آخر 10 مشاركات
أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          غسق الماضي * مكتملة * (الكاتـب : ريما نون - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          رغبة التنين (1) للكاتبة: Kristin Miller (رواية خيالية قصيرة) .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          تحميل رواية بعد الغياب لـ أنفاس قطر بصيغة pdf_ txt _ Word (الكاتـب : جرح الذات - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-05-21, 03:49 AM   #411

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وفاء محمد مهدي مشاهدة المشاركة
اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المصطفى
عليه افضل الصلاة وأتم التسليم وعلى اله وصحبه اجمعين..
شكرا لمرورك


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-05-21, 12:46 PM   #412

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Maryoma zahra مشاهدة المشاركة
رومانسية رهييييبة بين أبطالنا ال مشرفينا حقيقي🙂
ده احنا هنشوف أيام عسسسل🙂🙂

ملح الحب ده :heeheeh:


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-05-21, 12:47 PM   #413

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Nour fekry94 مشاهدة المشاركة
ايه كم المشاعر والرومانسية والحياة الوردية الجميلة دي 😂😂
انا حاسة حازم هيتلعب في وشه بوكسينج حالا ربنا يسترها عليه 😂😂😂😂
الاقتباس صغنون اوي بس ابتسمت جامد انا بحب حازم اوي و بحب علاقة القط والفار والمشاكسات دي جدا 😂♥️♥️♥️♥️
تسلم ايدك يا مارو ♥️
والله يانونا توقعك مش بعيد عن الواقع.. خلينا نشوف ايه هيحصل :a555:


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-05-21, 12:48 PM   #414

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنجى خالد أحمد مشاهدة المشاركة
آه يا قلبي على زومي الغلبان ده....
بس أراهنك لو قربلها وهي أبدت أي نوع من الصدود أو عيطت، هيقعد جنبها يعيط هو كماااان.....

حلو أوي حازم ده بجد..
تحسي عايزة تطبطبي عليه كدا وتعيطي جنبه 😭
ابني هيخلينا كلنا هايبر ايمباث زيه


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-05-21, 04:41 AM   #415

نوارة علي
 
الصورة الرمزية نوارة علي

? العضوٌ??? » 471671
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 36
?  نُقآطِيْ » نوارة علي is on a distinguished road
افتراضي

جمييييييل ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

نوارة علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-05-21, 05:23 PM   #416

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل الرابع عشر - القسم الأول

الفصل الرابع عشر
شروق


أرتجف..
أشعر ببرودة مفاجئة في مؤخرة ظهري تحولت إلى لسعات كهربية جليدية زحفت إلى أوردتي وتمددت بها بهيمنة مرعبة لتجبرني على التسليم..

وبرأسي، نما صوت بدأ يرتفع رويدا رويدا ليكسبني قوة وبأسا أقاوم بهما اهتزازي المفاجئ..
كان داخلي يصرخ لأواجهه بصلابة بأول نزال..

لا.. لا يجب أن أكون خانعة هكذا.. لن ينال مني شيئا.. سأمزقه قبل حتى أن يقترب مني قيد ذراع واحد..

أحمق هو إن ظن أنني سأكون لقمة سائغة يلوقها بتلذذ ثم يلفظها.. سأسحقه ولينتهي الأمر.

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

اقترب مني حازم من جديد رافعا كلتي يديه، وعيناه زائغتان تحاولان الثبات..
هل يحاول أن يطمئنني بعد أن استشعر فشله؟

لكن.. لماذا يبدو مرتعبا هكذا وكأنه هو من يمر بموقف يفوق طاقته على التحمل؟

أراه يتراجع خطوتين مجددا وينزل يديه.. حتى رأسه انحنت للأسفل وكأن شيئا ثقيلا قد رزح لتوه على كتفيه..

بم يفكر؟ هل يعدل خطته حتى يتمكن من اقتناص فريسته؟
ذئب ملعون..

من جديد، صاح الصوت بداخلي.. يجب أن ألقنه درسا لا ينساه طوال حياته.. سأضع القواعد من الآن حتى يلتزم حدوده ويعرف حجمه الحقيقي..

إذا كان يظن أنه سيتحول لفهد بري هنا في هذا البيت لكي يخفي استكانته وتخاذله في المنزل الآخر.. فهو واهم..
عليه أن يعرف مكانه الحقيقي.. وأنا سأضعه في مكانه.. الليلة.. الآن!

اعتدلت في وقفتي وتسلحت بالصرامة وقوة البأس مسيطرة على لحظات الوهن السابقة، ثم صحت به: "انظر يا هذا.. سأخبرك بعض الأشياء وعليك أن تستمع لي جيدا لأنني لن أكرر كلامي مرة أخرى.. أولا أنا وأنت مجرد اثنين عليهما البقاء سويا تحت سطح نفس المنزل لفترة زمنية معينة.. وهذا لا يعني سوى ما يعنيه بالضبط.. أي أننا كيانان منفصلان لن يجتمعا أبدا.. ثانيا لا يحق لك تحت أي ظرف أن تلمسني.. وأنا كذلك لن ألمسك.. أبدا.. ثالثا أنت – كرجل متخاذل وضعيف.. ".

توقفت لبرهة أداري ضحكة ساخرة، ثم أكملت باستياء: "يا إلهي.. أنا أسميك رجلا.. ما أقصده.. أنك شخص متخاذل وضعيف ضحى بشقيقه من أجل مصالحه الشخصية ويداه ملطختان بدماء الأبرياء.. هذا الشخص لا يمكن أن يكون زوجي أو يقربني أبدا.. لذا أوقف كل الأفكار التي تدور في رأسك وابتعد من طريقي".

كان هو قد بدأ يفقد ثباته شيئا فشيئا.. لمحتها في اشتعال عينيه وتحولهما من شيء يشبه الألم إلى الغضب الذي حاول على ما يبدو السيطرة عليه باعتصار قبضتيه مرارا خلال عدة ثوانٍ..
هل سينفجر أخيرا؟..

اقترب هو خطوة واحدة بعد أن استقامت قامته واستعاد هيئته الصلبة، ثم رفع يده مشيرا بسبابته نحو صدره، وابتسم بشكل متصنع ومستفز، وقال بصوت هادئ لا يعكس أبدا كل الانفعالات التي مرت به خلال الدقائق الماضية: "وأنا لست مولعا بك أيضا.. أبوك رماك بين يديّ.. اشكري الله أنني قبلت الزواج بك.. أنت الآن بكليتك ملكي.. ولدي ورقة رسمية تثبت ذلك".

ارتسمت ابتسامة جانبية سخيفة على وجهه، ولمعت عيناه بخبث، ثم أكمل: "هي وثيقة زواجك يا عروس.. ولهذا أنصحك أن تغيري أسلوبك في التعامل معي بعد الآن.. سأغفر لكِ انهيارك اللحظي ونوبة جنونك التي سيطرتك عليكِ للتو، لكن اعلمي جيدا أنني لست مضطرا لكي أتحمل وقاحتك وكلماتك اللاذعة التي تتطاير في كل الاتجاهات.. تهذبي وإلا سأجعلك تندمين.."..

أطلق حازم ضحكة سخيفة قصيرة، ثم رفع حاجبه ورمقني بنظرة محتدة، وأكمل ببطء عنيف: "ومعي تصريح بهذا الأمر.. فوالدك أوكلني بالإشراف عليكِ لأعيد تأديبك، تماما كما يرمون الفتيات المدللات بمدرسة داخلية بعد أن تكثر مشكلاتهن ليتم تربيتهن من جديد.. وتأكدي يا صغيرة أنني ساقوم بهذه المهمة على أكمل وجه.. فأنا كما ترين.. لا أرفض لوالدك طلبًا أبدًا"، ثم أنهى جملته الأخيرة بغمزة وقحة..

تهاويت على مقعد مجاور.. فقد أفقدتني كلماته الإتزان للحظة وذكّرتني مجددا بسبب ربطي بهذا الشخص بعقد زواج ..

