آخر 10 مشاركات
[تحميل] لمحت سهيل في عرض الجنوب للكاتبه : ؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛ (جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          468 - لهيب الظل - ريبيكا وينترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          سيمفونية الجليد والنار(117)-ج3 أسرار خلف أسوار القصور - noor1984*الفصل17ج1* *مميزة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          [ تحميل ] لا صد قلبي صد من دون رجعه ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : اسطورة ! - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          1017-درب الفردوس شيرلي كمب - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          [تحميل] لجل الوعد للكاتبة/ المحظوظه (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مشاعر من نار (65) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الثانى من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟
نعم 0 0%
لا 6 100.00%
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree484Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-10-21, 05:40 AM   #901

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي


قريت الفصل قبل نزول الفصل الجديد بساعات الحمد لله لحقت نفسي واسفة جدا على تأخيري 🥺
تسلم ايدك الفصل رائع ❤
طويل ، دسم ، محوري ومهم جدا جدا وفي احداث رهيبة وحقايق انكشفت غير متوقعة تماما ❤❤
حسام ونونا خلاص كتبوا الكتاب فرحت بيهم اوي اوي و ياريت لو في مشاهد ليهم اكتر 🥰♥️♥️
رحيم الحقير ده ربنا ياخده حقيقي ازاي يعمل كل ده !! ده مفيش حاجة وحشة او فعل حقير معملهوش ! اعوذ بالله شيطان مش بني ادم !!
مشهد حازم ودكتور فؤاد ومشهد حازم و عمه سليم احلى مشاهد واهم مشاهد في الفصل حقيقي حبيتهم جدا جدا ♥️♥️♥️ماستر سين بالنسبالي ♥️♥️
شروق وحازم ليه الجفاء ده بينهم وليه هيتفرقوا 😭💔
ده احنا ما صدقنا والله 🥺
بس ان شاء الله مش هيتفرقوا على حاجة و اكيد شروق مش هتسمع كلام رحيم ولا هتعمل حاجة تأذي بيها حازم او تجرحه بعد كل الحب اللي حبهولها وبعد كل اللي بيعمله عشانها ♥️
السرد في مشهدهم رائع وكلام عينين حازم تحفة بجد دمعت وانا بقرا واتأثرت جدا 🥺🥺♥️♥️♥️
مستنية اوي اوي اعرف ايه اللي هيحصل في الفصول المتبقية وياترى رحيم هينال جزاءه ازاي نفسي اشوفه بيولع يارب 🙂🙂
و علاقة حازم وشروق هترجع زي ما كانت ازاي ♥️ واثقة فيكي طبعا يا مارو وعارفة انك مش هتخذليني 🥰♥️♥️♥️
تسلم ايدك على الفصل التحفة ده ♥️
ودمتِ مبدعة ♥️♥️♥️


Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 01:06 PM   #902

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Nour fekry94 مشاهدة المشاركة
قريت الفصل قبل نزول الفصل الجديد بساعات الحمد لله لحقت نفسي واسفة جدا على تأخيري 🥺
تسلم ايدك الفصل رائع ❤
طويل ، دسم ، محوري ومهم جدا جدا وفي احداث رهيبة وحقايق انكشفت غير متوقعة تماما ❤❤
حسام ونونا خلاص كتبوا الكتاب فرحت بيهم اوي اوي و ياريت لو في مشاهد ليهم اكتر 🥰♥️♥️
رحيم الحقير ده ربنا ياخده حقيقي ازاي يعمل كل ده !! ده مفيش حاجة وحشة او فعل حقير معملهوش ! اعوذ بالله شيطان مش بني ادم !!
مشهد حازم ودكتور فؤاد ومشهد حازم و عمه سليم احلى مشاهد واهم مشاهد في الفصل حقيقي حبيتهم جدا جدا ♥️♥️♥️ماستر سين بالنسبالي ♥️♥️
شروق وحازم ليه الجفاء ده بينهم وليه هيتفرقوا 😭💔
ده احنا ما صدقنا والله 🥺
بس ان شاء الله مش هيتفرقوا على حاجة و اكيد شروق مش هتسمع كلام رحيم ولا هتعمل حاجة تأذي بيها حازم او تجرحه بعد كل الحب اللي حبهولها وبعد كل اللي بيعمله عشانها ♥️
السرد في مشهدهم رائع وكلام عينين حازم تحفة بجد دمعت وانا بقرا واتأثرت جدا 🥺🥺♥️♥️♥️
مستنية اوي اوي اعرف ايه اللي هيحصل في الفصول المتبقية وياترى رحيم هينال جزاءه ازاي نفسي اشوفه بيولع يارب 🙂🙂
و علاقة حازم وشروق هترجع زي ما كانت ازاي ♥️ واثقة فيكي طبعا يا مارو وعارفة انك مش هتخذليني 🥰♥️♥️♥️
تسلم ايدك على الفصل التحفة ده ♥️
ودمتِ مبدعة ♥️♥️♥️

وحشتيني يا نونا وشكرا على كلامك الجميل 😳😳
مش كتير بيتنبهوا لأهمية مشاهد فؤاد وتأثيره على حازم.. وانه مش بس الدكتور بتاعه.. ده كمان زي father figure بدليل أنه عزمه ع الفرح
وكان بيتجنب زيارته وهو بيعمل cutting لانه حاسس انه بيخذله


ف ذهني.. دكتور فؤاد المعادل الايجابي لشخصية رحيم.. علشان ميبقاش بيسمع من جانب واحد كلام سلبي.. لأ في ناحية تانية بتديله دعم وحكمة وأمل


الجفاء بين حازم وشروق سببه سوء ظن من الناحيتين واستنتاجات خطأ بس هنشوف هتتحل ازاي بقى ..

هانت اهو الروايى هتخلص وترتاحوا من عيالي 😭😭😭


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 04:39 PM   #903

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile10 الفصل الثالث والثلاثون - القسم الأول

الفصل الثالث والثلاثون
شروق


للكوارث مقدمات تسبق وقوعها الفعلي.. تجعلك تستشعرها وتكاد تتوقع اللحظة التي سيفتح فيها الجحيم أبوابه لتندفع ألسنة النيران صارخة في وجهك بغضب اختزنته سنين لتضعك في مواجهة أسوأ مخاوفك.. تلك التي كنت تتجاهلها وتقنع نفسك أنها لن تستيقظ من سباتها طالما أنك لا تتعاطى معها..

كمثل بركان خامل يموج بحمم سائلة حارقة من الداخل، بينما يبدو من الخارج كجبل مستوٍ راكد ألِف الهدوء واستكان له.. وعندما تغفل عن مراقبته، يعاقبك هو بانفجاره الذي يشتت ثباتك ويزعزع أمانك ويقلب نظام حياتك للأبد...

وأنا شعرت بتلك الذبذبات بالفعل.. ولكنني كنعامة مذعورة دفنت رأسي في الرمال خوفا من المواجهة، فلم أتسلح بما يلزم للتعامل مع الكارثة وتخطيها بدون خسائر..
فكانت النتيجة.. أن أخسر..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

طوال الأيام الأخيرة الماضية، كنت أشعر أن هناك علامة استفهام ضخمة تظلل حياتي كمظلة ضخمة حيكت من كومة من الأسئلة التي تبحث لنفسها عن إجابة، فتشكلت بتلك الهيئة وزرعت نفسها فوق رأسي احتجاجا على تلكؤي في إيجاد إجابات لها..

لم يبدأ الأمر منذ تلك الزيارة المفاجئة لمنزل عائلة حازم في بلدتهم - والتي خطط لها مع عمه دون أن يخبرني - بل بدأ قبلها بأيام..

منذ ذلك اللقاء الذي جمع حازم بعمه داخل منزلنا.. والذي تلا أيضا جلسته العاجلة مع دكتور فؤاد..
ذلك اليوم الذي اندفعت فيه لغرفة المكتب عندما سمعت أصوات الجلبة التي سببها تحطيم حازم للمزهريات، والذي انتهى بلقائنا الحميمي الأخير الذي بدأه حازم كبركة ذائبة من الشوكولاتة الشهية ليتحول بعدها إلى كرة جليدية مجوفة بلا معالم، دون أن يخبرني بما يعتمل بداخله أو ما تداوله مع عمه في تلك الغرفة..

كيف تحول من شعلة متقدة من العاطفة إلى جزيرة قطبية مقفرة!

كيف انقلب بعد يومٍ وليلة لغريب حرمني أشرعة احتوائه وأجنحة حمايته، بدلا من ذلك العاشقٍ المتميزٍ الذي يداعب تفاصيلي بكل حواسه، ويحفزها بشغف خالص مختلط بأسى غير مفسر كأنه ينهل آخر رشفة له من العسل قبل أن يُحرم من تذوقه للأبد..

نعم.. هكذا شعرت حين وضع حازم المسافات بيننا لتفصلنا آلاف المتاريس خلال الليالي التالية، فلا نجد نقطة للوصل..

تركني في قلب صحراء خالية لا يشاركني فيها صراخ أفكاري التي تنعق بذعر (ما الذي غيره؟)..
حازم أخذ يتعمد شغل وقته بالكامل كي لا يجد وقتا للفراغ يفرض عليه التواجد في محيطي خشية أن أواجهه أو أقيم جلسة استجواب هو في غنى عنها..

لكنني لم أيأس، حتى أنني تجرأت بإحدى تلك الليالي وقررت اعتماد نفس الخطة وارتداء غلالة جريئة أخرى، لكنه تعلل بالإجهاد جراء السفر المتتالي وخلد للنوم..

لقد رفضني صراحة.. ومنذ ذلك الحين، ارتفعت جبال الجليد بيننا وأصبح كلا منا منعزلا بذاته، فبدأ ينشغل هو بالخروج لمقابلة عمه ومحاميه وخالد كثيرا، وكأنهم يخططون لأمر جلل..

ثم وقعت الكارثة..

ذلك حين أتتني تلك المكالمة الهاتفية المذمومة من والدي..

لا.. بل كانتا مكالمتين..

بعد كل تلك الأشهر من الجفاء والتجاهل، عاد والدي للظهور مرة أخرى واقتحام حياتي التي استقرت بعيدا عنه..

في المكالمة الأولى، تحدث والدي بنبرة منغّمة تدّعي الحنو بشكل مفتعل لدرجة مثيرة للقرف، حين قال: "ابنتي الغالية.. اشتقت إليكِ.. حان الوقت للعودة يا صغيرتي.. هيا جهزي نفسك للعودة للمنزل أنتِ وزوجكِ.. امم.. لا بأس.. احضرا أخاه الكسيح معكما أيضا"..
وقتها سألته بنبرة منفعلة تنضح بالرفض: "لماذا يجب علينا العودة للمنزل الآن يا أبي؟ لن يوافق حازم.. وأنا..."
قاطعني أبي بغلظة، هادرا: "حازم سيوافق.. ينبغي عليه أن يوافق.. تصرفي.. يجب أن نرتب أوراقنا قبل أن يتم القبض علينا.. الآن بدأت المحاكمات ضد رجال النظام السابق.. وما هي إلا مسألة وقت حتى نقع.. كلينا.. تعلمين أن حازم شريكي في كل شيء..".
صرخت نافية: "لا.. ليس صحيحا.. أنت بنفسك أخبرتني أنه ليس مسؤولا عن الاعتداءات على المتظاهرين يوم موقعة الجمل"..
ضحك أبي ساخرا، ثم قال: "وهل صدّقتِ كل ما أخبرتك به ليلة زفافكما عن أخلاقه ونزاهته؟ كنت أكذب بالطبع.. أردتكِ أن تستكيني إليه وتكوني طوع بنانه.. لا أن تعارضيه وتختلقي فضيحة لي أمام الصحافة في وقتٍ حساسٍ.. خططت بذكاء كيلا تلاحقني أعين المتلصصين الذين يحاولون الإيقاع بي مثلما سقط النظام كله.. عليك أن تضعي بعض التعقل في رأس زوجك.. أنتظركما بالمنزل خلال أسبوع على الأكثر.."..


حين انتهت تلك المكالمة، تجاهلت كل الاضطراب الذي حاول أبي زرعه بداخلي بسبب تشكيكه في حازم من جديد بكلماته السامة..

قاومت بشدة منحه أذنيّ بعدما لمسته بنفسي من سلوك حازم بفعل معايشتي اللصيقة له طوال الأشهر الماضية، خاصة بعد أن عرفت عن مرضه وتأثيره عليه..

بالكاد نجحت في تجاهل كل مزاعم أبي.. ولكن بعد عقد قران حنان وحسام، وما تلاها من زيارتنا الغامضة لمنزل عائلة حازم، تغير سلوكه تجاهي وتحولت مشاعره تجاهي بشكل لا يمكن وصفه سوى بالبرود والجفاء، لكنني استجمعت شجاعتي وسألته عن سبب انزوائه، وكان رده وقتها هو ما زاد ارتباكي وحيرتي..

لقد صرّح حازم أنه وعمه متشككان بشأن علاقة أبي بوالديه الراحلين..

