آخر 10 مشاركات
عندما يعشقون صغاراً (2) *مميزة و مكتملة *.. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          أنا و زوجي و زوجته (1) سلسلة علاقات متشابكة *مكتملة * (الكاتـب : صابرين شعبان - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          [تحميل]مأساتي حيث لا يوجد حل / للكاتبة /سماء صافيه/ فصحى(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          بلسم جراحي (28) للكاتبة الرائعة: salmanlina *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          روايتي "حمل الزهور ألي كيف أردهُ؟ وصبايا مرسوم على شفتيه" * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          تــــــــوأم الـــروح *مكتملة* (الكاتـب : small baby - )           »          127 - الدموع البيضاء - ربيكا ستراتون (الكاتـب : PEPOO - )           »          بركة الدار - (96)نوفيلا- بين جنون العشق وجبروت القدر - سما صافية*مميزة*كاملة&الرابط* (الكاتـب : سما صافية - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree626Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-21, 09:23 PM   #11

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي


صحيح بعض الناس بتتخيل نفسها محور الكون
أسعدتني متابعتك اوديفالا
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اوديفالا مشاهدة المشاركة
سلمى لم تتقبل أنه تجاوزها ومضى في حياتو

متشوقة للتكملة



hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 10:24 PM   #12

duaa.jabar
 
الصورة الرمزية duaa.jabar

? العضوٌ??? » 395763
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » duaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond repute
افتراضي

مقدمه مشوقه صفاء زوجها حالته مقرفه اغلب وسائل التواصل غير امنه فمابالك بعرض زوجته لنفسها وجسدها مع احتمال قرصنة حسابه واشياء أخرى بالاظافه لوالدته وهي هم اخر تعاطفت مع صفاء فهي في وضع لا تحسد عليه
كريم مدلل والدته لكن مراعي لزوجته مع شخصيه انانيه كسلمى اللي تحاول انتزاعه من حياته الواضح ايامه القادمه ستكون مبهره وهل فعلا مالحب الا للحبيب الاول
لينا من الواضح كره زوجة ابيها وماتحمله الايام القادمه لها غامض وصعب


duaa.jabar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 03:53 AM   #13

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة duaa.jabar مشاهدة المشاركة
مقدمه مشوقه صفاء زوجها حالته مقرفه اغلب وسائل التواصل غير امنه فمابالك بعرض زوجته لنفسها وجسدها مع احتمال قرصنة حسابه واشياء أخرى بالاظافه لوالدته وهي هم اخر تعاطفت مع صفاء فهي في وضع لا تحسد عليه
كريم مدلل والدته لكن مراعي لزوجته مع شخصيه انانيه كسلمى اللي تحاول انتزاعه من حياته الواضح ايامه القادمه ستكون مبهره وهل فعلا مالحب الا للحبيب الاول
لينا من الواضح كره زوجة ابيها وماتحمله الايام القادمه لها غامض وصعب
فعلا مواقع التواصل غير امنة معاك حق وصفاء فعلا وضعها صعب لكنه للاسف وضع موجود لزوجات كثير ، كريم فعلا مدلل لكنه راجل بيرعي اسرته، تسلمي علي متابعتك وتحليلك الجميل للمقدمة


