آخر 10 مشاركات
حصريا .. تحميل رواية الملعونة pdf للكاتبة أميرة المضحي (الكاتـب : مختلف - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          حصريا .. رواية في ديسمبر تنتهي كل الأحلام .. النسخة الكاملة للكاتبة أثير عبدالله (الكاتـب : مختلف - )           »          حصريا .. تحميل رواية رمانة فارس والهيئة للكاتبة السعودية شادية عسكر (الكاتـب : مختلف - )           »          27 - مطار 77 (الكاتـب : MooNy87 - )           »          40 - عن الطيور نحكى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          الوحدة 731..العدد ال47 في سلسلةسافارى (الكاتـب : lovely_batootaya - )           »          52_ أيام الكونغو (( عدد جديد جدا 2017 )) (الكاتـب : MooNy87 - )           »          225 - اريد حياتك .. فقط - ميشيل ريد (الكاتـب : Fairey Angel - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree278Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-06-21, 12:32 PM   #41

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز الرواية وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها اسلوبا وطرحاً

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز ونرجو أن يعجبك الغلاف الاهداء من احدى مصممات فريق وحي الاعضاء



اشراف وحي الاعضاء





shezo likes this.

قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 21-06-21, 06:34 PM   #42

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل العشرون

ما بعد البداية

الفصل العشرون (الحقيقة)

بعد عامين ..............................

عادت غادة من الجامعة بسيارتها التى كانت هدية من ابيها لإجتيازها الثانوية العامة بتفوق ودخولها كلية الهندسة كما كانت ترغب .. دلفت الى البيت وهى تنادى : مامى .. مامى .. أنا رجعت ..

خرجت امينة من المطبخ وهى تقول لأم سعيد : خلى بالك يا أم سعيد .. قلبى الرز باللبن .. أوعى يتحرق .. وعندما وصلت الى صالة البيت وجدت غادة تجلس منهكة على احدى المقاعد .. فبادرت بابتسامة : اهلا يا حبيبتى .. طبعا كالعادة .. واقعة من الجوع ..
غادة : أيوة والله يا مامى .. أنا من الفطار لدلوقتى مأكلتش حاجة ..
أمينة وقد افزعها ما قالته ابنتها : معقول يا غادة .. هو ده اللى اتفقنا عليه .. ازاى متكليش كل ده .. انتى مستغنية عن نفسك يا حبيبتى ..!!
غادة والانهاك باديا عليها : صدقينى يا مامى الوقت فى الكلية دى بيمر من غير ما نشعر بيه من كتر المحاضرات والسكاشن .. وفى آخر اليوم البنزين بيكون خلص زى ما حضرتك شايفة كده ..
أمينة : حالا يا حبيبتى .. السفرة حتكون جاهزة .. ادخلى انتى غيرى هدومك على ما نحضر السفرة أنا وأم سعيد .. بابا وأمير على وصول .. أن شاء الله نتغدى كلنا مع بعض ..

دخلت غادة الى حجرتها وألقت ما فى يدها من كتب ورسومات هندسية وموبايل على سريرها ثم استلقت بجوار ما ألقت تنظر الى السقف لبرهة تفكر فى يومها الشاق .. ثم ما لبثت أن غطت فى نوم عميق دون أن تدرى ..

مرت حوالى نصف ساعة كانت أمينة وأم سعيد قد جهزتا السفرة ووصل خالد منذ دقائق قليلة .. فى حين كانت أم سعيد تستعد للرحيل ..
خالد : السلام عليكم ..
ردت أمينة التى كانت على وشك ان تذهب لحجرة غادة تخبرها بأن السفرة جاهزة : وعليكم السلام يا حبيبى .. حمدا لله على سلامتك .. فى حين ردت أم سعيد : وعليكم السلام ..
خالد : أخبارك ايه يا أم سعيد .. وأخبار ولادك ..

أم سعيد وهى تبتسم وتنظر الى الأرض : الحمد لله يا باشمهندس .. كويسين .. كلنا بخير بحسك وحس الست أمينة .. ثم توجهت بالكلام الى أمينة : تؤمرينى بحاجة قبل ما أروح يا ست أمينة ..
أمينة وهى تبتسم لها : لا يا أم سعيد .. كتر خيرك .. أنا سبت لك الورقة بتاعة طلبات بكرة على الترابيزة جنب الباب ..

أم سعيد وهى تتحرك نحو باب الشقة : حاضر .. لو حضرتك احتجتى أى حاجة تانية كلمينى .. أو ابعتيلى على البتاع ده اللى بيسموه ساب .. سعيد ابنى شغلهولى على التليفون الجديد اللى اشترهولى .. الله يستره ..

ضحكت أمينة وهى تقول لها : اسمه وات ساب يا أم سعيد .. ومبروك على التليفون .. ابقى وريهونى بكرة علشان أعرفك كمان على الفيس بوك ..
أم سعيد : فيس بوك ؟.. !! وده يطلع ايه ده كمان .. ؟
أمينة : بكرة اقولك ..

أم سعيد وقد وصلت لباب الشقة وهى تحدث نفسها : قال فيس بوك قال .. ياما حنشوف فيكى يادنيا ..

اجتمعت الاسرة على الطعام .. ولمجرد ان سأل خالد غادة عن أخبار الجامعة .. بدأت كعادتها فى الثرثرة .. تحكى لهم كل كبيرة وصغيرة مرت بها خلال اليوم .. ثم سكتت للحظات تفكر وعادت من جديد تقول : تعرفى يا مامى مجتمع الجامعة ده مختلف تماما عن المدرسة ..
أمينة : وانتى بقى اكتشفتى ده بعد ما قربتى تخلصى تانى سنة فى الجامعة يا قلبى .. ؟
غادة : لا طبعا .. أنا حسيت بده من أول يوم دخلت فيه الجامعة .. بس يمكن لشدة الاختلاف وكل يوم بتكتشفى جديد مبيدكيش فرصة انك تفكرى فى اللى فات .. وبتعيشى الواقع كأن مفيش تغيير حصل لك فى حياتك ..
رد خالد : ويا ترى ايه الفرق بقى اللى اكتشفتيه ..؟
غادة : كتير يا بابى .. بس أهم شيئ هو الحرية .. الحرية اللى من غير حدود .. سكتت للحظة ثم قالت : النهاردة كنا بين المحاضرات فى مناقشة عن معنى الحرية .. لان بصراحة فيه ناس كتير فى الجامعة فاهمة الحرية غلط .. اللى فى طريقة لبسه وشكله .. واللى فى تصرفاته .. واللى فى معتقداته .. بس فى النهاية اكتشفت ان كل واحد فينا مفهمومه عنها مختلف عن التانى .. بس عجبنى تعريفها من طاهر ..
أمينة وقد عقدت حاجبيها قليلا : ويطلع مين طاهر ده .. انتى أول مرة تقولى اسمه ..

غادة وقد لمعت عينيها قليلا : طاهر ده زميل لنا .. بس هو فى بكالوريوس السنة دى .. هو من أوائل الدفعة بتاعته كل سنة .. كنا بنسأله فى حاجة فى مادة الانشاءات .. وبعد كده دخل معانا فى حوار عن معنى الحرية .. وكان تعريفه لها ان الحرية هى المسئولية .. بصراحة أنا فى الأول استغربت من تعريفه ده .. بس لما شرح لنا وجهة نظره حسيت ان فعلا الحرية هى المسئولية .. أو بمعنى اصح ان الانسان قبل ما يقول أنا حر .. لازم يكون مسئول عن نتائج حريته وعن نتائج تصرفاته النابعة من حريته ..

أخذت غادة تشرح لهما كيف تكون الحرية هى المسئولية من وجهة نظر طاهر .. الى ان قاطعها خالد وهو يقول : الظاهر ان الأخ طاهر ده دماغه كبيرة حبتين .. بس خلى بالك يا غادة يا حبيبتى لان فيه ناس مدخلها لغيرها بيكون ظاهره شيء وباطنه شيئ تانى خالص ..
غادة وهى تبتسم بشقاوة : متقلقش علي يا خلودة يا حبيبى .. بنتك برضه دماغها مش سهلة ..
ردت أمينة : يعنى حتكون طالعة لمين .. ماهى طالعالك يا حبيبى ..

سمع الجميع باب الشقة يفتح ليدخل عليهم أمير وهو يبتسم ابتسامة واهية : السلام عليكم .. ايه .. كالعادة مقدرتوش تستنونى ..؟
ردت غادة : انت اللى بقى مش معروفلك مواعيد .. شوية تيجى بدرى .. وشوية تيجى متأخر ..
رد أمير وهو يداعبها فى شعرها قبل أن يجلس على المقعد المجوار لها على السفرة : ماشى يا لمضة .. عاملة ايه فى الجامعة ..؟
غادة : تمام .. بنكافح ..
أمينة : ايه يا أمير يا حبيبى .. مش حتقوم تغسل ايدك وتيجى تتغدى ..؟
أمير بهدوء وبلمسة حزن لم تفارق وجهه منذ زمن : لا يا أمونة .. مش حاسس انى جعان .. ثم هم بالوقوف وهو يقول : أنا داخل اوضتى .. عايز أريح شوية ..
أمينة وهى تربت على كفه : طيب يا حبيبى اللى يريحك .. وقت ما تحس انك عايز تتغدى قوللى وأنا ححضر لك الأكل ..

تركهم أمير واتجه الى غرفته وثلاثتهم ينظرون اليه بحسرة .. ثم قالت أمينة بعد ان تأكدت انه قد
دلف الى حجرته وأغلق الباب : يا حبيبى يابنى .. وبعدين يا خالد .. لأمتى حيفضل حاله كده ..
خالد : مش عارف يا أمينة .. من يوم ما فسخ خطوبته مع سارة وهو رافض يتكلم مع أى حد فى الموضوع .. أنا حاولت كتير معاه .. بس للأسف كل ما افتح له سيرة الموضوع ده يرفض يسمع أى كلام بخصوصه .. مع انه لو عطى نفسه فرصة حيعرف انه ظلمها وظلم نفسه معاها ..
ردت غادة : عمرى ما اتخيلت ان أمير يكون قاسى بالشكل ده .. والمشكلة أنه بيأسى على نفسه وعلى أكتر واحدة حبته فى الدنيا.. أنامتأكدة انه لسه بيحبها .. وبيحبها اوى كمان ..
أمينة بحزن : ما هو علشان بيحب أوى .. انجرح منها اوى ..
غادة : لدرجة انه يعذب نفسه ويعذبها سنتين كاملين .. ؟!! بصراحة مش قادرة اتخيل ان فيه حد يجلد نفسه بالشكل ده .. وعلى فكرة سارة لو كانت خاينة زى ماهو متخيل كانت ارتبطت بالدكتور عمر .. لكن هى قطعت كل علاقة بينهم ..
ردت امينة : وانتى عرفتى منين يا غادة ..؟
قابلتها من كام شهر بالصدفة فى المول .. وبصراحة سلمت عليها لما ابتسمتلى .. وبصيت فى اديها ومشفتش اى دبلة .. لا فى ايدها اليمين ولا الشمال ..

ساد الصمت لدقائق حتى تكلم خالد والحزن يكسو وجهه هو أيضا على حال أمير : أنا داخل اوضتى يا أمينة .. من فضلك هاتى الشاى وحصلينى ..
أمينة : حاضر يا خالد ..

دخلت أمينة الى المطبخ لعمل الشاى .. شردت فى أمر ابنها وتذكرت اليوم المشئوم الذى فسخ فيه أمير خطبته من سارة .. ثم تذكرت حال أمير وحال البيت لعدة ايام بعد هذا اليوم .. وحين تلقت تليفون من جميلة خالة سارة تطلب منها مقابلتها ..

إلتقت حينها أمينة وجميلة بالنادى .. كانت جميلة قد وصلت قبل أمينة بعدة دقائق وحين أهلت عليها أمينة رحبت بها جميلة وقد لاحظت لمسة الحزن والغضب التى تكسو وجه أمينة : أهلا يا أمينة هانم ..
ردت أمينة باقتضاب : أهلا بيكى ..

ساد الصمت للحظات بعد ان جلست أمينة فى مواجهة جميلة الى ان تكلمت جميلة باضطراب : على فكرة سارة متعرفش بمقابلتنا دى .. وياريت محدش خالص يعرف اننا اتقابلنا ولا اتكلمنا ..
أمينة : والله يا جميلة هانم أنا مش عارفة ايه لزوم المقابلة دى .. بعد ما كل حاجة كانت شارحة نفسها .. لكن السؤال اللى محيرنى .. هى ليه سارة وافقت على أمير لما هى بتحب واحد تانى .. ؟
جميلة : متظلميهاش يا ست أمينة .. الموضوع مش كده خالص ..

أمينة بغضب : الموضوع مش محتاج تفسير .. هو مفسر نفسه .. الست سارة يوم ما أغمى عليها يوم خطوبتها مكنش بسبب أنها مأكلتش يوميها كويس .. كان بسبب انها مستحملتش الموقف لما ظهر حبيبها الأولانى الدكتور عمر فى النادى ادامها فجأة ..مستحملتش الموقف يا حبة عينى واغمى عليها .. وجه هو بمنتهى البجاحة يفوقها .. ثم احتدت لهجتها وهى تقول : الاتنين كانوا عارفين بعض من قبل كده يا ست جميلة .. موضوع ايه بقى اللى عايزه توضحيه ..

جميلة وقد ادهشها تفسير أمينة لعلاقة سارة وعمر بهذه الطريقة : اسمعى يا أمينة هانم .. أنا هنا علشان أوضح موقف بنت اختى اللى انا مربياها .. واللى أنا متأكدة انها مظلومة .. زى ما أنا متأكدة انى قاعدة معاكى دلوقتى .. ولو حضرتك هديتى وسمعتينى بدون انفعال انتى بنفسك حتتأكدى من كلامى ده .. بس قبل ما اتكلم أو أقول أى كلمة أنا عايزاكى تعاهدينى ان مفيش مخلوق يعرف اللى حقلهولك .. وخصوصا أمير .. وتأكدى ان اللى جابرنى على انى آجى واوضحلك الموضوع حاجتين ملهمش تالت .. أولا .. انى اظهر براءة سارة من التهمة الفظيعة اللى أمير اتهمها بيها .. وهى الخيانة .. لان سارة عمرها ما كانت خاينة .. وعمرها ما كانت حتخون الانسان الوحيد اللى حبته واتمنته من كل رجالة الدنيا .. وثانيا .. ان العشرة الحلوة اللى كانت بينا بتفرض علي انى اوضح الأمور وبعدنا عن بعض ميكونش بالبشاعة دى ..

هدأت أمينة قليلا وهى تقول : اتفضلى سامعاكى يا جميلة ..
جميلة : اوعدينى الأول ..
أمينة : أوعدك بايه .. مش لما ابقى الأول أعرف انا حوعد على ايه ..
جميلة : مش حقدر اتكلم ولا كلمة الا لما توعدينى ان اللى حقوله حيفضل سر بينى وبينك ..

اضطرت أمينة فى النهاية ان توعدها .. فقد كانت على احر من الجمر ان تسمع ما يشفى قلبها تجاه سارة .. لعلها فعلا تكون مظلومة وان يكون هناك سوء تفاهم من قبل أمير وقبلهم .. فقالت بتنهيدة : أوعدك يا جميلة ..

أطرقت جميلة الى الطاولة ثم قالت بحزن شديد بدا على قسمات وجهها حين رفعت عينيها تنظر الى أمينة وهى تقول : سارة عندها كانسر يا امينة هانم ..

نزلت الجملة على مسامع أمينة كالصاعقة لدرجة انها لم تستوعب ما تفوهت به جميلة للوهلة الأولى .. فقالت : ايه .. بتقولى ايه .. كانسر .. يعنى ايه كانسر ..

فقدت امينة الذاكرة .. ذاكرة الأمراض للحظات .. كانت صدمتها كبيرة حزنا على شباب تلك الفتاة الصغيرة .. نسيت للحظات أمر أمير وترنح قلبها حزنا على سارة .. فالخبر مفاجأ ومفزع حقا على المستوى الانسانى .. فمهما تكون غاضب من أحد أو على خلاف معه فلا تجد نفسك الا مجبرا على الحزن على مصابه .. خاصه وان يكون المصاب مثل مصاب سارة ..

ردت جميلة بصوت حزين مهزوز وقد بدأت الدموع تتجمع فى مقلتيها : الاغماء اللى بيجيلها ده بسبب الكانسر اللى عندها .. سارة خبت علينا كلنا .. وخصوصا أمير ماكنتش عايزاه يعرف .. ولغاية النهاردة مش عايزاه يعرف .. هى ضحت بسمعتها ادامه علشان حبها ليه اكبر من اللى ممكن نتصوره .. سارة كانت بتتعذب طول الفترة اللى فاتت .. ولسه يا قلبى بتتعذب ببعدها عن أمير .. وانه فاكرها خانته ..

تعاطفت أمينة مع سارة كثيرا وهى تقول : سيبك يا جميلة من أمير دلوقتى وقوليلى .. هو الكانسر عندها فى انهى حتة فى جسمها ..؟
ردت جميلة بنفس الانكسار : فى الرحم ..
شهقت أمينة شقة عالية وهى تقول : يا حبيبتى يا بنتى .. لا حول ولا قوة الا بالله .. طيب ورأى الدكاترة ايه ..؟
جميلة : الدكتور عمر مش هو المتخصص فى حالتها .. بس آخر مرة اتقابلت فيها معاه قالها ان الدكتور أحمد المتخصص فى امراض السرطان رأيه ان الأفضل انها تشيل الرحم ..
أمينة بتأثر : لا حول ولا قوة الا بالله .. طيب وهى عاملة ايه دلوقتى .. ؟

جميلة وهى تمسح دموعها بظهر يدها : من ساعة ما حصل اللى حصل بينها وبين أمير وهى حابسة نفسها فى البيت ومبتخرجش من اوضيتها الا للحمام .. وغلبت معاها علشان تروح للدكتور أحمد وتشوف معاه ايه اللى المفروض يتعمل .. بس هى مش راضية .. سكتت للحظات ثم قالت : أنا المفروض أمشى دلوقتى لانى مبحبش اسيبها لوحدها كتير .. بخاف عليها يحصل لها اى تعب وأنا مش جنبها .. خصوصا وأنا سايبلها أمير وأكيد حيتعبها .. أنا كل اللى أنا عايزاه منك ومن المهندس خالد انكم تعرفوا الحقيقة .. يعنى لو حبيتى تحكى .. مفيش غير المهندس خالد اللى ممكن تحكيله .. هو افضاله علينا كتيرة .. ويهمنى انه يعرف الحقيقة .. لازم تتأكدوا ان سارة عمرها ما حبت ولا حتحب غير أمير .. وانها فى الوقت اللى أمير صورها هى وعمر .. عمر كان بيبلغ سارة برأى الدكتور أحمد .. وسارة فى اللحظات دى كانت منهارة .. وهو كان بيواسيها مش أكتر .. أنا بأكد لك يا أمينة هانم ان سارة محبتش ولا حتحب حد غير أمير .. وعلشان بتحبه حب كبير أوى .. يمكن اكتر من حبها لنفسها قررت انها تبعد عنه .. ورضيت انه يظن فيها الخيانة علشان يكرهها وميتعذبش بحبها.. سارة متحملة اللى ميتحملوش جبل .. ربنا يكون فى عونها ..

ردت امينة وقد استوعبت مدى الظلم الذى وقع على سارة فقالت : أيوة يا جميلة .. بس هى كده بتظلم نفسها وبتظلم أمير معاها .. أمير من حقه يعرف الحقيقة .. ومن حقها انه يكون جنبها دلوقتى .. يكون لها سند فى اللى بتمر بيه ..
جميلة : صدقينى أنا كمان مقتنعة باللى بتقوليه و حاولت معاها كتير .. بس هى رافضة .. خايفة من ان قراره فى انه يفضل جنبها يكون بدافع الشفقة .. وفى نفس الوقت خايفة انه يتخلى عنها بسبب مرضها وده حيجرحها اكتر .. أو انه يكمل معاها وييجى اليوم اللى تشوفه بيتعذب بسبب حرمانه من الاطفال .. او تكتشف بعد كده انه اضطر يتجوز من وراها علشان يكون عنده ولاد .. وده حقه ..
أمينة : إزاى سارة بتفكر فى كل ده وبالشكل ده .. الناس بتعيش مع بعض على الحلوة والمرة .. واللى مكتوب للبنى آدم حيشوفه فى النهاية .. مهما حاول يتفاداه .. أسمعى يا جميلة.. أنا عايزة أقابل سارة .. أنا مش ممكن اقبل اللى هى بتعمله ده ..
ردت جميلة : أيوة .. بس ازاى .. أنا وعدتها انى مش حتكلم معاكم فى الموضوع ..
أمينة : انتى مش حتظهرى فى الصورة خالص .. أنا حعرف ازاى اتواصل معاها ..

انتبهت امينة من شرودها فى موضوع سارة على صوت غادة وهى تقول لها : مامى .. البراد بقاله مده بيصفر .. انتى سرحانة فى ايه ..؟
ردت أمينة : هه .. لا مفيش حاجة يا غادة يا حبيبتى .. تحبى اعمل لك شاى مع بابا ..؟
غادة : لا يا مامى .. أنا حنام شوية علشان عندى سهرة كبيرة على شوية مذاكرة ..
أمينة : طيب يا حبيبتى .. ربنا يوفقك .. متنسيش تظبطى المنبه قبل ما تنامى ..