بالطبع يشك حازم أن والدي له علاقة بمقتل أبويه، خاصة أن أبي أبقاه في الملجأ رغم علمه بطريقة التواصل مع عائلته الحقيقية..

أما أنا، فكنت متأكدة من وجود علاقة فعلية جمعت أبي بوالده في وقتٍ ما في الماضي.. حيث أخذتني أفكاري إلى ذاكرة ليست بعيدة.. إلى تلك الليلة التي تلصصت فيها على مكتب أبي، وكان يتحدث لشخص مجهول عبر هاتفه، ووقتها قال لمحدثه (إذا لم يستمع لي سأجعله يلتقي بوالده في الجحيم أسرع مما كان يظن)..

إذًا أبي كان يعرف بالفعل هوية والد حازم خلال فترة وجوده في الملجأ، كما كان يعرف مصيره وأنه قد تُوفي بالفعل، ورغم ذلك لم يسعَ طوال تلك السنوات لإعادته لأسرته لكي يتربى في كنفهم ليعوضوه عن شعور اليتم والحرمان.

الآن لم تعد تسيطر عليّ سوى فكرة واحدة.. أن أبي قد تكون له يد فعلا في مقتل والديّ حازم.. وإلا ما كان أخفاه بملجئه، بل كان ليجمعه بعائلته بأسرع وسيلة كي لا ينشأ يتيما بلا هوية ويعاني ويلات الذل والقهر والشقاء، بل وتجبره الظروف على تحمل مسؤولية طفل آخر رغم أنه هو نفسه مازال طفلا ويحتاج لمن يرعاه..

ومنذ ذلك الوقت، بدأ عقلي يعمل بطريقته الخاصة في تشبيك الأمور، فكانت النتيجة النهائية التي توصلت إليها، أن حازم يتجنبني لأنه يشعر بالنفور تجاهي بعد أن بدأ يشك أن أبي هو قاتل والديه، ومنذ ذلك الحين أصبحت أنا أيضا أتجنبه بسبب شعوري بالخزي أمامه مما اقترفه أبي بحقه.. وربما بحق والديه أيضا..
رغما عني، بدأت أستسلم لحتمية الفراق..

وهل أتوقع منه أن يقبل الحياة تحت سقف واحد مع ابنة قاتل والديه ومعذبه الذي دأب على ابتزازه طوال حياته، ثم تسبب في إصابة أخيه بعاهة مستديمة؟

هل يتحمل النظر كل لحظة في وجه ابنة الرجل الذي لامست يده السوداء كل ما يخصه فأحالته إلى حطام؟

باختصار، وضعت نفسي مكاني، وتخيلت لو كان والده هو السبب في تشردي ونشأتي في ملجأ للأيتام أعاني يوميا من سوء المعاملة والتنمر خاصة مع مرضي النادر، فضلا عن كذب أبيه بشأن عائلتي وادعائه عدم معرفته هويتي الحقيقية، ثم إصراره على تأديبي المتكرر بالتعنيف الجسدي والإهانات الجارحة حتى بعد أن بلغت عمر الشباب.. وفي النهاية كان المتسبب الرئيسي في إعاقة الشخص الذي اتخذته أخا وشريكا وسندا يقف بظهري ضد تقلبات الحياة ويمسك بيدي حين يطول الطريق الوعر المليء بالعثرات..

لو كنت مكانه، لكنت نبذتني وتخليت عني بالفعل.... !

أستحق هذا الفراق الذي يلوح في الأفق بتياراته الصقيعية التي ستحرم روحي الدفء للأبد.. أستحق ذلك وأكثر..

بعدها ببضعة أيام جاءت المكالمة الثانية، حينها تحدث أبي بلهجة محببة زائفة، وقال: "كيف حال الزواج معك يا ابنتي؟ سمعت أن ذلك الوغد يدللك كثيرا.. خصوصا حين خضعت للجراحة"..
وقتها أجبته بضيق: "نعم.. هو يعتني بي جيدا.. على الأقل يهتم بي وبسلامتي على عكسك"..
رد هو بصوت ساخر: "أرى أنك أحببت الولد سريعا.. أم تُراكِ كنتِ تحبينه من قبل بالفعل؟ لماذا إذًا كنت تدعين أنكِ تمقتينه؟ يبدو لي أنكِ لعوب مثل والدتك تماما.. المهم أخبريه أن يأتي للعمل من الغد.. لدينا الكثير للقيام به، وهو أثبت أنه فتى مطيع وعلىّ أن أكافئه.. سأجعله شريكا فعليا لي منذ الآن فصاعدا.. ولا بأس إذا أصر على البقاء بمنزله المتواضع الضيق الذي يؤوي فيه كل الخائبين أمثاله"..
هنا، لم أتمالك نفسي، وهتفت بحنق ناري: "هو لن يعود إليك.. لقد طوى تلك الصفحة من حياته ولن ينظر للوراء.. خاصة بعد أن قابل عمه وعثر على عائلته.. واكتشف أنك كنت تحتجزه في ملجئك رغم علمك بهويته الحقيقية"..
انفعل أبي غضبا بكلمات لم أستطع تفسيرها من شدة هياجه، ثم تابع بنبرة أقل عنفا بعد أن أطلق ضحكة ساخرة بدت لي مفتعلة: "شروق أيتها الغبية، وهل صدقتيه؟ هل أقنعك بذلك الفيلم الهندي الذي سرده عليكِ؟ طبعا أخبركِ أني أقمت هذا الملجأ كترسانة أجهز فيها جيشي الخاص السري، لكنه لم يخبرك بالقطع أنه هو قائد هذا الجيش وهو من كان يدرب زملاءه ويحدد لكل فصيل منهم مهامه.. أنا اصطفيته وربيته ليكون ابنا لي وأنا من علمته تلك الألاعيب ليأتي الآن ويحيكها ضدي.. لكنه هذا المنحرف ناكر المعروف يلعب على الجهتين.. يوهمني أنه ذراعي اليمين وحين أطلبه لإنقاذي من الذئاب الذين يحاولون نهش لحمي الآن بعد سقوط الحزب، بدأ يتهرب.. يريد أن يقفز من السفينة المثقوبة مثل الفئران لينجو بروحه عديمة القيمة من الغرق.. أبدا لن يحدث".
كان أبي يلهث بفعل غضبه، فتوقف قليلا عن الكلام، ثم تابع: "لكنه من جهة ثانية، يظن أنه حذق ويمكنه تقويضي عن طريق استغلالك.. يحاول الإيقاع بك بين براثنه لكي تستسلمي له وتقعي في براثن غرامه المخادع ثم يهددني بكِ يا وحيدتي وقلب أبيك.. إنه الآن يحاول ابتزازي بقصة تشرده وضياعه عن عائلته، أملا في الاستيلاء على ثروتي.. ولكنني سأنتقم منه وأعيده ذليلا كما .. لن يفلت من بين يديّ.. إن كان أذكى رجالي قد خانني ويريد الفرار.. فأنا أمتلك ألف رجل يمكنهم أن يأتوني به مكبلا كصرصور إذا أشرت بإصبعي فقط.. لكنني أنا من أمنحه الفرصة ليأتي بنفسه دون إجبار.. لأن هذا هو مكانه الطبيعي.. أنا سميته خليفتي وعليه أن يكمل المشوار للنهاية وفاء لوالده الذي رباه على يديه".


كان ذلك قبل يومين.. وقتها كان رد الفعل الأول لي هو الهجوم على حازم بعنف لكي أخبئ عنه حقيقة أنني أعلم ما فعله أبي بعائلته..

كنت بالفعل عاجزة عن التفكير والتصرف الصحيح، فأخذت أضرب مسامعه بسياط كلماتي المؤذية لكي أبني جدارا من القسوة يحميني من الانهيار عندما تحين اللحظة التي أخافها..

أما هو، فقد وقف أمامي يتلحف بالصمت عاجزا عن الرد.. بل وقف جامدا يتلقى لهيب كلماتي بواجهة جليدية جعلته يشبه الزومبي.. حي يتحرك ويتنفس لكنه شبه ميت من الداخل.. وكأن مشاعره كلها أصبحت ساكنة ومخدرة..

ورغم حالة الجمود المسيطرة عليه والعصيان الذي أعلنته شفتاه ترفضان التعليق أو التبرير أو التقريع أو حتى الهجوم المضاد، كانت عيناه تشرحان قصة أخرى..

وكأن مقلتيه تحولتا لبوابة تعرض بصور ضوئية عالية الوضوح ما يعتمل بروحه من مشاعر ثقيلة يرزح تحت وطأتها، فلا تزيده إلا يأسا واحتمالا لقسوتي فيظل متسلحا بصمته..

للحظة، ترددت وتوقفت الحروف في حلقي.. ما بين رغبة في احتوائه بين أحضاني في عناق يخلصه من تلك الحالة ويعيده نابضا بالحياة ومغردا بترانيم الأمل، وبين صرخة يستفزني عقلي لإطلاقها كي أدفعه للتخلي عن وقفته كتمثال قُد من ألم عتيق عمره آلاف السنين.. فقط كي يبوح ويشاركني ما يعتمل بداخله..

ولكنني كنت موقنة أنني ما أن أسأله عن فحوى ما يمر به، فإن الإجابة ستكون إعلانا صريحا أن أوان الوداع قد حان..

تلك الفكرة تحديدا زادتني حنقا وغيظا.. لأنه لم يحاول احتوائي كما العادة.. كما لم يحاول التحرك لرأب الصدع الذي امتد بينا وكاد يتحول لفجوة هائلة ستبتلعنا معا إذا لم نتخذ حذرنا..

وكأنه قد ارتضى أن يكون الفراق هو خاتمة حكايتنا وأبى أن يقاوم.. وإذا كان هن سيستسلم هكذا.. كيف لي أن أحارب قراره وأجبره على التمسك بابنة الرجل المسؤول عن تدمير حياته بكل مراحلها..!!

بالنهاية، قررت أن أحذو حذوه، فأتجنبه كما يتجنبي حتى نجد اللحظة المناسبة للتفاهم من جديد..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 04:49 PM   #904

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile9 الفصل الثالث والثلاثون - القسم الثاني

حقا حاولت الالتزام بقراري، وصمدت بالفعل ليومين.. لكنني الآن لم أعد أستطيع تحمل هذا الجفاء المتبادل بيننا.. لقد اعتدت على رؤيته مقاتلا كالنمر طوال الأشهر الماضية.. وما أراه الآن يغير تلك الصورة تماما..

في الحقيقة، كنت أراه دوما كالبطل المغوار الذي دأب على مواجهة مصاعب الحياة بقامة منتصبة وعزم لا يلين، باستثناء تلك المرة التي خرج فيها من مكتب والدي خائر القوى مشعث المنظر يتوكأ على نفسه كي يتمكن من الحركة.. لكنني أراه الآن وقد عاد للأسف لتلك الهيئة دون أن يحاول حتى نفض الاستسلام عن نفسه..
وهذا يؤلمني. كثيرا..

ومنذ عدنا من رحلتنا للجنوب، أضحى وكأنه وتر مشدود على وشك التمزق.. وكل ما أخشاه أنه عند ارتداده، سيصطدم بي أنا، فيتسبب لي بندبة لا تبرأ ولنفسه بالهلاك..
لهذا لابد من المواجهة.. وليكن بعدها ما يكون..

حين هرعت إلى غرفتنا بالطابق العلوي التي كان هو يتحصن بها منذ الليلة الماضية، هالني ما ناظرته عيناي..

كانت عيناه تلمعان بشيء غريب، ونهرا الشوكولاتة بمقلتيه اشتعلا باحمرار حزين كفوهتين مستعرتين لبركان محموم تنفلت من بينهما الكرات اللاهبة .. ولكن ليس بالرغبة أو العشق، وإنما بتحفز يهدد بانفجار حمم من غضب في طريق من يقف أمامها ليتلقاها لاسعة محرقة..

غير أن هذا التوهج الخطر انطفأ حين تقابلت مآقينا بعد أن انتبه هو لاقتحامي خلوته المروعة، فماتت اللحظة وانقشع السحر ليعود الجليد يظلل الأجواء بيننا .

أغمضت جفوني لثوانٍ قليلة كي أهيئ نفسي مجددا للمواجهة وتحطيم الجُدر الجليدية.. وعندما فتحتهما مجددا، انتبهت لأول مرة للوضعية التي اتخذها حازم مفترشا أرضية الغرفة، وأمامه بعض كرات القطن والمطهر المنثورة بعدم اكتراث.. لكن الدماء غادرت أوردتي، فور أن وقعت عيناي على ذلك المشرط الجراحي الذي علقت به بقعة من الدماء..

أما هو، فكان ممسكا بقطعة من القطن المغمورة بالسائل المطهر، ومنغمسا في تطهير الشقوق الطولية التي أحدثها بباطنيّ قدميه والتي تسيل منها خطوط رقيقة من الدماء، بينما يحاول إخفاء عينيه التي أطلت منهما نظرات كسيرة يمتزج فيها الألم مع الخذلان..

