آخر 10 مشاركات
541 - ربيع صقلية - سالي وينتورث - ق.ع.د.ن ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Gege86 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          Married to a Greek tycoon by Lucy Monroe (الكاتـب : SHELL - )           »          الزواج الملكي (109) للكاتبة: فيونا هود_ستيوارت.... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-21, 11:58 AM   #841

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nour fekry94 مشاهدة المشاركة
ايه الاقتباس القمر ده سيادتك ؟؟ 😂♥️♥️♥️♥️
بجد حلو اوي اوي حسام سكر ♥️♥️♥️
تسلم ايدك يا مارو مستنية الفصل ♥️♥️

عايزين نكثف الدعاء ان ربنا يسترها ع البنت الغلبانة .. دي علطول ماشية جنب الحيط
اكيد دعوات علياء دي


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 03:02 AM   #842

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

يادي النيله يعني كلهم عرفوا موضوع موضوع الفون والنيل ايلي حاصله طيب والا ايه 🥴

م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 10:54 AM   #843

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
يادي النيله يعني كلهم عرفوا موضوع موضوع الفون والنيل ايلي حاصله طيب والا ايه 🥴

ادينا هنشوف


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 07:16 PM   #844

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل الحادي والثلاثون - القسم الأول

الفصل الحادي والثلاثون
شروق


لحظة وقوع الكارثة..
هي تلك اللحظة التي تتجسد فيها أسوأ مخاوفك، فتدرك أنك ستودع كل حياتك كما عرفتها بشكلها الاعتيادي قبلها.. وأن واقع جديد تتمهد طرقاته بمحيط الأفق بخطوات رتيبة سادية تتلذذ على شعورك بالذعر.. فتتمنى لو تتضاءل تنكمش حتى تتحول لذرات من الثرى تتطاير بالهواء فلا يكاد يشعر بها أحد..

هكذا بالظبط بدت حنان أمامي في تلك اللحظة، وهي ترتجف كورقة شجر خريفية هشة بلا وزن، فلا تستطيع التشبث بغصنها ولا تكاد تقاوم الرياح العاصفة، فتتساقط بخفة لا تحتمل.. لأنها تدرك أنها عندما تصل للأرض القاسية.. ستكون تلك لحظة النهاية..

كانت حنان ترتجف وتزداد انكماشا حول نفسها، وهي تهمس بذعر وعدم تصديق: "يا إلهي.. لقد ضاعت حياتي.. بسبب حماقتي"..

اقتربت منها واحتضنتها بين ذراعيّ بكل قوتي، وأنا أحاول بثها بعض الطمأنينة والسكينة..

مظهرها الملتاع أصابني بصدمة ألجمتني، فلم أستطع أن أسألها شيئا ، وإن كان رأسي يدور في عدة اتجاهات، كل منها أسوأ من الآخر..

كل ما نبهتني به غريزتي الآن، هو أن أدعمها بأي شكل حتى تتماسك، ثم نواجه معا الكارثة التي على وشك الحدوث.. إن لم تكن قد حدثت بالفعل..

مرت عدة دقائق وهي لا تزال تراجف بين ذراعي ومل علامات الذعر والانهزام والخزي تتابع على ملامحها، فأخذت أربت على ظهرها بذراعيّ وأهمس لها بكلمات تهدئها وتدعمها وتشعرها أنها لن تكون وحدها أبدا في ذلك الأمر..

في تلك الأثناء، انفتح باب المصعد من جديد، فرفعت بصري إليه لأجد حمزة يدخل حاملا تحوي بعض الأطباق من الطعام وبعض العصير والماء، فهمست لها: "حنان.. تمالكي نفسك قليلا.. عاد حمزة والولد حقا مرتعب.. لا أريدك أن تظهري ضعيفة أمامه.. اهدئي قليلا.. وكل شيء سيكون بخير.. أعدك بذلك.. مهما كان الأمر سنواجهه معا.. كلنا معك ولن نتركك"..

بادرت حنان بمسح دموعها بشكل مستتر حتى لا ينتبه أخوها لحقيقة الوضع..

تحرك حمزة بخطوات مترددة وجلس بجوار شقيقته على الجانب الآخر من الأريكة.. ثم قام بوضع الأطباق على ساقيه، وقرّب رأسها من فمه ولثم جبينها بحب ودفء صادقين.. فسالت دموعها من جديد لكنها كانت أهدأ قليلا هذه المرة غير تلك المحطمة للقلوب كانهيارها السابق فور تلقيها تلك المكالمة المشؤومة..

ربتت على كتفها بقوة حانية وغمزتها بشكل مستتر لم ينتبه له حمزة، ثم قلت بصوت هادئ: "تناولي بعض الطعام يا حنان واشربي العصير.. هذا الإغماء بالتأكيد سببه انخفاض ضغط الدم وشعورك بالإجهاد.. سأذهب لأطمئن الضيوف وأحضر زينة لنتسامر قليلا"، ثم منحتها ابتسامة داعمة وتحركت بسرعة نحو المصعد..

حين نزلت للطابق السفلي، كان أغلب الضيوف قد غادروا بالفعل، ولم يتبقى سوى زينة وزوجها، والعم علي الزين.. حتى سليم قد غادر لتوصيل زاد لمنزلها بعد أن تأخر الوقت..

فور أن لمحني الموجودون، اقترب مني حسام وهو يهتف لاهثا: "شروق.. هل هي بخير؟ لماذا لا ترد عليّ؟ أخبريني ما الأمر؟ هل.. هل تشكو من شيء؟ هل أستدعي طبيبا؟"..

كان القلق والتوتر يحفان مقلتيه بشكل يكشف بكل وضوح عن مشاعره التي كان يداريها نحو صديقتي الغالية، وهي بالتأكيد لا تشبه تلك اللي احتلت أجفانه يوم أن ودع تلك الوصولية علياء..

بهدوء مفتعل ولكنه لم يلحظه بسبب ارتجاف أعصابه، أجبته: "هي بخير صدقني.. ولكنها كانت تعاني من بعض الإجهاد، ولم تأكل شيئا طوال اليوم ففقدت الوعي، ولذلك تركتها مع حمزة الذي يطعمها بالحديقة العلوية حاليا.. هي فقط تحتاج.. حسنا.. تحتاج لجلسة نسائية.. هيا يا زينة".. ثم أغمضت عينيّ بطريقة تنبهها أن عليها أن تتبعني دون سؤال أو تعليق.. وهي فهممت مقصدي تماما ونفذت بالفعل بدون كلام..

وإن كانت كلماتي قد هدأت حسام قليلا، لكنها لم تنطلي على ذلك الآخر الذي يمتلك جهاز رصد خاصا يجعله قادرا على استشفاف متى تكون كلماتي صادقة ومتى أستخدمها فقط كستار أخفي خلفه اضطرابي وقلقي، فاستوقفني قبل أن أدخل المصعد، فأشرت لزينة بالصعود أولا، ثم تحركت معه إلى زاوية جانبية، فأخذ يسألني بقلق: "شروق.. ما الأمر؟ أشعر أن هناك شيء غير طبيعي يحدث.. لا أتوقع أن حنان أصيبت بوعكة صحية فقط.. هل هناك خطب ما؟"

أجبته بصدق: "لا أدري يا حازم.. لم تخبرني بأي شيء بعد، ولكنني أعتقد أنها قد وقعت في مشكلة ما، وقد أصابتها الصدمة بدوار وفقدان للوعي.. لكن ما أن تهدأ وتتناول شيئا لتحصل على بعض الطاقة وتستجمع شتات نفسها.. سأجعلها تشرح لي ما الخطب.. ووقتها قد نحتاج للمساعدة بالفعل.. سأذهب الآن.. هي بحاجة لي قبل أن تفقد أعصابها مجددا أمام حمزة"..

أومأ حازم بتفهم، بينما حرك مقلتيه شاردا فيما أخبرته، بينما تحركتُ مجددا نحو المصعد، ثم التفتت إليه وقلت بصوت يائس: "حاول أن تطمئن حسام فهو يبدو قلقا للغاية.. واطلب من خالد ألا يغادر.. قد نحتاج إليه أيضا".

رفع حازم حاجبيه مندهشا، لكنه لم يطل الاستفسار.. فقط أغمض عينيه متنهدا بتثاقل، ثم تحرك نحو أخيه وصديقه وعمه..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 07:21 PM   #845

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل الحادي والثلاثون - القسم الثاني


حين صعدت للأعلى، كانت حنان ترتشف بعض العصير وتتلاعب بشرود بطبق المقبلات برغم محاولات زينة لإضحاكها وحمزة لدفعها لتناول بعض اللقيمات..

ولما وصلت للجمع، قلت ممازحة: "هيا ياحمزة.. اتركنا لنستمتع بجلسة نسائية قصيرة قبل أن تغادرا.. تعلم أن ثلاثتنا لا نجتمع سويا كثيرا.. وهذه فرصة لا تعوض"..

ناظرنا حمزة بعيون متحيرة وكأنه يدرك أن هناك خطب ما، غير أن إحدانا لن تتطوع بأي حال وتهم بتفسير الوضع.. فشيقيقته مازالت تحت تأثير الصدمة وأنا لا أعلم سوى أن هناك كارثة قد وقعت تخص صور حفل الحناء.. أما زينة، فهي لا تعلم شيئا على الإطلاق..

مط حمزة شفتيه بعبوس يناسب عمره الصغير ثم قال بقنوط: "لا بأس.. لكنها بخير الآن".. ثم نظر لأخته متفحصا وسألها بلهفة: "ألستِ كذلك؟".

أغمضت حنان عينيها وهزت رأسها موافقة، ثم قالت بنبرة مرحة بافتعال بعيد تماما عن حيويتها الطبيعية: "لا تقلق.. لقد استعدت نشاطي بعد ارتشاف العصير.. هيا اذهب لتجالس الشباب.. وأنا سألحق بك بعد قليل حتى نغادر"..

فور أن تحرك المصعد، جلست زينة إلى جوار حنان ثم ربتت على ظهرها برفق بحركات دائرية تهدىء من ذعرها الذي تسلل لوجهها من جديد، وحادثتها بنبرة قوية مباشرة دون انفعال: "أفصحي"..

قالت حنان بصوت ضعيف: "تمت سرقة هاتفي منذ عدة أيام، والآن نجح السارق على ما يبدو في اختراق محتوياته واستعادة بعض ملفاتي المحذوفة، ومن بينها صور حفل الحناء التي أظهرتني بدون حجاب وبتنورة قصيرة للغاية وبلوزة كاشفة.. لكنه لا يساومني على مقابل مادي.. لقد قال..." ثم عادت حنان للبكاء بلوعة وهي تصرخ: "الحقير.. الوضيع.. الدنيء"..

جلست أنا على الجانب الآخر وأمسكت يديها بقوة وأنا أحثها بكلمات مطمئنة على الهدوء والتماسك حتى نفهم لب المشكلة ونعمل على حلها..

تنهدت حنان بشفاه مرتعشة، ثم قالت بصوت غاضب يغلفه الألم: "قال إنه يريدني أن أتحدث معه عبر مكالمة بخاصية الفيديو من خلال تطبيق Skype بنفس الملابس التي ظهرت بها بالصور"..

توقفت حنان عن الحديث وهي تشهق بتوتر، ثم أردفت: "وعندما رفضت ونهرته، اتهمني بأنني أتظاهر بأنني فتاة مهذبة ومتدينة وأتحرك داخل حرم الكلية بخطوات عسكرية آلية حتى لا ألفت الأنظار لسلوكي المشين، وأنني لست سوى مجرد عا..عاهرة مقرفة تدّعي الفضيلة".

شهقتُ بصوت مرتفع، ونهضت من مقعدي وأخذت أتحرك بانفعال شديد دون وجهة حقيقية، لكن عقلي كان يصور لي أنني سأذهب مباشرة لقطع لسان ذلك الوغد الحقير..

استوقفني صوت زينة القوي النبضات، وهي تقول بهدوء: "نعلم أن كلامه بعيد تماما عن الصحة، ولن يؤثر فينا قيد أنملة.. أنتِ لست محل أي تساؤل فيما يخص سلوكك أو أخلاقك. ولن يهزك كلام مرسل يسوقه شخص حقير للنيل منكِ.. ولذلك عليك تمالك نفسك حتى تردي له اللطمة كما يستحق.. فهو المذنب.. أنتِ لم تفعلي شيئا خاطئا"..

