آخر 10 مشاركات
مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          عندما يُخطئ حبيبان!! (21) -رواية شرقية- بقلم: yaraa_charm *مميزة & كاملة* (الكاتـب : yaraa_charm - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          1109 - شئ من الحقيقة - شارلوت لامب - د.ن (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1046Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-04-21, 09:21 PM   #201

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي


" هل هذا ابن عمي!؟"
قالتها سمر بينما تمشط شعرها أمام المرآة في حين عينيها تبدو شاردة!
عادت تهمس ومازالت تحرك المشط بين طيات شعرها في بطء:
" هل حقا كان يهتم بي كل هذا الاهتمام طوال خمسة أيام لم يفارقني لحظة دون أن أحس أنه شعر بملل!؟"
ابتسمت بينما تعود لتلك اللحظة حين استيقظت من نومها بأول يوم شعرت فيه بالألم، كان قد جهز لها حساء دافىء ومشروب يهدأ من ألمها، كان قلقا؛ طيبا؛ حنونا؛ عيناه تحمل ود لها لم تراه قبل!؛ وضعت المشط على طاولة الزينة ثم رفعت حاجبيها قبل أن تحدق في المرآة في دهشة وتقول:
"وهل رأيتِ ما تحمله عينيه قبل هذا يا سمر!؟، أنتِ دوما كنتِ تتلاشين النظر لهما!"
زمت شفتيها متعجبة من شرودها في أفكار لا تعلم من أين تغزو عقلها!؛ زفرت بعمق بينما تأخذ سلسالها تعلقه على صدرها! قبل أن تستدير عن المرآة وتتقدم إلى نافذة غرفتها تفتحها على مصراعيها.
سحبت نفسا عميقا محمل بنسمات الصباح المنعشة وهواء الخريف يلفح وجهها القمحي، أغمضت عينيها تستمتع بهذا الجو الهادئ الذي لا يقطعه سوى زقزقة العصافير، فتحت عينيها بتمهل ودارت بنظراتها بين أرجاء المكان قبالتها، الأشجار التي تتمايل بخفة ودلال كأنها تراقص هواء الخريف، بينما توجد في أحد أركان الحديقة أرجوحة تهتز كأن أحد يجلس عليها، اتسعت بسمتها فيما تتعلق بنظرها بتلك الأرجوحة التي وكأنها تلقي لها سلاما مع كل حركة منها بسبب الهواء فقالت بلهفة:
" كيف أشعر بالملل وكل هذا أمامي، يالي من بلهاء!"
صوت عمران وهو ينادي باسمها جعلها تعود من شرودها لتتحرك بخطوات واسعة وتفتح باب غرفتها كي تخرج.
للحظة كادت تعود أدراجها تحس بالخجل منه، لكن لم يعد طريق للعودة فهي أصبحت أمامه تماما لا يفصلهما سوى خطوتين، تصاعدت الدماء الحارة لوجنتيها، كلما تذكرت حالتها الأيام السابقة أمامه فتكاد تهرب تختبئ منه، كان عمران يتابعها ببسمة متسلية فيما يراها تتهرب من النظر في عينيه، بينما تدور عينيها في بهو البيت في محاولة للهروب حتى تعلقت بعمران!؛ وتجمدت نظراتها تجاهه بانشداه كان مختلفا بجلبابه الأسود الذي لم تراه عليه يوما، ولكنه رغم ذلك بدا أنيق مهندم، الجلباب بلونه هذا يليق على بشرته ورجولته، ابن عمها في كل لحظة تقترب منه تجد ما يفاجأها.
حدق فيها يراها شاردة فيه تتفحصه مما جعله يلقي بنظره على ملابسه ثم تنحنح بهدوء فأجفلت سمر تنتفض في وقفتها تقول بارتباك كي تخفي غبائها الذي لا تعلم من أين ابتليت به!:
" كنت تنادي!؟"
حك جانب وجهه فيما يرفع حاجبه قبل أن يقول بتردد:
" كنت أسأل اليوم على صحتك، لكنني أراكِ بخير!"
اتسعت حدقتاها وفغرت فاها فهي منذ خرجت من الغرفة وهي تحمل هم النظر في عينيه كي لا تتذكر!؛ فيسألها هو!؟؛ غمرت وجهها حمرة قانية جعلت قلبه ينتفض في مكانه قبل أن تقول بخفر:
"بخير!"
ثم ألقت بتوترها بعيدا وتابعت ببسمة رائقة:
"عمران"
همس في نفسه وهو يسمع اسمه منها بهذا الدفء الذي سار في أوصاله كالسحر يحيي أشواقه الهادرة لابنة عمه اللاجئة!( روح عمران) قبل أن يجيبها بصوته الرخيم باقتضاب "نعم"
ابتسمت في خفوت ولاحت في عينيها نظرة امتنان قبل أن تقول في بطء بينما تفرك أناملها المتشابكة:
" شكرا عمران… على كل شيء!"
كادت بسمة خفيفة تغادر شفتيه لكنه لم يسمح لها قبل أن يقول في هدوء:
" على ماذا تشكرينني سمر، أنتِ زوجتي وهذا أقل حق لكِ!"
وكأن الساعات والدقائق توقفت يعي زلته التي في خضم حديثه معها فلتت منه، أليست لاجئة منذ متى أصبحت زوجته ولها حقوق عليه!
فغرت سمر فاها للحظات ربما طالت كلمة زوجتي!؛ تلك الكلمة من بين شفتيه غريبة كأنها تطرق باب روحها، تحس بشيء غريب لم تعهده قبل!؛ أحست بجسدها يرتجف وكأنه ينتفض لتلك الكلمة ..
تعلق عمران بشفتيها المنفرجتين ببلاهة، هامسا في نفسه، أليست بالفعل زوجتك!؛ هل كنت قبل تستطيع التمعن في ملامحها هكذا؟، كنت تكتم شوقك وتداري خفقان قلبك وتخفي عنها حنين عينيك لاحتضان ملامحها، اليوم لا تحس بأي ذنب حتى لو لاجئة فهي زوجتك!!؛ حلالك الذي لن تناله!، أرخى عينيه عن شفتيها اللتين كانتا كربيع تفتح للتو يطالب بالتمتع به لكن ماذا إن جاء بغير أوانه؟!، اختفت حرارة جسده التي تصاعدت لرأسه وغزته برودة وكأن عاصفة ثلجية عصفت به..
زفر بخفوت يحاول الثبات بينما يعتصر قبضته قبل أن يقول لها:
" سأخرج الآن"
وما إن تحرك من مكانه حتى تحركت بسرعة قطعت طريقه قائلة بلهفة:
" إلى أين عمران!!"
( بلوة عمران لا تنطقي اسمي هكذا!!)
همس بها بينما يمسح وجهه براحة يده قبل أن يرد:
" سوف أذهب للأرض، منذ أيام لم أتابعها!"
قالت بلهفة:
" خذني معك!!"
قوس حاجبيه بعدم رضا قبل أن يقول:
" قلت لكِ سوف أذهب للأرض، ليست رحلة!"
عبست ملامحها فيما ترد عليه:
أعلم أنها ليست رحلة لكنها ملكك أي تستطيع ان تأخذني إليها ثم أنها تقابل البيت فليست بعيدة"
تخلل بأنامله في طيات شعره قبل أن يشبك يديه خلف ظهره بينما يمشطها بنظرة ذات معنى ثم قال:
" إن افترضنا أنني سآخذك معي، ستأتين هكذا!"
نظرت لنفسها بعدم فهم قبل أن تستوعب مقصده!.
تمتمت بكلمات غير مفهومة تحس بالخيبة، هز رأسه بقلة حيلة قبل أن يستدرك قائلا:
" سمر، الأرض بها رجال غريبة وليس من الطبيعي ببلد ريفي كهذا أخذك للأرض وبملابسك تلك وأعرضك أمامهم!!"
فغرت فاها تحس بأنه صفعها على وجهها ثم قالت باستنكار:
" تعرضني!"
أطبق على شفتيه يحاول كتم إنفعالاته، تلك البلهاء هل تظن بأنه يتحمل أن يخرجها هكذا وسط كل هؤلاء الرجال، ببلوزتها الضيقة، بنطالها الذي يلتصق بجسدها أم بشفتيها التي طلتهما بهذا اللون الذي يثير جنونه أم بشعرها المرسل على ظهرها غجري كما يحبه تماما هل تريد إصابته بنوبة قلبية!.
كان قبل ذلك ليس بيده شيء كان يغار في كتمان كما سيفعل الآن لكن ليس بمقدرته أن تخرج هكذا فهي اليوم زوجته ولو جاءت لاجئة!.
تنهد بخفوت يحس بشروده الطويل بينما يرى وجهها مكفهر فجز على أسنانه يعلم أحزنها لكن عليها أن تستفيق فهي زوجته أمام الناس وعليها احترام ذلك همس بصوت حاول أن يكون هاديء ولا يتأثر بملامحها بينما يخطو من أمامها:
" سأخرج الآن"
باغتته حين تحركت بسرعة تقف في طريقة تستند على باب البيت وصدرها يعلو ويهبط في سيمفونية مهلكة لما تبقى من أعصابه فأسبل أهدابه فيما هي قالت بصوت وكأنه لا يشبهها؛ ودود بطريقة مؤلمة لقلبه:
" هل هناك مشكلة لو جلست في الحديقة !؟"
ابتلع ريقه الجاف فيما ينتزع بسمة تخفي توتره ثم قال:
" مؤكد لا مشكلة!"
ثم تابع بينما يشير للباب الذي لا زالت ملتصقة به:
" هل ابتعدتي لأخرج؟"
ابتسمت برواق بينما تبتعد وتفتحه له بنفسها قبل أن تلتفت له قائلة:
" حفظك الله بن عمي، عد سالما"
اعتصر كفيه كي يمنعهما من احتضانها ويقول لها وسلمك الله لابن عمك فيما يهمس بخفوت لها :
" شكرا سمر"
تركها يخطو خارج المنزل وقبل أن يهبط كانت تجاوره تساءل بعينيه عما تريد فأجابت تساؤله الصامت بحماس :
" إلى الحديقة يا ابن عمي!"
كانت خاطفة لأنفاسه بدلالها الفطري الذي لم تنتبه له فهمس داخله فيما يتعلق بجانب وجهها وهما يهبطان سويا" كان الله بعون ابن عمك"
ثم قال يمنع استرسال حديثه مع نفسه الذي أصبح داء ملازم له منذ جاءت لاجئته:
" لكنك لم تفطري بعد!؟"
قالت بينما تنظر له فتتشابكت أعينيهما:
" شربت كوب الشيكولاتة الذي أعددته لي وسأنتظرك حتى نفطر سويا!"
قابل كلماتها بنظرة غامضة بينما هي تابعت متسائلة:
" هل ستتأخر!؟
هز رأسه بالنفي فيما يقول:
"ربما ساعة وأعود"
اتسعت بسمتها بينما يقفا بالأسفل ثم قالت:
" سأنتظرك!"
وبخطوات واسعة كانت تسير ناحية الأرجوحة تعتليها؛ توقف يتابعها للحظات لم يعدها بينما تتأرجح برواق وشعرها تغازله نسمات هواء الصباح!؛ تأوه بخفوت بينما يبتسم دون أن ينتبه هامسا :
" بيدي صنعت الأرجوحة لكِ! كان دبيب الأمل ينمو داخلي ويخبرني بأنكِ يوما ما ستكونين هنا!؛ وهي الآن كأنها كانت على موعد معكِ؛ لكن دوني يا ابنة عمي!"
وبخطوات مرتجفة رغم ثباته الظاهري كان يسير تجاه الباب الخارجي كي يذهب إلى الأرض!.
يتبع


