شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (https://www.rewity.com/forum/t479878.html)

آمال يسري 21-01-21 06:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة just faith (المشاركة 15311201)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تبارك الله عليكي
قلمك في قوة متزايدة .. والافكار بالبداية قوية
متابعين بامر الله
ما بين معاناة وانتظار وغيرة ستدور رحى الحياة بابطالك
مبارك الرواية الجديدة موفقة يا قمر


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته🌺
حبيبتي الغالية 💜 فرحتيني إيموز وألقيتي زهورا في قلبي🥰💜وجودك وشهادتك دعم كبير لي، سلمتي لي🥰🥰🥰ويارب أكون عند حسن ظنك🌺🥰💜

آمال يسري 21-01-21 06:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لامار جودت (المشاركة 15311463)
إن شاء الله اتابع معاكى

حبيبتي 💜 تشرفيني، أسعدني وجودك جدا🌺🥰 ويارب تنال إعجابك 💜🌷💜 وبانتظار رأيك دوما بإذن الله🥰

آمال يسري 21-01-21 09:02 PM

جئت إلى قلبك لاجئة 💜
 
الفصل الثاني
★★★
يا حبي الأوحد لا تبكي فدموعك تحفر وجداني إني لا أملك في الدنيا إلا عينيك وأحزاني
نزار قباني
________
يتأمل البحر بأمواجه المتلاطمة التي تخبط في ساقيه العاريتين، كان بحاجة إلى راحة وهدوء نفسيا لن يجدهما سوى هنا؛ قرب البحر، يلقي إليه بألمه، ويروي له عن ما يؤرقه.
رفع راحة يده اليمنى ينظر للحلقة الفضية التي تلتف حول سبابته، يشعر بها تخنقه كأنها أصبحت سجن يريد الهروب منه بعدما كانت مصدر فرحة له، ابتسم ساخرا يتذكر لهفته حين وافقت على الارتباط به، وسعادته التي لا تقدر حينما ألبسته تلك الحلقة ليصبح ارتباطهما رسميا فمنذ التقى بها صدفة بالمكتبة التي يتعامل معها تمنى أن تصبح زوجته، كانت وقتها تلمع كنجمة بسماء مظلمة لكن حين مرت على خطبتهما فترة باتت تلك النجمة تنطفئ حتى أظلمت! وكأنما بات يفصله عنها غمامة، أرخى يديه يدسها بجيب بنطاله بينما يشعر بنسمات الهواء تلفحه داخل قلبه كأنها تكفلت بإزالة ضيقه حيث هذا الارتباط الذي وكأنه يسحبه إلى الاختناق بقاع البحر.
تعلقت عيناه بموج البحر يغرق في أروقة ذاكرته بينما يرى على صفحته فتاة تحتضن كتاب هاتفة بفرحة فائضة «أخيرا وجدتك كتابي العزيز، بحثت عنك كثيرا ولم أجد فلقد انتهت نسخك، ها أنت بأحضاني»
التفت على هذا الصوت الأنثوي بينما يقف بالجانب الآخر يأخذ كتابا ما، لكن صاحبة تلك اللهجة المبهجة أنسته ما جاء لأجله، وضع الكتاب الذي أراد اقتنائه قبل أن يربع يديه على صدره متأملا إياها، شاردا في ملامحها التي لم تكن صارخة بالجمال لكنها تناديك للإعجاب بها، بشرتها القمحية، رموشها الكثيفة التي ترفرف فرحا لاقتناء الكتاب، شفتيها المكتنزتين التي زينتهما بأحمر شفاة قاني يجبرك للتعلق بهما، طويلة ورشيقة بينما شعرها الأسود المموج ينسدل على ظهرها، ابتلع ريقه يحاول منع تأثره بوجودها الذي وكأن فيه سحر ما، لكن كل هذا دون جدوى، إلى أن أتاه صوتها المتسائل «إلام تنظر هل أنا لوحة ما ؟»
رفع حاجبه وارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه ظهرت دون أن يداريها بينما يقترب منها قائلا بادعاء وهو يشير للكتاب «كنت أبحث عن الكتاب وأنتِ وجدته قبلي»
ضمت الكتاب أكثر لصدرها كأنها تحميه منه بينما تقطب حاجبيها الكثيفين المرسومين بإتقان قبل أن ترد «أنا وجدته أولا فهو حقي»
ثم همت تتحرك بينما تقول «وسوف أدفع حقه حالا»
استوقفها قائلا في محاولة لعدم انهاء الحوار والمقابلة « ما رأيك حينما تنتهي منه، أستعيره منك؟»
قطبت حاجبيها الكثيفين قائلة « لكني لا أعرفك»
قال ببساطة «نتعرف..أنا أحمد رمزي»
رفعت راحة يدها تكتم ضحكتها التي لم تستطع منعها ثم قالت «الممثل!؟»
فابتسم بينما يضع يديه بجيب بنطاله قائلا بمرح « مؤكد لا، لكن إن كان إسمي يرسم بهجة هكذا فيسعدني»
أطرقت بوجهها تداري خجلها قبل أن يضيف هو « ألن تعرفيني عليكِ!؟»
رفعت وجهها القمحي له قائلة بهدوء « سمر الجبالي ».
أمواج البحر المتلاطمة أعادته من حيث كان، تنهد بصوت عالي بينما يهز رأسه يمينا وشمالا،ثم رفع يده يمسد شاربه ولحيته القصيرة يفكر بالقادم وكيف سيكمل!؟، ربما عادت الأمور لمسارها وأنارت النجمة كما التقى بها أول مرة.
سحبه من نزاع أفكاره صوت هاتفه، أخرجه من جيبه بعد تنهيدة عالية تخرج من أعماقه، رفعه أمام عينيه يتأمل اسم المتصل ببسمة رغم كل ما كان يحاربه داخله منذ قليل ثم ضغط على الشاشة للرد قبل أن يرفعه إلى أذنه هاتفا« صديقي العزيز، اشتقنا»
أتاه الصوت من الجانب الآخر مرحا « ليس أكثر مني، لكن لا تقلق ها قد اقترب ميعاد وصولي وستمل مني»
ضحكة عالية من احمد قبل أن يرد «أنا مللت من الآن، لكن لا بأس سأتحمل، العمل بحاجة لك»
هتف الآخر «إنها المصالح، لم أعهدك كذلك»
أجابه أحمد بينما يخطو تجاه الشاطىء يتمشى؛ يغوص برجليه في الرمال بينما خصلات شعره الطويلة يداعبها الهواء«هل نسيت أنك غبت سنة ألا تشتاق لمكانك»
تنهيدة عالية من الجانب الآخر قبل أن يجيبه« اشتقت جدا صديقي، لك ولعملي»
«إذن في أول طائرة أجدك هنا وسوف أستقبلك بنفسي» هتف بها أحمد بحماس
ليجيبه صديقه برواق«وهذا ما سيحدث!»
_____________
تضع حقيبة كبيرة على السرير الذي يوجد بطرف الغرفة ويقابل سرير سمر، وضعت اصبعها على وجنتها تفكر بما لا زال ينقصها حتى تضعه بحقيبة ملابسها التي سوف تأخذها لمنزل زوجها علي، مؤكد هناك أشياء قد نسيتها، فسارت بخطوات واسعة تجاه خزانة الملابس المفتوحة على مصراعيها وأدراجها التي فتحت وأفرغتهم مما فيهم، كثير من الملابس والزينة التي كانت تقتنيها كل يوم ولحظة كي تتزين بها لعلي، اتسعت بسمتها على شفتيها، وتخللت أناملها خصلات شعرها البنية المرتاحة على كتفيها هامسة بوله «متى يمر الوقت علي؟»
«سوف تصابين بالجنون قريبا ندى» هتفت بها سمر وهي تدخل من باب الغرفة بينما عينيها تتعلق بالحقيبة التي تكدست بالملابس والعطور وأدوات الزينة التي كانت صاحبتهم غارقة فيما لا زال ناقص!.
جلست سمر على طرف سريرها وتابعت بينما ندى تخصرت تنتظرها أن تكمل باقي مزحها الذي أثار حنقها، فأضافت سمر وعلى شفتيها بسمة عابثة «تتحدثين مع نفسك ، صرت أخاف عليكِ»
زفرت ندى وهي تأخذ من الخزانة كيس ورقي بلون وردي عليه ورود بيضاء صغيرة وسارت تجاه سريرها، جلست على طرفه جانب الحقيبة ووضعته على رجليها قبل أن تقول برواق «إن كان الجنون علي فلا بأس »
وانشغلت بفتح الكيس الذي أخذ جل إنتباهها، يدها تلمس القماش الموجود فيه بفرحة، فتلك بعض من الأوشحة التي أهداها علي لها كي تجعلها حجابا على شعرها، ضمت الكيس لحضنها تتذكر أول هدية أعطاها لها علي حتى قبل خطبتهم، كان وشاحا بلون بني فاتح ، كانت لا زالت تحرر شعرها وفي عيد ميلادها وضع كيس ورقي بين يديها وهمس بخفوت«هديتي لكِ يا غالية، وأعلم بأنها ستحجب عني ما أتمنى، لكن لأجلك أتحمل».
لم تفهم وقتها مقصده ولم تعرف هديته سوى بعدما رحل، وعاد بالزيارة بعدها وجدها تستقبله بالحجاب الذي أهداه لها فتبسم لها وتهللت أساريرها وهي ترى الرضا على محياه.
عادت من شرودها وهي تمد يدها تخرج ما بداخل الكيس وتستنشقهم بعمق وهي تشم فيهم رائحة علي بينما سمر ضحكت ضحكة قصيرة وتمددت على السرير قبل أن تفتح هاتفها تتفحص رسائلها!.
يتبع 🌷🌷

