آخر 10 مشاركات
رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          رواية : بريق الماس من تأليفى "مكتملة" (الكاتـب : medowill1982 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          أخطأت وأحببتك (60) للكاتبة: لين غراهام ..كاملهــ.. ‏ (الكاتـب : Dalyia - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-08-21, 09:08 PM   #741

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوارة علي مشاهدة المشاركة
مروة حبيبتي أتمنى والدتك تكون بخير دلوقتي ويباركلك ف عمرها دايماً يا رب، منتظرة الفصل اللي شكله هيبقى قنبلة وكالعادة انهي حديثي بدعوة على رحيم اشوف فيك يوم يا بعيد

نوارة وحشتيني..



شكرا لدعواتك لامي.. ربنا يتمم شفائها على خير
رحيم يستحق اللعنات كلها :heeheeh:

ان شاء الله الفصل هيكون كله اعترافات وانكشاف لاسرار من الماضي.. ارجو يكون عند حسن ظنكو


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 01:41 PM   #742

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باذن الله سأقوم الآن بنشر الفصل 27 عبر عدة مشاركات تباعا بدء من المشاركة التالية.. نظرا لأنه الوقت الوحيد المتفرغ لدي اليوم... أغلبكم يعلم ظروفي.. ولم أشأ تأجيل النشر..

لا تنسوا الدعاء لأمي بالسلامة والشفاء.. وشكرا جزيلا للجميع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 01:50 PM   #743

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل السابع والعشرون - القسم الأول

الفصل السابع والعشرون
حازم



لحظة الاكتمال هي تلك اللحظة التي يتعانق فيها واقعك مع حلمك فترتقي لعنان السماء وتسمو فوق كل الاعتبارات المادية الأخرى كالزمان والمكان والأنا، لتطفو روحك في بُعدٍ جديد بعد أن توحدت مع شطرها الآخر الذي لا مثيل له في الحياة..

لم يخطئ الدكتور فؤاد عندما قال إن اللقاء العاطفي مع الحبيبة من أساليب التشتيت والتشويش على جموح الانفعالات..

لكن لقائي بشروقي لم يكن أبدا بغرض التشتيت، بل كان بغرض الارتواء.. الانتشاء.. الشعور بالانتماء.. والاكتمال..

كان الأمر أشبه بالجمع بين نبتتين من بيئتين مختلفتين وغرسهما في تربة واحدة بعد توفير احتياجاتهما الضرورية للنماء، لكي تلتف جذورهما معا فتتعانق الأغصان وتنتج في النهاية نبتة جديدة من تمازجهما العفوي..

لا أصدق أنها استسلمت وسلّمت بتلك العاطفة المتأججة.. فراشتي المحاربة.. ظلت تحلّق حولي حتى حطمت كل حصوني وتسللت إلى أعمق نقطة بداخلي.. بنعومتها وبراءتها ورقتها.. وقوتها..

قوتها التي تأسرني دائما وتجعلني قادرا على التغلب على آية شروخ في روحي والتماسك من أجل مواجهة المجهول..

كان كل شيء فيها شهيا وجذابا ومذيبا للأعصاب.. كانت باختصار مهلكة بتلك المنامة الملوكية الناعمة بلونها الأزرق الفاتن الذي يضاهي لون حجري القمر بعينيها، ويعكس بشرتها المتوهجة ببياض مرمري لونته حمرة وردية توهجت بسحرها الخاص فور أن لامستها شفتاي بشغف وشوق، بل بتوق زاهد جائع نال مكافأته أخيرا بمأدبة حافلة بكل ما كان يشتهيه وأصر بديكتاتورية على تحريمه على نفسه طوال سنوات طويلة..

لم يكن هناك مجال للكلمات.. لم أكن قادرا على الحديث بعد كل ما حدث بيننا خلال الساعات الماضية.. وبعد أن عرضت نفسها ببسالة لكي تتحمل تجربة قاسية على النفس، فقط لتثبت لي أنني لم أعد وحيدا في مواجهة تلك المفاجآت.. أصبحت لي سندً وشريكٌ..

تركتُ لعينيّ وشفتيّ وأناملي حرية التعبير عن شغف عاشقٍ متلهفٍ مازال يجاهد لكبح جماح وحوش الرغبة والاشتهاء بداخله حتى يمنحها الحب بدفء وحنان..

كان عطاؤها سخيا برغم حيائها، ولكن التماع عينيها برغبة قاومت هي المبادرة بالإفصاح عنها بخفر، أشعل الحمم المستعرة بداخلي، فذبت بها وانصهرت هي بي لتتحول روحينا لكتلة واحدة، وينبض قلبينا بلحن واحدٍ ونضيع لدقائق أو لساعات في براح متلون بزرقة عينيها وورد خديها وبياض ابتسامتها وحلاوة شفتيها.. عالم نسينا فيه من أنا ومن هي وما ينتظرنا عندما نعود ثانيا لواقعنا..

نامت حبيبتي ومعذبتي وفراشتي المحاربة بعد لقائنا المتأجج.. تسللت لعالم الأحلام بعد أن بعثرت واقعي بإيماءة قبول ونظرة رغبة ومبادرة غرام..

أما أنا فجلست طوال الليل أحرسها تارة وأتأملها تارة وأعيد التفكير في كلام علي الزين تاراتٍ أخرى..

دوامة مرعبة تسحب أنفاسي وتجعل نفسي تلهج بمآلات الأفكار التي تبعثر كياني لتعيدني شروق بهيئتها الملائكية إلى مركز اتزان نفسي بمجرد وجودها معي في نفس المحيط..

أخذني التفكير لبعض الوقت فيما فعلته شروق قبل ساعات بجسارة استثنائية، عندما طلبت أن أحفز مشاعرها لكي تجرب شعور الإمباثية المفرطة بطريقة مقاربة لمن يعانون منها..

صحيح أنني لم أزد جرعة تحفيز منبهات الخلايا العصبية لجلدها، حتى لا تخنقها كومة المشاعر التي وقعت هي تحت وطأتها فجأة،
لكن كانت تلك هي الوسيلة الوحيدة لعزل حواسها الأخرى وحث عقلها على الاستسلام للتفكير في المؤثرات المتعلقة بحاسة اللمس فقط وترجمتها لمشاعر نابضة صارخة متضخمة تطغى على آية مؤثرات ومشاعر أخرى..

كانت هي في البداية تتعامل برباطة جأش تحسد عليها، لكن بعد أن أضفت أنا الهريسة الحارة وبدأت تدليك بشرتها بشعيرات الفرشاة المسننة، أخذت هي تمتص شعور الألم المقنن وتحوله بخدعة عقلية فرضتها رأسها كآلية لحمايتها من ذلك الشعور المتأجج، فبدأت تنساب دموعها برفق وتنشج بهدوء دون حتى أن تشعر بطبيعة تلك الآلام وحجمها..

كان الأمر مبهما بالنسبة لها لكنه مؤلم بنفس الوقت.. تماما كما أشعر أنا في كل مرة تفاجئني حزمة المشاعر المختلطة الثقيلة على نفسي، فتجعلني أشعر أنني مكبل الروح ومنزوع الإرادة، ولا يكون حاضرا بقوة سوى الانفعالات التي يترجمها الجهاز العصبي بإشاراته التي يرسلها للمخ فيصرخ طالبا النجدة..

سالت دموع فراشتي المحاربة بعد بضعة ربتات (حارة) على سطح ، جعلتها تشعر أنها تحترق بحمم مشتعلة، وأن جسدها بالكامل ينبض بحرارة غير محتملة، تماما كما تفعل بي الإمباثية أحيانا لدرجة تصيبني بحالة من شلل الأفكار وعدم القدرة على التصرف، فأضطر وقتها لإيذاء نفسي وإسالة دمائي بيديّ، علّ الحمم الملتهبة تخرج وقتها من داخلي مع الدم النافر، فأستعيد هدوئي ويعود داخل عقلي لحالة من الاسترخاء النوعي فأتمكن من التفكير بشيء من الموضوعية.

نجحت طبيبتي ودوائي فيما فشلت أنا فيه لسنوات بكل الطرق المتسرعة التي اتبعتها لتشتيت تركيزي.. فقد دأبت على ممارسة الملاكمة لكنها لم تكن فعالة جدا في القضاء على تأثيرات نوبات التشاعر، فلجأت بعدها لدق الوشم كوسيلة فعالة للتعايش مع الألم وتحويله في اتجاه آخر، لكنني اكتشفت أنه قد يتحول لإدمان مرعب بزيد من حولي نفورا مني، فلم أشأ أن أسمح لتشوهاتي النفسية بالظهور خارجيا على سطح جلدي كلوحة دعائية ضخمة فحواها (ممنوع الاقتراب)، فالتجأت لطرق أخرى من إيذاء الذات في الأوقات شديدة الصخب مثل استخدام المدببة أو بإحداث جروح قطعية بمشرط جراحي كلما تكالبت عليه الأوجاع على كاهلي..

على أن ما قدمته لي شروق اليوم كان حلا سحريا غاب عن فكري، أو ربما لم يُتح لي من قبل تجربته لأنني في الواقع لم أمتلك من تشاركني الألم بهذا التفهم وهذا القرب.. وفي الحقيقة لا أتخيل غيرها أبدا في هذا المكان..

شروق قامت بخطوة واحدة بتقسيم مشاعري في عدة اتجاهات متفرقة، ما بين الخوف عليها والانجذاب العاطفي نحوها، وما بين الرغبة في مشاركتها ما أشعر به فعليا.. وبين تأثري بتلك المعلومات التي دفعها في طريقي علي الزين.. ككومة مكدسة من الخردة المعدنية الصدئة مدببة الحواف التي جاءت من الماضي لتنشب حوافها الحادة في قلب عالمي فتشوه حاضري وتمزق مستقبلي ..

بفضلها، انقسمت مشاعري المتضخمة في أربع كومات منفصلة.. وهكذا أصبح الربع الذي يخص فكرة وجود عائلة حقيقية لي أقل صخبا مما لو كان هو المؤثر الوحيد على عقلي كما حدث عندما وقفنا قليلا أمام كورنيش النيل..

كما أن لقاءنا العاطفي قد أحدث بالفعل تشويشا على باقي الكومات، ليصبح هو المؤثر الرئيسي على عقلي الذي أفرز بسخاء هرمونيّ الدوبامين والإندروفين ليجعلني أطفو فوق غيمة ربيعية لطيفة بألوان الطيف المبهجة تظلل ما تعلوه من غيوم ضبابية محملة بأمطار ترابية عاصفة..

وهكذا تحول اندماجنا العاطفي الأول لاحتياج وشعور بالاكتمال والانتماء وليس مجرد إشباع لرغبة ملحة قاومتها لأسابيع منذ زواجنا، ووأدتها لسنوات منذ اكتشفت أن قلبي ينبض لأجلها بنبضات خاصة جنونية ماكرة.