كيف تحوّل هكذا؟ أم تراه كان دائما هكذا وأجاد إخفاء شخصيته الحقيقية تحت هالة من الغموض حتى يجعل الآخرون يأمنون له.. مثل ماما سناء!!

ولماذا ينفذ كلمات أبي بإخلاص هكذا؟ وماذا يقصد بإعادة تأديبي؟ من سمح له؟
أبي!

تبا! بمجرد أن تذكرت ما فعله أبي منذ ساعات، خفت صوت القوة بداخلي وعاد الضعف يلفني مرة أخرى.
بقى رمقين حتى أتخطى حافة الجنون بشكل نهائي.. سأودع عقلي للأبد لينتهي كل شيء..

رغم ذلك، تصنعت العقلانية وحاولت التحدث معه بمنطق وحكمة، وسألته: "لماذا تطيعه بهذا الشكل؟ كيف وهو فعل كل ما قد فعل؟ اللعنة.. الرجل تسبب في إيذاء شقيقك وتدمير مستقبله.. لماذا لا تقاومه؟ لماذا لا تتحرر من سطوته عليك؟ ما الذي يجعلك مخلصا له بهذا الشكل؟ أنا فقط لا أفهم".

لدقائق، انتظرت منه أي رد.. ولما قابلني الصمت، رفعت كلتيّ يديّ ومسحت بهما على وجهي علني أتخلص من شعوري بالتعب والانفعال.

زرع هو الغرفة جيئة وذهابا، ثم وقف أمامي وقال بنبرة تقريرية: "اسمعي لستِ في حاجة لكي تفهمي كل شيء.. وأنا لن أكشف كل أوراقي أمام فتاة يربطني بها عقدا مؤقتا.. ولكن سأخبرك أمرا أو اثنين علّكِ تهدئين وتوقفين سيل أسئلتك المستفز.. فكل ما أبتغيه الآن بكل صدق أن تنتهي تلك الليلة بشكل أو بآخر"..

بشكل.. أو.. بآخر؟؟؟؟؟

وضع حازم إحدى يديه بجيب سرواله، ثم جز على أسنانه وكأنه يقاتل نفسه من أجل الاحتفاظ بثباته الانفعالي، ثم قال: "أعلم أنك تعرفين بعض الأمور يا عاشقة التلصص.. أو لنقل استنتجتِ بعض الأشياء.. فأنت لست حمقاء بشكل تام.. من المؤكد أنك قمت بترتيب بعض المعلومات التي تحصلت عليها وتوصلت إلى بعض القناعات.. التي احتفظت بها داخل عقلك الصغير هذا كحقائق لا تقبل التشكيك أو التفنيد"..

زفر بعدها ببطء وهز رأسه ببطء يمنة ويسرة، وكأنه يقاوم الرغبة في الإفصاح عن المزيد ولكن يلجم نفسه بصعوبة شديدة، ثم أكمل: "ظني ما شئتِ وقولي ما شئتِ.. فقط أخرجي أخي من هذه المعادلة.. وتوقفي عن الحديث عنه بشكل طائش ولا تزجي به بين جملة وأخرى".

قاطعته أنا بهدوء كاذب: "ماذا تقصد؟"..
كنت أحاول أن أدفعه لكي يتحدث.. يشرح.. يفسر..
أي شيء..

فهذه فرصة ذهبية فرضت نفسها لكي أستمع لما لديه ليقوله، ويجب عليّ استغلالها.. ربما يكشف بعض الأسرار التي تقربني أكثر من حل اللغز.. وتحقيق انتقامي بشكل أسرع..

نعم.. الانتقام.. يجب أن أتشبث بهذا الهدف.. وإلا سيتمكنان من تحطيمي تماما هو وقائده الذي هو بكل أسف.. والدي.

استطرد حازم في حديثه، وكأنني لم أقاطعه أبدا.. ربما كان أيضا يحاول أن يتشبث بقراره في الحديث أخيرا.. قبل أن يتراجع ويتحول لتمثال صامت من جديد، حيث قال: "أنا اشتريت حياة حسام بعمري.. كان هذا هو عرض السيد رحيم منذ سنوت عدة.. وأنا قبلته ومشيت هذا الطريق ولن أتراجع الان.. أنا أفعل أي شيء من أجل أخي.. هذه هي القاعدة الأولى في حياتي".

سألته بغيظ: "ولماذا إذًا لا تنتقم له؟.. أبي أخبرني أنك لست مسؤولا كليا عن أحداث الثاني من فبراير.. في الحقيقة أنا لا أصدقه.. ولكن إن كان كلامه به شيء من الصحة.. فلماذا لا تأخذ حق شقيقك منه؟ ألم يكن تصرفه هذا خيانة لك؟".

أجاب هو بضيق: "لست بطلا لرواية تنسجينها في خيالك.. لا أمتلك كل الأدوات اللازمة لإعلان حرب شاملة ضد والدك.. أنا مجرد تابع.. عبد مأمور امتلك هو صك ملكيته وصار يحركه كيفما يشاء.."..

رفع حازم كفيه إلى جبهته وضغط عليها براحتيه وهو يزفر بعمق، ثم أكمل: "افهمي يا صغيرة.. مفاتيح اللعبة ليست كلها في يد رحيم فقط.. هو يحرك خيوطي.. وهناك من يحركه.. ولكن في نفس الوقت يحميه.. ثم ماذا عنك؟.. ماذا عنك يا طبيبة؟ هل تشفقين عليّ الآن وتريدين خلاصي من الرق؟ أم تراكِ تحاولين تحويل حقوق الملكية إليك؟ هل تحتاجين تابعا يكون طوع بنانك ويصبح أداة انتقامك من والدك؟".

فغرت فمي وجحظت عيناي، وقبل أن أعلق، تابع هو: "لا تتصنعي الدهشة.. أعلم منذ اللحظة الأولى أن هذا هو السبب الوحيد لقبولك الزواج بي.. وهل يعقل أن يكون هناك سبب آخر؟"، ثم أطلق ضحكة ساخرة وأشاح بعينيه وكأنه يتقزز من النظر إليّ..
يا إلهي.. كيف فهم خطتي بهذه السهولة؟

تنفس حازم بعمق وتمهل، ثم استكمل هو من جديد محاولا على ما يبدو إنهاء المناقشة دون أن يكشف المزيد من التفاصيل، حيث قال: "اطمئني يا شروق.. أنا لن أقترب منك.. فأنت لستِ نوعي المفضل.. وما بيننا ليس قصة حب.. فلماذا سيحدث انجذاب بيننا من الأساس؟.. لا تقلقي من تلك الناحية والآن دعيني أساعدك في فك دبابيس الطرحة.. هذا ما كنت أحاول أن أفعله من البداية قبل أن تصيبك لوثة الجنون المفاجئة منذ دقائق".

مغرور..
من يظن نفسه هذا الأحمق؟ بادرته بغضب: "لم أطلب منك مساعدتي.. ابتعد عني.. وتذكر جيدا ما اتفقنا عليه من قبل.. نحن مجرد زميليّ سكن ولن أقول رفيقا سكن.. لأننا لن نكون رفيقا درب أبدا.. ولهذا لا تلمسني.. أتفهم؟".

أمسكت بذيل تنورة فستاني الواسعة وتحركت بعنف نحو جهاز التليفزيون قبل أن يرد عليّ من جديد، ثم جلست على الأريكة بعصبية وأخذت أقلب بين القنوات.. كانت الساعة قد قاربت الخامسة فجرا، ومعظم القنوات تعرض إعادات لبرامج حوارية من الليلة الفائتة.. وخلال الفواصل يتم عرض مشاهد مجمعة مقتطعة من أعمال العنف التي سيطرت على عناوين الأخبار خلال الأيام الماضية..

فجأة انتابتني حالة من الكآبة غير المفهومة.. وأخذت أفكر في الموت.. عدت بذهني لأتذكر ما تعرضت له يوم الخامس والعشرين، وكيف كان من الممكن أن تنتهي حياتي بلحظة واحدة.

