آخر 10 مشاركات
لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          عودة من الجحيم - ج2 ندبات الشيطان - قلوب زائرة - للكاتبة::سارة عاصم *كاملة & الرابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          كُن لي عناقً وسأكون لك ظلاً كُن لي مأوى وسأصبح لك وداد (الكاتـب : تدّبيج - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          الطريق المسدود -روبرتا لي -عبير جديدة - عدد ممتاز (الكاتـب : Just Faith - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-21, 03:51 AM   #21

فاطِمة عبدالمنعم

? العضوٌ??? » 482664
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » فاطِمة عبدالمنعم is on a distinguished road
افتراضي الفصل الحادي عشر (أتت لتحرقها)


الفصل الحادي عشر (آتت لتحرقها)
#رواية_وريث_آل_نصران

بسم الله الرحمن الرحيم

ساحة الحياة كبيرة، وأنغامها عالية... فانتبه ولا تشرد وإلا مزقتك هذه الأنغام العالية لتصبح بلا هوية، لا تعلم من أنت، وأين أنت؟

ارتفعت أنغام الموسيقى في ذلك المكان موضع الحفل فتحول إلى ملهى ليلي، الشباب متناثرة كالذباب هنا وهناك، والفتيات إحداهن على مقعد تنفث دخان لفافة التبغ والاخرى عند ساحة الرقص.
دخلت "شهد" مع صديقتها وقد تحول البريق في عينيها إلى مبهور، تتأمل كل إنش في هذا المكان بل وتتأمل ما يحدث أيضا، هذا المشهد الذي لم تره إلا على شاشة التلفاز.

جذبت "شهد" مقعد لتجلس عليه وكان بجواره اخر فقالت لصديقتها:
اقعدي يا "ريم" تعالي.

لم يكن لشهد علاقة بمن هم هنا على عكس "ريم" التي كانت علاقتها جيدة مع الكثير منهم، فلوحت لمن رأته منهم بضحكة واسعة ، ارتفع الصوت أكثر فأكثر ينذر بقدوم أصحاب هذا الحفل، فانكمش وجه "شهد" بسبب هذا الضجيج الذي لم تعتد عليه.
ثوان ودخل "ميار" و "باسم" ، جلس هو على ركبتيه أمامها في حركة تمثيلية، وتصنعت هي الدهشة فتعالت صيحات من حولهم مهللين... تحدثت "ريم" صديقة "شهد" بإعجاب:
It's so romantic.

في حين كسا وجه "شهد" تعبير مستنكر من هذا التمثيل المصطنع، فهذا ال "باسم" يلعب بمن يظن الجميع هنا أنها حبيبته، يتركها تارة ويعود لها تارة اخرى وكل هذا فقط من أجل المال، من أجل الثراء الفاحش الذي تتمتع به "ميار"، ولقد أعطته فرصة ذهبية ببلاهتها وضيق عقلها.

فاقت " شهد" من شرودها على اقتراب "ميار" و "باسم" منهما، و سمعت "ريم" تقول بتملق واضح:
كنتوا so cute يا "ميار" .

قالت "ميار" بابتسامة صغيرة تخبر الجميع بها أن مظهرها المبهر هذا هو المتوقع:
Thank you.

أتبعت قولها هذا بنظرتها إلى "شهد" تسأل ساخرة:
وأنتِ بقى يا "شهد" إيه رأيك؟

هل تصارحها برأيها حقا؟... هل تخبرها أن ما يدور في رأسها الآن هو هذه العبارة التي لطالما رددتها والدتها
(اتلم تنتون على تنتن طلعوا الاتنين أنتن من بعض.)
حقا إنها بالنسبة لشهد تمثل رأيها في "باسم" و "ميار" ولكنها لم تصرح به بل ابتسمت ابتسامة متكلفة وهي تقول:
nice.

سأل "باسم" مازحا مزاح سخيف اعتادت "شهد" على سماع مثله منه:
مش طالعة من قلبك يا "شهد".

الوغد ودت لو قالت له الآن كم أن ألاعيبه مكشوفة بالنسبة لها ، حاول سابقا إحاطتها بشباكه ولكنها لم تكن فريسة سهلة لذلك فهو يعلم أنها تعرف عنه الكثير .
لم تبتسم بل كانت نبرتها متهكمة وهي تجيب على سؤاله:
تحب أقوم أغنيهالك يعني علشان تعرف إنها من قلبي!
ولا أرقص عشرة بلدي لأجل تصدقوا إني فرحانة ليكم.

أبدت " ميار" استنكارها بعد انتهاء "شهد" من الحديث فقالت برجاء مصطنع:
بلاش الكلام ده هنا يا "شهد" Please، احنا مش قاعدين في حارة وعموما أنا مش عازمة حد علشان نتخانق، لو فعلا فرحانة زي ما قولتي ف enjoy يا حبيبتي.

قالت آخر كلماتها وتحركت مغادرة مع "باسم" وسط نظرات "شهد" المستهجنة والتي لم تلحظ تلك الغمزة الخفية من صديقتها "ريم" إلى "ميار".

استدارت " ريم" إلى "شهد" تقول بضجر:
مينفعش يا شهد اللي عملتيه ده، بتكلميهم كده ليه ؟

رفعت "شهد" حاجبيها مندهشة وهي تجاوب على سؤال "ريم":
هو أنا كلمتهم أنتِ مش شايفة " باسم" اللي جاي يتساخف وفاكر إن دمه خفيف أوي.

تركت "ريم" الحديث عن هذا الموضوع واتجهت إلى الشيء الهام والذي سيجعل الحفل بالنسبة لها أكثر متعة:
أنا هقوم أجبلنا حاجة نشربها تشربي إيه ؟

_هاتيلي برتقال.
قالتها "شهد" بغير اهتمام وهي تتأمل كل شيء حولها، هؤلاء الذين يدرسون معها وقد تحولوا الآن إلى آلات راقصة، ودت لو شاركتهم ولكن هذه العدسات التي لا تكف عن التقاط الصور وربما التقط أحدهم صورة لها، وفي هذه الأيام كل شيء ممكن ربما وصلت لوالدتها لذا اكتفت بالمتابعة فقط.

ذهبت "ريم" ناحية "ميار" ووقفا في زاوية بعيدة نوعا ما، كانت الضحكة تزين وجه "ريم" وهي تقول:
هي طلبت orange juice حطيلها الحباية فيه قبل ال waiter ما ينزله.

قالت "ميار" بضحكة منتصرة:
حولتلك اللي اتفقنا عليه علىx حسابك في البنك، يلا ارجعيلها قبل ما تلاحظ غيابك.

هزت "ريم" رأسها موافقة، وتحركت عائدة إلى "شهد" التي بدأت تبحث عنها وبمجرد أن رأتها سألت:
اتأخرتي ليه؟

كانت مبررها محكم وهي تقول:
كنت بكلم حد من صحابنا
استطردت مقترحة بحماس:
ما تقومي نرقص.

رفضت "شهد" ونطقت باعتراض:
لا أنا كفاية عليا بتفرج، عايزة تقومي ترقصي قومي أنتِ.

لم تخسر "ريم" الفرصة بل هرولت ناحية ساحة الرقص، وبمرور الدقائق بدأ التحفظ يذوب وأبدت "شهد" تفاعلها تدريجيا مع الأغاني الصاخبة حتى أتى النادل بما طلباه، شكرته بامتنان، ولم تمر إلا دقائق اخرى حتى جذبت المشروب الخاص بها وجرعت منه ناظرة في ساعتها وقد قررت أن عليها أن ترحل بعد نصف ساعة فقط من هنا.

ارتفع صوت ضحكات "ميار" و صديقها وزادت متعة حين وقعت عيناها على "شهد" تشرب كوبها.

لم تكن تعرف به، كل الحماقات التي ارتكبناها في حياتنا لم نكن نعرف عواقبها، ربما لم نكن نعرف من الأساس أنها حماقات.

x ★***★***★***★***★***★***★***★

لم يكن قوله هين، أي لعبة يلعبها؟... هل يرى حالتها تسمح الآن، قالت ودون تردد وهي تمسح دموعها بكفيها:
أنا عايزة أروح.

استقام واقفا وأتى ليساعدها على الوقوف ولكنها اعترضت، قامت بمفردها مستندة على الحائط، خرج هو أولا وتبعته إلى الخارج ، نظر لتيسير بجانب عينه فقالت مرتبكة:
حاج نصران عايزك.

_قوليله جاي .
قالها بنبرة أخافتها، فابتعدت تماما عن طريقهما أما هو فتابع مع "ملك" طريقه نحو الخارج وعند وصوله إلى الباب سمع صوت زوجة والده تقول بتهكم:
الله يا "ملك" مش تسلمي؟

جذبتها من وسط اندهاشهما و احتضنتها بقوة، شعرت "ملك" بالبرودة والريبة وصدق ظنها حين سمعتها تهمس لها:
جميلة يا حبيبتي، فريد حكالي عنك كتير بس مقاليش إنك جميلة أوي كده.

