آخر 10 مشاركات
مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          مصيدة الإبتزاز (77) للكاتبة: جيسيكا ستيل ... كاملة ... (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          276 - قلب فوق البركان - بيني جوردآن (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          خانني من أجلك(2) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة بين قلبي و عقلي (الكاتـب : نغم - )           »          أغدا ألقاك ؟ (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة بين قلبي و عقلي (الكاتـب : نغم - )           »          10 - تعالي إلى الأدغال - آن ويل - ع.ق (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          صفقة مع الشيطان (145) للكاتبة: Lynne Graham (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-07-21, 06:15 AM   #591

سلمي رشاد

? العضوٌ??? » 479933
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 28
?  نُقآطِيْ » سلمي رشاد is on a distinguished road
افتراضي


الفصل جامد عجبنى تحرك الاحداث وكمان احساس حازم وشروق وانفتاحه معها وتقبله له

سلمي رشاد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-21, 12:30 PM   #592

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Icon24

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمي رشاد مشاهدة المشاركة
الفصل جامد عجبنى تحرك الاحداث وكمان احساس حازم وشروق وانفتاحه معها وتقبله له

احتا كده بنتحرك نحو التلت الاخير.. فهتلاقي ااجانب السياسي بيتراجع شوية ويزيد الاجتماعيات والرومانسيات لحد من نوصل لاخر مشكلة
ان شاء الله الفصول الجاية تعجبك.. شكرا سلمى


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 08-07-21, 08:31 AM   #593

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباسين قمة في اللطافة بجد حبيتهم اوي ♥️♥️♥️
وشكل المبادرات الجاية هتبقى الطف والطف 😉😂♥️♥️
تسلم ايدك يا مروة ♥️♥️♥️


Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-07-21, 02:48 PM   #594

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nour fekry94 مشاهدة المشاركة
اقتباسين قمة في اللطافة بجد حبيتهم اوي ♥️♥️♥️
وشكل المبادرات الجاية هتبقى الطف والطف 😉😂♥️♥️
تسلم ايدك يا مروة ♥️♥️♥️



وحشتيني ⁦♥️⁩🌹 الفصل الجاي هيبقى كده زي نسمة صيف قبل ما ندخل على اللي جاي 😭😭


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 06:39 PM   #595

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل الحادي والعشرون - القسم الأول

الفصل الحادي والعشرون
شروق


ذوبان.. خدر.. طفو..
وكثير من الاضطراب والتورد والخجل..
هذا هو ما أشعر به في تلك اللحظة

هل قبلّني حازم للتو؟
نعم.. فعلها ذلك الوقح.. بل إنه غمز بمنتهى عدم الحياء وكأنه يعلن فوزه بالجائزة الكبرى بعد سباق محتدم..
ثم.. ثم..

ثم غادر هكذا وتركني متصلبة مكاني فاردة ذراعيّ في الهواء مثل تمثال رخامي لشحاذة بائسة في كرنفال ديني من عصر الإغريق.

وقبل أن أخرج من نوبة الاضطراب المفاجئة.. عاد حازم للمطبخ بابتسامته المتسلية التي تضيء وجهه وتجعله يبدو أصغر عمرا..

تلك هي المرة الأولى التي أراه بهذه الهيئة.. بدا كطفل عابث متلاعب لا يحمل هما بالدنيا..
اقترب مني بخطوات هادئة ثم وضع في يدي صينية تحتوي على بضعة أطباق صغيرة، ثم غمزني مرة ثانية واتسعت ابتسامته الرائقة لتبرز أسنانه اللؤلؤية المتراصة بشكل منمق كنجوم السينما العالمية، قبل أن يضع كفيه على كتفيّ ويلفني مائة وثمانين درجة كي أواجه باب المطبخ.. ربما كان متأملا في إخراجي من حالة السفر بالمكان التي سيطرت عليّ حيث أبقت جسدي مكانه بنفس البقعة، أما عقلي.. فقد سافر آلاف الأميال نحو أرض الأحلام ليحط في بستان من الزهور بديعة الألوان..

لماذا فجأة صار بهذه الوسامة؟ ولماذا أفكر أنا فجأة في بساتين الزهور الغنّاء؟

مناقضا لكل الموجات المتلاعبة بعقلي من أفكار غريبة متباينة بلا شطآن تحط عليها فتهديها السلام والسكينة، جاء صوته الهادئ متحدثا بنبرة سلسة لا تحاكي أيا من علامات التوتر والارتباك التي لفتّني قبل دقائق: "هيا إلى الإفطار.. لا تتلكئي.. أخي ينتظرنا على المائدة.. وهذا الصغير برغم بنيته الرشيقة لكنه عندما يجوع يشبه فرس النهر بضجيجه المزعج المُلح".
تبا.. وكأن ما حدث منذ قليل لم يؤثر به إطلاقا..

ناظرته بغيظ، وتحركت تجاه غرفة المائدة ممسكة صينية الأطباق، بوجه عابس وشفتيّن مزمومتين وحاجبين منعقدين بحنق..

قمت برص الأطباق على المائدة بآلية بحتة، ثم دلفت إلى المطبخ مجددا بخطوات بدت عسكرية متصلبة أتمنى ألا تكون قد أثارت الشك أو فضحت ما أعانيه من عواصف داخلية في تلك اللحظات.
كان حازم قد لحقني وحمل طبقين آخرين وتحرك خارجا، فتبعته وأنا أحمل طبق من المخبوزات وبعض زجاجات الماء التي اكتشفت أننا لم نكن بحاجة إليها على المائدة التي أكمل هو ترتيبها بأفضل صورة احتفالا بعودة حسام إلى حياته من جديد..

هل وقفت متجمدة مكاني طوال فترة إعداد حازم للمائدة؟
تبا له.. كيف يفعل ما يفعل ثم يتصرف بسلالة ودون تأثر؟

جلست في مقعد منفرد على الطرف الآخر من المائدة في مواجهة الشقيقين الذين كانا يجلسان جنبا إلى جنب، حيث استقبلني حسام بابتسامة لطيفة، وقال مُرحّبا: "أهلا بالدكتورة.. لا أصدق أن العالم بهذا الصغر.. منذ أيام قليلة كنا قد تعارفنا ونشأت بيننا صداقة نامية لتصبحي بين ليلة وضحاها زوجة أخي أعز الناس.. أي أنكِ أصبحتِ أختي.. هذا من دواعي سروري.. وأثق أن حازم أكثر سرورا حتى".. ثم وجه عينيه تجاه شقيقه وغمزه بطريقة مازحة تشبه تلك الغمزة التي وجهها الأخير نحوي مرتين خلال دقائق وجيزة.

غمغمت ببعض كلمات المجاملة لحسام، ثم تصنعت الانشغال بتناول الطعام، قبل أن يأتيني صوته معلقا من جديد: "شروق.. هل أنتِ بخير؟ لماذا وجهك متورد هكذا؟ هل أصابتك الحمى بسبب ملابسك التي غمرتها المياة بالأمس؟"..

قبل أن أرد، اصطدمت نظراتي بعيني حازم المشاغبة، حيث اعتدل في جلسته بطريقة طاووسية
راسما ابتسامة خيلاء على وجهه، ليقطع عليّ طريق الرد رفع حاجبيه ليتولى هو الإجابة بصوت شديد التودد واللطف: "لا لم تصبها الحمى.. ولكنها تأكل بشهية توردت لها وجنتيها.. أثق أن المذاق يعجبها"، منهيا كلماته بغمزة وقحة جديدة ومستغلا أن حسام يجلس مجاورا له ولن يستطيع رؤية ما يفعله هذا الأحمق.

تعليقه المستفز وغمزته الوقحة كانا هما الوقود لرد فعلي المندفع، حيث رسمت تعبيرا سخيفا على وجهي هازئا بثقته المؤقتة، وقلت بعصبية: "ليس لهذه الدرجة"، لتتسع ابتسامته ويتساءل بطريقة مسرحية: "إذًا لآية درجة؟".
إذا كان وجهي متوردا منذ قليل، فأثق أنه قد صار محتقنا متشربا بحمرة الدماء التي غادرت جسمي كله مندفعة لتسكن وجنتيّ في تلك اللحظات..

تجاهلت الرد، وتصنعت الانشغال بارتشاف القليل من الماء لأرطب حلقي الذي تيبس فجأة، لكن يبدو أن الماء قد مر إلى مجرى التنفس فدخلت في نوبة سعال مزعجة، لترتفع ضحكاته الساخرة، بينما يحرك حسام نظراته بيننا بالتبادل وهو يضغط على شفتيه متجنبا بالكاد إطلاق تعليق أستطيع توقع فحواه من هيئته ومحاولته اليائسة لكتمان ضحكته..

علا صوت رنين هاتفي لينقذني في لحظة حاسمة قبل أن يتسبب هذا الجلف في خروجي عن طوري لأغرقه بسيل من كلماتي العنيفة أمام أخيه.

أمسكت بالهاتف وتحركت بعيدا عن المائدة للرد على زينة خطيبة خالد، فبادرتها بالترحيب قبل حتى أن تبدأ هي بالكلام: "أهلا بالعروس.. كيف حالك يا فتاة؟".. ملونة صوتي بنبرة مبتهجة مبعثها امتنان شديد لصدفة المقاطعة المذهلة

ردت هي بصوت مليء بالمرح والحيوية: "شيكووو صديقتي.. عذرا للاتصال مبكرا.. قررت دعوتك لحفل الحناء الخاص بي.. في الحقيقة هو لن يكون حفل حناء تقليديا.. ولكن أشبه بحفل وداع للعزوبية كما يفعل أهل الغرب.. تعلمين أنني أقدس حريتي كثيرا ولابد أن أقيم مراسم خاصة لوداعها قبل أن يكبلني عريسي الضخم بعقد الزواج.. سنقيمه خلال ثلاثة أيام من الآن.. أفكر أن يكون يوم الفالنتاين ولكني أبحث عن مكان لاستضافته.. وقررت الاتصال بكل صديقاتي لمساعدتي في الاختيار، فالأحوال في تلك الفترة ما زالت غير مستقرة بالكامل، وبالكاد استطاع خالد توفير قاعة تابعة للشرطة من أجل حفل الزفاف أواخر الأسبوع".