حين رفع حازم عينيه ببطء ليبادلني النظر، كانت عيناه شبه ميتتين ونظراته تغلفها البلادة واللا مبالاة.. لا تعكسان حتى آثرا لشعوره بالألم من تلك الجروح المرعبة.. وكأنه لم يعد يستشعر أي شيء من حوله، بعد أن غادرت كومة المشاعر المتشابكة وجدانه مع الدماء التي ينزفها في صمت..

تحركت مسرعة وتهاويت على ركبتيّ وأخذت أصرخ به بلوعة وأنا أغرس أصابع كفيّ في عضديه وأهزه بعنف: "ماذا فعلت بنفسك؟ لماذا عدت لتلك العادة الدميمة؟ ماذا أفعل بك؟"..

سألني حازم بلا مبالاة وبصوت فاتر خامل لا يخفي ما وصل إليه صاحبه من يأس وقنوط: "ماذا تريدين يا طبيبة؟؟ لماذا أنتِ هنا؟ أليس عليك حزم بعض أغراضك ربما؟".

رفعت حاجبي بدهشة وعدم فهم، فتابع هو متطوعا بالشرح في تلك اللحظة الجنونية: "أقصد أنك بالتأكيد تريدين الآن الانضمام إلى أبيك بعد أن أمرك بالابتعاد عن ذلك الوغد الحقير الذي سيفسد حياتك ويهدمها بما أصر على فعله.."..

قلت بصوت ضائع متوتر: "أبي يقول إن كل ما رويته عن عمك واحتجازك بالميتم كان محض كذب".

قاطعني بصوت هادر تخنقه الاتهامات وخيبات الأمل: "إن كنت تصدقين خداع والدك بعد كل ما حدث بيننا، فلا فائدة للكلام وتفنيد ما لوث به عقلك"

توقف حازم عما كاد أن ينطق به من كلمات توبيخ لاذعة، وأخذ يهز رأسه يمنة ويسرى بيأس، لكنه تابع دون أن يمنحني الفرصة للرد عندما لاحظ أنني على وشك الحديث: "لقد عرّيت نفسي أمامك.. وأخبرتك أحلك أسراري وأكثرها خزيا، ولم أحتفظ بأي شيء لنفسي بعيدا عنك.. حتى احتمالية كوني لقيط.. كشفت لكِ تفاصيل مرضي وما عانيته بين أسوار الملجأ والجريمة التي تورطت فيها رغما عني.. أخبرتك عن كل لحظة مرت على حياتي سواء كانت مخجلة أو مؤسفة ولكنه بكلمة واحدة جعلك تصدقينه وتشككين في كل ما بيننا"..

تجمدت الكلمات في حلقي – على كثرتها – فلا أدري من أين أبدأ الرد على ما رسخ في ذهنه من قناعات..
زفر حازم بغضب بعد أن أصابه اليأس من أن أحاججه كما يبتغي، ثم جلس على ركبتيه، ربما لكي يخفي آثار الجروح على باطنيّ قدميه رافضا الظهور بمظهر الضعيف أمامي من جديد..

لقد شعر أخيرا أنني لا أستحق أن أكون وطنا لأسراره ومأوى له في أوقات انكساراته وعثراته..
يا إلهي.. هل خسرته بالفعل؟

تبدلت ملامح حازم من اللا مبالاة إلى العزم الصارم الذي يصل حد القسوة، فتابع بصوت غلب عليه الإحباط الممتزج بالحنق: "لقد أدخل رحيم الشكوك بقلبك بكل بساطة وببضع كلمات خائبة.. إذا كنتِ ستصدقين والدك الذي لم يسأل عنكِ مرة واحدة منذ وقعّتِ عقد زواجنا، فإن أي شيء سأقوله الآن لن يكن مقنعا لك.. لا بأس.. أنا أعلن استسلامي أمامك الآن يا طبيبة.. هيا احزمي أغراضك واركضي إليه.. لقد انفتح باب القفص أخيرا وانتهت محكوميتك.. لم تعودي أسيرتي"..

مهلا.. مهلا.. لماذا افترض حازم أنني صدقت ادعاءات والدي؟.. ولماذا يسارع بالتخلي عني هكذا؟
غلب غضبي صدمتي، فأذاب القبضة الجليدية التي تخنق الكلمات بجوفي، وبدأ رأسي يشتعل بما أنوي مواجهته به من حقائق كي يستعيد تعقله ويتخلص من حالته الانهزامية تلك..

ولكن لسوء حظي وحظه، وقبل أن أرد عليه وأحاججه في تلك الاتهامات المختلقة التي ساقها ضدي، ارتفع رنين هاتف حازم، فسحبه من جيبه الخلفي، وتلقى المكالمة..

لم يتكلم مطلقا.. فقط استمع قليلا لمن يحدثه من الجهة المقابلة، ثم رمى الهاتف، وأخذ يضحك بشكل هيستيري بينما أناظره بوجل ولوعة على ما وصلت إليه حالته من يأس..

حين انتهت نوبة الضحك المريرة، سألني حازم بصوت ضعيف تظلله نبرة اتهام وتأنيب تكاد تكون مستترة: "هل أخبرتِ والدك عن اكتشافي لعائلتي واعتراف عمي علي بي؟ ألم أنهكِ عن هذا تحديدا؟"..

في خضم توتري وقلقي، عجز عقلي عن صياغة ما دفعني لهذا الفعل وقتها في شكل كلمات منطقية، فاندفعت بكلمات قاسية لا علاقة لها بأي شيء، حيث قلت بغضب: "وأنا لم أكن أعلم أنك تنقل أسرار غرفة نومك لولي نعمتك.. حتى إصابتي بالتهاب الزائدة الدودية أخبرته به.. وأنا التي ظننتك رجلا يستحق الثقة.. وبدأت أصدقك"..

ضحك حازم بمرارة، ثم تنهد بأسى يمزق القلوب، بعدها قال بنبرة حانقة يختلط بها الاستسلام: "وأنا بحماقتي صدقت أن زواجي منك هو حل اللعنة.. نهاية عقوبتي.. والحال أنها لعنات أبدية ونيران لا يخبو سعيرها بدأت مع توقيعي على وثيقة الزواج.. فأنت قريبة جدا لكن بعيدة جدا.. لا تصدقينني مهما فعلت.. لا تثقين بي مهما قدمت.. لن تريني أبدا كما أنا.. لن أملأ عينيك أبدا.. سأظل بالنسبة لك شبح لعين يجوب الأرجاء كي ينشر الفزع والرعب ويحيل حياة الأبرياء لجحيم.. أما والدك فهو ولي نعمته المغدور بخيانة ربيبه"..

أطرق حازم رأسه وزفر بيأس، ثم تابع بنبرة منهكة وضع فيها آخر ما تبقى فيه من طاقة: "بالأساس يا شروق كان زواجي منك عبارة عن مجموعة من الأفخاخ المتراصة لضمان فشلي في النهاية وبقائي تحت سيطرة والدك.. كنت أقاومه وأنا أحاول أن أتطهر من أجلك.. فقط لأصبح لائقا بك.. لكن والدك كان على حق على ما يبدو حينما أخبرني أنه هو من سينتصر دائما.. وخطته قد أثمرت بالفعل ما أراده تماما.. آسف لأنني لوثتك بحقارتي.."..

طالعته بغباء غير قادرة على تفسير ما يرمي إليه لكن عينيه كانتا تقولان إن تلك هي النهاية التي كنت أتأهب لوقوعها.. لكنه بدلا من أن يتهمني بأنني ووالده تسببنا في تسميم حياته وتدمير عائلته.. أجده يعتذر لي عن حقارته؟

آية حقارة؟ ما الذي اقترفه حازم بحقي ويظنه ضربا من الحقارة؟

اشتعلت الأفكار برأسي حول عشرات الاحتمالات، فوقفت عاجزة عن الإتيان بأي رد فعل.. أحاول فقط أن أفهم ما يحدث لكن عقلي لسببٍ ما كان يعمل ببطء شديد في تلك الدقائق دون أنةيصل للنتيجة المرجوة..

ناظرني حازم بنظرات مجنونة بصمت تام.. وبالرغم من ذلك، استقر بعينيه عجزٌ ورجاءٌ وكأنه ينتظر مني تكذيبا لأمر مهول ومفجع لا أمتلك تفاصيله، فبدا كمن يحمل أثقالا غرق بها في قاع نهرٍ دون أن يجد وسيلة للطفو أو حتى سحب نفسٍ قصير إلى رئتيه يطيل عمره لبضع ثوانٍ إضافية.. بل قرر الاستسلام للغرق بعد أن قنع أنه لا جدوى من النجاة.. وحيدا..

وقبل أن يخرج من تلك الحالة الجنونية، رن الهاتف المنزلي الداخلي (الانتركوم)، فنهضتُ لالتقاط السماعة، ليأتيني صوت ماما سناء تقول بقلق واضطراب: "سيادة الرائد خالد هنا.. ومعه عدد من رجال الشرطة.. يريدون حازم"..

التفتت إليه بجذع، ثم هتفت بارتياع لم أسيطر عليه البتة: "خالد بالأسفل ومعه مجموعة من رجال الشرطة.. أنت.. أنت.. ماذا فعلت؟"..

نهض حازم متحاملا على آلام باطنيّ قدميه الممزقين، ثم جلس على أقرب مقعد وأخذ يضع جواربه ثم حذائه برتابة وعدم اكتراث، وتحرك متألما نحو الأسفل دون أن يخاطبني بكلمة واحدة، فأخذت
أركض خلفه بتوتر ومئات التوقعات تتصارع داخل رأسي حول ما يحدث..

حين وصلنا إلى غرفة الاستقبال بالطابق السفلي، كان خالد يتبادل الحديث مع حسام بانفعال واضح وخلفه بضعة رجال بعضهم كان بملابس الشرطة الرسمية..

سألت بانفعال: "ما الأمر؟"، فالتفت لي حازم وضيّق حاجبيه غضبا ورمقني بنظرة محتدة لينهاني عن الاستطراد دون أن ينطق بكلمة واحدة، ثم عاود النظر أمامه وهو يقول بنبرة هادئة: "أنا جاهز".. ثم ضم يديه معا ومدهما للأمام باستسلام..

كنت أنظر ببلاهة لما يحدث، ولم أفهم سبب تصرفه ذلك إلا حين وجدت أحد رجال الشرطة يتقدم نحوه وبيده أصفاد معدنية كان سيلفها حول معصمي حازم، لولا أن نهاه خالد بحزم: "لا داعي للأصفاد.. المتهم متعاون بالفعل وسيتحرك معنا وسأقوم بنفسي باقتياده لمقر النيابة من أجل الاستجواب"، ثم تحرك منفذا لكلماته بالضغط على مرفق حازم بكفه ليتحركا جنبا إلى جانب، وعينا حسام تتبعهما والغضب يشع منهما بشكل لم أره عليه من قبل..

غير أن ألسنة الغضب المتطايرة من عينيه لم تكن موجهة إلى خالد..
بل حازم..!

في تلك اللحظات، وقبل أن أتحرك نحوهما لكي أفهم ما يجري، كان حسام هو الأسبق.. حيث تحرك تجاه حازم.. وبدون كلام، بادره بنظرات قاتلة يشع منها الجنون ثم رفع قبضته وأطلقها بغتة في وجه حازم لاكما إياه بغيظ جنوني، قبل أن ينتبه أحد أو يتحرك لمنعه.. لأن أحدا لم يتوقع قيامه بهذا التصرف العنيف في هذا التوقيت بذلك..

فحسام الهادئ دائما.. المتقبل لأقداره بصبر قد فقد آخر زمام تعقله واستسلم للجنون.. تماما كأخيه.. وأنا الحمقاء العمياء بينهما.. مازلت لا أفهم ما يدري..

كان خالد أول من استفاق من الصدمة، فنهره معاتبه بقوله: "حسام.. هل جننت؟ ما هذا الحمق؟"..

هنا علت ضحكات حازم الجنونية بدون أن ينظر لأي منا.. وكأنه في عالم بعيد يخصه وحده ويفصله عنا آلاف الأمتار، أو كمن أحاط نفسه بسياج غير مرئي كي يحمي نفسه من الجميع بعد أن بلغ من الشعور بالخذلان مبلغه..

صاح حسام غاضبا: "أكان لابد أن تتحرك في سبيل الانتقام اللعين هذا؟ ألم يكفك أنك قد وجدت عائلتك الحقيقية التي تربطك بهم رابطة الدم.. فقررت أن تبتعد عني فعليا بتلك المغامرة المشؤومة؟ هل أنت راضٍ عن نفسك الآن بينما يتم اقتيادك للسجن؟ هل صدقت أن بإمكانك الوقوف أمام رحيم عماد الدين والانتصار عليه بكل علاقاته المتوغلة مع رجال النظام المنهار الذين نحاول الآن كشفهم للرأي العام وإقصائهم عن كل روافد السلطة؟ لقد أسأت التقدير يا أخي وعائلتي الوحيدة التي اخترتها بملء ارادتي، جانب حساباتك الصواب يا معلمي وقدوتي.. هذه هي المرة الوحيدة بحياتي كلها التي أشعر بها أن رهاني لم يصب"، ثم تركه وانسحب مطأطيء الرأس دون كلمة إضافية..