---------------------------------------

فى اللحظة التى كانت خلود تغلق فيها الخط مع شريف وهى تدخل الى الحجرة .. كان مجدى لا يزال ينادى عليها بصوته الجهورى المخيف والذى لا يزال يحتفظ بقوته بالرغم من مرضه الذى اقعده فى البيت .. فقد مر بوعكة صحية شديدة بعد ان أصيب بجلطة كادت تودى بحياته .. سافر على اثرها للخارج وتلقى علاجا مكثفا .. وهو الآن على وشك الانتهاء من مرحلة العلاج الطبيعى .. ويأمل أن يعود لحياته العملية قريبا .. فما مر به لم يكن سهلا بالمرة .. وبدلا من ان يتعظ ويرجع الى رشده .. زاده مرضه قسوة وبغضا فوق بغضه .. فقد تركت الجلطة التى اصيب بها تشوها فى وجهه ونطقه وعدم اتزان فى حركته ...
مجدى : انتى يا ست هانم .. بقاللى ساعة بنادى عليكى .. كنتى في انهى داهية وسيبانى اهاتى هنا لوحدى ..
خلود : فيه ايه .. كنت بتكلم مع شريف .. واول ما سمعتك نهيت المكالمة وجيت لك على طول .. وبعدين انت مش حتبطل تتلفظ الالفاظ دى .. يعنى ايه داهية اللى بتقولها دى ..
مجدى بغضب : هو أنا منبهتش عليكى متجبيش سيرة الولد ده ادامى ..
خلود : آسفة يا سيدى نسيت .. ثم أخذت تهمهم بالكلام خشية ان يسمعها : ربنا يهديك او يتوب علينا منك .. اول مرة أشوف أب يتعامل مع ابنه الوحيد بالجحود ده ..
مجدى : بتبرطمى وتقولى ايه .. طبعا مش عاجبك كلامى عن المحروس ابنك العاق .. اللى كسر كلامى وضحك علي هو والبنت الحقيرة اللى اتجوزها ..
خلود : هو انت مش لسه قايل مش عايزنا نجيب سيرته .. بتتكلم عنه ليه دلوقتى .. ولا هو جر للشر وخلاص ..
مجدى بقرف : الشر هو اللى عمله ابنك من زمان .. بس مش أنا اللى يضحك علي زى ما ابنك عمل هو والبنت الزبالة اللى اتجوزها غصب عنى .. يفهمنى انه سابها وبيحب واحدة تانية .. وبعدين يواجهنى بكل بجاحة انهم اتجوزوا من ورايا .. بعد ما يعرضنى لإحراج عمرى ما اتعرضت له فى حياتى وأنا بخطب له سلوى بنت المهندس على .. اللى فهمنى انهم بيحبوا بعض.. وطبعا انتى اللى سهيلتي لهم كل حاجة .. انتى والست هانم بنتك بعد ما هى كمان اتطلقت غصب عنى وبعدين تروح تتلم على العيل الصايع اللى رفضته من زمان وتتجوزه هى كمان ..

خلود بتهكم : والله انت تاعب نفسك على الفاضى .. ما انت بنفسك بتقول انهم اتجوزوا .. سواء شريف ولا يسرا .. يبقى ايه لزوم اللى بتعمله ولا بتقوله .. ثم ازالت عن نفسها نبرة التهكم واقتربت منه وهو يجلس على كرسى متحرك وتضع يدها على كتفه وتقول بحنان : يا مجدى كفاياك .. شوف اللى انت عامله فينا وفى نفسك من زمان .. لغاية ما وصلك للكرسى ده .. يا مجدى الدنيا متستهلش كل اللى بتعمله ده .. احنا الحمد لله معانا اللى يكفينا ويكفى ولادنا .. وولاد ولاد ولادنا لسنين طويلة .. مش لازم جوازات ولادنا تكون من نفس مستوانا .. المهم انهم يكونوا عايشين مبسوطين مع اللى قلوبهم اختارتهم ..

مجدى بسخرية : بطلى تخلف .. أهو كلامك ده هو اللى وصلهم لكده .. الاتنين اتجوزوا من ناس بيئة مش من مستواهم .. بعد ما كانت بنتك المصونة متجوزة ابن وزير .. وكنت ممكن اجوز ابنك المحروس من اغنى وارقى عائلات فى البلد ..

خلود : وعمل لها ايه ابن الوزير .. عاشت معاه محرومة من حتة عيل يملا عليها حياتها .. ده غير بلاويه وفساده اللى الكل بيتكلم عنه هو وأبوه اللى طلع من الوزارة بفضيحة حتفضل محفوظة فى التاريخ .. أهى على الأقل دلوقتى اتجوزت اللى بتحبه .. شاب مستقبله ادامه .. اخلاقه عالية والكل بيشهد بيها .. وكمان كام يوم وتولد وتقوم بالسلامة وتجيب لنا اول حفيد .. وان شاء الله بسمة تحصلها ويجيبولنا احفاد كتير يملوا علينا البيت .. ثم قالت بتردد وتلعثم : ياريت يا مجدى قلبك يصفى ليسرا شوية وتسمح لها انها تيجى تقعد معانا هنا الكام يوم دول اللى فاضلين ليها على الولادة .. مش معقول نسيبها كدا وحماتها هى اللى بتراعيها مش امها .. هى محتاجانى أوى اليومين دول .. وأنا مقدرش اسيبك واروح عندها ..

استشاط مجدى غضبا وصرخ فيها : اخرسى .. انتى اتجننتى .. أنا حلفت ان مفيش حد فيهم يعتب البيت ده .. أنا مش عايز اسمع سيرتهم هنا فى البيت ده طول م انا عايش ..
فزعت خلود من صوته الجهورى المخيف بالرغم انها قد اعتادته منذ سنوات فردت بلطف : طيب .. خلاص .. اهدى يا مجدى .. بلاش تنفعل بالشكل ده .. الدكاترة قالوا انه مش كويس علشانك .. سكتت للحظة ثم قالت : كنت عايزنى فى ايه ..؟

لم يكن مجدى يريد منها شيء .. ولكنه منذ ان أصبح محدود الحركة .. يقضى معظم وقته على كرسى متحرك .. أصبح عصبيا فوق عصبيته المعهودة عنه .. أصبح يريد خلود أو رانيا الممرضة الخاصة به امامه ليل نهار .. لا يريد أن تغيب احداهما عنه لحظة .. المهم ان لا يكون وحيدا .. فالخوف من الوحدة أصبح عنده كنوع من الرهاب .. لقد أصبح يخشى الموت بشدة .. أو أن يصاب بأزمة أخرى وهو وحيد ولا يشعر به أو يقوم بانقاذه احد..

ساد الصمت الى ان اعادت خلود عليه السؤال مرة أخرى : مقلتليش كنت بتنادى علي ليه ..؟
مجدى : كنت عايز اسألك عن رانيا .. هى ليه مرجعتش لغاية دلوقتى ..
خلود : رانيا فى الطريق .. كلمتنى من شوية وقالت لى ان الطريق زحمة شوية .. زمانها على وصول .. وبعدين دى مكملتش ساعتين .. كان المفروض تديلها باقى اليوم اجازة .. دى من مدة وهى هنا .. ومخدتش اجازات ..
مجدى : دى شغلتها .. وفيه مواعيد دوا .. لما اديلها اجازة مين اللى حيراعى مواعيد دوايا ..
خلود : ايوة يا مجدى .. بس دى كمان واحدة عندها عيلة وبتراعيها .. ومش معقول تقعد المدة دى كلها من غير ما تشوف ولادها ..
مجدى : يعنى هى اشتكتلك ..
خلود : مش لازم تشتكى علشان اعرف .. يعنى بالعقل كده .. واحدة ارملة وعندها ولدين صغيريين .. المفروض انها تكون بتراعيهم .. دى لولا ان امها عايشة معاها كان الولدين اتبهدلوا .. مجدى : والله دى مش مسئوليتنا ..
خلود : طيب ايه رأيك نشوف ممرضة غيرها تكون ظروفها مناسبة ..
مجدى : لا .. أنا مش بثق فى حد غير فى رانيا .. أنا بستريح لشغلها ..
سكتت خلود ولم تجد ما ترد به عليه .. ولم تمضى الا دقائق وهى جالسة بجواره فى صمت حتى سمعت جرس باب الفيلا وسمعت الخادمة تقول : أهلا ست رانيا .. اتفضلى .. فقالت خلود : أهى رانيا وصلت .. انزل أنا أشوف الطباخ عمل ايه فى العشا ..
قابلت رانيا على السلم فقالت لها بصوت منخفض كأنها توشوشها : اتأخرتى ليه يا رانيا .. ده كان هادد الدنيا انك خرجتى ..
ردت رانية بخوف : والله ما اتاخرت يا ست خلود .. ده هما يدوب ساعتين ..
خلود : أنا عارفة .. بس عموما اتحملى نرفزته لانه متعصب جدا ..
رانيا : ربنا يستر ..

دلفت رانيا الى الحجرة بهدوء وهى تقول : آسفة يا دكتور .. أصل ....... ولم تكد تكمل جملتها حتى صدمت بصوته العالى يصرخ فيها : انتى جاية هنا علشان تمرضينى .. يعنى المفروض تفضلى جنبى الاربعة وعشرين ساعة يا مدام .. ودى شغلتك اللى بدفع لك عليها فلوس .. واذا مكنش عاجبك الشغل معايا فممكن اشوف غيرك .. بس ساعتها مش حيبقى لك مكان فى المستشفى كمان .. وبعدين مش كفاية انك بتاخدى ضعف المرتب اللى بديهولك فى المستشفى .. يعنى المفروض تعملى بيهم ..

تجمدت رانيا فى مكانها لم تستطع ان تنطق بكلمة من الخوف والفزع .. فمجدى حين يغضب يصبح بالحق بغيض وحين يعلو صوته يصبح أكثر بغضا لمن يواجهه .. ولا يشفع له انه طبيبا ماهرا أو رسول رحمة يداوى اوجاع الناس وىخفف عنهم آلامهم .. فهو من الأطباء الذين تبغضهم بمجرد زيارتهم لما يتمتعون به من ضيق فى الخلق وعدم السماح للمريض بالحديث أو الاستفسار أو حتى الاستفاضة فى شرح ما يعانيه ..

فرت دمعة من مقلة رانيا على خدها .. لاحظها مجدى .. ولأول مرة ينتبه الى ألم أحد قد قام بتوبيخه .. ولأول مرة يطيل النظر اليها ليكتشف كم هى جميلة ورقيقة .. بل شديدة الجمال والنعومة .. وزادتها تلك الدمعة التى فرت من عينيها ضعفا وجاذبية فوق جمالها .. فأشعلت مشاعر فى قلبه ظن هو انها قد ماتت فى قلبه منذ زمن بعيد .. فوجد نفسه على غير عادتها .. يقول لها بلين واضح : خلاص يا رانيا .. لو سمحتى مش عايز عياط .. انتى اللى استفزتينى بتأخيرك .. لو سمحتى متبقيش تتأخرى تانى .. أنا ببقى محتاج انك تناولينى حاجات .. علشان كده اتعصبت عليكى .. معلهش .. متزعليش .. أنا آسف ..

كان يتكلم .. وكانت هى شاخصة ببصرها نحوه .. لا تصدق أذناها ما تسمعه وما يتفوه به .. الدكتور مجدى يطيب خاطرها ويتأسف لها .. انه لحدث جلل لم تعتقد يوما ان تسمع بحدوثه بالنسبة لها أو بالنسبة لأى شخص آخر .. ردت بخفوت : أنا اللى آسفة حضرتك .. وأوعدك انها مش حتتكرر ..
رد مجدى فى ود : طيب لو سمحتى ناولينى كباية ميه .. حاسس انى عطشان ..
اسرعت رانيا الى دورق المياه بجوار سريره وملأت الكوب وناولته اياه بلطف .. فاذا به يحيط كفها الممسك بالكوب ويتحسسه بلطف .. ولكنها لم تنتبه الى تصرفه هذا .. فهى قد تعودت على مثل تلك الملامسات من المرضى .. ولا يخطر بمخيلتها ان تكون تلك الملامسات ذات مغزى .. خصوصا ان كانت صادرة من رجال فى عمر مجدى والذى كان فى نهاية العقد الخامس وحالته المرضية كما ترى ..

قضى مجدى باقى اليوم وهو يجاهد نفسه فيما يشعر به نحو رانيا .. لا يريد ان ينخرط فى مثل هذا الشعور و هذه التجربة بعد ان وصل الى هذا العمر وتلك المكانة .. ولكن هيهات .. فقد وقع بالفعل فى حب رانيا .. تلك الأرملة البسيطة التى تصغره بأكثر من الربع قرن .. والتى توفى زوجها فى حادث سير منذ اربعة اعوام .. وخلف لها ولدين صغيرين لم يتجاوزا بعد عمر الخامسة..
ظل يراقبها وهى جالسة امامه ويتفحص فى جمال وجهها وجسدها ويمنى نفسه بها .. وكان من وقت لآخر عندما تغلبه نفسه يطلب منها ان تناوله شيء حتى يتمكن من القرب منها و شم رائحتها أو ملامستها .. وقد ساعدته حالته واضطرارها الى ملامسته المباشرة عند عمل العلاج الطبيعى الى ان يصل الى مبتغاه .. بل ويكرره كثيرا ..

مرت الأيام بينهما على هذا الحال .. وعاش مجدى مع احلامه ومعها دون ان تدرى رانيا ما يدور بخلده تجاهها .. وقصة الحب والشوق التى يعيشها .. وكيف هو بحاجة الى ان يجدد شبابة معها .. وقد ساعده ذلك على تحسن حالته كثيرا .. فأصبح مع العلاج والحالة النفسية الجيدة .. أصبح يستطيع ان يغادر الكرسى المتحرك .. ويتحرك بمفرده خطوات قليلة ..
-------------------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 06:13 PM   #43

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الواحد والعشرون

ما بعد البداية

الفصل الواحد والعشرون (بدايايات وذكريات)


خرجت بسمة من المطبخ وهى تمسح يديها بمنشفة المطبخ الصغيرة بعد ان سمعت شريف يناديها .. فاقتربت منه بعد ان دلف من باب الشقة وهى تعطيه خدها الأيمن ليطبع عليه قبلة اعتادها كلما خرج او عاد : حمد الله على سلامتك حبيبى ..
شريف : الله يسلمك يا عمرى .. عاملة ايه يا حبيبتى ..
بسمة بابتسامتها الرقيقة : عاملة اكلة انت بتحبها اوى .. دقايق يا حبيبى على ما تدخل الحمام وتغير هدومك اكون حضرت السفرة ..
شريف وهو يتحرك الى غرفتهما : تسلمى لى يا بسمتى .. المهم خلصتى مذاكرتك امبارح ولا لسه .. عايزين نشد حيلنا شوية يا بسمة .. امتحاناتك مش فاضل لها كتير ..
بسمة وهى تحاوط وسطه بكلتا ذراعيها وتضع رأسها على صدره : الحمد لله يا حبيبى منمتش امبارح الا وانا مخلصه كل اللى كان متأخر فى المنهج ..
شريف وهو يمسح على رأسها ويطبع عليها قبلة حانية : الله ينور ..

سحبت بسمة ذراعيها من وسطه وابتعدت عنه خطوة وهى تنظر فى عينيه : معلهش يا شريف .. أنا عارفة انك بتتعب فى الشغل طول اليوم بين المستشفى الصبح والعيادتين بالليل .. وانك محتاجنى اكون جنبك اساعدك واشيل عنك شوية .. بس هانت كلها شهرين وأنا كمان اخلص ومش حسيبك ولا لحظة .. لا فى المستشفى .. ولا فى العيادات ..
شريف : ولا يهمك يا روحى .. فترة وحتعدى .. وانتى كمان شايلة البيت ومذاكرتك .. أهم حاجة بعد ما تخلصى السنة دى هو اللى اتفقنا عليه .. هو ده اللى عايزك تتشطرى فيه وتشدى حيلك ..
بسمة بخجل وهى تضربه برقة على صدره ثم ترتمى برأسها عليه : شريف ..!!
شريف وهو يمسك بذقنها ويوجه وجهها اليه وينظر بعمق وحب فى عينيها : حبيبتى بتخجل من جوزها ياناس .. أنا مش عايزك تجيبيلنا طفل واحد .. أنا عايزك تملى علينا البيت ده كله اطفال ..
بسمة : حبيبى .. نخلص الأول الدراسة ونتخرج .. وبعدين نشوف حنعمل ايه .. انت ناسى انك حتسافر لندن علشان الزمالة بعد كام شهر وحتسيبنى هنا لوحدى ..
شريف : حبيبة قلبى .. ما احنا اتفقنا انك حترجعى القاهرة تقعدى عند مامتك لغاية ما تخلصى سنة التكليف وتحصلينى على لندن .. اقصد تحصلينى انتى والبيبى ..
بسمة بنظرة عتاب كلها حب وهيام بحبيب عمرها : حبيبى .. خلينا دلوقتى فى الغدا .. علشان تقدر تريح شوية قبل ما تروح العيادة ..
شريف : عندك حق .. انا فعلا واقع من الجوع .. حدخل أغير وآجى على السفرة ..

جلسا سويا على طاولة الطعام الصغيرة يتناولان الغداء ويتبادلان الحديث .. فبادر شريف يقول : اتصلتى بطنط حسنة النهاردة ..؟
بسمة : أيوة يا حبيبى .. ما انت عارف لازم كل يوم اكلمها اطمن عليها .. حعمل ايه .. كان نفسى تيجى معانا هنا اسكندرية .. بس هى مصممة تفضل فى القاهرة علشان تقدر تزور قبر بابا كل اسبوع ..
قاطعها شريف : ايوة يا بسمة .. بس ده مش كويس علشانها .. بالشكل ده مش حتنسى وحتقلب المواجع على نفسها .. خصوصا انها قاعدة لوحدها .. وبعدين متنسيش انها بتكبر ومحتاجة اللى يراعيها ..
بسمة : مش عارفة اقنعها يا شريف .. غلبت .. مفيش فايدة .. لازم كل اسبوع تروح المقابر وتوزع على الفقرا فلوس .. بالرغم انى قلتلها ان الرسول عليه الصلاة والسلام لعن زوارات القبور .. وفعلا .. أنا قلقانة عليها انها تكون فعلا بتتأذى كل ما بتزوره ..
شريف : الناس الكبيرة يا بسمة ليها تفكيرها .. ودماغهم بتبقى ناشفة .. وصعب انك تقنعيها بأى شيء .. سكت للحظة ثم اردف وقد تغيرت نبرة صوته الى الحزن : وأديكى شايفة بابا واللى بيعمله .. مر على جوازنا أنا ويسرا أكتر من سنة .. وهو منشف راسه مش عايز يصفى لنا أو حتى يشوف وشنا ..
بسمة وهى تضع يدها فوق يده القابعة على الطاولة : معلهش يا حبيبى .. ادعيله انت بس ربنا يشفيه ويقوم بالسلامة ويحنن قلبه عليكم .. وان شاء الله ترجع الأمور بينكم احسن من الأول ..
شريف ومازال وجهه ونبرته حزينة : أنا اللى مزعلنى يا بسمة ان اللى حصله ده بسببنا .. وخايف يحصل له حاجة وميسامحناش ابدا .. واللى مزعلنى اكتر انه رافض اننا نزوره .. بالرغم انه محتاج لوجودنا جنبه نراعيه وهو فى الحالة دى .. النهاردة اتكلمت مع ماما وعرفت منها انه بقى عصبى اكتر من الأول .. ده لدرجة انى كنت سامعه بينادى عليها وتقريبا بيصرخ مش بينادى ..
بسمة : معلهش يا شريف .. ادعيله .. ومتبطلش دعا ليه .. ان شاء الله الأمور تتحسن قريب .. ثم غيرت الموضوع وهى تقول : هو صحيح عم خليل عايز يبطل شغل فى العيادة ..؟
شريف : أيوة ياستى .. ومش عارف حعمل ايه من غيره .. بصراحة انا اتعودت عليه .. ده غير ان شغله ممتاز .. وفاهم فيه كويس جدا .. بس هو انتى عرفتى منين ..؟
بسمة : هو اللى قالى النهاردة .. اصله اتصل بيك قبل ما تيجى بشوية .. كان عايز يبلغك انه حيتأخر حوالى ساعة علشان فيه ناس جايين يبصوا على الشقة بتاعته .. وفهمت منه انه حيبيع الشقة ويرجع بلدهم فى الصعيد ..
شريف : أيوة .. هو قاللى الكلام ده .. حاسس انه كبر وخايف يموت هنا فى اسكندرية بعيد عن بلده .. عايز يدفن فيها ياستى ..
سكت للحظة ثم قال وهو شارد الذهن : حاجة غريبة .. ليه الواحد بيحن انه يدفن فى المكان اللى اتولد فيه .. مع انه ممكن يكون قضى فى غيره عمر اطول بكتير من اللى قضاه فيه ..
بسمة : سؤال وجيه فعلا يستحق البحث والتدبر .. سكتت هى الأخرى للحظة ثم سألته : حبيبى .. تحب أنزل معاك العيادة مكانه لغية متلاقى حد تانى يمسك شغله ..؟
شريف : لا يا روحى .. هو عامل حسابه وجاب لى واحدة تشتغل مكانه .. بس على الله تكون كويسة ..
بسمة وهى تهم بلم الأطباق من فوق الطاولة : يارب يا حبيبى ..
شريف : على فكرة يا بسمة .. وليد كلمنى النهاردة وعازمنا على فرحه هو وسلوى الخميس الجاى .. يعنى اعملى حسابك حننزل القاهرة الخميس بعد المستشفى ..
بسمة : أخيرا حيعملوها .. بس الجبانة دى مكلمتنيش لغاية دلوقتى ..
شريف : أكيد حتكلمك يا حبيبتى .. أنا حدخل افرد ضهرى شوية قبل ميعاد العيادة ..
دلف شريف الى حجرته .. فى حين دخلت بسمة الى المطبخ لتنهى تنظيفه بعد الغداء .. وقد اعتادت على فعل هذا الأمر حتى لا يشغلها أى شيء عن المذاكرة ..

استلقى شريف فوق السرير ينظر الى السقف .. تمنى لو يستطيع زيارة ابيه يوم الخميس قبل ان يذهب لزفاف وليد وسلوى .. ثم ابتسم عندما تذكرهما .. فتذكر كيف ساعدته سلوى عندما قبلت ان تمثل دور حبيبته ليقنع والده بأن قصته مع بسمة انتهت .. ثم تذكر كيف مر عليهما العامين الآخرين وكم التعب والمشاكل اللذين مرا بهما .. وكيف فى نهاية الأمر استطاع هو وبسمة خلال فترة قصيرة من تخرجه أن يكون لهما عيادتين غير عمله بالمشفى صباحا .. وقد اتفقا معا ان تكون احداهما باتعاب مخفضة للغاية للفقراء فى أحد الأحياء الشعبية .. والأخرى باتعاب أعلى فى احدى الأحياء الراقية .. ولكن تلك الأخرى لم تكن تعمل جيدا .. فهو مازال فى بداية الطريق .. طبيبا غير معروف .. ولكن بالرغم من هذا .. لم تكن تنقصه الخبرة .. فقد كان ماهرا فى تخصصه .. علاوة على الخبرة التى اكتسبها فى التدريب بمشفى والده اثناء دراسته ..

