آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          594- فراشة الليل -روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Just Faith - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          ☆باحثاً عن ظلي الذي اختفى في الظلام☆ *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Ceil - )           »          أجمل الأسرار (8) للكاتبة: Melanie Milburne..*كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          شعر ثائر جزائري (6) *** لص ذكي سارق عجيب *** (الكاتـب : حكواتي - )           »          تناقضاتُ عشقكَ * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ملاك علي - )           »          219 - صديقان ...وشيئا ما - جيسيكا ستيل (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          رواية صدفة للكاتبة : bella snow *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : bella snow - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-08-21, 01:44 PM   #691

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي


اقتباس جديد من أحد الفصلين القادمين








تتبعته مسرعة نحو الغرفة، وعندما دلفت للداخل كان هو يدور بالغرفة ويروح ويجيء كثور هائج تم تقييده داخل قفص صغير لا يسع حجمه ويصيبه بالاختناق، فأخذ يبحث عن منفذ يهرب منه إلى البراح..
بعدها، أخذ يفتح أدراج المناضد الجانبية المتاخمة للفراش تباعا بعشوائية دون أن يهتم بإعادة إغلاقها..
اقتربت منه بحذر، ثم سألته بهدوء: "عم تبحث؟"
وقف هو في منتصف الغرفة كالتائه، ثم تنهد بيأس وقال بصوت خفيض: "أين هي؟"..
أجبته بنفس النبرة الهادئة: "أين ماذا؟"
رد بحنق: "سكاكيني.. المشارط الجراحية الصغيرة التي أحتفظ بها"، ثم علا صوته بنزق: "أحتاجها الآن.. أين هي يا شروق؟".
عقدت ذراعيّ أمامي، ورمقته بنظرة معاندة وحازمة، وأجبته بصوت حذر: "تخلصت منها.. الدكتور فؤاد نصحنا بالتخلص من كل الأدوات التي تعتبر عاملا مساعدا لك في لحظات إيذاء الذات".
جلس حازم على السرير بإعياء واضح، ثم قال بصوت منهك وكأن هموم الدنيا كلها ترتكز على كتفيه: "لكنني أحتاجها.. أشعر أنني أحترق ببطء"..
جلست بجواره وأخذت أربت على محيط ظهره بتعاطف، وقلت هامسة: "أنا معك.. هذه المرة لستَ مضطرا لكي تتعامل مع تلك المشاعر الضاغطة بمفردك.."..
رد هو بتساؤل: "ماذا تقصدين؟"
أجبته بهدوء: "أقصد أن ما تشعر به الآن ليس انعكاسا لمشاعر الآخرين، وإنما هي حزمة من مشاعرك الخاصة التي تضخمت وتلاحمت فأصابتك بتلك الحالة.. وليس بالضرورة أن تكون كلها سلبية.. لكنها قوية للغاية.. أكثر من قدرتك على التحمل خاصة وقد أنهكك امتصاصك لمشاعر الآخرين لسنوات.. ولهذا كل ما علينا الآن هو ترتيب تلك المشاعر وفصلها عن بعضها بهدوء حتى تستعيد توازنك سلامك دون أن تشعر بحاجة لاستبدالها بآلام جسدية تشتتها بشكل مؤقت.. ليس عليك أن تتجاهل مشاعرك الخاصة بعد الآن.. لقد اختزنتها وأهملتها لسنوات حتى تراكمت وتفاقمت وصارت جبلا يرتفع ليناطح السماء.. ولذلك سنبدأ معا إعادة ترتيبها وفرزها حتى لا نتركها تخنقك هكذا".
نهض هو بانفعال وأخذ يردد: "أنت لا تفهمين شيئا.. لن تشعري أبدا بما أشعر به الآن.."
أجبته بعزم: "إذًا اجعلني أشعر.. اسمح لي أن أكون مكانك لمرة واحدة.. دعني أفهم ما يعتمل بداخلك الآن ولا تستطيع إخراجه أو الإفصاح عنه بالكلمات"..
رد هو بعدم فهم: "ماذا تقصدين؟ كيف أجعلك تشعرين بما أشعر به؟".
أجبته: "لديّ فكرة.. قال الدكتور فؤاد إن من طرق السيطرة على المشاعر المفرطة هو التشويش عليها بالتركيز في أمر آخر.. وبما أن مشاعرك تخنقك من الداخل.. لماذا لا تخرجها وتحوّل شخصا آخر لمرآة عاكسة لها بشكل مؤقت".
رفع هو حاجبيه وأجاب باستنكار: "وهذا الشخص هو.. أنتِ؟"
أجبته بتصميم: "نعم.. أنا.. والآن.. فكر في طريقة تنقل لي بها كيف تشعر بكل تلك الكومة الثقيلة من الانفعالات في وقتٍ واحدٍ.. وأنا جاهزة لتلقي ما ستضعه في طريقي"..









مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-08-21, 04:59 PM   #692

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي

مروة مروة انا منبهرة بطريقة الكتابة والله ايه الجمال والعظمة دي ♥️
اقتباس تحفة تحفة اثر فيا جدا ودمعت 🥺❤❤❤
ياترى حازم هيعمل ايه عشان يطلع مشاعره ؟ ❤❤
انا متشوقة للفصلييين بطريقة مش عادية والله ❤❤
تسلم ايدك حبيبتي حبيت الاقتباس جدا ❤❤


Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-21, 05:59 PM   #693

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Nour fekry94 مشاهدة المشاركة
مروة مروة انا منبهرة بطريقة الكتابة والله ايه الجمال والعظمة دي ♥️
اقتباس تحفة تحفة اثر فيا جدا ودمعت 🥺❤❤❤
ياترى حازم هيعمل ايه عشان يطلع مشاعره ؟ ❤❤
انا متشوقة للفصلييين بطريقة مش عادية والله ❤❤
تسلم ايدك حبيبتي حبيت الاقتباس جدا ❤❤

تسلمي يا نور على كلامك الجميل
انا متشوقة جدا اعرف رايكو يارب يعجبكوا وتحسوا المعنى المطلوب..

مننساش ان دي اصلا رواية عن المشاعر


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-08-21, 11:42 PM   #694

مريم احمدو

? العضوٌ??? » 470557
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 191
?  نُقآطِيْ » مريم احمدو is on a distinguished road
افتراضي

منتظرين ومتحمسين لاجمل شب فب يوم السبت 😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍

مريم احمدو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-08-21, 02:38 AM   #695

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم احمدو مشاهدة المشاركة
منتظرين ومتحمسين لاجمل شب فب يوم السبت 😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍
تسلميلي يا رورووو.. متشوقة اعرف رايك باذن الله


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-08-21, 03:06 PM   #696

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

مساء الخير..

سأقوم الآن بنشر الفصلين نظرا لظروف خاصة قد تمنعني من التواجد في الموعد الفعلي للنشر مساء..

أرجو عدم كتابة تعليق حتى نهاية النشر تماما.. كي لا ينقطع استرسال النشر بين المشاركات..

وشكرا لتفهمكم

لا تنسوا الدعاء لوالدتي بالشفاء


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-08-21, 03:14 PM   #697

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل الخامس والعشرون - القسم الأول

الفصل الخامس والعشرون
حازم


ثمة مقولة مفادها أن التعاطف هو أعلى أشكال المعرفة، أما أنا فأظن أنه أرقى درجات الحب وأسمى تطبيق للمعاني الإنسانية..

أليس التشاعر مزية أحيانا في اكتشاف معاناة الآخرين؟
ما أجمل أن يكون لك دور في مساعدة شخص يعاني في صمت ولا يجد فرصة للإفصاح عما يعتمل به..

الجميع حياته صعبة، ومن يمتلك التعاطف بداخله، يعتبر سفيرا حيا للإنسانية، لأنه يمد يده لمن يعاني.. ومريض التشاعر لديه تلك القدرة السرية على التقاط معاناة الصامتين، فيحاول أن يكون معينا لهم على تخطيها.. ما لم تكبله تلك المعاناة وتتسبب في إيلامه..

ومن مميزات الإيمباثية أيضا أنها تمنحك أحيانا لحظات من السعادة الصرفة، حيث يصبح حل شيء من حولك جماله مضاعف وألوانه أكثر بهجة ووضوحا..

عندما تنتشر البهجة في الأجواء حولي، يرتفع لديّ هرمون الدوبامين فتتضاعف جرعات الفرح والسرور وتغمرني سعادة متضخمة تصل حد الانتشاء..

وفي لحظات كتلك، يتحول كل شيء حولي لغيمة ممتدة من قوس قزح تؤطرها بساتين من الزهور..

أما هي، أشعة الشمس الذهبية التي تسللت إلى أعمق نقطة مظلمة في روحي لتضيئها وتنشر الدفء والسكينة حولها، فتنشئ بداخلي حلما ورغبة..