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-04-21, 09:23 PM   #202

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

وقفت في المطبخ تحدق في الأغراض أمامها تتخصر في وقفتها تحس بالحماس فها هي قررت أن تحضر فطور شهي لها ولعمران، وكما قال لها بأنه لن يتأخر وبالفعل كانت ساعة لا أكثر وعاد، ربما عليها الآن أن تنهي ما بدأت قبل أن ينتهي من أخذ الدش الخاص به والتي لاحظت بأنه يتأخر فيه كثيرا !، تنهدت بحيرة لا تعلم من أين تبدأ، تحركت تفتح الثلاجة وتأخذ البيض فيما تهمس بابتسامة رائفة:
" سوف أقلي بيض!"
رفعت حاجبيها الكثيفين وهي تبدأ في تجهيز الفطار فيما تكسر البيض في طبق صغير وهمست بتساؤل:
" سنأكل بيض فقط!".
تنهدت في راحة ثم قالت:
" والسلطة يا سمر هل نسيتي"
وضعت الخليط في المقلاة الذي كان يناديها لترحمه من كثرة خفقه وتركته كي ينضج تقلب فيه فيما تقول :
"ربما علي تحضير الكيك"
جاءها صوت أجش من خلفها مباشرة يقول بتسلية :
" سنفطر كيك وبيض يا سمر!"
التفتت مجفلة قبل أن تنتبه لعمران الواقف يستند على حاجز الباب فيما يربع يديه على صدره ببنطاله القطني الأسود وتيشرته بذات اللون بينما خصلات شعره تقطر بعض الماء كأنه لم ينشفه جيدا تعلقت به تبتلع ريقها فيما هو يتابعها بشبه ابتسامة قبل أن ترد عليه بضحكة مغردة جعلت قلبه يخفق بشدة فيما يراها منتعشة هكذا تجعل الحياة تدب في أرجاء بيته بل في روحه فيما أجابته بعد هدوئها:
" لو أعلم شئ آخر لفعلت!"
صمتت لحظة قبل أن تضيف برواق جعل السعادة تسري في كل خلية فيه كأنها عدوى!:
" أبي قال لك ستصبح نباتيا ألا تذكر!"
ضحكة رجولية منه جعلتها تتعلق بوجهه الأسمر للحظة قبل أن ترخي أهدابها فيما يتقدم هو يزيح المقلاة من على الموقد وقال بصوت أجش:
" قال لي ستصبح نباتيا !"
ثم نظر للمقلاة وقال بينما يلتفت لها:
" لم يخبرني بأنني سآكل بيض محروق!"
عبست ملامحها تغيب بسمتها معها فيما تقول:
" أنا أعد بيض جيد لكنك تحدثت معي فنسيته!"
ابتسم لها بحنو قبل أن يقول:
" إذن فلننسي البيض المحروق ونعد سويا إفطار شهي!"
كلماته الهادئة وبسمته الحانية كانت كالسحر عليها، رسمت على وجهها بسمة واسعة تكاد أن تصبح ضحكة فيما تقول بلهفة:
" سأعد كيك"
هتف قائلا:
" لا.."
ضيقت عينيها فيما تقول بدهشة :
" لما"
ابتلع ريقه يحدق فيها لثواني يتذكر كل مرة تعد فيها الكيك الذي أصبح كفاصل عذاب له كلما رآها تأكله وتتلذذ به متمنيا لو شاركها تلك اللحظة وذاق طعمه من على شفتيها، زفر بخفوت فيما يحك جانب ذقنه و يلتفت للثلاجة يتفحص ما بها بينما يقول يتهرب من النظر في عينيها كي لا ترى تلك العاطفة التي ستظهر لها جليا فور تلاقيها مع عينيه:
" سنعد فطور شهي سمر وسنأكل بعده فاكهة"
التفت لها ثم تابع ببسمة:
" تحتاجين لتقوية جسدك، الأيام الفائتة كانت مرهقة لكِ لذا عوضي ما فقدتي!"
فغرت فاها تحس بوجنتيها تشتعلان بحرارة تكاد تشعل الموقد جانبها وهي تسمع ما يقول ببلاهة تبتلع ريقها الذي جف فيما تراه يبتسم وهو يضع بعض مكونات الفطور التي سيعدها على المنضدة ولا كأنه قال لها شيء بينما هو أخذ كوب من اللبن ووضعه على الموقد ليسخنه قليلا تحت نظرها بينما تنتظر ما سيفعله به قبل أن يسكبه في كوب ويمد يده لها به قائلا بحنو اجتاح روحها:
" اشربي هذا حتى يجهز الفطور!"
تأوهت بخفوت تحس بهذا الحنان منه يغزو كل خلية فيها، ترى فيه لمحة من أبيها وهو يحنو عليها ويرفق بها، تحس بدماء تشبه دمائها تتسرب داخلها ليست غريبة عنها؛ أليس هو ابن عمها من دمها الرجل الذي لجئت له ولم يخيب ظنها..
ارتجفت للحظة قبل أن يهمس لها بأن تأخذ الكوب فمدت يدها بخجل تطبق على شفتيها في ارتباك تحت أنظاره التي لم تكن سوى حنان مفرط خصه لها هي أو هكذا ظنت!.
ارتشفت القليل من اللبن بارتباك فيما تطرق بعينيها عنه تحس بنظراته الغامضة تخترق روحها قبل أن تهمس متلعثمة تسحب نفسها وتطرده بخفة كأنها تطرد خجلها التي لا تعلم كيف أحست به الآن:
" حسنا ماذا سأفعل أنا!"
تنهد فيما يلتفت لها بعدما وضع الأشياء على المنضدة واعتدل بجسده ثم قال:
" ربما عليكِ غسل الأطباق!"
قوست حاجبيها بعدم رضا فيما هو أطبق على شفتيه يكاد يقهقه مما يراه على وجهها من عبوس بينما هي وضعت كوب اللبن على رخامة المطبخ و رفعت يديها تحدق فيهما وتقول بهمس:
" لكن يدي أخاف على نعو…"
قطعت كلماتها قبل أن تنظر له وتقول باعتراض طفولي:
" سنضعهم بغسالة الصحون"
التفت عنها يداري بسمته المتسلية بينما يقول وهو يضع الفول على الموقد ليجهزه:
" لا لن نضعهم بغسالة الصحون عليكِ انهاء مهمتك؛ كما سأفعل وأجهز لكِ الفطور"
هتفت باعتراض بينما تقترب من حوض الغسيل تستقبل من يده أول طبق :
" عمران، الغسالة ستفعل كل شيء"
التفت لها وقال في هدوء:
" جربي أن تستمتعي بكل شيء تفعليه بيديك سمر ستشعرين بالفرق، نعم الغسالة ستنهي الأمر عنك، لكنك ستظلين كما أنت تأخذي كل شيء جاهز ولا تعلمين طريقة التعب لأجله!"
للحظة ظنت بأنه لا يحدثها عن الصحون فحدقت فيه تتساءل بعينيها عما يقصد قبل أن يلتفت عنها مستدركا وهو يقطع الطماطم :
في درج المطبخ قفازات ارتديها ستحمي يديكِ."
صمت لحظة قبل أن يلتفت لها قائلا:
" لكن اشربي اللبن أولا"
ضيقت حاجبيها بعدم رضا وقالت :
" عمران لست صغيرة"
كز على أسنانه يكد يهشمها هامسا في نفسه بألم يعتصر قلبه " بلى أعلم بأنكِ أنثى مهلكة"
ثم قال لها بحزم:
" طالما لستِ صغيرة فعليكِ قبول الكلام دون اعتراض كثير سمر"
زمت شفتيها قبل أن تمد يدها تأخذ اللبن وتشربه ثم تركت الكوب فارغا ثم حدقت في الحوض بحنق فيما ترفع يديها تلملم خصلات شعرها لأعلى فرمقها عمران بطرف عينه بينما عنقها الطويل تداعبه بعض الخصلات التي فلتت كأنها تقبله، همهم في نفسه " حضر الإفطار ياعمران كيف لخصلة شعر تقبيل عنق أصبحت بائس هكذا أم أنك تركت مهمتك لتلك الخصلات!" تنهد بحرارة يلتفت لما يفعل ربما تخلص من حديث نفسه بينما سمر بدأت مهمتها التي توقعت أن تكون ثقيلة لكن للعجب كان الأمر مختلفا فيما كانت تتحدث مع عمران أثناء تجهيزه الفطور فلا تشعر بمرور الوقت، حديثه الذي فاجأها بمتعته وأنه لديه مائة طريقة ليجعلها تنصت له برواق وتستمتع بكل حرف يتفوه به، رجل المهمات الصعبة هكذا فكرت فيما تلتفت له تتابعه بتمهل تتأمل جانب وجهه الأسمر غير الحليق وبسمته تداعب شفتيه، ابتلعت ريقها الجاف تجز على شفتيها فيما تتساءل في نفسها ماذا لو حبيبته هي من كانت معه الآن!؛ ربما كانت تعد فطوره كاملا باهتمام، وربما هي مثله تهتم بالتفاصيل حتى في المطبخ، ربما كانت الآن تتدلل عليه!؛ فينسى أنه يقف في المطبخ لتجهيز الإفطار.
ابتلعت ريقها الذي أصبح كالأشواك في حلقها تتساءل، هل يشتاق عمران لها، هل يحس بالوحدة دونها، هل يتمنى لو كانت هنا الآن!؟؛ تساؤلات كثيرة تموج في عقلها كالبحر الهائج الذي زارته عاصفة هوجاء طويلة المدى.
ضيق عمران حاجبيه يراها تركت ما بيدها وتحدق فيه بشرود ومعالم وجهها تكاد توحي بالحزن فيما عينيها تهددان بمطر غزير وحينها لن يسيل على وجنتيها فقط بل سيغرق قلبه.
همس يخرجها من شرودها:
" مساعدة مطبخ كسولة تركت الأطباق ربما علي ابدال تلك المساعدة بأخرى نشيطة!"
كلماته كانت للمرح ليخرجها من غصتها التي ارتسمت على ملامحها، أجفلت سمر لمعنى كلماته التي وكأنها ردت على ما تفكر به، فاعتصرت عينيها التي تكاد أن تنفرط حبات دمعها تكاد تخبره نعم افعل وأأتي بأخرى تعطيك الحياة والسعادة فأنت تستحق! فلا قلب كقلبك بن عمي.
هتف بها:
" سمر، مساعدتي الكسولة هيا نريد أن ننهي ما بدأنا"
همست بخفوت بينما تتمسك بقوة بحاجز حوض الغسيل:
" نعم لكل بداية نهاية"
وقف يتأملها للحظة قبل أن يأخذ طبق سلطة فواكه قد أعده للتو ووضعه على المنضدة ثم قال في هدوء بينما يعتدل في وقفته وينظر لها بغموض:
" نعم لكل بداية نهاية يا سمر"
ثم أشار للطبق وقال برواق ربما مصطنع:
" لكن حينما تكون نهاية مرضية ربما تكن أفضل من البداية"
ثم تابع تحت أنظارها الشاردة:
" تماما كهذا الطبق كانت بدايته بعض حبات الفاكهة المنفرطة الآن أصبحوا واحد؛ نهاية مرضية!" وضحك متابعا
" لبطوننا"
ضحكت برواق فيما تمد يدها لتأكل منه فأوقفها قائلا:
" لا، انتظري حتى ننهي كل شيء سمر"
هتفت بينما تعود لغسل الأطباق:
" كل شيء لديك له قوانين بن عمي"
أجابها بهدوء:
" لولا القوانين لأصبحت حياتنا بلا هوية سمر!"
أجابته ببسمة راضية قبل أن تعود لما تفعل.
" انتهيت"
قالها عمران بحماس واضح بينما يرص الأطباق على المنضدة في المطبخ.
غسلت سمر يديها بعدما أنهت آخر طبق وقالت بانتصار:
"وأنا كذلك"
سحب عمران كرسي وجلس عليه يشير لها هي الأخرى لتجلس ثم قال بينما يراها تمد يدها للخبز لتبدأ الطعام:
" أنا من انتهيت أما أنتِ فلديك أطباق الفطور سمر !"
هتفت بطفولة تضع اللقمة من يدها:
" هذا ظلم عمران"
هز كتفيه بعدم اكتراث بينما يمضغ الطعام ثم رفع عينيه له للتتشابك مع عينيها المعترضة وقال بتسلية:
" ليس ذنبي، أنهي عملك كما فعلت أنا هكذا هي المشاركة!"
ابتسمت بخفة فور سماعها كلماته كأنها محفز قوي لها فيما تمد يدها تأكل وقالت برواق:
" وأنا سأفعل!؛ لن أخذلك بن عمي!"
ابتلع ريقه يحدق فيها بينما تأكل بشرود هامسا في نفسه :
" أتمنى! "
قالت تخرجه من شروده:
" عمران أريد أن أتحدث مع ندى اشتقت لها أعيرني هاتفك"
تنهد بخفوت بينما يدس يده في جيبه يأخذ الهاتف ويضعه أمامها ثم قال:
" تحدثي كما شئتِ "
مدت يدها تضعها على الهاتف لتأخذه لكن يد عمران باغتتها يضعها على كفها قائلا وهو ينظر لها:
بعد الإفطار تحدثي، لكل شيء وقته سمر
وسحب يده بخفة عن كفها يحس بماس كهربي ربما لن يتحمله حين رأى تخضب وجنتيها بحمرة تأسره وعينين تحدقان فيه قبل أن تنتزع عينيها عنه وتهمس وهي تأخذ الماء برعشة واضحة :
"حسنا بعد الإفطار."
ابتسم بخفة فيما يأخذ قطعة خبز يغمسها يرمقها بطرف عينيه يحس بهذا الجو الأسري الدافئ بفعل ابنة عمه الذي طالما تمناه يسحبه للجنة..
بعد وقت كان عمران يلملم ما يوجد على الطاولة فيما كانت سمر تطلب رقم ندى التي أجابتها فور اتصالها بصوت كله حنين وشوق.
همست سمر بينما تنظر للاشيء:
"اشتقت لكِ ندى، متى تأتي؟"
هتفت الأخيرة على الجانب الآخر:
" أفكر بأن تطول المدة"
أجابت سمر على الفور وبلهفة لم تداريها فيما كان يضع عمران بعض الطعام في الثلاجة ويحدق في ظهرها بغموض:
" لا ، لا تتأخري ندى"
همست سمر بتلك الكلمات بنبرة مترجية فيما تضيف وهي تقبض على كوب الماء وصوتها به غصة :
" أحتاج لكِ ندى أشعر بالوحدة"
دموعها تهدد بالانهيار فيما كان عمران يتسمر في وقفته خلفها، يحس بالدماء تتجمد في عروقه على إثر كلماتها، وحيدة وهو قربها، وحيدة تقولها بسلاسة ويسمعها كأنها سكاكين ترشق في كل إنش في جسده، وحيدة كلمة من خمسة حروف كفيلة بتوقف قلبه عن النبض تماما كما يشعر الآن ..
هتفت ندى على الجانب الآخر:
" ليتكم معنا "
تأوهت بخفوت قبل أن تقول متلعثمة فيما تخفض صوتها وكأن عمران الذي بدأ بعمل الشاي لن تخترق كلماتها قلبه فيما تقول:
" ليتنا، لكن تعلمين… أقصد عمران مشغول فلم تكن لنا فرصة لنأتي!"
صوت الكوب الذي وضعه عمران على الصينية بعصبية جعلها تلتفت له مجفلة لتتلاقى عينيها التي تتلألأ فيها الدمعات بعينيه الغامضتين قبل أن يلتفت كلا منهما عن الآخر.
أجابتها ندى متفهمة :
" ستعوض حبيبتي قريبا، ومؤكد حينما يحين الوقت المناسب سيأخذك عمران بشهر عسل طويل"
دمعة غافلتها و فرت من عينها بينما يضع عمران الشاي على المنضدة ويسحب كرسي يجلس عليه يتأملها بقلق يحس بأن رواقها الذي كان منذ قليل سيزول فيما هي تمتمت بخفوت ترد على ندى:
" نعم، سيفعل!"
كاد يسألها ما الذي سأفعله يابنة عمي، ماذا سألتك ندى ورددت بهذا وبكيتي، أقسم لن أتأخر عليكِ، فقط لا تبكي!"
وبعد لحظات من الحوار أغلقت سمر بعدما أرسلت لابنة عمها قُبلة عميقة قائلة بحنو:
" هذه قبلة شوق وحنين وعناق حتى تأتي ندى"
مدت الهاتف تضعه أمام عمران الذي ارتشف القليل من الشاي يرمقها بطرف عينه ثم ينظر للهاتف شاردا قبل أن تقوم سمر بتثاقل فقال بلهفة :
" إلى أين ؟!"
أجابت بصوت حاولت أن يكون هاديء ولكن لم يكن كذلك بل كان حزينا:
" سأرتاح قليلا!"
وقبل أن تخرج من المطبخ قال عمران بصوت مشاكس دون النظر لها:
" هل أعتبر هذا تخلي عن غسل الصحون!"
التفتت له مجفلة واتسعت عينيها قبل أن تتخصر ناسية وجعها قائلة :
" سأضعهم بغسالة الصحون!"
قام من مكانه يضع كوب الشاي بالحوض قبل أن يلتفت لها قائلا بصوت بدا مرحا يصل لأعماق روحها الحزينة فيدغدغها لترتسم بسمة صادقة على شفتيها
" إذن سنجعل غسالة الأطباق تعد لك الإفطار المرة القادمة"
هتفت به :
" هذا استغلال عمران!"
ضحك برواق بينما ينحني يأخذ هاتفه ومر من جانبها وهو يقول فيما يضغط على كلماته!:
" بل مشاركة سمر"
توقف بخطواته على باب المطبخ يحدق في الهاتف وصوتها الحزين مع ندى يتردد صداه داخله مع قبلتها العميقة التي أرسلتها لها فيما سمر تنظر لظهره بشرود قبل أن يلتفت لها فجأة ويقول:
" سمر!"
أجابت بخفوت بنعم فأحس بتردد ولكنه قاوم ذلك وقال:
" لم بكيتي منذ لحظات!"
أجفلت سمر للسؤال الذي لم تتوقعه أبدا من عمران بتلك اللحظة وبهذا الاهتمام الواضح في نبرة صوته!، رفعت يدها تمسد عنقها الطويل بتوتر تحت أنظاره بينما هو عاد يتوغل للمطبخ ينتظر جوابا منها فهو نفسه لا يدري كيف خرج هذا السؤال من بين شفتيه لكن شعور داخلي أجبره ليسأل!.
صمت ثقيل مر بينهما فيما كان توتر سمر واضح ما بين تلاعبها بخصلات شعرها التي تحررت لتنسدل على ظهرها في لحن مغوي لقلب عمران وأفكارها التي جعلت قلبها يرتجف، ماذا ستخبره !؛ بأن سؤال ندى عن شهر عسلها جعلها تحس بالنقص، أنها أنثى غير كاملة، ولا تعلم كيف أحست بهذا الشعور الذي جعلها تنتفض ألما، وجع غريب يجتاح جسدها لم تفكر فيه قبل أنها أنثى، تتمنى أن تعيش حياتها، تحس بحب الرجل الذي ستكون معه.
اتسعت عينيها تتأمل ملامحه السمراء تبتلع ريقها الجاف بينما تهمس داخلها:
"فقدت أي حق ابن عمي لأن أعيش حياتي فأنت ستغادرني لمن تحب مهما طال الوقت!"
دمعة انحدرت من عينها صاحبتها دمعات كثيرة كأنها تؤنس بعضها جعلت عمران ينتفض ويقترب منها بخفة وسرعة يقف أمامها تماما هامسا بحشرجة سمر..
فرفعت عينيها الباكية له وبسمة شاحبة تصاحبها لتتعلق عينيها بعينيه التي تشبهه، ترى انعكاس صورتها فيهما، تتعجب من شعورها وهذا الخواء داخلها يتبدل لشيء لم تفهم ماهيته، زفرت بتوتر تلفح وجهه بأنفاسها المرتبكة لتعلو أنفاسه ويجف ريقه متمنيا لو جفف دمعها بنفسه ولثم شفتيها الباكية المرتعشة! فيما هي كانت لا زالت متعلقة بعينيه تحس بانسحاب النقص الذي كاد يخنقها ويتسرب في روحها هذا الاكتمال الغريب في قربه!..
سمعته يردد اسمها بقلق فهمست بصوت متقطع بينما تمسح وجنتيها براحتي يديها:
" بعض الأحاسيس صعب شرحها بكلمات ابن عمي"
تأملها صامتا فهو أدرى بهذا الشعور، احساس العجز عن شرح ما بداخلك، لكنه همس لها بحنو :
" ربما أقل الكلمات تكفي لنحكي ما بنا.."
صمت يتأمل وجهها الذي تورد بحمرة لم يفهم سببها هل من بكائها أم شيء آخر!؛ لكنه تابع قائلا:
" ماذا بك سمر!؛ كنا بخير!"
ابتلعت ريقها تطرق بوجهها تتمنى لو فهمت هذا الإحساس الذي اجتاح كل خلية فيها!! بينما تتمسك بدمعة سلسالها بقوة قبل أن تقول له متلعثمة:
" ولو أخبرتك ستتفهمني ابن عمي!!"
همس بتفهم:
" لو لم أفهمك يوما ما كنتِ هنا الآن سمر في منزل الجبالي!"
ابتسمت بشحوب وكل كلمة منه تتسرب لروحها كمسكن قوي للألم، للنقص، للخواء للفراغ الذي يقتلها… قبل أن تهم وتخبره عما تريد دون تردد!!..
★★★★
انتهى الفصل 💜 وكل عام وأنتن بخير 💜 نلتقي بإذن الله تعالى بعد شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم باليمن والبركات 🙏💜💜
شكر واجب لكل من تفاعلت على الفصول ولم تبخل سواء هنا أو بجروب وحي 💜🌺