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 11:36 PM   #14

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي الفصل الأول

الفصل الأول

"أمي لا أريد أن أفطر، سآكل مع زملائي في الصف"
قالها إياد بتوسل لمرام التي اقتربت منه وقبلته على وجنته بحنان قائلة: إنها قطعة صغيرة من الكيك حبيبي، هيا أكملها حتى أوقظ والدك، توجهت إلى حجرتها لتوقظ كريم للمرة السادسة لهذا الصباح، اقتربت منه تهزه برفق هامسة: هيا كريم حتى لا نتأخر.
أجابها بنعاس دون أن يفتح عينيه: خمس دقائق وأوقظيني مرام.
تنهدت وهي تواصل إيقاظه بصبر: هيا كريم هذه سادس مرة تقول لي فيها خمس دقائق، هيا حبيبي حتى لا نتأخر.
فتح عينيه بتثاقل والنعاس لم يغادره بعد، فمالت تقبل وجنته هامسة: صباح الخير هيا لقد أصبحت الثامنة تجهز سريعا وأنا سأعد لك القهوة.
ابتسمت وهي تراه يقوم بوجه عابس لم يفارقه النعاس بعد ليتجه للحمام لينعش نفسه ليستفيق أما هي فتوجهت الي مطبخها لتعد لهما قهوة الصباح.
دخل بنفس الوجه العابس إلى المطبخ وهو لم يستفق بشكل كامل، ابتسمت له واضعة فنجان القهوة أمامه وقطعة صغيرة من الكيك، أزاح طبق الكيك بتذمر قائلا: لا أريد سأشرب القهوة فقط.
قفز إياد ابنها مُزيحاً الطبق هو الآخر وهو يردد مقلدا والده: وأنا أيضا لا أريد مثل أبي سأشرب اللبن فقط.
رمقت مرام كريم بتحذير وهي تخاطب ابنها بحزم: سنأكل كلنا يا إياد أليس كذلك يا كريم؟
تذمر كريم بحنق وهي يقول بخفوت: لا أعلم من يربي من هل نحن من يربيه أم هو من يربينا.
ضحكت دون أن تعلق مقربة منه الطبق ليأكل، سألها إياد بشقاوة: أمي لماذا لا يتكلم أبي ولا يبتسم.
ضحكت مرام علي تعبيرات كريم وهو ينظر لابنه بغيظ ثم التفتت لولدها تجيبه: لأن كل انسان له طبع يا حبيبي بعض الناس عندما يستيقظون يأخذون وقتا حتى يفيقون ويتحدثون مثل بابا، ثم أردفت بحنان: هيا أكمل حتى لا نتأخر.
فور أن أنهوا فطورهم حتى تحركوا سويا إلى سيارة كريم ليقل ابنه أولا إلى روضته ثم يتجه بعدها إلى مكتبهم الهندسي الذي أسسوه هو ومرام مع صديقهم عمار.
فور أن رآهم عمار الذي كان سبقهم إلى المكتب حتى ألقي عليهم تحية الصباح:
- صباح الخير، ثم سأل مرام بسخرية: ألم يستفق زوجك بعد.
نظر له كريم بغيظ قبل أن يدلف إلى مكتبهما المشترك، ضحكت مرام وهي ترد علي عمار: انها التاسعة باقي نصف ساعة ويستفق بشكل كامل لا تقلق.
فزوجها من الأشخاص اللذين يأخذون وقتا طويلا في الصباح حتى يستفيقوا بشكل كامل ويعود إليهم كامل تركيزهم.
سألها باهتمام: كيف حال شقيقة لينا؟
ظهر الحزن على وجهها وهي ترد عليه: لا يوجد جديد مازالت في غيبوبتها، لينا متأثرة بشدة.
انقبض قلبه وهو يغمغم بخفوت: الأشقاء لا يعوضون أبدا يا مرام، سأذهب لأكلم شقيقتاي وأطمئن عليهم حتى يستفيق كريم ونتحدث.
راقبت انصرافه ثم نظرت إلي كريم فوجدته يرد على هاتفه وقد بدأ يستفيق قليلا، لا بد من أنها والدته فهي تتصل به كل يوم في نفس الموعد لتطمئن على وصوله إلى العمل، تحركت إلي غرفتها لتضع حقيبتها بشرود وتخرج هاتفها تتأمله بحزن، فتحت سجل المكالمات تتأمله بمرارة لا يوجد أي مكالمات مستقبلة إلا من كريم، ليت لها أحد يتصل بها ليسألها عن أحوالها، ليت لها شخصا يفتقدها إذا غابت ويطمأن علي أحوالها، زفرت بمرارة وهي تنفض رأسها حتي تغيب عنها هذه الأفكارالسلبية، فتحت الكومبيوتر لتكمل تصميمها الذي تعمل عليه غارقة بعملها عما سواه.
****************
-صباح الخير عمار كيف حالك؟ لا حرمني الله من اتصالك الصباحي لا يكمل يومي من دونه.
أبتسم وهو يسألها: كيف حالك حبيبتي؟ وكيف حال مدحت والأولاد.
سمع صوتها يجيبه: بخير حال يا عمار لقد ذهبوا إلى مدراسهم ومدحت إلي عمله، كيف حالك وحال أمي لقد اشتقت إليكم كثيرا، بعد قليل سأذهب إليها أقضي معها بعض الوقت قبل عودة الأولاد من المدرسة.
-نحن بخير حال حبيبتي، للأسف أنا في العمل لن أستطيع رؤيتك، إن شاء لله أراك الجمعة القادمة، هل تريدين شيئا حبيبتي.
ما إن سمع إجابتها بالنفي حتى أغلق الاتصال بعد وداعها ليتصل بشقيقته الأخرى ليطمئن عليها، لا يبدأ عمله قبل اتصاله اليومي بهما يطمئن عليهما، عادة لا يشعر باكتمال يومه من غيرها، ما إن أنهي اتصاله بشقيقته حتي أخرج رقمها ليتصل بها ولكن علي عكس حماسه وقت الاتصال بشقيقته بدا التردد ككل يوم يغزوه فردود أفعالها تحبطه كل يوم وكأنها تنزعج من اتصاله، غلب تردده وضغط علي زر الاتصال ولكن بعد الرنة الثالثة فوجئ بها تغلق الخط مثل أمس، أغلق عينيه وهو يحدث نفسه ليهدئها" لا بد إنها مشغولة عمار بعملها لا تغضب" ولكن قلقه وعادته في الاعتناء بمن حوله غلبته فأرسل لها رسالة نصية " صباح الخير كنت أطمأن فقط أنك وصلت للعمل بالسلامة"، أنقذه دخول مرام من أفكاره فنظر إلى ساعته ليجدها التاسعة والنصف تماما موعد استفاقة كريم، ابتسم بمرح متكلف يسألها: كيف تتحملين مزاجه العكر هذا في الصباح؟
ابتسمت في وجهه وهي تضع القهوة أمام كريم أولا ثم تناوله قهوته وتجلس أمامهما: لا تقل هذا عليه عمار إنه يأخذ وقتا ليستفيق ليس أكثر.
استرخي كريم في مقعده وهو ينظر لعمار: لماذا تتدخل أنت ما شأنك لا أفهم؟
سألت مرام كريم باهتمام: كيف حالك الآن هل استفقت؟
-أشعر بصداع شديد فقط.
وبخته قائلة: لأنك تسهر كثيرا ليلا لماذا لا تسمع الكلام وتنام مبكرا؟
-أحب السهر وأنت تعلمين، ثم أردف بحنق: وأوجدي لك حلا في موضوع الإفطار هذا، أنا لا أحب الإفطار فور استيقاظي من النوم، واياد لا يتركني بحالي.
ابتسمت محاولة التغلب على ضحكة تجاهد للظهور وهي تغمغم بخفوت: حاضر سأجد حلا.
تبرم بضيق: كل يوم تقولين نفس الكلام ولا شيء يتغير.
تدخل عمار في الحوار: يا إلهي كف عن دلالك يا رجل ثم أكمل وهو ينظر إلى مرام: كيف تتحملين دلاله السخيف هذا.
- وما شأنك أنت؟ تزوج وارحمنا من فراغك هذا، ولكنك بالطبع لن تجد مثل مرام فلا يوجد منها نسخة مماثلة في هذا العالم.
ابتسمت وهي تنظر إليهم مستمتعة بمشاكستهم اليومية، عمار زميلهم منذ أيام الجامعة وشريكهم في المكتب وصديق كريم المقرب، صديق حقيقي ورجل قل وجوده في هذا الزمان دائما تخبره أن مثيله قد انقرض في هذه الحياة.
تنحنحت تقطع مشاكستهم تقول بحزم: هيا بنا لنبدأ اجتماعنا لنحدد النقاط الرئيسية التي سنتحدث معها الي العميل.
التفت عمار إلي كريم قائلا: تعرف لولا مرام لأغلق هذا المكتب منذ زمن، ثم ألتفت اليها مردفا: لقد أنقذت هذا المكتب يا مرام بقبولك مشاركتنا، ماذا نفعل لولاك.
ابتسمت بخجل ترد عليه: لا تقل هذا أنت وكريم مميزون في عملكم.
ابتسم كريم في وجهها بحنان وهو يقوم من مكانه قائلا: معه حق أنت عبقرية مكتبنا ومديرته الحازمة.
ابتسمت سعيدة بثنائهم متوجهة معهم الي قاعة الاجتماعات في مكتبهم ليناقشوا الخطوط الرئيسية لعرضهم قبل لقائهم مع العميل.
*********************
جالسة تتابع صفحته باهتمام شديد تتنقل بين صوره المختلفة، غمغمت بحيرة: يكتب انه متزوج ولكن لا أجد صورة لزوجته، هل عنده أولاد يا تري؟
واصلت بحثها باهتمام حتى تألقت عيناها وهي تجد ما تبحث عنه صورة يتيمة له مع زوجته وابنه.
مضت شفتيها بامتعاض وهي تتأمل صورة زوجته مغمغمه: ما هذا الذوق يا كريم؟ انها تشبه عجوز في السبعين من عمرها بهيئتها وملابسها، ولكن ابنك وسيم يشبهك كثيرا.
لم تنتبه في غمرة انشغالها بدخول أختها التي وقفت خلفها تتابع ما تفعله بعين غير راضية، فزعت من صوت أختها الذي انتشلها من استغراقها: ماذا تفعلين يا سلمي أليس هذا الشاب الذي كنت مرتبطة به أيام الجامعة؟ هل هو سبب انفصالك عن زوجك؟ هل وعدك بشيء؟ هل هو من خرب حياتك ودفعك للطلاق.
تأففت من كلام شقيقتها: هل هو تحقيق رجاء؟
اقتربت منها شقيقتها بقلق تتأمل الصورة التي أمامها: أنا أخاف عليك حبيبتي، بعض الرجال ليس عندهم ضمير، كيف استمعت إليه وأفسدت حياتك، واضح أن لديه أولاد وزوجة لن يهدم بيته من أجلك.
-أنا لم أتواصل مع كريم رجاء منذ خطبت لكارم لا تقلقي، لم يكن هو سبب طلاقي بل برود كارم وملله هو ما دفعني للطلاق.
اقتربت منها شقيقتها قائلة: كارم يحبك يا سلمي، إنه يلح علي أبي حتى يقنعك بالعودة إليه، لا تضيعي رجلا كهذا من يدك يحبك ويهتم بك ويدللك كطفلة، ويصبر على جنونك الذي لا ينتهي.
مطت شفتيها بضيق تقول: لقد سئمت منه ولن أعود إليه أخبرتكم أنه رجل ممل تقليدي لا أشعر معه بحرارة الحب الذي كنت أشعره مع كريم، كريم شخص مختلف حيوي مرح غير تقليدي بعكس الممل الآخر، سأعود اليه فيبدو أنه متزوج من شخصية مملة هو الآخر، ثم قربت اللاب توب من شقيقتها تشير إلي صورته مع أسرته مردفه بقرف: أنظري إلي ملابسها ووجهها لا أعرف كيف تزوجها كريم كان دائما ذوقه راقي، لا أعرف كيف يطيق النظر الي وجهها.
نظرت شقيقتها الي سلمي بغيظ وهي تصرخ بوجهها: هل ما أفهمه صحيح؟ هل جننت؟ حسبت أن الرجل هو من أغواك لتطلقي، هل تريدين خراب حياة الرجل وبيته، أنظري الي الصورة أسرة جميلة يبدو عليها السعادة بينهم طفل، أشارت بيدها إلى الصورة مردفه: أنظري الي ملامحه إنه سعيد ويبدو عليه الراحة دعيه في شأنه والتفت ِأنت لحالك وكف عن أنانيتك سلمي حتى لا تندمي.
- أنا لا أندم رجاء، كريم حقي أنا وهي من سرقته مني فقط سآخذ ما هو لي أنا لا أترك ما هو ملكي لأحد أنت تعرفين.
تطلعت إليها شقيقتها بذهول لا تستطيع فهم طريقة تفكيرها، ضربت كفيها سويا وهي تسألها: لا أفهمك حقا لا أفهمك، كيف سرقته منك؟ أنت تزوجت وانتهت قصتكما معاً لم تكن طرفا بينكما بالأساس.
استرخت في فراشها بملل من لوم أختها المتواصل: لأنه يحبني أنا ملكي أنا وما هو ملكي لا يجب أن ينظر إليه أحد، أما هو فسيكون حسابي معه عسيرا كيف يتزوج من بعدي، كيف يسير بحياته رغم بعدي.
تهكمت أختها: وما المطلوب منه أنت تزوجت وسافرت وبدأت حياتك هل مطلوب منه أن يعيش على ذكراك.
رفعت رأسها بغرور تقول لأختها: بالطبع وهل أنا شخصية سهل نسيانها حتى يتزوج بعد انفصالنا، ولكن بالتأكيد ما إن أظهر أمامه ويعرف بخبر طلاقي سيعتذر ويطلق تلك السارقة التي تزوجها وسترين.
صرخت بها أختها وقد استفزها حديثها ولويها للحقائق: كف عن حماقتك سلمي أنت من تركت الرجل غير عابئة به ولا بحبكما عندما لاحت لك فرصة للسفر لأوروبا ما دمت تحبيه هكذا لماذا تخليتي عنه، دعي الرجل في حاله وفكري في حياتك وكفي عن أنانيتك الكون لا يدور من حولك.
دخلت والدتهم علي صوت رجاء العالي تتكأ على عصاها وتمشي بضعف، أسرعت رجاء إليها تسندها: هل هناك شيء أمي لماذا قمت من مكانك؟ هل تريدين شيء؟
-سمعت صوتك العالي يا رجاء، لماذا تحزنين شقيقتك اتركيها تفعل ما يرضيها ألم تكف صدمة طلاقها؟، ثم التفتت لسلمي: لماذا لم تفطري حبيبتي؟
تدللت سلمي على والدتها كعادتها دلالا رأته رجاء مقيتا خصوصا مع صحة والدتهم الضعيفة: اشتهي شيئا من بين يديك أمي، إن طبق البيض خاصتك لا يقارن بأي طعام أكلته.
قامت أمها مسرعة حتى كادت تنكفأ على وجهها فأسرعت رجاء إليها تسندها وهي تقول لها بحنان: إجلسي أمي أنا سأحضر لها الفطور.
استندت على عصاها وهي تتحرك بخطوات بطيئة نحو الباب تقول لرجاء: أنا سأصنع لها افطارها يا رجاء اجلسي أنت، إنها تشتهيه من بين يدي.
رمقت رجاء أختها بغيظ وما إن انصرفت والدتها من الحجرة حتى وبختها: أمي وأبي صحتهم لم تعد كالسابق كما ترين ولهذا أحضر لهم يوميا ألبي طلباتهم فكف عن دلالك سلمي وراعي صحة والديك الضعيفة.
تأففت سلمي وهي تستمع لتوبيخ رجاء المستمر لها منذ عودتها من فرنسا بعد طلاقها من كارم، لقد عادت منذ شهرين ونصف وبقي القليل فقط علي انتهاء عدتها، قضتها في التنزه مع صديقاتها وأبناء أشقائها الذين يقاربونها جميعا في العمر بل إن منهم من يكبرها بالفعل، ومع قرب انتهاء عدتها بدأت تفكر في شكل حياتها الجديد بعد أن تصير حرة رسمية لتفعل ما تشاء لتجد قلبها ينبض باسم واحد كريم حبيبها، صحيح إنها تراسله منذ أسبوع كامل ترغب في إثارة شوقه إليها حتي إذا انتهت عدتها ستسارع للقائه ويتوجا حبهما بالزواج، ولكنه لا يرد عليها وهذا بدأ يوترها ودفعها للتساؤل هل يحب زوجته؟ هل نسيها؟ واليوم عندما رأت صورتها أيقنت أن زوجته محال أن تصمد في مقارنة أمامها، همست متوعدة" سأريك يا كريم كيف تتجاهلني بهذا الشكل، ولا ترد على رسائلي".
رفعت عينيها إلي رجاء المستمرة في نصائحها التي لا تنتهي فقاطعتها: رجاء كف ِعن نصائحك، كونك ارضعتني مع ابنتك لا يعطيك الحق في توبيخي كلما رأيتني، لقد سأمت من أسلوبك هذا.
اقتربت رجاء منها تحاول تهدئة نفسها فهي الأعلم بعناد شقيقتها ودلالها الزائد عن كل الحدود، ربتت على كفها بحنان تقول لها بعاطفة حقيقية: تعلمين جيداً إنني أراك ابنتي لقد أرضعتك مع سما وكبرتما معا، أبدا لا أشعر نحوك بمشاعر أخوية بل بمشاعر أمومة تماثل ما أشعره تجاه أولادي، أنا خائفة عليك حبيبتي.
قامت من مكانها تقاطع حديثها التي تعلم جيدا نهايته بمحاولة اقناعها بالرجوع إلي كارم قائلة: سأذهب إلي أبي حتى تحضر أمي الإفطار.
تطلعت رجاء في إثرها بحسرة خائفة عليها من الغد بعنادها ودلالها، غمغمت بأسف: سامحك الله يا أبي أنت وأمي على دلالكما الزائد الذي شوهها لهذا الحد.
شردت ببصرها تسترجع ذكريات مر عليها ما يقارب الثلاثين عاما، تذكرت يوم زفاف أصغر أشقائها مصطفي، وتعب والدتها الشديد يومها، يومها لم يعطوا للأمر أهمية وأرجعوا تعبها لتحضيرات الزواج، ولكن التعب زاد علي والدتها وهنا كانت صدمتهم جميعا كبيرة بعد ذهابهم للمشفى والدتها حامل، وقتها كانت والدتها تبلغ السادسة والأربعون ووالدها في الخمسين، تنهدت وهي تتذكر تعب والدتها الشديد في الحمل وانهيارها الصحي بعد الولادة حتي إنها من اعتنت بسلمي وأرضعتها مع سما أبنتها التي تكبر سلمي بستة أشهر أغلقت عينيها وهي تسترجع ذكريات طفولة سلمي كانت طفلة حلوة تدخل القلب، دللوها جميعا هي وأشقائها، ولكن والديها أفسدوها بالدلال كانت حجتهم الدائمة إنهم لن يعيشوا معها مثل ما عاشوا معهم، لم يرفضوا لها طلبا، لم يصححوا لها خطئا، لم يقوموا لها اعوجاجا، فنشأت تري نفسها أفضل من الجميع، تتعامل في حياتها مثلما كانت طفلة تشير إلي اللعبة فيشتروها، غافلة أن الحياة أكثر اختلافا و تعقيدا.
مسحت على وجهها تنفض عنه ذكرياتها وقامت من مكانها بتثاقل تتجه لصالة المنزل لتجد أبيها جالسا يدلل سلمي كأنها طفلة صغيرة وأمها تضع لها الطعام أمامها لتقول لها سلمي بدلال: أمي لم تطعميني منذ زمن.
جزت رجاء علي أسنانها بغيظ وهي تجد أمها تطعم سلمي في فمها كطفل صغير، فغمغمت بغيظ: سامحكما الله أنتما السبب في افساد حياتها بدلالكما الزائد.
انصرفت الي المطبخ لتعد طعام الغذاء لوالديها حتى لا تضطر والدتها للقيام، انهمكت في المطبخ وعقلها مشغول بسلمي وكيف تساعدها، بينما سلمي غارقة في صور كريم وخططها المستقبلية.
*******************
تحركت لينا بتثاقل تتجه إلى والدها الجالس بحزن يدفن وجهه بين كفيه جالسا بجوار زوجته التي تتساقط دموعها بلا توقف، اقتربت من أبيها لتجلس بجواره تربت على قدمه بحنو تسأله: كيف حالها أبي هل من جديد؟
رفع رأسه إليها فهالها شحوب وجهه الشديد وعيونه الغائرة، تحدث فكان صوته مبحوحا خافتا: لا يا لينا كما هي ليس هناك جديد.
ربتت على كفه بتعاطف هامسة: إن شاء الله ستفيق من غيبوبتها وستعود أفضل من السابق يا أبي لا تقلق.
رفع والدها كفيه هامساً: يا رب استجب لها يا رب.
ثم نهض بتثاقل يقول: سأذهب لأصلي وأدعو الله أن يردها لنا سالمة.
ما إن ابتعد والدها حتى همست لها زوجته من بين بكائها: ليتك كنت مكانها وهي كانت سالمة فهي لها من يريدها ويحبها أما أنت فلا أحد يريدك.
كلماتها كانت موجعة مؤلمة لقلب لينا، كادت أن ترد عليها لولا أنها تماسكت وذكرت نفسها بمصابها وحالتها النفسية السيئة، فقامت من مكانها تبتعد عنها.
ابتعدت بخطوات بطيئة متثاقلة تتجه إلى مكان الرعاية المركزة التي تحتجز فيه أختها، رأت زوج شقيقتها واقفا بجوار الحجرة، تنهدت بحزن وهي تقترب منه تحييه بصوت هامس تسأله: هل من جديد يا علي؟
هز رأسه نفيا دون أن يرد، فقالت بإشفاق: لماذا لا تجلس يا علي؟ أرح نفسك قليلا حتى تجدك تسنيم بكامل قوتك عندما تستيقظ، أنت على هذا الحال منذ حادثتها
لا تجلس ولا تأكل.
رفع اليها عينين مهمومتين حزينتين قائلاً بصوت خافت: كيف ارتاح وهي تصارع الموت في كل دقيقة، إنها روحي يا لينا كيف أعيش بدونها.
دمعت عيناها مع كلماته فهمست بصوت مختنق بالبكاء: إن شاء الله ستفيق وستعود أحسن من السابق.
همهم بخفوت "آمين" ثم سألها: كيف حال الأولاد؟
مسحت دمعة فرت من عينيها وهي ترد عليه: إنهم بخير، سأذهب إليهم الآن حتى لا يتعبوا خالتي.
نظر إليها بامتنان يشكرها بخفوت فاستأذنته لتنصرف وداخلها يبكي ألما على شقيقتها الغارقة بغيبوبتها منذ عدة أيام بعد حادثة السير، تحركت بتثاقل تخرج من المشفى لتوقف إحدى سيارات الأجرة لتقلها إلي بيت شقيقتها.
ما إن فتحت لها خالة تسنيم الباب حتى اقترب منها مالك وملك بملامح مبتهجة، احتضنتهم بحنو وهي تعطي لهم بعض الحلوى، سألت اكرام: كيف حالك خالتي؟
تنهدت اكرام بحزن وهي تقودها إلى حجرة المعيشة ليجلسوا متجاورين: الحمد لله يا ابنتي هل من جديد؟
-لا للأسف خالتي حالتها كما هي، كم أتمنى لو كنت أنا مكانها وهي سليمة معافاة لأجل أولادها وأحبابها.
شهقت اكرام باستنكار وهي تعنفها: ما هذا الكلام يا لينا حماك الله وحفظك يا حبيبتي لا أرانا الله فيك مكروه أبدا، وإن شاء الله تسنيم ستتعافى وتصبح بخير.
انهمرت دموعها بلا كلام فاقتربت منها اكرام تحتضنها بحنو وهي تربت على ظهرها بدون كلام وكأنها تخبرها إنها معها تفهمها وتدعمها، ابتعدت لينا بعد قليل وهي تمسح دموعها واعتذرت لها بصوت خافت: آسفة خالتي لم يكن مفترض أن أنهار هكذا فأنت الأخرى حزينة، لم يكن علي أن أحملك همي بل أخفف عنك.
ربتت على كفها بحنو تقول: لا تقولي هذا يا حبيبتي كلنا موجوعون بالخبر ونتألم ولكننا نخفف عن بعضنا، لهذا وجد الأهل.
ارتسمت ابتسامة مريرة على شفتيها وهي تسمع كلمة الأهل، كلمة لم تعرف معناها أبدا في حياتها القصيرة فلقد حرصت زوجة أبيها على تقطيع جميع أواصر العلاقة بعائلة أمها، حتي خالتها الوحيدة التي كانت تحبها كإبنة لها حرصت علي إثارة المشكلات كلما ذهبت إليها فكفت عن الذهاب إشفاقا علي والدها من الضغوط وأكتفت بمكالمات هاتفية، وحرصت كذلك علي تسطيح علاقتها بعائلة أبيها بشكوتها الدائمة منها حتي نفر منها الجميع وأصبح كلامهم الدائم معها تأنيب مستمر ونهر دائم واخبارها أن من حق أبيها الحياة والاستقرار بعد وفاة والدتها حتي ماتت مشاعرها تجاههم مع الوقت وتجنبتهم وتهربت من لقائهم، وهذا أسعد زوجة أبيها فهي تري أنها وحدها وأولادها من لهم حق القربي أما هي فنكرة لا تذكر.
انتبهت علي صوت اكرام تحدثها فالتفتت إليها
-سأصنع لك كوبا من الشاي حبيبتي.
-لا خالتي اجلسي وارتاحي أنا سأصنع الشاي.
ابتسمت بحنان وهي تشاهد أولاد شقيقتها منهمكين بأكل الحلوى، طفلين جميلين يشبه كلاهما تسنيم كثيرا ملك في الرابعة ومالك في الخامسة، انصرفت لتعد الشاي وداخلها يدعو الله أن ترجع أختها إلى بيتها وأولادها وتتعافي مما أصابها.
وضعت الشاي أمام اكرام وجلست بجانبها فاقترب منها مالك متسائلا: أين أ أ أأ أمي خالتي؟ ألن تحضر؟ لقد اشتقت إليها كثيرا.
سخرت ملك من خلفه على نطقه محاولة تقليد نطقه المتعثر فدمعت عيناه من سخريتها فأخدته لينا في أحضانها وهي ترمق ملك بعتاب، ربتت على ظهره بحنو وهي ترد عليه: ستأتي بعد عدة أيام حبيبي لا تقلق.
ثم أخرجت له إحدى كتب التلوين من حقيبتها التي يعشقها وأعطتها له قائلة: من سيلون هذه الرسمة؟
رفع يده بحماس وهو يأخذ الكتاب منها ليبدأ في التلوين، بينما أشارت لينا لملك التي أتت إليها مسرعة تجلس على قدمها فكلمتها بهدوء: ملك حبيبتي عندما يتحدث مالك لا أريدك أن تسخري منه اتفقنا.
-ولكنه لا يعرف كيف يتحدث، ألا ترين كيف يردد الحروف أنا أتكلم أفضل منه.
-إذا نفذت اتفاقنا ولم تعلقي على طريقة حديث مالك سأشتري لك تلك الدمية التي رأيتِها أمس في التلفاز وأعجبتك.
قفزت ملك بحماس: لن أعلق مرة أخري ولكن متي ستشتريها لي؟
ابتسمت لها بحنان وهي تناولها إحدى دفاتر التلوين هي الأخرى وترد عليها: إذا أخبرتني جدتك إنك تسمعين الكلام ولا تعلقين علي كلام مالك لأسبوع كامل سأشتريها لك.
أخذت منها الكتاب مرددة بحماس "سأفعل" وانصرفت تجلس بجوار شقيقها تلون هي الأخرى.
"لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدونك يا لينا؟ الأولاد يسمعون كلامك لم تعد لي طاقة لحركتهم ومشاغبتهم المستمرة"
قالتها اكرام للينا بامتنان فردت عليها بخفوت: أنا لم أفعل شيئا خالتي، أنا أحبهم للغاية، أتمنى أن تعود إليهم والدتهم بخير فهم يفتقدون وجودها للغاية، لا أحد يستطيع ملأ مكانها، ثم نظرت إليها بقلق مردفه: تقلقني حالة مالك أشعر به كل يوم يزداد تلعثما في كلامه هل يفعل هذا معك أيضا.
أومأت اكرام برأسها إيجابا قائلة: نعم واليوم كان يقبض يده بقوة وهو يتحدث كأنه يجاهد ليخرج الكلمات من فمه وكما ترين ملك لا تنفك تسخر منه ومن طريقة حديثه.
-سأحاول الذهاب غدا الي اخصائي تخاطب استشيره خالتي ربما يحتاج الي بعض الجلسات أو ربما تعطيني بعض النصائح التي ننفذها معه.
-لا حرمنا الله منك حبيبتي ماذا كنا سنفعل من دونك؟
ابتسمت ابتسامة باهتة لها وهي تتأمل أولاد شقيقتها المنهمكين بالتلوين، مالك كان شديد التعلق بوالدته عكس ملك التي كانت أقرب لوالدها، لذلك كان تأثره أكبر باختفاء والدته الفجائي من حياتهم، منذ عدة أيام بدأ يتلعثم بالكلام على غير عادته، تمنت في أعماقها أن ترجع أختها لبيتها بالسلامة ولا يُحرم أولادها منها أبدا فهي أكثر من تعرف مرارة اليتم وآلامه.
*********