لساعات ظلت مستكينة بين أحضاني مسافرة في عالم الأحلام بتكاسلٍ كقطة استسلمت للنوم بعد أن حصلت على وجبة شهية من طعامها المفضل.. والآن تتقلب بتلقائية تعكس شعورا متناميا بالأمان فتعيد تأجيج رغبات لذيذة ومتمردة داخلي من جديد..

فتحت هي عينيها بلونهما الأزرق الرائق ببطء حتى قابلتا مقلتيّ، ثم أغلقتهما بخفر، وبعدها عاودت فتحهما بطريقة متلصصة ولكن ثبتّت نظرها أمامها متحاشية النظر نحوي لتحجب عني حجري القمر اللذين أعشقهما..

نهضت جالسة بتكاسل حيث كانت ترتدي فقط البلوزة الداخلية لمنامتها، تلك الناعمة المزينة بالزهور والتي تستقر على كتفيها بحمالتين رفيعتين تحبسان الأنفاس..

نهضت أنا من السرير، وقلت بلهجة تقريرية لا تنم عن شيء: "سأجهز الطعام وأحضره لكِ هنا ريثما تأخذين حمامك..خذي وقتك.."

سحبت هي مئزر منامتها ثم وضعته على كتفيها، وتوجهت للخزانة لإخراج منامة جديدة باللون الأخضر مزينة بشرائط من الدانتيل العسلي..
كم بيجامة مخملية تمتلك هي تحديدا؟

توجهت صوب المطبخ الذي كان خاليا، لأن حسام مازال مسافرا، والخالة سناء نائمة في هذا الوقت المبكر..
فصنعت فطورا سريعا بإعداد طبق من الأجبان، وطبق آخر من البيض المقلي، وسخنت بعض وحدات خبز التوست، وأعددت كوبين من القهوة.. وجهزت طبقا من الفواكه وآخر من المكسرات، وحملت كل شيء على صينية عريضة إلى غرفتنا بالطابق العلوي..

عندما دلفت إلى الغرفة، كانت هي تجلس أمام المرآة تصفف شعرها ببطء، فتحركت أنا صوب المنضدة الصغيرة المواجهة للشرفة المطلة على حمام السباحة، ووضعت عليها صينية الطعام، ثم التفتت إليها لأسألها بهدوء: "هل تحبين تناول الطعام هنا أم في الشرفة؟"

ردت هي بصوت رقيق: "اممم.. هنا أفضل.. الطقس بارد الساعة..".

توجهت أنا صوب الخزانة وأحضرت بيجاما رياضية، وتوجهت للحمام، بينما أخبرها بنبرة هادئة محاولا إخراجها من نوبة الحياء التي

تملكتها تماما: "سآخذ حماما سريعا.. يمكنك أن تبدئي بالفطور ريثما أعود"..

ردت هي مسرعة: "كلا بل سأنتظرك".

أنهيت الحمام السريع، ثم ارتديت ملابسي سريعا وجففت شعري بالمنشفة كيفما اتفق، ثم صففته بأصابعي على عجل، وخرجت إليها لأجدها قد حركت المنضدة قليلا حتى تكون في مواجهة ضوء الصباح المنبعث من الشرفة مباشرة، ثم جلست في مواجهته تعبث قليلا بجهاز القارئ الإلكتروني خاصتها.

جلست أمامها بهدوء، فوضعت هي الجهاز جانبا، ثم ابتسمت بحياء قائلة: "لا أصدق أنك اشتريته وطلبت شحنه من الخارج لمجرد أنك سمعتني أقول إنني أحتاجه في دراستي.. حقا أنا ممتنة".

منحتها صادقة، ثم أجبتها: "ليس عليكِ أن تكوني ممتنة لأي شيء أقدمه لكِ.. بل أنتِ تستحقين أكثر من ذلك.. ولو كان بإمكاني لجلبت لكِ أغلى الأشياء وجعلتك تعيشين في أعلى مستويات الفخامة والرفاهية.. لكن تلك هي إمكانياتي حاليا يا أميرتي.." ثم أمسكت يدها برقة وطبعت على ظاهرها قبلة عاشقة ناعمة، وقلت بصوت آجش: "شكرا لأنك تقبلتيني كما أنا"..

أطرقت شروق بخجل، ثم تصنعت الانشغال بعمل شطيرة من خبز التوست المحمص والجبن الشيدر..

أما أنا فأخذت أناظرها بتوله لم أقدر على مداراته.. وكيف أداري العشق في حضرتها بعد أن صارت بالقرب. بصورة فاقت كل خيالاتي وحتى أكثر أحلامي جموحا..

تنحنحت شروق قليلا، ثم أطرقت من جديد وأخذت تعبث بالطعام المواجه لها..

أعرف أن لديها الكثير من الأسئلة بعد القنبلة التي انفجرت على عالمنا بالأمس.. فقلت بتحفز هادئ: "تكلمي يا طبيبة.. ما الذي تريدين أن تقوليه؟"

رفعت شروق عينيها لتواجهني بأنظارها، ثم قالت بنبؤة جادة بلا أي تردد: "حازم.. أريد أن أعرف كل شيء عنك.. بعد الآن لا أريد سرا واحدا بيننا.. فأنا اخترتك أنت.. ولا أريد لأسرار الماضي المظلمة أن تفسد ما نجاهد لصناعته معا"..

تنحنحت بتوجس، وعزمت على أن أنفذ رغبتها بكل صدق.. فهي تستحق ذلك بعد ما منحته لي قبل حتى أن تستفهم عن الحقائق التي سيكون كشفها بمثابة زلزال مدوٍ..

تنهدت ببطء، ثم ارتشفت القليل من قهوتي، وقلت: "لنبدأ من حيث ثارت البراكين.. عندما دلفت إلى داخل غرفة الصالون في منزل خالد.. واجهني السيد علي الزين بظرف ينتمي لأحد المعامل، وبداخله تقرير رسمي يقول إنني ابن أخيه بعد ثبوت نتيجة تحليل الحمض النووي الوراثي"..

سألت هي باستفهام: "أي تحليل؟ لا أفهم.. هل ذهبت معه للخضوع لتحليل DNA؟"

أطلقت ضحكة ساخرة غاضبة، ثم قلت: "لم أفعل شيئا.. بل ذلك الوغد الذي فرض نفسه على حياتي منذ عشرة أعوام ومازال يتدخل فيها حتى اللحظة..".

تساءلت هي بعدم فهم: "خالد؟ ماذا تقصد؟ ماذا فعل هو؟"

قلت بنبرة تقريرية: "تذكرين يوم دعوته لنا لمنزل والديه بعد زواجنا.."

هزت هي رأسها بتأكيد، فأكملت أنا: "في ذلك اليوم، قابلت علي الزين وأخبرني أنه يريد.. امم.. يريد تسليم رحيم عماد الدين للعدالة بكشف مخالفاته المالية للسلطات.. خاصة بعد نجاح المتظاهرين في الإيقاع بالنظام وبالحزب الحاكم الذي كان رحيم يدعمه بعلاقة طفيلية تقوم على تبادل المصلحة.. كان يقول إن له مع رحيم ثأرا قديما ويجب أن يحصّل منه انتقامه دون أن يسرد التفاصيل لي.. لكنه وقتها لوح لي بورقة مغرية للغاية.. قال إنه سيساعدني في العثور على أهلي"..

سألتني هي مندهشة: "ما فهمته أنك قمت بتربية أخيك بمفردك بعد وفاة والديك.. هل ما فهمته غير صحيح؟"

ارتشفت رشفة أخرى من القهوة، ثم علقت: "أنا لا أعلم من هم أهلي يا طبيبة.. لقد نشأت في الملجأ الذي يمتلكه والدك منذ أكثر من خمس وعشرين عاما كجزء من أعماله الخيرية التي يتباهى دائما باستعراضها عبر وسائل الإعلام لتأكيد صورته كرجل البر والإحسان وأحد أهم أعمدة الاقتصاد والتكافل الاجتماعي في الوطن.. لكن علي الزين أخبرني أن لديه فكرة عن هوية أسرتي الحقيقية".

فغرت شروق فمها وجحظت عينيها بقلق، ثم قالت بتأتأة قطعت انسيابية كلماتها التالية: "أنــــــــــــــــــــ? ?.. أنت تربببييت في ملجأ؟"، ثم زفرت بضيق وأكملت بعد أن سيطرت على أعصابها: "كيف ترككما والداكما معا في الملجأ أنت وأخيك دون أن يكشفا هوياتهما.. أقصد.. بالتأكيد كنت كبيرا كفاية لتعلم من هما إذا كان قيدكما بالملجأ تم وأنت في الخامسة مثلا من عمرك.. لا أتوقع أن حسام كان واعيا ومدركا وقتها مثلك وبينكما فارق حوالي ثلاث لأربع سنوات.. صحيح؟"

أجبت أنا: "بيننا ثلاث سنوات.. أنا أكبره بثلاث سنوات وأكبرك بخمس.. لكن هناك ما لا تفهمينه.. حسام ليس شقيقي..".


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 02:01 PM   #744

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل السابع والعشرون - القسم الثاني

فغرت هي فمها من جديد والدهشة تعلو وجهها كسمكة خرجت من الماء لتوها، فسارعت بالإيضاح: "حسام أخي بالاختيار.. بالعشرة.. بوحدة المصير"..

تنهدت ببطء ريثما تصل الفكرة لعقلها، ثم تابعت: "هو ربيبي.. أنا وهو كوننا عائلتنا الخاصة باختيارنا داخل الملجأ وأكملنا حياتنا معا بعده.. يستند كلٌ منا على الآخر خارجه.. لم يكن لأحدنا سوى الآخر لسنوات طويلة.. لكن فعليا هو ليس أخي بالدم.. لقد كنت أنا بالملجأ وعمري خمس أعوام، وبعد سنوات قليلة جاء هو.. لكن قصتنا مختلفة".

سألت هي باستغراب: "كيف ذلك؟"

أجبتها: "كل ما أعرفه من إدارة الملجأ أن هناك من وجدني تائها في الظلام وتوجه بي صوب دار الأيتام حتى يتولى مديروه العناية بي خوفا من المسئولية على أن يبلغ الملجأ الشرطة بوجود طفل تائه فإذا كانت هناك فرصة لجمع أهلي بي يكون من السهل عليهم الوصول إليّ خاصة وأنني لم أكن أذكر أي شيء وقتها... أما حسام فقصته أغرب من الخيال.. وتركت لديه جُرحا لم يندمل حتى الآن.. كان والداه قد تُوفيا تباعا خلال يومين فقط بعد تحطم البناية التي يسكنون بها بأحد الأحياء الفقيرة خلال الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد عام 1992، وقتها كان هو يناهز السابعة من عمره وكنت أنا في العاشرة.. كان والداه موجودين بالبناية وقت وقوع الزلزال، أما هو فكان قد عاد لتوه من المدرسة، وتوجه للعب مع بعض أطفال الجيران في الساحة المتاخمة للمنطقة التي يقطنون بها.. وبعد وقوع الزلزال ووفاة أهله لم يجدوا أحدا من عائلته لتسلمه".