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-04-21, 11:15 PM   #203

Miush

? العضوٌ??? » 404902
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 228
?  نُقآطِيْ » Miush is on a distinguished road
افتراضي

الله عليكِ حبيبتي سلمتي 😍

Miush غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 09:09 PM   #204

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة miush مشاهدة المشاركة
الله عليكِ حبيبتي سلمتي 😍
سلمتي لي جميلتي 😍💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 09:14 PM   #205

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي جئت إلى قلبك لاجئة 💜

الفصل الثالث عشر.
تجول سمر الغرفة جيئة وذهابا، تحس بالضيق يأكلها فمنذ هذا اليوم الذي جمعها مع عمران في المطبخ وتوترت علاقتهما، كان يريد أن يعلم ما بها وتوقع أن تحكي له سبب بكائها، حاولت لا تنكر ذلك لكن الكلمات وقفت على شفتيها كأنها حُبـست!؛ ماذا ستقول له؟! أنها أحست بالقهر حين تحدثت ندى عن شهر العسل وتذكرت وضعها، تألمت متمنية لو كانت عروس ولها شهر عسل كندى، تَحب وتُحب؛ سيظنها بلهاء!؛ هل سيصله هذا الشعور الأنثوي الغريب الذي لم تظنه يوما يجتاحها؛ أنها فتاة رجت الحب وأن تكون ككل عروس لكن بيدها فقدت كل هذا!؛ عند تلك الفكرة توقفت قدميها عن الحركة ورفعت يديها لها هامسة بوجع" بيديك فقدت كل حقوقك يا سمر!؛ ماذا تريدين!؟ ومن سيفهمك!؛ ابن عمك! الذي فرقته عن حبيبته"
غصة اجتاحت روحها لتلك الأفكار التي تتلاطم في رأسها مسببة لها صداع نصفي جعلها تضع راحة يدها على جانب جبهتها متأوهة قبل أن تتوجه إلى السرير تجلس عليه، تحني جذعها وتستند بذراعيها على ساقيها دافنة رأسها بين يديها فيما تهمس" ما الذي يؤلمك!؛ أن عمران لا يحدثك من يومها! ويتجنبك أم ماذا يا ابنة الجبالي؟"
صمتت تعتصر عينيها بقوة قبل أن تفتحهما بتمهل وتابعت" وما الذي يضايقك في هذا!؛ دعيه على راحته!"
اعتدلت في جلستها تحدق في اللاشيء قبل أن تزفر بحدة هامسة" لستُ متضايقة من تجنبه لي أكيد!"
قوست حاجبيها تهز رأسها بلا نافية تلك الفكرة تماما كأنها تبعثرها من رأسها ثم ردت على حديثها تحاول إقناع نفسها" فقط نحن نعيش بمكان واحد لذا علينا المشاركة ألم نتفق على ذلك"
لاح أمام مخيلتها نظرته ذاك اليوم لها بعدما أجابته على سبب بكائها الكاذب وكيف تقلصت ملامحه حتى أحست أنها لا تعرفه وليس هو الرجل الذي شاركها إعداد الطعام منذ لحظات!؛ هل ستخسر هذه الثقة التي بدأت تنبت في علاقتهما!؛ سألتها في نفسها والخوف يتسلل في أوصالها حتى أحست به يقبض على قلبها يكاد يخنقه.
هنا انتفضت من مكانها تسير تجاه الباب وقد قررت الحديث معه لانهاء هذا الخلاف بينهما!.
أمام باب غرفتها توقف ما إن وجدته ممدد على الأريكة، تنحنحت بخفة قبل أن تسير تجاهه ببطء، أطبقت على شفتيها بخجل حين رأته قد غفا وعلى صدره كتاب كان يقرأه، احنت جذعها تتناول ساعة يده التي تركها على المنضدة، ابتسمت بخفوت هامسة في نفسها وهي تنظر له" لا زالت الخامسة مساء بن عمي"
قبضت على الساعة بخفة قبل أن تجلس على المنضدة المقابلة له تماما، ترددت للحظة لا تعلم كيف توقظه؟، ربما مثلا مدت يدها تربت على كتفه فيستيقظ، كانت أفكارها تصاحب أفعالها لكنها قبضت يدها لها بسرعة تهز رأسها مستنكرة هامسة تؤنب نفسها" وقحة فلا يحق لكِ"
همست متابعة ربما لو ناديت باسمه استيقظ، زمت شفتيها بقلة حيلة فمنذ جاءت لهنا لم تفعل هذا!؛ كيف توقظه يا إلهي لما الأمر صعب هكذا!؟؛ هتفت بها في نفسها بينما تنحني بجذعها تستند على ساقيها بذراعيها.
ابتسمت بشحوب تتأمل جسده الطويل الذي لا تسعه تلك الأريكة، أحست بغصة فكيف يتحمل هذا أثناء نومه!؟، زمت شفتيها والألم يعتصر قلبها فابن عمها لا يشكو ولا يتحدث ودوما هي من تظلمه منذ ذاك اليوم التي طلبته هي للزواج، لكن أكان بيدها!؟. زفرت بخفوت تنتزع تلك الأفكار عن بالها قبل أن تقوس حاجبيها تتأمل وجهه الرجولي الخشن؛ وسيما أسمر تزيده ذقنه غير الحليقة وقار، أنفاسه منتظمة هادئة كوجهه تماما تلك اللحظة!؛ هل يعلم بأنه حين ينام يشبه براءة الأطفال، ورغم ذلك إلا أنه كمغناطيس يجذب له من يرنو بنظره له؛ ضيقت عينيها على تلك الفكرة، هل تُعجب به النساء؟، نعم ابن عمها يستحق قالتها في نفسها فيما تبتلع ريقها بحنق متسائلة بهمسها الخافت" لكنه متزوج!؛ عندها التقت عينيها مع تلك الحلقة الملتفة على اصبعه السبابة بيده اليسرى وتبادلت النظر بينها وبين تلك التي في اصبعها وتبسمت بل كادت تضحك ولا تدري لهذا سبب!؛ مدت أناملها المرتجفة لكفه اليسرى تتمنى لو لامست تلك الدبلة، اعتصرت يدها وتعلقت بالهواء تردها لها بخيبة متسائلة وهل تلك الحلقة تثبت أحقيتك به! أم أنكِ تخدعين نفسك يا سمر!.
تنهدت بصوت عالي! قبل أن تعيد يدها له لكن تلك المرة لوجهه وهاتف داخلها يناديها أن تحس بملمس وجنته الخشنة كيف سيكون!؟.
توقفت يدها بالهواء حين تقابلت مع عيني عمران اللتين اتسعتا، قبضت يدها لها بسرعة خاطفة تعتدل بجلستها بينما ترى عمران ينتفض من نومته ويقع الكتاب على الأرض، يحدق فيها بعدم استيعاب بينما هي تهمهم بخجل بكلمات غير مفهومة!.
انحنى عمران مرتبكا يأخذ الكتاب من على الأرض ويضعه جانبه.
ثم قال بدهشة "هناك شيء؟!" بعدما اعتدل بجلسته يفرك عينيه بأنامله يحاول الاستفاقة يتذكر صوت تنهيدتها التي اخترقت كل حواسه بل هذا الحلم الذي كانت هي بطلته!؛يذكر أنه منذ قليل كان يقرأ كتاب شعر حين تخيلها أمامه عروسا بفستانها الأبيض خجول تتبسم له في خفر، يلثم جبينها بعمق ويخلع طرحتها البيضاء الناصعة عن رأسها قبل أن يقبلها على شفتيها وتردها له أضعاف في حياء يليق بها، كانت جميلة كما لم يرها قبل؛ هذا آخر ما يذكره حين سحبته معها لعالم يتمناه!؛صحيح لا يملكها واقعا لكنها لا تضن عليه بأحلامه؛ تعطيه بسخاء فأحلامه لا تعترف بالمسافات بينهما بل تضمهما كأنهما واحدا، أحلامه بها باتت كمسكن لاشتياقه لها الذي بات يؤلم قلبه وهو بكل لحظة يتمنى فقط عناق يدفئ قلبه الذي يرتجف بردا في بعدها والآن مع تلك التنهيدة التي ظنها أصبحت داخل حلمه تنعش مشاعره بحبها أكثر! يتساءل في نفسه ماذا سيكون حاله إن روت ابنة عمه عطشه لها؟!.
همست سمر في ارتباك تتهرب من النظر في عينيه:
" أتيت للتحدث معك!"
قوس حاجبيه ثم قال بصوت أبح لا تدري من أثر نومه أم ماذا؟!
" أتيتِ للتحدث معي وأنا نائم!"
ابتلعت ريقها باستحياء مضيقة عينيها تداري هذا الإحساس الذي لا زال يغلف مشاعرها، تريد ملامسة وجهه هل جُنت!؟ هذا ما فكرت به قبل أن تجيبه تحاول الثبات وهي تنظر لساعته التي لا زالت بيدها:
" الساعة الخامسة والربع ابن عمي وهذا ليس ميعاد نومك بالظهيرة!؟"
تعلقت عينيه بيدها القابضة على ساعته قبل أن يجيبها متنهدا:
" غفوت وأنا أقرأ"
صمت برهة ثم تابع:
" ماذا تريدي!"
عاد الجفاء يصاحب حديثه كما اعتاد الأيام السابقة فزمت شفتيها بطفولة ثم قالت بحزن لم تداريه عنه:
" هذا ما أردت التحدث عنه، الجفاء بيننا عمران"
سحب نفسا عميقا وزفره بخفوت قبل أن يجيبها:
" ومن سببه!"
أرخت أهدابها ثم قالت بنبرة مهتزة " الأمر لا يستحق عمران"
احنى جذعه مقربا وجهه منها ثم قال ببطء" بل يستحق يا سمر"
حدقت فيه مليا كأنها لم تسمع ما يقول وكل ما يشغلها الآن شيء واحد كيف هو ملمس ذقنه!؛ تنهدت بعمق لتلفحه أنفاسها دون أن تشعر، ابتلع ريقه يرتد في جلسته في دهشة من تلك الغائبة في وجهه ثم تابع ينتزعها من عالم الأحلام يسحبها إلى واقعها فيما يضيف بنبرة باردة أفاقت كل جوارحها" أنتِ كذبتِ"
اتسعت عينيها وارتجفت شفتيها فيما ترفرف برموشها الكثيفة تستوعب الكلمة؛ (كذبتِ) قبل أن ترد بصوتها الذي غلفه الرجاء ليفهمها" ليس كذبا يا عمران صدقني"
كز على أسنانه ثم قال بضيق" تقصدين مراوغة!"
زفرت بتوتر ثم قالت" لا هذا ولا ذاك"
أجابها بذات النبرة المتضايقة" إذن ماذا يا سمر!؟ كيف تفسرين مراوغتك معي حين سألتك عن سبب بكائك"
صمت لحظة ثم تنهد قبل أن يضيف" أخبرتني حينها بأنكِ ستقولين، لكنك فاجئتني بقولك لا أريد غسل الأطباق لذا أبكي"
تأملها للحظة ربما طالت، تقبض على ساعته كأنها تحتمي بها واليد الأخرى تتقلص على طرف بلوزتها حتى تجعدت، تتهرب من النظر في عينيه.
فاستطرد قائلا بنبرة باردة جمدتها " لم يقل لكِ أحد أنني أبله لأصدق هذا"
تنبهت كل حواسها بل أحست بنفسها ترتجف في جلستها وكأن تلك الكلمات أوجعتها كلها فهتفت بلهفة لم تخف عليه" لا تقل هذا عمران"
تغاضى عن لهفتها تلك قبل أن يقول بنفاذ صبر" إذن ماذا يا سمر!؟"
أرخت نظرها عنه مرة اخرى تتهرب من النظر له فقال موضحا" لا أتدخل في حياتك لكن بكائك المفاجأ حينها أدهشني وأنتِ قلتِ سأخبرك"
تنهدت بخفوت قبل أن تنظر في عمق عينيه ثم قالت بكل صدق " عمران، صدقني تمنيت وقتها أن أخبرك، حقا أردت ذلك"
أطبقت على شفتيها وأغمضت عينيها تخفي ألمها الذي عاود لها! نعم هي بكت وتريد أن تصرخ الآن تحدثه بالخواء داخلها؛ تفضفض له بأنها أنثى فقدت أهم لحظات حياتها، أحس بالصراع داخلها، نظر لها بدفء رغم الألم يكز على أسنانه يتمنى لو ضمها لصدره يطمئنها ويسألها عن ما يؤرقها.
أعادته من شروده حين وضعت يدها على قلبها وهمست بخفوت متألم لكنه سمعه جيدا" تمنيت لو حكيت لك وأثلجت صدري لكن كما قُلت لك قبل بعض الكلمات صعب البوح بها"
جف ريقه في حلقه وهو ينظر لموضع يدها على قلبها، صوتها المرتجف كان صادقا حتى أنه اجتاح قلبه وجعله يرخي كل حصونه، ينسى للحظة بروده وجفائه فهمس لها بحنو قصده" حين تستطيعين البوح ستخبريني !؟"
أحست بنبرته الحانية تربت على ألمها فأرخت يدها على حجرها ثم قالت بصوت خفيض فيما ترتسم على شفتيها بسمة" بلى سأفعل"
تنهد طويلا ثم قال بهدوء يحس ببسمتها الصافية تلك كافية حاليا له" وأنا سأنتظر سمر!"
تنهدت بعمق جعله يتعلق بها مليا فيما يحس بشفتيها تتمتم بآخر كلمة قالها( سأنتظر) ربما لم تنطقها بصوت بل حركت شفتيها بها فقط لكنها اجتاحت روحه يحس وكأنها تؤكدها على نفسها بأنه سيفعل هذا، بلى سيفعل ألم ينتظرها منذ ولدت!، هتف بها في نفسه متعلقا بملامحها الحبيبة يتابع همسه" لكن لا تتأخري ابنة عمي لقد تعبت الروح حتى كادت تستغيث!.
هز رأسه بخفة ينثر شروده فيها عن رأسه قبل أن يمد يده لها فضيقت عينيها بتساؤل ليشير برأسه للساعة في يدها قائلا في شبه مرح" أظن تلك ساعتي"
ضحكت ملء شفتيها حتى جعلت قلبه يقرع صدره معانقا إياها وهي تمد يدها له بها وقالت بترجي بعدما هدأت ضحكاتها" لا تعود للجفاء معي عمران، أشعر حينها بأن لا طعم للحياة"
تناولها منها فيما تلامست أناملهما كأنها تتعانق فكانتا كالكهرباء سرت في جسديهما ليخفضا نظراتهما عن بعضهما قبل أن يتساءل في نفسه يرفع نظره لشفتيها اللتين لا زالتا تحملان أثر الضحك عليهما؛ هل قالت آخر كلماتها أم أن حبه لها يجعله يسمع أشياء يرددها قلبه هو! لكنها أضافت تؤكد كل حرف" عمران، صمتك يجعلني أحس بالوحدة والألم فلا تفعل ابن عمي"
لم يسمعها قلبه صادقة بهذه الطريقة مثل الآن، نظرة عيناها شفافة، غرق فيها متمنيا أن تحتضنه بهما لكنه أرخى جفونه يخفي مشاعره عنها ثم قال بهدوء" حسنا سمر لا بأس"
كلماته لم تدل على صخب مشاعره لكن لم يطاوعه لسانه بنطق أكثر من هذا وبالرغم من ذلك إلا أن كل حرف نطقه كان يحمل حرارة قلبه التي تمنى لو تصلها.
تأملها شاردا فيها فحاكته في نظرته وذقنه الخشنة تعيدها لما كانت تفكر فيه قبل قليل، كيف هو ملمسها وتأكدت في تلك اللحظة أنها جُنت! فما سبب هذا العطش الغريب لقرب يدها من وجهه!؛ نعم هي تحس بالظمأ لهذا تكاد تحس بأناملها تجذبها لفعلها، حاجة في صدرها تشدها فكيف تكتم هذا الشعور!، صرخت بها في نفسها مؤنبة إياها على إحساس لم تفهم ماهيته!.
ضيق حاجبيه يحس بالحرارة تسري في جسده حين حدقت فيه بنظرة لم يرها بعينيها يوم!؛ غائبة؛ شاردة، تبتسم وعينيها تدور حول ملامحه حتى أحس بالقشعريرة تسري على طول عموده الفقري، ستصيبه بجلطة هكذا!؛ ماذا تفعلين بلوتي!؟ هتف بها في نفسه بينما يتأمل فاها المنفرج وعينيها المبتسمة تماما كشفتيها التي ارتسمت عليهما بسمة حالمة لا تخطئها عين رجل فكيف يخطئها وهو العاشق لها!؛ كذب نفسه داخله بأنها ليست بنظرة إعجاب أو ما شابه لكن ما هي!؟ أما سمر فلم ترحمه دون أن تنتبه تنهيدتها عادت تخترق كل حواسه حتى تمنى أن يتذوق أنفاسها الحارة تلك، أغمض عينيه متأوها قبل أن يفتحها بتمهل يتنحنح يخرجهما من مشاعرهما التي لن تجد من يبردها ثم همس باسمها ببطء وخفوت لكنها لم تسمعه ولا زالت شاردة به؛ ابتلع ريقه يرخي أهدابه عن شفتيها وملامحها التي تنبض بمشاعر لم تظهرها له أبدا قبل، قلبه يزغرد في صدره يخبره ها هي ابنة عمك كما تمنيتها!؛لكنه عاتب نفسه مؤنبا حبك لها يُخيل لك أشياء لن تحدث فضم شفتيه بقوة قبل أن يفتحهما ويعيد همسه المتحشرج باسمها فتنبهت تنتفض في جلستها قبل أن تقوم بارتباك تتلفت حولها كالتائهة، تتلاعب بخصلات شعرها تهمس داخلها" غبيه، ما بها ذقنه!؛ لتجعلك تشردين بها وملمسها على يدك كيف يكون؟!"
ابتلعت ريقها تحدق فيه وعادت آخر سؤال تردده في بالها" كيف هو ملمسها!؟"
هنا تنبهت أنها ستظل في جنونها لو ظلت تنظر له عليها الهروب من أمامه فأردفت بنبرة مهتزة أظهرت عواطفها التي حاولت مداراتها عنه" تشرب شاي"
كاد يقهقه من ارتباكها الجلي له والذي أحيا كل مشاعره التي يكبتها تجاهها.
جاهد لإخماد هذا البركان من الأحاسيس الثائر داخله بفعل بلوته التي لا تشعر ما تفعله به فضم شفتيه يخفي بسمته وأسبل أهدابه ثم قال بهدوء" نعم أريد شاي"
وما إن انتهى من حديثه حتى صدح صوت الهاتف أمامه ليلتقطه ينظر في شاشته بينما ترتسم بسمته وهو يرد" علي، اشتقنا يا رجل"
توقفت سمر تسمع الحديث بانتباه بينما ضحكة عالية قابلت حديث عمران على الجانب الآخر ثم قال علي من بين ضحكاته" إذن انزل بالحديقة نحن أتينا"
قال عمران في دهشة" حقا، جئتما بالفعل وبالأسفل"
أكد علي على حديثه وهو يقول" المفاجأت لها سحرها"
ضحك عمران عاليا وقال وهو يقوم من مكانه في لهفة" تظل مشاكس يا علي؛ سأنزل حالا "
أغلق الهاتف بينما يقول لسمر بوصول علي وندى لكنه لم يلبث أن أنهي كلامه حتى وجدها كالرياح تمر من أمامه بسرعة متجهة للباب تفتحه بلهفة على شفتيها كلمة واحدة (ندى)
ولم تنتبه بأنها تهرول حافية القدمين؛ كانت كأنها تطير وشعرها الأسود المنسدل خلفها يشاطرها الطيران بينما هناك عينين سوداوين هرولتا خلفها يناديانها أن لا تخرج هكذا لكن لسانه لم ينطق وهو ينزل خلفها صامتا رغم اللهفة التي ملئت قلبه لتوأمه!.
يتبع💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 09:18 PM   #206