سألتها باستدراك: "عم تبحثين بالظبط؟".

أجابت زينة بقنوط: "أخشي من اختيار مكان غير مناسب تحدث فيه بعض الاضطرابات خاصة إذا نما لعلم مثيري الشغب أن الحفل يخص عرس ضابط شرطة برتبة عالية.. يجب أن يكون المكان آمنا وهادئا.. حتى لا يتحول الحفل إلى كارثة، وكذلك لنكون نحن الفتيات مطمئنات البال خلال احتفالنا بلا قلق من أن يصورنا أحد دون علمنا أو شيء من هذا القبيل".

رغم أن هذه الفتاة تتحدث كثيرا وتميل لاستعراض كل التفاصيل في عبارة واحدة طويلة، لكنها تتحدث بطريقة جذابة قريبة إلى القلب تثير الحماس في الناس وتجعل المتلقين يندفعون للتجاوب معها بنفس المستوى من الحيوية والبهجة، ولهذا لم أندهش أبدا عندما خرجت الكلمات من فمي بشكل تلقائي دون أن تمر بعقلي: "ولماذا لا نقيم الحفل هنا؟ تعلمين أن المنزل كبير نوعا ما ويتسع لصديقاتك إذا كان العدد محدود.. أقصد أن حفلات وداع العزوبية تحديدا تتم إقامتها فقط بحضور الصديقات المقربات.. أليست كذلك؟".

ردت زينة بحماسها المعتاد: "نعم بالطبع.. وهذا تحديدا ما كنت أفكر به.. سأدعو فقط ثلاث صديقات مقربات بالإضافة لأختي زاد وأيضا صديقتك حنان.. أحببتها للغاية عندما التقينا بالأمس".

هذه الفتاة لا توفر وقتا أبدا.. والآن صارت صديقة صديقتي أيضا..
نجحت في اجتذاب حنان التي بالعادة تتجنب التعرف على أشخاص خارج دائرتها، ولكن تلك الشعلة من الحيوية لا تمنح أحد الفرصة للمقاومة.. بالتأكيد خطفت قلب نونو بلطافتها وعفويتها.

أجبتها بإطراء: "زاد اسم غريب ولطيف.. بالتأكيد سيكون منزلنا مناسبا تماما لاستقبالكن في تلك المناسبة.. دعينا نتواصل بالرسائل و المكالمات الهاتفية لنرتب لكل شيء.. ألف مبروك يا عروس.. وبالتأكيد ستفرح حنان بدعوتك لها.. هي أيضا تحتاج للابتهاج بعد فترة الضغط العصبي والإرهاق البدني التي عاشتها مؤخرا بسبب الاعتصامات وما صاحبها من اضطرابات وأعمال عنف مدبرة رفعت حالة الطوارئ في المستشفى التي نقضي فيها سنة الامتياز.. وأنا كما تعلمين انشغلت بالزواج خلال الفترة الماضية، بينما هي وبعض صديقاتنا اضطررن لتحمل جدولي على أن أقوم أنا بتعويضهن خلال الفترة المقبلة بعد أن تستقر الأمور بالمنزل ويبدأ حسام في الاعتياد على حياته الجديدة".

أجلت زينة صوتها وتحدثت بجدية مفاجئة: "شروق.. كنت أود أن أحدثك في أمر يخص حسام.. أعلم أن الأخير يبدي تفهما لوضعه الجديد ويتعامل بنوع من التقبل، لكنني أشعر أن بداخله غضب وألم وربما بعض الانكسار برغم حرصه على عدم إظهار أي من تلك الانفعالات السلبية، لكن في لحظة ما سينفجر ويخرج كل شيء في وجه الجميع.. لذلك أقترح عليك أن تحدثي حازم بشأن هذا الوضع وأن تستعدا له جيدا من الآن.. كما يجب عليكما أن تطلبا منه معاودة طبيب نفسي لبعض الوقت لأنه قد يمر بمرض اضطراب ما بعد الصدمة، وبالتالي يجب استشارة مختص حول الطريقة الصحيحة للتعامل مع الأمر.. أنا آسفة إن كنت أتدخل بهذا الأمر.. ولكن ثقي أن عائلتك الصغيرة قد أصبحت جزء من عائلتي خاصة بعد زواجي من خالد".

عاجلتها بالرد: "لا حبيبتي.. معك حق.. بالتأكيد حازم قد وضع الأمر في اعتباره فهو لم يقصر نهائيا في ترتيب الأمور بهذا المنزل الجديد حتى تستوعب التغيير المفاجئ الذي طرأ على حياة حسام.. لقد ملأ المنزل بالأجهزة الرياضية الخاصة بتقوية العضلات والمساعدة على الاستشفاء، كما اتفق مع أفضل اختصاصي للعلاج الطبيعي، وبالتأكيد يضع مسألة الرعاية النفسية في خطته لمساعدة شقيقه، غير أنه قد يؤجلها قليلا حتى لا يشعر حسام بالاختناق، فالشاب شعلة من النشاط والحيوية اضطربت حياته فجأة ولم يتمكن حتى الآن من القصاص من الفاعلين".

غمغمت زينة بعبارات متفقة ثم أنهت المكالمة بتعجل لكي تكمل استعداداتها لحفل الحناء.
عدت إلى غرفة المائدة، لأجد حازم بمفرده يقوم بجمع الأطباق بعد أن انتهى وحسام من تناول طعامهما، ثم أشار لي نحو طبقي الذي كان ممتلئ بقطع جبن إضافية وبعض المخبوزات التي على ما يبدو قد وضعها حازم بالطبق أثناء انشغالي بالمحادثة الهاتفية، فأطعته بالجلوس وبدأت بتناول بعض اللقيمات بهدوء بعد أن تخلصت من الخجل الذي سبق مكالمتي مع زينة..

وضع حازم الأطباق جانبا على طرف المائدة المواجه له، ثم أمسك محرمة قطنية وبدأ في تنظيف سطح المنضدة، ثم باغتني بقوله: "شروق.. أعتذر على تلك التلميحات الصبيانية التي تفوهت بها أمام حسام.. لم يكن تصرفي ناضجا"..

رفعت حاجبيّ دهشة ثم نهرته بسؤال غاضب: "وتلك القبلة.. ألن تعتذر عنها؟"، ليرد هو بسرعة: "أبدا.. ولماذا أعتذر عن ألذ شعور أختبره في حياتي؟ أنا في الأساس كنت.."..

قبل أن يكمل حديثه قاطعه صوت رنين هاتفه المحمول، فاستطرد: "أعتذر مرة ثانية.. عليّ أن أجيب على الهاتف.. هذا خالد.. اسمعي.. حسام ذهب إلى غرفته ليرتاح قليلا ويشحن طاقته حيث سيصل خلال ساعات قليلة أخصائي العلاج الطبيعي.. قومي أنت بتنظيف المائدة بعد إنهاء فطورك لو سمحتِ"، ثم غمزني مجددا وغادر وهو يضع هاتفه على أذنه..

تناولت بضع لقيمات أخرى، ثم بدأت في تنظيف جانبي من المائدة، لأجد حازم قد عاد وهو يهز هاتفه متلاعبا بين إصبعيه الإبهام والسبابة وتكسو شفتيه ابتسامة بدت لي ساخرة، ثم قال: "يا زوجتي.. أخبرني خالد لتوه أنكِ قد أقنعتِ زينة بإقامة حفل الحناء الخاص بزفافهما في بيتنا هذا بعد أيامٍ قليلة.. هل اتخذت قرارك دون الرجوع لزوجك؟".

تسارعت أمارات الإحراج للارتسام على وجهي، حاولت الحفاظ على هدوئي أمامي برغم شعوري بالقلق من أكون قد بالغت في التعامل مع طبيعة إقامتي بمنزله، ثم أجبته: "لقد تم الأمر بشكل تلقائي.. فقط قدمتُ لها الاقتراح من باب التهذيب وهي وافقت سريعا.. أخبرتني أن هناك صعوبات أمنية تحول دون إقامته في مكان مؤجر بسبب عدم استقرار البلاد بشكل تام.. ثم إن خالد هذا صديقك أنت.. أنا كنت أجاملهما لأجلك وليس لأجلي"..

ارتفعت ضحكاته المبتهجة لترتكز نظراتي على عينيه اللتين كانتا تلتمعان بشيء يشبه.. الغرام...!

ثم جاء صوته موازيا لتلك اللمعات المتولهة، وهو يعقّب: "هل تظنين أني سأغضب لأنك تتصرفين كسيدة المنزل؟ لا والله.. أنا في قمة سعادتي.. زوجتي أنا تأمر فقط ولا تستأذن من أحد.. لقد خُلق الدلال من أجلكِ يا شيكوو"..

تجاهلت التورد الساخن الذي تسلل لوجنتي وكساهما، وسألته موبخة بسخف: "شيكوو؟"..

عاد حازم للضحك من جديد، ثم أجاب بصوت خافت مليء بالحماس كمن اكتشف لتوه سرا خطيرا ولا يكاد يطيق أن يخبر أحدا به حتى لا يكتمه بداخله لدقيقة إضافية: "نعم.. لقد أخبرني خالد أن زينة قد أعلنتك صديقتها الأقرب لقلبها بعد لفتتك اللطيفة معها وأطلقت عليك اسما للتحبب هو (شيكوو) وأنا من موقعي هذا أجد أن الاسم يناسبك بشدة يا قطعة المارشميلو بنكهة بالقشدة والمغطاة بالشوكولاتة البيضاء والمكسرات.. تخيلي لو تم استغلاله كاسم تجاري لمنتج بهذا الطعم الشهي.. سيحقق مبيعات مذهلة.. صدقا يعجبني اسمك الجديد يا شيكوو.. هيا الآن لنلملم المائدة"، ثم أمسك ببعض الأطباق متوجها نحو المطبخ بخطوات منتفشة ومتبخترة كطاووس هندي غير عابئ بتأثير كلماته المتسللة في كل الاتجاهات...

