آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          583 - دور القدر - باتريسيا ويلسون - ق.ع.د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          445 - غرباء في الصحراء - جيسيكا هارت ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-09-21, 11:21 PM   #811

حنين الياسمين

? العضوٌ??? » 491373
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 14
?  نُقآطِيْ » حنين الياسمين is on a distinguished road
افتراضي


فصل رائع متشوقة للفصول القادمة دمت متألقة 💞😘

حنين الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-21, 08:38 AM   #812

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنين الياسمين مشاهدة المشاركة
فصل رائع متشوقة للفصول القادمة دمت متألقة 💞😘

شكرا للمتابعة.. خلاص داخلين ع المحطات الاخيرة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-09-21, 03:20 PM   #813

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Oo26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مروة سالم مشاهدة المشاركة
مرت الساعات التالية بسرعة ما بين تدليل الخالة سناء ومزحات حسام وخالد وزينة لشروق التي تنعمت بالدعة التي يغدقها عليها الجميع كهريرة صغيرة مترفة..

أما أنا، فاتخذت وضعية المراقب فقط.. سعيد بهذا التجمع.. وبأن شروق قد وجدت لنفسها عائلة بالفعل كما كانت تتمنى دائما.. عائلة تحيطها بالرعاية وقت المرض.. والحماية وقت الخطر.. والحب كل الأوقات..

تناولنا جميعا عشاء خفيفا في السابعة مساء، حيث أعلن خالد وزوجته مغادرتهما حتى يتركا شروق ترتاح..

أما حسام فقد توجه لغرفته لكي يعكف قليلا على الكتابة مؤكدا أن رأسه تمتلئ بعشرات الخواطر بعد الجلسة الممتعة التي جمعتنا طوال النهار وألهمته بالعديد من الأفكار..

أما الخالة سناء فقد توجهت للمطبخ لإنهاء ترتيبه قبل أن تتوجه للنوم بعد يوم مرهق..

بعد أن خلت غرفة المعيشة، تحركت لحمل زوجتي التي كانت ممددة على الأريكة، ثم توجهت بها نحو الدرج، فقالت هي: "ليس عليك أن تحملني كل تلك المسافة حتى غرفتنا بالطابق العلوي.. توجه للمصعد"..

سألتها بلهجة مستنكرة ممازحا: "هل تظنينني ضعيفا أم عجوزا؟"

ضحكت هي بخفة حتى لا يتألم جرحها، ثم قالت: "فقط لا أريد أن أرهقك.."

لثمت جبينها، ثم توجهت ناحية المصعد وأنا أرد: "قولي إنك تتخوفين أن أتعثر وأنا أحملك فنسقط كلانا على الدرج"..
عاودت هي الضحك بخفوت من جديد..

وصلنا للغرفة، فساعدتها على تبديل ملابسها لثوب واسع طويل بدلا من مناماتها المخملية الأثيرة ذات السراويل حتى لا تضغط على موضع جرحها، ثم تمددت بجوارها وأعطيتها وحدة التحكم الإلكتروني لكي تشاهد ما تريده عبر الشاشة المثبتة على الجدار المواجه للسرير..

اختارت شروق برنامجا ترفيهيا معلنة أنها ليست مستعدة لمتابعة أي برنامج سياسي حاليا، لأنها تريد الاسترخاء..

أما أنا، فقد استلقيت بأريحية بجوارها، حيث تراخت جفوني بعد أن تكالب عليها إرهاق يومين متتالين فتثاقلت أخيرا وأذنت للنوم بإسدال ستائره عليها..

وجدت نفسي هناك من جديد، بداخل تلك السيارة محاطا بتلك الأسرة..

ومرة أخرى، جنحت السيارة على صخرة ضخمة، ثم انحرفت لطريق مظلم، ظلت تسير فيه بسرعتها العالية..تكاد تصطدم بذلك الحاجز المرعب إلى أن صاحت الأم فجأة بصرخة واحدة: "بساااااااااااااااام"..


استيقظت شاهقا وكأنني أفلتت من الموت بأعجوبة.. كانت يداي ترتعشان بعنف.. لكن هناك صوت يناديني برفق: "حازم.. حازم.. هل أنت بخير؟"

نظرت نحو مصدر الصوت.. لأجد مصدر بهجتي في هذا الكون.. شروق..

أخذت تناظرني وتكرر هاتفة بانفعال قلق: "هل أنت بخير؟ هل رأيت كابوسا مجددا؟"

ضربت جبهتي بيديّ بعنف، ثم أخذت أفرك وجهي بقوة حتى أستفيق وأتخلص من آثار ذلك الحلم، بينما انشغلت هي بملء كوب من الماء من الإبريق المجاور لمنضدتها، ثم أنزلت إحدى يديّ برفق، ووضعته فيها وحركتها مجددا صوب فمي..

تجرعت الكوب كله دفعة واحدة، ثم زفرت بانفعال حاولت عبثا إخفائه عنها..

قالت هي بقلق: "أخبرني ما بك"..

أجبتها باستسلام: "نفس الحلم".

تساءلت هي مستفهمة: "بخصوص ذلك الشيء السام؟"

جاوبت بقنوط وحذر: "ليس ساما.. بل بسام.. اسم شخص"..

تساءلت هي بحيرة: "ماذا تقصد؟ من بسام؟"

أجبتها: "لا أدري.. ربما عليّ استشارة دكتور فؤاد حول هذا الأمر؟"

سألت هي مستفهمة: "عمَ كان هذا الحلم تحديدا؟"

أخبرتها بقنوط: "حادث سيارة يركبها رجل وامرأة وطفل.. والمرأة كانت تنادي على (بسام).. ربما كان اسم زوجها"..