زفرت بأسى، ثم أكملت: "أهل حسام من الريف، وقد نزحوا من قريتهم بعد مولده بسنوات قليلة بحثا عن الرزق بعد أن توقفت زراعتهم لبوار الأرض.. فجاءوا للعاصمة وقطنوا بها، ولم يكن له أقارب آخرين سوى عمته شقيقة والده، لكنها كانت موجودة وقتها بالخليج مع زوجها وأطفالها، وعجزت عن الحضور لاستلامه وضمه لعائلتها، لأن أسرتها كانت تعاني من آثار ما بعد حرب الخليج، ولم تكن أوضاعهم الاقتصادية ملائمة لإضافة فرد جديد لهم كما كان يصعب عليها العودة العودة كوافدة مرة أخرى، فخشت أن يتم التفريق بينها وبين أطفالها، ففضلت البقاء معهم.."..

جحظت عينا شروق وارتفع حاجباها بضيق، عندما تابعت: "في النهاية، تم إيداعه الملجأ بعد تعيين حراسة قضائية على ما تبقى من أملاك عائلته المحدودة كونه الوريث الوحيد لهم، وهي قطعة أرض صغيرة للغاية في قريتهم.. ولعدم وجود مصدر دخل ثابت لنفقاته، أودع الملجأ على أن يتسلم إرثه من المجلس الحسبي عندما يصل للسن القانوني.. تخلي عمته عنه ترك لديه جرحا وجعله يكفر بالقيم العائلية ، خاصة مع عدم مجيئها لزيارته طوال فترة إقامته بالملجأ".

ظهرت على شروق علامات الأسى وتساقطت دمعات الحزن على وجنتيها ببطء، فمددت يدي لأمسحها، فسألتني هي: "إذًا كيف أصبحتما عائلة أنتما الاثنان؟ ألم تتقطع بكما السبل بعد مغادرتكما الملجأ خاصة أنك أكبر منه بثلاث سنوات".

أجبتها بابتسامة مريرة: "تلك قصة أخرى.. عندما جاء حسام إلى الملجأ.. كانت أعراض الإمباثية قد بدأت بالظهور عليّ.. ولم يفهم الكثيرون ماذا بي.. البعض ظن أنني ممسوسا.. والبعض ظن أن بداخلي جنونا أو طاقة شيطانية.. والبعض اعتقد أنني مريضا نفسيا بالفعل.. لكنهم ظنوا أنني أعاني من التوحد.. فعاملوني أيضا كشخص منبوذ مجنون خوفا من انتقال العدوى لهم.. ظنوا أن ما بي يمكن أن يكون معديا.. جميعهم كانوا يتنمرون عليّ ويؤذونني بنبذهم وتعليقاتهم الكارهة الشامتة.. وكأن المرض بيد الإنسان.. جميعهم كانوا يبتعدون عني.. إلى أن وصل حسام.."..

ارتسمت على شفتيّ ابتسامة شجن وأخذت أكمل: "هو الوحيد الذي تقرب منه، وبرغم صغر عمره وبنيته النحيفة نوعا ما لنشأته في بيئة فقيرة، إلا أنه كان يحارب المتنمرين من أجلي.. كان يجمع كسرات القرميد وفتات الحصى كأسلحته الخاصة لإبعاد كل من يحاولون إيذائي.. وقتها كنت مستسلما لطبيعتي الغريبة.. وأصدق كلامهم أنني فعلا غريب ومؤذي وناقل للعدوى.. كنت كائنا هشا للغاية إلى أن جاء حسام ومنحني القوة رغم صغر عمره وبنيته النحيفة مقارنة بي".

تنهدت ثم أكملت: "ولهذا فإنه كان الملهم لفكرة الوشم الموجود على ظهري".

قالت هي بانتباه مفاجئ: "أتذكر هذا الوشم.. لقد لفت انتباهي.. احمم.. فور أن وقعت أنظاري عليه.. كان عبارة عن طفل صغير بملابس قديمة شبه ممزقة يحاول العبور من أسلاك شائكة وتتساقط الدماء من يديه وساقيه خلال محاولته للهروب، بينما يحتمي به طفل آخر أصغر يقف خلفه بملامح باكية مستغيثة، ورغم ذلك فإنه يمسك بيده حجراً صغيراً وكأنه هو من سيتولى الدفاع عن الطفل الأكبر في آية لحظة، ويظلل الوشم من أعلى طيور تحلق في الأفق مبتعدة.. كان التصميم ملفتا وشعرت أن له مغزى".

رمقتها بانبهار لتذكرها كل تفاصيل الوشم، ثم علقت: "نعم.. ذلك الوشم.. كنت أفكر دائما في الهرب من ذلك الملجأ والابتعاد عن جحيمه، لكن حسام هو من كان يمنعني بتعلقه بي، وكذلك بحرصه على حمايتي.. فدبت الشجاعة فيّ وصرت أدافع عن نفسي أمام تعليقاتهم اللاذعة وكلماتهم المهينة وحتى محاولات بعضهم لإيذائي بالضرب"..

تنهدت قليلا ثم أكملت: "أتتذكرين حين سألتني لماذا لا آكل بمفردي؟"

هزت رأسها إيجابا، فأمسكت يدها بتلقائية وقبلّت أناملها ثم عانقت أصابعنا معا، وارتاحت يدانا على فخذي، ثم تابعت: "وقتها لم أعطكِ إجابة صريحة وتهربت من الحديث عن الأمر بوضوح.. أخبرتك فقط أنها ذكرى سيئة من الماضي.. لم أكن قادرا على أن أعترف لكِ أنني قد تربيت في ملجأ للأيتام.. وأنتِ وقتها كنتِ تنفرين مني بالفعل.. لم أرغب أبدا أن أمنحك أسبابا إضافية.. لكنني سأحكي لكِ الآن.. لأنك لا تريدين لأي أسرار أن تكون بيننا بعد الآن.. وهذا ما أريده أيضا".

اومأت شروق برأسها بخفة، وكأنها لا ترغب في مقاطعتي كي لا أفقد رغبتي بالإفصاح..

زفرت ببطء بلا صوت ثم قلت: "بدأ الامر بحادثة تكررت كثيرا عندما كنت في الملجأ، فالأطفال كانوا يخشونني ويؤمنون أنني غريب الاطوار فكانوا لا يشاركونني اللعب ويتجنبونني طوال الوقت.. وفي أثناء وقت الطعام كانوا يتجمعون جميعا حول الطاولات الأخرى بعيدا عني.. وأنا كنت أجلس وحيدا منبوذا بمفردي على طاولة ضخمة.. في كل مرة كنت أجلس نفس الجلسة.. لخمس سنوات تقريبا.. خمس سنوات من النبذ والوحدة إلى أن جاء حسام، فكان لا يجلس إلا على طاولتي.. يفتح مجالا للحديث كلما جلس معي ليشتت تركيزي عن شعوري بالنبذ .. رغم أنه كان بالعادة صامتا حزينا.. ولكن يبدو أن عقله الذكي كان يخبره أنني بحاجة لرفقة.. فقرر هو من تلقاء نفسه أن يضرب بتحذيراتهم وتهديداتهم عرض الحائط ويلتصق بي ويصاحبني ويؤنس وحدتي.. كنت أنا أكبر منه عمرا لكنه من كان يعتني بي .. كان أسرتي الوحيدة.. ولا أستطيع التفريط به أبدا".

تنهدت ثم أكملت: "تخيلي معي يا طبيبة طفلا يعيش طفولته في ملجأ يمتلك بالكاد الحد الأدنى لشروط الحياة الصحية والطبيعية.. والمشرفين ليس لديهم وقت كاف حتى لتعليمنا كما يجب.. بالتأكيد لن يهتم أحد بمرضي أو يحاول البحث عن أسبابه وطرق علاجه..الكل سيعتبرني غريب الأطوار أو ممسوس.. حتى أنا نفسي صدقتهم.. لم يكن لدي سوى حسام".

شددت هي من عناق أناملها الرقيقة لأصابعي الضخمة، ثم قالت بتفكر: "إذًا كيف أستأنفتما حياتكما وصرت أنت رجل اقتصاد بارز وبطل ملاكمة وهو خريج كلية الإعلام وصحفي واعد وسيناريست في طور الانطلاق".

أطلقت ضحكة ساخرة، ثم أجبت: "هنا يأتي دور والدك.. السيد رحيم عماد الدين.. والدين المعلق برقبتي نحوه.. كان والدك يمر على الدار من وقت لآخر لمتابعة الأحوال والتقاط بعض الصور التي تنفعه في حملاته الدعائية أو في الحصول على تخفيضات ضريبية.. في وقتٍ ما شرح له بعض المشرفين عن حالتي الغريبة ورغبتي في الانزواء طوال الوقت، لكنهم أخبروه أيضا عن براعتي الرياضية المذهلة.. كانت المادة الوحيدة التي أتفوق بها.. وقتها طلبني في مكتب الإدارة وأعطاني بعض الدفاتر لمراجعتها.. وبالفعل اكتشفت بعض الأخطاء الحسابية.. وهنا طلب مني أن أقوم بمتابعة الدفاتر التي سيحضرها لي في كل زيارة.. وقتها كنت صغيرا ولا أفهم ماهية تلك الدفاتر.. ولكن حين كبرت عرفت أنها كانت الدفاتر الخاصة بأعماله الاستثمارية والتي يقدمها بالضرائب.. وكانت تلك الدفاتر بالأساس بها أرقام ملفقة كثيرة، غير أنها لم تكن متسقة معا.. فمن وضعها كان يخطئ في بعض الخانات والأرقام، بحيث تصبح مراجعتها كارثية لمن يمتلك مقدرة رياضية جيدة، وقد تتسبب في سجنه بتهمة التلاعب في أرقام المدفوعات والأرباح حتى تقل ضرائبه.. بعدها.. احمم.. احممم"..

