آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          215 - لعبة الحب والحياة - بيتانى كامبل - مكتبة مدبولى ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          متى تحضني عيونك اذا هذي العيون اوطان ؟ , متميزة"مكتملة" (الكاتـب : توآقهَ ♥ لِــ ♥ لُقّياكـْ - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          608 - المرأة الضائعة - روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : samahss - )           »          الإغراء الحريري (61) للكاتبة: ديانا هاميلتون ..كاملهــ.. (الكاتـب : Dalyia - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          عروسه المقامرة (63) للكاتبة Rebecca Winters .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عزيزى ديزموند(62) للكاتبة K.L.Donn الجزء5من سلسلة رسائل حب Love Letters كاملة+الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عزيزتى لينا (61) للكاتبةK.L. Donn الجزء4من سلسلة رسائل حبLove Letters كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-02-21, 04:38 AM   #91

DrWalaa

? العضوٌ??? » 428256
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 79
?  نُقآطِيْ » DrWalaa is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مروة سالم مشاهدة المشاركة
اسعدني مرورك جدا يا ولاء.. وسعيدة جدا انها لاقت قبول مبدئي عندك.. وكمان بتمتدحي اسلوبي
اتمنى تكملي متابعة ⁦♥️⁩⁦♥️⁩
متابعة معاكي بإذن الله
انتي موهوبة يا حبيبتي ما شاء الله و حبكتك مختلفة و مميزة
كفاية إنك بتتكلمي عن فترة عايشناها لحظة بلحظة و بترجعيني لذكريات على قد ما هي جميلة على قد ما بتوجع لأن للأسف الحلم لم يكتمل 😔💔


DrWalaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-21, 11:31 AM   #92

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Elk

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة DrWalaa مشاهدة المشاركة
متابعة معاكي بإذن الله
انتي موهوبة يا حبيبتي ما شاء الله و حبكتك مختلفة و مميزة
كفاية إنك بتتكلمي عن فترة عايشناها لحظة بلحظة و بترجعيني لذكريات على قد ما هي جميلة على قد ما بتوجع لأن للأسف الحلم لم يكتمل 😔💔
حبيبتي تسلمي يارب..
واتمنى يارب ان الجاي يعجبك.. وتتفهمي الحبكة بكل تفاصيلها.. لاني حبيت اكتب حاجة تكون Dark Romance فدخلت فيها جانب نفسي وجانب سياسي.. واتمنى اقدر اعبر عنهم كويس باذن الله..


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 11-02-21, 11:35 AM   #93

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة DrWalaa مشاهدة المشاركة
تسلم إيدك يا مرمر ❤️❤️❤️
أنا مستمتعة جدا جدا
الفصل الجديد انتى بقى 😊😊
انا بنشر كل سبت باذن الله 6 مساء بتوقيت مصر.. علشان ده الوقت المتفرغ بالنسبة لظروفي ف البيت.. وبقول اهو القارئات قدامهم الليل كله بقى يقروا ف الوقت اللي يناسبهم


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 11-02-21, 11:39 AM   #94

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة DrWalaa مشاهدة المشاركة
كل ده و اسمه رحيم!!
امال لو اسمه وغد كان عمل ايه 😢😢😢😢
هايلة يا مروة ما شاء الله سردك بيخطف و الاحداث بتخلينا نجري وراها و الفصل بيخلص بسرعة جدا ❤️❤️
قالب الكتابة هو اللي مخلي الفصل قصير كده.. علشان بتكلم من منظور البطلين الرئيسيين بس.. فمش بقدر افرد مشاهد تانية لباقي الابطال ما لم يكن محوري الاحداث مشاركين فيها او مطلعين عليها.. بس انا حبيت اني اعتمد القالب ده فالرواية دي تحديدا حسيته الانسب لطبيعتها..
بس ان شاء الله لو حصل نصيب بعد كده وكتبت هستخدم قوالب تانية تديني حرية اكتر لان في ناس اشتكت من ان الفصول بتخلص بسرعة..
بس انا والله بيحكمني طريقة التناول علشان انقل ما بين شروق وحازم كما يجب بدون ما أخل بالاحداث..
زائد طبعا النشر الالكتروني استوجب تعديل بعض العبارات ف الرواية خاصة بالمحتوى السياسي علشان تناسب الجميع ومحدش يحس بانحياز لاي طرف على حساب الاخر لان المووضوع حساس شوية رغم السنين دي كلها ..
وده شكلي لما ولاء تقولي سردك بيخطف


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 12-02-21, 05:14 PM   #95

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile3 تصميمات

مساء الخير..
لا تنسوا ميعادنا غدا باذن الله مع الفصل الرابع..
وباذن الله في اقتباس خاص متقدم يوم الاحد بمناسبة الفالنتاين
..


والآن.. بعض من التصميمات التي تم إهدائها للرواية..

هذا التصميم من Maryam Zahra


وهذان من ابداع Shereen Haseen




مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 06:18 PM   #96

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

الفصل الرابع

شروق


يوم جديد.. وحالة نفسية عشوائية ملبدة بالغيوم..

حتى فطائر البانكيك بصوص الشوكولاتة لم تنجح في تغيير حالة الضيق والاحباط التي كانت تسيطر عليّ..

اليوم حالتي المزاجية مضطربة للغاية، فقد مرت بضعة أيام منذ حادث تفجير الكنيسة، والأوضاع المتصاعدة في دولة الجوار صارت أكثر اشتعالا بعد سفر الحاكم بشكل مفاجئ إلى خارج البلاد.. والحال هنا لم يكن بالأهدأ على الإطلاق.. وكأنه تأثير الدومينو..

هناك شيء يشتعل ببطء في الأرجاء، والهواء يهب محملا بنسمات غير مألوفة، والأصوات تعلو أكثر وأكثر..

لقد تخلى الكثيرون هنا عن الخوف بفعل التغيير السياسي الضخم الذي تبع مغادرة رئيس الدولة المجاورة لرأس السلطة، حيث امتلأت المدونات ومواقع التواصل السياسية بالدعوات لوقفات احتجاجية بعد حادث التفجير، وكذلك بعد إحياء ذكرى الشاب الذي مات أثناء التحقيقات معه في أحد أقسام الشرطة بتلك المدينة الساحلية..

لم يكن الشعب لينتبه لقوة صوته وتأثيره بدون أن تهب نسائم الثورة من بلد مجاور جُل سكانه بضعة ملايين فقط، فما بالك بوطن يسكنه مائة مليون فرد، يعيش سواده الأعظم في تعاسة مزمنة ونقمة مستترة، حتى ليبدو الأمر لمن يشاهد الصورة بحيادية خارج الإطار وكأن البلاد قد خسرت لتوها حربا طاحنة انتهت بقصف نووي قتل الأخضر واليابس.

لكن الآن الأمور تغيرت بكل تأكيد وهناك نبتة وُلدت بشكل عفوي غير مخطط له وأصبح الجميع مسؤولين عن رعايتها حتى تنمو وتزهر دون أن يتدخل المخربون والطامعون بإثارة الفتن والفرقة حتى تتحقق أهدافهم السوداء ويفشل ما يطمح إليه أصحاب الحقوق الأصليون في هذا الوطن.

كنت أتنزه قليلا بالحديقة في موقعي المفضل على الأريكة التي تتوسط شجرتين وارفتين أفكر فيما يمكن أن تؤول إليه الأمور إذا نجحت بالفعل الدعوات التي بدأت على استحياء عبر المدونات ومنصات التواصل الاجتماعي..

هل يمكن أن ننجح في الحصول على مكتسبات سياسية من السلطة الحاكمة تصب في النهاية في صالح الحريات الاجتماعية وحرية الرأي والتنمية الاقتصادية وتمكين المرأة والمشاركة السياسية وتسهيل إطلاق الأحزاب؟.. أو سيتجاهل المصريون دعوات التظاهر من الأساس؟

وهل يمكن أن تتحول الأمور بشكل مذهل كما حدث في الدولة الشقيقة، بحيث نتمكن من تغيير النظام بالكامل بدلا من إيقاف مشروع التوريث فقط؟

لا.. لا أظن أننا يمكن أن نثير مثل الصدمة للنظام، خاصة وأنه بات مستعدا لما يمكن أن تتحول إليه الأمور إذا تقاعس في احتواء الاحتجاجات المنتظر تحركها قريبا..

شعرت بالسأم والضيق من كثرة التفكير، فتوجهت إلى غرفتي للانشغال بشيء آخر يبعد ذهني عن الأفكار التي تتحرك رغما عني في إطار واحد (علاقة أبي ومساعده حازم التي يكتنفها الكثير من الغموض)..

كنت بداخل غرفتي، أستمع لغناء كاظم الساهر الذي كان يصدح من السماعات المنتشرة بها والتي رفعت صوتها لأعلى درجاته لكي تشوش على صوت أفكاري الداخلية وتشتتها..