تابع حازم تحرك أخيه بنظرات متألمة، لكنه رفع أنظاره نحوي، وقال بابتسامة شبه ميتة: "حين أقدمت على ذلك الطريق.. لم تكن نيتي أن أظهر بدور الضحية.. أو أن أبدو كمن يُقدم على فعل انتحاري.. أو حتى كنوع من إيذاء الذات.. ما يحدث الآن هو النتيجة الطبيعية للعلاقة الموبوءة التي جمعتني بوالدك منذ اليوم الأول.. لقد دخلنا معنا مباراة للشطرنج منذ سنوات.. وهذه هي الجولة الاخيرة.. أنا حركت حصاني بالفعل، والآن جاء دور والدك للهجوم المضاد.. تصرفه كنت أتوقعه بصراحة وأنا جاهز له"

ابتسم بعدها حازم بسخرية، ثم تابع: "هكذا اشتعل الحماس بالمباراة.. وصار علينا أن نكمل اللعبة للنهاية.. حتى يقول أحدنا للآخر (كش ملك).. لنشاهد من سيسقط ملكه على رقعة الشطرنج ليُعلن الآخر فائزا.. هذه المباراة لا يمكن أن تنتهي بالتعادل أو حتى بانسحاب أحد الخصمين.. لابد من منتصر".

لم أستطع الرد.. لم يكن عقلي قد استوعب بعد ما يحدث.. من إيذاء حازم لنفسه من جديد، لتلك المكالمة الغامضة التي تلقاها وحطمت ثباته النفسي بهذا الشكل، ثم لكمة حسام لوجهه، ثم كلماته تلك.. ورجال الشرطة..

جنون.. ما يحدث ليس سوى لوثة من الجنون قد أصابتني..
أو ربما هو كابوس مزعج سأستيقظ منه بعد أن أعد ثلاثا..

أغمضت عينيّ وهمست بتعب: "واحد.. اثنان.. ثلاثة.." ثم فتحتهما..
لا.. لم يتغير شيء..
هذا هو واقعي منذ الآن ولن يمكنني الفرار منه بطرفة عين..

لقد بدأت المعركة، وعليّ أن أعد العدة لكي أحارب مع أصحاب الحق حتى ننتصر معا..
ولكن.. هل سيسمح لي؟

ولماذا أنتظر إذنه بالأساس؟ سأحارب من أجله وسأحاربه هو نفسه إن لزم الأمر..

استدار حازم متحركا نحو الباب وبجانبه خالد الذي التفت لي وهمس بنبرة قوية: "لا تقلقي يا شروق.. هذه مجرد خطوات إجرائية.. سنعيده إليك قريبا فور أن ينتهي الاستجواب.. كل شيء سيكون بخير"، ثم استدار ليسير موازيا لصديقه الذي تحرك معه دون حتى أن يشيعني بنظرة إضافية أستأنس لها حتى يعود لي..

بين غمضتي عين، اختفى من أمامي كشبح تحول لدخان مشتت بائس تاركا خلفه كومة ساكنة مقبضة من الفراغ..

وأنا.. أنا تهاويت على ركبتيّ في منتصف غرفة الاستقبال أغطي وجهي بكفيّ، علّي أحطم تلك الصورة الأخيرة التي التصقت بمقلتيّ.. صورة حازم وهو يخرج في موكب مخزٍ نحو سيارة الشرطة لاقتياده للنيابة..


يتبع
يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 04:56 PM   #905

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل الثالث والثلاثون - القسم الثالث

مر بعض الوقت وأنا على نفس وضعيتي الجامدة، إلى أن دخلت عليّ ماما سناء، وغمرتني بين ذراعيها، وهي تهدهدني بكلمات تبعث على قلبي المكلوم الطمأنينة.

ظلت تهمس لي أن كل شيء سيصبح بخير، إلى أن بدأت أصدّق ما قالته بالفعل، فاندفعت ناهضة، وركضت نحو غرفة نومي بحثا عن هاتفي..

حين أمسكت به بين يديّ، طلبت رقم والدي، وفور أن استقبل المكالمة هتفت به متسائلة بحدة لم أسيطر عليها: "ماذا فعلت يا أبي؟ لماذا قبضوا على حازم؟"

ضحك أبي باستهانة، ثم رد: "لقد تم الأمر إذًا.. شكرا لكِ لإبلاغي.. زوجك الأحمق هذا قدّم بلاغا للنيابة يتهمني بالاختلاس وغسيل الأموال والتهرب الضريبي والاستيلاء على أراضي مملوكة للدولة بوضع اليد دون الحصول على التراخيص والمخالصات اللازمة.. وأنا بدوري اتهمته بأنه المسؤول عن إدارة أعمالي ويتحمل المسئولية كاملة في تلك الاتهامات.. والآن سيتم التحقيق معه وسأستخدم كل نفوذ لي حتى تكون هناك أدلة إدانة ضده"..

صرخت بغضب: "مستحيل.. مستحيل.. لا أصدقك"، ثم أغلقت الهاتف قبل أن يعلق هو..

بعدها، طلبت رقم العم علي، وأخبرته باقتضاب ما حدث، فأخبرني ألا أقلق، وأن حازم كان يتوقع تلك الخطوة من جانب رحيم، ولديه ما يثبت براءته.. وطالبني بالتماسك والتحلي بالصبر لأن الأمر قد يأخذ بعض الوقت ريثما ينتهي استجوابه من جانب النيابة..

حازم سيقضي عدة أيام محتجزا حتى نهاية التحقيقات.. اللعنة عليك يا أبي.. لماذا يجب على الجميع أن يذوق وبال أعمالك ويتحمل ويلات زلاتك وذنوبك التي لا تفتأ ترتكبها دون اكتراث بتبعاتها؟..

صرخت بالعم علي بجنون: "عمي.. يجب أن أزوره.. جد طريقة لأزوره بالحجز.. لن أتحمل الانتظار حتى يعود لي.. يجب أن أزيل سوء الفهم الذي يغشى رأسه الآن".

وعدني العم علي بالعمل على تيسير زيارتي له بأقرب وقت، وحين أغلقت الهاتف ورميته جانبا.. كانت ماما سناء تقف مترددة أمام باب الغرفة، فحثثتها على الدخول..

تحركت ماما سناء للداخل وهي ممسكة في يدها بدفتر مذكرات بدى مهترئا وقديما للغاية، ثم قالت: "هذا الدفتر يخص والدتك يا شروق.. كانت تكتب فيه ملخصات يومية عن حياتها لكي تتدرب على إتقان اللغة العربية.. في الحقيقة نسيت أمره تماما حين ماتت هي وانشغلت بتربيتك.. لكنني عثرت عليه في غرفة مكتب والدك مؤخرا.. وفكرت أنك قد تكونين بحاجة لقرائته.. لتكن فرصة جيدة لكِ للتعرف على والدتك.. أعلم أن الوقت قد لا يكون مناسبا الآن في ظل كل ما حدث، ولكن أظن أن مطالعتك لمذكرات والدتك قد تشغل ذهنك قليلا عن التفكير فيما حدث اليوم "..

سألتها بتحفز: "أكان يحتفظ أبي به كل تلك السنوات؟ لماذا لم يعطه لي؟ كنت أظنه مخزنا ضمن أغراض والدتي
الخاصة.. وأنتِ يا أمي لمَ لم تعطيني الدفتر فور أن وقعت يداكِ عليه؟"

زفرت ماما سناء بإجهاد، ثم قالت: "حين جئت إلى هنا، كان هدفي أن أعطيه لكِ.. لكنني بصراحة انشغلت في كل ما حدث تباعا داخل هذا المنزل، إلى أن نسيت الأمر تماما.. ولكنني تذكرته اليوم وأنا أقوم بترتيب بعض الأغراض داخل غرفتي وكنت سأمنحه لكِ بعد الغداء.. لكن حدث ما حدث.. على كلٍ.. يمكنك البدء بالقراءة الآن وشغل وقتكِ إلى أن يعود لكِ زوجك"..

همست بقنوط كيلا تسمع ماما سناء: "هذا إن قرر العودة ولم يلفظني من حياته للأبد".

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

فتحت دفتر يوميات أمي، وأخذت أقلب صفحاته عشوائيا، لأجدها قد كتبت في إحدى يومياتها بخط منمق أنيق..

الثالث من أبريل 1984
حبي له تحول لشفقة..
هناك جنون برأس رحيم يصور له دائما أنه ليس الأول بنظري وليس الوحيد بقلبي.. وأنني لا أحبه كما ينبغي..
مهما حاولت أن أؤكد مشاعري نحوي، يزداد هو نفورا ويتهمني بالتلاعب والإغواء.. حتى أنه قد ابتدأ مؤخرا يُلمّح بالخيانة.. رغم أن سليم يحيا بسعادة مع زوجته وابنهما بسام.. وأنا أحاول حاليا أن أركز على رسالة الدكتوراه خاصتي ودروس اللغة العربية المكثفة، حتى أناقش رسالتي، ثم أتفرغ بعدها للحمل والإنجاب.. أشعر أنني بت مستعدة حاليا لأن أصبح أما لطفل جميل..


أخذت أقلب في الدفتر عشوائيا، حتى عثرت على منشور آخر:

التاسع من ديسمبر عام 1984
أعيش حاليا أجمل أيام حياتي وأسوأها بنفس التزامن.. لقد تم تشخيصي بمرض سرطان البنكرياس بنفس توقيت إعلان حملي تقريبا.. ورغم أنني رضيت بقضاء الله وعزمت على الاستمرار في حملي، ورفضت العلاج الكيميائي، إلا أن رحيم لا يرحمني..
لقد سأمت .. لولا الحمل لكنت تطلقت ورحلت لأسرتي في بودروم.. وللأسف لا أستطيع الاستعانة بصديقي الوحيد هنا.. سليم.. لأن هذا سيزيد شكوك رحيم حولي.. ولا أريد أن أورط سليم في شيء معي ورحيم بتلك الحالة من الشك والارتياب الجنوني..
الأخرق يتهمني بتفضيل الموت عليه.. يتهمني بمحاولة الهرب من أسره لي بالاستمرار في الحمل ورفض العلاج..
كلانا يعلم أن العلاج لن يكون مجديا في حالتي ولن يمد عمري بأكثر من بضعة أسابيع.. فقررت من جانبي أن أحافظ على الحمل بكل ما أوتيت من قوة.. على الأقل لأترك له ذكرى يحتضنها ويتشبث بها فتعيده للحب والحياة من جديد بعد أن تحول لوغد مريض بالارتياب..
أعيش حاليا المرحلة النهائية من حياتي برضا، وكأن نمو طفل جميل بداخلي لا يجعني أرى من العالم سوى زهوره وفراشاته بألوان قوس قزح المبهجة..
وأحاول جديا أن أجعل رحيم يتقبل فكرة اختياري عدم الاجهاض مقابل العلاج.. لكنه يظن أنني أفعل ذلك لأتخلص من حياتي معه وليس لأنني أريد أن أترك له قطعة مني..
للأسف رحيم مازال يعتقد أن مشاعري أسيرة إعجابي السابق بسليم الزين.. لا يدرك أنني قد فرضت على قلبي وداع بوادر الغرام الذي علّقني به في بداية تعارفنا.. وقبلت الارتباط برحيم بقناعة تامة.. وليس بعد أن نبذني سليم كما يظن هو..


أغلقت دفتر المذكرات وأنا ألهث بسبب كم المعلومات التي اكتسبتها بعد مطالعة تلك السطور القليلة..

هل كانت أمي بالفعل عاشقة لسليم؟ هل كانت خائنة كما يلمح أبي؟

لكنها نفت تماما أن تكون مازالت مشاعرها أسيرة هوى سليم.. بل إنها تؤكد أنها استمرت في الحمل لكي تتركني كذكرى لوالدي تخلّد حبهما.. فلماذا إذًا كان يقسو عليها ويتهمها بالخيانة ويتحدث عنها بنفور أمامي؟..

المذكرات.. البدايات..

الإجابة بالتأكيد بين ضفتي هذا الدفتر.. تختبئ بصمت داخل السطور التي خطتها أنامل أمي بعفوية..

أخذت أقلب في دفتر المذكرات إلى أن فتحت بدايته، وقرأت أول يومية تخطها أمي بأناملها..