نظر أنور زميل محسن بالعمل إليه بحقد وهو يستقر على مكتبه بعد خروجه من مكتب مديرهم، كان يجب أن يكون هو في نفس مكانته هو الأقدم منه في العمل بثلاث سنوات كاملة، كان المدير يوليه كامل ثقته أما منذ قدوم محسن تبدل الأمر صار محسن هو مصدر ثقته، بل لقد أزاد له راتبه عنه رغم أقدميته، بينما محسن كان غافل عن نظراته يعمل بجد كعادته منتظرا انتهاء العمل حتي يختلي بنفسه ليتحدث مع صفاء فلقد كان ينتظر بشوق طوال ساعات النهار قدوم الليل ليختلي بحبيبته، مال مراد زميلهم الثالث بالمكتب علي أنور يهمس له: كف عن تحديقك به بهذا الشكل ستلفت انتباهه إليك.
رد عليه بهمس غاضب: أيعجبك هذا؟ المدير يقربه ويعطيه كل الامتيازات ونحن الاثنين أقدم منه هذا ظلم منذ أتي الي هنا وهو يستولي على الأنظار، نحن أحق بزيادة الراتب وليس هو.
هز مراد كتفيه بلا مبالاة قائلا: لا يهمني في الحقيقة من يقربه المدير، ما يهمني أني أتقاضى راتبي آخر الشهر دون نقصان.
-أما أنا فيهمني، هذا الحقير يتعمد التقرب من المدير والتزلف اليه ومن يعلم قد يكون ينقل إليه أخبارنا ويوهمه بأننا لا نعمل بجد.
زفر مراد بملل من حديث أنور المتكرر ثم قال: دعك منه يا أنور وانشغل بعملك، محسن ليس مثلنا وراءه أسرة هنا يهتم بها بل هووحيد هنا متفرغ تماما للعمل ومن الطبيعي أن يكون أكثر فراغا وتقبلا لأي مهام إضافية يعطيها المدير له بعكسنا، وهذا ما يدفع المدير لأن يقربه ويزيد راتبه فهو يعمل ساعات إضافية عنا.
ثم ركز انتباهه للأوراق التي أمامه يعمل عليها تاركا الآخر تتآكله الغيرة والحقد من محسن.
***********
دخل غرفته بإرهاق شديد بعد يوم عمل طويل، وضع وجبة الطعام التي أحضرها في طريقه علي أحد المقاعد وذهب لينعش نفسه في الحمام ليستفيق لمحادثة صفاء، كان يسكن بإحدى الشقق المشتركة توفيرا للنفقات ولكنه أخذ حجرة مستقلة ليوفر بعض الخصوصية لنفسه، كان شابا في الخامسة والعشرون من عمره طويل القامة يميل جسده للنحافة ذو بشرة شديدة البياض مشربة بحمرة طبيعية وعيون شديدة السواد، وقف أمام المرآة ينشف شعره بمنشفة صغيرة ثم رماها بإهمال علي الأرض وأغلق الباب بإحكام ليتصل أولا بوالدته ليطمئن عليها، ما إن سمعت أمه صوته حتي تهللت ملامحها وهي تسأله بلهفة: كيف حالك يا حبيبي لقد اشتقت إليك كثيرا؟
-رد عليها وفمه ملئ بالطعام: أنا بخير يا أمي كيف حالك وحال أبي؟
-كلنا بخير يا حبيبي، هل تأكل؟
رد عليها وهو يأكل بنهم: لم آكل شيئا منذ الصباح يا أمي؟
شهقت أمه مستنكرة: لماذا يا حبيبي؟
- انشغلت كثيرا يا أمي في العمل، صاحب العمل يوكل إلى العديد من المهام لثقته بي، أدور حول نفسي من الصباح لا أجد وقتا حتى للطعام.
دعت له: ليوفقك الله يا حبيبي ويفتح لك أبواب رزقه الواسعة، أنت هناك تتعب وزوجتك هنا لا تفعل شيئا، أوقظها أنا كل يوم من النوم، هل كبرت لأٌخدم أم لِأخدم!
زفر بضجر من الحديث المستمر والشكوى التي لا تنتهي من صفاء.
- حاضر أمي سأحدثها، سلمي لي علي أبي واخوتي، وأغلق الهاتف ليتصل من فوره بصفاء بشوق ولهفة عارمين.
*****************
فردت ظهرها بتعب وهي تشعر بألم شديد فيه بعد يوم عمل شاق بالأسفل، حماتها تصر على أن تتواجد بالأسفل طوال النهار حتي لو أنهت أعمال البيت ولولا محادثة محسن لها اليومية ليلاً لظلت هناك بالأسفل حتي موعد النوم، رفعت هاتفها تتصل بوالدتها الحبيبة التي اشتاقتها، منذ شهر كامل لم ترها، ستلح اليوم علي محسن أن يسمح لها بقضاء اليوم غداً عندها، ولكن قبل اتصالها تعالى رنين هاتفها باسم زوجها، تنهدت وهي تلقي نظرة علي نفسها في المرآة تطمئن علي مظهرها قبل أن تفتح الاتصال تسأله ببشاشة كعادتها: كيف حالك محسن؟
-الحمد لله صفاء كان مازال يأكل وهو يتفحصها عبر الاتصال المرئي بنظرات مشتاقة، صفاء زوجته سرقت قلبه منذ رآها بابتسامتها تلك، كان وجهها شديد البشاشة مبتسم بشكل دائم وفطري، كانت مرحة خفيفة الظل وذات وجه جميل طفولي منمنم الملامح كالعرائس، بشعر طويل لامع شديد السواد، وعيون بنية واسعة ورموش طويلة، وصفات تشبه اسمها فهي كانت صافية النية طيبة القلب بشكل كبير، رد عليها بابتسامة: أنا بخير الحمد لله حبيبتي، آكل كما ترين بعد يوم عمل طويل.
-أعانك الله يا محسن يبدو عملك شاق للغاية، ثم أضافت بخجل: لقد اشتقت عليك.
تفاعل قلبه مع كلامها فرد عليها بعاطفة: وأنا أيضا اشتقت اليك كثيرا، أتمنى أن أكون بجوارك الآن فآخذك بين ذراعي.
ابتسمت بخجل مع عبارته التي تعرف ما يليها من أشياء سيطلبها منها، فأسرعت تقول قبل حديثه المتوقع: محسن أريد أن أطلب منك شيئا، لقد اشتقت إلي أمي كثيرا لم أذهب منذ شهر كامل إليها اشتقت إليها كثيرا، هل تسمح لي بالذهاب غدا وقضاء اليوم معها؟
-بالطبع حبيبتي إذهبي كما تشائين
قالها متلهفا لينهي الحوار ليبدأ فيما اشتاقه كثيرا، ولكنها عادت تلح عليه: أرجوك محسن اتصل بوالدتك أخبرها حتى لا ترفض غدا.
بنفاذ صبر أغلق معها الخط ليخبر أمه بذهاب زوجته لزيارة والدتها غدا وعندما عاود الاتصال بها ليخبرها كادت تطير من الفرح واستجابت لما طلبه منها كما لم تستجب له بيوم من الأيام.
انتهي الفصل