أتعجب كيف تحافظ على زينة على نبرة صوتها بهذا الهدوء في ظل الموقف الراهن!!..

لابد أن عملها بالصحافة الاستقصائية ومعايشتها لخالد قد جعلاها تكتسب تلك الشخصية المسيطرة على انفعالاتها ببأس شديد في المواقف الصعبة..

أغبطها بشدة.. لكنني ممتنة لها كثيرا في تلك اللحظات..

الفتاة عاشت من قبل تجربة اختطاف ومحاولة اعتداء، وربما أكثر.. لولا أن أنقذها خالد في المرتين كما روت يوم الحناء..

يا رب السموات.. كيف تحولت ذكرى رائعة كتلك إلى كابوس مرعب ومهين لحنان!!..

ألم تنجح ثورتنا في تنقية النفوس الحاقدة وتهذيب المجرمين واستنهاض ضمائر المذنبين؟

يبدو أننا بحاجة لألف ثورة حتى يتوقف المفسدون عن الإتيان بجرائمهم وأفعالهم المنكرة..

يبدو أن شوكة الشر مازالت أقوى من الأغصان التي يلوح بها الأبرياء راغبين في السلام والتعمير..

عدت للجلوس بجوار حنان، وأنا أكرر كلام زينة بصيغة أخرى كي أبثها القليل من الثقة وأستحثها على التصرف بعقلانية وتتخلص من انهيارها البيّن، حتى هدأت تماما..

تابعت زينة بنبرتها الجادة الواثقة: "لم يكن خطؤك أن هاتفك قد وصل لمجرم مبتز يخترق خصوصيات البشر ويحاول أن يستفيد من كشفه لتفاصيل حياتهم الشخصية.. فهناك من يسرق البيانات الشخصية لأفراد ويورطهم في عمليات تزوير ونصب بأسمائهم، ومن يسرق تفاصيل الحسابات البنكية للبعض ويستولي على أموالهم.. وهناك نوع ثالث أكثر حقارة، وهو من يحاول استغلال الفتيات بسبب أخطائهم الساذجة، مثل من يبتزون المراهقات اللاتي دخلن عالم السوشيال ميديا دون أن يدركن مخاطره، فيقعن ضحايا لمثل أولئك الأوغاد.. ".

زفرت زينة بضيق، ثم أكملت: "وهناك من هن مثلك.. مسالمات للغاية وفي حالهن، ولكن قد يوقعهن حظهن السيء في اختبار مثل هذا.. فأنتِ يوم الحناء رفضتِ التقاط الصور معنا بهواتفنا حتى لا يراها آخرون عن طريق الخطأ حفاظا على تدينك وحشمتك.. وقررت التقاط بعض اللقطات كآية فتاة طبيعية تريد الشعور بأنوثتها في يوم خاص مثل هذا برغم أن جودة هاتفك ليست عالية تماما، ثم قمتِ بحذفها من هاتفك بعد أن أظهرتها لوالدتك أو حتى بعض زميلاتك.. أي أنكِ اتخذتِ كل الاحتياطات الكافية وفقا لقدراتكِ فيما يتعلق بعالم التكنولوجيا.. ثم تعرضتِ لمثل هذا الأمر.. الذي كان يمكن أن تكون إحدانا فيه بدلا منك الآن.. فلا تشعري بالخزي ولا التقصير.. وشعورك العارم بالإهانة واختراق خصوصيتك سنعوضه بطريقتنا.. ولكن علينا أولا أن نطلب تدخل خالد".

صاحت حنان بهلع: "لا.. لا أريده أن يتدخل.. لا أريد أن يعرف أحد بتلك الكارثة..".

تدخلتُ بالقول: "حنان حبيبتي.. هل تظنين أن هذا الوغد سيتوقف عن مساومتك وابتزازك لمجرد أنكِ رفضتِ مجاراته والحديث معه عبر مكالمة مرئية تتوقعين بالطبع كيف ستكون مجرياتها ومحتواها إذا نجح في نصب شراكه؟ وحتى لو تجاهلتيه ومضى الأمر.. فمن المؤكد أنه سيبتز عشرات غيرك بنفس الطريقة، ولهذا يجب وضع حدٍ له الآن بطريقة قانونية عادلة"..

أطرقت حنان رأسها باستسلام، فنظرتُ لزينة قائلة: "أرسلي رسالة عبر تطبيق (واتساب) لخالد واطلبي منه أن يصعد للحديقة فورا"..

في تلك اللحظة، ناظرتني حنان بارتباك وكأنها تتوسلني النصيحة، فأكملت: "اطلبي منه أن يصعد وحده يا زينة وشددي على الأمر"..

حين صعد خالد بعد بضع دقائق، استوقفته زينة في أحد الأركان، ثم شرحت له الأمر كله، فاقترب من حنان، وهدر بنبرة صارمة وعيناه تشعان بالغضب: "أريد الرقم الذي هاتفك وراسلك منه.. وحاولي أن تتذكري إذا كان قد قال شيئا آخر بعد"..

ارتجفت حنان من صوته، فاستدار خالد للجانب المقابل لتهدئة جموح غضبه على الأرجح، حيث التفت وقال بنبرة أكثر هدوء ولطفا: "لا تخافي ولا تشعري بالحرج.. أنتِ بالنسبة لي شقيقة شروق وزينة.. تماما مثل زاد.. ونحن لا نترك فتياتنا دون حماية .. لا تقنطي ولا تحزني.. أنت ضحية هنا ولم ترتكبي أي خطأ.. فلا تدعي كلماته القذرة تبدل الحقائق في رأسك فتنظري لنفسك كمذنبة"..

تنهدت حنان ببطء، ثم ردت بصوت جزع يفطر القلوب: "قال إنه سيعاقبني إن لم أنفذ ما يريده.. وسيكشف حقيقتي للجميع".

سألها خالد مدققا: "هل كان صوته مألوفا؟ هل تظنين أنه شخص تعرفينه بالفعل؟"

قالت حنان بأسى: "لا أظن.. لكن كلماته كانت سوقية وكأنه.. وكأنه ربما لم يكمل تعليمه.. أو قد تكون هذه هي طريقته في الكلام.. لا أعلم".. ثم همست بصوت خفيض لم يصل لمسامع خالد على الأرجح: "أو ربما استخدم معي تلك الكلمات لأنه يظنني امرأة رخيصة.."

احتضنتها بقوة دون أن أنبس بكلمة واحدة كي لا ألفت انتباه خالد لما تفوهت به حنان للتو..

أخرج خالد هاتفه، وطلب رقما، ثم انزوى جانبا، وأخذ يحادث أحدهم على الطرف الآخر بكلمات التقطت منها ما يلي: "أحمد باشا.. أعتذر للإزعاج.. ولكن هناك أمر أحتاج لمساعدتك بشأنه"، ثم شرع في سرد المشكلة له بكلمات خفيضة..

في تلك الأثناء، رن هاتف حنان من جديد معلنا وصول عدد من الرسائل، فسألتها بتحفز: "ممن تلك الرسائل؟ هل أرسلها ذلك الحقير؟"

ناظرت هي هاتفها بقلق، ثم زفرت بتوتر، قائلة: "لا.. هذا حسام.. يريد أن يطمئن عليّ.. على الأرجح شعر أن هناك خطب ما بسبب صعود خالد إلى هنا"..

قلت بتفكر: "بالتأكيد سيشعر بالقلق.. فالأمور تبدو له حاليا مبهمة وغير مفهومة.. هل ترسلين له شيئا لكي يطمئن؟"

ردت حنان مسرعة بهلع: "لا.. لن أرسل له شيئا.. ولن أتحدث معه حول هذا الأمر نهائيا.. وأنتِ.. أنتِ لن تخبريه أي شيء بخصوص هذا الأمر.. عليكِ أن تعديني".

أجبتها بغضب: "حنان.. توقفي.. فقط توقفي عن الشعور بالخزي ولوم نفسكِ.. كلنا معرضون للوقوع فريسة للابتزاز الحقير بشكل أو بآخر.. العالم ليس آمنا تماما.. وجرائم الابتزاز الإلكتروني أصبحت تتكرر بشكل شبه يومي.. بدء من المشاهير وحتى من يقوده حظه العثر لفقدان هاتفه بطريقة أو بأخرى.. حتى من تذهب أحيانا لمراكز الصيانة لإصلاح هاتفها أو حاسوبها قد تتعرض لنفس الأمر.. وإن لم تتعلق الجريمة بصور شخصية أو رسائل متبادلة بين أزواج أو عشاق.. فإن الأمر يصل لسرقة البيانات الشخصية واغتصاب الممتلكات الخاصة.. وللأسف هناك الكثير من المجرمين الذين يفلتون بجرائمهم كل يوم.. وواجبنا هو التصدي لهم وليس الانصياع لتهديداتهم.. كما يجب سن عقوبات قانونية قاسية لتكن رادعة لأصحاب النفوس المريضة ممن يستبيحون حرمات الناس".

قالت حنان بنبرة شبه ميتة، وكأنها لم تستمع لحرفٍ واحد مما قلت: "ومع ذلك.. فأنتِ لن تخبري حسام أي شيء".

سألتها بضيق وأنا غير مقتنعة بما تريده: "وإذا سألني؟ بمَ سأرد عليه؟"

ردت هي بقنوط وملامحها ازدادت شحوبا: "كما قلتِ عندما فقدت الوعي.. أنني كنت فقط متعبة وأشعر بالتوتر النفسي".

قبل أن أجادلها بخصوص قرارها الغريب، عاد خالد ليخاطبها مطمئنا: "لا تقلقي.. سيتم التحقيق في الأمر والبحث خلف ملابسات سرقة الهاتف نفسه أولا.. فربما يكون خيطا للوصول للمبتز"..

صاحت حنان بعزم: "لكن.. لا أريد أن تكون التحقيقات علنية حول هذا الأمر وينتشر الخبر بالصحف وما إلى ذلك".

رد خالد بتفهم: "مفهوم طبعا.. هذا النوع من الجرائم تحديدا يتم التعامل معه بحذر شديد وسرية تامة رغم أن القانون لم يبلور بعد العقوبات الخاصة بالجرائم الإلكترونية.. لكننا حاليا أمام قضيتين الأولى سرقة والثانية ابتزاز.. وكلاهما يمكن التعامل معه قانونيا فور الإمساك بالمتهم.. أو المتهمين.. اتركي لنا الأمر من هنا ولا تقلقي".

ردت حنان بفرحة وليدة بعد ساعات من التوتر والقلق والشعور بالخزي: "شكرا جزيلا يا خالد.. لن أنسى لك هذا الموقف مطلقا"..

قال خالد بنبرة هادئة: "هذا واجبنا لا تقلقي"..

أمسكت زينة يد زوجها بفخرٍ، ثم انزوت به جانبا تهمس له ببعض الكلمات، قبل أن يغادرنا هو للنزول للشباب..

عادت زينة قائلة: "شددت عليه ألا يذكر شيئا أمام حسام بناء على رغبتك يا حنان.. وإن كنت غير مقتنعة تماما بإصرارك على كتمان الأمر عنه.. فهو رغم كل شيء صديقك ويجب أن يكون في أول صفوف الداعمين لك في مثل هذه الأزمة".

ردت حنان بأسف، ومرارة الخزي تقتل فرحة الاعتراف: "ولهذا السبب تحديدا عليه ألا يعرف بالأمر.. فهو.. ليس.. مجرد.. صديق".


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 07:26 PM   #846

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: الفصل الحادي والثلاثون - القسم الثالث

بعد حوالي ساعة أخرى، كان خالد وزينة قد رحلا، ثم قام حازم بتوصيل حنان وحمزة لبيتهما، وكذلك العم علي بعد أن غادر سليم مبكرا بصحبة زاد..

وبرغم كل شيء، أظنها فرصة جيدة لكي ينفرد حازم بعمه قليلا حتى يعتاد على التواجد في محيطه دون شعور بالغرابة أو عدم الانتماء..

أما أنا، فقد تهربت من حسام بالانشغال بتنظيف آثار الحفل وجمع الأطباق وبقايا المأكولات، ومساعدة ماما سناء في إنهاء العمل بالمطبخ..