حلم بمستقبل مديد يجمعني بها، ورغبة في أن أمنحها الحياة التي تستحقها.. حيلة مليئة بالحب والحنان بعيدة عن الخزي والخذلان والجفاء..

كانت متألقة ومتوهجة رغم بساطة فستانها بألوانه الداكنة وتصميمه الهادئ..

لكنها مهما حاولت ألا تجذب الأضواء من صاحبة حفل الحناء، لن تفلح أبدا، فهل يمكن للفراشات المضيئة الاختفاء في الظلام؟
فالسماء تضيء بوهج خاص يشع من داخلها ويجعل الكون أجمل..

لا أنكر.. أعجبتني للغاية فكرة الخضوع لجلسة تصوير معها بعد أن أعلنتها زينة وفرضتها فرضا لتضع كلينا أمام الأمر الواقع..

تحركت أنا سريعا لنقل التورتة والحلوى لطاولات عرض الطعام أمام حوض السباحة، والغريب أن ذلك الأشقر المنتفش سليم أصر على مساعدتي..

يبدو أنه رأى أن من الكياسة التطوع نظرا لانشغال خالد مع عروسه ولإصابة حسام وعدم قدرته على عرض المساعدة وهو على مقعده المتحرك..

بعد أن انتهينا من نقل أصناف الحلوى، توجهت فورا للمطبخ للتأكد من جاهزية أطباق السلطة والمقبلات، وكذلك جاهزية اللحوم للشواء، ثم توجهت فورا للحديقة العلوية..

كانت شروق تقف مع المصورة التي يبدو أنها كانت قد انتهت من تصوير خالد وزينة عند المسبح..
كانت الفتاتان تتحدثان عن أفضل البقع في الحديقة للتصوير، حيث أبدت المصورة إعجابها الشديدة بزينة وديكورات الحديقة وهو ما أصابني بحالة من الفخر والغرور الصبياني..

اقتربت منهما، فصاحت المصورة بطريقة أجفلتني: "هيا يا عريس.. استعد فورا للتصوير.. نريد الاستفادة من أشعة الشمس قبل الغروب.. هيا قفا تحت التعريشة"..

نفذنا بالفعل تعليمات المصورة التي كانت تغير أماكن التصوير كل بضعة دقائق، حتى انضم إلينا خالد وزينة.. فتنحينا جانبا لنترك لهما فرصة التصوير كما يشاءان..

كانت زينة قد بدلت فستانها بفستان آخر من الشيفون الوردي المزين بقلوب حمراء صغيرة براقة.. أما العريس فقد تخلى عن سترة بدلته، وقبل أن يبدأ التصوير.. صرخت زينة بانفعال: "ما هذا يا شروق؟ هل ستكتفين بصورتين فقط بهذا الفستان؟ لا يصح".

ثم اقتربت منها لتهمس بصوت وصل إلى مسامعي بوضوح: "هيا هيا.. اذهبي وارتدي ذلك الفستان المزين بالطيور لكي تبرزي رسوم الحناء الخاصة بك.. وصففي شعرك.. فقط انتظري حتى نتنهي نحن ونذهب للأسفل لتبديل ملابسنا، سأهاتفك لتصعدي لهنا للتصوير مع حازم وبعدها عودي وارتدي أزياءك المحتشمة من جديد.. هيا هيا لا تضيعي وقتنا"، ثم أشاحت بيدها بطريقة مسرحية مضحكة..

فغرت شروق فمها دهشة، ثم زمت شفتيها غيظا، وبعدها تحركت في طاعة لأسفل.. مما أثار اندهاشي وفرحتي في ذات الوقت..

لنرَ رسوم الحناء التي تتكلم عنها زينة.. فضولي يتقافز بجنون الآن..

بعد أن انتهت المصورة من التقاط بعض الصور لخالد وزينة، صاحت الأخيرة بفرح: "سأرتدي الآن الفستان الأسود بتطريزاته الفضية والذي ينتهي بكاب طويل يجعلني أشبه الملكات.. وأنت يا عزيزي جهز أصفادك لأنني أريد الصور التالية أمام بوابة الفيلا الداخلية، حيث سأختطفك وأضع بيدك الأصفاد كأسير في مملكتي للأبد".

ابتسم خالد ببلاهة، ثم رد: "وأنا لم أعترض يا مليكتي.. هيا لنستعد"، ثم غمزني بوقاحة وتحرك طائعا خلف عروسه المشعة بالحيوية..
بعد قليل، صعدت شروق للحديقة عقب مهاتفة زينة لها في طريقها للأسفل..

يا إلهي..
حالة من الجمود والتيبس أصابتني وأخرست كل الأفكار المتناطحة في رأسي لكنها ناقضت تماما الطرق الصاخب في قلبي الذي صار يخفق بجنون..

كيف أصفها؟
صعق كهربي
بالتأكيد حدثت عاصفة رعدية منذ قليل ولمسني أحد ألسنة البرق اللاسعة عالية الفولتية..

كانت شروق تتهادى بفستان من الشيفون باللونين الأبيض والأسود بلا وبصدر مكشوف، حيث يمثل الأبيض السماء الرحب بينما ينطبع عليه بالأسود أسراب متداخلة من الطيور المحلقة في فضاء السماء بحرية، وأكملت إطلالتها بحذاء أنثوي مبهر بكعبٍ رفيع، بينما أسدلت شعرها الناعم بموجة طبيعية خفيفة على ظهرها واكتفت فقط بطوق فضي ناعم للغاية تزينه فقط بعض حبات الكريستال ليبدو كتاج ملكي خاصة مع ملامحها الأوروبية الملفتة..

كان الفستان عاري الأكتاف وبلا أكمام ويصل طوله لأسفل الركبتين حتى منتصف الساقين بتنورة واسعة ولكن محددة للخصر..
تسمرت مقلتاي على كتفيها وذراعيها.. و..
رسم حنائها..

كانت تضع رسما على ذراعها الأيمن بطول المرفق، وآخر عند كاحلها يبرز بوضوح أعلى حذائها..
وعندما اقتربت مني، شاهدت التصميم الثالث الذي حبس أنفاسي تماما لبضع ثوانٍ، فأخذت أتنهد ثم أسعل قليلا حتى أستعيد تنفسي الطبيعي..

كان الرسم عبارة عن سرب من الطيور يحلق بتكاسل نحو الأفق بداية من أعلى ظهرها متخطيا كتفها ومتسللا إلى الجانب الآخر ليستقر بنعومة على ترقوتها

ابتسمت شروق بخجل كشفه تورد وجنتيها، فلم أتحمل المزيد.
تحركت أنا الخطوات القليلة المتبقية واحتضنت وجهها بين كفيّ وتركت لعينيّ مهمة البوح عما أشعر به الآن..

كدت أن أتهور وأفتعل فضيحة، لولا أن كان برأسي نذر يسير من التعقل جعلني ألمح المصورة ومساعدتها خلفنا تضبطان الإضاءة، فاكتفيت فقط ببوح العيون..
ولكنه لم يكن كافيا.. على الإطلاق
أنا بشر يا عالم.. لكم من الوقت سأتحمل بعد؟

تنحنحت بضيق، ثم أنزلت كفيّ لتحتضنا يديها ومازالت نظراتي مسلطة على عينيها بينما فمي مازال شبه فاغرا مثبتا على وضعية الانشداه.. وكأنه نسي آلية الحديث..

بعد صمت دام لدقائق، قالت شروق بصوت هارب يعد أن ازداد تورد وجهها لدرجة فاضحة: "ألن تقل شيئا؟".. ثم تخشبت فجأة وازدردت ريقها بقوة وقالت بلهجة عملية: "فعلت هذا فقط حتى نبدو زوجا طبيعيا أمام الناس ونحافظ على المظاهر.. فلا تأخذك الأفكار.."

ظللت على مظهري المتجمد.. فسألت هي بغباء: "هل تسمعني أساسا؟"، ثم رفعت يدها لتحركها أمام عينيّ..

خرجت من حالة الطفو العلنية التي أصابتني، لكنني لم أترك يديها، بل أخذت أحرك عينيّ بطمع رجولي على كتفيها العاريين وذراعيها، وذلك الوشم الذي يبدأ من عند كتفها لينتهي قرب منتصف ظهرها، مثيرا في داخلي رغبة عنيفة لكي ألامس سرب الطيور واحدا واحدا بأطراف أناملي.. أو بالأحرى بشفتي..

أردت أن ألثم كل عصفورٍ من ذلك السرب بشفتي وأن أتشمم عطر بشرتها الطبيعي من ذلك القرب.. وأن.. وأن..

تنحنحت من جديد، ثم قلت للمصورة بطريقة عملية جافة: "أين تريدين أن نقف؟"، ثم همست لشروق بصوت مسحوب لنقص الأكسجين في تلك المنطقة من جسدي في هذه اللحظات: "نريد الانتهاء سريعا قبل أن يعود خالد وزينة..".