العاشر من أكتوبر عام 1983
لقد مر نحو عامين على اللقاء الأول الذي جمعني بالمصادفة بكلٍ من سليم الزين ورحيم عماد الدين..
كان ذلك في قلب ميدان التحرير، بالقرب من كوبري قصر النيل، حيث كنت تائهة أحاول الوصول للمتحف المصري في مغامرة منفردة أردت من خلالها الاستمتاع بنزهة في القاهرة معتمدة على نفسي دون أن أطلب العون من بعض زملائي بالكلية، خاصة وأن علاقتي بهم لم تتوطد كثيرا بعد..
كنت حينذاك قد وصلت القاهرة منذ أسابيع قليلة، وبدأت دراستي المتعلقة بالماجيستير في ترميم الآثار الفرعونية..
في ذلك اليوم، كنت قد هاتفت عائلتي لكي أطمئن على أحوالهم، لكنهم ظلوا يلحون عليّ بالعودة إلى البلدة، رافضين فكرة أن أبني لنفسي حياة ومستقبل كاملين خارج حدود الوطن، وعندما أخبرتهم أن وطني أصبح هنا الآن، هددوا صراحة بالمقاطعة..
لم أكن أقسو على عائلتي، لكن طموحي بالفعل يفوق الحياة الريفية البسيطة بقلب البلدة، وشغفي الحقيقي هنا يعدني بأن أحقق كل أحلامي وأشبع هوايتي المجنونة بترميم الآثار القديمة.. فقررت أن أتمسك بحلمي وأحاول إرضاءهم بعد أن أنتهي من دراساتي العليا تماما..
وفي حركة تهور مني، أخذت أتجول بمحيط منطقة الأوبرا أملا في أن أصل وحدي إلى حيث يقع المتحف المصري، ولكنني حين تأكدت أنني قد ضللت الطريق، وجدت شابين يتسامران بجواري، فسألتهما بتلعثم وحرج وبلهجة مصرية غير متقنة نهائيا عن الطريق، فما زلت أدرس اللغة العربية بعد أن بدأت تعلمها في فترة دراستي بالجامعة ولم أعتد بعد على الحديث باللهجة المصرية الصرحية..
الشابان اندهشا من طريقة نطقي، لكنهما عرضا بشهامة توصيلي للمتحف في طريقهما إلى المقهى المفضل لهما في ميدان التحرير..
أخذنا نتبادل الحديث خلال رحلتنا التي قطعها ثلاثتنا سيرا على الأقدام، لأتعرف على سليم الزين الذي أخبرني أنه يعمل معيدا بكلية التجارة.. أما صديقه رحيم عماد الدين، فهو يشاركه مشروعه الاقتصادي الجديد استغلالا لسياسة الانفتاح وتيسير الأعمال التي تتبعها مصر مؤخرا..
بعدها بأيام، قابلتهما بالمصادفة في مقهى الجامعة الذي يقع بين مقريّ كلية التجارة وكلية الآثار، ثم تكررت لقاءاتنا بشكل أسبوعي..
في البداية تحركت مشاعري نحو سليم الزين، لكنني فوجئت أن رحيم هو من جاء يعترف بحبه لي ويطلب يدي، حيث ذكر عرضا أن سليم الزين سيخطب قريبته من البلدة..
حين تبددت أحلامي بأن يحمل سليم مشاعر مماثلة نحوي، وخاصة مع إعلان عقد قرانه بالفعل على قريبته.. وافقت أنا على الخطوبة من رحيم، لكنني أعلنت أننا سنؤجل الزواج والإنجاب لما بعد حصولي على درجة الماجيستير، خاصة وأنني كنت مرتبطة ببعثة تنقيب للآثار في مدينة الأقصر تدعمها منظمة اليونسكو..
والآن ونحن نستعد لزفافنا بعد عامين من ذلك اللقاء الأول، طرأت الكثير من التغيرات على حياتنا جميعا، حيث وضعت سمية زوجة سليم طفلهما الأول بسام.. أما أنا فقد حصلت على الماجيستير بالفعل، وسجلت للحصول على الدكتوراة..
لكن الخلافات بدأت تنشب بين سليم ورحيم، فأصبح الأخير عصبي المزاج برغم تحسن أوضاعه المادية كثيرا مؤخرا، فقد انتقلنا للإقامة في فيلا فاخرة في منطقة مصر الجديدة، وقرر هو أيضا افتتاح عدة مشروعات تجارية بعيدا عن شراكته مع سليم الزين، كما أنه قرر افتتاح ملجأ للأيتام، كعمل خيري يفيد المجتمع من جهة ويقلل من قيمة الضرائب المستحقة عليه من جهة أخرى.. وأمسى يحرص على إقامة حفلات ضخمة بشكل متتابع لكي يوطد علاقاته بعالم الأعمال والسياسة..
إذا كان هناك عيب واحد بشخصية رحيم، فهو أنه يفكر دائما بعقلية رجال الأعمال، ويضع ثمن لكل شيء.. حتى المشاعر..


إذًا، لاحظ أبي أن أمي كانت تميل بقلبها نحو سليم الزين، ورغم زواجهما وإخلاصها له، ظل يتهمها بشكل مستتر بالخيانة.. أو ربما صدمة مرضها هي التي دفعته ليختلق قصة الخيانة ويصدقها، لتفتر مشاعره قليلا نحوها حتى يصبح فقدانه لها أقل وطأة عند رحيلها..

أخذت أقلب بين صفحات دفتر المذكرات بنهم شديد بحثا عن المزيد من المعلومات التي تفسر شخصية والدي وتوضح علاقته بزوجته وصديقه المقرب وعائلته.. والتي بات متهما بأنه المتسبب في تدميرها بالتدبير لمقتلهم، واحتجاز الابن بملجئه لسنوات وإبقاء هويته مجهولة ليحول دون تسليمه لأهله..

حين لم أعد قادرة على قراءة المزيد من معاناة أمي مع شكوك أبي في إخلاصها لها وتقديره لشجاعتها باتخاذ قرار الاستمرار ف الحمل ورفض العلاج الكيماوي، وتلك الكلمات الأخرى التي تشكك في تورط أبي في مقتل والديّ زوجي، تركت الدفتر وهرولت لغرفة ماما سناء..

سردت عليها بعض التفاصيل التي قرأتها بالرواية، ولاحظت توترها عندما كنت أتحدث عن وصف أبي لوالدتي الراحلة بالخائنة..

نفس التوتر الذي سيطر عليها من قبل حين انضمت إلينا في بيتنا الجديد، لكنني وقتها لم أهتم كثيرا بسؤالها عن الأمر..

اليوم، عندما حاولت هي إخفاء توترها، واجهتها بسؤالي الصريح: "هل كنتِ تعلمين أن والدي يشك بمدى إخلاص أمي له وأنه يتهمها بعشق سليم الزين.. صديقه وشريكه؟ والذي هو بالمناسبة أيضا والد حازم الراحل"..

شهقت ماما سناء، وظلت فاغرة فمها لعدة ثوانٍ، إلى أن عاجلتها بسؤال غاضب: "لماذا لم يظهر هذا الدفتر سوى الآن؟ لقد ماتت أمي منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عاما.. فلماذا لم تمنحيه لي إلا الآن"..

بهتت ملامح ماما سناء من نبرة الاتهام المستترة بسؤالي، لكنها تمالك نفسها وأجابت: "والله يا ابنتي.. كان هذا الدفتر ضمن المصوغات الذهبية التي تركتها لكِ والدتك إلى جانب بعض التذكارات من بلدها لكي أمنحها لك كذكرى منها يوم زفافك بناء على وصيتها لي.. بالطبع كان زفافك سريعا، فلم أستطع جمع كل أغراضك وترتيبها من أجلك كما كنت أخطط.. وحين بدأت بالفعل في إعداد أغراضك عقب الزفاف.. اكتشفت غياب الدفتر ولم أمنح الأمر آية أهمية.. لم أرد منحه لكِ خلال سنوات صباكِ لأنني شعرت أنك مازلت صغيرة على قراءة تفاصيل مرض والدتك ومعاناتها مع والدك، والتي لابد ذكرتها في يومياتها"..

سألتها بضيق: "وكيف عاد الدفتر لحوزتك بعد؟"

قالت أمي بأسف: "تم ذلك بعد خبر تنحي الرئيس مباشرة، حيث كان والدك مستغرقا في حرق العديد من الوثائق والأوراق داخل غرفة مكتبه، وحين أدخلت له القهوة، طلب هو مني إخراج الدفاتر الموجودة بخزانته الرقمية المفتوحة، ووضعها على سطح المكتب، ثم انشغل بتلقي مكالمة هاتفية، وقتها لاحظت أنا الدفتر المغبر بلونه الأزرق المميز، وعندما مسحت عليه تأكدت أنه يخص والدتك، فاندهشت من وجوده هنا رغم أنني كنت من خزنته منذ سنوات داخل صندوق مصوغات والدتك في غرفة نومها مع والدك.. كنت أشعر ببعض الحيرة، ولذلك سارعت بحمله وإخفائه خلف صينية القهوة أثناء خروجي دون أن ينتبه والدك الذي كان ينظر من النافذة خلال حديثه المنفعل عبر الهاتف.. في الحقيقة لقد توجست حين وجدته مخبئا بخزانته هكذا، وظننته لا يريدك أن تكتشفي تفاصيل علاقته بوالدتكِ.. ولكن بعد الظروف التي تم بها زواجك، قررت أن آتيكِ به لكي تصبح كلمات والدتك المرحومة مؤنسة لكِ في حياتك الجديدة".

كلمات ماما سناء أشعلت الفضول بداخلي من جديد حول تصرف أبي الغريب وحرصه على إخفاء الدفتر طوال تلك السنوات..

لماذا أخفى أبي هذا الدفتر؟ هل كان غاضبا بسبب إفصاح أمي عن حبها لسليم.. أم محرجا من اعترافها بتشكيكه في إخلاصها وتلويحه لها بتهمة الخيانة بين الحين والآخر..

حين لم أعد قادرة على المزيد من التفكير.. أخذت جهاز (الآيبود) الموسيقي، وصعدت إلى الحديقة العلوية لكي أفرغ رأسي من سطوة التفكير في كل ما حدث اليوم من أحداثٍ غريبة، وأن أمنح عقلي هدنة بسيطة، قبل أن أعود من جديد لدوامة الأفكار التي تحكم قبضتها عليّ مؤخرا..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 05:01 PM   #906

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: الفصل الثالث والثلاثون - القسم الرابع

في الحديقة العلوية، تهاويت على إحدى الوسائد الأرضية، وأخذت أقلب بين الأغنيات المخزنة بمشغل الموسيقى خاصتي، حتى وجدت واحدة تناسب حالتي النفسية، فوضعت السماعة الضخمة على أذنيّ، ثم ضغطت على مؤشر التشغيل لتنطلق أغنية If Came The Hour بصوت Secret Garden و Tommy Körberg.. وأخذت أستمع لكلماتها وأبكي في صمت..

كان الشعور بالوحدة يتآكلني، مضافا إليه شعور غريب بأنني قد خذلت حازم.. صحيح أنه لم يمنحني الفرصة لأشرح له أو حتى أتحدث لكن منظره وهو مكسور الخاطر ويائس من القادم يفتت داخلي ألما..

ظللت أبكي بلا تحفظ.. لقد مرت أسابيع.. بل أشهر.. وأنا أتحامل على نفسي وأعيش في لغز لا ينتهي.. كلما شارفت على حله، أتت معطيات جديدة تزيدني حيرة واضطرابا..

طفقت أبكي على نفسي.. وعلى زوجي الذي عاش حياته كلها في كذبة لعينة.. وحُرم من عائلته.. وعلى حسام الذي تجسدت مخاوفه كاملة لحظة القبض على حازم، فعاد لذلك الطفل الصغير نزيل الميتم، والذي يشعر بالقلق والاهتزاز نتيجة احتمال اختفاء أخيه وحاميه من الصورة..

فتحت هاتفي على الصفحة الخاصة بمدونتي، وكتبت بغضب أول ما طرأ على ذهني: (لماذا لا يموت الأوغاد؟
لماذا يعيشون بيننا يدنسون حياتنا ويحولون فرحتنا إلى مآسي ويخطفون أحلامنا ويحيلوها لكوابيس مرعبة؟ ولماذا تستجاب دعوات الأشرار بدلا من الأخيار؟ أم تُراهم بدلاً من الدعاء والتمني.. يسخّرون كل طاقتهم في تحقيق ما يريدون.. فيحظون هم بنتائج أفعالهم أسرع.. ويتمتعون باحتكارهم للنجاح..
)

نشرت مدونتي السريعة بانفعال، ثم أخذت أصرخ بصوت مرتفع أخاطب الفراغ من حولي: "تبا لك يا حازم.. أنا أصدقك أيها الأحمق.. لم أصدق والدي مطلقا.. لكنني.. ظننتك تنفر مني أنا.. كنت أريد مناقشتك.. والآن ماذا أفعل بعد أن ذهبت؟"..

أخذت أمسح دمعاتي المتناثرة بنزق وغضب، حانقة على حازم بسبب تصرفه غير المتعقل..

كان عليه أن يتحدث معي بدلا من أن يستسلم وينسحب بتلك الطريقة.. لماذا يعتقد أن علاقتنا هشة الجُدر؟ ألم نقم سويا بتأسيسها خطوة خطوة؟ ألم نتعب كثيرا حتى نصل إلى نقطة متوازنة بين الحب والتفاهم..

