آخر 10 مشاركات
110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حق بين يدي الحق (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة نساء صالحات (الكاتـب : **منى لطيفي (نصر الدين )** - )           »          سباستيان...أنيسة (112) للكاتبة: Abby Green (ج3 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          593-الزوج المنسي- اليزبيث أوغست -قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-21, 11:54 AM   #441

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Icon26


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايدا بولت مشاهدة المشاركة
مروة حبيبتي اسلوبك راااائع في الكتابة انا لسة شايفة الاقتباس النهاردة. الواحد الصراحة من روعة الاسلوب وصلتيلي مشاعر الشخصيات . مش عارفة اخد صف حد فيهم من ناحية متفهمة موقف شروق وانها طول عمرها ملقتش حد يكون حنين عليها وفي الاهر تتغصب على جوازة وانها شايفة حازم دراع باباها اليمين اللي بيشاركه اعماله اللي مش راضية عنها علشان كده بترمي الدبش ده كله وانا قلبي يوجعني على ابني من كلامها مع اني متفهمة موقفها بس صعبان عليا حازم قوي برده. بالذات اني دايما احس ان حازم معندوش ثقة في نفسه وباصص لنفسه نظرة دونية ومش راضي عنها فما بالك لما الكلام يجي من اكتر حد بيحبه في الدنيا اكيد مدمره نفسيا 😭😪 مستنية اشوفهم الاتنين بيقربوا من بعض ويحسوا انهم ملهمش غير بعض وربنا عوضهم عن كل حاجة وحشة حصلتلهم في حياتهم ببعض وانا متاكده انك هتكتبيها بطريقة حلوة جدا كالعادة وهترضينا علشان انا واثقة في كتابتك 😍😍🌷❤🌹في انتظار الفصل الجديد
رفيقة المشوار من البدايات.. شكرا جزيلا لك على تعليقاتك اللي دايما بترفع معنوياتي وبتديني ثقة في المحتوى الذي اقدمه..

ان شاء الله ارجو فصل اليوم يلقي الضوء أكثر على ديناميكية العلاقة بين حازم وشروق بعد الزفاف ويكون بداية التفاهم بينهم.. كوني على الموعد كما عودتيني دائما...


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 04:46 PM   #442

سلمى سعد

? العضوٌ??? » 472767
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 328
?  نُقآطِيْ » سلمى سعد is on a distinguished road
افتراضي شبح في الميدان

اللهم صل على محمد صلى الله عليه وسلم

سلمى سعد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 05:04 PM   #443

إنجى خالد أحمد

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية إنجى خالد أحمد

? العضوٌ??? » 156140
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 6,041
?  مُ?إني » مصر ..
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » إنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

على سبيل السعادة، فيه فصل من شبح فى الميدان بإذن الله ينزل انهاردة!

تسجيل حضور حبيبتي


إنجى خالد أحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 06:24 PM   #444

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل الخامس عشر - القسم الأول

الفصل الخامس عشر
حازم


كيف تغيرت بهذا الشكل؟ وكأنها صارت امرأة أخرى تماما..
دافئة وناعمة.. وعاشقة!
لكنها هي نفسها بكل ملامحها المحفورة برأسي..
لماذا تبدلت تصرفاتها إذن؟ منذ متى بدأت تعاملني بهذا الحنو؟
أنا حتى لا أتذكر..
تعودت عليها صارمة وحادة وعنيفة في دفاعها عن آرائها.. فلماذا تدللني الآن؟
لماذا تقترب مني كفراشة ربيعية تشعر بالرضا والأمان بعد أن جمعت ما يكفيها من الرحيق لأعوام؟ أو قطة مشاكسة استكانت وصارت وديعة بعد أن عثرت على رفيق لها يدثرها بحنانه ودفء مشاعره في ليالي الشتاء القارسة.
ثم ما هذه الغلالة الناعمة التي تضعها؟ هل ترتدي الحرير من أجلي؟ أين ملابسها الرياضية؟ أين حجابها العجيب الذي يشبه القبعة المستديرة؟
يا إلهي.. شعرها.. قصير كأساور ذهبية متمردة ملتوية بنزق رغم نعومتها.. دافئة كأشعة شمس لطيفة في يوم خريفي منعش النسمات..
هل سامحتني؟ هل تقبلتني؟
قلبي يرفرف.. إنها تقترب الآن بخطوات رشيقة.. ويلوح على ثغرها ابتسامة جذابة.. جدا..
تعبث بشعرها قليلا ثم تتسع ابتسامتها.. تتحرك في منتصف الغرفة بتمهل مذيب للأعصاب ومذبذب لنبضات القلب، لتصل إلى جانب الفراش..
تنحني لتقترب.. أكثر فأكثر.. فلا يفصل بيننا سوى بضعة سنتيمترات تجعلني أتلقى أنفاسها التي تداعب وجهي.. تغمض عينيها.. تحرك ذقنها قليلا.. وترمقني بنظرة تطالب بكل شيء، ثم تضم شفتيها لتتحولان لثمرتي فراولة شهيتين اكتمل نضجهما.. ثم تقترب.. أكثر.. فأكثر.. فيعانق ثغرها شفتيّ بربتة ناعمة.. بقبلة دافئة.. بعناق حميمي يرمم روحي ويعيد داخلي عامرا بعد الخراب.. ثم.. ثم تنسحب ببطء يعذب أوتار القلب ويفضح اضطراب دواخلي دون سيطرة من جانبي ..
تتدلل.. وتتغنج.. لتقضي على آية مقاومة للمشاعر وتنسيها التماسك والانضباط.
وشاحها الحريري الذي كانت تضعه أعلى غلالتها لكي يغطي كتفيها بدأ ينسحب رويدا رويدا ليكشف مكامن الجمال بصدرها المرمري الذي تصر الغلالة على حجبه عني نكاية.. أو تمنعا..
وأنا.. أنا أحدق.. بلا تحفظ.. أسحبها لداخلي بنظراتي فقط.. أسجل كل تفاصيل أنوثتها الباغية الباعثة على الاشتعال وأحتضنها بمقلتيّ.. وقلبي ينبض أسرع وأسرع.. ويصرخ فيّ لأقبلها مائة قبلة على البُعد وأهديها ألف وردة تنافس نعومتها ورقتها..
يا إلهي.. هل سأموت الآن؟ بعد قبلة واحدة هي من ابتدأتها؟؟
لا.. يجب أن ألمسها أولا.. لتعانقها أناملي لمرة واحدة.. لأوسمها بالشغف والجوى والهيام قبل أن أغادر طوعا إلى العالم الآخر وأحظى بسلامٍ أبدي فور أن تدمغ هي وثيقة ذوباني نهائيا بلمسة عاشقة تودعها كل غرامها وصبوتها..
مددت يدي ولامست رقبتها بأطراف أناملي.. فقط لمسة واحدة.. لمسة أفقدتني السيطرة وأشعلت بداخلي براكين ظلت خامدة لأعوام لا أحصيها.. فتحركت كلتا يديّ بتلقائية.. برغبة جارفة.. بجموح وليد.. وبتناغم مربك.. إلى أن وصلتا إلى منحنيين متماثلين فاتنين من الأنوثة.. لتستقرا بتهلف رقيق على زهرتي جاردينيا مكتملتي النمو..
ثم تلاشى كل شيء على طرف الهُدب..


أين ذهبت؟ أين اختفت تلك الفتاة؟ كانت ها هنا بين راحتيّ يديّ..
يجب أن أبحث عنها.. أين هي؟

تبا.. لماذا لا تطاوعني قدماي؟ أشعر أنهما مكبلتان بإحكام بأحبال سميكة..
نار حارقة اشتعلت بظهري بتأجج مرعب..

آه يا ظهري.. ما هذا الألم؟ وذراعاي أيضا؟
ووجهي؟؟ آه.. أشعر أن فكيّ قد تعرضا لقبضات فولاذية أعادت ترتيب عظامهما أسفل الجلد..
وكأن أحدهم قد ألقى بي فجأة داخل أتون لتلتهم ألسنة اللهب ما تطاله من أجزاء جسدي بعشوائية وجنون..
مهلا.. هل مازلت في النادي حتى الآن؟ ألم تنتهي النزالات بعد؟

أشبعني الأوغاد ضربا.. ألم يكتفوا؟
صحيح أنني من تحديتهم وطلبت منهم ألا تأخذهم بي شفقة.. وهم لم يقصروا.. فقد وعدتهم بمبلغ كبير إذا نجح أحدهم في الفوز عليّ في النهاية..

ما أتذكره جيدا أنه لم يتمكن أيا منهم من الاقتراب حتى من زلزلة ساقي.. ناهيك عن طرحي أرضا..
لكن لماذا ما زالوا يضربونني؟ أم أن تلك الأوجاع؟؟

الآن أتذكر.. صور وومضات تضيء برأسي تباعا بلا انتظام..
كان خالد موجودا.. وكان هناك طبيب.. هل أخذوني إلى المستشفى؟ هل تأذيت بشدة؟ متى حدث ذلك؟ لكنني كنت أرتدي الخوذة الواقية..

بالتأكيد أنا في المستشفى إلى جوار أخي.. وكيف لي أن أتركه بعد كل ما عاناه بسببي؟
عند هذه الفكرة، أغمضت عينيّ بضع مرات حتى تنتعش ذاكرتي ويعود عقلي للعمل.. وهنا تذكرت بوضوح..

لقد تركته بالفعل.. بل ذهبت وتزوجت.. ونبذته وحيدا في غرفة بيضاء خانقة مقيدا في سريره عاجزا عن الحركة..