سحبت هي يدها من بين أصابعي، ونهضت بانفعال، ووضعت كلتيّ يديها على جبينها وتحركت عدة خطوات، ثم التفتت لي، وقالت بحزم: "أكمل يا حازم.. أعلم أن ما ستقوله سيكون صادما بالنسبة لي أكثر من تلك المعلومة التي كشفتها للتو.. ماذا كان يفعل أبي أيضا؟"

تنحنحنت باضطراب، ثم قلت: "والدك كان.. كان.. احمم.. كان يستغل دار الأيتام في تخليق جيش من أطفال الشوارع، وكان يسميهم (جيش المجرمين مجهولي النسب).. كان منطقه أنه بدلا من نشأتهم في الشوارع ليصبحوا مجرمين بعصابات صغيرة أو بشكل فردي.. كان يؤهلهم داخل جدرات الملجأ لكي يصبحوا هم جيشه في حالة إذا ما احتاج لأن ينتقم من بعض أعدائه.. بالطبع هؤلاء الأطفال كانوا لا يتوانون عن فعل أي شيء من أجل البقاء.. وكان يجهزني لأكون واحدا منهم.. لكن مرضي الغريب وعدم قدرتي على الإيذاء منعا حدوث ذلك مهما حاول هو.. أقصد أنه كلما حاولت ضرب أحد الأطفال كان ينتابني احساسا عظيما بالذنب والجرم يتملكني لأسقط مريضا لأيام.. أتقيأ وأعاني من الحمى والصداع.. فكان والدك.. احمم.. يحبسني في غرفة مظلمة جدرانها متهالكة تساقط عنها الدهان لتصبح كالمقبرة.. كما كان... احمم يضربني قائلا إن تلك هي الوسيلة الوحيدة لكي يقوى عودي وأصبح قادرا على المواجهة.. ولكنه في النهاية يئس من تحويلي لمجرم مرتزق، فقرر أن يحولني لمرتزق منمق بشهادة جامعية وأمارس الرياضة بشكل احترافي.. وكانت تلك هي وسيلتي لسداد الدين"..

جلست هي متهالكة بتعب على السرير، ثم قالت: "جيش من الأطفال؟ الأيتام؟ يقومون بأعمال غير نظيفة من أجله؟ حتى تظل صورته ناصعة البياض أمام الإعلام والحزب؟ يا إلهي.. هل كنت أعيش مع هذا الرجل طوال تلك السنوات وأنا لا أدرى شيئا عن مدى مدى وحشيته؟ ظننته فقط بارد المشاعر لا يجيد التعبير عن عواطفه، لكنه في الواقع كان وحشا مرعبا.. كيف نجوت منه أنت وحسام؟".

سكبت كأسا من الماء، ثم أحضرته لها، وجلست بجوارها على السرير ريثما ترتشف منه عدة رشفات، ثم أخذت الكأس من يدها ووضعته على المنضدة الجانبية المجاورة للسرير، ثم أكملت: "اهتم هو بتعليمي وجلب لي مدرسا خاصا للرياضيات، وظللت أتعلم بتلك الطريقة حتى صار عمري أربعة عشر عاما، بعدها بدأت دروس الملاكمة، واستمر بالطبع ضربه لي من وقتٍ لآخر كلما غمرتني كومة من المشاعر السلبية.. وظللت أيضا أدقق في دفاترة المالية كلما أوكل الأمر لي..".

شردت قليلا لأتذكر ذلك اليوم الذي جاء فيه رحيم غاضبا إلى الملجأ، ودخل مباشرة إلى الغرفة الموحشة التي أقيم بها، ثم سحبني إلى تلك الغرفة المظلمة وأخذ يضربني بعنف بحزامه الجلدي السميك، وبعد أن أفرغ كل غضبه، أخبرني بحزم ونفور: "يجب أن أسجلك في الثانوية العامة من أجل أن تحصل على شهادتها رسميا كي تنتقل للجامعة بشكل سلس.. فأنت ستصبح وريثي في مجال الأعمال ويجب أن أقدمك بعد سنوات في عالم الاقتصاد بشكل لائق لا تشوبه شائبة".

أخرجتني شروق من تلك الحالة قائلة: "فيمَ شردت؟"

أجبتها بحرج: "تذكرت ذلك اليوم الذي أعلن والدك أنه سيسجلني في الثانوية العامة من أجل الحصول على الشهادة رسميا لأنتقل للجامعة لأنه كان يريد شخصا يثق فيه ليدير أعماله.. كانت عقدة حياته عدم الثقة في أحد، حتى أنه قد انتشرت شائعات عن ضلوعه في قتل شريكه بسبب شكوكه.."

شهقت شروق ذعرا وجحظت عيناها، فتابعت سريعا: "لكنها تظل محض شائعات.. ربما لتأكيد صورته كرجل ذي بأس يهابه الجميع.. المهم وقتها رفضت وأخبرته أنني لن أكبر لكي أشارك في أعماله القذرة.. إذ كان أمامي أربع سنوات فقط لأغادر دار الأيتام بصورة قانونية وأكمل حياتي بمفردي كيفما اتفق، حتى أنني كنت أخطط لأن أنزوي في آية منطقة نائية بعيدا عن كل البشر.. كان الشيء الوحيد الذي يجعلني مترددا في تحقيق تلك الغاية هو حسام.. لم أشأ أن أتركه بمفرده برغم شجاعته وقوته وخضوعه لرقابة المجلس الحسبي ووجود إجراءات صارمة يفرضها القانون لمتابعة أحواله وملاحظة تطور تحصيله العلمي حتى يبلغ سن الرشد ويحصل على إرثه ويستأنف حياته كيفما يشاء بعد أن يبلغ السن القانوني".

تساءلت هي بعدم فهم: "لكنك في النهاية حملت نفس اسم عائلة حسام.. فكيف تم ذلك؟"

أخبرتها بأسى: "بعد عدة أيام، حدثت واقعة ما.. كانت تلك هي المرة الوحيدة التي اضطررت فيها لممارسة العنف في سنوات طفولتي ومراهقتي قبل أن أتعلم الملاكمة وأنخرط في جانب مظلم جديد من حياتي"..

سألتني بوجوم: "ماذا فعلت؟"

أطرقت برأسي بخزي، ثم قلت: "كان هناك فتى يكبرني بعامين وكان دائم الترصد لي ولحسام ويحاول دائما إيذاءنا سواء بالتصرفات العنيفة أو بالكلمات السامة.. حتى أنه ذات يوم أخرج شائعة مرعبة أننا.. أننا.."

وضعت شروق كلتي يديها على فمها وشهقت بعنف، ثم سألت بدهشة ونبرتها يغلفها الاستنكار والاستياء: "هل قال إن العلاقة بينكما غير طبيعية؟ وتدخل في إطار شاذ؟"

حركت رأسي إيجابا مرة واحدة، ثم علقت بنبرة مهزومة: "كنت بالنسبة لهم الفتى غريب الأطوار.. كما كانت.. احمم.. علاقتي بوالدكِ تغيظهم.. فهم كانوا يرون فقط أنه يميزني عنهم.. لا أحد منهم كان يراه وهو يعذبني بحزامه كلما شعر بضعفي أو بنفوري من تلك الحياة.. المهم ذات يوم أخذ هذا الفتى يطارد حسام ويطلق لسانه عليه بتعليقات كريهة وحقودة، فلم أتمالك نفسي، فتحركت نحوه ودفعته بعنف بكلتي يدي من الشرفة المطلة على الحديقة.. كانت ترتفع عن الأرض بمقدار لا يزيد عن ثلاثة أمتار.. كانت المسافة قريبة للغاية وغير مؤذية.. لكنه.. لكنه حين سقط ظل يصرخ ويصيح.. وبعدها..".

سألتني بقنوط وعيناها تكادان تستقرئان الإجابة: "ماذا؟ ماذا حدث؟"

أجبت بسرعة لأنني لم أتحمل استعادة تلك الذكرى: "بعدها جاء والدك وقال إن ما فعلته يدخل تحت بند الشروع في القتل وإن الشرطة إن جاءت ستقبض عليّ ولن يضعوني في الحجز الخاص بالأحداث، بل سيضعوني مع البالغين الذين سينهشون لحمي ويعذبونني أضعاف ما ألقاه هنا.."

هززت رأسي بعنف متجاهلا ذكرى جديدة حاولت التسلل لرأسي، ثم أكملت بنبرة تقريرية: "وقتها أجبرني والدك على اتفاق يحقق له مآربه، فأخبرني أنه سيتولى معالجة هذا الفتى وإنقاذ حياته وسيضعني تحت مظلة حمايته إذا وافقت على أن أسلّم نفسي له وأصبح وريثه في المستقبل ورجله السري في العالمين.. عالم الأعمال بأضوائه المبهرة البراقة كنجم واعد في مجال الأعمال أوطد علاقاته بشركائه المحتملين.. وعالم الظلام كشبح أسود يطلقني على أعدائه فأقتص له منهم بالطريقة التي يراها هو ملائمة.."

امتقع وجه شروق باستياء، لكنني أكملت متجاهلا تحليل رد فعلها: "ومن هنا بدأت رحلتي معه.. أساعده في التقارير الخاصة بالتهرب الضريبي، وهو يخبرني أنه يساعدني على التخلص من لعنة التشاعر عبر جلسات التعذيب التي تطلق الإندروفين في جسدي لتقضي على آية ألام واضطرابات أخرى تسببها مشاعري.. وبعد أن تفوقت في علوم الرياضات، ونجحت في اختبارات الثقة التي كان يضعني فيها دون أن أنتبه، أخبرني أخيرا أنه اختارني لأكون ظله ورجله الثاني "..

وقفت هي بغضب، وأخذت تتحرك في الغرفة بانفعال، وتقبض على يديها ثم تضربهما في الهواء أعلى رأسها وكأنها تريد تحطيم شيء ما أو شخصٍ ما..
رحيم..

عادت للجلوس بجواري وأخذ تهز ساقها بتوتر، ثم قالت بنبرة صارمة: "تابع.. ماذا فعلت أنت بعد ذلك؟"

أجبتها باستسلام: "من زاويتي كنت أرى الفتى بخير.. ربما كان يحتاج لتجبير ساقه أو شيء من هذا القبيل.. ولم يكن يعاني أبدا من إصابة خطيرة كما صور لي والدك وقتها.. لكنني كنت طفلا ساذجا وضعيفا وخائفا.. فاستسلمت لرغبته.. خفت من بطشه وإيذائه.. وخفت أن يدعني في السجن فعلا مع البالغين.. لكنني أصريت عليه أن يصنع لي أوراقا ثبوتية بنفس اسم حسام.. هو حسام عبد القادر وأنا أيضا أصبحت حازم عبد القادر.. نتشارك اسم الوالد والجد والاختلاف في الاسم الرابع فقط.. هو حسام عبد القادر عبد العليم الليثي.. وأنا حازم عبد القادر عبد العليم كمال.."



يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 02:10 PM   #745

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: الفصل السابع والعشرون - القسم الثالث

توقفت قليلا عن الكلام لكي تستوعب هي ما قلت، ثم ابتسمت بمرارة، وأكملت: "وهكذا لم يشك أحد أبدا أننا لسنا شقيقين.. بالطبع كان من الصعب أن أحصل على اسمه بالكامل لأن عائلته بالكامل كانت متوفاة عدا عمته التي يحمل أبناؤها كنية والدهم.. فإذا تم التحقيق في الأمر لاحقا كان سيصبح محرجا له ولاسم عائلته، كما سيمكن لعمته إثبات التلاعب والتزوير بسهولة.. فقرر رحيم اختيار هذا الاسم العشوائي وصنع لي شهادة ميلاد ثم شهادة للابتدائية والإعدادية، وسجلني للحصول على الثانوية.. وهنا فرضت أنا شرطي الآخر.. طالما سأسلم روحي للشيطان.. يجب أن يكون الثمن على الأقل مناسبا".

سألتني بغموض: "ماذا كان شرطك؟"

أجبتها: "أن نخرج أنا وحسام من ذلك الملجأ حتى لو بشكل سري.. كنت مصرا أن يستأجر لنا شقة أو حتى غرفة في أي مكان لنعيش بعيدا عن ذلك العالم.. وأن يحصل حسام على كل الفرص التعليمية التي يرغبها لتصبح حياته مهيأة أمامه عندما يكبر على أن أكون دمية الماريونت الخاصة برحيم.. يحركها كيفما يشاء دون أن تربطني آية علاقة بجيش المجرمين مجهولي النسب خاصته"

تساءلت هي بحرقة: "إذًا هذا الجيش هو المسئول عن تنظيم واقعة هجوم الخيول والجمال على المتظاهرين يوم الثاني من فبراير؟ ثم دفعك رحيم للزواج بي بعد أن تسببوا بإصابة أخيك كتعويض لك؟"

أجبتها بحنق: "لم يكن زواجي بكِ تعويضا عما حدث لأخي.. فلا شيء يعوض تحطم آماله وتعرضه للأذى النفسي والإصابة بعاهة مستديمة.. لكن رحيم.. هددني بكِ.. لأنه يعلم أنني أحبك.. قال إنني إن رفضت الزواج بك ستكونين أنت ضحيته القادمة، وأنا لم أستطع أن اتخيل ما يمكن أن يفعله بك بقلبه الأسود الذي يتغذى على التنكيل والموت."

نهضت شروق بعنف، ثم تحركت صوب الحمام الداخلي، ومكثت فيه بضع دقائق.. فتبعتها أنا وأخذت أطرق الباب برفق وأنا أسألها بقلق: "شروق.. هل أنتِ بخير؟"

خرجت هي تمسك منشفة وتجفف وجهها الذي على ما يبدو سكبت عليه الكثير من الماء حتى تستوعب كم المعلومات الذي استمعت إليه للتو واكتشفت من خلاله الحقيقة المظلمة لوالدها..

سرت خلفها نحو السرير.. ثم سألتها بخفوت: "شروق.. هل أنـــــــــــ"..

قبل أن أكمل رفعت هي كفها توقفني عن الحديث، فأطبقت شفتيّ ووقفت بمكاني شاعرا بالهزيمة واليأس والنفور من الذات.. لا أدري ماذا أفعل أو ما هي الخطوة القادمة..

هي طلبت أن أكشف لها أسرار الماضي.. وها أنا فعلت..
هل أخطأت؟

تحركت هي من جديد صوب الشرفة، وفتحت بابها ثم تحركت للخارج، وأنا تبعتها في صمت، ثم سألتها بخزي واستجداء: "هل.. هل تكرهينني الآن؟ هل تشعرين بالنفور مني بعد ما سمعتيه؟"

التفتت هي نحوي بعنف، ثم شرعت في الحديث، لكنها صمتت مجددا وكأنها لا تجد ما تقوله..

بعدها، رفعت كفيها أمامها تحركهما بذهول، وكأنهما سيتحدثان نيابة عنها ويوضحان لي ما الذي تفكر فيه في تلك اللحظات تحديدا.

اعتراني شعور بالضآلة والعار، فأطرقت رأسي بمذلة واستسلام..

اقتربت شروق مني خطوتين، ثم رفعت كفها ولامست به ذقني ورفعته لكي تتلاقى نظراتنا، ثم قالت: "ما أشعر به الآن لا يخصك أنت.. أقصد أنه يخصك.. لكن النفور والحنق ليسا نحوك أبدا.. بل هما من أجلك.. فعندما أنظر إليك الآن.. لا أرى أمامي شاب تحول لمجرم برغبته استمتاعا منه بإيذاء الآخرين واكتناز الأموال الحرام الملوثة بدماء الأبرياء.. بل أرى طفلا تم استغلاله منذ نعومة أظافره، وعانى من شتى ألوان التعذيب والتنمر ما بين الإيذاء الجسدي واللفظي حتى وصلت إلى العزل والإقصاء، ثم بعد ذلك تم ابتزازه وإجباره على القيام بأفعال لا يقبلها ولا يريدها فقط ليحمي نفسه ويحمي صديقه الوحيد".

قلت أنا معترضا بخفوت: "أخاه".

رددت هي بابتسامة مجروحة: "أخاه.. ليحمي نفسه وأخاه.. ما فعله رحيم بك كان سلسلة لا نهائية من عمليات الابتزاز والتلاعب النفسي والإذلال.. أنت كنت ضحية حرب نفسية طويلة المدى.. كان يوهمك أن ضربه لك يقويك في مقاومة مرضك الغريب ويجعلك أشد بأسا في مواجهة الآخرين، بينما كان يفعل ذلك تقصدا لإشباع ميوله السادية وحبه للسيطرة وقهر الآخرين.. ولكي يضمن ولاءك له عبر الترهيب والتعذيب.. آسفي عليك وعلى حسام.. حتى اعتذاري لكما كابنة لهذا الوحش لن يفيدكما شيئا.. سؤالي الآن.. هل يعرف حسام كل ما تعرضت أنت له على مدى تلك السنوات؟"

أجبتها بتردد: "يعلم أغلبها، لكن الكثير من التفاصيل عن مآل الأوضاع بعد نهاية دراستي الجامعية غائبة عنه.. فهو لا يعرف مثلا أن والدك مازال يضربني.. أو ظل يضربني حتى ذلك اليوم الذي شاهدتيه أنتِ خلاله.. كما لا يعلم أنني أهدد الأبرياء من أجل والدك.. لكن أقسم لكِ.. أنني كنت أفعل ذلك لأنني إذا رفضت سيرسل لهم بعض أفراد جيشه من المرتزقة لكي يذيقوهم ألوان العذاب.. فكنت أتلاعب أنا بهم بوهم الإيذاء فقط ليتوقفوا عن تحديه ومحاولة الإيقاع به.."

ضحكت بسخرية مريرة، فناظرتي شروق مندهشة، لأكمل مفسرا: " المضحك أن الأمر قد وصل في النهاية إلى أن يطلب مني علي الزين أن أكون ورقته الرابحة التي سيحرق من خلالها عرشه ويسقطه عن عليائه.. أي أن والدك أرادني سيفا لحمايته فبت مرشحا بقوة لأكون البركان الذي يبتلع الكيان الذي أسسه على كومة من الشرور والآثام".

تساءلت هي بتوجس: "وهل ستفعل أنت ذلك؟"

أخبرتها بصدق: "لا أعلم.. حاليا مازلت أحاول استيعاب كم المعلومات الذي ألقاه علي الزين على رأسي دون توقع.. وبعدها سأقرر.."

عقدت شروق ذراعيها، ثم تساءلت: "آية معلومات".

طوقت يدها بأناملي، ثم سحبتها للداخل وأنا أقول: "الطقس مازال باردا.. تعالي نكمل حديثنا في الداخل"..
قالت هي: "أشعر بالاختناق.. لأضع وشاحا ثقيلا وقبعة من الصوف، وأنت ضع سترة بيتية وتعال نصعد للحديقة العلوية نتحدث بها".

بالفعل، ارتدينا قطع الملابس الإضافية في صمت، ثم صعدنا معا إلى الحديقة..

جلست هي على الأرجوحة الفردية، بينما جلست أنا أمامها على مقعد أرضي مبطن بلا مسند، فأشارت هي لي أن أستأنف الحديث، بينما شددت من إطباق ذراعيها حول صدرها بتحفز.

قلت بقنوط: "ذلك الوغد خالد، كان يعمل منذ أشهر أو ربما سنوات مع علي الزين صديق والده على مراقبة رحيم عماد الدين.. أخبرني علي الزين أن شقيقه وزوجته قد توفيا فجأة في حادث سير قبل نحو خمس وعشرين سنة، لكن المأساة لم تنتهِ هنا، فالرجل وزوجته كانا يقودان سيارتهما ومعهما طفلهما الصغير بعمر الخمس سنوات، ولكن بعد الحادث العنيف الذي أودى بحياتهما، اختفى طفلهما تماما ولم يتم العثور عليه أو حتى على جثته بعد إفراغ السيارة من جثتي الضحيتين اللتين أُزهقت روحاهما في موقعهما بسبب عنف الاصطدام"..

تساءلت هي بجزع: "هل.. هل يشك أنك ذلك الطفل؟"

ضحكت بسخرية، ثم أجبتها: "بل هو متأكد.. لقد أجرى تحليل الحمض النووي دون معرفتي.. أتتذكرين يوم خرجت أنا وحسام مع خالد لكي يغيّر حسام الأجواء قليلا بعد زيارة علياء؟".

أومأت هي برأسها إيجابا، فأكملت: "وقتها ذهبنا إلى صالون الحلاقة لو تتذكري.. حتى أنك علقتِ على تغير هيئتي.. في ذلك اليوم أصر خالد على أن يقص كلا منا خصلة من شعره تبعا لأحد الطقوس التي تخص قبيلة ما، زاعما أن زينة هي من اشترطت ذلك حتى يبدأ زواجهما بدون أزمات بعد تعرضه لإطلاق النار.. ووقتها تم اقتطاع خصلة من شعري وأخرى من شعر حسام وثالثة من خالد والرابعة لذلك الأشقر سليم نجل علي الزين الذي كان حاضرا معنا بالمناسبة رغم أنه ليس صديقا لنا.. كانت المرة الأولى التي أراه فيها لأكون دقيقا.."

ظهرت علامات الاندهاش والفضول على شروق، فحثتني بعينيها على الاسترسال، فقلت: "المهم.. لاحظت أن خالد ظل يجمع كل خصلة في كيس بلاستيكي منفصل كتلك التي يستخدمها بعمله بالشرطة من أجل ترتيب الأحراز، حتى أنه كتب اسم كلٍ منا على ملصق أضافه للكيس، ثم منح الأكياس كلها لسليم ليحملها، مؤكدا أنه سيصنع منها ميدالية أو شيئا من هذا القبيل استكمالا لتلك الطقوس"..

شهقت هي بإدراك، ثم حركت سبابتها أمامها قائلة بانفعال: "لا تقل لي أن علي الزين استخدم تلك الخصلات لإجراء التحليل دون دراية منك".