بالسماعات المثبتة على أذنيّ، انطلقت أغنية Jar of Hearts بصوت Christina Perri.. أما أنا، فقد توقفت عن
البكاء واستسلمت فقط للبكاء، إلى أن شعرت بيدين تحيطان بي وتحتضناني بقوة..

فتحت عينيّ لأجد حنان جالسة أمامي، وتقف وراءها زينة وزاد.. وخلفهن يقف متنحيا للخلف.. حسام..

أشرت إليهم جميعا لكي يقتربوا، وأنا أمسح دموعي خلسة، بينما أدّعي الانشغال بإزالة السماعات وإغلاق مشغل الموسيقى..

وضعت الفتيات مجموعة من الوسائد الأرضية حول الأريكة المتأرجحة، وتهاوين عليها، فيما أشرت لحسام لكي يجلس بجواري نظرا لصعوبه جلوسه أرضا بسبب إصابة ساقي..

حين استقر حسام إلى جانبي، منحني ابتسامة مطمئنة وقال: "لا تقلقي يا شروق.. خالد والعم علي وسليم مع حازم الآن.. وبصحبتهم محامي مخضرم.. أنا آسف.. لقد تصرفت بحمق وسمحت لغضبي بالسيطرة عليّ بدلا من أساند أخي"..

أجبته بهدوء مدارية انفعالي: "بل كان تصرفك مفهوما.. والأمر جاء سريعا.. فلم تكن لديك فرصة للاستيعاب والتصرف السريع.. وكل ما يحتاجه حازم الآن هو المحامي.. أما نحن.. فيمكننا مقابلته لاحقا.. أو حين يخرج من الحجز.."، ثم سألته بتردد لم أستطع إخفاءه: "هو سيخرج قريبا.. ألن يفعل؟"

رد حازم بسرعة: "بلى بالطبع.. ما فهمته من خالد أن اتهامات والدك.. امم... كيدية ولا دليل لها، ولكنه كان يحاول كسب بعض الوقت حتى يرتب أوراقه، حتى أن النيابة تفكر في استدعائه مجددا واحتجازه إذا ثبت.. أن كل اتهاماته لحازم مجرد ادعاءات.. أعتذر لأنني أتحدث هكذا عن والدك.. ولكن هذا الوضع"..

أجبته بقنوط: "نعم.. هذا هو الوضع"..

قال حسام بتوتر: "حسنا.. سأنزل أنا الآن.. سألتقي سامح وسنتوجه لمقر النيابة.. لربما كان حازم بحاجة لشيء.. وأريد أيضا أن أعتذر له عن حماقتي قبل قليل".. ثم نهض مغادرا فتبعته حنان..

قالت زينة محاولة إضفاء بعض المرح على الأجواء الكئيبة: "حياتك مليئا بالأكشن يا شروق.. كل يوم موقف جديد.. وكأن عين الحسود أصابت زواجك من حازم بمقتل.. تارة تشتعل بينكما الخلافات وسوء التفاهم.. وأخرى تتعرضين فيها لأزمة صحية.. والآن هذا الوضع المتوتر.."

ضربتها زاد بمرفقها في ضلوعها، وهي تردد بنبرة موبخة: "ما هذا الذي تهزين به يا حمقاء.. أتعددين المصائب التي وقعت فيها المسكينة منذ زواجها؟ بدلا من أن تمنحينها بعض الطمأنينة؟"..

أخذت زينة تدلك ضلوعها وهي تردد ببساطة: "لا تضربيني على بطني يا غليظة.. قد أكون حامل"..

صرخت زاد بفرح: "وهل أنت حامل؟"

ردت زينة: "لست حامل.. ولكن قد أكون.. أقصد أنني لم أخضع لاختبار حمل بعد.. ولكن قد يحدث"..

هتفت زاد بحماس وهي تصفق بيديها: "الله.. سأكون خالة قريبا"..

ناظرتها زينة بغضب، ثم قالت: "ويمكنك أن تكوني أما إذا أردت"..

أطرقت زاد رأسها بأسف ثم قالت: "ليس قبل أن أحصل على درجة الدكتوراة في القانون الدولي.. لا أريد التضحية بمستقبلي المهني هباء".

هزت زينة رأسها إشفاقا ثم قالت: "على العموم ليس هذا الوقت المناسب لتلك المناقشة"، ثم ناظرتني
متساءلة ببهجة تخالف تماما الوضع الذي وجدتني عليه حين صعدت لهنا: "وأنتِ يا شروق.. هل أنت حامل؟"..

ناظرتها مبهوتة، ثم أفقت من دهشتي وأنا أملس على بطني برفق: "لا أظن.. أقصد لا أعلم.. يعني.. لقد خضعت لجراحة الزائدة منذ أسابيع.. ووقتها لم أكن حامل".

رفعت زينة حاجبيها، وقالت بنبرة متعقلة تغلفها البهجة: "ومع ذلك قد تكونين حامل الآن.. أدعو أن تكوني حامل لكي تمر فترة حملنا سويا".

عادت حنان للانضمام إلينا وهي حاملة صينية عليها بعض الشطائر وأكواب العصير وأطباق الفاكهة المقطعة، فوضعتها جانبا ثم جلست عاقدة ساقيها أسفل ركبتيها، وهي تتندر ضاحكة: "هل بدأ الحديث الآن عن الحمل؟ والله ظننت أننا جئنا لنرفه عن المسكينة في أزمتها ولكن يبدو أن المحادثة قد تطورت بسرعة"..

أجبتها بصدق: "أعلم أنكن تتعمدن الحديث في تلك الأمور لتشتيت تركيزي عما جرى اليوم، ولكنني أريد الكلام.. فأنا.. غاضبة".

رفعت حنان حاجبيها وتساءلت بدهشة: "غاضبة.. ما السبب؟"

لكزتها زينة، ثم عارضت موبخة بمزح: "بل قولي من السبب؟"..

رفعت حنان حاجبيها بدهشة، ثم رفعت صوتها بنبرة غير مصدقة: "هل أنت غاضبة.. من حازم؟ ماذا فعل ليغضبك؟ المسكين قيد الاحتجاز الآن بلا جليس ولا ونيس"..

نهضت من مقعدي، وأخذت أتجول في كل الأركان، ثم اقتربت منهن وصحت بنبرة حانقة: "هذا الأحمق لا يثق بي ويظنني أؤازر أبي ضده.. يظنني أتخذ جانب أبي وأثق به.. برغم كل ما مررنا به سويا.. أنا آسفة أنني أتحدث عن أبي الآن أمامكما بهذا الشكل وبعضكن تجهل تفاصيل ما فعله أبي بحقي وحق زوجي.. لكن ذلك الأحمق مازال يتشكك في قوة علاقتنا ويظنها أكثر هشاشة من بيت العنكبوت.. كاد أن يطالبني بالإسراع بالطلاق.. غبي"..

تنحنحت حنان، ثم قالت: "اجلسي يافتاة.. ستسقطين من التوتر.. هيا خذي كوبا من العصير ودعيني أتحدث قليلا"..

أحضرت وسادة أرضية زرعتها في بقعة خالية بين الفتيات ثم جلست عليها، وأخذت كوبا من العصير من الصينية، وبدأت أرتشفه على مهل، حين قالت حنان: "تعلمين أن وضع حازم شائك.. أنا لا أعلم الكثير من التفاصيل.. لكن ما أعلمه جيدا من معايشتي لكما، أن زوجك دائما يحمّل نفسه مسؤولية كل شيء ويلقى اللوم دائما على ذاته.. هو الآن يظن أن مجرد تحديه لوالدك ورغبته في محاسبته على ما جرى في الماضي ستكون كفيلة باختيارك الابتعاد عنه لأنه من الطبيعي أن يكون ولاءك لوالدك.. لذلك ما يحتاجه هو أن تطمئنيه أنك تدعمينه في سعيه نحو التحرر من والدك بالصورة القانونية المناسبة.. فنحن لا نريد أيضا لرغبته في الانتقام بأن تحطمه".

علقت زينة: "أصبتِ يا حنان.. أعتقد يا شروق أن سبب تصرف حازم المتطرف الآن هو شعوره بأنكِ لا تبادلينه الحب.. أو بالأحرى.. لا تحبينه بنفس مقدار حبه لك.. حازم يظن أنه من كان يتخذ المبادرات دائما في علاقتكما وأنكِ لم تحاولي مرة واحدة أن تعبري عن مشاعرك تجاهه"..

قلت بانفعال: "بل فعلت"، ثم أطرقت رأسي محاولة إخفاء تورد جبهتي خوفا من افتضاح مقصدي، فضحكت زينة بصوت مرتفع..

لقد فهمت اللبيبة.. أما حنان وزاد، فقد تبادلتا النظرات الحمقاء دون أن ينبسا بكلمة..

قالت زينة بعد أن سيطرت على ضحكاتها: "قد يظن مثلا أن هذا التصرف من جانبك كان لحظة احتياج معينة.. وليس تعبيرا صريحا وصادقا عن الحب.. من حقه أن يسمعها بأذنيه من بين شفتيك لكي يطمئن قلبي وتتبخر كل هواجسه عن الفراق الحتمي"..

مططت شفتيّ ضيقا، ثم قلت بقنوط: "ولهذا طلبت من العم علي أن ييسر مقابلتي له داخل مقر النيابة حتى نتبادل الحديث بصراحة ونزيل سوء التفاهم الأخير"..

تنهدت زينة بفرح، ثم قالت: "إذًا لا مشكلة الآن.. وبالتالي لا داعي لأن تجلسي هكذا ككومة الهموم.. هيا تناولي معنا الشطائر ولنثرثر قليلا حتى يطمئنا خالد عليه.. واعلمي أن عليك الاستمرار في المداومة على مناوباتك حتى تتخرجي في موعدك.. لا نريد تأجيلا.. فربما تكونين حامل بالفعل"، ثم غمزتني بشقاوة..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 05:08 PM   #907

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 الفصل الثالث والثلاثون - القسم الخامس