كيف يكون الموت هو الفكرة الرئيسية التي تسيطر على عقلي في ليلة يفترض أن تكون هي ليلة زفافي؟ ما هذا المزاج المظلم؟

أجبرت نفسي على إيقاف الخوض في تلك الفكرة الكئيبة حين لفت نظري أحد البرامج السياسية على قناة معروفة بالتزامها الحياد في تغطية الأحداث..

كان المذيع يسأل ضيفيه عن تحليلهما لسلوك أصحاب المصالح الذين يحاولون التحكم في مجريات التظاهرات بأصابع خفية لمنع المعتصمين من تحقيق أهدافهم بل ودفعهم لمغادرة الميدان خوفا من التعرض للعنف..

بدأ الضيفان يتحدثان عن نفوذ رجال الأعمال أو ما أطلقا عليه اصطلاح (الطرف الثالث) الذي يقود عمليات التخريب من أجل تشويه صورة المعتصمين وتأليب عموم المصريين عليهم، وذلك للمحافظة على النظام الذي تتلاقى مصالحه مع سياساته..

وقتها نظرت إلى حازم بتقزز.. كان هو واقفا في أحد أركان الغرفة مستندا على الحائط يحتضن صدره بذراعيه بحركة تعكس انتظاره لمزيد من التأنيب.. وأنا لم أضيع الفرصة.. خاصة بعد أن رفع حاجبه بتحدٍ سافر..

كانت لامبالاته هي كل الوقود الذي احتجته لكي يشتعل بداخلي السخط من جديد، فأخذت أسلط عليه ألسنة غضبي.

رسمت على وجهي ابتسامة سخيفة ونظرت له بانتقاص، ثم سألته ببرود: "تعلم أنهم يقصدونك أليس كذلك؟ أنت ووالدي.. أليس أبي أحد رجال الأعمال الذين يحاولون قتل الثورة في مهدها؟؟ وأنت؟؟ ألست ابنه الروحي؟؟ جني المصباح خاصته؟؟ ألم تقبل طوعا أن تكون تابعه لسنوات تلبي كل أوامره البغيضة دون رفض؟؟". أنهيت كلماتي بحدة ونفور وبدا الاحتقار جليا في عينيّ..

أما هو، فقد تنهد في خنوع وتعب، وأجاب بمرارة: "نعم.. تابعه.. والآن اخفضي صوتك.. لا مزيد من الكلمات".

لم أستمع إليه.. ولماذا علي أن أطيعه؟..

سألته بنبرة هازئة: "لماذا يضربك؟!"..

رد هو بعد أن كسا عينيه غضب أسود خانق كألسنة دخان تملأ الأجواء بالضباب: "انظري أيتها المدللة.. أبوك له أفضال عليّ.. وهو يعاملني مثل ابنه.. بل هو الأب الوحيد الذي عرفته لسنوات.. وكل أب يضرب ابنه في بعض الأحيان.. ولكن يبدو أنه لم يضربك أنتِ بشكل كاف.. فقرر في النهاية أن يضعك بين يديّ لكي أقوم بما يترتب علي فعله".. ثم اقترب مني بخطوات ثقيلة.. بطيئة.. مخيفة..

هل ينوي أن يضربني؟
انكمش داخلي قليلا بينما حاولت التشبث بمكاني بشجاعة وأنا لا أصدق أنه قد يقدم على هذا الأمر.. حتى اقترب مني بشدة.. ثم مال على المنضدة الصغيرة المواجهة للأريكة التي كنت أجلس عليها.. وسحب هاتفه ومفاتيحه.. واستدار متوجها نحو باب المنزل.. وفتحه بهدوء ثم دفعه بعنف خلفه معلنا أنه قد غادر..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-05-21, 05:31 PM   #417

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

أمضيت نحو ساعة أخرى جالسة في مكاني أنتظر عودته.. لكنه لم يعد..
كان الفستان قد بدأ يخنقني، فقررت أن أتخلص منه وأرتدي شيئا مريحا..

أخذت أتنقل بين غرف الشقة الصغيرة حتى عثرت على غرفة نوم.. أظن أنها تعود لحازم أو حسام..
لم أهتم.. توجهت نحو المرآة الممتدة بطول الحائط في أحد الأركان، ثم بدأت في إزالة دبابيس الطرحة واحدا تلو الآخر..

كنت أتنفس بسرعة.. داخلي لا يهدأ.. كيف أخرج من هذا الفخ بدون خسائر؟ بل كيف أنصب لهما الشراك بشكل متقن حتى ينالا العقاب الذي يستحقانه؟

من الجيد أنه غادر المنزل.. هكذا فكرت.. الآن يمكنني أن أختلي بعقلي قليلا بعيدا عن أي منغصات تشتت تركيزي.. سأقوم بإعادة ترتيب كل قطع الأحجية..
يجب أن أفهم أولا.. وبعدها ستتبلور فكرة الانتقام في رأسي..

لكن قبلا.. عليّ أن أتخلص من هذا الفستان قبل أن أفسد تصميمه.. في النهاية يجب إعادته لصاحبته سليما..

خرجت إلى الردهة المواجهة للصالة بحثا عن حقيبة الملابس التي أعدتها ماما سناء لي.. وجدتها موازية للحائط وبجوارها صندوق صغير، حملته أولا وعبثت بمحتوياته، فوجدت بداخله هاتفي المحمول وجهاز اللابتوب وبعض العطور ومستحضرات التجميل الخاصة بي..

أخذت الهاتف ثم وضعت الصندوق جانبا، وحملت حقيبة الملابس وتوجهت عائدة إلى غرفة النوم.
رفعت الحقيبة على المنضدة المواجهة للسرير، ثم وضعت الهاتف بجوارها، وبدأت في فتحها..

هنا كانت الصدمة!
لم يكن بالحقيبة سوى بضع قطع الملابس التي تكفي بالكاد لأسبوع واحد.. لكن هذه ليست المشكلة.. فقد أخبرتني ماما سناء أنها ستقوم بتجهيز كل حاجياتي وأغراضي لنقلها لبيت حازم خلال الأيام المقبلة نظرا لسرعة زواجنا..

لكن المشكلة الآن أن كل الملابس داخل الحقيبة كانت كاشفة.. و.. خليعة.

ماما سناء..
ما الذي كانت تخطط له هذه المرأة؟ هل لهذا السبب أخبرتني أنها ستتولى إعداد الحقيبة بنفسها؟ هل كانت تظن حقا أنني قد أرتدي مثل هذه الغلالات أمام هذا الرجل؟

وما ذنبها؟ هي تظن أن هذا الزواج حقيقي وأننا بدأنا لتونا شهر العسل..
ثقتها به تذهلني.. هي لا تعلم نصف ما أعلمه عن هذا البغيض..

لكن.. لكن أنا لا يمكنني أن أنام بهذا الفستان الثقيل المليء بالتطريزات التي تجعل الاستمرار في ارتدائه لوقت إضافي أمرا خانقا.. كما لا يمكنني أيضا النوم بهذه الأزياء الخليعة.. ما الحل؟

أخذت أزرع الغرفة جيئة وذهابا، حتى التمعت برأسي فكرة.
توجهت نحو خزانة الملابس الموجودة في الغرفة، وبدأت أعبث بمحتوياتها بعشوائية حتى عثرت على كنزة منزلية شتوية بأكمام طويلة وبنطلون رياضي فضفاض من القطن..

لا بأس.. سأرتدي تلك الملابس مؤقتا.. ولولا أن الساعة قد شارفت على الخامسة صباحا لكنت اتصلت هاتفيا بها لكي أعبر لها عن امتناني الشديد لمجهودها الخرافي في إعداد حقيبتي..

غدا سأجبرها على إرسال أحد العمال بحقيبة ملابس أخرى..
خلعت فستاني الثقيل ثم مددته بعناية على طاولة جانبية مرتفعة أظن أنها مخصصة لكي الملابس.. ثم توجهت إلى غرفة الحمام.

بدلت ملابسي بعد حمام سريع.. كان البنطلون واسعا وطويلا للغاية ولكنه كان مزودا بحزام من المطاط المرن، فربطته أعلى خصري بإحكام، ثم ثنيت أرجله الطويلة حتى صار مقبولا نوعا ما..

