آخر 10 مشاركات
لُقياك ليّ المأوى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : AyahAhmed - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          حين يبتسم الورد (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة سلاطين الهوى (الكاتـب : serendipity green - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          379-لا ترحلي..أبداً -سوزان إيفانوفيتش -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          378-ثورة في قلب امرأة -تامي سميث - مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          نصيحة ... / سحر ... / الأرملة السوداء ... ( ق.ق.ج ) بقلمي ... (الكاتـب : حكواتي - )           »          377-حب من أول نظرة -بات ريتشارد سن -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          376 - الهروب من الواقع - جودي بريستون - م.د** (الكاتـب : سنو وايت - )           »          375-فتاة لعوب- كاي سميث-مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-09-21, 03:43 PM   #801

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي


يا سنه سوخه في المستفشي 🥴
آيه ايلي وداها يا بنتي، صحيح قلت لك المره ايلي فاتت أن الفصل هادي بس تيجي تحركيه تقلبيه كده 🤦
ياخدة ربنا يا رحيم ذيل الكلب انت 🤨


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-21, 08:51 AM   #802

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
يا سنه سوخه في المستفشي 🥴
آيه ايلي وداها يا بنتي، صحيح قلت لك المره ايلي فاتت أن الفصل هادي بس تيجي تحركيه تقلبيه كده 🤦
ياخدة ربنا يا رحيم ذيل الكلب انت 🤨

شوشو مريضة
رحيم مش هيهدى غير لما حازم يواجهه بجد


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 06:10 PM   #803

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل التاسع والعشرون - القسم الأول

الفصل التاسع والعشرون
حازم


التهاب حاد في الزائدة الدودية..
استئصال..
جراحة بسيطة..
هذا ما قاله الأطباء.. أخذوا يؤكدون أن كل شيء بخير وليس هناك داعٍ للقلق..

لكن هيئتها في قميص المستشفى الفضفاض كان مرعبا بشكلٍ كافٍ، خاصة وأنها ظلت تتألم إلى أن منحها الطبيب جرعة دواء قال إنها مضاد حيوي لمقاومة آلام الالتهاب..

فور أن دلفنا إلى المستشفى، خضعت شروق فورا لفحص بمنطقة البطن والحوض، ثم تم عمل أشعة فوق صوتية لها، وأخرى سينية، وبعدها خضعت لتحاليل دم وبول، ثم قال الطبيب إنه سيجري لها جراحة عاجلة فور أن تقل آلامها قليلا، مؤكدا أن حظها سعيد لأن الزائدة الدودية لم تنفجر لتسبب تلوثا بداخل بطنها..

إذا كنت أحسد الأطباء على شيء، فهو قدرتهم على التحكم في أعصابهم وتصرفهم ببرود في أشد لحظات التوتر.. بينما أنا تحتلني موجات انفعالية بالكاد أستطيع السيطرة عليها.. ليس بسبب مرضي فقط، ولكن لرؤيتي كيف ترزح حبيبتي تحت وطأة الألم..

بعدها، غادر الطبيب الغرفة، لتشير لي شروق بالاقتراب منها والجلوس بجوارها على سرير المستشفى..

تهاويت بجوارها مطرق الرأس، فهمست هي بإنهاك: "لا تقلق.. العملية بسيطة للغاية.. شق صغير قطره خمسة سنتيمترات على الأكثر ليتم إزالة الزائدة الدودية في وقتٍ قصيرٍ جدا".

قلت بحنق مصدره تقريع الذات لعدم انتباهي لآلامها مبكرا: "أعلم أن الجراحة بسيطة.. لكنني قلق.. كما أشعر بالغضب من نفسي.. كنتِ أنت تتوجعين بينما تشوش أفكاري غيامة الفوران العاطفي التي سيطرت على عقلي ومشاعري فلم أنتبه لأن آلامك حقيقية إلا بعد دقيقة تقريبا..
أعتذر بشدة.. كنت أشكو من التشاعر وعندما حاول تنبيهي لما تعانيه، تجاهلته بسبب تركيزي في.. في...".

تعالت ضحكات ضعيفة مشوبة بالألم من شروق التي ضربت على كتفي برفق وهي تقول: "لا تضحكني.. بطني تؤلمني.. لكن أتعلم؟ يبدو أن كلام دكتور فؤاد صحيح بشأن الأشياء التي بإمكانها أن تشوش على نوبات التشاعر.. مثل.. احمم.. اللحظات الحميمية.. وأنت يا مسكين كنت تمني نفسك بليلة استثنائية"..

ضحكت ضحكة قصيرة بحرج، ثم مططت شفتيّ ببؤس قائلا بمسكنة مفتعلة: "فعلا أنا مسكين ويتيم.. وينقصني الدلال والحنان"..

رفعت شروق حاجبها باستنكار، وقالت بحنق طفولي: "أنا سأدخل العمليات بعد ساعة وأنت تتحدث عن حاجتك للدلال والحنان"..

نهضت ببطء شاعرا بالضيق لفشلي في تشتيت انتباهها بعيدا عن آلامها، ثم سألت بتوتر غير متأكد مما يجب عليّ أن أفعله في هذه اللحظات: "إذًا.. هل يجب أن أتركك لترتاحي قليلا وأنتظر بالخارج"..
قالت هي بتعجل وجل: "لا.. لا تتركني.. أمكث هنا معي حتى أدخل غرفة العمليات".

جلست مجددا بنفس البقعة، والتزمت الصمت..
لا أريد أن أتفوه مجددا بكلمات غبية تزيد الوضع سوء بسبب توتري العصبي..

بعد بضع دقائق من الصمت، قالت هي بصوت خفيض: "هذه ليست أول جراحة أخضع لها.. لقد خضعت لجراحة إزالة اللوزتين عندما كنت في الخامسة تقريبا من عمري.. وقتها كنت دائمة الإصابة بمرض التهاب اللوزتين.. فأصر الطبيب على استئصالهما.. يوم إجراء الجراحة لم يكن معي بالمستشفى سوى ماما سناء.. وعندما استيقظت كانت هي بجانبي في مرحلة الإفاقة.. لم يكن أبي هناك.. لم يشعر بالقلق عليّ.. لم يفكر أنني قد أتعرض لأي سوء بالجراحة أو أنني قد أفقد حياتي للأبد بسبب خطأ طبي مثلا.. لم يهتم أبدا إذا ما رحلت ولم يراني مجددا.. والآن هو في عالمه الخاص منشغل بإنقاذ نفسه من المساءلة والعقاب.. ولا يعرف أصلا أنني سأخضع لجراحة أخرى.. صحيح أن كلتيّ الجراحتين بسيطتين، لكنني لا يمكنني تجاهل حقيقة أنه لم يحرص أبدا على أن يكون مطلعا على حياتي حتى وإن لم يكن عنصرا فاعلا بها".

اقتربت منها حتى جاورتها تماما، ثم احتضنت كتفيها بذراعي الأيسر، لتقترب هي وتستند برأسها على كتفي..

قبلت رأسها.. مرة وبعدها مرات، ثم همست لها: "لا تحتاجين إليه.. كنتِ دائما تعتمدين على نفسك وها أنت شارفتِ على التخرج من كلية الطب وتحقيق حلم حياتكِ.. لا أقول إنني أفهم مشاعرك تماما برغم أنني عشت حياتي كلها يتيما بلا أم أو أب.. لكنني أظن أن ابتعادك عن رحيم خلال طفولتك كان هو أفضل ما حدث لكِ.. حتى وإن كان هذا البعد جبرا وليس اختيارا.. صدقيني.. هذا الرجل له تأثير سلبي للغاية على النفوس وغيابه عن عالمك جعلك تحتفظين بملائكيتك وبراءتك.. أنتِ إنسانة رقيقة وشفافة مثل الفراشة.. لم تكوني لتتحملي جنونه وغطرسته ونرجسيته.. كان ليحرق روحك.. وإذا حدث ذلك، كانت الإنسانية ستخسر روحا دافئة مليئة بالحب والعطف والرقي.. بعض الأقدار يا شروق تبدو قاسية بنظرة شمولية، ولكن بإعادة التفكير بروية نجد أنها كانت الوضع الأفضل لتجنب مأساة مفجعة"..

تنهدت ببطء، ثم قبّلت رأسها قبلة أخرى بطيئة، وأكملت: "لا أقول إن حياتك كانت سلسة أو محصنة في برج عاجي.. فأنت أيضا عانيت من الحرمان العاطفي ولم يكن بمقدروك التواصل الإنساني السليم مع الشخص الوحيد الذي يمثل عائلتك بالكامل.. لكن الله أنعم عليك بالخالة سناء، مثلما أنعم عليّ بوجود حسام إلى جانبي.. صحيح أن دخول خالد حياتي منذ عدة سنوات كان دعما مذهلا غير محدود خاصة فيما يخص مرضي، فهو من فتح لي باب التعامل مع المرض بشكل فعال وإيجابي وعرّفني على الدكتور فؤاد.. لكن صدقيني إذا لم يكن حسام موجودا ربما ما كانت حياتي ستطول حتى هذه اللحظة.. كنت لأستسلم مبكرا جدا.. وأنا متأكد أن الخالة سناء كانت حافزا إيجابيا وحصنا متينا لحمايتك طوال سنوات الطفولة والمراهقة.. وحتى وإن كنتِ محرومة من حنان الأب.. فقد اكتسبت سموا ورقيا وتعاطفا يجعل الجميع ينجذبون للطافتك وحنانك وخفة روحك وتهذيبك.."

في تلك الأثناء، دخل الغرفة طبيب آخر وبصحبته ممرضة، حيث قاما بفحص ضغط دمها وسؤالها عن وضع آلامها بعد جرعة الدواء، ودونا ملاحظاتهما في دفتر متابعة حالتها الصحية، بينما أكد لها الطبيب أن الجراحة ستُجرى في الصباح الباكر عندما يصل الجراح المختص، وحرص على طمأنتنا بأن التحاليل أثبتت عدم وجود آية مشاكل صحية أخرى تعوق إجراء الجراحة سريعا..

بعد خروج الطبيب والممرضة، حاولت إقناع شروق بأن تستسلم للنوم وترتاح قليلا، ووعدتها بأن أتمدد على السرير الخاص بالمرافق والمجاور لها إذا شعرت بالنعاس، لكنني كنت متوترا وقلقا لكي أستسلم للنوم..

أعلم أن الجراحة بسيطة وليست مقلقة أبدا، لكنها شروق.. شروقي.. ولهذا سحبتني موجة كاسحة من الأفكار السلبية تدور جميعها في فلك فقداني لها بعد أن لمست شغفها وميل مشاعرها بقوة تجاهي رغم عدم تصريحها بالأمر فعليا..

كانت هي قد استسلمت للنوم خلال الساعات المتبقية من النوم، بينما ظللتُ جالسا على المقعد المجاور لسريرها أعانق أناملها الرقيقة بأصابعي الضخمة.. أقنعها أنني أطمئنها، بينما أنا من يلتمس منها الشعور بالسكينة والطمأنينة..

في الصباح، دخلت الممرضة وأعطت شروق قميصين واسعين مفتوحين من الأمام لترتديهما بشكل معكوس لتغطي جسدها بالكامل وطلبت منها خلع آية حلي ذهبية أو اكسسوارات معدنية، وذلك استعدادا لدخولها غرفة العمليات..

بدلت شروق ملابسها بمساعدتي حيث كانت الآلام قد بدأت تعود لها بشكل حثيث، ثم دلفت الممرضة إلى الغرفة تتأكد من تمام استعدادها للجراحة، لتخرج وتعود برفقة طبيب آخر قالت إنه من سيقوم بإجراء الجراحة..

تحدث الطبيب لشروق قليلا، ثم حاول ممازحتها عندما علم أنها بالسنة النهائية بكلية الطب حتى يساعدها على التخلص من التوتر والقلق، وبعدها طلب منها أن تتبعه إلى غرفة العمليات الموجودة بنفس الطابق بعد أن رفضت هي الاستعانة بمقعد متحرك أو سرير جرار مؤكدة أنها ستستند عليّ وتتحرك ببطء حتى تصل لهناك لتتلقى حقنة التخدير وتتمدد على طاولة الجراحة..

تحرك الطبيب وتبعته الممرضة، بينما كنت أنا وشروق نسير خلفهما ببطء بعد أن شبّكت هي أصابعها بأصابعي وأمسكت بمرفقي بيدها الأخرى تتلمس السند والقوة والاطمئنان..

عندما وصلنا لباب غرفة الجراحة، تركت يدها واحتضنت وجهها بين راحتيّ، ثم لثمت جبينها بحب وأهديتها ابتسامة حانية أخفيت خلفها كل توتري، وشيعتها هامسا: "ساعة على الأكثر وتخرجين لي أجمل وأقوى بإذن الله.. أحبك"..

رسمت هي ابتسامة مرتعشة ثم صاحبت الممرضة إلى الداخل، وهي تتمتم ببعض الأدعية..
بعد نحو ساعة، خرج الطبيب يطمئنني أنه قد نجح في استئصال الزائدة بلا مشاكل، وأخبرنني أن شروق تنتظرني في غرفة الإفاقة.. فتوجهت إليها على الفور..

كانت هي ممددة على سرير المستشفى المعدني مسترخية مغلقة العينين كأنها نائمة، فاقتربت منها واحتضنت يدها وقبلتها بحنو.. ثم تهاويت على المقعد المجاور لها أقاوم الإجهاد والتعب بعد سهر ليلة كاملة بالمستشفى..

في تلك الأثناء، أخذتني الذاكرة للحظة أخرى كانت هي ممددة أيضا بغرفتها تقاوم الصدمة وآلام الاعتداء الذي تعرضت له جراء مشاركتها في الاعتصام الذي تحول لاشتباك عنيف..

فراشتي المحاربة، تضعها الظروف دائما في مواقف مؤلمة وتسعى هي دائما للمقاومة واستعادة السيطرة..

