرارك فى انى ازورك ..
ردت بغنج اكثر والابتسامة قد ملأت وجهها : بالنسبة لي.. أنا .. كلى اصرار ..
رد جمال وقد ازدادت رغبته فى الصعود معها : وأنا مقدرش ارفضلك طلب بسيط زى ده .. تحبى اطلع معاكى ولا احصلك ..
نجوى : لا عادى .. ممكن نطلع مع بعض .. الجيران هنا ملهمش دعوة بتصرفات بعض .. وكمان الأمن مبيتدخلش طالما انك طالع مع ساكن ..
جمال : هايل .. ثم ترجل من سيارته بعد ان صفها بالقرب من المبنى .. وصعد معها ..

دخل جمال شقة نجوى .. فما لبث ان انبهر باتساع صالتها المطلة على النيل .. وبالرغم من ان شقة والديه التى تربى فيها والتى يقيم فيها الآن تقع فى منطقة راقية .. والشقة فى حد ذاتها باتساعها ورقى أثاثها تعتبر رائعة .. الا انه شعر انها بجانب شقة نجوى وما تحتويه من أثاث أفخر بكثير مما لديهم .. فالمدخل فقط ربما يكون باتساع شقتهم بالكامل .. ويحتوى على تحف وصالونات تأخذ العقل ..

مضت دقيقتان وهو يتجول بنظره فى أرجاءها حتى وقع نظره على بار فى ركن بعيد من اركان الصالة .. فنظر الى نجوى نظرة استفهام .. فبادرت بابتسامة وهى تقول : نحن هنا نرضى كل الأذواق ..
رد جمال وهو يبتسم بسخرية : أفهم من كده انك بتشربى ..؟!
نجوى : مش دايما .. لما بكون مبسوطة اوى .. أو مضايقة اوى .. ثم سارعت لتغير الموضوع وهى تقول : أنا حستأذنك دقايق .. البيت بيتك ..

دلفت الى مدخل فى نهاية الصالة .. فاقترب جمال من احدى نوافذ البانوراما التى تحيط بجزء كبير من الصالة ليشاهد النيل الذى يمكن رؤيته من خلال أى نافذة من نوافذ البانوراما الواقعة فى الدور الرابع والعشرون من البرج التى تقع فيه شقة نجوى .. فوقف منبهرا بمظهر النيل والأضواء الخافته على شطيه والتى تنعكس على صفحة النيل المنبسط امامه فى سحر وسكون .. وبالرغم من االإرتفاع الشاهق للمبنى .. الا ان النسيم المعبأ برائحة زهور المشاتل الواقعة على النيل يصل الى هذا الارتفاع .. محمل بروائح مسك الليل ليبعث فى نفسه شجن يثير فى داخله حنين الى ماضى بدايته جميلة ونهايته قد عصفت به وبكل ما أو من آمن به قبل تلك العاصفة بدون رحمة .. لينتبه على صوت نجوى العذب وهى تقول : عاجبك منظر النيل ..؟
رد عليها دون ان يلتفت اليها : أوى .. أول مرة اشعر ان جماله فى الليل اكتر بكتير من جماله فى النهار ..
نجوى : خلاص .. كل ما تشتاقله .. تشرفنى وتيجى تتفرج عليه من هنا ..
التفت اليها ليشكرها ولكنه مالبث ان تجمد فى مكانه وهو ينظر اليها بعينين قد جحظتا .. وفم قد فغر من هول المفاجأة .. فما كانت ترتديه نجوى ليس الا دعوة صريحة من قبلها ليقضى باقى الليلة معها .. فقد ارتدت فستانا من الاسود اللامع .. هو اقرب لقميص النوم منه الى الفستان .. ذو حمالات رفيعة تقع احداهن من فوق كتفها .. وملتصق بجسدها يبرز مفاتنها الصارخة .. ويبرز من الأمام معظم نهديها .. كان الفستان طويلا .. ولكن به فتحة تنتهى بالقرب من منتصف فخذها الأيمن .. وما أن استدارت لتلتقط الموبايل من فوق طاولة صغيرة خلفها الا وكانت فتحة الظهر تصل الى ما بعد منتصف ظهرها ..

ابتلع جمال ريقه بصعوبة .. فهو لم يتوقع ان تكون دعوتها اليه صريحة بهذا الشكل .. ولكنها لم تعطه فرصة ليفكر فى الخطوة التالية او يقرر أى شيء حيالها .. فعندما اقتربت منه نفذ الى انفاسه ذاك العطر المثير الذى تضعه .. فبدل شجنه الذى اثارته روائح نسيم النيل العفيفة الى رغبات شيطانية قهرت قدرته على كبح نفسه وغرائزها .. فلم يلبث جمال الا ان اقترب منها وقد اشتعلت بداخله رغبة كان يخشى ان تكون قد انطفأت منذ اكتشافه لخيانة زوجته له .. ولم تمر سوى لحظات حتى اكتشف انه لا يزال قادرا على فعل ما خشى ان يكون عاجزا على فعله مرة اخرى ..
----------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.


التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 14-06-21 الساعة 11:59 AM
Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-21, 08:48 PM   #40

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل التاسع عشر

ما بعد البداية

الفصل التاسع عشر (خطة الاصلاح)

عادت سلمى بعد مقابلتها مع علا ذاك اليوم وكل ما يشغل بالها هو ريم وما علمته عنها من علا .. لم يخطر ببالها أبدا ان تكون هذه الفتاة المراهقة التى ارتبط مصيرهما سويا بزواجها من ابيها قد وصلت الى هذه الدرجة من الانحراف .. كل ما تخشاه الآن ان يكون الأمر أكبر مما أخبرتها به علا .. خافت ان تكون قد وقعت فريسة لشاب أو رجل عن طريق الانترنت وما تسمع عن بلواه كل يوم ..

فكرت ان تعرضها على طبيب أو طبيبة نفسية .. ولكنها تراجعت عن الفكرة .. فهى لا تريد أن تبدا علاقتها معها تلك البداية التى تفقد فيها ثقتها بها .. فريم بالتأكيد لن تتقبل الفكرة بسهولة .. وربما ابيها ايضا .. خصوصا انه ليس هناك شيء واضح أو مشكلة ما تدعو لتقبل الفكرة من الاساس .. كما ان سلمى قد فكرت انه ليس من الصواب ان تفتح مع ريم الموضوع بطريقة مباشرة .. فقد تستغل البنت الموقف بطريقة خاطئة لتثير المشاكل والخلافات بين سلمى ونادر على اعتبار أن سلمى وابنتها يفترون عليها .. فتزداد الفجوة بينهما .. ويعلم نادر فى النهاية ويصدم فى ابنته واخلاقها ..

جلست عدة أيام تراقب تصرفات ريم عن بعد .. تحاول ان تجد لها مدخلا للحديث معها .. ولكن ريم كانت حريصة كل الحرص على ان لا ينكشف أمر ما تفعله فى الخلوات لسلمى أو لأبيها ..
فى النهاية قررت سلمى ان تتبع معها سياسة النفس الطويل .. قررت ان تتقرب منها بصورة طبيعية وان تتناسى هذا الموضوع الى ان يجد فيه جديد ..

كانت اجازة نصف العام قد بدأت .. فإقترحت سلمى قبل اسبوع من الاجازة ان يصحبها نادر ومعهما ريم فى رحلة الى اسوان .. فسلمى قد ذهبت الى هناك ذات مرة وهى فى عمر ريم مع والديها .. تتذكر كم غيرت تلك الرحلة فى شخصيتها وتفكيرها .. ومرة أخرى ذهبت اليها فى رحلة مع زملاء الجامعة ..

ارادات سلمى ان تقوى العلاقة بينها وبين ريم .. وفى نفس الوقت تعيد تقويمها بطريقة غير مباشرة .. علمت ان النصائح لن تفيد فى حالتها تلك . فليس لديها رصيد عندها لتستمع إليها .. بل وتقتنع بحديثها ونصائحها .. فهى تدرك ان ريم بالفطرة لا تحبها . ولن تحبها بسهولة .. فهى فى النهاية بالنسبة اليها زوجة أب تقاسمها حب واهتمام ابيها .. ومن الطبيعى ان لا تحيها ولا تستسيغها فى حياتها .. ولكنها اذا نجحت فى ان تبنى بينهما جسورا للمحبة .. فحين ذلك سوف يكون من السهل ان تبدأ فى اعطاء النصائح .. وبالتأكيد اذا احبتها ريم فسوف تستمع لها وتنفذ نصائحها ..

كانت خطة سلمى فى ذلك هو ان تغير اهتمامات ريم .. تجعلها تبصر بقية الغابة .. تجعلها تعلم ان هناك الكثير والكثير فى الحياة اهم مما تفعله ريم فى الخفاء .. فهى لم تكن لتقع فيما وقعت فيه الا لأنها قد اخطأت فى الطريق من البداية .. وقد انجرفت الى ما انجرفت اليه حين لم تجد من يأخذ بيديها نحو الطريق الصحيح .. والآن جاء دور سلمى فى ان تأخذ بيديها لتعود بها الى نقطة الصفر كأنها ولدت من جديد .. لتبدأ معها رحلة التقويم والتربية السليمة ..