التقطت لنا المصورة مجموعة من اللقطات في أوضاع شاعرية للغاية، ومشكورة حرصت على التصاقنا ببعضنا بأغلب اللقطات، وأنا بالطبع لم أفوت لحظة دون أن ألمس ذراعيها أو كتفيها بأناملي، حتى أنني داعبت وشم كتفها خلسة متصنعا العفوية، لتهمس هي بغضب: "باعد أصابعك يا منتهز الفرص"..

بعدها حملت المصورة الكاميرا والحامل الخاص بها، بينما حملت مساعدتها وحدة الإضاءة المتنقلة، وتحركتا للأسفل عند المسبح.. وقبل أن أختطف من بين شفتيها قبلة تسد رمقي، سارعت شروق لتغيير فستانها لآخر أكثر احتشاما، استعدادا لاستقبال الضيوف الذين شارفوا على الوصول.. أما أنا فظللت مكاني منتظرا عودتها..

بعد حوالي ثلث الساعة، عاد خالد وزينة الذي وضع سترة بدلته، وتبعتهما المصورة ، فخضعا للمزيد من اللقطات الرومانسية تزامنا مع غروب الشمس، وبعد أن صعدت شروق، التقطت المصورة لأربعتنا بعض الصور على سبيل الذكرى، ثم غادرت زينة لارتداء فستانها الأخير..
الحمد لله.. والله احترت في عد كم فستانا أحضرت هذه الفتاة..!

المصورة من جهتها استغلت الوقت في التقاط بعض الصور الفردية لشروق ممتدحة إطلالتها بفستان باللون الفوشيا مصمما بأناقة باريسية حيث جاء النصف العلوي مغلفا بكشاكش ضخمة مع أكمام طويلة وتنورة ترسم القوام وتحدده دون اتساع، بينما يضيق أعلى الخصر مطوقا منتصف الكشكشات بحزام فضي براق مزينا بالكريستالات الدقيقة بتصميم خلاب، وينتهي الفستان بذيل منفصل يبدأ من أعلى التنورة حتى القدمين.. ونسقته مع ربطة حجاب مميزة باللون الأبيض تتزين من المنتصف بكريستالة ضخمة تشبه الزهرة، كما ارتدت حذاء ناعما بكعب عالٍ رفيع بنفس لون الطرحة الملفوفة بطريقتها المميزة..

كانت خلابة جدا.. وأنيقة جدا.. وشهية جدا..

بعد ذلك، طلبت مني المصورة الانضمام إليها للحصول على بعض اللقطات الرومانسية معا عند الأرجوحة الفردية، وأيضا عند الركن المزين بالزهور والنباتات المورقة الضخمة والتي تناقض لونها الأخضر مع لون فستان شروق الجريء فجعلت اللقطات أكثر إبهارا..

أخيرا، عاد العروسين، حيث وضع خالد رابطة عنقه لتكتمل أناقته، أما عروسه فقد تزينت بفستان أحمر من الشيفون بتنورة واسعة وأكمام طويلة شفافة وفتحة صدر واسعة نوعا ما، حيث تموضعت أمامنا كعارضات الأزياء لإبراز تفاصيله، ثم صرخت بمرح: "الأحمر من أجل عيد الحب"..

تركنا الحديقة العلوية أنا وشروق، لكي ينفرد العروسان ببعض الصور الخاصة دون حرج، ثم نزلنا للطابق السفلي لاستقبال الضيوف..

وصل والدا زينة وعمها وزوجته واللذان يعيشان في العاصمة، وبعدها وصل اللواء عبد الغني الكومي والد خالد برفقة زوجته.. ومعهما أيضا السيد علي الزين الذي طالت تحيته لي وأخذ يربت بكفيه على كفي وكأنه هو من يرحب بي في بيته.. ثم همس بأذني: "لنتحدث قليلا خلال السهرة يا بني"..

كلماته أصابتني بالتوجس، فأنا وإن كنت قد فكرت جيدا في العرض الذي قدمه لي وأميل للموافقة، إلا أن تلك المخاطرة تشعرني بالقلق، حيث لن يكون هناك مجال للتراجع ما أن أبدأ الخطوة الأولى بذلك المسير..

بعد ذلك تركت شروق ترحب بالحضور، وتوجهت صوب المطبخ لتجهيز اللحوم للشواء في الخارج.. عرضت على الخالة سناء الانضمام إلينا في الخارج، لكنها رفضت وقالت إنها لا تحب أجواء الحفلات الصاخبة، موضحة أنها ستنتهي من مساعدتي، ثم ستصعد لكي ترتاح في غرفتها وتتهيأ للنوم..


يتبع



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 14-08-21 الساعة 06:32 PM
مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-08-21, 03:20 PM   #698

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل الخامس والعشرون - القسم الثاني

من مميزات الإيمباثية المفرطة أن المريض إذا عايش أجواء مليئة بالمشاعر الصافية الصادقة، فإنه يتحول لطاقة هائلة من الإنتاج والإبداع والحماس والفاعلية والإيجابية..


وهذا ما أنا عليه الآن في هذا الاحتفال العائلي الذي يحيطه الدفء من كل زاوية وتكلله السعادة والبهجة كنجوم براقة تزين السماء..

لأقرّب الصورة أكثر.. أشهر بالتوهج كأنني برج خليفة الشاهق الذي يضيء بكل الألوان لحظة بداية كل عامٍ جديدٍ..

ولهذا كنت أدور في كل مكانٍ مشحونا بطاقتي المحفزة على إسعاد الآخرين، لكي أتأكد أن الجميع يستمتعون بالحفل ويتناولون ما يكفي من الأطعمة والمشروبات المعروضة على الطاولات الجانبية، متخليا عن تحفظي المعتاد ورغبتي في الانزواء جانبا..

كان الجميع مبتهجا في تلك الأجواء العائلية الحميمية الخالية من النفاق أو الاستعراض، فالكبار ينشغلون بمناقشات منعشة ويتبادلون الذكريات، أما الشباب فيتصرفون بعفوية.. حيث اندمج حسام في الحديث مع شروق وحنان وسليم وزاد بالإضافة للعروسين الذين يوزعون تواجدهم بين جميع الحاضرين كما يختلسان بعض الدقائق لهما وحدهما من وقتٍ لآخر للاحتفال بهذا اليوم المميز الذي سيظل خالدا في ذاكرتيهما للأبد..

شرعت بوضع اللحوم المتبلة على الشواية، وبدأت رائحة الشواء الشهية تفوح في الأركان.. وبينما أنا منغمس في الطهي، اقترب مني علي الزين بابتسامته الهادئة، ثم قال: "مرحبا مجددا.. ما شاء الله عليك يا ولدي.. تبدو اليوم في قمة نشاطك ومزاجك رائق للغاية.. بعكس المرة الماضية.."

أجبته بتحفظ وأنا منشغل بتقليب اللحوم على الشواية دون النظر إليه: "فعلا.. اليوم يوم خاص جدا.. مناسبة سعيدة والجميع هنا سعداء".

تحدث علي الزين بابتهاج حرج: "الولد سليم أيضا يبدو سعيدا للغاية رغم أنه ليس من النوع الذي يعتاد على الآخرين بسرعة.. حتى أنه يطارد تلك البرتقالية الهيفاء.. هل يعقل أن يكون وقع في الحب من أول نظرة؟".

ناظرته مندهشا لوهلة، قبل أن أعود لمتابعة الشواء، فأكمل هو: "للحق الفتاة فاتنة للغاية.. كما أنها مثقفة أيضا.. ونارية صاخبة مثل أختها تماما"، مختتما تعليقه بقهقهة سعيدة.

علقت أنا بعدم اكتراث: "مبارك له إن كانت نيته صادقة.. لا أدري إن كان قد وقع في الحب أم يظن أنه يتسلى"، ثم حدجته بنظرة متشككة فهمها هو جيدا بينما أخذت أتابع: "فأنا لا أعرف أخلاقه جيدا.. كما لا أعرفه هو شخصيا".

امتقع وجه علي الزين، وعقّب بهدوء: "ابني يشبه والدته المرحومة في كل شيء.. ورث منها الملامح الشكلية الجذابة فهي كانت شقراء فاتنة أيضا.. كما كانت رحمها الله لها قلب من ذهب يسع العالم كله.. وهو أيضا على الرغم من الفرص التي أتيحت أمامه للعربدة والوقوع في فخ المتع والملذات الحرام، إلا أنه لم ينساق وراءها كغيره من الشباب الذين يستغلون الامتيازات التي تتيحها لهم طبقتهم المخملية التي نشأوا بها.. نحن بالأساس ريفيون نعرف الأصول، ولهذا تراه مازال يحتفظ بداخله بالأخلاق والمبادئ التي زرعناها فيه أنا ووالدته، خاصة بعد وفاة شقيقه الأكبر سليمان رحمه الله.. أصبح قرة عيننا وعوضنا من الله.. ثم غادرت هي إلى الجنة لتكون بجوار ابننا رحمهما الله.. وتركتنا أنا وسليم وحيدين منذ حوالي عام ونصف".