آمال يسري 21-01-21 09:05 PM

منزل عمران)
يقف خلف نافذته، يتأمل الأرض الخضراء المقابلة لبيته والتي تأخذ مساحة شاسعة بينما يوجد لافتة على أطرافها مكتوب عليها( أراضي آل الجبالي) تلك الأرض التي ورثها عن أبيه؛ يحرص أن يراعيها بنفسه وساعده أكثر على ذلك شهادته من كلية الزراعة ويفصلها عن بيتهم طريق كان ترابي بيوم ما إلى أن رصفه أثناء بناء بيتين متجاورين له ولأخيه، بدلا من البيت القديم، حين فكر بهدمه لقدمه قرر بأنه من الأفضل أن يكون لكلا منهما بيت خاص به طالما سيتم بناء جديد ،التفت حولهما حديقة، زرع كل ما فيها من البداية، بذرات نمت أمام عينيه وبرعايته، شبك يديه خلف ظهره، سحب نفسا عميق يملأ رئتيه بنسمات الصباح، قلبه ينتفض داخله، يتمرد عليه، لا ينام ولا يهدأ، هكذا دائما حينما يعود من زيارته لبيت عمه وكأنه عقاب؛ وجع مُرمغلف بحلو رؤيتها، صورتها لا تفارقه بالرغم من أن عقله يردعه عن ذلك، ارتسمت على شفتيه بسمة شاحبة وهو يعود بذاكرته لتلك الطفلة القمحية ذات الضفيرتين والغرة الكثيفة على جبينها تجري هناك على هذا الطريق، تلعب بالكرة كالصبية، فينتفض من جانب أبيها ويجذبها من ضفيرتها معنفا إياها بغيرة لم يعرفها كمسمى يومها «ما بالك يا ابنة عمي، تلعبين كالصبية، اجلسي جانب ندى العبي بالعروس مثلها»
جذبت ضفيرتها من يده ولمعت سمرة عينيها وقالت بكبرياء لا يليق إلا بها
«لا ياعمران، لن ألعب سوى بالكرة، لعبة العروس للصغار»
لكزها بخفة بكتفها قائلا «بل العروس لعبة تليق بالفتيات»
هزت كتفيها بلامبالاة وقالت قبل أن تركل الكرة وتجري وراءها
«أنا يليق بي كل شيء يا عمران».
ضحك ضحكة قصيرة وهو يسخر من نفسه، حب لم يخرج حديثه أبدا من قلبه، لم يصارحها به، لم يقل لها يوما أحبك، دوما كان يعاتبها على لا شيء، وكان يغار عليها من كل شيء، دون أن يفهم حينها هذا الشيء! لكنه فهم بطريقة قاسية حين قرر عمه أن ينتقل إلى القاهرة حيث مكان عمله للإقامة هناك وأخذ ندى وسمر معه، ذاك الألم في قلبه وهو يراها تفارقه لن ينساه أبدا، لقد شق قلبه شقا، كمن رشقه بسكين فقسمه دون رحمة، يبكيها دون دموع، ويناديها دون صوت، يتألم دون أن ينطق ببنت شفة.
زفر بقوة وصوتها لا زال صداه يصدح بقلبه، في حين ذلك رفع يده يربت على قلبه بينما يرى صورتها لا تفارق تلك الأرض هناك ولا تترك مخيلته وهمس بخفوت « كل شيء يليق بكِ؛ أنتِ استثناء عن كل نساء الأرض يا ابنة عمي»
حك ذقنه غير الحليقة وغابت بسمته حينما ارتطمت ذاكرته بأرض الواقع فحبيبته اختارت رجلا غيره، وستكون زوجة لها عما قريب!، هز رأسه نافضا عنه كل ما يعتمل في صدره وتراجع عن النافذة وأخذ سجادته من على الأريكة المقابلة لسريره الذي يتوسط الغرفة، وفرشها أرضا يستقبل القبلة، يشكي لله ما في قلبه فهو أعلم به.
______________________
(دبي)
وضعت فنجان النسكافيه على المنضدة وأمسكت آخر بيدها قبل أن تجلس في نهاية الأريكة التي يجلس عليها أخيها، تطوي ساقيها تحتها بينما هو يستند على ذراع الأريكة، يمدد رجليه، وغارق كما تظن في هاتفه، حضنت الفنجان بين كفيها، ترتشف منه بهدوء بينما عينيها الرماديتين بلونهما الفاتح تتابعان أخيها، زفرت بنفاذ صبر أما هو ابتسم بمكر ولم يبدها، رفع الهاتف أكثر أمام ناظريه، عادت ترتشف بعض من مشروبها وتنظر إلى الفنجان الآخر الذي لم يقترب منه، مطت شفتيها، ورفعت حاجبها قبل أن تقول ببطء«جلال»
أجابها بثقل«ها..»، تنهدت بصوت عالي فزادت بسمته التي لم تراها، لكنها عادت تقول بذات البطء«جلال، أخي، لم أعهدك متلاعبا؟!»
تحفزت كل حواسه على إثر كلماتها وانتفض يجلس قبالتها، يربع رجليه ويديه تستند عليهما، قابض على الهاتف بكفه، ضيق حاجبيه وهو يراها تنظر باتجاه بعيد عنه وقالت بهدوء كأنها لم تلقي قنبلة منذ لحظات«فنجان النسكافيه برد »