فجأة تيبس جسدي بالكامل..
هي.. هي.. هي كانت في حلمي.. وقبل الحلم كانت أيضا معي.. كانت تضع الأغطية على صدري.. كيف ذلك؟

اللعنة عليك يا خالد.. لقد أحضرني إلى المنزل.. وتركني لديها.. أعادني إليها بعد أن هربت منها واختبأت بعيدا عن نظراتها القاتلة المليئة باللوم والاحتقار والنفور، ورغم ذلك تجرأ هذا الوغد الأحمق وأحضرني إليها من جديد كورقة نقود بالية لا يقبل أحد استخدامها..

كيف سأواجها الآن؟ لا أريد أن أكون هنا.. يجب أن أغادر الآن.. فورا..
"أرى أنك قد استيقظت أخيرا.. صباح الخير".
كان ذلك صوت.. شروق؟ كان قريبا جدا.. وحقيقيا.. إذًا أنا لا أحلم من جديد..
ماذا تفعل هذه في غرفة نومي؟

فتحت عينيّ، فإذا بها جالسة إلى المقعد المواجه لمكتبي الخشبي المستقر بالزاوية المقابلة، وأمامها جهاز اللابتوب الخاص بها..

كانت ترتدي كنزة بنية واسعة بشعة..
لحظة.. لحظة.. بل هي كنزتي الصوفية البنية الدميمة.. كيف عثرت عليها؟.. حتى أنا توقفت عن ارتدائها ولم أهتم بالتخلص منها بعد.. هي ترتدي كنزتي حقا؟!

ابتسامة بلهاء ارتسمت على شفتيّ بلا داعٍ، فباغتتني هي بسؤال: "لماذا تبتسم هكذا؟ هل مازلت تحت تأثير الأدوية المسكنة للآلام؟"

أومأت برأسي كالأحمق.. بالتأكيد هي الآن تراني أحمقا على كل حال.. لكن لن أنكر سعادتي المفاجئة بكونها ترتدي ملابسي.. هي حتى تبدو أجمل عليها.. أجمل كثيرا.. أتمنى لو ترتدي ملابسي فقط للأبد.. لتحتضنها وتدفئها وتعتني بها نيابة عني وتعلن للجميع أنها زوجتي أنا.. مليكتي أنا..

"أرى أنك مازلت تغطين شعركِ.. أصدقيني القول.. هل تعانين من مرض ما يتسبب في تساقط شعرك؟ لماذا تقومين بإخفائه دائما أسفل تلك الربطة السخيفة؟"..

خرجت الكلمات من فمي بشكل تلقائي وكأنني تعمدت أن أخرج من حالة الهيام المفاجئة بأكثر الطرق فظاظة ووقاحة..
تبا لذلك الحلم!

للحظة.. فقط للحظة.. خفت بريق عينيها وبدتا وكأن كلماتي قد أصابتها بالحزن، ولكن ابتسامة بطيئة.. بطيئة للغاية ارتسمت على شفتيها لتُظهر حالة معاكسة تماما لما لمحته في مقلتيها، ثم ردت بسخافة: "شعري بخير تماما.. ليس وكأنك ستراه أبدا على أي حال.. فلا تشغل بالك إن كان قبيحا أم جميلا.. كما أن رأيك لا يهمني من الأساس"..
مستفزة..

أجبتها بدفاعية غير مفهومة: "بالي ليس مشغولا بكِ أو بشعرك"، قبل أن تشرد رأسي في آخر لقطات من ذلك الحلم اللعين.. الرائع.. ليته طال..

ازدردت ريقي ببطء، ثم أكملت هازئا: "هو على الأرجح قصير ومتعرج.. لذا لا أظن أنني أفقد الكثير إذا لم أراه أبدا كما تعدين"..

جاء تعليقي باردا كابتسامتي التي حاكت ابتسامتها السخيفة تماما..
يبدو أن الوقاحة ستكون هي الشئ الوحيد الذي نتشابه به!

قاطع تفكيري سؤالها المباغت بنبرة بدت مهتمة: "كيف تشعر الآن؟ هل هناك آلام بمكان معين؟"، ودون أن تنتظر الرد، أكملت بصوت هامس يكاد لا يُسمع: "كيف يتم ضربك وأنت بهذا الطول والعرض؟ وأنا التي ظننتك ماردا لا يُقهر!"..
تقابلت نظراتنا فاشتعل وجهها احمرارا..

يبدو أن الجملة الأخيرة قد خرجت منها بدون قصد.. وأنا بالطبع لن أترك لها الفرصة.. ليس بعد كل ما قالته بالأمس..

سألتها ساخرا: "ماذا قلتِ؟ أعيدي بصوتٍ عالٍ لأسمع؟ ما بالهما طولي وعرضي؟ أيعجبانك؟ هل تتفحصين قامتي سرا دون أن أنتبه؟"، ثم غمزتها بوقاحة لا تتفق أبدا مع حالتي المهشمة الحالية أو اضطرابي الداخلي بسبب ذلك الحلم البائس.

أفغرت شفتيها ثم تاهت بنظرها تطالع كل شيء في محيط الغرفة إلا أنا..

فجأة أمسكت بإطار صغير على سطح المكتب يحتضن صورة قديمة.. أعرف تلك الصورة جيدا..

صورتي أنا وحسام يوم حصوله على نتيجة الثانوية العامة بتقدير مرتفع أهله لتحقيق حلمه بدخول كلية الإعلام..
كان واحدا من الأيام السعيدة.

نظرت شروق إليّ والتمعت عيناها.. وكأن فكرة جديدة قد أضاءت برأسها.. كان شكلها طريفا بحق.. يسهل قراءتها دون أي مجهود..
ألا أعرف؟

"لماذا كل الصور تجمعك بحسام فقط؟ حتى صوركما في عمر الطفولة والمراهقة لا يظهر فيها والداكما؟ ألا يحبان التقاط الصور؟ هل توفيا في وقت مبكر من طفولتكما؟ ولماذا لم يحضر أي من أقاربك لحفل الزفاف؟ من كان الرجل الخمسيني البشوش الذي حضر القران؟".. أنهت قائمة أسئلتها الطويلة وحركت نظرها نحو عينيّ مباشرة وانتظرت الإجابة بتحدٍ واضح..

إذًا عادت للاستجواب من جديد.. تظن أنها ستصل لمكانٍ ما إذا جمعت ما يكفي من الإجابات..
فتاة خرقاء ساذجة..
حان وقت إلهائها..

"آه.. آه".. صرخت متألما.. ولم أكن أكذب.. فضلوعي عادت لتئن فجأة وكأنها تنبهت لتوها أن مفعول المسكنات قد انتهى وتحتاج لجرعة جديدة تسبح حولها لتهدئ من توجعها وتعيد إليها السكينة..

اقتربت شروق مني متوجسة، ثم انحنت نحو جسدي الممدد على السرير وبدأت تزيل الغطاء عني.. أمسكت بيدها لأمنعها، فأثارت المفاجأة رد فعل عكسي من جانبها، حيث سحبت يدها فورا وابتعدت خطوة للخلف وأخذت تنظر إليّ بتجهم..
لمَ الغضب الآن؟

تمالكت نفسها وأحكمت السيطرة على ما كان يمر برأسها، حيث تلونت ملامحها بنظرة متبلدة غير مكترثة، ثم قالت: "أريد أن أفحصك.. منذ أحضرك أصدقاؤك بالأمس وأنت نائم على هذا النحو بعد أن حصلت على الأدوية.. يجب أن أغير الضمادات والأربطة حول ضلوعك وأن أضع لك بعض الكريمات والمراهم المضادة للكدمات والتجمعات الدموية أسفل صدرك وبمحيط ذقنك.. لا أصدق أن وجهك قد نجا من تلك المشاجرات العنيفة، وتزين فقط ببعض الكدمات بمحيط الذقن دون أن يتكسر فكيك أو تتورم عيناك"، ثم زفرت بعنف وأكملت: "أحتاج لتعاونك.. ارفع يدك بعيدا عن الغطاء واتركني لأقوم بعملي".

عملها؟
كم مرة سأظهر أمامها كأحمق ضعيف عاجز ..

الآن مرت برأسي ذكرى مرئية واضحة.. كنت بالكاد أستطيع الوقوف حينما أحضرني صديقاي اللذين شاركا في المنازلات ضدي بالنادي.. يبدو أنهما قاما بنقلي إلى المستشفى ثم إلى المنزل لأن إصابة خالد منعته بالتأكيد من تولي هذا الأمر.

ما أتذكره هو أنهما كانا يسندانني إلى السرير لأتهاوى عليه ببطء وكل خلية في جسدي تئن كأنني عدت من حرب طاحنة، حتى أنني لم أستطع منع خالد من التفوه بحماقاته وكلماته المبطنة لتأنيبي وتوبيخي..

المثير للحنق حقا أن كل ما تعرضت له من لكمات لم يجعلني أنسى ما حدث الليلة الماضية أو ما سبقها.. ذهني ما زال مشتتا.. وقلبي يفيض بالألم.. وكأن إيذاء الذات لم يعد ذا فاعلية في مواجهة ما يعانيه قلبي منذ ذلك اليوم..
آه يا حسام!
تبا لك يا رحيم..

ثم هناك ذلك الحلم.. أي عشوائية تملكت عقلي بحق الله.. هل هذا وقته؟ من بين كل ما يسيطر على عقلي من تخبطات وأفكار متناحرة مجنونة.. تتجرأ هي على زيارتي في الحلم لتعبث بالبقية الباقية من كياني؟
تبا لذلك.. سأجعلها تدفع الثمن..
حسنا يا طبيبة.. لنتسلى قليلا!

أزحت الغطاء جانبا، ثم رفعت كنزتي الرياضية بقدر ما أتاح لي ذراعاي المتيبسان وأنا أحتفظ بوجهي جامدا دون أن أُظهر لها كم أتألم، ثم أشرت بكلتيّ كفيّ نحو جسدي الممدد في دعوة واضحة لها كي تتصرف كما تشاء.. راسما ابتسامة عريضة على وجهي.. ولتفسرها كيفما تشاء!