صممت شروق للحظات، ثم سألتني بتفكر: "ألم تحاول أبدا البحث عن عائلتك بعد أن غادرت الملجأ؟"

ترددت قليلا، ثم جاوبت: "لا.. كنت أظن أنني لقيط.. ولهذا لم أهتم بالبحث، خاصة وأن مدير الملجأ أخبرني أنه لم يتمكن من الاستدلال على أسرتي بآية وسيلة.. قال إنني رغم بلوغي الخامسة وقتها لكنني كنت ألتزم الصمت كلما سألوني عن عائلتي.. وحتى بعد مرور أسابيع كنت عاجزا عن تذكر اسمي أو اسم والدي أو عنواني حتى أعلن المشرف الاجتماعي بالملجأ أنني ربما وصلت الملجأ وأنا فاقد للذاكرة بالفعل بسبب صدمة أو حادث.. "

عاودت هي الصمت متفكرة، ثم قالت: "ربما كنت فاقدا للذاكرة بالفعل نتيجة لتعرضك لصدمة.. عليك أن تستشير الدكتور فؤاد حول هذا الأمر.."

اعتدلت شروق في نومتها كي تكون مرتاحة بشكل أكبر، فساعدتها بوضع وسادة ناعمة خلف ظهرها، ثم تمددت بجوارها مستندا بظهري على واجهة السرير، فاستطردت هي: "أخبرني ما الذي يمنعك من الخضوع للتحليل.. تقول زاد إن سليم مقتنع أنك بالفعل ابن عمه بعيدا عما أثبتته التحاليل لأنك تشبه عمه الراحل..".

ابتسمت نصف ابتسامة، وتساءلت ساخرا: "هل أخبرها قصة الصور القديمة؟ لقد سرد عليّ نفس الأمر حتى أنه جعلني أشاهد بعض اللقطات لعمه عبر هاتفه المحمول.. لكن الصور كانت جودتها سيئة للغاية لأنها ملتقطة بعدسة الهاتف الذكي كنسخ من الصور الفوتوغرافية الأصلية.. لا أنكر أنني ممتن أن هناك عائلة تريد أن تضمني إليها وتسعى بكل طاقتها لإثبات انتمائي إليها.. هذا أمر يثلج الصدر ويشفي الكثير من الندوب العالقة بالنفس ويجعل الروح تبرأ من سقمها، ولكنه أيضا إذا تحول لواقع، فإنه سيحمل معه تغيرات هائلة.. لهذا أنا حذر"..

تنهدت شروق ثم قالت: "معك حق، ولكن متى ستخضع للفحص؟"

أجبتها: "خلال بضعة أيام.. فقط عندما أطمئن على التئام جرحك بسلاسة حتى أتركك في المنزل وأنا مرتاح"..

ضحكت هي وقالت: "هل سترابط بجواري في البيت؟ ماذا إذا كنت تعمل حاليا في وظيفة مكتبية وعليك التوجه لعملك؟"

أجبتها بعفوية: "كنت لأحصل على إجازة بالطبع يا بلهاء.. هل سأترك غاليتي هكذا بلا رعاية؟"

أطرقت هي بخفر، ثم قالت بصوت خفيض: "معي ماما وحسام"..

عارضتها بحميّة: "لكنني زوجك.. أي سكنك وحمايتك.. وأنتِ أيضا سيكون عليكِ رعايتي إذا صار لي شيء"..

بدا على وجهها علامات التألم، وكأن تلك الفكرة.. فكرة إصابتي بسوء قد أوجعتها..

لثمت جبينها بحب، ثم قلت: "هيا للنوم يا شيكو.. تحتاجين للراحة"..

استسلمت هي للنوم بدون مقاومة، حيث تمددت بشكل كلي وتدثرت جيدا، وأشارت لي كي أستلقي جوارها، وعندما فعلت.. عانقت يدي بأناملها الرقيقة، ثم راحت في النوم.. وأنا تبعتها بنوم هادئ بلا كوابيس..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

مرت بضعة أيام، دللتها خلالها أيما تدليل، حتى ملت هي وأصدرت فرمانا أن أحدد موعدا للخضوع للتحليل..

وبالفعل، رتبت مع خالد أن أذهب برفقته إلى المعمل في نفس اليوم الذي قررت فيه الفتيات تمضية اليوم في منزلنا لتسلية شروق، خاصة وأن حنان لم يكن لديها مناوبة صباحية خلالها..

في ذلك اليوم، كانت شروق تجلس في الحديقة العلوية مع حنان وزينة وزاد ليستمتعن بالطقس المعتدل، بينما توجهتّ برفقة خالد إلى المعمل، وهناك التقينا سليم ووالده..

بعد أن خضعت أنا وعمي المفترض للتحليل، أخبرنا مدير المعمل أن أمامنا فترة انتظار تصل لنحو خمسة إلى سبعة أيام حتى تظهر النتيجة، مؤكدا أنه سيرسل لكلينا رسالة تنبيه قصيرة عبر خدمة SMS للحضور وتسلم التقرير..

بحلول نهاية الأسبوع، رافقت شروق لعيادة طبيبها لكي ينزع عنها تقطيبات جرحها، ثم بدأت هي بعدها بيومين في العودة لمناوباتها واستئناف المذاكرة..

فيما انشغلت أنا بعملي المؤقت في بيع وشراء الأسهم في البورصة محققا بعض الأرباح الطفيفة في ظل حركة السوق الراكدة نوعا ما مؤخرا، حتى أنني بدأت العمل على تأسيس شركة خاصة بالمحاسبة والاستشارات الxxxxية..

بعد ثلاثة أيام أخرى، جاءتني رسالة نصية قصيرة عبر الهاتف تؤكد ظهور نتيجة التحليل وتدعوني لزيارة المعمل لاستلام التقرير..

توجهت بمفردي للمعمل، وهناك قابلت علي الزين الذي كانت ملامحه تشي بسعادة وراحة رغم أننا لم نتسلم النتائج بعد..

استقبلنا مدير المعمل في مكتبه، ومنحنا نسختين من التقارير التي تثبت رسميا أنني بالفعل فرد من أفراد عائلة الزين..

وحول علي الزين.. الرجل الوقور صاحب الهيبة، فإنه لم يتمالك نفسه فور سماعه الخبر، حيث غافلته بضع دمعات صارعت شيبته وقررت الإعلان عن عمق مشاعره تجاه تلك الحقيقة التي باتت واضحة كقرص الشمس في منتصف النهار..