مرت على مخيلته احداث العامين الماضيين .. تذكر لقاءاته وبسمة والحذر المتخذ منهما حتى لا يكتشف والده انهما لا يزالا على علاقة .. وان ابنه قد خدعه بأمر علاقته هو وسلوى حتى تخرج وعمل بمشفى والده طوال عام التكليف .. والذى فى قرب نهايته عقد قرانه على بسمة التى كانت فى هذا الوقت قد بدأت عامها الأخير بالجامعة .. وقبل عقد القران رتب هو وهى للانتقال والعيش فى الاسكندرية لتكمل هى العام الأخير فى دراستها هناك .. بعيدا عن قبضة ابيه .. الذى كان بامكانه ان يؤذى بسمة فى مستقبلها وهى بجامعة القاهرة التى يعمل هو بها .. ولولا وعكته الصحية والتهائه بها لاستطاع ان يؤذيها هى وشريف حتى وهما فى الاسكندرية .. ثم تسارعت دقات قلب شريف وهو يتذكر ذلك اليوم الذى علم والده بأمر زواجه من بسمة ..

فى صباح ذلك اليوم كانت لدى شريف عدة عمليات ولادة .. فهو قد تخصص فى طب النساء .. وكان والده بمكتبه حين تلقى تليفون من أحد اصدقائه .. عندما اتصل به ليطمئن على حالة احد اقاربه ويوصيه به .. وعندما علم مجدى بأسم هذا المريض انتبه بشدة له وقال له : أطمن يا علاء .. أنا بنفسى حتابع الحالة .. ثم أنهى المكالمة معه واستدعى الطبيب المعالج للحالة ..
دخل الطبيب الخمسينى العمر الى مكتب مجدى بعد ان اذن له بالدخول : صباح الخير يا دكتور مجدى ..

لم يرد مجدى عليهالصباح ولكنه بادر بسؤاله موبخا : انت ازاى يادكتور حسن تكون بتابع حالة لراجل مهم زى المهندس على عبد الرحيم صاحب الشركة الهندسية للانشاءات والمقاولات ومتدنيش خبر ..
تعجب الدكتور حسن من سؤال مجدى التقريعى فتلعثم وهو يقول .. آسف يا دكتور .. بس مش فاهم .. تقصد ايه حضرتك ..
مجدى : هو انت مش واخد بالك مين هو المهندس على عبد الرحيم ..
حسن : لا يا فندم طبعا عارفه كويس .. بس ده علاقته ايه بأنى اقول لحضرتك عنه .. هو فى النهاية بالنسبة لى حالة زى أى حالة بالمستشفى ..

نظر له مجدى بحدة وهو يقول : دكتور حسن .. حضرتك بقى لك معانا اد ايه .. كتير على ما اعتقد .. ولغاية دلوقتى مش قادر تستوعب تعليماتى بخصوص الناس المهمة اللى زى المهندس على .. اسمع .. أنا معنديش وقت اضيعه معاك .. من هنا ورايح أى حالة لواحد مهم انت بتشرف عليها لازم تبلغنى بيها .. احنا مش عاملين المستشفى دى علشان نعالج الناس وناخد منهم فلوس وبس يادكتور .. ساعات بيبقى عندهم حاجات ومصالح لنا أهم من الفلوس اللى بناخدها منهم .. ياريت تكون فهمت قصدى ..

وقبل أن ينطق حسن بكلمة واحدة قال له مجدى : ممكن تتفضل حضرتك .. ومن فضلك ابعتلى تقرير مفصل عن حالة المهندس على عبد الرحيم حالا .. وكل يوم عايز تقرير عن حالته ..
خرج حسن من مكتب مجدى والغيظ يكاد ان يفتك به .. فهو يكره مثل هذه الانتهازية فى العمل .. ولكنه مجبر على تنفيذ ما طلبه منه صاحب المشفى ..

جلس مجدى يفكر فى تجهيز مفاجأة لشريف .. فهاهو والد سلوى اتى اليه .. بل يمكث فى احدى حجرات المشفى عنده .. ويجب ان يستثمر هذه الفرصة ليتعرف عليه ويوطد علاقته معه .. ليفتح باب خطبة شريف وسلوى بعد أن اوهمه شريف ان العلاقة بينه وبين سلوى قد توطدت كثيرا ..

مرت دقائق قبل ان يدخل الدكتور حسن على مجدى مرة اخرى بالتقرير الذى طلبه منه .. جلسا سويا لدقائق حتى يدرس الحالة جيدا ثم انصرف حسن .. ليذهب مجدى الى حجرة المهندس على ويعرفه على نفسه ويرحب به ترحيبا شديدا .. ثم طمئنه على حالته وأخبره ان مكوثه بالمشفى لن يستغرق سوى يومين .. بعد ذلك تطرق الى سلوى فقال بابتسامة عريضة : على فكرة يا باشمهندس إحنا كنا المفروض نتقابل من زمان ..

نظر له على بتعجب .. ولكنه فضل عدم احراجه فقال : حضرتك غنى عن التعريف يادكتور مجدى .. مين فى البلد ميعرفش حضرتك .. فبادر مجدى يقول له : اشكرك يا باشمهندس .. وياترى ازى الآنسة سلوى ياريت تكون قالتلك اننا اتعرفنا على بعض فى النادى من فترة .. احنا تقريبا اصدقاء . . يازين ما خلفت وربيت يا باشمهندس ..

زاد تعجب على من كلامه .. فلاحظ مجدى نظرات التعجب تلك فقال باحراج : أنا عارف انه لا وقته ولا مكانه .. بس أنا بعد ما اطمنت على صحتك من تقارير الدكاترة المتابعين لحالتك .. حتشجع انى افاتحك فى موضوع خير لنا جميعا .. من الآخر كده يا باشمهندس أنا يشرفنى انى أطلب ايد الآنسة سلوى بت حضرتك لإبنى الدكتور شريف .. وزى ما قلت لك .. أنا عارف انه لا المكان ولا الظروف تسمح باللى انا بقوله ده .. بس بصراحة أنا حابب اعملها مفاجأة لشريف .. أقصد أنا بس عايز اسمع موافقتك المبدئية على ارتباطهم .. وبعد كده طبعا كله حيمشى حسب الأصول .. شريف ابنى معجب جدا بسلوى .. واحنا يشرفنا نسب حضرتك ..

جحظت عينى المهندس على بشدة .. فهو يعرف شريف جيدا لإنه الصديق المقرب من الدكتور وليد .. خطيب ابنته سلوى .. فكيف يطلب منه مجدى هذا الطلب .. ولكنه تدارك الموقف ورد عليه : بس هو شريف مقلش لحضرتك ان سلوى مخطوبة للدكتور وليد زميله وانه حضر خطوبتهم من فترة ..؟؟!!

نزلت كلمات علي على اذن مجدى كالصاعقة .. لم يصدق ما سمعه للتو من فم المهندس علي .. فقال وهو عاقدا حاجبيه بشدة : ايه .. حضرتك بتقول ان سلوى مخطوبة .. ومن وليد صاحب شريف .. طب ازاى .. ده شريف مفهمنى انه .. ثم تدارك الموقف وسكت عن الكلام حتى لا يظن الرجل بإبنته سوءا .. فقال له : حضرتك متأكد من الكلام ده .. سلوى ووليد مخطوبين فعلا .. ؟!!
رد على بتهكم : جرى ايه يادكتور .. أنا صحيح السكر تاعبنى شوية .. بس مخى سليم ومش بخرف ..
رد مجدى بتلعثم وخجل : آسف يا باشمهندس .. أنا مقصدش .. الظاهر انه فيه سوء تفاهم .. عموما حصل خير .. ثم حاول تغيير الموضوع حتى يخرج من المأزق الذى وضع نفسه فيه بعد ان شعر انه لأول مرة قد تسرع فيما اقدم عليه وندم ندما شديدا .. فقال : عموما انت حتنورنا اليومين اللى مشرفنا فيهم .. هما شوية تحاليل وأشعات نطمن بيهم على حضرتك وتخرج بالسلامة باذن الله .. وياريت تبلغ الدكتور علاء اننا قمنا بالواجب لأنه موصينى على حضرتك .. استأذنك علشان عندى شوية شغل ..

قال جملته الأخيرة وترك المهندس على يتعجب مما قال .. فتناول على موبايله وطلب سلوى : أيوة ياسلوى ..
سلوى : أهلا يا بابا .. عامل ايه حضرتك .. كنت لسه بكلم وليد علشان نجيلك ..
على : سيبك من وليد دلوقتى وقوليلى ايه حكاية الدكتور شريف صاحبه ..
سلوى بتعجب : ماله شريف ..
على بسخرية : ابوه طلب ايدك له منى دلوقتى ..
ضحكت سلوى على الجانب الآخر .. ثم فجأة كتمت ضحكتها وقالت : بابا .. أوعى تكون قلتله انى مخطوبة لوليد ..
على : طبعا قلتله .. واحد جاى يخطب بنتى المخطوبة لابنه .. حقوله ايه يعنى ..
سلوى : يا خبر .. دى الدنيا حتقوم على دماغ شريف وبسمة ومش حتقعد ..
على : هو فيه ايه يا سلوى .. مش تفهمينى يابنتى ايه اللى بيحصل .. ومين بسمة دى كمان ..
سلوى : بسمة يابابا تبقى صاحبتى .. حضرتك شوفتها .. هى جت خطوبتى .. عموما أنا ححكيلك يا بابا كل حاجة .. بس مش دلوقتى .. لما أجيلك .. أنا لازم دلوقتى اكلم شريف أو بسمة .. معلهش .. مضطرة اقفل معاك دلوقتى ..

أغلقت سلوى خط التليفون وسارعت تطلب شريف فلم يجيبها لانه كان بغرفة العمليات .. فحاولت ان تطلب بسمة .. ولكنها هى الأخرى كان لديها محاضرة وتليفونها مغلق .. حاولت كثيرا .. ولم تنجح ..

----------------------------------------

عادت يسرا الى مصر بعد ان طلقت من مدحت .. عادت كعصفور جريح قضى وقتا طويلا يتخبط فى جدران القفص المحبوس فيه لعله ينفتح ويخرج منه الى الحرية .. عادت تستنشق نسيم حريتها التى حصلت عليها بمجرد ان رمى عليها مدحت يمين الطلاق ..

كانت تجلس بجوار شباك الطائرة العائدة من لندن الى القاهرة .. تشعر وكأنها تستشعر برودة السحاب الذى تحلق الطائرة فوقه .. شاردة الذهن تسترجع للمرة الألف ما حدث وهى لا تصدق انها اصبحت حرة .. وانها سوف تبدأ حياتها من جديد .. تفكر فى مدحت وما حدث بينهما تارة .. وأخرى فى آسر الذى كانت تدعو الله فى قلبها أن يكون لايزال على العهد .. عهد حبهما القديم .. كان أملها كله فى ان اربع سنوات قد تكون مدة قصيرة بالنسبة لآسر على ان يظل لها .. وحتى ان كان قرر ان يرتبط بغيرها .. فأربع سنوات ليست مدة كافية بالنسبة له لتكوين نفسه والقدرة على الزواج .. ولكن .. من يعلم ..!!

تذكرت يوم الخلاص من مدحت .. حين وصل الى البيت مساءا بصحبة أحد اصدقائه وزوجته الأجانب .. وهما ممن لا ترتاح لهما بالمرة .. استقبلتهما بوجه صارم لانها فوجئت بهم يدخلون عليها فجأة دون سابق انذار .. فطلبت من مدحت ان تتكلم معه .. فخرجا سويا الى حجرة المكتب بالطابق السفى من البيت .. فقالت له بلهجة بين الغضب واللوم : هو ينفع كده تجيب ضيوف وتطب علي من غير ما تقوللى ..
رد مدحت ببرود : وفيها ايه .. ما انتى عارفاهم وياما اتقابلنا .. ايه المشكلة .. عموما هما مش جايين يتعشوا .. ولا انا طلبت منك تعملى لهم حاجة مخصوص .. وبعدين متكبريش المواضيع .. خليكى سلسة شوية .. احنا جايين
ننبسط شوية مع بعض ..

آثرت يسرا ان لا تنفعل بسبب تصرفه .. وان تفوت عليه فرصة الاستهزاء منها .. معتقدة انها ساعة أو ساعتين ويمضى ضيوفه ..

خرجا الى الضيفين .. وجلسا .. فقالت زوجة صديقه : أنا حاسة انى عطشانة .. تسمحولى آخد حاجة من البار .. ثم قبل ان يتكلم أو يأذن لها أى منهم تحركت وذهبت تجلس على كرسى البار المرتفع وقد ارتفع فستانها القصير أصلا وكاد ان يصل الى نهاية فخذها ..

نظرت اليها يسرا بقرف واشمئزاز من تصرفها الغير لائق .. ثم نظرت الى زوجها فوجدته ينظر الى زوجته مبتسما ببلاهة .. فتحولت بنظرها الى مجدى فلاحظت انه ينظر الى زوجة صديقه ويكاد ان يلتهمها بعينيه .. فاشاحت بوجهها عن الثلاثة ..

تحرك مدحت تجاه زوجة صديقه وهو يقول : أنا كمان عطشان .. ثم اقترب من المرأة يصب لنفسه كأسا .. ثم ما لبث وبدأ فى الحديث مع المرأة التى كانت تتصرف بغنج ووقاحة على مرأى من زوجها الذى لم يحرك ساكنا .. دقائق قليلة وتحرك مدحت والمرأة الى الداخل .. فجحظت عينا يسرا .. لا تصدق ما ترى .. وفى ثوانى معدودة تحرك صديقه من مكانه وجلس بجوار يسرا التى انتفضت من مكانها عندما شعرت بيده تتحرك فوق ركبتها .. ولم تشعر الا وهى تصفعه بكل قوتها على وجهه وهى تقول بلغته : ابعد ايدك عنى يا حيوان .. ثم سارعت الى الداخل والرجل يجرى ورائها .. لتشاهد افظع مشهد يمكن ان تقع عليه عينيها .. وهى ترى مدحت وزوجة صديقه متعانقين يتبادلان قبل محمومة للدرجة التى جعلتهما لا يشعران بوجودها فى مكان الحدث .. تذكرت يسرا فى تلك اللحظات كلام مدحت واصدقاؤه عن تبادل الزوجات .. فهو لا محالة يضعها بهذا الفعل امام أمر واقع لترضى بهذا العبث الذى يؤمن به هو واصدقاؤه .. شعرت بغثيان شديد خصوصا بعد ان وضع الرجل يده مرة اخرى على كتف يسرا بعد ان شاهد زوجته فى احضان مدحت ولم يبالى .. فالتفتت اليه يسرا تدفعه بعيدا عنها وهى تصرخ : ايه اللى بيحصل هنا .. انت اتجننت .. ايه اللى بتعمله فى بيتى ..

انتبه مدحت وابتعد عن المرأة قليلا وهو لا يجد ما يقوله .. فقالت هى : أنا مش ممكن اقعد معاك دقيقة واحدة بعد كده .. انت تاخد الزبالة دى معاك وتخرج فورا من بيتى ..
رد مدحت ببرود يحسد عليه : قصدك بيتى يا هانم .. اسمعى .. هى دى حياتى .. لو مش عجباكى .. كل واحد يروح لحاله .. بس دول صحابى ومحدش حيخرج من هنا .. يا اما تعيشى الحياة اللى أنا عايشها .. يا أما نتطلق ..
يسرا : انت فاكر انى ممكن اعيش معاك تانى بعد كده يا ديوث ..
مدحت : من فضلك .. مش عايز غلط .. انتى واحدة اصلك فلاحة .. ومقدرتيش النعمة اللى انتى فيها .. أو تعيشى حياة التحضر اللى بحاول اعيشهالك .. عموما لو تحبى نتمم الطلاق وترجعى مصر .. تعيشى العيشة اللى تناسبك ..
يسرا : طلقنى ..
مدحت ببساطة وبرود قاتل : انتى طالق يا يسرا ..

تذكرت يسرا تلك الأحداث المريرة التى مرت بها منذ تزوجت مدحت واكتشافها لحقيقته .. ففرت دمعة على خدها .. لا تدرى ان كانت دمعة قهر السنوات التى عاشتها معه واكتشفت انه لا يتمتع يأى قدر من الرجولة .. أم دمعة فرح انها تحررت منه أخيرا ..

خرجت يسرا من بيت مدحت بعد ان رمى عليها يمين الطلاق .. ذهبت الى احدى الفنادق .. اتصلت بأمها وأخبرتها انها قد طلقت من مدحت .. وأخبرتها انها سوف تصل على طائرة الغد مساءا الى القاهرة .. وطلبت منها ان لا تحكى لوالدها عن شيء ..

نزلت الى المطار .. وكان شريف وخلود فى انتظارها .. ارتمت فى احضانهما وكانت تبكى بحرقة ..

وصلا الى الفيلا .. ولم يكن ابيها قد عاد من عيادته .. قصت عليهما ما حدث .. وكادا ان يجنا مما يسمعاه منها .. لا يصدقان أن هناك مخلوق بهذا المستوى من الدياثة .. كيف له ان يكون بهذه الأخلاق .. وكيف لهذه النوعية من البشر التى يطلقون عليها صفوة او كريمة المجتمع ان تكون بهذا القدر من السفالة والدناءة..

طلبت منهما يسرا أن لا يفتحا الموضوع مرة أخرى أو يذكرا اسمه امامها بأى حال من الأحوال .. وتكفل شريف الذى كانت علاقته بوالده على اروع ما يكون بسبب أنه ابتعد عن بسمة .. تكفل أن يخبر ابيه بموضوع طلاق يسرا .. فلم يمانع او يعترض .. فهو مهما بلغ من صفات سيئة فلا يمكن له كفلاح الأصل ان يقبل على بنته أو على نفسه ما قد فعل طليقها ..

مرت الأيام .. وكانت يسرا تتعافى نفسيا رويدا رويدا .. خصوصا بعد أن اطمئنت ان ابيها قد ايدها فى قرار طلاقها من ذلك الديوث ..

لم يكن يشغل بالها فى تلك الأيام سوى آسر .. كانت تفكر فيه كثيرا .. ولكنها كانت مترددة ان تبادر بالاتصال به .. لذا تحدثت مع امها بخصوصه .. وصارحتها بأنها لازالت تحبه .. وطلبت منها النصيحة .. فأخبرتها خلود بأنها لا يجب عليها ان تفكر فى الموضوع فقط .. بل يجب ان تأخذ فيه خطوات ايجابيه .. حتى تحدد ماذا ستفعل فى حياتها المقبلة .. فهو لا يعلم بطلاقها او حتى انها عادت للقاهرة .. وهى لاتدرى ان كان لا يزال يحبها ولم يرتبط بأخرى بعد ..
ترددت يسرا كثيرا بعد ان سمعت نصيحة امها قبل أن تطلب آسر على الموبايل ... فهى لا تزال محتفظة برقمه ..

نظر آسر الى شاشة الموبايل .. جحظت عيناه .. لا يصدق انها هى .. فرك عينيه ليتأكد انه ليس بهما ما يشوش عليه اسم الطالب .. تأكد من اسمها .. ففتح الخط وهو يقول بوهن شديد : ألو ..
سمع صوتها على الجانب الآخر وهى ترد عليه : آسر .. فكادت قدماه لا تحملانه .. فرد عليها بوهن اكبر من سابقه : يسرا ..

التقيا .. لم يصدق كلاهما انه يرى الآخر مرة أخرى .. يقترب منه .. ينظر فى عينيه .. يحمل الهواء انفاسهما الى بعضهما البعض .. تعانقت ايديهما .. شعر بعدها كل منهما أن قلبه كان فى رحلة بعيدة ثم عاد الى صدره مرة أخرى .. فقالا فى وقت واحد .. وحشتنى ..
ابتسم كلاهما .. ولكنهما عادا ينظران الى عيونهما لا يصدقان انهما سويا مرة أخرى ..

تعددت اللقاءات .. وعلم آسر من يسرا انها تطلقت .. وعلمت هى انه لا يزال يحبها .. وانه لم يستطيع أن يحب أو يرتبط بسواها ..

تعددت اللقاءات وأعادا ما بدآه منذ سنوات .. وعاد يطلب منها الزواج : تفتكرى يا حبيبتى لو اتقدمت لباباكى مرة تانية حيوافق ..؟
يسرا بحيرة : مش عارفة يا آسر .. خايفة يرفض تانى ..
أسر : طيب والعمل .. ؟!!
يسرا : مفيش قدامنا غير المحاولة .. بس سيبنى الأول اتكلم مع ماما وشريف .. واشوف رايهم ايه ..

تحدثت يسرا مع امها وأخيها .. وفى النهاية تبرعت خلود أن تفاتح زوجها فى أمر يسرا .. وتستشف رأيه اذا تقدم لها آسر مرة أخرى ..

ذهبت خلود الى مجدى وكلها أمل ان تقنعه بقبول آسر زوجا ليسرا .. كان مصدر تفاؤلها ان علاقتها به قد تحسنت قليلا .. وان المشاجرات بينهما قد هدأت بعد اقتناعه بأن شريف قد انتهت علاقته ببسمة .. ايضا وللأسف ابنتها اصبحت تحمل لقب مطلقة .. فظنت انه سبب كافى لأن يقبل مجدى بآسر زوجا لها ..

دخلت عليه المكتب وهى تبتسم ابتسامة عريضة .. تقول : ايه يا مجدى .. لسه بتشتغل ..
رد عليها وهو ينظر فى الأوراق امامه : أيوة يا ستى .. هو أنا ورايا ايه غير الشغل .. امتى بقى شريف يخلص ويشيل عنى شوية ..
خلود : هانت يا حبيبى .. كلها كام شهر ويخلص .. سكتت قليلا ثم قالت بتردد : كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع يسرا ..