بعد عدة دقائق بدأت شروق تحرك وجهها يمينا ويسارا وتحاول فتح عينيها الثقيلتين بفعل حقنة التخدير التي بدأت آثارها تزول عنها..

أخذت أربت على وجهها برفق وأناديها بصوت خافت، حتى فتحت هي عينيها تناظرني بتعب، ثم تغيرت نظراتها تماما، وبدأت تنظر لي وتبتسم، وهي تتمتم بخفوت بكلمات غير مفسرة حول (غلالة عارية وبومة)..

بعدها فعلت الأغرب، إذ حاولت التحرك قاصدة على ما يبدو النهوض جالسة ولكنها شعرت بتثاقل جسدها فتهاوت على وسادتها برفق من جديد، ثم أشارت لي كي أقترب منها، فنفذت مندهشا.. لكن ما حدث تاليا كان الأكثر إثارة للذهول..

فقد أخذت شروق تنظر لمحيط صدري وتضحك بنصف وعي، ثم قالت بصوت متحشرج متقطع: "لماذا تخفيه؟؟ هيا اظهره".

أخذت أنظر حولي، ثم سألتها ببلاهة: "أخفي ماذا وأظهره؟"

قالت هي: "نهر النيل".

أصدرت زمجرة بلهاء: "هاه؟"

ردت هي: " حازم رجاء.. حل بعض الأزرار العلوية من قميصك.. أريد رؤية نهر النيل".

سألت بغباوة: "وما علاقة نهر النيل بقميصي؟"

ردت هي بثقة: "نهر النيل على صدرك"..

رفعت كفيّ تلقائيا نحو صدري ورددت بلا فهم: "نهر النيل على صدري.. كيف؟"

ضيّقت شروق ما بين حاجبيها، ثم قالت: "هيا افتح قميصك.. أريد تتبع آثر نهر النيل على الخريطة"..

زفرت بضيق، ثم هتفت بجدية: "شروق.. ماذا تقصدين؟؟"..

قطع حديثنا دخول الممرضة، فبدأت شروق تتململ وتحرك وجهها يمنة ويسرة مرة أخرى، فقالت الأولى: "يبدو أنها بدأت تستفيق.. لا تستغرب إذا تحدثت بكلمات غريبة، فهي قد تهذي قليلا حتى يتخلص جسمها تماما من تأثير التخدير.. فهي ليست في كامل وعيها حاليا.. سأترككما بمفردكما الآن وسأمر لاحقا حتى ننقلها إلى غرفتها التي ستقضي اليوم بها، وفي الغد بإذن الله سيفصحها الطبيب مرة أخرى ثم يكتب لها إذن المغادرة واستكمال مرحلة الاستشفاء في المنزل، وسيعطي لكما التعليمات اللازمة.. حمدا لله على سلامة المدام.. بالإذن".

عندما غادرت الممرضة وأغلقت الباب خلفها، عاودت شروق النظر لي بابتسامتها الغريبة من جديد، ثم أشارت نحو ياقة قميصي من جديد.. فزفرت بحنق مصطنع مخفيا ابتسامة غبية، ثم شرعت في حل الأزرار العلوية للقميص حتى أصبح صدري مكشوفا تماما أمام عينيها المتفحصتين بجرأة بعيدة تماما عن سلوكها الحذر معي، فأشارت هي لي بالاقتراب أكثر..

ملت بجذعي عليها قليلا، فرفعت هي يدها اليمنى بإرتعاشة بسيطة تعكس إجهادها وعدم استفاقتها بشكل تام، ثم أخذت تمرر أصابعها على عضلتي صدري وحركتهما نزولا متتبعة الشعيرات الداكنة المصطفة بشكل حتى منتصف بطني، حيث توقفت عند بقية أزرار القميص التي مازلت مغلقة وناظرتها بعبوس، لكنها رفعت مقلتيها من جديد ووجهتهما نحوي وقالت بابتسامة واسعة: "هذه الدلتا".. مشيرة نحو عضلي الصدر، وأنزلت أصابعها قليلا نحو بطني، وقالت بحبور: "وهذا نهر النيل".. ثم قالت هامسة وكأنها تخبرني سرا: "أحب شكله.. يبدو محفورا ببروز مبهر"، ثم وضعت يدها على فمها لكي تسيطر على ضحكة خجلة تسللت من بين شفتيها مسببة لها بعض الآلام حول موضع جراحتها، الذي ربتت عليه برفق بيدها الأخرى..

ربتتُ على كتفها بحنان، وقلت مسيطرا بكل طاقتي على رغبة ملحة في تقبيلها: "إذًا يعجبك الشكل وتحبينه.. سأذكّرك بهذه المحادثة لاحقا في وقت أنسب فلا تدّعي الإنكار وقتها.. والآن ارتاحي قليلا ".

هتفت هي بتوتر: "لا تتركني".

أمسكت يدها وطبعت عليها قبلة حانية، وأخبرتها بإصرار: "لن أذهب لأي مكان حتى نعود معا لبيتنا".. فردت هي بإنهاك: "أحب بيتنا"..

جملتها الأخيرة تسللت إلى داخلي، فأسكنتها مكانا خاصا في قلبي.. لن أنسى أبدا هذا الاعتراف..

مرت عدة دقائق في صمت، بينما أخذت تستعيد شروق انتباهها شيئا فشيئا، إلا أن أصدرت شهقة متألمة ووضعت يدها على جانب بطنها حيث موضع الجرح، وأخذت تتأوه بخفوت، ثم طلبت كوبا من الماء..

غادرت الغرفة بحثا عن الممرضة أو الطبيب المسؤول عن حالتها إلى أن قابلت الممرضة خارجة من غرفة أحد المرضى، فعادت معي لغرفتها ومنحتها كوبا بلاستيكيا به القليل من الماء لكي ترتشف منه رشفات قليلة كافية لكي يتبلل فمها فقط، مؤكدة أن الطبيب سيسمح لها بالأكل بعد بضع ساعات..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 06:16 PM   #804

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل التاسع والعشرون - القسم الثاني

مرت حوالي ثلاث ساعات أخرى، تم خلالها نقل شروق إلى غرفتها التي ستبقى بها تحت الملاحظة حتى صباح اليوم التالي.. بعدها انهالت المكالمات الهاتفية بشكل متواتر، حيث اتصل حسام أولا، وتساءل عن سبب اختفائي أنا وشروق، مؤكدا أن مدام سناء تشعر بالقلق الشديد، خاصة وأن شروق لا ترد على هاتفها..

أخبرته بما تعرضت له شروق من آلام قبل ساعات، وأنها قد خضعت لجراحة عاجلة لكنها بخير حاليا، إلا أنه أصر على الحضور برفقة الخالة سناء لكي يطمئنا عليها..

في البداية عارضته، لكنه أخبرني أنه سيطلب من سامح استعارة سيارة شقيقه وقيادتها بنفسه
لتوصيلهما إلى المستشفى..

بعدها اتصلت بي حنان التي شعرت بالقلق لعدم وصول شروق للمستشفى حتى الآن للانتظام في مناوباتها من جديد، فأخبرتها عن الجراحة وطمأنتها أن صديقتها بخير، فأعلنت هي أنها ستقوم بزيارتها فور أن تنتهي من مناوبتها وستخبر أيضا مسؤول المناوبات عن الأمر، لكنها أبدت تذمرها من توقعها التعرض للتوبيخ كون شروق قد غابت بالفعل عدة أيام من قبل، وستضطر للحصول على فترة راحة جديدة بعد هذه الجراحة..

خلال الساعة التالية، تتابعت الزيارات على شروق التي استعادت وعيها تماما وأصبحت في حالة مزاجية جيدة بعد أن تم حقنها بجرعة من المسكن لتخفيف الآلام، حيث زارها أولا حسام والخالة سناء، فاستقرت الأخيرة بجوارها على السرير وظلت تحتضنها بأمومة حانية وهي تدعو لها بتمام الشفاء وتؤكد أنها محسودة..

أما حسام، فقد مازحها قائلا: "الحمد لله أننا لم نتخلص بعد من المقعد المتحرك.. من المؤكد أنك ستحتاجينه خلال الفترة المقبلة يا شروق"..

نهرته بحدة هاتفا: "توقف عن مزحاتك السخيفة"، لكن ضحكات شروق منعتني من الاحتفاظ بحالة الجدية والاستمرار في توبيخه لوقت أطول..

حتى سامح الذي قام بتوصيل حسام، صعد أيضا للاطمئنان على شروق وتمني الشفاء العاجل لها، ثم غادر سريعا..

وخلال الساعة التالية، جاء خالد برفقة زوجته زينة، حيث اندفعت الأخيرة تطبع القبلات على وجنتي شروق وتتمنى لها الشفاء، وتعتذر لها عن غياب زاد بسبب ارتباطها بموعد مع عميل، لكنها أرسلت أمنياتها بالشفاء مع زينة ووعدت بزيارة شروق عند عودتها للمنزل..

ويبدو أن زاد قد أوصلت الخبر لسليم الزين، الذي جاء أيضا للمستشفى برفقة والده..
عمي المزعوم..

لا أنكر أنني تحفزت عندما رأيتهما واقفين أمام باب الغرفة، لكنني سمحت لهما بالدخول ومعاودتها والاطمئنان عليها مرسلا تجاههما نظرات حادة تخبرهما بلا كلمات أنه لا مكان للحديث بشأن أي أمر آخر الآن..

وللأمانة، التزم كلاهما بالاطمئنان فقط على شروق والجلوس قليلا مع خالد وحسام إلى أن استأذنا بالمغادرة أيضا..

بعد قليل، وصلت باقة من الزهور إلى الغرفة موقعة من المخرج عمرو كساب.. الأمر الذي أصابني بالضيق، حيث تطوع حسام وأعلن لشروق أنه من أخبره عبر الهاتف، فأصر الأخير على إرسال الباقة لتمني الشفاء لها..

على الأقل، أرسل الباقة ولم يمتعنا ببهاء طلته وجمال خطوته..
دبق..

مع قرب الغروب، سمح الطبيب لشروق بتناول بعض الزبادي والعصير، كما طلب منها أن تجرب السير لبضع خطوات في الممر المواجه للغرفة، مؤكدا أن حالتها البدنية حاليا ممتازة ويمكنها المغادرة في الصباح بعد أن يفصحها مرة أخرى ويوقع على إذن المغادرة..

وبحلول المساء، جاءت حنان لزيارة شروق، فانتهزت الفرصة وطلبت منها أن تجالسها ريثما أقوم بتوصيل حسام والخالة سناء للمنزل..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

كان الطريق للمنزل صامتا إلا من بعض التعليقات من الخالة سناء عن الأطباق التي تنوي إعدادها غدا من أجل شروق حتى تتغذى جيدا ويلتئم جرحها سريعا..

لكن حسام بدا صامتا بطريقة غير اعتيادية.. وكأنه في حالة تشبه الحداد..
تُرى ماذا يؤلمه لتلك الدرجة؟

بعد أن دلفنا من البوابة الخارجية للمنزل، قمت بصف السيارة سريعا، ثم ساعدت الخالة سناء على النزل من المقعد الخلفي، لتتحرك هي باتجاه الفيلا، بينما شرعتُ في مساعدة حسام..

أخرجت عكازاته الممددة بأرضية المقعد الخلفي، ثم توجهت نحو مقعده، وفتحت الباب وسلمته العكازات، حتى يعتدل ويخرج ساقيه استعدادا للنهوض والتحرك..

في البداية، تصرف حسام بجفاء ورفض مساعدتي، لكنه بعد ذلك سمح لي بشد مرفقيه حتى لا يضغط بوزنه على ساقه المصابة..

تركته بعدها لكي يتحرك بحرية ويسير مستندا لعكازيه وفقا للسرعة التي اعتاد عليها حاليا بعد التدريبات المكثفة التي خضع لها مؤخرا، ثم سرت بجواره في صمت إلى أن وصلنا لغرفته..

حين شرعت في مساعدته على الاسترخاء على أريكته المواجهة لفراشه، نظر هو لي بحدة وقال بنبرة شبه جافة: "يمكنك العودة لعالمك الجديد الآن"..

رفعت حاجبي بدهشة.. صحيح أنني شعرت بتشنجه وضيقه طوال الطريق، لكنني لا أفهم سبب حنقه واستنفاره ضدي بهذا الشكل..

ولأنني لا أحب المواربة، سألته مباشرة: "ماذا تقصد؟"

تصدرت مقلتيه نظرة حسيرة أعرفها جيدا كانت تلازمه فيما مضى، ولكنها على ما يبدو عادت بغتة لتحتل عينيه لأول مرة بعد أن ودعتهما لسنوات طويلة..

لماذا تتألم يا أخي بهذا الشكل؟ لماذا تشعر باليتم من جديد؟
اليــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــتم؟

إذًا هذا على الأرجح ما يوجعك..

عندما أرخى حسام نظراته دون أن يرد، استطردت أنا: "زيارة علي الزين وابنه أغضبتك.. أليست كذلك؟"

رفع هو عينيه من جديد لترتطما بنظراتي المتسائلة، ثم أنزلهما مجددا بوجل.. ولم يعقب..

كدت أهم بمواجهته حول سبب تبرمه وابتئاسه، لكن رنين هاتفي باغتني، فنزعته من جيبي بسرعة خوفا من أن يكون سوء قد حدث لشروق، خاصة أن اسم المتصل كان (حنان)..

استقبلت المكالمة وسألتها بلهفة: "هل شروق بخير؟"

ردت هي بهدوء ورتابة: "هي بأفضل حال".. ثم ضحكت بطفولية وقالت: "هل قلقت عليها؟"

تنحنحت بحنق، فأكملت هي: "اتصلت لأخبرك أنني سأبيت برفقتها الليلة.. لقد استأذنت والدتي وسمحت لي بالبقاء مع شوشو عندما علمت بأمر جراحتها، ولهذا سأظل معها نتسامر طوال المساء، ثم ننام ليلتنا بهدوء وفي الصباح أعود لمنزلي لتغيير ثيابي والتوجه للمستشفى، بينما تنهي أنت أوراق مغادرتها وتعودان للمنزل.. هي تقول.. احممم.. تخبرك أن ترتاح قليلا وتغفو لبضع ساعات بعد أن أمضيت يومين تقريبا مستيقظا".