أما أنا، فلم أشعر سوى ببعض الخدر الذي صاحبه طنين رتيب في أذني، فتسلحت بالجمود كي أسيطر على هجوم عاصف من الأفكار التي حاولت التسلي بعقلي في تلك اللحظات الحاسمة..

نهض علي الزين من مقعده، وتحرك خطوة مادا ذراعيه وكأنه يريد احتضاني، ولكنه أعاد ذراعيه جواره عندما لاحظ جمودي في مقعدي، لكنه قال بابتسامة مستبشرة: "أعلم أن الأمر يحتاج بعض الوقت لكي تصدقه وتتجاوب معه.. لذلك سأتعامل معك بتمهل.. لن أغمرك بشوقي الشديد لك يا ابن الغالي.. يا الله.. أخيرا.. أخيرا.. حمدا لله.. حمدا لله.. والله لأذبح ثلاثة عجول وأوزعها على الفقراء والمحتاجين بمناسبة عودتك يا حبيب عمك"..

نهضت منفعلا، وقالت بصوت مخنوق: "عليّ الذهاب الآن".. ثم تحركت خطوتين تجاه الباب، وتوقفت بعدها، واستدرت بوجهي لأجده مصدوما من جفائي اللحظي، فقلت بهدوء مقاوما كل الجنون الذي يتصارع بداخلي: "نلتقي لاحقا بإذن الله.. عماه".. ثم استدرت مغادرا وأنا ازدرد ريقي مقاوما قطرات الدموع التي تتزاحم بين جفوني راغبة في التسلل إلى وجنتيّ.

حين عدت للمنزل، كان في انتظاري حسام وشروق وحتى الخالة سناء التي كانت زوجتي قد تكفلت بسرد القصة كلها عليها منذ أيام، فأخبرتهم أن نتيجة التحليل جاءت إيجابية..

احتضنتني الخالة سناء بحنانها الجارف، وأخذت تقبل رأسي، وتقول: "مبارك يا حبيبي.. حمدا لله أن ردك إلى عائلتك لتقر أعينهم بك ليعوضك خيرا عن كل ما عانيته"..

بادلتها الأحضان ثم قبّلت جبينها بتقدير، وهمست في أذنها: "لا أريد أن يعرف أحد غير ثلاثتنا هذه المعلومة.. وخصوصا رحيم وأي أحد من طرفه"..

أبدت هي اندهاشها لثانيتين، ولكنها هزت رأسها موافقة..

أما حسام، فقد ربت على ظهري بقوة، وهو يقول مقاوما تأثره بهذه اللحظة الفارقة في حياتي: "مبارك يا حازم.."

حين اقتربت من شروق، لم أمنحها فرصة للكلام، فقط غمرتها بين ذراعي، مستندا برأسي على كتفها لعدة ثوانٍ، حتى تنحنحت الخالة سناء، فتركتها على مضض، وقلت بصوت خفيض: "سأصعد لأتحمم وأبدل ملابسي"..

حين وصلت لغرفة النوم، كانت شروق خلفي تماما، حيث دلفت ولحقتني ثم أغلقت الباب خلفنا، بعدها اقتربت مني بحذر وكأنها تحاول استكشاف ما أخفيه عنها من مشاعر مضطربة، ثم تساءلت بنبرة متوترة: "هل أنت بخير؟"

أجبتها: "صدقا لا أعلم.. لقد دربت نفسي لأيام حتى أتقبل تلك الحقيقة التي كانت الأقرب للحدوث، ولكنني مازلت لا أصدق.. أشعر أنني لست طرفا في هذا الأمر.. بل مجرد مشاهد.. تماما كشبح.. مجرد كومة من الدخان معدومة الكتلة.. فقدت الإحساس بالجاذبية الأرضية وليس لها محور ثابت ترتكز عليه، فباتت تتطاير في كل الاتجاهات، فتشاهد ما يحدث حولها دون أن يكون لديها القدرة على فهمه أو ترجمته فعليا ثم التصرف على أساسه.. أشعر كأنني مركب شراعيّ تتقاذفها الرياح في يوم عاصف بلا وجهة معروفة، فقط ترجو من الله النجاة".

اقتربت شروق مني، وبادرت باحتضاني هذه المرة.. ثم تحول العناق لقبلة، لا أدري متى أصبحت أكثر حميمية واشتعالا، وكأن روحي من الداخل تريد ملامستها والتأكد أنها موجودة.. بل تريد الالتفاف حولها لتنصهر مع روحها، لكي تتأكد أنها ستكون معي مهما حدث..

ظللت أقبّلها بشغف وأنا أتحرك بها صوب السرير، ثم همست بصوت أجش في أذنها: "أعرف أنك مازلت في فترة نقاهة ولكنني فعلا أحتاجك الآن.. أريد أن ينتشلني غرامك من عواصف أفكاري.. أن يغمرني شغفك بسخائه.. يا الله.. كيف سأكبح مشاعري؟"..

فاجأتني هي وردت بنفس الخفوت: "لا أشعر بالألم إطلاقا.. لقد نزعت القطبات منذ أيام وأعطاني الطبيب الضوء الأخضر لممارسة حياتي كاملة بشكل طبيعي.. لا تقلق.. لست مصنوعة من زجاج هش رقيق"..

كانت كلماتها وقودا يزيدني اشتعالا ويأجج حمم الرغبة والاحتياج بداخلي، فهمست: "سأكون لطيفا للغاية.. أعدك"، ثم غمرتها في نوبة عاطفية شديدة التوهج تقبلتها هي بجودٍ وكرم حتى هدأت أمواج أحاسيسي المتلاطمة على شواطئ عشقها الحانية..

حين انتهينا، سألتها محرجا: "هل كنت قاسيا؟ هل كان جموحي مرهقا لك؟"

ردت هي بخجل: " أعلم أن الإيمباثية تجعلك شديد الحذر في بعض الأوقات، ولكنني بخير.. انسى أمر الجراحة تماما"..