انتبه مجدى الى كلامها فنظر اليها وهو يسند ظهره الى كرسى المكتب ويقول وهو عاقدا حاجبيه : مالها يسرا .. ايه موضوعها ..؟
خلود وقد زاد توترها الذى لاحظه مجدى وهى تقول : يعنى كنت بفكر .. لو اتقدم لها آسر .. يا ترى حتوافق يا مجدى ..
مجدى بتعجب : ويطلع مين آسر ده ان شاء الله ..؟
خلود : آسر زميلها فى الجامعة اللى اتقدم لها قبل جوازها من مدحت .. على فكرة ده قرب ياخد الدكتوراة .. و لسه عنده امل انك توافق ..
مجدى بنبرة غير مريحة : الكلام ده معناه ان بنتك على اتصال بيه ..
خلود وقد شعرت بضيقه : اسمع يامجدى .. يسرا مبقتش صغيرة .. ومتنساش انها مطلقة .. يعنى فرصتها فى الجواز مش زى الأول ..
مجدى بنرفزة وعصبية : الكلام ده تقوليه على حد تانى غير بنت الدكتور مجدى يا هانم .. أنا بنتى مش ممكن تكون معيوبة علشان اتطلقت .. وزى ما كانت لسه بنت وبيتقدم لها احسن الناس .. وهى مطلقة برضه حيتقدم لها اللى احسن من طليقها .. ابن الوزير .. وعلشان هى مطلقة .. مش المفروض ان حضرتك تسمحيلها انها تتقابل مع أى راجل ..
خلود : قلت لك يسرا مابقتش صغيرة .. ومن حقها دلوقتى تختار اللى تتجوزه .. وكفاية اللى جرالها من جوازتها الأولانية .. عمل لها ايه جوازها من ابن وزير اللى صممت انك تجوزها منه ..
مجدى : أنا لما جوزتها .. جوزتها ابن ارقى عائلات البلد .. مكنتش بشم على ضهر ايدى علشان اعرف انه بالشكل والأخلاق دى ..
خلود : الرقى بالأصل يامجدى .. مش بالمناصب .. يعنى ياما فيه عائلات يتقال عليهم عائلات راقية .. وهما أصلهم واطى ..
شعر مجدى انها تلمح على اصله .. فقال والغضب واضح بعينيه : تقصدى ايه يا خلود ..
خلود : أنا مقصدش غير اللى قولته .. وأظن انه مفهوم ..
مجدى : عموما انتى سألتينى سؤال .. وأنا حجاوبك بطريقة مباشرة .. لا يا خلود مش حوافق على آسر .. ولو اتقدملها ميت مرة ..
خلود بتوسل : ارجوك يا مجدى .. فكر كويس .. البنت بتحبه .. وهو شاريها وبيحبها .. يعنى حيحطها فى عنيه .. واحنا مش عايزين اكتر من كده ..
مجدى بهدوء : مش حينفع يا خلود .. مش حينفع .. ده مش حيقدر يعيشها فى المستوى اللى يليق بيها وبينا .. ومن فضلك متفتحيش السيرة دى تانى .. وسيبينى بقى علشان عندى شغل مهم ..

نظرت اليه خلود نظرة يأس .. ثم خرجت من الحجرة الى حيث تجلس يسرا وشريف .. فعلما الاثنين من هيئتها الحزينة و رأسها المطرقة الى الأرض انه لم يوافق ..

بكت يسرا عندما علمت برفضه الشديد .. فضمها شريف الى صدره وهو يقول : متعيطيش يا يسرا .. ان شاء الله لها حل ..

جلس شريف مع امه .. يبحثان أمر يسرا .. وففى النهاية توصلا الى ان يسرا أصبحت الآن ثيب بعد طلاقها من مدحت .. وانها يحق لها شرعا ان تزوج نفسها.. قررا أن ينصحاها بأن تفعل وتضع والدها أمام الأمر الواقع .. فتلك حياتها .. ويجب عليها ان تدافع عن حبها .. ما دامت لا تفعل شيء يغضب الله ..

مرت الأيام والشهور وتخرج شريف من الجامعة .. وعقد قرانه على بسمة وعقد آسر قرانه على يسرا فى نفس اليوم .. ولكنهم لم يتمموا الزواج بعد ..

----------------------------------------

ذهب مجدى الى مكتبه بالمشفى بعد لقائه بالمهندس على والد سلوى .. طلب من سكرتيرته ان تستدعى له شريف بمجرد ان ينهى عمليات الولادة التى بدأها هذا الصباح ..

دخل شريف الى مكتب ابيه وهو يقول : مساء الخير يا دكتور مجدى .. حضرتك طلبتنى ..
نظر اليه مجدى بعيون تتساءل : الى أى مدى وصل خداعك لى ياشريف ..
لاحظ شريف نظرة ابيه له فقال : بابا .. حضرتك كنت عايزنى فى ايه ..؟
رد مجدى أخير : ايه أخبار سلوى ..؟
تعجب شريف من سؤال ابيه .. ولكنه أجاب بهدوء : تمام .. بخير ..
مجدى : ايه .. مش ناوى نحدد ميعاد مع ابوها علشان نروح نخطبهالك ..؟
شريف بتلعثم : آه طبعا .. ان شاء الله قريب .. بس انت عارف هى مشغولة شوية فى الدراسة ..
مجدى : يعنى انت مالى ايدك منها اوى ..
شريف : من الناحية دى حضرتك اتطمن ..
مجدى : يعنى مش خايف حد يسبقك ويخطبها قبلك ..؟
شريف بنبرة مهزوزة : ما قلت لحضرتك اتطمن ..
مجدى : ولا وليد صاحبك ..؟
شريف وقد تجمد عند سماعه لسؤال ابيه الأخير : هه .. ازاى .. اقصد ايه دخل وليد فى الموضوع .. ؟
مجدى : مش هو برضه خطيبها .. ولا انا بيتهيألى ..؟

أدرك شريف ان ابيه قد علم الحقيقة .. فطأطأ رأسه الى الأرض ولم يستطع ان ينطق بكلمة .. فبادر مجدى بغضب : أفهم من كده انك كنت بتخدعنى طول الفترة اللى فاتت يا دكتور .. أفهم من كده انك رضيت تستغفل ابوك اللى رباك وعلمك لغاية ما وصلك للى انت فيه .. وكل ده ليه .. علشان الحقيرة بنت بتاع الارشيف .. مش كده ..
رد شريف بحدة : بابا ارجوك .. مفيش داعى للكلام ده .. اللى بتتكلم عنها دى وعن ابوها تبقى مراتى ..
ألجم الرد مجدى الذى وقف ينظر له بذهول لا يصدق ما تسمعه اذنه : ايه .. يتقول ايه .. مراتك .. !!!
شريف بجرأة يحسد عليها : أيوة يا بابا مراتى .. ومش حسمح لأى حد انه يهينها .. حتى لو حضرتك ..

لم يشعر شريف الا وابيه يوجه له صفعة قوية على وجهه اطاحت به لنصف الحجرة .. فوضع يده على خده وهو يقول : اضرب اذا كان ضربك لي حيشفى غليلك .. بس لغاية هنا وكفاية .. كفاية اللى انت عامله فينا وكاننا عبيد عندك تتحكم فيهم وفى رغباتهم ومستقبلهم زى ما انت عايز ..
نهره مجدى بشدة وهو يقول : أخرج برة .. مش عايز اشوف وشك هنا فى المستشفى أو فى البيت .. انت بالنسبة لى مت خلاص .. أنا مخلفتش غير يسرا .. يسرا اللى عمرها ما خرجت عن طوعى .. كل ثروتى حتكون ليها .. وانت مش حتشم منى مليم واحد .. وححاربك انت والساقطة اللى ضحكت عليك واتجوزتك غصب عنى .. وححرمها من انها تتخرج وتكون دكتورة ولو بعد ميت سنة ..

شريف بغيظ وحقد لم يشعر به من قبل تجاه ابيه : مراتى مش حتقدر تمس شعرة منها .. عارف ليه .. لانها اتنقلت خلاص لجامعة تانية .. وخرجت من تحت سطوتك وسيطرتك .. مش حتقدر تعملها حاجة .. خلاص كلها شهرين وتتخرج .. أما ثروتك اللى بتهددنى بالحرمان منها فانا مش عايز منها حاجة .. عارف ليه .. لانها فلوس ملعونة جمعتها من دم الغلابة بجشعك وحبك للفلوس والجاه اكتر من ولادك .. بمتنساش تبقى تاخدها معاك فى قبرك لانك حتحرم يسرا منها كمان .. بعد ما تعرف ان هى كمان اتجوزت آسر من وراك .. أيوة من وراك .. علشان انت مينفعش غير انك تنخدع .. ومن مين .. من اقرب الناس ليك .. من ولادك .. بس خليك فاكر انك انت اللى اجبرتهم على ده .. ثم خنقته العبرة وهو يقول باكيا : ايوة اجبرتنا على خداعك لاننا عشنا بنخاف منك .. عمرنا ما حسينا ناحيتك بالأمان وانك اب لينا زى باقى الناس .. طول عمرك قاسى علينا وكأننا مش ولادك .. طول عمرنا بنسمع كلامك خوف منك .. مش حب ولا احترام .. اجبرتنى على دخول الطب .. مع ان ميولى كانت تربية رياضية .. واجبرت يسرا على دخول الصيدلة .. مع انها عمرها ما حبت المواد العلمية .. وكان نفسها تدخل فنون جميلة .. وبالرغم من كده نجحنا فى اللى انت اختارته لنا علشان نرضيك .. دايما احنا اللى بنرضيك ونفرحك .. عمرك ما فكرت ايه اللى يرضينا او يفرحنا ..
لم يهتم مجدى بكل ما قاله شريف .. كان يفكر فى اثناء ثورة ابنه فى خداع ابنائه له .. خصوصا يسرا .. كان الأمر بالنسبة له كمعركة خسرها .. وآلمه جدا ان يخسرها .. فسقط على كرسى مكتبه عند سماع خبر زواج ابنته دون علمه .. سقط وهو يتعرق ويمسك صدره من الألم الشديد الذى فاجأه .. فنظر اليه ابنه وهو يسقط ويتألم .. علم انها قد تكون ذبحة صدرية أو اصابته جلطة .. سارع اليه وهو يقول : بابا .. بابا مالك .. فيك ايه .. بابا رد علي .. حاسس بايه ..
لم يستطع مجدى النطق من شدة الألم .. فرفع شريف سماعة التليفون الداخلى وطلب من السكرتيرة الاسراع لارسال الأطباء .. وتم نقل ابيه بسرعة الى حجرة العناية المركزة ..
-------------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 08:39 PM   #44

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الثانى والعشرون

ما بعد البداية

الفصل الثانى والعشرون (بداية التغيير)

دخلت ريم الى البيت عائدة من مدرستها تنادى كعادتها فى الفترة الأخيرة : مامى .. أنا رجعت ..

خرجت سلمى من المطبخ بابتسامتها المشرقة وهى تقول : أهلا حبيبتى .. حمد الله على سلامتك .. اتأخرتى ليه كل ده .. قلقتينى عليكى .. أكيد جعانة .. دقايق والأكل حيكون جاهز ..
قاطعتها ريم : مامى .. انا مش جعانة أكل .. أنا جعانة نوم ..
سلمى : ليه يا حبيبتى هو انتى كنتى فى المدرسة ولا كنتى بتتدربى فى النادى .. و ايه اللى اخرك النهاردة بالشكل ده ..
ريم : أبدا .. بس أصلى رجعت مشى من المدرسة ..
سلمى بتعجب : ليه يا حبيبتى .. ايه اللى خلاكى تمشى المسافة دى كلها ..
ريم بتوتر ملحوظ : مامى .. أنا عايزة احكيلك حاجة مهمة حصلت النهاردة ..
بالرغم من قلق سلمى من شكل وطريقة ريم الا انها اقتربت منها وضمتها اليها بحنان وهى تقول : طيب .. غيرى انتى بس هدومك .. وحنقعد نرغى زى ما انتى عايزة على الغدا ..

جلسا سويا على الغدا .. فبادرت سلمى تقول بعد أن تناولت ملعقتين من الشوربة ولاحظت شرود ريم : ها .. احكيلى يا حبيبتى .. ايه اللى حصل النهاردة ..
ريم : النهاردة فوجئت قبل ما ندخل الفصول بسامر زميلنا بيدينى ورقة من غير ما حد يلاحظه .. بصراحة انا إرتبكت .. بس اخدت الورقة على طول وحطيتها فى جيب الجاكيت .. ولما دخلنا الفصل قريتها .. كان كاتب فيها انه عايز يتكلم معايا فى موضوع مهم فى البريك .. بصراحة أنا استغربت .. بس كان عندى فضول غير طبيعى انى اعرف هو عايز يتكلم فى ايه .. وايه الموضوع المهم ده ..
طبعا حضرتك عارفة اننا فى البريك محدش بيسيب حد فى حاله .. وكلنا بنبقى مجموعات .. وبصراحة أنا خفت البنات تفهمنى غلط لما يلاقونى بتكلم مع سامر لوحدنا .. علشان كده كتبت له ورقة وقلتله فيها انه مش حينفع نتكلم فى المدرسة .. واننا ممكن نتكلم واحنا راجعين البيت .. وبرضه عطيت له الورقة من غير ما حد يلاحظ ..

استمعت لها سلمى باهتمام شديد ولا تعلق لا بكلمة ولا بنظرة .. فاردفت ريم تقول : بعد الدراسة مركبناش الباص .. واتمشينا .. ثم نظرت الى عيون سلمى فلاحظت بهما شيئا من الاستنكار لما تقول فقالت بنرفزة : بصراحة الفضول كان حيقتلنى .. كان نفسى اعرف هو عايز ايه .. علشان كده قابلته واتكلمنا ..
سلمى : ريم حبيبتى .. بالرغم ان عندى تعقيب على تصرفك فى موضوع زى ده .. بس قبل ما اقولك وجهة نظرى .. عايزة اسمع باقى الموضوع ..
ريم : أنا عارفة انى ممكن اكون غلطت لما قابلته ومشيت معاه لحد هنا .. بس زى ما قلتلك .. الفضول كان حيقتلنى .. هو من الآخر كده قعد يقوللى انه معجب بي من زمان .. وانه نفسه نقرب من بعض اكتر .. يقصد منبقاش مجرد زملا فى مدرسة واحدة .. وانه من اعدادى وهو عايز يتكلم معايا .. بس كان خايف ساعتها من رد فعلى .. لكن لما وصلنا للثانوى .. واننا على وشك ان السنة تنتهى .. ويمكن منكونش فى كلية واحدة .. قرر انه يعترفلى بمشاعره ناحيتى .. ويعرف اذا كنت ببادله نفس شعوره ولا لأ..
سلمى بهدوء .. وقد توقعت هذا الحوار : طيب وانتى رديتى عليه قولتيله ايه ..؟
ريم : بصراحة مردتش .. أنا كنت بسمع وبس .. ولما كان يسألنى عن رأيي فى اللى بيقوله .. واذا كنت ببادله نفس شعوره ولا لأ .. كنت بقوله انه فاجئنى بكلامه .. وانى مش عارفة اذا كنت انا كمان ببادله نفس شعوره ولا لأ .. علشان كده طلب منى انى ادى نفسى فرصة واعرفه .. علشان اقدر احدد مشاعرى ناحيته .. وبصراحة .. أنا طلبت منه فرصة انى افكر فى كلامه .. وقلت انى اتكلم معاكى الأول .. بس بصراحة يا مامى أنا كنت مبسوطة أوى وهو بيعترفلى بانه معجب بي ..
سلمى بابتسامة : ريم حبيبتى .. بالرغم من إنى مش موافقة على اللى حصل .. بس كويس انك موعدتهوش ولا عطيتيله رأيك فى اللى قاله .. ..
ريم وهى تتطلع الى عينى سلمى لتقرا بهما رد فعلها فيما قصت عليها .. عوضا عن ما ستسمعه منها : طيب مقلتليش رأيك فى اللى حصل ..
سلمى : بصى يا ريم يا حبيبتى .. أنا ميهمنيش اللى هو قاله .. أنا يهمنى اللى انتى بتفكرى فيه .. أو ناوية تعمليه ..علشان كده أنا المفروض اللى اسألك .. انتى بتفكرى فى ايه .. أو ناوية على ايه .. وزى ما اتعودنا .. الصراحة ثم الصراحة يا ريم يا حبيبتى ..
ريم : لو مش ناوية اكون صريحة معاكى مكنتش جيت من نفسى اقولك اللى حصل ..
سلمى : عارفة يا قلبى .. بس زى ما بيقولوا .. فذكر .. فإن الذكرى تنفع المؤمنين ..
ريم : أنا حاسة انى مشوشة ومش عارفة افكر فى حاجة زى دى .. ولا أقرر أى حاجة .. علشان كده عايزة اسمع رأيك انتى .. لانك اكيد حتقوليلى اللى فى مصلحتى ..
اقتربت منها سلمى وضمتها بشدة الى صدرها وهى تقول : يا حبيبتى .. هى دى ريم بنتى العاقلة .. ربنا يحميك يا قلبى .. سكتت للحظة ثم اكملت : الموضوع ده لازم نتعامل فيه بعقل شوية لآسباب كتيرة .. أهمها ان السنة دى مش أى سنة .. دى بالنسبة لكم انتى وسامر عنق الزجاجة .. يعنى مفيش وقت نضيعه فى أى حاجة حتى لو كان اللى بيحس بيه ناحيتك حب حقيقى .. أو حتى لو انتى كمان حاسة ناحيته بنفس شعوره .. أنا شايفة إنكم تركزوا الكام شهر اللى فاضلين فى السنة فى المذاكرة ولا أى شيء غيرها .. ولما تخلصوا وتنتهى السنة بالتفوق اللى بنسعى له .. ساعتها نبدأ نفكر فى الموضوع ونشوف ازاى المفروض يمشى .. خصوصا انه لسه بدرى أوى على اى نوع من الارتباط بينكم .. ده لو كانت المشاعر دى حقيقية من أصله .. يعنى من الآخر كده بلاش نفتح على نفسنا ابواب تعطلنا .. ونرجع نندم .. ولا ايه ..؟
ريم : أيوة يا مامى .. يعنى أنا أرد عليه اقوله ايه .. ؟
سلمى بابتسامة صافية : حتقوليله اللى انا قولتهولك ده ببساطة .. سكتت للحظة مرة أخرى ثم قالت .. ولا اقولك .. سبينى أنا اللى اقوله ..
جحظت عينى ريم وهى تسمع جملة سلمى الأخيرة فقالت : ازاى يعنى .. هو كده حيعرف انى قلتلك وحيعتبرنى عيلة صغيرة ومعنديش شخصية .. وبعدين هو يمكن يخاف يقابل حضرتك ..
سلمى : لا يا حبيبتى .. هو لو ولد متربى ويستاهلك ومش ناوى على حاجة غلط حيقول انك بنت متربية ومبتخبيش حاجة على اهلها .. وحيبقى عاملك ألف حساب .. وبالنسبة لمسألة خوفه .. اظن انه لو خاف يقابلنى يبقى معناها انه مش راجل .. لان مفيش راجل بيخاف من المواجهة .. وساعتها المفروض انتى متقبليش بيه .. ما هو مش معقول حترتبطى بواحد بيفتقد الرجولة .. ولا ايه يا ريم ..؟
ريم وقد ألجمتها حجة سلمى : طيب بس أنا عايزة اعرف انتى عايزة تقابليه ليه .. وحتقوليله ايه بالظبط ..
سلمى بابتسامتها المعتادة فى معاملة ريم : يا حبيبتى والله حقوله رأييى فى الموضوع .. زى ما قلتهولك بالظبط .. وفى نفس الوقت ححفز هرمونات النخوة عنده شوية ..
ريم : مش فاهم .. تقصدى ايه بهرمونات النخوة ..؟
سلمى : أبدا حطلب منه ان يعتبرك اخت له وصديق للعيلة وانه يكون حمايتك فى الفترة دى فى المدرسة والدروس .. وده لغاية ما تكبروا شوية وتتأكدوا من مشاعركم .. ولما تنتهى السنة وتدخلوا الجامعة حيكون لنا كلام تانى .. .. شردت سلمى قليلا ثم قالت : عارفة يا ريم .. انا مريت بنفس الموضوع وأنا تقريبا فى سنك .. وبعمل معاكى اللى ماما وبابا عملوه ساعتها .. وصدقينى النتيجة كانت هايلة .. أنا برضه كان فيه شاب قاللى نفس الكلام اللى قالهولك سامر .. ورحت قلت لماما وبابا على اللى حصل .. كان ممكن بابا ساعتها يروح يبهدله ويوقفه عند حده .. بس هما فضلوا نفس الطريق اللى أنا باخده مع سامر دلوقتى .. ومتأكدة انه حيجيب نفس النتيجة .. لان الشاب فى السن ده يا اما ابن ناس ومحترم ويأسره الاسلوب المؤدب الراقى فى المعاملة .. ويا اما خسيس وجبان فبيخاف من ان أهل البنت يكتشفوا حقيقته ويبهدلوه .. وأنا احساسى ان سامر من النوع الأول ..
اقتنعت ريم بوجهة نظر سلمى وقالت لها : اللى تشوفيه يا مامى .. أنا حقوله بكرة ان حضرتك عايزة تقابليه .. بس انتى ناوية تقابليه إمتى وفين ..؟
ردت سلمى : هنا يا حبيبتى .. هنا فى البيت .. أنا عازماه بكرة على الغدا .. ثم أكملت وهى تبتسم : علشان يبقى عيش وملح ..
ضحك الاثنان ثم قالت ريم : مامى انا حدخل اريح شوية علشان عندى درس الساعة ستة ..
سلمى وهى تمسح شعرها : طيب يا روحى .. تحبى اصحيكى الساعة كام ..
ريم : لا متشغليش بالك .. أنا حظبط المنبه ..

دخلت ريم الى حجرتها وجلست سلمى فى مكانها وهى تفكر فى ريم .. وما تمر به من فترة مراهقة صعبة عليها .. وعلى ريم نفسها .. تذكرت بعد ذلك العامين الماضيين وما عانته مع ريم فى تقويمها .. بل ترويضها .. وكيف نجحت فى ذلك ..