كلمات تمدح بها ولكنها في الحقيقة لم تفعل شيء سوى أنها زادت ريبتها وبمجرد أن تركتها تحركت "ملك" تقف جوار "عيسى" قائلة بتوتر:
شكرا.

التقت نظرات "عيسى" و "سهام" ليست نظرات بل سهام حادة، بدأ في السير مجددا وخرجت منه نبرة آمرة:
يلا يا "ملك".

تبعته بالفعل إلى الخارج، كان الصمت ثالثهما، رفضت ركوب السيارة بسبب ما أصابها من ضيق تنفس، فسارا معا نحو منزلها القريب من هنا... ظل الصمت هو العنصر السائد حتى قطعه هو بسؤاله:
قالتلك إيه لما حضنتك؟

_ليه؟
قالتها واستدارت ترمقه بحدة فرفع حاجبيه ناطقا:
نعم.

كررت سؤالها بنبرة ظهر فيها جيدا أن الصبر لديها انتهى ولم يتبق منه شيء:
اللي أنت قولته فوق كان ليه؟... كاتبلي على الورقة متكلميش وبتقولي تتجوزيني ... استطردت باستنكار:
ده بالنسبالك عادي؟

رفع طاقية جاكته الجلدي يضعها على رأسه وهو يقول ساخرا:
إيه ده هو بقى عيب عرض الجواز اليومين دول؟
تابع معتذرا بنفس سخريته:
بجد أسف مكنتش أعرف.

توقفت عن السير، كانت الأراضي الزراعية ذات صوت... صوت يعرفه الجميع عندما يحل الظلام تشعر وكأن الأرض تتحدث بهمس، ولكن همسها مسموع... كانا يسيران بجوار أرض زراعية فتوقفت عن السير ووقفت تقول بعدائية:
لا وعلى إيه الأسف، فعلا عرض الجواز مش عيب... العيب هو إنك تعرض العرض ده وأنا قاعدة مقهورة على أخوك وبقولك أنا قد إيه بحبه.

أصبح في مواجهتها، كانت تنتظر منه تبرير، تنتظر تفسير لما حدث ولكن سمعت قوله الجامد:
اعتبري العرض لعبة و أنتِ جزء منها، وتقدري تطلبي التعويض المناسب.

_أنا مش كورة في ملعب حد، ومش عايزة أبقى جزء من أي حاجة... أزاي أنتوا وحشين كده، ليه الإنسان يأذي شخص كل هدفه في الحياة يعيش بسلام.
قالت كلماتها وهي تتراجع للخلف، يتوغل قدماها في هذه الأرض الزراعية، و تنزف كلماتها الألم
سرعان ما رأت على الأرضية ما أفزعها فخرجت منها صرخة عالية، امتزجت بالخوف، والقهر أيضا.

إنها حية، تتحرك بحرية وأوشكت على الالتفاف حول قدمها.
جذبها سريعا يبعدها عن مكانها، لتعود إلى مكانها القديم قبل التراجع مجددا، أبعد يده ولم يتحدث بل سمعها تقول بإصرار:
أنا عايزة أروح.

قال بلهجة طغت عليها اللامبالاة... هل يضعها أمام الأمر الواقع وهو يعلم خوفها :
روحي.

كان التحدي واضح في قوله، نظرت حولها بخوف الظلام، والبرد كل شيء يثير هلعها ولن تستطيع إكمال الطريق بمفردها، لم تخط خطوة واحدة لذا زفر بتعب ونظر لها قائلا بهدوء:
اسمعي، العرض اللي أنا عرضته عليكي ده كان زي كارت أمان ليكِ و لعيلتك، مش مطلوب منك تردي عليه أصلا، اعتبري نفسك مسمعتيهوش تماما واعرفي إنه لمصلحتك أنتِ...
تابع وقد اختلطت الحدة بنبرته:
ومش أنتِ لوحدك اللي كنتي بتحبي فريد، كلنا بنحبه وبندور على حقه... مش أنتِ عايزة حقه يرجع برضو؟

جملته الأخيرة بها تلميح، ولكنها أضعف كثيرا من أن تواجه تلميح مثل هذا لذا صارت جواره بصمت تام تعود إلى منزلها، فلن يتحمل خوفها ونحيبها إلا فراشها الحبيب.

x ★***★***★***★***★***★***★***★

وُضِعت وجبة العشاء على مائدة مجاورة للأراضي الزراعية، أطباق العسل، والجبن و الفطائر الساخنة، وتم رص أكواب الشاي بعناية.

نظر "مهدي" حوله متأملا المكان، وعقله مشغول بسبب دعوته إلى هنا، إنه في ضيافة "منصور فضل" أحد الكبار في القرية هنا، منصور وابنه هذا السند الذي ينفذ أوامر والده دون تردد، تمنى لو كان ابنه "شاكر" مثل ابن "منصور" بدلا من تهوره الدائم.
قطع شروده قدوم "منصور" وابنه "جابر" هذا الشاب الذي لم يكن إلا نسخة مصغرة عن والده، حاول "مهدي" تذكر عمره وتوصل إلى أنه ربما في الثلاثين من عمره.
جلس "منصور" على مقعده يقول بترحيب:
منور يا "مهدي".

تحدث " مهدي" وعلى وجهه ضحكة:
البيت منور بأصحابه يا حاج منصور... أخبارك إيه يا جابر.

هز "جابر" رأسه يخبره أنه بخير، دعاهم "منصور" لتناول الطعام وشرعوا ثلاثتهم في ذلك ليسأل "مهدي":
خير يا " منصور" طلبت تشوفني ليه؟

لم يجب "منصور" بل قال ابنه بحدة:
هو أنت ازاي يا حاج "مهدي" سايب بنات أخوك وأمهم قاعدين عند نصران.

ترك "نصران" كوبه وقد ظهر على وجهه علامات الضيق وهو يقول:
بنات أخويا كبار، وأمهم مش عايزة تقعد في بيتي مش هكتفها واقعدها بالغصب يا "جابر"، ده غير إن " نصران" مرحب بيها وبعيالها وهي حكمته ما بيننا، فعلى كيفها بقى هي حرة.

_ولو قولتلك إننا مش عايزينها حرة.
قالها "منصور" بمكر أثار فضول مهدي الذي نطق:
لا مش فاهم.

تحدث "جابر" هذه المرة بدلا عن والده:
يعني من الآخر البلد كلها عارفة من زمان إن نصران الكبير قبل ما يموت جه على نصيب جدي فضل في الأرض وخده، وبعدها ولاده فضلوا يورثوها من بعده لحد "نصران" الكبير هناك دلوقتي.

لم يكن الحديث غريب، قرية نصران ذاع صيت الخلافات بها منذ زمن، و الأقاويل عنها كثيرة، ولكن القول السائد بين العامة هو أن القرية كانت تحت حكم فضل جد "منصور" الأكبر ، و "نصران" جد "نصران" أيضا.... ثم بعد ذلك خرج "فضل" من القرية مطرودا... كانت ليلة يقال أن القرية تحولت فيها إلى حرب دامية بين نصران ومن اتخذ صفه من أهل القرية، وفضل ومن انضم إلى فريقه من أهل القرية... وانتهى الأمر بخروج "فضل" مصابا ويقال أنه لم يتحمل فتوفي بعدها بأسابيع قليلة.

فاق "مهدي" من شروده على "جابر" يتابع:
الأرض دي أرض أبويا وأرضي وحقنا، وأظن أنت شاهد إننا طالبنا نصران بحقنا بالذوق وقولنا ننسى اللي فات ونبدأ معاه هو، لكن كان الرد منه إننا ملناش حق.

كان "مهدي" يحاول إيجاد رابط بين هذا وبين زوجة شقيقه فلم يجد لذا سأل مستفسرا:
وإيه علاقة ده بهادية و بناتها.

قال "منصور" وهو يأخذ من علبته لفافة تبغ:
علاقته إننا هنرجع حقنا، بس عافية و عايزينك معانا.

_طب أنتوا والناس هتفهم إنكم عايزين حقكم،
لكن أنا معاكم عايز إيه أنا مليش حق.
قالها "مهدي" منتظرا إجابة ترضي فضوله ولكن شعر أن القادم ليس إلا كارثة فعلية وهو يسمع "جابر" يقول بعد جرع المتبقي في كوب الشاي الخاص به:
مين قال كده؟... ليك حق ونص كمان.
صمت ثوان ثم استطرد بعيون لمعت بالشر:
نصران حاجز مرات أخوك وبناتها عنده ومرضيش يرجعهم معاك.

رمقه "مهدي" باندهاش وابتسم "منصور" فبادله ابنه الابتسامة وهو يسأل "مهدي":
حلو كده؟

لم يدر بما يجيب، فقط حل صمته، يحاول أن يدرك ما يخططا له هذان بل والأدهى أنهما يريدا إقحامه معهما
وهو لا يعرف سوى أنه بالفعل في مأزق.

x ★***★***★***★***★***★***★***★

جلست مريم مع والدتها في المحل، كانت تراجع واجباتها للغد، شعرت بالبرودة فقالت لوالدتها:
ما يلا بقى يا ماما ندخل أنا سقعت.