من هذا الشخص اللطيف الذي يشبه دمية الدب القطنية ذات الأعين البنية البراقة؟ وأين ذهب ذلك الجلف الذي كان يحرق أعصابي دائما بكلماته السخيفة وتعليقاته المستفزة وتهديداته المباشرة؟
لكن لطافته الجديدة لم تنجح في أن تحول دون مواجهتي له بعد تصرفه المزعج هذا الصباح، بل كانت وقودا دفعني نحوه قبل أن يرفع سقف أمنياته ويرتفع مستوى التجاوزات لديه..
هذا المتلاعب منتهز الفرص!

تبعته وكلي عزم على أن ألقنه بعض الكلمات الحادة التي يستحقها كي أرسم له الحدود التي لن يجرؤ على تجاوزها لاحقا..

وضعت المحرمة وباقي الأطباق على أحد الرفوف الرخامية بالمطبخ، والتي تجاور حوض الماء، الذي كان حازم يقف بمواجهته مصدّرا ظهره لي ومنشغلا بغسل بعض الأطباق..

تقدمت نحوه ثم قبضت على يده اليسرى وسحبته لكي يستدير ويصبح واقفا أمامي وجها لوجه..

بعدها اندفعت بكلماتي بلا توقف: "أنت تتصرف بكل هدوء وسماجة وكأن شيئا لم يحدث.. لماذا فعلت ما فعلت هذا الصباح؟ هل ستستغل الفرصة من أجل القيام بتصرفات مراهقة شائنة؟ هل كان هذا اتفاقنا؟".

اختفت البسمة من وجه حازم وتحوّلت ملامحه فجأة لدكنة تكتم تحتها غضبا غير مفهوم بالنسبة لي.. تبعها هو بسحب معصمه من يدي بإصرار من جانبه على تسيد الموقف، ثم قال: "آية تصرفات شائنة؟ أنتِ زوجتي بحق الله.. لا أسمح لك أبدا بالإساءة إلى زواجنا الشرعي بتلك الكلمات.. لا يليق بكِ أبدا يا طبيبة..".

زفر بعدها بانفعال مكتوم، ثم تابع: "ثم راجعي تصرفاتك أولا.. أو ربما وجب عليّ تنبيهك بصفتي زوجك عندما تتصرفين بشكل غير مناسب"

علا صوتي بعض الشيء وأنا أتساءل باستنكار: "تصرفاتي؟ ما بها تصرفاتي؟ كيف أسأت التصرف فيما يخص زواجنا؟".

هذه المرة اشتدت شرارات الغضب بعينيه، وجذب هو معصمي ليقبض عليه بنفس الطريقة التي كنت أمسكه أنا بها منذ قليل، ثم رد بهدوء مخالف لهيئته الحانقة وضغط أصابعه حول يدي: "عندما تحتضنين يد شقيق زوجك بطريقة متلهفة.. فإن هذا تصرف سيء غير مسئول"..

برزت مقلتي دهشة، فأغمضتهما وفتحتهما مجددا مستعدة للرد عليه بكلمات مزلزلة، لكنه زفر نفسا حادا ثم استطرد بنبرة مهادنة قبل أن يتملك منا الانفعال: "بالطبع أدرك أنك لم تقصدي أي شيء وأن تصرفك جاء إنسانيا وعفويا كون أخي الذي هو في نفس الوقت صديقك قد خرج لتوه من المستشفى بعد أزمة مرضية تركته بعاهة مستديمة وشوهت داخله قبل ساقه.. ولكن".

كان حازم يضغط على كلمته الأخيرة مثلما شدد أيضا على كلمة (صديقك) بذات الانفعال، ثم أكمل وهو يشير لصدره بسبابته: "ولكن أنا مضطر لكي أنبهك إلى بعض الأمور رغم ثقتي الكاملة أنك لا تحتاجين للتنبيه.. تصرفك بعفوية شيء محمود ويعبر عن طيبتك ونقاء سريرتك، ولكن ما لا تلاحظينه أنتِ قد يفهمه الآخرون بشكل مخالف.. لا تنسي أن حسام يعيش معنا في نفس المنزل، فإذا قمت بنفس التصرفات أمام الآخرين كبعض الضيوف على سبيل المثال، قد ينظرون للأمر على أن به بعض التجاوز، وأنا لا أقبل أن يتم وضعك في تلك الخانة أبدا.. أنتِ أكبر من هذا كثيرا".

كلامه كان به بعض المنطق لكن ما فعله كان مثيرا للحنق، فزفرت بعنف وأنا أنزع معصمي من بين أصابعه التي تقبض عليه، ثم علقت بشيء من الغضب: "إذًا أنت قبلّتني فقط بعد أن شاهدتني وأنا أمسك بيد حسام أثناء اعتذاري له عن عدم مساندتي له طوال الأيام الماضية.. قبلّتني فقط لكي ترسم الحدود الخاصة بك.. كزوجي.. وليس مثلا لأنك رغبت في ذلك.. أو لأنك تراني جميلة بشكل مختلف هذا الصباح؟ هو فقط فعل ذكوري مندفع وليست به آية خصوصية أو مشاعر".

قطع استرسالي احتضان كفيه لراحتيَ بدفء ونعومة، فأنزلت أنظاري لموضع تلامسنا المفاجئ، ثم رفعت عينيّ لتلاقي مقلتيه مجددا، فتنهد ببطء ثم رد بشيء من التدلل: "بل الرغبة موجودة كل يوم".. ثم زفر بحرقة، وأكمل: "اللعنة.. بل هي. موجودة كل.. لحظة"..

ضغط على كل كلمة مشددا عليها.. وكأنه حقا يعاني لكبتها.. ويعاني كذلك لاضطراره للاعتراف بها، ثم أطبق راحتيه على أصابعي وأخذ نفسا طويلا ثم زفره ببطء.. وكأنه ينازع أمرا خفيا مترددا في الإفصاح به، ثم استطرد: " أنا بالكاد أتحكم في أعصابي كلما مررتِ أمامي.. أنتي بكليتك مهلكة تماما لأعصابي ولا يمكنني أن أراكِ جميلة بشكل مختلف هذا الصباح فقط.. أنا أراك جميلة في كل لحظة.. كل.. لحظة.. لا تسمي قبلتنا الأولى فعلا ذكوريا.. بل سميها..."، وقبل أن يكمل كلماته علا صوت جرس البوابة الخارجية للمنزل تعلن عن وصول ضيف مفاجئ..

غادر حازم لاستطلاع الأمر، ثم عاد حاملا حقيبة ملابس ضخمة وهو يبتسم بسعادة بالغة، قبل أن يتحرك جانبا لتظهر من خلف ظهره العريض ماما سناء التي ما أن شاهدتني حتى صرخت بحبور: "ابنتي.. غاليتي"، ثم قفزت المسافة القصيرة التي تفصل بيننا بحيوية وبهجة تناقض سنوات عمرها التي شارفت على الستين، لتأخذني في عناق دافئ كنت أفتقده لأيام.

يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 06:46 PM   #596

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 الفصل الحادي والعشرين - القسم الثاني

كنت أنا وماما سناء نجلس بحميمية في غرفة المعيشة، حيث كانت هي تتوسط إحدى الأرائك وأنا ألتصق بها وأحتضنها بكلتي ذراعيّ كابنة عادت لأحضان أمها بعد أن تاهت منها لساعات في سوق مزدحم.

الغريب أن حازم قد أعطانا وقتنا الخاص دون أن يتطفل علينا واكتفى فقط بضيافة ماما ببعض أصناف الحلوى والمخبوزات مع بعض المشروبات الساخنة، حيث انشغل باستقبال سيارة النقل التي كانت تحمل الحقائب التي تحتوي على كتبي وأغراضي وباقي ملابسي، والتي جمعتها جميعا ماما سناء قبل أن تغادر بيت أبي، بالإضافة إلى ما وصفته بأنه (جهازي كعروس) من أغراض اشترتها لأجلي مؤخرا، حيث ظل يشرف على تنزيل الحقائب وترتيبها في غرفة جانبية حتى لا يزدحم المنزل قبل حفل الحناء الذي أعلنت استضافتنا له مرغمة..

أدهشني كم الحقائب والصناديق التي أحضرتها ماما، فعاجلتها بالسؤال ممازحة: "ما كل تلك الأغراض؟ هل ستنتقلين للإقامة معنا؟"..

اعتدلت ماما سناء في جلستها، ثم طالعتني بنظرة مطولة لم أفهم مغزاها، قبل أن ترد: "بالطبع.. جئت لأقيم معكم ولن أرحل".

قفزت من مجلسي وأخذت أصفق بحماس وأنا أردد: "حقا؟ حقا يا ماما لن تغادري؟ لكن ماذا عن أبي؟".

قالت هي ببهجة: "اجلسي ولا تصيبيني بالصداع.. لقد قرر والدك المغادرة للمدينة الساحلية قرب الحدود الشرقية، ومنحني إجازة بدون مرتب.. فقررت أن آتي لزيارة ابنتي والإقامة معكم قليلا خاصة بعد أن سمعت من حنان أن حسام شقيق حازم قد تعرّض لحادث مؤسف".

نظرت للحقائب، ثم عقبت بحبور: "أنا سعيدة جدا بهذا القرار.. حمدا لله أن أبي قد ابتعد.. ليته لا يقترب من محيطنا أبدا.. لكن ما كل تلك الحقائب؟".

نظرت ماما للأغراض التي كان حازم والعمال يقومون بنقلها لداخل الغرفة الجانبية بالطابق الأرضي، ثم شرحت: "بنيتي أنا أحضرت كل ملابسك وكتبك وأغراضك الخاصة.. كما وضعت في حقيبتي تلك التي كانت معي بسيارة الأجرة كل مصوغاتك الذهبية ومجوهراتك".