كانت البداية برحلة اسوان التى أصرت سلمى على ان تذهب اليها هى وريم سويا بعد ان تحدثت مع نادر كثيرا فى تصرفات ريم وسلوكها وبغضها ونفورها الواضح من سلمى .. واستقرا ان ريم بحاجة كبيرة الى تقويم .. لم تخطره بأى مما عرفت عنها من علا .. ولم تلمح حتى لريم انها عرفت عنها شيء .. ولم تهاجم أى من تصرفاتها أو تنتقد أى من سلوكها .. ولكنها ارادت ان توضح لها المفاهيم الصحيحة فى الحياة .. تجعلها توقن ان الدنيا ليست مقتصرة على الحب والملذات الحسية .. بل ان هناك ملذات أخرى يمكن للمرء أن يستشعرها من اهتماماته بأشياء أخرى .. اشياء غير محرمة أو مهلكة للنفس والجسد .. أشياء مباحة وجميلة .. ولكنها مخفية عمن يشغل نفسه بأمور مثل ما شغلت ريم بها نفسها ..

حاولت ريم مرار وبكل الوسائل والطرق ان لا تذهب مع سلمى لتلك الرحلة .. كانت خالتها نجوى تدفعها دفعا على اختلاق الحجج الواحدة تلو الأخرى حتى لا تختلى بها سلمى لمدة اسبوع كامل .. ولكن سلمى كانت تتحلى بالصبر والاصرار معها حتى اقنعتها.. كان الموضوع بالنسبة لها تحدى جديد وكبير وهى على يقين من انها ستعيش فى هذا البيت فى مشاكل لا تقوى على احتمالها اذا فشلت فى تقويم ريم وجعلها صديقة لها .. الى جانب انها كانت تشفق على البنت من مصير اسود اذا ظلت بشخصيتها تلك .. وسلوكها هذا ..

سافرت ريم مع سلمى على مضض .. كان يمكنهما ان يذهبا بالطائرة .. التى لن تستغرق أكثر من ساعة ليصلا الى الأقصر .. ولكن سلمى ارادت لها مغامرة بمعنى الكلمة .. لذا كان قطار النوم هو انسب وسيلة للانتقال من القاهرة الى اسوان ..

جلست ريم الى جوار سلمى وهى فى قمة الضيق .. جلست لا تتكلم .. تنظر فقط من شباك القطار .. تتطلع الى المزارع والخضرة الممتدة على طول الطريق .. كانت سلمى تثرثر وتحاول ان تجعلها تتكلم .. ولكن ريم كانت ترد على كل الحوارات والأسئلة باقتضاب .. فلجأت سلمى للعبة كانت تلعبها مع زملائها وهى فى عمر ريم .. فقالت لها بمرح وكأنها من عمرها : ايه رأيك يا ريم .. الطريق طويل وممكن تزهقى .. تيجى نلعب لعبة ..؟
نظرت اليها ريم متعجبة مما تطلب .. ولكنها ردت : لعبة ايه ..؟
سلمى : لعبة كنا بنلعبها زمان فى رحلات الدراسة اللى زى دى .. اسمها سؤالى وسؤالك ..
بالطبع فهمت ريم مغزى اللعبة من اسمها .. فردت على سلمى وقد جذبها الفضول لا غيره : أوكى ..
سلمى بحماس : تمام .. ولكى تجعل الأمور أكثر تشويقا .. اخرجت من شنطة يدها عملة معدنية وقالت لها .. حنعمل رفة علشان نعرف مين اللى حيبتدى ..
ردت ريم : اوكى ..
اسفرت الرفة على ان تبدأ سلمى بالسؤال الأول ..

فى البداية كانت ريم متحفظة ومقتضبة فى اسألتها واجاباتها ايضا .. ولكن مع الوقت أصبحت ريم اكثر تحررا .. فشعرت ان اللعبة مسلية .. بل وانها تتعلم من اسئلة واجابات سلمى الكثير وتتعرف أكثر على شخصيتها التى لازالت بينها وبين نفسها تنفر منها ولا تطيقها .. ولكن خفة ظل سلمى الملحوظة كانت تخفف من وطأة هذا الشعور على نفسية ريم التى كانت تتفاعل مع اللعبة وكأنهما من عمر واحد ..

انتهت اللعبة .. وبدأت ريم تتصرف على طبيعتها لحد ما مع سلمى التى كانت طوال الطريق تعلق على البلاد التى يمر عليها القطار وتعطى معلومات لريم عنها وعن النيل الممتد من القاهرة الى اسوان ..

أرادت سلمى ان تحتك ريم بمختلف اطياف البشر فى القطار ممن هم خارج نطاق القاهرة .. وخارج نطاق حياتها الضيق .. فهى بالكاد تتعامل مع من يماثل عمرها بالمدرسة والنادى .. علاوة على ابيها وخالتها .. سلمى وابناءها .. جميعهم يشبهها ولا يضيف لها أو لشخصيتها شيئا .. بل ربما يعرقل تقدمها فى فهم الحياة على اصولها ...... كل هؤلاء لا يعطونها ما تحتاج من معاملة البشر .. فريم تحتاج ان تتعرف .. تتعلم .. تفهم .. تشعر بالفروق بين الناس والطبقات ومميزات وعيوب كل منهم .. لذا بدأت تتفاعل مع بعض الركاب فى القطار .. خصوصا من أهل الاقصر وأسوان والنوبة .. كانت تتحدث معهم بود .. وكانت ريم تراقبها مشتتة بين قبول ما تفعله سلمى من احتكاك مع الآخر وبين النفور الذى لا يزال مسيطرا عليها وعلى وجدانها .. ولكنها لا تنكر اعجابها بلباقة سلمى فى كيفية فتح الحديث مع من حولها بسلاسة ويسر وانفتاحها على الناس .. وكانت سعيدة وهى تتعرف على ثقافات واخلاق هؤلاء الناس .. مع اختلاف اشكالهم ومستوياتهم ..

اتفقت سلمى مع ريم ان لا يستخدما موبايلات حديثة .. بل خلال هذا الاسبوع سوف يتوقفا عن كل وسائل الاتصال بالانترنت .. قبلت ريم على مضض وقد كادت ان تختنق من هذا القرار بعد ان اقنعتها سلمى بأن تنتظر حتى تعلم المغزى من هذا التصرف .. اقنعتها ان هذه التجربة تتطلب ان يبتعدا ولو اياما قليلة عن التكنولوجيا .. ولكنها فى الاصل ارادت ان تخرج من عقلها حالة ادمان تصيبنا جميعا .. خصوصا عندما نستخدم الانترنت بطريقة سلبية كما تعمل ريم ..

قبلت ريم .. ولكنها فى بداية الأمر كانت تمقت هذا الاتفاق مع سلمى .. حاولت جاهدة ان تثنى سلمى عن هذا القرار .. ولكنها فشلت تحت ضغط سلمى .. لتضطر ريم الى الانتظار حتى نهاية الاسبوع .. وكان هذا اصعب قرار على قلبها ولكنه كان أصوبها .. فهى بالفعل قد وصلت لحالة الادمان فى استخدام الانترنت وبرامج التواصل الاجتماعى وغيرها ..

وصلا الى الفندق .. كانت ريم طوال الطريق تقابل أناس وترى بلاد يقطعها القطار بسرعة .. ولكنها وجدت نفسها مستمتعة بأحاديث من حولها وبالمناظر الخلابة التى تقع عليها عينيها طوال الطريق .. خصوصا منظر النيل بالجنوب .. فلأول مرة تعلم ان النيل فى الجنوب لونه ازرق صافى .. جميل .. وعلى شاطئيه لون الخضار المبهر للعين وأشجار النخيل الباسقات متجه بفروعها الى الماء كأنها تتشرب زرقة السماء وتصبها على صفحة مياه النيل المنبسطة بلا نهاية.... يالها من لوحة ربانية رائعة قد اخذت لبها وارتاح اليها قلبها .. فأخذت انفاسا لم تشتم مثلها من قبل .. انفاس اراحت هموم صدرها الصغير ومسحت على خديها نسائم الحقول البعيدة الممتدة .. ليس لها بداية ولا نهاية .. تأتيها روائح الطبيعة من كل مكان فتشعر برضا يمس قلبها الصغير المتخم بهموم وافكار تفوق عمرها ..

وصلا الى الفندق الراقى بالأقصر .. كان الفندق يعج بطوائف وانواع كثيرة من البشر من كل بلاد العالم .. ولأول مرة تلتقى ريم بهذا الكم الهائل من الجنسيات المختلفة .. مما أثار دهشتها وفضولها وهى تراقب هذه الوجوه .. دلفا الى حجرتهما بعد دقائق قليلة .. ليستريحا قليلا .. وبالفعل غلبهما النوم لمدة ساعتين ثم استفاقا على صوت تليفون الحجرة بالفندق ..
ردت سلمى وهى تفرك عينيها : ألو ..

جاءها صوت صديقتها هنية التى تعرفت عليها فى رحلتها السابقة منذ سنوات طويلة الى هذه البلدة الجميلة .. منذ أيام الجامعة .. والعجيب انهما ظلا على تواصل منذ هذا الوقت .. خصوصا ان هنية قد انتقلت فى فترة ما الى القاهرة وعاشت بها عدة سنوات بحكم عمل زوجها .. فتوطدت علاقتيهما خلال تلك الفترة .. ثم عادت هنية مع زوجها وابناءها الى الأقصر مرة أخرى .. جاء صوت هنية الى سلمى عبر التليفون معبرا عن سعادة مفرطة : سلمى .. حمد الله على سلامتك حبيبتى .. مش مصدقة انى حشوفك بعد السنين دى كلها ..
ردت سلمى بسعادة وشبه صراخ من فرط فرحتها بسماع صوت صديقتها .. وريم تنظر اليها مترقبة وهى لاتزال مستلقية بسريرها بجوار سرير سلمى : هنية .. حبيبتى .. انتى فين .. وحشانى اوى ..
هنية : أنا هنا فى الفندق بكلمك من الريسبشن ..
سلمى بحماس : دقائق وحكون عندك ..

عندما نويت سلمى القيام بهذه الرحلة .. اخبرت صديقتها هنية بها .. وأعطتها فكرة عن سبب تلك الرحلة بالنسبة لريم .. وطلبت منها ان تساعدتها فى ان تنجح مهمتها فى اخراج ريم من هذا الحيز الضيق الذى تعيش فيه .. هى لم تخبرها عن كل شيء خاص بريم .. ولكنها فقط أخبرتها انها تريد ان تتعرف على الحياة بواقعية لتساعدها على التخلص من بعض الصفات التى قد تضرها فى المستقبل ..
اغلقت سلمى التليفون ثم نظرت الى ريم وهى تقول بسعادة : ريم حبيبتى .. ياللا .. قومى غيرى هدومك .. حعرفك على انسانة عزيزة جدا على قلبى .. متأكدة انك حتحبيها اوى ..
ردت ريم بسخرية : طنط هنية ..

نظرت اليها سلمى نظرة عتاب ثم قالت وهى تجلس بجوارها على طرف السرير تمسح على شعرها : حبيبتى .. بلاش نحكم على الناس من اساميهم ولا شكلهم .. دى حاجات ملهومش يد فيها .. الناس نحكم عليهم بأخلاقهم ومعاملاتهم معانا .. مش كده ولا ايه .. وبعدين ماله اسم هنية .. على الأقل اسم له معنى .. مش زى أسامى كتير بيسموها اليومين دول ومحدش عارف لها معنى ..
ردت ريم بخجل : آه طبعا يا طنط .. أنا مقصدش .. بس أول مرة اسمع اسم هنية ده ..
سلمى : على فكرة يا ريم .. اسم هنية له معنى .. زى كل اسماء الناس زمان كان ليها معنى .. بس للأسف اجيالكم متنتبهش للموضوع ده .. علشان الاسامى دلوقتى معظها ملهاش معنى ..
وصلا الى بهو الفندق .. فكانت هنية تقف فى منتصف البهو تتطلع لوصول سلمى التى بمجرد ان وقعت عينيها عليها اسرعت اليها فاحتضنا بعضهما البعض بشدة لما يقرب من الدقيقتين .. وهما يتبادلان الترحيب والقبل وقد اغرورقت مقلتيهما بالدموع من شدة الفرح بلقاءهما بعد طول السنين ..

اقتربت ريم من سلمى بوجه عابث ولكنه لا ينكر الاعجاب بحرارة هذا اللقاء .. تمنت للحظة ان يكون لها صداقة كتلك التى ترى اثرها بعينيها مغبطة كلا الصديقتين امامها ..
امسكت سلمى بيد ريم وهى تقول : هنية .. اقدملك ريم ..

لم تتعمد سلمى ان تبالغ فى تقديم ريم كأن تقول ابنتى .. أو ماشابه ذلك .. كانت حريصة على ان تجعل الأمور بينها وبين ريم تأخذ مجراها الطبيعى ولا تتسرع فى ان تفرض عليها ما لازالت لاترغب فيه .. ولا تحاول ان تفرض عليها شيئا او كلمات تأتى بنتيجة عكسية ..

اقتربت هنية من ريم وأحتضنتها برفق تقبل وجنتيها وهى تقول : بسم الله ماشاء الله .. ايه القمر ده .. أهلا ريم .. طنط سلمى حكت لى كتير عنك .. ثم اتجهت بعينيها الى مراهقين وقفا على بعد خطوات منها وهى تبتسم لهما وتقول : اقدم لكم بنتى أزهار .. وإبنى انيس ..
نظرت اليهما سلمى بتعجب وهى تشهق شهقة عدم تصديق : معقول .. معقول يا هنية كبروا للدرجة دى .. ده أنا كنت لسه حسألك عنهم ..
هنية : شفتى يا سلمى السنين بتجرى ازاى .. الولاد كبرونا ..
سلمى وهى تتقدم من ازهار وانيس اللذان وقفا مبتسمين لسلمى وريم : تعالوا حبايبى .. تعالوا فى حضنى .. ده انتم اتولدتوا على ايدى .. ثم احتضنتهما بشدة ..
هنية : سلموا ياولاد على ريم .. فمد انيس يده الى ريم التى مدت اليه يدها تسلم عليه وهى تتفحص جمال بشرته السمراء النقية التى زادت من وسامته .. فى حين اقتربت منها ازهار وقبلت وجنتيها وهى تقول بلهجة اهل الأقصر : أهلا يا ريم .. نورتى لجسر ..

اجتمع الخمسة على طاولة الطعام بمطعم الفندق يتحدثون .. فكانت ريم أقلهم حديثا .. وكان معظم حديثها ردودا على اسئلة الباقى لها .. علمت ريم من خلال الحديث أن انيس وازهار يكبرانها بشهور قليلة وانهم بنفس عامها الدراسى .. كانا منفتحان وخفيفى الظل بدرجة ملحوظة .. تماما كأمهم.. تحدثوا معها بود وكأنهم يعرفونها منذ زمن .. فزالت رهبة ريم منهم كغرباء تلتقى بهم لأول مرة .. وأنفكت قيودها معهم وشعرت بسعادة لوجودها وسط هذا الجمع القليل الودود والمميز .. والذى أشد ما يميز أى منهم لون بشرتهم السمراء والعيون ساحرة الإحورار .. والاسنان ناصعة البياض التى كلما ضحكوا أنارت وجوههم من شدة بياضها ..

انتهت المقابلة وقد اتفق الجميع على ان هنية وابناءها سوف يصحبون سلمى وريم غدا فى جولة للتعرف على آثار المدينة .. والتعرف على معالمها .. خصوصا وان هنية قد عملت بمهنة مرشدة سياحية لسنوات طويلة حتى اجبرتها ظروف اسرتها الى ان تتخلى عن العمل لحاجة اسرتها اليها ..

مر الأسبوع وعادت سلمى وريم الى القاهرة .. ولكن سلمى خيرت ريم طريق العودة .. هل يكون بالقطار أو الطائرة .. والعجيب ان ريم قد اختارت القطار بالرغم من مشقة السفر به .. ولكنها كانت قد استمتعت كثيرا خلال رحلة الذهاب .. فرغبت ان تكرر التجربة فى العودة ..

عادت ريم من الرحلة واحدة أخرى غير التى ذهبت .. اكتسبت الكثير خلال هذا الأسبوع .. اكتسبت صداقة انيس وازهار .. والاعجاب الشديد بشخصية هنية .. التى اتفقت معها ان يظلا على تواصل معها هى وابناءها .. وانهم سوف يتواصلون معها عن طريق الفيس بوك .. ووعدتهم هنية بزيارتهم بالقاهرة هى وانيس وازهار بعد انتهاء العام الدراسى .. تعرفت على تاريخ مصر القديم عن قرب .. وزارت معالم مصرية قديمة وحديثة وانبهرت بها وبالسد العالى الذى لم تكن تعلم عنه شيئا .. وشعرت بمدى عظمة وجمال مصر .. وانها بلد كبيرة وعريقة وليست مقتصرة على القاهرة والاسكندرية اللتان لم تزور سواهما كمحافظات مصرية كبيرة ومشهورة .. أحبت تلك الرحلة بشدة .. وشعرت انها طبعت بذاكرتها .. ولن تنساها أبدا ما عاشت .. وأكثر ما اكتسبته خلال تلك الرحلة هو انها وجدت نفسها لا تكن لسلمى شعور البغض الذى كانت تشعر به تجاهها قبل الرحلة .. ولا شعور الحب .. فسلمى بالنسبة لها الآن ليست بعدوة أو حبيبة .. ولكن الشيء الإيجابى فى هذا الأمر انها أصبحت تحترم عقليتها وطريقة تفكيرها .. كانت تشعر بالرضا وراحة نفسية وهى تراها تحاول جاهدة ان تجعلها سعيدة .. وتيقنت بعد ذلك ان ما كانت تشعر به تجاه جمال لم يكن حبا .. فهى لم تتذكره كثيرا خلال الرحلة .. ولم يخطر على بالها سوى مرات قليلة وثوانى معدودة فى كل مرة ..
حتى دخولها على المواقع الاباحية التى كادت ان تدمنه قبل هذا الاسبوع .. لم يخطر على بالها هذا الأمر .. بل شعرت انه امر لا يليق بها ان تفعله بعد مناقشة بينها وبين انيس وأزهار عن أولايات الانسان فى الحياة .. شعرت حينها انها كانت ذات عقلية محدودة وصغيرة جدا .. بل وتتمتع بتفاهة لا تحسد عليها عندما كان جل اهتمامها هو الحب فى هذا العمر .. وحب المرور على هذه المواقع ..

ابتسمت سلمى لتلك الذكريات مع ريم .. عندما تذكرت يوم عودتها هى وريم من الرحلة و وصلا الى الفيلا وريم تقف عند باب الفيلا قبل ان يدخلا سويا .. فاوقفتها ريم وهى تنظر الى عينيها بصفاء لم تعهده فيها من قبل وتقول لها : ميرسى يا طنط سلمى .. فعلا .. الرحلة كانت بالنسبة لى اكتر من رائعة .. مكنتش عارفة انى حنبسط منها واستفيد كمان بالشكل ده ..
ابتسمت سلمى وهى تتذكر وقتها اول حضن حنون تستقبله من ريم على باب الفيلا ..
------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 05:40 PM   #45

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الثالث والعشرون

ما بعد البداية

الفصل الثالث والعشرون (وجدت فيك ضالتى)


دخل من باب فيلته الفخمة بسيارته الفارهة متلهفا الى رؤيتها ورؤية الأولاد .. كل يوم كسابقه .. يعود مشتاقا الى رؤيتهم بالرغم من انه يتركهم صباحا عند ذهابه الى العمل ليعود اليهم مساءا ..
صاح كالعادة بمجرد ان فتح الباب بالمفتاح : علا .. حبيبتى .. فينك يا مولاتى .. ؟

ابتسمت وهى تجلس فى ركنها المفضل من الفيلا بجوار بانوراما تطل على حديقة الفيلا .. ترتدى فستانا ابيضا من الشيفون وشعرها المنسدل ليصل الى نصف عنقه الطويل كعنق امها ووجهها المشرق بالرغم من لمسة الحزن المسيطر عليه .. تجلس كجلسة الأميرة ترقب غروب الشمس خلف التلال البعيدة والتى لا تزال صحراء لم يحين موعد تعميرها بعد .. تتساءل عن سر جمال الغروب فى الصحراء أكثر من أى مكان آخر تغرب فيه الشمس ..

وقفت من جلستها تتجه اليه مبتسمة بجمالها الهادئ الذى أسر قلبه منذ أن وقعت عليها عينيه أول مرة ..

التفتت اليه بابتسامتها الحزينة ولكنها اشرقت وجهها لتعوض غروب الشمس .. فيسرع اليها ويضمها برفق وحنان الى صدره .. فغاصت برأسها بين زنديه وكأنها تتخلص من حالة الشجن الذى ينتابها عند رؤية الغروب فى كل مرة تجلس فى هذا المكان وترقب المغيب .. تتذكر .. كم هى راضية عن حياتها مع محمد .. وكم تحمد الله على أنه وهبها هذا الزوج الحنون .. ولكنها تشعر بحزن وخوف عميق حين تتذكر ياسر تتذكر كم أحبته .. وكم آلمها خيانته لها ثم فراقة .. تحاول جاهدة نسيانه .. تحاول .. ولكنها تفشل .. فكيف تنساه وهو البعيد القريب .. البعيد عنها بجسده .. القريب منها بطفليه اللذين يحاول ان ينزعهما من حضنها بكافة الطرق بالرغم أنه يعلم ان قانونا سوف تنتقل حضانة الطفلين لأمها سلمى .. بعد ان تزوجت .. وبالرغم من أنه على يقين من أن وجود الطفلين لديها هو أفضل لهما .. خصوصا بعد أن تأكد من أن زوجها رجل على خلق ودين وسوف يحسن معاملة ابناءه .. ولكنه يحاول فقط انتزاعهما لينتقم منها بعد ان تزوجت وقتلت أمله فى ان تعود له بزواجها من محمد .. باتت علا لا يعكر صفو حياتها السعيدة مع محمد سوى ياسر .. كانت تأتيها الكوابيس الواحد تلو الآخر وهى تحلم انه قد اختطف طفليها وسافر بهما بعيدا .. حتى انها من شدة رعبها من هذا الأمر جعلت محمد يستأجر لها من يحرسها هى وطفليها .. حتى فى لقاءات ياسر بطفليه كانت تفرض عليه مراقبة محكمة .. و تعيش ساعات لقائه بالطفلين فى رعب شديد ..