أكرهها.. وأشتهي وصلها.. وإنني أحب كرهي لها..
أحب هذا اللؤم في عينها.. وزورها إن زورت قولها..
عين كعين الذئب محتالة.. طافت أكاذيب الهوى حولها
قد سكن الجنون أحداقها.. وأطفأت ثورتها عقلها


استمر كاظم الساهر في غنائه دون ملل غير عابئ بشتات أفكاري ما بين ما سيحدث يوم الخامس والعشرين، وما يحدث بالفعل داخل أروقة منزلنا، وبالتحديد بغرفة مكتب أبي..

كأنه يخرج لي لسانه من السماعات بسخرية لا متناهية.. وكيف له أن يعبأ بما يدور في ذهني، بل يركز كل طاقته حول حبيبته التي تذيقه الويلات وتثير شكوكه وجنونه..

كانت كلمات المقطع الثاني من الأغنية تصدح بصوت القيصر
أشك في شكي اذا ما أقبلت.. باكية شارحة ذلها..
فإن ترفقت بها استكبرت.. وجررت ضاحكة ذيلها..
إن عانقتني كسرت أضلعي.. وأفرغت على فمي غلها..
يحبها حقدي ويا طالما.. وددت إذ طوقتها قتلها


نجحت الأغنية أخيرا في تشتيت تركيزي، لتجعلني أتوقف عند الصورة البديعة التي رسمتها كلمات نزار قباني بشكل حي مذهل..

رباه.. ما نوع هذه العلاقة الغريبة التي قد يعيشها شخص واقع في الحب إذا ما قادته الظروف لشريك غير مناسب أو لا يبادله مشاعره بنفس القدر؟

هل هذا الصراع بين حبيبين يؤدي في النهاية إلى تقوية علاقتهما أم دمارها؟؟

لا أتخيل نفسي أبدا في علاقة من هذا النوع.. فالحب من طرف واحد يشبه الموت ببطء.. هو حالة من الانطفاء تبدأ رويدا رويدا بنزيف يومي بسيط يستمر لفترة طويلة، فينتهي بذبول صاحب المشاعر الجارفة وشعوره بالموت من الداخل حتى وإن كان حيا يتنفس..

العلاقات القائمة على أن يكون أحد الطرفين فقط يحب الآخر ويظن أن مشاعره كافية لإنجاح العلاقة سيئة ومؤذية للغاية، لكن الأسوأ منها هو أن يضطر الشخص لدخول علاقة زواج بدون حب.. من يتحمل مثل تلك العلاقات الرسمية القائمة على الاهتمام بالشكليات والتخلي عن المشاعر والاهتمام المتبادل والمودة.. والحب؟

تُرى هل كانت العلاقة بين أبي وأمي كعلاقة حب من طرف واحد عاشه أحدهما تجاه الآخر، فانتهت بطريقة تفطر القلوب؟ أم ربما كانت مجرد زواج اضطراري تم الاعداد له بالعقل بدون أية مشاعر، فصار طرفا العلاقة يزدادا فتورا وتنافرا يوما بعد يوم؟

لم أتجرأ أبدا على سؤال أبي عن والدتي.. يكفي أنه عندما يذكرها أمامي تنضح كلماته بالتجاف.. وحتى البغض..

كما أنني لم أسأل ماما سناء رغم يقيني أنها كانت شاهدة على تفاصيل علاقتهما بشكل ما، كونها ظلت مدبرة منزلهما طوال فترة الزواج التي استمرت ما يقرب من 8 سنوات قبل رحيلها عن عالمنا..

بصراحة كنت أخشى من الإجابة.. فقررت تجاهل الأمر في عقلي واستبداله بنسخة حالمية عن زوجة محبة عطوفة كانت تعشق زوجها وهو يبادلها الحب بجنون، ولكن خبر إصابتها بالمرض القاتل جعله يشعر بالغضب فتحولت مشاعره نحوها بعد وفاتها لشعوره بأنها تخلت عنه وتركته سريعا..

أقصد إن كان أبي لا يحب والدتي المرحومة.. فلماذا ظل وحيدا بلا زوجة حتى الآن؟

نهرت نفسي بغضب لتحول أفكاري حول الحب والعلاقات العاطفية.. فالآن ليس الوقت المناسب لذلك نهائيا..

مهلا.. لماذا أفكر في الحب أصلا؟

أنا ليس لدي وقت حتى أقوم بإعادة ترتيب غرفتي.

ترتيب غرفتي؟..

عند هذه الفكرة، عدت إلى ما كنت أقوم به قبل أن أشرد بذهني في كلمات الأغنية التي كانت قد انتهت بالفعل وبدأت بعدها أغنية أخرى لكاظم الساهر بلهجة وطنه هي (منين أجيب احساس)..

لقد كنت أرتب الغرفة بالفعل قبل أن أشرد بعقلي مع القيصر، فنفضت عني ذلك الشرود، وأكملت ترتيب مكتبي الذي تناثرت عليه المراجع والأوراق
البحثية..

يا إلهي.. متى تنتهي تلك السنة وأحصل أخيرا على شهادة البكالوريوس وتتم إجازتي رسميا كطبيبة لجراحات الأطفال..

بضعة شهور فقط ويتحقق حلم العمر..

والله إني أشتاق إليه أكثر من شوق العاشقة لحبيبها..

ليس وكأنني أعرف ما هو شوق العاشقين.. لكن ممارسة الطب وإنقاذ حياة الأطفال هي أكثر شيء كنت أتطلع إليه طوال حياتي..

أكثر حتى من أن يحبني أبي كما ينبغي..

كما أستحق..

توجهت بعدها إلى خزانة جانبية صغيرة أستخدمها عادة لحفظ دفاتري القديمة، وأخرجت دفتر مذكراتي الذي كنت أدون بين صفحاته بانتظام عن تصرفات والدي تجاهي خلال سنوات المراهقة..

تقول ماما سناء أنني قد ورثت تلك العادة عن والدتي التي كانت تحرص على كتابة مذكراتها باللغة العربية لتقوية مهاراتها وإتقانها لها..

المحزن أنني لم أجد أبدا أيا من متعلقات والدتي الغالية رحمها الله..

ربما تخلص أبي من كل ما يخصها حزنا على رحيلها المفاجئ..

ليس وكأنني أفهم تصرفاته، ولكن هذا أمرا قد يخرج عنه.. فأبي يعشق السيطرة على كل شيء يحيط به وتنتابه نوبات غضب إذا خرجت الأمور من يده أو شعر أنه ليست لديه قدرة على اتخاذ قرارات تحول مسارها كما يحلو له..

يبدو أن أبي بعمره وخبرته لم يتعلم أبدا أنه لا يمكن مقاومة القدر أو محاولة الالتفاف حوله..

رغم أنني مؤخرا أصبحت لا أهتم كثيرا بكتابة يومياتي واستبدلتها بالتدوين الالكتروني حول أحوال الوطن بشكل عام، لكنني لا زلت أحتفظ بتلك الدفاتر الغالية التي كنت أفرغ بداخلها الكثير من الأسرار والتساؤلات التي لم أتجرأ ابدا للإعلان عنها بشكل صريح سواء بالمواجهة المباشرة مع أبي أو حتى سؤال ماما سناء.

أخذت أقلب بين صفحات الدفتر وأقرأ بعض اليوميات التي تخص بعض المواقف التي جمعتني بوالدي.. لتعود بي الذاكرة لإحدى تلك المواقف..

كنت في المرحلة الإعدادية، وقد عدت من المدرسة باكية وحزينة لأن بعض زميلاتي سخرن مني لأنني وحيدة.. يتيمة الأم وبلا أخوة.. وكان بعضهم يطلقون عليّ لقب (شروق النحس) ويقولون إن كل من يدخل حياتي ينتهي به الحال ميتا أو منكوبا، ولذلك ليس لديّ أصدقاء بالصف..

فور أن وصلت المنزل، هرعت إلى غرفة المكتب حيث كان والدي ينشغل بمحادثة تجمعه بشاب يبدو أنه لا يزيد عن عمر العشرين..

كان أبي يجلس على مقعد جانبي أمام مكتبه بينما يجلس الشاب أمامه على مقعد مماثل.

أخذ أبي يصيح فيه وكأنه يحمسه بينما يبدو لمن يستمع من زاوية أخرى وكأنه يوبخه.. أو يهدده: "كما أخبرتك.. هذه البطولة هي فرصتك الأخيرة.. يجب أن تتخلص من حالة الجمود التي تصيبك كلما كان عليك أن تواجه أحدهم رجلا لرجل بقوة اليد.. ستحتاج مهاراتك القتالية في وقتٍ ما، فإذا امتنعت عن شحذها منذ الآن، سيكون عقابك قاسيا.. هذا الآخر ليس بمأمن كما تظن، فالجميع تخلوا عنه أيضا في نهاية الأمر، وبات تحت يدي ويمكنه أن أحيله لمجرم من أحقر طراز.. إما أنت أو هو.. فلا تتذاكى وتتصنع الطهر والبراءة. وتخلص من الضعف الذي ينهش دواخلك".