في المطبخ، سألتني ماما سناء عما حدث ليقلب أجواء الحفل ويتسبب في رحيل الجميع، فأخبرتها أن حنان شعرت بالتوعك وفقدت الوعي.. فعلقت هي بنبرة مدققة: "ولهذا انقلب حال حسام وأصبح متوترا ما تبقى من الحفل"..

ناظرتها بدهشة.. هل لاحظت هي أيضا شرارات الإعجاب المتطايرة بين حسام وحنان؟

هل من الممكن أن تنتهي قصتهما قبل أن تبدأ بسبب طعنة خيانة غادرة لم يكن لأيهما ذنب فيها؟

حين أوشكت على الانتهاء من التنظيف، كان حازم قد عاد وقبل أن ينطق كلمة واحدة، ظهر حسام بعكازه خلف البوابة، آمرا بحنق: "اتبعني إلى الجيم"، ثم تحرك بخطوات سريعة بقدر ما سمحت له ساقه..

زفر حازم بضيق، وهو يتحرك خلفه، فناديته بصوت خفيض، ثم حادثته برجاء: "حازم.. لا تخبر حسام شيئا.. لقد وعدت حنان ألا نعلمه بالأمر"..

طبع حازم قبلة سريعة على جبهتي، ثم ابتسم وهو يقول معتذرا: "عفوا.. لم أعد أحدا بشيء.. وسأخبره بكل ما علمته من خالد.. من حقه أن يعلم"..

قلت بانفعال: "ليس من حقه شيئا"..

جاء صوت حسام من الخلف صارخا: "حازم.. أنتظرك"..

تحرك حازم باتجاه الجيم وهو يقول بصوت خفيض: "بلى.. لأنه مهتم بها.. كثيرا.. ولأنها تحتاجه.. حتى وإن أنكرت"..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

مر ما يزيد قليلا على الساعتين، وحازم مازال يجالس حسام بالأسفل، وأنا هنا أحاول السيطرة على التوتر الذي بلغ مداه لديّ..

كنت قد هاتفت حنان عقب عودة حازم من توصيلها لكي أطمئن عليها، فأخبرتني أنها تشعر بالإنهاك الشديد وستخلد للنوم..

بدا صوتها بالفعل هشا للغاية، فتركتها لترتاح.. أما زينة فقد تبادلت معي سلسلة من الرسائل القصيرة تحدثني فيها عما قام به خالد من خطوات مبدئية بالاتفاق مع زملاءه، من الأجل الإسراع بالعثور على الجاني والإمساك به قبل أن يرتكب أي عملٍ أحمق، مؤكدة أن زوجها لن يترك الأمر قبل أن يعيد لحنان حقها ويضع المجرم خلف الأسوار كي يمنعه من ابتزاز ضحايا آخرين..

توجهت للحصول على حمام سريع، وحين عدت للغرفة، كان حازم متمددا على السرير يستند إلى مقدمته الخشبية المنقوشة في جلسة شبه مسترخية، وتركيزه كله منصبا على هاتفه..

سألته بتبلد بينما أقوم بتدليك ذراعيّ بطبقة من الكريم المرطب: "هل انتهى مؤتمر القمة مع حسام أخيرا؟"..

تنهد حازم بإجهاد ثم قال بنبرة خافة: "يبدو أن السماء ملبدة اليوم ولن يكون هناك مجال للضوء لينير المكان.."، بعدها أجلى صوته بتصنع ثم أكمل متسائلا: "هل أنتِ غاضبة مني يا شروق؟"

تركت ما بيدي، ثم التفت إليه بعنف وأجبته بضيق: "نعم.. كنتُ قد وعدتُ حنان ألا يصل الأمر لحسام.. بالتأكيد قد لاحظت بالفترة الأخيرة أنها معجبة به، وهي بالتأكيد لا تريد أن يعرف عنها أمرا كهذا.. فهي تظن أن الحادث برمته يشعرها بالإهانة وانتهاك كرامتها.. ولا تريد أن تشعر بالتدني أمامه"..

اعتدل حازم في جلسته، ثم أشار بجواره، طالبا بعينيه أن أقترب وأجلس إلى جانبه.. وحين فعلت،
أمسك يدي وسأل بنبرة مغتاظة: "متى ستعرفين يا شروق أن الإنسان حين يكون واقعا في الحب، فإن ما يشغله هو الاطمئنان على سلامة حبيبته قبل أي شيء؟.. قبل حتى أن يفهم سبب المشكلة وتداعياتها.. ومنظر حنان حين فقدت الوعي ثم رفضها الحديث مع حسام ونبذها له وتركها له حائرا لا يفهم شيئا.. كلها أمور قد أرهقت تفكيره وجعلته يشعر بمزيد من العجز.. ناهيك عن إصابته الجسدية وعدم قدرته على التواجد في محيطها في وقت ضعفها"..

علقّت أنا بحميّة: "ومع ذلك.. لم يكن عليك أن تخبره كل شيء"..

رد حازم بغيظ: "بل كنت سأفعل بكل تأكيد.. ماذا تتوقعين من مريض إيمباثية يشاهد بعينيه معاناة أخيه أمامه بمثل هذا الشكل؟ هل يقف صامتا كمرآة عاكسة لأوجاعه ويكتفي بأن يشاطره الشعور بالأسف والتوتر دون أن يتحدث إليه ويحاولان معا الوصول إلى حل أو على الأقل دعم صاحبة المشكلة نفسها؟"..

زفرت بضيق، ثم قلت: "لا بأس.. لكن إذا خاصمتني حنان بسبب تصرفك هذا.. ســــــــــــــــــ.. سأعاقبك يا حازم.. أنت وأخوك اللحوح".

ضحك حازم بنبرة شديدة الهم لا تنم عن أي مرح، فسألته بتفكر: "ماذا بك؟ هل أنت بخير؟ لمَ كنت تفحص هاتفك قبل قليل؟ هل حدث شيء آخر؟"، ثم نهضت فجأة وأكملت بفزع: "هل هي حنان؟ أخبرني".

أمسك حازم يدي، وجذبني إليه لأسقط بجواره على السرير أتكئ بنصفي العلوي كله على جانبه الأيمن، فناظرته بغيظ، ثم اعتدلت إلى جواره من جديد، فتحدث هو قاطعا عليّ الفرصة، وقال بنبرة دافئة يملؤها الشجن: "كنت أتفحص بعض الصور التي أرسلها سليم"..

خشية أن تكون صور حنان قد وصلت إليهما.. دفعني القلق والتشكك لأن أسأله بغباء عن طبيعة تلك الصور.. وفور أن خرج السؤال من فمي، طمأنت نفسي أن اللص أكيد لم يكن يعرف أرقام هواتف حازم وسليم أو أيا من دائرة معارف حنان..

رد حازم بانفعال مكتوم دون أن ينتبه لنبرتي المتوترة: "تلك صور أبي وأمي، قام سليم بجمع مجموعة من الصور القديمة المتوفرة لدى عمي علي، ثم توجه لأحد المراكز المتخصصة ليتم عمل مسح ضوئي وترميم الكتروني لهم لتصبح جودتهم قريبة تماما من جودة الصور الأصلية.. حتى أنه يمكنني طباعتهم بأحجام كبيرة إذا أردت.. لقد قام أيضا بإرسال بعض الصور لي في طفولتي.. الأمر فقط..".

تتابعت الانفعالات على صفحة وجه حازم، ما بين شعور بالفخر والرضا لأنه بات يعرف جذوره، وشعور بالتردد والخشية لأنه بدأ أولى خطوات التقرب من عائلته الحقيقية، وما بين شعور بالاشتياق لوالديه الراحلين خاصة وأن ذكرى رحيلهما تنطبع في ذهنه بذكريات مؤلمة يراها في كوابيسه بشكل متتابع..

أخذت يده برفق واحتضنتها بيدي وأسندتها على قلبي، ثم سألته بحنان: "ما الأمر؟ أخبرني".

قال حازم بضياع: "لا أشعر أنني أعرف هذا الطفل.. ولا تلك العائلة.. برغم الشبه الكبير بيني وبين.. أبي.. أشعر أنه يتم إقحامي في حياة أخرى لا تخصني.. أنا لم أتربى في كنف تلك العائلة ولم أكتسب عاداتها وتقاليدها ومبادئها الحياتية.. أشعر بالاغراب"..

زرعت أصابعي بين أصابعه وشددت ربتي على كلتيّ يديه أملا في أن أمنحه بعض الدعم، ثم قلت بكلمات موازية لما أشعر به في تلك اللحظات: "لن أدّعي أنني أفهم وضعك كليا.. لكنني أشعر أننا متشابهان في بعض الأمور.. هذه بالفعل حياة جديدة تدخلها.. كما دخلت أنا حياتك فجأة وبدأت مشوار جديد.. وإن كنتُ قد تم إرغامي دون حتى أن تتاح لي فرصة للتكيف على الوضع.. فإن الأمر يختلف بالنسبة لك، فقد ترك لك عمك علي الفرصة لكي تتكيف مع الأمر وتستوعبه قبل أن تختار بإرادتك الانتقال إلى تلك الحياة والإنتماء إليها كلية"..

تبدلت ملامح حازم، وأطرق رأسه أسفا دون أن يعقب، فأسرعت بالتوضيح: "حازم.. عندما قلت تم إرغامي على تلك الحياة الجديدة.. لم أكن أقصدك.. كنت أقصد أبي.. أبي الذي رماني تحت قدميك ولم يسأل عني مرة واحدة منذ ذلك اليوم البعيد..".

شد حازم يدي التي كانت تحتضن أصابعه منذ قليل، وأخذ يقبل كل إصبع برفق وحنان، ثم قال: "لا تقولي هذا مجددا أبدا.. بل أنتِ أميرة.. مكانتك عالية.. مهما ارتفعت الهامات لن تصل إليها.. أضعكِ فوق رأسي وفي قلبي.. وبكِ أضاءت حياتي القاتمة.. فلا تقولي تلك الكلمة أبدا.. لا تشعري أبدا بالحيرة عن مكانتك بالنسبة لي"، ثم مد يده لمسح قطرات دموع لم أشعر بانسيابها على جانبي وجهي..

صمتنا قليلا تغلفنا هالة من الحزن.. اثنان يعانيان من الضياع والافتقار للحب والاحتواء، قذفت الحياة بكلٍ منهما في طريق الآخر، ليجد به ما كان محروما منه.. لكن تبقى بعض الهضاب التي علينا تسلقها معا حتى نصل لنقطة الاكتفاء والانتشاء والسلام، فلا تصبح وقتها تفاصيل الماضي هامة أو فارقة..

قطعت صمتنا بأن استأذنته أن أشاهد الصور، فمنحني هاتفه ثم تمدد كلية على السرير، يدّعي عدم الاكتراث، لكنه كان يراقب ردود أفعالي خلسة..

أخذت أقلب في الصور وأقربها تارة، وأنظر إليه تارة.. كنت ألتهم الصور بعينيّ وأنا أقارن ملامحه بوالديه..

استدارة وجهه وعظام وجنتيه وأنفه وذقنه نسخة بالفعل من والده، لكن شكل شفتيه ونظرة عينيه قد ورثهما على ما يبدو من والدته.. كانت ابتسامتها بالصور هادئة ورزينة.. ربما بسبب الحياء، لكنني أشعر أن حازم ربما قد ورث ضحكتها، ولهذا أطلقت عليه اسم (بسام)..

سألته بعفوية: "تُرى ماذا كان اسم والدتك؟"..

رد هو بصوت لا يحمل نبرة معينة: "سمية"، ثم تنهد ببطء وأكمل: "كانت إحدى قريبات والدي لعائلة والدته تقريبا.. وتربت كل عمرها في نفس المحافظة التي ترعرع فيها والدي.. لكنها كانت مختلفة عن باقي الفتيات في تلك الفترة، إذ حرصت على إكمال تعليمها الجامعي.. امم.. كما أخبرني.. عمي أنها كانت دائما معجبة بأبي في صمت، لكنه لم يكن منتبها لمشاعرها على ما يبدو لسنوات، أو ربما كان يتجاهلها لأن هناك أخرى كانت تشغله، قبل أن يفاجئ الجميع بطلب يد والدتي دون سابق تمهيد.. ووافقت هي بالطبع، وكنت أنا نتيجة هذا الزواج.. قبل أن يفقدا حياتهما في حادث سير.. وأنا..".

