|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟ | |||
نعم | 0 | 0% | |
لا | 6 | 100.00% | |
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
26-09-21, 03:20 PM | #813 | ||||||||||
كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| اقتباس:
ياريتني ما طلبت بصراحة ردود أفعالكم مشجعة جدا عامة اهي الرواية قربت تخلص | ||||||||||
27-09-21, 01:51 PM | #814 | ||||
| فصل صعب وطويل فعلاً وفيه مشاعر كتير، مشهد حلم حازم مؤثر وحزين بنسبالي ووقت اتأكد من نسبه برضو ومشاعره المتلخبطة لحد دلوقتي مستنية اشوف آخر تهديدات رحيم وتصرف حازم مع عمه بعدين واتمنى شروق متعارضش فكرة انهم يوقعو رحيم مفتكرش هتعمل كدة واتمنى متخيبش ظني بجد الحبكة لحد دلوقتي جميلة جدا احييكي على كل كلمة❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️ ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️ | ||||
27-09-21, 08:28 PM | #815 | ||||||||||
كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| اقتباس:
شكرا يا نوارة على كلامك الجميل.. بالنسبة لرد فعل شروق.. خليتا تشوف تقديرها للامور ازاي.. ارجو الفصول القليلة المقبلة تظل عند حسن ظنك | ||||||||||
29-09-21, 09:22 AM | #817 | ||||||||||
كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| اقتباس:
بائن الله متبقي من الرواية ٦ فصول وخاتمة يعني بحوالي شهرين فقط على الاكثر.. ارجو ان تعجبك وانتظر تعليقك من الان | ||||||||||
29-09-21, 04:52 PM | #818 | |||||||||
كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| اقتباس من فصل ٣٠ قلبي مش جايبني ألفت النظر للكارثة اللي هتحصل في الفصل.. فهحطلكو مقطع لطيف.. ونخلي الكارثة لوقتها حين تفرق الشباب، سألني عمرو عن حالتي بعد الجراحة وأحوال الدرسة، وحاولت أنا استخلاص تفاصيل المفاجأة التي لم يكشفها حسام بعد، لكنه أصر على التمسك بصمته، إلى أن اقترب حازم بوجه متجهم وبخطوات متعجلة، فطوق خصري بذراعي وهو يبتسم لعمرو مرحبا، ثم أطبق على كفه بسلام يبدو أنه كان قويا بشكل زائد حيث ظهرت ملامح الألم قليلا على وجه عمرو.. بعد قليل، نادى حسام على حازم، فنظر الأخير إليّ مترددا، ثم همس في أذني: "لا تطيلي الحديث معه"، ثم غادر إلى حيث يتواجد أخوه الذي أصبح يتحرك بعكازه الطبي بشكل أفضل بسبب التدريب المستمر.. زفر عمرو بارتياح بشكل درامي مضحك، ثم قال ممازحا: "عفوا يا شروق.. ولكن زوجك غريب جدا.. كلما قابلته أشعر أنه على وشك الفتك بي.. دائما يبدو متجهما وكأنه على استعداد للدخول في مشاجرة مع أحدهم وإشباعه ضربا".. ضحكت بتسلية، ثم أجبته بصدق: "هو هكذا مع الجميع.. ملامحه تجعله يبدو كأنه خرج من الكهف منذ يومين ولا يطيق التعامل مع البشر لكنه طيب القلب".. تذكرت فجأة أن حازم هو من أنقذ حياة عمرو، وربما حان الوقت ليعرف هذا، فقلت بنبرة شبه عفوية: "أتدري من الشاب الذي أنقذك يوم الخامس والعشرين؟.. كان هو بنفسه.. حازم في الأساس جاء خلفي لينقذني بعد أن سادت الفوضى المسيرة وبدأت أنا في الابتعاد عن الجمع، لكنه وجدك شبه فاقد للوعي، فأنقذك من بين يدي المجندين، ثم أرسلك للمشفى.. وبعدها أنقذني أنا وأعادني