ودون أن تبدي أي رد فعل تجاه تصرفي، شرعت شروق في إزالة الضمادات وأشرطة الشاش الممتدة بمحيط أضلعي السفلية، حتى عاجلتها بكلمات ساخرة إلى أبعد حد، متجاهلا تطوعها للعناية بإصابتي دون أن تكون مضطرة لذلك، خاصة في ظل الظروف الحالية، حيث قلت بنبرة سخيفة: "هذه هي المرة الثانية التي تقومين فيها بتضميد جروحي يا طبيبة.. من يراكِ تفعلين ذلك بكل تركيز وتفانٍ سيظن أنك تهتمين لأمري حقا.. أخبريني صدقا بالله.. هل جلستِ طوال الساعات الماضية بجانبي وأنا ضائع في عالم الأدوية المسكنة أحلم بــــــــــــــــ.. بكل شيء مريح للأعصاب.. بينما أنت تقلقين عليّ كزوجة محبة عطوفة؟"

ما أن أنهيت كلماتي الساخرة حتى ضغطت هي بإصبعيها على ضلوعي لتزيد من آلامي..
اللعنة.

خرج من حنجرتي تأوه حاد لم أستطع السيطرة عليه.. تبا لها.. دائما تتمكن من دحض تماسكي.. بنظرة.. بكلمة.. بلمسة.. لأعود ضائعا ومفككا وقابلا للتهشم.

رفعت عينيها بنظرة جادة مصوبة تماما نحو مقلتيّ، ثم ردت بثبات ونبرة خالية من آية مشاعر: "أخبرتك من قبل.. علمونا في كلية الطب أن نقدم العلاج للجميع ما كان ذلك في استطاعتنا دون تمييز للون أو النوع أو حتى الجنسية.. حتى إذا وقع ألد أعدائي بين يديّ وكان يحتاج للعلاج..
سأقدمه إليه حتى يعود سليما معافى، وبعدها سأنال ثأري منه وأجعله يتمرغ في هزيمته صاغرا"..

رغم أنها أجابت بأعصاب باردة وأنهت كلماتها بابتسامة بدت سخيفة وهازئة، إلا أنني كنت غارقا في روعة تلك الابتسامة.. حتى وإن كانت فارغة ومفتعلة، فهي قد أضاءت وجهها في كل الأحوال وأعادت إليه رقته، خاصة مع تلك القبعة الشتوية التي تجعلها تبدو كفأر منكمش متنكر يحتمي بدرع وهمي خوفا من بطش وشراسة القط الضخم..

كانت ملائكيتها تلك التي أوقعتني بحبائل حبها التي لم تنصبها أصلا هي من حولي..
سر جاذبيتها في نظري أنها لا تعرف الإغواء، والحقيقة هي لا تحتاج لبذل أي مجهود.. إن كان لرأيي آية أهمية..

شفافة.. دافئة.. لطيفة.. كصندوق مخملي يمتلئ بالشوكولاتة الفاخرة.. قطعة أو قطعتين تدخلك في عالم من الانتشاء والحبور.. والكثير منها قد يقتلك..

وهذا هو حالي معها.. البين بين.. لا أنا قادر على الاقتراب كما تُلح علي مشاعري، ولا أنا أستطيع الابتعاد كما يصرخ عقلي.. ما أنا سوى نقطة في مدارها تجذبها هي إليها بالسرعة التي تريدها.. إما تحرقها أو تمنحها الأبدية.. تتلاعب بي بين راحتيها كيفما أرادت.. ولتذهب جميع الاحتمالات والنتائج إلى الجحيم..
لا تلتهي.. ركز يا حازم..

أعدت رأسي للخلف بنية التوقف عن التفكير فيها..
كانت صادقا في نيتي، لكن اصطدم رأسي بسور السرير المعدني ليتشوش ذهني مجددا بفعل العقاقير المسكنة، فأعود مجددا إلى ذكرى ذلك الحلم، خاصة وأن يدها بدأت في تدليك صدري وبطني برقة شديدة بربتات دائرية تلطف موضع الكدمات، وكأنها أناملها خُلقت من ريش الطاووس الناعم الملون كمخلوقة أسطورية ليست من عالمنا..
هي بالتأكيد ليست من عالمي.. وربما لن تكون أبدا..

أخرجني من حالة الطفو استنشاقي للرائحة النفاذة التي خلّفتها المراهم ومستحضرات التدليك الطبية التي التصقت بسطح الجلد بمحيط صدري وخصري.. كنت أشعر بالتقزز ولكن لا أستطيع أن أمتعض أو أُبدي ضيقي..
كيف أفعل وهي تخصص لي من وقتها وطاقتها رغم أنها تمقتني!

وبينما هي تستكمل عملها في تغطية أماكن الكدمات بأربطة جديدة حول الأضلع المكدومة، سألتها باستنكار لكي أخرج نفسي عنوة من حالة الاستكانة المفاجئة: "ولماذا هذا الفائض من النبل؟ هل تعانين من متلازمة جنون العظمة؟ هل تحبين أن يشعر الآخرين أنهم مدينون لكِ؟"..

وقبل أن أمنحها الفرصة للإجابة أكملت بلهجة حاسمة: "حسنا.. كألد أعدائك.. أنا أحررك من عناء الاعتناء بجروحي.. ليس عليكِ أن تقومي بهذا الأمر بعد الآن.. أستطيع العناية بنفسي جيدا.. فأنا معتاد على الأمر بكل الأحوال".. مع كلماتي الأخيرة تغيرت ملامحها من الغضب إلى الشفقة والأسى..
مهلا.. هل تتعاطف معي؟

تجاهلت تلك النظرة التي انطبعت على صفحة وجهها، وأكملت بصرامة: "اذهبي وابحثي عن شئ آخر يسليكِ.. أنت عروس في كل الأحوال.. وهذا يوم الصباحية.. أليس كذلك؟".. وأنهيت كلماتي بابتسامة لاذعة وجملة: "صباحية مباركة"..

زفرت شروق بضيق، ثم بدأت في جمع الأدوية وبقايا الأربطة التي كانت قد نثرتها حولي على السرير، ثم استدارت وتحركت خطوتين تجاه الباب..

وقبل أن تغادر الغرفة، قذفت علبة الأقراص المسكنة على صدري وغادرت الغرفة دون أن تنظر لي.
أمسكت بهاتفي المستقر على المنضدة الجانبية، وطلبت رقم خالد، فجاء صوته ساخرا يصيح بانتعاش: "صباحية مباركة يا عريس.. أم أقول شافاك الله وعافاك؟" ثم دخل في نوبة ضحك بعد مزحته السخيفة.

أجبته بضيق: "تعلم أن حس الفكاهة لديك لا يختلف كثيرا عنه عند الدب القطبي الذي تدهورت أحواله ليجد نفسه حبيس أحد أقفاص حدائق الحيوان بإحدى الدول المدارية.. فمتى ستتوقف عن مزحاتك السخيفة ونكاتك غير المضحكة"..

رد هو بتحامق يلازمه كلما حاول إثارة غضبي: "يا وغد.. أتهينني بدلا من أن تشكرني على لململة أشلائك المبعثرة وجمعها مجددا ورتقها بعناية حتى تعود لعروسك بكرامة غير ممزقة؟"

زفرت بعنف ثم سألته: "أخبرني بدون ثرثرة مزعجة.. كيف حدث ووصلت إليّ ولماذا تم نقلي للمستشفى؟ لا أرى أن حالتي كانت تستدعي الأمر".. تجددت آلامي بعد آخر جملة وكأنها تعترض على الكذبات الخارجة من لساني..

رد خالد: "لقد اتصل بي عمر الذي كان يدير صالة الملاكمة.. قال إنك توجهت للتدريب بعد انتصاف الليل بقليل.. ورغم أن المركز الرياضي يفتتح أبوابه طوال الأربع وعشرين ساعة، إلا أن الأمر كان غريبا، حيث أنه من غير الشائع تواجدك هناك في مثل هذا التوقيت، وبعد أن خضت أول نزالين.. سارع هو بالاتصال بي حتى آتي إليك وأمنعك من استكمال محاولتك الساذجة للوصول إلى فقدان الوعي بطريقة مؤلمة".

شتم خالد في سره ثم أكمل: "حينما وصلت، كنت سيادتك قد شارفت بالفعل على فقدان وعيك، ولولا تلك الخوذة الواقية لكان وجهك قد تهشم وربما تعرضت لارتجاج في المخ أو ما شابه.. لكن على ما يبدو كان الشباب قد رأفوا بحالك بعد أن لاحظوا حالتك الغريبة.. وقتها طلبت من سامي وإيهاب حملك للتوجه إلى المستشفى.. لأنني بالطبع لم أكن قادرا على حملك بسبب جراحتي يا بغل.. ثم عدنا بك للمنزل بعد أن خضعت للأشعة للتأكد من عدم وجود إصابات غير مرئية.. وأمر الطبيب لك بالراحة بضعة أيام مع الالتزام بالعلاج الموضعي والأدوية المسكنة عند الحاجة.. ألف سلامة يا حلوف"..

كنت بصدد إنهاء المكالمة حين جاء صوت خالد ثابتا ولكن خفيضا بعض الشيء وكأنه متأثر بشدة بحالتي: "حازم.. لست مضطرا لمواجهة التقلبات التي تمر بحياتك حاليا بهذه الطريقة.. اتفقنا على أن نتعامل مع الأمر خطوة خطوة.. كما حذرك دكتور فؤاد من مغبة الإقدام على طرق إيذاء النفس المتطرفة تلك.. بالله عليك لا تقلقني.. عليك أن تتماسك حتى تستطيع التعامل مع الوضع الحالي بالشكل الصحيح.. ولا تنسى أن حسام يحتاجك الآن أكثر من أي وقتٍ مضى.. خذ قسطا من الراحة.. وسنتكلم لاحقا"..