تمددت إلى جواره في السرير، ونظرت لعينيه بنظرات حاولت قدر الإمكان أن تطمئنه وتمنحه المساندة التي يحتاجها الآن، فأكمل: "أنا على الأرجح قد تهت منهما بعد أن نجوت من الحادث.. لا أتذكر ما حدث مهما ضغطت على عقلي.. كل ما تسترجعه ذاكرتي هو لحظة صراخ والدتي باسمي وارتفاع زامور السيارة ثم... ثم اختراق ألواح حديدية للزجاج الأمامي للسيارة.. وبعدها.. لا شيء.. لا أتذكر شيئا إطلاقا".

أخذت أربت على كتفه برفق لكي أهدئه وأنا أقول: "لا بأس.. لا بأس"..

ارتفع رنين هاتفي، وكانت المتصلة زينة.. نهضت جالسة بينما يطالعني حازم متوجسا.. ثم ضغطت زر الاستقبال، فجاءني صوت خالد يسأل: "عذرا شروق لمحادثتك في مثل هذا الوقت، ولكن رغبت أن أسألك شيئا عن مشكلة حنان.. وخشيت أن أتصل بها الآن فأتسبب لها بالقلق"..

أجبته بتفهم: "لا بأس.. ما الأمر؟"

قال خالد: "قالت حنان إن اللص مجهول بالنسبة لها وليس هناك سابق معرفة بينهما، ولكنني لا أشعر أنها مجرد جريمة عفوية من مجرد لص للهواتف المحمولة.. أخشى أن تكون حنان تعرفه مثلا وتريد إخفاء الأمر لشعورها بالخجل.. فهل يمكنك أن تتحدثي معها حتى نغلق الشك حول تلك النقطة.. فلا نضيّع الوقت في تتبع خيوط لن تصل بنا لشيء؟"..

حين تحدث خالد عن سابق المعرفة، ومضت برأسي جملة قالتها حنان بينما كانت تحكي ما قاله لها ذلك المجرم في الهاتف، فقلت بتفكر: "انتظر لحظة.. لا أظن أن حنان تكذب بخصوص هذا الأمر.. لكن أعتقد أن اللص فعلا يعرفها.. أو هو شخص من محيطها، حيث أنه قد هددها بكلمات صريحة تبين أنه قد عرف هويتها".

سأل خالد بنبرة مندفعة تحثني على الاستطراد: "كيف ذلك؟ أوضحي".

نهض حازم من رقدته ليجلس بجواري بعد أن استشعر بعض التوتر، فوضع يده على ظهري وأخذ يربت عليه برفق.. فمنحته ابتسامة ممتنة، ثم تابعت محدثة خالد عبر الهاتف: "أعتقد ان السارق يعرف حنان بشكل شخصي وليس مجرد لص مجهول وجد هاتفها بالصدفة فأراد ابتزازها.. لأنه قال لها (أنت تتظاهرين بأنك فتاة مهذبة ومتدينة وتتحركين داخل حرم الكلية بخطوات عسكرية حتى لا تلتفي الأنظار) فكيف علم عن الكلية أو عن سلوكها وطريقتها المتحفظة في السير؟"

صمت خالد للحظات وكأنه يفكر في ذلك الاحتمال، ثم قال: "قد يكون قد علم عن دراستها بعد تفحصه لمحتويات هاتفها، كما قد يكون قد رأى ملفات شخصية تعكس أسلوب حياتها.. مثلا ملفات دينية وأدعية أو صور لها بحجابها المحتشم وما إلى ذلك.. أي قد يكون ما قاله مجرد توقع محظوظ من جانبه.. لكننا لن نهمل هذا الأمر وقد يساعدنا فعلا في البحث.. فإذا كان الهاتف قد تمت سرقته من داخل الحرم الجامعي.. من استراحة الأطباء نفسها، فمن المؤكد أن من سرقه هو شخص يمكنه التحرك في محيط ذلك المكان بطريقة لا تثير الشكوك.. أي أنه قد يكون من بين العاملين بالمبنى".

سألته بغباء: "أتقصد أحد زملائنا الأطباء؟"..

رد خالد بسرعة: "حاليا لا أستبعد شيئا.. لنستكمل التحريات والبحث المدقق.. ونرى ما ستوصلنا إليه الأمور.. عذرا لإيقاظك.. تصبحين على خير"..

حين انتهت المكالمة، كنت قد وصلت لنهاية طاقتي، فارتميت على الفراش بتعب، وقبل أن أسحب الغطاء، كان حازم قد سحبني بين ذراعيه يغمرني بدفئه وأنفاسه الهادئة التي بددت كل توتري.. فاستسلم كلانا لنوم عميق مدركين أن غدا سيأتي حاملا معه عثرات وانتصارات، لكن معا يمكننا المرور من آية عقبة..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 07:28 PM   #847

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 الفصل الحادي والثلاثون - القسم الرابع

مر أربعة أيام أخرى منذ أن تلقت حنان المكالمة السوداء التي هزت كيانها تماما، والتي تركت آثارها القبيحة عليها، فقد زوت الفتاة وبهتت ابتسامتها وأصابها الجمود والاضطراب..

كانت وكأنها تنتظر وقوع كارثة أكبر، فتوقفت عن الشعور بكل شيء، وانصب اهتمامها كله على مناوباتها، حتى حمزة أخوها صار يتصل بي من وقتٍ لآخر لكي يطمئن على شقيقته التي باتت لا تكلم أحدا في المنزل وتجلس شاردة نصف ميتة.. فأخبرته أنها تعاني فقط من اضطراب وقلق نتيجة قرب موعد إنهاء المناوبات وتخرجنا، كونها تجهز نفسها للقادم، حيث ستحدد مكان تكليفها وما إلى ذلك..

فيما يبدو، لم يكن حمزة قد صدقني تماما، لكنه التزم الصمت.. أما حسام، فقد كان مختلفا تماما عما عهدته.. بات عصبيا يريد تحطيم الأشياء، وكأن كل ما مر به مسبقا لم يكن شيئا مقارنة بشعوره بانفلات حبيبته من بين يديه، وعجزه عن التصرف حيال الأمر..

نعم.. لم يعلن حسام أمامي مطلقا أن مشاعره قد تحركت نحو صديقتي المقربة، لكن مثل هذه الأمور لا تحتاج اعترافات صريحة في بعض الأحيان.. بل تبدو مفضوحة في العيون..

كان حسام يعمل صباحا مع عمرو ويسهر ليلا في غرفة الجيم ثم يعمل من جديد، حتى أن الهالات السوداء قد تسللت لأسفل عينيه.. كحبيبته تماما..

أخبرني حازم أن حسام يحاول الحديث مع حنان بشتى الطرق، لكنها تتجنبه تماما، ولولا خشيته من رد فعلها في ظل ظروفها الحالية، لكان بالفعل قد داهمها أمام الكلية.. لكن لعلمه أن حديثهما يحتاج بعض الخصوصية بعيدا عن أعين المتلصصين وآذان عشاق الفضائح، فقد التزم الابتعاد عن طريقها حاليا على الأقل.. لكنه على ما يبدو يتوعدها بعتاب حاد عندما ينتهي الأمر..

أتمنى أن ينتهي الأمر على خير وتسترد حنان كرامتها بإمساك المذنب ومعاقبته كما يستحق..

مع نهاية مناوبتنا لليوم، كنا بداخل استراحة الأطباء نبدل ملابسنا ونجمع أغراضنا لكي نعود لمنازلنا، عندما سمعت اثنتين من الزميلات تتحدثان عن عدد من رجال الشرطة جاؤوا للتحقيق حول جريمة تخص سرقة هاتف إحدى الزميلات..

ظهر من حديثهما أنهما لم يعرفا لمن الهاتف المسروق، حيث إن رجال الشرطة على الأرجح كانوا يتساءلون عن ملابسات الحادث دون ذكر أسماء ربما حفاظا على اسم حنان من التشويش وانتشار الشائعات، استجابة لطلبها هي بأن يكون التحقيق سريا وبدون إشارة إليها..

ما لفت انتباهي بعدها وشحذ حواسي كلها، هو تعليق إحدى الفتاتين التي قالت: (بالتأكيد هو فني الكهرباء الذي جاء للمهجع لإصلاح عطل تسبب في ماس كهربائي منذ حوالي أسبوعين، وظل بعدها يوميا يتردد على المكان بسرية وكأنه يبحث عن شيء ما.. أو شخص ما).

فني الكهرباء؟

خزنت تلك الملاحظة برأسي لكي أشاركها مع حنان وحازم وخالد بعد قليل..

حين جلسنا بالسيارة، كانت حنان شاردة كعادتها، فسألتها بنبرة اعتيادية: "هل تعرفين فني الكهرباء الذي قام بإصلاح العطل في مبنى الاستراحة منذ عدة أيام؟"

ردت حنان بشرود: "من؟ ماذا؟ لا.. لا أعرفه.. هل ترينني أهتم الآن بمتابعة الإصلاحات التي تتم في الاستراحة"..

سألتها بتردد: "حنان.. ألا تشعرين أن الرجل الذي اتصل بك ليهددك بدا وكأنه يعرفك شخصيا؟"

رفعت حنان وجهها بقلق، ثم سألت: "ماذا تقصدين؟ أنا لا يعرفني أحد سوى أنتم وأفراد عائلتي في محافظتنا.. تعلمين أنني لا أخالط أحدا غريبا يا شروق.. وأغلب وقتي أقضيه معك أو في المذاكرة.. أو نائمة إذا كنت محظوظة ومعي بعض الفائض من الوقت"..

قلت مطمئنة: "لا أقصد شيئا يا حنان.. أحاول فقط تخمين من يمكنه القيام بهذا الأمر.. هل تعرفين أن الفتيات في المهجع يقلن إن هناك شخص يحوم حول الاستراحة ويأتي للزيارة بشكل متتابع وكأنه يبحث عن شيء معين.. وأن هذا الشخص هو فني الكهرباء.. ربما هو من سرق هاتفك بالفعل، ثم قام بقرصنة محتوياته قاصدا أن يجد وسيلة يستطيع من خلالها التقرب منك أو ابتزازك.."

سألت حنان بحدة: "ماذا تقولين يا شروق؟ من يريد ماذا؟ أي فني كهرباء؟"

وقبل أن أرد عليها، جاءتها مكالمة هاتفية جديدة من رقم غريب، فتجمدت ملامحها وفقد وجهها دماؤه ليصبح شاحبا خاليا من تورده المعتاد..

وبيد مرتعشة، ضغطت حنان على زر استقبال المكالمة، فأشرت إليها لفتح خاصية (مكبر الصوت) لرفع صوت المكالمة كي تتحدث وهي ممسكة بالهاتف دون أن ترفعه على أذنها، فأتمكن من سماع المتصل معها..

وبعد أن نفذت حنان، وقبل أن تلقي التحية، جاءها صوت منفعل من الجانب الآخر يقول بنبرة تهديدية مريضة: "هل أخبرتِ الشرطة عني؟ ألهذا كانوا في القصر العيني يقومون بالبحث حول سرقة استراحة الأطباء؟ ألم أحذرك من القيام بأي تصرف أحمق.. انتظري عقابك الآن يا.. يا دكتووورة".

قال المتصل كلمته الأخيرة بنبرة متهكمة قميئة، ثم أغلق المكالمة قبل حتى أن تنبس حنان بكلمة واحدة..

ناظرت حنان الهاتف لثانيتين، ثم رفعت عينيها نحوي، ثم ناظرت الهاتف مجددا، ثم خرجت من

صدمتها صارخة: "عقاب؟ أي عقاب بعد؟ ماذا يريد هذا المريض مني؟ يا إلهي.. ماذا سيفعل بعد؟"، ثم استسلمت للبكاء بقلة حيلة.