هذه الفتاة..
عندها طاقة عطاء مذهلة.. لولا أنني عرفت شروق لسنوات.. لظننت أنهما شقيقتان برغم اختلاف ملامحهما..

زفرت براحة، ثم أجبتها بامتنان: "أشكرك جزيلا يا حنان.. بالفعل أحتاج للبقاء بالمنزل الليلة.. فحسام.. امم.. لا يبدو بأفضل حال أيضا"..

سألت هي بلهفة: "ماذا به حسام؟ هل حدث له شيء؟"

"لا.. هو فقط يعاني من بعض الضيق.. هناك مشكلة ما سنحلها سويا".. أجبتها بهدوء بينما تلاقت نظراتي مع حسام الذي ضيّق حاجبيه بحنق لأنني ذكرت أمامها أن هناك مشكلة تخصه..

زفرت حنان براحة وكأنها كانت تحبس أنفاسها، ثم سارعت بإنهاء المكالمة..

قبل أن التقط طرف الحديث وأواجه حسام من جديد، تصاعد رنات إشعارات تعلن عن وصول مجموعة متتالية من الرسائل القصيرة عبر تطبيق "واتساب" للمحادثات على هاتف حسام الذي طالع شاشته ثم تجاهل الهاتف كلية..
غريب..

تحركت تجاه حسام في صمت، ثم انحنيت قليلا لكي أحمل ساقيه وأفردهما أمامه على الأريكة واضعا أسفلهما وسادة صغيرة.. بعدها أحضرت المقعد المواجه لمكتبه، وتحركت به لكي أجلس مباشرة أمام الأريكة لا يفصل بيننا سوى سنتيمرات قليلا، ثم حثثته على تبادل الحديث معي، حين قلت متحديا: "إذًا موضوع ظهور علي الزين في حياتي يغضبك أو يقلقك.. هل لي أن أعرف سبب هذا الشعور الذي يكتنفك حاليا؟"

زفر حسام بحنق، وأغلق عينيه وكأنه يريد لكل الأفكار التي تزعجه أن تتلاشى من رأسه..

ويبدو أنه يئس، حيث زفر مجددا وقال بنبرة حزينة ذكرتني بملامحه الطفولية الهزيلة الذابلة، حيث قال: "أعترف أنني أشعر بالضيق.. لا بالغيرة.. أشعر بالغيرة من ظهور عائلتك.. أشعر وكأنه لن يكون لي دور في حياتك بعد الآن.. لن نعود الثنائي الذي استغنى كل واحد من طرفيه بالآخر عن العالم بأسره"..

ناظرته مطولا.. آملا أن تنجح مقلتاي في إقناعه أن متانة علاقتنا التي بدأت منذ الطفولة المبكرة لا يضاهيها شيء ولا يمكن لأي تطور حياتي أن يفتتها.. لا زواجي.. ولا ظهور عائلتي.. أو حتى زواجه أو تصالحه مع عمته..

صحيح أن علاقتنا ستنمو وتتطور باختلاف الظروف الحياتية التي تمر بنا، لكنها أبدا لن تتمزق أو يشعر أحدنا بالاكتفاء وعدم الاكتراث إذا خرج الآخر من حياته..

أخبرته بنبرة واثقة يملؤها اليقين: "العائلات العادية لا يختار أفرادها بعضهم البعض، بل يرتبطون معا برابط الدم.. ولكن هناك من يستهينون بالدم ويحيلون حياة أبنائهم لجحيم مطبق أو يتخلون عنهم منذ البداية رافضين حتى الاعتراف بهم وتحمل مسؤولية رعايتهم وتنشئتهم.. والملجأ حيث ترعرعنا أكبر دليل على ذلك.. ربما لم تكن محظوظا بالطريقة التي فقدت بها والديك وفشلت عمتك في احتضانك صغيرا.. وربما أنا أيضا أصابني سوء الحظ حين ابتعدت عن عائلتي لسبب ما، لأجد نفسي نزيلا في الملجأ.. لكنني متأكد أننا محظوظان تماما لأن كلا منا اختار عائلته بنفسه متمثلة في الآخر، فوثق به ومنحه الحب والرعاية وتشبث به حد الاكتفاء.. لقد مررنا بالكثير ونجونا معا من أهوال مدمرة.. بالنسبة لي يا حسام.. لم أندم أبدا على اختياري.. وأساسا حتى الآن لم أخضع لتحليل إثبات الوراثة ولست متأكدا أنني فرد من عائلة علي الزين.. لكن حتى إذا ثبت الأمر وظهرت عائلتي من جديد وطلبت احتضاني.. فإنني لن أترك من كان عائلتي الوحيدة لسنوات..".

قبل أن يعلق حسام، نهضت لأقف أمامه ممددا قامتي بالكامل كي أبثه بعضا من الثقة والأمان والاحتواء، ثم تنهدت وتابعت بتأكيد لا لبس فيه: "أنت أخي.. صحيح لست شقيقي بالدم.. لكنك شقيق روحي.. أخي بالوفاء.. بالإيثار.. بالدعم والمساندة.. بالمصير المشترك.. بدونك لم أكن لأكمل هذه الحياة ولكنت استستلمت مبكرا للغاية.. فإذا كانت شروق هي الضوء الذي أرسله الله لي لينير دكنة حياتي وينقذني من الظلام الذي فرضه المرض والظروف عليّ، فأنت كنت السند الذي توكأت عليه عمري كله.. بل إنني لا أعدّك أخي حتى.. أنت ابني وربيبي.. ولا أظن أن هناك أبا يتخلى عن ابنه، خاصة إذا مر معه بكل الظروف التي مررنا بها سويا.. تيقن من تلك النقطة ولا تخرجها من رأسك أبدا.. هي أكيدة وثابتة ولا يجب أن يزعزها نزغ من القلق أو التشكك نتيجة تبدل الظروف".

سحبني حسام من يدي لكي أنحني وأصبح في مواجهته مباشرة، ليلف ذراعيه حولي فيغمرني ويربت على ظهري بطريقة رجولية صاخبة تعبر عن غبطته وفخره بي، ثم قال بسرور واضح: "لا حرمني الله منك أبدا يا كبير".

حين غادرت غرفة حسام متوجها للدرج.. جاءني صوت الخالة سناء من داخل المطبخ تخبرني أنها ستعد العشاء.. أخبرتها أنني لست جائعا.. وطلبت منها أن تعد بعض الشطائر لحسام قبل أن يستسلم للنوم..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 06:26 PM   #805

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: الفصل التاسع والعشرون - القسم الثالث

صعدت لغرفتي، وهممت بالاتصال بشروق، ففوجئت أن هاتفها يرن من مكان قريب، لأكتشف أنه مازال قابعا على المنضدة الجانبية المجاورة للفراش حيث تركته صاحبته ونسيت أن تحمله معها عندما هاجمتها نوبة الألم المفاجئة.

ألغيت الاتصال، ثم طلبت رقم حنان التي ردت سريعا، فسألتها عما إذا كانت شروق مستيقظة واستأذنتها بالحديث إليها قليلا..

عندما جاء صوت شروق عبر الهاتف، كان أكثر قوة وبدت وكأنها قد استعادت الكثير من طاقتها، حيث
ردت قائلة: "مرحبا حازم.. هل حسام بخير؟ أخبرتني حنان أن هناك مشكلة ما".
تسأل على حسام أولا..

أجبتها ببرود: "هو بخير.. الأمر لا يزيد عن مجرد سوء تفاهم.. وأراد هو أن يتدلل عليّ قليلا.. لكننا تصافينا والأمور بأحسن حال الآن.. طمئنيني كيف حالك؟ هل تشعرين بألم؟؟ اطلبي من الممرضة بعض المسكنات إذا كنت تتألمين.. ولا تستسلمي لمزحات صديقتك وتضحكي كثيرا حتى لا يؤلمك موضع الجرح و..."

قاطعتني بصوتها المبتهج: "لا تقلق.. هل نسيت أن الغرفة بها طبيبتان حاليا؟"

أجبتها متصنعا البرود: "حسنا يا طبيبة.. استمتعي بأمسيتك مع صديقتك الطبيبة الثانية.. ولكن لا تطيلي السهر.. إذا شعرتِ بالتعب.. نامي فورا.. هذه ليست حفلة نوم.. فأنتِ مريضة وتحتاجين للراحة.. أريد أن أجدك في قمة نشاطك عندما آتي لزيارتك غدا كي يقتنع الطبيب أنك جاهزة للعودة لبيتك".

قالت هي بلهفة: "لا أصدق أنني اشتقت للمنزل بعد أقل من يوم واحد خارجه"..

أجبتها بصوت مبتهج: "وستعودين إليه بعد ساعات قليلة.. هيا اذهبي لكي ترتاحي.. تصبحين على خير"..

أنهيت المكالمة معها، ثم توجهت لخزانتي لاستخراج منامة رياضية، وتوجهت للحصول على حمام سريع..

حين استلقيت على الفراش، شعرت بالتململ وعدم القدرة على النوم برغم حالة النعاس التي غشت جفوني..

فأخذت أتنقل بين بعض المنصات الإخبارية الإلكترونية كي أتابع أخبار البورصة بعد عودة العمل بها منذ أيام، وكذلك قرأت العديد من التحليلات الاقتصادية التي يتوقع الخبراء من خلالها حالة السوق بعد التغيرات السياسية الأخيرة..

كنت منغمسا في القراءة، حين رن الهاتف برقم غريب..

كان داخلي يتنبأ بهوية المتصل، ومع ذلك، استقبلت المكالمة، ليأتيني صوت رحيم صاخبا منفرا كالمعتاد، حيث قال: "مرحبا بابني الضال الذي يتدلل رافضا العودة للعمل تحت جناحي مجددا.. ألم يتوقف عنادك وتتعقل قليلا؟ أصبحت زوجا ورب أسرة.. تهرول بزوجتك إلى المستشفى لإنقاذ حياتها، ومع ذلك تتجاهل والدها ولا تريد إنقاذ حياته أيضا".

سألته بضيق وتوجس: "كيف عرفت أنها كانت في المستشفى؟"

رد هو ببساطة: "بالطبع أعرف.. هل تظن أنني لا أعلم كل شيء عنك منذ حفل زواجكما في قصري؟؟ اسمع أيها الأحمق.. مكانك الحقيقي بين راحتيّ تنفذ ما أريده منك وتتحرك وفقا لإرادتي وبما يخدم مصالحي.. خصوصا في هذه الفترة الحرجة.. لا يمنعني عنك ويكبل يديّ حاليا سوى بدء التحقيقات لاصطياد رجال النظام.. وأنا لا أريد أن ألفت الأنظار لنفسي طالما أنها لم تتوجه نحوي بعد.. ولهذا منحتك الوقت الكافي لتتعقل وتكف عن التصرف بحماقة طفولية.. هل نما لك ضمير فجأة وأصبحت تنظر للصواب والخطأ قبل تطبيق ما آمرك به؟"..

قبل أن أرد، عاد رحيم واستطرد بنبرة متملقة كريهة تنطوي على الكثير من السخرية: "لطالما كنت بيدقي المفضل يا حازم.. صحيح أن لديّ حاليا جيشا كاملا من المجرمين أصحاب القلوب الفولاذية يعملون تحت يدي لكنهم ليسوا بذكائك.. لم أجد للأسف من بينهم شخصا واحدا يمتلك نفس قدراتك المذهلة على تنفيذ مخططاتي دون آثر يشير إلىّ.. وأخشى أن أطلقهم عليك فيجرّون قدميّ إلى الجحيم.. ولكن تأكد أنني لن أصبر طويلا.. إذا لم تتعقل وتنصاع بنفسك.. سأجبرك بطريقتي.. لا تظن أنك بأمان.. فقط استمتع بفسحتك القصيرة تلك ريثما أنتهي من تأمين نفسي وترتيب أوضاعي ونقل ثرواتي للخارج.. أنا فقط أتركك طليقا لبعض الوقت حتى تعيد ترتيب أفكارك وتعود إليّ طوعا".

سألته متحديا بنبرة مغتاظة: "وإذا لم أعد؟"

رد هو بحنق حاول كتمانه: "هذا الأمر غير وارد.. أنت لن تقوَ على الوقوف بوجهي ولن تحتمل تبعات تحديك لي.. مهما تصنعت القوة والبسالة والشجاعة، ستعرف قدرك في النهاية وسيكون عليك الانضمام إليّ من جديد لكي تستعيد عرشك كوريث لإمبراطوريتي الاقتصادية لتحظَ وقتها بالقوة الحقيقية"..

أجبته بنفور: "لا أريد تلك الإمبراطورية الملوثة بالدماء.. ولا أريد منك شيئا.. لستُ لاهثا خلف الثروة والسلطة مثلك.. ابتعد عن حياتي"..

اندفع رحيم هادرا بغضب: "كيف أبتعد عن حياتك الآن وحياتي نفسها في خطر؟.. اسمع.. علمت من مصادري الخاصة أن هناك نية للتحرك والزج باسمي في التحقيقات الخاصة بموقعة الجمل عما قريب.. لن يأخذ الأمر بضعة أشهر حتى تصل السلطات إلى الرأس المدبر.. لا أريد أن تتجه أصابع الاتهام نحوي مهما حدث.. وهنا يأتي دورك.. يجب عليك حمايتي والتغطية عليّ.. في النهاية أنت لا تقبل الإساءة لسمعة زوجتك بعد إدانة والدها".

ضغطت على هاتفي بأناملي التي تصلبت كمخالب معدنية حادة بفعل الغضب، وتلفظت ببعض الألفاظ الحادة، ثم هدرت صارخا: "ابتعد عن حياتي.. ألا يكفيك كل ما أخذته مني؟ كيف تطلب مني أن أساعدك بعد ما حدث لأخي؟ بعد أن بعت ابنتك بلا ثمن؟ أنا لم أعد أدين لك بشيء ولا أمتلك أي شيء آخر لأقدمه إليك.. لقد أخذت مني سنوات عمري السابقة.. اتركني لأحيا".