بعد أن أنهيت المكالمة، تناولت قرصين من المسكن واستسلمت للنوم من جديد..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 06:31 PM   #445

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل الخامس عشر - القسم الثاني

استيقظت بعد بضع ساعاتٍ أخرى على صوت رنين هاتفي المحمول.. يبدو أن الأقراص المسكنة قد جعلتني أنام مجددا.

جُلت بنظري حول الغرفة بحثا عن الهاتف لأجده على المنضدة الصغيرة القريبة من النافذة..
من نقله إلى هناك؟ ألم أتركه على المنضدة الجانبية المجاورة للفراش؟

حسنا.. يجب أن أختبر قدرتي على السير بمفردي في كل الأحوال بعد جولة التهشيم التي تعرضت لها الليلة الماضية، فأزلت الغطاء وجلست بهدوء وأنا أركز جيدا على ردود أفعال عضلاتي المحتقنة وضلوعي المكدومة..
تبدو الأمور جيدة حتى الآن..

استدرت وأنزلت ساقيّ على الأرض بحرص.. وهذا أيضا جيد!

الآن للخطوة الأهم.. كنت أهم بالوقوف وكدت أن أنجح، ولكن فجأة انفتح باب الغرفة ودخلت شروق.. وعندما وجدتني واقفا.. سارعت نحوي لكي تسندني..

لا.. لن أقبل مساعدتها مجددا.. يكفي كل ما فعلته حتى الآن، وبينما أنا أدفعها بعيدا وأعود للتهاوي على السرير بعد أن خارت قواي من الوقوف، فإذا بها تعتصر يدي بقبضتها بعنف وترمقني بنظرة متحدية وكأنها ترفض قراري بعدم الاستعانة بمساعدتها..
سحبت يدي بعنف.. ثم........

لم يستغرق الأمر أكثر من ثانيتين، حيث وجدتني فجأة مفترشا السرير بنصفي العلوي بينما ساقاي مازالتا أسفل السرير ترتكزان على الأرض..

وهي.. هي قد سقطت فوقي لينبسط جسدها بالكامل أعلى جسدي المهشم..
تبا..

ألجمتني المفاجأة وتجمدت تماما عاجزا عن التحرك أو إبداء أي رد فعل، فاندفعت هي ناهضة من أعلى صدري كمن أصيبت بصعق كهربي، ثم تدحرجت بليونة إلى الجانب الآخر من السرير، لتنهض من فورها وتتحرك بسرعة تشبه قفزات غزال نجا لتوه من شرك صياد متوحش أو هجمة مباغتة أسدٍ ضارٍ، حتى وصلت إلى المنضدة التي تحتضن الهاتف الذي مازال يرن بإزعاج.

ما أن التقطت شروق الهاتف بيدها حتى كان رنينه قد توقف بالفعل، وهو ما جعلني أسمع بوضوح ما همست به: "تبا.. لماذا ظننت أن ثورا مثله سيغرق في النوم من مجرد قرص مسكن؟!".

استدارت لتقطع الغرفة عائدة بخطوات سريعة ثم قذفت الهاتف بجانبي وغادرت مسرعة دون كلمة أخرى!

اعتدلت جالسا على السرير مرة أخرى، ثم أمسكت بالهاتف، لأجد أن المتصل كان حسام.. فضغطت زر إعادة الاتصال على الفور، ليأتيني صوته قلقا متوترا: " أخي.. هل أنت بخير يا حازم؟ ماذا حدث لك؟ كيف هو جسدك؟".

أي أحمق أنا؟ أي ضعيف تالف الرأس أكون؟ كيف أترك أخي الذي لطمته الحياة بكارثة حقيقية وأذهب لأرتق غروري الممزق بالطريقة الوحيدة التي أجيدها؟

بل كيف أجرؤ؟ بضع كلمات من تلك الفتاة سحقت كبريائي وأججت الجنون الخامل برأسي بينما أخي الذي أظلمت دنياه وتخلت عنه حبيبته ما زال يقاوم وكأن كل شيء تحت سيطرته..
هل كل شيء يدور حولي أنا؟ ما تلك الأنانية؟ كيف أتصرف بهذه الرعونة وأقلقه هكذا..

زفرت ببطء متخلصا من بقايا رماد احتقارٍ للذات لم أدرِ أنني أختزنها بداخلي، ثم همست: "حسام.. أنا آسف.. لم أقصد أن أقلقك بينما يجب أن أكون بجوارك الآن.. أنا حقا آسف.. لم أفكر جيدا قبل أن أرتكب حماقة جديدة من حماقاتي.. أنا بخير لا تقلق.. ليس عليك أن تقلق بشأني أبدا.. فقط كن بخير.. سآتي لزيارتك اليوم وسأقوم بـــــــــــ".

قاطعني حسام بقوله: "بل لن تترك منزلك وأنت بتلك الحالة التي وصفتها لي شروق.. استرح بقدر ما نصحك الأطباء وأنا سأظل منتظرا.. ليس الأمر وكأنني سأتوجه إلى مكانٍ آخر".. قال جملته الأخيرة بنبرة مازحة محاولا القضاء على قتامة المحادثة.
هل تحدثت معه شروق؟ هل يتحدثان بشكل متكرر؟

لقد نسيت أنهما صديقان.. بالتأكيد ستهاتفه وتزوره لتطمئن عليه.. خاصة بعد أن تزوجت أخاه المجرم.

غيمة رمادية ظللت على وجداني فجأة وجعلتني أتلبس الصلابة وأجيبه في هدوء: "حسنا .. لا تقلق.. مجرد كدمات ورضوض سرعان ما تخفت حدتها وأعود لحركتي الطبيعية.. سألتزم بتعليمات الطبيب حاليا.. ولكن سأهاتفك يوميا لأطمئن عليك.. إلى أن أستعيد حالتي الطبيعية".

أنهيت المكالمة وأنا أضحك بسخرية دون صوت.. منذ متى كنت أنا بحالة طبيعية؟

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

ساعات أخرى مرت وأنا منسدح على فراشي أتألم من أماكن عدة دون أن يشغل بالي أيا من تلك الآلام..

يبدو أنني كنت في حاجة لذلك القيد الإجباري حتى أظل طريح الفراش بلا حراك لكي ألتقط أنفاسي قليلا وأتمكن من التفكير بروية وعقلانية فيما حدث خلال الأيام القليلة الماضية..

منذ أن رأيتها أسفل ذلك الxxxx بأحد أطراف الميدان، تحيطها كرات اللهب من كل جانب كجنية سقطت من عالمها إلى بؤرة من بؤر الجحيم، لتفقد كل قواها السحرية وتتلمس الأمان في أيا كان.. ليوقعها حظها العثر في شبح لشخص أُعلنت وفاته بالفعل منذ سنوات عدة لكن روحه مازالت مقيدة في دنيا الأحياء ليستوفي ما عليه من ديون..

شبح كان من الأنانية بحيث أصر على الالتصاق بها والإصرار على حمايتها رغما عنها ثم إيذائها بأكثر طريقة مهينة..
إجبارها على الزواج منه..
أستحق كل كلمة قالتها لي.. لن أنكر..

ومع تذكري لتلك الكلمات المهينة الجارحة، غيّمت من جديدة سحابة رمادية ثخينة مشبعة بالقهر والانهزام..

التقطت بهاتفي من سطح المنضدة المجاورة للسرير، وقمت بتشغيل أغنية Hurt للمغني الشهير الراحل Johnny Cash.

أخذت الموسيقى الحزينة تنساب حولي وأنا أتوحد معها بأفكاري، خاصة عندما بدأ الغناء بصوته الشجي ناطقا بكلمات تعبر عن اشتداد الألم النفسي وغرق صاحبها في محيط من الأفكار الكئيبة..

كنت أحاول بشدة الهروب من رأسي بالاندماج مع الأغنية فرفعت الصوت لأعلى درجاته.. وأنا أستمع إليها.. وحتى أنني بدأت أغني معه أيضا بقدر ما سمحت لي طاقتي.. وكأنني أنعي ذاتي وأرثيها..

كنت كلما انتهت الأغنية، أقوم بإعادة تشغيلها والإندماج معها من جديد.. مرة .. بعد مرة.. بعد مرة..
إلى أن التفّت دفة عقلي من جديد نحو المنار الوحيد له.. شروق.. والتي رغم حرصي على حمايتها بشتى الطرق، إلا أن المحصلة النهائية كانت التصاقها بالظلام أيضا..

طالما ارتبط اسمها باسمي، فهي أيضا قد سقطت في دوامة الدكنة والقتامة التي هي.. أنا..
هكذا تم وصمها للأبد.. ولا أتمنى لها سوى النجاة!

في الحقيقة، أنا لم أهرب لحلبة الملاكمة إلا لهذا السبب.. لأن كلماتها طوقتني وباتت تحرق داخلي.. لن أنسى ما حييت نظرتها لي داخل تلك الغرفة البيضاء اللعينة في المستشفى..
وكأنني أحتاج لأسباب أخرى لأكره الأبيض!

ولكن لمَ لم أكرهه عليها عندما تزينت به في ليلة زفافنا؟ هل لأن الأبيض زادها ملائكية وبهاء؟ أم لأنها زينته بالسواد ظنا منها أنني سأكره إطلالتها؟

لا والله.. لقد أطلت في أروع صورة.. كأميرة من عالم الأساطير.. حتى عبوس وجهها جعل طلتها تتخطى حدود الكمال.. بشكل يليق بها تماما.. ولا أستحقه أبدا.

فستانها الرائع الذي قد تنفر منه النساء، جعلها تتخطى حدود الفتنة والسحر.. لتصبح كاملة الأوصاف.. استثنائية الأنوثة والخيلاء..