وقفت غاضبة، وصحت باعتراض: "لا أريد مصوغات ولا أي شيء منه"، لترد هي بهدوء: "هذه المجوهرات لا تخصه بل هي إرثك من والدتك رحمها الله.. أغلب تلك المصوغات كانت تخصها ولن تؤول لأحد من بعدها سوى ابنتها الوحيدة.. أنا كنت بالأساس أحتفظ بها من أجلك لأنها استأمنتني عليها وأوصتني بأن أحاول تعويض غيابها يوم زفافك.. وعندما تم الزواج سريعا لم أتمكن من منحها لك.. وكنت سأجلبها لك في أول زيارة لكِ.. لكن الآن كسيدة عجوز متطفلة قد أهديتك نفسي مع المصوغات.. فماذا تقولين؟".

احتضنتها بعفوية وأجبت: "بل أنتِ أجمل هدية قد منحها الله لي بعد فراق والدتي.. لا حرمني الله منك"، لتنسكب دمعاتنا بتناغم غريب، قبل أن تقطع أمي عناقنا بسؤالها المفاجئ: "ولكن يا ابنتي أين النيش؟".

ضحكت بمرح، ثم أجبت: "أي نيش يا أمي؟ لقد تزوجنا خلال أيام قليلة وبالكاد بدأنا بتجهيز هذا المنزل.. كما أنني لا أجيد الطهي فلماذا أهتم بالنيش بالله عليك؟ باقي بضعة أشهر على تخرجي من كلية الطب وأنتِ تسألينني عن النيش".

هنا، دخل حازم وهو يدفع الكرسي المتحرك الذي يجلس عليه حسام، لتعتدل ماما في جلستها، وتنهض مندفعة نحوه وهي تنحني لكي تقبل رأسه وهي تقول: "اسم الله يحرسك يا بني.. بالشفاء التام بإذن الله.. اسمع يا بني.. لا تحمل هما.. منذ الآن أنت ابني الرابع.. تماما مثل ابني الكبير أسامة وابنيّ هذين"، ثم أشارت نحوي أنا وحازم..

هل تبنت ماما لتوها حسام؟ وماذا عني؟
ملأتني غيرة طفولية غير مبررة، فأطرقت بشقتي لأسفل.. الأمر الذي لاحظه حازم فدخل في نوبة من الضحك لم يفهم سببها أحد سوانا.. لكن أمي قطعت اللحظة المحرجة، موجهة سؤالها لحازم: "أين النيش يا حازم؟ هل أنفقت على كل هذا الأثاث ونسيت النيش؟"..

رفع حازم حاجبيه مندهشا، ثم قال محاولا تفسير الأمر: "الأثاث تصميمه عصري.. لم يكن النيش سيصبح مناسبا له.. كما أن خزانات المطبخ تتسع لأطقم الخزف والزجاج.. حتى أننا.. احمم.. تناولنا إفطارنا اليوم بأحد تلك الأطقم الفاخرة"، ثم رمقني بنظرة صريحة ليعيدني لذكرى ما ألقاه على مسامعي حين أمرني ألا أسقط الطبقين من يدي لأي سبب لأن ثمنهما غالٍ..

حين أطرقت رأسي خجلا، تنحنح هو ليسألني بنوع من القلق: "هل كنتِ تريدين نيشًا يا شروق؟ هل أحضر لكِ واحدا؟"

أجبته متعجلة: "لا.. لا.. يكفي كل ما اشتريته من أثاث.. لا أحتاجه إطلاقا"، وبالطبع لم ترضي إجابتي ماما سناء التي لوت شفتيها ممتعضة لكنها لم تعقب..

بانضمام حازم وحسام إلى الجلسة، ازدادت الأجواء مرحا وبهجة لكنها حرمتني بالطبع من الانفراد بماما كي أشاركها التساؤلات التي تتقافز بعقلي منذ أسابيع.

بعد قليل، وصل أخصائي العلاج الطبيعي إلى المنزل في أول جلسة علاجية لحسام، حيث صاحبهما حازم إلى غرفة الجيم لمناقشة جدول الجلسات وأهم ما سيركزان عليه في الأيام الأولى من الاستشفاء بعد الجراحة التي خضع لها حسام.

وعندما خلت الغرفة تماما، ناظرت ماما سناء وخاطبتها بجدية: "الآن ستجيبين على كل تساؤلاتي ولن أسمح لك بالتهرب أو إنكار الحقيقة".

ظهر الارتباك واضحا على ماما سناء، ثم تصنعت الغضب وقالت: "بنت.. هل تتواقحين في الكلام؟".

أجبتها بثقة: "لا أتواقح ولكن حانت لحظة الحقيقة يا ماما.. وأنت ملزمة بمساعدتي لأن عقلي سيُجن والله..".

ابتسمت ماما سناء، ثم تساءلت متلاعبة: "أخبريني أولا.. كيف يعاملك حازم؟ أرى أنكما ما شاء الله مثل.. الأخوة".. قالت كلمتها الأخيرة ببطء مستفز بينما عيناها تلمعان بالسخرية.

أجبتها بتوتر: "ماذا تقصدين؟"..

علقت هي مباشرة وبدون التفاف: "أقصد أنه من الواضح أن زواجكما ما زال حتى الآن مجرد حبر على ورق.. أليس كذلك؟".
توردت وجنتاي بخجل غير مفسر ولم أعقب..

أكملت ماما سناء: "يا ابنتي.. لا أفهم لما تعذبين الرجل هكذا؟ الرجل يحبك فعلا ويفعل المستحيل لأجل راحتك وسلامتك.. أنا أضمن لكِ هذا"..

برقت عيناي بأمل جديد في فك اللغز الذي هو حازم.. فبادرتها بسؤال متعجل: "وكيف تضمنين هذا؟ ما الذي تعرفينه أنتِ ولا أعرفه؟".

تصنعت ماما سناء التعب فجأة وأخذت تتمطى مدعية شعورها بالإجهاد بعد رحلتها القصيرة من بيت أبي إلى هنا، وقالت: "يا ابنتي.. أنا مستيقظة منذ قبل الفجر لكي أرتب الحقائب وأتفق مع شركة النقل لكي ترسل السيارة، كما أشرفت على متابعة تأمين فيلا والدك وغلقها وصرف العاملين بها حتى يقرر هو العودة.. والآن لا أفكر سوى في النوم.. ما رأيك أن تريني الغرفة التي سأنام بها.. ثم نتحدث مساء عندما أستيقظ".

غرفتها؟
لم أفكر في هذا الأمر..

أجبتها بقنوط: "ماما.. تناولي بعض الحلوى ريثما أتفق مع حازم حول آية غرفة ستنامين بها.. فكما تعملين لم نتمكن بعد من فرش كل هذا المنزل الذي انتقلنا إليه للتو".

تركتها قبل أن تعلق، وتوجهت نحو غرفة التدريبات التي كان يجلس بداخلها حازم وحسام وأخصائي العلاج الطبيعي في حديث ثلاثي خافت..

ناديت حازم، فنهض واقفا وتحرك نحوي بسرعة، ثم أمسك يدي لأتبعه لخارج الغرفة، وهو يسألني: "ماذا هناك؟ لماذا تركتِ مدام سناء؟"

رفعت وجهي إلى عينيه، كان بهما نوع من الانفعال الذي دفعني للإجابة بتوتر: "امم.. ماما تسأل عن غرفتها التي ستنام بها.. ليس لدينا غرفة إضافية معدة لاستقبالها.. أليس كذلك؟".

ارتسمت ابتسامة مشاغبة على وجه حازم، ثم رد: "في الواقع ليس هناك غرفة مخصصة للضيوف بعد، كما أنها ستحتاج بالتأكيد غرفة في الطابق السفلي حتى يسهل عليها الحركة دون أن تضطر لصعود السلالم.. أمر جيد أنني فكرت بالمصعد.. سينفعها هي وحسام.."، ثم توقف لعدة ثوانٍ مفكرا، وبعدها أكمل بسلاسة وتلقائية: "ومؤقتا يمكنها النوم في الغرفة التي خصصناها لك.. وأنتِ تنتقلين للنوم بجانبي في غرفتي".
لهذا كان يبتسم إذًا.. هذا المتلاعب منتهز الفرص..

كنت أهم برفض اقتراحه، ليعانق هو يديّ بيديه برفق، وهو يشرح: "انظري يا شروق.. ليس هناك حل آخر لاستقبال السيدة سناء دون إشعارها بأن زيارتها غير مرحب بها سوى منحها تلك الغرفة بشكل مؤقت.. حتى أجهز لها غرفة بالطابق السفلي.. ربما الغرفة الفارغة التي نقلت إليها الحقائب.. لكن تجهيزها وفرشها قد يأخذ بضعة أيام.. امنحيني فرصة فقط حتى ننتهي من استضافة حفل حناء زينة وخالد.. وبعدها سأرتب كل شيء.. في كل الأحوال أنتِ نمت بجانبي أمس وتأكدتِ بنفسكِ أنني لن أستغل الفرصة أبدا أو أقترب منك ما لم تسمحي أنتِ بذلك..".

قلت بانفعال وبصوت قاطع: "لن أسمح"..

ابتسم هو ببرود، ثم أكمل: "إذًا أين المشكلة؟".

نعم.. أين المشكلة؟
المشكلة أنني سأكون نائمة بجواره على نفس السرير.. بداخل نفس الغرفة.. وسأشعر بجانبه بالأمان برغم كل شيء.. تماما كما حدث بالأمس..
وهذا يزيد حيرتي.. ويثير جنوني.. ويدفعني دفعا لكي أسبر أغواره وأكتشف حقيقته.. حتى يتخلص عقلي من العبث الذي يتلاعب بركائزه..

أطرقت برأسي وأجبته بقنوط: "حسنا.. لا بأس.. سأنقلها لغرفتي مؤقتا.. وأنت تأكد في المساء من إصلاح مقبض الباب الذي أتلفته بالأمس.."

بدا على حازم بعض التردد، قبل أن يتساءل: "شروق.. أمم.. ماذا عن؟ ماذا ستقول عندما تجد ملابسك وكل أغراضك بتلك الغرفة".

أجبته بابتسامة سخيفة ظللت وجنتيّ بالكامل: "اطمئن هي تعرف..".