أجبته بخجل بعد أن استشعرت مرارة الفقد في صوته: "رحمة الله عليهما.. عظم الله أجركما".

رد هو بامتنان مجروح: "أشكرك يا بني.. ها.. هل أنت مستعد الآن لكي نمضي قدما في مسألة الإيقاع برحيم وتسليمه للعدالة لكي يلقى عقابه المستحق عن كل جرائمه؟"..

ساءلته بحذر: "وهل أنت جاد فيما حكيته عن رغبتك في مساعدتي على العثور على أهلي بعد كل تلك السنوات؟".

ارتسمت غيمة داكنة على مقلتيه، ثم أجاب ببطء كمن يجد صعوبة في الحديث حول هذا الأمر: "بالطبع.. ولكن لا أرى أن الوقت والمكان مناسبين الآن للخوض في مثل تلك التفاصيل.. لنا لقاء آخر عما قريب بإذن الله.. فكن جاهزا".

تمتمت ببعض كلمات التأكيد، ليتحرك هو مبتعدا ناحية صديقه عبد الغني الكومي والد خالد..

أما خالد فقد وقف في وسط الباحة، يصيح بحنجرته الجهورية قائلا: "والآن يا رفاق.. حانت اللحظة الحاسمة.. اليوم كما تعلمون ليس فقط حفل الحناء الخاص بعروسي الحسناء، بل هو أيضا عيد الحب، ولهذا كان يجب أن أقدم لها هدية خاصة"..

اقتربت منه زينة في اللحظة التي أخرج هو من جيب سرواله صندوقا مخمليا، وفتحه ليظهر به خاتم بلاتيني على شكل فراشة تزينت أجنحتها بماسات دقيقة..

صرخت زينة بأنفاس هاربة، ثم أخذت تصفق بحبور، ليهبط هو على ساق واحدة ويلتقط يدها اليسرى ويضع الخاتم الفاخر حول بنصرها، ثم مال يلثم يدها، وبعدها نهض لكي يقبل جبينها بحب..

بعدها صاح مناديا حسام وسليم وأنا أيضا.. وعندما تجمعنا حوله، توجهت زينة صوب الفتيات لكي تستعرض هديتها أمامهن بابتهاج..
صاح خالد: "الآن أنا أهديت عروسي هديتها.. وأنت يا حازم؟"..

أجبته بغيظ ممتزج بالمزح: "قدمت لها هديتها بالفعل.. لم أشأ أن نسرق منكما الأضواء يا صاخبين.. لقد بدوتما كنحلتين دبقتين قبل قليل".

ارتسمت على وجهه ابتسامة طفولية تناقض تماما ملامحه الرجولية الخشنة، ثم رد: "عظيم.. عظيم" ثم تحرك ناظراه صوب حسام وسليم، وهتف فيهما: " وأنتما؟ أمامكما فتاتان مثل زهرات الربيع واليوم عيد الحب.. هل يصح أن نتركهما هكذا بلا تهنئة على الأقل؟ هذا والله فأل سيء.. تحليا بالذوق واذهبا لتهنئتهما بكلمات لطيفة"..

توجه حسام بمقعده المتحرك صوب طاولات الطعام وأمسك قطعة كب كيك مزينة بوردة حمراء ضخمة من عجينة السكر، وتوجه بها صوب حنان..

أما سليم فقد تحرك من فوره نحو زاد كالمسحور أو المسيطر عليه حقل مغناطيسي جاذب يشده نحوها دون قدرة على المقاومة من جانبه، ساحبا في يده زهرة جورية حمراء من الباقات التي تزين المكان..

وأنا.. بالطبع توجهت نحو شروق، وانتهزت الفرصة كما تتهمني دائما واحتضنت خصرها بين يديّ وهمست في أذنها: "عيد حب سعيد.. الهدية التي حصلتِ عليها من قبل كانت تخص عيد مولدك.. لكن لكِ هدية أخرى.. لن أمنحها لكِ الآن لأنك تكرهين التفات الأضواء حولك.. رغم أنكِ أنت منبع الأضواء نفسها.. ولهذا ستحصلين على هديتك في وقت آخر.. ربما تتسلمينها ليلة الزفاف"، ثم منحتها قبلة بطيئة على جبينها ارتجفت لها رموشها البنية الخلابة، ثم همست هي بأنفاس متحيرة: "منتهز الفرص.. بالتأكيد لن تتوانى أبدا عن استغلالها"..

انقطعت اللحظة عندما صرخ خالد من جديد من خلفنا بصوت جهوري، قائلا: "والآن.. حانت اللحظة التي أنتظرها أنا شخصيا.. لحظة تقديم تورتة عيد الحب لعروسي الجميلة جدا زينة الحُسن.. اسم على مسمى.. وبعدها سأهديها أغنية خاصة لكي نرقص عليها سويا".

أمسك خالد يد عروسه واقترب من طاولات الحلوى، وتبعهما كل الحضور لمشاهدة ما المميز في تلك الكعكة؟؟..

وعندما اقتربنا.. انهمر الجميع في نوبة من الضحك، حيث كانت التورتة عبارة عن ثلاث طبقات ومزينة بالزهور المصنوعة من عجينة السكر، أما أهم ما يميزها فكان تمثال من الشوكولاتة كمجسم للعروسين، حيث ظهر من خلاله العريس وهو مكبل بالأحبال ومكمم الفم بشريط لاصق مكتوبا عليه (نعم).. أما العروس فهي تقف بجواره بثقة وسعادة... تماما كما تقف زينة بجوار خالد الآن..

هتفت زينة بخفوت ودهشة: "ليست تلك الكعكة التي اخترتها"

ضحك خالد مجلجلا، ثم منح السكين لعروسه قائلا بفخر:
"زينة.. أعترف أن دخولك حياتي كان عاصفا مدويا كإعصار يفسد ترتيب كل شيء ويعطيه ترتيبا جديدا، ليصبح هو ميقات الحياة.. لأن كل ما يحدث بعده لا يشبه ما كان قبله أبدا.. وأنا حياتي بعدك ملأها الصخب وزينتها البهجة.. كنت أنت الزينة التي لونت حياتي التي لم يكن بها هو النظام والمسؤولية، فمنحتها البهجة والمرح، والقليل من الفوضى.. أعدتِ ترتيب كل شيء.. حتى قلبي الذي كنت أظنه صلدا لا يلين.. أصبحت دقاته منغمة.."..

ناظرته زينة مبهورة وعيناها تتلألأن بنظرات تخصه وحده، ولأول مرة أراها عاجزة عن الإتيان بأي رد فعل، خاصة حين تابع حبيبها: "أعرف أنني عذبتك كثيرا حتى أقتنع بمشاعري تجاهك بعد أن تجاهلتها كثيرا.. لكنني في النهاية ها هنا.. ولأنني لست بارعا بالكلمات.. سأهديكِ بعض الأبيات الشعرية.. أستعيرها فقط لتعبر عن بعض من عواطفي تجاهك
هل عندك شكٌ أنك أحلى امرأةٍ في الدنيا وأهم امرأةٍ في الدنيا
هل عندك شك أني حين عثرت عليك ملكت مفاتيح الدنيا
هل عندك شك أني حين لمست يديك تغير تكوين الدنيا
هل عندك شك أن دخولك في قلبي هو أعظم يومٍ في التاريخ وأجمل خبرٍ في الدنيا
"..

هنا، صاحت زاد الجمال بحماس، وعيناها تتلكآن على سليم: "لقد جعلت المنافسة صعبة جدا جدا يا عريس.. صرت تلقي شعر نزار قباني الآن.. ضاعت الهيبة يا حضرة الرائد"..

ابتسم خالد ببهجة تثير الغيرة، وعلّق: "ألا تستحق زينة حياتي؟"..

ركضت زاد بضع خطوات نحو شقيقتها التي تسللت الدموع إلى وجنتيها، واحتضنتها بقوة، ثم قالت مسيطرة على دمعات قليلة التمعت بعينيها تأثرا بتلك اللحظة: "بالطبع تستحق.. أجمل نساء عائلتنا وألطفهن.. وأكثرهن إزعاجا وصخبا أيضا"..

تشارك الجميع الضحك مجددا، قبل أن يتذوق العروسان بضع قطع من التورتة، ثم أمسك خالد يد عروسه مجددا، وصاح: "والآن.. حانت فقرة الرقص"..

صدح عبر مكبرات الصور المنتشرة في المحيط أغنية كاظم الساهر "قولي أحبك"، وأخذ العروسان يرقصان عليها بإيقاع سريع متناغم والبهجة تغلفهما ليظهرا وكأنهما مجسما لبطاقات المعايدة الخاصة بعيد الحب..

أما أنا، فقد تملكتني الغيرة للحظات، فوجدت نفسي أقبض على يد شروق وأسحبها للرقص أيضا..