لا أصدق حتى الآن أنها في منزلي.. بل ترتدي بعضا من ملابسي..
أمر لم أتخيله حتى في أكثر أحلامي جموحا.. وأنا وغد أناني لن أنكر فرحتي العارمة بالأمر.. رغم الظروف..

ورغم كل شيء.. سأحبها من بعيد وسأحميها من والدها ومن حماقاتها.. ومني أنا..
خصوصا مني..

ولكن، كيف سيكون الوضع عندما يخرج حسام من المستشفى ويبدأ جلسات العلاج الطبيعي؟
استعرت بداخلي بعض حممٍ من غيرة أعرف أنه لا مبرر لها..

ولكن، هل يلومون محروما إذا سقطت بين ساقيه عملة ذهبية أو لؤلؤة براقة، فيقوم بحراستها ليلا ونهارا.. بل يضعها في صندوقٍ مسوّرٍ حتى لا يقترب منها حتى النسيم فيخفت وهجها وتقل لمعتها؟
حسام أخي وعائلتي الوحيدة.. لن أسمح له أبدا بالخروج من البيت والإقامة بمفرده خاصة في تلك الظروف التي يحتاج فيها لرعاية ومساندة طويلة المدى حتى يستعيد صحته من جديد.. وأنا لن أضع عبء العناية به على كاهل أصدقائه وهو في هذه الحالة..

فإذا كنتُ سببا فيما حدث له بشكلٍ أو بآخر.. يجب عليّ تجنيبه آثار تلك الكارثة بآية طريقة ممكنة.. بل ومساعدته بكل ما أوتيت من قوة على تخطيها واستعادة حياته كاملة بلا نقصان.
وهذا أقل تعويض أقدمه له عن تقصيري في حمايته حين احتاجني بجانبه..

فقط عليّ أن أحتوي غيرتي التي قد تعلن عن نفسها من وقت لآخر، خاصة وأن ثمة صداقة قد نشأت بينه وبين شروق خلال أيام المظاهرات الأولى.

أخذني الفضول إليها من جديد.. ما الذي تفعله بالخارج؟ هل هي مرتاحة في شقتنا الصغيرة؟ ولماذا
اختارت ارتداء ملابسي المهلهلة عليها بدلا من ارتداء الملابس التي أعدتها لها مدام سناء؟
لن أشتكي.. فأنا يعجبني الوضع.. جدا

لكن، هل ستتجنبني بعد كلماتي الوقحة التي صوبتها ناحيتها بغرض مضايقتها؟ هل يجب أن أخرج إليها لأعتذر أم أتظاهر بالتعب من جديد؟

لا بأس.. لن يكون التظاهر أمرا صعبا وأنا في تلك الحالة.. لكنني أعلنت أنني لا أريد المساعدة منها، وهي قد لا تأتي إلى تلك الغرفة مجددا، خاصة بعد الموقف المحرج الذي جمعنا عندما سقطت فوقي.
كانت لحظة صادمة.. ومذهلة..

وبينما أخذت أسترجع ذلك الموقف في مخيلتي، شعرت بتثاقل رأسي مرة أخرى..
ربما كان ذلك بفعل الأدوية.. أو بسبب التفكير المشتت في أكثر من فكرة.. في النهاية، تخليت عن مقاومة التعب واستسلمت للنوم من جديد.

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

"حازم.. تعال لتتناول بعض الطعام.. عليك أن تتحرك قليلا لتُكسب عضلاتك المتيبسة بعض المرونة".
تململت في فراشي فور أن انتبهت لكلمات شروق التي أيقظتني من غفوة خفيفة على ذلك السرير السخيف بصوتها الرقيق الحنون.. اللطيف جدا.

نهضت جالسا دون أن أرد بآية كلمة، وحاولت النهوض والوقوف على ساقيّ، ولكن فشلت بشكل محرج، حيث شعرت بأن جسدي مربوط بقوالب فولاذية ثقيلة تعيق حركتي.

اعتدلت في جلستي، وأنزلت ساقيّ على أرضية الغرفة لكي أبدأ بمحاولة الوقوف عليهما من جديد، أملا في التحرك بسلاسة حتى لو لخطوتين فقط، حتى أتخلص من الحرج الذي تسببت به لنفسي في المرة الأولى عندما هبت هي لمساعدتي..

وبينما أحاول النهوض مجددا، اقتربت شروق مني بحرص ووقفت إلى يساري بذراعٍ ممتد.
هل تريد مساعدتي مجددا بعد ما حدث؟

طالعتها بعينيّ لأجد وجهها قد اكتسى بتورد مفاجئ..
لماذا احمرت وجنتاها الآن؟
هل تذكرت هي أيضا ما وقع منذ ساعات؟
أنا متعب للغاية الآن لأحاول تفسير ما تفعله بي تصرفاتها العفوية..

دون كلام من جانبي، رفعت ذراعي الأيسر، ثم أسندت يدي على كتفها وبدأنا نتحرك بخطوات متوازية إلى خرج الغرفة رويدا رويدا حتى وصلنا إلى غرفة الجلوس، حيث كانت قد رصت بعض الأطباق على المنضدة الممتدة أمام الأرائك الجلدية في مواجهة شاشة العرض..

بعد أن ساعدتني شروق على الجلوس إلى أقرب أريكة، أخذت هي مكانها على طرف الأريكة المجاورة ومدت نحوي طبقا يحوي بعض شطائر الجبن بالطماطم، وطبقا آخر يحوي القليل من شرائح الخضروات المقطعة وطبق ثالث يتضمن بعض البطاطس المهروسة بالبيض المقلي والجبن الذائب..

يبدو أنها قد وجدت بالفعل ما يشغلها في المطبخ..
أمسكت شروق بجهاز التحكم لتشغل التلفاز، ثم شرعت في تناول بعض اللقيمات..

لا تُفسد الأمر.. لا تُفسد الأمر.. لا تُفسد الأمر

"أرى أنكِ قد بدأت في التأقلم على الحياة داخل هذا المنزل.. هل سنلعب الآن لعبة العريس والعروس؟ ولماذا إذًا تظاهرتِ بالضيق والحياء منذ ساعات قليلة عندما سقطتِ فوقي عن عمد"،

خرجت الكلمات من بين شفتيّ بسلاسة خانقة متجاهلة أوامري المباشرة بعدم إفساد الأمر..
أحمق.. تبا لفمي الذي لا يحتوي على أي مرشح.

لم أندم على كلماتي إلا بعد أن احمر وجهها بشدة، وأعادت الشطيرة خاصتها إلى الطبق وصممت لبضع ثوانٍ.

وقبل أن أبدأ في الاعتذار أو محاولة تلطيف ما خرج من فمي من كلمات مؤذية، نهرتني هي قائلة: "اسمع يا هذا.. يبدو أنك نسيت تماما كل ما تحدثنا عنه قبل أن تخرج وتتشاجر مع بعض رجال العصابات الذين تنتمي إليهم.. حدثني لأفهم.. أين ذهبت ليلة أمس؟ هل عدت للميدان وافتعلت كوارث جديدة؟ كم عدد ضحاياك هذه المرة؟ هل يجب أن أهاتف أصدقائي واحدا تلو الآخر لكي أطمئن أنهم جميعهم بخير؟".

لم أستطع أن أتمالك نفسي الآن، ليس وكأن باستطاعتي مغادرة المنزل مجددا، الآن صرت أسيرها في هذا المنزل الخانق كقفص حديدي، وعليّ أن أحتمل كل ما ستوجهه نحوي من براكين غضبها..
ولكن ليس الآن..

عليّ أن أصنع بعض التوازن في تلك العلاقة المفروضة على كلينا حتى لا تظن تلك الفتاة أن لها اليد العليا فتثير المزيد من المشاكل.

لم يكن عليّ الصراخ.. كل ما فعلته هو تجسيد الشخصية القادرة على ارتكاب أعمال عنف مريعة والتي وضعتني في إطارها منذ ذلك اليوم في المستشفي، فهمست بهدوء جليدي موجها جُل نظراتي المرعبة نحوها مباشرة: "بل اسمعي أنتِ يا طبيبة.. أولا، ليس مسموحا لك بالصراخ داخل منزلي بهذا الشكل.. تأدبي وتحدثي بشكل عقلاني.. سأسمعك جيدا إذا تحدثتِ بهدوء..".

تنهدت ببطء، ثم أكملت: "ثانيا، توقفي عن كلماتك الحمقاء التي تظنين أنها ستؤذيني.. اطمئني.. أنا تخطيت هذه المرحلة منذ سنوات ولا شيء بات يؤثر بي بعد الآن.. كل محاولاتك السخيفة لإثارة استفزازي وافتعال مشكلاتٍ معي لن تفلح.. وأنا قلت لكِ من قبل أنني أدرك جيدا أن هذه الزيجة صورية في مجملها.. كما أنني لا أغتصب النساء.. فاهدئي قليلا.. سأكرر كلامي هذه المرة فقط ولن أعيده مجددا.. أنا فقط تزوجتك لأن والدك طلب مني ذلك.. وأنتِ بالفعل عبء شديد عليّ تماما مثلما تشعرين أنك متورطة بتواجدك مع رجل تبغضينه ولا يليق بك تحت سقف منزله الذي لا يساوي شيئا أمام منزل والدك الفخم.. ولكن القاعدة الوحيدة التي ستضمن لك حياة آمنة وشبه كريمة في هذا المنزل هي احترام صاحب البيت والتوقف عن مضايقته وإثارة غضبه بالإهانات الصريحة والمبطنة.. أنت لا تريدين استدعاء الشيطان لأنك لن تستطيعي مواجهته وبالتأكيد لن تستطيعي صرفه.. هل فهمتِ؟".

انتابت شروق حالة من الجمود فالتزمت الصمت ولم تعقب أو تبدي أي رد فعل بوجهها أو بلغة جسدها....
ما زالت تعاند..