نظرت " هادية" للساعة التي دقت التاسعة وأردفت بقلق:
شهد اتأخرت أوي.

وضعت "مريم" القلم بالكتاب وأغلقته تسأل:
مش قولتي عندها تدريب؟

_تدريب ايه ده والساعة داخلة على تسعة ونص.
قالتها "هادية" بخوف ثم سألت ابنتها "مريم" ... هذه الوحيدة التي لم تترك هاتفها في منزل عمها بل كان معها لحظة خروجهم:
مش معاكي رقم حد من اصحابها؟

أجابتها "مريم" بما لديها:
مش معايا غير رقم "ريم"... بس مفيش شبكة.

أخذت والدتها منها الهاتف وهي تحكم غطاء رأسها:
طب هاتي أنا هطلع أرن عليها من على الطريق،
استني ملك تيجي واقفلي واطلعوا.

خرجت والدتها وسط قلق " مريم" من أن تكون شقيقتها قد ارتكبت حماقة اخرى، لم يمر إلا دقائق حتى وجدت شقيقتها "ملك" تأتي بصحبة "عيسى" وسمعت سؤالها:
فين ماما؟

تحدثت بما جعل القلق ينتقل لملك أيضا:
راحت ترن على "ريم" صاحبة "شهد" علشان "شهد" مرجعتش لحد دلوقتي.

_اقفلوا واطلعوا متقعدوش هنا لوحدكم وأنا هروح أشوفها.
قالها "عيسى" بنبرة آمرة وهو يتحرك مغادرا تاركا خلفه "ملك" و "مريم" والقلق ثالثهما.

كانت "هادية" قد قطعت مسافة جيدة مكنت الهاتف من التقاط الإشارة وقبل أن تجري اتصالها سمعت من يقول من خلفها:
خير يا مدام هادية في حاجة!

كان هذا "طاهر"، شعرت بالحرج فتابع هو:
أنا رايح مشوار فلقيتك واقفة قلقت يكون في مشكلة.

_مفيش حاجة يا أستاذ " طاهر" روح مشوارك.
قالتها وهي تتصل بصديقة ابنتها، أخيرا سمعت الإجابة فقالت بلهفة:
ألو يا ريم... هي شهد معاكي.

لم تستطع سماع شيء سوى هذا الصخب فسألت بانزعاج:
ايه الصوت ده يا "ريم" ؟

أخيرا سكن الصوت نسبيا واستطاعت سماع صديقة ابنتها تقول:
طنط ممكن تبعتي حد ياخد "شهد"؟

هنا لم تحتمل " هادية" فصاحت بذعر:
ياخدها منين، بنتي مالها؟

جذب "طاهر" الهاتف من هادية وتحدث هو:
في إيه يا أنسة؟

_مفيش حاجة حضرتك، احنا كنا في party وفجأة "شهد" هيبرت كده... Please متقولش لمامتها علشان ميحصلش مشكلة، احنا لسه هناك وهي مش ألذ حاجة يعني.
قالتها "ريم" تخبره بما حدث فسمعته يقول:
طب ابعتيلي ال location.

قالت "هادية" وقد أوشكت على الانهيار:
مالها "شهد" ؟

رأى "عيسى" قادما من بعيد فطلب منها برجاء:
بصي حضرتك "عيسى" جاي هناك أهو روحي معاه، و متقلقيش "شهد" تمام صاحبتها بتقول بس إن الوقت اتأخر و "شهد" مينفعش تروح لوحدها.

_طب اديهاني اكلمها.
قالتها بإصرار فرفض وركب سيارته مسرعا:
متقلقيش أنا رايح اجبهالك أهو وجاي علطول.

لم يترك لها هاتف ابنتها بل أخذه معه حتى لا تقول بالاتصال على الفتاة فتخبرها بما حدث، نظر إلى الموقع المُرسل فوجد المسافة ليست بعيدة عن هنا، ستستغرق نصف ساعة أو أقل.

مر الوقت الذي استغرق هو بسبب سرعته أقل منه، وكان يقف أمام الموقع الذي تم إرساله له، دخل متأملا المكان، إنه أقرب شيء لملهى ليلي... بحث عنها بعينيه بين الحاضرين وهو يجري اتصال بصديقتها التي أخبرتهم ولكن توقفت عيناه فجأة حين وقعت عليها من وسط الزحام، هي... نعم هي تقف على ساحة الرقص وتتراقص بطريقة هستيرية.

تحرك ناحيتها حتى وصل إلى مكانها بين هذا الزحام من الشباب والفتيات، نطق اسمها منبها ولكنها تابعت الرقص غير مهتمة، فقالت "ريم" وهي تتأمل هذا الذي لم تحك عنه "شهد" أبدا:
أنت قريبها؟

لم يجب بل تخطاها يجذب "شهد" من ذراعها قائلا بحدة:
امشي يا "شهد".

نطقت بألم وهو ينتشلها من بينهم:
سيب ايدي بتوجعني... وبعدين أنت مين؟

نظرت لوجهه فضحت عاليا وهي تقول وقد ظهر عليها أثر ما شربت:
اه الكابتن... أنت مش رايح تتفسح بكرا ولا إيه؟

أحاطت هي ذراعه الآخر بيدها الحرة وهي تقول بإصرار:
تعالى نرقص يلا.

لم يعطها فرصة الوقوف بل أبعد يده وتابع سيره بها نحو الخارج وهو يجاري ما تقوله:
حاضر هنرقص بس يلا نخرج من هنا.

وقفت " ريم" جوار "ميار" التي سألت بحقد:
مين ده؟

رفعت "ريم" كتفيها دلالة على عدم المعرفة وهي تقول:
بيقول إنه قريبها، بس شكله كداب... لو هو ده اللي ماشية معاه واطردت بسببه من بيت عمها زي ما علا بتقول يبقى يستاهل... الواد قمر الصراحة.

لم يعجب حديثها "ميار" التي قالت بضجر منزعجة:
طب امشي يا اختي... امشي شوفي باسم فين.

أدار سيارته بعد أن أنهكته لتدخل إلى السيارة، كانت تتحدث مع نفسها تارة وتوجه له الحديث تارة آخرى، لمحت باقة من الورودx الحمراء في سيارته على المقعد الخلفي فقالت بانبهار وهي تجذبها:
ايه ده جايبلي ورد بجد.
مالت على الباقة تستنشق عبير الزهور ثم ارتفعت ضحكاتها وهي تقول:
تعرف إن الورد ده طعمه حلو أوي.

لم يستطع كبت ضحكته وهو ينطق:
ده أنتِ ضايعة خالص.

سمع رنين هاتفه، إنها "فريدة" زوجته السابقة التي كان على موعد معها منذ ساعة، ولم يحضر بل ولم يعتذر أيضا، أحضر لها باقة الزهور ولكنها الآن بين يدي "شهد"

ضغط على زر الإجابة فسمعها تقول بانزعاج:
أنت فين يا "طاهر"... أنا بقالي ساعة مستنياك.

_فريدة أنا أسف بس حقيقي حصلت ظروف ومش هعرف ا...
لم يكمل حديثه بسبب مقاطعة شهد له وهي تقول باستنكار:
حرام مجبتهاش معاك ليه فريدة دي... هاتها هاتها.

استشاطت " فريدة" غضبا وظهر ذلك في صوتها حين قالت:
مين دي يا "طاهر"؟

أغمض عينيه يود لو أخرجه أحدهم من مأزقه هذا، حاول إصلاح الموقف بقوله:
أصل " شهد"... بصي هو لما أقابلك هفهمك.
لم تنتظر البقية أغلقت الهاتف في وجهه فنظر للجالسة جواره سائلا بغيظ:
عاجبك كده؟

هزت رأسها بالتأكيد، وأخرجت وردة واقتربت تضعها خلف أذنه وهي تنطق من وسط ضحكاتها:
كده أحلى.

أزال ما وضعته وهو يسألها:
أنتِ شاربة إيه بالظبط يا "شهد"؟

قالت ببراءة وهي تنظر من الزجاج المفتوح جوارها:
برتقال.

هنا ضحك بشدة معترضا على اجابتها:
كدابة، بقى الدماغ دي دماغ برتقال برضو.

كررت وهي تضحك إثر ضحكاته:
طب والله برتقال.

توقف بسيارته أمام منزل والدتها، أشارت نحو المنزل وصفقت بحماس قائلة:
إيه ده بيتنا أهو.

نزل من السيارة مؤكدا:
اه بيتكم أهو انزلي يلا.

هزت رأسها رافضة وهي تقول:
لا مليش مزاج أنا هنا مرتاحة أكتر.

فتح باب سيارته وجذبها لتنزل وهو يقول ضاحكا:
انزلي بس وهبقى أخدك لفة بيها بكرا.

شهقت واستدارت نحو السيارة وهي تقول بلهفة:
الورد.