أجبتها مرتبكا: "بالفعل.. هذا ما حدث.. أخبرني خلال مواجهتنا في منزل خالد أنه لم يشأ أن يتحدث معي حول هذا الأمر الحساس دون أن يكون متأكدا أنني ابن أخيه المفقود بالفعل رغم شعوره الداخلي بأنني أنا هو.. تصوري أنه يقول إنني أشبه أخاه كثيرا عندما كان في نفس عمري؟ ولهذا كان هو وابنه ينظران لي بشكل غريب كلما التقينا في حدثٍ ما.. حتى سليم خلال تلك المواجهة اعترف أنه كان يظن أن والده يبالغ في الأمر لأنه يشعر أنه قد خذل أخاه الصغير ولم يقم بحمايته أو العثور على ابنه الوحيد وامتداده في الحياة، لكنه حين رآني اكتشف وجود هذا الشبه بالفعل مع الصور التي كان والده يحتفظ بها لعمه سليم الزين.. فوالده قد أسماه تيمنا بعمه لشدة حبه له..

سألتني هي باهتمام: "إذًا هل اقتنعت أنك ابن تلك العائلة؟ ابن الراحل سليم الزين؟"

مررت أصابعي على رأسي بعنف، ثم أجبتها بصدق: "في الحقيقة.. لا أعلم.. هذا الأمر جدي ويجب أن أكون متأكدا من كل شيء قبل أن أبدأ آية خطوة تالية أو أحاول تفسير مشاعري والتصرف وفقا لها"..

سألت شروق بحذر: "وماذا تنوي أن تفعل؟"

جاوبت بتحفز: "أنوي أن أعيد ذلك التحليل في معمل آخر حتى أتأكد من النتائج، وكذلك سأبحث بطريقتي عن كيفية دخولي لهذا الملجأ قبل خمسة وعشرين عاما".

تساءلت هي بفضول: "ألا تتذكر أي شيء من طفولتك؟ أنت تقول إنك دخلت الملجأ في سن الخامسة.. لابد أن هناك بعض المعلومات التي تتذكرها".

نهضت بانفعال، ثم قلت: "في الحقيقة.. لا أتذكر أي شيء الآن.. قد يكون المرض سببا أو الطريقة التي نشأت بها في الملجأ باعدت بيني وبين ذكريات حياتي قبلها.. أتذكر فقط أنني ظللت لسنوات داخل الملجأ أحلم بنفس الحلم بشكل متتابع.. لكنه توقف فجأة.. وأنا لم أعد أتذكر تفاصيله حتى.. لكنني أعتقد أنه كان يخص حياتي قبل الملجأ"..

استدرت عاجزا عن مواجهتها لأكثر من ذلك، وتحركت حتى السور المحيط للحديقة، وأخذت أطالع الأبنية المحيطة التي تتخللها أشعة الشمس على استحياء..

بعد لحظات، فوجئت بذراعيّ شروق تلتف حول بطني وتحتضنني من الخلف.. إذ أسندت وجهها لظهري وشددت من احتضانها لي، قلت باعتراف منهك: "لا أعرف لما أهدتكِ الحياة لي؟.. أو لماذا وضعني الله في طريقك؟ هل هو اختبار لي؟ لك؟ لكلينا؟ هل هو تعويض لي؟ هل هو عقاب لك؟ لا أدري.."

ردت هي بنبرة حزينة: "أنا حقا آسفة أنك اضطررت لخوض كل تلك الأمور في عمرٍ صغير ولا أستطيع الاعتذار بشكلٍ كافٍ عما فعله رحيم بك"..

وضعت كفي على يديها اللذين يحتضنان خصري من الخلف، ثم قلت: "أنتِ لم تكوني أبدا طرفا في هذه المآساة يا شروق.. ستظلين دوما الملاك النقي الذي دلف إلى عالمي المظلم فبدد دكنته وأعاد إلى قلبي نبضاته المفعمة بالأمل والرغبة في الحياة، ثم استدرت لأقف أمامها ورفعت كفها حتى لثمته بشفتي برقة، بعدها احتضنتها بإنهاك..

رميت رأسي على كتفها وطوقتها بذراعيّ، وهمست بخفوت: "عشت عمري كله وأنا أظن أنني لقيط.. وكانت تلك الندبة أقسى حتى من ندبة إصابتي بالإمباثية.. لكنهم الآن يقولون إن الأمر به شبهة خيانة.. لا أعرف هل أكون سعيدا لأنه قد يكون لي جذور تثبت في نهاية الأمر أنني نشأت بين كنف أسرة محبة كانت ستعتني بي وتحميني من آثار المرض.. أم حزينا لأن حقيقة أن والديّ قد يكونا قد ماتا بصورة غير طبيعية نتيجة خيانة تسببت في مقتلهما تعني أنه سيكون عليّ البحث عن قاتلهما والثأر لهما كوني الامتداد الوحيد لهما ويجب أن أحقق لهما العدالة التي تريحهما في قبرهما".

سألت هي بجمود: "ماذا تقصد؟"

رفعت رأسي عن كتفها وفارقت حضنها الدافئ، ثم تنهدت بإنهاك سببه تتابع كل تلك المعلومات والذكريات على رأسي، بعدها أجبت وأنا أتقبض أمامها بتحفز: "إذا كانت كلمات علي الزين صحيحة وأنني ابن سليم الزين فعلا.. فإن والديّ قُتلا في حادث سيارة غامض كنت أرافقهما أنا فيه، ولكنني نجوت لسبب ما، بعدها اختفيت وظن الجميع أنني مت، ثم أصبحت نزيلا في ذلك الملجأ لدى رحيم بالصدفة. لكن لماذا يقول علي الزين إن لديه ثأرا معه!.. إذا كان فاعلو الخير قد توجهوا بي نحو الدار، وقام والدك بتنشئتي ضمن الأطفال.. فلماذا يشعر علي أن عليه الانتقام!..

عقبّت هي بدهشة: "لا أفهم"..

فأكملت أنا: "علي الزين لا يعرف شيئا عن مرضي أو الطريقة التي نشأت بها.. فمن المفترض أن يكون ممتنا للملجأ لأنه على الأقل حافظ عليّ على قيد الحياة ولرحيم لحرصه على تعليمي وتعيين بمؤسسته بمنصب يحلم به الكثيرون، ولم أتحول مثلا لواحدٍ من أطفال الشوارع المتسربين الذين يعملون بالسرقة أو يدمنون المخدرات أو يتم اختطافهم واستئصال أعضائهم الداخلية وبيعها لمافيا تجارة الأعضاء.. "..

زفرت بضيق ثم تابعت بنبرة منذرة بالسوء: "هناك شيء غامض لا أفهمه.. لكن لن يكون هناك مجال لأستفهم حول أي شيء قبل أن أخضع لتحليل فحص الحمض الوراثي أولا لكنني أتردد قليلا بسبب أمر آخر".

سحبت هي يدي وتوجهت - تسبقني وأنا أتبعها - صوب المصعد، وهي تسأل: "ما هو؟"

أجبتها بصراحة: "أخشى أن تكون نتيجة هذا التحليل إيجابية وتثبت انتمائي فعلا لتلك العائلة فأكره علي الزين وأحقد عليه لأنه تركني أتعذب كل تلك السنوات على يديّ رحيم.. وأخشى أن تكون النتيجة سلبية، فتعود لي شكوكي أنني قد أكون لقيطا بالفعل وليس لي أصلٌ يكون مدعاة للفخر".

حينما وصل المصعد للطابق السفلي، قالت هي بقناعة: "أيا كانت النتيجة.. سأكون معك.. وعليك أن تفخر بنفسك بما وصلت إليه حتى الآن بسعيك واجتهادك ومقاومتك للانزلاق في وحل الجريمة، بل وتنشئتك لأخيك كشاب مثقف ومهذب له مستقبل واعد رغم تخلي أسرته الفعلية عنه"..

رفعت يدها وقبّلتها بحب جارف وامتنان عميق، ثم تحركت ناحية المطبخ وهي خلفي دون أن أترك كفها..
فور أن وقفنا متشابكي الأيدي أمام الجدار النصفي المطل على المطبخ وشاهدتنا الخالة سناء، حتى قامت بأغرب تصرف على الإطلاق..
رفعت يدها أمام وجهها وأطلقت زغرودة صاخبة تنضح بالبهجة والسرور..

أطرقت شروق برأسها خجلا، وأنا سحبت كفي من عناق أناملها الناعمة الدافئة وتنحنحت بحرج، ثم توجهت إلى غرفة المعيشة وتركتهما معا..



يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 02:17 PM   #746

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 الفصل السابع والعشرون - القسم الأخير

هاتفت حسام لكي أطمئن عليه.. كان صوته يصدح بالسعادة لوجوده في حيز يشعر فيه بالإنجاز والفخر والأمل في المستقبل بتلك القرية..

طمأنني هو أن كل شيء على ما يرام، وأنه يتحرك بسلاسة بين العكاز وبين المقعد المتحرك إذا كانت المسافة طويلة كيلا يجهد نفسه كما يواظب على بعض التمرينات التي لا تحتاج للأجهزة، موضحا أنه سيعود خلال يومين على أقصى تقدير..

وأخبرني أيضا بمنتهى البهجة أن العمل على مشروعه السينمائي الأول يسري بسلاسة تثير الحبور، خاصة وأن عمرو كساب يرافقه في تلك الرحلة، وبالتالي لديهما الكثير من الوقت لقتله بالمناقشة حول فكرة السيناريو وعمل جلسات عصف ذهني تؤتي بأفكار مفيدة للخط العام للسيناريو..

ودعته بهدوء متمنيا له العودة بسلام، وبالطبع لم أجد الوقت مناسبا لسرد كل ما حدث على مسامعه عبر الهاتف..

ستكون جلسة الفضفضة وتبادل الآراء أكثر فعالية وجها لوجه عندما يعود من رحلته..

بعدها، هاتفت خالد وعبرت له عن غضبي من قيامه بالتحري عني دون علمي ومشاركته بهذه الصورة السرية في إثبات وجود صلة قرابة بيني وبين أفراد عائلة الزين..

اعتذر لي هو بشدة، وأخبرني أنه سيأتي لزيارتي في المنزل، لكي نتحدث بعد أن أستوعب كل ما انكشف لي من معلومات حتى الآن..

بعد قليل، أخذت أقلب بين القنوات الفضائية، قبل أن أجد رنين هاتفي يخبرني بوصول رسالة نصية..

كانت الرسالة من رقم غير مسجل، وجاءت مقسمة على عدة أجزاء لطول النص المرسل كالتالي:

(سمحت لك بالزواج من ابنتي ومنحتك إكرامية لم تكن تحلم بها طوال عمرك فقط حتى تستمر بالعمل معي بولاء وإخلاص دون تقاعس، لتأتي الآن وتتهرب مني يا لقيط بينما أنا محتاج إليك... بعد أن صنعت كل ما أنت عليه الآن، تمتلك الجرأة لتتنكر لي؟ يا لك من خسيس..
أمامك أسبوع على الأكثر.. فإذا لم تتراجع عن ذلك العناد الصبياني الطائش وتأتي طوعا، فلا تلومن إلا نفسك
)..