في المساء، جاء خالد لإعادة زينة للمنزل، وطمأننا أن حازم قد سلّم النيابة كل ما يثبت عدم تربحه نهائيا من مشروعات رحيم، وأن كل ما يملكه من مدخرات كانت نتيجة عمله بالوساطة لبيع العقاارات وكذلك ببيع وشراء الأسهم في البورصة..
وعنمدا سألته عن وضعه حاليا بعد التحقيق الأول، أكد خالد أن سليم الزين ومحامي آخر توليا تمثيل حازم أمام النيابة، وقدّما الأوراق التي تثبت عدم توقيعه على آية ورقة إدارية تفيد بمسؤوليته عن أي صفقة أو قرار إداري في الشركة، لأن أبي كشخصي نرجسي محب للسيطرة كان يحرص على أن يمهر كل عقد أو وثيقة بتوقيعه..
ما فهمته من شرح خالد، أن النيابة ستعمل حاليا على التحقق من صحة الأدلة التي قدّمها حازم ثم ستفرج عنه بعد مقارنتها بالأدلة التي قدّمها رحيم..
وألمح خالد بين كلماته عرضا إلى أن فريق المحامين الخاص بأبي والمدعوم من عدد من بقايا رجال النظام السابق يحاولون إنقاذه من تلك البلاغات التي قدمها حازم ضده أو على الأقل تحويلها لجنح ومخالفات مالية بسيطة تنتهي بالتصالح ودفع تعويضات ورد مبالغ مالية ضخمة لخزينة الدولة بدلا من تحولها لقضايا رأي أموال فتفتح أبواب الجحيم عليه وعلى غيره من رجال النظام السابق الذين يحاولون حاليا تجميل صورتهم بحملات دعائية براقة وإطلاق فضائيات ترفيهية لإلهاء الناس عن جرائمهم بحق الوطن وأهله..
وحين جاء سليم لاحقا بصحبة حسام، كان معهما أيضا السيدة والدة حنان وأخيها حمزة، حيث أصر عليهما حسام على المبيت لدينا الليلة لكي يؤنسوني متوقعا حاجتي لصديقتي في حالتي تلك..
بعد مغادرة الضيوف، واستقرار حمزة ووالدته وماما سناء وحسام بالنوم في الطابق السفلي، حيث أصر حمزة على النوم في غرفة حسام على الأريكة، بينما عرضت ماما سناء استقبال والدة حنان لتنام جوارها على سريرها.. أما أنا فقد أخذت حنان لتنام جواري في غرفتي القديمة التي كان حازم يخصصها من أجلي في بداية زواجنا، رافضة أن أسمح لأحد أن يتخذ مكانه إلى جواري على فراشنا..
أمضت حنان ساعات وهي تواسيني بكلمات ترفع من روحي المعنوية حتى استسلمت هي للنوم في النهاية بعد أن أجهدها السهر..
أما أنا، فأخذت أتفحص التقارير الإخبارية التي كانت عناوينها الرئيسية تتمحور حول الاتهامات العلنية المتبادلة بين أبي وحازم..
البعض أبرز خبر التحقيق مع أبي في قضايا تتعلق بالتهرب الضريبي والاختلاس وغسيل الأموال والتسهيلات المالية غير العادلة في صفقات كبرى، وجاءت أغلب التعليقات على تلك الاتهامات غاضبة ومندهشة من قرار النيابة بالإفراج عنه بعد أن حوّل كل التهم لتصب على رأس حازم إثر اتهامه له صراحة بتحمل المسؤولية كاملة عن كل تلك المخالفات المالية الجسيمة كونه المدير المسؤول لمؤسسة red الضخمة..
بينما تحدث البعض عن وقوع حازم ككبش فداء لأبي، في حين ربط البعض بين علاقة أبي وحازم المتضاربة على الصعيد المهني وما يوازيها من علاقة خاصة نتيجة زواجي من حازم، مما دفع البعض لاتهام أبي بالتلاعب بالشاب بالإصرار على زواجه من ابنته خلال فترة قصيرة لكي يقدمه للسلطات لتتم محاكمته بدلا منه بعد أن استشعر احتمالية سقوط النظام عقب مظاهرات يناير، فيما قال آخرون إن تحديد توقيت الزفاف بعد أحداث موقعة الجمل مباشرة بحرمة دعائية واضحة، جاء مدفوعا من رغبة أبي بإثبات أن البلد حالها مستقر وأن المظاهرات والاعتصامات غير مقلقة لأنها غير جماهيرية وتحركها قلة مثيرة للشغب..
بينما زعمت بعض الأقلام المروجة للشائعات أن زواجي من حازم كان بخطة من أبي بهدف نقل ثروته لزوج ابنته في إطار خطة محكمة لغسيل الأموال يتم من خلالها طمس كل أعماله غير المشروعة وغير القانونية، فلا يكون هناك وسيلة لتوجه آية اتهامات جنائية له لاحقا..
أما مدونتي، فقد لاقت العديد من التعليقات الغاضبة التي وصل بعضها إلى حد التجريح، حيث طالبني الكثيرون بالصمت وحجروا على حقي بالكلام والتعبير لأنني ببساطة ابنة المجرم سارق أموال الوطن..
بحلول ساعات الفجر، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي المختلفة بقصص مختلقة عن كون حازم وأخيه قد تربيا في الملجأ وأنهما مجرد لقيطين بلا أصل، انتشلهما أبي من الأزقة وحرص على كفالتهما والعناية بهما ليصبحا عنصرين أساسيين في تنقية صورة رحيم عماد الدين أمام الناس، بينما كانا يساعدانه في الخفاء على زيادة ثروته المتضخمة بمهارة أحدهما في المحاسبة والاقتصاد والآخر في الدعاية والإعلان..
بينما قال تقرير لعين إن حسام عبد القادر هو في الأصل مجرد مجرم التصق بالمتظاهرين خلال اعتصامات يناير حتى يكن جاسوسا عليهم، حتى أنه ادعى قصة تعرضه للإصابة بعاهة مستديمة لكي يحظى بالتعاطف والمساندة الشعبية ويتلقى الكثير من الإعانات المالية للإنفاق على علاجه من إصابته المزعومة ، وألمح التقرير زورا إلى أن ساق حسام سليمة ولا تعاني من أي سوء..
وذكر أحد الأقلام الملوثة التي تزعم انتماءها لشباب الثورة أن حساما قد أخذ تبرعا من جهة خارجية حتى يشتري فيلا مماثلة لتلك التي نقيم فيها حاليا لكي يتزوج فيها، واللعين قد نشر صورة عقد الشراء بالفعل..
من أين علم هؤلاء بقصة شراء حسام لفيلا مجاورة لبيتنا لكي يتزوج حنان بداخلها بعد تخرجنا؟.. وكيف وقع العقد في حوزتهم بالأساس؟..
هناك حملة مقصودة لتشويه سمعتنا جميعا.. ولابد من أن نرد فورا..
ولكن، من الممكن أن يمتلك هذا القدر من المعلومات عن حياتنا ليخرجها للعلن مع إضافة تفاصيل كاذبة تقلب الناش ضدنا وتشوه سمعة حازم وحسام؟
أبي.. تبا..
لكنني لا أظن أن أبي هو وحده من كلّف كل تلك المواقع والمنصات بنشر تلك التفاصيل المغلوطة..
أقصد بالتأكيد، هو من وصل لعقد امتلاك المنزل الجديد وهو المسؤول أيضا عن تسريب المعلومات الخاصة بمكان نشأة حازم وحسام.. لكنه لن يتطوع ويروج للقصص التي تقول إنه يستخدمهمت لتلميع صورته..
من يا ترى المسؤول عن ذلك؟
وكأن هناك مجموعة من المأجورين قد تلقوا مكافأة مادية من أجل تعمد تشويه سمعة حازم وحسام بتلك المنشورات الزائفة..
أيقظت حنان من نومها لكي تطالع سلسلة المنشورات المكذوبة، فصاحت مرتعبة بعد أن انتهت من الإطلاع على تلك التقارير: "تبا لهؤلاء الكاذبين.. كيف يشوهون حياة الناس هكذا، ويحوّلون البطل بمحض مغالطات وأكاذيب إلى متطفل مدعٍ أفّاق؟.. إذا وصل الأمر لأعمامي ستكون كارثة.. كان حسام يريد إخبار عمي جمال بحقيقة نشأته.. لكنني نهيته وأكدت له أنه لا داعٍ لذلك.. على الأرجح سيظن أعمامي أن حسام شخص كاذب"..
أمسكت يدها بقوة، وقلت بصدق: "لا تقلقي.. إذا وصل الأمر لهم، سنواجههم معا.. أنتِ رسميا زوجة لحسام.. لا تخشي شيئا".
هرب النوم من عينينا بعد ذلك، فأمضينا الساعات التالية نقرأ القرآن وندعو الله أن تمر تلك الأزمات المتلاحقة على خير..
في الصباح، تلقى حسام مكالمة هاتفية شامتة من علياء حبيبته السابقة..
تلك اللعينة شاركت طوعا في نشر الأكاذيب عنه والإساءة إليه بمنشوراتها بعد أن وصل إليها نبأ عقد قرانه.. بل إنها اعترفت له بكل حقد أنها تحدثت إلى عدد من أصدقائها المحررين الصحفيين في عدد من المواقع الإخبارية الناشئة، وطلبت منهم نشر بعض القصص التي سردتها لهم عن مرض حسام، موضحة أنها هي صاحبة الشائعة الخاصة بإدعائه المرض، والثانية الخاصة بشأن عمله بالدعاية لصالح أبي
كما كشفت له أيضا أن عدد من الشباب الذين يريدون الحصول على الشهرة والتربح من مشاركتهم بالتظاهرات، قد سردوا الأكاذيب عن حياته، بعد أن أوغرت الغيرة صدورهم ضده عقب الإعلان عن مشروعاته السينمائية التي سيحقق من خلالها حلمه ككاتب سينمائي..
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فإنه قد تلقى بعدها مباشرة مكالمة أخرى غاضبة من الحج جمال، يؤكد له أنه في القطار حاليا وشارف على الوصول إلى العاصمة برفقة الحج اسماعيل كبير العائلة واثنين من أخوال حنان بغرض وضع النقاط على الحروف بعد كذبته الصادمة بشأن نشأته..
كان الواضح من نبرة صوت الحج جمال أن هناك حالة عامة من الغضب لشعوره بخداع حسام له، لكن تصرف الأخير كان مذهلا..
لقد سارع حسام وهاتف عمته وأخبرها بنبرة لا تحتمل المساومة أو المهادنة: "عمتي أنا أحتاجك الآن.. للمرة الأولى والأخيرة أطلب منك العون.. فهل ستأتين؟"، ثم شرع يمليها عنوان الفيلا ويخبرها أن تأتي فورا..
بعد حوالي ساعتين، وصلت السيدة زينب عمة حسام، وبعدها وصل العم علي وسليم بعد أن هاتفتهم وشرحت لهم ما حدث رافضة أن يواجه حسام غضب أهل حنان بلا سند في غياب أخيه..
حين وصل أخيرا أقارب ، ازداد غضبهم لأنهم تفاجئوا بمبيت حنان وأسرتها لدينا الليلة الماضية، فصارت الأجواء مشتعلة وتشي بالكثير من التوتر التي لا يملك معها المرء سوى رفع دعواته لله كي تمر الأمور على خير وبدون خسائر..
في البداية، تحدث الحج جمال بنبرة هادئة موبخا حسام لإخفائه مسألة نشأته في الملجأ، فتدخلت العمة زينب فورا، وقالت بصوت هادر: "ابن أخي يرفع الرأس ويشرّف أي مكان يتواجد به.. لقد حدثت مشكلة منعتني من العودة للوطن لاستلامه عندما تُوفي أخي رحمه الله وزوجته.. فقد تم اعتقال زوجي في نفس التوقيت تقريبا بداخل البلد التي كنا نعمل بها، وصرت مسؤولة عن تنشئة أربعة أطفال بمفردي، وكان راتبي الشهري بالكاد يكفيني، بل لا يكاد يكفي لثمن الطائرة وقتها.. حتى إرثي الصغير من قطعة الأرض التي تركها والدي رحمه الله، كنت قد بعتها وأنفقت ثمنها على المحامين من أجل إخراج زوجي من محنته.. لكنه مات بالسجن.. وضاع كل شيء، ووقتها لم يكن أمامي سوى رعاية الأطفال الأيتام.. ".
تنهدت السيدة زينب بأسف، ثم تابعت: "أما حسام.. فقد علمت بوجوده في الملجأ وقلت إنه وضع مؤقت حتى تتحسن ظروفي وأعود لاستلامه، لكن مرت السنون، وعندما نجحت بالفعل بالعودة للوطن كان هو قد كبر وصار ملء العين والبصر تبارك الله منهيا شهادته الجامعية بتفوق.. حاولت مرارا التواصل معه لكنه كان غاضبا مني وله كل الحق.. أنا آسفة يا حسام على كل ما مررت به بدوني.. لكنني كنت أشعر أنني عاجزة.. كان تفكيري ضيقا بسبب الفقر والخوف من المستقبل.. أعلم أنك لن تسامحني.. لكنني سأظل أعتذر لك طوال حياتي"..
لكنها تمالكت نفسها، وقالت بنبرة فخور: "والآن هو خريج إعلام وصحفي حر يتقن أكتر من لغة ومشروع كاتب سينمائي ناجح، كما أنه مناضل ثوري عنده آلاف المتابعين.. وإذا قرر أن يرشح نفسه ف الانتخابات البرلمانية المقبلة سيكسب دون شك، لكنه هو من يمتنع عن الانغماس المباشر في عالم السياسة رافضا الانزلاق وراء فتنة الشهرة".
ناظرها حسام بنظرات دافئة تسللت إليها الدهشة، عندما اكتشف أن عمته ظلت تتبع مسيرته عن بعد برغم جفائه نحوها ورفضه للتواصل معها.. فمنحها في النهاية ابتسامة خجول..