أخذت أدندن مع كلمات الأغنية
سأغير التقويمَ لو أحببتني.. أمحو فصولا أو أضيف فصولا
وسينتهي العصر القديم على يدي.. وأقيم عاصمة النساء بديلاً
ملك أنا لو تصبحين حبيبتي.. أغزو الشموس مراكبا وخيولا
لا تخجلي مني فهذي فرصتي.. لأكون بين العاشقين رسولاً


تركت شروق يدي بضيق، ثم تحركت إلى أحد الزوايا، فتبعتها بصمت.. ثم التفتت نحوي بانفعال وهمست بغيظٍ واضحٍ: "وأنت؟ أين كلماتك؟ أليس لديك شيء كي تقوله لي؟"..

أمسكت يدها، وتحركت بها نحو أحد الأركان الهادئة نوعا ما بعيدا عن صخب الرقص والموسيقى، ثم رددت على مسامعها بعضا من كلمات قصيدة شهيرة لجبران خليل جبران:

" والبعض نحبهم
لكن بيننا وبين أنفسنا فقط
فنصمت برغم ألم الصمت
فلا نجاهر بحبهم حتى لهم
لأن العوائق كثيرة والعواقب مخيفة
ومن الأفضل لنا ولهم أن تبقى
الأبواب بيننا وبينهم مغلقة
".

تجمدت شروق في مكانها لثوانٍ، ثم رفعت ذقنها بحدة مصوبة نظراتٍ عاصفةٍ لمقلتيّ، قبل أن تهدر بصوت ثلجي خفيض كي لا ينتبه أحد: "دائما تهرب وراء كلمات الآخرين.. أين كلماتك أنت؟ ماذا يختبىء داخل قلبك وعقلك؟ ألن تتحدث أبدا؟ أين شجاعتك أيها الشبح؟"..

تركت كفها الذي كنت أحتضنه بنعومة متملكة بين أصابعي الخشنة، ثم رفعت اصبعيّ السبابة والوسطى مشيرا إلى قلبي، موجها نظراتي التي التمعت بحنان جارف لعينيها علّها تقرأ ما بها، ثم همست بصوت أجش: "داخله حب كبير سرمدي بحجم الكون"..

ثم رفعت اصبعيّ تجاه رأسي هامسا: "أما عقلي هذا، فداخله صخب وجنون .. وخوف.. خوف شديد أن ينتهي الحلم فجأة وتعود حياتي صحراء جافة حزينة مقفرة بدونك.. أنا أحبك لدرجة أني أقبل فتات الفتات.. ولا أجرؤ على الحلم أن تبادليني العشق. أو حتى تتقبلي مشاعري نحوك.. لا أضايقك بكلماتي ولا أطاردك بمشاعرك الجارفة حتى تأتي أنتِ لي بقرارٍ ذاتي بلا مؤثرات.. لا أريدك أن تحبيني شفقة أو عطفا أو بدافع الواجب أو الامتنان.. رغم أنني قد لا أستحق الحب بالأساس.. والمؤكد أنني لا أستحقكِ أنتِ.. لكنني رغما عني أطمع أن تحبيني.. مجردا كما أنا"..

ظهر على شروق بعض الارتباك وفغرت فمها دهشة وتوتر، ثم سألتني أغرب سؤال: "عندما واجهتك في المطبخ منذ أيام بعد تلك القبلة.. كنت تنوي قول شيء ولم تكمل كلماتك لمجيء ماما سناء.. ماذا كنت ستقول وقتها؟ ماذا كنت تريدني أن أعتبر قبلتك؟ هل كانت فعلا لإثبات موقف لغضبك من التقارب بيني وبين حسام؟"..

أمسكت كلتيّ يديها، وأجبت بهمسٍ حار: "سميها غيرة عاشق.. إعلان غرام.. توقيع رسمي لصك تنازل عن ذلك الخافق بين ضلوعي والذي لم يتجرأ على الرقص ومعانقة الألوان إلا في وجودك يا طبيبتي ودوائي"، ثم تركت يديها بعنف وأنا أصيح بغيظ: "ليتنا كنا بمفردنا في تلك اللحظة.. لكان البوح قد اتخذ أسلوبا مختلفا تماما يا شروق حياتي المقفرة وروحي المظلمة"..

ظلت شروق واقفة مكانها لا تتحرك كمن أُلقيت عليها تعويذة سحرية تلزمها الجمود، بينما وجهها تحول للحمرة القانية من فرط الانفعال، وظلت حدقتاها تهتزان باعترافات مكبوتة تريد التحرر من قيود فولاذية فرضتها عليها صاحبتها..

بعد ذلك الاعتراف، حرص كلا منا على تجنب الآخر عن عمدٍ طوال الوقت المتبقي من الحفل، وكأننا لم نعرف أين نتحرك من تلك النقطة..
وبعد نهاية الحفل، قالت هي إنها متعبة بشدة وتريد التوجه للنوم، أما أنا.. فقد قررت القيام بحملة تنظيف للمنزل حتى تهدأ أعصابي المتأججة..

فهي مازالت غير مستعدة بعد..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-08-21, 03:25 PM   #699

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: الفصل الخامس والعشرون - القسم الثالث

انشغلنا في الأيام القليلة التي سبقت حفل الزفاف، بإعادة ترتيب المنزل، حيث فرشت غرفة نوم للخالة سناء في الطابق السفلي مجاورة للمطبخ ولغرفة حسام، وذلك بعد أن حصلت من شروقٍ على وعدٍ أن تستمر في النوم بجواري في غرفتي، وأن تترك غرفتها كما هي كغرفة للضيوف..

وكان هذا انتصارا مدويا لخطتي طويلة المدى من أجل إغوائها..

كما وضعت جهاز الجري الرياضي في الحديقة العلوية ليكون لها مساحتها الخاصة بصفة دائمة..

انغمس أهل المنزل في متطلبات الحياة اليومية، حيث كان حسام يستأنف تدريباته بمفرده ومع مدرب العلاج الطبيعي، كما التقى مرتين بالمخرج عمرو كساب من أجل العمل على مشروع فيلم سينمائي قصير مستوحى من أيام الاعتصام وبدا عليه أنه قد بدأ يتخلص جزئيا من صدمته بتصرف علياء..

أما الخالة سناء، فقد بدت وكأنها قد قررت ألا تعود للعمل لدى رحيم مجددا، حيث عبرت عن سعادتها الشديدة بالإقامة لدينا بصفة دائمة.. ونحن بالطبع ازددنا سعادة بانضمامها إلى عائلتنا الصغيرة، حيث أنها احتضنت حسام بصفة خاصة بعد اكتشافها لطبيعة إصابته، لدرجة أني استشعرت غيرة شروق من اهتمامها الزائد به وتدليلها له بشكل خاص من وقت لآخر..

أما أنا، فقد بدأت من جديد الاستثمار المحدود ببعض المبالغ الصغيرة في البورصة بعد أن عاودت الأسهم التداول، كما فكرت بالفعل في أن أبحث عن عمل لدى بعض الشركات التي تبحث عن مدراء ومخططين جودة، لكنني لم أكن متعجلا بخصوص تلك الخطوة..

أما بالنسبة لعلاقتي بشروق.. فقد تصنعت كالعادة التحضر والتهذيب وتمسكت بأقصى درجات الثبات الانفعالي في حضرتها، خاصة في أوقات النوم..

فتلك الساطعة البراقة المشرقة تنام بجواري كل ليلة بملائكية وارتياح.. والكثير من الثقة في شخصي..
فكيف أخون تلك الثقة؟

لكنني في المقابل، كنت أذوب وأنصهر كل ليلة آلاف المرات.. وحقيقة شارفت على الوصول إلى آخر قطرات احتمالي..
فإما أن أتهور أو.. ابتعد...!

وهي مازالت تتعامل معي بنوع من الود الذي يجمع بين صديقين جديدين..
لا هو ثقة تامة ولا هو تحفز حذر..

قبل الزفاف بيوم واحدٍ، لبيت رغبتها وصاحبتها لعيادة الدكتور فؤاد طبيبي النفسي من أجل جلسة استشارة عاجلة لكي تسأله هي عن الأمور التي تثير فضولها وقلقها بشأن إصابتي بالتشاعر المفرط ولجوئي أحيانا لإيذاء الذات..

فور أن جلسنا أمام الطبيب الذي رحب بنا وهنأنا على عرسنا، تحدثت شروق بدهشة: "حضرتك كنت متواجدا في زفافنا.. ألست كذلك؟"

أجاب دكتور فؤاد ببشاشته المعهودة: "بالطبع.. حازم مثل ابني.. وخالد صديقه أيضا.. كلاهما شابان مذهلان..
أعرفهما منذ حوالي عشر سنوات.. وأشعر وكأنهما من عائلتي.. خاصة هذا الشاب الذي يحمل هموم الجميع على كتفيه ولا يمنح نفسه فرصة للراحة أبدا.. ويوبخ نفسه طوال الوقت بلا آية هدنة".