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

تلف سمر محتضنة ندى بفرحة لم تستطع السيطرة عليها، تدور وتدور غير مكترثة بعمران ولا علي اللذين وقفا محدقين فيهما مشدوهين لما يحدث، فيما كانت ندى تربت على ظهرها تطمئنها بأنها عادت لكن ابنة عمها لم تكن في مزاج للرد بل للعناق ربما روت شوقها وهدأت من وحدتها التي تبحث عمن يملئها.
تأملها عمران بينما يرى خصلات شعرها السوداء الغجرية تلف وتدور معها فتكاد تصله رائحة الورد حتى أحس برأسه يكاد يدور مع جسدها الذي أعلن له بكل حركة عبر تلك الملابس عن أنثى مهلكة، لا تنتبه بإن هناك زوج من العيون يتابعان ما يحدث أحدهما غريب ولو كان ابن عمها علي والآخر زوجها الذي يحس الآن بالنيران تشتعل في صدره والدماء تتصاعد لرأسه تكاد تهشمه، تقبض بيديه يحاول السيطرة على مشاعره،ملابسها التي ترتسم على حنايا جسدها باحكام ومع كل لفة يشعر بقلبه يهبط لقدميه لا يتحمل رؤية أحد غيره يراها هكذا بتلك الإثارة!؛ تغار هتف بها عمران بلوعة في قلبه ولم تخرج من بين شفتيه يتمنى لو أخفاها في روحه عن أعين كل الناس؛ لكن كيف له أن يفعل وهي اللاجئة وهو الوطن!، ازدرد ريقه الجاف الذي أصبح كالأشواك في حلقه وكل أحاسيسه تحولت لنيران تشعل جسده تكاد تصهره بنار الغيرة!.
" كفى" هدر بها عمران فيما يكز على أسنانه يحس بمشاعر الغيرة تتضخم في قلبه تكاد تفتك بكل من حوله، وقفت الفتاتان فور نطقه بالكلام، كانت عيني سمر تحدقان فيه بغرابة وصدرها يعلو ويهبط تربت عليه ليهدأ، تعلق بيدها للحظة قبل أن يستعيد ثباته حين أحس بثلاثة أزواج من العيون تتساءل عن سبب تجهمه ومقاطعته تلك اللحظة فاستدرك قائلا يبرر موقفه فيما يشير لعلي وندى:
" سمر، ندى مؤكد مرهقة من السفر لذا دورانك هذا سيرهقها"
أطرقت سمر بوجهها ترفرف بأهدابها فيما تقضم شفتيها المكتنزتين المطليتين بلون أحمر قاني فازدادا احمرارا ألهب مشاعر عمران التي يحاول إخمادها، وَدَّ لو أخذها من يدها عنوة تبدل ملابسها ويمسح عن شفتيها تلك الحمرة بأنامله؛ هنا رفعت وجهها له فابتلع ريقه يشتهي لو مسحها بشفتيه!، زفر بخفوت هامسا بحرارة تكاد تشعل كل خلاياه، بلوتك ستفقدك عقلك ياعمران، تشعل النيران في قلبك وتحدق فيك كالبلهاء تسألك بعينيها ماذا فعلت!"
انتزعه علي من شروده فيما يربت على كتفه قائلا:
" أخي لا تقلق فندى هي الأخرى تشتاق لسمر لذا كانت تحتاج لدوران كهذا، لو تعلم ماذا كانت تفعل بي كل يوم لشوقها لها!"
ابتسم عمران متفهما رغم أن تلك الكلمات لم تخمد نيران غيرته قبل أن تتدخل سمر هاتفة بحماس:
" ما رأيكم لو تناولنا العشاء معا بالحديقة"
ابتسم علي وندى للفكرة وكادا يردا بالموافقة لولا رد عمران الفوري الحازم:
" سمر ألا ترين بأن الوقت أمامنا،اتركيهم يرتاحوا، للتو عادوا من السفر"
صوته الذي تغلف بحدة لم يقصدها جعل سمر تكاد تغوص في الأرض من خجلها فيما تحس بغصة تكاد تخنقها واحتراق في عينيها، تلعق شفتيها بلسانها تبللهما من الجفاف الذي حل بهما.
حدق علي وندى فيه بصمت ولم يتدخلا بشيء فهناك ما يجول بالأفق ولم يفهماه، فيما أحس عمران بانفلات مشاعره يرى أثر كلماته على وجهها، يحس بالوخزات تسري في جسده حين لمح الدمع يترقرق في عينيها فهمس قائلا:
" حسنا، لنفعل إن كان علي وندى لا يمانعا"
هتفت ندى بالموافقة ثم التفتت إلى علي تسأله ببسمة" صحيح يا علي ليس هناك مانع!؟"
أجابها بابتسامة صافية كأنها عدوى وقال فيما يلف يده حول خصرها: بالطبع أوافق ندى"
تأملتهما سمر بأثر ضحكة تكاد تغادرها تراهما كنسمات الهواء تداعب جو الحديقة الذي كان هاديء وعادت إليه الحياة بعودتهما، تحس بالفرحة لهما والألم لها، زفرت بخفوت ترخي أهدابها فهي لن تنال لحظة كتلك، لن تجمعها ضحكة صافية مع عمران ولن يلف يده حول خصرها ويقربها لصدره هكذا وتصله عدوى بسمتها فيردها أضعاف، كانت لا تعي بعيني الأخير تتفحصها، يرهقه قراءة أفكارها التي تجعل نبضات قلبه تطرق صدره فيما يمشطها بتمهل يضع يديه في جيب بنطاله الجينز هامسا في نفسه" أه لو تعلمين بأنني أرجو لو ضممتك لصدري وأخبرتك عن شوقي وزارتني عدوى بسمتك يا ابنة عمي!؟"
قال علي بينما ينحني يأخذ الحقيبة:
" الآن سوف نترككم ونلتقي ليلا"
زفر عمران بخفوت ينحني هو الآخر يأخذ الحقيبة الثانية ليساعد أخيه فيما يقول: سأوصلك لباب البيت"
أومأ علي بايجاب فيما قالت ندى لسمر قبل أن تسير جواره" تعالي قبل العشاء كي نجهز للرجال شيء قبل أن يأكلوننا "
أومأت سمر بشرود ترى ثلاثتهم يتجهون لباب منزل علي قبل أن يتركهم عمران ويعود بخطوات سريعة، تعلقت عيناها به بدا رغم وجهه الذي رسم عليه ملامح جادة إلا أنه كان وسيما.
وقف أمامها يقول بهدوء:
" لندخل البيت سمر"
شردت للحظات فيه بقميصه الأبيض الناصع وزره المفتوح من أعلى لترى تناقض لون بشرته مع هذا القميص لكنه بدا أنيقا رجوليا يخطف أنفاس أي أنثى وعند تلك النقطة ازدردت ريقها تتساءل في نفسها، أي أنثى أم أنتِ بالذات سمر!،اتسعت عينيها للفكرة التي راودتها للتو؛ منذ قليل كانت مأخوذة بذقنه والآن زر قميصه المفتوح، زفرت بخفوت ربما هدات خواطرها وربما ما احست به الآن سببه رؤيتها لعلي وندى بعد عودتهما ورؤية هذا الحب المتقد بينهما أما هي فلا تفكر بعمران هكذا فهو ابن عمها! ويحب أخرى وتلك الأفكار وتحقيقها حقا لها هي!؛ هزت رأسها تبعثر أفكارها التي لو أحس بها عمران سيظنها جنت وفيما كانت تدور بعينيها تحاول طرد أفكارها المهلكة لحواسها تعلقت بعينيه السوداوتين اللتين تتفحاصها بدهشة فيما كانت تحدق فيه منذ لحظات دون أن تطرف بعينيها كانت كالمغيبة ولولا أنفاسها التي تعلو وتهبط واحمرار وجنتيها لظن بأنها بالفعل في غيبوبة لكنها أمامه أنثى رائعة تناديه لموسم القطاف، تخبره في تلك اللحظة دون أن تدري هيت لك !
أحس بالحرارة تسري على طول عموده الفقري وتساءل ألا يحق له بأن يحملها بين يديه يدور بها في الحديقة ويصرخ بأعلى صوته تلك زوجتي ليسمعها له ولها وللناس أجمعين بل لن يقول لأحد سينحني بخفة لأذنها يهمس لها بدفء أنت زوجتي حلالي!
" هل ندخل للبيت"
صوت سمر انتزعه من أحلامه الغريبة فانتفض في وقفته في خفة فيما يضع يديه في جيب بنطاله يخفي رعشتيهما يراها تحتضن نفسها بذراعيها فأسبل أهدابه قائلا بصوت أجش بعد نحنحة خفيفة وهو يسير جوارها " بلى هيا لندخل"
★★★
رمقته سمر بطرف عينها بينما يصعدان السلم بهدوء مفرط لا يقطعه سوى خطواتهما و صوت أنفاسه التي وصلتها غاضبة ولا تعلم لهذا سبب!؛ حتى في تلك اللحظة التي تلامست أيديهما أحست به يبتعد بسرعة أجفلتها كأنها وباء ما!.
أدار المفتاح في الباب بعصبية قبل أن يسبقها للداخل بينما يسير تجاه المرآة التي توجد بأحد جوانب البيت يخلع ساعته ويضعها على الطاولة الموضوعة عليها ويثني أكمام قميصه في توتر جلي يسبل أهدابه الكثيفة فتمنت سمر لو رفعهما ترى ما خلفهما ربما فهمت شيء، وقفت بجوار الأريكة تتابعه، ابتلعت ريقها تتساءل في نفسها "هو الغاضب أم أنا!؛ ألم ينتبه إلى طريقته معي أمام علي وندى!؟"
زفرت بصوت عالي فيما هو يجلس على الأريكة ويخلع حذائه فهمست قائلة:
" عمران ما بك!؟"
أغمض عينيه بقوة بينما لا زال منحنيا يخلع حذائه متمنيا لو أنها ما سألت!؛ زفر بخفوت قبل أن يقف من مكانه ويسير تجاه الغرفة متغاضيا تماما عما قالت وكأنها لم تتحدث! بل تخطاها دون الالتفات لها.
قوست حاجبيها باستنكار قبل أن تتبعه لغرفة النوم، وقفت بوسط الحجرة تعقد يديها على صدرها تتابعه وهو يأخذ ملابسه من الدولاب ولا زال على صمته الذي يكاد يثير الصداع في رأسها، هتفت بصوت وصله غاضبا:
"هل ستتركني أتحدث مع نفسي يا عمران!"
التفت لها ببطء وشعور ساخر يجتاحه وهو يجدها كأي زوجة طبيعية تلاحق زوجها بأرجاء المنزل لتعلم ما تريد!؛ ألا تنتبه بلوته تلك لأي شيء!؛ أنها تنهك قواه وروحه وبأن كل إحساس داخله بدأ يستغيث!.
فرك جبينه بيده يحس بأنه لا توجد لديه القدرة الآن كي يجادلها فأجابها بخفوت:
" لا شيء"
ضيقت عينيها تقترب منه فيما ترد غير مصدقة لرده:
" لا شيء، كلمة لا تكفي لما حدث!"
رفع حاجبه فيما يسألها بنفاذ صبر بعد زفرة عميقة:
" ما الذي حدث سمر!؟"
أجابته بنبرة حادة لم تقصدها:
" ألم تنتبه لما حدث في الأسفل وكيف تحدثت معي أمام علي وندى، ثم الآن أصبحت صامت بل وغاضب ولا أعلم ما سر هذا!؟"
عقد حاجبيه يتخلل أنامله في شعره الأسود الكثيف بعصبية وقبض على ملابسه يكاد يعتصرها ربما حافظ على هدوءه فيما يخطو بعيدا عنها يحس بصداع نصفي يكاد يشطر رأسه ثم قال باقتضاب:
" لم انتبه!"
تحركت بسرعة تقف أمامه تقطع عليه الخروج قائلة بتحد :
" لن تخرج من هنا سوى بعدما تخبرني ماذا هناك؟! لم أفعل شيء لتعاملني هكذا!؛ ألم نعقد هدنة بيننا يا عمران ما الجديد!؟"
شعر بكل صبره ينفذ فيما تقف أمامه تسأله عما فعلت !؛ ألقى بملابسه على السرير بعصبية جعلتها تجفل وتلتفت حيث ألقاهم، حين قال في حدة بعد تنهيدة عالية :
" ماذا تريدين الآن سمر، تحدثي!؟"
التفتت له ترى ملامحه متجهمة، فكه متصلب بينما يفك أزرار القميص العلوية وكأنه يشعر بالحر في حين الجو لطيف فازدردت ريقها تكاد تتراجع عن حديثها لكنها أجابته :
" سألتك ما سر معاملتك تلك لي وما هذا الصمت!؟"
زفر عاليا حتى أنفاسه الحارة لفحت وجهها فيما يقول ببطء:
" سمر ألم نعقد هدنة بيننا!؟"
ضيقت حاجبيها ثم همست بنعم فقال في هدوء على عكس النيران المستعرة في قلبه:
" وعلى ماذا اتفقتِ معي!؟"
ابتلعت ريقها ترى ملامحه متعبة مرهقة فيما ترد بخفوت:
" استعادة ثقتك!"
ارتسمت على وجهه بسمة كسيرة فيما يطبق شفتيه ثم انحنى بجسده قليلا تجاه وجهها وقال بتمهل شديد:
" إذن لما تخلفين بنود الهدنة؟!"
هزت رأسها نافية فأومأ برأسه مؤكد على كلامه بينما هي قالت معترضة:
" بالعكس عمران أنا أحاول أن …"
قاطعها هادرا بينما يعتدل في وقفته يفرك جبينه المتعرق بتوتر:
" أنتِ لا تحاولين ياسمر، بل لا جديد سوى أنكِ لا تفهمي ما وضعتنا فيه!"
هتفت بصوت مخنوق :
" لا أفهم ما ترمي إليه عمران تحدث بوضوح.."
مسح على وجهه يشعر بأن تلك الهدنة بينهما ستهدم تلك اللحظة فكز على أسنانه فيما يقول وهو يلتفت عنها:
" دعينا لا نتحدث الآن"
تحركت لتقف أمامه وهتفت به في حدة:
" بعد كلماتك تلك تريد أن تتركني هكذا، يجب أن أفهم"
أطبق على شفتيه فيما يثني عنقه يمينا ويسار ثم قال من بين أسنانه:
" أنت لا تفهمين شيء!"
اتسعت حدقتاها من أثر تلك الكلمات أهي لا تفهم!؛ فيما هو تابع بصوت ثقيل خطر كأنها لا تعرفه:
" لا تريدي إعطائي مفتاح ثقتي فيك!"
هتفت معترضة:
" ما الذي تقوله عمران، ثم ما الذي فعلته في الأسفل يستدعي هذا، كنا بخير حتى عاد علي وندى"
هتف بها بغضب وعينين ممتلئتين بنيران أحست بها ستحرقها:
" بلى فعلتِ ما يستدعي هذا، لم تهتمي للحظة لوجودي بينما كنتي تعانقي ندى وتلفي وتدوري غير مكترثة بشيء"
" ماذا!؟"
هتفت به سمر تحدق فيه بعدم استيعاب مستنكرة ما يقول بينما تتابع بصوت معترض :
" وما به عناقي ودوراني مع ندى!؟"
اقترب الخطوة التي تفصلهما وانحنى قربها وقال بصوت مخنوق:
" ألا تجدين دورانك هذا به مشكلة!"
ثم نظر لها بنظرة ذات معنى ممشطا ملابسها وتابع باستياء:
" بملابسك تلك وكل ملامح جسدك تتضح للرائي منها ولا توجد مشكلة!"
احمرت وجنتيها تفهم مغزى حديثه تريد أن تنطق ولا تطاوعها الكلمات فيما تابع هو تحت أنظارها الذاهلة:
" قلت لكِ لا نتحدث لكنك صممتي!؟
أخيرا طاوعتها الكلمات فردت بنبرة حاولت أن تكون هادئة لكنها كانت مرتعشة بوضوح:
" أنا أرتدي تلك الملابس دائما ثم لم يكن هناك أحد غريب وقت دوراني هذا، ما الجديد إذن!؟"
اقترب أكثر لترتد هي عنه ترفع وجهها له تحدق فيه بذهول حتى استندت على درفة الدولاب بينما هو توقف قائلا بصوت أجش:
" الجديد أنكِ زوجتي، أسمعيها على نفسك كثيرا، زوجتي"
ضغط على الكلمة بقوة بينما ينحني تجاه سمر فيما يستند بيديه على درفة الدولاب يحاصرها، نظرت له مشدوهة من تلك الزوبعة فيما هو تابع بذات الحدة:
" زوجتي ولو بيننا نعلم بأننا لسنا كذلك، لكن أمام الناس نحن زوجين؛ زوجين يا سمر لي حق احترام الزوج بكل ما تعنيه الكلمة"
قالت بصوت متهدج وعينين مهتزتين:
" عمران لم أقصد شيء ،ثم أن علي ليس غريب إنه…"
قاطعها بغضب وعينين محمرتين بينما يخبط بكف يده على درفة الدولاب"
" بل غريب يبقى ابن عمك رجلا لا يحل أن يراكِ كما كنت منذ قليل، لا حق لأي عين بتلك الدنيا أن ترى فتنة جسدك يا سمر"
قال كلماته الأخيرة بنبرة جعلت القشعريرة تسري على طول عمودها الفقري فيما تنظر له فاغرة فاهها، تحس بأنفاسه التي تعلو تهبط وجسده متشنج.
تجمدت تراه يحدق فيها بنظرة لم تعتدها قبل فيما هو سحب نفسا عميقا من رائحتها المخدرة لكيانه التي تجتاح روحه تجعل الخدر يسري ببطء في كل خلاياه بينما يراها تغمض عينيها وترتعش شفتيها دعوة صريحة بريئة مغوية لينهل مما صام عنه سنين عمره تسمعه يحدثها كأن صوته يأتيها من أعماق بعيدة:
" زوجتي لا يراها أحد هكذا، لا حق لعين أن تتمعن النظر فيك"
ابتلع ريقه يحدق فيها فاغرة فاها ثم تلعق شفتيها المكتنزتين ببطء أثمله حتى أحس بها خمرا يسكره، تنظر له بعدم فهم لعصبيته المفرطة فتضيق أنفاسه ويزفر بحرارة؛ يتقبض بيديه على درفة الدولاب يحاول منع نفسه من تذوقهما، يحس بأنه على شفا الانهيار، ابنة عمه ستسحبه إلى عمق البحر وتتركه يغرق يعلم هذا!.
همست بصوت مرتجف تحاول أن تخرجه من هذا الألم الذي تراه على ملامحه:
" عمران، أبدا لم أقصد التقليل منك، كل ما حدث لم أتحكم في شوقي لندى ولم أعلم بأن هذا خطأ بل لم يكن خطأ بالفعل!"
كلماتها الأخيرة عصفت بهذا الخدر بجسده، تتسع حدقتاه يحس بأن انفعالاته لم تعد تحت قيده فهمس بصوت عميق غامض فيما لا زالت تستند على الدولاب تكاد تلتصق بها كأنها ستحميها من نظرته الغاضبة وهو يشرف عليها هكذا:
" تقصدين بأن عصبيتي تلك بلا داعي!"
فلتت ضحكة ساخرة من بين شفتيه وهز رأسه يبتعد عنها والتفت بجسده للاتجاه الآخر قائلا بمرار:
" طلبتِ استعادة ثقتي، ظننتكِ تعنيها "
حدقت في ظهره المتشنج ويديه المتقبضتين فدارت بلهفة تقف أمامه هامسة:
" عمران بالفعل أعنيها لكن أرجوك لم يحدث شيء لكل هذا!"
تأملها مليا فيما يحس بصدره يشتعل بتلك المشاعر التي تكاد تقتله، لا تفهم غيرته ، لا تحس بالنار التي تستعر في روحه كل لحظة يتذكرها تعانق ندى وجسدها كعرض للجميع حتى له دون أن يكون له حق فيها أو أن يخبرها بغيرته كيف يخبرها؟، كيف؟ هتف بنفسه بلوعة فيما يعتصر قبضتيه يحس وكأنه يمسك نصل حاد يدميه.
رفعت وجهها تشد قامتها تحاول أن تستعيد ثباتها تؤكد على كلماتها فيما تقول:
" الأمر لم يكن بحاجة لهذا الغضب بن عمي!" ..
ضيق حاجبيه الكثيفين وجدار هدوءه الذي يحاول أن يستعيده ينهار فتنهد بعمق قبل أن يمسك ذراعيها قابضا عليهما، اتسعت عينيها تنظر لموضع يديه و أنامله التي تنغرس في لحمها، هزها كأنه شخص آخر غير عمران الذي عهدته وهو يقول بصوت عميق :
" سمر، بند جديد في هدنتنا أضيفيه؛ أنتِ زوجتي أمام ندى وعلي وأمام كل من يقابلنا، الرجل الذي طلبت اسمه يستحق هذا، أنا لست صورة ولا أضحوكة"
ضغط على كل كلمة قالها يصاحبها رجته لها، هزت رأسها نافية معنى كلماته الأخيرة تحس بأصابعه تكاد تخترقها فيما يكمل بصوت أبح وإحدى يديه تترك ذراعها و تمتد لتغلق أزار بلوزتها العلوية التي تظهر طول عنقها وبشرتها للرائي بسهولة؛ أحس بها ترتجف؛ تغمض عينيها وأنفاسها تعلو وتهبط فيما هي تشعر وكأنها ستقع لا تقوى على الوقوف ما إن أحست بقربه الذي بدا مهلك لكل حواسها لولا يده الأخرى المتمسكة بذراعها كأنها جدار صلب لا يهدم، جسدها هلامي لا يستطيع الحراك وإلا لما لا تدفعه يديها عنها أو لا تنطق شفتيها لتخبره بأن يبتعد! لكن كلها يعاندها؛ فيما هذا الخليط العجيب من سجائره وعطره وقهوته عاد يلفح وجهها يسري داخلها يدغدغ مشاعرها بإحساس لم تفهمه! رغم غرابته إلا أنها لا تريد أن يزول، تزدرد ريقها تشعر بأنامله تغلق ببطء زر بلوزتها ودون مقصد تلامس بشرتها فتزداد رجفتها التي جعلت الدماء الحارة تتصاعد لرأسه بينما يده تكاد تتجمد رغم تلك الحرارة يتأملها برهبة، سمر تتأثر بقربه بطريقة مؤلمة لأعصابه ويكاد يلقي بغضبه عرض الحائط ويضمها لصدره وينهل منها كما شاء! أليس حق له، مرت لحظات طويلة لم يحسبها يحاول السيطرة على انفعالاته و بقدرة وقوة لم يعلم من أين أتى بها أعاد يده يقبض على ذراعها هامسا بصوت مخنوق فيما يتعلق بعينيها المهتزة التي تشابكت مع عينيه المليئة بعاطفة مشتعلة تتضح للعيان:
" شئنا أم أبينا نحن بالفعل تزوجنا فلنحترم مشاعر بعضنا."
زفرت عاليا حتى لفحت وجهه بأنفاسها الخجول، ترتجف شفتيها تخبره بما لم تنطق به هي!؛ وسمحت لدموعها تتحرر فيما تتعلق بعينيه من خلف بحورها التي تفيض بدمعها هامسة بألم :
"عمران، تؤلمني"
اتسعت عينيه ينظر لموضع يديه قبل أن يرخيهما عنها بسرعة وبخفة كانت يديه التي ألمتها منذ لحظات تداعب وجنتيها التي سالت دموعها الحارة عليها، يمسحها بأنامل مرتجفة، يحس بنعومة بشرتها تطبطب على قلبه المشتاق لقربها هامسا بعاطفة حارة وصوت أبح تحت أنظارها المشدوهة:
" لا تدعيني أؤلمك سمر، لا تفعلي!"
قال كلماته بهمس يشبه الرجاء فيما هي تشعر بوجنتيها تشتعلان، تعض على شفتيها تكاد تدميهما، تحس بأنامله الحانية لا تزيل فقط دمعها بل تمسح عنها ألمها، هل هذا الشعور الذي كانت تفتقده، الأمان حينما يزال الألم، وهل سيغادرها بسحر بن عمها! لوفقط تعلم ما معنى احساسها الآن في قربه؟.
بأنامل مرتعشة لف بعض خصلات شعرها الثائرة عليها وانحنى يقربها من أنفه يسحب نفسا عميقا من شعرها ورائحة الورد تتسرب في خلاياه، آهة مشتعلة فلتت من روحه قبل أن يرفع وجهه لها ينظر لشفتيها المنفرجة التي كانت كالمغناطيس تجذبه لها فيدنو كالمغيب! لموطنه الذي اشتاق أن يعيش فيه! وينعم به، رفع ذقنها بيده الأخرى يتأملها بوله وعشق مفرط يخصها هي فقط، تنفس بصعوبة يبتلع ريقه الجاف هامسا باسمها بصوت متحشرج يرى عينيها المغمضتين ووجنتيها المشتعلتين وقد فجروا داخله عاطفة لن يطفئها سواها الآن، فتحت عينيها بتمهل تحدق فيه بعينين متسعتين من الذهول لا يفصل وجهيهما سوى بضع انشات تحس به قريب لدرجة تخترق روحها، أنفاسها تعلو وتهبط لا تستطع السيطرة عليها حتى قدميها كانتا خائنتان لها وكادتا تغدران بها لولا إحدى يديه التي التفت حول خصرها والأخرى لا زالت تحت ذقنها يدنو من شفتيها المثيرتين اللتين تطالبان بتذوقهما.
همسها الدافيء المرتعش باسمه بصوت دافيء فيما هي مغمضة العينين انتزعه من ذروة اشتعال مشاعره للارتطام بأرض الواقع بقوة ألمته تتسع عينيه مجفلا لما كاد يقترفه بحق لاجئته فيما كان يدنو كثيرا لشفتيها، ارتد عنها كالمصعوق حتى كادت تقع، يقبض يديه الخائنة له التي كادت تضمها بقوة داخل صدره بل تغرسها فيه ربما أطفأ لهيبه، حدق فيها كأنه يعود من عالم آخر قبل أن يتركها بخطوات سريعة لخارج الغرفة.
ضمت سمر نفسها بذراعيها تحس بالبرودة تجتاحها بعد الاشتعال بكل حواسها، تحدق في طيف ابن عمها الذي كان وكأنه يحمل أثقال تحني ظهره، عهدته أبيا ممشوق بشموخ قبل أن ترتد بجسدها الهش الذي كان لينا كالعجين على طرف سريرها تحس بالإرهاق الذي لم تشعر به قبل تحس بقدميها لم يعد لهما المقدرة على حملها، تتمسك بشرشف السرير وتنظر للاشيء شاردة بكل ما مر بينهما منذ لحظات قبل أن تهمس بخجل بينما ترفع يديها تتحسس وجنتيها:
" عمران …"
قطعت كلماتها تعتصر عينيها تتحسس شفتيها فيما يعود صوتها المرتعش هامسة على استحياء وهذا الاشتعال بوجنتيها يكاد يلهب أنحاء الغرفة:
" يخيل لكِ فقط، هو كان يخبرك.."
ابتلعت ريقها الذي جف لا تجد ما ترد به على نفسها قبل أن تلقي بنفسها على السرير تخفي وجهها أسفل المخدة كأنها ستخفي ما أحست به في قربه أو تنسى ما حدث بينهما!، لكن التعرق على جبينها وكل أنحاء جسدها لم يجعلها تتحمل تلك المخدة فأزاحتها تشخص في سقف الغرفة؛ ترى صورة عمران الحانية؛ الغاضبة؛ الممتلئة بعاطفة جياشة مشتعلة لم تحسها منه قبل؛ كلهم بشخص واحد وبلحظة واحدة يحمل تناقضات رهيبة جعلت جسدها يرتجف فيما يعود لها صوته الأبح يخبرها ويؤكد زوجتي!؛ علت أنفاسها بصخب فيما تطرق نبضات قلبها صدرها كالطبول كأنها ستخرج من مكانها واتسعت عينيها للاكتشاف المذهل الذي ظهر لها جليا وهمست بصوت مرتجف:
" عمران يغار!"
هزت رأسها بعنف نافية قبل أن تعتدل بجلستها تربع رجليها تنظر لباب الغرفة المفتوح تحاول بعثرة ما يتبادر في ذهنها فيما ترد على نفسها تربت على صدرها موضع أنامله التي أغلق بها أزرار بلوزتها تحس بأنفاسها لم تهدأ إلى الآن " لكن كيف يغار على امرأة لم يحبها أبدا!؛ بل ربما يكرهها "
صمتت تتمسك بالدمعة المدلاة من سلسالها تعتصر عينيها وهي تتابع همسها المؤلم لكرامتها:
" بل هو متعلق بامرأة أخرى بالفعل وما أنتِ سوى لاجئة! لا تحلمين يا ابنة الجبالي."
★★★
يتبع💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 09:20 PM   #207