للمنزل سالمة". بانت على عمرو علامات الدهشة، ثم قالت: "هذه قصة مذهلة.. لا تحدث في الواقع كثيرا.. ومع ذلك يرفض الإعلان عن الأمر وتلقي الثناء الذي يستحقه". سارعت أنا بالتوضيح: "قلت لك.. إنه يشعر في قرارة نفسه بأن حياة الكهوف بعيدا عن البشر تناسبه أكثر ولذلك لا يحب التواجد في التجمعات أو أن يكون محور الأنظار".. قال عمرو بنبرة يغلفها الكثير من التقدير: "ومع ذلك يجب أن أتوجه إليه وأشكره بنفسي"، ثم استأذن وتحرك بالفعل في اتجاه حازم قبل أن أمنعه.. | |||||||||
02-10-21, 06:25 PM | #819 | |||||||||
كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| الفصل الثلاثون - القسم الأول الفصل الثلاثون شروق إذًا هكذا يبدو الإنسان عندما تنقلب حياته كما يعرفها رأسا على عقب.. عندما تأتيه معلومة واحدة فتنسف كل الحقائق التي سبقتها وتسقطها في هوة سحيقة لا قرار لها، بعد أن ظل من يحمل تلك الحقائق خلف ظهره يعاني من ثقلها حتى خارت قواه دون أن يشكو.. قبل أن يكتشف أنها لم تكن من البداية سوى مجرد سلسلة من الأوهام.. أو ربما أكاذيب.. كان حازم قد تلقى اسمه الحقيقي من سليم بحالة تشبه الذهول دون أن يعقب، حتى أنه تمدد أمامي على الفراش مستقرا برأسه على فخذي وأخذ يطالع سقف الغرفة في صمت مهيب، وكأنه لم يعد قادرا على تحمل كل تلك المفاجآت التي تعصف بكل ما ظنه واقعيا وثابتا في حياته.. بل وكأنه صمت لدقائق حدادا على روحه التي تمزقت لسنوات طويلة وهو يصدق عن نفسه خرافات مختلقة شوهت ماضيه وزلزلت حاضره وكادت أن تدمر مستقبله. لن أدعي فهم ما يمر به الآن مهما حاولت أن أضع نفسي مكانه.. أسفي عليه.. هذا الشاب عاش وحيدا في ملجأ وهو يظن أنه بلا أصل وبلا هوية.. بل وقع بين براثن وحش سادي، ساق له من الأكاذيب أفظعها وعمد إلى ابتزازه واستغلاله لإجباره على تحمل ما لا يطيق، وارتكاب ما يكره من آثام تركت أطلالها تسحق ضميره وتكبله كلما حاول الفرار والنجاة بنفسه.. عانى طفلا بمفرده من مرض غريب ونادر ولم يجد من يسانده أبدا سوى طفل أصغر وأضعف، فاضطر هو في النهاية أن يتبناه وجدانيا ويصبح والده وأخاه وصديقه.. فبات يعطي من جديد بدلا من أن يجد صخرة حقيقية يستند عليها.. صحيح أن حسام كان داعما كبيرا له، وكذلك خالد، لكن دعمهما ربما أتى متأخرا نوعا ما بعد أن أصبح حازم قادرا على التأقلم ومواجهة ما تضعه الحياة في طريقه من عثرات وعقبات واختبارات قاسية.. أخذت أربت على رأسه برفق، ثم سألته بصوت خافت: "كيف تشعر الآن؟".. مرت بضع ثوانٍ وحازم مازال صامتا حتى ظننت أنه لم يسمع سؤالي أو ربما تجاهل الرد، لكنه زفر بعدها ببطء وكأنه يحاول الخروج من دوامة الأفكار التي تتصارع في رأسه الآن، ثم قال: "لا أعلم.. يبدو الأمر بالنسبة لي وكأنني أشاهد من بعيد أمرا لا يخصني.. أو أقرأ بعض الأحداث في رواية.. أتفاعل مع ما يستجد من معلومات يكشفها الراوي، ولكنني متيقن أنها مجرد أحداث خيالية لا تعنيني ولا تخصني ولن تطالني تبعاتها أو تؤثر بي بأي شكل.. ثم أتذكر أنني بالفعل البطل هنا ويجب أن أفكر في كل ما تعنيه هذه الحقيقة الجديدة وما قد تسببه من تغيرات على حياتي.. حياتنا جميعا". أطلق حازم ضحكة قصيرة ساخرة، ثم تابع بمرارة: "يا لي من بطل.. لم أكن يوما