تمنت سلمى أن تكون بدايتها مع نادر وريم بداية مختلفة عن حياتها السابقة .. فهى تعلم انها قد اخطأت فى تربية ابناءها .. وان كانوا لم يصلوا الى تلك الدرجة من الانحراف .. فبعد أن هدأ قلبها وهدأ لهيب الشوق لحب قديم واستقرت عاطفتها تجاه نادر وأصبح حبها لخالد ماضى وذكرى .. أصبحت الآن تفكر فى استقرار اسرتها الجديدة مع ابناءها واحفادها .. تمنت ان تنجح هذه المرة وتعيش السعادة التى فقدتها فى زواجها الأول .. فسلمى قد وصلت للعمر الذى يهدأ بداخلها الكثير من أشياء كانت مشتعلة ومستعرة من قبل .. أشياء نعيشها فى شبابنا .. وصلت الى العمر الذى يقف فيه الانسان مع نفسه .. يحاسبها .. يسألها .. ماذا قدم للحياة .. ماذا وهب لمن حوله .. هل هو راض عن نفسه .. هل الله سبحانه وتعالى راض عنه .. أسئلة كثيرة تدور فى بداية هذه المرحلة العمرية لمعظم البشر .. اسئلة تفتح بابا واتجاها يسير فيه الانسان كى يعوض ما فاته .. وهو يشعر برغبة شديدة فى النجاة من مهلكات عمر الشباب .. واعطاء كل ذى حق حقه .. ليعيش ما تبقى فى عمره فى سلام وطمأنينة ..

اعتذر نادر عن فكرة الاجازة والسفر الى أسوان وذلك بسبب انشغاله فى العمل .. خصوصا انه قد تراكمت عليه القضايا بسبب زواجهما الحديث واجازة شهر العسل .. وهذا ما كانت تتمناه سلمى .. كانت تريد ان تسافر هى وريم فقط .. فتلك بالنسبة لها فرصة ذهبية .. سوف تعود منها هى وريم وقد زرعوا بذور الصداقة بينهم .. كانت متأكدة من أن رحلة كتلك سوف تغير مفاهيم ريم كثيرا .. وسوف تعرف من خلالها ان هناك أشياء كثيرة لا تعرفها ولا تعلم عنها شيئا .. ولكنها أشياء جديرة ان نعرفها وان تشغلنا وتشغل وقت فراغنا الذى يدفعنا الى ارتكاب وحب ما علمته عن ريم .. وهى فى النهاية جميعها أشياء مهلكة .. علاوة على انها من اشد المحرمات التى تغضب الخالق منا وتورث الفقر وتزيد من ضعف وهوان النفس وهلاك البدن ..

عادت ريم ذات مساء من الدرس الخصوصى الذى كانت تداوم عليه مع ثلاثة من زملاء المدرسة ببيت احدهن .. وكانت سلمى تجلس فى احدى اركان الفيلا تشاهد مسلسل اجتماعى .. عندما لم تكلف ريم نفسها عناء تحيتها عندما دلفت الى الفيلا ..
بالرغم من ضيقها بتصرفات وسلوك ريم .. بادرت سلمى : ريم حبيبتى .. المفروض لما ندخل من برة نقول مساء الخير ..
ردت ريم باقتضاب : مساء الخير ..
ابتسمت سلمى وهى تقول : اما انا عندى ليكى مفاجأة حلوة اوى ..
نظرت لها ريم ولم تعقب .. فبادرت سلمى : أنا اتفقت مع بابا اننا حنسافر فى اجازة نص السنة .. هو كان عايز يسافر معانا .. بس للأسف مش حيقدر لانه عنده شغل كتير الفترة دى .. فأنا فكرت انى اسافر أنا وانتى .. ايه رأيك حبيبتى ..؟!
نظرت اليها ريم ولاتعرف بماذا ترد عليها .. فلما لاحظت سلمى رد فعلها تكلمت وقالت بحماس : أنا عارفة انك مزورتيش الأقصر واسوان قبل كده .. علشان كده اخترت اننا نروح هناك نقضى اسبوع من الاجازة نقضيه هناك .. على فكرة انتى حتنبسطى اوى هناك .. أنا روحت هناك قبل كده .. بصراحة بلد جميلة وهادية وجوها رائع فى الشتا .. والمناظر الطبيعية للنيل هناك وكمان الآثار حتعجبك أوى ..
ردت ريم باقتضاب : بس أنا اتفقت مع صحابى فى المدرسة اننا حنقضى الاجازة دى مع بعض ..
سلمى وهى تبتسم : وماله حبيبتى .. ماهى الاجازة السنة دى حوالى تلات اسابيع .. خلينا نقسمهم .. اسبوعين مع اصحابك .. واسبوع نسافر فيه انا وانتى اسوان .. على الأقل ندى بعضنا فرصة نقرب من بعض شوية ونفهم بعض اكتر .. حبيبتى انتى مش ملاحظة انك مش بتقعدى معايا خالص ..
ردت ريم بخجل من اسلوب سلمى التى من الواضح انها تحاول التودد لها بأى طريقة : هى بس ظروف الدراسة مش اكتر ..
سلمى وهى تمسك بكفها بين راحتيها بحنان : وآدى ياستى الاجازة جاية وفرصة اننا نكون مع بعض شوية .. أنا بصراحة حابة اتعرف عليكى اكتر .. ولا انتى مش حابة اننا نكون صحاب .. ؟!
ردت ريم بخجل : هه .. لا طبعا حابة ..
سلمى : يبقى خلاص .. ايه رأيك نخلى الاسبوع الأول من الاجازة نسافر فيه وباقى الاجازة ابقى اقضيها براحتك مع اصحابك ..
همت ريم بالقيام من جوار سلمى وهى تقول : اللى تشوفيه ياطنط ..