كان تورد بشرتها ممتعا للغاية، وفي تلك اللحظة اعتبرته الهدية الأجمل للتشويش على اضطراب عواطفي بعد عودتي من المعمل، فسألتها بجرأة متأثرا بمزاجي المتلاعب المفاجئ: "هل تسببت جولاتنا العاطفية السابقة في إصابتك بالزائدة الدودية؟ هل درستم شيئا كهذا في كلية الطب؟"

ضحكت هي بطفولية وقالت: "حازم.. لا تخجلني.. ثم أنني لا أذكر أننا درسنا بالكلية أن هذا.. الأمر من مسببات الإصابة بالتهاب الزائدة الدودية"..

رسمت ابتسامة سخيفة على شفتيّ، ثم قلت: "لا أفهم سبب تصنعك الخجل الآن.. في الحقيقة لا أصدقه مقارنة بما قلتيه وأنت تفيقين من التخدير بعد الجراحة"..

نهضت هي متوترة، ثم غطت نفسها بالشرشف شاعرة بالحرج.. ثم تساءلت بغيظ: "ماذا قلت؟"
أجبتها متسليا: "قلتِ إنك تحبيني"..

رفعت هي حاجبيها دهشة واكتسى وجهها بحمرة قانية، فاستطردت متجاهلا اندهاشها من فكرة اعترافها بالحب لي حتى لو كانت شبه مخدرة: "أقصد تحبين شكل صدري الذي يذكرك بنهر النيل ودلتاه"..

تركت شروق الشرشف، ثم وضعت يديها على وجهها، فنهضت متحركا صوب المشجب، فأحضرت مبذلها وناولته لها، فارتدته هي بخجل، ثم سارت تجاه الحمام..

حينما عادت بعد بضعة دقائق، سألتني بفضول طفولي: "إذًا ما هو اسمك الحقيقي؟"
ماذا؟

أجبتها مبهوتا: "لا أعلم.. لقد نسيت أن أسأل علي الزين.. كنت أشعر بالحرج من الموقف كله فسارعت بالرحيل دون أن يطول بنا الحديث"..

مدت هي هاتفي نحوي، وقالت بعد أن التمعت عينيها: "لا بأس.. اتصل بسليم واسأله.. وهكذا سيعلم عمك أنك لست متضايقا من صلة القرابة التي تجمعك بعائلته.. وبعدها خذ كل وقتك لكي تتقرب منه رويدا رويدا"..

كنت أريد المماطلة حقا، لكن التماع عينيها بالفرحة لأجلي، جعلني أمد يدي وأتناول الهاتف، ثم طلبت رقم سليم..

بعد بضع رنات، جاءني صوت سليم مرحبا بصوت بشوش: "مرحبا حازم.. مبارك انضمامك لعائلتنا يا ابن عمي"..

تمتمت بالشكر، ثم سألته محرجا: "إذًا.. ما هو اسمي الحقيقي"..

شهق سليم بصوت خفيض محاولا مداراة المفاجأة التي شعر بها بسؤالي، ثم رد: "بسام.. بسام سليم عبد الحكيم رماح الزين".


نهاية الفصل
قراءة سعيدة وممتعة

الفصل طويل كما ترون ومهم جيدا وفيصلي في الأحداث المتبقية في الفصول القليلة القادمة قبل الختام.. فأرجو أن تمدونني بردود أفعالكم من خلال التعليقات.. ليس فقط على أحداث الفصل.. ولكن على مسار الرواية ككل حتى الآن..
وشكرا للجميع



ياريتني ما طلبت
بصراحة ردود أفعالكم مشجعة جدا
عامة اهي الرواية قربت تخلص


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-09-21, 01:51 PM   #814

نوارة علي
 
الصورة الرمزية نوارة علي

? العضوٌ??? » 471671
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 36
?  نُقآطِيْ » نوارة علي is on a distinguished road
افتراضي

فصل صعب وطويل فعلاً وفيه مشاعر كتير، مشهد حلم حازم مؤثر وحزين بنسبالي ووقت اتأكد من نسبه برضو ومشاعره المتلخبطة لحد دلوقتي مستنية اشوف آخر تهديدات رحيم وتصرف حازم مع عمه بعدين واتمنى شروق متعارضش فكرة انهم يوقعو رحيم مفتكرش هتعمل كدة واتمنى متخيبش ظني بجد الحبكة لحد دلوقتي جميلة جدا احييكي على كل كلمة❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️ ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

نوارة علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-21, 08:28 PM   #815

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوارة علي مشاهدة المشاركة
فصل صعب وطويل فعلاً وفيه مشاعر كتير، مشهد حلم حازم مؤثر وحزين بنسبالي ووقت اتأكد من نسبه برضو ومشاعره المتلخبطة لحد دلوقتي مستنية اشوف آخر تهديدات رحيم وتصرف حازم مع عمه بعدين واتمنى شروق متعارضش فكرة انهم يوقعو رحيم مفتكرش هتعمل كدة واتمنى متخيبش ظني بجد الحبكة لحد دلوقتي جميلة جدا احييكي على كل كلمة❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️ ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

شكرا يا نوارة على كلامك الجميل.. بالنسبة لرد فعل شروق.. خليتا تشوف تقديرها للامور ازاي..
ارجو الفصول القليلة المقبلة تظل عند حسن ظنك


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-09-21, 05:38 AM   #816

دكتورة صيدلانية
 
الصورة الرمزية دكتورة صيدلانية

? العضوٌ??? » 456902
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 347
?  نُقآطِيْ » دكتورة صيدلانية is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى سينزل رابط تحميل الرواية ؟؟ فأنا كلي شوق لقراءتها 🥰🥰


دكتورة صيدلانية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-21, 09:22 AM   #817

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دكتورة صيدلانية مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى سينزل رابط تحميل الرواية ؟؟ فأنا كلي شوق لقراءتها 🥰🥰
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بائن الله متبقي من الرواية ٦ فصول وخاتمة يعني بحوالي شهرين فقط على الاكثر..
ارجو ان تعجبك وانتظر تعليقك من الان


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-09-21, 04:52 PM   #818

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس من فصل ٣٠

قلبي مش جايبني ألفت النظر للكارثة اللي هتحصل في الفصل.. فهحطلكو مقطع لطيف.. ونخلي الكارثة لوقتها