قبل نصف ساعة من وصول محمد زوج علا الى البيت ..
جلست علا تترقب مغيب الشمس .. وكالعادة التى ألفتها وتحبها .. هلت عليها ذكرياتها القديمة .. منذ أن تعرفت على ياسر زوجها السابق فى الجامعة .. تتذكر ما حدث منذأن قررت الموافقة على الزواج من محمد .. صديق نادر زوج امها .. وافقت علا على التعرف على محمد بعد أسبوع من اخبار سلمى لها عنه ..

صارعت نفسها كثيرا خلال أسبوع كامل وهى تفكر فى قرارها .. ليس على محمد بالتحديد .. ولكن فى مسألة ان تتزوج مرة أخرى من عدمه .. وفى النهاية وجدت انه لا بأس من أن تتعرف عليه .. ربما وجدت فيه ضالتها فى نسيان ياسر ..

إلتقت علا بمحمد فى لقاء عائلى حضره أفراد أسرتها .. سلمى ونادر وجمال وأيضا ريم .. كانت جلسة بسيطة الهدف منها مجرد تعارف علا واسرتها من جهة .. ومحمد من جهة أخرى ..

جلست علا وسط العائلة حين دلف محمد من باب فيلا نادر .. اقترب من مجلسهم .. فوقف كل من نادر وجمال مرحبين به .. سلم محمد على نادر وجمال بحرارة مبالغ بها .. ثم اتجه ينظر على يمينه ويمد يده الى سلمى التى كانت جالسة تنظر اليه وتتفحص هيئته التى تراها للمرة الثانية .. ففى المرة الأولى لم تنتبه اليه .. بل على العكس هى لا تتذكره بالمرة فهو كان لقاءا عابرا .. لا تتذكره .. أو تتذكر ملامحه .. مدت سلمى يدها بابتسامة رقيقة مشرقة كعادتها وهى تقول : أهلا بيك استاذ محمد .. شرفتنا ..
ثم سلم محمد على ريم ببسمة عريضة ومداعبة لفظية خفيفة تدل على معرفته بها ومعرفتها به .. فضحكت ريم فى خجل وردت عليه : أهلا أنكل محمد .. أيوة طبعا كبرت .. ثم أردفت وهى تلمح جمال بطرف عينيها .. وبقيت أفهم فى كل حاجة .. مش مفعوصة زى ما كنت بتنادينى دايما ..
توجه محمد الى علا وهو منفرج الاسارير .. مبتهج الى اقصى درجة ومد يده اليها وهو يقول : أهلا علا هانم .. يارب تكونى بخير ..
ردت علا بنصف ابتسامة : أهلا استاذ محمد ..

للوهلة الأولى شعرت علا انها أخطأت بقبول جلسة التعارف على محمد .. هو يبدو لها من هيئته انه ليس بالرجل الذى يمكنه ان يعوضها عن ياسر .. فهو لا يملك ولو نصف وسامة زوجها وحبيبها السابق .. هو متوسط الطول .. يكاد ان يكون فى طول علا نفسها .. والآخر كان طويلا فارع الطول .. محمد بدين بعض الشيء وبجانب قصره يبدو أكثر بدانة .. وياسر كان رفيعا .. ممشوق القوام ومفتول العضلات .. كأنه لاعب جمباز محترف .. ومحمد أيضا صاحب وجه عادى .. وجه مملوء واستدارته تزيده امتلاءا .. ليس فى تقاسيم وجهه لمحة جمال .. .. فكل ما بوجهه ملامح عادية لا تجذب النساء .. وان كانت نظرة عينيه توحى بالطيبة .. أما ياسر فكان يملك وجها مملوء بالجاذبية وحسن الرجال .. اكتئبت علا وشعرت بغصة فى حلقها .. خصوصا بعد ان لاحظت انه أصلع ولا يملك سوى بعض الشعيرات على جانبى وخلف رأسه .. غير ياسر صاحب الشعر المجعد الجذاب والذى كان لا يملأ رأسه فقط .. بل كان يتمتع به كل جسده .. فيزيد من جاذبيته وسحره للنساء .. أما صاحبنا فيكاد أن يمتلك شعيرات خفيفة ظاهرة من فوق ذراعه ..
بالطبع كان قرار علا من الوهلة الأولى هو الرفض .. بل الرفض بشدة .. فجلست صامتة ساهمة لا تتكلم .. ولا تعلق على حديث او تعليق أى من الحاضرين ..

مرت دقائق كان خلالها يتبادل الجميع الحديث .. لم تكن علا معهم .. ومن شرودها كانت لا تعلم فيما يتحدثون .. لذا استأذنت وهى تقول : بعد اذنكم .. حطمن على الولاد .. ثم نظرت الى امها تدعوها بنظرها ان تتبعها ..

خرجت علا من المجلس وتبعتها سلمى .. ليصعدا الى الأعلى بحجرة سلمى ..
بادرت سلمى : فيه ايه يا علا .. ليه استأذنتى بسرعة كده واتحججتى بالولاد .. ما انتى عارفة إنهم نايمين ..
علا بتوتر : مامى .. بصراحة .. بصراحة مش هو ده الشخص اللى ممكن ارتبط بيه ..
سلمى بقلق : اهدى بس يا علا .. حبيبتى محدش بيجبرك على حاجة .. دى قاعدة تعارف .. نعديها .. وبعدها فكرى .. وقررى اللى قلبك يرتاح له ..
ارتاحت علا لرد فعل سلمى وقالت : أنا بس حبيت أعرفك انى مش موافقة علشان منتورطش معاه فى وعود او أى شيء ..
سلمى وهى تبتسم تربت على ظهرها بحنان : حبيبتى ده جواز .. يعنى محدش له رأى قبل أو بعد رأيك .. أطمنى .. ويالا نقعد معاهم وكلها ساعة وكل واحد يروح لحاله .. اعتبريه يا ستى ضيف حياخد قاعدته ويمشى ..

خرجا من الحجرة ينضما مرة أخرى الى الموجودين .. مرت دقائق كانت فيها علا قد تخلصت من توترها ورفضها للارتباط بمحمد .. استمعت اليه منذ ان عادت بأذن غير السابقة .. التى ربما انها قد اغلقتها بسدادة عدم استلطافه منذ ان وقعت عليه عيناها ..

كان محمد يتكلم عن العمل وما يواجهه من مشاكل يومية مع الجميع .. موظفين وعملاء وهيئات حكومية .. كانت علا تستمع الى كم مشاكل وعدد موظفين وعملاء وجهات حكومية يجابهها يوميا محمد ومدراؤه .. بدأت تنبهر بطريقته فى سرد المواضيع والمشاكل وكيفية حلها .. وكيف ان الخبرة تمنحه أن يشتعل ظاهريا عند مواجهة خطأ ما .. ولكن هو فى الحقيقة يتمتع بهدوء وسلام نفسى لا يستشعره سواه .. هدوء يساعده على اتخاذ الحل السليم دون ضغوط نفسية توصل غيره الى امراض صعبة ومزمنة .. كالسكر والضغط وما على مثيلاتهم ..

شعرت علا بعدم النفور من الشخصية التى لفظتها منذ دقائق .. فنصف ساعة تحدث فيها محمد بتلقائية عن نفسه وعن عمله كانت كفيلة ان تغير فيها علا وجهة نظرها فيه .. ولكنها لم تكن كافية لأن تغير رأيها فى الارتباط به .. أو ان يقترب منها ليصبح لها زوجا تشعر معه بالسعادة المأمولة ..

كان محمد يتمتع بذكاء خارق وعيون تبصر ما بداخل الآخر .. فقرأ فى عيون علا الاعجاب والرفض فى آن واحد .. الاعجاب بشخصيته .. وربما الرفض لهيئته .. شعر بمكنونها وما شعرت به تماما .. لذا لم يفاتحها أو أى من الحاضرين فى موضوع الزواج .. فضل أن يؤجل الكلام فيه حتى اشعار آخر ..

استأذن وذهب .. وبقيت علا تتعجب باقى اليوم .. والأيام التالية .. كانت تتساءل بينها وبين نفسها عن عدم فتح محمد موضوع الزواج .. أو حتى عدم السؤال عن رأيها فيه .. هل غير محمد رأيه فيها بعد ان كان متلهفا للقائها والارتباط بها .. أم هل هناك شيئا آخر لا تعلمه عنه كان سببا وجيها له ان يخرج دون ان يلمح حتى بطلبه أو رغبته فى الارتباط بها ..

مرت ثلاثة أيام .. لم تعد بعدهم علا تستطيع ان لا تسأل .. ومن تسأل سوى امها .. فهى اقرب واحدة الى نادر الذى هو اقرب واحد الى محمد .. عليها ان تستفسر منها عنه .. عن رأيه .. هل أخبرت سلمى نادر رفض علا له .. فأغلق معه نادر تلك الصفحة .. وانتهى طلبه لها .. ؟ أم ماذا حدث بالضبط ..؟!!!

صباح اليوم الرابع طلبت علا سلمى بعد تردد ان تفعل : صباح الخير يا مامى ..
سلمى : صباح الخير علا حبيبتى .. عاملة ايه .. وازى حبايب قلبى آدم وزين ..
علا : تمام .. احنا بخير .. انتى عاملة ايه وازى انكل نادر .. وعاملة ايه مع ريم ..
سلمى : بخير يا حبيبتى .. كلنا بخير .. وادينا بنحاول مع الست ريم .. ربنا يهديها ..
علا : خير يا مامى .. هى ضايقتك فى حاجة ..
سلمى : أبدا .. العادى بتاعها .. دايما نافرة منى .. وده طبيعى .. بقولك ايه متشغليش بالك انتى .. وطمنينى على احوالك .. وياترى لسه عند رأيك فى موضوع محمد ولا غيرتى رأيك ..
علا : يعنى هو كان سأل عن رأيي ..؟ وبعدين أنا قولت لك رأيي من ساعة ما شوفته ..
سلمى : أيوة يا علا .. بس الراجل والله محترم وشخصيته كويسة ..
علا : بصراحة أنا مش مختلفة معاكى ان شخصيته فعلا كويسة .. بس بصراحة مقدرتش انجذب له .. يمكن انجذبت للشخصية فى حد ذاتها .. هو فعلا لبق وبيتكلم كويس .. ويمكن كمان دمه حفيف ..
سلمى بضحكة مسموعة : يبقى فيه أمل ..
تجاهلت علا جملة امها الأخيرة وقالت : هو صحيح ايه اللى حصل .. ياترى انكل نادر قاله انى رفضت .. ولا ايه .. اقصد مفيش حد فاتحنى منكم فى الموضوع ..
سلمى : أنا اصلا مقلتش لنادر عن اللى دار بينا ورأيك فيه ..
علا : غريبة .. يعنى هو مقلش حاجة ولا علق على المقابلة اللى زارنا فيها .. ؟!
سلمى : بصراحة لا .. بس أنا من رأيي متستعجليش فى قرارك .. أنا شايفة ان الراجل كويس ومناسب .. بس علشان يبقى عندك فكرة .. نادر قاللى انه مبيخلفش .. وهو ده سبب طلاقه من مراته..
علا وقد تفاجئت مما سمعت : معقول .. ؟!! .. سكتت علا للحظات ثم قالت : هو ده بقى السبب اللى مخليه عايز يتجوزنى ..؟
سلمى : مش فاهمة .. تقصدى ايه ؟
علا : اقصد انه بيدور على واحدة ارملة او مطلقة وعندها ولاد .. يعتبرهم بعد ما يتجوزها ولاده .. يعنى بيعوض ابوته اللى نقصاه مش اكتر ..
سلمى : لا يا علا معتقدش كده ابدا .. هو لما فاتح نادر عنك مكنش يعرف انك مطلقة .. او ان عندك ولاد .. يعنى كان عايزك لنفسك مش علشان اى غرض تانى ..
علا .. وقد شعرت بشيء من رضا النفس لما ذكرتها به سلمى : عموما افتكر ان الموضوع انتهى .. على الأقل من ناحيتى .. و اعتقد كمان من ناحيته .. والا كان سأل عن رأيي أو حتى فتح الموضوع مع أنكل نادر ..
سلمى : متستعجليش فى قرارك يا حبيبتى .. ولا تستعجلى فى الحكم على تصرفاته .. متعرفيش ايه ظروفه .. ولا بيفكر ازاى .. وربنا يقدم اللى فيه الخير ..

مضى يومان آخران .. خرجت علا من الشركة التى تعمل بها لتعود الى منزلها .. اقتربت من سيارتها حمراء اللون لتلاحظ ان بجوارها سيارة فارهة بيضاء ملاصقة لها بحيث انها لن تستطيع حتى ان تدخل من باب سيارتها .. فنظرت الى داخل السيارة التى كان زجاجها اسودا معتما .. فلم تستطع ان تعلم ان كان هناك احدا بداخلها .. ام لا ..

وقفت فى حيرة تنظر حولها ... لعلها تلاحظ احدا يقترب من تلك السيارة التى لا تنكر انبهارها بها ..

مرت دقيقتان ولم يقترب من محيطها احدا .. استشاطت علا غيظا وركلت عجل السيارة بقدمها لتفاجأ بنزول زجاج السيارة ويطل عليها محمد من نافذة السيارة بابتسامة وهو يقول : مين اللى بيخبط .. ؟
كانت مفاجأة علا كبيرة لدرجة انها نسيت غضبها وضحكت له وهى تقول : معقول .. مهندس محمد .. ؟ !!
محمد بجدية مفتعلة بعد ان ترجل من سيارته ووقف أمامها منحنيا : تحت أمرك علا هانم .. أؤمرى تجابى ..
ضحكت علا وهى تقول : طالما الكلام على تؤمرى تجابى .. فياريت من غير أوامر حضرتك توسع لى علشان اعرف اركب عربيتى .. ده اولا ..
محمد : وثانيا يا فندم ..؟!
علا : طبعا وجود حضرتك هنا مش صدفة .. فياريت اعرف سبب الزيارة الكريمة دى ..
محمد : لو تسمح لى مولاتى اجاوب على ثانيا قبل اولا ..
ضحكت علا : مولاتك ..؟!!
محمد : طبعا مولاتى .. فالأمر للملوك والأمراء .. وانتى أميرتى ومولاتى ..
علا : طيب يا سيدى .. اتفضل جاوب عن ثانيا قبل اولا ..
محمد : طيب يا ترى مولاتى شايفة ان ده مكان مناسب للاجابة ..؟
علا وهى تبتسم ابتسامة خفيفة عاقدة حاجبيها: تقصد ايه ؟
محمد : اقصد ان مولاتى تتكرم على وتقبل انى اعزمها على الغدا لإنى جعان جدا .. وبصراحة مبعرفش اجاوب ولا اتكلم وأنا جعان ..
ضحكت علا ضحكة ذكرته بضحكات سلمى ضحكة توضح انها أعجبت من خفة دمه : آه .. ده انت كده داخل على طمع ..
محمد بشيء من الجدية : أبدا والله .. بس فعلا انا عايز اتكلم معاكى .. كلام مهم فعلا .. وياريت مترفضيش .. صدقينى مش حتندمى انك عطيتينى ساعة من وقتك .. والكلام اللى حقولهولك ده ممكن يفرق معانا احنا الاتنين .. وممكن يفرق معاكى فى قرارك للطلب اللى طلبته ..
علا بابتسامة خجولة وقد تمكن منها الفضول لتعرف هذا الرجل : أوكى .. مفيش مانع ..

أسرع محمد بنشاط وتحرك بالسيارة الملاصقة لسيارتها قليلا حتى تستطيع ان تدخل الى السيارة .. ثم ترجل بسرعة منها واتجه الى الباب الآخر وفتحه لها وهو ينحنى مرة اخرى وهى تدلف للسيارة وتجلس برشاقة وهى تبتسم من حركاته وأفعاله التى حقا جعلتها تشعر بخفة ظله والتى نسيت معها رفضها الذى تسبب به طلته الأولى عليها ....

ركب الى جوارها وتحرك بسيارته التى كان انبهارها بها من الداخل أضعاف انبهارها بخارجها ..

شعرت انها حقا تركب طائرة .. وليس سيارة تسير على الأرض .. خصوصا عندما أغلق زجاج السيارة وادرار تكيفها وبدأت تستمع الى الموسيقى المنبعثة من كل جزء من السيارة فى نغمات اذابت وجدانها بعد ان قال لها : تسمح مولاتى انى اشغل حاجة تسمعها ..؟ فأومأت له برشاقة وهى لا تزال تستكشف بعينيها المنبهرة جنبات السيارة ..

مرت دقائق لا تعلم عددها علا وهى تستمع الى موسيقى عذبة جميلة .. لم تستمع اليها من قبل .. ولكنها عشقتها من ذبذبتها الأولى وتمنت ان لا تنتهى ..

كانت مغمضة العينين فى سكون وسلام .. وأخذ محمد ينظر الى وجهها الذى برغم حزنه البادى عليه و ذبوله الا انه يجذبه لعالم قديم يعشقه .. عالم كل النساء فيه هى علا .. اميرته التى أخذت قلبه من أول نظرة وقعت عليها عيناه ..
لم تنتبه علا الا على صوته وهو يقول : مولاتى .. وصلنا ..

وقبل ان تترجل من مكانها .. لا تعلم بأى سرعة وصل هو قبل ان تفتح باب السيارة .. ففتحه قبلها وهو ينحنى مرة أخرى لتترجل هى برشاقة وهى تقول بعد ان مالت برأسها قليلا : ميرسى ..

دلفا الى اعرق واغلى فندق بالمدينة .. ليجدا فى استقابلهما أحد مدراء الاستقبال .. استقبلا تحيته بابتسامة ثم سارا خلفه الى ان وصل الى ركن من اركان حديقة الفندق .. كان من الواضح انهم قاموا باستقطاع هذا الجزء لهما خصيصا وقد تزين بخيمة من الشيفون الابيض .. مفتوحة الجوانب بورود لم ترى علا مثيلا لها من قبل ..

ازاح محمد مقعدها لتجلس وهى تبتسم من الرقة التى يتعامل بها معها ثم جلس فى المقعد المواجه لها ..

اخذت علا نفسا عميقا ملأت به صدرها .. كان دافعها لأن تفعل تلك النسمات التى هبت من كل جانب محملة بعطور الورود من حولهما ..

لم يلبثا أن مرت دقيقتان حتى انبعثت من حولهما عزفا من فيولا .. يعزف عليها شاب وسيم بهى الطلعة .. وعزفا آخر لبيانوا ابيض .. ناصع البياض يقبع على بعد خطوات على يمين الطاولة .. تعزف عليه فتاة ترتدى فستانا ابيض ..

مرت دقائق كان محمد فيها صامتا .. ينظر الى علا ولا يحيد بنظره عنها .. وكانت هى معظم الوقت مغمضة العينين تسرح بخيالها فى ذلك الجو الشاعرى الذى تحياه .. ولم يخطر لها على بال ان تعيشه بعد يوم عمل شاق ..

كانت كل التدابير الذى اتفق محمد عليها مع الفندق تحدث بسهولة وإنسياب .. دون ان يضطر الى ان يقول او يطلب .. لحظات وجاء جرسون بمشروب .. لحظات أخرى وجاء الطعام يتقدمه شيف محنك يقوم بتجهيز طاولة الطعام حسب الأصول ..
انتبهت علا من شرودها فى الموسيقى والجو العليل على صوت محمد وهو يقول : مولاتى ..

اندهشت علا عندما وجدت أمامها طبقها المفضل .. وبجوارها على بعد خطوات شيف يقف بجوار طاولة عليها أنواع أخرى من الطعام والمقبلات والحلويات .. فابتسمت ابتسامة رضا ..
رد محمد : يارب يعجبك ..
علا وهى لا تزال منبهرة بما يحدث : أوى .. أنا بحب كل الأنواع الموجودة .. مش معقول تكون صدفة ..
ابتسم محمد ولم يعلق .. فقط قال : بونا بيتى مولاتى ..
علا : ميرسى .. حقيقى أنا جعانة جدا .. ثم بدأت تأكل بنهم .. وهو ينظر اليها بسعادة بالغة ..
مرت دقائق ولاحظت علا ان محمد لا يأكل .. كان ينظر اليها مبتسما وحسب .. فقالت باندهاش : الله .. انت ليه مش بتاكل ..؟
محمد : مش ممكن اضيع لحظات فى الأكل وأبعد بنظرى عن الوش الجميل ده اللى اسرنى من أول مرة عينى وقعت عليه ..
أحمر وجه علا خجلا وهى تقول : ياه للدرجة دى .. مكنتش اعرف انك رومانسى اوى كده ..
محمد : واكتر من الدرجة دى بكتير .. انتى متعرفيش يا علا انتى عملتى في ايه من ساعة ماشوفتك ..

شعرت علا بحرج من موقفها تجاهه .. لم تكن لتغير رأيها فى مسألة الارتباط به لمجرد ما فعله .. أو لمجرد انه خفيف الظل وصاحب روح مرحة .. وكريم ورومانسى ..