متحكما بزمام حياتي.. بل ظللت بيدقا بيد لاعب احترف الخديعة وأدمن الفوز حتى ولو كان الثمن أرواح بريئة.. أو قولي دمية ماريونيت خشبية لا تمتلك من أمرها شيئا.. طوال حياتي وأنا أقبع في خانة المفعول به.. لا أقدم على آية خطوة بدون تصريح مسبق وبمقابل لا أطيقه في بعض الأحيان.. يا له من شعور".. مررت أصابعي بحنان بين خصلات شعره السوداء الناعمة، ثم علقت: "أما أنا فأشعر أنه لأمر رائع.. أن تكتشف من أنت فعلا.. ربما كان هذا إيذانا بأن تجد السلام أخيرا، فقد آن الأوان أن تودع الكثير من عذاباتك الماضية بعد أن أضحى بإمكانك أن تتناسى الكثير من الذكريات السيئة التي شكلّت ظلام سنواتك الماضية".. رفع حازم حاجبيه حتى تلاقت أعيننا، ثم تساءل بجدية لا تخلو من التشكك: "أتظنين ذلك؟".. أجبته بحماس: "بالطبع.. يجب أن تبني حياة سعيدة مع عائلتك وتقوى بيهم خصوصا أنهم فعلا يرحبون بك بينهم ويريدون ضمك تحت جناحهم لتعويضك عن ما مررت به.. وصدقني هذا أقل ما تستحقه".. رد حازم بنفس النبرة الجدية: "لا أظن أن أي شيء قد يحدث مستقبلا بإمكانه دفعي لنسيان الماضي.. لقد انطبع بداخلي تماما لا يغادرني، وحتى بعد أن ظهرت الحقائق التي من شأنها طمسه نهائيا.. تبفى آثاره المزعجة تلتف حول عنقي وتكبلني بقبضتها القاسية.. وكوابيسي ليست سوى البداية". قاطعته بحزم: "حازم.. يجب أن تنسى الماضي.. عليك أن تجعل هذا الأمر هو هدفك المقبل وأن تخصص له كل طاقتك.. لم أعهدك متخاذلا.. فأنت محارب باسل وشجاع منذ اليوم الأول.. وتستحق حياة سعيدة هادئة بعيدة عن الحزن والتخاذل والأوجاع المستمرة.." توقفت عن الكلام ثم رمقته بنظرة حانية أودعتها كل مشاعري التي مازلت أتحفظ في إفلات لجام شفتيّ لأعلنها على مسامعه صراحة، ثم أكملت بنبرة مترجية: "لا تبخس نفسك حقها ولا تتراجع لمجرد أن الأمر يبدو غريبا وصعبا الآن.. كما أنني معك منذ الآن.. ولست وحدي.. لديك عائلة كبيرة تدعمك.. بدء من حسام وخالد وزينة وحنان وماما سناء.. وحتى عمك وابنه وباقي أفراد أسرتك". سحب حازم يدي المستقرة بجانبي، ثم قربها من فمه ولثمها بحب وامتنان، لكنه لم يعقب.. مرت بضع دقائق أخرى، وأنا أفكر فيه.. حازم.. أو بسام.. يا إلهي.. كيف سأناديه؟ تُرى أي اسم سيفضّل بعد؟ همست بمزح خافت محاولة تلطيف الأجواء: "السيد العابس اسمه بسام"، فجاءني صوت حازم متسائلا: "ماذا همست؟ وعلام تضحكين؟".. همست بنبرة أعلى قليلا: "لا أصدق أن اسمك بسام وأنت دائم التجهم والعبوس".. تحرك رأس حازم قليلا حتى صارت نظراته مطرقة إلى الجانب تواجه الجدار ومط شفتيه بحزن، ثم قال بنبرة غلفها الألم بوضوح: "ربما لو كانت حياتي مختلفة.. وكنت قد نشأت في كنف والديّ وعايشت عائلتي بشكل طبيعي، لأصبحت بالفعل شخصا باسما وسعيدا.." نبرة الأسى الواضحة في صوته لاقت صدى معذبا في صدري، فلم أشعر سوى بنفسي أنحني إليه وأرفع رأسه بكفيّ وأبثه قبلة ناعمة وحانية علها تدفئ قلبه الملتاع الذي قاسى كثيرا.. شهق حازم مصدوما في البداية، ثم تحرك متملما من نومته المقلوبة، ليعتدل جالسا، ويحتضن وجهي بأنامله، ثم يبادلني قبلة أكثر عمقا ودفئا.. ليبعد رأسه قليلا ثم يسألني مندهشا: "ليس وكأنني أمانع.. ولكن ما سبب تلك المبادرة المنعشة؟".. أطرقت جفنيّ بخفر، ثم أجبته بنبرة صادقة: "شعرت أن والدي بشكل ما كان سببا في تعاستك وشقائك خلال سنوات طفولتك وشبابك.. فقد تربيت في ملجأه وقام بابتزازك بطريقة جعلتك تشعر أنك مدين له.. أنا آسفة لكل ما لحق بك من آلام ومصاعب و.... " قاطعني حازم الذي عانقت شفتيه ثغري في قبلة جديدة أكثر قوة، وكأنه في تلك اللحظة كان يتهرب من الكلام ونبش الماضي، فقرر استبداله بالتعبير بعواطفه ومشاعره.. ليسحبني معه في جولة صاخبة من الغرام امتدت للساعات الأولى من الفجر، حتى هدأت مخاوفه واستكان بين ذراعيّ كمن وجد وطنه أخيرا بعد أن أمضى سنوات عمره أسيرا في سجن مقفر بقلب البراري بين الوحوش التي لا تعرف الرحمة.. يتبع | |||||||||
02-10-21, 06:30 PM | #820 | |||||||||
كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| الفصل الثلاثون - القسم الثاني عندما استيقظت في الصباح، كان حازم في المطبخ كعادته يعد طعام الفطور برفقة ماما سناء، وبدا في قمة حيويته ونشاطه.. إن كنت قد عرفت شيئا واحدا عن شخصية حازم، فهو أنه يلجأ دائما للطهي والتصرف وكأنه بقمة نشاطه عندما يريد تجاهل شعور معين يسيطر عليه، فيدّعي أنه بخير حتى يخفي ما يعتمل بداخله فلا يعطي فرصة لأحدٍ كي يسأله أحد عما يمر به.. بالتأكيد هو الآن يتجاهل عن عمد التفكير بوضعه الجديد، فبادر بالتصرف بشكل شبه اعتيادي.. لمن لم يعرفه جيدا وهل فعلا نجحت في اختراق دائرته السرية وأصبحت قادرة على التفريق بين انفعالاته المختلفة مهما حاول التغطية عليها؟ شعور غريب بالألفة يتملكني في تلك اللحظات ، فينبض قلبي بتلك النبضة الفريدة التي تخبرني همسا.. أنه آن بالفعل الأوان للتسليم أنني وحازم نشكل معا عائلة متكاملة.. يتشابه شطراها في الكثير من الصفات والأوجاع، فيصبح كل منهما جدير بنصفه الآخر، والقطعة الوحيدة التي يمكنها الانصهار معه ليكملا معا كيانا واحدا. جلست أمام الطاولة الممتدة المشرفة على المطبخ بعد أن ألقيت تحية الصباح عليهما، فسارع حازم بإحضار كوب القهوة لي، أما ماما سناء، فقد كانت تضع اللمسات النهائية على ثلاثة أطباق من مأكولات الفطور سريعة التحضير، ثم وضعت واحدا أمامي والآخر بجواري من أجل حازم، بينما جلست هي في الجهة المقابلة على مقعدها داخل المطبخ تشاركنا تناول الطعام ولكن تمنحنا بعض الخصوصية.. جلس حازم بجواري، ثم طبع قبلة سريعة على جبهتي، وبدأ بتناول فطوره في صمت.. سألته بفضول: "أين حسام؟ ألن يفطر معنا؟" رد شارحا: "لقد خرج منذ قليل.. مر عليه سامح لاصطحابه لكي يجتمعا مع عمرو كساب.. يبدو أنهم منشغلون فعلا بالعمل على مشروع فيلم جديد".. علقت بحماس: "هذا رائع.. أتمنى لهما النجاح"، ثم عدت لتناول الطعام. عندما شارفنا على الانتهاء من تناول الطعام، سألني حازم باهتمام: "إذًا ما هو جدولك لليوم؟ متى ستتوجهين لمناوبتك الجديدة؟" أجبته بنبرة متكاسلة: "ربما بعد المغرب.. فمناوبتي مسائية".. قال هو بنبرة مرحة: "إذًا أمامنا ساعات الصباح وحتى ما بعد الظهيرة لكي نتسلى قليلا ونخرج معا في موعد غرامي يدا بيدٍ مثل الأزواج الطبيعيين.. ثم تأخذين قيلولة صغيرة وتستعدين بعدها للذهاب للمستشفى..". سألته بتلاعب يخالطه التشكك: "ما سر هذا الدلال؟" رد بصوت منغم وكأنه يحدّث طفلا صغيرا: "لأنكِ مازلت في فترة النقاهة وتستحقين كل الدلال.. ولهذا سأقلك أيضا إلى المستشفى بنفسي ثم أعود في الغد لاصطحابك للمنزل كي لا تقودي السيارة وتضغطين على جرحك.. يكفي أنك ستتحركين كثيرا داخل المستشفى".. أجبته بصدق: "المناوبة المسائية تكون أهدأ كثيرا.. ولهذا وضعني مسؤول المناوبات بها حتى أرتاح بأكبر قدر ولا أضطر لبذل مجهود حركي كبير".. رد بنبرة آمرة: "ومع ذلك ستهتمين لصحتك وتراقبين وضعك.. وإذا شعرت بالألم ستتصلين بي كي نستشير طبيبك كما أخبرنا".. لم أتمالك نفسي وعلت ضحكاتي، فرفع حاجبه مندهشا.. فقلت من بين ضحكاتي: "بالله عليك.. كيف أكون في المستشفى وسط لفيف من أمهر الأطباء في المنطقة العربية كلها، وأتوجه لطبيب آخر عندما أشعر بالألم.. أنت لم تعرف بالتقريع الذي نالني من أساتذتي بعد أن علموا بإصابتي وبخضوعي للجراحة في مشفى خاص..". ناظرني حازم بدهشة وعدم اقتناع، ثم قال على مضض: "لا بأس.. فقط اعتني بنفسك ولا تبذلي مجهودا زائدا.. والآن استعدي لنخرج ونتنزه قليلا.. ارتدي شيئا مريحا".. بعد حوالي ساعة، كنت قد بدلت ملابسي الرياضية المنزلية المريحة إلى فستان ربيعي فضفاض من الحرير الأبيض المطبوع بزخارف عربية عند الصدر والذيل والمعصمين بدرجات العسلي والبني والأزرق الفاتح والداكن، والذي يتزين عند الخصر بحزام مزخرف، أما حازم فقد اختار سروالا من الجينز الأزرق الداكن مع قميص "بولو" عصري بأكمام طويلة وبدون أزرار باللون البيج الرملي.. عندما تحركنا بالسيارة، فتح حازم مسجل السيارة ليصدح حولنا صوت كاظم الساهر بأغنيته الشهيرة "أراضي خدودها"، ثم بدأ حازم بالغناء معه بصوت خافت ومزاج رائق، وهو يعزف بأنامله على عجلة القيادة وعلى وجهه ترتسم ابتسامة واسعة.. يبدو وكأنه بالفعل قد تخلص من عبء كبير فيما يخص جذوره العائلية، ولكنني مازلت أستشعر أنه مازال يرفض الحديث حول ما يمر به.. في النهاية، قررت أن ألتزم الصمت وأمنحه مساحته الخاصة حتى لا أضغط عليه.. لأتركه يقرر البوح متى يكون مستعدا.. انتهت الأغنية، ثم تلتها أغنية محمد حماقي "واحدة واحدة"، لكن حازم قاطع الأجواء المنعشة للأغنية حين سألني: "كيف تريدين قضاء الساعات التالية في أول موعد غرامي لنا؟" ضحكة تلقائية غادرتني لتملأ الأجواء فرحة غير مفسرة ولم يكن لديّ الوقت الكافي للتحليل والتفسير، فأخبرته بصدق: "أتعلم؟ لم أفكر أبدا في الطريقة التي أريد بها قضاء موعد غرامي.. أقصد أنني لم أتخيل أن أقوم بشيء محدد لأشعر بالسعادة مع شريكي .. فقط فكرت أنه إذا كان هذا الشريك هو الشخص المناسب لي، فإن هذا الموعد سيكون مثاليا وسيصبح وقتا استثنائيا لا يُنسى أيا كان النشاط الذي سيجمعنا خلاله أو المكان الذي سنتواجد به.. يكفي أن يأنس أحدنا بالآخر ويشعر معه بالاكتفاء". طالعني حازم بنظرة طويلة دون أن ينطق بكلمة، فتملكني الحرج من نظراته المتفحصة بجرأة غير متحفظة لمعت لها مقلتاه فتحركت منهما ذبذبات كهربية أثارت توترا لذيذا في الأجوا، قطعه هو عندما عاد للتركيز في القيادة وهو يضيّق حاجبيه مفكرا حتى بدا وكأنه يحاول أن يستشف ما الشيء الذي يمكن أن يكون سببا في تحويل الساعات المقبلة لوقت خاص استثنائي لكلينا.. هنا قررت أن أفتح قلبي قليلا لمساعدته، فقاطعت سيل أفكاره