كدت أن أفقد أعصابي وأن أحدثه عن ظهور علي الزين في حياتي وما يسوقه حول وجود صلة قرابة بيننا، لكنني ارتأيت أن الصمت هو الأنسب حاليا حتى أتأكد من الأمر أولا.. كما أن جهل رحيم بذلك الأمر تحديدا نقطة في صالحي ربما تنفعني لاحقا إذا حاول الإقدام على إيذاء أحد من عائلتي..

رد بثقة وأريحية: "ستساعدني بالطبع حتى تحمي زوجتك من الفضيحة إذا تم سجن والدها.."

أجبته بضيق: "أغلق الآن.. لست في حالة مزاجية مواتية للتعاطي معك.. خاصة وأنت تعلم بالفعل أن ابنتك في المستشفى"..

هم رحيم بغلق المكالمة، فاستطردت متابعا: "الغريب أنك لم تسألني عن حالها أو وضعها الصحي.. لم تسأل عليها مرة واحدة منذ زواجنا.. ماذا إذا كنتُ وغدا قاسيا أسيء معاملتها وأقهرها؟ ألم تشغلك التساؤلات أبدا عن حالها؟"..

ساد الصمت لبضع دقائق إلى أن انقطع الاتصال من جانبه..

حاولت الاسترخاء متوسلا للنوم أن يزورني ولو لسويعات، لكن الأفكار الصاخبة كانت تتحرك في أكثر من اتجاه..

مرض شروق المفاجئ.. غيابها عن المنزل واشتياقي العارم لها.. هذا الشوق الذي فتح الباب لفكرة مقبضة..

هل يا تُرى سيأتي يوم تتركني فيه شروق وتقرر الطلاق والرحيل لمكان آخر لا يجمعنا؟.. هل يمكن أن تتخذ قرارها بأن تبدأ حياة أخرى بعيدا عني.. مع شخص آخر؟

شخص آخر؟؟!!
تبا..
لن يحدث.. لن أقبل ابتعادها عني أبدا.. لن أسمح لها..

زجرني قلبي بنبضة واحدة مؤلمة أصابتني برعشة مزعجة.. ثم زأر ضميري معنفا
(هل ستجبرها على البقاء معك؟ هل ستتحمل أن تتحول لسجانٍ لها فعليا؟ هل تقبل أن تصبح نسخة من والدها الحقير؟)

شب صوت من داخلي يرد بحمائية
(لا والله.. لكنها.. لكنها سعيدة بهذا المنزل.. أنا متأكد من هذا.. ورغم أنها لم تعترف بعد بحبها لي.. لكنها برغم حيائها وخجلها تتجاوب معي في تلك اللحظات الدافئة..كنت أشعر أنها راضية.. فهل إذا جاءتها الفرصة للانفصال ستغتنمها أم ستختار البقاء معي؟.. خاصة بعد كل الاعترافات التي كشفتها لها عن حياتي ومخاوفي.. لم أحجب عنها شيئا.. فهل أبالغ بشعوري أن قلبها بدأ يميل لي؟)

ثم ترددت فكرة أخرى أكثر صخبا
(هل الأصوب أن أظل مبتعدا عن والدها اللعين أم أساعده على تجنب الإدانة في قضية الاستعانة بالمجرمين والمخربين لتدمير المتحف وإبادة المتظاهرين وإرغامهم على الرحيل عن الميدان؟)

هل ستتقبل فكرة وضع والدها في السجن أم ستغفر لي إذا استسلمت لضغوطه ووافقت - من أجلها - على مساعدته؟..
يا إلهي.. عقلي سيُجن..

لأرتب خطواتي المقبلة..

سأبدأ أولا بالخضوع لذلك التحليل، وإذا جاءت النتيجة مطابقة لما يصر علي الزين عليه.. فسيكون
عليه مساعدتي وقتها.. بل وستكون حماية أسرتي واجبا ملزما له..

ألا يقول إنني جزء من عائلته؟ ليتحمل إذًا المسئولية.. خاصة وهو يصر على أن رحيم مدين له بثأر
يجب أن يوفيه..

أخذت أتقلب في الفراش وأنا أشعر بالضيق عاجزا عن النوم بدون فراشتي إلى جواري تدثرني بوهجها الذي يبعد ظلامي ويجعل الشبح القابع بداخلي يستكين..

رفعتُ وسادتها واحتضنتُها وأنا أعبئ صدري من عبيرها المتطاير على سطح الوسادة.. وحينها استرخيت قليلا لتلفني ستائر الليل الداكنة إلى عالم النوم والأحلام.. أو الكوابيس..

كنت أتحرك كطيف هائم.. تماما كشبح أسود يلتحف بعباءة الظلام ويتجول سابحا بخفة في الهواء بحيوية تماثل الكتل الدخانية متباينة الأشكال والتي تتحرك في كل الاتجاهات..

أخذت أطوف بين جنبات منزل دافئ لأسرة سعيدة.. زوج محب وزوجة رقيقة وطفل.. لطيف..

كان ثلاثتهم قد تأنقوا بأبهى الحلل وتحركوا تباعا صوب سيارة بتصميم عتيق نوعا ما..

كان الطفل يصر على الجلوس في حضن أمه بالمقعد الأمامي، وهي كادت أن تستجيب له، لكن الزوج زمجر مفتعلا الغضب، ثم تحدث للطفل بصوت خفيض بعيدا عن مسامع زوجته.. فلم أفسر ما قاله على وجه التحديد..

بعدها أطرق الطفل رأسه مرتين تعبيرا عن الموافقة، ثم تحرك بتهذيب نحو باب المقعد الخلفي للسيارة ليتسلق المقعد ويتراخى جالسا عليه، فأرسلت له والدته قبلة هوائية بأطراف أصابعها، ثم تحركت هي لتجلس في المقعد الأمامي جوار زوجها..

أما أنا.. فقد تسللت لداخل السيارة بحركة زئبقية لم يستشعرها أحد.. ومع ذلك حين استقريت بجوار الطفل على المقعد الخلفي.. ناظرني هو لعدة ثوانٍ بنظرة مشفقة.. أم تراها متوسلة؟!

لم يكن أمامي وقت كافٍ لتحليل النظرة أو حتى محاولة التواصل مع صاحبها الذي كانت ملامح وجهه مألوفة لي.. وكأنه شخص عرفته في زمن آخر..

كشبح خفي، كنت أستغرب وجودي معهم في تلك السيارة ومشاركتهم رحلتهم القادمة... لكن الدهشة علت بداخلي بشكل أكبر عندما أدركت أن الطفل قد.. استشعرني..

صاحت الأم بحبور شديد: "اليوم سنتوجه لمنزل عمك علي.. تعلم أن الطريق طويل نوعا ما.. ولكنني جهزت لك بعض الشطائر والعصير.. كما يمكنك النوم إذا أردت.. أما إذا شعرت بملل خلال الرحلة، يمكن لوالدك تشغيل راديو السيارة لكنني لست متأكدة أن هناك أغاني تناسب عمرك وتمنحك التسلية التي ترجوها.. ما رأيك؟ هل تريد شطيرة جبن الآن؟"

رد الطفل بتهذيب: "لست جائعا.. أريد اللعب مع سلامة ابن عمي.. لقد افتقدته كثيرا"..

علقت الأم: "خلال ساعتين أو ثلاثة على الأرجح ستجتمعان معا يا حبيب أمك.. كما سيستأذن والدك العم علي لكي يسمح له بالعودة معنا والإقامة معنا في دارنا بالبلدة طوال الأسبوع.. فهو حاليا في فترة العطلة.. كما أن حالته الصحية تحسنت كثيرا"..

أخذت أطالع ثلاثتهم بفضول شديد بينما تنتابني الحماسة للقاء ابن العم الذي يتحدث عنه الجميع..
وبينما أنا منشغل بمتابعتهم.. انحرفت السيارة إلى طريق أكثر إظلاما.. كان متعرجا غير ممهد تملؤه الحفر ويخلو من أعمدة الإنارة الليلية وكأن هوة سوداء من قعر الجحيم قد ابتلعت السيارة التي أخذت تتحرك برعونة في طريق غير صالح بالمرة..

كان الأب يحاول السيطرة على السيارة التي جنحت منه أكثر من مرة تجاه اليمين واليسار وكأنها تتراقص بفعل قوى خفية تتحكم بها..

حينها بدأت الأم تتوتر وترتعش وهي تتمتم بأدعية وآيات من القرآن الكريم..
أما الأب، فقد ضيّق حاجبيه وكأنه يستدعي أقصى درجات تركيزه محاولا ألا يفقد أعصابه في تلك اللحظات الحرجة..

ظل يحرك عجلة القيادة ويضغط على المكابح بالتبادل دون أن ينجح في السيطرة على السيارة..
وقتها ظل الطفل صامتا تماما إلا من دموع تنهال على وجنتيه.. لا يبدي قلقه ولا يحاول إزعاج والده كي لا يزيد الأمر سوء..

وفجأة، جنحت السيارة على صخرة ضخمة، ثم انحرفت لأسفل لطريق ثالث يبدو وكأنه يخضع لأعمال حفر في مستوى منخفض من الأرض..

بعد بعض الوقت، أظلمت مصابيح السيارة، لكنها رغم ذلك ظلت تسير بسرعتها العالية وكأن ضغط الأب على المكابح يزيدها سرعة..

كان الصمت يخيم على الجميع إلا من زمجرة السيارة لكن الأم صاحت فجأة بصرخة واحدة: "بساااااااااااااااام"، قبل أن تصطدم السيارة بحاجز معدني يتخلل مقدمته قضبان حديدة متعددة بارزة للخارج، فانغرست جميعها في مقدمة السيارة... ثــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــم


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 06:32 PM   #806

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 الفصل التاسع والعشرون - القسم الرابع

استيقظت من نومي شاهقا أشعر باحتراق في حنجرتي وثقل على رئتي يمنعني من التنفس بصورة طبيعية.. فنهضت جالسا بعنف واندفاع وأنا أتحسس صدري الذي كان ينبض بجنون بينما غطت طبقة كثيفة من العرق كامل وجهي ورقبتي..

تحركت مسرعا تجاه الحمام لكي أغسل وجهي بالماء البارد حتى أتخلص من ذلك التشويش الذي ضرب أوصالي وأصابها برعدة زلزلت دواخلي..

كنت أرفض العودة للتفكير في ذلك الكابوس المرعب خاصة وأنه بات يتكرر مؤخرا، وكان من المستحيل العودة للنوم من جديد برغم أن الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بساعة واحدة فقط..

بدلت ملابسي ونزلت إلى غرفة الجيم مسرعا حاملا منشفة وزجاجتيّ ماء..

وضعت قفازي الملاكمة وأخذت أكيل اللكمات العنيفة بلا تحفظ لكيس اللكمات..
ظللت ألكم الكيس بعنف حتى شعرت أن يديّ قد تخدرتا..

بعدها، تحركت نحو طاولة الأثقال، ووضعت بعض الأوزان في عمود الأثقال، ثم أخذت أرفعها وأعيدها للأرضية عدة مرات بحركات متأنية متتابعة..

تحركت بعد ذلك نحو صندوق الأدوات الرياضية الجانبية، وأخرجت حبلا مطاطيا وأخذت أقفز بشكل متسارع حتى انقطعت أنفاسي تماما...

انحنيت مستندا براحتيّ على ركبتي وأنا أنهت محاولا تهدئة تنفسي ونبضات قلبي بعض الشيء بعد أن استهلكت جُل طاقتي، ثم توجهت نحو المنشفة وقمت بتجفيف عرقي، بعدها تجرعت زجاجة ماء كاملة، وقبل أن أبدأ في الثانية، سمعت خطوات حسام متجها صوبي يسير الهوينى بعكازيه..

منحني ابتسامة قلقة ورفع أحد حاجبيه مستفهما دون أن ينطق كلمة واحدة.. وعندما لم يجد مني ردا، تحرك للرقود على السرير الفردي الذي يتمدد عليه كلما أراد القيام بتدريبات التقوية لساقه المصابة..

أخذ حسام يتدرب برتابة وملل متحاشيا الحديث معي تاركا المساحة لي كي أهدأ تماما أو أبادر بالكلام، فتوجهت نحوه وسألته بغيظ: "ماذا أيقظك في هذه الساعة؟ هل هذا وقت ممارسة الرياضة؟ الشمس لم تشرق حتى.. بل لم يؤذن الفجر بعد"..

ضحك حسام ضحكة سخيفة، ثم اعتدل في جلسته وقال: "قل هذا لنفسك.. لماذا تتدرب في تلك الساعة؟.. لقد أيقظتني الأصوات التي كنت تطلقها وأنت تتدرب بعنف في تلك الساعة.. هل نسيت أن الجيم ملاصق لغرفتي؟"..

زفرت بضيق ولم أعقب، فتابع هو شارحا: "في البداية لم أنتبه لما يحدث، لكن عندما ازدادت الجلبة، ضاع النوم من عينيّ وأنا أظن أن لصا قد اقتحم الفيلا.. فاتصلت على هاتفك كي تأتي للنجدة قبل
أن أتهور وأخرج بمفردي لمواجهته بحالتي تلك"..

أطلق حسام مزحة ساخرة بطعم الأسى، لكنه استعاد هيئته البشوشة المعتادة وأكمل: "ولكنك لم ترد.. على الأرجح تركت هاتفك بغرفتك بالأعلى.. قلت لنفسي لأخرج وأشج رأسه بعكازي وإذا صار له شيء سيكون دفاعا عن النفس، لكنني عندما أحضرت العكازين وتحركت خارج غرفتي.. تيقنت أن الأصوات تخرج من الجيم وأن من بداخلها ليس سواك.. فقررت الانضمام إليك وممارسة بعض تدريبات التقوية.. فأنا أتعجل الشفاء كما تعلم، و النوم قد غادرني بكل الأحوال"..