تحرك ناحية سيارته يأتي بباقة الورود لها، تذكر أنها كانت لفريدة في بداية الأمر فابتسم هامسا:
صحيح تبقى ليك وتتكتب لغيرك.

أعطاها الزهور فاحتضنتها وسارت في الجهة الاخرى فجذبها قائلا بغيظ:
يابنتي اتهدي بقى راحة فين.

لم يكمل حديثه إذ وجد والدتها أمامه، لم تكن نظرات بل كانت نيران مشتعلة متجهة من عينيها نحو ابنتها لذا قال يحاول تهدئة الوضع:
هي كانت مع واحدة صاحبتها بيشربوا حاجة، وطلبت مشروب بس شكلها مكانتش تعرف إن فيه نسبة كحول فحصلها كده.

لم يجد سوى هذه الكذبة حتى لا تفعل بها والدتها شيء على الأقل حتى الصباح، هذه الشيطانة جعلته يقف كطفل صغير أمام والدتها يفتعل الأكاذيب حتى تسامح، أعادته مراهق صغير يفكر في العقاب المتوقع بعد فعلته الحمقاء.

شكرته "هادية" وهي تجذبها من ذراعها متجهة بها نحو المنزل، ألقى "طاهر" عليها نظرة أخيرة وتحرك مغادرا فاستدارت تصيح بنبرة عالية والضحكة تزين وجهها:
سلام يا كابتن.

لم يستطع كبت ابتسامته وهو يعود إلى السيارة في حين كانت تحركها والدتها بعنف نحو الأعلى، لم تكمل السير فقد سمعت "طاهر" يقول:
التليفون يا مدام هادية أسف من اللي حصل نسيته معايا.

أخذته منه وهي تقول بامتنان:
احنا اللي أسفين ليك، عطلناك عن مشوارك وتعبتك معانا.

أخبرها بأنه لم تحدث مشكلة وساعدها في إدخال "شهد" إلى المنزل ثم نزل مغادرا، وهو يتوقع كيف ستراه هذه السيدة بعد أن يعود الوعي لابنتها و تصرح بأنها كانت في حفل فيظهر كذبه.

أدار سيارته واتجه نحو المنزل و لم يفارقه ما حدث منذ قليل أبدا.

★***★***★***★***★***★***★***★

في منزل "نصران"
عاد "عيسى" للتو من الخارج فوجد ابن شقيقه يجلس وحيدا في الردهة فسأله:
قاعد لوحدك ليه يا "يزيد" ؟

برر له الصغير الذي ظهر على وجهه جليا علامات الإرهاق:
عايز أنام بس مستني بابا، رفيدة نزلت السكن وأنا كنت بنام معاها، وتيتا قاعدة مع جدو نصران في المكتب، وعمو حسن بيشغل حاجات صوتها عالي أوي.

حاوط كفه الصغير بيده وهو يقول مقترحا:
إيه رأيك تنام معايا؟

حرك الصغير ذراعيه على الجانبين وهو يقول بحماس:
هبقى مبسوط قد كده.

مسح "عيسى" على خصلاته ناطقا:
إيه الفرح ده كله، دي أوضتي مش ديزني لاند.

_أنا هقولك سر.
قالها الصغير بنبرة منخفضة و كأن ما لديه هو أحد أسرار الدولة فتجاوب معه "عيسى" حتى يقول ما لديه فسمعه ينطق:
أنا بشرب ال pubble tea اللي في التلاجة كل يوم، وتيتا بتزعقلي بس أنا بشربه من وراها.
تابع الصغير يخبره بما لديه:
أنا وعمو فريد كنا بنشربه سوا علطول، ولما هو مشي ورفيدة كانت زعلانة قولتلها متزعلش علشان أنت موجود شبهه بالظبط.

لو أن العالم نقي كهذا الطفل لصار جنة، يصرح بما لديه ببراءة، زجاجة عصير تمثل له سر حربي يجب أن يخفيه، وحبه ظاهر للجميع دون خجل.

أثنى "عيسى" على تصرفه وهما يدخلان إلى غرفته،
اتخذ "يزيد" موضعه في الفراش وتدثر جيدا، مال "عيسى" على البراد يخرج له زجاجة من الشاي المثلج وهو يقول:
طالما بتحبه بقى خد دي اشربها بس سيبها تبرد شوية.
وأنا هغير هدومي وأجيلك.

وافق الصغير ضاحكا واتجه "عيسى" إلى المرحاض حاملا ملابسه معه.

★***★***★***★***★***★***★***★

في نفس التوقيت

في منزل "هادية"
نامت "شهد" بتعب على الفراش جوار "مريم"، نامت بمجرد أن وقعت عيناها على فراش، هرولت نحوه وتمددت عليه، كانت " مريم" تعلم أن ما ينتظر شقيقتها صباحا ليس بيسير خاصة مع حالتها هذه.... أما "ملك" فكُتِب لها اليوم أن تشاركها والدتها في الغرفة، لم تقبل "هادية" النوم على الفراش واختارت الأرضية، ظنت كل منهما أن الاخرى قد نامت ولكن سمعت هادية خطوات ابنتها التي تركت الفراش ونزلت تتمدد بجوارها وهي تقول بعيون دامعة:
أنا تعبانة أوي يا ماما.

فتحت هادية ذراعيها لها فوضعت "ملك" رأسها على ذراع والدتها و احتضنتها متشبثة بها وكأنه الملاذ الأخير، ذرفت "هادية" الدموع إنها العادة اليومية لابنتها... البكاء قبل النوم يتبعه الصراخ أثناء النوم ثم الاستيقاظ بفزع وأنفاس لاهثة، تعلم أن ما يجهدها أكثر من الفقدان هو ما تداريه، ربتت على كتف ابنتها تقول واعدة بصدق:
وعد مني يا "ملك" هعمل كل اللي اقدر عليه علشان أجيب الصور اللي عند "شاكر" دي وأتأكد إنها غارت في داهية، وساعتها هنقولهم على اللي عمل كده
استطردت بألم:
لكن أنا دلوقتي مقدرش أعمل كده، "شاكر" ده شيطانه سايقة وما اضمنش اللي ممكن يعمله ويأذينا بيه.

حتى لو كان وعد غير صادق، حتى لو كان ضعيف ولكنه طمأنها فشعرت بالراحة والنوم يغزو حصونها هنا بين يدي أمها الغالية.

في نفس التوقيت
في غرفة "مريم"
كانت "مريم" ممددة على الأرضية تنظر للرسالة المرسلة على تطبيق التواصل (messenger)، إنه "حسن" ، لم تنكر رغبتها في الإجابة... مطارداته لها لا تتوقف، ودت لو عرفت سبب هذا، لذا حين وجدت رسالة منه أخذ فضولها يدفعها أن تسأله عن سبب ما يفعله، فتحت محادثته لتجد منه رسالة:
مريم، أنا حسن نصران.

بدأت في الكتابة بتخبط، كان سؤال أرادت أن تسأله وهو:
أهلا يا "حسن"... ممكن أعرف ليه بتعمل كل ده يعني؟

_بصي أنا هحكيلك بس توعديني انك مش هتحكي اللي هقوله ده لحد.
هنا وصل فضولها إلى الذروة فأخبرته أنها لن تخبر أحدهم وانتظرت على أحر من الجمر رسالته الآتية لها
ولم يطل انتظارها كثيرا حين وجدته قد أرسل:
أنا في فنون جميلة، أول ما دخلت الكلية كان معايا بنت اسمها جميلة كنا بنحب بعض واتفقت معاها اننا هنتجوز، وقضيت معاها أكتر وقت حلو في حياتي، كنت مبسوط جدا وفرحتي دي كانت بتخليني أنجز في دراستي وفي الرسم اللي أنا بحبه أوي.

توقعت نهاية حزينة لهذه القصة المليئة بالسعادة فسألته باستفسار:
وسابتك؟

_ماتت.
كان هذا جوابه باختصار فشعرت بالشفقة حياله، وزاد هذا الشعور حين قرأت باقي ما أرسله:
عملت حادثة هي وأهلها وماتوا فيها، من بعدها بقيت باخد السنة في الكلية في سنتين، وأحوالي مبقتش عاجبة أي حد عموما بس أنا عاجب نفسي، معرفش هتصدقيني ولا لا بس أنا حقيقي لما سمعت صوتك أول يوم اتقابلنا حسيت إن ده صوتها.

لم تدر ماذا تقول، هل تواسيه أم ماذا تفعل، ولكن اتسعت ابتسامتها وهي تراه قد أرسل صورة بها فتاة مرسومة ترفع رأسها بكبرياء مغادرة وتترك خلفها شاب ينظر في أثرها ولم يبن من ملامح وجه الفتاة أي شيء .... أرفق مع الصورة قوله:
أنا رسمتلك الصورة دي، هي شبه الموقف لما قابلتك في المحل عندكم و سبتيني و مشيتي.

وضعت يدها على فمها تكتم ضحكاتها وهي تفتح الصورة وتقوم بتكبيرها لترى تفاصيلها واسمه الذي أمضى به أسفلها، كان بريق عينيها مختلفا، كان شعورها في هذه اللحظة تحديدا هو الفرح... الفرح والخجل ولا يخالطهما أي خصم آخر.

★***★***★***★***★***★***★***★

خرج للتو من المرحاض فوجد "يزيد" يغط في نوم عميق بعد أنهى زجاجته، ابتسم وهو يلقي بالزجاجة في سلة المهملات، واتجه ناحية هاتفه حين سمع رنين هاتفه المميز، فتحه ليجد عدد من المكالمات كان مصدرها هو
"باسم عراقي" بل ورسالة نصية منه أيضا:
مساء الخير يا "عيسى" اتصلت بيك كتير لكن شكلك نايم... لما تصحى كلمني عندي ليك deal يجنن حاجة تخصك قصاد حاجة تهمني وصدقني أنت اللي هتطلع في الآخر كسبان.

انكمش حاجبيه باستغراب أي شيء يخصه يوجد لدى هذا الشخص! ، كان سيجري اتصال به ولكن سمع "تيسير" تدق على الباب وتقول بهدوء:
أستاذ "عيسى" لو لسه صاحي الحاج نصران عايزك تحت في مكتبه.

لم يعدل من وضع خصلاته المبعثرة والتي مازالت تقطر ماء بل تركها وتحرك للأسفل وعلى وجهه ابتسامة سببها أنه يعلم أن "سهام" عند والده في المكتب، دقائق وكان داخل مكتب والده، "سهام" تقف بتحدٍ واضح، و والده يجلس على مقعده ويسأل بهدوء:
أنت جبت "ملك" هنا النهاردة يا "عيسى"؟

هز " عيسى" رأسه فسأله والده عن السبب ليسمع إجابته:
قالت إنها حابة تشوف أوضة "فريد" فجبتها.

سأل والده هذه المرة بعينين ضيقتين وكان سؤاله ملتوي:
أنت عارف إن "ملك" كان بيحبها أخوك صح؟

ابتسم "عيسى" و أشار لزوجة والده طالبا:
هاتيلي pubble tea من التلاجة.

_رد عليا.
قالها "نصران" بحدة لم يقابلها "عيسى" إلا بكل هدوء وهو يحضر لنفسه قائلا:
اه عارف، زي ما عارف بالظبط إن مدام "سهام" كانت مرات عمي.

هنا ترك والده مقعده وتحرك ناحيته يقف أمامه وهو يسأل:
أنت عرضت على "ملك" الجواز؟

ستحاول بكل الطرق إبعادها، هو يعلم، انتظرت رحيلهما وأسرعت لوالده تدس السموم داخل رأسه بأن إبنه يحب من أحبها شقيقه الراحل، ويجب ردعه عن ذلك
هو أراد ذلك، أراد أن يجعل لها ما شاءت ليقلب الموازين رأسا على عقب.

رفع "عيسى" حاجبيه ناطقا بدهشة:
جواز!... مين اللي قال الكلام الغريب ده؟

_يعني معرضتش عليها؟
سأله "نصران" بإلحاح فقال عيسى باسمًا:
أنتِ عايزني أتجوزها ولا إيه؟

أدرك "نصران" مراوغة ابنه فقال بنفس طريقته:
أنت إيه رأيك فيها؟

رفع "عيسى" الزجاجة إلى فمه يشرب باستمتاع ثم أنزلها متحدثا:
معاشرتهاش شخصيا علشان أكون رأي عنها، لكن لو تقصد شكليا فهي مش وحشة بس عندها ميزة أهم من الجمالx فيها حاجة attractive.

أسرعت "سهام" تشرح لوالده، ترغب في أن يصله ما أرادت:
يقصد إنها جذابة.

_يعني معجب بيها!
قالها "نصران" لابنه الذي أجاب مراوغا:
هو علشان قولت فيها حاجة attractive أبقى معجب بيها، استطرد يسأل ضاحكا:
قولي يا بابا أنت لما حبيت ماما كان علشان فيها حاجة جذابة؟

قال نصران وهو يمسح على صورة زوجته الموضوعة على المكتب:
أمك كانت ست الستات كلهم.

ضحك "عيسى" وهو ينظر لسهام ثم قال حينما عادت أنظار والده له:
وأنا مش هتجوز غير الواحدة اللي لما أتسأل عنها أجاوب نفس إجابتك دي ست الستات كلهم.

اقترب "نصران" من ابنه ووقف في مواجهته ولأول مرة منذ بداية هذه الجلسة يبتسم وهو يقول:
اختياري مكانش غلط يا "عيسى" .

وقعت الجملة على أذن "سهام" وأخذت تجمعها قطعة، قطعة كلعب الألغاز لتصل في النهاية إلى إجابة مرضية ولكن قطع ذلك قدوم شخص يريد مقابلة "نصران" للتو.
استغرب ثلاثتهم من قدوم أحد في هذا التوقيت ولكن "نصران" سمح له بالدخول ليجده أحد رجاله والذي كان يحاول التقاط أنفاسه قبل أن يخبرهم بقنبلته:
الأرض اللي لقوا عندها أستاذ "فريد" الله يرحمه،
لقوا البيت المهجور اللي جنبها النار ماسكة فيه وبيولع.

تبادلوا النظرات، هل قال نار حقا... من ٱشعل النار في المكان الذي شهد أسوء حدث مر في تاريخهم
لم تكن سوى نظرات مصدومة لا يصاحبها إلا الاندهاش.

هي من طلبت وجودها، طلبت الأخشاب النار... رفضت كثيرا، واعترضت أكثر، ولكن مع إصرارها آتت....
آتت لتحرقها.
يُتبع




فاطِمة عبدالمنعم غير متواجد حالياً  
قديم 18-01-21, 03:53 AM   #22

فاطِمة عبدالمنعم

? العضوٌ??? » 482664
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » فاطِمة عبدالمنعم is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثاني عشر (سلبها محتل)

الفصل الثاني عشر (سلبها محتل)
#رواية_وريث_آل_نصران
بسم الله الرحمن الرحيم

وكأن حرب طاحنة نشبت داخل رأسك الآن، أصبحت زجاجة مياه غازية يتم تحريكها بقوة يمينا ويسارا، إن ألم الرأس مميت لدرجة تجعل صاحب الألم يهشم رأسه ليتخلص منه.
كانت هذه حالة "شهد" حين استيقظت على صوت شقيقتها "مريم" وألم شديد يحتل رأسها فقالت بانزعاج:
في إيه يا "مريم"؟

قالت "مريم" بهمس خوفا من أن تكتشف والدتها الأمر:
شهد اسمعيني، لو ماما سألتك كنتي فين امبارح قوليلها إن أخر حاجة أنتِ فاكراها أنك كنتي بتشربي حاجة مع صاحبتك في أي مكان.

بدأت "شهد" تدرك تدريجيا ما يحدث، آخر ما تتذكره هو وجودها في الحفل، ماذا حدث وكيف آتت
سألت شقيقتها وهي تضع كفيها على جانبي رأسها:
إيه الصداع ده، وأنا رجعت ازاي أصلا؟

اعترضت "مريم" بغيظ وهي تجاورها في الفراش:
مش وقت أي أسئلة دلوقتي، طاهر هو اللي رجعك امبارح وكانت حالتك زي الزفت، ماما قالتلي إنه قالها إنك كنتي بتشربي حاجة مع صاحبتك ومكنتيش تعرفي إن المشروب فيه نسبة كحول... ماما مش مصدقاه، وهو شكله قال كده علشان تطلعي منها.... تابعت شقيقتها بتحذير:
لو ماما سألتك قولي نفس كلامه يا "شهد"... أنتِ مشوفتيش ماما امبارح كان شكلها عامل ازاي.

لم تكمل إنهاء حديثها حيث وجدت والدتهما تقتحم الغرفة دون سابق انذار، وتأمرها بترك الغرفة
حاولت " مريم" أن تقلل من حدة والدتها فقالت بتوتر:
ماما ممكن بالراحة.

تنهدت "هادية" واستدارت لمريم تقول بلهجة آمرة:
قولت اخرجي برا، أنتِ مبتسمعيش؟

خرجت "مريم" من الغرفة وتركت والدتها بمفردها مع "شهد" ،x قامت "شهد" فشعرت بألم رأسها يشتد لذا وضعت يدها على جبهتها ووالدتها تسأل:
كنتِ فين يا "شهد" امبارح؟

_أنا أخر حاجة فاكراها أن "ريم" عزمتني على الغدا، وشربنا حاجة في المطعم وبعد كده ناسية كل حاجة.
قالتها "شهد" ولم تواجه عيني والدتها التي قالت بحدة:
أنتِ قولتيلي أنك هتخرجي مع "ريم".

قالت " شهد" بدفاع:
الموضوع جه فجأة يا ماما، هو حصل إيه؟

جذبتها هادية من سترتها التي لم تقوم باستبدالها منذ أمس:
حصل إن الهانم رجعت سكرانة بعد نص الليل.

