آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          583 - دور القدر - باتريسيا ويلسون - ق.ع.د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          445 - غرباء في الصحراء - جيسيكا هارت ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-03-21, 06:11 PM   #261

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: الفصل العاشر


الفصل العاشر

حازم


لا أعلم كيف طاوعتني ساقاي بالركض حتى مستشفى القصر العيني رغم أن داخلي بالكامل قد تحول إلى شمع مذاب.. حارق وملتهب لكنه صار سائلا تالفا ولا يمكن إعادة تشكيله من جديد نتيجة انصهاره حد الهلاك.

كان الطريق بحساب الوقت والمسافة قصيرا للغاية، ولكن بحساب الذكريات.. سرمدي لا نهاية له..

أخذت أركض من المستشفى الميداني صوب ميدان سيمون بوليفار، لتذهب بي ذكرياتي لأكثر من عشرين عاما، عندما كنت أجلس بمفردي كالمعاقب أو المنبوذ، ليحضر هو طبقه ويجلس بجواري يشاركني تناول الطعام في صمت..

أركض بضع عشرات أخرى من الأمتار، ليتحرك عقلي لذكرى أخرى، عندما كنت أتشاجر في الفناء مع طفل آخر يفوقني حجما وسنا، فيأتي حسام لدفعه بعنف حتى يسقط، فيعود الفتى لينهض ويلكم حسام بقبضته بكل غلٍ فتنفر الدماء من أنفه ليتشوه شكلها المستقيم إلى الأبد، لكنه رغم ذلك يتحامل على آلامه، ويتظاهر بالقوة ويخبرني أن أتوقف عن ضرب الفتى الضخم وأن أتبعه بعيدا..

قطعت شارع عبد القادرة حمزة بالكامل، ثم أكملت الركض بشارع كمال الدين الحسيني وأنا أغوص في ذكرى يوم إعلان نتيجته في الثانوية العامة، وتحقيقه مجموعا يؤهله للالتحاق بكلية الإعلام وتحقيق حلمه.. يومها أغظته مازحا بأنه لم يكن ليتمكن من تحقيق الدرجات الكافية للالتحاق بها بدون درجات الحافز الرياضي، كونه كان من المتفوقين في رياضة السباحة، لكنه رد بتدلل طالبا أن نحتفل بأن أصنع له كعكة مزينة بطريقة احترافية.. فصنعت له واحدة سيئة للغاية لعدم خبرتي في صناعة الحلوى، لكنها أعجبته بشدة، ثم فاجأته في عيد ميلاده بأخرى أكثر احترافيه.. وقتها ظن أن تلك الكعكة كانت جاهزة وأنني اشتريتها من أحد متاجر الحلوى الشهيرة، لكنني أخبرته بكل فخر يومها أنني قد حصلت من أجله على دورة لصناعة الحلويات حتى لا يشتهي شيئا دون أن أكون قادرا على إعداده له..

خرجت من تلك الذكرى لأجد نفسي في شارع حسن مراد، فأكملت الركض بكل قوة حتى خرجت إلى شارع القصر العيني، وتلك المرة تحركت بي الأفكار نحو ذكرى قريبة.. عندما أخبرني أنه قد وقع في الحب لأول مرة، ثم إلى ذكرى أخرى أعلن من خلالها بكل عزم وبشكل لا يقبل النقاش أنه لن يعمل بدوام ثابت وسيركز على دراسة السيناريو مع العمل كصحفي حر مؤقتا، ليخبرني أنه قد أصبح عليه أن يخطط لمستقبله بمفرده ويتحمل المسئولية..

ليته ما كبر ليتصرف بتلك الاستقلالية ليختبر بنفسه كيف أن الاختيار وإن كان جيدا، فإن الطريق إليه قد يكون محفوفا بالعقبات والكوارث التي قد تترك بصماتها للأبد..
آه يا أخي.. أدعو أن تكون بخير..

وقفت أمام نقابة الأطباء لدقيقة ألتقط أنفاسي وأحاول استجماع أعصابي المنصهرة استعدادا لما قد أواجهه عندما أصل إليه، ثم حزمت أمري، وبلا تباطؤ.. أكملت الركض للمستشفى..

في النهاية وصلت.. بأنفاس لاهثة وقلب وجل مرتعش وأعصاب محطمة متجاهلا صوت بداخلي يخبرني أن ما سألاقيه بالداخل هو حصاد كل أعمالي السيئة.. هو نتاج عدم مقاومتي لرحيم بشكل أكبر.. هو تجسيد واضح لما وصلت إليه روحي من دمار وتشتت وضياع..


هو عقاب من رب العالمين على كل مرة كنت أؤدي فيها دور اليد الباطشة لرحيم ضد أعدائه الذين لا يساوونه سطوة وبغيا..

أو .. أو.. هو تلبية من الله لدعوة مظلوم كنت أنا سببا في دمار حياته لسبب أو لآخر.. تنفيذا لأمر من رحيم..

عبرت البوابة الرئيسية إلى مقصورة الاستقبال، وسألت الموظف الجالس أمامها لاهثا بلهفة وقد انقطعت أنفاسي من الركض والتوتر: " أين.. قســـــــــــ .. سم.. جرا.. حات.. الطوا.. الطوارئ؟"

أجابني الموظف بنوع من التعاطف: "مهلا.. خذ نفسا طويلا أولا"، وانتظر حتى حاولت استجماع طاقتي والسيطرة على أنفاسي المتلاحقة والتي تتشاجر فيما بينها للخروج من رئتي بسرعة قياسية فتزيد داخلي احتراقا.. ثم قال.. "حسنا.. هكذا.. والآن كنت تسألني؟".

تحدثت بلهفة من جديد ولكن بكلمات واضحة غير متقطعة، وقلت: "أخي.. أخي هنا.. أحضروه من ميدان التحرير.. قالوا إصابة في قدمه أو ساقه.. لا أدري.. قالوا إنه يحتاج لجراحة عاجلة.. اسمه حسام عبد القادر".

طلب مني الموظف أن أنتظر قليلا حتى يقوم بالبحث في دفاتره، ثم عاد وأخبرني أنه في غرفة العمليات الآن في الطابق الثالث الخاص بجراحات العظام، وقبل أن يستكمل كلماته ودون حتى أن أشكره، أطلقت ساقيّ مجددا لتطيرا إلى الطابق الثالث..

وصلت إلى الطابق الثالث، حيث كان هناك العديد من الغرف المغلقة، حتى استوقتني ممرضة وسألتني عن وجهتي، فأخبرتها أنني أريد أن أطمئن على أخي الذي يخضع الآن لجراحة في ساقه..

الممرضة طلبت مني اسمه، ولما أخبرتها الاسم أجابتني بأنه قد خرج لتوه من الجراحة ويتواجد حاليا في غرفة الإفاقة في الجانب الآخر من المبنى.. وأن عليّ المرور عبر ممر طويل حتى أصل إلى هناك.

كنت أعبر الممر بخطوات متثاقلة على الرغم من محاولاتي اليائسة لإجبار ساقيّ على الركض.. فطاقتي على ما يبدو قد انتهت تماما.. أو أن عقلي على الأرجح يتخوف مما أنا على وشك الاصطدام به عندما ألتقي أخي وجها لوجه أخيرا، فبدأ يجبر جسدي ببعض الحيل التي لا يمكنني التحكم بها على حالة من الاستكانة الغريبة.

أكره التواجد في المستشفيات عادة لما تتركه في نفسي من شعور خانق يجمع بين الوجع والعجز.. ولكن هذه المرة، بسط عقلي من تلقاء نفسه درعا مستترا أحاطني من خلاله بمزيج من الخدر وفقدان الحس بعيدا عن كل الأوجاع والآلام التي يعانيها المرضى..
أو ربما كان تركيزي في أوجاع أخي يحجب عني التركيز في أي شيء آخر..

كان قلبي يستشعر المصيبة التي أنا على وشك ملاقاتها.. وساقاي ترفضان السير إلى بؤرتها فتتحركان بتلكؤ مغيظ وكأن التباطؤ في مواجهة الكارثة سيلغي حدوثها أو يقلل من وجعها وما تحدثه في النفس من شروخ لا تلتئم..

كنت كمن يسير إلى منصة إعدامه.. ولكن كل ما أعانيه الآن لم يكن شيئا بالمقارنة بما يمر به حسام..
هو صغير جدا على أن يتعرض لهذا الألم.. وأنا..
أين كنت أنا؟

يا إلهي.. كنت دائما إلى جانبه.. أحارب الخطر حتى لا يمسه شيئا.. ولكن هذه المرة أنا خذلته..
بالتقاعس.. بالغياب.. بالهجران..

تركته يواجه مصيره وحيدا.. أنا تخليت عنه.. حرمته من حق الحماية.. ومنحته لآخرين..

ركضت وراء خالد تارة.. ووراء شروق تارة أخرى.. واكتفيت بأن أرسلت معه مرافقا.. خدعني عقله بتصديق هيئته الرجولية الشابة لأصدق أنه قد أصبح بإمكانه الاعتماد على نفسه والنجاة من كارثة كهذه..

كنت أعلم أن الأوضاع مقلقة منذ يوم الثامن والعشرين يناير، حيث كان الصراع قد صار علنيا.. ودخلت فيه أطراف خفية هدفها واضح ولكنها تسير نحوه بخبث وبخطة محكمة.. وهناك طرف آخر يسعى لمجاملة أصدقائه في الحزب الحاكم باستئجار من يستخدمون القوة الغاشمة من أجل فرض السيطرة وإخضاع المتظاهرين الذين يتمسكون بمكانهم ويدافعون عن مطالبهم ويرفضون الانصياع والاستسلام، بل يقاومون بعناد مجنون..
وهذه هي النتيجة..

وصلت إلى باب غرفة الإفاقة في المستشفى، حيث استقبلني طبيب شاب وسألني عن هويتي وسبب تواجدي في هذا المكان، ولكن لم أهتم بإجابته بل ألقيت على مسامعه بلهفة وقلق اسم أخي.. وكأنه كافيا لتفسير كل شيء..

من أنا؟ وماذا أفعل هنا؟ وماذا حدث بالميدان؟ وما الذي تعرض هو له؟ وكيف نجا منه إذا كان قد نجا من الأساس؟

وكأن اسمه هو تعويذة سحرية فكت الكثير من الطلاسم التي كانت طي الكتمان منذ لحظات.. فقد تبدلت ملامح الطبيب تماما وشملها القلق والتوجس..

اكتسى وجهه بالحمرة التي تترجم انفعالات غاضبة، كما علت جبهته بعض قطرات العرق وتغير لون عينيه فجأة إلى درجة داكنة من اللون البني، ثم أخبرني محاولا السيطرة على تلعثمه وإخفاء توتره وقلة خبرته التي تنضح من تصرفاته: "حسنا.. آآآآآآ.. هو في الداخل.. بدأ يستعيد وعيه.. لكنه... أممم.. يتألم بالتأكيد.. لقد خرج من الجراحة للتو.. آآآآآ".

أوقفته عن الاستطراد بتلك الكلمات المتقطعة وسألته بضيق وانفعال أحثه على الحديث بصراحة ودون تجميل لفاجعة محتملة بكلمات منمقة: "ماذا به أخي؟.. تحدث"..