كان مشهد انهيارها من جديد أقوى من طاقتي على التحمل، لكن كان يجب أن أتصرف بجلد من أجلها، فقلت مقررة نيابة عنها: "حاليا أنت ستعودين معي لمنزلنا.. لا يمكنني أن أوصلك لمنزلك وأتركك في هذه الحالة فتنهارين وتتسببين في ذعر شقيقك ووالدتك.. اتصلي بها الآن أخبريها أن لدينا مذاكرة كثيفة، وأنني سأقوم بتوصيلك للمنزل مساء بعد أن ننتهي"، فعلت حنان ما طلبت منها وتحدثت لوالدتها بنبرة يغلفها التماسك بالكاد، بينما تابعتُ أقود السيارة بتحفز نحو منزلنا..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 07:34 PM   #848

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: الفصل الحادي والثلاثون - القسم الخامس

تناولت كلتانا الغداء برفقة ماما سناء فقط، لأن كلا من حازم كانا بالخارج.. وبعدها، صعدنا سويا للحديقة العلوية، فاستقرت حنان على إحدى الوسائد الأرضية المنتفخة المنتشرة أسفل التعريشة، فاتخذت لنفسي مجلسا أعلى واحدة أخرى إلى جوارها، واستسلمنا للصمت لفترة من الوقت..

حين شعرت بازدياد التوتر في الأجواء، حادثتها منفعلة قاطعة الصمت الحانق: "حنان.. تماسكي.. لا تخشي شيئا.. لا يمكنه أن يفعل أي شيء خاصة بعد أن علم أن الشرطة قد أصبحت طرفا في الأمر.. لن يستطيع المغامرة الآن، وسيتوقف عن معاملتك كلقمة سائغة وسيفكر ألف مرة قبل أن يؤذيك بأي شكل".

زفرت حنان بإرهاق، ثم وضعت يديها على جبينها، وكأنها تخنق الأفكار المتلاحقة بداخل رأسها حتى تحصل على بعض السلام، ثم قالت: "هذا إن كان طبيعيا.. لكن عندما يقدم أحدهم على ابتزازك واتهامك باتهامات متعلقة بالشرف، فإنه لن يهتم بما قد يحدث لاحقا.. خاصة إذا كانت الشرطة في طريقها لكشف هويته والقبض عليه.. لن يكون لديه شيء ليخسره وسيغامر بكل ما لديه من أجل تحقيق انتصار واهٍ"..

كانت وجهة نظر حنان مقنعة بدرجة ما، فلم يمكنني مجادلتها، خاصة وأنا أشاطرها القلق وأشعر أنني قد فشلت حتى في كتمانه.. فسقطت كلتانا في بئر راكدة من الصمت..

بعد قليل، ارتفع رنين هاتفينا معا معلنا وصول إشعارات برسائل جديدة عبر تطبيق (واتساب)..
رفعت كل واحدة منا نظرها للأخرى، ثم أسقطت نظرها مجددا تجاه هاتفها بقلق.. ضغطنا معا على زر فتح الشاشة، لتتعالى شهقاتنا معا..

كانت كلا منا قد وصلتها رسالة من إحدى زميلاتنا بالدفعة من عاشقات النميمة، وكانت تلك الرسالة تحتوي على رابط لمنشور على المجموعة الخاصة بالدفعة عبر تطبيق (فيسبوك) والمعنونة باسم (تجمع أطباء كلية طب القصر العيني – دفعة 2011)..

عندما دخلت على الرابط، نقلني مباشرة للمنشور الذي ظهرت فيه صورتين لفتاة ترتدي تنورة عسلية قصيرة مع بلوزة شفافة بنفس اللون، وساقاها مزينتان بالحناء وشعرها الأسود المجعد مفرود على ظهرها، بينما كانت عينيها مغطتين بشريط أسود عريض أخفى نصف ملامح وجهها بحيث يصعب التعرف على ملامحها، لكن بالطبع من يعرف صاحبة الصورة مسبقا، سيدرك أنها.. حنان..

كان المنشور معنونا باسم (طالبات طب القصر العيني.. طبيبات نهارا وليلا بائعات للهوى بالحفلات الماجنة)..
تُرى كم عدد من وصلهم هذا الرابط من زملائنا؟

قبل أن تستفيق حنان من صدمتها، جاءها صوت تنبيه وصول رسالة على هاتفها.. وبعد أن طالعتها، رمت حنان هاتفها وظلت تصرخ بهيستيريا، فأمسكتُ الهاتف لكي أستكشف الكارثة الجديدة التي حلت بنا، فوجدت الرسالة من نفس الرقم الذي يستخدمه الحقير الذي يبتزها، وجاء فيها: "إذا لم تتعقلي وتسحبي شكواكِ للشرطة، سأقوم المرة المقبلة بنشر الصور بدون الشريطة السوداء.. ليرى الجميع وجهك البريء الفاجر.. وانتظري مني مكالمة أخرى تنفذين فيها كل ما سأطلبه منك يا.. دكتوورة"..

حين نظرت لحنان، كانت عيناها قد جحظتا بهلع وفقد صوتها قدرته على الصراخ، ثم سقطت فاقدة للوعي، فرميت الهاتف واحتضنتها بين ذراعي وأنا أحاول أن أجعلها تستفيق بالربت على وجنتها برفق وتدليك صدرها بحركات دائرية خفيفة..

حين استعادت حنان وعيها من جديد، جرت مسرعة نحو الحمام الصغير في نهاية الحديقة، فتبعتها لأجدها منحنية على الحوض تفرغ ما في معدتها..

أخذت أربت على ظهرها برفق، حتى انتهت وسحبت بعض المحارم الورقية ومسحت فمها، ثم قالت بصوت ضعيف متخاذل: "يــــ..ـــــجب أن.. أعود.. للــــ..ــــــمنزل"..

أمسكت يديها بقوة، وقلت بحزم: "لن تتحركي من هنا قبل أن نفكر بهدوء.. انتظري لكي أتصل بخالد وأخبره بما حدث"..

سحبتها من يدها لتتحرك خلفي، وأجلستها على الأريكة المتأرجحة، ثم تحركتُ لجمع الهاتفين من أرضية الحديقة، وعدت إليها بخطوات مضطربة، ثم تنهدت بقوة، وضغطت على رقم خالد الذي رد فورا وقال: "أهلا شروق.. هل من جديد؟"..

أجبته بعجلة: "أجل. أجل.. لقد اتصل هذا الحقير بحنان منذ قليل، وهددها بأنه سيعاقبها لأنه اكتشف أن هناك قوة من الشرطة جاءت للمستشفى بغرض التحقيق حول حادث السرقة، ثم.. ثم.. نشر صورتين لها عبر المجموعة الخاصة بدفعتنا على موقع (فيسبوك) ولكنه حجب وجهها بأشرطة سوداء عريضة".

صاح خالد بغضب: "ماذا؟ الوغد.. لا بأس يا شروق.. شاركيني الرابط وأنا سأتصرف.. أظن أن الأمور صارت أسهل من هنا.. هل هناك المزيد تريدين مشاركته معي قبل أن أغلق؟".

أجبت بتردد: "نعم.. حين كنا داخل الاستراحة، سمعت فتاتين تتحدثان عن فني الكهرباء الذي كان يحوم حول المبنى خلال الفترة الأخيرة.. ربما يكون.. مشتبها به.. لا أدري"..

رد خالد: "معلومة مهمة.. سنتتبعها.. لا تقلقي.. وأخبري حنان ألا تقلق.. لقد اقتربنا بالفعل.. رغم أنني غاضب بشدة من تصرف هذا الحيوان المبتز.. لكن ما فعله برعونة جاء في مصلحتنا.. الآن سنمسك به أسرع مما تخيلنا، حيث سنتتبع عنوان بروتوكول الإنترنت، فهو المعرف الرقمي لأي جهاز، وهكذا سنعرف من أين ولج على الإنترنت لكي ينشر منشوره، ثم سنقبض عليه وسنحرك ضده عدة قضايا ستجعله يقضي ما تبقى من حياته نادما على حماقته وخسته".

حين أغلقت الهاتف مع خالد، قلت لحنان بسعادة: "أبشري يا حنان.. لقد أخبرني خالد لتوه أنهم سيتتبعون الـ IP address‏ الخاص بالجهاز الذي استخدمه ذلك الوغد، وبعدها سيقبضون عليه فورا.. لقد انتهى كل شيء تقريبا، فلا تجزعي"..

همست حنان بكلمات غير مفهومة لم أستطع تفسيرها، لكن وجهها كان مغلفا بطبقة كثيفة من القنوط واليأس، فاقتربت منها واحتضنتها، فرمت هي رأسها على كتفي، وأخذت تنشج بصوت خافض.. تبكي كبريائها وكرامتها وشرفها الذي انتهكه هذا الحقير..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

لا أعلم كم طالت جلستنا هكذا في الحديقة، لكن حين مر الغروب ثم حل الظلام، كنا مازلنا جالستين تتمسك كلا منا بالأخرى تحتضنها، هي تتلمس مني الطمأنينة والأمان، وأنا أمنحها الدفء والدعم، قبل أن يقتحم شرنقتنا الهشة صوتان.. الأول بالطبع لزوجي.. أما الثاني فكان لذلك القلق عصبي المزاج، والذي تلون صوته الآن بدرجة مختلفة من الخوف..

على الأرجح كان منظرنا ونحن ملتصقتان إحدانا بالأخرى هكذا، مفزعا لحسام الذي أبعدت حنان نفسها عنه منذ بدأت أزمتها..

أخذ حازم يرحب بحنان بصوت لطيف، أما حسام فبدأ يصرخ هادرا: "كيف تتجنبينني كل تلك الفترة؟"

ارتجفت حنان خوفا بين ذراعيّ من نبرته القاسية، فنهرتُه بنظرة محتدة حين تلاقت أعيننا، فشتم هو بخفوت، ثم قال بنبرة أكثر تماسكا ورزانة: "أعتذر على رفع صوتي بهذه الطريقة، ولكنني أشعر أنني مغيب أو مقصي بقصد.. ولا أحب هذا الشعور مطلقا.. ليس من حقك يا حنان أن تبعدي نفسك عني بهذه الطريقة.. للصداقة حقوق.. ألا تعلمين؟"

رفعت حنان وجهها بحدة، ثم أغمضت عينيها لثوان، وكأنها تعد نفسه لما ستقوله..

بعدها، حولت وجهها لتنظر لحسام بقسوة، وهي تقول بنبرة ميتة: "وأنا أعفيك من آية واجبات تخص تلك الصداقة.. لقد انتهت.. فلتهدأ نفسك الآن"

ابتسم حسام بسخافة، أما عينيه فقد التمعتا بجنون، لكن نبرة صوته جاءت هادئة ساخرة وهو يقول: "ومن قرر هذا؟ سيادتك؟"

ردت حنان بحنق طفولي، وهي تزم شفتيها: "نعم.. سيادتي"، فابتسم حسام مجددا، ولكن هذه المرة ارتخى فكيه وهدأت نظراته المجنونة، وقال: "وأنا أقول لسيادتك أن رأي سيادتك في هذا الشأن تحديدا غير ذي قيمة.. أي انقعيه في كوب من الماء، ثم اشربيه.. سيادتك.. لأنه لا يسري عليّ ولن أنفذه.. أي قرار أحادي الجانب لم نتفق عليه سويا هو غير ملزم لي، ولهذا أخبرك أن صداقتنا مستمرة رغما عن أنف سيادتك.. فلا تتفوهي بتلك الحماقات مجددا.. سيادتك"..

كان حازم يقف خلف أخيه، وابتسامة متسلية مرتسمة على شفتيه وهو يشاهد أخاه يهدر بكلماته الجنونية بنبرة متهكمة، رغم أن عينيه كانتا تموجان بغضب عنيف يخنقه بداخله..

على الأرجح، خالد قد أخبره بأحدث التطورات بالفعل، وهذا يعني أن حسام أيضا......
رباه..

هذه المرة، كنت أنا من ارتجفت بفعل الارتباك من رد فعل حسام المحتمل، لكنه لم يكن ينظر لي من الأساس، بل كانت عيناه تمسحان ملامح حنان المتألمة المجهدة بقلق، ولكن دون اتهام أو نفور.. وهذا أمر.. جيد..

أليس كذلك؟

انتبهت على صوت حازم وهو يقول بنبرة واضحة النبرات لا تحتمل المجادلة: "شروق.. تعالي.. أريد أن أحدثكِ بأمرٍ"، ومنحني نظرة محفزة وبإشارة خاصة فهمت أنه يريدني أن أبتعد عن حنان قليلا، كي يفسح المجال لحسام للحديث معها بدون مشاهدين..