التعديل الأخير تم بواسطة hollygogo ; 11-01-21 الساعة 11:52 PM
hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-21, 11:38 PM   #15

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 3 والزوار 16)
‏hollygogo, ‏سودوكوو, ‏wafaa hk


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-01-21, 07:30 PM   #16

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس من الفصل الثاني
عاتبتها منال صديقتها الجالسة بجوارها: لم يكن من اللائق أن تنهي المكالمة بهذا الشكل نرمين، انه يتصل يطمئن عليك، ستخسريه بطريقتك تلك.
تأففت وهي تتحدث: لقد سئمت من أسلوبه، يتعامل معي كطفلة سيلتهمها الكبار، أنا كبيرة بشكل كاف حتى أهتم بنفسي.
تدخلت صديقتها الثالثة بالحوار: خطيبك هذا يبدو أنه من زمن آخر، أفكاره عتيقة للغاية لا أدري كيف ستعيشين معه.
نهرتها منال: ثريا ماذا تقولين؟ أسلوبك هذا لن يهدئها، هو فقط يهتم بها ويخاف عليها ثم أردفت بنبرة موحية: أليس أفضل من عدم الاهتمام والسؤال؟
احتقن وجه ثريا وهي تفهم قصدها فخطيبها من الشخصيات التي لا تهتم بالسؤال اذا لم تتصل هي أو تدعوه لزيارتها لا يهتم كل تفكيره منصب علي عمله وفقط، أنقذتها نرمين من احراجها قائلة: خوف أكثر من اللازم انه يخنقني


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-21, 01:23 PM   #17

SAMAR-YANA
 
الصورة الرمزية SAMAR-YANA

? العضوٌ??? » 444713
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 846
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » SAMAR-YANA is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .



موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .







SAMAR-YANA غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-21, 11:21 PM   #18

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة SAMAR-YANA مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .



موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .





شكرا لمرورك سمر


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-21, 01:43 AM   #19

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني
تطلعت إلى شاشة هاتفها بلا مبالاة وهي تري اسمه يظهر على شاشة الهاتف، تأففت والرنين يتعالى للمرة الثانية علي التوالي، فتحت الخط تجيبه بفتور: كيف حالك عمار؟
تعالى صوته بقلق: نرمين هل أنت بخير لقد قلقت عليك؟
-أنا بخير عمار، أنا مع صديقاتي الآن لن أستطيع أن أطيل معك في الحوار، مع السلامة.
عاتبتها منال صديقتها الجالسة بجوارها على طريقتها في الحديث: لم يكن من اللائق أن تنهي المكالمة بهذا الشكل نرمين، إنه يتصل ليطمئن عليك، ستخسريه بطريقتك هذه.
تأففت وهي تتحدث: لقد سئمت من أسلوبه، يتعامل معي كطفلة سيلتهمها الكبار، أنا كبيرة بشكل كاف حتى أهتم بنفسي.
تدخلت صديقتها الثالثة بالحوار: خطيبك هذا يبدو أنه من زمن آخر، أفكاره عتيقة للغاية لا أدري كيف ستعيشين معه.
نهرتها منال: ثريا ماذا تقولين؟ أسلوبك هذا لن يهدئها، هو فقط يهتم بها ويخاف عليها ثم أردفت بنبرة موحية: أليس أفضل من عدم الاهتمام والسؤال؟
احتقن وجه ثريا وهي تفهم مقصدها فخطيبها من الشخصيات التي لا تهتم، إذا لم تتصل هي أو تدعوه لزيارتها لا يسأل عليها، كل تفكيره منصب علي عمله وفقط، أنقذتها نرمين من إحراجها قائلة: خوف أكثر من اللازم إنه يخنقني باتصالاته، اتصال عند وصولي للعمل وآخر عند وصولي للمنزل وإذا خرجت يوترني باتصالاته، متي تصلين متي تعودين؟ إنه حتى يرغب بتوصيلي يوميا إلي العمل يزعم إنه لا يريدني أن أركب المواصلات العامة لأنه يخاف علي ولكن أجزم إنه يريد أن يسيطر علي ويعرف جميع تحركاتي، لقد سئمت حقا أشعر بالاختناق من هذه العلاقة، إنه يتعامل معي كما يتعامل مع أمه وشقيقتيه وأنا لا أحب هذا الحصار، إنه حتي يتدخل في صداقاتي، أريد بعض المساحة لنفسي.
حدثتها منال بعقلانية: إنه يهتم بك نرمين، هل هناك أحد يكره الاهتمام؟، يخاف عليك ربما هو يبالغ قليلاً ولكنك تقولين إنه يفعل ذلك مع أمه وشقيقتيه أي أنه يفعلها بشكل تلقائي، إنه لا يقصد أن يحاصرك، كما أنه لم يتدخل يوما في صداقتنا معك، فقط تحدث معك عندما بدأت جمانة في التقرب منك ولا تنكري أنه محق فهي إنسانه مختلفة عنا كثيرا وسمعتها غير جيدة بالمرة، أنا نفسي كنت معترضة وتحدثت معك وقتها، وأظن أنه أثبت صحة تفكيره عندما بدأت جمانة في التقرب منه ومحاولة خطفه منك ولولا أنه رجل جاد مستقيم لكان عبث معها من وراء ظهرك، إنه رجل تأمنين معه علي حياتك نرمين، زوجي معجب به للغاية.
شردت نرمين بعينيها تفكر في كلام منال وداخلها شعور بالنفور من هذه العلاقة يزداد يوماً بعد يوم، تشعر نفسها لا تتقبل طريقته ولا تفكيره على الرغم من مدح والدها ووالدتها المستمر لشخصه، تنهدت بملل تغير مجري الحديث: دعونا من هذه السيرة فيما كنا نتحدث قبل أن يقاطعنا بمكالمته؟
*****************
نظر عمار إلي هاتفه بشرود يشعر بمشاعر سلبية بدأت تطفو على سطح علاقته بنرمين، يشعر بأنها لا تحب اتصاله بل كثيرا ماتتهرب من الرد عليه، ما لخطأ الذي يفعله لا يدري، حاول أن يبتعد قليلا ولكنه لم يستطع لقد جُبل علي الاهتمام بما يخصه، وهي الآن تخصه خطيبته وزوجته المستقبلية إذا لم يهتم بها بمن سيهتم؟ هكذا رباه والده رحمه الله على الاهتمام ورعاية النساء من حوله، انتبه على والدته تجلس بجواره تسأله: فيم أنت شارد عمار، لقد سمعتك تتحدث مع نرمين كيف حالها؟
ابتسم ابتسامه باهتة حتى لا يثير قلقها يرد عليها: بخير يا أمي ترسل لكِ سلامها، اكتبي لي الآن ما تريدين حتى أحضره لك غدا وأنا قادم من العمل.
-سأحضر أنا يا عمار ما أريد وأنا عائدة من عملي يكفي ارهاق عملك يا بني.
رمقها بعتاب: هل ستحملين الأغراض وأنا موجود يا أمي، أنا سأجلب لك ما تريدين، إكتبيه فقط لي علي ورقة فأنا أعرف إنك لا تحبين استخدام رسائل الهاتف حتي لا أنسي شيئا حبيبتي، سأذهب للنوم أمي، هل تريدين شيئا مني حبيبتي؟.
نظرت في وجهه تتفرس في ملامحه تشعر أن هناك شيئا يضايقه ولكنها تعرف ابنها لن يحكي شيئا لها، لقد ورث جميع طباع أبيه، سألته بحنو: هل ستنام الآن عمار؟ الوقت مبكر للغاية حبيببي مازالت السابعه.
-أشعر بإرهاق شديد أمي كان يوما مزدحماً في العمل، تصبحين علي خير.
تابعته ببصرها وهو يدلف إلي غرفته، ثم وجهت أنظارها ناحية صورة زوجها التي تتوسط الحائط تحدثه كما اعتادت عندما تشعر بالضيق: ولدك غير مرتاح في خطبته يا أحمد، أشعر به غير سعيد، هل أخطأنا بتربيته هكذا؟ إنها ثاني خطبة له يا أحمد، البنات هذه الأيام لا يحبون هذه الطباع يجدوها حصارا، ابنك رجل ولكن غير ملائم لعصرنا هذا يا أحمد أخبرني ماذا أفعل؟ اشتاقك كثيرا يا أحمد ليتك كنت جواري ترشدني.
مسحت دمعة سالت علي خدها وهي تقوم بتثاقل إلي حجرتها، مرت علي حجرته تطمئن عليه وكما توقعت وجدته مستيقظا يعبث بهاتفه، تحركت لحجرتها وعقلها مشغول به، أما هو فكان عقله منشغلاً بنرمين يحاول تحليل علاقته بها، يريد أن يعرف ما لخطأ، كان قلقا عليها يريد أن يطمئن أنها وصلت للبيت آمنة، كان يرغب أن ينزل الآن ليقلها لمنزلها ولكنه كان يعرف أنها سترفض ككل مرة، ابتسم بمرارة وهو يتذكر كلام أصدقائه عن الخطبة وأنها أجمل أيام العمر ما باله يشعر أنها أسوأ أيام العمر، أغلق عينيه محاولاً النوم ولكن عقله أبي، وظل يفكر في نرمين وكيف ستعود وحدها في هذا الوقت المتأخر بالنسبة له.
**********
منشغلة بعملها تعد الخطوط الرئيسية التي ستتحدث فيها مع العميل، أطمأنت علي التصميم وهي تلمح العميل يدلف من باب الحجرة معه عمار، قامت من مكانها تستقبله بتهذيب بابتسامة رسمية وهي ترحب به تشير إليه ليتفضل بالجلوس، أشار لها عمار بيده خفية إشارة مشجعة وهو يترك لهم الغرفة تاركا الباب مفتوح كما أكد عليه كريم، ضحك ما إن دخل إلي حجرتهم وهو يري كريم جالساً كمن يجلس علي جمر، التفتت إليه كريم بملامح ممتعضة يسأله: هل دخل إليها؟
-نعم، تركتهم سوياً والباب تركته مفتوحا كما طلبت.
قبض كريم يديه وهو يقول بغيظ: لم يجب أن أتركهم بمفردهم؟، أنت تعرف مرام، ثم قام من مكانه مردفا: سأذهب إليهم لا يمكنني الجلوس هكذا.
قال عمار بحزم: إجلس مكانك كريم، مرام أكدت عليك أن لا تدخل، ومعها حق ليس من اللائق أن تدخل وهي تتحدث مع العميل، إنها مهندسة وليست طفلة صغيرة، لقد تضايقت كثيراً المرة الماضية عندما دخلت وأنت وعدتها أنك لن تكرر الأمر.
-أنت من تقول هذا؟، أنت تعرف مرام وسذاجتها، ماذا لو قال لها كلمة تظنها كلمة عادية وهو يقصد التحرش بها كما حدث من قبل.
زفر بضيق من صديقه الذي يكرر نفس الكلام في كل مرة تجلس فيها مرام مع أحد العملاء، قال له بصبر: كريم مرام تغيرت، هذا الموقف الذي تتحدث عنه حدث منذ ست سنوات كاملة ولكنه لا يبارح عقلك لا أعلم لماذا؟، مرام تستطيع أن توقفه إذا تجاوز حده، إجلس بالله عليك إنها في الغرفة المجاورة والباب مفتوح، لقد سئمت من غيرتك السخيفة هذه.
-أنا أخاف عليها عمار، هذه ليست غيرة.
ثم قام بنفاذ صبر وهو يردف: أنا سأدخل لن أتحمل أكثر من ذلك.
تابعه عمار بضيق وهو يخرج من الغرفة عالماً أن مرام ستضايق كثيرا ولكن ماذا يفعل به.
تسمرت مرام وهي تلمح كريم يدلف للغرفة ملقيا تحية خافتة قبل أن يجلس بجوارها من الناحية الأخرى، ألقت عليه نظرة غاضبة ثم التفتت إلي العميل تكمل حديثها وشرحها للتصميم، كتف كريم ذراعيه وهو يتابع حديثهم، ابتسم وهو يلمح انبهار العميل بالتصميم، ابتسم بفخر وهو يستمع إلي العميل: لا أدري ماذا أقول لك مهندسة مرام، التصميم رائع للغاية، لقد ذهبت قبل ان آتي إليكم لمكتبين ولكن لم يعجبني مافعلوه، مساحة الأرض الصغيرة كانت عائق كبير أمامهم.
كان كريم هو من رد بنبرة فخورة: المهندسة مرام هي أفضل مهندسة معمارية في هذه البلد.
رمقته مرام بنظرة غاضبة ثم التفتت الي العميل بابتسامة مهذبة: سعيدة أنه أعجبك سيد حامد، هل هناك أي ملحوظات او تعديلات ترغب بها.
هز العميل رأسه نفيا مردداً بانبهار لم يفارقه: لا مهندسة مرام إنه كامل ومثالي، ثم استطرد يسأل: أريد البدء في أعمال البناء بأسرع وقت متي يمكننا البدء؟.
ابتسمت برسمية وهي تشير الي كريم: تفاصيل أعمال البناء مع مهندس كريم ومهندس عمار تستطيع الاتفاق معهم.
نهض وهو يشكرها مرة أخري، فابتسمت بتهذيب وهي تقوده الي المكتب الآخر ليكمل حديثه معهما ولم تنس أن ترمق كريم بنظرة غاضبة قبل انصرافها.
************
كادت تطير من السعادة وهي تسير لمنزل والديها، لقد اشتاقت اليهم كثيراً تذهب لهم في زيارات خاطفة للاطمئنان عليهم منذ زواجها، لكن محسن اليوم سمح لها بقضاء اليوم كامل معهم، صحيح أن الساعة اقتربت من الثانية عشر ولكنها لم تستطع أن تذهب مبكرا عن هذا الوقت فلا يصح أن تترك لحماتها أعمال البيت وتنصرف، فور أن أنهت نظافة البيت وصنع الطعام حتي انصرفت، ابتسمت بسعادة وهي تلمح والدتها تقف من النافذة تتطلع إلي الطريق باهتمام، أمها الحبيبة يبدو أنها تنتظر وصولها، لمحت ملامح والدتها تتهلل ماإن رأتها وتترك النافذة سريعا لتسرع فاتحة الباب لتأخذها في أحضانها وهي تقبلها هامسة لها : كيف حالك يا حبيبتي؟ اشتقت إليك كثيراً.
إندست في أحضان والدتها تتنعم بالدفء وهي ترد عليها بهمس مماثل: اشتقت إليك كثيراً يا أمي ، كيف حالك حبيبتي؟
ربتت أمها علي كفها وهي تقودها إلي الداخل: أنا بخير يا ابنتي، لماذا تبدين شاحبة هكذا؟، لقد نقص وزنك كثيرا.
-ابتسمت وهي ترد عليها: هذا أفضل أليس كذلك، أنا سعيدة بجسمي الآن.
ابتسمت وهي تري زوجتي شقيقيها محمود ومصطفي فأسرعت تسلم عليهم تسألهم عن حالهم، رقية زوجة محمود أصغر أشقائها الذكور وأكثرهم شبهاً بوالدها، حامل في شهرها السابع، سألتها باهتمام: كيف حالك رقية وكيف الحمل معك؟
-متعبة للغاية ياصفاء أتمني فقط أن ألد لأرتاح.
ربتت علي كفها بدعم: إن شاء الله تلدين علي خير حبيبتي.
ثم التفتت الي مروة زوجة شقيقها مصطفي الذي ترضع صغيرها الذي يبدو أنه قد بدأ في الاستسلام للنوم بعد وصلة بكاء سمعتها وهي قادمة من الخارج، اكتفت بتحيتها برأسها حتي لا تتحدث جوارها ويستيقظ الصغير فهي أدري الناس بطبعه النزق وصعوبة خلوده للنوم، جلست بجوار والدتها وهي تميل برأسها علي كتفها ترتاح عليها وتتنعم في أحضانها الدافئة، ضحكت وهي تلمح مروة تزفر براحة ماإن خلد ابنها للنوم، همست والدتها حتي لا يزعج صوتها الصغير الذي ينام بصعوبة ويستيقظ من أقل صوت بجواره: إصعدي هيا ونامي بجواره ساعة أعرف أنك لم تنامي طوال الليل سمعت صوت صراخه وأنا أصلي الفجر.
ظهر التردد علي وجهها: ومصطفي؟ لقد أقترب موعد وصوله ومازن أيضا أقترب موعد عودته من الروضة.
-هيا مروة أنا موجودة، إصعدي الي شقتك وارتاحي حتي تستطيعي السهر بسلمان ليلاً.
قامت مروة بحرص وهي تنظرإلي حماتها بامتنان قائلة: لا حرمني الله منك أبداً يا أمي أدامك الله فوق رؤسنا.
تحركت مروة بحرص وهدوء خشية إيقاظ الصغير وهي تشكر الله علي نعمة حماتها، بينما التفتت حماتها إلي رقية تقول لها: وأنت حبيبتي إذهبي وارتاحي، قدمك متورمة بشدة.
- تعرفين محمود لو جاء ووجدني بالأعلي سيغضب.
هزت سعاد رأسها بأسف فهي الأعلم بطباع ابنها الصعبة: ارتاحي إذا في حجرتي هنا حبيبتي وماإن تسمعي صوته تعالي.