رد هو بقنوط: "اسمع.. عليك أن تعرج على غرفة الطبيب الاستشاري الذي أجرى له الجراحة.. هو أستاذنا جميعا في المستشفى والجامعة.. اسمه الدكتور سامي ملاك.. سيشرح هو لك حالة أخيك بالتفصيل.. غرفته في الطابق الرابع.. فهو من أكبر جراحي العظام في الشرق الأوسط.. جاء خصيصا بعد أن هاتفته صديقة أخيك.. فهي طبيبة معنا في المستشفى.. وللحق هو أنقذ ساقه من البتر"، ثم ناظر الفراغ كأنه يستعيد ذكرى محببة لقلبه وقال: "جميعنا نتعلم معه.. وكانت مشاهدته وهو يجري تلك الجراحة بمثابة عشرة سنوات إضافية من الخبرة.. حتى صديقتها أيضا.. تلك القصيرة السمراء حضرت الجراحة أيضا".

لماذا يفرط هذا الرجل في الحديث.. لم أفهم منه شيئا.. هل قال بتر؟

عليّ أن أطمئن على أخي أولا.. وبعدها.. سأتوجه إلى الطبيب الاستشاري..

سيكون أخي بخير.. حتما سيكون بخير

حاولت أن أقع نفسي بهذه الفكرة وأنا أودع الطبيب المبتدئ بكلمات باردة، ثم أخذت أسير الخطوات القليلة المتبقية نحو باب الغرفة التي يرقد بها حسام الآن.

فتحت الباب ببطء ودلفت إلى الداخل.

أول ما تراءى لعينيّ كان جسده الممدد على سرير معدني صغير يبتلع أغلب مساحة تلك الغرفة الضيقة، وحوله الأجهزة المتصلة بالأسلاك الموصلة بإصبعه وصدره.. كان مغطى بشرشف أبيض.. كمثل ثوبه الفضفاض الباهت.. كمثل لون الغرفة الكئيب.. كل شيء هنا يبعث على الضيق والاختناق.. والوجع.

لماذا يصبح اللون الأبيض كئيبا فقط في غرف المستشفيات؟ لماذا يبدو كفضاء سرمدي مزعج يكتم الأنفاس ويقبض على الرئتين بيدين من حديد؟ أليس هو لون النقاء والأمل؟ فلماذا أكرهه الآن وأكره كل ما يمثله؟

أخي راقد هناك بلا حراك مغمض العينين بوجه شاحب تغلفه الصفرة..

كان حوله أربعة شباب.. ثلاثة رجال وامرأة واحدة..

طالعتهم بمرارة يشوبها الامتنان..

من هؤلاء الذين تواجدوا حيث كان يجب أن أكون أنا موجودا؟

كيف فعلوا هم ما لم أستطع أنا أن أفعله؟

كيف قاموا بعملي الذي تقاعست عنه؟

أخي كان وحده يواجه الموت بقلب ممزق بين الرعب والألم.. وأنا..
أنا تركته..

يا ويلي.. أرجوك يا الله.. اجعله بخير..

صدقا لا أتحمل أن يصيبه مكروه.. فكيف إذا كنت أنا السبب؟!!

انتبه الآخرون إلى دخولي الغرفة، فاستادروا نحوي، ورمقوني بنظرات متعاطفة مليئة بالأسف والحزن..

إلا هي.. آخر من كنت أتوقع أن تكون موجودة هنا شاخصة أمامي بنظرات متوحشة تسددها نحوي بلا هوادة..
شروق رحيم..

ماذا تفعل هذه هنا؟ ولماذا ترمقني بشذر خانق يصطدم بنتوءات روحي التي تنزف أساسا فتزيدها توجعا بشكل لا يطاق؟

لم تسع الثواني القليلة لعقلي لتفسير سبب تواجدها هنا برفقة أخي وأصدقائه..

كنت في وضع أشبه بالتجمد من الدهشة..

لحظة امتدت لدقائق وأنا واقف مكاني كتمثال صدئ لا يعيره أحد اهتماما بل ينفر الجميع من منظره المقرف..

وقبل أن يغادر الجفاف حلقي ويتذكر لساني الكلمات.. بادر أحدهم بالحديث ببضع جمل وصلت لي كغمغمات وطلاسم غير مفسرة.

ورغم أنني لم أنتبه جيدا لما قاله، لكن يبدو أن صوته قد أبطل مفعول التعويذة التي سيطرت على كلينا، لتنتفض هي بصدمة حقيقية وتثب من مكانها حتى صارت تقف قبالتي تماما لا يفصلها عني سوى بضع سنتيمترات قليلة..

وأنا.. ظللت ساكنا متجمدا في نفس البقعة.. لا تتحرك سوى مقلتاي محاولة رصد ما يجري بداخل تلك الغرفة المقيتة علّها تساعد عقلي على الخروج من حالة الهرب التام التي اتبعها في تلك الدقائق..

استهلكت قدرا كبيرا من الطاقة المتبقية لدي لكي أنبه رأسي لضرورة التصرف والخروج من هذا الجمود، حتى لبت أخيرا وبدأت أشعر من جديدة بسيطرة ما على جسدي، فرفعت وجهي نحوها.. لتصدمني نظرات عينيها التي بثتني كل غضبها وحنقها بموجات عنيفة.. وكأن حدقتاها استلتا نصليهما وغرزتهما..
في عينيّ..
في رأسي..
في قلبي..

وكأنها - دون أن تنطق بكلمة واحدة - صبت عليّ كل لعناتها التي رافقت حياتها منذ لحظة الولادة، ثم دفعتني إلى هوة الجحيم وسكبت على رأسي ألوانا من العذاب فقط بمقلتيها اللتين اتخذ لونهما دكنة مقبضة حولتهما لما يشبه لون غيوم السماء وقت تقلب الطقس المفاجئ إيذانا بحلول عواصف من الرعد الصاخب والبرق الصاعق..

بمجرد أن قرأت ما في عينيها من غضب ونفور ووجع.. علمت أن الأمور لم تكن أبدا بخير..
أخي في حالة سيئة.. الأمر مؤكد الآن..
فهي.. هي..
هي حزينة وغاضبة وموجوعة.. و.. و.. تتهمني بالخيانة..
تنظر لي باحتقار وفوقية وكأنها تعرف كل شيء..

أتراها تعرف فعلا كل شيء؟!!
أليست البنت سر أبيها؟ هل أخبرها رحيم؟
هل كان فخورا بما أقوم به من أجله لدرجة أن يشيد بي ويثني على عملي أمامها؟

لا.. من المستحيل أن تجمعها مثل هذه المحادثة مع أبيها، فهو على النقيض من كل ما تمثله هي من طهر وبراءة وما تؤمن به من مبادئ وقيم..

هي عرضت حياتها للخطر من أجل فكرة.. وكادت أن تموت ثمنا للحلم..

لا.. لا.. أعتقد أنها لا تعرف شيئا..
مهلا.. ولكنها رأتني الليلة الفائتة..
هل تعرفت على ملامحي؟
يا إلهي.. سأجن..

نهرت نفسي لتحرك الأفكار برأسي في ذلك الاتجاه، فهذا ليس الوقت المناسب للتفكير بشأن ما تظنه هي الآن.. لكن على ما يبدو عاد عقلي لألعابه الشيطانية لكي يبعدني عما ستجلبه اللحظات القادمة على رأسي من وبال..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 06:18 PM   #262

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: الفصل العاشر - الجزء الثاني

أفرجت ما بين شفتيّ باستحياء محاولا لملمة أفكاري لكي أسألها عن حالة أخي.. ولكن يبدو أن حركة فمي أصابتها بالقرف والنفور.. فهي لم تسمح لأي حرف بالخروج من فمي بل قاطعتني قبل أن أبدأ حتى، فابتلعت الحروف واستسلمت للصمت، لتنفرد هي بالكلام..

لكنها لم تتكلم فقط.. بل صرخت بكلمات هادرة مليئة بالاتهامات والإهانات..
كلها كانت موجهة لي.. وأنا.. أنا كنت أستحق كل كلمة قالتها.

تراجعت شروق خطوة للخلف، وعانقت يدها اليمنى خصرها، ثم رفعت رأسها قليلا من جديد لتصوب سهام نظراتها الحانقة نحوي، وقالت بحدة: "هذا.. أنت.. ماذا تفعل هنا؟ هذا ليس مكانك.. أنت أخطأت المكان بالتأكيد".

فغرت فمي بعدم استيعاب، فعقبت هي شارحة بحدة: "ألا يجب عليك أن تتواجد في الميدان الآن مع رفاقك لاستكمال عمليات السحل والقتل والتنكيل.. ألم يدفعوا لك لكي تقتل الأبرياء وتعاقبهم بالعاهات المستديمة وفقدان الأطراف؟ أن تخنق الحياة بداخلهم وتحولهم لجثث خربة خاوية بلا روح.. أن تنزع الأمل من داخل قلوبهم وتزرع مكانه غلا وحقدا وخوفا لا ينقشع؟".

ثم رمقتني بنظرة متقززة، وزفرت بضيق، وبعدها أكملت بصوت حاد: "ألم ترتوِ بكل الدماء التي سالت هناك.. فجئت إلى هنا من أجل المزيد؟ من أنت؟ مصاص دماء؟ اغرب من هنا يا هذا قبل أن أستدعي الأمن ليحملوك ويرموا بك في حاوية القمامة.. مكانك الذي تستحق"، ورفعت ذراعها لتشير بأصابعها نحو باب الغرفة الذي دلفت منه أنا قبل دقائق، وبعدها استدارت وتركتني مواجها لظهرها المشدود غضبا مخفية وجهها وكأن مجرد نظرها لي يصيبها بالاشمئزاز.

كنت أقف بنفس البقعة كتلميذ فاشل مذنب يعلم جيدا أنه قد ارتكب كارثة ويستحق العقاب..

تجمدت في مكاني لم أستطع الرد أو التحرك وتخطيها نحو سرير أخي..

لم أجرؤ على دفعها من أمامي لكي أقترب من أخي وأطمئن عليه..

أنا فقط وقفت أمامها لأتلقى كل اتهاماتها وإهاناتها وكلماتها الغاضبة باستسلام منهك وخزي مهلك وعزيمة غائبة.
فأنا بالنهاية أستحق.

التفّت شروق من جديد، ويبدو أنها كانت ستستكمل نوبتها الغاضبة على شخصي.. فهي كما أظن قد علمت جيدا تفاصيل كل ما كان يخطط له والدها، واكتشفت بذكائها وفطنتها أنني أنا بيدقه الذي يحركه كيفما يشاء كي ينفذ له كل ما يريد بدون ذرة اعتراض، لكن وقبل أن تشرع في الكلام، استوقفها سامح صديق حسام المقرب الذي يعرفني جيدا كونه كان يداوم على زيارة صديقه بشقتنا بل والمبيت لدينا أحيانا، خاصة خلال سنوات دراستهما بالكلية..

تحدث سامح بإيضاح وبنبرة مرتفعة نوعا ما ضاغطا على كلماته وكأنه يوبخها ضمنيا: "مهلا يا شروق.. ما هذا الذي تقولين؟ يبدو أنكِ متعبة وتحتاجين للراحة قليلا.. هذا حازم شقيق حسام الأكبر.. رجاء اجلسي على هذا المقعد ودعيني أتولى أنا الحديث حاليا.. فهو بالتأكيد جاء يطمئن على أخيه ويسانده".

تجمدت شروق للحظات، ثم نظرت إلى الشاب.. ثم إليّ.. ثم إلى الشاب مرة أخرى.. ثم إلى شقيقي الممدد على السرير.. ثم إليّ من جديد.. ثم أشاحت بوجهها وتوجهت إلى المقعد القابع بركن قصي بالغرفة المزدحمة، وتهاوت عليه باستسلام وتعب وكأن ما سمعته للتو قد سحب من جسدها الاتزان ومن عقلها القدرة على التصرف بشكل سليم حتى في الأمور البديهية.