حين شرعت في النهوض، شددت حنان قبضتيها حول ذراعيّ، وهي تهمس بقلق: "لا تنهضي.. لا تتركيني"، فقلت بكلمات هامسة لم تصل لمسامع الشابين الذين يتفحصانا بنظرات مراقبة من علٍ: "حنان.. لا تقلقي.. كوني قوية.. أنتِ لم تفعلي شيئا خطأ.. لا تخشي من أحد ولا يحق لأحدٍ أن ينظر لك بدونية.. عليكِ أن تظهري تماسكك في أي موقف ضعف ولا تسمحي لأحد أن يرى انهيارك أو يستغل لحظات توترك.. وحسام هذا الذي تخشين مواجهته كان يعيش في عذاب الأيام الماضية.. وأظن أن من حقه فعلا أن تسمحي له بالحديث معك قليلا، وإذا لم يعجبك كلامه.. اطرديه وأنا سأقف بجانبك"، ثم نهضت قبل أن تتمسك بجلوسي إلى جوارها، وتوجهت مع حازم إلى بقعة أخرى من الحديقة تبعد قليلا عن موضع جلوس حنان وحسام الذي استقر إلى جانبها على الأريكة..

كان حازم يريد الحديث فعلا على ما يبدو، لكنني زجرته وأنا أقرصه أعلى مرفقه هامسة: "اصمت قليلا.. أريد أن أستمع"..

شهق حازم بطريقة مفتعلة ثم قال بنبرة سخيفة هامسة: "هل تريدين التلصص عليهما يا شروق؟ هل يصح؟ هل يليق بكِ؟"

قرصته مرة أخرى، ثم قلت بنبرة هامسة: "ليس بدافع الفضول.. أريد أن أستمع لحديثهما كإجراء احترازي، كي أتدخل ف الوقت المناسب إذا كانت حنان بحاجة للمساندة.. لكنني أثق بحسام وبعقليته وتهذيبه.. من المؤكد أنه لن يقول شيئا مهينا بحقها"..

رفع حازم حاجبه مستنكرا، فضحكت بخفوت وتمتمت مدارية شعوري بالحرج: "معك حق.. يبدو أنه من الصعب أن أتخلص تماما من عادة التلصص.. والآن اسكت.. لا تتحدث"، وأشرت لفمي كعلامة غلق السحاب، فهز رأسه مطيعا في صمت..

كان حسام يقول لحنان: "هل ظننت أن تجنب الحديث معي والاختفاء بتلك الطريقة الغبية سيمنعني من معرفة ما تمرين به؟ لقد عرفت كل شيء يا حنان ومنذ اللحظة الأولى.. ولكنني احترمت رغبتك في ترك مسافة بيننا لأنني أردتك أن تستوعبي الصدمة.. ثم.. ثم تأتين إليّ ترمين همومك عليّ وتطلبين المساعدة والدعم.."..

سكت حسام قليلا وأخذ يزفر بانفعال، ثم تابع: لكنك بالطبع وضعت المتاريس بيننا وعاقبتِني بالتجاهل.. بل قررتِ لي بالنيابة عني ودون حتى أن تناقشيني أو تختبري مدى ولائي.. وكان قرارك خاطئا تماما ومخالفا لما كنت سأقوم به لو كان الأمر بيدي.. وهذه هي الحماقة بعينها".

أطرقت حنان رأسها، ولم تستطع أن تنبس بكلمة وهي تنشج بألم، غير قادرة على مواجهته والنظر في عينيه، فصاح حسام بنبرة قوية بعد أن أحكم لجام غضبه من جديد: "انظري إليّ.. هيا.. ارفعي رأسكِ وانظري إليّ".

رفعت حنان رأسها ببطء تطالعه بنظرات واهنة، ثم همست بصوت خفيض بالكاد وصل إليَ: "كنت قلقة جدا ومضطربة، وأشعر بالضياع والخذلان.. ما حدث مهين جدا.. لم أتصور أن أمر بمثل هذا الموقف في حياتي.. لقد ظننت أن الالتزام الأخلاقي والديني سيحصنني من تلك المواقف.. ماذا برأيك يمكن أن يحدث إذا تعرف أحد زملائي أو أساتذتي على ملامحي من خلال الصور المموهة المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي ؟ هل تعلم ما الذي يمكن أن يحدث لو وصل الأمر لعائلتي في الجنوب؟ خاصة بعد أن.. لا أستبعد أبدا أن يحرموني من إكمال تعليمي ويجبروني على الزواج بشكل مهين وذليل ليضيع حلمي وحلم المرحوم أبي، وهذا أقل عقاب ممكن في عرفنا.. إن لم يصل الأمر بأحدهم لأن يقرر في لحظة حميّة هوجاء حماية شرف العائلة بقتلي".

بدا على حسام التحفز الشديد والغضب مما قالته حنان، وبينما شرع في الرد، قالت حنان بعنف: "اسمع يا حسام.. منذ البداية كنت أشعر أنني لا أليق بك فلا تفكر حتى فيما أنت مقدم على قوله.. لتنس الأمر فقط.. لنعد غريبين كما كنا قبل أشهر.. فهذا أفضل لكلينا".

كنت على وشك النهوض لكي أضع بنفسي بعض التعقل في رأس تلك الخرقاء المستسلمة، لكن حازم قبض على مرفقي بشدة، ثم أشار بعينيه رافضا السماح لي بالتحرك من مكاني، ثم بدأ يربت بأصابعه على ذراعي كي أهدأ، حتى استكنت بجانبه وأنا أصغي السمع من جديد..

نهض حسام من جلسته إلى جوارها، وتحرك يمنة ويسرى بغضب، ثم صاح منفعلا: "لا تخبريني ما يجب أن أقوله وما لا أقوله.. سأتركك الآن لأن أعصابك متوترة.. ولكن لنا حديث آخر بعد أن تهدئي.. تأكدي من هذا.. والآن، هيا لنعيدك للمنزل.. هيا يا حازم نحن جاهزان"..

نهضتُ أنا وحازم مسرعين، ثم تحركنا الخطوات القليلة التي تفصلنا عن حسام وحنان، حين سألتنا الأخيرة بغباء: "جاهزان لماذا؟"، فرد حسام بابتسامة سخيفة: "لكي نوصلك لمنزلك بالطبع.. فأنا سأرافقكم الليلة بالسيارة".

زفرت حنان بضيق ولم تعقل، مدركة أن أي جدال مع حسام في حالته تلك لن يكون ذا فائدة..

كانت رحلة توصيل حنان إلى منزلها غريبة ومشحونة بالتوتر، حيث التزم أربعتنا الصمت تماما، وبينما كانت حنان تستند برأسها على كتفي في المقعد الخلفي للسيارة، كان حازم منشغلا بقيادة السيارة بينما كان حسام يراقبنا من وقتٍ لآخر من خلال المرآة الأمامية وبعينيه تطل مئات الكلمات التي يحتجزها داخل صدره بصعوبة شديدة فلا تمر بحنجرته التي اختنقت بكل ما يعتمل بداخله، فأخذ يكتفي بمتابعة حالة تلك المنهارة بجانبي عن بعد..

وحين عدنا للمنزل، أشار لي حازم بالصعود إلى غرفتنا، معلنا أنه سيصعد برفقة حسام للحديقة العلوية وسيسهران حتى بزوغ الفجر..

كنت أظن أن تلك الليلة ستنتهي بكل صدماتها ليكون الغد مشرقا خاليا من العواصف... ولكن الأزمات لا تأتي فرادى..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 07:38 PM   #849

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل الحادي والثلاثون - القسم السادس

في الصباح، توجهت للمستشفى وأنا في قمة الإجهاد.. كانت النقطة الإيجابية الوحيدة التي أتطلع لها اليوم هي نهاية المناوبة لأن غدا الجمعة، وسيكون عطلة رسمية.. وسأنام كما أحتاج..

الليلة الماضية كان نومي مضطربا للغاية بسبب كل ما حدث، بالإضافة إلى غياب حازم عن الفراش حتى ما بعد بزوغ الفجر..

لسبب ما، نومه بجانبي كان يمنحني الطمأنينة والراحة.. ربما كان عقلي الباطن يربط بين مراقبته لي خلال فترة علاجي بعد واقعة الخامس والعشرين من يناير.. وبين وجوده في محيطي والذي يبثني الأمان..

شبحي الذي لم يعد مرعبا.. بل أصبح حاميا وحارسا..

لا أدري متى تحديدا انقلبت الأمور هكذا، ولكنني أشعر نفسي الآن مستعدة للاعتراف له بالحب بشكل صريح رغم أنه لم يطلبها أبدا أو يلح عليّ لكي أطمئن قلبه بإعلان مشاعري تجاهه.. رغم أن عينيه تفضحانه وكأنه ينتظر كل لحظة ذلك الاعتراف..

لولا أن الوقت حاليا غير مناسب.. ربما.. قريبا..

حين وصلت لاستراحة الأطباء لكي أبدل ملابسي، كانت حنان هناك بالفعل بنفس هيئتها القلقة المضطربة وتركيزها المشوش تماما، فحفزتها لإتمام النصف الأول من المناوبة على أن نلتقي في فترة الراحة للغداء في المقصف..

مضى الوقت بطيئا، حتى جاء موعد الغداء، فذهبت للمقصف، ووجدت حنان تنتظرني بنفس الوجوم والشرود، حتى أن هاتفها أخذ يرن دون أن ترد..

حين نبهتها لكي ترد عليه، كان الرنين قد انتهى بالفعل، فتفحصت هي الشاشة بعدم اكتراث، ثم انتبهت حواسها تماما، وهمست بتساؤل: "هذا خالد"، فقلت بتحفز: "اطلبيه فورا"، ثم سحبتها لكي نتوجه إلى غرفة الاستراحة من جديد، وسارعت بغلق الباب كي نحظى ببعض الخصوصية قبل أن تأتي إحدى زميلاتنا لإلقاء التحية..

شرعت حنان في طلب رقم خالد، فأمسكت أنا الهاتف من يدها، ثم ضغطت على زر (مكبر الصوت)، فجاء صوت خالد مبتهجا يقول: "صباح الخير يا دكتورة.. أردت أن أزف لكِ البشرى بنفسي.. لقد ألقينا القبض على ذلك الوغد.. وهو الآن يخضع للتحقيق بغرض تحويله للنيابة.."..

قفزت أنا عدة مرات بابتهاج صريح، بينما تساءلت حنان بتردد: "إذًا ماذا سيحدث الآن؟".

رد خالد بظفر: "المجرم اسمه أشرف السيد مندور، وكان يعمل فني كهرباء في المستشفى، وقد اعترف بالفعل أنه من سرق هاتفك ثم قام بقرصنته بمساعدة صديق له.. وحين نشر.. احمم.. المنشور عبر المجموعة الخاصة بأطباء الدفعة، كان متواجدا وقتها في مقهى للانترنت بشارع القصر العيني، بالقرب من مقر مؤسسة (روز اليوسف) الصحفية.. وهذا ما جعلنا نتمكن من القبض عليه بسرعة، بعد التعرف على عنوان بروتوكول الانترنت الرقمي الخاص بالجهاز الذي ولج منه إلى موقع فيسبوك.. ذلك أن مدير المقهى يحتفظ دائما ببيانات رواده خاصة بعد أحداث ثورة يناير.. خوفا من وجود متورطين في نشر شائعات أو دعاة للعنف أو للتظاهرات الفئوية، وما قد يستتبعه من مساءلات قانونية لشخصه..".

زفر خالد بارتياح ثم أكمل: "المهم لأختصر الأمر.. كان ذلك الخطأ من جانبه عندما أنشأ حسابا وهميا لينضم للمجموعة هو فرصتنا الذهبية للقبض عليه بدون إطالة للبحث، ودون أن يتمكن هو من أخذ احتياطاته والهرب بعيدا عن منزله.. لقد أمسكت به القوة في المساء بالفعل، لكن التحقيق بدأ منذ قليل، وهذا الكلب تنتظره عدة قضايا وليست قضية واحدة.. فهناك السرقة والابتزاز والتشهير والقذف حتى أننا سنبحث وراءه لنرى ما إذا كان سلوكه هذا متسلسلا، ولديه ضحايا آخرين لكي تتسع الهوة أسفل قدميه ويتعفن في السجن لسنوات أطول".