نهضت رقية بتثاقل تقول بخفوت: لن أجادل فأنا متعبة بشدة، فقط أتمني أن لا يغضب عندما يأتي.
تابعتها صفاء ببصرها وهي تلمح انصرافها البطئ وحركتها الثقيلة وهي تنصرف لحجرة والدتها لترتاح فيها.
مالت علي والدتها تقبلها تقول لها بفخر: هل يوجد من هي أروع منك في هذا العالم تريحين زوجات أبنائك وتعامليهم كأنهم بناتك، ليت كل الحماوات مثلك يا أمي كان العالم ليصبح أروع.
ابتسمت أمها في وجهها: أنا لم أفعل شيء ياحبيبتي عاملتهم فقط كما أحب أن تعاملك حماتك، ثم نظرت إليها باهتمام متفحص مردفة: كيف حالك مع أهل محسن ؟
تأوهت صفاء تجيب بخفوت: أنا متعبة للغاية يا أمي، أعمل طوال اليوم بلا توقف، توقظني حماتي في السادسة كل يوم، تريح ابنتها ولا تجعلها تفعل شيئا وأنا تجعلني أفعل كل شيء.
تطلعت إليها والدتها بإشفاق تفهم جيداً ماتتحدث عنه فلقد عانت الكثير في شبابها من تحكمات بيت العائلة وعمله الذي لا ينتهي، ربتت علي كفها مواسية تعلم أنه لا مفر من هذا الوضع القائم في قريتهم بل في كل القري المجاورة هي عادة توارثوها، ربتت علي كفها بدعم تخبرها: غداًعندما يتزوج أشقاء زوجك ينقسم بينكم العمل وترتاحي.
ظهر البؤس علي وجهها: وهل سأظل في هذا الوضع كل هذا يا أمي مازالوا يدرسون بالثانوي هل سأظل في هذا الشقاء إلي أن يحين وقت زواجهم.
تنهدت والدتها لا تعرف بما تجيبها، ليس أمامها إلا دعمها ببضع كلمات تصبرها، سمعت ابنتها تسألها: لماذا لا يكون الناس مثلك يا أمي؟ سيكون العالم أفضل بحماوات تشبهك، لماذ لا تعاملني حماتي كما تعاملين أنت زوجات إخوتي، لماذا لا نتشارك سوياً وأنا والله إذا شعرت أن الأمر شاق عليها سأفعله عن طيب خاطر، هل ستتغير هذه العادة في يوم ما؟ أم ستظل تكبلنا مابقي لنا من العمر.
شردت والدتها وكأنها تسترجع ذكريات بعيدة: أتعلمين أن حماتك كانت تعاني أشد المعاناة من هذه العادة، كانت تبكي كلما تقابلنا في مناسبة وتشكو من حمل وأعباء تتحملها وحدهابدون مساعدة، لبيت كبير يتكون من عشرة أفراد، كنا مجموعة كبيرة للغاية درسنا سويا في المرحلة المتوسطة ثم تركنا الدراسة جميعا وتزوجنا، تزوجنا وتشاركنا الهم وكره تلك العادة المقيتة، تعاهدنا إننا عندما نزوج أبنائنا سنغيرهذه العادة بسلوكنا نحن، ونقدم نموذج جديد لمجتمعنا الصغير، ابتسمت والدتها بسخرية مردفة: عندما كبر أولادنا وتزوجوا كنت سعيدة وأنا أترقب كيف سنغير في قريتنا الصغيرة ونقدم نموذج جديد وإننا سنجبرهم علي التغيير مع الوقت، ولكني فوجئت أنهم كرروا ماكانوا يستهجنونه بل بعضهم صار أسوأ بكثير، ننتقد مجتمعنا بعادته ولكننا نسير خلفها بلا تفكير ولو فكرنا أن نغير أنفسنا لتغير مجتمعنا.
إندست صفاء بين أحضان والدتها الدافئة تسمعها تستطرد بحديثها: عندما تكبرين ويصبح عندك أولاد وتزوجيهم عندها تذكري حديثي ربما أكون حينها تحت التراب عاملي وقتها زوجات أبنائك كما كنت تحبين أن تُعامِلك حماتك ياصفاء.
قبلت صفاء يدها قائلة: أدامك الله فوق رؤوسنا أمي لا حرمنا الله منك أبداً، ثم ابتسمت مرددة بفكاهة: هل سأنتظر كل هذا يا أمي من أين سآتي بهذا الصبر.
-الأيام تمر سريعا يا حبيبتي أسرع مما نتخيل، مازلت أمام عيني بصورتك وضفيرتك وأنا أوصلك أول يوم إلي المدرسة وأنت خائفة، متي مرت الأيام سريعا هكذا وأصبحت متزوجة لا أفهم، ثم مالت عليها تسألها بإهتمام: كيف حالك مع محسن؟
- بخير يا أمي ولكنه يطلب مني ...
سكتت ولم تستطع إكمال الحديث، خجلت وتلونت وجنتاها فابتسمت أمها بحنان تخبرها وقد فهمت بحدسها الأمومي أن للأمر علاقة بالجانب الحميمي : إنه زوجك يا حبيبتي لا يوجد بينكم حواجز ولا حياء، أنت فقط لم تجلسي معه سوي مدة بسيطة لم تعتادي بعد عليه، هو شاب وبالتأكيد سيتحدث معك ويغازلك، تقبلي كلامه ياحبيبتي إنه في غربة.
هزت رأسها وقد خجلت من إطلاع أمها علي التفاصيل، وأن محسن يطلب ماهو أكثر من الكلام، ولكنها خجلت خصوصا أنها كانت واثقة من رد أمها أنه لا حواجز بين المرأة وزوجها، وإنه يجب عليها أن تكسر حاجز الخجل سريعا حتي تستطيع التأقلم مع زوجها، تنهدت وهي تخبرها: ولكنني أسهر معه كل يوم لوقت متأخر يا أمي وحماتي توقظني في السادسة، لا أستطيع الحصول علي وقت كاف للنوم.
-أخبريه إذا أنك لن تستطيعي السهر معه لأنك تستيقظين مبكراً لأعمال البيت وشاهدي كيف سيتصرف، تعلمي قليلا بعض الخبث الأنثوي يا ابنتي، الحياة لا تستقيم بهذه البراءة.
قطع حديثهم الصخب القادم من عند الباب، قامت باحترام وهي تلمح دخول والدها وأشقاءها محمود ومصطفي، اقتربت من والدها تقبل يده باحترام، ربت علي رأسها وهو يسألها عن حالها، سلمت علي أشقائها مصطفي أخيها الأوسط وهو وسط الطباع لا شديد مثل أبيها ولا لين مثل مروان أكبر أشقائها، احتضنها مصطفى وهو يخبرها أن البيت أنار بوجودها فأنارت البسمة وجهها باستقباله الدافئ، ثم التفتت إلي محمود ،رغم أنه أقرب أشقائها عمراً إليها إلا إنه أبعدهم عنها بطبيعته شديدة الجفاف وعصبيته وعدم مرونته، بداخلها تشفق علي رقية من طباعه ولا تعرف كيف تتحمله، سلم عليها بيده كعادته وهو يسألها بجفاف عن أحوالها، ثم التفت إلي أمه يسألها: أين رقية؟
جاءه الرد من رقية التي أسرعت للنهوض من فراش حماتها فور سماعها لصوته: أنا هنا محمود، هل تريد شيئاً؟
تطلعت صفاء إليه تراقب تجهمه في وجه زوجته وتوبيخه لها: هل كنت نائمة كعادتك؟كلما أعود الي البيت أجدك نائمة.
تقلصت ملامح صفاء بشفقة وهي تنظر إلي وجه رقية الذي أحمر خجلاً من التوبيخ أمام الجميع، أنقذتها حماتها من ارتباكها وردت هي علي ابنها توبخه: لقد كانت تحضر لي شيئاً من حجرتي، وحتي لو نامت فلتدعها تنام إنها حامل ومتعبة لو كنت ذهبت معها للطبيبة لكنت سمعت بأذنيك مدي تعبها وألمها الطفل منذ الخامس في الحوض يابني وهو وضع صعب يزيد من تعب الحمل الطبيعي، وهي بالسابع أي أنه شهر ولادة يجب ان تستريح حتي تكمل حملها ولا تلد ولادة مبكرة، ولكن ماذا أقول فأنت بالطبع لن تعرف لانك لا تذهب معها لمتابعة الطبيب.
لم يؤثر فيه توبيخ والدته بل رد بقسوته المعتادة:ولماذا أذهب معها للطبيب ماعلاقتي أنا بأحاديث النساء هذه، ثم التفت إلى زوجته يردف بنبرة آمرة: هيا جهزي الطعام لماذا تقفين عندك هكذا.
تحركت بطاعة الي المطبخ لكن صوت حماتها أوقفها:تعالي هنا حبيبتي إجلسي، قدمك متورمة للغاية أنا سأحضر الطعام.
ضرب والد صفاء كفيه ببعضها مستهجنا:أقسم بالله لم أجد امرأة عجيبة مثلك الناس تزوج أبناؤها حتي يرتاحوا ويُخدموا وأنت تدللين زوجات أبنائك وتخدميهم، وكل مرة تتحججين بحجة مختلفه فمرة تلك حامل ومرة متعبه بسبب الأولاد.
تدخل محمود في الحوار: أتعلم يا أبي اليوم حضرت زوجة سعيد إلي الأرض تحضر لزوجها الطعام، لقد ولدت بالأمس فقط وقامت تخدم بيتها وأبنائها بل وتتحرك إلي الخارج لتحضر الطعام لزوجها، لا أعلم بالظبط أين الإرهاق الذي تعاني منه رقيه، فهي لا تتحرك من البيت ولا تعمل عمل شاق ورغم ذلك دائما متعبة وكأنها أول امرأة تحمل علي وجه الأرض.
أشار أبيه إلي زوجته سعاد قائلا: ولماذا نذهب بعيدا، أمك هذه أنجبتكم أنتم الأربعة، كانت تقوم بعد عدة ساعات من الولادة لتهتم بهذا البيت الكبير كله بمفردها، كانت تضع المولود في حجر أمي وتقوم بكل أعمال البيت بلا شكوي.
نظرت إليه سعاد نظرة غريبه لم يفهمها وهي تحدثه: ومن أخبرك إنني كنت سعيدة بهذا الوضع، لو كنت نظرت لرأيتني وقتها وأنا أبكي من الألم، ولكنني كنت مجبرة وأقسمت يومها إنني لن أجبر أحداً علي خدمتي، سأرحم من حولي رغم إنني لم أجد من يرحمني في هذا البيت.
هب زوجها وقد أحمر وجهه من الغضب وقبل أن يصيح بوجهها بعصبيته المعروفة عنه، تدخل مصطفي في الحوار يغيره فهو الأعلم بطبيعة والده المشتعله واندفاعه فهو يتكلم أولا ويقذف أحجارا من فمه علي من حوله ثم يفكر ثانيا بعد أن يكون غيره قد كُسر بكلماته: أين مروة أمي؟
التفتت إليه والدته بتحفز ترد عليه: إنها نائمة بجوار الصغير الذي أيقظها طوال الليل ونام منذ قليل هل عندك اعتراض أنت الاخر هيا أخبرني.
ضحك مصطفي بلطف وهو يميل يقبل رأسها: لا حبيبتي ليس عندي اعتراض فهذا الولد متعب للغاية، لم يكن مازن متعب هكذا في طفولته، مادمت أنت راضية فأنا راضي ياحبيبتي.
ربتت علي كتفه وهي تستعيذ بالله حتي تهدأ قليلا فابنها الأصغر وزوجها يعصبوها دوما بطباعهم عديمة الرحمة، قامت صفاء تقترب منها تقول: سأساعدك أنا أمي في تجهيز الطعام.
-لا إجلسي أنت هنا بجوار رقية، خذي يوما ترتاحي فيه من عناء البيت، أنا سأجهز. ثم التفتت إلي مصطفي: لا توقظ مروة دعها ترتاح قليلاً وعندما تقوم تأكل.
رد عليها مصطفي بطاعه" حاضر أمي."
وجه والدها إليها الحديث: إياك أن تقارني بين حياتك في بيت زوجك وبين طباع أمك العجيبة هذه، فتدللي علي حماتك، وترغبي أن تفعل معك مثل ماتفعل أمك مع زوجات إخوتك، قومي بأعباء البيت بدون كلام فهذا واجبك، هل فهمتي؟ لا أريد أي شكوي.
هزت صفاء رأسها بطاعة وقامت من مكانها تهرب من الجلوس مع أبيها وهي تقول بخفوت: سأذهب لأساعد امي.
تعلقت رقية بيدها تهرب هي الأخري من نظرات زوجها النارية الغير راضية: خذيني معك لأساعدكم أنا الأخري.
بينما أستأذن مصطفي ليغسل وجهه فصعد إلي شقته ليلقي نظرة علي زوجته وابنه فوجدها مستغرقة في النوم لا تشعر بشئ ينام سلمان في حضنها بعمق هو الآخر فنظر إليهم بحنان لا يستطيع أن يُظهره أمام أبيه وأخيه الأصغر حتي لا يصبح محط سخريتهم فهو ليس بقوة مروان الذي لا يبالي بأحد ويتصادم دائما مع أبيهم حتي يصبح المكان حرب مشتعلة إذا اجتمع كلاهما بنفس المكان.
وبختهم سعاد فور أن رأتهم يدلفون المطبخ: ألم أخبركم أن ترتاحوا؟ لماذا لا تسمعون الكلام؟ ألا يوجد أحد في هذا البيت يريحيني؟.
ضحكت صفاء وهي تقترب من والدتها تساعدها: أين أنت يامروان لو كان هنا لكان يصرخ فينا الآن موبخاً ثم غلظت صوتها تقلده "من أغضب جميلة الجميلات، أمي الحبيبة تعالي معي من هذا البيت المزعج".
دمعت عينا سعاد عند ذكر مروان أكبر أبناؤوها وأقربهم لنفسها وأكثرهم شبها بطباعها، فاقتربت صفاء منها عندما لاحظت الحزن الذي ظهر عليها عند ذكر مروان تقبل كتفها: آسفة أمي لم أقصد أن أحزنك.
- لم تحزينيني حبيبتي، لقد اشتقت إليه فقط لم أعتد علي غيابه رغم مرور عام ونصف علي انتقاله للمدينة.
تدخلت رقية بالحوار: لا تحزني أمي إنه يأتي كل جمعة يقضيها معك ماذا يفعل إنه عمله.
تنهدت بحسرة : لا أشبع منه يارقية كنت أراه كل يوم الآن أراه فقط عدة ساعات كل أسبوع ولكن ماذا أقول أعرف إنه لم يكن مرتاح هنا، عندما تلدين ستفهمين كلامي حبييتي، لن ترتاحي إلا إذا كان ابنك أمام عينيك، تمم الله حملك علي خير.
مالت صفاء تقبل أمها بمرح تحاول اخراجها من موجة الحزن التي لفتها عند ذكر مروان، مارأيك بعد الغذاء نتصل بهم مكالمة مرئية ونري أيضا تلك الجميلة التي أنجبها وسرقت مني كل ملامحي.
ضحكت سعاد بحبور عند ذكر الصغيرة صاحبة الثلاثة أشهر أولي حفيدة تولد لها، فمصطفي أنجب صبيين: إنها تشبهك بشكل كبير كأنك أمها، ثم رفعت يديها تدعو من قلبها: رزقك الله بالذرية الصالحة ياحبيبتي ،اللهم مد لي في عمري حتي أحمل أولادها.
******************