تنحنحت قليلا وكأني أسعل، حتى ينتبها لوجودي..

أصابت الشاب حالة من الارتباك لأن أحدهم قد سمع تلك المحادثة الغريبة.. أما أبي فقد ازدادت ملامحه قتامة وسوادا وصاح بضيق: "ماذا تفعلين أنتِ هنا؟ ماذا تريدين؟".

قال الشاب بتعاطف: "إنها.. إنها تبدو باكية.. ربما تكون مريضة أو .. حزينة.. هناك خطب ما بها".

صاح أبي بحنق: "وما شأنك أنت؟ هيا غادر.. واستعد لتلك البطولة.. أنت في عطلة لمدة ثلاثة أسابيع حتى تتدرب جيدا.. وإذا لم تخرج من تلك البطولة بالمركز الأول.. فلا تلومن إلا نفسك"، ثم أشاح بيده وأكمل: "هيا.. هيا"..


خرجت من تلك الذكرى دون حتى أن أهتم بما حدث لاحقا.. فقد لفت انتباهي الآن أمرا عجيبا..

هل كان هذا الشاب هو حازم؟

أقصد أن هذه الحادثة قد مر عليها نحو عشرة أعوام كاملة، وهي نفس المدة التي كان حازم قد حقق خلالها بطولة الجمهورية..

المشكلة أن أبي لم يناديه باسمه أمامي وقتها..

لا أستطيع أن أجزم أنه هو بالفعل.. لكنني أشك بنسبة كبيرة..

ومضت برأسي خاطرة أخرى حول نفس الذكرى..

من كان هذا (الآخر) الذي كان أبي يتحدث عنه مع الشاب ويهدده به بشكل مستتر؟

هل كان أبي يفرض على الشباب العمل معه تحت التهديد؟ هل كان مضطرا لهذا من الأساس؟

أم أنه كان يهدد شخصا واحدا فقط؟؟

حازم... ماذا بينك وبين أبي؟ ولماذا دخلت بقدميك هذا الجحيم الذي على ما يبدو قد استمر لسنوات...!

حاولت أن أمنع نفسي من الاستمرار في التفكير حول ذلك الأمر، وأخذت أقلب في دفتر الذكريات لأرصد مواقف أخرى جمعتني بأبي..

كانت كلماته ساخرة وهازئة أغلب الوقت، ودائما يصيبه الضيق كلما تذكر والدتي، حتى أنه كان يخبرني في كثير من الأوقات بسخط وضيق أنني أشبهها كثيرا..

هل كان تعيسا معها؟ أم أنه هو من ظلمها وأحزنها وكان سببا في رحيلها مبكرا باستسلامها للمرض طاردا من داخلها كل رغبة وعزيمة لمقاومة المرض!

هل هي سخرية القدر أن يحمل رجل قلبه يخلو تماما من الرحمة مثل هذا الاسم فيعيش يوما بعد يوم وهو يحرم الجميع منها بينما يغلف نفسه بشرنقة من جليد القسوة حتى يتجنب التعامل مع معطيات الحياة بحلوها ومرها؟

لقد سأمت التفكير.. حقا أنا قد تعبت.. ظللت سنوات أحاول أن أفهم وأفسر سر تعامل أبي معي بهذا الجفاء واللامبالاة وكأنني حقا لا أعنيه أو أنني مفروضة على حياته ولست تجسيدا حيا لقصة حب عاشها مع والدتي وذكرى رائعة للسيدة التي كان يعشقها بالتأكيد خاصة وأنني فعلا أشبهها كثيرا..

لقد فشلت كل محاولاتي في إبهاره.. لا التزامي الديني ولا الأخلاقي ولا تفوقي العلمي..

لا شيء يلفت انتباهه أبدا.. عجزت عن حمله على توجيه كلمة مديح واحدة لي طوال تلك السنوت.. ناهيك عن كلمات الحب الطبيعية التي من المفترض أن يوجهها الأب لابنته بلا سبب وبلا حساب..

حقا علاقتنا لا تبدو أبدا كعلاقة أب بابنته.. ولكن من أنا لأحكم؟

فالأباء يظلون فوق أية مساءلة مهما فعلوا.. أليسوا كذلك؟

لقد وصلت في النهاية إلى نوع من السلام مع فكرة أن أبي ربما لا يجيد التعبير عن مشاعره.. لكنه بالتأكيد يحبني.. ألا يفعل؟

ولما لن يفعل؟
أغلقت الدفتر بضيق متجاهلة الدمعة التي تسللت ببطء بين جفنيّ لتستقر أعلى وجنتي اليسرى، وقمت بإعادته إلى مستقره داخل الخزانة من جديد، فاليوم ليس يوم الذكريات المؤلمة.

أنا اليوم لا أقلب في دفاتري القديمة لشيء يتعلق بي.. أنا أحاول أن أستقرئ أبي من جديد لأفهم سر العلاقة الغريبة التي تجمعه بمساعده حازم..

صحيح أن أبي كان دائما يتحدث معي بجفاء وبرود، وفي أحيان كثيرة يكيل الإهانات والكلمات الغاضبة الجارحة لي، لدرجة أنني كنت أتفادى الحديث معه بشتى الطرق، لكنه أبدا لم يفقد أعصابه معي من قبل ويهم بضربي..

لن أقول أن كلماته لي لم تكن عنيفة ومؤذية حد الألم، ولكن الأمر لم يصل لأن يرفع يده نحوي أو حتى يهددني بضربة أو صفعة.. فلماذا يفعل هذا مع حازم؟ ولماذا يقبل الأخير هذا الأمر؟

ربما.. ربما أنا كنت مطيعة للغاية فلم يجد دافعا بعد..
ماذا؟

لا أحب اتجاه تلك الفكرة أبدا.. هذا لم يعد عصفا ذهنيا.. بل عذابا عقليا..

لأعود لمدار التفكير الأول..
أبي وحازم..

أنا أعلم أن علاقتهما تعود لسنوات ماضية وربما فعلا كان هو الشخص الذي قابلته بمرحلة الإعدادية داخل مكتب أبي..

وحازم يعتبر الآن بمثابة كاتم الأسرار الخاص بوالدي والحارس الأول لإمبراطوريته التجارية الضخمة. ولا أبالغ إذا قلت أنه قد يكون الوريث الفعلي لوالدي لإدارة شركته في المستقبل..

فهو من يديرها بمفرده لسنوات.. وأنا لا أهتم سوى بالتفوق كطبيبة.

ولكن هل كل هذه الدوافع تكفي لأن يسمح شاب ناضج لرجل يكبره بعدة سنوات أن يضربه بشكل مؤلم بهذه الطريقة المهينة وكأنه ما زال طفلا صغيرا مشاكسا يحتاج للتهذيب بأقسى الطرق؟

خاصة إذا كان بطلا رياضيا ويتمتع ببنية عضلية قوية.. ربما أقوى كثيرا حتى من أبي نفسه..

هذه النقطة تحديدا هي الأكثر إرباكا بين كل الأمور الغامضة..

كنت قد استغليت الأيام الماضية في جمع كل ما أستطيع من معلومات حول علاقة حازم بوالدي..

حاولت أن استكشف متى بدأ أبي يعتمد عليه كليا بهذه الطريقة.. لكنني لم أتوصل لشئ مفيد، كما أن حازم نفسه كان مشغولا خلال الأيام الماضية ولم يفد لبيتنا إلا نادرا ولم تكن هناك فرصة لكي أتحدث معه..

وحتى إذا جاءت الفرصة، كيف سأساله؟ عما سأساله؟ الأمور محيرة وغامضة.. وأنا يقتلني الفضول..

يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 06:25 PM   #97

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

انتهيت من إعادة ترتيب غرفتي بعد النبش لساعات في دفاتري القديمة بلا نتيجة حقيقية، ثم فتحت جهاز اللابتوب الخاص بي، وولجت إلى مدونتي أكتب مقالا جديدا..

في الحقيقة.. الكتابة هي ثاني أحب الهوايات إلى قلبي بعد الركض، فكلاهما يساعدني على الاسترخاء والتخلص من التشتت والطاقة السلبية، ويجعلانني أعيد تنظيم الأفكار بعقلي بانسيابة ومنطقية..

كان مقالي هذه المرة عن تبعات ما يحدث في الدولة الشقيقة من تغيرات سياسية لم تكن متوقعة أبدا حتى بين أكثر الحالمين والمتفائلين، وتطرقت في تحليلي لتلك التطورات إلى تأثير ذلك على الأوضاع التي تتصاعد بشكل حثيث هنا في مصر، كما ألقيت الضور على خطة النظام المحتملة لتشتيت تلك المظاهرات قبل حدوثها فعليا خاصة مع الدعوة الصريحة التي أطلقتها بعض الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي للتظاهر يوم الثلاثاء 25 يناير للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية.