أنهى حسام كلماته بابتسامة سخيفة وكأنه يتهمني بتعمد إيقاظه بصخبي داخل الجيم، فعبثت بمقدمة شعره بغير مبالاة لكي أزيده حنقا..

قال بعدها حسام بنبرة ملحة متيقنا أن هناك خطبا ما: "تحدث.. ماذا يضايقك؟؟ هل أنت مستاء بسبب ما قلته لك بالأمس؟"

أجبته سريعا: "بالطبع لا.. لقد تعودت على حماقتك منذ سنين.. لكن الأمر.. فقط.. انتابني كابوس مزعج ولم أستطع النوم".

أكمل هو ممازحا: "بغياب شروقك بالطبع".

صفعت مؤخرة رأسه برفق متصنعا الغضب وقلت محذرا: "احترم نفسك".

رفع حسام يده يتحسس موضع الضربة ماطا شفتيه مدعيا الشعور بالألم، ثم تساءل: "والآن بعد أن استهلكت طاقتك السلبية بالكامل.. هل تريد أن تحاول النوم من جديد؟"..

أجبته بيأس: "لقد هرب النوم من عينيّ.. لكنني لا أعلم ما الذي يجب عليّ فعله الآن استغلالا للوقت حتى الصباح.. أشعر بإجهاد شديد.. لن أستطيع السباحة.. كما لا أريد التوجه للمطبخ والانشغال بالطهي أو محاولة ترتيب المنزل حتى لا أزعج الخالة سناء".

قرقع هو إبهامه مع وسطاه، ثم برقت عيناه وقال بحبور: "وجدتها.. لنصعد للحديقة العلوية ونشاهد بزوغ الفجر واللحظات الأولى لشروق الشمس معا"..

زمجرت بغيظ، فعقّب هو: "والله أقولها بصدق.. لا أتعمد استفزازك.. لقد حان موعد الفجر بالفعل، لمَ لا نغير ملابسنا ونتوضأ ونصلي لعل الله يريح بالنا ثم نضع سترتين ونأخذ كوبين من القهوة الساخنة ونصعد للحديقة العلوية لكي نسترخي قليلا ونشاهد الشروق.. أقصد بزوغ الأشعة الأولى للشمس إيذانا بمولد صباح جديد"، ثم منحني ابتسامة سخيفة بعد تعليقه الأخير..

وافقته على الفكرة، وبالفعل تحرك لغرفته للوضوء وتبديل ملابسه، بينما صعدت مسرعا للحصول على حمام أتخلص من خلاله من آثار العرق، ثم توضأت وارتديت طقما رياضيا ثقيلا، وحملت سترة منتفخة بلا أكمام، ونزلت للطابق السفلي..

أدينا الصلاة جماعة، ثم توجهت للمطبخ لإعداد القهوة بهدوء، بينما انشغل حسام بتفحص هاتفه في الدقائق التالية معلنا أنه سيلحق بي ويقابلني أمام المصعد فور أن أنتهي..

حين صعدنا للحديقة، كان الأفق معتما تماما، فأشعل كلا منا ضوء كشاف هاتفه المحمول ثم جلسنا متقابلين على الأرجوحة العريضة، نرتشف القهوة بصمت ونطالع السماء بانتظار انبلاج الصبح..

قطع حسام الصمت سائلا: "هل أصبحت أمورك بخير مع شروق؟ أشعر أن التقارب بينكما قد زاد مؤخرا خاصة مع انضمام مربيتها للإقامة معكما.. وكذلك تعرفها على زينة وأختها.. لقد بدأت بالانسجام مع حياتها هنا.. أليست كذلك؟".

استوقفني ذكر حسام للخالة سناء، حيث اشتعل سؤال مفاجئ برأسي..

هل يا تُرى الخالة سناء هي من أخبرت رحيم أن شروق في المستشفى؟

قطع تفكيري صوت ضحكات حسام المتعالية، فقررت أن أتحدث إليها لاحقا وأحاول أن أستشف عما إذا كانت هنا فعلا من أجل شروق أم أن ذلك الوغد يجعلها تتلصص على حياتنا لأجله..

نظرت لحسام الذي خفتت ضحكاته الصاخبة أخيرا، ثم سألته عن سر ابتهاجه المفاجئ.

رد هو: "زوجتك تغار من اهتمام السيدة سناء بي.. والله لولا الحرج لكنت شاكستها كثيرا بخصوص هذا الأمر.. لكنني فعلا أتحرج من مقاسمتها اهتمام هذه السيدة الحنون.. وللأسف لا أستطيع أن أمنع نفسي من التنعم بأمومتها الغزيرة"..

كلمات حسام أصابتني بالقلق من جديد.. ستكون صدمة شديدة لنا جميعا إذا كان ما أظنه صحيحا
أتمنى حقا ألا تكون الخالة سناء هنا بطلب من رحيم..

في قرارة نفسي أستبعد الأمر، فقد جمعت كلينا عشرة طويلة وأعرف معدنها جيدا، لكن الأمر مقلق ويجب الحذر مع هذا اللعين، لأن الأمر يتعلق بأسرتي..

حين لاحظ حسام شرودي مرة أخرى، سألني بصوت مرتفع: "لم تجبني.. هل علاقتكما أفضل الآن؟"

أجبته بصدق: "أشعر أنها أفضل فعلا.. لكن ماذا لو جاءت هي ذات يوم وطلبت الطلاق؟ ماذا لو أصرت
على الانفصال بعد التخرج؟"

اندهش حسام من تفكيري، وقال: "دائما تتشاءم يا أخي وتفكر بصورة سلبية.. اسمع.. لا أظن أنها تنوي مفارقتك.. فكما أخبرتك نظرات الإعجاب تكاد تتطاير من عينيها كلما أبصرتك أمامها.. لكنها على الأرجح تتأنى في خطواتها نحوك كون زواجكما تم سريعا وبلا تمهيد أو قصة حب طويلة كانت لتزيد التقارب والتفاهم بينكما قبل العرس.. أو ربما تتصرف بحياء طبيعي كأنثى مهذبة ورقيقة لم تمر بعلاقات عاطفية من قبل.."

حين عبست.. رفع يديه مستسلما وقال: "لا أغازلها والله.. أنا فقط أصف طبيعتها التي تمنعها من الإعلان عن حبها لك بشكل صريح.. أو ربما هي شخصية رومانسية وتنتظر لحظة معينة من أجل الاعتراف المهول.. أو"

قاطعته بعنف: "كفى.. دع هذا الأمر الآن.. أخبرني عنك".

اضطربت نظرات حسام، وتصنع الانشغال بارتشاف قهوته، ثم تساءل متغابيا: "ماذا عني؟"..

أجبته بدون مواربة: "حدثني عن الرسائل التي تمطر هاتفك.. عن الفتاة التي بعثرتك بعفويتها وطفوليتها وحنانها الذي يماثل اسمها.. عن أخيها الذي تلتصق به لكي تتقرب إليها عن طريقه".

صاح هو بانزعاج ينفي عن نفسه التهمة: "لا والله.. صداقتي بحمزة نقية بلا آية مصالح.. الفتى فعلا يمتلك عقلا واعيا يسبق سنه ويثير إعجاب من يتحدث معه ويبادله النقاش"..

زفرت بملل، ثم علقت: "هذا عن أخيها.. إذًا ماذا عنها؟"

كرر هو السؤال كصدى للصوت مقلدا نبرتي بطرافة: "ماذا عنها؟"

حدقته بضيق، وقلت آمرا: "تحدث"..

حك حسام رأسه بحرج، ثم قال: "والله لا أعلم ماذا عنها.. أقصد أننا نتبادل الرسائل كصديقين.. أو حتى قل كزميلين.. تعلم أن شخصيتها متحفظة ولا تحب التحرر أو التصرف بطريقة تبدو كتجاوز أخلاقي أو ديني.. بالفعل أرتاح كثيرا بالحديث معها.. طاقتها مذهلة.. كما أنها بسيطة وعفوية ولطيفة ومثقفة برغم عدم حبها للسياسة.. حتى أنني اكتشفت أنها من محبي أحمد خالد توفيق.. وكانت تقرأ أيضا سلاسل نبيل فاروق.. نتناقش حول تلك الروايات كثيرا خاصة وأن شقيقها حاليا يقوم بقرائتها أيضا فيعيدنا لذكريات سنوات مرت".

قاطعته متسائلا: "والحب؟"

رد هو: "الحب.. الحب كلمة كبيرة لا أعرف إذا ما كانت مناسبة لوصف ما أشعر به تجاهها حاليا.. أقصد أن علاقتي بالحب محدودة كما تعلم.. فعمتي تخلت عني.. وطوال حياتي كنت أنت نموذج الحب العائلي في حياتي.."

قاطعته متسائلا: "ألم تعرف الحب مع علياء؟"

رد هو بصدق: "لا أظن أن ما كان يجمعني بعلياء هو الحب.. الحب هو أن تشعر أن كيانك الناقص قد عثر أخيرا على القطعة المفقودة التي تكمله فتجعله يتوهج بالأمل والسكينة.. تظل روحك عطشى باحثة عن ذلك الجزء الذي لا مثيل له فيشعرك بالارتواء فور أن تجده.. أن تعانق ضلعك الأعوج فتندمل جروح قلبك وينبض بتناغم جديد عليك ولكنك تشعر في الوقت نفسه أنه التناغم الصحيح وأن قلبك كان ميتا أو مخدرا قبل أن يجد قطعته المفقودة.. أما علياء فكان اهتمامها بي يشبع غروري كرجل.. ورغم كل نوبات الحزن التي كانت تأتيني كلما انفصلت هي عني.. إلا أنني لم أشعر أبدا أنني أتمزق لفراقها أو أنني أريد أن أفعل المستحيل حتى لا تفارقني.. لذلك أعتقد أنه من المبكر جدا وصف مشاعري تجاه حنان"..

سألته من جديد: "ومتى ستكون قادرا على صياغة تلك المشاعر؟ فالفتاة متحفظة كما تعلم ولا تقبل الدخول في علاقة عاطفية خارج إطار التقاليد والدين"..

أجاب حسام: "أعلم.. ولهذا حتى الآن نتعامل كصديقين.. تماما مثل صديقاتي من الجامعة وورش السيناريو.. والميدان.. لن أصارحها أبدا وأتخذ خطوة تخص الارتباط رسميا ما لم أكن متأكدا من مشاعري.. لكنني أخشى حينها أن ترفضني.. للوهلة الأولى لا نبدو ثنائيا مثاليا.. فطبيعتي جريئة ومتحررة بعض الشيء مقارنة بشخصيتها المتحفظة الخجول.. وهناك.. عوائق أخرى"..

قال حسام جملته الأخيرة بمرارة تشي بقلقه من مسألة إعاقته التي يعاني منها حاليا، والتي مازال يخضع لعلاج طبيعي سيستمر ستة أشهر على الأقل حتى يتلافى أغلب آثارها ويتمكن من السير بشكل شبه طبيعي بلا عكازات أو مساند.. إلا من عرج طفيف.. فمسألة شفائه تماما تظل محل شك وتحتاج لمعجزة..

أخبرته بحميّة لا تظهر عادة إلا لأجله: "ولماذا سترفض؟ أنت شاب مجتهد وطموح.. صحيح أنني كنت أعايرك كثيرا وأصفك بالـ عاطل.. بغرض تحفيزك حتى تسعى للحصول على وظيفة ثابتة تمكنك من الزواج من علياء أو حتى غيرها كون هذا أول ما يسأل عنه أهل العروس.. لكنني أثق أن تعاونك مع عمرو كساب سيثمر عن دفعة هائلة نحو مسيرتك الاحترافية كسيناريست.. رغم أنني لا أطيقه.. لكنني أعرف أنه في طور الشهرة والنجاح حاليا بعد أن حقق فيلمه الأول جائزة العمل الأول في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ نحو عامين".

ضحك حسام ثم قال: "أصبحت تتبع مسيرته الآن"، ثم تساءل بنبرة تآمرية خافتة: "هل تغيظك نجاحاته؟"

كدت أصفعه من جديد، لكنه صاح منفعلا: "كفى صفعا.. رأسي ستصبح مفلطحة.. هل تريد إفساد وسامتي قبل أن أجد عروس تقبل بي؟".

ثم قال بمسكنة مفتعلة يخفي وراءها حزنا حقيقيا: "ألا يكفي ما حدث لساقي؟.. إذا ضاعت وسامتي لن يكون هناك مبرر لأي عروس لكي توافق على الزواج مني".

نهرته هادرا بضيق: "تخلص من هذه الأفكار الغبية.. تعلم أنك شاب رائع ومثقف حتى أن متابعيك عبر تويتر قاربوا على تخطي حاجز المائة ألف.. فلا تتصنع عدم الأهمية.. فقط امنح نفسك بعض الوقت وكل الأمور ستتحرك في الاتجاه الذي تريده".

ابتسم حسام وقال: "أتعلم أن هذه ربما تكون المرة الأولى التي تبثني فيها بعض الطاقة الإيجابية بقناعة حقيقية.. بركاتك يا شروق"..

قبل أن أضربه، أشار هو بيده نحو السماء التي بدأت خيوطها البيضاء تتسلل مخفية خلفها الستائر السوداء لليل، وقال: "أقصد الشروق.. النهار الذي يتفتح بأضوائه الذهبية باعثا الأمل ومحفزا على الإبداع.."

نهض حسام من جلسته وأمسك عكازيه، ثم قال: "لقد أفادتنا هذه الجلسة كثيرا.. فلنكررها من وقت لآخر.. هيا لنذهب لتناول الطعام.. أشعر أن بطني تزمجر جوعا.. واستعد للذهاب لزوجتك.. أعلم أنك تكاد لا تطيق مرور الوقت حتى تكون بجوارها الآن..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 06:36 PM   #807

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل التاسع والعشرون - القسم الخامس

عندما نزلنا للطابق السفلي، كانت الخالة سناء قد أعدت لنا فطورا سريعا ورتبته على الطاولة الفاصلة بين المطبخ وغرفة المعيشة..