نظرت أنا إلى سامح بدون تركيز، ثم انتبهت لملامحه، كان رأسه مربوطا بشاش طبي وكذلك أحد ذراعيه في جبيرة واقية.
لم أكن أمتلك من الكياسة أو التوازن العقلي ما يجعلني أستفسر عن حالته أولا، فسألته بلهفة وتوسل: "سامح.. كيف هو؟؟ ماذا حدث؟؟ أرجوك تحدث إليّ.. وأين أحمد الموكل بحراسته؟ طلبت منه ألا يفارقه.. أين هو؟ هل هو بخير؟".

اقترب مني سامح وربت بيده اليمني غير المربوطة على كتفي في تعاطفٍ واضحٍ، ثم قال: "اطمئن.. أحمد سيكون بخير.. لقد تعرض لحادث تدافع بعد أن حاول بعض البلطجية الاعتداء عليه ثم فقد الوعي.. فلم يتمكن من مساعدة حسام في الوقت المناسب.. هو يرقد في المستشفى الميداني الآن.. حالته مستقرة لا تحتاج لتدخل جراحي، لكنه مازال يحتاج للراحة.. أما أنا فكما ترى.. قد أخذت نصيبي ولكن شاء القدر أن تكون إصابتي بسيطة.. بكل الأحوال سأمر على أحمد للاطمئنان عليه فور أن يستعيد حسام وعيه كاملا.. لا تقلق سنكون جميعنا بخير.. بالنهاية"، لم يفتني أنه قد قال كلمته الأخيرة بنبرة قلقة.
قاطعته متلهفا بتوتر: "وأخي؟ ماذا عن حسام؟ كيف هي حالته؟.. أخبرني ذلك الطبيب الشاب أنه نجا من البتر.. هل هو بخير؟"..

هنا سمعت شهقة شروق المستنكرة، ولكن لم أكن مستعدا أبدا للنظر إليها من جديد..

ماذا تفعل هي هنا على أي حال؟ وكيف تعرف أخي؟

أجابني سامح بصوت خفيض عكس كل الحزن الذي كسا عينيه وفشل في إخفائه برغم تحريكه لمقلتيه في كل الاتجاهات حتى لا ينظر إليّ مباشرة: "أخوك كان بطلا.. لقد أصيب حسام بينما كان يحاول أن ينقذ فتاة كادت أن تتعرض لضربة سيف متوحشة في بطنها، فقام هو بتصرف شجاع عفوي، بالقفز عاليا ودفع المجرم الذي كان يستعد لضربته من أعلى الحصان، وبعد أن سقط هذا الهمجي هاج الحصان، فسقط حسام بفعل التزاحم، لينزل عليه الحصان بحوافره على ساقه بضربة جنونية ثم فر هاربا.. حمدا لله أن الإصابة جاءت في ساقه فقط.. ولم تصب أيا من أعضائه الحيوية كما أصيب الكثير من المساكين الأبرياء.. هو سيكون بخير بالنهاية.. أعتقد ذلك"..
هاك تلك الكلمة مجددا.. بالنهاية..

تنهد سامح وكأنه يبحث عن كلمات مناسبة ليكمل بعد برهة: "اسمع حالته دقيقة بعض الشئ.. يجب أن تتحدث إلى الطبيب الاستشاري الذي أجرى له الجراحة والذي لولا شروق ما نجحنا في الوصول إلى طبيب ذي خبرة مثله بهذا التوقيت لإجراء الجراحة.. عليك أن تتوجه إلى مكتبه قبل أن يغادر المستشفى، لأنه جاء خصيصا من أجل حالة حسام، وأظنه سيرحل سريعا بعد أن يمر على بعض المصابين في القسم لتفصحهم.. الحق به وهو سيوضح لك كل شيء".

عند هذه اللحظة، لم تستطع شروق أن تحافظ على صمتها، فنهضت من مقعدها تسبقها كلمات دامية: "أخوك صار أعرجا.. لن يستطيع المشي بشكل سليم مجددا"، ثم غادرت مكانها وسارت نحوي بخطوات عاصفة وهي تهتف: "أنت السبب أيها الحقير.. اخرج من هنا.. لا يحق لك أن تكون هنا.. لا يحق لك أن تطمئن عليه.. لتمت بقلقك الزائف وتختنق باهتمامك الملفق.. يا مدعٍ.. يا منافق.. يا ذات الوجهين.. أنت مجرم لعين.. قاتل.. انصرف فورا.. لا أطيق النظر إليك".

لم أستطع تحمل كلماتها القاتلة أكثر من ذلك، فاستدرت لكي أغادر الغرفة، ولكن قبلا، رمقت حسام بنظرة أخيرة.. كان يتململ في نومته وكأنه يعاني من آلام ضاغطة..

لم أستطع الاقتراب منه.. ليس بعد أن تسببت فيما هو فيه الآن..

ماذا قالت هي؟ صار أعرجا؟ كسيحا؟
أخي أنا لن يسير على قدميه مرة أخرى..
وأنا.. أنا فعلت ذلك..

ركضت من جديد لا أعلى وجهتي التالية.. فقط لأبتعد عن هذه الغرفة.. وعن هذه المرأة.. وعن كل ما سمعته بالداخل..
لماذا؟ لماذا؟..

رغم التهديد والإجبار، فقد حاولت قدر طاقتي ألا أتسبب في تعريض حياة المتظاهرين للخطر.. حاولت حمايتهم رغم عدم اقتناعي بجدوى ما يقومون به.. حاولت أن أحافظ عليهم ليعودوا سالمين لأهاليهم..

كنت مقتنعا أن ذهابي في تلك المهمة جبرا بتهديدي بحياة أخي بشكل مباشر، سيكون في النهاية في صالح المتظاهرين، حيث أتمكن من تحقيق أهداف رحيم بخطة ذكية طويلة المدى دون إراقة الدماء..

كانت خطة تفريغ الميدان وإخراج المعتصمين منه في خيالي، ستتم بأقدم طريقة لدحض التكتلات على وجه الأرض (فرق تسد).. كنت قد اخترت مجموعة من أذكى رجالي ممن يمكنهم نشر الفوضى داخل الميدان بإشعال روح الفرقة بين المعتصمين عبر إثارة كم هائل من الشائعات والقلاقل بين التيارات المختلفة على مدى ما بين أسبوع لأسبوعين..

كان كل طرف من المعتصمين ليصدق أنه الطرف الوحيد المخلص لأفكار الثورة بينما يسعى الآخرون لاستغلالها والفوز من ورائها والاستئثار بمكاسبها، وحتى كنت سأستغل أحداث ليلة الثاني من فبراير من رمي المقذوفات الحارقة لأجعل الجميع يتشكك في الجميع دون أن يتبين أيهم من هو الخائن الفعل..

لكن رحيم.. ذلك النرجسي المريض بالسلطة المتعجل للفوز دائما، قرر استخدام القوة بدلا من الذكاء، وكأنه كان متأكدا من فشلي.. أو كأنه كان يريد إبهار شركائه في الحزب والحصول على رضائهم ليتحول ذلك الرضا إلى مزيد من الصفقات المشبوهة التي تساهم في تورم ثروته واستحواذه بشكل أكبر على سوق الاستثمارات في الوطن بعد أن تنتهي التظاهرات بالفعل..

وأنا بالنهاية دفعت الثمن.. خسر المتظاهرون بسبب الغدر، وخسرت أنا بسبب السذاجة..

أهذا عقابي؟
حتما.. حتما أنا أستحق العقاب على كل أخطائي..
لكن .. لماذا أخي؟
هو لا يستحق..

حين أخذتني قدماي إلى الجراج الملاصق للمستشفى.. أوقفت الركض أخيرا وأخذت ألهث ككلب أجرب منبوذ لا يطيقه أحد..
وهناك جثوت على الأرض منهكا خائر القوى في حالة تشبه الحداد..

أخذت أحارب من جديد لالتقاط أنفاسي من بين دموعي التي استقرت في شكل خيوط طولية محملة بالندم والغضب الذين يجثمان على صدري ويتسلل إلى الخارج في شكل قطرات مالحة على جانبي وجهي.

لا أدري كم هي المدة التي مكثت فيها وأنا بهذه الوضعية، بينما ينمو بداخلي صوت خافت تحركه موجات من النحيب ليرتفع شيئا فشيئا فيتحول لسوط مجدول يجلدني بكلمة واحدة: "رحيم.. رحيم.. رحيم"..

استمر الصوت يرددها بداخلي مستنكرا وموبخا حتى اخترق ظلال الحزن الضبابية المسيطرة على عقلي، وحولها إلى طاقة هائلة من الغضب الناري..

نعم.. رحيم هو السبب.. لم يفِ بوعده.. نفذ تهديده واعتدى على أخي.. وأذى المعتصمين..
وعليه أن يدفع الثمن.. فورا!!
سأتاكد من ذلك ولو كان آخر شيء أفعله!

نهضت من جلستي الخانعة بعزم جديد زرعته بداخلي الرغبة في عقاب رحيم والانتقام منه.. لقد أفلت بجرائمه بما يكفي.. والآن حان وقت الحساب..

نظرت حولي لأتبين من جديد أين أنا.. ثم فجأة رأيتها.. سيارتي..
بلحظات تحركت الأفكار برأسي.. فتذكرت..

كنت قد ركنتها هنا قبل أن أتوجه مع الرجال إلى ميدان التحرير لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة إثارة القلاقل بين المعتصمين بقذف كرات اللهب اللعينة وإحداث البلبلة التي تخيف المتظاهرين وتزرع الشكوك بينهم، فتجبرهم في النهاية على المغادرة والعودة لبيوتهم بدون إزهاق نقطة دم واحدة..

توجهت إليها بخطوات سريعة بينما انشغلت يدي آليا بإخراج المفاتيح من جيبي، وفور أن فتحتها واستقريت جالسا أمام عجلة القيادة، تحركت يمناي تلقائيا وبشكل معتاد نحو صندوق التابلوه حيث ترقد كرة الضغط المعدنية المدببة..

سحبتها بجمود يناقض الانهيار والنحيب الذين يعبثان بداخلي بعشوائية، وأخذت أضغط باقتصاص وغل..
إذا كان أحد يستحق الشعور بالألم الآن.. فهو أنا وليس أخي..

لم أكترث أبدا بالدماء الداكنة النافرة من بين أصابعي.. كان ضغطي على الرؤوس المدببة يتزايد كلما زاد شعوري بالألم..
لو كان بإمكان هذه الكرة قتلي، كنت سأتلقى الأمر بابتسامة رضا..
أنا فعليا أتمنى لو تُزهق روحي الآن وأنتهي من هذا العذاب للأبد..

الوخزات تزيد في قلبي كلما تذكرت منظر أخي ممددا على فراش المرض وتكاد تتجمع حول عنقي في صورة قبضة فولاذية تعصر أنفاسي عقابا على تخاذلي في حمايته..

حضرت إلى ذاكرتي كلمة عشوائية (أعرج) بصوت غاضب وحزين يغذيه النفور والحقد، فواصلت الضغط بقوة أكبر.. لعل جرح راحتي يغطي على آلام قلبي النازف قهرا وصمتا بلا دماء، وصخب عقلي الذي يصرخ بمئات اللعنات والاعترافات بلا صوت..
أصبحت يدي الآن عبارة عن لوحة تجريدية للعذاب تحددها أنهار حمراء داكنة فائقة الصغر تتلاقى كشرايين ثم تتباعد كروافد، وكأنها تتحنى بلون الدم احتفالا بما هو آت من انتقام وفقد..

حدة الوجع ومنظر الدماء النافرة لم يجعلاني أخفف الضغط على الكرة المسننة، فالألم يزيدني تركيزا ويحفز غضبي ويبلوره للمواجهة باندفاع نزق..