زجرتني شروق بنظرة عاتبة وكأنها توافقه، ثم عقبت: "ولهذا نحن هنا اليوم.. لقد قرأت الكثير من المعلومات وبعض الدراسات المتوفرة عبر شبكة الانترنت عن مرض الـHyper Empathy Disorder، ولكن أريد الآن أن أتحدث مع حضرتك بشكل صريح عن أفضل الطرق لمنع حازم من السقوط تحت وطأة فورة الانفعالات السلبية القاسية والتي تدفعه أحيانا لإيذاء نفسه.. كيف نمنع هذا الأمر بطرق سلوكية مثلا؟"

عقد دكتور فؤاد حاجبيه وهو ينظر لي، فأدرت رأسي في حرج، ثم نظر لشروق وقال بنبرة لائمة موجهة لي بالأساس: "كنت أظن أنه قد بدأ يسيطر مجددا على تلك الحالة.. هو في العادة يقاومها جيدا ونجح في الأمر لسنوات، لكن بالطبع الضغط النفسي في الفترة الأخيرة قد يدفعه لهذا الأمر.. خاصة إذا كان يتعرض للتنمر من أحدهم وهو يظن أن ما يحدث له سبيلا لمساعدته على تخطي آلامه النفسية..".

نظرت لي شروق بأسف، وكأنها تفهم ما يرمي إليه الطبيب من أن والدها يؤذيني بما يفعله بي بدلا من مساعدتي فعليا..

حينما أعادت نظراتها للدكتور فؤاد، أكمل هو مشخصا نظراته تجاهي: "بالطبع أول وسيلة لتجنب اللجوء لإيذاء النفس هي طلب المساعدة.. سواء بمهاتفة الطبيب المختص.. تفهمني طبعا يا حازم"..

ظللت أطالع الفراغ شاعرا بالتقصير، ولم أعقب، فأكمل هو: "وإذا كان من الصعب الحصول على استشارة طبية عاجلة، فإن الحل البديل هو التحدث عن الأمر.. فمشاركة الألم والاعتراف به تجعل العقل يستوعبه بشكل أفضل فيصبح أكثر قابلية على تحريره بطرق أقل إيلاما، وحتى يمكن خلال الفترة التي يتم فيها الحديث عنه أن يحدث إلهاء وتشويش على مصادر الألم نفسها فتقل وطأتها تدريجيا حتى يستعيد المريض السيطرة على نفسه دون إيذاء ذات نهائيا.."

توقف الطبيب عن الكلام لبرهة، ثم أكمل: "أما الحل الثالث والذي يرفضه حازم.. وأنا أيضا لا أحبذه هو تناول الأدوية المثبطة مثل تلك التي يتعاطاها مرضى الاكتئاب.. كنا نجربها في بداية مشوار علاجه، لكنه لم يكن مرتاحا معها لأنها تثبط كل حواسه وتجعله شبه مخدر.."..

نهض الدكتور فؤاد تاركا مقعده وتحرك ليحضر كرسيا جانبيا ويضعه بين مقعدينا، ثم استقر عليه، وتابع: "برأيي أن حازم يفرط في كتمان ما يعتمل بداخله وهذا يؤذيه ويجعل انفعالاته متأججة دائما، وعندما تزداد وطأتها تصبح غير محتملة نهائيا.. لذلك أنصحه أن يتحدث أولا بأول عما يشعر به.. سواء لشخص ثقة أو من خلال مجموعة علاجية أو بالطبع لطبيبه المعالج"..

سألت شروق باهتمام: "هل هناك شيء آخر يمكنه مساعدتنا في هذا الأمر؟ أقصد في ذروة شعوره أن المشاعر تغمره وتكبله، حتى يمتنع عن إيذاء نفسه كأسهل حل؟"

نظر الطبيب لي بتوبيخ كأب غاضب من ابنه، ثم قال: "أول شيء بالطبع هو التخلص من أدوات إيذاء الذات التي ينشرها المريض حوله في أماكن محددة ، فيسهل عليه اللجوء إليها كلما شعر بالحاجة لذلك.. الأمر الثاني بالطبع هو مراقبة السلوك الذاتي واكتشاف المثيرات التي توصله لنقطة اللا عودة والتي يضطر بعدها لإيذاء نفسه..".

توقف الطبيب عن الحديث قليلا لارتشاف بعض الماء، ثم تابع: "مع الوقت وبوجود المحيطين به الذين يخافون عليه سيكون بمقدورهم مساعدته على تخطي تلك اللحظات دون الاستسلام لها.. وكذلك يمكن مراقبة التغيرات الملحوظة عليه مثل التنفس ببطء زائد أو بسرعة زائدة وكذلك ارتفاع معدل النبض والشعور بالحزن أو الغضب الشديد.. كلها أمور يمكن ملاحظتها بشكل متواتر بالمراقبة عن كثب.. ويمكن أيضا ابتكار عادات جديدة في لحظات الضغط العصبي، مثل الحصول على حمام عطري طويل.. أو الاستماع لموسيقى هادئة أو حتى الحصول على تدليك بالزيوت العطرية المهدئة للأعصاب.. وهناك أيضا خطة المثيرات البديلة، وهذه يعلمها حازم أيضا.. كأن يقوم بالتصفيق الحار أو القفز عاليا عدة مرات، أو حتى تمرير مكعبات الثلج على سطح البشرة بدلا من شق الجلد أو جرحه بآلات حادة".

ابتسم الطبيب بعدها لشروق وأكمل: "في الحقيقة، ظل حازم طوال عمره يحارب مرضه بمفرده تماما مفضلا عدم مشاركة أخيه وصديقه عبء ما يعتمل بداخله.. وفي السنوات العشرة الأخيرة كنت أنا مجرد مرشد له.. لكنه بالطبع يحتاج لدافع كبير للتحسن، فإذا كان هذا الدافع هو بداية حياة جديدة، وإذا كان شريك الحياة سيكون بجواره في كل خطوة تالية، فإنه سيشعر أن لديه شبكة أمان قوية تعينه في أوقات الانهيار، كما أن وجود هدف في حياته يجعله يتطلع للمستقبل سيجعله يقاوم دكنة حياته ويحارب العتمة كلما حاولت إحكام قبضتها على صدره".

بعدها نظر دكتور فؤاد لي، وقال: "أنصحك أيضا يا حازم أن تعود للأنشطة التي كنت تواظب عليها من قبل، مثل ممارسة اليوجا وتمارين التنفس والسباحة إلى جانب الملاكمة بالطبع.. أو حتى عذرا لكلماتي.. العلاقة الحميمية، فهي مضخة طبيعية لهرمون الإندروفين الذي يبعث على الشعور بالانتشاء والسعادة والاسترخاء دون حاجة لعقاقير طبية".

عند كلماته الأخيرة، اختلست النظر لشروق لأجد وجهها قد تخضب باللون الأحمر وصار متوهجا من الخجل..

تدخلت لأول مرة في الحديث منذ بدايته، حين سألتها بهدوء: "هل لديكِ آية أسئلة أخرى يا شروق؟"

ردت هي بخجل، وهي تمسك بحقيبة يدها وتتهيأ للنهوض: "لا.. أعتقد أن هذا القدر يكفي.. شكرا جزيلا دكتور فؤاد.. إلى اللقاء".. ثم سبقتني وسارعت للخارج، وأنا صافحته بامتنان وغادرت خلفها مهرولا لكي ألحق بها..

في السيارة، حافظت هي على صمتها بينما انشغلت أنا بالقيادة، بعدها بحثت عن إحدى الأغنيات في المذياع، فصدح صوت محمد منير بأغنيته الشهيرة "ربك لما يريد"..

أخذت أدندن معه بصوت خافت، فنظرت شروق لي بابتسامة خجول، ثم شاركتنا الغناء بمرح
حب كانك حلم معدى عيش عيش
متخليش ولا ثانية تعدى وعيش
خد من حضنك اروي حنينك
واقسم حزنك بيني وبينك
وارضى بكل اللى بيتقسم
دة المكتوب مكتوب




يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-08-21, 03:30 PM   #700

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 الفصل الخامس والعشرون - القسم الثالث

يوم الزفاف، أعلنت الخالة سناء حالة الطوارئ في المنزل منذ الصباح.. معلنة أن اليوم هو يوم السعادة وسيكون فألا حسنا على أسرتنا حضور ذلك العُرس..

فبدأت تساعد حسام في تجهيز حُلته التي اختارها لتكون جاهزة في المساء، كما ساعدت شروق أيضا على انتقاء الاكسسوارات اللازمة لفستانها الذي أصرت على ألا تسمح لي بمشاهدته قبل أن ترتديه وتكون جاهزة للخروج..

أما أنا فقد قضيت أغلب وقت فراغي ما بين الجيم والمسبح، خاصة وأن الخالة سناء أصبحت تتولى أمر إعداد الطعام وأنا مازلت كما أنا أحتاج للتخلص من الطاقة الزائدة.. فأنا أتعذب ببطء بجودي على مدار الساعة مع فراشة مضيئة هاربة من غابة الجنيات المسحورة، لكنها ترفض أن تحلّق في محيطي حتى الآن..