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

ما إن دلف علي وندى لداخل البيت حتى هتفت الأخيرة بلهفة بينما تدور عينيها في أنحاء بيتهما" اشتقت لدفئ بيتنا علي"
وضع علي الحقيبة على الأرض وأغلق باب المنزل خلفه قبل أن يدير ندى له والتي كانت لا تزال تتعلق عينيها بكل انش بالبيت كما لو كانت تحتضنه.
أمسكها من خصرها هامسا بدفء" وأنا اشتقت لكِ أنت ندى"
تبسمت برضا أنثوي لم تخفه عنه ثم التفت يديها حول عنقه لينبض قلبه بعواطف حارة وهي تقول بدلال قصدته جعلت حرارة جسده تشتعل" لكننا لم نفترق طوال الأيام السابقة قلب ندى"
زفر بحرارة بينما يفك حجابها عنها ببطء يصاحب قبلاته الفراشية التي يدللها بها، أخذ الحجاب وألقاه على الأريكة ثم نظر لعمق عينيها وقال بهمس دافئ" ندى قلبي أشتاق لكِ وأنتِ قربي فما بالك بكل هذا الوقت من الصباح حتى الآن لم أنل قُبلة واحدة"
ثم قطف قُبلة من على شفتيها قبل أن يضيف بدلال يليق به" ألا يعد هذا ظلما؟"
ضحكت ندى بينما تداعب وجنته باناملها وهمست بصوت خفيض" بلى، وعلينا تعويضه"
ما إن أنهت حديثها حتى كانت محمولة بين يديه وأنفاسه العالية تلفحها لتقول وسط ضحكاتها" يا مجنون ماذا تفعل؟"
اقترب من أذنها وهمس" سنبدأ في خطوة أول طفل بالاثنى عشر!"
اتسعت عينيها وهتفت بينما تتعلق برقبته تقترب من صدره" اثنى عشر!"
قَبل جبينها وهو يسير بهما لغرفتيهما وقال" ولن أتنازل، أريد ستة بنات وستة أولاد وكلهم يشبهونك"
غردت ضحكتها تدفن رأسها في صدره قبل أن تردف" قلت مجنون يا علي "
" مجنون بك" همس بها وهو ينزلها برفق على طرف السرير وأضاف بحرارة وهو ينحني قربها" وليس على المجنون حرج".
صوتها المهتز أنتزعه من اشتعال عواطفه وهي تقول" العشاء وعمران وسمر"
رفع علي وجهه يحدق فيها بدهشة، أنفاسه الصاخبة لم تنتظم بعد قبل أن يقول له لاويا شفتيه باستياء" قاتلة اللحظات الرومانسية، لا زال هناك وقت للعشاء".
أدار وجهه عنها بغضب مصطنع وكاد يتحرك بعيدا عنها حين جذبته لها هامسة بغنج بينما يقترب منها" إذن أين تذهب يا علي طالما هناك وقت!؟".
بعد وقت في مطبخ المنزل جلس علي على الكرسي جوار المنضدة بينما يتأمل ندى بحب وهي تعد لهما سلطة الفواكهة التي طلبها منذ قليل، خصلات شعرها البنية لم تنشفها بعد فكانت تقطر ماء يبلل ظهرها العاري الذي لا يغطيه سوى حمالات القميص الحريري الرفيعة، ابتسم لها بدفء رغم أنها توليه ظهرها ولاح في مخيلته نظرة عمران لسمر، تلك النظرة التي حفرت في أعماقه جعلته يتمنى لو عانق أخيه يربت على قلبه، زفر بخفوت يتلاعب بالمزهرية الصغيرة المتوسطة المنضدة وتساءل في نفسه( ألسنا توأم يا عمران ألا يوجد جينات بيننا تجعلني أقرأ ما يجول في عقلك!؟).
تنهد بخفوت قبل أن يهمس بصوت وصلها جيدا:
" ندى ماذا حدث ذاك اليوم!؟"
التفتت له عاقدة حاجبيها في دهشة بينما هو مطرق الوجه يقبض على المزهرية بين راحتي يديه قبل أن تسأله" عن أي يوم تقصد؟!"
زفر بعمق وأدار وجهه لها ببطء ثم أردف" هذا اليوم الذي طلبت فيه سمر الزواج من أخي!؟"
أجفلت ندى للسؤال وتوترت بينما تعود لتقطيع الفاكهة وهي تقول باضطراب" وما الذي ذكرك به الآن!؟"
كان ارتباكها جليا له، وهو يعلم بأن شيء حدث يومها لكن لم يهتم حين هدأت الأمور حيث ظن بأن طلب سمر لعمران عن حب أخفته وحينها أطلقت العنان له، أما الآن.؟ صمت استرسال أفكاره قبل أن يقف من مكانه ويقترب من ندى يأخذ السكين التي تقطع بها برفق ويضعها على رخامة المطبخ قبل أن يديرها له ويرفع ذقنها بأنامله لتلتقي أعينيهما، هي بنظرتها المرتبكة وهو بنظرته الراجية لجواب ثم همس بتوسل" أخبريني ندى!؟"
ابتلعت ريقها ثم قالت بنبرة مهتزة" كل شيء مر يا علي ولم يعد هناك فائدة للحديث؟"
" تظنين ذلك!" قالها علي بينما يرخي أنامله عن ذقنها ويقبض على ذراعيها بلطف ثم استطرد:
" لكن النظرة التي رأيتها اليوم بعيني عمران أثبتت لي بأن هناك الكثير لم ينته"
ارتجفت ندى قائلة" ماذا تقصد؟"
قال بتأكيد يغلفه الألم بعد تنهيدة طويلة:
" عمران يكوى بنار الحب، نظرة الغيرة بعينيه على سمر كانت لرجل يصرخ بها دون أن ينطقها"
ارتجفت شفتا ندى وقالت" إذن هذا جيد ما الذي يقلقك يا علي!؟"
ابتسم بمرار ثم قادها للمنضدة لتسحب كرسي وتجلس ويقابلها هو على الكرسي الآخر ثم احتضن يديها وقال" ما يقلقني أنا سمر في عالم آخر لا أقصد أنها لا تحبه بل أنها لا تشبه العروس كما أخي تماما!"
قالت ندى مبررة " علي، ربما هذا خجل لذا لا يظهر عليهما…"
قطع حديثها قائلا بحزم" بل هناك شيء يخفى علي وأنتِ على علم به"
زفرت بخفوت تدير وجهها عنه ليعيدها للنظر له بأنامله وقال في تصميم" تحدثي ندى"
اغتصبت بسمة ثم سحبت يديها من بين كفيه واحتضنت وجهه بحب ثم أردفت" علي، ما حدث مَر وانتهى وصدقني لو أعلم بأنني إن أخبرتك سيحل شيء لفعلت!"
صمتت للحظة ثم أضافت" وهذا شيء يخص عمران فقط وأنا وعدت نفسي أن لا أعيده على حتى ذاكرتي"
" ما حدث سيء لتلك الدرجة؟!" سألها علي بتوجس.
هزت رأسها نافية وارتعشت نبرتها وهي تجيبه " بل لأنني لا أملك شيء عما حدث سوى القليل ولا يحق لي إفشاء أسرار أخيك وزوجته ولو لك"
ابتسم لها بدفء ثم قال" أردت الاطمئنان ندى لم أقصد التلصص على اخبار أخي"
تعلقت برقبته وقالت ترد بسمته " أعلم حبيبي لكن صدقني هما بخير طالما أمرهما بينهما"
" ندى" قالها علي ببطء
فردت بنعم مقوسة حاجبيها بتساؤل ليجيبها بقبلة عميقة على جبينها قبل ان يضمها لصدره ويهمس بحنو" أحمد الله كل لحظة أن رزقني بكِ"
★★★
تلاقت عيني سمر مع ملابس عمران التي ألقى بها على السرير ولم يأخذها، تسمرت للحظات بنظراتها عليها قبل أن تمد يدها المرتجفة وتلتقطهم تقربهم منها تحديدا وضعتهم على ساقيها تتحسس الملابس كأنها تكتشف شيء ما تجهله!؛ ابتلعت ريقها الذي جف فيما تغمض عينيها وتقربها من أنفها تستنشقهم بعمق! تسحب أنفاسا عميقة تختلط برائحة ملابسه التي تحمل عطره الذي توغل في شرايينها بسلاسة كأنه جزء منها!، أطبقت على شفتيها تفتح عينيها بتمهل وتبعد الملابس عن أنفها لكن هذا الخدر الذي تركته داخلها لم يزل، أحست باشتعال وجنتيها على تلك الفكرة متسائلة في نفسها هل للعطور تأثير مخدر للحواس أم إنعاشها!؟، نعم هذا ما تحسه مزيج من الخدر والانتعاش لكنها لا تفهمه تماما كإحساسها فور اقترابه منها كان لذيذ منعش مخدر! ؛ زفرت بخفوت تجبر مشاعرها المتخبطة أن تغادرها ثم أراحت الملابس على ساقيها بوجل تحس بحواسها كلها تتنبه لأفكارها الغريبة التي بدت لها كخط رفيع يقودها للهاوية!؛ فكيف تحس بهذا مع رجل لن يحبها ولن تكن له كزوجة أم أن الحواس لا تلتف للمشاعر!!؛ هزت رأسها بعنف تنفي ما يتبادر في ذهنها تقبض بشدة على دمعة سلسالها، قبل أن تأخذ ملابس عمران وتقف من مكانها تخطو مرتجفة خارج الغرفة له..
على الأريكة في صالة البيت كان يجلس منحني الجذع يستند برأسه على أحد راحتي يديه المستندة على ساقه والأخرى يدس بين اصابعها سيجارة يلتهمها بنهم ويزفر أنفاسها بحرارة تبعث الاشتعال بكل أرجاء البيت.
توقفت بخطواتها أمامه تماما فحدق في قدميها الحافيتين بينما تقف على تلك السجادة الوثيرة التي تكاد أن تحتضنهما قبل أن يرفع وجهه الشاحب لها..
تململت سمر في وقفتها فور أن رفع عمران رأسه، شعره الرطب؛ وجهه المبتل بالماء؛ قميصه المفتوح دون إغلاق أزراره الذي أظهر صدره بوضوح وقطرات المياه تبرق على بشرته السمراء! كأنه لم يفعل شيء منذ تركها إلا أنه أغرق وجهه وصدره بالماء قبل أن يجلس هنا، تخضبت بشرتها بحمرة قانية، كادت تتراجع في وقفتها خجلا منه، احتضنت ملابسه تتخفى فيها حياءا كأنها تحتمي فيه منه!، لأول مرة ترى بن عمها بتلك الحالة التي تسببت بارتجاف نبضات قلبها و أحست بها تتبعثر فيما تحس بقشعريرة تسري على طول عمودها الفقري وهي تحاول أن تحيد عينيها عنه ولا تستطيع ذلك وأخيرا بعد طول جهاد أسدلت أهدابها تفكر بأن ابن عمها منذ جاءت يهتم لأدق التفاصيل حتى بملابسه التي يرتديها ؛ الآن وكأنه لا يعي بشيء؛ في عينيه ألم لم تره فيهما قبل، أغمضت عينيها قبل أن ترفعهما له تراه لا زال يحدق بها وبيديها المحتضنة بملابسه بينما يلتهم سيجارته وينفث دخانها الكثيف ليصبح كغيمة تحول بينهما؛ تنهدت بخفوت وشددت أكثر على ملابسه؛ تكاد تشعر بالدماء تتجمد في شرايينها حين تتذكر ما حدث بينهما منذ لحظات، اليوم عمران لم يكن كابن عم لها بل رأت في عينيه رغبة رجل وصوت يتفجر بالعاطفة، عاطفة لن تخطئها ولو لم تفهمها حتى أنها للآن تتساءل هل كان سبب هذا؛ التقارب الفطري بين أي رجل وامرأة أم أن عمران … قطعت استرسال أفكارها تغض النظر عنه؛ الرجل الذي حرمته من أن يشعر كونه قرب زوجته وله حقوق، اليوم فقط تأكدت بأنها لم تكن لاجئة بل مستعمرة؛ دخيلة أخذت كل ما لها بسخاء ولم تعط شيء له سوى الألم والحرمان!
بسمة كسيرة لاحت على وجه عمران فيما يتعلق بعينيها يرى فيهما رغبته بها وظمأه وجوعه الذي لن يجد ما يرويه أو يشبعه، يرى خيبته في عدم تحكمه بانفعاله واحساسه قربها، سمر لا تفهم بأنه يريدها زوجة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة وعقله لا يفهم بأن قلبه هو من يقوده وبأن مسامحتها ليست بيده فكل خلية فيه تنبض باسمها تتمنى لو ضمها داخله ولا يفلتها أبدا.