انتبهت علا الى انها وهى تفكر فى حرجها من ان تبلغه رفضها الآن أو بعد ذلك الى انها تعدد مزايا كثيرة له .. ففعلا محمد يتمتع بمزايا أكثر بكثير من كونه غير وسيم أو صاحب طول عادى او به بعض الصلع .. تشعر ان كل ما تذكره من اسباب رفض لا تعيب الرجل .. محمد به مزايا تتمناها أى امرأة فى العالم .. وأهمها هذا الحب الجارف الذى تراه فى عينيه وفى تصرفاته .. محمد اذا رغب بالزواج فبالتأكيد سوف يجد آلاف النساء يركضن ورائه .. ويرتمين أسفل قدميه .. لكنه احبها هى .. اختارها هى .. فلم لا .. خصوصا وهى لا تشعر الآن بأى نوع من النفور منه .. بل على العكس .. هى تشعر وكأنها تعرفه منذ زمن .. يتعامل معها ببساطة ورومانسية ورقى يأسر به وجدانها ومشاعرها .. ربما تشعر الآن باحترامه أو تقدير ما يقوم به من اجلها .. ولكنها تشعر انه حتما مع الوقت سوف تتحرك مشاعرها تجاهه .. فلم لا .. لم لا تعطى نفسها وتعطيه فرصة .. ولو فترة خطوبة .. فهو شخص من الصعب خسارته ..
تفاجئت علا عندما قطع عليها محمد شرودها وهو يقول : علا .. سكت للحظة ثم اردف : اسمحيلى ارفع الالقاب ..
أومأت علا برأسها موافقة .. فأكمل محمد : انتى ليه رافضانى ..
لم تجد علا كلمات وقد تفاجأت بتغيير نبرة محمد وقد دخل فى لب الموضوع دون مقدمات .. فقالت : مين اللى قالك ..
محمد : محدش قاللى .. أنا قريت ده فى عنيكى يوم مازرتكم ..
علا : بس انت مسألتش علشان تعرف رأييى ..
محمد : مش بقولك انى قريت ده فى عنيكى .. بس عموما أنا يهمنى انى أعرف اسباب الرفض .. بس لو سمحتيلى اتكلم عن نفسى وعن حياتى قبل ما أعرف الاسباب .. يمكن ده يديكى فرصة افضل فى تحديد قرارك ..
قاطعته علا : أنا فعلا يمكن بينى وبين نفسى كنت رافضة .. يمكن لاسباب تتعلق بي أنا .. انت الف واحدة تتمناك .. لكن أنا يمكن مش جاهزة انى اخوض تجربة الجواز مرة تانية .. أنا يا باشمهندس عشت تجربة قاسية جدا .. ومحتاجة وقت انى اخرج من آثارها ..
محمد : أولا .. ياريت نرفع الألقاب .. وتنادينى محمد زى ما رفعت انا الألقاب وقلت لك علا .. ثانيا .. خدى الوقت اللى يريحك .. أنا مش مستعجل .. أنا كل اللى يهمنى انك تكونى لي فى النهاية .. أنا ياعلا عشت برضه تجربة صعبة .. يمكن أصعب من تجربتك .. ومخرجتش منها الا لما شوفتك .. حالى اتغير من النقيض للنقيض .. أنا عشت خمس سنين جواز دقت فيهم كل انواع العذاب من الست اللى كنت متجوزها .. مش عارف اذا كان نادر قالك انى عقيم ولا لأ .. بس دى أول حاجة كانت معذبانى .. كانت نقطة ضعفى كراجل وسبب مشاكل مع طليقتى وأهلها .. ويا ريت المشكلة كانت واقفة عندها هى وبس .. لكن للأسف أهلها كمان كانوا بيعينوها على ودائما بيحسسونى بعجزى انى راجل مبخلفش .. مع ان ده شيء مش بأيدى .. كنت فارش لها هى وأهلها الارض حرير وبتمنى ليهم الرضا يرضوا .. غرقتهم فلوس ومجوهرات واراضى وفلل بأساميهم .. لكن للأسف كل ده مشفعليش عندهم .. لغاية ما وصلت فى النهاية انى اكتشفت خيانتها اللى نوت عليها مع ابن خالتها لما حاولت تتفق معاه انه يعشرها علشان تخلف .. وفى النهاية توهمنى ان الطفل منى وتكتبه بإسمى .. لكن لولا ان ابن خالتها طلع راجل عنده ضمير وسجل لها وسمعت كل كلمة قالتهاله .. كان زمانى رجل مخدوع بربى إبن غيرى .. وكمان يورثنى هو وهى وأهلها .. أنا يا علا راجل معندهوش أهل ولا وريث .. أهلى ماتوا وأنا فى اعدادى .. أمى وابويا واختى ماتوا فى حادث .. مكنش فيه جنبى غير ربنا سبحانه وتعالى .. وبعدين ولاد الحلال من الجيران اللى وقفوا جنبى .. صحيح ابويا ساب لى المصنع ده .. بس ايامها كان مصنع صغير جدا .. .. مكنتش بنام باليومين والتلاتة علشان اقدر ازود الانتاج واشترى الأرض اللى حواليه علشان اوسعه لغاية ما بقى أكبر مصنع فى البلد .. ويبقى له فروع فى اكتر من بلد .. انتى متخيلة يعنى ايه ولد فى الاعدادى يكافح لوحده سنين علشان يوصل للى وصلتله ..

استمعت علا لقصة حياته المؤلمة وكفاحة الرائع فيها .. تألمت من تجربته القاسية مع زوجته واهلها .. تعاطفت معه بشكل كبير .. اصبحت تراه بعين أخرى .. شعرت انها امام قامة كبيرة .. أمام رجل بمعنى الكلمة .. رجل من صغره .. منذ مات افراد اسرته مرة واحدة .. رجل تحمل خيانة من اقرب الناس اليه دون ان يرتكب حماقة الانتقام المهلك .. فتى تقمص دور الرجال لسنوات بمفرده حتى يصل الى مبتغاه لهو جدير بالاحترام والاحتواء .. بل وربما الحب ..

لم تجد علا كلمات تقولها له .. ومن هى حتى تواسى رجل فى حجمه .. ولكنها تنهدت وهى تقول : ياه كل ده عشته يا باشمهندس ..
محمد : مش قولنا نشيل الألقاب ..

صمتا للحظات كانت علا شاردة فى قرارها الذى تقريبا قد حسمته .. وكان محمد ينظر اليها هائما فى جمال قسمات وجهها .. ولكن قطع الصمت صوت تليفونها .. نظرت الى شاشته لتجد ان سلمى هى المتصل .. فقالت وهى تفتح الخط : أكيد كريمة اتصلت بماما تسأل علي عندها لما لقتنى اتأخرت ..
علا: أيوة يا مامى ..
سلمى : علا حبيبتى .. انت فين .. كريمة اتصلت بتقول انك لسة مرجعتيش البيت ..
علا : فعلا .. أنا لسة بره .. حكلمها حالا يا مامى ..
سلمى : طيب طمنينى عليكى يا قلبى .. انتى كويسه ..
علا : مامى .. أنا بكلمك أهو .. مفيش حاجة ..
سلمى : طيب ايه الى أخرك كده ..؟
علا : مامى .. اطمنى .. انا بخير .. حكلمك لما أوصل البيت .. ثم لم تعطها فرصة لمزيد من الاسئلة وهى تقول : ياللا باى يا روحى ..
أغلقت الخط ثم توجهت لمحمد بالكلام : ميرسى يا باش ... ثم ابتسمت وهى تقول : أقصد ميرسى يا محمد على الغدا الرائع ده .. حقيقى كنت محتاجة الساعتين دول اقضيهم فى الجو الجميل والتنظيم المدهش ده .. خصوصا الموسيقى ..
محمد : لو تحب مولاتى .. أنا ممكن كل يوم أجهز لها مكان وجو أحلى من النهارده ..
ضحكت علا ضحكتها الجميلة التى لم تضحكها منذ زمن : مولاتك تتمنى .. بس زى م انت شايف ورايا آدم وزين ..
اغرورقت عيناه بدمع خفيف وهو يقول : حبايب قلبى .. نفسى أشوفهم .. ربنا يخليهملك وتشوفيهم أحلى وانجح الناس ..
علا بتهيدة : يارب ..

استقام محمد واقفا بمجرد ان وقفت هى .. اصطحبها الى السيارة .. ركبت جواره تفكر فى اليوم الجميل .. وفى الخطوة التالية .. كانت تنتظره ان يتكلم .. ان يسألها عن رأيها الآن .. ولكنه لم يفعل .. وصلت الى سيارتها .. ولكنه فاجئها وهو يفتح لها باب السيارة يقول : علا .. يهمنى جدا انك تعرفينى قبل ما تخدى قرارك النهائى فى طلبى .. ياترى لو عزمت الاسرة على العزبة الجمعة الجاية .. ياترى حتيجى ولا حتكسفينى ..
علا بابتسامة : الله عزبة وزرع بقى وحيوانات والكلام ده .. طبعا حاجى .. ده أنا بعشق الريف أوى ..

شعر محمد بسعادة تغمره .. فابتسم ابتسامة امتنان لها وهو يقول : شكرا .. بجد شكرا على انك سمحتيلى بالوقت الجميل ده معاكى .. وشكرا على قبولك لزيارة المزرعة .. حكلم نادر واتفق معاه ..
علا برقة : اوكى .. أشوفك الجمعة باذن الله .. ثم فتح لها باب سيارتها لتدخلها وتنطلق الى بيتها .. وقد أخذت قلبه معها ..
------------------------------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-21, 12:20 AM   #46

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الرابع والعشرون

ما بعد البداية

الفصل الرابع والعشرون (اليأس المهلك)

دخل أدهم الى الحجرة يلقى عليها النظرة الأخيرة هو وأولاده .. ماتت سيلفى زوجته الأمريكية الأولى بعد صراع مع المرض .. تواصلت معه عندما أخبرها الأطباء أنها لم يتبقى لها سوى شهور قليلة .. خافت أن تترك ابناءها لمصير مجهول بعد موتها .. فلم تتردد فى ان تخبر أدهم كى يأتى الى امريكا من أجل ان يرعى ابناءهم بعد وفاتها ..

انتهت مراسم الدفن .. ومكث أدهم بأمريكا مع ابنائه تصاحبه زوجته ليندا لمدة شهرين حتى انهى جميع متعلقاتهم بامريكا وعاد بهم الى القاهرة ليستقروا جميعا بها حيث عملهم بشركتهم التى تم تأسيسها منذ سنتين بجميع شروط ليندا .. وعمل أدهم بها موظفا .. لكنه كان لا يزال يتمتع بمميزات تغدقها عليه ليندا كى تستطيع الاحتفاظ به فى حياتها .. فليندا كانت حادة الذكاء تعلم جيدا كيف تدير جميع أمورها .. وكان أدهم أيضا ذكيا بما يكفيه ان يحصل على الأموال التى تساعده فى استمرار التمتع بعربدته التى تعلمها ليندا جيدا .. وترى انها المتنفس الوحيد له والذى بدونه قد يفلت زمام الأمور منها ويتركها أدهم إذا ضيقت عليه من جميع الاتجاهات .. وبالرغم من حزن ليندا على سيلفى جارتها وصديقة عمرها الا انها كانت تشعر بسعادة انها قد تركت لها طفليها لتمارس بهما دور الأم الذى حرمت منه سنين عمرها .. علم أدهم ان أولاده بالنسبة له ورقة ضعط رائعة على ليندا .. فهو يعلم مدى حاجتها لممارسة دور الأم .. وليس أمامها سوى طفليه لتقوم بهذا الدور .. لطفلين احبتهما حبا شديدا منذ ان ولدا على يديها ومكثت معهما سنوات حتى تركت امريكا وجاءت الى القاهرة لتتزوج بأبيهم .. تلك السنوات وان كانت قليلة الا انها بالنسبة لها حياة .. وهاهى الفرصة عادت لها مرة أخرى .. فيجب عليه ان يستثمر هذا جيدا .. كانت خطته الأولى هى اقناعها ان تتفرغ هى لتربية الأولاد ويتفرغ هو لإدارة الشركة ..

عادوا جميعا للقاهرة واستقروا فى فيلا فى أحد كمباوندات مدينة السادس من أكتوبر ..

قررت ليندا ان تأخذ أجازة من الشركة لترتيب أمور الطفلين فى بداية حياتهما بمصر .. ولكنها تركت ادارة الشركة للمدير المالى حتى تضمن عدم تدخل أدهم فى الأمور المالية للشركة مما أثار حنق وغضب أدهم من هذا القرار عندما علم به ..

دخل أدهم بعد يوم عمل شاق قضاه مع العملاء لتسويق فيلات فى إحدى منتجعات الشركة فى سواحل البحر الأحمر .. ألقى بمفاتيحه والموبايل على احدى الطاولات بجوار مقاعد الأنتريه واستلقى بجسده على أحد المقاعد وهو يفرك وجهه من التعب .. فى حين كانت ليندا تجلس مع الطفلين تداعبهما ..
ليندا : هاى أدهم هبيبى .. أنت كويس ..
أدهم وهو يمسح على شعر رأسه : كويس ليندا .. بس مرهق شوية من مقابلات العملا الكتيرة النهاردة .. سكت للحظات ثم قال : صحيح ليندا هو مش المفروض انك لما تاخدى أجازة أقوم أنا مكانك بإدارة الشركة .. هو مين اقرب لك أنا ولا الاستاذ شوقى المدير المالى .. بصراحة انتى حطتينى فى موقف بايخ النهاردة لما روحت مكتبك ولقيت الاستاذ شوقى قاعد مكانك .. وقاللى على القرار اللى نزلتيه بأنه حينوب عنك فى الأجازة ..
ضحكت ليندا وهى تقول : ألا فكرة أدهم أنا قلت لك امباره القرار ده .. بس انت كنت راجأ سكران زى كل يوم .. وبعدين مين يقوم بشغلك هبيبى أدهم .. انت ناسى ان فترة دى أهم فترة فى تسويق .. انت نفسك لسه قول مجهد من مقابلات عملا .. اهنا لازم بيأ كل فيلات كومبوند اشان ابتدى مشروأ جديد أدهم ..
أدهم : بصراحة ليندا شغل التسويق ده مش من مقامى .. الناس فى الشركة فاهمة اننا شركا .. وبعدين شغل التسويق ده محتاج مجرد شباب صغيرين مش مهندس كبير زيي ..
ليندا بصرامة : انت شاطر فى تسويأ أدهم وأملت شغل هلو كتير .. اسمأ أدهم .. اهنا مش هإيد مناقشة فى موضوء ده تانى .. اهنا كلمنا قبل كده واتفقنا .. تهب اقول لحكمت تهضر أشا أدهم ..
نظر لها أدهم شذرا من الغضب الذى اجتاحه من ردها وهو يقول : لا ليندا .. مش عايز اتعشى .. اتعشى انتى والولاد .. ثم هم بالوقوف ليدخل حجرته وشياطين الدنيا تتلاعب أمام عينيه .. جلس على طرف السرير واضعا وجهه بين كفيه ثم قام بفرد ذراعيه ليتكأ بهما على طرف السرير ويشرد فى حياته مع ليندا منذ تزوجها .. لقد اصبحت حياته أصعب مما كان يخطط له عندما تزوج تلك العجوز .. أو بالأحرى عندما أجبرته ظروفه السيئة بعد الانفصال عن سيلفى ورجوعه الى مصر أن يقبل الزواج من ليندا .. تذكر للحظات مقابلته مع عبد القادر ورفض عبد القادر مساعدته وقتها .. فقال فى نفسه : الله يسامحك يا عبد القادر .. لو كنت وافقت تساعدنى مكنتش لجأت للجواز من الشمطاء دى اللى بتتحكم فى كل حياتى .. وكما يفعل فى كل مرة .. عاد من جديد يفكر فى حياته والتى يحاول جبر كسرها امام جبروت ليندا وقوة شخصيتها .. عامان عاشهما وهو يعمل لديها بالشركة عمل السخرة .. لا يجد منها سوى اوامر صارمة فى العمل .. اكتشف انه يعمل بالفعل بالسخرة .. شعر بالقهر بعد ان كان طموحه ان يستولى على الشركة وارباحها مقابل ما يعطيها من شبابه .. وفى نفس الوقت وجد نفسه يخاف ان يأخذ قرارا بالضغط على ليندا باستخدام ورقة حبها لأطفاله .. فربما خسرها وخسر معها استقراره واستقرار ابنائه .. فهو يعلم جيدا انه بدونها وبدون ما توفر له من عمل محترم وأموال للعب القمار والعربدة .. وان كانت قليلة .. الا انها كافية لأن يعيش حياة مستقرة هو وابنائه .. لكن هى قصة النفس والشيطان اللذان يدفعانه دفعا لتلقى المزيد .. بل كل شيء .. فتلك العجوز ليس لها سواه .. هو من سيرثها ويرث قدر من الأموال لا بأس به وأيضا شركة أصبحت فى غضون عامان كبيرة فى مجال هو يفهم فيه جيدا .. ولكن ليندا لازالت تبدو بصحة جيدة .. وربما توافيه المنية قبلها .. اذا لابد أن يجلب لها الموت الى عتبتها .. ولكن كيف .. كيف ينهى حياتها دون ان تنكشف جريمته .. لابد ان يختار طريقة لقتلها لا يستطيع احد ان يشك بها .. ولا يستطيع احد ان يثبت انه قد قام بقتلها .. لابد ان يبدو موتها طبيعيا .. خصوصا انها امرأة عجوز .. ومن الوارد ان تموت فى أى لحظة ..

طمئن نفسه كثيرا .. لن يكتشف احد انها قتلت . سيبدو الأمر موتا طبيعيا .. لكن الآن ليس امامى سوى ان اقرر الطريقة .. طريقة القتل التى لا يكتشفها أحد .. وان اكتشفت وهذا على أسوء الظروف .. لا يشك أحد باننى من قتلتها ..

بدأ أدهم يشاهد على اليوتيوب .. ويبحث عن طرق القتل الأكثر دهاءا .. قضى أسبوعا .. سبع أيام ليس له شغل يشغله سوى مشاهدة فيديوهات لقصص قتل لم يتم اكتشافها سوى عن طريق القتلة الفاعلين لها ..

أخيرا استقر أدهم على طريقة للقتل والتى تعرف بالقتل طويل المدى .. حيث أنه قد قرر أن يقوم بامداد ليندا بجرعات صغيرة من السموم .. التى مع الوقت تؤثر على عضلة القلب وتضعفها ثم يأتى اليوم الذى ينتهى فيه قلبها ويتوقف تماما عن العمل .. وبالفعل حدد نوع السم الذى لن يقوم بشرائه بنفسه وتلك أول النقاط الهامة فى سلسلة النقاط التى يجب أن تؤخذ جيدا فى الاعتبار .. والتى ان تجاهل احدها فإن نسبة توجيه الاتهام له ترتفع .. ثم حدد من الذى يقوم بتقديم الجرعات لها دون ان يدرى أحد بأمر جريمته .. ثم أخذ يعدد فى نفسه ويحدد طريقة ووقت التنفيذ .. وفى النهاية تموت ليندا .. او بالأصح تقتل .. ولا يتم اكتشاف أن سبب موتها جريمة قتل متقنة من قاتل شديد الذكاء والحرص ..

قام أدهم بشراء كمية من السم الذى تم تحديده لقتل ليندا من الاسكندرية فى أحد سفرياته للقاء مجموعة من العملاء .. إختار كافيه بالقرب من احدى الصيدليات وطلب من احدى ندل الكافيه ان يذهب ويشترى له السم من الصيدلية .. فذهب النادل الى الصيدلية دون ان يعرف انه سوف يقوم بشراء سم يقتل على المدى الطويل اذا استخدم بجرعات صغيرة كل يوم ..
بجانب عدة انواع من الأدوية تأخذها ليندا قبل النوم .. قد اعتادت ان تشرب اللبن قبل النوم يوميا .. وكانت تضع باللبن بعض نقاط منوم وصفها لها الطبيب حيث انه من المعروف ان كبار السن يجدون صعوبة فى النوم ..

راقب ادهم عدد النقاط التى كانت تضعها ليندا على كوب اللبن يوميا .. فعلم انها تضع خمس نقاط .. وقام بتخفيف السم الى الدرجة التى يكون معها استخدام خمس نقاط آمنا يوميا ولكنه على المدى الطويل يؤثر على كفاءة القلب .. متمنيا ان يأتى عليها يوما تتفاجأ فيه بأزمة قلبية تودى بحياتها بعد ان يأتى السم بمفعوله ..

لذا قام ادهم بتفريغ نصف محتوى المنوم ووضع مكانه السم المخفف .. واستمرت ليندا تأخذ نقاط المنوم المخلوط بالسم كعادتها .. ولكن الذى لم يعمل حسابه انها قد وجدت صعوبة فى النوم فى الأيام الأولى لتناول اللبن مخلوطا بجرعات السم القليلة فتحدثت مع طبيبها الذى نصحها بمضاعفة عدد النقاط .. ولم يمضى سوى ثلاثة أيام أخرى حتى فاجأتها أزمة قلبية حادة من تأثير السم الذى تضاعفت كميته دون أن يدرى أدهم ..

استدعت الخادمة الاسعاف حيث انها كانت هى وليندا فقط فى البيت وكان ادهم بالشركة والطفلين فى المدرسة .. وبأعجوبة تم انقاذ ليندا التى عاشت تجربة الموت المحقق ..

ظلت ليندا فى البيت يومين تفكر فى هذا التدهور المفاجئ لصحتها .. فتلك المرة الأولى التى يحدث لها أزمة قلبية .. ولإن من طبعها الشك .. فقد فكرت بأن هناك أمرا غير طبيعيا .. فهى وبالرغم من انها كانت تعانى من عدة امراض .. لكن لم يكن من بينها اى امراض تتعلق بالقلب أو الدم .. لذا تحدثت مع طبيبها .. وطلبت منه عمل تحاليل وفحوصات لتطمئن على نفسها .. وبالفعل قامت بعمل الفحوصات اللازمة .. فلاحظ الطبيب ان هناك نسب فى املاح معينة زائدة بطريقة غير منطقية ..طلب الطبيب المزيد من التحاليل التى اثبتت تناول ليندا لعقاقير لم يقوم بكتابتها لها .. لذا طلب منها احضار جميع الأدوية التى تأخذها لفحصها .. وفى النهاية تبين له بمساعدة احدى المعامل الصيدلية ان المنوم يحتوى على نوع معين من السموم ..

عندما أخبر الطبيب ليندا بالأمر .. لم يستغرق الأمر منها طويلا لتحديد الجانى .. فأدهم هو الشخص الوحيد المستفيد من موتها .. لذا كانت لديها فرصة ذهبية لتتخلص من أدهم بتهمة الشروع فى قتلها وأن تضم ابنائه اليها وهذا منتهى ما تتمنى بعد ان وصلت للعمر الذى لا ترجو من وراء الزواج شيئا ..