تحركت قليلا لاتجاه حجرتها ثم وقفت مرة اخرى واستدارت وهى تقول لسلمى : طيب ايه رايك لو جمال هو كمان ييجى معانا الرحلة دى ..؟ .. ثم استدركت نفسها عندما لاحظت نظرة التعجب فى عيون سلمى فأكملت بتلعثم : اقصد كلنا جمال وعلا والولاد ..

ابتسمت سلمى وهى تقترب منها وتمسح على خدها : حبيبتى .. جمال وعلا عندهم شغلهم وصعب ياخدوا اجازات اليومين دول . أنا سألتهم .. وكان نفسهم ييجوا .. بس للاسف مش حيقدروا .. عموما الايام جاية كتير .. ده انا بفكر اننا نعمل رحلات لكل محافظات مصر .. منها نكون كلنا مع بعض.. نقضى وقت لذيذ .. ومنها نتعرف على بلدنا ..

نظرت اليها ريم وهى تتعجب من فكرة السفر التى تتحدث عنها .. انها تشعر ان الفكرة تبدو سخيفة وليس لديها اى رغبة فى ان تقوم بتلك الرحلة .. خصوصا مع آخر انسانة تفكر فى الاقتراب منها ومصاحبتها .. ولكنها كانت مجبرة و تشعر ان هذا الاسبوع سوف يكون بمثابة الجبل على صدرها .. وهذا ما تشعر به منذ تلك اللحظة ..
ولكن فى الحقيقة .. كان هناك جزء من عقلها يحترم اسلوب سلمى ويرغب فى ان تتعرف عليها .. بل ويشعر ان فكرة السفر والتعرف على محافظات بلدنا هى فكرة ليست بالسيئة ..

دخلت ريم الى حجرتها فألقت ما كان بيديها على المكتب بغضب .. وهى تفكر .. كيف تتخلص من تلك الورطة التى تحاول سلمى ان تضعها فيها .. هى لا تتحمل سلمى دقائق معدودة .. فكيف ستتحملها سبع أيام كاملة .. بل و بمفردها ..

ألقت بجسدها فوق السرير واخذت تنظر الى السقف تفكر فى جمال .. ثم وجدت نفسها تلتقط الموبايل الملقى بجوارها وتطلب رقم خالتها نجوى ..

نظرت نجوى الى شاشة تليفونها الذى رن للتو .. وفتحت الخط وهى تقول : ريم حبيبتى .. فينك مش بتكلمينى بقالك مده ..
ريم : معلهش ياطنط .. انتى عارفة الدراسة والدروس اللى مبتخلصش ..
نجوى : علي الكلام ده يا بنت .. انتى من امتى بتهتمى بالحاجات دى .. وبعدين دراسة ودروس ايه اللى بتتكلمى عنهم .. ايه اللى حتخديه منهم فى النهاية .. يا شيخة كبرى دماغك شوية وعيشى حياتك ..
ارادت ريم تغيير الموضوع .. فقالت : انتى عاملة ايه يا طنط ..؟
نجوى : أنا تمام .. طمنينى انتى .. اخبارك ايه مع الحيزبون مرات ابوكى ..
ريم بزهق : من فضلك يا طنط بلاش السيرة دى .. أنا لسه واخدة منها محاضرة فى التاريخ والجغرافيا ..
ضحكت نجوى بشدة لدرجة آلمت اذن ريم فأبعدت التليفون عن اذنها قليلا .. فقالت نجوى : حلوة اوى الحكاية دى .. بس ازاى يعنى ..؟
ريم بسخرية : تصدقى عايزانى اروح معاها اسوان لمدة اسبوع .. بالذمة ده كلام .. أنا مش عارفة الست دى عايزة منى ايه ..
نجوى بحقد : عايزة تسيطر عليكى زى ما سيطرت على ابوكى ..
ريم : لا .. دى تبقى بتحلم .. طيب هى قدرت تسيطر على بابا علشان هو زى ما بيقول بيحبها .. بس أنا بقى بكرهها .. وعلشان كده عمرى ما حديها الفرصة انها تقرب منى .. مش تسيطر عليا ..
نجوى وقد زادت نبرة الحقد فى صوتها : أيوة يا ريم يا حبيبتى .. اوعى تصفى للست دى .. متنسيش انها اخدت مكان مامى الله يرحمها .. سكتت لحظة ثم اكملت : قوليلى .. اخبارك ايه مع جيمى .. مفيش جديد ..؟
ريم : وحشنى اوى ..
نجوى بلؤم : ليه مش بتتقابلوا ..
ريم بتنهيدة : تقريبا مش بشوفه .. قوليلى اعمل ايه ياطنط .. بجد واحشنى اوى ..
نجوى : كلميه فى التليفون ..
ريم : أيوة .. بس حقوله ايه ..
نجوى : أى كلام .. اخترعى اى موضوع أو أى حاجة اسأليه فيها .. بصى .. قوليله ان ولاده وحشوكى اوى وانك عايزة تشوفيهم ..
ريم : هى فكرة .. بس أنا عايزاه يحس انه هو اللى واحشنى ..
نجوى : واحدة واحدة يا بنت .. متبقيش ساذجة ومتسرعة .. ماهو الولاد هما اللى حيوصلوكى له ..
ريم : تفتكرى ..!!
نجوى : هو أنا قلت لك حاجة قبل كده ومطلعتش مظبوطة ..؟
ريم : بصراحة لا ..
نجوى : طيب ياللا بقى كلميه وابقى قوليلى النتيجة ..