أرخى رأسه عنها يدس السيجارة بين شفتيه ويتركها لثوان ربما طالت، يحس بالألم يعتصر صدره حين تلتقي عينيه بيديها التي تحتضن ملابسه وقلبه الخائن له يهدر بها ضميني أنا ودعيني أستنشق شذاك ابنة عمي، دعيني أغرق فيك، نظر ليديه التي داعبت وجنتيها وأحست بنعومتها، هل ستكتفي بهذا ألن تشتاق وتظمأ لضمها.؟!..ويلاه هتف بها عمران في نفسه فيما ينفث دخان سيجارته وهو يعتصر كفه متابعا همسه" الحصن يتهدم يا ابن الجبالي؛ اليوم لو لم تنطق سمر باسمك لكنت نسيت كل شيء إلا أنها زوجتك حقك حلالك.. "
كز على أسنانه يكاد يسحقها فيما يهمس:
تستحي أن ترفع وجهك لها؛ ارفعه واريها ضعفك بأن الجبال انحنت تتمنى تذوق الحلال وهي الحاضرة الغائبة ؛ أخبرها بأنك لست براهب وأنك صُمت عن كل نساء الأرض إلا هي فقط تمنيتها، انطق يا عمران انطقها "
هدر بكلماته الأخيرة بنفسه حتى خيل له بأنها سمعته فأطبق على شفتيه بقوة قبل أن يشعر بها تجلس قربه يغزو عطرها رئتيه وحواسه التي استنفرت كلها فور احساسها بقربها بينما سمر حررت ملابسه التي في حضنها ووضعتها على المنضدة فتنهد بخفوت ينظر لهم أيحسدهم!!؛ ألا تحس بلوته به ألم تر عشقه لها؟..
" عمران"
صوتها الدافيء الحاني الذي حمل داخله طبطبة على قلبه بطريقة تعجب لها جعله يرفع وجهه ويلتفت لها هامسا بصوت أجش بنعم..
فركت أناملها في بعضهما لا تدري بماذا تبدأ ولا كيف..!.
تأمل يديها المرتبكتين قبل أن يرفع نظره لها فأطرقت بعينيها عنه، كم هذا الأمر مرهق لها، لا تجد مبرر ولا كلمات ولا شيء وهل للمستعمر أسباب؟!، ترقرقت الدمعات في عينيها وهي تشعر بنظراته تخترقها ثم نظرت له هامسة بعد تنهيدة طويل:
" عمران، ابن عمي، لديك حق.."
ضيق عينيه ينتظرها أن تكمل قبل أن يطفئ السيجارة بينما هي تعلقت بصدره فالتفتت بسرعة تدس خصلات شعرها خلف أذنها بارتباك واضح وصل له تشعر بوجنتيها تشتعلان، أطرق بوجهه ينظر لنفسه يعي سبب اضطرابها فزفر بصوت عالي متمتم باعتذار خافت قبل أن يغلق زرين بأنامل مرتجفة ثم رفع نظره لها يراها حلوة المذاق؛ شهية بخجلها الفطري فيما ينتظرها لتكمل حديثها الذي تابعته متلعثمة:
" لم أنتبه حينما عانقت ندى، أقسم بأن لهفتي لها هي السبب، أقصد.."
صمتت تحس بالكلمات تتعثر على شفتيها بينما ترى نظرته الغامضة لها فقالت فيما تفرك أناملها بقوة تكاد تخترق أظافرها كفها:
" حقك أن تتضايق لكن لم أكن أعرف بأن هذا يضايقك، …"
رفعت يدها تتخلل خصلات شعرها فيما لاحت على شفتيه بسمة وسط الألم بينما تتابع بخفوت قبل أن يلتفت لها بكليته وأثنى إحدى ساقيه أسفله والأخرى على الأرض :
" قُلت لك قبل عمران لم أستغلك أبدا .. أنت أمام الله زوجي!"
خفق قلبه بشدة يرتطم في صدره على آخر كلماتها(أمام الله زوجي)؛ أغمض عينيه للحظة تائها قبل أن ينظر لها هامسا في نفسه بحرارة؛حلالي، ابتلع ريقه فيما يسمعها تكمل:
"لكن رغم أننا أبناء عم إلا أننا لم نتحدث كثيرا ولم نعرف طباع بعض، كنت تزورنا لكن لم يجمعنا حوار ولم أكن أتي لهنا، لذا هناك أشياء كثيرة أجهلها عنك.."
تمتم بخفوت حينما لاذت بالصمت:
" ثم…"
فأجابت تتعلق بعينيه التي وكأن ألمهما بدأ ينقشع قليلا:
" سأحاول أن أفهمك وأعلم ما تحبه وتكرهه وأعدك ما حدث اليوم لن يتكرر…"
قال بصوت أجش:
" أي أن ما حدث يستحق !!"
ابتسمت له بشحوب وقالت:
" بلى، فعلي رجل غريب عني ولو كان ابن عمي"
همس مضيقا حاجبيه:
" مقتنعة.."
ابتسمت فيما توقفت أناملها عن فركهما وهمست:
" نعم مقتنعة، ولدي يقين بأن لك كل الحق ولو لم أكن كذلك كنت ستعرف !"
رفع حاجبه على أثر كلماتها وكأنها تخبره بطريقة غير مباشرة( تفهمني )
مد أحد يديه بغتة يحتضن كفها فأجفلت تحدق فيه بذهول تحس وكأنها غاصت متدثرة به؛ شعرت بالدفء يتسرب في داخلها رغم تلك الرجفة التي أحست بها فيما ابتسم عمران يراها فاغرة فاها تحدق في يدها لكنه تغاضى عن كل هذا تاركا هذا الخيط الرفيع لقلبه كي ينتعش قليلا، يحس بنعومة يدها وملمسها الذي يشبه الورد بطراوتها ، ابتلع ريقه يجبر نفسه على التحكم في انفعالاته فيما يقول بنبرة هادئة حانية:
" سمر، أنتِ أيضا لكِ كل الحق حينما لا يروق لكِ شيء أخبريني به، حقك أن أفهمك كما ستفعلين! "
تعلقت بوجهه ترى في عينيه تلك النظرة التي تشعرها بشيء لم تعلمه قبل؛ أنها أنثى!، إمرأة حقيقية يراها بعين تشع دفء ورغبة!!؛ أحست بوجنتيها تكادا تشتعلان وكأن أفكارها تتضح أمامه، تحس نفسها في عينيه شفافة يقرأ ما يجول بخاطرها بسلاسة؛ ابتلعت ريقها بينما يدها ترتعش دون ارادتها فأطبق بخفة عليها كأنه يطمئنها يزيل رعشتها لكن هل تخبره بأنه ليس برد بل شعورها قربه الذي لم تظنه يوما سيفعل بها كل هذا؛ يحيي داخلها مشاعر لم تعهدها، تلك الدغدغة اللذيذة من أين أتت!؛ إنه عمران وهي سمر لاجئته ما الجديد!؛ حاولت أن تلتف عنه بدون أن تفلح فعينيه الآن فيها جاذبية لكل حواسها، تململت تستعيد رباطة جأشها و أغمضت عينيها تفكر للحظة هل ما تراه في عين ابن عمها حب!! أم أنها مجرد رغبة رجل لامرأة شاركته نفس البيت..
هزت رأسها غير واعية كأنها تنثر أفكارها، أشفق عليها عمران يحس بتخبطها، هذا الإحساس الدافيء الذي يصله منها، محاولاتها البائسة في مداراة ما تشعر به همس في نفسه؛ ليتني أستطع أن أقف ضد قلبي ابنة عمي لكن كلي تصالح معه ومعك زفر طويلا يلفح وجهها بأنفاسه الساخنة لتبتلع ريقها تحس بجسدها في حالة استنفار قبل أن تسمعه يهمس باسمها بنبرة خطرة على قلبها فانتفضت تعود من شرودها وقالت:
" لكنك بالفعل تفهمني عمران …"
تأوه بخفوت قبل أن يرد بهدوء:
" لكني بشر أخطئ وأصيب لذا أنبئيني بما لا أنتبه"
ابتسمت فيما تقول وكأنه يسحبها للاوعي :
"أنت ملاك يا عمران"
صمتت لحظة بينما يحدق فيها بذهول قبل أن ترفع كفها الأخرى تضعها فوق راحة يده الممسكة بها تحس بخشونتها التي كانت لها كجدار أمان فيما أطرق بنظره يتأمل ما فعلت للتو غير مستوعب يحس بنبضاته تطرق قلبه كالطبول لتحتضنها فلم يعد يكفي عناق الأيدي يريدها سخية معطائة؛ يريد أن تشعر كل حواسه بملمس الورد، تنبه أنه شرد حينما قالت متابعة بدفء:
"بل أنت ملاكي الحارس ابن عمي!"
أطرقت بوجهها هامسة بنفسها * ليتني أستطيع أن أعطيك بسخاء كما تفعل معي، سامحني عمران فأنت تستحق أن تُمنح بلا اكتفاء! *
أفلتت يدها بخفة تحس بالبرودة تجتاحها ما إن تركته فضمتها لها فيما يقبض عمران يده له يجبر نفسه على الهدوء وكبت مشاعره الهادرة التي انتقضت، فيكفيه الآن شعور الرضا الذي أحس به بعد حديثها؛ ربما لم يكن كافيا لإنهاء حروبه الداخلية التي لا تعلم بها ابنة عمه لكن مشاعر لاجئته في قربه كانت كأنها تصالحه دون أن تدري، تطمئن رجولته التي تنادي لوصالها !.
حالة من الصمت ظلت بينهما للحظات كان عمران شاردا بوجهها الذي تطرقه عنه فيبتسم بشحوب بينما تحاول التهرب من النظر في وجهه قبل أن تلتفت تأخذ ملابسه وتمد يدها له فتعلق بها وهي تحملهم بين كفيها فيما تقول:
" لم تأخذ ملابسك حين خرجت من الغرفة"
صمتت لحظة ترخي أهدابها عنه قبل أن تعود للنظر له وتهمس بخجل دون ارادتها:
" بدل ملابسك ستبرد لأن قميصك مبتل وشعرك رطب"
أحس عمران بالحرارة تسري لرأسه فيما يمد يده يأخذ الملابس هامسا في نفسه "
لو تعلمين بأن الماء البارد يكتسب الحرارة من جسدي منذ جئتِ لبيتي ما قلتي هذا سمر!"
ثم وقف من مكانه قبل أن يقول بصوت أبح مغلفا ببسمة" نعم سأفعل"
صمت لحظة ومسد ذقنه وقال بعفوية" وسأحلق ذقني سريعا حتى لا نتأخر على أخي"
لم يكد ينهي جملته حتى انتفضت من مكانها وقد خانتها الكلمات واسترسلت من بين شفتيها بسخاء" لا، لا تحلقها دعها هكذا، تليق بك بن عمي!"
كانت كلماتها بلهفة وحرارة وعينين معلقتين بملامحه السمراء، أطبقت سمر على شفتيها تعي ما قالت فيما فغر عمران فاه يحاول استيعاب ما تفوهت به لاجئته، بل زوجته؛ بلى اليوم يحس بهذا، وكلماتها تلك بقدر ما أشعلت حواسه إلا أنها أثلجت قلبه الذي كان يشتعل بتساؤلاته ويتمنى تلك اللحظة أن يحس بملمس يدها على وجهه.
التفتت سمر عن عمران بوجهها تتمتم بصوت خفيض" غبية"
صمت حديثها واتسعت عينيها تتعلق به كالبلهاء حين جاءت عينيها على أزرار قميصه المفتوح، أحست بالأرض تميد من تحتها حيث هذا الشعور الغريب الذي يسري بسرعة رهيبة تكاد تجعل من دقات قلبها قرع من الطبول، كاد عمران يقهقه يحس بقلبه يزغرد يعلن الأفراح يستقبل أول نبتة غُرست اليوم في بناء يتمنى لو تأسس كما يريد! فيما هي ابتلعت ريقها تهمس بشفتيها دون أن يعلو صوتها" أصبتِ بالهلاوس يا ابنة الجبالي وسيقولون جُنت بذقن عمران، يا إلهي كيف أدواي هذا الشعور الذي حل بي؟، مؤكد لن ينتهي إلا أن .."
قطع صوتها الهامس حديث عمران الذي تغلف بمكر رجولي وبسمة خلابة أكملت على الباقي منها" تقولين شيء سمر!"
همت تفتح فمها ثم أطبقته بسرعة كأنها تمنع لسانها من الانزلاق مرة أخرى قبل أن تقول بخفوت " سأبدل ملابسي حتى تنتهي"
والتفتت عنه بخطوات واسعة تتجه لغرفتها تحت أنظاره العاشقة.
بعدما أنهى عمران الدش البارد!؛ لف منشفة على خصره وببطء توجه ناحية مرآة الحمام، مد يده يلتقط ماكينة الحلاقة وما إن هَم كي ينعم ذقنه حتى لاحت أمام عينيه صورة سمر بلهفتها وهي تطالبه بعدم حلاقتها، اتسعت بسمته متأوها قبل أن يضع الماكينة مكانها ويمسد ذقنه يبتلع ريقه بينما يهمس:
" ابنة عمي ما تطلبينه أمر فقط اطلبي.".
يتبع💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 09:21 PM   #208