وأنا - كرجل نبيل - أمنحها كل الوقت الذي تحتاجه هي.. تبا لي!

كنت قد انشغلت بارتداء بدلتي، وتوجهت للطابق السفلي لمساعدة حسام في ارتداء حلته، رغم أن حالته قد بدأت في التحسن الملحوظ، وصار حاليا يتحرك بالعكازات من مكان لآخر بحيوية، لكنه مازال يفضل المقعد المتحرك للمسافات الطويلة أو الجلوس لفترات طويلة حتى لا تُرهق عضلات ساقه المصابة.. ولهذا قرر اليوم حضور الزفاف بذلك المقعد..

بعد أن انتهيت من مساعدته، صعدت لأعلى لكي أقدم لشروق هديتها المؤجلة من عيد الحب والتي وعدتها بمنحها لها اليوم..

عندما دلفت إلى الغرفة، كانت هي تضع اللمسات النهائية لمكياجها.. وعندما التفتت لي، عادت رأسي بالذاكرة لأول مرة تحركت مشاعري نحوها..

على الأرجح كان ذلك منذ خمس سنوات، رغم أن ملامحها لم تختلف كثيرا عن تلك الفترة، حيث كانت هي قد بدأت في تغطية شعرها بتلك الربطة العجيبة التي تشبه لفات الشعر الغجرية الأوروبية، بينما أنا كنت قد ترقيت أخيرا لمنصب السكرتير التنفيذي للمجموعة..

مجرد ترقية ظاهرية لا تخول لي آية سلطة فعلية في العمل، فمازالت كل صفقة تمر أولا عبر امبراطور المجموعة بنفسه ليمهر وثائقها بتوقيعه..

نعم، منصبٌ براقٌ في مظهره ولكن في باطنه بلا آية صلاحيات.. فرحيم عماد الدين محب السيطرة لم يفوت لي آية مساحة فعلية للتحرك دون الرجوع إليه، ولهذا كانت اجتماعاتنا في منزله متكررة من أجل الحصول على توقيعاته بشكل متتابع..

في ذلك اليوم، كان هو قد أقام احتفالا لإعلان منصبي الجديد لبعض شركائه، ووقتها حضرت هي الحفل بفستان سهرة رقيق للغاية باللون الوردي الباهت، يشبه كثيرا ذلك الذي ترتديه اليوم..

وقتها انتبهت لبحور عينيها الزرقاء وخصلات شعرها البنية المخضبة بالحمرة والتي تلألأت تحت أضواء الحفل البراقة..

كانت هي قد قررت اقتحام جلستنا أنا ووالدها لكي تخبره أنها تريد السائق أن يقوم بتوصيلها مساء غدٍ لأحد الفنادق بعيدا عن العاصمة قليلا، وذلك من أجل حضور ندوة تخص مستقبل المدونات في مصر والعالم بعد انتشار منصات التواصل الاجتماعي الموازية..

كانت تلك هي المرة الأولى التي أعرف فيها عن شغفها بالتدوين رغم أنها بالسنة الثانية بكلية الطب ومن المفترض أن تخصص وقتها كله من أجل المذاكرة والدراسة..

خرجت من شرودي وأنا أراها تعدل لفة شعرها المميزة، فلم أتمالك نفسي، وقلت بغيظ: "دائما تلفين حجابك بهذه الطريقة الإسبانية الغجرية التي تمنحك هيئة جامحة، ولكن في نفس الوقت تبدين في قمة الأناقة الأرستقراطية، فتطيحين بعقلي وتنتابني رغبة ملحة في أن أتلف ترتيبها المنمق فقط لأعبث بشعرك وأغمر خصلاتك قبلات ناعمة ومجنونة بأطراف أناملي وشفتيّ".

أطرقت رأسها في خجل، وقالت باندفاع: "بمَ تهذي أنت الآن؟"

أخرجت الهدية من جيب سترتي، وقلت بحنان: "إطلالة مذهلة ولكن ينقصها شيء واحد".

رفعت هي حاجبيها بدهشة واستنكار لانتقادي الصريح لهيئتها، فأكملت بتعجلٍ: "جئتك بهديتك التي وعدتك بها والتي ستكمل إطلالتك"، ثم فتحت الصندوق المخملي لأخرج منه سلسالا من البلاتين مزينا بدلاية من قطعتين قابلتين للفك والتركيب.. إحداهما على شكل علامة الأبدية ولكن بتركيب الجزء الثاني بداخلها وتثبيته بقفل خاص، تصبح وكأنها مجسما لشاب وفتاة يقبّلان أحدهما الآخر بشغف..

اقتربت منها الخطوة الفاصلة بيننا، ووضعت السلسال بدلاية الأبدية حول عنقها، ثم أمسكت القطعة الأخرى التي تمثل مجسم الفتاة، وقلت لها: "هذه الدلاية بعلامة الأبدية تعبر عن عشق سرمدي أبدي أخبئته بين ثنيات قلبي لكِ فقط.. وأعلم أنكِ لم تحبيني حتى الآن.. ليس بالقدر الذي أريده أنا بكل الأحوال.. أما هذه القطعة القابلة للفك والتركيب، فهي رمز لأمل صغير يكبر بداخلي يوما بعد يوم.. أن تبادليني الحب وأن ترغبي بكليتك في الاعتراف بهذا الحب، ووقتها كل ما عليك هو تركيب تلك القطعة بداخل الدلاية.. وعندها سأعلم أنك أخيرا قد رضيت بارتباطنا.. ولم تعودي تشعري بأنكِ دخلتِ هذا الزواج مجبرة.. وحتى يأتي ذلك اليوم.. سأكون بالانتظار"، ثم أمسكت بيديها ووضعت قبلتين دافئتين على ظاهرهما وتركت الدلاية براحتها..

مرت عدة ثوانٍ في صمت تام، ظلت شروق خلالها أسيرة هالة الدهشة التي طوقتها فلم تستطع مقاومتها والفكاك منها لإبداء أي رد فعل، فانتهزت الفرصة بعد أن تملكتني جرأة مفاجئة لي شخصيا رغم أنني كلما تجهزت لتلك اللحظة وجدتها صعبة ومحرجة، حتى أنني كنت أظن أنني سأجبن عندما تحين بالفعل..

هتفت بحنق صبياني لا يناسب اللحظة: "تتهمينني أني أختبأ خلف كلمات الآخرين.. هذا لأنني أظن أنهم يجيدون التعبير عما يجول بداخلي بطريقة أفضل مني.. فأنا أخشى أن أفصح صراحة عن مكنونات قلبي، فتلفحك نيران مشاعري المشتعلة بكلمات لا تليق برقتك ونعومتك يا فراشتي المرهفة يا مستهل الشس وابنة الحرير.. والله أخاف أن أمطرك بكلمات الغزل التي تتردد في عقلي كلما رأيتك لأنني أعلم أنكِ غير مستعدة بعد. وأنا ماذا أفعل؟ أنتظر.. كالعادة"..

ناظرتي شروق بعيون تتابع عليها الانفعالات.. ما بين الاندهاش والترقب والخفر و.. الأمل..
تنهدت لبرهة، ثم أكملت مستغلا حالة الانبهار المسيطرة عليها في تلك اللحظات: "ولكن لأجلك فقط سأحاول أن أنظم الشعر.. وهذا أمر لم أختبره فيما مضى ولم أظن أبدا أنني قد أقوم به.. لكن لأنكِ أنتِ كتبت بعض الأبيات.. هاكِ ما عندي...

شروقي.. أتعلمين أن اسمك تميمة حياتي؟
هو نوري بقلب العتمة ومنقذي من التيه وبراءتي من دائي
أتدركين أنك حين تكونين بالقرب.. يخبو كل جنوني؟
أحببتك عنوة.. هزمني عشقي فخرجت فائزا ومكملا ذاتي
ولعي بقلبك.. بروحك.. بصوتك .. كان أخطر قراراتي
بعينيك نظرة، حين تخصينني بها.. تشرق البسمات الملونة البراقة بظلام سمائي
وأنت يا سيدة قلبي حين تبتسمين لي تبددين بلحظة كل أوجاعي وأناتي
لأجلك فقط أنظم الشعر وهذا لعَمري لم أختبره بعمرٍ انقضى
وحجرا القمر بعينيك يذيبان أي تعقل برأسي
ويمسحان من ذاكرتي بؤس ما مضى
يوم دلفت إلى بيتي.. إلى قلبي.. إلى عمق وجداني..
أخذتني من يدي تخطين بي خارج حدود الظلام..
عندها فقط عرفت طريق الهدى
ولو بقيت أعواما وأشهرا أدلل وجنتيك
وأرتشف العسل وأنهل الرحيق من ثغرك
ما ارتويت وإن سار القلب أميالا وخطى
فأنت الحب وأنت الحياة
وأنت البهجة والضحكة والأمل والغرام..
وحين تعلنين عن حبك لي
ستعانق روحي ضوعتك المكللة برتاج من الرضى
".