لم يمض على نشر التدوينة أكثر من 10 دقائق قبل أن يأتيني صوت التنبيه على وجود إشعار بتعليق جديد، فضغطت على رابط التعليق لأجده ذلك الشخص مجددا..

ذلك المستفز الذي يعلق دائما بشكل سلبي وسوداوي ويائس.. إنه يسخر مني دائما ويفند كل ما أنشره بنوع من التسلية.. لولا أنه شخصا مجهولا التصق بي كالعلقة عبر الفضاء الإلكتروني لظننت أنه أحد المطاردين..

هو فقط يكتفي بتذييل ردوده بتعليق يحمل اسمه في عالم التدوين "الشبح الأسود".

رغم أن أسلوبه فظ وكلماته ساخرة تصل لحد الوقاحة، إلا أنه للحق يمتلك دراية سياسية مقبولة، ربما يصيبني بالحنق بهذا الشكل لأنه لا يتفق أبدا مع أيا مما يكتبه، ويحرص فقط على تذييل ردوده بتوقيعه حتى يخبرني في كل مرة أنه هو نفس الشخص المغيظ..

وكأنه يستمتع بالتقليل مني والسخرية من تحليلاتي..

لم أقل يوما أنني خبيرة استراتيجية أو أنني أدرس السياسة بشكل أكاديمي.. ولكنني أؤمن أن كل من يعرض رأيه بطريقة منطقية ومرتبة ومهذبة يستحق أن يتم الاستماع إليه دون سخرية..

لقد كتب المستفز هذه المرة تعليقا عصبيا للغاية يطالبني فيه بالتخلي عن هذه الأفكار الثورية مؤكدا أن تطلعاتي وغيري من الشباب لتحقيق تغيير ملموس في قطاعات السياسة والاقتصاد والحريات الاجتماعية هي مجرد أوهام لن تجد لها صدى فعليا في الشارع بين المواطنين الذين ينشغل أغلبهم بالسعي وراء لقمة العيش فلا ينظروا حتى تحت أقدامهم ليطّلعوا على ما يحدث في بلادهم، قائلا إنه لن يتغير شيء في مصر حتى بعد مائة عام، وأنهى رده بالسخرية مني ووصفني بأني "أؤذن في مالطا".

يا لتشبيهاته السخيفة.

يبدو لي كمراهق تافه يحاول لفت الانتباه.

أنا واثقة أن التغيير قادم لا محالة حتى وإن لم يكن كليا شاملا..

نحن راضون بأية مكاسب سنحصدها من الخروج يوم الخامس والعشرين..

لقد صبر المصريون عشرات الأعوام على أوضاع خانقة تتردى من سيء إلى أسوأ.. والآن حان الوقت لخلخلة هذا الاستقرار الزائف وتطهير الوطن من رؤوس الفساد والتحرك بجدية نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي وإتاحة مزيد من الحريات وتغيير القوانين الغاشمة التي يرزح المواطنون تحت وطأتها لسنوات دون أن تفلح تماما في القضاء على بؤر الإرهاب وصانعيه.

ما الذي ينتظره الناس بعد حتى يطالبون بالإصلاح والتغيير؟

إن كانوا بالفعل لا يرون تحت أقدامهم، فواجبنا نحن الشباب أن نشير لهم حول أماكن الخلل، فالكبار قد يخطئوا أحيانا.. ونحن لا نريد إقصائهم عن المشاركة، لكنهم هم الذين يتشبثون بالاستقرار المقيت حتى وإن كان مجرد رقود فوق بركة من العفن..

إذا فشل الأمر هذه المرة، فربما يكون المصريون بالفعل قد ورثوا الخنوع من أجدادهم واستسلموا للفراعنة الجدد ولم تعد لديهم الرغبة في الوقوف أمام المستبدين..

يا الله.. انصر الحق..

إذا لم تتغير الأحوال قريبا فإن هذا الوطن سيتجه نحو كارثة لا محالة.

أغلقت اللابتوب، وتوجهت لتغيير ملابسي المنزلية بأخرى رياضية للقيام بتمرينات الجري في حديقة المنزل، فرغم المجهود البدني الشاق الذي بذلته في الساعات الماضية، إلا أن الطاقة السلبية عادت لتغلف روحي من جديد، ولا يمكن إخراجها إلا بجولة منهكة من الجري لساعة ونصف على الأقل.

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

في المساء تناولت وجبة خفيفة على عجل داخل المطبخ برفقة ماما سناء التي أعدت بعض مخبوزات السمبوسك مع المخللات..

كانت تريد إعداد فاهيتا الدجاج أيضا ولكنني رفضت لأنني أشعر بعدم رغبة في تناول الكثير من الطعام لأن معدتي مضطربة قليلا..

تجاذبت معها أطراف الحديث، فسألتها بنبرة محايدة: "ماما.. هل سمعت شيئا بخصوص المظاهرات المزمع إقامتها يوم 25 يناير الجاري للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية".

ضربت ماما سناء شوكتها في واحدة من وحدات السمبوسك، ثم نظرت لي وهي ترفعها نحو فمها: "مظاهرات؟ لماذا؟ لا.. لم أسمع شيئا"، ثم أخذت تأكل باستمتاع وكأنها تدلل نفسها بتلك الوجبة اللذيذة.

أجبتها مفسرة: "يا ماما مظاهرات من أجل رفض مشروع التوريث.. فالمواطنون ضاقوا من حكم رجل واحد للوطن لأكثر من 30 عاما، ثم قرر فجأة الزج بابنه كوريث له على سدة الحكم وكأن دولتنا ملكية تقوم على نظام الوراثة في الحكم بأن يخلف الابن والده في ترتيب ولاية العرش".

علقت هي بعدم اكتراث: "يا ابنتي.. هذا الشعب لن يهتم أبدا بأحوال السياسة، ولا يفهم فيها حتى.. كل ما يشغله فقط هو العمل من أجل توفير نفقاته واحتياجاته وكذلك استقرار الأحوال في البلاد التي قد أنهكتها الحروب لسنوات.. وبدأت فقط تعرف طريق الاستقرار والتنمية في السنوات الأخيرة..".

جاء ردي هذه المرة حماسيا: "ولهذا سنقوم بثورة شعبية لتغيير ذلك الوضع وننقل البلاد نحو طريق الديمقراطية الحقيقية".

أجابت ماما سناء بسخرية: "ثورة؟ من يثور يا ابنتي؟ وضد من؟ هذا الشعب لم يكن يعترف أساسا أن الشتاء قد حل، وإن أمطرت السماء سيولا، قبل أن يشاهدوا بأعينهم رجال المرور يرتدون ملابسهم السوداء الصوفية ذات الأكمام الطويلة.. فالشعب تعوّد على ألا يخطو خطوة واحدة دون أن تحددها له الحكومة أو تمنحه مباركتها مسبقا.. دعك من هذه الأمور.. مجرد فورة غضب ستنتهي مثل سابقاتها.. بلا نتيجة مؤثرة".

أصابتني كلماتها بحالة من الإحباط، فالحقيقة ما قالته من كلمات يمثل آراء شريحة كبيرة من سكان هذا الوطن..
حتى هو.. الشبح الأسود..

هو يظن أيضا أنه لا طائل أبدا من وراء تلك التظاهرات، ويطالبني تارة بالتدوين عن المكياج والطهي.. وتارة بالانتباه لعملي وحياتي وعدم الاضطلاع بعالم السياسة والانخراط فيه.

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

أنهيت عشائي سريعا بعد أن فتر عزمي قليلا بعد كلمات ماما سناء، فصعدت إلى غرفتي من جديد وبدأت أجهز حقيبتي وأغراضي للتوجه للمستشفى استعدادا لدوام مسائي جديد سأقضي من خلاله الليلة كاملة في المستشفى.

في تلك الأثناء، رن جرس هاتفي المحمول بالنغمة التي أخصصها لحنان التي صاحت ما أن ضغطت على زر فتح المكالمة قبل حتى أن ألقي عليها التحية: "اسمعي.. لا تأخذي طعاما من السيدة سناء.. الليلة العشاء عندي.. لقد حضر بعض أخوالي وزوجاتهم من البلدة محملين بأطعمة شهية.. سأحضر معي بط محمر وفطير مشلتت وسنفترش الاستراحة ونستمتع بأكلة شهية من خيرات البلد".

كانت حنان تتحدث بعجلة ووضح من صوتها أنها تتصنع المرح والابتهاج، فسألتها بإصرار: " اعترفي بما يضايقك يا فتاة.. هل ضايقك أخوالك بتعليقاتهم المستفزة من جديد؟".