أما الكنزة فقد تهدلت عند منطقة الكتفين، بينما تمددت قليلا عند الصدر، فقمت بطي قسم كبيرر من الأكمام حتى تظهر أصابع كفيّ..

أظنني في النهاية بدوت كصياد يقوم بترتيب ما اصطاده من سمكات داخل الصناديق التي تعتلي مركبه الخشبي العتيق بعد أن عاد من رحلة صيد طويلة..

عظيم..
والآن ماذا؟
تحرك ذهني نحو لحظة مغادرة حازم لشقته وكأنه ما عاد يطيق التواجد معي في نفس الحيز لدقيقة إضافية..

إلى أين ذهب في هذه الساعة؟ هل سيعود بعد قليل؟
ولماذا أهتم؟ فليذهب لآخر العالم ويبتعد عني..

قمت بتشغيل جهاز التليفزيون، وتجولت بين القنوات الإخبارية قبل أن أشعر بالضجر..

لم يكن هناك شيء قادر على تشتيت ذهني في تلك اللحظات، وكنت أحتاج للهدوء قليلا من تلك الدوامة الخانقة..

أخذت أتنقل بين القنوات المختلفة حتى صادفت إحدى محطات الأفلام الكلاسيكية التي كانت تبث فيلما لسعاد حسني.. وللصدفة المضحكة أو ربما المزعجة كان فيلم "حكاية جواز" الذي شاركها بطولته شكري سرحان..

وبينما كان البطلان يعددان أسباب فشل ليلة زفافهما، دخلت أنا في نوبة من الضحك الهيستيري.. فلن يصدق أحد أن ليلة زفافي الكارثية تتفوق على كل ما تم عرضه من قبل في تاريخ الدراما العربية..

على الأقل تميزت في شيء ما..
بعد أن تخلصت من آخر أثار الضحك، عدت مجددا للتفكير والتحليل..

الآن لديّ الكثير من المعطيات وعليّ أن أرتبها مجددا.. أولا حسام قال إن شقيقه لا يمكن أن يكون قاتلا وهو يثق به ثقة عمياء..

ربما كان حازم يخدعه كما نجح في خداع ماما سناء التي تظن أنه ملاك قد هبط من السماء لإنقاذي من براثن أبي..

وهذا الأخير يقول إن حازم قد عصى أوامره وتجاهلها، فأفسد مخططاته وتجرأ على تحديه.. وأن زواجي منه كان لإلهائه أو محاولة لاسترضائه بعد أن ثار تابعه لما حدث لأخيه..

ما قصة (روبن هود) التي حاول أبي سردها على مسامعي ويظن أنني سأصدقها؟ هل سيقوم هذا المجرم مثير الشغب ومحفز الفوضى طوعا بإنقاذ المعتصمين؟ هل حقا سيرسل الغوث للمصابين؟

هل يمتلك ضميرا من الأساس لكي يوخذه ويدفعه لإغاثة شباب يدفعون ثمنا قاسيا لمطالب موضوعية من شأنها تلوين المستقبل بالأمل؟
كيف لم أنتبه للأمر من قبل؟

كان أبي يحاول أن يخدعني بما سرده عن بطولة حازم المزعومة في الميدان وإنقاذه للمعتصمين..
يريدني أن أثق بتابعه وأن أستسلم له وأتقبل وضعي الجديد كزوجة له..

منذ متى يهتم أبي لاسترضاء أحد؟ بل كيف يحاول الآن أن يوهمني أن اليد العليا في هذه المسألة لحازم.. الذي كان يتلقى منه الضرب والتنكيل في صمت بنفس الوقت؟

شردت أفكاري قليلا نحو حازم آخر.. هذا الشاب المهذب الذي ساعدني بلباقة عندما تعطلت سيارتي أعلى الجسر..

ثم ابتعدت بأفكاري أكثر نحو شخص غامض.. ذلك الشبح الأسود المخيف الذي أنقذ حياتي قبل ثوانٍ من إصابتي بكتلة متفجرة حارقة تحرقني وتشوه ملامحي..

وتلكما العينين!!
هل يُعقل؟

لا.. لا.. مستحيل.. هذا محض هذيان.. أو ربما لعبة حاذقة يدبرها عقلي الباطن في محاولة منه لإجباري على تقبل الأمر والوصول للسلام النفسي مع ما حدث لي خلال الأيام الماضية..

يبدو أن السهر لتلك الساعة، قد أصاب عقلي بلوثة جعلته يبدأ في حبك سلسلة من الأحجية لإثارة
المزيد من الحيرة برأسي..

لماذا يبدو دائما أن هناك قصة وراء كل شيء؟ لماذا يبدو لي أن أبي يخبئ الكثير؟ وأن هناك ما تعرفه ماما سناء وترغم نفسها على عدم البوح به؟ وأن هناك من التفاصيل التي يخفيها حازم عمدا والتي من شأنها أن تضع أمامي الصورة كاملة بلا خداع؟؟

من جديد، ومضت تلك الومضة في عقلي والتي دائما تنبهني إلى شيء لم ألتفت له مسبقا..

دموعه.. ملامحه البائسة التي تشي بالحسرة عندما كان يتحدث في هاتفه قبيل عقد القران..
هل يمكن أن يبكي الوحوش؟

لا.. لا أصدق.. على الأرجح هي دموع التماسيح من أجل اجترار تعاطف الآخرين..
ولكن مهلا.. هو كان منزويا ولا يعلم أن هناك من يشاهده، بل إنه حرص على استعادة وجهه الجامد الجليدي قبل أن يعود لينضم للحفل..

يا ربي.. الحيرة ستقتلني!
أعترف أنني ربما أخطأت باتهامه بمحاولة الاعتداء عليّ.. لم أكن أشك في هذا الأمر للحظة قبل الوصول لمنزله.. فلماذا أصابتني لوثة عقلية مفاجئة عندما حاول الاقتراب مني؟..

أشعر بالإحراج الشديد.. وأكاد أشفق عليه.. إلى حدٍ بسيط..
آه يا رأسي.. كلما حاولت ترتيب الأوراق.. تتشابك الأمور أكثر وأكثر..
أنا لم أعد أعرف بمن أثق؟ لماذا يفعل والدي هذا؟ ما هي الضغينة التي يحملها ضدي ليتصرف هكذا؟

طال الوقت وأنا مازلت أتجول بين الأفكار المتناحرة داخل رأسي حتى تعبت كليا وأوشك رأسي على الانفجار..

في النهاية توصلت إلى قناعة واحدة.. أنني مضيت قدما في هذه الزيجة من أجل أن أسبر أغوار ذلك الآخر.. سأعري أسراره واحدا تلو الآخر حتى يقف قبالتي عاجزا عن إخفاء أي شئ.. ووقتها سأجعله يركع على ركبتيه طالما للغفران..
ولن يناله..

سأجعله يحترق بالجحيم الذي هو أمضى سنوات عمره متفاخرا بالإنشغال باستيقاده ضد الأبرياء..
في الوقت الحالي، ما من وسيلة أمامي سوى مراقبة الأمور عن كثب..

بالتأكيد سأكتشف المزيد من الكوارث.. وربما أنجح في جمع بعض الأدلة.. وقتها ستكون لحظة الاستحقاق

ولكن الآن أنا متعبة للغاية وعليّ أن أخلد للنوم!

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

استيقظت منزعجة بسبب ضجيج هاتفي المحمول.. يبدو أنني كنت متعبة بحق.. نمت كأهل الكهف بلا أحلام حتى أيقظني صوت الرنات المتلاحقة..

كانت بالطبع ماما سناء..
من الجيد أنها من اتصلت أولا.. الآن سأخبرها بما يدور في رأسي بخصوص حقيبة الملابس الخليعة التي أرسلتها معي..

فور أن ضغطت على زر استقبال المكالمة، جاء صوتها المفعم بالبهجة: "صباح الخير يا عروس.. كيف كانت ليلتك؟"..