"لم أسمع. هل فهمتِ يا طبيبة؟" سألتها بحدة وبصوت لا يحتمل التجاهل..
ردت هي بنزق: "فهمت" والتتمة بصوت خافت لا يكاد يُسمع "حقير".

"ماذا قلتِ؟ هل تبحثين عن أول عقاب لكِ؟ أتريدين الآن أن نبدأ دروس التربية التي وعدتك بها؟ أعيدي ما قلته"، حدثتها بنبرة خطرة تشي بالكثير من القوة وتعد بعنف مماثل.. لترد هي بهدوء وحذر معلنة تراجعها: "لم أقل شيئا".
وأخيرا..

"حسنا يا زوجتي الغالية.. شغلي التلفاز لنتسلى قليلا.. وسأترك لكِ حرية اختيار القناة.. انظري كم زوجك ديمقراطي!"..

حدقت هي بنظرة جانبية تحوي الكثير من السخرية المختبئة داخل حجري القمر خاصتها، ثم شغلت أحد البرامج الحوارية التي تتكلم عن تطورات الوضع السياسي في مصر خلال الأيام القليلة الماضية وخاصة بعد اشتعال المطالبات بتنحي الرئيس عن سلطته وحل الحزب الحاكم في أعقاب أحداث العنف التي شهدها يوم الثاني من فبراير.


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 06:42 PM   #446

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: الفصل الخامس عشر - القسم الأخير

كانت المذيعة تستضيف اثنين من المحللين السياسيين، أحدهما يمثل النظام الحاكم والآخر يمثل جانب المعارضة ويتحدث بلسان المتظاهرين مستعرضا مطالبهم، وبدا أن بينهما حالة من النقاش المحتدم حول الطريقة المثلى لنقل السلطة في حالة انسحاب الرئيس فعليا من المشهد السياسي حتى لا يحدث فراغ سياسي يتسبب في تدهور الأحوال..

هؤلاء المتظاهرون يبهروني بسذاجتهم حقا..
ألا يدركون أن هناك حية سامة غادرة تتربص بالوطن حتى تهيمن على الحكم بلحظة واحدة.. فتسعى حاليا بشكل حثيث لتنفيذ خططها المستترة التي تصب لمصلحة دول أخرى تحاول خطف تأثيرنا الإقليمي وثبات سياساتنا الخارجية المتوازنة، لتهدد في النهاية أمن هذا الشعب بشكل مباشر؟؟

ألا يعلمون أنها تحاول منذ عشرات السنين.. وكلما قُطعت لها رأس، ينبت لها رأس أخرى بديلة يغذيها ذلك الجسم المتلون والذيل الفاسد؟ ألا يرون أن للفساد أيضا منظومة متكاملة وبنية تحتية وحائط للحماية وجيوش سرية تهب في لحظة لنصرة جماعات المصلحة وأغنياء الحروب؟

تلك الجماعة التي ظلت لسنوات تحاول الاستيلاء على الحكم بطرق شرعية وغير شرعية، وفي كل مرة كانت جهودها الطامحة وأطماعها الإجرامية تنتهي بالفشل.. حتى مع تجرؤهم على اغتيال رمز الدولة نفسه من قبل؟

لولا أن الجيش يحمي الوطن من تلك المحاولات الظلامية لشق وحدة الشعب وضرب البلبلة والطائفية والإرهاب بين جنباته، لما ظل هذا الوطن متماسكا حتى الآن..

أفهم أن يطلب المتظاهرون تغيير قانون محاسبة رؤوس السلطة والرقابة على الانتخابات لتكون أكثر نزاهة، وأن يتم تداول السلطة وتفعيل دور المؤسسات ودفع عجلة التنمية، لكن أن يطالبوا بتفكيك ثوابت الدولة المصرية بهذا الشكل؟

هذا طيش وحمق.. سيدفعون ثمنه غاليا عندما يكتشفون أن هناك من يستغلهم ثم يلفظهم وينتقم منهم وينكل بهم فور أن ينفرد بالسلطة.

"عفوا.. لماذا تبدو غاضبا هكذا؟ هل تظن أن صوت الثورة ليس قويا بشكل كافٍ لفرض أهدافها؟ لماذا تمتلك ثقة عمياء أن الأمور ستعود إلى طبيعتها قبل الخامس والعشرين من يناير؟"

ألقت شروق سؤالها بوجه بدا جامدا وإن كانت عيناها تحملان الكثير من الاحتقار وعدم التصديق.
يبدو أنها تستطيع قراءة ردود أفعالي مثلما أقرأ مشاعرها.. هذه اللعبة أصبحت مسلية الآن.

مسحت فمي بمنديل، ثم منحتها واحدة من ابتساماتي السخيفة التي باتت تنجح في دفعها للارتسام على شفتيّ مؤخرا بدون أدنى جهد من جانبها، ثم أجبتها بهدوء: "بل أنتم الذين لا تقدرون حجم الأزمة جيدا، ولا تقرأون التاريخ.. هل تظنين أن بضعة أيام من الاعتصام قادرة على حل أزمة وطن يعاني من القهر والظلم والاستبداد والفقر والفساد في ظل نظام كهل لا يعاقب المخطئين من كبار قياداته بل يستفز الناس بالاحتفاء بهؤلاء المفسدين من وقت لآخر؟".

أخذت رشفتين من الماء، ثم أعدت الكأس للمنضدة وأكملت قبل أن تجد هي الفرصة للرد: "أخبريني بالله عليكِ آية ثورة في التاريخ نجحت في تحقيق أهدافها كاملة بدون معوقات من جانب أصحاب المصلحة والمتربصين الذين يبحثون دائما عن آية استفادة قد تلوح لهم.. خاصة تلك الجماعة التي تتحرق للسلطة لدرجة أنها لا تتورع عن القيام بأعمال عنف وإرهاب من أجل الوصول إليها والانفراد بها إذا لزم الأمر.. ألا تعتقدين أنهم حاليا قد أصبحوا أكثر الأطراف جاهزية للإمساك بالسلطة؟ هل سنجد من بين المتظاهرين الذين ليس لهم قائد فعلي، من هو قادر على اعتلاء رأس السلطة كرئيس قادم؟ أخبريني بالاسم بالله عليك.."..

وقبل أن تعلق هي، أطلقت ضحكة ساخرة، ثم قلت بنبرة سخيفة: "هل علموكِ في كلية الطب أن الديمقراطية الحقيقية تتحقق بعد أسبوعين من التظاهرات؟ تبا للحالمين".

ردت شروق بشراسة: "بسبب هؤلاء الحالمين صار لنا صوت الآن ولن نصمت ثانية أبدا"، قاطعتها بهدوء: "يا لسذاجتك.. حسنا.. لنر ما سيحدث لاحقا.. أنا لن أحرق عليكِ تلك المسرحية.. ولكن في النهاية سأذكّرك بمدى حماقتك أنت والحالمين من أصدقائك الذين يخسرون ويضحون وهم في النهاية مجرد أبرياء سيتم استغلالهم من جانب وحش مرعب لا يقبل نهائيا لعبة الديمقراطية ولن يسمح بتداول السلطة أو بتنوع الآراء أو إقامة مؤسسات حزبية قوية.. ولا حتى بالحريات الاجتماعية.. فهؤلاء قمعيون بالفطرة.. يريدون فقط الطاعة العمياء لمخططاتهم الدموية التي تبتعد كليا عن مصلحة الوطن وأهله وتريد تحقيق أحلاما مستحيلة تليق بعدة قرون منصرمة ولا يمكن أبدا تطبيقها الآن".

فجأة وضعت هي طبقها على المنضدة بقوة، ثم انتصبت على مقعدها وتحدثت بقوة وكأنها تقف على منبر أمام جمع من الحضور: "مجرد الحديث عن رحيل الرئيس وانسحابه من الحياة السياسية هو مكسب كبير لنا، لقد قامت الثورة أساسا لكي تقتل مشروع التوريث.. وبمجرد أن يتم إعلان تنحي الأب عن السلطة.. أثق أن الجميع سيغادرون الميدان برضا وحبور".

تبا لهذه المناقشة.. تؤلمني عظامي وهي مازالت تجادل.. عدت إلى الخلف قليلا لأسند ظهري على مسند الأريكة، ثم رفعت وجهي كي تلتقي عيوننا، ثم حاولت أن أجعل كلماتي التالية هادئة، حيث قلت: "هنا نقطة الخلاف بيننا.. أنتِ وأصدقاؤك تعتقدون أن الهدف هو تنحي الرئيس.. بينما أنا أؤمن أنه لابد أن تكون ثورتكم شاملة وألا تسمحوا لأي منتفعين بسرقتها ونسبتها لأنفسهم والاستفادة منها.. لا تستمعوا لدعوات من يضللونكم.. لأنه في تلك اللحظة ستبدأ سلسلة خسائركم".

فتحت شروق فمها ثم أغلقته.. ثم تخصرت بيديها لتحيط ضلوعها السفلية في وضع هجومي وقالت بحدة: "أنت.. أنت.. ماذا تقول؟ هل أنت مريض اضطراب شخصية؟ هل شخصيتك الطيبة خرجت الآن لتلهو قليلا بعد أن تعبت شخصيتك الشريرة من عراك الأمس الذي ترك علاماته على ضلوعك وفكيك؟".

دون أن تمنحني فرصة للتعليق، زفرت بضيق ثم أكملت: "أنت.. أتُنظِر للثورة؟ وتعرض الطريقة المثلى لحماية أهدافها؟ وتقدم نصائح للمعتصمين؟ ألم تكن العقل المدبر لمحاولة تشتيتهم وفض الإعتصام بالقوة بحشد قطاع الطرق والمجرمين بعد أن رفضت سلطات الأمن التدخل بمثل تلك الطريقة الدامية؟.. ألم تساهم بإثارة الفوضى والقلاقل ونشر الشائعات والأكاذيب لتفريق وحدة الهدف بين المعتصمين؟ أليس شقيقك دليلا عمليا على ما ترتكبه؟ هل أنت مجنون؟".
حسنا.. أنا أستحق ما قالته.. فلن أفسر لها شيئا.. يكفي!