حين تفرق الشباب، سألني عمرو عن حالتي بعد الجراحة وأحوال الدرسة، وحاولت أنا استخلاص تفاصيل المفاجأة التي لم يكشفها حسام بعد، لكنه أصر على التمسك بصمته، إلى أن اقترب حازم بوجه متجهم وبخطوات متعجلة، فطوق خصري بذراعي وهو يبتسم لعمرو مرحبا، ثم أطبق على كفه بسلام يبدو أنه كان قويا بشكل زائد حيث ظهرت ملامح الألم قليلا على وجه عمرو..
بعد قليل، نادى حسام على حازم، فنظر الأخير إليّ مترددا، ثم همس في أذني: "لا تطيلي الحديث معه"، ثم غادر إلى حيث يتواجد أخوه الذي أصبح يتحرك بعكازه الطبي بشكل أفضل بسبب التدريب المستمر..
زفر عمرو بارتياح بشكل درامي مضحك، ثم قال ممازحا: "عفوا يا شروق.. ولكن زوجك غريب جدا.. كلما قابلته أشعر أنه على وشك الفتك بي.. دائما يبدو متجهما وكأنه على استعداد للدخول في مشاجرة مع أحدهم وإشباعه ضربا"..
ضحكت بتسلية، ثم أجبته بصدق: "هو هكذا مع الجميع.. ملامحه تجعله يبدو كأنه خرج من الكهف منذ يومين ولا يطيق التعامل مع البشر لكنه طيب القلب"..
تذكرت فجأة أن حازم هو من أنقذ حياة عمرو، وربما حان الوقت ليعرف هذا، فقلت بنبرة شبه عفوية: "أتدري من الشاب الذي أنقذك يوم الخامس والعشرين؟.. كان هو بنفسه.. حازم في الأساس جاء خلفي لينقذني بعد أن سادت الفوضى المسيرة وبدأت أنا في الابتعاد عن الجمع، لكنه وجدك شبه فاقد للوعي، فأنقذك من بين يدي المجندين، ثم أرسلك للمشفى.. وبعدها أنقذني أنا وأعادني للمنزل سالمة".
بانت على عمرو علامات الدهشة، ثم قالت: "هذه قصة مذهلة.. لا تحدث في الواقع كثيرا.. ومع ذلك يرفض الإعلان عن الأمر وتلقي الثناء الذي يستحقه".
سارعت أنا بالتوضيح: "قلت لك.. إنه يشعر في قرارة نفسه بأن حياة الكهوف بعيدا عن البشر تناسبه أكثر ولذلك لا يحب التواجد في التجمعات أو أن يكون محور الأنظار"..
قال عمرو بنبرة يغلفها الكثير من التقدير: "ومع ذلك يجب أن أتوجه إليه وأشكره بنفسي"، ثم استأذن وتحرك بالفعل في اتجاه حازم قبل أن أمنعه..


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-10-21, 06:25 PM   #819

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل الثلاثون - القسم الأول

الفصل الثلاثون

شروق


إذًا هكذا يبدو الإنسان عندما تنقلب حياته كما يعرفها رأسا على عقب..
عندما تأتيه معلومة واحدة فتنسف كل الحقائق التي سبقتها وتسقطها في هوة سحيقة لا قرار لها، بعد أن ظل من يحمل تلك الحقائق خلف ظهره يعاني من ثقلها حتى خارت قواه دون أن يشكو.. قبل أن يكتشف أنها لم تكن من البداية سوى مجرد سلسلة من الأوهام.. أو ربما أكاذيب..

كان حازم قد تلقى اسمه الحقيقي من سليم بحالة تشبه الذهول دون أن يعقب، حتى أنه تمدد أمامي على الفراش مستقرا برأسه على فخذي وأخذ يطالع سقف الغرفة في صمت مهيب، وكأنه لم يعد قادرا على تحمل كل تلك المفاجآت التي تعصف بكل ما ظنه واقعيا وثابتا في حياته..
بل وكأنه صمت لدقائق حدادا على روحه التي تمزقت لسنوات طويلة وهو يصدق عن نفسه خرافات مختلقة شوهت ماضيه وزلزلت حاضره وكادت أن تدمر مستقبله.

لن أدعي فهم ما يمر به الآن مهما حاولت أن أضع نفسي مكانه..
أسفي عليه.. هذا الشاب عاش وحيدا في ملجأ وهو يظن أنه بلا أصل وبلا هوية.. بل وقع بين براثن وحش سادي، ساق له من الأكاذيب أفظعها وعمد إلى ابتزازه واستغلاله لإجباره على تحمل ما لا يطيق، وارتكاب ما يكره من آثام تركت أطلالها تسحق ضميره وتكبله كلما حاول الفرار والنجاة بنفسه..

عانى طفلا بمفرده من مرض غريب ونادر ولم يجد من يسانده أبدا سوى طفل أصغر وأضعف، فاضطر هو في النهاية أن يتبناه وجدانيا ويصبح والده وأخاه وصديقه.. فبات يعطي من جديد بدلا من أن يجد صخرة حقيقية يستند عليها..

صحيح أن حسام كان داعما كبيرا له، وكذلك خالد، لكن دعمهما ربما أتى متأخرا نوعا ما بعد أن أصبح حازم قادرا على التأقلم ومواجهة ما تضعه الحياة في طريقه من عثرات وعقبات واختبارات قاسية..

أخذت أربت على رأسه برفق، ثم سألته بصوت خافت: "كيف تشعر الآن؟"..

مرت بضع ثوانٍ وحازم مازال صامتا حتى ظننت أنه لم يسمع سؤالي أو ربما تجاهل الرد، لكنه زفر بعدها ببطء وكأنه يحاول الخروج من دوامة الأفكار التي تتصارع في رأسه الآن، ثم قال: "لا أعلم.. يبدو الأمر بالنسبة لي وكأنني أشاهد من بعيد أمرا لا يخصني.. أو أقرأ بعض الأحداث في رواية.. أتفاعل مع ما يستجد من معلومات يكشفها الراوي، ولكنني متيقن أنها مجرد أحداث خيالية لا تعنيني ولا تخصني ولن تطالني تبعاتها أو تؤثر بي بأي شكل.. ثم أتذكر أنني بالفعل البطل هنا ويجب أن أفكر في كل ما تعنيه هذه الحقيقة الجديدة وما قد تسببه من تغيرات على حياتي.. حياتنا جميعا".