حانت لحظة الاستحقاق..
مات الملك كما يقول لاعبو الشطرنج.. لكنني لا أعرف بعد.. أي الملكين في هذه اللعبة قد مات..
أنا أم رحيم؟..
المواجهة فقط هي التي ستكشف النتيجة!

حسنا.. لست ملكا ولم أكن أبدا.. كنت دوما أرتضي بدور البيدق الذي يأتمر بأمره وأترك له الصولجان، لكن إذا كنت سأجابهه الآن، يجب أن أتحلى بالذكاء والشجاعة كملك وأقف معه على نفس المسافة.. حتى وإن كنت أتنكر في هيئة بيدق ضعيف.. فات أوان الخنوع.

قطع استرسال أفكاري صوت هاتفي المحمول، أمسكت به بيدي الأخرى لأجد رقم خالد على الشاشة.. هو بالتأكيد يريد الاطمئنان على حسام.. ماذا سأقول له؟

وضعت الكرة بغضب على تابلوه السيارة، وقذفت الهاتف بجوارها، ثم جففت يدي النازفة بسبب تمزق طبقات الجلد ببعض المناديل الورقية كيفما اتفق، وأمسكت عجلة القيادة وتحركت بسرعة فائقة صرخت لها إطارات السيارة بفزع.. وكأنها تتأهب معي لمعركة فاصلة..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 06:25 PM   #263

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
B11 الفصل العاشر - الجزء الثالث

وصلت إلى منزل رحيم في ثلث الوقت التقريبي لقطع المسافة المعتادة إلى منزله، حيث كنت أقود بسرعة جنونية بينما كانت تشيعني أصوات أبواق التنبيه من السيارات وكلمات السباب من السائقين بطول الطريق بسبب سرعتي المتهورة في منتصف النهار.. ولولا العناية الإلهية، لكنت على الأرجح قد لقيت حتفي وانتهيت من هذه الحياة البغيضة كما قضيت على حياة أخي وهو حتى لم يبدأها.

ما أن فتحت مدام سناء الباب، حتى اندفعت نحو غرفة المكتب متجاهلا كلمات الترحيب والاستفسار عن شروق التي أطلقتها خلفي.

فتحت الباب بعنف يتفق تماما مع كل ما أكتمه بداخلي من مشاعر أحتويها بالكاد حتى لا أرتكب جريمة قتل بمجرد وقوفه بين يدي.

كان رحيم جالسا على مقعده بكل تعالٍ واعتداد، وكأنه قد حقق لتوه نصرا مظفرا.. وقبل أن تخرج من فمي أية كلمة، استوقفني هو بصوته الكريه وهو يسألني: "هل جئت لكي تبارك لي نجاح خطتي الجريئة؟ أرأيت أيها الجهول الأحمق؟ مخنث مثلك لم يكن ليحرز نجاحا مدهشا كهذا.. بعملية واحدة أرعبت الحمقى بالميدان ودفعتهم للمغادرة".

ضحك بسخرية ماطا شفتيه بطريقة تثير التقزز، وأكمل متلذذا بساديته: "وأنا الذي ظننتك قد صرت رجلا أخيرا وبعد طول صبر وانتظار.. ولكن ماذا كنت أتوقع من مريض غريب الأطوار مثلك؟" ثم رمقني بمقلتيه بنظرة هازئة صاحبتها ضحكة طويلة بثها كل احتقاره لي..

هو يستصغرني.. يراني مجرد أحمق تافه.. وله كل الحق..

فأنا سمحت له بإيذاء أخي بكل سذاجة معتمدا على وعد منه بأنه لن يمسه طالما أنفذ له خططه المقرفة..
وافقت على القيام بكل تعليماته الكريهة ونفذت كل أوامره الإجرامية، وأنا أظن أنه سيترك لي دفة القيادة واختيار طريقة التنفيذ..

وكأنه قد سمح لي من قبل أن أتصرف بمفردي بعيدا عن ارشاداته السادية المؤذية..

للحظات تحول الغضب بداخلي إلى زئير مرعب.. صحت به بنفور شديد: "كيف فعلت هذا؟ كيف سمحت لنفسك؟"

رد هو بظفر وتسلٍ: "أنا فعلت ما كان يتوجب فعله من البداية.. أنت ضعيف وفاشل.. وهؤلاء الحمقى يعطلون أعمالنا ويكبدوننا الخسائر.. البورصة وانهارت.. الأعمال وتعطلت.. حتى مصالح الشعب توقفت باغلاق مجمع المصالح الحكومية بميدان التحرير لأسبوع كامل.. قد حان وقت التخلص منهم".

نظرت له مذهولا من تبريراته التي ترفع من قيمة التجارة والربح وتبخس من قيمة الدم والأرواح، لكنه لم يمنحني فرصة للكلام، حيث أكمل: "هل تعلم أن خسائر شركات المحمول من انقطاع الخدمة وصلت إلى واحد وخمسين مليار جنيه في ستة أيام فقط؟ فكم بظنك خسرت الشركات الأخرى؟ كم خسرت أنا؟ وكم خسر الحزب من مكانته السياسية وسيطرته على الشارع؟ لقد تجرأ هؤلاء الطفيليون ووجب التخلص منهم ولو بالحرق والدعس حتى يتطهر الميدان منهم"..

كلماته لم يستوعبها عقلي وإن وصلت لأذنيّ وسمعتها جيدا.

فعقلي كان يتحرك في اتجاه واحد.. أن أحاسبه وأعاقبه كما يستحق.. وبعدها أتفرغ لمعاقبة نفسي كما يجب..
يجب أن أحاسبه على ما فعله بي.. على ما فعله بشقيقي.. وبالأبرياء.. على كل الدماء التي طبعت أثرها داخل الميدان وبين جنباته..

أعدت سؤالي بصوت ثائر عاصف: "أسألك الآن.. كيف فعلت ذلك؟ كيف أذيتني بهذا الشكل دون أن تفكر للحظة في نتيجة ذلك؟ كيف عاقبتني بهذا الشكل؟ لماذا الغدر وأنا عشت وفيا لك طوال عمري؟"..

توقفت للحظة لالتقاط أنفاسي، وأخذت أجوب الغرفة جيئة وذهابا ريثما أستطيع السيطرة على الارتفاع الجنوني في ضغط دمي.

كان صوت أنفاسي يتحول إلى هسيس حانق عاكسا موجات الغضب بداخلي.. ولكن إذا فقدت أعصابي الآن، ستكون النتائج فادحة بكل تأكيد..

استدرت وتوجهت بخطوات سريعة نحوه، وللحظة شعرت بهالة الكبرياء التي أحاط نفسه بها تختل قليلا..
الآن يبدو خائفا ومتوترا ومحتارا بعد أن قرأ في عينيّ أن وقت الاستحقاق قد حان.. والآن ستصير كلمتي هي الأعلى.. الأقوى.. وهو فقط.. سيستمع..

رفعت ذراعي وأخذت أشير نحو صدري بسبابتي بعنف وأنا أهدر: "أنا كنت أتبعك كجرو يتيم لاهث أستقي منك كل ما تعلمه لي وأنفذ كل أهدافك دون تلكؤ.. كنت شبحك الأسود نذير السوء الذي يرهب أعداءك ويسحق كل من يقف أمامك بلا رحمة.. كنت دمية الماريونيت الخشبية خاصتك.. تمسك بخيوطي وتحركني كيفما شئت.. أحقق لك المكاسب التي تجعل ثرواتك تتضخم وتتورم دون أن أطلب منك شيئا في المقابل.. كنت وفيا لك لأبعد الحدود.. وممتنا لك لأقصى درجة.. أحارب نفسي ومرضي بشكل شبه يومي فقط لكي أحقق لك ما تريد دون أن تتهمني بالنكران أو التخاذل".

رفعت يدي لأملس بها بضيق على شعري الذي تتطاير منه شذرات الحنق، وأكملت: "لم أقاومك أبدا.. ولم أرفض لك طلبا.. كنت مارد لئيم تخرجه من قمقمه وقت الحاجة لتلبية رغباتك دون أدنى اعتراض.. وكان شرطي الوحيد.. أن تبعد أخي عن عالمك المظلم الوسخ.. أن تتركه ينأى عن قذارات عالمك الذي زرعتني به دون رحمة.. وأنا لم أعترض.. فقط أخذت منك عهدا ألا تؤذي أخي.. فلماذا فعلت ذلك به؟.. لماذا أذيته يا هذا؟"..

أنهيت كلماتي ويداي قد صارتا تقبضان على ياقة قميصه كأنهما عثرتا لتوهما على قطعة البازل الأخيرة.. وجدتا حل اللغز.. وصارتا تتحينان الفرصة للفوز بالجائزة الكبرى بعد الإطباق على شرايين رقبته وإزهاق روحه الكريهة الحاقدة..

كنت على بُعد خطوة واحدة من الجنون.. إذا عبرتها، سأرتكب جريمة قتل وأنهي حياته بيدي في ثانيتين والله يعلم.. وهو أيضا صار يعلم.. بعد أن رأى الموت يلوح في عينيّ بكل وضوح..

ذلك الذي كان خطا ممنوعا بالنسبة لي من قبل لم يعد رادعا لي الآن.. لا شيء يعوض ما حدث لأخي.. حتى حياتي لا تستحق.. فلأكملها في السجن بعد أن أخلص العالم من هذا الوغد اللعين.

في البداية، ظهرت على وجهه علامات الدهشة وكأنه لم يترجم بعد فحوى ما أعلنته..

وكأن.. وكأن الخبر جديد بالنسبة له، لكنه تمالك نفسه بعد أن استشعر الخطر وقرر أن يخطو خطوته التالية على رقعة شطرنج سوداء كنواياه وأفكاره وروحه الملعونة.

وضع يديه على راحتيّ مترددا ثم ابتسم بشكل متزلف ومقرف، وقال مسترضيا: "بني.. أنت ابني.. فلماذا أفعل بك هذا؟.. أخبرتك مرارا.. أنت امتدادي في هذا العالم.. وكل ما هو لي سيؤول إليك يوما ما، فلماذا تظن أنني أفعل بك أو بشقيقك أي شيء؟ لقد حافظت على وعدي لك طوال تلك السنوات.. ولم أجبره على العمل لديّ.. اهدأ يا بني.. وتريث قليلا.. أنا لا أعلم من الأساس ما الذي تتهمني بفعله.. ما الذي حدث لأخيك؟".

برغم الجنون المطبق الذي كان يتمرغ داخل عقلي، إلا أن قبسا من تعقل ومض برأسي بعد أن بانت دهشته في عينيه بدون أي خداع.. رد فعله الصادق أصابني ببعض التردد.

أخذت نفسا طويلا، وأرخيت يديّ عن ياقته ثم أنزلتهما بجانبي.. أحتاج الآن لأن أتحكم بكلماتي وتصرفاتي.. فأنا أمام وغد عديم المشاعر لا يتوان أبدا عن إيذاء كل من يحيط به من أجل تحقيق غاياته ومآربه.. وأنا لست استثناءً كما يحاول أن يقنعني..

ألم أرَ بنفسي على مر تلك السنوات؟

تذكرت أخي المنسدح على فراش المرض مغطىى بالأبيض في مكان بارد وكئيب يصارع آلامه بدوني..
قلت بصوت متهدج وأنا أبتلع غصة الحزن: "أخي فقد القدرة على الحركة بسببك.. أخي سيصبح قعيدا.. أو أعرجا إذا كان محظوظا.. لقد أفلت بأعجوبة من الخضوع للبتر.. وأنا حتى لم أفهم بعد طبيعة حالته أو كيف تعرض لتلك الإصابة".