أفلتت حنان زمام ضيقها وصاحت بغضب: " يريدونني أن أتزوج بنهاية العام الدراسي الجاري. يقولون بعد أن أحصل على شهادتي الجامعية، يجب أن أؤسس بيتي لأكون في عصمة رجل وأن أطلب تكليفي في محافظتنا، وأخبروني أنه عندما ينتهي التكليف سيؤسسون لي عيادة هناك. هكذا خططوا حياتي كلها نيابة عني دون حتى استشارتي، وكأنني لست كائنا عاقلا له حرية التفكير واتخاذ القرار فيما يتعلق بمستقبله الخاص".

مشكلة حنان أنها لطيفة للغاية ولا تحب إغضاب أحد، حتى أنها كادت تضحي بحلمها بدراسة الطب لولا أن والدها المرحوم قد شدد في وصيته على أن تكمل دراستها في العاصمة كما تريد، فاضطر أقاربها على الانصياع لرغبته والموافقة على سفرها بصحبة شقيقها الأصغر ووالدتها إلى العاصمة، خاصة بعد أن رفضت الأخيرة الزواج مجددا.

أخذت نفسا طويلا ثم زفرت ببطء، وأجبتها: "حنان.. ما زال الوقت مبكرا لمناقشة هذا الأمر، أمامنا عام الامتياز كاملا.. وبعدها سنرى أين سيتم تكليفنا.. ربما.. ربما وقع أحدهم في حبك يا باربي الجنوب اللطيفة، ووقتها ستعيشين هنا مع زوجك ولكن يشعر أقاربك بالقلق عليك لإقامتك هنا برفقة والدتك وشقيقك الصغير".

ردت حنان بخفوت: "أي زواج يا فتاة.. وهل أسمح أنا لأحد بالاقتراب مني من الأساس؟ ثم من سينجذب لفتاة جنوبية سمراء لا تميل للغنج والدلال.. وتركز فقط في دراستها".

أجبتها بحدة: "الآن تتصرفين كحمقاء حقيقية وتبخسين نفسك قيمتها.. والله أني لا أجاملك حين أقول أنك باربي، لأن قسمات وجهك لها جمالها الخاص، وملامحك التي تمزج بين البراءة والأنوثة قادرة على أن تطيح بتعقل أي رجل دون أي مجهود من جانبك.. فقط عليه أن يكون شجاعا بشكلٍ كافٍ لكي يراكِ كما أنتِ، أضيفي إلى ذلك أن شخصيتك التي هي شعلة من الحيوية والطاقة الإيجابية ستجعل علاقتكما خالية من الملل والرتابة.. فقط ثقي بنفسك.. وعندما تتاح لك الفرصة للتعرف على أحدهم، لا تخجلي من التعبير عن نفسك بعفوية وصدق.. وأنا أكيدة أنك ستذيبين أية رباطة جأش يتحلى بها العريس المنتظر".

علقت حنان بمرحها المعتاد: "ما كل هذا يا دكتورة شروق؟ هل ستتخلين عن الطب وتتحولين إلى مذيعة ببرنامج (أنا والنجوم وهواك) مع أسامة منير؟ هذا ما أخذناه من السوشيال ميديا.. ألست تحلمين يا فتاة بأن تكوني جراحة ماهرة للأطفال؟".

أجبتها بمزح: "ما المشكلة؟ أنا جميلة ولطيفة وأنيقة.. لماذا لا أصبح مذيعة شهيرة وناجحة وأترك لك الطب يا طبيبة العظام الناجحة مستقبلا.. بلا زواج بلا صداع".

أنهينا المكالمة بتبادل الضحكات مع وعد بلقاء قريب بمكاننا المفضل داخل المستشفى..
استراحة الأطباء

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

كنت في طريقي إلى البوابة الداخلية للمنزل، وفتحت الباب لأصطدم بباب صلب آخر.. ولم يكن هذا الباب سوى حازم الذي نظر إليّ من علو بابتسامة جانبية رتيبة، ثم استعاد وجهه هيئته الصارمة في ثوانٍ وقال: "مرحبا آنسة شروق.. عذرا لم أقصد الاصطدام بكِ"، فقلت بتعجل: "لم يحدث شيء لا تقلق.. بعد إذنك"، وأشرت إليه لكي يتحرك بعيدا عن الباب ويعطيني حيزا لأمر منه في طريقي للخارج..

تحرك حازم جانبا وهو يشير لي بالانتظار قليلا، ثم رفع الهاتف المحمول الذي كان يمسكه بيده على الأرجح عندما اصطدم وقال لمن يحدثه على الطرف الآخر: "انتظرني يا خالد قليلا.. سأعاود الاتصال بك لاحقا".

أمسك بالهاتف مقربا الشاشة من وجهه، وكأنه يبحث عن شيء، ثم تحدث موجها الكلام لي دون أن ينظر نحوي: "دكتورة شروق.. أقترح أن تسجلي رقم شركة صيانة السيارات وقطرها كي تتصلي بها لطلب المساعدة إذا تكرر الموقف الذي تعرضتِ له منذ أيام أعلى الجسر.. فلا نضمن أن يكون أحدهم قادرا على مساعدتك في ذلك الوقت".

أخبرته باستعجال: "فكرة جيدة.. رجاء قم بتلقيني الرقم لأسجله سريعا قبل أن أتوجه للمستشفى".

رفع حازم ناظريه نحوي بنظرة غير مفهومة، ثم أعاد النظر للهاتف، وأخذ يمليني الرقم وبعد أن تأكد من تسجيلي له بشكل صحيح، أشار لي بالتحرك إلى خارج باب الفيلا، ثم أغلقه خلفي بهدوء..

توجهت إلى سيارتي عابسة بلا سبب محدد، لكنني تداركت الأمر واستعدت ابتسامتي مجددا بعد جلوسي على مقعد القيادة، وذلك عندما لاحظت مع إدارة المحرك كيف عادت جديدة بعد أن أرسلها حازم إلى شركة الصيانة لتغيير الزيت والكشف عليها بالكامل.

لأكون صادقة ، تحسن مزاجي قليلا بسبب هذه الذكرى، فأنا نادرا ما أطلب من أحد المساعدة، خاصة إذا كان شخصا لا تربطني به صلة مباشرة.. وبالتالي كان تصرفه لمسة إنسانية راقية خاصة وأنه لم يكن مجبرا على مساعدتي..

كان من الممكن بكل بساطة أن يتجاهل رؤيته لي ويكمل طريقه بلا منغصات إضافية يتسبب له بها أحد أفراد عائلة عماد الدين.

كما أن إصراره الآن على أن أسجل هاتف شركة الصيانة بغرض الحصول على المساعدة الفورية إذا تكرر الأمر هو لمسة إنسانية لطيفة من جانبه..

إذًا لماذا يتشارك الجنون غير المفسر مع والدي؟

خرجت من شرودي بتلك الفكرة بعد أن حركت أصابعي عفويا نحو لوحة التابلوه وقمت بتشغيل الراديو على إذاعة الأغاني لأستمع لبعض الأغنيات القديمة أثناء انشغالي بقيادة السيارة في طريقي إلى المستشفى.

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

كانت ليلتي بالمستشفى هادئة بلا أي صخب أو مهام مرهقة، بدأتها بالوجبة اللذيذة مع حنان وشاركتنا بها بعض زميلاتنا، ثم قررت أن أمضي أغلب الوقت في المذاكرة بدلا من مخالطة المرضى بشكل مباشر كونهم كانوا نائمين في سلام وراحة ولم يكونوا بحاجة فعلية للمتابعة، وعندما حل الصباح كنت جاهزة بالفعل للعودة للمنزل.

كانت تلك واحدة من أسهل نوبات العمل بالنسبة لي على الإطلاق..

حتى حنان استعادت إيجابيتها وتجنبت التفكير في تلميحات أقاربها حول مستقبلها العائلي، واقتنعت بأن عليها التركيز فقط حاليا في مستقبلها المهني..

عدت للمنزل بعد رحلة قيادة خفيفة لعدم وجود ازدحام مروري في ساعات الصباح الأولى..

فور أن دلفت إلى المطبخ، استقبلتني ماما سناء بحضن دافئ وطلبت مني أن أجلس على الطاولة حتى تقدم لي وجبة الإفطار.

تفضل ماما سناء التواجد داخل مطبخها، وأنا بدوري تعودت على أن أمكث هنا برفقتها، فأنا لا أحب تناول الطعام في غرفة المائدة الضخمة بمفردي، خاصة وأنني قلما أحضر الوجبات الثلاثة برفقة والدي لاختلاف جدول كل منا، وبالتالي فإن هذا المطبخ هو المأوى لي أغلب أوقات فراغي ما لم أكن أذاكر أو أمارس الرياضة أو استقبل حنان.

وفي الحقيقة، أجواؤه تشعرني بحميمية عائلية أفتقدها كثيرا في أركان الفيلا الأخرى التي يغطيها الصقيع الذي ينضح من صاحبها كلما تحرك بداخلها..