أطلق حازم ضحكة قصيرة ساخرة، ثم تابع بمرارة: "يا لي من بطل.. لم أكن يوما متحكما بزمام حياتي.. بل ظللت بيدقا بيد لاعب احترف الخديعة وأدمن الفوز حتى ولو كان الثمن أرواح بريئة.. أو قولي دمية ماريونيت خشبية لا تمتلك من أمرها شيئا.. طوال حياتي وأنا أقبع في خانة المفعول به.. لا أقدم على آية خطوة بدون تصريح مسبق وبمقابل لا أطيقه في بعض الأحيان.. يا له من شعور"..

مررت أصابعي بحنان بين خصلات شعره السوداء الناعمة، ثم علقت: "أما أنا فأشعر أنه لأمر رائع.. أن تكتشف من أنت فعلا.. ربما كان هذا إيذانا بأن تجد السلام أخيرا، فقد آن الأوان أن تودع الكثير من عذاباتك الماضية بعد أن أضحى بإمكانك أن تتناسى الكثير من الذكريات السيئة التي شكلّت ظلام سنواتك الماضية"..

رفع حازم حاجبيه حتى تلاقت أعيننا، ثم تساءل بجدية لا تخلو من التشكك: "أتظنين ذلك؟"..
أجبته بحماس: "بالطبع.. يجب أن تبني حياة سعيدة مع عائلتك وتقوى بيهم خصوصا أنهم فعلا يرحبون بك بينهم ويريدون ضمك تحت جناحهم لتعويضك عن ما مررت به.. وصدقني هذا أقل ما تستحقه"..

رد حازم بنفس النبرة الجدية: "لا أظن أن أي شيء قد يحدث مستقبلا بإمكانه دفعي لنسيان الماضي.. لقد انطبع بداخلي تماما لا يغادرني، وحتى بعد أن ظهرت الحقائق التي من شأنها طمسه نهائيا.. تبفى آثاره المزعجة تلتف حول عنقي وتكبلني بقبضتها القاسية.. وكوابيسي ليست سوى البداية".

قاطعته بحزم: "حازم.. يجب أن تنسى الماضي.. عليك أن تجعل هذا الأمر هو هدفك المقبل وأن تخصص له كل طاقتك.. لم أعهدك متخاذلا.. فأنت محارب باسل وشجاع منذ اليوم الأول.. وتستحق حياة سعيدة هادئة بعيدة عن الحزن والتخاذل والأوجاع المستمرة.."

توقفت عن الكلام ثم رمقته بنظرة حانية أودعتها كل مشاعري التي مازلت أتحفظ في إفلات لجام شفتيّ لأعلنها على مسامعه صراحة، ثم أكملت بنبرة مترجية: "لا تبخس نفسك حقها ولا تتراجع لمجرد أن الأمر يبدو غريبا وصعبا الآن.. كما أنني معك منذ الآن.. ولست وحدي.. لديك عائلة كبيرة تدعمك.. بدء من حسام وخالد وزينة وحنان وماما سناء.. وحتى عمك وابنه وباقي أفراد أسرتك".

سحب حازم يدي المستقرة بجانبي، ثم قربها من فمه ولثمها بحب وامتنان، لكنه لم يعقب..

مرت بضع دقائق أخرى، وأنا أفكر فيه..
حازم.. أو بسام..
يا إلهي.. كيف سأناديه؟ تُرى أي اسم سيفضّل بعد؟

همست بمزح خافت محاولة تلطيف الأجواء: "السيد العابس اسمه بسام"، فجاءني صوت حازم متسائلا: "ماذا همست؟ وعلام تضحكين؟"..

همست بنبرة أعلى قليلا: "لا أصدق أن اسمك بسام وأنت دائم التجهم والعبوس"..

تحرك رأس حازم قليلا حتى صارت نظراته مطرقة إلى الجانب تواجه الجدار ومط شفتيه بحزن، ثم قال بنبرة غلفها الألم بوضوح: "ربما لو كانت حياتي مختلفة.. وكنت قد نشأت في كنف والديّ وعايشت عائلتي بشكل طبيعي، لأصبحت بالفعل شخصا باسما وسعيدا.."

نبرة الأسى الواضحة في صوته لاقت صدى معذبا في صدري، فلم أشعر سوى بنفسي أنحني إليه وأرفع رأسه بكفيّ وأبثه قبلة ناعمة وحانية علها تدفئ قلبه الملتاع الذي قاسى كثيرا..

شهق حازم مصدوما في البداية، ثم تحرك متملما من نومته المقلوبة، ليعتدل جالسا، ويحتضن وجهي بأنامله، ثم يبادلني قبلة أكثر عمقا ودفئا.. ليبعد رأسه قليلا ثم يسألني مندهشا: "ليس وكأنني أمانع.. ولكن ما سبب تلك المبادرة المنعشة؟"..

أطرقت جفنيّ بخفر، ثم أجبته بنبرة صادقة: "شعرت أن والدي بشكل ما كان سببا في تعاستك وشقائك خلال سنوات طفولتك وشبابك.. فقد تربيت في ملجأه وقام بابتزازك بطريقة جعلتك تشعر أنك مدين له.. أنا آسفة لكل ما لحق بك من آلام ومصاعب و.... "

قاطعني حازم الذي عانقت شفتيه ثغري في قبلة جديدة أكثر قوة، وكأنه في تلك اللحظة كان يتهرب من الكلام ونبش الماضي، فقرر استبداله بالتعبير بعواطفه ومشاعره.. ليسحبني معه في جولة صاخبة من الغرام امتدت للساعات الأولى من الفجر، حتى هدأت مخاوفه واستكان بين ذراعيّ كمن وجد وطنه أخيرا بعد أن أمضى سنوات عمره أسيرا في سجن مقفر بقلب البراري بين الوحوش التي لا تعرف الرحمة..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-10-21, 06:30 PM   #820

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل الثلاثون - القسم الثاني

عندما استيقظت في الصباح، كان حازم في المطبخ كعادته يعد طعام الفطور برفقة ماما سناء، وبدا في قمة حيويته ونشاطه..