تأمل وجهها مليا ثم مد يده يأخذ الفنجان بدهشة وعاد يحملق بها قبل أن يقول«ليست عادتك أن تحضري لي فنجان، دائما أضطر لسرقة الخاص بك!» صمت برهة وهو يتأملها مليا برماديتيه الغامقتين بينما هي تشيح بوجهها عنه، فارتشف القليل من الفنجان وحك جانب رأسه قبل أن يقول « الحقيقة تفعلين، فقط عندما تتحدثين معي بموضوع هام!»
التفتت له وقالت «قلت لك، لم أعهدك متلاعب!؟، هل يوجد موضوع هام أكثر من هذا يا جلال؟»
صمت لحظات طوال ويده تجمدت حول فنجان النسكافيه وهو يتأكد من كلماتها الأولى ثم قال «لم تعهديني متلاعب!، إذن ما الجديد!؟»
نظرت إلى الهاتف القابض عليه بكفه الأيسر وأشارت برأسها له وقالت«الجديد هذا، أراك لأول مرة تشغلك فتاة من الفيس بوك؟»
صمتت لحظة وزفرت بضيق ثم تابعت«أخي ،إياك أن تتلاعب بإحداهن فترد لنا أضعافا!»
وضع الفنجان على المنضدة وجانبه الهاتف ثم تنهد طويلا قبل أن يقول لها «إن قلت لكِ لا أتلاعب، تصدقين؟!»
أجابت بيقين «بلى، لكن هل تحبها!؟»
حك خلف رأسه ثم قال« وهل كل فتاة تتحدث مع أحدهم يجب أن يكون تحت مسمى الحب» صمت لحظة كأنه يفكر في شيء ثم أضاف« وأنا بالفعل لم ولن أتلاعب بها، فشخصية الفتاة أعجبتني، مبهرة ،مشرقة، أحب الحديث معها لكن...»
قاطعته قائلة «لكن ماذا؟...»
أخذ فنجان النسكافيه من على المنضدة وارتشف القليل منه قبل أن يجيبها« أحيانا أشعر بشيء يجذبني لها، وهذا ما لم أحسبه أول تعارفنا، أجدها أصبحت جزء من يومي وحياتي يا نورا»
استندت نورا بيدها على جانب الأريكة ثم سألته باهتمام«وماذا تسمي هذا الشعور !؟»
تنهد بصوت عالي قبل أن يجيبها « سألت نفسي كثيرا هذا السؤال من وقت عرفتها، لكن لم أجد إجابة خاصة وأنها أخذت حيزا كبيرا من تفكيري واهتمامي»
صمت لحظة قبل أن يسترسل في كلامه
« أتعلمين أريد ان نتحدث بالواقع ، نعم اعرف صورتها عبر حسابها وتحدثنا عبر الهاتف، لكن لا شيء يغني عن حديث العين، لذا أنتظر عودتي لأرض الوطن؛ كي أقابلها وأعدك وقتها إن استطعت تأكيد وتحديد مشاعري فمؤكد سأخبرك وحينها علي أن أقول لها بأن ما بيننا تخطى حدود الصداقة»
أجابته في هدوء
«وبعدما تخبرها ماذا سيحدث ؟»
وقف من مكان يزفر متصنع نفاذ صبره، يضع يديه في جيب بنطاله القطني قبل أن يقول
« أسئلتك كثيرة! »
لوت طرف شفتيها وكأنها لا تهتم بما قال ثم أجابته
«وهذه ليست إجابة سؤالي!»
ارتسمت بسمة على ملامحه فهو لا يستطيع العبوس في وجهها؛ أخته الصغيرة وصديقته ثم قال
«نورا، قد تكون مشاعري بدأت تتغير من ناحيتي فقط، في حين هي لا زالت تراني صديق»
وقفت نورا قبالته تتأمله لحظة ثم قالت
«كيف هي علاقتها معك؟»
زم شفتيه ثم هز أحد كتفيه قبل أن يقول لها
«تتحدث معي كثيرا، تحكي عن مللها أحيانا، وحدتها، وسعادتها وقت حديثنا»
ربعت نورا يديها على صدرها تهمم بعلامة أنها فهمت بينما تهز رأسها ثم قالت في هدوء
« علاقتكما تمشي في نفس الطريق»
«حقا» قالها جلال يصاحبها بنغزها في غمازتها ثم تابع بمرح « تحقيقين وتحليلين يا فتاة، طبيب روحاني حضرتك!!»
« بل أريد الاطمئنان بأن هناك فتاة سترحمتني من غلاظتك» قالت نورا كلماتها قبل أن تضحك وتسير من أمامه بخطوات واسعة بينما تراه ينحنى يأخذ المخدة الصغيرة من على الأريكة.
علت ضحكته حينما اعتدل بجسده يراها ابتعدت عنه قبل أن يلقي المخدة جانبه مرة أخرى ويقول
« تهربين، قبل أن ألقيها عليكِ»
هزت كتفيها بطفولة، وجهها يطفو عليه بسمة يتمنى لو لم تبارحه.
همس داخله « لا تدعي بسمتك ترحل نورا، حاربي لأجل أن تظل، لا تضميها لشفتيكِ !»
ثم ألقى بجسده على الأريكة، يراها تدخل إلى غرفتها بينما هو حدق بسقف الغرفة يفكر في حديثهما منذ قليل!.
يتبع:secret:

آمال يسري 21-01-21 09:07 PM

يقف عمران بجسده الطويل وقامته الممشوقة وسط المكتبة الصغيرة والتي قام بتأسيسها منذ فترة لا بأس بها كي تخدم أبناء القرية ويجدوا الكتب التي هم بحاجة لها بالقرب منهم.
يلقي بنظره على الكتب، يمد يده يعيد ترتيبها أو يمسح غبار عليها بعناية تامة، فهو لا يسمح بوجود أتربة عليها ولا أن يراها غير منظمة، قطب حاجبيه الكثيفين وهو يرى أحد الأرفف المصفوفة عليه الكتب غير مرتبة، تبدو للناظر لها مبعثرة ،وربما تبدو كذلك لعينيه الفاحصة فقط، رتبها بعناية ودقة، ثم تنهد أخيرا براحة، يتخصر في وقفته بينما ترتسم على شفتيه ابتسامة راضية، يتحدث بخفوت بينما عينيه تجوب أرجاء المكتبة « هكذا إذن كل شيء أصبح تمام»
«كل شيء يصبح تمام وبخير حينما تكون هنا يا عمران »
هتف بها الرجل من خلفه فالتفت له عمران ببشاشة وقد اتسعت ابتسامته بينما ينظر إلى الرجل الخمسيني بقامته القصيرة وجسده الرفيع والذي شابت لحيته وظهرت التجاعيد على وجهه وقد أعطته وقارا أكثر،بينما خصلات شعره البيضاء قد انحصرت على رأسه قليلا.
عينا عمران ابتهجت أكثر وهو يرى بين يدي الرجل صينية دائرية تم تغطيتها بعناية ونظافة واضحة، تهللت أساريره وهو يأخذها من بين يديه ثم قال بينما يضعها على المنضدة الصغيرة التي التف حولها كرسيان من خشب الخيرزان «بل الآن أصبح كل شيء بخير ،اشتقت لطعام خالتي هنية»
ضحك الرجل بخفوت قبل أن يتقدم ليسلم على عمران بعناق أبوي واضح بينما عمران يربت على ظهره كأنه غاب منذ زمن.
جلس الرجل على الكرسي جانب المنضدة قبل أن يقول بود «وهي قد شعرت بك وقالت لن أأكل قبل أن ترسل هذا الطعام لعمران، هنيئا لك خالتك يا عمران»
كشف عمران الغطاء القماشي الناصع البياض من على الصينية التي رص عليها أطباقا متنوعة من الطعام،وقال بتنهيدة عالية بينما يلتقط ملعقة أمامه«خالتي هنية من رائحة أمي، لم أعلم أن الصداقة تدوم هكذا إلا منهما، كنت منذ طفولتي وأنا أتمنى صديقا هكذا». صمت لحظة ثم تابع «لكن، أتعلم عمي مصطفى، صداقة كتلك صعب أن أجدها »
ثم دس الملعقة في طبق الأرز الدافيء وأكلها باستمتاع.
سحب مصطفى نفسا عميقا وقال بينما يتأمل ملامح عمران السمراء قليلا التي كانت من أثر الشمس«بل يوجد ابني، لكن قليلا منا من يحظى بفرصة كتلك»
أخذ مصطفى خبز من الذي صنعته زوجته وقطع منه لقمة ليلف فيها بعض من الجبن البيتي يضعها في فمه ثم تابع بعدما مضغها «أتعلم؟»
تنبهت ملامح عمران ليرفع وجهه له يستمع باهتمام بينما هو أكمل«والدتك رحمها الله كانت صديقة هنية منذ الطفولة ، كانتا جيران»قطع كلامه ضحكة خافتة قبل أن يضيف«يوم زفافنا لم تترك يد أمك وبكت بحرارة قبل أن تدخل البيت معي ،وتقول لن أترك يد فاطمة فلتأتي معي ولك أن تدرك رد فعل أبيك يومها وهو يراني متمسك بهنية وهي تحتضن كف أمك خاطفة إياها منه»
غص عمران بالطعام وهو يضحك عاليا وعلا سعاله، حينما تخيل ما حدث يومها فأعطاه مصطفى كوب من الماء وقال «أبيك كان غيور جدا؛ لكن لأجل والدتك بدت ملامح وجهه تهدأ!»
ارتشف عمران بعض من الماء ثم قال متسائلا بعدما وضع الكوب على المنضدة «وكيف تم حل الأمر وقتها؟»
أجابه بهدوء«تدخلت جدتك رحمها الله، وحاولت إقناع هنية بأن صديقتها سوف تأتيها في الصباح، وأخيرا بعد عناء اقتنعت ولم تكذب جدتك فلقد جاءت والدتك في الصباح بطعام فطور العرسان»
«ولم يعترض أحد على صداقتهما حتى بعد زواج كلا منهما!؟»تساءل عمران وهو يقوم من مكانه يقترب من جهاز تسخين الماء القابع على المكتب الصغير لعمل الشاي.
التفت له مصطفى وقال بينما يطرق بأنامله القصيرة على المنضدة«صداقة كتلك لم يمنعها حتى الموت، فهنية ترى فيك أنت وعلي أمكما ، فكيف لنا جميعا منع صداقتهما في هذا الحين».