ازدرد حازم ريقه، ثم تساءل: "تعرف ماذا؟"

أجبت بتسلٍ: "أن زواجنا مجرد حبر على ورق وبالتالي لم يحدث شيء بيننا".

استدار حازم باندفاع وتحرك مغادرا بخطوات متشجنة وهو يصيح مولولا بصوت خفيض: "يا فضيحتي"..


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 06:54 PM   #597

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل الحادي والعشرين - القسم الثالث

اصطحبت ماما سناء إلى المصعد وأخذت أسحب حقيبتها الضخمة خلفنا، ثم وصلنا إلى الغرفة التي تخصني والتي كان بابها موصدا من الخارج كما طلب مني حازم عند الانتقال لهنا، فاضطررت للسير بها نحو الغرفة المجاورة التي ترتبط بها بباب داخلي مشترك.

حدثتها قائلة: "ستنامين في غرفتي لبضعة أيام حتى نستقبل حفل حناء عروس صديق حازم والتي جعلت نفسها صديقتي أيضا بالإكراه.. وبعدها سنرتب لك غرفة في الطابق السفلي بجوار غرفة حسام حتى لا تضطري لصعود السلالم أو ركوب المصعد كلما احتجتِ للراحة".

طالعت ماما سناء غرفة حازم وعيناها تنضحان بالتساؤلات، ثم لاحظت الباب المشترك، وقالت: "إذا هكذا تنامان؟ كلٌ في غرفة مستقلة؟ لا يعجبني هذا الأمر يا شروق.. لا يعجبني أبدا.. أخبرتك أن
الشاب يحبك ويموت عليكِ .. فماذا تريدين بعد؟".

أجبتها بخجل: "لا أستطيع أن.. أن أسلم نفسي له وأنا لا أثق به.. هو عبارة عن كتلة من الغموض.. وأنتِ لا تساعديني أبدا بما تخفينه دون أن تتحدثي".

تنهدت ماما سناء ثم قالت: "سأتحدث يا ابنتي.. إن كان كلامي سيذيب العناد برأسك.. فسأتحدث.. ولكن أمهليني حتى المساء.. أكون قد ارتحت قليلا ورتبت أفكاري"..

دخلت هي بالفعل للغرفة وسحبت حقيبتها خلفها، ثم فردتها على أرضية الغرفة، وفتحتها وأخرجت منها صندوقا خشبيا كبيرا، وحملته إلى حيث أقف، ووضعته بين يديّ وقالت: "هذا لكِ.. لا تفرطي في ذكرى تركتها لكِ والدتك.. فأنت امتدادها على هذه الأرض فلا تعاقبيها في قبرها بما يفعله والدك.. هي ليست مسئولة عن أفعاله".

أخذت الصندوق وعدت به إلى داخل غرفة حازم تاركة ماما لكي تغلق باب غرفتها وتبدل ملابسها وتأخذ قسطا من الراحة..

وضعت الصندوق على الفراش، وجلست أمامه، وظللت أناظره وكأن ما بداخله قد يصرخ بكلمات لن أقو على سماعها مهما أعددت نفسي".

بأصابع مرتعشة، رفعت الغطاء عن الصندوق، لأجد بداخله بعض الصناديق المخملية الصغيرة.. فتحت أحدها، لأجد بداخله خاتما ذهبيا مرصعا بالياقوت على شكل وردة ومنقوشا بداخله اسم "إيبيك" بأحرف اللغة التركية..

يبدو أنها كانت تمتلكه قبل الزواج من أبي.. فتصميمه يبدو عتيقا نوعا ما.. ربما حتى كان يعود لوالدتها في الأصل..

فتحت صندوقا آخر، لأجد بداخله سلسالا ذهبيا ينتهي بقلادة على شكل مرآة منقوشة لها غطاء خارجيا.. فتحته لأجد بداخلها صورة قديمة مؤطرة لأمي في مرحلة الشباب..

ملامحها بالصورة كانت تشبهني تماما وكأنها ملتقطة لي أنا، غير أنها كانت بشعر بني قصير ينسدل حتى كتفيها مع غرة أمامية تناسب الموضة في تلك الحقبة..

أخذت أقبّل الصورة وأنا أتجاهل دموعي التي سالت ببطء على جانبي وجهي وأنا أنتحب بصوت خفيض: "اشتقت إليكِ يا أمي.. ليتكِ كنتِ معي هنا الآن".

تركت باقي المصوغات بداخل الصندوق وأخذت أعانق السلسال بكفيّ ثم تراجعت نحو المسند الخلفي للسرير واتكأت عليه مستندة بظهري على الوسائد..

أخذت أقرّب السلسال لأنفي أتشممه لعّل رائحة أمي تكون عالقة به، لكن لم أعثر على أي آثر لعطرها..

ليتني أجد أي أثرٍ لها.. يا ليت دفتر مذكراتها كان معي.. كنت تقربت إليها من خلال كلماتها وتخيلت حياتها وشكلها..

كانت ماما سناء تخبرني دائما أن أمي كانت تحرص على تدوين يومياتها كنوع من ممارسة اللغة العربية بغرض إتقانها.. ربما قد حزمتها معها إذا لم تكن قد ضاعت وسط أغراض أمي القديمة..

لماذا لم أسأل عنها من قبل؟ ربما لأنني خفت من الإجابة التي قد تحتويها صفحاتها.. خفت أن تتحقق تلميحات أبي الشائنة، ووقتها تتهشم الصورة الحريرية الدافئة التي رسمتها لها..
نعم.. لهذا جبنت كل تلك السنوات عن البحث عن دفتر مذكراتها ومحاولة قراءته..

تُرى كيف كانت ستتصرف إذا كانت على قيد الحياة واكتشفت أن أبي قد أجبرني على الزواج من حازم كنوع في صفقة لتبادل المصلحة؟

هل كانت ستسعى لحمايتي منه قبل إتمام الزفاف؟ أو ستقوم بمساعدتي في الحصول على حريتي والتخلص منه؟ أم أنها ستدعمني في رحلتي للتنقيب عنه واكتشاف الأسرار التي تحيطه بحالة من الغموض وتنقله كل دقيقة من خانة الأسود إلى الأبيض.. وكأنه بالفعل يتراقص على رقعة شطرنج لكي يخفي حقيقته..

وتلك القبلة..
كيف تجرأ؟

لأكون صادقة.. لا يمكنني أن ألومه بمفرده..
من البداية كان الأمر غريبا من جانبي.. وكأنني قد شجعته على أن يتصرف هكذا..

أنا من طلبت حمايته ولجأت إليه عندما داهمتني الكوابيس المزعجة.. وأنا من اقترحت النوم بجواره.. والآن علقت بجواره لبضعة أيام أخرى وكأن الفرصة قد فرضت نفسها بما يتفق مع إرادته هو..

في الحقيقة، أنا مندهشة للغاية أنه قد التزم بالنوم ليلة كاملة إلى جواري دون أن يحاول أن يتواقح أو ينتهز الفرصة..

تُرى هل إصابته بمرض التشاعر لها علاقة بعدم تجرؤه عليّ خلال نومي؟

عند تلك الفكرة، نهضت من جلستي وأحضرت هاتفي المحمول، ثم ولجت إلى الشبكة العنكبوتية وأخذت أبحث عبر مواقع الانترنت عن سمات الشخصيات الإيمباثية وما تشعر به..

كان أغلب ما قرأته يتفق مع ما سرده حازم من أن مشاعره الخاصة تتنحى جانبا ليتحول داخله لمرآة عاكسة لما يشعر به الأشخاص المحيطون به فينسى رغباته واحتياجاته وحتى مشاكله الخاصة ليتوحد مع ما يحتاجه من يقف في محيطه أو يطلب معونته خاصة إذا كانت لهذا الشخصي أهمية لديه..

ألهذا يرفض أن يقترب مني قبل أن أسمح له كما ذكر أكثر من مرة؟ ألهذا يصر حسام على أنه لم يكن مسئولا عن أحداث الثاني من فبراير رغم شكي الكبير أنه هو من كان في قلب الميدان بالليلة السابقة لهجوم الخيول والجمال على المتظاهرين؟

يا إلهي.. سأفقد عقلي..
يجب أن تخبرني ماما سناء بكل ما تعرفه قبل أن أرتكب حماقة..!

كنت أزرع الغرفة جيئة وذهابا سابحة في موجات أفكاري المتلاطمة قبل أن يقاطعني رنين هاتفي، فضغطت على زر استقبال المكالمة عندما قرأت اسم المخرج عمرو سعيد كساب على الشاشة..

جاءني صوته مشرقا كعادته: "مرحبا.. شروق.. كيف حالك.. مبارك الزواج.. أعتذر لأنني لم أتمكن من التهنئة قبل اليوم.. لقد انشغلت مع بعض الأصدقاء الذين أصيبوا يوم موقعة الجمل".

أجبته بهدوء: "لا تقلق.. انشغلنا نحن أيضا بإصابة شقيق زوجي بنفس الحادث.."، ثم أكملت بنبرة ودودة: "لكنه هو من أصر علينا لنكمل الزفاف في موعده، حتى أنه قد غادر المستشفى بالأمس.. نسأل الله أن يكمل شفائه بخير رغم التوقعات غير المبشرة".

رد عمرو مهللا: "حمدا لله على سلامته.. وإن شاء الله سيكتمل شفائه بخير.. ولكن هل يمكنك أن تقنعيه أن يظهر معي كضيف عبر برنامج حواري يحلل أحداث اعتصام الثمانية عشر يوما ويلقي الضوء على المصابين الذين وقعوا ضحايا لأحداث العنف التي اندلعت من جانب المجرمين المرتزقة".

من جديد، أجبته بنبرة هادئة: "أعتقد أن بإمكاني إقناعه.. وهناك أيضا صديق له يُدعى سامح.. هو مصور حر والتقط صورا بديعة من داخل الميدان.. أظن أن عرضها ضمن الحلقة سيكون إضافة قوية لفكرتها خاصة في ظل الأصوات التي بدأت تعلو في غفلة منا لكي تهاجم المتظاهرين وتسيء إليهم وتشوه صورتهم لدى المواطنين".