إن كنت قد عرفت شيئا واحدا عن شخصية حازم، فهو أنه يلجأ دائما للطهي والتصرف وكأنه بقمة نشاطه عندما يريد تجاهل شعور معين يسيطر عليه، فيدّعي أنه بخير حتى يخفي ما يعتمل بداخله فلا يعطي فرصة لأحدٍ كي يسأله أحد عما يمر به..

بالتأكيد هو الآن يتجاهل عن عمد التفكير بوضعه الجديد، فبادر بالتصرف بشكل شبه اعتيادي.. لمن لم يعرفه جيدا

وهل فعلا نجحت في اختراق دائرته السرية وأصبحت قادرة على التفريق بين انفعالاته المختلفة مهما حاول التغطية عليها؟

شعور غريب بالألفة يتملكني في تلك اللحظات ، فينبض قلبي بتلك النبضة الفريدة التي تخبرني همسا.. أنه آن بالفعل الأوان للتسليم أنني وحازم نشكل معا عائلة متكاملة.. يتشابه شطراها في الكثير من الصفات والأوجاع، فيصبح كل منهما جدير بنصفه الآخر، والقطعة الوحيدة التي يمكنها الانصهار معه ليكملا معا كيانا واحدا.

جلست أمام الطاولة الممتدة المشرفة على المطبخ بعد أن ألقيت تحية الصباح عليهما، فسارع حازم بإحضار كوب القهوة لي، أما ماما سناء، فقد كانت تضع اللمسات النهائية على ثلاثة أطباق من مأكولات الفطور سريعة التحضير، ثم وضعت واحدا أمامي والآخر بجواري من أجل حازم، بينما جلست هي في الجهة المقابلة على مقعدها داخل المطبخ تشاركنا تناول الطعام ولكن تمنحنا بعض الخصوصية..

جلس حازم بجواري، ثم طبع قبلة سريعة على جبهتي، وبدأ بتناول فطوره في صمت..

سألته بفضول: "أين حسام؟ ألن يفطر معنا؟"

رد شارحا: "لقد خرج منذ قليل.. مر عليه سامح لاصطحابه لكي يجتمعا مع عمرو كساب.. يبدو أنهم منشغلون فعلا بالعمل على مشروع فيلم جديد"..

علقت بحماس: "هذا رائع.. أتمنى لهما النجاح"، ثم عدت لتناول الطعام.

عندما شارفنا على الانتهاء من تناول الطعام، سألني حازم باهتمام: "إذًا ما هو جدولك لليوم؟ متى ستتوجهين لمناوبتك الجديدة؟"

أجبته بنبرة متكاسلة: "ربما بعد المغرب.. فمناوبتي مسائية"..

قال هو بنبرة مرحة: "إذًا أمامنا ساعات الصباح وحتى ما بعد الظهيرة لكي نتسلى قليلا ونخرج معا في موعد غرامي يدا بيدٍ مثل الأزواج الطبيعيين.. ثم تأخذين قيلولة صغيرة وتستعدين بعدها للذهاب للمستشفى..".

سألته بتلاعب يخالطه التشكك: "ما سر هذا الدلال؟"

رد بصوت منغم وكأنه يحدّث طفلا صغيرا: "لأنكِ مازلت في فترة النقاهة وتستحقين كل الدلال.. ولهذا سأقلك أيضا إلى المستشفى بنفسي ثم أعود في الغد لاصطحابك للمنزل كي لا تقودي السيارة وتضغطين على جرحك.. يكفي أنك ستتحركين كثيرا داخل المستشفى"..

أجبته بصدق: "المناوبة المسائية تكون أهدأ كثيرا.. ولهذا وضعني مسؤول المناوبات بها حتى أرتاح بأكبر قدر ولا أضطر لبذل مجهود حركي كبير"..

رد بنبرة آمرة: "ومع ذلك ستهتمين لصحتك وتراقبين وضعك.. وإذا شعرت بالألم ستتصلين بي كي نستشير طبيبك كما أخبرنا"..

لم أتمالك نفسي وعلت ضحكاتي، فرفع حاجبه مندهشا.. فقلت من بين ضحكاتي: "بالله عليك.. كيف أكون في المستشفى وسط لفيف من أمهر الأطباء في المنطقة العربية كلها، وأتوجه لطبيب آخر عندما أشعر بالألم.. أنت لم تعرف بالتقريع الذي نالني من أساتذتي بعد أن علموا بإصابتي وبخضوعي للجراحة في مشفى خاص..".

ناظرني حازم بدهشة وعدم اقتناع، ثم قال على مضض: "لا بأس.. فقط اعتني بنفسك ولا تبذلي مجهودا زائدا.. والآن استعدي لنخرج ونتنزه قليلا.. ارتدي شيئا مريحا"..

بعد حوالي ساعة، كنت قد بدلت ملابسي الرياضية المنزلية المريحة إلى فستان ربيعي فضفاض من الحرير الأبيض المطبوع بزخارف عربية عند الصدر والذيل والمعصمين بدرجات العسلي والبني والأزرق الفاتح والداكن، والذي يتزين عند الخصر بحزام مزخرف، أما حازم فقد اختار سروالا من الجينز الأزرق الداكن مع قميص "بولو" عصري بأكمام طويلة وبدون أزرار باللون البيج الرملي..

عندما تحركنا بالسيارة، فتح حازم مسجل السيارة ليصدح حولنا صوت كاظم الساهر بأغنيته الشهيرة "أراضي خدودها"، ثم بدأ حازم بالغناء معه بصوت خافت ومزاج رائق، وهو يعزف بأنامله على عجلة القيادة وعلى وجهه ترتسم ابتسامة واسعة..

يبدو وكأنه بالفعل قد تخلص من عبء كبير فيما يخص جذوره العائلية، ولكنني مازلت أستشعر أنه مازال يرفض الحديث حول ما يمر به..

في النهاية، قررت أن ألتزم الصمت وأمنحه مساحته الخاصة حتى لا أضغط عليه.. لأتركه يقرر البوح متى يكون مستعدا..