انتهى عمران من عمل الشاي وابتسامته لم تغادر محياه، فكل مرة يتحدث مع عمه مصطفى وربما يتكرر معظم كلامهم، لكن دائما يريد المزيد فهذا يسعد قلبه حينما يشعر برائحة أمه وسط تلك الذكريات، تقدم مرة أخرى جانب المنضدة وازاح صينية الأكل قليلا ليضع الشاي، ثم قال وهو يجلس مكانه «حددنا زفاف علي»
انشرح وجه مصطفى وهو يقول «ما شاء الله ،ما شاء الله، أخيرا سنرى أحدكما ببدلة العرس، العقبى لك يا عمران»
ارتشف عمران القليل من الشاي قبل أن يتنحنح، يجلي صوته ويقول «يوما ما عمي، دعنا لا نتعجل المحتوم»
« ستتترهبن يا ولد، شهور وتكمل الثلاثون!؟» قالها مصطفى معاتبا بينما عينيه تتأمله بغموض!
فأجابه عمران وهو يمسح بيده على صفحة وجهه «لم أجد بعد من أحبها»
ارتشف مصطفى من الشاي وهو يتفحص وجه عمران الشارد ثم قال في هدوء«أنت أغلقت على قلبك بمفتاح لا يفتحه سواها ياعمران!»
وضع عمران كوب الشاي وأسند ظهره على الكرسي ثم تنهد طويلا حتى تكاد تشعر بأنه لا ينتهي، أطبق على شفتيه، يحاول أن يجد حديثا أو رد مناسب لكلام مصطفى ولا يفلح فهو على يقين بأن كل كلمة تفوه بها الرجل صحيحة لأنه حقيقة يفهمه جيدا،هو الوحيد الذي اكتشف حبه لابنة عمه، بأحد تلك الأحاديث الكثيرة التي تجمعهم، تحدث عمران كثيرا عنها حتى بدا الأمر جليا لمصطفى بمدى حبه لها، وسقطات اللسان تكاد لا تكف عن ذكرها وعن مدى تعلقه بها حتى ولو لم يصرح حقيقة بهذا، لكن مصطفى واجهه يوم خطبت وقال له بحزن«ظللت تتحدث وتتعلق دون أن تصارحها بحبك حتى أصبحت لغيرك»فأجابه يومها باقتناع تام «ابنة عمي وأعرفها ،لم تتعلق بي يوم ولم تحبني، ولن تحب حياتنا هنا، لذا أعفيتها من أي ارتباط ، وأعفيت عمي من حرجه إن رفضت سمر».
انتزعه من شروده ونظرة مصطفى الفاحصة صوت طفولي ناعس «خالتي هنية ،تقول إن انتهيتم من الطعام ،سآخذ لها الصينية»
التفت عمران للفتاة التي لا تتعدى الثالثة عشر من عمرها بابتسامة ودود ووقف من مكانه وهو يحمل الصينية بين يديه يعطيها لها ثم قال «نعم انتهينا ، واخبريها على لساني،سلم الله يدها»
عاد عمران ينظر لأرفف المكتبة، في محاولة أن لا يستطرد مصطفى حديثة لأنه ليس لديه إجابة، تفهم الأخير هذا، فزفر بصوت عالي وهو يهز رأسه بيأس من حال عمران ثم قال يدير الحوار لشيء آخر «نريد بعض الروايات يا عمران، تم طلبها من أحد زبائن المكتبة»
التفت له قائلا بود«لمَ لم تخبرني حينما كنت في القاهرة؟، على العموم قد أتيت بمجموعة كبيرة من الكتب والروايات علها تكون أحدهم»
أجابه مصطفى «لم يتم طلبها سوى بعدما عدت أنت البارحة، وبإذن الله يكن ما طلب أتيت به ،فأنت تعلم ذوق القارئ هنا جيدا»
جلس عمران على الكرسي خلف مكتبه، وأخذ قلم من أمامه وظل يطرق به قليلا على المكتب ثم رفع نظره لمصطفى قائلا «سوف أضطر أن أقضي الأيام القادمة عند عمي، وسنأتي جميعا قبل ميعاد الزفاف، أعلم عمي بأنني عدت من هناك للتو و هذا مرهق لك لكن...»
أشار له مصطفى بكفه كي لا يكمل ثم قال«لا تقل هذا يا ابني، فأنا أشعر بالسعادة تلك الساعات التي أقضيها هنا بالمكتبة فلا تقلق من شيء».
★★★★
بعد ثلاثة أيام في أحد المقاهي.
_______
تجلس قبالته كالطفلة الصغيرة التي تنتظر التقريع على خطأ ما، تحاول أن لا ترتبك ولا تثير حنقه أكثر، لكنها لا تستطيع فعل ذلك، فهي لم ترد أن تتقابل معه لولا حديث أحمد الصارم بوضوح، بأنه سيأتي لمقابلتها في بيتهم أمام أبيها إن لم تنهي تلك الحجج الواهية والتي بات يفهمها جيدا.