أعدت لي ماما سناء وجبة إفطار شهية من عجة البيض بالخضراوات وخليط الجبن مع الكراوسون الطازج الذي تفوح منه رائحة الزبد الذائب، والذي تحرص على شرائه من مخبز شهير قريب كونها لا تجيد إعداده بطريقته الفرنسية الأصلية..

اكتملت مائدة الإفطار اللذيذ بطبق كبير من شرائح الفلفل الملون والبروكولي والأفوكادو بتتبيلة خاصة بها تمنح الطبق نكهة رائعة..

لا أعرف كيف ومتى تعلمت هي كل تلك الوصفات، لكنها للحق تعد طعاما يسيل له اللعاب بكل تأكيد..

كما أنها تحب تدليلي بالطعام.. وأنا لا أعترض أبدا..

ولهذا أصبح الركض جزء من روتين حياتي اليومية وإلا لكان قوامي قد صار الآن متوازي مستطيلات..

كنت أتناول وجبتي باستمتاع حقيقي، وتشاركني ماما سناء بقصصها المضحكة قبل أن يدلف حازم إلى داخل الغرفة قادما من بوابة المنزل مباشرة..

نظر لي مطولا، ثم أشاح ببصره تجاه ماما سناء ملقيا تحية الصباح بعمومية رتيبة قائلا: "صباح الخير.. عذرا مدام سناء.. هل لك أن تعدي لي فنجانا من القهوة.. رأسي يؤلمني بشدة.. ولا أظن أنني أستطيع العمل وأنا في هذه الحالة.. ولدي اجتماعا مطولا مع السيد رحيم بعد قليل، وبعدها سنذهب للشركة لمقابل الشريك الأجنبي".

عاجلته ماما سناء بردها المتعاطف: "حسنا يا بني.. اجلس هنا قليلا.. وسأصنع لك القهوة.. ولكن أنصحك ألا تشربها هكذا على معدة فارغة.. تناول بعضا من عجة البيض برفقة شوشو.. أنا صنعت كمية كافية"..

شرع حازم يرفض تناول الطعام معي ووجهه يخلو من أي تعبير، فقاطعته ماما سناء مجددا بقولها الحاسم: "متأكدة أنك لن ترفض طلبي.. اجلس يابني.. ستكون القهوة جاهزة في دقائق".

جلس حازم أمامي مطرقا رأسه كي يتجنب النظر نحوي على ما يبدو، ثم رفع كفه الأيسر يسند به جانب رأسه الذي ينبض بحدة على ما يبدو، بينما أمسك شوكة في يده اليمنى والتقط بها قطعة من عجة البيض ليضعها في فمه بآلية وهو ما يزال يتحاشى تلاقي أعيننا..

بدا على وجهه أنه يقاوم ألما شديدا بينما يمضع الطعام.. فقمت من مجلسي وتوجهت إلى أحد الأدراج التي أحتفظ فيها ببعض الأدوية والعقاقير المسكنة، وأحضرت له حبوب "باي بروفينيد" المسكنة للصداع وآلام الرأس.

ناولته شريط الأقراص مع كوب من عصير البرتقال الطازج، وقلت له بابتسامة: "خذ قرصين من هذا المسكن، فهو سريع المفعول.. بعد أن تكمل إفطارك بالطبع"، ليأتيني رده بخفوت بهمهمات لم ألتقطها، ولكن أظنه كان يشكرني.

عدت للجلوس في مقعدي وأكملت تناول طعامي وأنا أنظر باتجاهه من وقت لآخر لأتأكد من استمراره بتناول الطعام وشرب العصير قبل أن يبتلع حبوب الدواء.

جاءت ماما سناء بفنجان القهوة، فنهض حازم على الفور، وحمل الفنجان من يدها، وهو يقول: "سلمت يداكِ.. سأشربه في غرفة المكتب وأنا أنتظر السيد رحيم"، ثم نظر باتجاهي وقال بصوت مسموع هذه المرة: "شكرا على الدواء يا طبيبة"، وغادر الغرفة بخطوات غير مسموعة وكأنه يطفو فوق أرضية المنزل لا يطأها بقدميه مع كل خطوة..

لا أعلم لماذا حيرتني كلمته الأخيرة وذكرتني بذلك المختل الذي يغيظني دائما بتعليقاته السخيفة على مدونتي.

يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 06:32 PM   #98

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

بعد انتهائي من تناول الطعام، توجهت لغرفتي للحصول على قسطٍ مستحقٍ من الراحة.. فأخذت حماما سريعا وتهاويت على الفراش مرحبة بنوم عميق بلا أحلام..

لم أشعر بنفسي إلا مع قدوم المساء.. ذهبت للاغتسال والوضوء وأديت الصلوات التي فاتتني بسبب النوم، ثم نزلت لأنفذ جانبا جديدا من خطتي التي بدأتها في الأيام الماضية..

ذهبت إلى غرفة المكتبة الصغيرة المجاورة لغرفة مكتب أبي وتسمرت أمام النافذة أحاول استراق السمع لما يدور داخل الحجرة.. أعلم أن طريقتي ليست أخلاقية تماما، ولكن أنا مضطرة..

فمراقبتي لأبي ولمساعده طوال الأيام الماضية لم تكن مفيدة على الإطلاق.. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي قد تجعلني أستخلص بعض المعلومات.

في البداية لم أسمع أي شيء – تماما مثل الأيام الماضية – وكدت أهم بالمغادرة والعودة لغرفتي قبل أن أسمع صوت حركة في غرفة المكتب، وأبي يتحدث مع شخص ما، كنت أظنه يتحدث هاتفيا مع أحدهم قبل أن يتدخل في المحادثة صوت آخر..

لم يكن صاحب هذا الصوت سوى مساعده حازم، حيث كانت تدور بينهما المحادثة بخفوت قبل أن يعلو أصواتهما شيئا فشيئا.

قال أبي بعصبية واضحة: "لقد تعطل كل شيء بسبب ما يحدث في بلد الشريك الأجنبي من اضطرابات شعبية.. يا لسوء الحظ.. هل كان على ذلك الحاكم مغادرة بلاده بهذا الشكل وترك فراغ سياسي يحتاج لأشهر قبل حل الأمر بطريقة قانونية؟ ومنذ متى ينصاع حاكم في نطاقنا الإقليمي لطلبات شعبه؟ ذلك الرجل الضعيف.. آه لو كنت مكانه.. كنت تخلصت من كل الغوغاء بساعة واحدة.. هؤلاء الأغبياء الذين لا يفهمون كيف تدار الحكومات.. كيف فشل في احتواء الأمر حتى ساءت الأمور بهذا الشكل؟"..

بعدها جاء صوت حازم وهو يرد بكلمات يغلبها البرود: "لا بأس.. لا يهم الآن كيف ساءت الأمور.. ما يهمنا كيف سنستكمل صفقاتنا خلال الفترة المقبلة؟ ربما علينا التحدث مباشرة مع الممول الإسباني ونستثني الشريك العربي وإلا ستتعطل جميع أعمالنا.. نشتري المواد الخام منه مباشرة، وعندما تستقر الأمور نعاود العمل مع الشريك العربي بشروط جديدة".

توقف حازم لبرهة ثم أكمل: "في الحقيقة لا أميل إلى فكرة تأجيل استجلاب المواد الخام الآن، فالأمور هنا ليست مطمئنة على الإطلاق..
وعلينا أن ننتهي من التصاريح المطلوبة قبل أن يحدث أمر مماثل هنا لما يحدث بالدولة الشقيقة، فجميع تحليلات خبراء السياسة تشير لما يُسمى (تأثير الدومينو) متوقعين حدوث تغيرات سياسية في بعض دول المنطقة ومن بينها مصر، على غرار ما حدث في دولة شريكنا.. فيما يطلقون عليه الربيع العربي".

لم أتوقع أن حازم يتابع أحوال السياسة عن كثب بهذا الشكل.. ولكن يبدو فعليا أن السياسة تصاحب الاقتصاد ولا يمكن أن ينفصل أيا منهما عن الآخر.

رد أبي بصوت يغلفه الغرور: " لا تقلق.. لن تحدث مثل هذه الأمور أبدا في مصر.. حكومتنا ليست بهذا الغباء.. والشرطة ستضرب بيد من حديد على رأس كل من يخرجون عن النظام.. الآن عليك أن تبدأ في مخاطبة الممول الإسباني.. وتحسبا لرفضه التعاون معنا.. قم بفتح قناة اتصال أيضا مع ذلك المستثمر الآسيوي.. فربما نحتاج لتعاونه في مرحلة ما".

سكت أبي قليلا ثم أكمل بنبرة جدية: "حازم.. أنا أترك الأمور بيدك.. ولا أسمح بأي خطأ.. سأحملك المسئولية كاملة"، ثم تغيرت طريقته لتتغلف بطبقة سميكة من الغطرسة وهو يقول: "انصرف الآن.. وقتك انتهى".