لا أحد بإمكانه الدخول مباشرة إلى نقطة الهدف مثلها.. تستحق العمل في جهات التحقيقات الرسمية.. ستجبر العديد من المجرمين على الاعتراف بجرائمهم بتفاصيلها الدقيقة بأسرع وقت.
أجبتها بلا حماس: "صباح النور يا ماما.. لماذا أيقظتيني؟ كنت بحاجة للنوم لبضع ساعات إضافية"..

ردت هي بانفعال مبتهج: "يا مدمنة النوم.. والله أنا لم أنم يا ابنتي من فرحتي وأقاوم نفسي بالكاد كي لا أتصل بكِ بين ساعة وأخرى.. كنت أنتظر الصباح بفارغ الصبر حتى أطمئن عليكِ.. أخبريني كيف كان عريسنا الوسيم؟" ورافق كلمتها الأخيرة صوت ضحكة خفيفة جعلتني أشك أنه قد نجح كليا في السيطرة على عقلها..

تنهدت بقنوط ثم أجبتها بحزم: "أخبريني أولا.. أين ملابسي؟ ما هذه القطع الممزقة التي كانت تملأ الحقيبة؟"..

تعالت أصوات ضحك هادر من ماما سناء التي قالت بدلال طبيعي يسيطر دائما على كل أنثى عندما تتحدث في مثل تلك الأمور: "هذه هي الملابس التي تليق بكل عروس.. أنا لم أخترع تقليدا جديدا.. هل أعجبتك القطع التي انتقيتها لكِ بنفسي؟ من المؤكد أنها أثارت جنون عريسك.. أليست كذلك؟"..

حقا نفد صبري.. أجبتها بانفعال: "لا.. لم تعجبني على الإطلاق.. وبسبب تصرفك هذا.. الآن أنا عالقة داخل ملابس مهلهلة تخص هذا الأحمق.. أرجوك يا ماما.. جهزي لي حقيبة أخرى من ملابسي اليومية المعتادة وأرسليها مع أحد العمال"..

ردت هي باستنكار: "ملابسه؟ وهل سمح لك حازم بذلك؟"..

هي لن ترتاح حتى تخرج بكل التفاصيل الممكنة.. لكنني لا أحتمل الدخول معها في محادثة طويلة
أو إقلاقها بالحديث عما جرى بيني وبين حازم ليلة أمس.. لذلك حاولت التصرف بشكل طبيعي قدر الإمكان وأخبرتها أنه قد قبل أن أرتدي ملابسه مؤقتا حتى يتم إرسال باقي ملابسي وأغراضي..

وشددت عليها أن ترسلها بأسرع وقت لأنني بحاجة لارتداء بعض الملابس المريحة والمحتشمة خلال ساعات النهار بدلا من الغلالات متعللة بأنه على الأرجح سيقوم أصدقاؤنا بزيارتنا ويجب أن أظهر بشكل لائق أمامهم، وهي أبدت اقتناعا بكلامي وأخبرتني أنها سترسلها فور أن تنتهي من تجهيزها.

عندما أنهيت المكالمة، كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا..
هل نمت كل تلك الساعات دون أن أشعر بشيء؟ تُرى هل عاد هذا الرجل للمنزل؟

أخذت أبحث هنا وهناك عن شيء أغطي به شعري، فلم أجد سوى قبعة شتوية قديمة داخل خزانة الملابس، فقمت بجمع شعري في شكل كعكة منخفضة، ثم وضعت القبعة على رأسي أخفي بداخلها تلك الخصلات المزمومة، ثم خرجت من الغرفة رويدا رويدا أبحث عن صاحب المنزل.

وبعد جولة سريعة بكل الغرف، أيقنت أنه لم يعد أبدا للمنزل..
تُرى أين أمضى ليلته؟ هل عاد إلى الفيلا لكي يتحدث مع رئيسه ويحصل منه على المزيد من العطايا والأوامر؟ أم توجه لزيارة حبيبته الأخرى؟ أيعقل؟ في هذا التوقيت؟
إذًا أين هو؟

من الممكن أن يكون قد ذهب لزيارة شقيقه في المستشفى.. ولكن بالتأكيد لم يسمحوا له بالدخول..

آه.. حسام.. يجب أن أطمئن عليه.. لقد غاب عن بالي تماما وسط انشغالي بكارثة الزواج المفاجئ.. من الجيد أنني احتفظت برقم هاتفه.. سأحاول مهاتفته الآن فربما كان مستيقظا.

جاء صوته بعد الرنة الثانية، وبدا عليه التماسك والسيطرة على آلامه التي لازمته قبل بضعة أيام، حيث رد بنوع من الحيوية قائلا: "مرحبا يا دكتورة.. أم هل أقول عروس منزلنا وسيدته المصون؟ الآن صرتِ أختي رسميا.. ولذلك يجب أن نتخلى عن الرسميات".

توقف حسام لثانية ثم زفر مدعيا الغضب، وأكمل بنبرة تمثيلية واضحة: "تبا لك يا أخي.. سارع هو بالتقدم إليكِ واختطافك لنفسه قبل أن أسبقه.. محظوظ هو دائما"..

بصراحة فاجأتني روحه المرحة، ولولا أنني أعلم ما يمر به حاليا، لظننت أنه يعيش أسعد أيام حياته، لا يمر بكارثة ستؤثر على حياته ومستقبله بكل تأكيد..

أجبته بتحفظ: "مرحبا يا حسام.. أنا آسفة لأنني لم أتصل بك مسبقا.. كيف حالك الآن؟ أرجو أن تكون في حال أفضل"، ثم بادلته الضحك وعقبت: "أجل.. الآن صرنا شقيقين.. ولكن عليك أن تكف عن مزحاتك هذه وإلا لن أقبل بك كشقيق أصغر لي"

رد هو بصوت باسم: "ومن قال أنني أصغر منك؟.. نحن تقريبا في نفس العمر.. بل ربما أكون أنا الأكبر.. هيا اظهري احترامك لي وأخبريني.. كيف هو أخي؟ هل يدللك كما يجب؟".

لن يتوقف هذا الشاب المرح عن إغاظتي بكلماته المحرجة رغم كل ما يعيشه حاليا..
ربما أتحدث معه حول هذا الأمر في وقت لاحق.. الآن ليس الوقت المناسب.

وقبل أن أستأنف المحادثة لأسأله عن أخيه، انتبهت لأنه يتحدث بطريقة تبرهن أنه لا يعلم شيئا عنه..

أخذتني الحيرة مجددا.. هل أسأله عما إذا كانا قد التقيا هذا الصباح أم لا؟..
وقبل أن أحسم قراري، جاء صوته متسائلا: "أين ذهبت يا شروق؟ هل غابت شبكة الاتصال مجددا؟"، فأجبته بسرعة:" أنا هنا.. حسام أخبرني ما الذي تعرفه عن طبيعة عمل شقيقك؟ هل تعلم أنه يعمل لدى أبي؟"

تنهد هو ببطء، ثم قال بنبرة جادة اختفى منها كل المرح الذي لوّن صوته سابقا: "ما هو السؤال الذي تحاولين البحث عن إجابته الآن؟ نعم أعلم ما هي مهنته.. ولدي فكرة عن بعض الأعمال التي يوكلها له أبوكِ.. لكنه لا يخبرني بشكل يومي عن كل تفاصيل عمله"..

سكت حسام مجددا، ثم أخرج كلماته التالية بصورة تقريرية، قائلا: "اسمعي يا شروق.. هذه المناقشة لا تصلح أبدا عبر الهاتف.. سنتحدث حول كل شيء وجها لوجه في وقت قريب.. ولكن إلى أن يحدث ذلك. عليك فقط أن تعلمي أن أخي ليس الشخص الذي تظنينه.. هو ليس سيئا بالقدر الذي تظنينه.. بل على الإطلاق"، ثم أكمل بنبرة خفيضة تكاد لا تُسمع: "ليس وكأنه فخور بما يعمل.. أو يفعله بإرادته"..