زفرت أنا بارتياح، بينما قالت حنان بقنوط: "ما الفائدة؟.. لقد انتشرت الصور وحدثت الفضيحة"..

قاطعها خالد قائلا: "أولا الأمر ليس فضيحة لك.. أنت لم تفعلي شيئا خاطئا.. حتى أنك قمت بحذف الصور بعد تخزينها على وحدة تخزين منفصلة كما فهمت.. لكن ما حدث سوء حظ رافقه سوء نية من المجرم.. ثانيا.. الصور قد تم حذفها من المجموعة والرابط إليها قد تم حذفه تماما، وسيتأكد فريق تكنولوجيا المعلومات في الوزارة من عدم وجودها على أي خادم للمحتوى الإلكتروني.. كما تم التحفظ على الأجهزة التي يمتلكها المجرم وجاري القبض على شريكه، وسنتأكد من حذف تلك الصور من أي حسابات أو وحدات تخزين تخصهما، فلا تقلقي.. اعتبري الأمر منتهيا.. لن تظهر تلك الصور على شبكة الانترنت بعد الآن".

بعد نهاية المكالمة، احتضنتُ حنان بفرح، وأخبرتها أن تتوقف عن الشعور بالأسف لحالها، فالأمر قد مر وانتهى ويجب أن تتناساه تماما..

في نهاية المناوبة، كنت في الغرفة أجمع بعض المراجع من خزانتي بنية المذاكرة قليلا في الغد برغم الإجهاد الشديد الذي يلفني..

قبل أن أخرج للبحث عن حنان لكي نغادر، كانت هي قد اقتحمت الغرفة صارخة بجزع: "انجديني يا شروق.. مستقبلي سيتدمر"..

سألتها بفزع: "ماذا هناك؟ ماذا حدث؟"، فردت هي بقنوط: "سيحرمونني من استكمال تعليمي.. سأعود للبلدة..".

سألتها من جديد بقلق: "اشرحي يا حنان".. فردت هي باستسلام: "لقد تعبت.. تعبت"..

عانقتها بقوة وأخذت أربت على ظهرها لكي أخلصها من القلق العصبي، ثم قلت: "لا بأس.. لا بأس.. تعالي لنذهب لنجلس في مكان ما لكي نسترخي قليلا"..

ردت حنان بضيق: "لا أريد أن أخرج لمكان.. تعالي لنذهب لمنزلك".

قطعنا رحلتنا بالسيارة في صمت، استغلته حنان في الاسترخاء على مقعدها شبه غافية، غير أن النوم كان قد جافاها تماما على ما يبدو..

وحين وصلنا للمنزل، رفضت حنان أن تتناول الطعام، فقط طلبت الجلوس في هدوء أمام حوض السباحة حتى تتمكن من استجماع أفكارها أولا، فجلست لجوارها مستسلمة أمنحها مساحة خاصة آمنة حتى تصير مستعدة لكي تخرج ما في قلبها من أخبار سيئة مجددا..

جلسنا هكذا في صمت لنحو ساعة أو أكثر قليلا، ثم أخذت حنان تتحدث بهدوء، وكأنها تروي فيلما،
أو تحكي حكاية تخص فتاة أخرى، وليست هي نفسها صاحبتها التي تعاني من مسبباتها وآثارها حتى الآن، حيث قالت بنبرة هادئة: "اتصلت بي هيام ابنة عمي جمال تخبرني أن سماح ابنة عمي الأكبر الحج اسماعيل كبير العائلة قد أعلمته بالصورة المنشورة عبر المجموعة الخاصة بدفعتنا.. والآن عمي جمال سيأتي بنفسه ليحقق في الأمر ويعيدني للبلدة"..

قلت ببلاهة: "مهلا.. مهلا.. ماذا تقصدين؟ كيف علمت هيام تلك أو سماح بالأمر؟ وكيف وصلت للمجموعة على (فيسبوك)؟

زفرت حنان بغضب، واشتعلت عيناها بضيق لم أعهده بها من قبل، ثم شرحت بانفعال: "لا يا شروق.. هيام تلك الطيبة.. تعرفينها.. كنت أحدثك عنها أحيانا.. أما سماح فهي العقرب.. فالفتاة وضعتني في رأسها منذ أن دخلت كلية الطب، لأن والدها رفض إكمالها لتعليمها خارج المحافظة وأصر على أن تلتحق بمعهد قريب من القرية لكي تدرس فيه لسنتين فقط ثم تتزوج من أحد شباب العائلة بعد ذلك، فبدأت غيرتها مني بلا سبب.. رغم أنني والله العظيم لا أحاول إثارة غيظها أو مضايقتها ولا أعاملها بأي تعالٍ.. أنا حتى ألتزم بالمذاكرة داخل بيتنا عندما نتوجه للبلدة في العطلات الطويلة ولا أحضر الجلسات العائلية إلا فيما ندر"..

أشرت إليها لكي تكمل وأنا أخطط برأسي بالفعل عدة خطط لتعذيب وقتل سماح تلك، فالت حنان: "سماح انضمت للمجموعة مثل ذلك المجرم هشام تماما.. أي أنها أنشأت حسابا وهميا وذكرت في بياناتها الخاصة أنها طالبة بكلية الطب، وهو ما جعل المشرفين على المجموعة يقبلون عضويتها، لأنهم بالطبع لن يحصروا أكثر من ألف وخمسمائة طالب من المنضمين للكلية.. المهم هي شاهدت المنشور الملعون، ثم تصنعت البراءة في جلسة عائلية بالأمس تضم عمي وزوجته وأبناءهما، ثم عرضت المنشور وقالت بخبث (أليست هذه حنان؟) مما قلب الأجواء وجعل عمي يستشيط غضبا، حتى أنه كاد أن يركب القطار مساء ليكون هنا هذا الصباح".

سألتها بقلق: "وماذا حدث بعدها؟"، فردت حنان بضيق: "عمي اسماعيل هذا منفعل دائما وشخصيته شديدة العناد، ولكن نجح أبناؤه في تهدئته حتى أرسل في طلب عمي جمال.. هذا المستنير نوعا ما، فهو خريج جامعة الأزهر، ودرس هنا في العاصمة، على عكس عمي الأكبر الذي لم يخرج من بلدتنا إلا نادرا.. المهم.. حين ذهب إليه عمي جمال، أظهر له المنشور قبل أن يتم حذفه، وقال إن عليه أن يأتي للعاصمة اليوم لكي يصطحبني للقرية حتى يحقق معي ويعاقبني كما أستحق.. واتصلت هيام لتعلمني ما حدث وتخبرني أن والدها قد ركب القطار بالفعل في الصباح، وشارف على الوصول إلى المدينة كي يصطحبني للقرية.. وبالطبع سيكون أقل عقاب أستحقه هو منعي من استكمال تعليمي وتزويجي لأي شاب.. المصيبة أن.. ".

قاطعتها بسؤالي الذي هتفت به بقلق: "هل هناك مصيبة أكبر من ذلك؟"

أجابت حنان بيأس: "نعم.. المصيبة أنه لا أحد من شباب العائلتين أصبح يريد الزواج مني.. منذ التحاقي بالكلية، وهم يعزفون تماما عن طلب يدي.. لا أبناء أخوالي ولا أعمامي.. فهيام أخبرتني أن عمي اسماعيل جمع الشباب صباح اليوم يعرض عليهم الزواج مني دون أن يأتي على قصة المنشور الفاضح، لكنهم أعلنوا أنهم لا يريدون الزواج من طبيبة تفوقهم في التعليم والمكانة الاجتماعية، ولن تفلح في أن تكون ربة منزل تكتفي بالمكوث في المنزل ورعاية أطفالها.. بل سيكون عليها الالتزام بمواعيد عمل غير منتظمة تتضمن السهر والمبيت بالمشافي، وحتى السفر والتنقل بين المدن خاصة في فترة التكليف، وهذا امر غير مقبول بالنسبة لهم، حتى أن من ألمح بالموافقة يشترط إجباري على التوقف عن متابعة التعليم.. لكن عمي جمال تمسك بتنفيذ وصية أبي، فأخبره عمي اسماعيل أنه إذا ثبت أنني الفتاة التي يقصدها هذا المنشور، فإنه سيجبرني على عدم العودة للكلية مجددا"..

سألتها ببلاهة: "ولماذا لا تتزوجي أحد أبناء عمك جمال هذا؟ يبدو لي أقل ديكتاتورية وتمسكا بالتقاليد من عمك اسماعيل؟"

أجابت حنان بقنوط: "أولاد عمي جمال الذكور في عمر حمزة وأصغر منه.. فهو أنجب هيام وسهام، ثم أنجب أحمد ومحمد وحمود.. أما باقي شباب العائلة، فهم الأكبر عمرا والأكثر تشربا للتقاليد والتقيد بها".

قبل أن أعلق على كلامها، جاء صوت من الخلف يصيح بغضب: "اصمتا.. ما هذا الغباء؟".

التفتنا للخلف بذعر، لنجد حسام آتيا بخطوات مسرعة وهو يشد على عكازه، يتبعه حازم بنظرات محتدة، ولكنه التزم الصمت على عكس أخيه الذي بدا كحاوية ضخمة من الغاز على وشك الانفجار وافتعال كارثة..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-21, 07:43 PM   #850

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile27 الفصل الحادي والثلاثون - القسم الأخير

حين وقف حسام أمامنا، حدقنا بنظرات حانقة ثم سأل بنبرة هازئة مستنكرة: "هل أنتِ حمقاء يا حنان؟ أكنتِ تعلنين للتو أنكِ موافقة على الزواج من أحد أقاربك أو أبناء بلدتك كزواج تقليدي مدبر بجلسة عائلية، بدلا من الزواج مني أنا؟ بل وتجرأتِ بالأمس على منعي من التصريح بمشاعري تجاهك؟"

صاحت حنان بجنون: "اصمت يا حسام.. أخبرتك أن تنسى الأمر تماما.. لقد أصبحنا غريبين كما كنا.. فلا تزيد"، ثم همست باختناق بكلمة لم تصل لمسامع حسام على الأرجح "أوجاعي"..

جلس حسام إلى جوارها، وأمرني بغضب دون أن تتواجه نظراتنا: "غادري يا شروق.. أريد الحديث معها على انفراد"..

نهضت للانسحاب مطرقة بحرج.. ولكن قبل أن أتحرك، تمسكت حنان بيدي وسحبتني لأجلس إلى جوارها مجددا، وقالت بانفعال مجنون موجهة كلماتها إلى حسام وهي تطالعه مضيّقة عينيها بعناد: "شروق لن تذهب.. إذا أردت التحدث.. تحدث أمامها"..

على الأرجح، ظنت حنان أنها حينما تحرج حسام، فإنه سيستسلم ويغادر، لكنه لم يلتقط الطُعم، فهو ليس ساذجا أبدا.. ولهذا، اعتدل في جلسته بخيلاء، لكن عينيه كانتا تحملان الكثير من العتاب، ثم قال: "حنان.. لا تنكري أن ما بيننا أكتر من مجرد اعجاب.. صحيح أن علاقتنا بدأت منذ أشهر قليلة وفي ظروف غريبة، ولكن ربما كان هذا هو السبب في تقاربنا السريع.. فأنتِ فتاة تملكين طاقة مذهلة قادرة على تبديد غيوم الضعف والألم والانكسار وتحويلها إلى غيمات وردية متعددة الألوان..".

تنهد حسام، ثم رفع كفيه وكأنه يجهز نفسه لخطبة هامة، ثم قال: "لقد التزمت بأن تتخذ علاقتنا شكل الصداقة دون أن أتجاوزها بمحاولة لفت انتباهك لمشاعري تجاهك لثلاثة أسباب.. أولها أن مشاعرنا مازالت في بدايتها ولم تمر باختبارات قاسية مثل تلك التي يمر بها العشاق لكي يزداد حبهم قوة ورسوخا.. ولكن ها هو الاختبار قد جاء وعلينا أن نمر منه سويا حتى لا ينتصر الفراق علينا فيهزمنا ويتركنا غريبين كما تُلحين أنتِ كلما رأيتِ وجهي"..