تتلاعب بخصلات شعرها السوداء المموجة، تدسها تارة خلف أذنها وتارة تعيدها جانب وجهها، تحيد بنظرها في اتجاه آخر بعيدا عنه، لا تريده أن يرى عينيها فيكتشف بأن صورته لا تلمع بهما، تعلم بأنها مخطئة لكن هل عليها الإعتراف بهذا؟، سمعته يتنهد بنفاذ صبر فالتفتت له مجفلة بينما هو حدق بعينيها المرتبكة لحظات طوال، يريد أن يسبر أغوارها و كل ما يصله أنها بالفعل لم تعد هي سمر الفتاة المرحة البشوش، فمن تجلس أمامه الآن لا يعرفها، حتى قلبه بات بارد أمام قربها، لا يدق بتلك الدقات العاشقة، تساءل داخله، هل حقا عشقها!؟، لو كان كذلك لصفح وتغاضى عن كل شيء، بل وتفنن بإيجاد حجج لها، ربما بالفعل أحبها يوما ما وتعلق بها وبتلك الأنثى التي كانت تشع حيوية، لكن حبه لها أو الباقي منه لن يدعه يتغاضى، ولن يفعل!؛هو يريد أسباب لما يحدث لهما!؛وما آلت له علاقتهما!.
بعد صمت طويل بينهما، لم يقطعه سوى أنفاسهما المضطربة والنادل الذي جاء يسألهم عن طلباتهم، وبعض أصوات الناس حولهم من رواد المقهى، لكنهما كانا غائبين عن هذا كله، ربما لم يشعرا به فكلا منه كان غائب بشيء ما!.
قال أحمد بصوت بدا هادئ على عكس ما يعتمل في صدره«إلى متى ستظل علاقتنا هكذا سمر!؟»
تلاعبت بأناملها في مفرش المنضدة أمامها، فتابع وهو يراها تحاول التملص من إجابته«سمر، ما وصلنا له باب مغلق، وأنا أريد فتحه، إما لطريق لنعود كما كنا أو..»صمت يقطع كلامه الذي شعر وكأنه سيجرحها بينما هي تعلقت عينيها بملامحه التي لم تعهدها، كان وكأنه وضع قناع بارد لا يشبهه، بينما هو تابع في تصميم «علينا وضع النقاط على الحروف سمر، والآن»
حادت بعينيها عنه تجاه الطريق المقابل، حيث حركة السيارات السريعة، التي لا تكاد تقف، تماما كأفكارها الآن، تنهدت بصوت عالي ثم قالت وهي تعاود النظر له«ما بها علاقتنا أحمد، لا جديد لنتحدث عنه!؟»
هتف بها بصوت مخنوق وهو يقرب وجهه منها«هذه هي،لا جديد!!،لا جديد، هذا ما أسئل عنه، أننا تراجعنا بعلاقتنا، باتت بيننا أميال في حين أننا لا تفصلنا الآن سوى منضدة، لكني أشعر بالغربة، أراكِ تبعدين ولا أدري لهذا سبب!»
تنحنحت متململة في جلستها حيث أنها تعي جيدا بأن حديثه صحيح، لكنها تشعر وكأنها في دوامة، مشاعرها تجاهه باتت باردة، تساءلت داخلها بينما هي شاردة في ملامحه؛ هل حقا هي بانتظار صديقها الذي عرفته من الفيس لأجل أن تتركه، أم هي ليست بحاجة لذلك!؟، وربما هي بحاجة فقط لتأكيد على أن مشاعرها تجاهه لا تتعدى الإحترام!.،لأنه يستحق ذلك، لكن الحب، لم يعد يشق طريقه بينهما بل ربما لم يكن بينهما يوما.
قالت بصوت حاولت أن يكون ثابتا لكنه بدا متحشرج بوضوح«ربما لقرب زفاف ندى بت ..» صمتت وهي تشعر بغصة تخنقها بقلبها، فهي تكذب وليس هناك مسمى آخر لما تفعله، لكن النظر بعينيه صعب، تشعر وكأنه رأى كذبها،دست خصلة شعر خلف أذنها وتابعت «ربما فقط لقرب الزفاف زاد ارتباكي، ليس أكثر»
نظر لها مليا مضيقا حدقتي عينيه البنيتين، واستند بذقنه على قبضتي يديه المرتاحة على المنضدة، ثم قال في هدوء يحاول سبر أغوارها «متأكدة، لا شيء أخر!؟»
هزت رأسها نافية وأجابته وهي تشعر بعينيها تحرقها من الدموع التي تجمعت فيهما.«ندى سوف تتزوج، وحقيقة أشعر بحزن بل برهبة لهذا الأمر.»
تلاقت عينيهما بلقاء ودي صادق لا يكذبه أحدهما، هو يراها صادقة ، لكن داخله متوجس ولا يدري السبب، فرك عينيه، يحاول أن يهدأ، ثم مسد لحيته المشذبة وقال ببطء «لم اقصد مضايقتك، ربما كان علينا فقط أن نتحدث.»
اضطربت عيناها وهي ترى الصدق في ملامحه، كادت تصرخ وتقول أكذب، لكنها كانت نصف صادقة، نعم هي تشعر بألم يجتاح قلبها لافتراق ندى عنها وإن لم تحك ذلك، وهذا يؤجج مشاعرها، لكنها كاذبة في مشاعرها تجاهه، لكن ليس لها المقدرة على مصارحته ولا لصدمة والدها.
رأى الألم في عينيها جليا فزم شفتيه يعاتب نفسه على ما سببه لها، فربما غضب عليها دون قصد، تنهد بصوت عالي يحاول أن ينتزعها من ضيقها قبل أن يقول «القهوة بردت، ما رأيك لو طلبنا غذاء وبعدها نطلب قهوة آخرى!؟»
ابتسمت بشحوب ثم قالت «دعنا نطلب قهوة ، ولنترك الغذاء ليوم آخر لأن ندى وحدها وبالتأكيد تحتاج لمساعدتي في ترتيب باقي محتويات عرسها»
أومأ بإيجاب متفهما قبل أن يطلب قهوة جديدة من النادل.
يتبع🌺🥰🙊