قال عمرو بفرحة حقيقية: "رائع.. ما رأيك أن تظهري أنتِ أيضا كضيفة معنا.. فأنتِ لك مدونة شهيرة وتعرضت للضرب أيضا في يوم الخامس والعشرين.. كما شاركتِ كطبيبة ميدانية في الأيام التالية لذلك".

قاطعته باندفاع: "لا.. لا.. لا أحب الظهور الإعلامي نهائيا.. ولا أجيد الكلام أمام الكاميرات.. أنا من عشاق الكتابة.. كما أنني لا أحب الكشف عن هويتي الحقيقية أمام الملايين.. أحب خصوصيتي.. سأحضر برفقة زوجي وأخيه وصديقهما ولكن كداعمة لكم خلف الكاميرات".

أجاب عمرو بتفهم: "حسنا.. كما تشائين.. رغم أنني أثق أن ظهورك على الشاشة سيلقي الضوء على مشاركة العنصر النسائي بالمظاهرات جنبا إلى جنب مع الرجال.. ربما أخاطب صديقة أخرى لتظهر معنا بدلا عنك".

أنهيت المكالمة مع عمرو مع وعد بمكالمة تالية أؤكد فيها على ظهور حسام وصديقه بالبرنامج في حلقة مساء الغد..

عندما التفتت، كان حازم واقفا مستندا على الجدار المتاخم للباب وهو يضع يديه خلف ظهره يسندهما على الحائط بينما يرمقني بنظرات غليظة غير مفهومة..

رفعت أحد حاجبيّ، وسألته ببرود: "هل هناك شيء؟".

اعتدل في وقفته، وأجاب بصوت جاد: "أتيت لأصطحبك كي تساعديني في إعداد طعام الغداء.. لقد انتصف النهار بالفعل ولدينا ضيفة".

أجبته بتحذير: "ماما سناء ليست ضيفة.. هي بمثابة أمي.. وستقيم معنا لفترة ممتدة.. وستعتني بنا جميعا"..

رد هو بغلظة: "أجل.. وليس معنى هذا أن نطلب منها أن تعد هي الطعام في اليوم الأول لوصولها، خاصة وأنها قد بدا عليها التعب والإرهاق بالفعل.. فهل ستأتين معي لتساعديني أم أذهب بمفردي؟"

زفرت بضيق، ثم أجبته مستسلمة: "سآتي معك".

تحرك هو للخارج، وتبعته أنا بهدوء وأنا أضغط على لساني كي أقاوم فضولي الذي يلح عليّ أن أسأله عن سبب ضيقه..

هل هو غاضب لأن ماما سناء ستقيم معنا؟ ألم يكن يتقرب إليها عندما كان يزورنا في بيت أبي ويعاملها مثل والدته؟ حتى أنهما كانا يتناولان الطعام معا كثيرا بداخل المطبخ.. وأرجح أن الكثير من المناقشات وجلسات الترويح عن الهموم..

ولهذا أمي تدافع عنه دائما وتخبرني أنها تثق به.. لأنه شاركها بعضا من أسراره بكل تأكيد..

دلفنا للمطبخ، وأخرج هو شرائح اللحم المتبلة المحفوظة في المبرد..

سألته بانبهار: "هل تشتري اللحم متبلا وجاهزا على الطهي؟"

ضحك حازم ضحكة جانبية سخيفة، ثم رد: "لا يا طبيبة.. أنا أشتري اللحم مقطعا وأقوم بتنظيفه وتتبيله في أوقات فراغي ليكون جاهزا للطهي حين أعود من العمل.. ولكن هذه الشرائح وغيرها قد خزنتها في المجفف دون تتبيل نظرا لسرعة انتقالنا للمنزل... ولهذا قمت بتتبيلها منذ سويعات بينما كان حسام منشغلا بجلسة التدريب الأولى مع أخصائي العلاج الطبيعي.. بصراحة لم أكن قادرا على مشاهدته وهو يتألم بالضغط على مفاصله وعضلاته وعظامه.. لستُ مستعدا بعد.. ولهذا شغلت نفسي بتتبيل اللحم"..

يتكلم مجددا عن عدم قدرته على تحمل آلام الآخرين.. ولا يدري ما يعتمل بداخلي عندما يعترف هكذا بنواقصه وأوجاعه..

فقط في مثل تلك اللحظات، أتعاطف معه كثيرا وأتجاهل كل ما يحيط بزواجنا من تعقيدات وكل ما يخص علاقته بوالدي من اتفاقات غامضة وابتزازات وتنازلات.. وأنظر له فقط كشاب وحيد يتألم في صمت لأنه يحمل هموم الآخرين دون أن يلقي هو همومه على أحد..

حاولت أن أخرجه من حالة الوهن التي يحاول مقاومتها، فسألته متصنعة البهجة: "إذًا ماذا سنتناول اليوم على الغداء أيها الشيف؟"

ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه، ثم أجاب: "سأعد لكم المكرونة بصوص الطماطم والريحان على الطريقة الإيطالية، وكذلك شرائح ستيك اللحم بصوص المشروم.. وحساء كريمة المشروم وسلطة الجرجير والرمان والبنجر.. أخبريني هل تحبين المكسرات على الطعام؟ أنوي إضافة بعض حبات عين الجمل المجروشة إلى السلطة لتعزيز النكهة وزيادة القيمة الغذائية.. ما رأيك؟"..

كنت منبهرة جدا بحديثه عن الطعام بتلك السلاسة.. هو فعلا يحب تلك الهواية ويتفنن فيها..
بالتأكيد من أجل أخيه..

أجبته بسعادة: "أحب المكسرات.. أضف ما تشاء.. وأنا سأتذوق لاحقا وأخبرك رأيي بصراحة"..
غمزني بتلاعب، وقال: "أثق أن المذاق سيعجبك"..

وبخته بنبرة صارمة: "كف عن التحامق بصبيانيتك تلك يا حازم.. وقل لي.. ما رأيك لو طلبت من حسام أن يظهر مساء الغد على الهواء في برنامج تليفزيوني مع عدد من شباب الميدان للحديث عن الأيام الأولى للاعتصام.. وهو سيتولى الحديث عن إصابته وتوثيق ما تعرّض له على يد المأجورين المرتزقة الذين حاولوا قتل الحلم بهمجية ووحشية لمصلحة طرف خفي هو المستفيد الأول من أي انقسام قد يحدث بين شرائح الشعب".

طالعني حازم بنظرة مطولة لم أفهم ما ترمي إليه، ثم سألني بلا حماس وكأنه يتوقع الإجابة: "ومن أين جاءتك تلك الفكرة؟ من أخبرك بها وطلب ظهوره بالبرنامج؟"..

أجبته بحبور: "المخرج عمرو سعيد كساب.. تعرفه.. ذلك الذي كنا نشاهده عبر التلفاز وتحدث عن تعرضه للاعتداء باليوم الأول للمظاهرات.. أثق أن ظهور حسام معه في البرنامج سيرفع من روحه المعنوية ويخرجه من عزلته مبكرا بدلا من أن يستسلم لفكرة الإنزواء.. فشاب مليء بالحيوية والطاقة مثله لن يتحمل الجلوس في المنزل لأشهر بدون أي نشاط اجتماعي كما اعتاد.. كما أن مواجهته لمسألة إعاقته المحتملة مبكرا تقيه الوقوع ضحية للمرض النفسي لاحقا.. وهو بالمناسبة سيحتاج في فترة ما لمعاودة طبيب نفسي يساعده على تخطي تلك الصدمة".

زجرني حازم بحنق حاول السيطرة عليه: "توقفي عن مدح هذا وذاك أمامي..".

رفعت حاجبي بعدم فهم، ثم سألته متجاهله تعليقه الغريب: "إذًا هل ستحدثه؟ أحتاج لموافقته اليوم لكي أؤكد لعمرو كي يخبر فريق الإعداد بالبرنامج.. بالمناسبة اطلب منه أن يدعو صديقه سامح أيضا.. وأن يخبره أن يحضر معه مجموعة من الصور التي التقطها داخل الميدان.. كانت رائعة للغاية وعرضها على الشاشات سيجعل المواطنين أكثر فخرا بما حققه الشباب خلال ثمانية عشر يوما فقط"..

سألني حازم بغموض: "أنتِ لما تريدين تحديدا جمع حسام وعمرو هذا معا؟"..

أجبته بصدق: "لأن حسام كاتب سيناريو طموح وعمرو مخرج شاب وبالتأكيد تعرّف كلا منهما إلى الآخر قد يجعلهما صديقين، وربما في المستقبل يصبحان فريق عمل سينمائي يشكلان معا ثنائية مثل وحيد حامد وشريف عرفة وأسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ في مجال الدراما التليفزيونية".

علّق حازم ساخرا: "وحسام وعمرو هذا سيتحولان لعملاقين مثل من ذكرتِ؟".

اقتربت منه خطوة غاضبة، ورفعت رأسي كيف تلتقي نظراتنا، ثم أجبته بحدة: "أنت.. هل تصادر الأحلام؟ هل تشكك في موهبة أخيك رغم ما تكنه له من حب؟".

ارتبك حازم وتلون وجهه بإحمرار حاد، ثم استطرد بحميّة: "لا والله.. أنا أثق بأخي تماما ومتأكد أن حلمه سيتحقق يوما ما.. لكنني لا أثق بذلك النحيف القصير الذي يظن نفسه عبقري زمانه".

دخلت في نوبة من الضحك..
حقا.. لم أستطع أن أمسك نفسي..

لماذا ينقلب كيان حازم هكذا كلما جئت على ذكر اسم عمرو سعيد كساب في جملة مفيدة؟

رفع حازم أحد حاجبيه، فلملمت ضحكاتي، وسألته بتحدٍ: "هل ستخبر حسام أم أخبره أنا؟".

زفر هو بحنق، ثم قال: "سأحدثه أنا بعد الغداء.. هيا لنعد الطعام.. كفى مشاغبات".