انتهت الأغنية، ثم تلتها أغنية محمد حماقي "واحدة واحدة"، لكن حازم قاطع الأجواء المنعشة للأغنية حين سألني: "كيف تريدين قضاء الساعات التالية في أول موعد غرامي لنا؟"

ضحكة تلقائية غادرتني لتملأ الأجواء فرحة غير مفسرة ولم يكن لديّ الوقت الكافي للتحليل والتفسير، فأخبرته بصدق: "أتعلم؟ لم أفكر أبدا في الطريقة التي أريد بها قضاء موعد غرامي.. أقصد أنني لم أتخيل أن أقوم بشيء محدد لأشعر بالسعادة مع شريكي .. فقط فكرت أنه إذا كان هذا الشريك هو الشخص المناسب لي، فإن هذا الموعد سيكون مثاليا وسيصبح وقتا استثنائيا لا يُنسى أيا كان النشاط الذي سيجمعنا خلاله أو المكان الذي سنتواجد به.. يكفي أن يأنس أحدنا بالآخر ويشعر معه بالاكتفاء".

طالعني حازم بنظرة طويلة دون أن ينطق بكلمة، فتملكني الحرج من نظراته المتفحصة بجرأة غير متحفظة لمعت لها مقلتاه فتحركت منهما ذبذبات كهربية أثارت توترا لذيذا في الأجوا، قطعه هو عندما عاد للتركيز في القيادة وهو يضيّق حاجبيه مفكرا حتى بدا وكأنه يحاول أن يستشف ما الشيء الذي يمكن أن يكون سببا في تحويل الساعات المقبلة لوقت خاص استثنائي لكلينا..

هنا قررت أن أفتح قلبي قليلا لمساعدته، فقاطعت سيل أفكاره قائلة: "أما بالنسبة للخروجات نفسها، فإن لدي بالطبع الكثير من الأمنيات المؤجلة، ولكن حظي أنني طالبة نهائي طب عالقة في الأمتار الأخيرة قبل التخرج، ويجب أن أعوّض كل التراخي الذي أصابني الأسابيع الماضية إذا كنت أريد أن ألحق وأحصل على شهادتي مع نفس دفعتي.. لذا أقترح أن نؤجل بعضا من تلك الاحلام حتى ما بعد التخرج"..

تلوّن وجه حازم بابتسامة واسعة لم أستطع تفسيرها، فسألته بدهشة: " ما سر بهجتك المفاجئة؟"..

زفر بحبور واسترخاء، ثم قال بصوت ضاحك: "كنتِ دائما تهددينني أنكِ بعد التخرج ستحصلين على الطلاق.. الآن تتحدثين عن تأجيل تنفيذ أحلامنا الرومانسية لما بعد التخرج.. انظري كيف تغير العالم!!".

كلماته أصابتني بحالة من الدهشة المشوبة بالخجل، فعجز رأسي عن الإتيان بأي تعليق مناسب بعد أن افتضح أمري بسبب انطلاق لساني بالحديث بلا مرشح، فلما استشعر هو ارتباكي، قرر أن يتصرف برأفة وكياسة، وقال ممازحا: "لا بأس.. أظنني أستطيع تدبر الأمر حتى بعد التخرج، ولكن اليوم استثنائي فلا تعارضي.. لا تنسي أنكِ مازلت في مرحلة الاستشفاء والتعافي، ورغم ذلك ستذهبين للعمل من جديد، ولهذا تقع عليّ مسئولية شحن طاقتكِ بصفتي زوجك".. ثم تحرك بالسيارة بنفس حالتة المزاجية المرحة التي تسيطر عليه منذ الصباح..

في البداية، توجنا إلى إحدى المقاهي الثقافية العتيقة في قلب القاهرة، والمعروفة بأنها مقصد شباب المبدعين من الرسامين والنحاتين عموما..

أخذنا نتناول المثلجات المنعشة، إلى أن لمح حازم أحد الشباب يمسك بكراسة رسم ضخمة وينشغل برسم شخصيات كارتونية طريفة على صفحاتها بتمكن واحترافية وسرعة مذهلة..

قام حازم من مقعده، وتوجه إليه ثم حادثه قليلا بخفوت، وبعدها عاد وبرفقته الشاب الذي انضم إلينا على طاولتنا، وبعد أن تعارفنا، قال حازم: "لقد طلبت من الفنان الشاب ياسين سلامة أن يقوم برسمنا معا في لوحة كاريكاتيرية، فاستعدي يازوجتي"..

ارتبكت قليلا بسبب الفكرة المجنونة التي طرأت على ذهن زوجي، والذي تجرأ لأول مرة على القيام بتصرف عفوي علنا، فدخل هو معي في محادثة قصيرة أذابت التوتر الذي ساد الأجواء، فعدت لتناول المثلجات بعفوية وتبادل الحديث مع زوجي، إلى أن انتهت اللوحة التي كانت طريفة ومبهجة بألوانها الصاخبة وتعبيراتنا المضحكة التي فرضت نفسها على تفاصيلها..

يبدو أن حازم قرر الاحتفاظ بذكرى هذا اليوم من خلال تلك اللوحة البسيطة التي تشكّل دليلا آخر على تكاملنا معا ككيان واحد لزوجين يتلمسان طريقهما نحو الاستقرار .. والحب..

بعدها، تحركنا للتنزه على جسر قصر النيل قبل أن يصطحبني حازم لتناول الغداء في المطعم الدوار أعلى برج القاهرة لنشاهد المدينة بأكملها ونحن نتناول طعامنا..

كان المنظر رائعا، ولكن رغما عني كانت ذكريات امتلاء الميدان بالمتظاهرين تظهر أمام عينيّ كصور مضيئة للحظات فريدة غلفتها نسائم الحرية..

بعد أن استشعر حازم تسلل الإجهاد إليّ، أصر على إعادتنا للبيت لكي أستريح قليلا قبل أن يصطحبني لمناوبتي المسائية.. وذلك بعد أن اشتري لي باقة ضخمة من زهور الجاردينيا ودمية قطنية على شكل قطة بيضاء عيونها زرقاء تموء بدلال كلما ضغطنا على جبهتها..


يتبع في الصفحة التالية


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:24 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.