عندها تذكرت أن رحيم قد أرسل جيشه من المجرمين السريين الذين نفذوا له العملية الهمجية التي أدت في النهاية لإصابة أخي، فصرخت به محتدا وأنا أشير نحوه بسبابتي بجنون: "أنت أرسلت خلفه من يؤذيه حتى تنتقم مني.. أليس كذلك؟"

رد هو متوجسا بعد أن رفع كلتيّ يديه يهزهما بتوتر نافيا ما رميته نحوه من اتهام: "مهلا.. مهلا.. هل تقول صار قعيدا؟ كيف ذلك؟ أنا لم أرسل أحدا خلفه.. بالطبع أنا لن أقوم بشيء كهذا.. فلماذا تتهمني بهذا الآن؟ هل أنا السبب في كل ما يحدث في هذا البلد؟".

أجبته بحنق: "أنت من أرسلت مرتزقتك من معدومي الهوية لإكمال ما لم أفعله الليلة الفائتة في ميدان التحرير.. ولما فشلوا بسبب تعليماتي لرجالي بمحاولة احتواء أفعالهم الخبيثة وحماية المتحف والمتظاهرين، قمت أنت بإرسال المزيد منهم بهيئة غريبة لا تخطر على بال أحد.. من يرسل مجرميه يمتطون خيولا وإبل من أجل الفتك بالمعتصمين وسحقهم تحت أقدام الحيوانات كمثل الهمجيين في العصور الوسطى؟ أنت أردت ارتكاب جريمة كاملة لا يحاسبك عليها أحد لأن أصابع الاتهام لن تشير نحوك أبدا بهذا التفكير الإجرامي الذي يفوق الخيال.."

أخذت أضحك بهيستيرية، ثم أكملت: "برغم تهديدك لي بحياة أخي، كنت تعلم جيدا أنني لن أتمادى في تنفيذ مآربك ولن أسمح بإراقة الدماء في الميدان وأكون شاهدا عليها.. كنت تعلم أنني سأفشل، لذلك كنت تعد خطة أخرى بديلة.. لا.. ليست بديلة.. بل كانت تلك خطتك الأصلية.. أليس كذلك؟ كان هدفك من إرساله للميدان هو إجباري على قيادة فريق المجرمين السري خاصتك.. كنت تريد أن تضمن تواجدي بالقرب منهم في قلب الميدان حتى أتدخل وأحاول التغطية على كوارثهم المحتملة إذا شعرت أن ما سيفعلونه سيوجه أصابع الاتهام نحوك أليس كذلك؟ كنت تريد أن تدفعني دفعا نحو قيادتهم بغير إرادة مني حتى استغل ذكائي في التغطية على أخطائهم وعدم كشف هوية مرسلهم وممولهم.. ما لا أفهمه يا رحيم بك هو سر قلقك من اكتشافهم أو حتى القبض عليهم وأنت تعلم أنهم لا يمتلكون أوراقا ثبوتية تربطهم بك أو تثبت انتمائهم لجهة معينة .. فأغلبهم من مجهولين النسب والمتسربين في الشوارع.. ما يغضبني أكثر شيء هو أنك لم تثق في قدرتي على تحقيق هدفك بالنهاية ولو بعد عدة أيام بطريقة سلسة ودون إشكالات مستقبلية.. أنت تظن أنك قد فزت وحققت انتصارا مظفرا.. ".

عدت للضحك بشكل هيستيري من جديد، ثم أخذت أهز رأسي لأعلى وأسفل بيقين من أدرك الحقيقة برغم جحوظ عينيّ بفعل بقايا جنون مسبق، وقلت بتصميم: "قد يكون البعض عاجزا عن الربط وبين تلك الأحداث الدامية حاليا.. لكنني أعرفك.. وأعرف ما أنت قادر على فعله بساديتك وتخطيطاتك الإجرامية.. ولن أنتظر لحظة الكشف عن جريمتك التي أودت بحياة البعض وأصابت المئات بإصابات بعضها شديد الخطوة.. أنت ستدفع الثمن الآن..
بيديّ هاتين.. إذا كنتُ لم أقاومك سابقا، فهذا كان اختيارا وليس ضعفا مني".

انقضضت عليه وهاجمته بعنف وأمسكت بتلابيب رقبته وأحكمت قبضتي بفعل نفور وحقد مزمن، حتى تحول لون وجهه إلى القرمزي الداكن وجحظت مقلتاه من الصدمة وانحسار قدرته على التنفس بسلاسة بعد اختناق شرايينه التي تغلق المجال على رئتيه وتمنع وصول الدم لمخه، لكنه كذئب عجوز يعرف متى يحمي نفسه، قام بزم قبضتيه ككرتين من الفولاذ ثم دفعني بعنف في صدري.

اختل توازني قليلا وارتددت خطوتين للخلف.. وقبل أن أعود للانقضاض عليه، قابلني هو بلكمة أخرى أسفل بطني أودعها كل شراسته..

شعرت بصعق كهربي لاسع فتهاويت على ساقي وأنا أضغط بكلتي يديّ على مكان الوجع ما بين ساقيّ محاولا السيطرة على آلامي..

لكنه لم يكتف بذلك، بل دفعني بقدمه في صدري فتمدد ظهري على الأرض، ثم نزل إلى الأرض على ساقيه وأمسكني من ياقتي بيده اليسرى، وكال لي اللكمات بشكل متوالي بقبضته اليمنى الفولاذية..

هو كان يقارب الستين، وبرغم قصر قامته وجسمه الممتلئ إلا أنه كان يمتلك قبضة قوية، خاصة عند الغضب..
فلطالما تذوقت قوة قبضاته الغاضبة مرارا وتكرارا..

بعد عدة لكمات، فقدت ما بقى من مقاومتي وتركيزي واستسلمت له تماما.. تركته يكيل لي الضربات بقبضته.. فأنا أستحق ذلك وأكثر..

طاوعته على مدى سنوات بتنفيذ كل أهدافه الطامعة بطرق غير قانونية.. كنت سلاحه الباطش والمقابل إبعاد أخي عن عالمه.. لكنني فشلت بالنهاية في حماية أخي من بطشه.. والآن أستحق أن أكون التالي بين قبضتيه..

للحظات، أغلق عقلي مفاتحه، ووجدتني فجأة في تلك الغرفة الصغيرة ذات الجدران الرمادية المتهالكة.. مجرد طفل صغير لا يدري شيئا عن العالم.. يتلقى عقابا تلو الآخر من رجل يقنعه دائما أن هذا لمصلحته.. وأنه هو السبيل الوحيد حتى يبرأ من مرضه.

والآن، بينما عقلي منزوٍ في تلك الغرفة القديمة البالية، لم أكن أشعر سوى أنني أحتاج لتلك اللكمات.. علّها تسكت ما بداخلي من آلام وصخب وجنون.. فأخذت أتلقى هجومه السادي دون مقاومة..

كان رحيم يضربني بصلف غريب وبتلذذ سادٍ، ثم أخذ يهدر بصوت عالٍ لم انتبه له في البداية وأنا أسبح داخل متاهات عقلي، لكنه كان مصرا أن تحتل كلماته مسامعي، فأخذ صوته يعلو ويهدر بأقصى قوة لديه حتى نجح أخيرا في أن يخرجني من حالة الجمود الذي حبستني فيها ذكريات تلك الغرفة التي أمضيت بداخلها سنوات..

كان رحيم يصيح باستنكار: "هل صرت تتحداني الآن أيها الوضيع؟ هل أصبحت قادرا أن تهاجمني فعلا؟ أتعض اليد التي امتدت لك يا حقير؟ أتظن أنك صرت كبيرا الآن؟ أظن أنك تحتاج لجلسة فورية لتقويمك وإعادة ترتيب عقلك الخرب".

تلك الكلمات..
جلسة تقويم..
عقلي الخرب..
آه من عقلي الخرب وما تسببه من وبال على رأسي على مدار سنوات..

لو لم يكن عقلي خربا حقا، ما انشغلت بخالد أو شروق بدلا من أخي.. عائلتي الوحيدة في هذا الكون المرعب.
وبينما شرع هو في كيل المزيد من اللكمات والصفعات والركلات لجسدي المنهك، تبدل شعوري بشكل غريب ومفاجئ.. لم يكن ما أشعر به في تلك اللحظات آلام الضرب.. بل صرت أحس وكأنه يسكب بداخلي حديدا منصهرا ليسري في عروقي محل الدماء.. فسرت رعشة في جسدي وتجمدت أوردتي لوهلة، وهربت الدماء من وجهي لأستشعره قد صار باردا مثل الموتى..

الآن تحولت الآلام لشيء آخر لا أستطيع تفسيره.. ما الذي يحدث لي؟ يبدو أن كل تلك اللكمات قد نجحت أخيرا في إصلاح عطب ما في رأسي..

تتعالى أصوات جديدة بداخلي تطغى على أصوات الغضب والحزن والآلم.. الغضب من نفسي ومن رحيم.. والحزن على أخي وعلى غيره من الأبرياء الذين يدفعون ثمن أطماع نظام سياسي تحول على مدار سنوات طويلة لعصابة إجرامية لا تتردد أبدا في سحق كل من يعارضها..
أما الألم.. فهو قصة أخرى..

ولكن الأصوات كانت تعلو وتعلو في داخلي وتبدد تماما السحابة الضبابية التي غشت عقلي وعينيّ..
فكلما ازداد رحيم عنفا وساديا، كلما تبلورت أفكاري وصارت أكثر وضوحا..

يبدو أنه كان على حق في النهاية.. فما يفعله الآن يجعل كل شيء جليا واضحا وكأنني أنظر للأمور عبر منظار سحري فائق الدقة يعرض الصور بتقنية متناهية الوضوح..

كيف لم أره على حقيقته طوال تلك السنوات؟.. كيف سمحت له بالتلاعب بي بين راحتيه على مدى أكثر من أربعة وعشرين عاما كنت خلالها أقل من عبد لديه..
يا لضحالته وتبا لسذاجتي..

رحيم يبدو كوحش سادي مرعب لكنه في الواقع ضعيفا وضئيلا.. لا يتغذى سوى على الضعفاء منهكي القوى.. ليس خصما عادلا وليس نبيلا في عدائه بحيث ينتقي من هم في مثل قوته لكي يكون نصره عليهم مثارا للفخر والتباهي، بل إنه لهشاشته يبحث عن التفوق فقط بين المقهورين والمهزومين بالفعل، أو ينقض على الغافلين المسالمين في معركة غير متكافئة حتى يضمن الفوز..

هو حتى لا يتوان أبدا عن ايذاء اقرب الناس إليه لأنه يعلم أنهم لن يقاوموه.. فكيف ظننت أنه سيفي بعهده لي ويترك أخي خارج حساباته الانتقامية؟

والآن جاء دوري لأكون وسيلة جديدة وقديمة.. أو لنقل مألوفة واعتيادية.. لكي يشعر من خلالها بالتفوق والزهو.. وأنا لا أمانع.. أقسم أنني لا أمانع.. فقط إذا ترك أخي والآخرين في مأمن بعيدا عن نزواته المريضة السادية بحثا عن سلطة وهمية!

استجمعت كل ما تبقى من طاقتي ودفعته بعيدا عني.. وقبل أن أنجح في النهوض، هاجمني هو من جديد وصار يحاصر جسدي المنسدح على السجادة الداكنة العتيقة بكتلته المترهلة، ثم قال مهادنا بعد أن أستشعر نوبة عناد نزقة جديدة: "افهم يا أحمق.. أنا تحدثت معك من قبل عن الولاء.. أنت أظهرت ولاءك لي بالفعل وحاولت أن تنفذ ما طلبته منك ليلة أمس.. رغم أنك لم تنجح كليا.. لكن لم أفكر أبدا في أن أعاقبك أبدا على فشلك بتلك المهمة بإيذاء أخيك.. فأنت لم تتحداني أو ترفض".