انشغلت أنا وحسام بتناول الطعام في صمت، وكل منا يسرح فيما يؤرقه..

بعدها، أعلنت الخالة سناء أنها ستصعد للطابق العلوي لكي تعد بعض الثياب المريحة لكي ترتديها شروق خلال رحلة العودة من المستشفى..

تبعتها بسرعة وتعللت لحسام بحاجتي لإحضار بعض الأغراض التي طلبتها شروق من الغرفة..

كانت الخالة سناء قد انتهت من طي فستانا قطنيا فضفاضا وبعض الملابس الداخلية وغطاء للشعر محاكا بطريقة تجعله ملفوفا ليتم ارتدائه جاهزا بطريقة تشبه القبعة..

أما أنا فأحضرت هاتف شروق المستقر على المنضدة الجانبية ووضعته في الحقيبة الصغيرة أعلى قطع الملابس متحججا أن شروق هي من طلبته حتى تهاتف مسؤول المناوبات وتعتذر له عن غيابها..

حين كانت الخالة سناء تستعد لمغادرة الغرفة، سألتها مفتتحا الكلام: "ماذا ستعدين لشروق
اليوم؟"..

أجابت هي: "سأعد لها حساء الخضراوات المخفوقة معا بمحضر الطعام حتى يكون خفيفا وسهل الهضم.. وسأجهز لها بعض العصائر الطازجة أيضا والجيلي بنكهات مختلفة.. أتذكر أنها كانت تتناوله بشراهة حين خضعت لجراحة إزالة اللوزتين في صغرها"..

زفرت متصنعا الضيق وقلت: "حقا أنا مندهش أن السيد رحيم لم يسأل على ابنته منذ زواجنا.. والآن هي مريضة وخضعت لجراحة ولا تجد منه دعما أو مساندة"، ثم حبست أنفاسي وراقبتها جيدا منتظرا رد فعلها..

كسا الغضب وجهها الذي تغضنت ملامحه ثم هتفت بضيق وغيظ: "لعنة الله عليه.. لقد اتصلت به بالأمس لكي أخبره أنها خضعت لجراحة حتى يحن قلبه ويزورها أو يتصل بها.. فقد شكت لي شروق أنه لم يسأل عليها منذ ليلة العرس.. لكنه يثبت في كل مرة أن قلبه أجوف لا يعرف الحنان.. لا تؤاخذني يا ولدي.. لم أتمالك نفسي من الدعاء عليه"

ابتسمت بمرارة بعد أن تأكدت أنها تصرفت فقط بحسن نية ولم تكن لديها أبدا رغبة في الغدر أو تسريب معلومات عن تفاصيل حياتنا لوالد شروق..

قلت بغضب غير مفتعل: "هذا الرجل لا يستحقها نهائيا.. لقد سردت لي شروق أنكِ من قمتِ برعايتها عندما خضعت لجراحة إزالة اللوزتين في صغرها.. متى كان هذا الرجل جزء من حياتها؟"

ردت هي بأسى: "لم يحدث أبدا أن تصرف رحيم تجاهها كوالدٍ حقيقي إلا أمام ضيوفه من رجال الأعمال وأمام الصحفيين الذين يقوم بدعوتهم دائما في حفلاته الباذخة حتى يظهر بصورة رب الأسرة المثالي.. لكنه فعليا لم يغدق عليها من العطف والحنان والدلال برغم أنها تيتمت مبكرا.. حتى أنني حاولت إقناع نفسي أن جفاءه ناحيتها بهذا الشكل سببه خسارته لوالدتها رحمها الله في عز شبابها، خاصة وأن البنت تشبه والدتها كثيرا.. لكنني كنت دائما أقول إنه سيتخلص من جموده قريبا ويبدأ في معاملتها بحنو.. ولكن مرت السنوات ومازالت معاملته لها على حالها بل ازداد جفاء وتباعدا".

عقّبت أنا: "وكأنه يعاقبها على خسارتها لوالدتها بالانزواء والجفاء.. رجل قاسٍ لا يعرف الحب ولا العطف".

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

حين دلفت لغرفة شروق في المستشفى بعد أن طرقت الباب بضع مرات، وأذنت لي حنان بالدخول.. كانت الأخيرة تجلس على طرف الفراش بينما تغمر شروق الممددة إلى جوارها شبه جالسة في أحضانها، وكانت الأخيرة.. تبكي
تبكي؟؟!!

رميت الحقيبة جانبا، ثم اقتربت من الفراش مندفعا وهتفت بقلق: "ماذا بكِ؟ لماذا تبكين؟ هل تتألمين؟ هل حدث شيء للجرح؟"

ابتسمت حنان بشفقة وقالت: "لا تقلق يا حازم.. جرحها بخير.. ولا توجد مشكلة أبدا.. ولكن.. احمم..".

سألتها بانفعال: "ولكن ماذا؟"، ثم وجهت نظراتي لشروق متلهفا أفحصها بعينيّ باحثا عما يؤلمها متخوفا أن تكون حنان قد كذبت..

ردت حنان: "شروق.. احمم.. تعرضت.. للتوبيخ ولهذا تبكي".

حين سمعت شروق كلمة (توبيخ) تعالى بكاؤها من جديد بصورة طفولية تذيب القلب.. فاقتربت منها لكي أربت على كتفها برفق، بينما سألت حنان بانفعال ودهشة: "توبيخ؟ من الذي جرؤ على توبيخها؟"..

كدت أن أسألها عما إذا كان رحيم قد هاتفها، لكنني تراجعت في اللحظة الأخيرة متيقنا أن غليظ القلب ميت الروح لن يهتم بمعاودتها أو السؤال عنها، لأنه لن يجني مصلحة مباشرة من الأمر، وبالتالي سيوفر مجهوداته على شيء أكثر قيمة بالنسبة له..

تعالت شهقات البكاء من حبيبتي الرقيقة مرة أخرى، فباعدت حنان ذراعيها عن شروق، وتنحنحت قائلة: "احمم.. احكي له يا شروق.. وأنا سأذهب للبحث عن الطبيب حتى يفحصك ويوقع إذن الخروج"، ثم غادرت الغرفة بهدوء..

جلستُ مكان حنان وغمرتها بين أحضاني وأنا أسألها بلهفة: "من وبخك يا صغيرتي؟ أخبريني وسأجعله يندم تماما"..

قالت هي من بين شهقاتها: "مسؤول المناوبات.. اتصل بي منذ قليل يوبخني لغيابي عن مناوباتي هذا الأسبوع بسبب الإجازة المرضية التي قدمتها لي حنان بالأمس وأكدت عليه أنها ستجهز التقرير الطبي اليوم وستسلمه إليه.. يقول إنني أصبحت أتكاسل في الأشهر الأخيرة قبل التخرج"..

سألتها غاضبا: "ولماذا يوبخك؟ أليس من حقك إجازة مرضية؟"

ردت هي: "نعم.. من حقي.. ولكنه كان قد مرر عطلة الزواج بشكل ودي.. والآن بات مضطرا لقبول الإجازة المرضية أيضا.. يقول إنني.. إنني انشغلت بالزواج عن مستقبلي المهني"، ثم انهمرت دموعها من جديد..

أخبرتها بحنق: "أخبريني اسمه وسألقنه درسا.. كيف يحدثك بتلك الطريقة.. لا يحق له".

ردت بقنوط: "هو لم يقصد.. إنه يحاول فقط دفعي للعودة سريعا لاستكمال الدورة حتى أتمكن من التخرج مع زملائي بالدفعة دون تأخير"..

قلت لها: "إذًا لماذا تبكين ما دمت تتفهمين مبرراته؟"

ردت بحنق: "اشتقت لعملي.. كنت متحمسة للغاية للعودة للعمل والآن سأضطر للجلوس عاطلة في المنزل لأسبوع آخر".

تنحنحت بحرج، وعلقت بنبرة ممتعضة: "قلتِ الجلوس عاطلة هاه؟"..

ردت هي من جديد: "نعم".. ثم فغرت فمها بانشداه وخجل وعلقت بسرعة: "لا والله.. لا أقصد.. أنت قلت أنك تعمل ببيع وشراء الأسهم بالبورصة عبر شبكة الانترنت وبالتالي لست في حاجة حاليا للبحث عن عمل مكتبي.. لكنك لست عاطلا بكل تأكيد.. أما حسام فهو في مرحلة تأهيل بدني كما أنه كان يعمل بالترجمة الإلكترونية أيضا.. لكن هل رأيت يوما طبيبة تعمل من المنزل؟"..

ضحكت وقلت متفكها: "بصراحة لا.. لكن يمكننا خلال بضع سنوات أن نؤسس لكِ عيادة رائعة قريبة من المنزل فلا تضطري لتمضية أغلب ساعات يومك عالقة في الاختناق المروري.."

طالعت هي الفراغ وكأنما تتخيل تلك اللحظة، ثم قالت: "أتمنى أن يتحقق الأمر لكن مازال أمامي التكليف، وكذلك التدريب المستمر للحصول على الخبرة اللازمة.. كما أن جراحيّ الأطفال يقضون أغلب أوقاتهم داخل غرف العمليات بالمستشفيات.. وليس بالعيادات"..

قبّلت جبينها بحب وقلت بثقة: "ستصبحين واحدة من ألمع طبيبات الأطفال في مصر.. فأنت ذكية ومجتهدة..".

رددت هي مبتهلة بأمل: "يا رب"..

طرقات سريعة على الباب جعلتني أتخلى عن دفء أحضانها، وأنهض للوقوف أمام سريرها، حين دخل الطبيب برفقة حنان وممرضة..

هم الطبيب بفحصها، ثم قال موجها الحديث لنا جميعا: "بإمكانك العودة للمنزل سيدة شروق.. أثق أنك ستتعافين سريعا فبنيتك رياضية"..

صاحت شروق بفخر: "أمارس رياضة الجري بانتظام".

قال الطبيب بعملية: "أمر عظيم.. احرصي على تناول الطعام الصحي المليء بالبروتين والفيتامين.. وإذا هاجمتك الآلام اليوم أو غدا.. تناولي المسكن الذي كتبته لكِ بتلك الوصفة.. أما إذا لم تخف الآلام هاتفيني فورا.. كما أن عليك المرور عليّ هنا أو في عيادتي بعد حوالي أسبوع لنزع قطبات الجرح وهذه بطاقتي التعريفية بها عنوان العيادة وأرقام هواتفي أيضا.. وبالطبع عليك الراحة التامة خلال هذا الأسبوع. لا تبذلي مجهودا كبيرا.. وممنوع الرياضة طوال تلك الفترة.. حمدا لله على سلامتك".

شكر ثلاثتنا الطبيب الذي تحرك للمغادرة برفقة الممرضة بعد أن وقع إذن المغادرة، فقالت حنان: "لقد وقع الطبيب الشهادة المرضية حتى يتسلمها دكتور مروان مسئول المناوبات.. هيا لأساعدكِ على تبديل ملابسكِ"..

قلت أنا بحرج، متوجها صوب الباب: "سأنتظركما بالخارج".


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 06:41 PM   #808

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: الفصل التاسع والعشرون - القسم السادس

وصلنا إلى منزلنا بعد أن أوصلنا حنان في طريقنا، حيث كان في انتظارنا بالمنزل كل من الخالة سناء وحسام وزينة وخالد..

كانت زينة قد اتصلت بشروق بينما كنا بالسيارة تخبرها أنها قادمة للمستشفى للزيارة برفقة زوجها، فطلبت منها زوجتي المصون أن تتجه إلى المنزل، إذ أننا كنا قد غادرنا المستشفى بالفعل..

انهالت زينة بالقبلات على وجنتي شروق وتبعتها الخالة سناء التي أخذت تدعو لها بالشفاء العاجل، بينما قدّم لها خالد باقة من الزهور المجففة المزينة بقطع من الشوكولاتة الفاخرة..

أما حسام.. ذلك الأحمق.. فقد وقف مستندا على عكازيه إلى جانب مقعده المتحرك وهو يستقبل شروق بمزح سخيف: "لقد قمت بنفسي بتنظيف وتلميع المقعد المتحرك حتى يكون جاهزا لكِ.. بإمكانك اقتراضه.. لم أعد بحاجة له"..

صحت هادرا به: "أوقف سخافاتك".

ضحكت شروق وقالت: "أنتم السابقون ونحن اللاحقون.. نحن حقا عائلة مثالية"..
(نحن... عائلة)
ربما نطقتها شروق بعفوية دون أن تدري ما فعلته تلك الجملة بقلبي..

في قرارة نفسها، باتت شروقي فعلا مقتنعة أننا عائلة متكاملة وأنها فرد منا..
كنت منغمسا بكليتي في غيمة البهجة التي ظللت الأجواء حولنا، فلم أستمع جيدا لما قاله الآخرون..

اقترب مني خالد وقال: "إلى أين شردت؟ أخبرك أن زينة ستجالس شروق قليلا في غرفة الجلوس، فلمَ لا نتوجه نحن للجلوس بالخارج أمام حوض السباحة ونستمتع بالطقس الرائع.. لقد اقترب الربيع وقلت لسعة البرد من الجو"..

حين جلس ثلاثتنا على طاولة جانبية أمام الحوض، قال خالد: "ماذا بشأن موضوع التحليل؟"..

أجبته متململا: "خلال بضعة أيام سأتفق معك لكي نتوجه لأحد المعامل المتخصصة ونجري التحليل.. لكن بالطبع ليس اليوم أو غدا.. فالظروف لا تسمح كما ترى"..

طالعني خالد بنظرة متفحصة، ثم زفر بحذر، وقال: "هيا.. قل ما بداخلك.. أكاد أستمع لصخب أفكارك التي لا تخلو من الشكوك والاتهامات"..

أجبته مستخفا: "وكأن الحق ليس معي"..