آمال يسري 21-01-21 09:10 PM

( منزل الجبالي في القاهرة)

لم تظن ندى أن يعود علي بتلك السرعة فلم يمر سوى أيام قليلة على سفره إلى قريتهم ، لكنه أخبرها بأن منزلهما بحاجة إلى بعض الأغراض، وسوف يأخذها كي تشتريها معه، واتفق مع عمه وعمران بأنهم سيعودوا جميعا لإتمام الزفاف.
تجلس ندى جانبه تتأمل ملامحه بوله واضح لا تخفيه، اشتاقت له كثيرا، كادت تطير فرحا؛ حين فتحت باب منزل عمها ووجدته أمامها، مبتسما لها، تخبرها عيناه بشوقه لها، لولا عمران الذي اقتحم المشهد وأضاع لحظتهما الرومانسية كعادته، كادت وقتها تصرخ به، لولا ظهور عمها خلفها، يرحب بأبناء أخيه، فما كان منها سوى كبت غضبها حتى إشعار آخر.
صوت عمها أخرجها من شرودها وهو يقول«إذن نعود نهاية الأسبوع »
أومأ علي موافقا ثم قال «نعود حين ننهي باقي مشترواتنا عماه»والتفت ينظر إلى ندى ثم قال«ولو كان غدا»
ضحك صلاح وهو يجيب ابن أخيه«تريث يا ولد لا زال الوقت أمامنا»
أطرقت ندى بوجهها أرضا، واحمرت وجنتيها بينما تدخل عمران« لولا الملامة ، لأخذكم اليوم وأقام الزفاف، توأمي كاد يفقد عقله»
نظر له علي بعتاب فأكمل عمران بمكر«ما لبثنا أن وصلنا إلى البلد، حتى رأيته أتيا لي يخبرني بأن هناك أشياء تنقص المنزل ويجب على العروس اختيارها،أشعر بأنها حجة»
رمقته ندى بطرف عينها، ابن عمها المشاكس،الذي لا يترك لحظة ولا سبب إلا استغله باتقان.
فأجابه عمه بمكر مماثل«أفكر بأن تنزل أنت وعلي ، كي تشتريا ما ينقص، بينما ندى تظل هنا...»
قاطعه علي بلهفة «لا ..أقصد يجب أن تأتي معي ندى حتى تكون ندى راضية عما نشتريه، ولا نضطر للنزول مرة أخرى».
صوت المفتاح يدار بالباب أخرجهم من حديثهم، وما كانت إلا سمر والتي أغلقت الباب خلفها، تنظر للجالسين في بهو البيت بشرود؛ بينما صوت أحمد وعتابه يصدح بعقلها كأن مطارق تدق فيه، عيناها زائغتان كأنهما تبحثان عن شيء لا تدري ماهيته، وجهها شاحب؛ انسحبت منه الدماء، حاولت أن تبدو طبيعية على قدر استطاعتها، أن ترسم ملامحها المعهودة أمامهم، تلاقت عيناها بعيني عمران لوهلة لم تطل؛ لكنها كانت بالنسبة له كلحظات طوال،عيناه تلقفت عينيها بلقاء متفهم، ابنة عمه بها خطب ما،علم من عمه بأنها كانت مع خطيبها حينما سأله علي عنها، مفترض أن تعود متوردة الوجه، عيناها تنبض بالسعادة،لكن لا شيء من هذا؛بل دائما كلما نظر بعينيها،تمعن بها ولم يجد شيء من هذا،انتزعه عمه من شروده وهو يسأل ابنته«سمر،لم أنتِ واقفة هكذا؟،هناك خطب ما؟»،تعلقت الكلمات على شفتيها للحظة قبل أن ترد مرتبكة قليلا«أبي، أنا بخير، لا تقلق، أشعر فقط ببوادر نزلة برد، سأنام قليلا ربما أرتاح»
همت ندى أن تغادر مكانها كي تذهب لها،لكنها أوقفتها بيدها قائلة بصوت خافت«لا ترهقي نفسك ندى،سأرتاح قليلا وأكون معكم»،عيناها جالت عليهم جميعا بحديث غامض، بدت هشة رغم محاولاتها البائسة لإظهار عكس ذلك،دست شعرها خلف أذنها وأشاحت بنظرها بعيدا وسارت في هدوء إلى غرفتها، بينما عينا عمران تفحصتها بوضوح وكأنه يرى ابنة عمه لأول مرة.
أغلقت الباب خلفها، تستند عليه، وسمحت أخيرا لدموعها للتحرر.
بعد لحظات استأذن عمران عمه للذهاب للحمام كي ينعش وجهه ببعض الماء، وتوقفت خطواته قرب غرفة سمر التي توجد بأول الممر.
صوت شهقات خافتة، أنين وبكاء، ابنة عمه القوية تبكي، بل أن نشيجها يقطع نياط قلبه،دقات قلبه تخبط في صدره وكأنها سوف تشقه وتجري لعناقها، هل عليه أن يرمي بكل وعوده لنفسه ويخبرها بأن بكائها يقتله، وبأنه يدفع عمره كله فقط لأجل أن لا يرى دمعة من عينيها، آهة فلتت من بين شفتيه وهو يشعر بعجزه وقلة حيلته، صوت حشرجة صوتها تصله، تتمتم بشيء ما لا يفهمه، كل ما يصله أنها تبكي، مسد ذقنه غير الحليقة يتساءل في نفسه، كيف حدث هذا وهي حتى بطفولتها لم تكن ككل الأطفال تبكي على لعبة انكسرت؟ ، بل كانت قوية تحمل عينيها معاندة للأوجاع لا تليق بسواها، تحرك تجاه الحمام وهو يشعر بخطوات تقترب ولم تكن سوى ندى التي دخلت الغرفة بلهفة وضحت من إغلاق الباب.