ثم رفعني قليلا وهو ممسك بياقتي بكلتي قبضتيه، وأكمل هازئا بنبرة صوت مختلفة تماما: "أنت فقط برهنت لي أنك غر ساذج.. وضعيف متخاذل.. وعقابك كان ما لحق بك الآن.. وأنت تستحقه وتعلم ذلك جيدا.. لكن ما وقع لأخيك مجرد حادث.. هو لم يكن أمرا مرتبا أبدا.. هذه إرادة الله.. فلا تحاسبني على ما لم يصدر مني كأمر مباشر لرجالي".

قال جملته الأخيرة بحالة من التشفي، والتمعت عيناه برضا وحبور، وكأنه قد حصد جائزة دون بذل أي مجهود.. وكأنه سعيدا بالنتيجة النهائية التي آلت إليها الأمور رغم أنه لم يكن قد خطط لها لتسير بهذه الصورة.


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 06:34 PM   #264

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل العاشر - الجزء الأخير

صمت رحيم قليلا، ثم نزع يديه من ياقتي وشرع في الوقوف، وأعاد ترتيب ثيابه التي تجعدت بعد نوبة العنف التي جمعت كلينا منذ دقائق، ثم أمسكني من ذراعي وساعدني على الوقوف، وسألني بهدوء غريب: "هل أصبحت هادئا ومتعقلا الآن؟ أم أنك في حاجة للمزيد من اللكمات لتستعيد تركيزك؟"

وقبل أن أرد عليه بكلمة واحدة، انفتح الباب فجأة، استدرت لأجد شروق تقتحم الغرفة كعاصفة بركانية ثائرة ومقلتاها مثبتتان على والدها.

نظرت لوالدها بعينين حارقتين.. ألا تكون النيران في قمة استعارها عندما تتحول للون الأزرق المشع!
أظن لو أنها أطالت النظر إليه لفترة أطول لكان قد احترق ذاتيا بموقعه.. ابتسمت قليلا عند تلك الفكرة..
يبدو أنني قد وصلت للجنون بالفعل..

بعدها، قامت شروق بشئ لم أتوقعه على الإطلاق، حيث اقتربت مني بهدوء كمن يحاول السيطرة على حيوان مفترس قد سقط في شرك وجرح أطرافه ويخشى الجميع من محاولة مساعدته خوفا من رد فعله المفاجئ.
لكنها لا تخشاني.. خصوصا في تلك الحالة الممزقة.. وهي.. هي.. محاربة.. حتى وإن كانت رقيقة كالفراشة، فهي تفضل المواجهة على الاستسلام..

دون أن تنظر لعينيّ، مدت شروق يدها وأمسكت يدي برفق، ثم أسندت مرفقي بيدها الأخرى لكي تساعدني على النهوض، بعدها تحركت تسحبني إلى الخارج بخطوات بطيئة وأنا أتبعها بصمت واستسلام.. لا أشعر بأي شيء سوى يدها الدافئة التي ما زالت تحتضن يدي المهترئة بعد أن أتلفت سطحها أسنان كرة الضغط المعدنية منذ ساعات قليلة.
كنت أسير خلفها بطاعة وكأننا نتجول معا في حديقة الفيلا في يوم عابر..

لم أقاومها أبدا وسرت برفقتها في هدوء وكأن الوضع كله اعتيادي، رغم أنني لم أفهم كيف لها أن تقتحم الغرفة بهذا الشكل وهي لم تفعل هذا أبدا من قبل.

ورغم أنني لم أدرِ إذا كانت قد سمعت شيئا.. أو مقدار ما سمعته.. إلا أنه لم يكن لدي الوقت لكي أحاول السيطرة على نفسي أو إخفاء آثار ما قد حدث في تلك الغرفة طوال الدقائق التي مضت.

لم أكن لأعارضها أساسا، فأنا لا أستطيع مواجهتها أو معارضتها بكلمة واحدة بعد ما جرى في غرفة الإفاقة منذ ساعات..

كما أنني لا أقو على التحرك خطوتين بمفردي بحالتي تلك.. وبالتالي مساعدتها لي مرحب بها وإن كانت غير متوقعة أو مفهومة أو حتى منطقية.

أخذتني شروق إلى غرفة جانبية بجانب غرفة المعيشة، ثم أجلستني على مقعد وثير مغطى بالمخمل الأزرق الذي تزينه الزهور..

بعدها غادرت الغرفة وغابت للحظات أو لدقائق.. لا أدري.. كنت قد أسندت رأسي إلى مؤخرة المقعد وأغمضت عينيّ متجاهلا كل شيء يدور حولي.. عدا فكرة واحدة..

أنني فشلت مجددا في مواجهة رحيم وفرض إرادتي عليه.. تركته ليمارس ساديته العنيفة على جسدي دون مقاومة.. أنني مازلت بيدقا ضعيفا يأتمر بأمره ولن أكون ملكا أبدا على رقعة الشطرنج ما لم أتخلى عن خنوعي المرير..

للمرة الأولى، أشعر بالخجل أن هناك من شاهد كيف يعاملني رحيم خلف الأبواب المغلقة..

عادت هي حاملة حقيبة جلدية مستطيلة تشبه الحقائب التي يحملها الأطباء أثناء زياراتهم المنزلية، ثم أخرجت جهازا لقياس ضغط الدم ووضعته على الطاولة التي تتوسط الغرفة.

بعدها ودون أن تصوب نظراتها نحو مقلتيّ، قامت بآلية بمساعدتي على خلع الجاكيت الذي كنت أرتديه عن ذراعي الأيسر، ثم لفت عليه الشريط المستطيل المتصل بالجهاز، ثم وضعت سماعتها الطبية عند مكان النبض أعلى مرفقي وبدأت في تحريك المضخة الموصولة بالشريط الملفوف على عضدي لكي تقيس ضغط دمي..

وبعدها فكت جهاز الضغط ووضعته جانبا، ثم بدأت في فحص عينيّ بواسطة كشاف طبي صغير أخرجته من نفس الحقيبة بنظرات محايدة خاليا من النفور أو التعاطف، ثم وضعته جانبا وبدأت في تفحص وجهي ورقبتي بأناملها وكأنها تبحث عن رضوض أو جروح أو كدمات غير مرئية.

استكملت شروق فحصها لي دون أن تحدثني بكلمة واحدة، حيث أخرجت سائل التطهير لتنظيف جروح لا أراها ولكن يبدو أنها قد استقرت بالفعل على الجانب الأيسر من وجهي الذي بدأت أشعر أنه قد صار ثقيلا ومتورما نوعا ما..

بعد أن انتهت من تطهير جروحي الصغيرة وتضميدها، قامت برفق بتدليك الكدمة التي توسطت جبهتي بكريم طبي، ثم نظرت لي بطريقة جامدة خالية من أي اهتمام، وقالت بعملية شديدة ربما تعلمتها داخل أروقة كلية الطب: "أظن أنك لم تتأذى بشكل مقلق.. ولكن عليك أن تتوجه إلى إحدى المستشفيات وتخضع لمسح بالأشعة على الرأس حتى تتأكد أن تلك اللكمات لم تترك أثرا.. بإمكانك المغادرة الآن".

لم تعجبني طريقتها غير الشخصية أبدا في الحديث.. كانت وكأنها لم تعرفني أبدا من قبل، فسألتها بصوت مبحوح تغلب عليه الحدة التي أججتها بلادة عقلية غير مسبوقة: "ماذا تفعلين؟"..

ردت هي ببرود مزعج: "أنا أقوم بعملي كطبيبة.... فنحن مكلفون بتقديم العلاج للجميع بقدر استطاعتنا ودون استثناء.. هناك ميثاق شرف وقسم أبقراط.. صحيح أنني لم أتخرج بعد تماما ولم أحلف القسم بعد، لكن علمونا في كلية الطب ألا نفرق بين أبرياء ومجرمين"..

مجرم.. تقول إنني مجرم وتوصمني دون حتى أن تستعلم عن الأمر..
ولماذا أغضب؟.. هي لم تخطئ.. أنا فعلا مجرم..

ولكن لماذا تنظر لي هي بهذا الشكل الغريب إذا كانت تدعوني مجرما؟ أين الاحتقار والنفور والغضب الذين سيطروا عليها منذ أقل من ساعتين؟ لماذا صارت هادئة الآن؟

لا.. ليست هادئة.. بل متعاطفة.. حتى أنني لا أبالغ إذا قلت أنها كانت تعتني بي منذ لحظات كأم حنون تشعر بالقلق على صغيرها.

صحيح أنها تحاول الحفاظ على واجهة من الجمود والبرود وعدم الاكتراث.. لكنني أستشعر فعلا تعاطفها معي..
ما الذي تغير؟

نهرت نفسي بضيق..
لا شيء تغير بالتأكيد.. أنا ما زلت مجرما في عينيها..

لماذا إذًا تعبث بعقلي بنظراتها المناقضة لكلماتها؟ هل تريد أن تتسبب في إصابتي بالجنون هي الأخرى؟
ألا يكفي ما يحدث لي الآن؟

رن هاتفي فجأة.. فارتبكت هي وأرخت نظراتها التي كانت مركزة على عينيّ، ثم قامت من فورها بإعادة جمع أغراضها وترتيبها في الحقيبة بطريقة روتينية.

أمسكت أنا الهاتف لكي أشغل نفسي بعيدا عن تتبع ما تقوم هي بها، فنظرت للشاشة التي كان اسم خالد يتوسطها..
يجب أن أتلقى مكالمته هذه المرة فقلقه يزداد بالتأكيد كلما تأخرت في الرد عليه..

فتحت الخطـ وأجبته بهدوء: "نعم خالد"، جاء صوته قلقا ومتلهفا من الجهة الأخرى، قائلا: "يا إلهي.. كدت أموت من القلق.. لماذا تتجاهل مكالماتي يا هذا.. كيف حالك؟ وكيف هو حسام؟ هل طمأنك الطبيب؟ هل كلاكما بخير؟".

هكذا هو خالد.. يعلم جيدا أن ما أصاب أخي سيكون له تأثير مؤلم على نفسي أيضا، وبالتالي كان يسأل عن كلينا بقلق حقيقي دون أي اتهام مستتر بين كلماته.

أجبته باقتضاب: "هو بخير للآن.. ولكنني لم أتحدث للطبيب بعد.. هناك أمر ما عطلني وانتهيت منه.. سأعود للمستشفى بعد قليل.. وأحاول مقابلة الطبيب من جديد.. سأخبرك كل شيء عندما أفهم أنا تفاصيل وضعه الصحي.. كل ما أعرفه حاليا أنه قد خضع لجراحة عاجلة في ساقه".

رد خالد: "حسنا تفاءل يا أخي.. سيكون كل شيء بخير بإذن الله.. حدثني فور أن يطمئنك الطبيب.. أنا لست مرتاحا لصوتك.. ولكن أنتظر منك مكالمة أخرى في المساء.. لا تجعلني أنتظر طويلا".

فور أن أغلقت الهاتف، اكتشفت أن شروق قد غادرت الغرفة بالفعل.

كنت أحتاج للتوجه للمستشفى فورا دون تباطؤ.. ولكن أولا.. عليّ أن أقول كلماتي الأخيرة لذلك الرجل..