لم تجب "شهد" بأي شيء إذ دفعتها والدتها على الفراش تقول بتحذير:
اسمعي يا بت أنتِ أقسم بالله العظيم لو عرفت بعد كده أنك خرجتي ولا روحتي حتة من غير ما أكون عارفاها هتكون سنتك مش معدية معايا يا "شهد".
تابعت " هادية" بانفعال:
جدولك هجيبه، ودقيقة تأخير زيادة عن المواعيد اللي فيه هولع فيكِ، علشان أنا لو معرفتش أربيكي زمان يبقى أصلح غلطتي وأربيكي دلوقتي بقى.

صاحت "شهد" بضجر إثر معاملة والدتها:
وعلى إيه كل ده مش نازلاها خالص.

_يبقى أحسن.
قالتها "هادية" وهي تغادر غرفة ابنتها، متجهة ناحية المطبخ، وهي تنادي على "مريم" قائلة:
تعالي يا مريم علشان تفطري قبل ما تروحي الدرس.

ذهبت إلى والدتها يحضرا معا وجبة الإفطار، وانتهت "هادية" من إعداد قدح من القهوة فناولته لمريم قائلة:
خدي اديه لأختك.

_قبل ما تفطر؟
سألت "مريم" باستغراب مما جعل والدتها تقول بغيظ:
آه قبل الفطار خليها تفوق من الزفت اللي كانت شرباه،
ومخلي الصداع ماسك دماغها.

وجدت "مريم" شقيقتها تدخل المطبخ فناولتها الكوب ناطقة:
ماما عاملالك ده.

قالت "هادية" متجاهلة وجود "شهد" معهما:
روحي يا "شهد" صحي "ملك" علشان تفطر، وتشوف وراها إيه.

قالت "شهد" مدافعة بنبرة شبه باكية:
يا ماما أقسم بالله ما شربت غير برتقال.

زفرت "هادية" بانزعاج فهرولت "شهد" ناحيتها تحتضنها قصرا وتقبلها رغم اعتراضها وهي تقول بإصرار:
طب خلاص متزعليش بقى، مش هشرب حاجة تاني في الشارع هصوم.

لم تجب والدتها فقالت مراضية:
طب هشرب القهوة وأنزل أفتحلك المحل، وأقعد فيه... مش أنتِ بتحبي حد يقعد معاكي تحت؟
قالت كلماتها و أغرقتها في وابل من القبلات فابتسمت والدتها رغم غضبها منها، وأخذت هي منها الأطباق كي تضعها في الخارج حين استيقظت "ملك".

جلسن معا حول مائدة الإفطار، ولاحظت "ملك" النظرات المشتعلة التي تصوبها والدتها ناحية "شهد"،
قطعت قطعة من شطيرتها وتبعتها برشفة من كوب الشاي لتسمع والدتها تسأل:
هتبدأي شغل من النهاردة؟

هزت " ملك" رأسها وهي تؤكد:
أيوة المفروض، قالي إنه هيجيلي النهاردة ويفهمني الشغل هيمشي ازاي.

سألت "شهد" باستفسار ولكن قطع سؤالها صوت والدتها تقول:
قومي انزلي افتحي المحل لحد ما أنزل.

زفرت بانزعاج ولكن قول والدتها الصارم:
يلا اخلصي.
جعلها تأخذ مفتاح الحانة من أعلى الطاولة وتتجه للأسفل بضجر وكل منهم يسمع كلماتها المعترضة على ما يحدث، فهي حتى الآن لا تعلم ما حدث، وكيف حدث من الأساس.
x ★***★***★***★***★***★***★***★

هنا حيث السيارات المتراصة بعناية، والعاملون يمارس كل منهم عمله بنظام، جلس "بشير" في الغرفة العلوية التابعة حيث مكتب صديقه "عيسى" في معرض سياراته، كان يباشر العمل حيث باع "سيارة" لإحداهن، بعد أن أتعبتهم في الاختيار....وعندما انتهى وأثناء تناوله قدحا من القهوة دخل المكتب أحد الموظفين يقول:
"باسم عراقي" عايز يشوف حضرتك.

كسى الانزعاج عيني "بشير" وهو يقول بضجر:
هو ليه عين يجي هنا... تسارعت أنفاسه إثر الانفعال فحاول ضبطها حين أردف:
طلعه.

انتظر دقائق حتى ظهر أمامه "باسم" الذي دخل وعلى وجهه ضحكة واسعة، واتخذ المقعد المقابل لبشير وهو يقول:
"بشير" واحشني يا راجل.

_عايز إيه يا "باسم" ، جاي تكسر إيه المره دي؟
سأله "بشير" بتهكم مما جعل "باسم" يقول ببراءة:
لا أنا جاي في خير المرة دي.

مد "بشير" رأسه منبها "باسم" بنبرة تحذيرية:
عيسى مردش عليك على حركة تكسير المعرض الأخيرة، خد بالك بقى علشان "عيسى نصران " قرصته والقبر.

ضحك "باسم" عاليا وحاول أن يقول من بين ضحكاته:
لا ما هو مفيش قرص تاني.
انتهى من نوبة ضحكه الهستيرية وقال بمكر:
أنا عندي deal لو "عيسى" وافق عليه هنبقى حبايب وبس.

نظر "بشير" لساعته أثناء قوله بملل:
مش هكدب عليك وأقولك إني كان نفسي أقعد معاك، بس أنا عندي شغل، فياريت تلخص وتقول عايز إيه

ترك "باسم" مقعده واتجه ناحية البوابة متأملا المكان من حوله:
لا أنا جاي أتأمل في جمال المعرض، أصله حلو أوي.

تأفف "بشير" بانزعاج فرفع "باسم" كفيه قائلا باستسلام:
خلاص خلاص متزعلش.... عايزك تقول لصاحبك يرد على تليفونه.
تابع يقول جملته الأخيرة قبل أن يغادر الغرفة كليا:
قوله العرض اللي عند باسم مش هيتكرر،
والعرض على توأمه "فريد".

لم ينتظر أي ردة فعل من " بشير" بل انطلق مغادرا كالسهم، حتى "بشير" لم يستطع اللحاق به، وأصبح الحديث الدائر في نفس "بشير" يبحث عن ماهية العرض الذي يقصده، بل يبحث عن علاقة لشقيق صديقه المتوفي به، إن "باسم" تفوه بحديث بالتأكيد لا يعرف خطورته جيدا... لم يفكر من الأساس في هذه الخطورة التي قد تدفعه إلى الهاوية.

★***★***★***★***★***★***★***★

أشعة الشمس الذهبية عمت المكان حول منزل "نصران" بالدفء، فبدا الارتياح على كل شيء هنا حتى الأشجار، أوقفت "فريدة" سيارتها أمام المنزل، ودقائق وكانت بالداخل و "سهام" ترحب بها:
أزيك يا "فريدة".... اتفضلي اقعدي.

وضعت " فريدة" حقيبتها على المقعد المجاور لهذه الأريكة المريحة وقد جلست عليها وهي تقول باعتذار:
أنا أسفه يا طنط لو جيت بدري، بس كنت عايزة "طاهر" في حاجة مهمة.

جاوبت "سهام" على اعتذارها بقولها المخيب لأملها:
أسفة والله يا حبيبتي لكن "طاهر" فضل صاحي طول الليل، هما يادوب ساعتين اللي نامهم مش هقدر أصحيه.

أعصابها تتآكل، والنيران مشتعلة بداخلها، هل فعلا تخسره! ، تذكرت حديث "رفيدة" حين أتت لتقوم بتعزيتها ولكنها سمعت منها ما لم يرضيها عن علاقة "طاهر" الودودة بهذه المرأة وبناتها الثلاثة.

بدأت فعليا في البكاء، ولم تشعر بسخونة دموعها إلا حين سألت "سهام" باستغراب:
مالك يا "فريدة" بتعيطي ليه؟

_طنط أنا لسه بحب "طاهر"
صرحت بها بصدق لوالدة زوجها علها تساعدها ولكن وجدت منها نظرات معاتبة سبقت قولها الذي وضعها أمام جرمها:
ما هو كان معاكي، و بيحبك، طاهر بيقول إنه حب مراته الأولى، لكن الحقيقة إنه لا حبها ولا حبك، ده حب عشرة، اتشد لمراته الأولى فاتجوزها، و أنتِ ظروفك كانت مناسباه وظروفه مناسباكي، وبدأ فعلا يحبك لكن قصاد كده عملتي إيه؟
رمقتها بلوم متابعة تسرد لها ما فعلته:
حطيتي نفسك في مقارنة مع عيل صغير، لو طبطبتي بس عليه هيحبك أكتر من أبوه، و المصيبة إنك مخلفة ومعاكي بنت يعني عارفة يعني إيه تبقي أم وعارفة يعني إيه طفل...طاهر روحه في ابنه تدي ابنه عينك تاخدي طاهر كله، تقفي قدام ابنه تبقي غبية وتخسري.