بعدها سمعت صوت فتح الباب وإغلاقه مجددا، ففهمت أن حازم قد غادر، وكنت سأرحل أنا الأخرى، لكن استوقفني صوت والدي وهو يتحدث مجددا لشخص خفي.. ربما كان يُجري مكالمة عبر هاتفه المحمول.

بدأ أبي المحادثة بقوله: "مرحبا يا سيدي.. معك رحيم عماد الدين.. لا تقلق كل شيء سيسير كما خططنا له.. حازم الأحمق كان يحاول عرقلة بعض القرارات في الأيام الماضية ولكنني متأكدا من انصياعه التام لكل ما نريده الآن.. انتظر مني أخبارا رائعة في الأيام المقبلة.. الآن عليّ المغادرة إلى شرم الشيخ لحضور افتتاح قرية سياحية جديدة أنشأها رجل أعمال جديد بزغ على السطح في الآونة الأخيرة وأريد أن أتقرب منه وأن أضمه لتكتلنا الاقتصادي حتى يكون جزءا من مشروعنا الاقتصادي الضخم في الفترة المقبلة.. أستأذنك للرحيل الآن حتى ألحق بالطائرة"، ثم سمعت أبي يغادر الغرفة.

في لحظة شجاعة مفاجئة، قررت أن أتسلل إلى الغرفة وأفتش بمحتوياتها..
ربما أستطيع العثور على شيء بداخلها..

دلفت إلى داخل الغرفة بخطوات مسرعة دون إحداث صوت، وبدأت أعبث بين أركانها بشيء من الحذر بحثا عن أي شيء يكشف طبيعة مشروعات أبي التي تحدث عنها عبر الهاتف والتي كان حازم يرفض المشاركة بها كما سمعت.. ربما كان هذا سبب اعتداء أبي عليه بالضرب!!

تُرى ما الذي يدفعه لمخالفة أبي فيما يخص العمل.. هل تلك المشروعات بها أية شبهة غير قانونية أم أنها مجرد خلافات تخص تنظيم العمل وتوقيت تنفيذها ومدى توافر سيولة وخامات لازمة.

كنت أفتش بنوع من الرعونة بين الأوراق والوثائق المتناثرة على سطح المكتب لأنه ليس متاحا أمامي وقتا طويلا حتى أفتش بهدوء..

أخذ البحث بعض الوقت، ولكن كانت نتيجته قاصرة للغاية.. للأسف لم أجد شيئا مفيدا..

شرعت بالمغادرة عندما اندفع الباب فجأة، ثم مرت منه عاصفة مرعبة بعينين متقدتين تشيان بالكثير من الحقد والغضب..

كان هذا أبي بالطبع، ومن غيره يرمقني بتلك النظرات السوداء.

قبل أن أحاول التماسك والتخلص من الصدمة، باغتني أبي بسؤال ينفث غضبا: "ماذا تفعلين هنا؟ هل سمحت لكِ بالدخول؟"..

حاولت أن أخفي ارتباكي الشديد خلف ابتسامة باهتة، وأجبت بشكل ظننته مقنعا: "كنت أبحث عن وثائقي الرسمية.. فأنا أريد الالتحاق بعمل تطوعي في منظمة اليونيسيف كما تعلم.. واليوم طلبوا مني إرسال نسخا من وثائقي الرسمية خاصة جواز السفر، وأتذكر أنك تحتفظ به هنا.. فهلا منحتني إياه؟"..

رمقني أبي بنظرة حادة، ثم زجرني بتعليق جارح، حيث قال: "لا أسمح لكِ بالعبث بأشيائي أبدا أيتها التافهة.. ماذا تريدين بعد يا ابنة التركية؟ هذه الغرفة خط أحمر بالنسبة لكِ.. لا أتوقع أن تجولي هكذا في المنزل كما يحلو لكِ ".

أخذ والدي نفسا بطيئا كي يهدئ من انفجاره قليلا بعد تغضنت وجنتاه بسبب انفعاله الشديد، ثم أكمل بنفس الوتيرة: "الزمي حدودكِ وتوقفي عن التصرف بأريحية أيتها الغليظة الحمقاء.. متى أتخلص منك؟ أنتظر ذلك اليوم بلهفة".

لسعتني كلماته القاسية كألسنة من اللهب.. ماذا فعلت له حتى يحدثني بهذه الطريقة؟ لماذا يجعلني أشعر دائما أنني عبئا لا يحتمل حتى مجرد النظر إليه؟ لماذا لا يعاملني كابنته يتيمة الأم التي تحتاج لحنان والدها؟
ما هذا الجفاء؟..

جثمت كل تلك المشاعر السلبية على صدري. ودون أي فرصة لأتحكم بها، انهمرت الدموع على وجنتي ونظرت إليه بعينين كسيرتين، وهمهمت بكلمات معتذرة وغادرت الغرفة على الفور قبل أن يضربني بسوط كلماته المؤلمة من جديد.

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

مرت بضعة أيام أخرى، وأنا أشغل نفسي طوال الوقت.. إما بعملي ودراستي أو بمتابعة أحوال البلد..

نعم!
ها أنا أعترف بالفشل..
لقد صرفت النظر عن الاهتمام بحازم وعلاقته الغريبة بوالدي.. لقد يئست تماما من محاولة العثور على أي طرف خيط يوصلني لمعلومة حقيقية..

ويبدو أن ذلك الــــــــــــــ حازم لا يعترض على ما يحدث معه، فلماذا أتدخل أنا نيابة عنه؟
هل سأتولى أنا حماية شاب طويل وعريض لا يريد أن يدافع عن نفسه؟

الآن كل ما يشغلني هو الدعوات للتظاهر في عدة ميادين في القاهرة وباقي المحافظات.. معظمها حول محيطات كورنيش النيل بطول البلاد.. وأهمها بالطبع في ميدان التحرير، قلب العاصمة المصرية..

أمضيت ليلة الخامس والعشرين من يناير بين مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، أطالع التعليقات وردود الافعال، وصدمني بشدة كم التعليقات المؤيدة للمظاهرات الاحتجاجية وتأكيد عشرات الآلاف من المغردين والنشطاء وحتى جموع الشباب المعروفين بعدم وجود اهتمامات سياسية لديهم، كلهم يعلنون عن استعدادهم للخروج في تلك المظاهرات.

أما أنا، فقد كنت أعد العدة بالفعل للمشاركة في المسيرة المنطلقة من شارع قصر النيل إلى قلب ميدان التحرير.

كنت قد سألت حنان أن ترافقني أيضا لكنها اعتذرت لأنها لا تظن أن هذه المسيرة ستنجح، موضحة أنها لا تريد التعرض للضرب والإهانة أو حتى التدافع خلال المسيرات، كما أنها اعتبرت أن تلك التظاهرات من شأنها ضرب الاستقرار، ومن الأفضل التعبير عن الرغبة في التغيير من خلال العزوف عن المشاركة الانتخابية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ووقتها سيعرف العالم أننا نرفض السلطة الحاكمة..

كم هي ساذجة..
تظن أن النظام لا يستطيع جمع عدد كافٍ من المصوتين المؤيدين لضمان المرور من أزمة الانتخابات الرئاسية المقبلة، حتى وإن كان مرشحها هو ابن الزعيم الذي برز اسمه على الساحة السياسية فجأة بالسنوات الأخيرة في إعلان صريح عن النية بدفعه ليرث والده على سدة الحكم..

ومع رفض حنان لمشاركتي المسير في إحدى المظاهرات، قررت الاتفاق مع عدد آخر من أصدقائي المدونين الذين أعلنوا عن مشاركتهم في احتشاد الغد، على اللقاء في مكان بداية المسيرة عقب صلاة الظهر، خاصة أن ذلك اليوم كان يوم راحة بالنسبة لي ولم يكن عليّ فيه التواجد في المستشفى.

وقبيل ظهيرة يوم 25 يناير، جهزت نفسي وتوضأت وارتديت ملابس عملية مريحة وحذاءً رياضيا وجهزت حقيبة ظهر صغيرة ببضعة أغراض ضرورية، كالماء والعصائر وبعض قوالب الشيكولاتة بالفول السوداني المشبعة إلى جانب حبوب مسكنة للآلام وبعض الشاش والقطن ومحلول البيتادين المطهر تحسبا لتعرضي أو أيا من المتواجدين حولي للإصابة.

في الموعد المحدد، غادرت المنزل بسيارتي ووصلت إلى ميدان عبد المنعم رياض، وقمت بصفها في الجراج الموجود أسفل جسر السادس من أكتوبر، ثم توجهت لمسجد عمر مكرم لأداء صلاة الظهر، ودعوت الله أن يكلل جهودنا بالنجاح وأن تتغير أحوال مصرنا للأفضل وأن يكون الغد مليئا بالآمال والأحلام التي سيمكن للأجيال القادمة العمل على تحقيقها بعد أن نمهد لهم الطريق الآن.