ضايقتني ثقته الكبيرة.. ربما يكون ساذجا ولا يدري شيئا.. أردت فقط أن أستفزه حتى لا يدافع عمن
لا يستحق، فقلت بحزم: "أنت تتحدث بثقة عن أشياء لا تعلم خباياها ولا حقيقتها.. أنصحك أن تفتح عينيك جيدا وأن تعيد التفكير"..

قاطعني هو قائلا: "بل أنت من عليها أن تفتح عينيها.. أنا لا أتكلم بعاطفية هنا.. أو لأنني أحب أخي فصرت متغاضيا عن كوارث تصور لك مخيلتك وظنونك غير الواقعية أنه قد ارتكبها.. أنا أعلم وكلي يقين أن أخي ليس قاتلا.. ولا يمكن أن يقوم بأعمال إجرامية أو تخريبية مهما بدا الأمر كذلك.. هناك أشياء لا يحق لي الحديث عنها لأنها لا تخصني.. لكنني متأكد أن أخي قد يفتح قلبه لك ويخبرك بكل أسراره عندما يثق بك.. فقط عليك أن تصبري قليلا وأن تقدمي له تلك الثقة أولا.. ووقتها سيكشف هو جميع أوراقه لك طواعية وسيعلن بقلب مفتوح عن نقاط ضعفه دون خوف من آية تبعات.. فلا تحمليه أوزارا لم يذنبها".

أصابتني كلماته بالحيرة من جديد، فانزلق من بين شفتيّ السؤال قبل أن أنجح في إيقافه: "إذا أين هو الآن؟"..

أجاب حسام بقلق: "أليس متواجدا في المنزل معكِ الآن؟"، ثم ضحك بلا مرح، وسأل: "أي عريس يغادر منزله يوم الصباحية؟".

عندما تيقنت أنه لا يعلم شيئا عن مكان تواجد حازم، قررت أن أصلح الأمر حتى لا أصيبه بالقلق، فأسرعت بالرد: "هو فقط ذهب إلى بيتنا لإحضار حقيبة ملابسي وبعض الأغراض الأخرى التي أحتاجها.. وظننت أنه ربما عرج عليك في المستشفى في طريقه.. سأجعله يتصل بك فور أن يعود للمنزل"، ثم أنهيت المكالمة وأنا أقول: "اسمع.. سأعاود الاتصال بك قريبا.. ولكن عليك أن تبدأ الاستعداد للعلاج الطبيعي.. وسأطلب من حنان صديقتي متابعتك خلال الفترة الحالية.. سأغلق الهاتف الآن".

لماذا يضعني لساني دائما في مأزق تلو الآخر؟ لم يكن عليّ أن أخبره أن شقيقه ليس بالمنزل.. كما لم يكن عليّ أن أعلن عن تشكيكي في نزاهة هذا الأخير، وذلك الصغير يظن أنه يعلم كل شيء، بل أنه مقتنعا تماما أن شقيقه رجل نبيل.

ربما قرر حازم أن يترك هذا المنزل لي وسيعيش في فندق أو منزل آخر.. وإلا لماذا لم يعد إلى المنزل حتى الآن؟


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-05-21, 05:40 PM   #418

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل الرابع عشر - القسم الأخير

انتهزت فرصة وجودي وحدي بالمنزل في التجول بين طرقاته في محاولة لاستقراء شخصية حازم من شكل منزله.. من ديكوراته وألوانه..بعض القصاصات أو الصور قد تحكي الكثير عن طفولته وذكرياته.. وطالما أنه يصر على الاحتفاظ بأسراره، سأقوم أنا باستكشافها.

وربما يكون حظي سعيدا وأعثر على وثائق أو أدلة تدينه هو ووالدي وتسهم في تخلصي من هذا الكابوس بأسرع وقت.

في البداية، توجهت إلى غرفة المعيشة والتي كانت يتصدرها ثلاثة أرائك جلدية عصرية عاجية اللون، كانت مصفوفة بشكل متجاور على هيئة نصف دائرة وتزينها بعض الوسائد الملونة بتصميمات متداخلة.. وأمامها منضدة زجاجية عليها مزهرية تحتضن بعض الزهور المجففة بألوان تميل إلى البرتقالي الناري والدرجات الداكنة من اللون الأحمر، كما استقرت شاشة تليفزيونية ذات حجم كبير بمنتصف جدار ركن الغرفة المواجه للأريكة الوسطى، وأحاطتها بعض إطارات الصور التي تضم حازم وحسام في مراحل عمرية مختلفة..

أخذت أتجول بين الصور، لأكتشف بضع صورا أخرى مؤطرة بإطارات معدنية، ويبدو أن تاريخ التقاطها يعود لبضع سنوات مضت، حيث كانت تضم حازم وصديقه الذي شهد على عقد قراننا..

خالد.. نعم هذا اسمه الذي كان يناديه به عريسي العتيد.. لكنهما يظهران هنا أصغر عمرا، حيث كانت بنيتهما أنحف قليلا ولكن كلا منهما يحتفظ بنظرته التي تميزه برغم أن حازم كان بدون لحيته الخفيفة التي تكسو وجهه حاليا، بينما كان صديقه بلا شارب..

خالد أطل بوجه صارم ونظرة عازمة مليئة بالتصميم وكأنه يخطط لغزو العالم بعد لحظتين.. أما حازم، فكان يبدو كمن عاد لتوه من قاع الجحيم بعد أن صارع الشيطان على فرصة أخيرة للحياة من جديد.. كانا يرتدي كلا منهما الشورت الرياضي الفضفاض اللامع المخصص للملاكمين ويتوسطهما رجل خمسيني بدا من ملابسه أنه حكم اللقاء وقد أمسك بيديّ الشابين لكنه رفع يد حازم للأعلى معلنا انتصاره كما أتوقع.

إذًا هما صديقان منذ الطفولة وكانا يتنافسان معا في رياضة الملاكمة، ولكن لماذا لا يظهر خالد في الصور التي تجمع الشقيقين في عمر الطفولة؟

ربما كانت بداية تعرفهما من خلال الرياضة أو ربما هناك المزيد من الصور التي لم يقم حازم بتزيين الجدران بها.

ما لفت نظري بشدة هو أن نظرة حازم كانت شبه واحدة في كل الصور رغم اختلاف المراحل العمرية التي يمر بها.. نظرة ضائعة مثقلة بالهموم تخشى احتضان السعادة وكأنها تدرك عن تجربة أن تلك السعادة لا تدوم أبدا.

كما أنه كان يبدو نحيفا للغاية في مرحلة الطفولة.. وكأنه.. وكأنه لم يجد من يعتني به..
لماذا يغيب أبواهما عن تلك الصور؟

هل هناك خصومة تجمع حازم وحسام بعائلتهما، ولهذا قررا التخلص من كل الصور والذكريات العائلية؟
ألهذا السبب قررا العيش معا وبشكل منفصل بعيدا عن العائلة؟
ربما كان هذا هو التفسير الوحيد لعزوف أي من أفراد عائلته عن حضور حفل الزفاف..

هذه نقطة أخرى يجب عليّ البحث عنها.. ربما إذا نجحت في العثور على والديه، سأتمكن من فهم سبب طاعته العمياء لأبي بهذا الشكل، وفهمت سر علاقتهما الغريبة..

تحركت من غرفة المعيشة إلى الغرفة التالية.. لسبب ما شعرت أنها تخص حسام.. فكل شيء مبعثر بشكل عشوائي.. وديكوراتها صاخبة ومتقلبة ولكن مليئة بالحيوية في نفس الوقت، تماما مثل صاحبها الذي تعرفت عليه في الميدان خلال بضع ساعات فقط كشاب مليء بالحيوية والطاقة والأمل والطموح قبل أن أكون شاهدة على أكبر كارثة ألمت به في حياته.

الغرفة كانت كبيرة ولكنها ممتلئة بالتفاصيل، حيث تصدرها سرير متوسط الحجم وعلى جانبه خزانة ملابس كبيرة جميع درفاتها مفتوحة وتنساب منها قطع الملابس والاكسسوارات وكأنها نجت من زلزال عنيف.