انهت نجوى مكالمة ريم ووضعت طرف الموبايل على شفتيها وهى تيتسم ابتسامتها الخبيثة .. هدفها من تلك اللعبة ان تثير المشاكل فى بيت نادر .. ان تورط ريم فى حب جمال الذى تعلم جيدا انه من المستحيل ان يفكر فى تلك الطفلة البلهاء .. خصوصا بعد ان توطدت العلاقة بينها وبينه .. فهى المرأة المكتملة الانوثة .. وهو الذى كما علمت من حديثهما .. المحروم من النساء فى تلك الفترة .. لكن تورط ريم فى حب جمال سوف يثير غضب نادر من جمال وسلمى .. وربما يفيق لنفسه وينقذ ابنته بالابتعاد عن سلمى وعائلتها .. كانت فكرتها ساذجة .. ولكنها كانت تقنع نفسها بأن بقليل من الافتراءات التى سوف تغذى بها عقل ريم ربما تصل الى غرضها ..

-------------------------------------

مرت الأيام بين أمجد ونهلة رتيبة ومملة .. هو يشعر انه لم يتزوج .. عاد من جديد يتعبد فى محراب حبه القديم لنيفين .. عادت المكالمات بينهما من جديد .. وما عاد يلوم نهلة على تصرفاتها معه واهمالها له بالتفانى فى العمل الذى كانت تدمنه بشدة ..

كانت المكالمات بين امجد ونيفين تبدأ بشكوى امجد من نهلة .. ثم تأخذ منعطفا آخر للعشق المستحيل بينه وبين نيفين .. ليشعر كلاهما بأنهما انما يعذب كل منهما الآخر .. فتشعر نيفين بتأنيب الضمير .. ويشعر هو بالحنين الى الاسرة والاطفال الذين يمر الوقت عليه ولا ينجح فى ان يجعل نهلة تذهب معه لطبيب النساء ويعلم لماذا تأخر حملها .. وهل هناك امل .. أم يصرف نظره عن تلك الأمنية .. كانت المكالمات بين امجد ونيفين تنتهى بنصيحتها له بأن يحاول الاقتراب من نهلة .. يتكلم معها .. يحاول ان يذيب جبل الثليج بينهما وينجح فى حياته معها .. فهو يستحق هذا ... يستحق ان تكون له اسرة واولاد يسعد بهم .. كما سعدت هى باولادها .. بالرغم من انها ظلت تحبه هو .. ولم تستطع ان تحب زوجها فى يوم من الأيام .. ولكنها كانت تعامله بالمعروف ولم يعلم يوما من بقلبها .. فلم يكن بيدها .. لطالما نصحت امجد فى كل مرة ان يحاول اصلاح ما بينه وبين زوجته حتى وان كان الثمن هو تلك الدقائق التى تسرقها معه فى غفلة من الزمن وممن حولهم .. يتحدثون فيها وكأن العشق قد بدأ بينهم للتو ..

فى آخر مكالمة بين بين أمجد ونيفين .. ألحت عليه ان يتكلم مع زوجته .. أن يعرف ما سبب اهتمامها الزائد بالعمل والصفقات للدرجة التى افسدت عليهما حياتهم التى بالكاد قد بدأت .. وقد وعدها امجد ان يفعل ..