احتضنتني هالة من التفاؤل وأنا انطلق من مسجد عمر مكرم، المسمى تكريما لنقيب الأشراف الذي قاد المصريين ضد المستعمر في ثورة القاهرة الثانية عام 1800 ثم غادر مصر على عجل خوفا من بطش المحتل الغاصب، ليعود مجددا ويقود ثورة المصريين ضد الاحتلال البريطاني متمثلا في حملة فريزر عام 1807.

ربما يتحول نفس المكان رمزا لتغيير جذري جديد في تاريخ الشعب المصري بعد مرور قرنين من الزمان.

كنت على يقين أن الروح الثائرة للشيخ عمر مكرم ستساند المتظاهرين اليوم، خاصة بعد أن استقر الجميع على الهتاف من أجل "العيش" و "الحرية" و "العدالة الإجتماعية"، فهذه أبسط الاحتياجات الإنسانية للعيش بكرامة وبالتالي العمل بجدية نحو تقدم الوطن.

سرت نحو التجمع الخاص بالمسيرة، وشعرت برعشة تسير في جسدي بعد أن رأيت كمية سيارات الأمن المركزي المصفحة الضخمة التي تنتشر بالأرجاء..

ما الداعي لكل هذا التواجد الأمني المخيف؟ نحن فقط سنقوم بمسيرتنا وننادي ببعض الهتافات المعبرة عن مطالبنا المشروعة ثم سنتفرق مرة أخرى لنعود لمنازلنا.

استعذت بالله من الشيطان لأطرد شعور الخوف الذي ألقى ظلاله على صدري، ثم تحركت صوب المكان الذي اتفقت مع أصدقائي المدونين على مقابلتهم به..

رويدا رويدا بدأت المسيرة تكبر وانضم إليها الكثير من الشباب بعد أن صار الهتاف يعلو من الشباب "يا أهالينا انضموا لينا" ليستجيب البعض بالفعل من المواطنين المارين بالقرب من المسيرات..

اتجهت المسيرة بهدوء وانسيابية صوب ميدان التحرير ومع الوقت كانت الأعداد في تزايد مستمر، ولكن عندما اقتربنا بالفعل من مداخل الميدان.. تغيرت الأمور تماما وبشكل تصعيدي عنيف لم نضعه في اعتبارنا.

فقد علت أصوات من بعض قادة المسيرات ممن ينتمون إلى جماعات سياسية معارضة لتطالب بالاعتصام في قلب ميدان التحرير، وهو ما جعل رجال الشرطة المرابطون في المكان لحماية المنشآت الحكومية الحيوية المتواجدة هناك مثل مبنى وزارة الخارجية ومجلسي الشعب والشورى ومجمع التحرير يحاولون إثناء المتظاهرين عن الاعتصام، مؤكدين أنهم قد سمحوا لهم بالتظاهر بحرية وأمان كما طلبوا عند استخراج تصاريح التظاهر، ولكن الاعتصام قد يضر بتلك المنشآت ولم توافق السلطات عليه..

وعندما أصر البعض على تنفيذ فكرتهم، اشتعلت الأمور فجأة، وبدأت الشرطة تطارد المتظاهرين بخراطيم الماء وقنابل الغاز، مما أدى لحدوث تدافع وفوضى كبيرة بعد أن تفرق المتظاهرون وتشتت نظامهم بالكامل..

سادت الاضطرابات كل مكان وانفرط نظام المسيرة، وصار كل فرد يحاول النجاة بنفسه بينما دخل آخرون في مواجهات مع رجال الأمن الذين صاروا يلقون القبض على من يرفض الرحيل ويثير الشغب بمحاولة الاعتداء عليه وسرقة هراواتهم أو دروعهم الواقية..

كانت الفوضى من حولي تشل العقل، وبقيت عاجزة عن التصرف بشكل منطقي وسط حالة الجنون المحيطة بي، فتبعت الكثيرين بالجري نحو أحد الأماكن للاحتماء بها..

ولأنني أجيد الجري، تمكنت من الإفلات بنجاح من الخطر في كثير من المواقف، أخذت أركض بسرعة محاولة الاختباء قليلا لالتقاط الأنفاس، وفي نيتي التوجه لسيارتي من أجل العودة للمنزل بأمان عندما تتحسن الأجواء بعد قليل وتنتهي الصدامات المشتعلة بين رجال الأمن والمتظاهرين.

قادتني قدماي نحو بناية عالية بالقرب من السفارة الأمريكية، كانت هذه البناية هي "كايرو سنتر" المتاخمة لأحد البنوك والمواجهة لمجمع التحرير من جهة ولمجلس الشورى من الجهة الأخرى، حيث تقع عند نهاية شارع القصر العيني.

بالقرب من بوابة البناية، هاجمتني بعض الأصوات التي جعلت نبضات قلبي تفقد اتزانها لثوانٍ، لتعود للخفقان بقوة متسارعة تعبيرا عن حالة الذعر التي سيطرت عليّ بالكامل لهول ما شاهدته عندما اقتربت من البوابة لألقي نظرة على ما يحدث بالداخل.

كان اثنان من رجال الأمن يمسكان بشاب بدا في الثلاثين من عمره من كتفيه – كل واحد منهما يقبض عليه بيد واحدة من جهة – ويكيلان له اللكمات في بطنه باليد الأخرى لكل منهما، والشاب يبدو في حالة إعياء شديدة وعاجز تماما عن المقاومة..

في الحقيقة لم أعرف سبب احتدام الوضع بهذا الشكل، فلم أشاهد ما حدث من البداية، لكن كان لابد من أن أقوم بأي رد فعل لأمنع فاجعة محتملة.

لم أشعر بهول ما فعلت إلا بعد أن نظر رجليّ الأمن نحوي بزوجين من العيون يستشيطان غضبا.. وذلك بعد أن كنت أنا قد صرخت فيهما دون أن أشعر: "كفى.. الرجل سيموت بين أيديكما.. ما الذي فعله لكما ليستحق ذلك؟ توقفا عن تلك الهمجية"..

يبدو أن ما قلته قد استوقفهما تماما وجعلهما ينصرفان تماما عن فريستهما التي فقدت قوتها بالكامل ليتوجها نحو فريسة جديدة، دفعتهما بفمها المتسرع دفعا لاقتناصها وإفراغ غضبهما من توتر الأوضاع عليها..
وهذه الفريسة هي أنا.

فقد انطلقا نحوي بقوة وسرعة، مستغلين تسلل الخوف إلى ساقيّ اللتين حاولتا أن تركبا الريح وتهربان من المصير المحتوم، غير أن حالة الرعب المسيطرة عليّ أثرتا تماما على ما تبقى من قوتي، فلحقا هما بي وأمسكا بذراعيّ يسحباني خلفهما بقسوة، ليعودا بي من جديد إلى داخل بهو البناية.

في البداية دفعني أحدهما إلى إحدى الأركان التي كانت تزينها مزهرية ضخمة اصطدمت بظهري بشدة لأسقط على الأرض، وقبل أن أحاول الاعتدال أو التقاط أنفاسي، شعرت بأقدام تركلني بعنف على ظهري وبطني وأنا أتلوى من الألم وأحاول حماية وجهي ورأسي..

من بعيد، كنت أستمع لصوت صراخ أحدهما: "أنتم تريدون تخريب البلد.. طالبتم بحق التظاهر وسُمح لكم به والآن تريدون إحداث حالة من الشغب والفوضى"..

الآن فقط شعرت بأن كل شيء انتهى قبل أن يبدأ..

كانت الآلام تسيطر على جسمي بالكامل وكأنني أسبح في بحر من النيران الذائبة الملتهبة أو أسقط في قاع بركان يغلي ويستعد للانفجار..

سأموت.. حتما سأموت هنا..
سأموت في اللحظات القادمة..

لم يكن عقلي يفكر سوى في الموت.. وفي النهاية المأساوية ليوم ظننته سيحمل لي ولأبناء وطني الكثير من الأمل.. ولكن على ما يبدو جاءت النهاية أسرع كثيرا مما أظن!

نهاية الفصل
دمتم بود وحب وسعادة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 07:16 PM   #99

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 26 ( الأعضاء 5 والزوار 21)
‏مروة سالم, ‏سرى النجود, ‏Maryoma zahra+, ‏أَسْماء, ‏ايدا بولت+


رضا :heeheeh:


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 08:40 PM   #100

شيرى رفعت

? العضوٌ??? » 482388
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرى رفعت is on a distinguished road
افتراضي

نوستالجيا 🖤🖤
رجعتينا لذكريات مره يا مروة وثورة راحت ادراج الرياح 🤐🤐
الفصل يجنن بالتوفيق يا عمرى 💎💎


شيرى رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:46 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.