تهديد جديد من ذلك الحقير..
يظن أنه مازال يمتلك سلطانا عليّ بعد كل ما اكتشفته الآن..
فليفعل أقصى ما في استطاعته..
لن يمكنه إيذائي بعد الآن..

منذ اللحظة، أنا من سألاحقه وسأسقطه من عرش القوة الواهن الذي يرتكز عليه بجسد متهالك ويظن أن بإمكانه حمايته للأبد..

سأكون دمية الماريونيت التي تحولت لمارد خرج من قاع الجحيم ليقتلع رحيم من جبروته ويرميه ذليلا بلا ورقة توت واحدة تخفي آثامه عن الجميع..

لقد تمادى في شروره، وحان آوان الخلاص..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

كنت أشعر بالوهن من التفكير في كل ما حدث الأمس واليوم، فأخذت أشتت تركيزي قليلا بالاستماع لإحدى قنوات الأغاني التي كانت تعرض أغنية نانسي عجرم "ابن الجيران".. كانت تتحرك بخفة ودلال بحركات راقصة مغوية، حين انتبهت فجأة إلى صوت طبق يوضع على الطاولة بعنف..

نظرت نحو مصدر الصوت لأجد شروق تبعد يدها التي وضعت الطبق لتوها إلى حجرها بعد أن جلست جانبي..

سألتني بملل: "ما هذا التركيز؟ وكأنك ستحضّر للدكتوراة حول هذا المقطع؟"

قلت بصدق: "أحب نانسي عجرم كثيرا.. أحب دلالها وذوقها.. فهي تتمتع بالطفولية والأنوثة في ذات الوقت.. تشعرك أنها المزيج المثالي بين الغنج والرقي".

أمسكت هي بالطبق، وأخذت تتناول منه بعض المكسرات بضيق واضح..

ماذا قلت أنا؟

سحبت الطبق من يدها، ووضعته على الطاولة من جديد، ثم أخذت أقبّل باطن كفيها بعشق..

فسحبتهما هي، ثم عاودت الإمساك بالطبق في ارتباك..

فمددت يدي وسحبت بعض المكسرات، وأخذت أتناولها بتكاسل وأنا أقلب بين القنوات، حتى توقفت أمام أغنية "البنات" للفنانة سعاد حسني من فيلم "هو وهي" متأملا ألا تغضب هذه المرة من سيدة راحلة..

ولماذا تغضب أصلا، وهي تمتلك من الدلال الطبيعي ما جعلني أقع أسير عشقها منذ سنوات وانتهى الأمر..!

حركت خنصر يدي اليمنى بتسللٍ حتى وصل إلى مثيله في يدها اليسرى وتعانقا معا بخفة طفولية، ثم نظرت إليها وقلت بنبرة صادقة: "شروق.. لم أشكرك على ما فعلتيه من أجلي الليلة الماضية"

كسا التورد وجهها بحمرة قانية، لأتنبه إلى أين ذهب تفكيرها، فسارعت بالتوضيح مسرعا: "أقصد تطوعك لتجربة شعور فورة الانفعالات التي تفاجئني في وقت واحد فتجعلني غير قادر على التصرف.. أن ترغبي أن تفهميني لهذه الدرجة أشعرني.. بالتقدير، كما لم أشكرك أيضا على تفهمك لكل ما رويته لك اليوم من ذكريات ومعلومات صادمة..".

ضحكت هي بخجل، ثم ردت: "ليس عليك أن تشكرني كلما فعلت شيئا لأجلك، فأنت قد سبقتني وفعلت من أجلي الكثير.. بداية من إنقاذك لي مرتين في قلب الميدان وقت التظاهرات، وحتى حمايتك لي مما كان أبي يهدد بتدبيره لي.. لكن كل ما سردته عن الإمباثية يشعرني أنني غير مميزة..".

سألتها بدهشة: "كيف ذلك؟"

سحبت هي إصبعها الذي ملتصقا بخنصري، ثم ردت شارحة: "ألم تسهم الإمباثية في أن تجعلك منجذبا لآية فتاة طاقتها إيجابية.. أقصد تجعلك تتعاطف مع آية فتاة مهذبة تتعامل بلطف ورقي مع الآخرين.. أليست تلك الصفات التي كنت تبحث عنها في شريكتك المستقبلية حتى تكون حياتك معها هادئة".

هل بعد كل ما سردته لها، مازالت مدركة لعمق مشاعري نحوها؟

أخبرتها متسليا بنبرة ساخرة: "حنان لطيفة.. حتى أنها قد تكون ألطف منك.. فهي كتلة من الحيوية والإيجابية تلك الصغيرة".

وقفت شروق غاضبة، وقالت: "ماذا تقصد؟"

رفعت لها حاجبيّ بسخرية وأخرجت لها لساني بطفولية..

صدقا، لا أعرف لماذا أتصرف معها الآن تحديدا بهذا القدر من التلاعب وأتعمد مضايقتها..

تحركت هي بانفعال واضح نحو الدرج المؤدي إلى غرفتنا في الطابق العلوي، وأنا تبعتها في صمت..

حين دخلت الغرفة خلفها، كانت هي مطرقة الرأس بأسى طفولي كقطة مدللة حُرمت من تناول طعامها المفضل..

وقفت أمامها متسليا ووضعت يديّ بجيبيّ سروالي الرياضي المنزلي، وسألتها مدعيا عدم الفهم: "ماذا بكِ يا طبيبة؟ لماذا تبدل حالك بهذا الشكل؟".

استمرت هي بإطراق رأسها، ثم قالت بصوت خافت: "كيف أتأكد أن كل ما قمت به من أجلي كان فعلا من أجلي وليس تعاطفا معي بعد أن هددك أبي؟ كيف أتأكد أنك تحبني أنا تحديدا وليس لأنني فقط أثير بعض المشاعر بداخلك كالسكينة والولاء وما إلى ذلك؟"

جلست خلفها وسحبتها لتستقر بين أحضاني، بينما أسندت ظهري إلى مسند السرير وأحطت خصرها بذراعيّ وثبتت ذقني على كتفها حتى تصل كلماتي التالية لأذنيها مباشرة.

قلت بصوت دافئ بعد أن قبلّت أذنها الأقرب لفمي: "لقد قابلت الكثير من الفتيات خلال السنوات الماضية.. لكنني أحببت فتاة واحدة منذ بضع سنوات.. ومنذ ذلك الوقت شعرت أن حياتي قد تعلقت بحياتها بخيط غير مرئي وأن خافقي ينبض فقط لأجلها وعلى حسب حالتها النفسية والمزاجية يتلون يومي، فإذا كانت هي سعيدة ينبض قلبي بانتظام وأكون في أكثر أوقاتي تركيزا وتتلون حياتي ببهجتها.. أما إذا كانت غير سعيدة، فإن قلبي يخفق بغضب وعنف يدفع الدم ملتهبا في أوردتي لكي يحثني على الثأر لها وتبديد كل ما يزعجها لتعود مبتهجة قريرة العينين من جديد.. أخبرتك من قبل (كل شيء مختلف معك).. بل كل شيء يتضاعف معك.. وتلك المشاعر بثقلها وتركيزهت لم أجربها قط مع أحدٍ غيرك..".

تنهدت هي، ثم قالت بفضول: "من فترة كنت أقلب بين مذكراتي وتذكرت موقف حدث منذ نحو عشر سنوات تقريبا.. عندما دلفت لغرفة مكتب أبي باكية، وكان معه شاب لا يزيد عمره عن عشرين عاما.. وكان أبي يوبخه ويطلب منه أن يشارك في بطولة ما".

تجمدت أوصالي دهشة، فاستطردت هي: "كان ذلك الشاب أنت.. صحيح؟ كنت أنت من انتبهت لأني حزينة و متألمة.. وهو - أبي - لم ينتبه، بل زجرني وطلب مني مغادرة الغرفة دون اكتراث لما كان يحدث معي"..

شددت من احتضانها وقبّلت أذنها من جديد بضع مرت بخفة، فسألتني بصوت خافت يعبر عن جوعها للشعور بالحب والاهتمام بعد أن حرمها منهما والدها وهو مازال على قيد الحياة: "إذًا متى شعرت أنت أنك تحبني لأول مرة؟"..

قلت بعد لحظات من التفكير: "لا أستطيع أن أحدد متى بدأ الشعور تحديدا"، ثم مازحتها قائلا: "بالتأكيد ليس وأنتِ طفلة في الإعدادية بوجه محمر من أثر البكاء وبتنورة واسعة تصل حتى الركبتين وبتصفيفة شعر طفولية بجمع ذيلي حصان على جانبي رأسكِ بشرائط ملونة".

زجرتني هي بمرفقها، فأكملت بعد أن أطلقت بعض الضحكات الخفيفة: "نمت مشاعري تجاهك بشكل يتضخم رويدا رويدا عبر سلسلة من الأيام التي أقع فيها بحبك على مهل.. ولم أفق إلا وقد صار عشقك يعصف بداخلي ولا أستطيع الفكاك.. عندما أكون بجانبك يهدأ الصخب بداخلي.. وتمر العاصفة بسلام دون أن تعتصرني الآلام.. أنا أناني بحاجتي بالبقاء حولك.. ولكن.. هل تلوميني"..

جاء سؤالي مستنكرا، فلم تعقب.. وساد الصمت لبضع دقائق، قبل أن أهمس: "هل أعترف لكِ بشيء؟"

أومأت هي برأسها موافقة، فأكملت بعد أن طبعت قبلة ناعمة على قمة رأسها: "أنا لم أفكر أبدا في مقاومة والدك بعد أن سلمت له روحي وكياني ومستقبلي.. كنت أشعر أن ما أفعله لأجله هو الطريقة الوحيدة لسداد ديني نحوه لأنه حماني من السجن وفقا لما أظن، ولأنه خصص لي بيتا صغيرا من غرفتين أعيش فيه مع حسام وأعتني به وهو ابن الحادية عشرة فقط من عمره.. لهذا تعلمت الطهي.. حتى لا نضطر لإدخال شخص ثالث في حياتنا فيكتشف أننا قاصران ويعيدنا للملجأ من جديد أو يفرقنا عن بعضنا بتوريطنا في أمر ما بالابتزاز"..

سألتني شروق بخفوت: "ماذا تقصد؟"، فتابعت: "كنت ممتنا لوالدكِ من أجل هذا، ومن أجل تنفيذه لطلبي بمنحي اسما وصفة وتعليما ضمنوا لي مستقبلا مهنيا حتى لو كان لمصلحته بالأساس، لكنه بطريقة ما، ساهم في أن يبعدني عن الفكرة التي كونتها برأسي أنني لقيط سينفر منه الجميع إذا علموا أصله".