اختفى حجرا القمر بعينيّ شروق خلف غلالة شفافة من الدموع التي ارتعشت وانسكبت بثقلٍ على وجنتها، عاكسة ما تمر به هي الآن من مشاعر مضطربة وصلت إلى داخلي بوضوح رغم تقلبها..

فهي تشعر بالبهجة والنشوى والخجل والدفء.. وحزمة أخرى من المشاعر التي لم أكن أنا نفسي قادرا على تصديقها الآن..

أخذت أمسح دمعاتها بإبهاميّ برفق، ثم قلت لها بصوت خافت: "انظري لقد فسد مكياجك.. ذاب كحل عينيك.. حتى أحمر الشفاه قد تلطخ حول شفتيك".

جحظت شروق بذعر، وقالت بانزعاج: "ذاب أحمر الشفاه.. كيف ذلــــــــــ؟"

وقبل أن تكمل كلماتها، كنت أنا قد أطبقت على ثغرها بشفتي أسحب أنفاسها الدافئة لداخلي لتتعانق روحينا في غمرة عشق سريعة..

ارتبكت هي في البداية، ثم بادلتني الشغف بخفر بعد أن أغمضت عينيها واستسلمت للقاء مؤقت لروحينا، قبل أن أقطع اللحظة مبتعدا عنها بعنف طلبا للهواء..

حينما استفاقت شروق وغادرتها غيمة الألوان، قالت بضجر وتوبيخ: "أتلفت مكياجي يا سخيف"..

وضعت يديّ داخل جيبي سروالي، ثم أجبتها بعدم اكتراث لشكواها التافهة جدا أما فوضى المشاعر التي تتأجج داخلنا وحولنا: "كنت تبدين شهية للغاية لكن درجة أحمر الشفاه لم تكن مناسبة لإطلالتك الملكية تلك، فأردت أن أساعدك على التخلص منه واختيار درجة أخرى أكثر ملائمة.. الآن اختاري درجة خوخية دافئة تلائم ألوان المكياج وتبرز جمال عينيك اللتين تحدهما جفون متألقة بظلال بلون السماء الضبابية المليئة بالأسرار الساكنة بعوالم خفية بالفضاء السرمدي المختبئ بمقلتيكِ..".

فغرت شروق فمها برغم احتقان وجهها غيظا، فصرفتها بلا مبالاة، قائلا: "هيا أسرعي إن حسام ينتظرنا.. دائما ما تضيعين الوقت بتصرفاتك تلكِ"، ثم تحركت مغادرا الغرفة، تشيعني كلماتها الغاضبة: "تصرفاتي أنا يا منتهز الفرص؟".

نزلت إلى الطابق السفلي حيث كان حسام بانتظاري على مقعده المتحرك متألقا بحلة زرقاء مميزة يناقض لونها شعره الأسود المموج ولحيته الخفيفة لتعطيه حيوية تناسب عمره الذي أصبح لا يظهر كثيرا خلف غمامة الأسى التي صارت تكسو نظراته مؤخرا..

كانت بجواره الخالة سناء التي أخذت تهلل وتبسمل وتحوقل دعما له وكأنه فعلا ابنها الذي ربته واعتنت به طوال سنوات عمره..
وما كان أحوجه لأمٍ مثلها.. لكنه القدر..!

سألتها أنا باستنكار: "ألا زلت ترفضين الانضمام إلينا وحضور العُرس؟ لقد طلب خالد حضوركِ بصحبتنا.. فأنتِ عضوة مهمة في عائلتنا الموقرة".

ابتسمت هي بحنان أمومي ثم ردت: "ياولدي.. أنتم جميعا أبنائي وأفخر بكم.. لكنني والله لستُ محبة للحفلات والسهر، لذلك أنا سأنام مبكرا".

بعد دقائق، انضمت إلينا شروق التي ما أن شاهدت تألق حسام بإطلالته العصرية المميزة، حتى امتدحته بعفوية: "تبدو رائعا يا حسام.. ما هذه الأناقة والوسامة؟ لن نستطيع أن نبعد أعين الفتيات عنك الليلة"..

رد هو بابتهاج: "إنها البدلة الزرقاء التي تجعلني فاتنا"، مقلدا عرابه أحمد خالد توفيق بلسان شخصيته الأشهر رفعت اسماعيل..

ضحكت هي بنعومة، فزجرتها بنظرة حادة، ثم ضغطت على يدها وأنا أسحبها للسيارة، وقلت لحسام بنبرة منفعلة لم أفلح في السيطرة عليها: "سأذهب لأجهز السيارة وأنت اتبعنا عندما تكون جاهزا"، فابتسم الأحمق وغمزني بإغاظة دون أن تنتبه شروق التي كانت منشغلة بالتحرك بحذر كي لا تسقط بحذائها عالي الكعب..

هي تمتدح هيئته، ووجهه يضيء بالبهجة.. وأنا.. أغار.. بشدة..!

تحركت شروق خلفي، وهي تقول بضيق: "اترك يدي.. لماذا تسحبني هكذا؟ ماذا فعلت أنا؟ انتظر.. أقسم لو انزلقت بحذائي هذا سأضربك يا حازم"

لم أتركها إلا بعد أن فتحت لها باب السيارة، وأدخلتها لمقعدها ولملمت ذيل فستانها، ثم أغلقت الباب، واستدرت متحركا لكي أجلس على مقعد السائق، ثم قلت لها بعصبية باردة: "لماذا تمتدحي إطلالته ها؟"

أجابت بابتسامة متعاطفة: "لأنه يحتاج لكلمات إطراء في تلك اللحظات بالذات، سيكون أول تجمع ضخم له بحضور المئات بعد الحادث.. فحفل الحناء كان عائليا بسيطا وكان الجميع يحيطونه بالحب والتعاطف.. لا نعلم ما قد يتعرض له من تعليقات مستخفة أو مشفقة في ذلك الحفل.. فأردت أن أمنحه بعض الكلمات التي تزيده ثقة".

تنهدت بانفعال وأدرت وجهي، غاضبا من غيرتي التي تتأجج في أوقات غير مناسبة، ثم أجبتها بسخافة: "هذه ليست المرة الأولى.. أتغازلين الرجال بكل جرأة يا منفلتة؟".

ردت هي بغضب متسلٍ: "أنا؟ متى فعلت ذلك؟"

لم أتمالك أعصابي، وأخذت أقلدها عندما كانت تمتدح سليم في ليلة عشاء الحناء: "(شقرته ملفتة يشبه الفرنسيين)".

فغرت فمها، ثم ضحكت بنعومة، بعدها قالت ببراءة مفتعلة: "هل هذا يعتبر غزلا؟ أنا كنت أصف ملامحه فقط لا أغازله".

علقت بضيق مشيرا صوب المنزل: "والآن؟ ماذا كنت تفعلين بالداخل؟"

ضحكت من جديد، ثم قالت: "بدلته فعلا رائعة.. وتزيده وسامة.. هذا اسمه مدح ومجاملة وليس غزلا".

قوست شفتي بطفولية، وقلت: "وأنا؟ ألا تغدقين عليّ بعضا من عطاياك؟ أم أنني لست وسيما؟ والله أنت تجرحين غروري بتصرفاتك تلك يا طبيبة"

دخلت شروق في نوبة من الضحك، وقبل أن تنبس بآية كلمة، كان حسام قد اقترب من السيارة، فخرجت لكي أساعده على الركوب في المقعد الخلفي، وأضع مقعده المتحرك في صندوق السيارة، بينما كانت هي مستمرة في القهقهة لتزيدني غيظا..
عندما استقر حسام بمقعده، لاحظ توتر الأجواء، لكنه أبى إلا مضايقتي، فقال بمزح: "شغل لنا بعض الأغنيات يا أخي كي نتسلى في طريقنا"..

سألته بغيظ: "وماذا تحب أن تسمع؟".

رد هو متسليا: "أحب أن أستمع لحكيم... خصوصا أغنية (الواد ده حلو سابق سنه)".

التفتت إليه بضيق متسائلا: "ماذا؟"

رد هو مبتهجا بمبالغة: "ألسنا ذاهبين لحفل زفاف؟ دعنا نستمع لبعض الأغنيات الراقصة لننشر القليل من المرح في تلك الأجواء المتعكرة"، ثم غمزني من جديد...

لو كان في متناول يدي، لكنت صفعته الآن على مؤخرة رأسه كي أجعله يرى النجوم في سقف السيارة..

التفتت من جديد، وأخذت أقود السيارة في صمت حتى مكان القاعة التي تستضيف الحفل..


يتبع في الصفحة التالية على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t480273-71.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 14-08-21 الساعة 04:14 PM
مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.