لم تتردد ليندا لحظة فى ان تقوم عن طريق محاميها بتقديم بلاغ فى زوجها وتوجيه تهمة الشروع فى قتلها .. وبالطبع كانت كل الاتهامات والأدلة تشير اليه .. خصوصا انها قد استعانت بسفارتها الأمريكية فى الأمر .. فقامت الدنيا ولم تقعد ليواجه أدهم مصير الحبس لخمسة عشر سنة مع الشغل والنفاذ .. حاول عبد القادر الوقوف مع أدهم بكافة الطرق .. ولكن للأسف لم يستطيع مجموعة المحامين الذى استعان بهم عبد القادر ان يفعلوا شيئا أو حتى يخففوا الحكم ..

مر حوالى شهران كانت خلالهم قد تأثرت صحة ليندا بالسم الذى وصل الى دمها .. و خلال هذين الشهرين دخلت اكثر من مرة فى غيبوبة .. لذا طلبت عبد القادر عندما شعرت انها قد تفارق الحياة فى أى لحظة .. اوصته على الطفلين فهما فى النهاية من دمه .. وليس لهما فى الدنيا سواه ..
ماتت ليندا بعد ان كتبت كل ما تملكه لطفلى أدهم وسيلفى ..

عاد عبد القادر الى قصره بعد دفن ليندا التى قد اوصت بأن تدفن فى مصر .. ظل بمساعدة اجلال ومن فى البيت يهونا الأمر على اليكس ولارا أولاد أدهم حتى استطاعوا ان يخرجوهم من الحزن المتوالى على الطفلين ..

قرر بعد ذلك ان يقوم بزيارة أدهم ليخبره عن وفاة ليندا وان يطمئنه على طفليه اللذان قد انتقلا للعيش معه هو واسرته ..

.. فى البداية رفض كعادته مقابلة عبد القادر .. كانت حالة أدهم يرثى لها فلم يرغب ان يراه أحد فى حالته تلك .. خصوصا عبد القادر .. ولكنه وافق عندما تحدث معه عبد القادر تليفونيا وأخبره بوفاة ليندا ..

إلتقيا .. فطمأنه على ابنائه .. ثم أخذ يلومه على ما فعل بليندا وبنفسه وطلب منه تفسيرا لما قام به .. وكيف هانت عليه نفسه وهانت عليه ليندا ليقوم بتدبير قتلها .. وما دوافعه لذلك ..
أخبره أدهم بالمأساة التى عاشها مع ليندا .. أخبره ان لا أحد سوف يشعر بمعاناته الا من عاشها مثله .. معاناة ان تتزوج امرأة قد تخطت الخامسة والستون وتقترب من السبعون وتتمتع بشخصية قوية مثل ليندا .. أخبره بأنه كان يعانى من ديون القمار التى دفعته للتخطيط لقتلها حتى يستولى على اموالها ويسدد تلك الديون .. أخبره انه الى الآن يهاب خطورة الموقف ويخاف على نفسه من انتقام الديانة الذين قد يقومون بقتله داخل السجن .. كما يخاف على ابنائه من ان يقومون بالانتقام منه فيهم ويقومون بأذيتهم او خطفهم لتهديده بهم .. أخبره ان نادر المحامى هو الوسيط بينه وبين أصحاب الديون ..

وبالرغم من تعنيفه له الا انه شعر مرة أخرى بتأنيب الضمير تجاه أدهم .. فسلوكه معه من قبل ان يتزوج ليندا هو من دفعه الى هذا الطريق .. وبالرغم من انه قرر من الوهلة الأولى بعد علمه بأمر ديون ادهم انه سوف يسددها الا انه لم يخبره بذلك .. وفى نفس الوقت كان يشعر بالخطر المحيط به وبأسرته وبأولاد ادهم اللذين اعتبرهما مثل ابنائه .. فلم يشعر بنفسه الا وهو يلوم ادهم ويلعنه ..

كان المبلغ كبير للحد الذى شهق فيه عبد القادر عند سماعه .. فهو قد اقترب من المليون جنيها .. ولكنه كان مجبرا على سداده حتى يستطيع ان يهدأ باله تجاه أمن وأمان ادهم من جهة واسرته من جهة أخرى ..

غادر عبد القادر السجن وترك أدهم فى لهيبه وحيدا ينعى حظه التعس ويعانى ويلاته خصوصا وهو مدمن للخمر وحرمانه منه ومن لعب القمار وان كان علاجا .. إلا انه علاج صعب على نفسه وبدنه .. بالاضافة الى الخوف والذعر الذى يعانيه ليل نهار من القتل على ايدى من يسألونه امولا ..
فى طريق العودة آثر عبد القادر ان ينهى أمر دين أدهم فى الحال .. .. فطلب عبد القادر نادر المحامى وأخبره انه فى الطريق الى مكتبه .. حرر له شيك بمبلغ الدين وطلب من نادر ان يتواصل مع الديانة .. استلم نادر الشيك من عبد القادر واتصل امام عبد القادر بأحدهم وطلب منه زيارته حتى يقوم بتسليمه مبلغ الدين ..

--------------------------------------------------

عاد عبد القادر الى بيته بعد ان انهى مهمة سداد دين أدهم وقد شعر براحة ضمير لحد ما .. اعتقد انه قد كفر عن ذنبه فى حق ابن عمته يوم أتى إليه وطلب مساعدته ويومها نهره وكسر بخاطره ..

دخل الى القصر وكان الجميع جالسا يتحدثون فى أمور الحياة .. وكانت اجلال تطعم كريم وحولها آية وابناء أدهم يشاهدون الصغير وهو يأكل ويحاولون مداعبته و إلهائه كما طلبت منهم اجلال حتى يمكث كريم على حجرها و ينتهى طعامه .. فهو وقد صار عمره سنتان يعافى الطعام ويفضل عليها اللهو واللعب معهم ..

جلس عبد القادر منهكا على احدى المقاعد بعد ان ألقى عليهم السلام ..

اسرعت آية الى حضنه فضمها من ظهرها وهى تنظر الى الجميع امامها وكأنها تشعر بالغيرة والوحدة من وجود ألكس ولارا معهم فى البيت .. لقد اقتحموا حياتها دون سابق انذار .. لم يسألها أحد عن رأيها فى ان يشاركوها حب واهتمام ابيها وباقى اسرتها وخصوصا اجلال .. كانت تنظر اليهم على انهم دخلاء على هذا البيت .. خصوصا انها تجد صعوبة فى التفاهم معهم بلغتهم التى لا تتقنها .. بدأت تعيش معاناة جديدة .. وللأسف لم يشعر بها أحد .. فالأحداث توالت وفجأة وجدت نفسها فى هذا الوضع الجديد .. وبالطبع أثرت هذه الأحداث على اهتمام اسرتها بها .. فبعد ان كانت تشعر انها الملكة المتوجة فى هذا البيت والكل يسعى لإرضاءها .. قل الاهتمام بها ولو قليلا منذ ان جاء كريم للدنيا .. ربما لم تشعر بهذا النقص فى حياتها آنذاك لأن وقتها كانت اجلال حريصة على ان لا تشعرها بأى نقص أو خلل فى العلاقة بينها وبين من حولها .. لانها أهلتها الى استقبال الوضع الجديد فى وجود أخيها .. لكنها مع ألكس ولارا الوضع يختلف .. فهم قد جاءوا الى مملكتها فجأة بدون أى مقدمات .. وهما أكبر من كريم الذى تعتبر نفسها مسئولة عنه كما عودتها اجلال وادخلت فى يقينها هذا الأمر .. لذا أصبحت آية تشعر بالغيرة من ألكس ولارا .. فكلاهما أيضا لم يمهدهم أحد من قبل للتعامل مع من هم مثلها .. فكانوا ينظرون اليها على انها مختلفة عنهم .. وكم كان هذا يؤثر فى نفسها .. ويجعلها تشعر تجاههم بنفور ..

لم يلاحظ أحد ما يجول بخاطر أو ذهن آية .. فالكل كان مشغول بمواساة والضحك مع هذين اليتيمن الذى تدهورت بهما الأحوال فى غضون أشهر قليلة بعد ان كانا يعيشان مع امهما حياة مستقرة بأمريكا .. ثم يفقدوا امهم ويأتوا ليعيشوا مع ابيهم الذى انقطعت صلتهم به منذ فترة ويعيشوا ايضا مع زوجة ابيهم فى بلد آخر .. تركوا اصدقاءهم ومدارسهم .. يعيشون الآن ببلد لم يتعودوا عليه من قبل ويختلف اختلافا كبيرة عن بلدهم الأصلى فى كل شيء .. وفى الوقت الذى بات وشيكا لهم ان يعودوا للاستقرار من جديد بعد ان لمسوا عطفا وحنانا من ابيهم وزوجته الأمريكية والتى تتمتع بنفس ثقافتهم .. فى هذا الوقت ماتت تلك المرأة التى كانت عوضا لهم عن امهم .. ثم يحرموا من ابيهم الذى ألقى فى السجن .. ليجدوا انفسهم وسط عائلة لا يعرفونها .. عائلة تختلف عنهم فى كل شيء .. ولكن عزاءهم انهم لمسوا منهم حب وود غير عادى .. عوضهم ولو قليلا عما مروا به من آلام وأحزان لا يقوى قلبهم الصغير على تحملها ..

نام كريم على صدر امه .. ونام ألكس ولارا .. وظلت آية مستيقظة وقد عودتها اجلال منذ زمن على ان تحكى لها قصة فى سريرها قبل النوم ..

اقتربت اجلال من آية وهى تضم رأسها الى صدرها وهى تقول : آية حبيبتى ياللا بينا احكيلك القصة علشان تنامى يا روحى ....

فوجئت اجلال بها تشيح بوجهها من صدرها وترتمى مرة أخرى فى حضن ابيها .. إلتفت الجميع لما تفعله آية .. لم يصدق أحد ما فعلته .. ولكن هناك ضوء أضاء فى عقل اجلال بسرعة .. فى لحظات علمت سبب غضب آية منها .. فجلست على عقبيها امامها تمسك بيدها وهى تقول : آية حبيبتى .. انتى زعلانة منى .. لم تلتفت اليها آية .. ولم تنظر لها .. ولكنها هزت كتفيها معلنة عن رفضها الحديث معها ..

لم تيأس اجلال كادت تتكلم مرة أخرى ولكن سبقها عبد القادر الذى قرأ الموقف كما قرأته اجلال : آية حبيبتى .. فيه حد يتعامل مع مامته حبيبته بالشكل ده .. انتى زعلانة حبيبتى علشان مامى مشغولة عنك شوية ..

اومأت آية برأسها توافق ابيها فيما قال .. فأردف : طيب هو مين هنا أكبر انتى ولا ألكس ولارا .. المفروض انك انتى الكبيرة .. يعنى انتى اللى المفروض تساعدى مامى فى تربية الولاد دول .. مش انتى بتساعديها فى تربية كريم .. كمان الكس ولارا إخواتك اللى اصغر منك وكلنا محتاجين انك تساعدى مامى وهى بتربيهم ..

لم تستوعب أو تتقبل آية هذا المنطق .. فكريم اخوها الذى عاشت معه حتى من قبل ولادته .. وقام الجميع بتمهيد الأمر لها .. لذا فهى تتقبله ولا تعترض على اهتمام الجميع به .. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لألكس ولارا .. لذا لم ترد عليه ولم تتجاوب مع ما قال .. فتدخلت اجلال تقول : آية حبيبتى .. ممكن تسامحينى انى انشغلت عنك شوية .. وأوعدك ان ده مش حيتكرر ..
لمست كلمات اجلال قلب آية فارتمت فى احضانها .. لتصحبها اجلال الى حجرتها وقررت أن يكون علاج الأمر معها عمليا .. قررت أن ترتجل لها قصة اليوم تلامس فيها طبيعتها الطيبة النقية .. مما يجعل قلب آية يرق لظروف الكس واخته .. وترتبط بهما عاطفيا ..

غفت آية على تعاطف شديد لأبطال القصة التى روتها لها اجلال .. فهكذا هى قلوبهم أصحاب متلازمة داون .. بيضاء .. لا تتحمل أن تحمل الشحناء أو الضغينة لأحد .. فبأبسط العلاجات والكلمات يمحى من داخلها أى غضب يمس قلوبهم ...
دخلت اجلال الى حجرتها .. فبادر عبد القادر يسألها : نامت ..؟
اجلال : أيوة يا حبيبى ..
عبد القادر : معلش يا اجلال .. عارف انى بتعبك .. وجود الكس ولارا المفاجأ حيضاعف مجهودك مع الولاد .. بس ..

قاطعته اجلال بابتسامة وهى تضع اصابعها على شفتيه : حبيبى ايه الكلام اللى بتقوله .. الولد والبنت ملهمش ذنب فى اللى بيحصل .. وبعدين فى النهاية دول دمك .. يعنى حنرميهم .. هما دلوقتى ملهمش حد غيرنا فى الدنيا .. مش عايزة اسمع الكلام ده مرة تانية .. وبعدين ايه المشكلة .. طول عمرى بحلم بعيلة كبيرة .. كان عندنا عصفورين وربنا بعتلنا اتنين كمان .. فيه احلى من كده عطية من رب العالمين .. الحمد لله يا حبيبى ..
ضمها اليه عبد القادر بحنان وهو يقول : انتى أكبر نعمة من المولى سبحانه وتعالى .. مش عارف من غير وجودك فى حياتى كنت حعمل ايه .. اللهم لك الحمد ..
اجلال : ولا يحرمنا منك أبدا يا حبيبى .. سكتت للحظة ثم قالت : قوللى يا حبيبى .. زرت ادهم النهاردة ..؟
عبد القادر بتنهيدة : أيوة ..
اجلال : وايه أخباره .. عامل ايه ..

حكى لها عبد القادر عما دار بينه وبين ادهم .. وعن موضوع الديون وما تم فيه .. فقالت اجلال : ربنا يجازيك خير يا حبيبى .. اعتقد ان ادهم كده حيكون ارتاح شوية لما طمنته انك حتدفع ديونه .. بصراحة كفاية عليه الحبس اللى هو فيه .. مش حيبقى حبس وذعر من ان الناس دول يأذوه أو يأذوا ولاده ..
عبد القادر : بصراحة أنا مقلتلوش انى حسدد ديونه ..
اجلال بحزن : ليه ياعبد القادر .. على الأقل كنت ريحت قلبه ..
عبد القادر : بصراحة كنت قرفان ومضايق من تصرفاته ..
اجلال : كنت كمل جميلك معاه يا حبيبى .. اكيد هو مرعوب من ان الناس دى تأذيه او تأذى ولاده .. ثم قالت بابتسامة وهى تلتقط كفه وتطبع عليه قبلة حنونة : عموما ياريت أول حاجة تعملها بكرة انك تبلغ الاستاذ نادر يوصله بأى طريقة انك سددت الدين .. صدقنى يا حبيبى حيفرق معاه اوى ..
عبد القادر : ان شاء الله .. تصبحى على خير يا عمرى .. أنا حاسس انى مرهق جدا .. وبكرة عندى عمليات بدرى ..
اجلال : وانت من أهله يا حبيبى ..

استيقظت اجلال مبكرا مع عبد القادر .. ذهب عبد القادر الى المشفى قبل ان يستيقظ باقى الاسرة .. جهزت المربية الكس ولارا للذهاب الى المدرسة .. فى حين جهزت اجلال آية متعمدة فى هذا الصباح وظلت معها حتى اطمأنت انها قد ركبت اتوبيس المدرسة الخاص بها .. ثم بعد ذلك .. اجتمعت اجلال مع حماتها وخالتها ومعهم كريم للفطار ومداعبة الصغير ..

لم تمضى سوى ساعات قليلة من وصول عبد القادر الى المشفى .. قد انهى بعض العمليات ودخل الى حجرته ليسترح قليلا قبل استكمال باقى العمليات .. إلتقط تليفونه من فوق المكتب فوجد ان نادر قد اتصل به عدة مرات .. اعتقد انه يريده بخصوص موضوع الدين .. طلب نادر الذى رد عليه بعد عدة رنات : السلام عليكم دكتور عبد القادر ..
عبد القادر : وعليكم السلام استاذ نادر .. فيه أخبار بخصوص تسليم الشيك ..
نادر بتلعثم : فى الحقيقة أنا مطلبتكش علشان كده ..
عبد القادر بإرتياب : فيه حاجة يا استاذ نادر .. صوتك مش طبيعى ..
نادر بتلعثم : فى الحقيقة مش عارف أقولك ايه .. أصل ....
عبد القادر : استاذ نادر .. من فضلك اتكلم على طول . أنت قلقتنى .. وبعدين أنا عندى عمليات .. اقصد الوقت محدود .. فمن فضلك اتكلم .. فيه ايه ..
نادر : فى الحقيقة .. اتصلوا بي من السجن ..
عبد القادر : من السجن .. !!!! خير يا استاذ نادر .. أدهم عمل حاجة .. أقصد في حاجة بخصوص أدهم ..؟!!
نادر : أنا آسف يا دكتور .. بس .. أصلهم .. بلغونى بوفاة أدهم فى السجن ..
عبد القادر بفزع : ايه .. بتقول ايه .. أدهم .. طب ازاى .. وليه .. ما انت اتصلت بيهم امبارح ادامى وبلغتهم اننا حنسدد الديون ..
نادر : ادهم ما اتقتلش ..أدهم انتحر فى العزل الانفرادى ..
عبد القادر : انتحر .. لا حول ولا قوة الا بالله .. ليه كده يا أدهم .. ليه .. ليه تموت بالشكل ده .. ليه تهون عليك نفسك ويهون عليك ولادك .. ثم انهار فى البكاء وترك التليفون فوق سطح المكتب وهو ينشج فى البكاء ولا يستمع لصوت نادر على الجانب الآخر ينادى عليه : دكتور عبد القادر .. دكتور عبد القادر .. انت سامعنى .. دكتور عبد القادر ..

اسرع نادر الى المشفى ليطمئن على عبد القادر .. فى حين دخل مساعد الدكتور الى حجرته ليدعوه الى غرفة العمليات فوجده فى حالة انهيار ..

هدأ عبد القادر قليلا وطلب من المساعد ان ينوب عنه فى استكمال العمليات بعد ان تلقى خبر وفاة ابن عمته .. أدهم ..

بالأمس .. بعد ان تركه عبد القادر .. كانت حالة ادهم النفسية قد وصلت الى ذروتها من السوء .. اسودت الدنيا فى عينيه .. ولم يظهر له على الأفق بصيص أمل بعد أن خسر كل شيء فى حياته .. اولاده ومستقبله .. والخوف والذعر يطلوا عليه من كل مكان من داخل محبسه .. تمكن منه اليأس .. خصوصا ان عبد القادر لم يعرض عليه سداد ديونه .. تمكن منه اليأس للدرجة التى وجدوه فى الصباح معلقا فى سقف غرفة الحبس الانفرادى بعد ان اختلق مشكلة مع احد الحراس ليلقى فى الحبس الانفرادى .. فعل ذلك حتى يكون الحبس الانفرادى حماية له من غدر سكين او أى آلة حادة يقتل بها كما هدده اصحاب الدين ان لم يسدد ما عليه .. ولكن الحبس الانفرادى لم يستطيع ان يحميه من وسوسة نفسه والشيطان .. فتمثلت حياته أمام مخيلته .. منذ أن كان طفلا تشوهت شخصيته بتربية جدته التى كانت تحقد على ابيه وعائلته .. مرورا بتشتت بين بيت امه وبيت ابيه .. وفى النهاية فشله فى الاقلاع من ادمانه للخمور ولعب القمار الذى دمر ثروته وجعله يلجأ الى زيجتين من امرأتين تكبرانه فى العمر تحكما فيه واستغلتا شبابه .. كان يرى ماضى اسود ومستقبل أشد سوادا .. فتدخل الشيطان فى تلك اللحظة الفاصلة بأنه ليس امامه سوى التخلص من نفسه والانتحار حتى ينهى هذا العذاب الذى يعيشه ليل نهار ..

لم يستطع أدهم تحمل قسوة السجن فقام بالإنتحار وانتهت حياته الى الأبد ..
كان موته بالنسبة لعبد القادر وامه بمثابة صدمة كبيرة .. ظل عبد القادر يعانى منها طويلا .. ويعانى اكثر من عقدة الذنب تجاه أدهم .. فهو لا ينسى انه فى نشوة فرحته بمولد ابنه كريم قد رفض ان يقف الى جوار ادهم عندما طلب مساعدته .. يتذكر طلب عونه و انكساره امامه.. ولكنه وقتها أبى أن يساعده .. وعندما اقتنع بمساعدته بعد ان حثته امه وزوجته على تلك المساعدة .. كان قد فات الأوان .. فقد اضطر أدهم الى ان يلجأ الى الحل الذى استقر به فى النهاية ان يرتكب جريمة .. ثم انتحر على اثرها داخل السجن ..
---------------------------------------------

shezo likes this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-21, 12:52 AM   #47

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي

القراء الأعزاء .. لاحظت أنه ليس هناك تعليق أو نقدا للرواية منذ الجزء الأول سوى من عدد قليل جدا من القراء فى الجزء الأول .. فياترى ما السبب ؟

الكاتب منا يحتاج الى تفاعل القراء معه ويحتاج الى النقد أحيانا خصوصا أن كتاباتى تدور حول مشاكل اجتماعية وحلولها من وجهة نظرى لذا اريد ان أعرف رأى القراء فى الرواية ..
الى الآن لا أدرى هل كتاباتى تعجبكم أم لا .. هل سردى للمشاكل وحلولها منطقى ويلقى رضاكم وموافق لرأيكم أم لا ..

أرجو ان أرى تعليقاتكم ونقدكم لما أكتب ..

shezo likes this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-21, 03:31 AM   #48

ام فارس 19

? العضوٌ??? » 408531
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » ام فارس 19 is on a distinguished road
افتراضي

جميله تسلم ايدك تابعت معك الجزء الاول وسعدت بقراءة الأحداث الجديدة باذن الله اتابع معك الجزء الثاني
shezo and Mamdouh El Sayed like this.

ام فارس 19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-21, 01:58 AM   #49

جنا عمرو

? العضوٌ??? » 460628
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » جنا عمرو is on a distinguished road
افتراضي

بالتوفيق ان شاء الله
shezo and Mamdouh El Sayed like this.

جنا عمرو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-21, 12:58 PM   #50

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك يارب ممكن لينك الجزء الاول
shezo and Mamdouh El Sayed like this.

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:46 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.