تنهدت بحنق، ثم أكملت: "ما أقصده هو أنه ربما في الواقع لم يكن هناك دافع يجعلني أرغب في مواجهته ومقاومته ونفض الاستسلام عني.. لأنني لم أحلم أبدا بمستقبل من أي نوع.. أو أكترث بنظرة أحد لي، فالشخص الوحيد المهم لدي هو حسام، وهو يعرف قدرا معقولا عني وتقبلني كما أنا.. لكن عندما قمتِ أنتِ باقتحام غرفة المكتب وشاهدتِ والدكِ وهو يضربني.. عند تلك اللحظة فقط.. شعرت لأول مرة أن شكلي أمام الآخرين يفرق كثيرا معي.. ليس أي شخص من الآخرين.. أنتِ تحديدا.. أنت يا من تشرق أيامي بنورك لتضيء حياتي بالبهجة والأمل.."..

ازدردت ريقي من فرط الانفعال وكومة المشاعر المتخمة التي تتحرك بتكاسل داخل قلبي وأوردتي، ثم أكملت: " معك قلبي يشعر بأشياء أخرى غير الألم والحزن والكآبة والخزي.. يشعر كطفل يطارد العصافير الملونة تحت شمس الربيع اللطيفة التي تقبّل بشرته بحنو أو يسبح ببهجة مع حلول شمس الغروب في مساء صيفي منعش النسمات.. وذلك الجزء المعتم بروحي.. ذلك الذي كنت أظنه قد مات وانتهى الامر، عندما أكون معك أجده يشتعل بقبس من ابتسامتك ليضيء داخلي بحجم الكون "..

تنهدت ببطء، ثم همست بصوت أجش: "معك أشعر بخفة لا تُحتمل وكأنني سأطير فوق غيمات بألوان الزهور وأجنحة الفراشات.. لكن للعجب لا أستطيع التحليق بعيدا ولو قيد أنملة.. فقط أطير مأسورا بمدارك.. مشدوها بسحرك الخاص ككائنة أسطورية وأنثى استثنائية وامرأة فريدة خُلقت لأجلي فقط.."

فككت شروق ذراعيّ اللذين يحيطان خصرها، ثم استدارت لتصبح في مواجهتي وارتمت في أحضاني بلهفة، فأخذت أكمل اعترافاتي التي لا أجد وسيلة لكتمانها بعد الآن: "أريد أن أكون أباكِ، فتبثيني مخاوفك وتضعين على كاهلي آلامك فأحميك بين ضلوعي، وأن أكون أخاكِ فتخبريني أسرارك دون خوف لأنه قد صار لك سندا في هذه الدنيا يدفع عنكِ البلايا والأحزان.. وأن أكون صديقك فتبادليني المزاح وتتصرفين أمامي بكل عفوية دون خوف من رد فعل سلبي أو لوم وتوبيخ"..

ثم تركت حضنها، ورفعت كفيّ ليحتضنا وجهها الصبوح المشرق كاسمها.. كروحها.. كقلبها، ثم أكملت: "أريد أن أكون حبيبك فتريني الرجل الأوحد على الأرض.. وأن أكون ابنك، فتدلليني وتزرعيني بين أحضانك.. تطوقينني بحنانك وتحميني من الفقد والحرمان.. فأنا يا طبيبة عشت يتيما عمري كله ولم أشعر بالانتماء ابدا.. ولا أتمنى من الله سوى أن أنتمي.. لكِ.. لتبدأ خارطة حياتي معك وتنتهي عندك"..

ازدردت ريقي مجددا، أقاوم بكل قوتي تلك الدمعة اللحوحة التي تطرق على باب جفني تريد أن تنطلق بحرية لتنساب على وجنتي معلنة لها دون كلمات كم أعشقها..

تجاهلت ذلك الارتعاش الذي يضرب روحي، وأكملت: "أريدك أن تكوني أنتِ أرضي وجنتي وملاذي.. أن تكوني استجابة دعواتي وكفارة ذنوبي.. أن تكوني كنزي الأثمن ومكافأتي الأعظم.. أن تكوني لي بكليتك".

حركت وجهها ولثمت شفتيّ بخفر متجاهلة انسياب دمعاتها بتكاسل على صفحة وجهها، ثم قطعت قبلتها وأطرقت برأسها للأسفل في حياء، لكنني لم أتوقف.. لم أستطع إيقاف سيل اعترافاتي الآن، فرفعت ذقنها بيدي حتى تلاقت نظراتنا، وقلت بصوت خافت مثقل بالمشاعر التي اختزنتها لسنوات وحرمت نفسي من إعلانها: "فلتشكري الإمباثية يا طبيبة.. لأنني لو لم أكن مريضا بها..".

نظرات الاستفهام كست عينيها، فأكملت بسرعة: "كنت سأحبك أيضا.. أنا كنت سأنتهي عاشقا لكِ في كل الأحوال.. لكن يبدو أن بدون الإمباثية، كان حبي لك سيصبح .. مهووسا.. بدائيا.. عنيفا.. فغزو امرأة مثلك لمرة واحدة أكثر مدعاة للفخر والاعتزاز من غزو ألف مدينة.. متعة اقتحام حصونك تفوق كل ما رواه أمهر المحاربين عن بطولاتهم وانتصاراتهم على أرض المعركة.. ولكن هيت لك.. أريد أن أبجلك كسلطانة.. وان أدللك كأميرة.. وأن أعشقك كأنثى هي تاج كل النساء.. فهل تسمحين لي؟"

أطبقت هي بشفتيها على فمي لنبدأ معا عزف أنشودة حب نشأ بلا جذور لكنه خطوة بخطوة مهد لنفسه طريقا وسط الحفر والنتوءات والبؤر البركانية لينشأ ثابتا قويا يحتمل تقلبات الحياة ويواجه اختباراتها بعزم وصلادة..

كانت شفتانا تتحدثان بلغة خاصة جدا غير تلك اللغة التي كانت تخذلنا كلما حاولنا التفاهم من خلالها.. وبعد نقاش حار انتهى الأمر بعناق ملتهب لم يطفئ الشغف بل زاده وهجا، فاستعرت حرارة الحب لتسيل كحمم تشعل الأوردة بالرغبة والتوق، لتحتضن قبلاتنا دمعاتنا.. وتطارد مشاعرنا الصادقة هزائمنا الشخصية.. ويعلن كلا منا للآخر عن انتمائه له وولائه له ومساندته له حتى آخر العمر..

وبعد بعض الوقت من تلاقٍ انصهرت فيه كل الأسباب التي كانت تمنع اندماجنا بهذا الاكتمال، اصطحبتها الى تلك النقطة، حيث يصبح الأفق متلألئا تزينه الألوان المبهجة والأضواء البراقة وتغلفه بهجة الأهازيج وسكينة التهويدات ولذة العشق، حيث استقرت رحلتنا على غيمة فريدة من النشوى بنعومة القطن وألوان غزل البنات وطعم العسل..

كنت أعلم أن كل شيء سيكون مميزا معها وأنها سلامي وبهجتي وسط تعرجات حياتي التي تشبه الأفعوانية، ولكنني لم أتصور أبدا أن تكون نتيجة لقائنا عندما تتشجع هي وتشاطرني العشق.. بهذا الكمال..

لا تزال تلفني تلك النشوى الخالصة.. وكأن لقائنا هو عناق قوس قيثارة لأوتارها برقة ونعومة، وتلك الأخيرة تتحرك بتمكن وإبداع لتكون النتيجة نغمات ساحرة للحن خلاب عنوانه استهلالات عشق سرمدي..


نهاية الفصل

قراءة سعيدة وأتمنى مفاجآت اليوم من كشف الأسرار والذكريات لاتصدمكم كثيرا

لا تنسوا الدعاء لأمي بالشفاء وفي انتظار تعليقاتكم لعلها تمنحني بعض الطاقة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 03:34 PM   #747

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 33 ( الأعضاء 1 والزوار 32)

مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 06:07 PM   #748

نوارة علي
 
الصورة الرمزية نوارة علي

? العضوٌ??? » 471671
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 36
?  نُقآطِيْ » نوارة علي is on a distinguished road
افتراضي

اقول ايييييه اقول ايييه، مش عارفة اعبر الحقيقة ومفيش حاجة جاية ف دماغي حالياً يمكن بس نقط كانت شاغلاني اتوضحت أخيرا ولسة هنشوف رحيم هيفضل يهدد عالفاضي ولا هيتحرك ويخرب وحركته هتاذي مين كل دة مستنياه وف نفس الوقت مش عايزاه يحصل بس فعلاً فصل مهم جداً وكلنا كدة دخلنا ف الجد ولا ايييه رجعولي حسحس حبيبي يطري القعدة شوية 😭😂

نوارة علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 07:16 PM   #749

Maryoma zahra

? العضوٌ??? » 403302
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 135
?  نُقآطِيْ » Maryoma zahra is on a distinguished road
افتراضي

ايه يا مروة الجمال ده بجد أنا أخدت أوڤر دووز جمااال و استمتاع بأسلوبك و المشاهد و الأحداث بجد مش قادرة أعبر عن فخري بيكي و بشوشو و حزومي🥺♥️♥️♥️
أنا صععععععقت حرفيا في الفصل ده لما عرفت ان علي الزين يبقى عم حازم😳 و كمااااان حسام و حازم مش اخوات🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺
انا حاسة كده ان الخرابة رحيم هو ال كان ورا موت أبو و أم حازم في الحادثة🥺🥺
و خالد طلع مش سهل كان أخد شعر حازم عشان يعمل التحليل و انا ال فكرت هيعمله عمل🌚😂😂
و ماما سناء دي سكررر بجد فصلت ضحك لما رقعت الزغروطة😂😂😂
بجد أبدعتتتتتتي يا مروة ما شاء الله عليكي♥️♥️
و ربنا يشفي طنط و يحفظها و يقومها بالسلامة و يطمنا عليها♥️♥️


Maryoma zahra غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-08-21, 07:22 PM   #750

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

غلراجل ده اسم مش علي مسمي اصلا 😒قال رحيم قال 🤨
كده بقي بين حازم وشروق تناغم وترابط بعد كمية الاسرار ايلي اتدلدقت في وشها😂
والهي تتشل يا رحيم عشان مش هعرف اشتمك علي الفيس 😌😂
اخلي حاجه بقي بعد المصارحة الخطيره ديه هيه الزغروده😂
تسلم ايدك يا مروه علي فصل ملئ بالكلمات الراقيه والمشاعر الموصوفه بمنتهي الذوق بعيدا عن اي ابتذال


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:49 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.