أجبته متصنعة البراءة: "وماذا فعلت أنا؟"..

تحرك حازم نحو المنضدة الجانبية وعاد حاملا صينية تحتوي على الأصناف الخاصة بطبق السلطة، ووضعها أمامي بغيظ وقال: "ستفعلين الآن.. هيا اقطعي وريقات الجرجير ورتبيها في طبق التقديم، ثم قطعي البنجر لشرائح رفيعة نصفية ورتبيها فوق الجرجير، وبعضها فصصي الرمان واغسلي الحبات جيدا ثم جففيها بالمصفاة لبضع دقائق، وخلال تلك الفترة قطعي حبات الجوز إلى قطع صغيرة مجروشة، ثم ضعي الرمان أعلى البنجر والجرجير وأضيفي القليل من .."، ثم تراجع قائلا: "لا.. لا... أنا سأعد الـdressing بتتبيلة خاصة وأضيفه في النهاية مع عين الجمل.. هيا لعملك ودعيني أطهو اللحم وأعد المكرونة والحساء".

تركني حازم أعد السلطة وكأنه يعاقبني على أمر لا أفهمه، بينما انشغل هو بإعداد ثلاثة أصناف دفعة واحدة..

وبعد نحو ساعة كان الطعام قد أصبح جاهزا، فأخذ هو يسكب المكرونة وقطع اللحم في أطباق التقديم، وطلب مني أن أحملها إلى المائدة تباعا، ثم انشغل بإعداد تتبيلة السلطة كما وعد بإضافة الخل البلسمي إلى المسطردة وتوابل أخرى لم أعرفها، ثم سكبها على السلطة وزينها بعين الجمل، ورتبها في أربعة أطباق وأحضرها للمائدة، ثم ذهب إلى المطبخ وعاد حاملا صينية عليها أطباق الشوربة وأدوات المائدة..

كان حسام وماما سناء قد حضرا لتوهما والتقيا على ما يبدو عند مدخل غرفة المائدة، لأجد ماما سناء تميل عليه وتقبل رأسه بحنانها المعهود..

هذان الشابان قد سرقا أمي.. بعد أن اختطفني أحدهما شخصيا..

جلست على المائدة مغتاظة، وأخذت أتناول بعض الحساء الذي وضعه حازم أمامي..

كان الطعم رائعا.. فأخذت أتناول المزيد بشهية مفتوحة..

كانت ماما سناء قد شرعت أيضا في تناول الطعام، حيث علقت بسعادة: "ما شاء الله ياحبيبي.. سلمت يداك.. أنت بارع حقا في الطهي.. لست مدللا مثل البعض"، ثم رمقتني بنظرة ممازحة.

ضيقت عينيّ وتجاهلت تعليقها، لكن حسام بالطبع لم يمرر الفرصة، وقال مازحا: "ألا تجيدي الطهي يا دكتورة؟".

أجبته مصطنعة الأسى: "ومن لديه وقت لتعلم الطهي وهو يدرس الطب يا بني؟"

علّق حازم بسخرية: "هناك وقت فقط للمدونات وتبادل الآراء".. ثم توقف عن الكلام وسعل بشدة..

منحه حسام كوبا من الماء وأخذ يضرب على ظهره، فيما رمقته بالنظرات المتسائلة بعد أن استشعرت أن لسانه قد زل لتوه بشيء ما لم يكن بنيته الإفصاح عنه..

ظللت أناظره مستفهمة، لكنه ركز مقلتيه على طبقه واستمر في الأكل من جديد دون تعقيب..

لا بأس يا حازم.. أنا سأفهم وسأكتشف كل شيء..

لم تعد أمامك آية فرصة للهرب أو الإدعاء..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 06:59 PM   #598

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: الفصل الحادي والعشرون - القسم الأخير

بعد الغداء، رافق حازم شقيقه إلى الخارج للجلوس قليلا أمام حمام السباحة..

على الأرجح سيفاتحه حازم في مسألة ظهوره التليفزيوني غدا..

كانت ماما سناء قد تهربت مني للمرة الثانية بأن أخذت على عاتقها غسيل الأطباق الخاصة بالغداء، متعللة بأنها قد حصلت على راحة كافية بعد نومها ولا تحب الجلوس بدون أن تشغل نفسها بأي شيء..

أخبرتها أنني سأتوجه إلى غرفتها لأخرج بعض الملابس والأغراض الخاصة بي لكي أضعهم داخل خزانة الملابس بغرفة حازم حتى تأخذ هي راحتها دون إزعاج..

توجهت بالفعل لأعلى وأخرجت المنامات الشتوية ذات الأكمام الطويلة وبعض أغطية الرأس الجاهزة التي أضعها أثناء النزول للطابق السفلي.. وكذلك بعض الكريمات ومستحضرات العناية بالبشرة وفرش الشعر وجهاز اللابتوب..

أخذت أرتب الملابس بأحد الأركان بالخزانة، عندما رن هاتفي من جديد، تفحصت الشاشة لأجد اسم زينة يتصدر جهة الاتصال..

ضغطت زر استقبال المكالمة، فقالت هي بتعجل: "آسفة يا شروق.. سأصيبك بالصداع وأجعلك تندمين على عرضك باستضافة حفل وداع العزوبية.. اسمعي أنا سأحضر الملابس التي سنرتديها في الاحتفال.. ستكون جلسة للفتيات فقط وسنتدلل وننسى الهموم.. سأحضر سيدة لكي ترسم لنا الحناء.. كما سنقيم مساء حفل عشاء عصري.. عبارة عن حفل شواء أمام حمام السباحة يضم بعض الأصدقاء فقط من الجنسين.. بالإضافة لوالدي ووالديّ خالد بالطبع، سيكون العشاء بمثابة احتفال بسيط بعيد الحب، حيث سيحضر خالد تورتة رائعة كنت قد صممتها بنفسي.. ستعجبك فور أن تريها.. أنا متأكدة".

زينة كتلة الحيوية والبهجة.. لا تتوقف عن الكلام أبدا.. يبدو أن الأفكار تتراقص في عقلها فتندفع دفعا متقافزة على لسانها في شكل كلمات صاخبة رنانة..

أجبتها متصنعة عدم الفهم.. فقط لأشاكسها قليلا: "عفوا.. لم أفهم.. من يحضر ماذا؟ أعيدي ما قلتِ من البداية".

زفرت هي بضيق مفتعل ثم أعادت سرد خطتها لليوم من جديد، وفي النهاية شددت على أن أجهز أنا وحنان ملابس محتشمة للعشاء لأن الرجال سينضمون إلينا، ثم فاجأتني بالخبر التالي: "شروق أنا اتفقت مع المصورة على عمل جلسة تصوير للعروسين داخل الفيلا.. وقد اقترح حازم على خالد استغلال الحديقة العلوية وحمام السباحة من أجل تنسيق لقطات مبهرة وملفتة.. ما رأيك أن تحصلي أنت وحازم أيضا على جلسة تصوير ثانية تزامنا مع خاصتنا؟.. ستكون هديتنا لكما أنا وخالد كما عرضتما استضافتنا بمنزلكما.. وفي نفس الوقت ستكون الصور تعويضا عن حفل الزفاف السريع الذي أقيم لكما ولم تخرج سوى بعض الصور الرسمية التي انتشرت بالصحف".

جلسة تصوير.. لي أنا وحازم؟

كنت أنوي أن أرفض طلبها بتهذيب، لكن حازم كان قد دلف إلى الغرفة، فارتبكت وأجبت بالموافقة، وأنهيت المكالمة معها..

اقترب حازم مني وسألني: "عما كان ذلك؟"

أجبته بقنوط: "كانت زينة تخبرني مستجدات تنظيم حفل الحناء.. وقالت إنها ستهدينا جلسة تصوير كتعبير عن امتنانها لاستضافتنا للحفل هنا".

أمسك حازم يدي وتحرك بي حتى جلس على مؤخرة الفراش، وأشار لي لكي أجلس بجواره..

بعدها قال: "شروق.. لا أريدك أن تتصرفي بطريقة تشعرين فيها أنك مجبرة على شيء.. إذا كنت لا تريدين الخضوع لجلسة التصوير.. لا بأس.. إذا كنت لا تريدين إحراجها.. لا بأس أيضا.. فقط تخلصي قليلا من التوتر الذي تحيطين نفسك به.. لا أحد يلزمك بشيء هنا.. صدقيني قواعد هذا الزواج أنتِ من سترسيها بنفسك بالنمط الذي تريدينه وأنا لن أجبرك على أي شيء.. فقط أريدك أن تشعري بالراحة والأمان داخل جدران هذا المنزل.. اسمعي".

توجه حازم نحو المنضدة الجانبية وأخرج حزمة من الأوراق النقدية، وقال: "أريدك أن تصطحبي حنان في جولة تسوق غدا أو بعد غد.. لتشتري كلا منكما فستانا للسهرة من أجل حفل زفاف خالد.. أعلم أنها قد تم دعوتها وهي ستفرح كثيرا بهذا التغيير اللطيف خاصة بعد ضغط الأيام الماضية.. لا أريدها أن تشعر أنكِ بزواجكِ تبتعدين عنها أو أنها ليست مرحبا بها في هذا المنزل.. كما أنني أريد أن أهديها الفستان بسبب ما قدمته لحسام من دعم نفسي ومعنوي خلال الفترة التي انشغلت عنه فيها.. لقد حدثني حسام للتو عن الدعم الذي قدمته له، وكيف كانت كلما تزوره هو وأصدقائه تدخل عليهما البهجة بمرحها وتعليقاتها الطريفة".

اندهشت كثيرا من اهتمام حازم بكل تلك التفاصيل.. هو لا يريد أن يعزلني عن صديقتي ويريد أن يشعرها بالانتماء إلى عائلة ممتدة جديدة.. وكذلك يريد أن يعبر عن امتنانه لمساعدتها لحسام.
أحيانا تفاجئني لطافته.. صدقا..