ابتسمت بسخرية وقلت لها: "هذا عملي.. أنا رجل محترف.. لكن ما أقوم به أثناء عملي يختلف عن آرائي الشخصية"، وقبل أن ترد هي، جاء صوت المذيعة بعد العودة من الفاصل، حيث كانت تقدم فقرتها الجديدة..

حقا لم أهتم بثرثرة مقدمة البرنامج بعد جدالنا الأخير، ولكن رد فعل شروق هو ما لفت انتباهي.. لقد بدت سعيدة ومهتمة، حيث ارتسمت ابتسامة ضخمة على وجهها برزت لها أسنانها البيضاء وكأنها طفل قد حظي لتوه بكل محتويات متجر المثلجات والشوكولاتة كهدية استثنائية..

استدرت لكي أكتشف سر اهتمامها المفاجئ، فاستقبلني على الشاشة شاب وسيم ينظر للكاميرا بابتسامة مرتبة يتذيلها الاسم المكتوب أسفل الشاشة بجوار شعار البرنامج "المخرج والمدون عمرو سعيد كساب"..

إنه هو.. ذلك الشاب الذي كاد يموت يوم الخامس والعشرين من يناير داخل بهو الxxxx حين تهورت الحمقاء الجالسة بجواري وتطوعت بإنقاذه بتصرف أرعن كادت أن تفقد حياتها على أثره، قبل أن تحملني الأقدار إليهما، فحملته وأرسلته إلى أقرب مستشفى على متن دراجة نارية ثم أعدتها هي إلى بيت والدها.. والآن هي تبتسم له هو.. بعيون تصرخ بالامتنان والتقدير..

ظلت شروق على ابتسامتها الآسرة الموجهة لذلك الذي يتصدر الشاشة، وهي تهمس بخفوت: "لهذا إذًا لم يحضر الزفاف.. لأنه كان مدعوا للظهور كضيف على هذا البرنامج"..

لكن تغيرت ملامحها فجأة وتبدلت ابتسامتها بتهجم ونفور عندما ظهر شخص آخر على الشاشة.. كان أحد الممثلين المشهورين بأدوارهم الكوميدية.

في الحقيقة كنت أظنه سخيفا ولا أهتم بمتابعة أفلامه من الأساس ولم أفهم سببا لاستضافته مع المخرج الشاب، ولكن ازدياد ملامحها نفورا عندما بدأ هو في الحديث، دفعني للتركيز فيما يدور..
هل الأمر شخصي؟ هل تعرفه؟

وقبل أن أستعلم عن الأمر تطوعت هي بالحديث بعنف: "لا أصدق أنها استضافت هذا الشخص في برنامجها.. كنت أظنها قناة راقية تحترم عقول الناس ولا تهيئ منبرا لمثيري الأكاذيب والشائعات..
هذه رابع مرة يظهر هذا الرجل على شاشة فضائية خلال بضعة أيام.. وفي كل مرة يكرر نفس الكلمات ويلقي اتهامات كاذبة ويسرد أحداثا ومواقف غير حقيقية ليشوه صورة المتظاهرين ويجعل الرأي العام يكرههم ولا يساندهم..".

ثم نظرت لي وكأنني صديقها متجاهلة شجاراتنا وإهاناتنا المتبادلة أحدنا للآخر، حيث قالت شارحة: "لألخص لك ما سيقوله.. لقد حفظته.. هذا الكاذب يدّعي أن المعتصمين في الميدان إنما توجهوا إلى هناك فقط لينادوا بنشر القيم الغربية المتحررة البعيدة كل البعد عن ديننا وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا.. ويزعم أن البعض يقيمون علاقات حميمية داخل خيام الاعتصام ويؤكد أن هناك أدلة وشهود عيان.. وللأسف تكرار كلماته بهذا الشكل قد يجد له صدى لدى البعض، فقط لأنه يكرره كثيرا وعبر أكثر من قناة.. فالتكرار يحول الرأي لمعلومة دون أن يحاول أحد البحث والتأكد من مدى صحة تلك المزاعم".
ألم أقل إنها ساذجة؟

بالطبع سيكون هناك محاولات لتشويه الثورة وإلقاء التهم الزائفة والاتهامات الباطلة والشائعات لتشتيت المعتصمين وشرذمة وحدتهم.. حتى أن والدها كان يريد مني القيام بهذا الأمر ليلة الثاني من فبراير.. وأعترف أنني كنت بالفعل سأقوم بالترويج لبعض الشائعات الكاذبة بهدف زعزعة الثقة في نبل أهداف المتظاهرين.. لكنه تعجيل بتنفيذ مخططه الدموي، فخسرني للأبد..

أول ما يطمح إليه المخربون هو وأد الثورة في مهدها، فإذا فشلوا سيكون هدفهم عند القفز على السلطة هو تشويه الثورة وإضعاف كلمتها حتى ينفردوا تماما بنظام حكم شمولي فاشي يتخذ من الدين بطانة له لتقويته ومظلة تحميه من أي فئة تحاول إبداء اعتراضها على ابتعاده عن أهداف الثورة ومتاجرته بأحلام صناعها الحقيقيين.

وقبل أن أرد عليها، أمسكت هي بجهاز التحكم ورفعت الصوت بضع درجات حتى تسمع ذلك المخرج الوسيم وهو يتحدث، بعد أن تبدلت نظراتها المتقززة إلى أخرى حالمة..
تبا..

رد عمرو سعيد كساب على ادعاءات الممثل، بقوله: "في البداية أحب أن أرد على زميلي.. وأؤكد لكل المشاهدين أن ما يقوله هو مجرد انطباعات خاطئة نقلها له البعض.. وأدعوه لزيارة الميدان بنفسه ومشاركة المتظاهرين في اعتصامهم حتى يتأكد بنفسه أنهم لم يتركوا منازلهم في هذا الطقس البارد ويضعوا حياتهم على المحك إلا من أجل الوطن.. فالبعض قد فقد حياته بالفعل، وهناك من أصيبوا بعاهات مستديمة ستجعل حياتهم مرهقة على مدى السنين القادمة وستغير تماما شكل المستقبل الذي كانوا يطمحون إليه".

انشغلت أنا عن الاستماع إلى باقي ما كان يرويه هذا المخرج بمشاهدة حالة البهجة العارمة التي سيطرت على شروق وهي تستمتع إليه.

بعد أن أصبحت غير قادر على السيطرة على انفعالي، حركت عينيّ نحو الشاشة من جديد، وذلك عندما سمعت المخرج يتحدث عن تعرضه للاعتداء خلال مظاهرات اليوم الأول، حيث كان يقول: "في الحقيقة أنقذني أحد الشباب وأود بشدة أن أشكره على شهامته وكذلك ما فعله لإنقاذ الفتاة التي كانت متواجدة بالصدفة في نفس المكان وكادت أن تواجه مصيرا مؤسفا لولا تدخله.. وهي بالمناسبة واحدة من المدونات المعروفات عبر الفضاء الإلكتروني لكنها لم ترغب في إعلان هويتها بشكل علني.. أثق أنها مشغولة الآن بالتطورات المتابعة في حياتها وأتمنى لها كل الخير والسعادة"، ثم رفع عينيه للشاشة بابتسامة رائقة ودودة، لتبادله تلك الجالسة بجواري الابتسام بوجه متورد سعيد..

استطرد عمرو كساب بقوله: "هناك الكثير من الشرفاء الذي يؤمنون بمن يتواجدون في الميدان.. العالم كله يُثني على الثوار وعلى سلوكهم المتحضر وتظاهرهم بشكل سلمي فقط للتعبير عن مطالبهم بدون افتعال مشكلات أو إثارة للشغب أو إتلاف الممتلكات العامة.. حتى أن الكثير منهم شكلوا حائط صد لحماية المتحف المصري من الاحتراق أو السرقة عندما قام مثيرو الشغب بقذف كرات اللهب الحارقة نحو المبنى ومبانٍ أخرى تخص هيئات حكومية بغرض إلصاق تهمة التدمير في المتظاهرين بينما هم في الحقيقة مجرمون مدفوعون بأمر من طرف خفي من مصلحته تأجيج العنف بين أطياف الشعب المختلفة لتحقيق أهدافه الخاصة في النهاية."

عند هذه النقطة رمقتني شروق بنظرة غاضبة هازئة، ثم عادت لمتابعة الحديث على الشاشة..
ثم طفق الشاب يسرد ما يحدث حاليا في الميدان من مناقشات وسجالات مستعرضا رأيه الشخصي في التطورات المتوقعة بخصوص المشهد السياسي في مصر..

أما أنا فقد شردت من جديد في تأمل تلك التي ارتسمت على وجهها علامات الهيام والإعجاب وكأنها تشاهد بطلا قوميا..

"ألم تكتفي من الإعجاب برجل المستحيل خاصتك؟ هل كل هذا الإعجاب نحو شاب تلقى ضربات طاحنة من شخصين يعانيان من سوء التغذية في مدخل بناية مواجهة لمجلس الشورى وعجز عن مقاومتهما، لينتهي به الأمر فاقدا لوعيه دون أن يقوم ببطولة حقيقية؟"..

انطلقت كلماتي الهازئة بحنق دون سيطرة مني، وما أن أنهيتها حتى رفعت هي حاجبيها وأدارت وجهها قليلا نحوي مصوبة أشعة نارية حارقة من مقلتيها، ثم قالت: "بالطبع سأعجب به.. هو وقف في اليوم الأول ليقول كلمة حق في وقت متوتر وأجواء مرعبة حتى كاد أن يفقد حياته دفاعا عن قناعاته.. لم يحني رأسه ولم يستسلم لجلاده مثل البعض"، ثم ناظرتني بضيق وأكملت: " طبعا هو بطل.. وأنت بالتأكيد لن تفهم معنى تلك الكلمة أبدا.. فلماذا لا تتركني كي أستمع للنقاش بهدوء؟".