فى ذلك المساء .. عادت نهلة من العمل بعد العاشرة ليلا بقليل .. فى حين ان امجد قد عاد قبلها بحوالى خمس ساعات ..

قبل سبع ساعات بالشركة ......

دخل أمجد الى مكتب نهلة بالشركة .. حين كانت منهمكة بفحص العديد من الحسابات والفواتير والمناقصات .. نظرت اليه وهو يفتح عليها الباب ويدخل بابتسامة .. كانت تعلم انه هو من قبل ان تنظر اليه .. فما من احد من جميع العاملين بالشركة يجرؤ على ان يدخل عليها دون ان تسمح له بالدخول الا هو ..
قطع ابتسامته اليها بعد ان نظرت من جديد الى الاوارق امامها وهو يقول : ايه يا حبيبتى .. ادامك كتير .. أن فاضل لى شوية واخلص .. عايزين نمشى بدرى النهاردة زى ما اتففقنا .. انتى وحشتينى اوى .. ومحتاج اتكلم معاكى ..
ردت دون ان تنظر اليه : ححاول اخلص بدرى يا أمجد .. بس مش قبل تلات اربع ساعات .. لو تحب .. اسبقنى انت على البيت وأنا ححصلك ..
أمجد وهو يقترب من المكتب وينظر فى الأوراق امامها : لو تحبى آخد منك شوية شغل اخلصه ونروح بدرى ..
نظرت اليه بتفحص وهى تقول : لا .. مش حينفع .. انت حتاخد وقت لغاية ما تفهم الموضوع .. انا خلاص قطعت فيه شوط طويل ..

بالرغم من ان ردها اغضبه .. الا انه حاول عدم اظهار غضبه حتى لا تقوم بينهما مشكلة تلغى الحديث المنتظر بينهما مثل كل مرة .. فرد بهدوء وهو يتجه مرة اخرى الى الباب : أوكى .. براحتك .. بس يا ريت تخلصى بدرى مش زى كل مرة ..
ردت بنرفزة : خلاص يا أمجد .. قلت لك حاضر .. على سبعة أو تمانية بالكتير حكون فى البيت ..
لم يرد عليها وفتح باب الغرفة فى هدوء وخرج الى مكتبه ..

قضى ساعتين .. يحاول ان ينهى بعض الاشياء البسيطة فى العمل والتى اصبح يتناولها فى ملل وعدم رغبة .. فقد كان شغله الشاغل منذ ان تزوج هو انجاب الأولاد .. ثم رويدا رويدا عاد الى نيفين التى حبه لها لم ينطفئ فى قلبه بعد .. شيئا فشيئا ترك كل المهام لنهلة التى يشعر انها قد وجدت ضالتها فى السيطرة على جميع مفاصل الشركة دون كلل او ملل ..

عاد الى البيت .. حاول ان ينتظرها ولكنه عندما وصلت الساعة الى الثامة مساءا لم يستطع الصمود بدون غداء ودلف الى المطبخ وقام بتسخين الطعام وانهى غدائه .. ثم جلس يشاهد التليفزيون فى ملل .. فغفا وهو جالس يشاهد احدى البرامج ..

لم يشعر حينئذ بالوقت الا عندما فتحت نهلة باب الشقة فى حوالى العاشرة مساءا .. كانت منهكة القوى .. وتحمل هم الحديث الذى وعدته ان يكون بينهما ..

اقتربت منه وهى تلقى بجسدها فوق المقعد المجاور له وهى تقول : مساء الخير يا امجد .. آسفة اتأخرت عليك .. الشغل كان كتير .. وكان فيه مناقصة لازم اخلص مراجعتها لانها حتتسلم بكرة الصبح .. وده آخر ميعاد لها ..
أمجد بسخرية : كان الله فى العون .. ياترى اتغديتى .. ولا نسيتى كالعادة ..
نهلة وهى تفرك وجهها بيديها تحاول اثارة النشاط فى نفسها : لا بصراحة .. كالعادة .. بس مش مهم .. انت كنت عايز تتكلم فى ايه ..
أمجد : طيب مش تقومى الأول تغيرى هدومك وتتغدى وبعدين نتكلم ..
نهلة : أنا لو دخلت الأوضة حنام من التعب .. فأحسن لنا نتكلم وبعدين اعمل اى حاجة تانية ..
امجد : بس الموضوع اللى عايز اكلمك فيه محتاج انك تكونى فايقة ومش تعبانة .. ممكن نأجل الكلام لو مش قادرة المرة دى ..

شعرت نهلة بسخافة موقفها .. فتلك المرة التى لا تعرف لها عدد التى يطلب فيها منها ان يتكلم معها ولا يحدث ..فقالت : لا أبدا .. أنا تمام وحكون مركزة معاك .. متشغلش بالك انت .. ايه الموضوع بقى يا سيدى .. ثم قالت وهى تتثاءب كلى آذان صاغية لك ..