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

تعقد ساقيها على السرير وتستند بساعديها عليهما فيما يقبع حاسوبها المحمول أمامها حيث الاتصال المرئي، قالت باستياء بينما تنظر للكتاب الذي يحتل المساحة الصغيرة بينها وبين الحاسوب:
" لا أفهم شيء"
هتفت الفتاة على الجانب الآخر:
" ماذا تقولين ياسمين! نحن قمنا بحل الكثير من تلك الأسئلة بل أنتِ بالفعل أنجزتي الكثير منها قبل"
تنهدت ياسمين بإحباط قبل أن تتبادل النظر بين الكتاب ومُحدثتها ثم قالت بذات النبرة المحبطة" أشعر بعقلي فارغ من كل ما فيه ميس نغم!"
مسحت الأخيرة على وجهها بارهاق ثم قالت بنبرة حنون!:
" هل أوضحها مرة أخرى ياسمين؟"
هزت ياسمين رأسها نافية ثم أردفت بتوسل:
" ربما من الأفضل لو لم نقم بهذا الأمر اليوم"
ثم أغلقت الكتاب وقالت مصطنعة الحماس " ما رأيك لو تحدثنا قليلا"
تبسمت نغم قبل أن تجيبها:
" والمذاكرة ياسمينتا!"
ضحكت الاخيرة بخفوت ثم قالت بدلالها " طالما قلتِ ياسمينتنا إذن سنتحدث!"
أغلقت الأخرى الكتاب الذي كان يقبع على ساقيها وأخذت الحاسوب بدلا منه ثم قالت تعاتبها بلطف:
" ياسمين، لا تعجبني حالتك تلك الأيام، مستواكِ يقل "
سحبت ياسمين نفسا طويلا وزفرته وأجابتها بالصمت فقالت نغم:
" لا زالت والدتك ترفض أن تأتي لمصر"
زمت ياسمين شفتيها وقالت بأسى:
" بلى"
سألتها " وأبيك!؟"
أجابتها ياسمين ببسمة مرتجفة:
" أعتقد أنه يريد الموافقة"
قالت نغم بلهفة" هذا جيد إذن"
استندت ياسمين على السرير وأخذت حاسوبها معها ثم قالت بعد تنهيدة:
" ليس بجيد بالقدر الذي تتوقعينه لأن رفض أمي يظل عائق فأبي يحبها ولا يحزن قلبها أبدا"
هزت نغم رأسها بقلة حيلة ثم قالت:
" إذن الصبر ياسمين، انتظري قليلا وأعتقد الأمور ستتحسن أنا أثق بذلك"
أحست ياسمين بالراحة وكأن كلمات نغم كانت مرطب على حزنها، دوما تعطيها الأمل بأن القادم أفضل وبأن يوما قريب ستصبح مع شقيقها، ورغم معرفة ياسمين لعدم راحة نغم لأخيها ولم تخف ذلك عنها بل دوما تلومه وتقول ذات الجملة:
" أمه ثم أمه ثم أمه، لديه نعمة لا يحافظ عليها!"
ويأتي رد ياسمين المدافع عنه دوما:
" أخي طيب لكن ظروف الحياة فعلت ذلك، أعلم سيحن يوما ما"
فتلوي نغم شفتيها بعدم موافقة وتردف مستاءة من دفاعها عنه حيث معرفتها من أحاديث ياسمين المسترسلة عنه بأنه دائم الرفض لاتصالهم به:
" تصبين الماء على الصخر وتنتظرين كي يزهر!"
فتتنهد ياسمين محبطة وتجيبها:
" داخله هش أعلم"
تضحك نغم ملء فاها وتردف مرحة:
" مقرمش من الخارج وهش من الداخل أظنه بطاطس مقلية يا تلميذتي النجيبة"
وككل مرة تعترض ياسمين وتراضيها نغم بقولها:
" حتى الصخر ياسمينتنا ينمو فيه العشب فالأمل يتسلل لو من تلك الشقوق فالصبر!".
أغلقت ياسمين مع نغم بعد حديث طويل كانت الأخيرة تُلقي بالنكات لحظة وأحيانا اعتراضاتها التي لا تخفيها وبعض الأوقات تظل تمدح برقية وحاتم حتى تكاد تعانقهما!.
تنهدت نغم بعمق بعدما أغلقت الحاسوب، لامست شاشته تتذكر من أهداه لها إنه والد ياسمين، الرجل الذي أحيانا تخاف أن تحسد ابنته عليه فمن له أب مثله يسعد فكيف بها من حرمت من تلك النعمة بل من أن يكون لها أم أيضا.
مدت يدها تلتقط هاتفها تضغط على رقم بعينه قبل أن يأتيها الرد سريعا وقورا يدغدغ هذا الإحساس داخلها؛ الإبوة، أحيانا كثيرة تتوق أن تقولها له، أبي بدلا من عمي حاتم، صحيح أنه طالبها أن لا تناديه حاتم بك لكنها استحت أن تتخطى الحدود لتلك الدرجة، فهو إن كان سخيا فليس عليها أن تنتهز الفرص.
قاطع شرودها صوته الحاني قائلا:
" هل اتصلتي كي أحدث نفسي نغم"
ضحكت الأخيرة بخفوت وأجابته:
" لا بالطبع عمي، لكن شردت قليلا"
صمتت لحظة وتابعت:
" كيف حالك وطنط رقية"
اجابها بلطف:
" بخير ورقية جانبي تسلم عليك"
صمت هنية ثم أضاف:
" هل أنهيتِ الدرس مع ياسمين"
أجابه الهدوء للحظات بينما تطبق على شفتيها قبل أن تقول:
" هذا ما أردت الحديث معك لأجله"
تبادل حاتم النظرات مع رقية بقلق حتى اندهشت الأخيرة من نظرته فأشارت له بأن يفتح مكبر الصوت وفعل هو بينما تقول نغم:
" ياسمين لم تعد تركز بشيء، مستواها يقل بل حتى تلك الدروس التي أخذناها قبل وأتقنتها تتسرب منها!"
نظر حاتم لزوجته نظرة ذات مغزى ثم قال:
" لا تقلقي نغم ستكون بخير قريبا"
تنهدت الأخيرة براحة ثم قالت بيقين:
" أعلم عمي!"
" نغم" قالها حاتم لترد هي بلهفة نعم
تبسم قبل أن يقول بينما يتمسك بكف رقية يحتضنها بلطف:
" لا زلتِ مصممة أن لا تأتي هنا، ستكونين معنا بخير نغم بدلا من وحدتك تلك"
أطبقت الأخيرة على شفتيها وترقرقت دمعة حارة في عينيها حبستها في إباء قبل أن ترد بتأكيد:
" لا عمي، أنا هنا بخير، يكفي ما فعلته معي منذ تعرفت علي ياسمين"
قال معاتبا:
" لا تقولي هذا نغم أنتِ الآن واحدة منا لذا وسأظل اطلبها منكِ أريدك قربنا حتى أطمئن عليك"
دق قلبها في راحة قبل أن تجيبه :
" وأنا سأظل أنطقها أنت فعلت الكثير لأجلي! وأنا أكتفي بهذا وصدقني أنا بخير"
تنهد حاتم بقلة حيلة قبل ان يرد:
" كما تريدين ابنتي!"
( ابنتي) كانت تلك الكلمة كمكافأة جعلت قلبها يقرع في صدرها وهي تهمس دون أن يسمع" سلمك الله لي أبي" ثم قالت بصوت مسموع:
" سلمت لي عمي" قبل أن تسلم عليه وعلى زوجته وتغلق الهاتف وتلقي بجسدها على السرير.
ابتسمت بمرار شاخصة في سقف الغرفة وهمست" كيف لابنة الملجأ أن تقول لرجل مثله أبي! حتى لو قلل هو المسافات فهذا كرم لا تطمعي بأكثر من هذا نغم!؟.
زفرت بصوت عالي تذكر هذا اليوم الذي تعرفت فيه على ياسمين، كانت لتوها قد أنهت دراستها في الجامعة بعدما تكفلت بها أحد العائلات وكانت تظن بأن الحلم الوردي سيظل هكذا لكن كيف! وهي التي لم تنل من اسمها سوى شجنه.
فرت دمعة من عينها مسحتها بسرعة بظهر يدها، ترى بعين خيالها زوج السيدة التي تكفلت بها يتحرش بها يحاول بكل قدرته ويشهد الله بأنها لم تعطه فرصة بل إنها كانت دوما تتعامل معه باحترام لكنه لم يأبه بهذا وحين اكتشفت زوجته الأمر طردتها غير عابئة بمصيرها ولم يكن أمامها سوى البحث عن عمل واستقبلتها مديرة الملجأ فترة مؤقتة لحين إيجاد عمل وبالفعل وجدت بأحد محلات بيع الملابس!. وبعدها قامت بالاعلان عن نفسها كمدرسة رياضيات عبر الفيسبوك لمن يريدها كمدرسة خاصة وحينها تلاقت مع ياسمين التي كانت هي الأخرى تبحث عن من يحببها في مادة الرياضيات لا من يشرحها فقط! وقتها نزل حاتم بنفسه وزوجته للقائها فلم يطمئن لمجرد حديث فيسبوكي وحقيقة لم تأخذ ثقته إلا بعد وقت فقد كان يحضر كل الدروس التي تعطيها لابنته عبر الانترنت بنفسه حتى اطمئن قلبه وأصبحت ياسمين ونغم صديقتين وليستا فقط مجرد طالبة ومدرستها وبعدها ساعدها بإيجاد عمل في أحد المدارس كي تمارس مهنتها وبعدها انتقلت للعيش بهذا البيت بعدما كانت تسكن في غرفة بأحد فنادق الدرجة الثالثة.
صوت دقات خفيفة على الباب أجفلتها زمت شفتيها بحنق قبل أن تنظر للساعة الصغيرة المعلقة على الحائط فمن سيأتي الآن لقد حل الليل!؛ قامت من مكانها تتجه لباب المنزل وهتفت بصوت خفيض" من!"
أجابها الصمت المريب قبل أن تعلو الدقات على الباب وترتجف أوصالها تكاد تهوى أرضا وهي تسمع الدقات تزداد كمن سيحطم الباب!.
ارتجف صوتها وهي تسأل للمرة التي لم تعد تعدها إلى أن جاءها صوت رجولي أثار القشعريرة على طول عمودها الفقري فاحتضنت جسدها ترتد للخلف وهي تسمعه يقول" أنا ميس نغم، أردت الاطمئنان عليك لأنك لم تذهبي للعمل!"
امتعض وجهها من صوته قبل أن تحاول تهدئة أنفاسها وتقول باقتضاب :
" أنا بخير"
سمعت صوت خطواته يبتعد فتنفست الصعداء تجلس على الكرسي المجاور لباب المنزل ودفنت رأسها بين راحتي يديها هامسة" من أين أتيت أيها السمج ؟منذ أن انتقلت أنت لهنا و أقلقت عيشتي!؛ كنت هانئة تبا لك!"
★★★

★★★★
انتهى الفصل 💜 قراءة ممتعة💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 10:37 PM   #209

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,414
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.أولا عيد مبارك مر علينا أعاده الله عليكي وعلي اسرتك بكل الخير والسعادة وتقبل منكم الطاعات وصالح الأعمال.
رواية لافتة للنظر باسمها الجميل والذى يشي بمضمون جيد وقد جئت وافدة متأخرة لساحة روايتك بناء علي تزكية صديقتي الغالية ايمان عمر والتي ترى في قلمك كاتبة واعدة وسأحاول أن اجتهد في القراءة حتي اتابع معك أولا بأول.
قرأت الفصلين الأول والثاني وتعرفت علي بعض ابطالك وصورة عامة عن كلا منهم٠
البداية جميلة بقصص واقعية لفت نظرى فيها تناولك للعالم الإلكتروني واستحوازه علي الكثيرين وهو ما أسميه عالم النخاسة الجديد كل شئ ممكن ومتاح وكلا علي حسب خيار الشخص وللأسف يجذب الفتيات بصفة خاصة فيفسد حياة الكثيرات ويصير إدمان لا تستطيع العودة إلي نقطة البداية بدون خسائر إذ له القدرة علي إذكاء الغرور لدى الشخص جراء افتعال اهتمام كاذب من الطرف الآخر
والمثال الواضح هنا هو سمر والتي يضاف لخطأها عدم تصرفها بأمانة مع خطيبها فلو لم تكن ترغب بالاستمرار معه فلتنهي خطبتها وتمضى بطريقها كما نصحتها ندى ابنة عمها والتي نشأت معها وإنx كان كلا منهما علي شفا نقيض
ندى ملتزمة علي وشك الزواج بابن عمها علي وسعيدة ومرحبة بالعودة لقريتهم.
وهناك عمرانx أخيه والذى يبدو أنه يكن مشاعر لسمر حد أنه يشعر بتخبطها وتشوشها وربما يكون هو من ستلجأ سمر إلي قلبه بعد أن تعي درسها بأسوأ الطرق وما أظنه سيردها خائبة فهو باق علي حبها ويتفهمه جيدا فهو يدرك عدم انجذابها له أو رغبتها للإقامة بالقرية ولهذا لم يتقدم لها
نورا تلك التي تشقي بحب صديق أخيها الذى ارتبط بأخرى والتي اعتقد انها سمر وها هو يقف مفكرا في انحسار سعادته ونوء سمر عنه وانكارها لذلك وهي تدعي حزنها لزفاف ندى وقرب ابتعادها عنها ولو كانت صادقة مع نفسها لناقشته بصراحة وصولا إلي أما أن تكمل أو يفترقا
غريبة هي الدنيا كقطع بازل متفرقة لا تجد كل قطعة ما يكملهاx فتشقي الكثيرين بسوء الاختيار
وها هي الصدف أيضا بأن يكون من تحادثه سمر هوجلال صديق خطيبها وما أظن ذلك لصالحها مع صدق نية جلال والتي لا تحدث كثيرا في هذا العالم الموازى الذى يغشاه السوء غالبا ويجعل من الفتاة صيدا أو فريسة يلهو بها أو يتطور إلي الأسوأ.
تقلب مشاعرها لا يعفيها من الخطأ والغش والخداع فهل تراها أخبرت من تحادثه أنها مخطوبة.
بهذا أكون تابعت معك فصلين يتناولان موضوعات حياتية هامة تدور رحاها بين أشخاص تتقاطع ظروفهم بما يقرر الأحداث ويجعل القارئ في شغف لمعرفة القادم.
معك اتابع باقي الفصول
لك مني التحية والتقدير علي رواية موفقة بإذن الله

nile flower likes this.

shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 10:48 PM   #210

طوطم الخطيب

? العضوٌ??? » 487178
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 169
?  نُقآطِيْ » طوطم الخطيب is on a distinguished road
Rewitysmile1

رووووعه تسلم ايدك

طوطم الخطيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:24 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.