توجهت من جديد إلى غرفة المكتب، حيث كان هو يجلس أمام شاشة التليفزيون، ويتابع بتركيز إحدى القنوات الإخبارية التي تستعرض ملخصا للتطورات الأخيرة في ميدان التحرير..

كانت الصدمة تعلو وجهه عندما اكتشف أن المعتصمين لم يغادروا الميدان كما ظن.. بل إن الأعداد تزايدت حيث نزل الكثيرون ممن كانوا غير مقتنعين أساسا بجدوى تلك الاعتصامات، لحماية المتظاهرين من البطش الممنهج ضدهم..

وتوالت ردود الأفعال العكسية، حيث بدأت الدعوات لمسيرات مليونية جديدة يومي الثلاثاء والجمعة المقبليين، كما ذكر المراسل في تقريره أن عددا من المحامين سيتقدمون ببلاغ عاجل للنيابة للتحقيق في الأمر واكتشاف المتسبب في ذلك الاعتداء الهمجي الذي يسيء للنظام بدلا من ضمان حصوله على دعم وتعاطف المواطنين الذين قد لا يكونوا مؤيدين لتلك التظاهرات من الأساس.

وذكر التقرير أيضا أن هناك الكثير من منظمات حقوق الإنسان وأبرز رجال السياسة حول العالم قد هاجموا ما حدث في الميدان، خاصة بعد عودة شبكة الاتصالات وانتشار مقاطع فيديو ترصد بشكل مفجع ما حدث فعليا على أرض الميدان من أحداث دموية مؤسفة.

كان رحيم يدري أنني أتواجد معه في الغرفة.. لكنه تجاهلني تماما وظل يتابع البرنامج الإخباري بكل انتباه، برغم تحول نظرات الظفر التي كانت تملأ وجهه قبل دقائق إلى نظرات قلقة مترقبة مهتزة بعد اقتنع أخيرا بفداحة ما فعله بتعجله وضيق أفقه وساديته..

تحركت نحوه بخطوات هادئة وثابتة، وأمسكت بجهاز التحكم عن بعد وحجبت الصوت تماما. فالتف هو بمقعده ونظر صوب عينيّ بتساؤل صامت دون تحدٍ أو شماتة أو فوقية..

يبدو أنه قد رأى التصميم فيهما مدركا أن لديّ المزيد وأن الأمر لم ينته بعد كما ظن هو منذ دقائق..

لم ينجح رحيم في أن يكسرني بكل ما فعله طوال تلك السنوات.. فبالتأكيد لن يفعل الآن.. ليس وأنا أعد للانتقام منه وإذاقته من نفس ما حاكه ضد الجميع..

نظر إلي رحيم بتحفز هادئ، وقد أصبح مستعدا لتلقي قنبلتي التالية.. وأنا لم أؤخر الخبر أكثر من ذلك بل ألقيته على مسامعه بابتسامة مليئة بالتشفي والكراهية، قائلا بنبرة هادئة لا تخلو من العزم: "الآن انتهى كل شيء.. تهديداتك لن تجدي بعد الآن.. فأنا خسرت كل شيء بالفعل ولا يوجد شيء جديد لأخسره.. كنت أساسا قد أخبرتك أنني لن أعمل لديك مجددا قبل أن أكتشف فداحة جرمك هذه المرة.. لكن الآن كل شيء انتهى بالفعل.. والدين الذي تستعبدني بسببه.. أظن أنني قد وفيت أكثر من قيمته.. إذا حسبتها جيدا.. ستجد أنني لم أعد أدين لك بشيء.. بل الآن صار لدي ثأر عندك بعد ما جرى لأخي.. وأنا لن أنسى هذا الأمر أبدا.. أنصحك أن تبتعد عن حياتي من الآن فصاعدا، وإلا لا تلومن إلا نفسك.. لا تظن أن بلكمتين وركلتين وضربتي حزام ستنجح في إقصائي عما سأفعله بك إذا تقاطعت طرقنا من جديد.. انتهى الأمر يا رحيم".

نفثت بعض الأنفاس الغاضبة كتنين يجبر نفسه على السيطرة على نفسه كي لا يزفر اللهب بشكل عشوائي فيحرق كل ما يحيط به إثر نوبة حنق نزقة، ثم أكملت بتقرير وثبات: "أخي سأحميه جيدا من الآن فصاعدا.. أنا أخطأت بالفعل حين تجاهلت حمايته وركضت وراء أهدافك الجنونية ونزواتك السادية متشبثا بكلمة منك ظنا مني أنك رجل تفي بعهودك.. ولكن صدقني.. لن أقع في مثل هذا الخطأ بعد الآن.. عليك أن تحذر غضبي.. فأنا لن أسمح لك بإيذاء أحد يخصني بهذا الشكل بعد الآن".

تحركت خطوتين للأمام لأقف أمام مجلسه مباشرة، ثم انحنيت قليلا حتى تصبح نظراتي موازية لمقلتيه، وأكملت: "أنا لن أعمل لديك مجددا.. ولا أريد شيئا من امبراطوريتك اللعينة.. بالأساس أنا لم أمتلك شيئا يخصك ولم أكسب من ورائك.. والقليل الذي أدخره حاليا كان بتعبي بعيدا عن أموالك القذرة.. فأنا لا أقبل أن أصعد على أكتاف الآخرين ولن أحقق الثروة بامتصاص دماء الأبرياء.. هذا هو الوداع الأخير.. فلتدعو ألا يجمعنا لقاء بعد الآن، لأنه وقتها ستكون النتيجة هي حفر قبرك".
وقبل أن أستدير لمغادرة منزله للأبد، قفز هو من مقعده الوثير كمن لسعته حية..

أخيرا سقط من عليائه وبات يرى الأمور كما هي..
أخيرا صدّق أنني قد وصلت لنهاية لجامي وقد مزقته للأبد..
أخيرا اقتنع أنني قادر على مواجهته والتصدي له بعد أن امتلكني وضمن خضوعي لسنوات وسنوات..
وأخيرا، أمسى متأكدا أن أفعاله المتهورة بعيدا عني جلبت عليه نتائج كارثية عليه الآن تحملها وحده..

وأخيرا، أصبحت أنا أشعر لأول مرة أن ثقلا قد انزاح عن كاهلي.. سأكرس حياتي من بعد الآن لمساعدة أخي على الشفاء، ومحاولة التكفير عن كل أخطائي السابقة..

وبينما أستدير لأفتح الباب، باغتتني كلماته الصادمة: "انتظر يا بني.. لا يمكن أن تتركني الآن.. كنا فريق واحد دائما.. أنا سأعوضك عما حدث.. ســــــااا.. سسأزوجك ابنتي.. تزوج شروق.. هي لك.. خذها.. وهكذا سنكون متعادلين.. ثم سنبدأ من جديد.. نعم.. سنبدأ من جديد ونحمي امبراطوريتنا أنا وأنت"..


نهاية الفصل العاشر
دمتن بود وحب وسعادة
وفي انتظار تعليقاتكن


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 06:37 PM   #265

إنجى خالد أحمد

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية إنجى خالد أحمد

? العضوٌ??? » 156140
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 6,041
?  مُ?إني » مصر ..
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » إنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عزيزتي مروة...

أعتذر بشدَّةٍ أنِّي وضعت الردَّ بين أجزاء فصلك العاشر...
لهذا حذفته،
سأضعه مجددًا.. لم أكن أعرف أنَّكِ ستضعين الفصل الجديد الآن _إنه حظِّي أليس كذلك_؟!

أنهيت الفصل الأول...
أولًا مثلما ذكرتُ سلفًا، أسلوبُكِ اللغوي بديع وقد وقعتُ فى غرامِ السرد بكل ما فيه من إسهاب فى بعض الأحيان. نصيحتي الوحيدة هي ألا تطيلي العبارات بشدَّةٍ سواء فى الوصف أو فى الحوار كيلا يتشتت القارىء.

حسام، إنُّه السيناريست الذي كانَ فى ميدان التحرير والذي عالجته شروق الجميلة...
يا الله، هذا يعني أنَّ الأخوين يقفانِ على حافتي شديدتي التباعد، فبينما حسام ثائرٌ يحلم بالحرية، فحازم تابع لرجل أعمال شرس عديم الذمة والضمير يخصصه للأعمال القذرة وإثارة الشغب.

أحببتُ بشدَّةٍ أسلوب "الأنا" الذي لجأتي إليه فى هذا الفصل، أراه الأنسب حقًا لأنَّ لولاه، لما تعرفنَا على دواخل حازم بهذه الصورة....
وها قد رفعنا الستار عن علاقته بشروق، الحب المستحيل من طرف واحد... إنها بالنسبة إليه ملكةٌ وهو مجرد عبدٌ؛ فلا يجوز لهما الالتقاء يومًا.... تُرَى ماذا ستفعل الثورة؟ أتكونُ ثورةً على أوضاعهما أيضًا؟

شروق... وما أجمل النعوت التي ألحقها بها وهو يراقبها عن بُعدٍ.. ثمَّ إنَّ طريقتها فى الكلام مؤكد تغور فى صدرِهِ؛ إنها فاتنة وطفولية وهو يفتقد مثل هذه اللمسة المنتعشة المتحررة فى حياته... تود الصغيرة أن ترافق صديقاتها، ولم تجد سواه _وهو الطائر الأكثر قيدًا_ لتشكوه.... أعجبني مشهدهما لكن حزنتُ بشدَّةٍ....

خالد، يبدو حقًا أنَّ الأمر مثلما قال حازم؛ أنُّه تم نقله من أجلِ دقته وحزمِهِ ولكي يسيطر على هذا السجن، لكني لستُ مطمئنةً، فالثورة القادمة ستكونُ جارفةً...

طبعاً كانَ ممتازًا أن بدأتي الرواية من حفل رأس السنة 2011؛ والذي لحقته حادثة انفجار كنيسة القديسين، وأعتقد أن هذه كانَتْ بداية الشعلة....

أعجبتني علاقة حازم وخالد، لكن أخشَى أنْ يتضرر أحدهما، فأحدهما الماء والآخر النار... لا يمكنهما أنْ يتعايشا!

علياء، ولماذا تترك حسام؟ أمن أجلِ خمولِهِ فى تحقيق أحلامه؟
لا أعتقد أنُّه الخمول، لكنه اليأس... حسام يائس من الأوضاع المحيطة...
لكن ألا يعني هذا أنَّ لديه هشاشة عاطفية قد تجعله يتعلق بأول امرأة تحنو عليه؟!

واقعي جدًا وصفُكِ لعلاقة حازم ورحيم؛ فالأخير يذله ويهينه على الدوام... وقد أنهيت الفصل بالتعريف عن طبيعة العلاقة... حازم ليس إلا اليد التي تقوم بالأعمال القذرة لحماية إمبراطورية رحيم... والله أعلم بِمَا سيحدث تاليًا. فالفصل تحدَّثَ عن ثورة تونس وكأنَّها بعيدة عن مصر (مصر ليست كتونس) _ومن منَّا ينسى هذا القول_؟ لا يعلمون أنَّ بمرور بعض الأيام، فإنَّ الثورة بحذافيرها ستنتقل إلى هنا.... أعجبني كلام رحيم عن المصريين، فهذا بالضبط ما كانوا يؤمنون به هؤلاء الغيلان.. كتبتيه بحرفية....

هذا ما لدي حتَى الآن، وما زلتُ ممتنةً للقدر الذي أوقعني فى شباك هذه الرواية....
كما أنَّ اسمها منطقي ومثير للأشجان...

أخشَى أن النهاية لن تكون سهلةً!!
تحياتي ومحبتي وودي لكِ عزيزتي....