نظرت لها "فريدة" بدموع فربتت "سهام" على قدمها ناصحة:
عيدي حساباتك يا "فريدة"، بس عيديها بسرعة، علشان أنا شايفة " طاهر" اليومين دول مبسوط و شكلها كده واحدة.

وكأنها على مشارف الموت من الظمأ، ورأت قطرة ماء فأخذها أحدهم بكل عنف مما أشعل لهيبها تجاهه، لذا استقامت واقفة وسحبت حقيبتها لتغادر وهي تقول:
طب أنا مضطرة أمشي يا طنط

سمحت لها "سهام" إلا أنها عادت تسأل:
صحيح يا طنط، رفيدة كانت قالتلي عن واحدة وبناتها قعدوا فوق في الشقة اللي كانت بتاعتي أنا و طاهر... هما لسه فيها؟

_اه تقصدي هادية؟... لا دول كانوا ضيوف كام يوم لحد ما أجروا بيت وفاتحين محل كمان هنا.
وضحت لها "سهام" ما طلبت ولكنها كانت تريد الوصول إلى نقطة بعينها فسألت مجددا:
فعلا!... هي عندها بنت اسمها شهد تقريبا، أصل أنا سلمت على واحدة من البنات دول وأنا نازلة من عندكم بس نسيت اسمها.

تمنت لو كانت الإجابة بالرفض، لو أن فتيات هذه المرأة ليس بهن من تُدعى "شهد"، ولكن خر جبل أملها أرضا، وسقطت هي معه حين سمعت " سهام" تقول:
اه واحدة من بناتها اسمها "شهد".

نظن الإجابة ستعطينا الراحة ولكن الحقيقة أن بعض الإجابات ليست إلا فتح بوابة، بوابة من التعاسة والمعاناة.

x ★***★***★***★***★***★***★***★

إن شعور الاختناق مميت، أن تنسحب أنفاسك وتبقى وحدك تواجه اللهب، هو عدو شرس لك وأنت لا حول لك ولا قوة... إنه يقترب رويدا رويدا، إن النيران ستفتك بك ولن تترك منك شيء و....
هنا استيقظ " عيسى" لاهثا والعرق يغطى وجهه، أخذ يستنشق الهواء من حوله كمن حُرِم من الأكسجين دهرا، وصُرِح له به الآن فقط!
نظر جواره ليجد "يزيد" يغط في نوم عميق، كان سيترك الفراش ولكنه سمع دقات والده المتكررة بشدة، وهو يقول بإصرار:
البس يا "عيسى" وانزل في حاجة ضروري.

مسح على وجهه الذي ما زال يحمل أثار النوم وأمام طرقات والده المزعجة قال بانزعاج:
حاضر يا بابا خلاص هلبس ونازل.

فتح والده الباب ودخل إلى الغرفة، وقعت عيناه على
الزجاجات الفارغة و التي انتشرت هنا وهناك، و ملابس ابنه الملقاة على الأرضية، إنها الفوضى بعينها مما جعله ينطق باستنكار:
ده منظر يعجب حد!

توجه "عيسى" إلى المرحاض قائلا بكسل:
والله هو عاجبني.

قال "نصران" بانزعاج:
ولو اتجوزت مش هيعجب مراتك.

نطق "عيسى" وهو يغلق الباب:
ليها حق الاعتراض، وساعتها هحرمها من طلتي البهية.

ضحك "والده" وهو يجلس على الفراش منتظرا خروجه، ولم يطل الانتظار حيث خرج واتجه ناحية خزانته أخرج منها قميص أبيض ناسب سرواله الأسود، نثر من عطره بهدوء، فسمع والده يقول:
ايه الشياكة دي كلها، سيبت ايه للي مستنينا تحت؟
كان قد انتهى من كل شيء فتحرك ناحية والده يجذب كفه وهو يساعده على الوقوف مردفا بابتسامة:
هو أنا معرفش مين اللي تحت، بس ابنك باشا.

ضحك نصران عاليا وهو يغادر معه الغرفة ثم أخبره بما ينزلا من أجله:
منصور وابنه "جابر" ومعاهم "مهدي" جايين تحت وطالبين نزولك بالإسم، وده طبعا بما إنهم كبار بلدهم... مهدي أنت عارفه، "منصور" ده بقى واحد من الكبار هناك برضو، وواحد من اللي موهوم وفاكر إن ليه حق هنا، عموما الموضوع ده يطول شرحه هحكيهولك بعدين، احنا دلوقتي ننزل نشوف عايزين إيه.

وافقه "عيسى" في الرأي وغادرا حتى يستقبلا من انتظروهم في الأسفل، كان كل شيء مرتب، هم يجلسون وأمامهم الحامل المعدني عليه المشروبات و قطع الصمت دخول "نصران" و "عيسى" وقد ألقى كل منهما السلام، انضما إلى الجلسة وبدأ "نصران" بسؤاله:
خير؟... طلبتم تشوفوني أنا و "عيسى" ليه؟

بدأ "مهدي" الحديث بقوله المعترض:
اسمع يا حاج "نصران" احنا كبار البلد عندنا، وكلنا مش ساكتين عن اللي حصل لفريد الله يرحمه، و بندور لكن اللي حصل امبارح ده ميرضيش ربنا.

هنا نطق "عيسى" بدلا عن والده متصنعا عدم معرفة ما حدث:
وإيه اللي حصل بقى؟

هنا تحدث "جابر" بحدة ملقيا بالتهم:
حصل إنك روحت للحاج مهدي بيته، وهددت إن لو ملقناش اللي عملها هتحرق البلد، وامبارح كان أولها.. البيت المهجور اللي جنب الأرض اللي لقوا فيها أخوك اتحرق ... مش غريبة دي؟

انتهى "جابر" من حديثه وانتظر الرد ولكنه سمع ما لم يعجبه تماما:
ده اتهام رسمي بقى؟
قالها "عيسى" ضاحكا باستهزاء مما جعل "نصران" يقول:
ما تشوف كلام ابنك يا "منصور"، جايين ترموا التهمة علينا في بيتنا، لو حد ليه حق يبقى احنا، اللي ابننا مات عندكوا، وحد غيرنا كان قلب بلدكوا على اللي فيها، لكن احنا ساكتين علشان الناس ميتخربش بيوتها، و بندور على اللي عملها من غير ما نأذي اللي ملوش ذنب.

أخرج " عيسى" محفظته من جيبة، ثم فتحها أمام نظراتهم و "منصور" يقول:
ما هو بالعقل كده، ابنك يهدد بحاجة، وبعدها تحصل، كده انتوا بتاخدوا عاطل في باطل ودي بلدنا ولازم نتكلم.

كان بطاقة "عيسى" في يده، فرفعها أمام أعين الحاضرين مقاطعا:
البطاقة اهي.

قربها من "جابر" ذلك الشاب الذي يماثله في العمر تقريبا، ومن وجه له الاتهام أولا ثم قال بابتسامة زينت جانب ثغره:
اقرأ كده اسمي.

لم ينطق أحد منهم بشيء فنطق هو متابعا بضحك:
شكلكوا مبتعرفوش تقرأوا.
اسمي "عيسى نصران".

أشار لهم ناحية الباب قائلا بهدوء:
هتخرجوا من الباب ده، و تطلعوا على المركز عندكوا... تقولولهم " عيسى نصران" هددنا وقال إنه هيولع في بيوتنا وأراضينا، وامبارح لقينا بيت مهجور بيولع، وبنتهمه رسمي، وكلامي معاكوا بقى يبقى عندهم.

اشتعل ثلاثتهم وزاد هذا الاشتعال حين تابع:
علشان يا ولاد الأصول... الأصول بتقول إنه عيب، عيب يبقى دم ابننا لسه عندكوا، و جايين بكل بجاحة تتهمونا من غير دليل، دم فريد ده ببلدكوا واللي فيها، عايزنها خراب مستعدين جدا، و أهو بجملة التهم... لكن زي ما الحاج نصران قال هو عامل حساب للناس الغلابة اللي ملهاش ذنب، وعموما أنا مش هريحكوا اعتبروني أنا اللي حرقته،
استقام واقفا وقال خاتما:
واللي عندكوا اعملوه.

أشار "منصور" على "عيسى" وهو يقول بغضب:
سامع كلام ابنك يا حاج... يرضيك اللي قاله ده.

رفع "نصران" كفه مشيرا حين نطق:
المعاملة بالمثل ، وأنتوا جايين تتهموه في بيته، فده حقه... وعموما "عيسى" معملهاش، ولو مش عايزين تصدقوا هو قالكم على الحل.

قام "منصور" أولا وتبعه ابنه الذي رمق "نصران" و "عيسى" بمقت، ثم "مهدي"... وانصرفوا دون التفوه بأي شيء بل همس " نصران" أثناء رحيلهم:
ده الدم انعدم صحيح.