عاد عمران للصالون حيث يجلس عمه وعلي ، شارد في تلك الباكية، لا يكاد يسمع ما يقال بين عمه وأخيه، مسد عنقه يحاول الاستفاقة من غرقه ببكائها الذي يصدح بعقله وقلبه،ينظر حيث اتجاه غرفتها ربما عادت ندى فيسمع منها كلمة تطمئن قلبه.
★★★
كانت قد ألقت بجسدها على السرير،بملابسها التي كانت بها بالخارج،لم تفعل شيء، سوى أنها خلعت حذائها بإهمال،وهكذا حقيبتها، مسحت وجهها من الدموع بينما تتعلق عينيها بسقف الغرفة، ترى كذباتها تتراقص أمامها وتخرج لسانها لها، وكأنها تخبرها، انتصرنا عليك.
وقفت ندى تتأمل وجه سمر الشاحب بوضوح بينما جسدها يرتعش،يدها تتمسك بملاءة السرير وكأنها تحتمي بها، اقتربت منها بهدوء وجلست على طرف السرير،داعبت وجنتها برفق،هامسة بحنان«سمر، ما بكِ حبيبتي؟»
سالت دموع سمر على خديها وكأنها كانت بانتظار من يعيد تحريرهم ،نحبت بخفوت وكأنها فقدت عزيز للتو، ارتبكت ندى وقلقت ملامحها، وهي تعتلي السرير قربها،تطوي ساقيها أسفلها،وقالت بقلق«تحدثي يا سمر، الأمر لا علاقة له بنزلة البرد»
نظرت لها سمر بعينين متألمتين ، وتحشرج صوتها وتقطعت كلماتها بينما ترفع رأسها تلقيه بحضن ابنة عمها، شددت ندى بعناقها وربتت على شعرها قبل أن تقول«فقط أخبريني ما بكِ»
شهقت سمر بخفوت وقالت بتأوه «ليس بي شيء، فقط احتضنيني»
اعتدلت ندى على السرير وتمددت ثم أخذت سمر بحضنها، تهدهدها كطفلة صغيرة، كان داخلها يحدثها بما تعاني منه سمر،لكنها لم تستطع أن تنطق ببنت شفة،لا تستطيع الآن على الأقل، وإما وضعت على الجرح ملح،لقد كانت معها حينما حدثها أحمد للقائها،ومن الواضح بأن ثمرة هذا اللقاء مدوية!لكنها بحاجة لمساعدتها،كيف،أتخبر عمها،أم علي،أم عمران؟،يا إلهي كلها حلول أصعب من بعضها!.
شعرت بأنفاسها أخيرا تنتظم، أراحت رأسها على المخدة، دثرتها بالغطاء،مدت يدها تمسح دموعها من على خديها،وزفرت طويلا تلقي بتلك الأفكار التي تكاد تهشم رأسها، ثم اغتصبت بسمة على شفتيها قبل أن تخرج من الغرفة تواجه العائلة،فلا تريد أن يشعر بها أحد.
جلست قرب علي،تسمعه يتحدث مع عمها،لكن لا تعرف ما يقول، صوت عمها ينادي بإسمها بينما شرودها أكبر منها، عينا عمران تتأملها فتلاقت عينيها بهما بغتة فأخفضتهما، لاحظت شيء أقلقها،عمران يفهم ما يدور وبأن سمر ليس بها مرض بل هناك خطب ما.
تنهدت أخيرا حينما انتهت جلستهم مع أبناء عمها، نظرت للباب الذي أغلقه عمها خلفهما براحة، تربت على قلبها المضطرب، لأول مرة تتمنى انتهاء لقاء فيه علي، لكن كلما نظرت لوجوههما شعرت بكذبها، خاصة حينما شق صوت عمران أحاديثهم وسألها عن سمر،ولم تكن تلك عادته يوما،ولا تعرف كيف أخبرته بأنها بخير في حين أنها لم تكن كذلك.
انتهى الفصل 🥰🌺💜دمتن بخير 💜 أنتظر رأيكن بشغف فلا تنسوني منه🥰🥺

آمال يسري 21-01-21 09:47 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 27 ( الأعضاء 5 والزوار 22)
‏آمال يسري, ‏سواسماعيل, ‏Um-ali, ‏user0001n, ‏Nour fekry94

Um-ali 21-01-21 10:46 PM

الفصلان جميلان و لا أحد يستطيع أن يخمن بمستقبل الثنائيات ،سلمت يدك

آمال يسري 22-01-21 12:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um-ali (المشاركة 15311954)
الفصلان جميلان و لا أحد يستطيع أن يخمن بمستقبل الثنائيات ،سلمت يدك

حبيبتي 💜 تسلميلي🤗شكرا لرأيك وبانتظارك دوما 🥰🥰🥰

نوارة البيت 22-01-21 03:09 PM

سلمت يدك🥰🥰🥰🥰🥰🥰سلمت يدك🥰🥰🥰🥰🥰🥰


الساعة الآن 04:48 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.