إنجى خالد أحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 06:42 PM   #266

إنجى خالد أحمد

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية إنجى خالد أحمد

? العضوٌ??? » 156140
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 6,041
?  مُ?إني » مصر ..
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » إنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مروة سالم مشاهدة المشاركة
صحيت على المراجعة الجميلة دي.. اسعدتني جدا ورفعت معنوياتي.. وقعدت افكر اكتبلك ايه.. ف الحقيقة مش عارفة اعبر عن سعادتي بكلماتك الرائعة دي..
جت ف وقت كنت تعبانة فيه نفسيا..
اتمنى تكملي متابعة وتتعرفي على المزيد عن الملثم والفراشة المحاربة..
واتمنى دايما تديني انطباعاتك لاني لسه في البداية واكيد عايزة انتبه للملاحظات واتقدم وكمان كلمات الدعم والتشجيع بتزود ثقتي في المحتوى اللي حابة اقدمه للناس..
تسلمي ولك جزيل الشكر وموفقة دايما يارب
بالعكس، أنا معملتش أي شىء...
ده أنا اللي أشكرك لأنِّك رجعتيني لمود المتابعة فى المنتدى واللي كنت بحبه أوي لكن ظروفي الحياتية والنفسية بعدوني عنه...
وأنا شايفة أنَّ أسلوبك ممتاز ما شاء الله.. وأكيد أنك كتبتي كتير وبتقرأي كتير ودول هما النصيحتين اللي هتلاقي أي حد بيوجههم ليكي.. فلا تقلقي أنتي ماشية صح مش غلط..

وبإذن الله أفضل معاكي لحد كلمة النهاية..
الواحد مش بيلاقي روايات محترمة كدا كتير بجد يا مروة...
ربنا معاكي ويوفقك دائمًا دائمًا....
هي فعلًا فراشة محاربة جميلة...
حبيتها جدًا..
وحبيته هو كمان، ولو أن وضعه خطير فعلًا ومش عارفة فى الحقيقة لو كنت قابلت حد زيه، كان هيبقى تصرفي إزاي...
الله يكون فى عونه بجد..


إنجى خالد أحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 07:25 PM   #267

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Elk

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنجى خالد أحمد مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عزيزتي مروة...

أعتذر بشدَّةٍ أنِّي وضعت الردَّ بين أجزاء فصلك العاشر...
لهذا حذفته،
سأضعه مجددًا.. لم أكن أعرف أنَّكِ ستضعين الفصل الجديد الآن _إنه حظِّي أليس كذلك_؟!

أنهيت الفصل الأول...
أولًا مثلما ذكرتُ سلفًا، أسلوبُكِ اللغوي بديع وقد وقعتُ فى غرامِ السرد بكل ما فيه من إسهاب فى بعض الأحيان. نصيحتي الوحيدة هي ألا تطيلي العبارات بشدَّةٍ سواء فى الوصف أو فى الحوار كيلا يتشتت القارىء.

حسام، إنُّه السيناريست الذي كانَ فى ميدان التحرير والذي عالجته شروق الجميلة...
يا الله، هذا يعني أنَّ الأخوين يقفانِ على حافتي شديدتي التباعد، فبينما حسام ثائرٌ يحلم بالحرية، فحازم تابع لرجل أعمال شرس عديم الذمة والضمير يخصصه للأعمال القذرة وإثارة الشغب.

أحببتُ بشدَّةٍ أسلوب "الأنا" الذي لجأتي إليه فى هذا الفصل، أراه الأنسب حقًا لأنَّ لولاه، لما تعرفنَا على دواخل حازم بهذه الصورة....
وها قد رفعنا الستار عن علاقته بشروق، الحب المستحيل من طرف واحد... إنها بالنسبة إليه ملكةٌ وهو مجرد عبدٌ؛ فلا يجوز لهما الالتقاء يومًا.... تُرَى ماذا ستفعل الثورة؟ أتكونُ ثورةً على أوضاعهما أيضًا؟

شروق... وما أجمل النعوت التي ألحقها بها وهو يراقبها عن بُعدٍ.. ثمَّ إنَّ طريقتها فى الكلام مؤكد تغور فى صدرِهِ؛ إنها فاتنة وطفولية وهو يفتقد مثل هذه اللمسة المنتعشة المتحررة فى حياته... تود الصغيرة أن ترافق صديقاتها، ولم تجد سواه _وهو الطائر الأكثر قيدًا_ لتشكوه.... أعجبني مشهدهما لكن حزنتُ بشدَّةٍ....

خالد، يبدو حقًا أنَّ الأمر مثلما قال حازم؛ أنُّه تم نقله من أجلِ دقته وحزمِهِ ولكي يسيطر على هذا السجن، لكني لستُ مطمئنةً، فالثورة القادمة ستكونُ جارفةً...

طبعاً كانَ ممتازًا أن بدأتي الرواية من حفل رأس السنة 2011؛ والذي لحقته حادثة انفجار كنيسة القديسين، وأعتقد أن هذه كانَتْ بداية الشعلة....

أعجبتني علاقة حازم وخالد، لكن أخشَى أنْ يتضرر أحدهما، فأحدهما الماء والآخر النار... لا يمكنهما أنْ يتعايشا!

علياء، ولماذا تترك حسام؟ أمن أجلِ خمولِهِ فى تحقيق أحلامه؟
لا أعتقد أنُّه الخمول، لكنه اليأس... حسام يائس من الأوضاع المحيطة...
لكن ألا يعني هذا أنَّ لديه هشاشة عاطفية قد تجعله يتعلق بأول امرأة تحنو عليه؟!

واقعي جدًا وصفُكِ لعلاقة حازم ورحيم؛ فالأخير يذله ويهينه على الدوام... وقد أنهيت الفصل بالتعريف عن طبيعة العلاقة... حازم ليس إلا اليد التي تقوم بالأعمال القذرة لحماية إمبراطورية رحيم... والله أعلم بِمَا سيحدث تاليًا. فالفصل تحدَّثَ عن ثورة تونس وكأنَّها بعيدة عن مصر (مصر ليست كتونس) _ومن منَّا ينسى هذا القول_؟ لا يعلمون أنَّ بمرور بعض الأيام، فإنَّ الثورة بحذافيرها ستنتقل إلى هنا.... أعجبني كلام رحيم عن المصريين، فهذا بالضبط ما كانوا يؤمنون به هؤلاء الغيلان.. كتبتيه بحرفية....

هذا ما لدي حتَى الآن، وما زلتُ ممتنةً للقدر الذي أوقعني فى شباك هذه الرواية....
كما أنَّ اسمها منطقي ومثير للأشجان...

أخشَى أن النهاية لن تكون سهلةً!!
تحياتي ومحبتي وودي لكِ عزيزتي....
حبيبتي تسلمي على المراجعة الطويلة دي.. اشكرك بشدة على حذف المشاركة السابقة..

اشكرك جزيلا على نصيحة تقصير الحوار وعدم الإطالة في العبارات.. لأن فعلا هذه الملاحظة جاءت من بعض المتابعات وأصبحت أضعها في الاعتبار في الفصول التالية..
كنت أطيل في الكتابة الأولية لأن بذهني كانت الرواية من المفترض أن تكون ورقية.. ولكن حاولت تعديل القالب قدر المستطاع لتناسب القراءة الإلكترونية.. وأتمنى أن أكون قد نجحت في تلافي هذا الأمر في الفصول التالية..

بالفعل فضلت الاعتماد على "الأنا" في عرض وجهات نظر الشخصيات الأساسية.. حتى أتناول الاحداث من وجهات نظرهم، وكذلك أركز على الجوانب النفسية للبطل.. لأن شخصيته تعاني من خلل نفسي ما.. يتم الإشارة له بوضوح في الفصل السابع بتفاصيله واعراضه.. واسبابه المرضية..
كما اردت أن يكون التعبير عن احداث الثورة من وجهة الشخصيات وكأنهم هم من يعايشونها بدون تدخل مني أنا ككاتبة بالتأثير على طريقة تناول الاحداث وفقا لقناعاتي الخاصة.. وذلك حتى أحافظ على أكبر قدر من الحيادية في التناول لأن الموضوع شائك كما تعلمين..

ياجميلتي.. تفهمك لحالة حسام برغم عدم عرض الاحداث من وجهة نظره صراحة.. يثلج صدري كثيرا..
بالفعل ما شعرتيه بخصوص مشاعره تجاه علياء هو ما قصدته تحديدا.. إنه انجذب لهالة الاهتمام التي تسبغها هي عليه لأنه يعاني من هشاشة عاطفية سنتعرف على أسبابها رويدا رويدا..

إذا كنتِ ممتنة لوقوعك في قراءة هذه الرواية.. فأنا أشعر بشديد الامتنان لكلماتك الغالية.. ما شاء الله.. تفهمك للشخصيات من مجرد فصل أول قصير يثير الإعجاب بشدة ويشعرني بغبطة لا نهائية لأنها تعني أنني رسمت الشخصيات بشكل جيد يجعل من السهل على القراء تفهم دواخلهم ودوافعهم لتصرفاتهم التالية.. شكرا جزيلا.. واتشوق من الآن لمراجعتك المقبلة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 07:28 PM   #268

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Mh04

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنجى خالد أحمد مشاهدة المشاركة
بالعكس، أنا معملتش أي شىء...
ده أنا اللي أشكرك لأنِّك رجعتيني لمود المتابعة فى المنتدى واللي كنت بحبه أوي لكن ظروفي الحياتية والنفسية بعدوني عنه...
وأنا شايفة أنَّ أسلوبك ممتاز ما شاء الله.. وأكيد أنك كتبتي كتير وبتقرأي كتير ودول هما النصيحتين اللي هتلاقي أي حد بيوجههم ليكي.. فلا تقلقي أنتي ماشية صح مش غلط..

وبإذن الله أفضل معاكي لحد كلمة النهاية..
الواحد مش بيلاقي روايات محترمة كدا كتير بجد يا مروة...
ربنا معاكي ويوفقك دائمًا دائمًا....
هي فعلًا فراشة محاربة جميلة...
حبيتها جدًا..
وحبيته هو كمان، ولو أن وضعه خطير فعلًا ومش عارفة فى الحقيقة لو كنت قابلت حد زيه، كان هيبقى تصرفي إزاي...
الله يكون فى عونه بجد..

ربنا يروق بالك ويسعد قلبك ويبعد عنك كل حزن وتستعيدي سلامك النفسي وترجعي لممارسة كل هواياتك اللي بتحبيها.. وشيء يسعدني جدا ويشرفني انضمامك للمتابعة.. واتمنى تستمر الرواية في رفع معنوياتك "برغم احداثها اللي بتعيد الذكريات" وشاكرة جدا لكل حرف كتبتيه


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 08:05 PM   #269

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
Rewitysmile21

جميل فصل رائع
اخيرا تخلص حازم من رحيم وازال الطوق الذى يقيدة به رحيم عن عنقة
مااصاب حسام جعل حازم ينقلب على رحيم ويراة وينقلب علية ويعرف ان مافعلة له رحيم ماهو الا شر وليس خير

رحيم الان خوفة ان يتركة حازم ويكرة
هو الان يضحى بشروق من اجل اهدافة
انسان حقير لايرى سوى مصلحتة واغراضة السادية


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-03-21, 08:20 PM   #270

شيرى رفعت

? العضوٌ??? » 482388
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرى رفعت is on a distinguished road
افتراضي

فصل نارى 🔥🔥🔥
المواجهه بين حازم ونفسه قاسيه جدا 💔💔💔
رحيم دا زيرو اخلاق ونوو دم خالص بيبيع بنته
عشان مصالحه ونفسه 😠😠😠


شيرى رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:26 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.