عقّب خالد بأسف حاول إخفاءه: "بل معك.. ولكنك تعلم في قرارة نفسك أنني لم أتعمد التصرف دون الرجوع إليك.. أو خيانة ثقتك.. تعلم جيدا أنك بمثابة أخ لي"..

كان حسام يستمع لحديثنا دون أن يتدخل، لكنه أشار لي بعينيه أن أهدأ قليلا، فسألت خالد بلا مواربة: "تعلم أنني أحب الصراحة ولا أطيق الالتفاف حول الحقيقة.. أخبرني صدقا.. هل كان دخولك لحياتي منذ البداية مقصودا؟"

نهض خالد بقوة من مقعده ثم وضع يديه بجانبي خصره بانفعال، وأجاب متسائلا بدهشة مشوبة بالحنق: "هل حقا ستسألني هذا السؤال بعد كل تلك العشرة؟ هل تظن حقا أنني قد أنحدر بهذه الصورة التي تخالف قيمي ومبادئي؟"

أجبته بغيظ: "دعك مما أظنه الآن.. ألا تظن أنك أسأت التصرف بذلك الكمين الذي نصبته لي داخل منزلك؟.. ليس مرة واحدة بل مرتين"..

رد خالد منزعجا: "اسمعني جيدا يا حازم.. أتفهم غضبك واستياءك، ولكنك كنت لتتصرف بنفس الصورة إذا كنت في مكاني.. ما فعلته هو دعوة صديق والدي لمقابلتك لكي يطلب مساعدتك في أمر يخص رحيم.. خاصة بعد أن بينت أنت رغبتك في الانتقام منه على ما اقترفه في حقك وحق أخيك.. كل ما علمته منه وقتها أنه يحاول الوصول لسجلات رحيم السرية بالملجأ لكونه يظن أنه قد يوقع برحيم إذا نجح في إثبات المخالفات التي يقترفها بحق الأطفال المقيمين هناك.. وأفرط بالتفاؤل متأملا أن تلك السجلات قد تحوي معلومة تخص ابن شقيقه الذي اختفى بعد وفاة والديه بحادث سير"..

تنهد خالد، ثم تابع: "لا أنكر أنني أردت أن أنتهز الفرصة أيضا للإيقاع برحيم بشكل قانوني إذا تمكننا من كشف أسراره وقذاراته للرأي العام بالأدلة والبراهين.. لكن كل شيء اختلف حين جئت لزيارتي في منزلي بعد زواجي.."..

سألته متفكرا: "وكيف ذلك؟"

رد خالد شارحا: "كانت الخطة أن تجتمع بالعم علي وأن يسألك المساعدة ويكون لك حرية القبول أو الرفض، لكن ما أن وقعت عيناه عليك، حتى ارتبكت خططه تماما وامتنع عن مفاتحتك بأي شيء، ليكشف لوالدي بعدها أن ملامحك تتشابه بشكل عجيب مع شقيقه الراحل.."

أجبته بغضب: "لقد فاجأتني وورطتني دون أن تمهد لي الأمر.. ألا تعلم كيف ارتبكت بعد أن أفصح عن صلته الحقيقية بي؟"

جلس خالد قبالتي في صمت لبضع ثوانٍ، ثم قال: "كان الرجل قد تعرض لمفاجأة.. ضع نفسك مكانه.. رجل يبحث عن ابن أخيه لسنوات، وحين وجد خيطا جديدا ليدله عليه، اكتشف أنه قد أمسك بالكنز الذي ظل يطارده طوال حياته، بالطبع أصابه الارتباك، وقرر أن يسارع بعمل تحليل إثبات النسب قبل أن يواجهك.. وأنا وافقته بالطبع، وساعدته بالحصول على خصلة شعرك كي يتأكد من صلة القرابة قبل أن يسبب لك الارتباك أو يمنحك أملا زائفا يثبت كذبه فيما بعد"..

زفرت بانفعال، وأنا أفكر في كل ما ساقه خالد من تبريرات ليعاود هو الحديث قائلا: "صداقتنا لا تُقدر بثمن يا حازم.. وتصرفي في هذا الوقت كان يحكمه رغبتي في مساعدتك على تخطي رحيم والتخلص من سطوته عليك بأي شكل.. في البداية كانت الوسيلة هي مساعدتك لعدوه وتحالفك معه، لكن تصريفات القدر قدّمت لنا هدية إعجازية.. بالتأكيد لن نكون جاحدين ونرفضها.. اخضع للتحليل كما تخطط وبعدها سنفكر معا كيف سنتحرك انطلاقا من تلك النقطة"..

ترددت قليلا، ثم قلت محركا دفة الحديث في اتجاه آخر: "رحيم هاتفني.. يقول إن التحقيقات بخصوص أحداث الثاني من فبراير ستتوسع خلال أسابيع قليلة بحسب مصادره.. ويريدني أنه أساعده في التنصل من المسئولية حتى لا تتسبب سمعته في الإضرار بمستقبل ابنته إذا تمت إدانته ودخل السجن.. ولا أعرف ما يجب أن أفعله بصراحة".

علّق خالد بغضب: "كيف تتردد في هذا الوضع؟ يجب بالطبع ألا تعينه.. اتركه يتحمل المسئولية وينال العقاب الذي يستحقه.. أنت أكثر من تضرر من أفعاله الإجرامية".

أجبته بنبرة ميتة: "الأمر فقط أنه ليس من السهل إدانته في تلك القضية لأنه يستخدم مجموعة من المجرمين ومثيري الشغب من المتسربين في الشوارع الذين ليست لهم أوراق ثبوتية في قواعد البيانات الحكومية.. هؤلاء أشخاص ليسوا موجودين فعليا على أرض الواقع.. مجرد أشباح معدومي الهوية.. ولن يعترف أحد ضده إذا تم القبض عليه.. فالسجن بالنسبة لهم رفاهية.. مكان للإقامة الدائمة يوفر المأكل والمبيت.. وهذا أمر لا يجدونه بالشارع.. ".

ظل حسام ملتزما الصمت تاركا لنا المجال لنتناقش علّنا نصل لجديد، فيما اقترح خالد: "لماذا لا تأخذ رأي علي الزين؟ ربما بإمكانه مساعدتك في العثور على وسيلة لإدانته"..

أجبته متحيرا: "أخشى فعلا أن تتأذى شروق بسببه من جديد.. فتشويه سمعة والدها سيطالها بشكل أو بآخر.. كما أنها قد تحزن لما سيصيب والدها من عقاب.. حتى أنها قد تصر على الانفصال والطلاق"

هنا تدخل حسام قائلا: "هذه النقطة يجب علينا وضعها في الاعتبار فعليا.. ربما عليك يا حازم أن تسأل شروق نفسها عما إذا كانت ترحب بمحاسبة والدها قانونيا أم لا"..

قلت بقنوط: "أشعر أن الاستقرار الذي حل بعلاقتنا في الأسابيع الماضية سيختل بسبب هذا الأمر.. ولهذا لا أتجاسر على محادثتها بخصوصه.. في كل الأحوال عليّ الآن أن أركز على رعايتها خلال هذا الأسبوع وأتجنب الأمور والنقاشات التي قد تصيبها بالتوتر حتى يلتئم جرحها سريعا، وفي تلك الأثناء سأخضع لتحليل فحص الحمض النووي لننتهي منذ هذا الأمر قبل آية خطوة تالية".


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 06:50 PM   #809

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 الفصل التاسع والعشرون - القسم الأخير

مرت الساعات التالية بسرعة ما بين تدليل الخالة سناء ومزحات حسام وخالد وزينة لشروق التي تنعمت بالدعة التي يغدقها عليها الجميع كهريرة صغيرة مترفة..

أما أنا، فاتخذت وضعية المراقب فقط.. سعيد بهذا التجمع.. وبأن شروق قد وجدت لنفسها عائلة بالفعل كما كانت تتمنى دائما.. عائلة تحيطها بالرعاية وقت المرض.. والحماية وقت الخطر.. والحب كل الأوقات..

تناولنا جميعا عشاء خفيفا في السابعة مساء، حيث أعلن خالد وزوجته مغادرتهما حتى يتركا شروق ترتاح..

أما حسام فقد توجه لغرفته لكي يعكف قليلا على الكتابة مؤكدا أن رأسه تمتلئ بعشرات الخواطر بعد الجلسة الممتعة التي جمعتنا طوال النهار وألهمته بالعديد من الأفكار..

أما الخالة سناء فقد توجهت للمطبخ لإنهاء ترتيبه قبل أن تتوجه للنوم بعد يوم مرهق..

بعد أن خلت غرفة المعيشة، تحركت لحمل زوجتي التي كانت ممددة على الأريكة، ثم توجهت بها نحو الدرج، فقالت هي: "ليس عليك أن تحملني كل تلك المسافة حتى غرفتنا بالطابق العلوي.. توجه للمصعد"..

سألتها بلهجة مستنكرة ممازحا: "هل تظنينني ضعيفا أم عجوزا؟"

ضحكت هي بخفة حتى لا يتألم جرحها، ثم قالت: "فقط لا أريد أن أرهقك.."

لثمت جبينها، ثم توجهت ناحية المصعد وأنا أرد: "قولي إنك تتخوفين أن أتعثر وأنا أحملك فنسقط كلانا على الدرج"..
عاودت هي الضحك بخفوت من جديد..

وصلنا للغرفة، فساعدتها على تبديل ملابسها لثوب واسع طويل بدلا من مناماتها المخملية الأثيرة ذات السراويل حتى لا تضغط على موضع جرحها، ثم تمددت بجوارها وأعطيتها وحدة التحكم الإلكتروني لكي تشاهد ما تريده عبر الشاشة المثبتة على الجدار المواجه للسرير..

اختارت شروق برنامجا ترفيهيا معلنة أنها ليست مستعدة لمتابعة أي برنامج سياسي حاليا، لأنها تريد الاسترخاء..

أما أنا، فقد استلقيت بأريحية بجوارها، حيث تراخت جفوني بعد أن تكالب عليها إرهاق يومين متتالين فتثاقلت أخيرا وأذنت للنوم بإسدال ستائره عليها..

وجدت نفسي هناك من جديد، بداخل تلك السيارة محاطا بتلك الأسرة..

ومرة أخرى، جنحت السيارة على صخرة ضخمة، ثم انحرفت لطريق مظلم، ظلت تسير فيه بسرعتها العالية..تكاد تصطدم بذلك الحاجز المرعب إلى أن صاحت الأم فجأة بصرخة واحدة: "بساااااااااااااااام"..


استيقظت شاهقا وكأنني أفلتت من الموت بأعجوبة.. كانت يداي ترتعشان بعنف.. لكن هناك صوت يناديني برفق: "حازم.. حازم.. هل أنت بخير؟"

نظرت نحو مصدر الصوت.. لأجد مصدر بهجتي في هذا الكون.. شروق..

أخذت تناظرني وتكرر هاتفة بانفعال قلق: "هل أنت بخير؟ هل رأيت كابوسا مجددا؟"

ضربت جبهتي بيديّ بعنف، ثم أخذت أفرك وجهي بقوة حتى أستفيق وأتخلص من آثار ذلك الحلم، بينما انشغلت هي بملء كوب من الماء من الإبريق المجاور لمنضدتها، ثم أنزلت إحدى يديّ برفق، ووضعته فيها وحركتها مجددا صوب فمي..

تجرعت الكوب كله دفعة واحدة، ثم زفرت بانفعال حاولت عبثا إخفائه عنها..

قالت هي بقلق: "أخبرني ما بك"..

أجبتها باستسلام: "نفس الحلم".

تساءلت هي مستفهمة: "بخصوص ذلك الشيء السام؟"

جاوبت بقنوط وحذر: "ليس ساما.. بل بسام.. اسم شخص"..

تساءلت هي بحيرة: "ماذا تقصد؟ من بسام؟"

أجبتها: "لا أدري.. ربما عليّ استشارة دكتور فؤاد حول هذا الأمر؟"

سألت هي مستفهمة: "عمَ كان هذا الحلم تحديدا؟"

أخبرتها بقنوط: "حادث سيارة يركبها رجل وامرأة وطفل.. والمرأة كانت تنادي على (بسام).. ربما كان اسم زوجها"..

صممت شروق للحظات، ثم سألتني بتفكر: "ألم تحاول أبدا البحث عن عائلتك بعد أن غادرت الملجأ؟"

ترددت قليلا، ثم جاوبت: "لا.. كنت أظن أنني لقيط.. ولهذا لم أهتم بالبحث، خاصة وأن مدير الملجأ أخبرني أنه لم يتمكن من الاستدلال على أسرتي بآية وسيلة.. قال إنني رغم بلوغي الخامسة وقتها لكنني كنت ألتزم الصمت كلما سألوني عن عائلتي.. وحتى بعد مرور أسابيع كنت عاجزا عن تذكر اسمي أو اسم والدي أو عنواني حتى أعلن المشرف الاجتماعي بالملجأ أنني ربما وصلت الملجأ وأنا فاقد للذاكرة بالفعل بسبب صدمة أو حادث.. "

عاودت هي الصمت متفكرة، ثم قالت: "ربما كنت فاقدا للذاكرة بالفعل نتيجة لتعرضك لصدمة.. عليك أن تستشير الدكتور فؤاد حول هذا الأمر.."

اعتدلت شروق في نومتها كي تكون مرتاحة بشكل أكبر، فساعدتها بوضع وسادة ناعمة خلف ظهرها، ثم تمددت بجوارها مستندا بظهري على واجهة السرير، فاستطردت هي: "أخبرني ما الذي يمنعك من الخضوع للتحليل.. تقول زاد إن سليم مقتنع أنك بالفعل ابن عمه بعيدا عما أثبتته التحاليل لأنك تشبه عمه الراحل..".