هم لا يعلموا من فعلها، ربما هم من فعلوها لافتعال المشاكل، والتهديد بحرب دامية إذا لم يكف ابنه، وربما فعلوا غيرها ليثبتوا عليه.... إن الحرب مع "منصور" قديمة و أسلحته في الحرب لم تكن شريفة يوما ما، بل لم تنل الشرف لثانية واحدة.

x ★***★***★***★***★***★***★***★

_أختي ممكن كيسين ملح.
قالها صغير لشهد التي جلست بمقعدها أمام الحانة، تراقب المارة، وتعطي للقادمين إلى دكانهم ما يريدون، كانت قد سئمت من القيام كل دقيقة ولكن لفت نظرها لهجة هذا الطفل المختلفة فقالت باستغراب:
أنت من هنا؟... أنت شكلك مش مصري صح؟

ابتسم الصغير وهو يوضح لها:
بابا مصري، وإمي من غزة.

مسحت على خصلات الصغير الناعمة ومالت تقبض على وجنته وهي تقول ضاحكة:
وأنت أكيد حلو كده لماما، وعيونك القمر دول شبه ماما.

ضحك الصغير خجلا، وتوجهت هي إلى الداخل ووضعت له "الملح" وتناولت زجاجة مياه غازية، وأحد أكياس الشيبسي، ووضعتهم له مع الملح ناطقة بابتسامة ودودة:
خد دول علشانك.

أخذهم منها ومد يده بالنقود قائلا:
شكرا أختي، اتفضلي.

أخذت منه ثمن الملح وانصرف هو، فابتسمت بحزن، بالتأكيد والدته كانت تعاني تحت القصف، تحارب كحال كل محاربين فلسطين، الأرض لهم مهما مر التاريخ، ونقاء وجوههم وقلوبهم و ألسنتهم يثبت ذلك.... يثبت براءة لم يستطع المحتل أن يلوثها ولن يستطيع.

فاقت من شرودها على إحداهن تقف أمامها، كانت ترتدي ملابس دلت على كونها ابنة أحد الأثرياء هنا، أنزلت نظارتها الشمسية وسألت بشبه تأفف:
المحل ده بتاع الست اللي اسمها "هادية"؟

ضايق " شهد" نبرة الواقفة أمامها لذا تحدثت بانزعاج:
اه بتاعها وأنا بنتها... خير؟

سألت "فريدة" بتخمين ربما يحمل الصواب أو الخطأ:
أنتِ شهد؟

أرجعت "شهد" خصلاتها للخلف و هي تردف:
أيوة أنا "شهد".

قيمتها " فريدة" من أعلى لأسفل وازداد غيظها أكثر، جميلة بتقاسيم حملت البراءة، ولكن عيونها لمع فيها الشراسة وهي تتحدث، لاحظت "شهد" ما يحدث لذا قالت بملل:
هاتي تليفونك أتصورلك صورة وخديها يا حبيبتي بصي فيها.

_مالك ومال "طاهر"؟
سألت " فريدة" بحدة فقالت "شهد" باستغراب وقد انكمش حاجبيها:
طاهر مين؟

هنا لم تتحمل "فريدة" أكثر فتحدثت بانفعال:
"طاهر نصران" نسيتيه يا بت ولا إيه؟

استشاط غضب "شهد" وقالت بنفس النبرة المنفعلة:
بت مين يا بتاعة أنتِ، إيه قلة الأدب دي... أنتوا بتتحدفوا علينا منين؟

صاحت "فريدة" وهي ترمي التهم بسخرية:
دلوقتي بقيتي محترمة أوي، لكن امبارح لما كنتي معاه في نص الليل كنتي ناسية الاحترام.

هنا تحدثت "شهد" بعضب حقيقي تملكها وهي تدافع بشراسة:
أقسم بالله العظيم لو ما احترمتي نفسك واتكلمتي بأدب، لهكون مفرجة عليكي الشارع كله ولا هيهمني.
تذكرت أنه حكى لها عن طليقته وأنهما في طريقهما للرجوع فتابعت:
و بعدين هو مش أنتِ طليقته، عاملة الشو ده كله ليه بقى، روحي يا حلوة شوفي طليقك بيحب مين مش جاية ترمي بلاكي على الناس بكل بجاحة
رمقتها باستنكار وهي تقول:
ده ليه الجنة إنه كان مستحملك أصلا.

اعتدت "فريدة" أولا حين قامت بالاشتباك معها وهي تقول:
هستنى إيه من واحدة رخيصة زيك.

نشب العراك بينهما و صادف نزول "ملك" التي تركت والدتها تؤدي الفريضة في الأعلى، رأت ما يحدث فهرولت تدفع تلك الغريبة عن شقيقتها وهي تصيح:
وسعي سيبيها بتعملي إيه؟

بصعوبة أبعدتهما لتسمع قول "فريدة" الموجه لها:
ناديلي ماما يا شاطرة روحي، عشان تشوف تربيتها.

أشارت لها "ملك" بتحذير وهي تقف بينها وبين شقيقتها كي لا ينشب عراك مجددا:
أنتِ بتتكلمي كده ليه!، احترمي نفسك واعرفي إن اللي بتعمليه ده بيدل على تربيتك أنتِ.

دفعتها "فريدة" صائحة:
و أنتِ مين بقى يا حلوة ياللي نازلة تعلميني الأدب أنتِ؟
جذبتها "شهد" من خلف شقيقتها من خصلاتها وقالت بغل:
لا ده أنتِ عايزة تتربى بقى.

في نفس التوقيت
كان "طاهر" و "عيسى" بصحبة "نصران" ، في الطريق يتوقفون كل ثانية لرد السلام على من يلقيه، ثم قال "طاهر" بغيظ:
يا بابا حرام عليك، أنا واحد نايم الصبح، مصحيني علشان ننزل نلف تشوف أحوال البلد، طب ما معاك "عيسى" .

قال "نصران" بحزم كي يعرفا قواعده:
لازم أهل البلد يشوفوكم مع بعض، و بعدين السرير قصادك طول اليوم لما تروح نام.

استغاث "طاهر" ب "عيسى" الذي رفع كفيه ضاحكا وهو يقول:
حكم القوي.
بمجرد انتهائه سمع رنين هاتفه، إنه "باسم عراقي" مازال يحاول التواصل منذ أمس، لذا ضغط على زر الإجابة قائلا بسخرية:
ولا اللي جوزها بيخونها، وعايزة تمسكه فنازلة زن... عايز إيه؟

لمح هو ووالده و "طاهر" الشجار الناشب أمام محل "هادية"، إنهما الشقيقتان " شهد" و "ملك" ومن هذه؟
تبين "طاهر" ملامحها إنها "فريدة"
لذا هرول مسرعا نحوهن، وتبعه والده أما "عيسى" فثبته ما يقال من الطرف الآخر حيث سمعه يقول بنبرة استطاع الشعور بنشوة "باسم" وهو يقولها وأيضا الضحكة التي ظهرت على وجهه:
تتنازلي عن المعرض بتاعك،
أقولك مين اللي قتل أخوك....? Deal

هو يظنه عرض، ولكنها حياة، حياة شقيق غالي سُلِبت منه الحياة على يد خسيس، كمستعمر اغتصب الأرض دون وجه حق، إنها روح طاهرة أرادت الحياة، أرادت الفرح والسعادة مع حبيبها ولم يشفق عليها أحد بل طعن فيها محتل ظن أن الأرض أرضه.... إنه شقيقه وليس عرض، ولا مجال لوضعه هنا.

غزة الغالية وأهل فلسطين الأبية، إن المعركة شرسة، ولكن العدو حربه غير شريفة، حرب تعرف القصف والنار ولكنها تهابكم... تهاب محاربين أقوياء عرفت شدتهم وذاقت صلابتهم.... كان الله معكم دائما وأبدا وإن كان قصفهم اليوم شديد فحربكم تكون أشد... لكم السلام والحب والشوق من صميم فؤادي.
كان الله في عونكم فيما يحدث، أحبكم جميعا
وكلماتي تحبكم أيضا لذا دُوِنت لكم يا أبطال الحقيقة وليس الأساطير.
يُتبع


فاطِمة عبدالمنعم غير متواجد حالياً  
قديم 18-01-21, 04:57 AM   #23

غدا يوم اخر

? العضوٌ??? » 5865
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,156
?  نُقآطِيْ » غدا يوم اخر is on a distinguished road
افتراضي

انتهى البارت صح
بارت جميل بس احس طريقة هاديهوبناتها بتعديه امواقفوالتجارب كانهم من مدينة كبيرة واغراب مو كانهم من بلدة صغيرة واسر مترابطه مع بعض


غدا يوم اخر متواجد حالياً  
قديم 18-02-21, 06:52 PM   #24

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

تغلق الرواية لحين عودة الكاتبة لانزال الفصول حسب قوانين قسم وحي الاعضاء للغلق

عند رغبة الكاتبة باعادة فتح الرواية يرجى مراسلة احدى مشرفات قسم وحي الاعضاء (rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065, ebti ، رغيدا)
تحياتنا

اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
#وريث آل نصران، #دراما، #أكشن، #إثارة، #حزن

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:00 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.