وعلى الجانب المواجه هناك مكتبة خشبية بأرفف عديدة ممتدة حتى السقف، تتضمن مئات الكتب المرتبة بشكل ملفت، ولكنها على ما يبدو الشيء الوحيد المرتب في الغرفة.

اقتربت قليلا منها لأتفحص الكتب المرصوصة بشكل منسق وأنيق، لأجدها مقسمة حسب المجال، فهناك أرفف تحتوي على كتب عن نظريات الإعلام والمحتوى الإعلامي والتأثير على الجمهور.. وعلى رف آخر، استقرت كتب أخرى عن كتابة السيناريو وصناعة السينما والنقد السينمائي والحبكات الدرامية والبطل التراجيدي.. كما كان هناك العديد من أعداد المجلات الرياضية ومجلة الفن السابع، وكذلك هناك أرفف مكدسة من الروايات، حتى أن بعض الأرفف تحتوي مئات الأعداد من روايات الجيب التي تربينا على قراءتها في سن الطفولة، بالإضافة إلى رف منفصل يحتوي على مجلدات تبدو كمسودات سيناريوهات كتبها حسام بنفسه على الأرجح.

لكن أكثر ما خطف نظري، كان الرف العريض الممتد الذي يتصدر المكتبة والذي يتزين منتصفه بتمثال من الأركيت الخشبي الملون للكاتب أحمد خالد توفيق بابتسامته الهادئة، ومحفورا أسفله بنقش مميز كلمة "العراب" وهناك على طرف التمثال توقيع كاتب الشباب المفضل بخط يده المهدى خصيصا لحسام..

التمثال كان مثبتا إلى الداخل بزاوية حادة تلفت الأنظار إلى أعداد كثيرة من سلسلة "ما وراء الطبيعة" تراصت خلفه، بالإضافة لروايات الكاتب الشهير المنفردة..

يبدو أن أحمد خالد توفيق هو الكاتب المفضل لحسام، لأنه على ما يبدو قد جمع كل ما كتبه حتى أنني وجدت ملفا ضخما يحتوي على قصاصات من مقالاته وبعض كلماته المأثورة.

بجانب المكتبة كان هناك مكتبا صغيرا عليه جهاز حاسب شخصي والكثير من المجلدات والكتب والأوراق.. أظنها مسودات لأفكار كان يحاول حسام العمل عليها أيضا، وربما ما حدث له في الاعتصام سيصيبه بالإحباط ويوقفه عن استكمال محاولة تحقيق حلمه..

لن أتركه يستسلم لذلك، وإذا كان هناك شيء واحد يمكنني القيام به من أجله، سيكون مساعدته على الإنطلاق في عالم الفن كسيناريست موهوب.

أخذت أتجول حول الغرفة من جديد، حيث لاحظت أنه يزين الجدار الذي يستند عليه سريره بصورة كاريكاتورية مرسومة بعناية بالألوان الزيتية تتضمن عددا كبيرا من أشهر المؤلفين العرب والأجانب، ومن بينهم نجيب محفوظ وأسامة أنور عكاشة ووحيد حامد وصنع الله إبراهيم ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وغسان كنفاني والطيب صالح ومن الأجانب تعرفت فقط على وودي آلان والأخوين كوين وكريستوفر نولان وكوينتين تارانتينو وستيفن كينج كوني أتابع السينما العالمية بشكل جيد فأعرف ملامح هؤلاء، لكنني لم أستطع تمييز باقي المؤلفين ممن لم أهتم بالبحث عن صورهم من قبل.

غادرت الغرفة وتوجهت إلى غرفة المائدة، التي كانت محتوياتها تقليدية وبسيطة وليس بها أي شيء يلفت الانتباه.

أما المطبخ، فكان يشبه أولئك الذين يظهرون في قنوات الطهي، حيث كان يمتلئ بالآنية الحديثة المصنوعة من السيراميك، كما احتضن الكثير من الأدوات الكهربية..

يبدو أن أحد الشابين يعشق الطهي.. وإذا كان أحدهما منشغلا بالكتابة، فإن من يهوى المطبخ هو على الأرجح.. حازم..
غريبة.

بعد أن أنهيت جولتي بالمطبخ، عدت إلى الغرفة التي تأكدت الآن أنها غرفة حازم، والتي لم أعرها انتباها كبيرا عندما استلقيت بها بالأمس.

ولكن الآن في ضوء النهار، أستطيع تبيان محتوياتها جيدا، حيث يمكنني تلخيصها بوسف واحد.. "أبيض وأسود".

فكل محتويات الغرفة مقسمة بين اللونين.. حتى الجدران تتخذ في أغلبها اللون الأسود ماعدا حائط واحد مواجه للسرير..

والسرير نفسه كان من المعدن المطلي باللون الأسود وكان فراشه مزينا بأغطية بألوان يغلب عليها الأبيض والرمادي وكأنه يخص شخصا لا يعرف شيئا عن البهجة وألوانها.. فقط يريد الانزواء بمفرده، زاهدا في كل شيء..

كان إلى جوار السرير منضدة جانبية صغيرة سوداء تعلوها مصباح ليلي فضي اللون.. وإلى الجانب الآخر من السرير، كان مكان المنضدة الأخرى ثلاجة صغيرة تشبه تلك الموجودة في غرف الفنادق والمنتجعات.

من جديد، ومض مصباح الفضول بداخلي..
لماذا يضع حازم ثلاجة في غرفة نومه؟ هل يشعر بالكسل الشديد لكي ينهض في المساء ويتوجه للمطبخ لشرب كأس من الماء إذا شعر بالعطش؟

لم تكن نظريتي مقنعة أبدا، لذا دفعني فضولي للتوجه نحو الثلاجة والعبث بمحتوياتها، فربما عثرت على مخزونه من الشوكولاتة.. أقسم أن أتناوله كله نكاية فيه..

انحنيت وجلست على ركبتيّ لأصل لمستوى الثلاجة لكي أسرق منها ما تطاله يداي من حلوى.
ولكن، فور أن انفتح باب الثلاجة، هالني ما كان بداخلها.. هذه ليست ثلاجة.. أو بمعنى أصح لا يتم استخدامها في إطارها التقليدي للحفاظ على الأطعمة الخفيفة المعلبة والمشروبات الباردة والشوكولاتة والمثلجات، ولكنها مليئة بحاويات الثلج وأيضا الكثير من أنابيب المرهم والمواد المطهرة..

شيء يثير الجزع في النفس..
من يحتفظ بمثل هذه الأغراض داخل غرفة نومه؟

أثناء نهوضي عن الأرض، لفت نظري لوحة ضخمة معلقة أعلى السرير لتحتل أغلب المساحة العلوية للجدار الخلفي..

هذه اللوحة عبارة عن رقعة شطرنج.. وكأن غرفته تحتاج للمزيد من الأبيض والأسود.
لكن ما جعلني أحدق النظر وأغيب للحظات في تفاصيل اللوحة، كان ذلك الظل المتشح بالسواد..

كان الفنان صاحب اللوحة قد رسم شابا مبهم الملامح يغطي رأسه غطاء الرأس الملتصق بالياقة الخلفية للكنزة القطنية السوداء التي يرتديها، فلا يظهر من ملامحه سوى أصابع يده التي تمسك بإحدى قطع الشطرنج استعدادا لتحريكها على الرقعة.

بدا الشاب صاحب الملامح المظللة المبهمة كشبح مظلم من جهة أو كرمز أسطوري لحاصد الأرواح أو ملاك الموت في الأدبيات الغربية..