زفرت بحدة ونهضت بعنف متناسيا آلامي التي ضربتني فجأة من كل مكان كصعقة كهربية عالية، فتحركت نحو غرفتي بأقصى سرعة تتقبلها عضلاتي وعظامي المتوجعة، متظاهرا بأنني لا أشعر بأي ألم..

ما أن اقتربت من الغرفة، قلت مواجها بابها بدلا من أن أستدير وأناظرها: "حسنا لقد شبعت على كل حال.. شكرا على العشاء"، ودخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفي.

تهالكت على الفراش ببطء بعد أن عادت الآلام لتنبض بعنف من أماكن متفرقة من جسدي.. يبدو أن مفعول الأدوية المسكنة قد انتهى تماما، ولكن لم أشأ أن أناديها كي أطلب منها المساعدة..
فلتعد هي بنفسها عندما يحين وقت الدواء.. أو لا تعود.. أبدا!

كنت أتنفس ببطء وأزفر في كل مرة بعنف عندما أتذكر شكلها وهي تشاهد ذلك الشاب على الشاشة وكأنه بطلا قوميا.. ليتها شاهدته وهو منسدح على الأرض في مدخل تلك البناية بينه وبين الموت خطوتين.
لا أدري ما الذي يعجبها به؟ قصير ونحيف وبنيته ضعيفة ولا يستطيع الدفاع عن نفسه و...

أنت تحديدا يا أخرق عليك أن تتوقف هنا.. الفتاة شاهدتك وأنت تتلقى ركلا وصفعا من والدها دون أن تحرك أنملة.. فلا تتحاكى عن بطولاتك الآن..
لا شيء بإمكانه محو أثر تلك اللحظة من ذاكرتها..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

بعد مرور بعض الوقت، انفتح فجأة باب الغرفة بعنف مثير للحنق، ثم دخلت شروق حاملة أنابيب المراهم والكريم ولفات القطن والشاش والمطهرات الطبية كممرضة طالت نوبتها فصارت غير قادرة على الابتسام في وجه المرضى وتريد فقط إنهاء مهامها والعودة لبيتها..

اقتربت مني بهدوء، ثم قالت بصوت تقريري: "لقد جهزت لك الحمام وملأت الحوض بالماء الساخن، عليك أن تسترخي فيه لبعض الوقت حتى ترتاح عضلاتك من تيبسها وتتوقف الكدمات والرضوض عن إيلامك.. هل تريدني أن أسندك حتى تصل إلى الحمام؟".
ماذا؟ أعدت لي الحمام؟ بنفسها؟

أجبت بسرعة مداريا دهشتي: "لا.. أنا بخير.. سأتحرك بمفردي.. دعيني فقط أجمع بعض الملابس النظيفة من الخزانة"، ثم تحركت باتجاه خزانتي، وانتشلت أول ما وقعت عليه يداي من ملابس منزلية واستدرت من جديد متوجها نحو غرفة الحمام بدون آية كلمة إضافية.

خرجت من الحمام بعد أن أمضيت بعض الوقت بداخل حوض الاستحمام حتى بدأت المياه تبرد، وبالفعل كانت عضلاتي قد استرخت بعض الشيء وقلت آلامي بشكل عام.. آلامي العضوية على أي حال..

شرعت في ارتداء ملابسي التحتية ثم وضعت سروالا رياضيا واسعا، وقبل أن أضع القميص القطني ذات الأكمام النصفية على رأسي، جاء صوتها من الخارج: "لا تتعب نفسك وتضع التيشيرت بعد..

سأضع لك بعض المراهم على أماكن التورم والكدمات وأقوم بلف ضلوعك بالرباط الضاغط.

خرجت من الحمام وأنا أجفف شعري، بينما أخذت هي تنظر لي وكأنها تراني لأول مرة، لكنها تداركت نفسها وتوقفت عن النظر إلى صدري العاري، ثم تحركت بنظرها قليلا عند ذراعي الأيمن.. وأسفل الجانب الأيسر من ظهري بالقرب من خاصرتي..
أعرف ما لفت انتباهها تحديدا.. لقد رأت أوشامي..

عادت شروق بنظرها من جديد إلى أعلى حتى اصطدمت عيناها بعيني، وبدا أنها تحتجز بداخلهما الكثير من الفضول الذي أشعلهما بقوة، ثم أطبقت شفتيها بإحكام مانعة نفسها بقوة من التعليق.

تحركت نحو السرير وجلست مستسلما لجلسة التعذيب القادمة والتي تظنها هي عمل إنساني نبيل يستحق الثناء والشكر..

ألا يكفيها أن تكبلني بالديون بما تفعله لأجلي؟.. بل أيضا تستبيح جسمي لكي تلامسه بأناملها الرقيقة كيفما شاءت.. دون أن تدري تلك الغافلة كيف يشتعل داخلي كلما لامست جلدي.. حتى وإن كانت أصابعها غارقة في طبقة من الكريم الطبي برائحة نفاذة خانقة.

وبينما كانت تدلك أسفل صدري بالمرهم، سألتني بهدوء: "كيف علمت أن عمرو كساب قد تعرض للضرب على يد شخصين في مدخل بناية مواجهة لمجلس الشورى؟"

تبا.. كان سؤالها مفاجئا ولم يصل سريعا لعقلي الذي كان ينشغل بالسيطرة على أي انفلات محتمل مشاعري بسبب لمساتها الدائرية الناعمة لأماكن الكدمات على ضلوعي وصدري.

هل كان على فمي الكبير الحديث بكل تلك التفاصيل أمامها ليفتضح أمري؟
ابتكر إجابة.. هيا


أجبت متصنعا الهدوء والثقة: "لقد قال ذلك بنفسه في البرنامج يا أيها المفتش كرومبو"، نظرت هي في عيني مباشرة وابتسامتها تكسو وجهها..

لا.. لن أنظر لشفتيها..
خطر.. خطر.. خطر.


"هل قال ذلك حقا؟ ربما.. لم أنتبه جيدا"، قالت كلماتها وهي مازالت تحتفظ بتلك الابتسامة..
هذه الابتسامة جديدة.. لم توجهها نحوي من قبل.. لكنها تعجبني بشدة.. ليتها تبتسم هكذا دائما..
أم أنها تجرب سلاحا جديدا لتهزأ مني؟!

استعدت رباطة جأشي بفضل تلك الفكرة، ثم قلت بصدق: "أشكرك لأجل كل ما فعلتيه لأجلي بالأمس واليوم.. أعلم أنك لم تكوني مضطرة لذلك خاصة في ظل تلك الظروف.. ولكنني تحسنت كثيرا خاصة بعد الحمام الساخن.. لا أريد أن أتعبك مجددا.. اتركي الأدوية هنا.. وأخبريني عن مواعيدها وأنا سأضع بنفسي الكريم والمرهم.. ولكن خذي الشاش والرباط الضاغط.. لا تلفيهما حول خصري.. لا أحب الضمادات ولا أظن أنني أحتاجها خاصة وأنا أتحرك داخل المنزل بشكل جيد".

وضعت هي الشاش من يدها على المنضدة الصغيرة المواجهة للسرير، ثم قالت بشكل آلي: "حسنا كما تشاء.. هذه الأدوية عليك أن تتناولها مرتين يوميا لمدة يومين آخرين على الأقل.. ويُفضل ابتلاعهما بعد تناول الطعام.. والمراهم عليك أن تدلك بها أماكن الألم مرتين إلى ثلاثة يوميا حسب درجة شعورك بالألم.. وأرى أنك بالفعل تتحسن لأن الكدمات بدأ يبهت لونها ويقل تورمها.. حمدا لله على سلامتك.. عن إذنك"... ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها في هدوء.



نهاية الفصل
دمتن بود وحب وسلام
قراءة سعيدة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 06:54 PM   #447

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمى سعد مشاهدة المشاركة
اللهم صل على محمد صلى الله عليه وسلم
وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وآله وصحبه أجمعين..

شكرا حبيبتي لاهتمامك بالتعليق.. ولمتابعتك


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 06:55 PM   #448

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Bravo

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنجى خالد أحمد مشاهدة المشاركة
على سبيل السعادة، فيه فصل من شبح فى الميدان بإذن الله ينزل انهاردة!

تسجيل حضور حبيبتي

تم النشر يا انجي.. واشكرك على حرصك على المتابعة... ابتسم تلقائيا بمجرد مشاهدتي لتوقيعك قبل حتى أن أقرأ مشاركاتك <3 لا حرمني الله منك


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 11:31 PM   #449

شيرى رفعت

? العضوٌ??? » 482388
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرى رفعت is on a distinguished road
افتراضي

الفصل يجنن
لعبة القط والفار الشد والجذب بينهم
دا هيخلى الحوار بينهم شوية شوية يتغير
وهيبدأوا يخدوا على بعض


شيرى رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-21, 06:19 AM   #450

إنجى خالد أحمد

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية إنجى خالد أحمد

? العضوٌ??? » 156140
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 6,041
?  مُ?إني » مصر ..
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » إنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond reputeإنجى خالد أحمد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بس كدا؟!
متقوليش!!! هضطر أستنى أسبوع كماااان؟!
لااااا... عاوزة أعيط... 😭😭
كان نفسي أعيش معاهم أكتر.... 💖💖
حلو اوي الفصل.... بكرة إن شاء الله أكتب تعليقي 💖
بس بحبهم اوي... وحازم ضحكني وديه حاجة كويسة.... 💖💖
حسيته مرتاح شوية معاها،
كدا يبقى فيه شوية أمل فى اللي جاي يا رب 🤲🤲


إنجى خالد أحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:56 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.