بالرغم من عدم احساسه بالرغبة فى ان يتكلم معها وهو يراها منهارة من التعب هكذا .. الا انه وجد نفسه يقول لها : بصراحة يا نهلة مفيش موضوع معين .. لكن انا حاسس ان الشغل واخدك تماما بعيد عنى لدرجة اننا تقريبا نسينا اننا متجوزين .. حاسس انك نسيتى اد ايه احنا نفسنا فى طفل يملا علينا البيت .. أنا بكبر يا نهلة .. وانتى كمان .. والمفروض اننا نسعى ونشوف ليه ما حصلش حمل لغاية دلوقتى .. بس لما راجعت نفسى لقيت انه علشان يحصل حمل لازم فى البداية تكون لقاءاتنا الزوجية اكتر من كده .. وانتى يا حبيبتى الشغل واخدك وواخد كل اهتماماتك ووقتك .. تقدرى تقوليلى امتى حنحاول نجيب طفل ..؟ احنا فى بداية الجواز كانت الأمور بينا على مايرام .. ايه اللى حصل .. ايه اللى غيرك .. وخلاكى تفقدى الرغبة والحماس للولاد بالشكل ده ..؟

ساد الصمت وهى تنظر اليه وقد انتبهت كل حواسها إليه والى كلماته التى كان يقولها بحماس تتعجب له .. لم تكن فى تلك اللحظات تشعر بالتعب أو الجوع .. كما حدث منذ قليل .. قبل ان يبدأ حديثه معها ..

لما طال سكوتها وهى تنظر اليه وعلمات الاندهاش تملأ عينيها .. قال لها : مالك يا نجوى ..؟ سألتك ومردتيش عليا.. هو أنا بكلم نفسى .. ولا بتكلم يابانى وانتى مش فاهمانى ..؟!
ردت أخيرا تقول : انت صحيح مش فاهم ليه أنا فقدت رغبتى فى انى اخلف منك .. أو بمعنى أصح .. ليه أنا فقدت الرغبة انى أكون معاك زى اول ايام جوازنا .. ؟
أمجد بنظرة راجية : أيوة يا نهلة .. مش فاهم .. ولا لاقى سبب للتغيير اللى حصل معاكى ناحيتى ..

ضحكت نهلة بسخرية وهى تقول : مش لما تبقى الأول لك رغبة في ان يبقى لنا لقاءات زوجية .. دلوقتى بس فهمت ان اللقاءات الزوجية اللى بتسعى لها علشان احمل منك وبس .. يعنى مش مشاعر من قلبك ناحيتى .. على فكرة يا أمجد أنت ممكن فعلا تكون قادر انك تخلف .. بس لو كنت مع شخص تانى .. شخص محدد بعينه .. انت عايزه بشدة .. وأكيد الشخص ده مش أنا .. وعلشان أنا عارفة ان جوازنا اصبح شيء حتمى وأبدى .. وعلشان مش أنا الشخص اللى انت عايزه .. فمن الآخر كده علشان متعذبش أكتر معاك قررت انى اهتم بالشغل .. يعنى تقدر تقول كده انه نوع من الهروب مش اكتر ..
أمجد باضطراب وكأن نهلة قد اطلعت عمن بقلبه : تقصدى ايه باللى بتقوليه ده ..
نهلة بضحكة ساخرة : انت عارف يا أمجد كام مرة من بداية جوازنا .. أو كمان من قبل الجواز تنادينى بنفين بدل نهلة ..

نظر لها جاحظ العينين لا يعرف بماذا يجيبها .. فأردفت هى وقد بدأت الدموع تلمع فى مقلتيها : مرات كتيرة .. كتير أوى يا أمجد .. قبل الجواز وبعده .. وفى الوقت اللى المفروض اكون فيه فى امتع لحظاتى معاك .. لحظات بتكون انت فيها فى قمة نشوتك .. بكون انا فيها فى قمة تعاستى .. وأنا فى حضنك وانت بتردد اسمها هى .. مش اسمى أنا ..

بدأت الدموع تنساب من عينيها وهى تقول .. عرفت ليه يا أمجد أنا بقيت بهرب من لقاءتنا .. عرفت .. ثم احتدت نبررة صوتها وهى تقول : علشان أنا أهون علي ألف مرة انك تنادينى باسمها واحنا بنتعامل فى أى موقف غير انى اكون فى حضنك .. ثم هدأت نبرتها وهى تقول بيأس والدموع منهمرة من مقلتيها : ده انت يا راجل مبتخدش بالك وبتنادينى باسمها ادام الناس فى الشغل .. لدرجة ان واحدة من الشغل قالت لى هو انتى اسمك نهلة ولا نيفين ..؟!!.. بحس ساعتها ان دش بارد ادلق عليا .. وبحس انى عايزة اهرب من عيون الناس اللى بتبصلى وتسخر منى ..