دخلت مرام الغرفة وهي تضع أغراضها بعصبية عكس طبيعتها الهادئة دوما فالتفتت إليها لينا تسألها ساخرة: ماذا هناك مرام هل تفاجئت تعرفين زوجك، في كل مرة يوعدك ألف وعد ثم ينكث وعده ويدخل، لا بد أنك اعتدت علي جنون زوجك لماذا أشعر أنك متفاجئة.
ردت عليها مرام بعصبية: لقد وعدني أنه لن يدخل وأن هذه المرة مختلفة لقد صدقته يالينا، سأخاصمه مهما فعل، لن ألين ككل مرة، لقد أحرجني اليوم للغاية، لن أتقبل اعتذاره مهما حدث.
-بالطبع أصدقك ستخاصميه مثل كل مرة لمدة خمس دقائق حتي يتدلل عليك كعادته ويقول لك أن رأسه يؤلمه فتنسي غضبك وتهرعي إليه بقلق كأن به مرض خطير وليس صداع أشك بالأصل إنه موجود.
هزت مرام رأسها نفيا بغضب تقول :لا هذه المرة مختلفة أنا غاضبه بشدة.
قبل أن ترد عليها لينا برد ساخر آخر، ارتفع صوت كريم عاليا من الحجرة المجاورة التي يجلس فيها مع عمار والعميل يتناقشون، فزفرت مرام بيأس وهي تطلع الي لينا: لا توجد فائدة .
- أكاد اجزم أن هذا المكتب سيغلق قريبا بسبب عصبية زوجك مع العملاء.
أما في المكتب فكان عمار يحاول تلطيف الموقف وهو يحدث العميل بهدوء بعد انفجار كريم الصاخب به بعد سؤاله الذي يراه عمار طبيعيا كعميل لأول مرة يتعامل مع مكتبهم، كان سؤاله بسيطا يعبر عن قلقه و عن الضمانات التي سوف يقدموها له حتي لا يتم غش مواد البناء خصوصا بعد العديد من الحوادث التي حدثت في مدينتهم وسقوط عدة مبان سكنية بعد عدة اشهر فقط من بنائها، انفجار كريم كان كارثيا وهو يصرخ بالرجل إن مكتبهم له سمعته وأن كلامه هذا إهانة، ضربة قوية وجهها لقدم كريم حتي يصمت وهو يحادث العميل بهدوء: لك حق في القلق سيد حامد غش البناء أصبح شائعا بالفعل ولكن هذه ليست سياستنا نحن مكتب صغير بالفعل ولكن سمعتنا جيدة للغاية يمكنك أن تسأل و انطلق يعدد له عدة أسماء معروفة في بلدتهم، تعاملوا معنا تستطيع سؤالهم حتي تطمئن.
تنحنح حامد بإحراج: لم أقصد الإهانة بالعكس، لقد وضعت مهندسة مرام تصميم رائع للمبني، أنا فقط قلق.
أمسك عمار بساعد كريم يضغط عليه ليصمت ورد هو علي حامد: تستطيع أن تفكر سيد حامد وتتصل بمن سبقك وتعامل معنا مارأيك أن أحضر لك فنجان من القهوة وأتركك بمفردك قليلا تفكر.
سحب كريم من يده ليتركوا حامد في الغرفة بمفرده، كان يعرف أن حامد سيوقع في النهاية علي العقد، هو فقط متردد ولكن بسبب كريم وعصبيته سيفر الرجل من المكتب وهم أحوج مايكونون لعملاء جدد ليكبر نشاط المكتب.
دخلوا إلي الحجرة التي يتواجد بها لينا ومرام، مكتبهم كان صغيرا مازال يبني له اسماً في عالم الأعمال، يتكون من أربع حجرات، واحدة كانت مخصصة للينا التي تقوم بأعمال السكرتارية، الحجرة كانت مخصصة لاستقبال العملاء، وحجرة أخري مخصصة لمرام وهي أبعد حجرة عن الباب اختارتها مرام لتستطيع التركيز فيها بعيدا عن الصخب، وحجرة مشتركة لكريم وعمار، وآخر حجرة كانت حجرة اجتماعات يستخدموها عندما يناقشون عملائهم في أمور العمل.
دخل كريم بملامحه النزقة يجره عمار، رمقته مرام بنظرة غاضبة، بينما التفت عمار إلي لينا بلطف: لينا هل تستطيعين صنع فنجان من القهوة للسيد حامد.
قامت لينا بالفعل وقبل أن تتحدث قاطعتها مرام: ارتاحي أنت لينا أنا سأصنعها تبدين مرهقة للغاية، لم يكن عليك أن تحضري اليوم.
كتمت لينا ضحكتها وهي تستمع لكريم يخاطب مرام: مرام أنا أيضا أريد قهوة رأسي يؤلمني للغاية.
لم ترد عليه مرام بل رمقته بغضب وهي تنصرف للمطبخ فأسرعت لينا خلفها تكتم ضحكتها وهي تسمع توبيخ عمار له.
-شكراً مرام
- علي ماذا لم أفعل شيئاً، انصرفي الآن حبيبتي لترتاحي قليلاً.
تنهدت لينا وهي تقول: صدقيني قدومي اليوم كان أفضل شيء فعلته جعلني أفعل شيئا آخر غير التفكير الذي يقتلني.
رمقتها مرام بشفقة: إن شالله تتعافي وترجع إلي حياتها يالينا.
رفعت لينا إليها عينين مهموتين: أتمني يامرام ولكن كلام الأطباء لا يُطمأن، يقولون أن المخ تضرر بشدة وأنها حتي لو استعادت وعيها لن تعود أبدا كما كانت.
-إن شالله تتعافي تفائلي خيرا حبيبتي، ليت بإمكاني شيئاً أستطيع فعله.
رفعت إليها لينا وجهها ترمقها بنظرة ممتنة وهي تخبرها: أنت تفعلين الكثير يكفي سؤالك الدائم وتحملك لعملي أثناء غيابي، أنت صديقة رائعة مرام، محظوظة أنا أنك صديقتي.
ظهرت الفرحة علي وجه مرام وهي تسألها بلهفة: حقا هل أنا صديقة جيدة؟
ربما لو كانت لينا بحالتها الطبيعية لانتبهت لرد فعل مرام ولكنها كانت مهمومة بمرض تسنيم فأجابتها دون ان تنتبه: صديقة رائعة للغاية.
ابتسمت مرام بسعادة وهي تكمل صنع القهوة ببهجة تملأ قلبها ولينا غافلة تماما عن الفرحة التي سببتها كلماتها البسيطة بقلب مرام.
بدأت علاقتها مع مرام عندما جاءت للعمل هنا منذ ستة سنوات فور تخرجها من الجامعة، كان مكتب صغير أنشأ قبل عام من التحاقها للعمل به، ارتاحت فور رؤيتها لهم، شباب مهذبون في بداية الطريق، جمعتها علاقة غريبة في البداية مع مرام، علاقة شخصان عاشا نفس الألم من قبل، ثم تحولت علاقتها مع مرام إلي صداقة، صحيح أن مرام كتومة لا تحكي الكثير عن حياتها ولكنها تقبلت طباعها وأحبتها كما هي.
شاغبتها وهي تراها تصب أقداح القهوة: بالطبع صنعت له قهوة، بالفعل أنت غاضبة للغاية.
ضحكت مرام: فقط صنعت القهوة ولكني لن أحدثه فأنا غاضبة.
خرجوا سوياً من المطبخ فناولت مرام عمار القهوة فشكرها بخفوت ثم التفت إلي كريم: ستدخل أنت له القهوة لتلطف قليلا مافعلته،كريم القهوة للشرب أرجوك لا تقذفها علي رأسه، ومرام صنعت لك فنجان أنت الآخر كما طلبت.
تحرك كريم بنزق متبرما غاضبا خصوصا مع ضحكة لينا التي سمعها بوضوح، التفت عمار إلي لينا يسألها باهتمام بطبيعته المراعية الداعمة لمن حوله: هل تحتاجين شيئا لينا أستطيع فعله؟، لا تخجلي أنت مثل شقيقتي.
رمقته لينا بإمتنان ترد عليه: شكرا لك فقط تذكروها في دعائكم.
- إن شالله يقر عينكم بشفائها، وإذا أردت تمديد أجازتك لعدة أيام أخري فافعلي صحيح إننا نتوه في هذا المكتب عند غيابك ولكن لا بأس نتحمل عدة أيام حتي تطمأنين علي أختك.
-لا أعرف كيف أشكركم جميعاً علي وقوفكم بجانبي في هذا الوقت.
-لم نفعل شيئاً لينا، والآن سأدخل إلي كريم أخاف أن يخنق الرجل إذا تأخرت أكثر من ذلك.
قالها وهو ينصرف بالفعل إلي المكتب ليجد الأمور مستقرة وكما توقع وافق حامد علي إمضاء العقد، أما مرام فقد التفتت للينا تقول: هيا حبيبتي أخبرتيني أن لديك موعد في الرابعه مع اخصائي التخاطب، هيا حتي لا تتأخري، أنا سأنهي المتبقي.
"شكراً مرام لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدونك"
قالتها وهي تتحرك بالفعل لتأخذ شنطتها ولوحت لها مودعة، غافلة عن مشاعر الفرحة التي كانت تغمر مرام أن أحدهم قد اختارها أخيرا وجعلها صديقته.
************
إستمعت لينا بإهتمام إلي الإخصائية التي تحدثها بعد أن شرحت لها حالة مالك، أخذت تدون ماتقوله حتي لا تنسي شيئاً: التلعثم قد يحدث لبعض الأطفال بعد تعرضهم لحالة من الخوف او الهلع أو الغيرة كقدوم طفل جديد، قد يختفي التلعثم تماما بعد فترة وقد يستمر إذا تعاملنا معه بطريقة خاطئة.
سألتها لينا بإهتمام: ماذا تقصدين بطريقة خاطئة.
- أن نسخر من الطفل مثلا عندما يتعثر بالكلام فهذا يحزنه ويجعله يفقد الثقة بنفسه، أو ننهره ونقول " تحدث جيدا أنت لست صغير"، أو نسارع عندما يتلعثم فنكمل عنه مايقول فيستقر في نفسه أنه فاشل لا يجيد الكلام.
غمغمت لينا بذعر: يا إلهي أنا دائما أفعل هذا عندما يتعثر بكلمة أكملها كنت أظن إنني أساعده.
- تصرفك طبيعي سيدة لينا لا تلومي نفسك، فقط أبدئي من اليوم عندما يتعثر أمامك اتركيه يكمل كلمته مهما بدت صعبة عليه، الآن لن نفعل شيئاً فكثير من الأطفال يتلعثمون في هذه المرحلة العمرية بلا سبب ومع حالة مالك النفسية باختفاء والدته المفاجئ أجد الأمر لا يدعو للقلق فقط اعملي بالنصائح التي أخبرتك بها وهناك أيضا بعض تمارين التنفس سأشرحها لك نفذيها معه ولكن دون أن تلفتي نظره أنك تفعليها بسبب تلعثمه.
أستمعت لها لينا بإهتمام وهي تشعر بعظم المسئولية الملقاة علي عاتقها حتي تعود تسنيم إليهم.
***********
وجمت ملامحها ما إن دخلت شقة أختها ورأت زوجة أبيها، حيتها بفتور وهي تسألها عن حالها، كان الأولاد حولها يسألوها ببراءة: لماذا تبكين جدتي؟
حاولت أن تأخذهم للداخل حتي لا يتأثروا ببكاء جدتهم ولكنها كانت متمسكة بهم بشدة وكأنها تجد فيهم سلوى عن مصاب ابنتها، تطلعت إليها بإشفاق فهي أدري الناس بتعلقها الشديد بأبنائها، كانت إكرام تربت على كتفها بحنو تهمس لها ببضع كلمات مهدئة، ولكنها كانت مستمرة في بكائها، كانت تتكلم بصوت مبحوح: يتمزق قلبي كلما أراها أمامي هكذا، ابنتي أنا التي كانت لا تهدأ جسمها هامد في غيبوبة ملتفة بعشرات الأسلاك، كيف أتحمل أخبريني.
تنهدت إكرام بحزن وهي مستمرة بالتربيت عليها: إجعلي أملك كبيراً في الله، إن شاء الله ستعود كما كانت سابقا وأفضل.
أمسكت يدها تسألها بلهفة وهي مستمرة في بكائها: ستشفى أليس كذلك؟ أنا لا أملك سواها هي وحمزة في الحياة، إذا حدث لها شيئاً سأموت ورائها.
لم تتمالك إكرام دموعها فانسالت فمسحتها وهو تردد بصوت مرتجف: ستشفي إن شاء الله ياحبيبتي.
كانت لينا تطلع إليهم بتأثر، تعلم مدى حب زوجة أبيها صفية لأبنائها، تعترف كانت أما حنونة تفعل كل ما بوسعها من أجل أبنائها، أرادت أن تأخذ الأولاد من بين أحضانها حتي لا تتأثر نفسيتهم ولكن نظرة واحدة لتشبتها بأحفادها جعلتها تحجم، كانت تتشبت بهم وكأن حياتها معلقة بهم، تعالى صوت الجرس فأشارت إلي إكرام التي كانت ستنهض لفتح الباب ونهضت هي، شهقت ما إن فتحت الباب وهي تردد بفرح "حمزة، حمد لله علي سلامتك متي جئت؟"
نهضت صفية ما إن سمعت صوت لينا تكاد تتعثر من سرعتها تسأل بلهفة: حمزة هل جاء حمزة؟
ما إن رأت وجه ابنها حتي اندفعت إلي أحضانه وانهارت باكية تردد: هل رأيت ماحل بنا ياحمزة؟ شقيقتك الوحيدة في غيبوبة منذ أسبوع.
ابتلعت لينا كلمة شقيقتك الوحيدة كعادتها، ابتسمت بشحوب لحمزة الذي ألقي لها نظرة معتذرة فهو لم يستطع حتي السلام عليها، أخذت الأولاد لحجرة أخرى وفتحت لهم أحد برامج الأطفال التي يحبوها حتي تبعدهم قليلا عن هذا الجو المشحون، عادت فوجدت حمزة جالسا بجوار والدته يهدئها، حمزة شقيقها الوحيد في الثالثة والعشرين من عمره يصغرها بخمس سنوات يعمل في إحدى المدن الساحلية البعيدة ويأتي إليهم زيارة كل شهر لمدة أربعة أيام، سمعته يعاتب والدته: كيف لم تبلغوني كل هذا الوقت، تذكرتم بعد أسبوع يا أمي، إن لم أكن بجانبكم في هذا الوقت متي سأكون بجانبكم، ماذا حدث يا أمي كيف وصلت تسنيم لهذه الحالة، لقد مررت علي المشفي في طريقي رأيت علي لكن لم أفهم منه شئ، كان صامتا ولم أجد أبي.
انتحبت والدته وهي تخبره: كانت ذاهبة للقاء صديقاتها كانت ستقضي معهم بعض الوقت، تركت الأولاد عندنا وقالت إنها لن تتأخر، مالك تمسك بها يومها ولكن..
صمتت فجأة وكإنها تسترجع شيئاً غاب عن ذهنها ثم قامت فجأة تصرخ في وجه لينا التي تسمرت من اندفاعها: أنت السبب، ما كانت لتترك مالك يبكي في البيت وتذهب، لو كنتِ تركتِ مالك يومها ولم تُغريه بالرسم لكان تَمسك بها وأبقاها في البيت ولم يكن ليحدث لها شيئا، أنت السبب في حالتها تلك.