صمت حسام قليلا وظل يطالع حنان بعتاب بينما أطرقت هي وجهها بأسف، قبل أن يكمل: "أردت أن أعطيك الوقت والمساحة لكي تتعرفي على شخصيتي واهتماماتي بدون ضغوط خصوصا أنك حاليا في أشهر التخرج الأخيرة.. كنت أريد أن تنصهر اختلافاتنا معا حتى نصبح كيانا واحدا دون أن ندفع أنفسنا دفعا نحو هذا الارتباط، وهنا نأتي للسبب الثاني لامتناعي عن كشف مشاعري نحوك".

حينها سألت أنا بحماس، أحثه على المتابعة: "ما هو؟"، فناظرني حازم بضيق، فأطرقت رأسي بخجل، قبل أن يكمل حسام: "السبب الثاني يا حنان أنك فتاة متدينة ومتحفظة كثيرا مع الجنس الآخر.. فحرصت أن تكون كل احاديثنا عامة بدون أي تلميح يغضبك أو يتسبب في إبعادك عني.. فاكتشفنا معا نقاطا مشتركة بيننا، مثل حب القراءة، وخصوصا روايات الألغاز والجريمة والغموض، وكذلك حبك للسينما، وأيضا علاقتك القوية بشقيقك حمزة.. والتي لا تختلف كثيرا عن علاقتي بحازم"، ثم رفع رأسه ليمنح أخاه ابتسامة ونظرة امتنان عميقة..

بعدها زفر حسام بضيق، ثم أطرق برأسه وقال بأسف واضح: "أما السبب الثالث والأهم.. فهو إصابتي.. تعرفين أنك إن وافقت على الزواج مني، سترتبطين للأبد بزوج مصاب بإعاقة حركية حتى إن تماثل للشفاء وصارت تلك الإعاقة بسيطة، لكنها ستظل موجودة وملحوظة.. وبالتأكيد ارتباطك بي بوضعي هذا قد يمنح البعض الفرصة للانتقاص منك.. وأنت بالطبع تستحقين الأفضل"..

صاحت حنان باندفاع، حيث كست القوة صوتها لأول مرة منذ بداية الأزمة: "ما هذا الغباء الذي تقوله يا حسام؟ من الذي سيتجرأ على أن ينتقص مني إذا ارتبطت بك؟ بل قل سيحسدونني وسيتهمونني بالإيقاع بشقيق زوج صديقتي الذي هو بالفعل في سبيله ليكون نجما عاليا سيشير إليه الجميع بالبنان"..

ضحك حسام بخجل طفولي، ثم قال متسائلا بنبرة دافئة: "نجما عاليا؟ ويحسدونك؟ لكن أتعلمين؟ تعجبني نظرتك للأمور... أحب أن يفكر الناس أنكِ من أوقعتِ بي بسحرك الخاص يا ابنة الجنوب"..

ضحكت حنان بحياء، ثم أجلت صوتها، وقالت بنبرة مهتزة حاولت أن تغلفها بالقوة: "حسام.. أنت علمت بالفعل تفاصيل الحكاية رغم حرصي على عدم وصول الأمر لك.. لا أظنك ستتحمل آية تعليقات مهينة إذا ما تم تداول الصور على نطاق واسع خاصة وأنك صرت بالفعل مشهورا منذ ظهورك التليفزيوني، وبعده بمشاركتك في الحملة الخيرية ثم بدء تصوير فيلمك المنتظر".

قاطعها حسام بحنق: "من الزاوية التي أنظر منها للأمور.. أراكِ فتاة بريئة وطاهرة ونقية، ولم ينقص قدرك لدي ولو بمقدار ذرة.. ما حدث هو تصرف مهووس من إنسان غير طبيعي اعتدى على حريتك الشخصية وسرق شيئا يخصك دون أن تسمحي له.. فأنت ضحية تعرضت للسرقة والإهانة ولا يمكن أن يسيء لك الأمر.."

بدا على حنان بعض التشكك وعدم الاقتناع بما يحاول حسام زرعه في رأسها، فتابع الأخير: "من أهداف الثورة يا حنان المحافظة على كرامة المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية.. الإنصاف.. المساواة في الحقوق والواجبات.. ما تعرضتِ له لن يكون الحادثة الأخيرة.. هناك كثير من المرضى حولنا.. وواجبنا هو التصدي لهم بقوة بدلا من الانزواء جانبا والسماح لهم بتدميرنا.. تأكدي أن هذا الموقف لن يقف بيننا أبدا.. ليس الآن وليس في أي وقت في المستقبل؟".

تنهدت حنان بارتياح، ثم شردت بذهنها قليلا فتساءلت بقلق: "وماذا عن علياء؟"

رد حسام متسائلا بعدم فهم: "ماذا بها علياء؟؟"، فرفعت حنان حاجبها ومنحته نظرة حادة، فتابع: "هل يمكن المقارنة بين النجوم البراقة وذرات الغبار؟ اسمعي يا حنان.. سأخبرك أمرا لم أخبره لعلياء من قبل أبدا.. ليس لسبب سوى أنني شعرت حينما كنا معا أن الأمر لا يعنيها ولا يخصها.. لكنني أريدك أن تعلمي كل ما يخصني.. حتى يصبح كلٌ منا صفحة بيضاء أمام الآخر بلا نقاط سوداء من شأنها أن تؤثر على حياتنا معا فيما بعد".

في تلك اللحظات، زفر حازم بشدة، فناظرته مستفهمة، ولما تلاقت عينانا فهمت سبب انزعاجه..
حسام سيكشف النقاب عن أسرار ماضيه..

شهقت حنان بمفاجأة كونه سيخصها بأمر لم تعلمه علياء، ولأنه أكد على أن حياتهما ستكون معا ولا انفصال سيحدث بينهما في المستقبل، فأكمل هو مؤكدا بنبرات ضاحكة: "نعم.. ستكون لنا حياة معا.. تأكدي من هذا.. لقد حاربت من أجل الوطن وأديت ما عليّ نحوه وانتهى الأمر بالنسبة لي.. والآن حان الوقت لأحارب من أجل حياتي ومستقبلي"..

في تلك الأثناء، كانت ماما سناء قد جاءت أربعتنا بصينية كبيرة عليها طبق يضم عدة شطائر بالإضافة لطبق كبير من الفاكهة المقطعة وبعض الأطباق الفارغة لكي يملؤها كلٌ منا بالشطائر وحبات الفاكهة، بالإضافة لأكواب من عصير الليمون بالنعناع المثلج وزجاجات ماء، وقالت بدفء أمومي: "هيا يا أولاد.. تناولوا بعض الشطائر وأنتم تتحدثون.. الكلام لن ينتهي.. لكنكم لم تتناولون شيئا حتى الآن، وقد شارفت الشمس على المغيب"..

حمل حازم الصينية ليضعها على منضدة جانبية صغيرة كانت ملاصقة لأحد الجدران، بينما استغلت ماما سناء الفرصة لتربت على رأس حسام وكتفه بدعم أمومي، فلثم هو كفها بعفوية تحرك القلوب، ثم غمزني بطفولية قاصدا أن يغيظني..

غادرت ماما سناء إلى الداخل وهي تدعو لنا جميعا براحة البال والنجاح، فأمسك حازم كأسين من العصير، وقربهما مني ومن حنان، قبل أن يجلس إلى جوار أخيه، وقد فتح له زجاجة من الماء، ليناظره حسام بامتنان ويتجرعها بتلهف، وكأنه قد انتبه لتوه أنه يشعر بالعطش..

أغلق حسام القنينة، ثم وضعها جانبا، وأكمل حديثه قائلا: "لم أخبر علياء قط من أنا حقيقة.. لقد تربيت في.. ملجأ.. مع حازم"..

رفعت حنان حاجبيها بدهشة، وكاد كأس العصير أن يسقط من يدها، فأسندته أنا براحة يدي،
فنظرت هي لي ببلاهة متسائلة بدون كلمات عن صحة ما يقوله حسام، فأومأت برأسي مؤكدة، ثم
قلت لها شارحة: "هذا ما كنت أريد أن أحدثك عنه منذ فترة، ولكنني صمتت لأن الأمر لا يخص حازم فقط بل يخص حسام أيضا.. وعليه أن يكون متأهبا لإعلان الأمر لكِ تحديدا"..

جاء صوت حازم يقول برزانة: "هذا صحيح يا حنان.. كتمان الأمر لم يكن متعمدا بقدر ما كان ينطوي على انتظار اللحظة المناسبة"..

أمسك حسام بطرف الحديث قائلا: "باختصار شديد، تُوفيّ والداي في حادث انهيار الxxxx الذي يتضمن شقتنا.. ولم يكن لي أقارب سوى عمة واحدة كانت تعيش بالخليج وقتها، ورفضت هي تسلمي لظروف خاصة كانت تمر بها وعائلتها بعد حرب الخليج.. مما جعل سكان الحي ينقلونني إلى أحد الملاجئ.. وهناك التقيت بحازم الذي كان طفلا صغيرا تاه من والديه على الأرجح ولم يستطع الاجتماع بعائلته إلا منذ أسابيع قليلة بعد أن خضع لتحليل مطابقة الحمض الوراثي وإثبات النسب.. أثق أن شروق ستشاركك تفاصيل أخرى حين تنفردان ببعضكما.. لكن هذا ما أردت أن أعلمك به الآن".

فغرت حنان فمها بعدم استيعاب، وظلت عاجزة عن الحديث، إلى أن قال حسام: "أخبرك بالأمر لأنه يجب أن تكوني على دراية بتلك الحقيقة لتضعيها في حساباتك خاصة إذا كنت تظنين أنك غير مناسبة للزواج مني بسبب نشأتك البسيطة.. فأردتك أن تعلمي أن نشأتي كانت أبسط منك كثيرا، وربما أكثر تعقيدا.. كما أنني حاليا صاحب إعاقة.. فهل تقبلين الزواج بي برغم كل ذلك؟"

فتحت حنان فمها لكي تتحدث، ثم أغلقته، ثم فتحته وأغلقته عدة مرات، فتابع حسام: "أعلم أن الأمر صادما بعض الشيء، وطريقتي في طلب يدك ليست هي الأكثر رومانسية.. لكنها الأكثر صدقا.. فأنا أريد أن تنشأ علاقتنا معا على الصدق منذ اليوم الأول.. ولكي أطمئنك قليلا.. أخبركِ أننا سنعقد قراننا فقط، وسنؤجل الزفاف لما بعد تخرجك تماما أي خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر من الآن.. لكن عقد قراننا سيضمن لكِ ألا يتحكم بكِ أحد من عائلتك ويتركونك تدرسين بسلام دون تهديدات، وخلال تلك الفترة سنتقرب من بعضنا البعض في ظل إطار شرعي، فلا تشعرين أنك تفعلين شيئا محرما أو تسيئين لتربيتك أو عائلتك..".

انتظر حسام عدة دقائق أن ترد حنان، لكنها لم تعلق أبدا، بل ظلت صامتة مصدومة من كل ما يجري حولها، ثم تنهدت مرتين ببطء، وشرعت في الحديث، قائلة: "حسام.. أنت أكتر إنسان صادق عرفته في حياتي.. ولكن".. قبل أن تكمل، قاطعها ارتفاع رنين هاتفها، فردت بلهفة: "نعم.. حمزة"..

توقفت قليلا عن الكلام لتسمع ما يقوله أخوها على الطرف الآخر، ثم عقبّت: "جاء بالفعل؟ لا بأس.. أنا في الطريق.. سآتي على الفور"..

نهضت حنان بتعجل، وقالت: "لقد وصل عمي جمال من السفر.. وبدأت المحاكمة على الأرجح"..
نهض حسام وحازم معا، وكأنهما مستعدان لتلك الخطوة، فقال الأول للثاني: "هيا.. بدأت المواجهة"..

سألت حنان بعدم فهم: "آية مواجهة؟"، فرد حسام بسخافة: "مواجهة أعمامك.. كنت تبحثين عن عريس بطريقة زواج الصالونات.. والمرشح المحتمل مستعد للمواجهة.. والانتصار"..


نهاية الفصل
قراءة سعيدة
ويهمني أسمع رأيكم في مسار حبكة حنان.. لأني زي ما قلت قبل كده.. عدلتها كي تناسب النشر الإلكتروني


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:50 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.