ابتسمت نصف ابتسامة، وتساءلت ساخرا: "هل أخبرها قصة الصور القديمة؟ لقد سرد عليّ نفس الأمر حتى أنه جعلني أشاهد بعض اللقطات لعمه عبر هاتفه المحمول.. لكن الصور كانت جودتها سيئة للغاية لأنها ملتقطة بعدسة الهاتف الذكي كنسخ من الصور الفوتوغرافية الأصلية.. لا أنكر أنني ممتن أن هناك عائلة تريد أن تضمني إليها وتسعى بكل طاقتها لإثبات انتمائي إليها.. هذا أمر يثلج الصدر ويشفي الكثير من الندوب العالقة بالنفس ويجعل الروح تبرأ من سقمها، ولكنه أيضا إذا تحول لواقع، فإنه سيحمل معه تغيرات هائلة.. لهذا أنا حذر"..

تنهدت شروق ثم قالت: "معك حق، ولكن متى ستخضع للفحص؟"

أجبتها: "خلال بضعة أيام.. فقط عندما أطمئن على التئام جرحك بسلاسة حتى أتركك في المنزل وأنا مرتاح"..

ضحكت هي وقالت: "هل سترابط بجواري في البيت؟ ماذا إذا كنت تعمل حاليا في وظيفة مكتبية وعليك التوجه لعملك؟"

أجبتها بعفوية: "كنت لأحصل على إجازة بالطبع يا بلهاء.. هل سأترك غاليتي هكذا بلا رعاية؟"

أطرقت هي بخفر، ثم قالت بصوت خفيض: "معي ماما وحسام"..

عارضتها بحميّة: "لكنني زوجك.. أي سكنك وحمايتك.. وأنتِ أيضا سيكون عليكِ رعايتي إذا صار لي شيء"..

بدا على وجهها علامات التألم، وكأن تلك الفكرة.. فكرة إصابتي بسوء قد أوجعتها..

لثمت جبينها بحب، ثم قلت: "هيا للنوم يا شيكو.. تحتاجين للراحة"..

استسلمت هي للنوم بدون مقاومة، حيث تمددت بشكل كلي وتدثرت جيدا، وأشارت لي كي أستلقي جوارها، وعندما فعلت.. عانقت يدي بأناملها الرقيقة، ثم راحت في النوم.. وأنا تبعتها بنوم هادئ بلا كوابيس..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

مرت بضعة أيام، دللتها خلالها أيما تدليل، حتى ملت هي وأصدرت فرمانا أن أحدد موعدا للخضوع للتحليل..

وبالفعل، رتبت مع خالد أن أذهب برفقته إلى المعمل في نفس اليوم الذي قررت فيه الفتيات تمضية اليوم في منزلنا لتسلية شروق، خاصة وأن حنان لم يكن لديها مناوبة صباحية خلالها..

في ذلك اليوم، كانت شروق تجلس في الحديقة العلوية مع حنان وزينة وزاد ليستمتعن بالطقس المعتدل، بينما توجهتّ برفقة خالد إلى المعمل، وهناك التقينا سليم ووالده..

بعد أن خضعت أنا وعمي المفترض للتحليل، أخبرنا مدير المعمل أن أمامنا فترة انتظار تصل لنحو خمسة إلى سبعة أيام حتى تظهر النتيجة، مؤكدا أنه سيرسل لكلينا رسالة تنبيه قصيرة عبر خدمة SMS للحضور وتسلم التقرير..

بحلول نهاية الأسبوع، رافقت شروق لعيادة طبيبها لكي ينزع عنها تقطيبات جرحها، ثم بدأت هي بعدها بيومين في العودة لمناوباتها واستئناف المذاكرة..

فيما انشغلت أنا بعملي المؤقت في بيع وشراء الأسهم في البورصة محققا بعض الأرباح الطفيفة في ظل حركة السوق الراكدة نوعا ما مؤخرا، حتى أنني بدأت العمل على تأسيس شركة خاصة بالمحاسبة والاستشارات الxxxxية..

بعد ثلاثة أيام أخرى، جاءتني رسالة نصية قصيرة عبر الهاتف تؤكد ظهور نتيجة التحليل وتدعوني لزيارة المعمل لاستلام التقرير..

توجهت بمفردي للمعمل، وهناك قابلت علي الزين الذي كانت ملامحه تشي بسعادة وراحة رغم أننا لم نتسلم النتائج بعد..

استقبلنا مدير المعمل في مكتبه، ومنحنا نسختين من التقارير التي تثبت رسميا أنني بالفعل فرد من أفراد عائلة الزين..

وحول علي الزين.. الرجل الوقور صاحب الهيبة، فإنه لم يتمالك نفسه فور سماعه الخبر، حيث غافلته بضع دمعات صارعت شيبته وقررت الإعلان عن عمق مشاعره تجاه تلك الحقيقة التي باتت واضحة كقرص الشمس في منتصف النهار..

أما أنا، فلم أشعر سوى ببعض الخدر الذي صاحبه طنين رتيب في أذني، فتسلحت بالجمود كي أسيطر على هجوم عاصف من الأفكار التي حاولت التسلي بعقلي في تلك اللحظات الحاسمة..

نهض علي الزين من مقعده، وتحرك خطوة مادا ذراعيه وكأنه يريد احتضاني، ولكنه أعاد ذراعيه جواره عندما لاحظ جمودي في مقعدي، لكنه قال بابتسامة مستبشرة: "أعلم أن الأمر يحتاج بعض الوقت لكي تصدقه وتتجاوب معه.. لذلك سأتعامل معك بتمهل.. لن أغمرك بشوقي الشديد لك يا ابن الغالي.. يا الله.. أخيرا.. أخيرا.. حمدا لله.. حمدا لله.. والله لأذبح ثلاثة عجول وأوزعها على الفقراء والمحتاجين بمناسبة عودتك يا حبيب عمك"..

نهضت منفعلا، وقالت بصوت مخنوق: "عليّ الذهاب الآن".. ثم تحركت خطوتين تجاه الباب، وتوقفت بعدها، واستدرت بوجهي لأجده مصدوما من جفائي اللحظي، فقلت بهدوء مقاوما كل الجنون الذي يتصارع بداخلي: "نلتقي لاحقا بإذن الله.. عماه".. ثم استدرت مغادرا وأنا ازدرد ريقي مقاوما قطرات الدموع التي تتزاحم بين جفوني راغبة في التسلل إلى وجنتيّ.

حين عدت للمنزل، كان في انتظاري حسام وشروق وحتى الخالة سناء التي كانت زوجتي قد تكفلت بسرد القصة كلها عليها منذ أيام، فأخبرتهم أن نتيجة التحليل جاءت إيجابية..

احتضنتني الخالة سناء بحنانها الجارف، وأخذت تقبل رأسي، وتقول: "مبارك يا حبيبي.. حمدا لله أن ردك إلى عائلتك لتقر أعينهم بك ليعوضك خيرا عن كل ما عانيته"..

بادلتها الأحضان ثم قبّلت جبينها بتقدير، وهمست في أذنها: "لا أريد أن يعرف أحد غير ثلاثتنا هذه المعلومة.. وخصوصا رحيم وأي أحد من طرفه"..

أبدت هي اندهاشها لثانيتين، ولكنها هزت رأسها موافقة..

أما حسام، فقد ربت على ظهري بقوة، وهو يقول مقاوما تأثره بهذه اللحظة الفارقة في حياتي: "مبارك يا حازم.."

حين اقتربت من شروق، لم أمنحها فرصة للكلام، فقط غمرتها بين ذراعي، مستندا برأسي على كتفها لعدة ثوانٍ، حتى تنحنحت الخالة سناء، فتركتها على مضض، وقلت بصوت خفيض: "سأصعد لأتحمم وأبدل ملابسي"..

حين وصلت لغرفة النوم، كانت شروق خلفي تماما، حيث دلفت ولحقتني ثم أغلقت الباب خلفنا، بعدها اقتربت مني بحذر وكأنها تحاول استكشاف ما أخفيه عنها من مشاعر مضطربة، ثم تساءلت بنبرة متوترة: "هل أنت بخير؟"

أجبتها: "صدقا لا أعلم.. لقد دربت نفسي لأيام حتى أتقبل تلك الحقيقة التي كانت الأقرب للحدوث، ولكنني مازلت لا أصدق.. أشعر أنني لست طرفا في هذا الأمر.. بل مجرد مشاهد.. تماما كشبح.. مجرد كومة من الدخان معدومة الكتلة.. فقدت الإحساس بالجاذبية الأرضية وليس لها محور ثابت ترتكز عليه، فباتت تتطاير في كل الاتجاهات، فتشاهد ما يحدث حولها دون أن يكون لديها القدرة على فهمه أو ترجمته فعليا ثم التصرف على أساسه.. أشعر كأنني مركب شراعيّ تتقاذفها الرياح في يوم عاصف بلا وجهة معروفة، فقط ترجو من الله النجاة".

اقتربت شروق مني، وبادرت باحتضاني هذه المرة.. ثم تحول العناق لقبلة، لا أدري متى أصبحت أكثر حميمية واشتعالا، وكأن روحي من الداخل تريد ملامستها والتأكد أنها موجودة.. بل تريد الالتفاف حولها لتنصهر مع روحها، لكي تتأكد أنها ستكون معي مهما حدث..

ظللت أقبّلها بشغف وأنا أتحرك بها صوب السرير، ثم همست بصوت أجش في أذنها: "أعرف أنك مازلت في فترة نقاهة ولكنني فعلا أحتاجك الآن.. أريد أن ينتشلني غرامك من عواصف أفكاري.. أن يغمرني شغفك بسخائه.. يا الله.. كيف سأكبح مشاعري؟"..

فاجأتني هي وردت بنفس الخفوت: "لا أشعر بالألم إطلاقا.. لقد نزعت القطبات منذ أيام وأعطاني الطبيب الضوء الأخضر لممارسة حياتي كاملة بشكل طبيعي.. لا تقلق.. لست مصنوعة من زجاج هش رقيق"..

كانت كلماتها وقودا يزيدني اشتعالا ويأجج حمم الرغبة والاحتياج بداخلي، فهمست: "سأكون لطيفا للغاية.. أعدك"، ثم غمرتها في نوبة عاطفية شديدة التوهج تقبلتها هي بجودٍ وكرم حتى هدأت أمواج أحاسيسي المتلاطمة على شواطئ عشقها الحانية..

حين انتهينا، سألتها محرجا: "هل كنت قاسيا؟ هل كان جموحي مرهقا لك؟"

ردت هي بخجل: " أعلم أن الإيمباثية تجعلك شديد الحذر في بعض الأوقات، ولكنني بخير.. انسى أمر الجراحة تماما"..

كان تورد بشرتها ممتعا للغاية، وفي تلك اللحظة اعتبرته الهدية الأجمل للتشويش على اضطراب عواطفي بعد عودتي من المعمل، فسألتها بجرأة متأثرا بمزاجي المتلاعب المفاجئ: "هل تسببت جولاتنا العاطفية السابقة في إصابتك بالزائدة الدودية؟ هل درستم شيئا كهذا في كلية الطب؟"

ضحكت هي بطفولية وقالت: "حازم.. لا تخجلني.. ثم أنني لا أذكر أننا درسنا بالكلية أن هذا.. الأمر من مسببات الإصابة بالتهاب الزائدة الدودية"..

رسمت ابتسامة سخيفة على شفتيّ، ثم قلت: "لا أفهم سبب تصنعك الخجل الآن.. في الحقيقة لا أصدقه مقارنة بما قلتيه وأنت تفيقين من التخدير بعد الجراحة"..

نهضت هي متوترة، ثم غطت نفسها بالشرشف شاعرة بالحرج.. ثم تساءلت بغيظ: "ماذا قلت؟"
أجبتها متسليا: "قلتِ إنك تحبيني"..

رفعت هي حاجبيها دهشة واكتسى وجهها بحمرة قانية، فاستطردت متجاهلا اندهاشها من فكرة اعترافها بالحب لي حتى لو كانت شبه مخدرة: "أقصد تحبين شكل صدري الذي يذكرك بنهر النيل ودلتاه"..

تركت شروق الشرشف، ثم وضعت يديها على وجهها، فنهضت متحركا صوب المشجب، فأحضرت مبذلها وناولته لها، فارتدته هي بخجل، ثم سارت تجاه الحمام..

حينما عادت بعد بضعة دقائق، سألتني بفضول طفولي: "إذًا ما هو اسمك الحقيقي؟"
ماذا؟

أجبتها مبهوتا: "لا أعلم.. لقد نسيت أن أسأل علي الزين.. كنت أشعر بالحرج من الموقف كله فسارعت بالرحيل دون أن يطول بنا الحديث"..

مدت هي هاتفي نحوي، وقالت بعد أن التمعت عينيها: "لا بأس.. اتصل بسليم واسأله.. وهكذا سيعلم عمك أنك لست متضايقا من صلة القرابة التي تجمعك بعائلته.. وبعدها خذ كل وقتك لكي تتقرب منه رويدا رويدا"..

كنت أريد المماطلة حقا، لكن التماع عينيها بالفرحة لأجلي، جعلني أمد يدي وأتناول الهاتف، ثم طلبت رقم سليم..

بعد بضع رنات، جاءني صوت سليم مرحبا بصوت بشوش: "مرحبا حازم.. مبارك انضمامك لعائلتنا يا ابن عمي"..

تمتمت بالشكر، ثم سألته محرجا: "إذًا.. ما هو اسمي الحقيقي"..

شهق سليم بصوت خفيض محاولا مداراة المفاجأة التي شعر بها بسؤالي، ثم رد: "بسام.. بسام سليم عبد الحكيم رماح الزين".


نهاية الفصل
قراءة سعيدة وممتعة

الفصل طويل كما ترون ومهم جيدا وفيصلي في الأحداث المتبقية في الفصول القليلة القادمة قبل الختام.. فأرجو أن تمدونني بردود أفعالكم من خلال التعليقات.. ليس فقط على أحداث الفصل.. ولكن على مسار الرواية ككل حتى الآن..
وشكرا للجميع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-09-21, 07:14 PM   #810

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 47 ( الأعضاء 2 والزوار 45)


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:27 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.