قائلة: "أما بالنسبة للخروجات نفسها، فإن لدي بالطبع الكثير من الأمنيات المؤجلة، ولكن حظي أنني طالبة نهائي طب عالقة في الأمتار الأخيرة قبل التخرج، ويجب أن أعوّض كل التراخي الذي أصابني الأسابيع الماضية إذا كنت أريد أن ألحق وأحصل على شهادتي مع نفس دفعتي.. لذا أقترح أن نؤجل بعضا من تلك الاحلام حتى ما بعد التخرج".. تلوّن وجه حازم بابتسامة واسعة لم أستطع تفسيرها، فسألته بدهشة: " ما سر بهجتك المفاجئة؟".. زفر بحبور واسترخاء، ثم قال بصوت ضاحك: "كنتِ دائما تهددينني أنكِ بعد التخرج ستحصلين على الطلاق.. الآن تتحدثين عن تأجيل تنفيذ أحلامنا الرومانسية لما بعد التخرج.. انظري كيف تغير العالم!!". كلماته أصابتني بحالة من الدهشة المشوبة بالخجل، فعجز رأسي عن الإتيان بأي تعليق مناسب بعد أن افتضح أمري بسبب انطلاق لساني بالحديث بلا مرشح، فلما استشعر هو ارتباكي، قرر أن يتصرف برأفة وكياسة، وقال ممازحا: "لا بأس.. أظنني أستطيع تدبر الأمر حتى بعد التخرج، ولكن اليوم استثنائي فلا تعارضي.. لا تنسي أنكِ مازلت في مرحلة الاستشفاء والتعافي، ورغم ذلك ستذهبين للعمل من جديد، ولهذا تقع عليّ مسئولية شحن طاقتكِ بصفتي زوجك".. ثم تحرك بالسيارة بنفس حالتة المزاجية المرحة التي تسيطر عليه منذ الصباح.. في البداية، توجنا إلى إحدى المقاهي الثقافية العتيقة في قلب القاهرة، والمعروفة بأنها مقصد شباب المبدعين من الرسامين والنحاتين عموما.. أخذنا نتناول المثلجات المنعشة، إلى أن لمح حازم أحد الشباب يمسك بكراسة رسم ضخمة وينشغل برسم شخصيات كارتونية طريفة على صفحاتها بتمكن واحترافية وسرعة مذهلة.. قام حازم من مقعده، وتوجه إليه ثم حادثه قليلا بخفوت، وبعدها عاد وبرفقته الشاب الذي انضم إلينا على طاولتنا، وبعد أن تعارفنا، قال حازم: "لقد طلبت من الفنان الشاب ياسين سلامة أن يقوم برسمنا معا في لوحة كاريكاتيرية، فاستعدي يازوجتي".. ارتبكت قليلا بسبب الفكرة المجنونة التي طرأت على ذهن زوجي، والذي تجرأ لأول مرة على القيام بتصرف عفوي علنا، فدخل هو معي في محادثة قصيرة أذابت التوتر الذي ساد الأجواء، فعدت لتناول المثلجات بعفوية وتبادل الحديث مع زوجي، إلى أن انتهت اللوحة التي كانت طريفة ومبهجة بألوانها الصاخبة وتعبيراتنا المضحكة التي فرضت نفسها على تفاصيلها.. يبدو أن حازم قرر الاحتفاظ بذكرى هذا اليوم من خلال تلك اللوحة البسيطة التي تشكّل دليلا آخر على تكاملنا معا ككيان واحد لزوجين يتلمسان طريقهما نحو الاستقرار .. والحب.. بعدها، تحركنا للتنزه على جسر قصر النيل قبل أن يصطحبني حازم لتناول الغداء في المطعم الدوار أعلى برج القاهرة لنشاهد المدينة بأكملها ونحن نتناول طعامنا.. كان المنظر رائعا، ولكن رغما عني كانت ذكريات امتلاء الميدان بالمتظاهرين تظهر أمام عينيّ كصور مضيئة للحظات فريدة غلفتها نسائم الحرية.. بعد أن استشعر حازم تسلل الإجهاد إليّ، أصر على إعادتنا للبيت لكي أستريح قليلا قبل أن يصطحبني لمناوبتي المسائية.. وذلك بعد أن اشتري لي باقة ضخمة من زهور الجاردينيا ودمية قطنية على شكل قطة بيضاء عيونها زرقاء تموء بدلال كلما ضغطنا على جبهتها.. يتبع في الصفحة التالية | |||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|