نهض حازم من مكانه، وتوجه نحو الخزانة ليخرج بعض الملابس ثم قال: "سأستحم سريعا ثم أتوجه للخارج لمقابلة خالد.. سأشتري بعض الأغراض الخاصة بتزيين الحديقة العلوية لإتمامها قبل الحفل، وسأشتري مقبضا للباب بدلا من الآخر الذي أتلفته، وعندما أعود سأقوم بتركيبه"..

بعدها أخرج ميدالية مفاتيحه من جيب سرواله، ثم أخرج منها مفتاحا ووضعه في راحتي وقال: "وهذا مفتاح باب غرفتك الخارجي حتى تتمكن السيدة سناء من الدخول والخروج منه دون حرج".. ثم توجه بعدها للحمام دون كلمة إضافية..

أمسكت هاتفي وحررت رسالة سريعة لحنان أخبرتها فيها أنني سأمر عليها بعد غدٍ عصرا لاصطحابها للتسوق من أجل حفل حناء زينة الذي هي واحدة من مدعواته القليلات..

خرج حازم من الحمام وهو يضع المنشفة على شعره المبلل، بينما كان يغلق أزرار قميصه الأسود الذي ارتداه مع سروال جينز باللون الرمادي الداكن..

وضع حازم المنشفة داخل سلة جانبية بجوار الحمام مخصصة للملابس المتسخة.. ثم توجه للمرآة وأخذ في تصفيف شعره بطريقته المميزة برفع غرته لأعلى وجانبا لتبرز قسمات وجهه الرجولية.
سألته لكي أشتت انتباهي عن التركيز فيما يفعله: "هل أخبرت حسام عن البرنامج؟"..

أجاب هو بهدوء: "نعم.. ووافق بالفعل كما توقعتِ على الظهور في البرنامج"..

توقف حازم عن الكلام ثم التفت نحوي وقال بنبرة حيادية: "في الحقيقة.. أعترف أن تعرفه على عمرو كساب فكرة جيدة فكلاهما له نفس طريقة التفكير والميول، وقد تحدث بينهما صداقة فعلا حتى لو لم تثمر عن تعاون فني.. لا نعلم ما يخبئه المستقبل بكل الأحوال".

ابتسمت ببهجة حقيقية، بينما توجه هو للخزانة لكي يجلب سترته الجلدية العصرية بلون رمال الصحراء الذهبية لتمنحه وسامة استثنائية..

رفع حازم يده إلى جانب وجهه مقلدا التحية العسكرية، ثم غادر الغرفة إلى حيث موعده مع خالد..

وأنا ركضت ركضا نحو المطبخ..
حان وقت المواجهة مع ماما سناء..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

نزلت إلى الطابق السفلي، فوجدت ماما سناء تجلس على طرف الأريكة بينما حسام يجلس بجوارها على مقعده المتحرك يتناول قطع الفاكهة التي كانت تضيفها هي لطبقه كلما قطعت واحدة من صنف جديد..

تغيرت ملامح حسام فور أن شاهدني، وبدا عليه.. الحرج؟

اقتربت منهما وقلت بنبرة حرصت على أن تكون هادئة: "عذرا حسام.. أحتاج شيئا من ماما.. هل تحتاجها الآن؟"..

رد هو بتعجل: "لا إطلاقا.. أنا سأتوجه إلى غرفتي للحصول على قسط من الراحة حتى يعود حازم لكي يصطحبني إلى الحديقة العلوية لأشاهد ما ينوه إنجازه بها خلال اليومين القادمين"..

وضع حسام بعدها طبق الفاكهة على المنضدة، ثم تحرك بمقعده في اتجاه غرفته..
رمقتني ماما سناء بنظرة شبه غاضبة، ثم قالت: "هل مازلت مندفعة كعادتك؟".

أجبتها بغيظ: "أجل.. لقد جننت.. والآن لو لا تريدين أن تعيدي لي تعقلي.. لن أكون مسئولة عن
تصرفاتي التالية".

ردت ماما سناء بغيظ مماثل: "سأجيبك.. ليس من أجلك.. بل من أجله هو.. حازم لا يستحق طريقتك المتهورة تلك ولا أسلوبك العنيد".

زفرت ببطء كي أهدئ قليلا من تحفزي، ثم سألتها مباشرة: "أخبريني أمي بالله عليك.. هل حازم هو من أحضرني للمنزل يوم الخامس والعشرين عندما تعرضت للضرب في الميدان؟".

ردت هي بتساؤل: "ولماذا تظنين أنه هو من أحضرك بنفسه للبيت".

نهضت من مقعدي بغيظ، ثم قلت: "أنتِ في البداية قلتِ أن سائق أجرة قد أعادني للمنزل وكأنه يقرأ الطالع ويعرف عنوان بيتنا.. ثم في المرة الثانية عندما سألتك.. قلتِ فتاتين قامتا بتوصيلي للمنزل.. أما هو فقد زل لسانه وذكر أمامي دون قصد تفاصيل الاعتداء الذي تعرّض له المخرج عمرو سعيد كساب الذي كان موجودا بجواري يومها.. وكأن حازم كان شاهدا على ما حدث.. كما أنني أتذكر أن شخصا يتشح بالسواد كالشبح ظهر فجأة من العدم وأوسع الجنديين ضربا وركلا ثم حملني لداخل سيارة وأسندني إلى صدره طوال الطريق.. فأخبريني بالله عليك.. هل كان هو حازم؟".

أطرقت ماما سناء بعينيها، ثم أجابت باستسلام تخفي بعض الفخر بين نبرات صوتها: "نعم.. كان هو.. كما أنه جاء بعدها ببضعة أيام صباحا للمنزل وتشاجر مع والدك بصوت مرتفع، وعندما قابلته لحظة مغادرته.. قال إنه قد أنقذك للمرة الثانية من الإيذاء.. حتى أنه وبخني لعدم اعتنائي بك كما يجب.. في الحقيقة.. هو.. هو..".

آية مرة ثانية؟ الملثم؟ يوم قذائف المولوتوف؟
كنت متأكدة..

سألتها بلهفة: "هو ماذا؟".

انطلقت ماما سناء بالإجابة وكأنها تخشى التراجع: "عندما لاحظ دخولك في صدمة بعد اعتداء اليوم الأول.. اتصل على طبيبك المعالج وأخبره أن يصف لك الدواء المنوم حتى لا تنضمي إلى مظاهرات الجمعة التالية.. تلك التي أسموها جمعة الغضب.. قال إن تواجدك فيها سيشكل خطرا على حياتك، وبالفعل أنا مزجت الدواء مع العصير ومنحته لك".

عقبت بغيظ وأنا أفرك يديّ ببعضهما: "عظيم.. عظيم.. وماذا أيضا؟"

نهضت ماما سناء من جلستها، ثم تحركت نحوي ومدت يدها وأمسكت كلتيّ يدي بكفيها ثم سحبتني لكي نستقر سويا على أقرب أريكة، ثم استدارت لكي تواجهني بجلستها بينما مازالت تحتضن راحتيّ، ثم قالت: "عندما أحضرك يوم الخامس والعشرين.. كانت عيناه تشعان بالقلق والجنون.. ولم يهدأ إلا بعد أن طمأنه الطبيب بأنه لا توجد كسور ولا جروح داخلية بجسدك.. ورغم ذلك لم يهدأ خوفه، وظل جالسا أمام غرفتك طوال الليل.. رغم فشله في لقاء أخيه والاطمئنان عليه.. هو فقط ظل قابعا على كرسي صغير كحارس يريد أن يقتحم الهواء إن كان سيزعجك أو يثير مخاوفك".

سألتها بدهشة مستنكرة: "وأنت تركتيه جالسا أمام غرفتي هكذا؟ هل يصح؟"

ردت هي: "للحق.. الشاب طوال عمره كان مهذبا.. ولم يرمقك نهائيا بنظرة خبيثة.. أنا لي نظرة في الناس وبالتأكيد في هذا العمر سأعرف إن كان محترما أم عابثا.. كما أنه.."

ضحكت ضحكة ساخرة، وسألتها بحالة من الانشداه: "أنه ماذا؟ بالله عليك هل هناك المزيد؟".

قالت هي بحزم: "شروق.. لا تثيري جنوني الآن.. حازم يحبك.. أنا أكيدة من هذا الأمر.. لكنه زواجه منك لم يكن خياره هو".

ضحكت ضحكة سخيفة من جديد، ثم أجبت: "أعلم أعلم.. أبي أهداني له كهدية ترقية أو ما شابه لبراعته في أعماله غير القانونية التي يجيد هو تنفيذها".

تركت ماما سناء يديّ بغيظ، ثم زفرت بضيق، وقالت: "هل هناك شاب يقبل الزواج كرشوة؟ بل كان زواجك منه ابتزازا.. له"..


نهاية الفصل..
قراءة سعيدة..
دمتن في سلام وسعادة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 10:41 PM   #599

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 6 والزوار 12)

‏موضى و راكان, ‏eiman hashem, ‏مروة سالم, ‏Kemojad, ‏وهل للحب اسباب !, ‏zaak


فصل جميل يا مروة تسلم أيديك عجبنى بجد

و خصوصا " يا فضيحتى "

شروق و حازم كابل جميل

ربنا يهدى شروق و تتقبل حازم و بعد معرفتها بأنه هو من أنقذها يارب تقع فى غرامه

دمتى بكل خير يا مبدعة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-21, 01:59 AM   #600

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 6 والزوار 12)

‏موضى و راكان, ‏eiman hashem, ‏مروة سالم, ‏Kemojad, ‏وهل للحب اسباب !, ‏zaak


فصل جميل يا مروة تسلم أيديك عجبنى بجد

و خصوصا " يا فضيحتى "

شروق و حازم كابل جميل

ربنا يهدى شروق و تتقبل حازم و بعد معرفتها بأنه هو من أنقذها يارب تقع فى غرامه

دمتى بكل خير يا مبدعة
تسلميلي حبيبتي..
انا قلت خلي الفصل خفيف كده قبل ما نرجع للنكد .. وسعيدة انه عجبكو
وان شاء الله ربنا يهدي بنتنا بقى


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.