تلك اللحظات التي تكون آلامنا فيها أكثر من قدرتنا علي التحمل كبشر، آلام تنخر في قلوبنا فتدميها.
نبحث عندها عن متنفس
شخص نحمله سبب آلامنا وعذابنا
فنلقي عليه بوزر لا ذنب له به
فيتحمل ثقل ذنب لا يد له به سوي وجوده بجانبنا في هذا الوقت
"أنت السبب" كلمات بسيطة ألقتها في وجهها لو تعلم مدي الكسر الذي أحدثته في نفسها لجزعت.
أغلقت عينيها وهي تردد الكلمات بداخلها بصمت ومع كل تكرار كان هناك شيء ينكسر داخلها بلا أمل في جبره.
بدا صوت حمزة بعيدا وهو يهدأ والدته: حبيبتي هذا قدرها لا ذنب لأحد في حالها، تعالي معي أنت بحاجة للراحة، ألقي نظرة معتذرة إلي لينا لم تنتبه إليها، لم تنتبه ليد اكرام الحانية التي تربت علي كتفها، كانت بكلها غارقة في إحساس من الذنب لم تشعر به من قبل، لم تشعر بقيام حمزة يسحب والدته لترتاح قليلا ، لم تنتبه لإكرام التي تحدثها، كانت تغرق في دوامة عنيفة تسحبها بعنف و تشعرها إنها السبب، وفي غرقها الداخلي لم تدرك أن أختها الآن تغرق هي الأخرى في عوالم أخرى، تغرق ونظرات زوجها وأبيها المذعورة متعلقين بجهاز الصدمات الكهربي الذي يستخدمه الطبيب محاولاً إنعاش قلب تسنيم الذي توقف عن العمل.
********************
ابتسمت وهي تسترخي في فراشها وهي تسترجع أحداث اليوم، زيارتها لوالدتها أعطتها طاقة كبيرة، أخذت تفكر في كلام والدتها، قطبت حاجبيها وهي تسأل نفسها هل حقا من الممكن أن يفعل محسن شيئا إذا أخبرته أنها لن تستطيع السهر معه لأنها ستقوم باكراً، هل سيؤثر علي والدته أم سينهرها هي علي كلامها.
لم يطل تفكيرها فلقد تعالى رنين الهاتف ففتحته وابتسمت ببشاشتها المعهودة وهي تسأله عن حاله، فتأمل ملامحها الحبيبة وهو يرد عليها أنه بخير ويسألها عن حالها.
ترددت لحظات قبل أن تحسم أمرها وتقول له: محسن أعتذر منك لن أستطيع السهر معك اليوم، والدتك تغضب مني في الصباح إذا لم أستيقظ في السادسة يجب أن أنام الآن.
سألها بدهشة، لماذا توقظك أمي مبكراً هكذا؟
هزت كتفها بدلال تعرف أنه يحبه ترد عليه: لا أعلم أنا لا أريد أن أغضبها يجب أن أنام الآن كنت أتمني لو أسهر معك حقا فلقد اشتقت إليك كثيراً.
لم تدر مافعلته كلماتها ودلالها به، فقط سمعته يخبرها "إغلقي وسأتصل بك بعد دقائق إياك إن تنامي"
قطبت حاجبيها تفكر بعد إغلاقه الهاتف تري ماذا سيفعل، لم يتأخر الجواب جاءها مباشرة في اتصاله يقول لها: لا تقلقي لن توقظك في السادسة ولكن لا تتأخري عن التاسعة في النوم حتي لا تلومني أمي.
كادت تطير من الفرح وهي لا تصدق أنه فعل ذلك لإرضائها، أرادت أن ترضيه كما أرضاها فقالت له بخجل: هل ممكن أن تغلق قليلا؟
صاح بغضب: ماذا هناك صفاء هل تتهربين من مكالمتي؟
أسرعت تنفي: لا فقط أردت أن أرتدي لك شيئا تحبه كثيرا.
التهبت مشاعره مع كلماتها وانتظرها بشوق وهي تعود له بهيئة ساحرة لقميص أحبه كثيرا في أيام زواجهم التي قضاها معها، تجاوبت مع كلماته وطلباته لم تتعبه ككل مرة وهي تردد كلمات عن الخجل وأمان الانترنت، أرادت أن تسعده كما أسعدها ، وعندما طلب منها خلع ملابسها وافقت بل وأرسلت له صورتها عارية كما طلب منها غير عالمة أنها تلف حول عنقها مشنقة لا تعرف هل ستنجو منها أم ستخنقها؟.
انتهي الفصل









hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-21, 03:30 AM   #20

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 1 والزوار 9)

hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.