فقط ينقصه المنجل والذي ربما استبدله هنا بــــ "حصان الشطرنج" الذي كان يمسكه بأطراف أصابعه ويستعد لكي يحركه باتجاه الجانب الآخر من رقعة الشطرنج، وذلك فيما يبدو أنه المراحل النهائية من اللعبة، حيث كانت هناك الكثير من القطع الرئيسية المبعثرة بين الشاب ومن يواجهه على الطرف الآخر، وربما كانت حركته القادمة هي التي ستحسم النتيجة وتتسبب في سقوط الملك الخاص بمنافسه إيذانا بفوز الشبح.
هل هناك معنى معين وراء تلك اللوحة؟

تجاهلت التفكير في المزيد من النقاط الغامضة التي تحيط حياة هذا الشاب المليء بالألغاز، ثم عدت لتفحص محتويات الغرفة، حيث كان هناك مكتب خشبي لونه أسود بالطبع، ويغطيه الكثير من الملفات والمجلدات..

أخذت أقلب بين تلك الملفات، ووجدتها كلها تتعلق بأمور اقتصادية ومالية لكنها كلها أوراق عامة ليست تقارير تخص العمل أو بها آية وثائق متعلقة بمجموعة red الاقتصادية..

لا شيء يتضمن معلومة أو تسريب أو حتى تلميح يمكن أن يؤدي إلى أي خيط..
حاولت أن أعبث بأدراج المكتب لكنها كانت مغلقة بإحكام.. ربما المفاتيح يحتفظ بها حازم في مكان ما داخل المنزل، أخذت أبحث عنها أعلى المكتب وبداخل المنضدة الجانبية للسرير فلم أجدها
فقررت إرجاء البحث عنها لوقت لاحق أو مراقبة حازم فربما كان يخبئها بجيب سرواله.

مع شعوري بالتعب من كثرة البحث والتنقل، شعرت بجوع شديد، فقررت التوجه إلى المطبخ لإعداد شطيرة من الجبن كفطور سريع.

أخرجت بعض شرائح الجبن ووحدات من الخضر الطازجة، ثم عثرت بصعوبة على كيس بلاستيكي يتضمن بعض أرغفة الخبز الفرنسي المنتفخ، والتي كانت مخزنة داخل أحد الأرفف السفلية للثلاجة.

هممت بإعداد شطيرة الجبن الشيدر بالخس والطماطم والجرجير، وبدأت في تناول بعض اللقيمات، عندما رن جرس الباب بإلحاح شديد.

زفرت بضيق عندما فكرت أن حازم قد عاد، ثم تذكرت أن من الباب قد يكون أحد العمال الذي أحضر حقيبة ملابسي بعد أن ألححت في طلبها من ماما سناء، فتركت الشطيرة على المنضدة، ثم عدلت القبعة التي تغطي شعري وتوجهت نحو الباب بحماس شديد.
ولكن، فور أن فتحت الباب.. كانت الصدمة.

لم يكن الطارق سوى خالد صديق حازم الذي بدا على وجهه التجهم الشديد، وكأنه يقاوم رغبة داخلية في الفتك بي أو ترك العنان للسانه لكي يخرج كلمات قاسية ظهرت تباعا على صفحتي عينيه بكل وضوح..
ما مشكلته هذا الشاب العابس دائم التجهم؟ هل أنا ضرته؟

كنت على وشك أن أسأله عن سبب حضوره إلى المنزل وإخباره أن حازم ليس موجودا، لكنه قاطعني قبل أن تتحرك الكلمات على لساني، قائلا بحزم: "أرجوك يا سيدة شروق تنحي جانبا.. فأنا بحاجة لفتح الدرفة الثانية من الباب".

لم ينتظر كلماتي التالية حيث تحرك بالفعل لفتح الباب ما أن ابتعدت أنا قليلا عن المدخل.
أغضبني تصرفه البعيد كليا عن الكياسة، فسألته بحدة: "ولماذا تريد فتح الباب هكذا؟ ما الداعي"
ودون أن يرد هو.. جاءت الإجابة..

دلف إلى داخل الشقة شابان يسند كلا منهما أحد ذراعي شاب خائر القوى على كتفه ويدعم جانبه بيد..

حازم!! أو ما يبدو أنه بقايا حازم، فقد كان وجهه متورما ويبدو عليه الإعياء والتعب لدرجة أنه لم يكن قادرا على السير بمفرده دون مساعدة الشابين..
ماذا حدث له؟ هل تعرض لحادث؟

ومجددا قبل أن يعطيني المجال للكلام، تحدث خالد من جديد بنبرة بدت غاضبة ولكن دون أن يحتد صوته أو يعلو: "هذا الأحمق أقحم نفسه في ثلاث مباريات متتالية للملاكمة.. وهذه هي النتيجة كما ترين."

أشار خالد بيده اليمنى نحو صديقه الذي بدا مهشما، ثم أكمل: "لولا اتصال بعض أصدقائي من داخل النادي، لما عرفت بما قام به هذا الأحمق من تصرف غبي.. والأسخف أنه أجبرني على تمضية بضع ساعات معه داخل المستشفى حتى يخضع للأشعة والفحوصات المطلوبة للتأكد من أنه لم يؤذي رأسه الغليظ أو ضلوعه بشكل يستوجب التجبير..".

زفر خالد بضيق، ثم شتم بغيظ، وأكمل: "تبا.. بسبب تهوره وطيشه، كان عليّ أن ألعب دور الممرضة بدلا من أن أقضي صباحي غارقا في تدليل أمي وخطيبتي كوني أنا نفسي قد خضعت لجراحة منذ أقل من أسبوعين.. ألا لعنة الله على الحمقى يابسي الرأس".

قال خالد جملته الأخيرة بطريقة مازحة، غير أنه عندما نظر لي، زجرني بحدة متخليا عن أي مزح، ثم أكمل بسخرية ممزوجة بالحنق: "لا أدري ما السبب الذي قد يدفع رجلا لأن يقوم بهذا التصرف الأهوج في ليلة زفافه.. على كل حال أخبرني الطبيب أن كل الأمور بخير وأنه يحتاج لراحة يومين في السرير، على أن يأخذ الحقنة المسكنة كل بضع ساعات.. هو قد أعد كل شيء حتى أنه قد ترك الكانولا في يده ليسهل عليك حقنه عند شعوره بالألم.. والآن دعينا نمدده على سريره حتى ينام لبضع ساعات ويحصل على الراحة الكافية كما أشار الطبيب".

حافظت على وجهي ثابتا بلا تعبير، ولم أرد على تعليقات خالد المستترة،.. فقط أشرت إليهم ليتبعوني إلى غرفة النوم، وسبقتهم إليها لكي أرفع الغطاء، وبعد أن مدد الشباب حازم على السرير، دثرته برفق واستسلم هو للنوم متأثرا على ما يبدو بما منحه له الطبيب من أدوية، ثم رافقت الرجال من جديد للخارج لكي أتوجه إليهم بالشكر على مساعدتهم.

غادر الشابان أولا، بينما منحني خالد حقيبة بلاستيكية تتضمن الحقن التي وصفها الطبيب، بالإضافة لبعض المراهم المضادة للكدمات، ثم نظر لي مطولا وكأنه يريد أن يقول الكثير من الكلام، لكنه اكتفى بأن قال: "أدرك أن الوضع غريب بالنسبة لكِ، ولكن أرجو فقط أن تتحملي قليلا وأن تساعديه حتى يستعيد توازنه خلال الأيام المقبلة.. بالمناسبة، أنت لست الوحيدة التي تعانين في هذا المنزل"، ثم أومأ برأسه مودعا، وأعاد إغلاق درفة الباب من جديد، قبل أن يغادر المنزل خلف صديقيه.

أما أنا فوقفت أمام باب غرفة حازم، أناظر بقنوط من يرقد على سريره هاربا من أوجاعه التي جلبها على نفسه دون سبب مفهوم..


نهاية الفصل.. قراءة سعيدة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-05-21, 05:55 PM   #419

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Chirolp Krackr

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوارة علي مشاهدة المشاركة
جمييييييل ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
تسلمي حبيبتي


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-05-21, 06:12 PM   #420

شيرى رفعت

? العضوٌ??? » 482388
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرى رفعت is on a distinguished road
افتراضي

حاسة باللخبطة إللى جواها ورفضها للوضع 😥😥
كمان صعبان عليا حازم 😭😭😭
ولادك جابولى شيزوفرينك😜😜😜


شيرى رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:32 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.