ساد الصمت للحظات لتعود وتقول : عرفت ليه قررت انى اشغل نفسى بالشركة وأموت نفسى فى الشغل .. علشان اوصل كل يوم للمرحلة دى .. للتعب ده .. وأبقى مش قادرة حتى آكل وادخل اوضتى أنام من غير ما أفكر .. وياريت بنجح فى كده .. برضه بلاقى نفسى بفكر فى اللى انت بتفكر فيه .. الولاد .. فى آخر امل انت قضيت عليه .. وجاى دلوقتى تكلمنى وتلومنى انى اتغيرت .. أيوة اتغيرت .. اتغيرت يا أمجد لأنى يأست .. يأست من كل حاجة .. يأست حتى من فكرة اننا يكون عندنا ولاد .. ويأست لأن فى ملتنا مفيش طلاق ..

كانت كلماتها صادمة له لم يتوقعها .. كانت كالسياط المؤلمة لمشاعره وهو يشعر بمدى جرمه فى حقها دون أن يدرى .. هل لتلك الدرجة افسد حبه القديم عليه وعلى نهلة حاضرهم ومستقبلهم ..

هدأت ثورة نهلة قليلا فمسحت دموعها بكلتا يديها وهى تقول : أنا كنت أسعد واحدة فى الدنيا يوم ما طلبت منى الجواز .. ساعتها حسيت ان ربنا بيعوضنى كل الألم والحرمان اللى عيشته من يوم وفاة خطيبى .. تقدست روحه .. حسيت ان الدنيا بتطبطب على وبتبتسم لى من جديد خصوصا بعد وفاة امى وعيشتى لوحدى .. حسيت ان دى آخر فرصة حقدر فيها اعمل أسرة ويبقى لى ولاد زى باقى الناس .. حسيت ان الخوف من انى اموت لوحدى ومحدش يحس بي خلاص انتهى .. والكابوس ده مش حعيشه مرة تانية وأنا بنام جنبك كل يوم .. بس للأسف صحيتنى على كابوس افظع منه بكتير لما عرفت واتأكدت ان حبك القديم لسه عايش جواك ومنتهاش .. وانى مليش وجود فى حياتك .. علشان كده كنت بهرب فى الشغل من العذاب والجرح اللى سببتهولى .. مكنش فيه غيره يخرجنى من العذاب اللى بعيشه معاك فى كل مرة تنادينى بإسمها .. خصوصا وأنا فى احضانك .. عايز تعرف اد ايه انا كنت ومازلت بتعذب معاك يا أمجد .. اعكس الوضع .. تخيل انى وانا فى حضنك بنده عليك باسم واحد تانى .. واحد انت عارف انى بحبه وان كان فيه بينا فى يوم من الأيام قصة حب جميلة .. يا ترى شعورك ولا تصرفك حيكون ايه ساعتها ..؟!! سكتت قليلا تلتقط انفاسها ثم قالت بأسى : أنا للأسف يا أمجد بالنسبة لك مجرد رحم وبطن يشيلوا عيالك اللى بتتمناهم واللى كانوا السبب الوحيد فى انك تقرر انك تتجوز .. بس فى نفس الوقت انا انسانة ليها مشاعر من غيرها متقدرش تحقق لك امنياتك ولا امنياتها هى نفسها ..

كان امجد يستمع الى كل كلمة تقولها نهلة ويدرك تمام الادراك كم هى محقة وكم كان هو أنانيا ومغيبا عن الواقع الذى كان يحاول تغييره ..

ساد الصمت بينهما طويلا .. فقامت نهلة من مكانها لتتجه الى غرفتها حين أمسك أمجد بيدها لتقف فجأة .. فمال بشفتيه على كفها القابع بين يديه وطبع قبلة طويلة على ظهر يدها .. لم يجد ما يعبر به لها آنذاك عن أسفه سوى تلك القبلة التى اودع فيها جل اعتذاره وندمه وهو يقول : أنا آسف يا نهلة .. أرجوكى سامحينى على كل الألم اللى اتسببت لك فيه ..

تسمرت نهلة فى مكانها لا تعلم كيف تتصرف .. فقد كان جرحها أكبر من ان تتناساه فى تلك اللحظة .. فقالت بوهن : أرجوك يا أمجد .. أنا حاسة انى محتاجة أكون لوحدى شوية .. ثم تحركت فى اتجاه حجرتها .. وظل أمجد فى مكانه شاردا فيما قالت وفيما يجب ان يفعل حتى يتخطى كلاهما تلك المحنة والمشكلة التى تسبب فيها ..
--------------------------------------

noor elhuda likes this.

Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:23 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.