تنحنح العم علي والتقط طرف الحديث قائلا: "أما أنا، فقد فقدت ابن أخي بعد الحادث الذي تعرض له والداه ولم يتم وقتها الاستدلال على عائلته، وبالتالي فهو أيضا تربى مع حسام بنفس الميتم بترتيب قدري من رب العالمين لكي يعتني كلا منهما بالآخر ويصبح عائلته وسند، والآن صار رجل أعمال ناجح وبطل رياضي سابق ومتزوج من طبيبة وسيدة فاضلة.. كلاهما شابان رائعان.. لقد كُتبت لهما النجاة من حياة قاسية نجحا في التخلص من آثارها والنهوض بحياتيهما، وواجبنا الآن مساندتهما بدلا من نبذهما ومعاملتهما بطريقة مستهينة.. لا أظن أنه من العدل أن نتركهما يتحملان نتائج أخطاء الآخرين ومصائب القدر طوال حياتيهما".
قال الحج اسماعيل بصلف: "حتى إذا تغاضينا عن قصة الملجأ.. ما قصة افتعاله الإصابة للحصول على إعانات ومساعدات"..
هنا هتف العم علي منفعلا بحزم: "حسام لم يحصل على قرش واحدٍ من أحد.. نفقات علاجه تحملها أخوه حازم، ولو كان حازم هو من وقع في تلك الأزمة لا قدر الله، فإن أخاه حسام كان سيقف بظهره.. أنا أثق بذلك"..
انفعل الحج اسماعيل وهتف بضيق: "هو لا يستحق ابنتنا.. لقد كذب علينا حتى يستفد من ورائها"..
هنا صاحت حنان منفعلة: "عفوا يا عمي.. كيف سيستفيد حسام من ورائي، وقد أجبرني على التوقيع على التنازل عن نصيبي في إرث والدي؟"
في تلك اللحظات، أطرق حمزة رأسه خجلا غير راضٍ عن الفجوة التي زرعها أعمامه بينه وبين شقيقته دون ذنب له..
تابعت حنان بضيق: "كيف لا يستحقني، وقد حدثت إصابته لأنه دافع عن امرأة كادت أن تسقط تحت أقدام الخيل ليمزق أحشاءها بسنابكه؟ كيف لا يستحقني وقد وقف في وجه الظلم رغم ضعفه ليطالب بحقوق ملايين؟ كيف لا يستحقني بعد أن عاش حياة مريرة بائسة لكنه خرج منها إنسانا سويا منتجا حقق مجموعا عاليا لكي يلتحق بكلية الإعلام ويحقق حلمه في العمل كصحفي وكاتب.. أثق أنه سيصبح من ألمع الأسماء قريبا.. والله يا عمي أنا أرى أنني من لا تستحقه بعد أن..".
شهقتُ بذعر عندما أدركت أن حنان كادت تتفوه بسرها أمام الجميع وتعترف بتفاصيل الفضيحة التي تم السيطرة عليها بالكاد، لكن حسام كان الأسبق برد فعله، حين هتف بحزم يمنعها من الاستطراد: "حنان.. اصمتي"..
أطرقت حنان رأسها بأسف، بينما بدأت دموعها تنساب وكأن طاقة الغضب التي أفرغتها للتو قد أنهكتها وتركتها خاوية فاستسلمت للبكاء بانهيار، لتركض والدتها إليها تحتضنها وتهدهدها، لكنها تمالكت نفسها قليلا، لتتابع بنبرة باترة: "كنتم دائما تحركونني كيفما شئتم وأنا أنصاع ولا أعترض.. ولكن حان الوقت لاتخذ قرارات حياتي بنفسي.. أنا امرأة بالغة وفي عصمة رجل راشد ملء العين والبصر.. لن أترك زوجي في محنته وأرفض الانفصال عنه.. وأنا أفتخر به بكل تفاصيل حياته ومراحلها ولن أتخلى عنه"..
هنا تحدث الحج جمال لأول مرة بعد أن حدج حنان بنظرة صارمة أرجفتها: "رغم أنني غاضب بشدة من الطريقة التي تحدثتِ بها مع عمك الأكبر يا حنان.. لكنني لن أنكر سعادتي أنك أخيرا قد قررت التعبير عما بداخلك بدلا من الخنوع والقنوط الذي كنت تواجهين به أغلب المواقف منذ وفاة والدك رحمه الله.. وإن كان هذا هو التأثير الإيجابي الوحيد لحسام عليك.. فأنا أرتضيه زوجا لك"، ثم توجه نحو أخيه الحج اسماعيل، وأخذ يحدثه همسا ببعض الكلمات، حتى قال الأخير في النهاية: "لا بأس يا حنان.. هذا اختيارك.. لكن اعلمي أنه منذ أن وقفتِ أمامي ورفعتِ صوتكِ هكذا بلا حياء.. صار التدخل بينكما مرفوضا تماما من جانبنا.. فلا تأتي شاكية باكية نادمة إذا أساء لكِ بعد ذلك"..
تدخلتُ في الحديث لاول مرة معترضة بحدة: "لن يسيء لها أحد أبدا.. أخي حسام إنسان مهذب وخلوق ومثقف.. كما أنني لن أسمح لأحد بإيذاء حنان أبدا"..
ضحك الحج جمال وشاركه العم علي الضحكات، قبل أن تعلن ماما سناء أن طعام الغداء صار جاهزا للجميع..
جلس الكبار بغرفة المائدة، بينما جلسنا نحن الشباب في غرفة الجلوس، ونحن نتحدث ونتسامر، وهنا تحدثت حنان بنبرة راجية: "حسام.. يجب أن تتصالح مع عمتك.. لا أطيق أن تقطع صلة الرحم بقرار فردي مهما كانت المشاكل بينكما.. كفى قطيعة.. لا أقول لك التقيها يوميا، ولكن لا تغلق باب التواصل معها.. قابلها بين الحين والآخر وهاتفها كل شهر مرة"..
قال حسام بنبرة هادئة مداريا شعوره بالحرج: "سأفعل.. يكفي أنها جاءت فور أن طلبتها.. على الأقل لم تتخلى عني الآن كما فعلت في الماضي"..
قبل رحيل أقاربها، استأذنت حنان أعمامها أن تستمر مع والدتها وشقيقها بالمبيت معنا في البيت لحين عودة حازم، فوافقوا على مضض..
أما العم علي، فقد أخبرنا قبل مغادرته مع ابنه أنه قد شرح لعائلة حنان أثناء تناول طعام الغداء حقيقة وضع حازم وسبب المشكلات بينه وبين والدي والتي وصلت لحد تبادل الاتهامات قانونيا..
حين غادر الجميع، انشغلت أنا بتفحص شبكة الانترنت لأتابع تطورات الاتهامات الموجهة نحو حازم وأخيه، لأجد أن سهام الإساءات قد توجهت نحوي، حيث اتهمني البعض بإدعاء الوطنية بينما أنا ابنة رجل خان الوطن واستحل ثرواته ليكتنزها لنفسه بصفقات مشبوهة، حتى أن البعض تطرف بالمطالبة بمحاكمتي بتهمة الخداع ونشر الأكاذيب عبر مدونتي.. فيما اتهمني البعض الآخر بكل وقاحة بأنني قد نظمت حفل وداع عزوبية أسطوري لصديقتي خطيبة ظابط الشرطة المتقاعس عن عمله، والذي استغل فترة الاعتصامات لكي يحتفل بزفافه بدلا من السهر على أمن وسلامة المواطنين، زاعمين أنني قد أنفقت على الحفل مئات الآلاف من الجنيهات وأحضرت قطع ديكور غالية للاحتفال ببذخ، وتجاهلوا تماما ذكر بطولة خالد وتفانيه في عمله الذي تعرض خلاله لإصابة شديدة..
صدمتي من تلون الآراء وانقلاب الأشخاص بتلك الصورة جعلتني أجلس صامتة بلا كلمة ولا حركة.. لم أقو حتى على الدفاع عن نفسي بتفنيد الأكاذيب وسرد الحقائق..
حين ركنت إلى بعض النوم، لأتهرب من كل المصائب التي قلبت حياتي خلال أقل من يومين، اقتحمت حنان الغرفة، وهي تصيح مندفعة: "شروق.. شاهدي ماذا فعل عمرو من أجلك.. هيا استيقظي"..
نهضت من شبه السبات الذي كنت أحاول الهرب إليه، لأشاهد حنان ممسكة باللوح الرقمي الخاص بحسام، وهي تطالع من حسابه مقطع فيديو يظهر فيه عمرو كساب، فرفعت الصوت لأجده يسرد ما حدث يوم الخامس والعشرين، وكيف أنني أنقذته من الاعتداء العنيف، ثم جاء زوجي وأنقذ حياتينا سويا، وأرسله للمستشفى ثم أخذني للمنزل لتلقي العلاج.. كما حكى عن علاقته بحسام، وصداقته القوية معه، وذكر تطوع حسام في المشروعات الخيرية، كما فنّد الادعاءات التي تقول إنه قد ربح مشروعه السينمائي الأول بسبب إصابته التي يتكسب منها وذلك بعد أن استعطف منتج العمل، نافيا كل تلك الإدعاءات، ومؤكدا أن حسام قد قدّم سيناريو رائعا نجح من خلاله في إقناع أحمد خالد توفيق بتنفيذه برؤية سينمائية بدون أن يحصل على أي نظير مادي..
كما وبخ عمرو بلهجة حاسمة كل من يسيئون لحسام، مؤكدا أن تلك الاتهامات المتبادلة بين شباب الثورة بمختلف أطيافهم الفكرية ستزرع حالة من عدم الثقة تؤدي في النهاية إلى عزوف الناس عن دعم الثورة وشبابها، ومؤكدا أن حسام لو كان يريد التربح من إصابته لكان الآن يمتلك شقة فاخرة وسيارة باسمه مثل غيره ممن تاجروا بمواقفهم الثورية وأصبحوا وجوها إعلامية عبر الفضائيات التي انتشرت فجأة مؤخرا..
كانت التعليقات على الفيديو مبشرة، حيث دافع أغلبها عني وعن حسام.. وحتى عن حازم، مؤكدين أن رحيم هو الوحش الذي يتلاعب بالجميع وأنه فقط من عليه تحمل نتائج أفعاله الشيطانية..
أخذت أقلب بين صفحات التواصل الاجتماعي، لأجد منشورا آخر يخص سامح صديق حسام المقرب وأحد المصورين الذين وثّقوا أحداث الثورة بعدساتهم..
تضمّن المنشور مجموعة من الصور لي برفقة حسام داخل الميدان، والتي قام بالتقاطها في ذلك اليوم الذي سبق يوم تعرض حسام لإصابته..
أظهرت الصور بوضوح كيف كنت أتفحص المصابين وأحاول علاجهم، وبيّنت أنني لم أكن أستعرض بالوقوف في مواجهة الكاميرا بل كنت أعمل بخفة وسرعة حتى أنتهي من مهمتي وأرحل نحو مصاب آخر..
وامتلأت التعليقات بشهادات عدد من الأطباء المتطوعين الذين عملوا إلى جانبي في المستشفى الميداني يوم موقعة الجمل، وكلهم دافعوا عني ورفضوا الإساءة لشخصي مؤكدين أنه لا يجب محاسبتي مع أبي بنفس الطريقة ووضعي معه في نفس الكفة، لأنني مسؤولة عن أفعالي أنا فقط، والصور توضح أنني أنحزت لجانب الثورة وليس لرجل النظام الذي هو في نفس الوقت أبي.. وهذا شيء لا يد لي فيه.. بل إنني تزوجت الرجل الذي يواجهه الآن ويحاول إثبات فساده..
وأخيرا وجدت زينة تشارك عبر صفحتيها الرسميتين عبر "تويتر" و "فيسبوك" الرابط الخاص بأحدث مقالاتها التي تفند فيها الاتهامات الخاصة بحفل الحناء، وذكرت فيه كل الحقائق، مستشهدة برصيدها لدى الناس كصحفية نزيهة كانت دائمة تنحاز للفقراء والمستضعفين، كما نشرت صورا لزوجها من داخل المستشفى حين كان في بداية التعافي من الرصاصتين اللتين كادتا أن توديا بحياته لولا العناية الإلهية، كما نشرت أيضا صورا لوالده اللواء عماد الكومي ملقية الضوء على أبرز بطولاته في تاريخه المهني كواحدٍ من أكفأ وأنزه رجال الشرطة في مصر مستعرضة دوره في مكافحة الإرهاب في فترة حساسة من تاريخ الوطن.
وقامت أيضا بنشر صورة من عقد بيع حسام لإرثه الصغير في قريته حتى يتمكن من تحمل نفقات شراء منزل من أجل زواجه، كما نشرت بعض المقاطع التي أرسلها إليها سامح لكي تبرز دوره خلال أيام الثورة الأولى، بالإضافة لصور من التقرير الطبي الخاص بحالته من مستشفى حكومي أي لا يمكن تزويره بأي حال..
أثلجت تلك التعليقات صدري وجعلتني أكثر هدوء واسترخاء، كما سعدت كثيرا بمجهودات زملائي وأصدقائي في كشف الصورة الحقيقية للوقائع بدلا من الاستسلام لتلاعب هؤلاء الموتورين الذين يقومون بحملة منظمة لتشويه صورة عائلتي الجديدة..
انتهى هذا اليوم العصيب بأجمل نهاية، حين تلقيت مكالمة هاتفية من خالد.. أخبرني من خلالها أن النيابة قد سمحت بزيارتي لحازم غدا في مقرها بشكل ودي لبضع دقائق بعد إلحاح شديد منه..
فتهاويت على وسادتي ولا تشغل رأسي سوى فكرة واحدة..
غدا.. ألقاه..





نهاية الفصل
قراءة سعيدة
وأرجو أن ينال المحتوى إعجابكم
تحياتي للجميع



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 23-10-21 الساعة 08:48 PM
مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 05:11 PM   #908

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Chirolp Krackr

ملحوظة هامة..
انا عندي مشكلة بالرواتر.. فاستلفت هوت سبوت علشان انشر الفصل..


فارجو ان التفاعل يكون على مستوى الشحاتة اللي انا شحتتها



مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 06:08 PM   #909

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 27 ( الأعضاء 7 والزوار20)


‏موضى و راكان, ‏مروة سالم, ‏رقية محمدي, ‏Samia soum-a, ‏وردة فضية, ‏Omar_1, ‏نوارة علي



والله يا مروة مش عارفة أقول إيه على جمال روايتك و لا على أبطالها الذين كلما تذكرت أن الرواية قاربت على

الأنتهاء كيف ساتحمل غيابهم و أنا أعتبرتهم أصدقائى و كيف يختفون و أنا أنتظرهم كل أسبوع بشغف

أسلوبك رائع و سردك جميل و قلمك مبدع

فصل ممتع


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 07:56 PM   #910

وردة فضية

? العضوٌ??? » 494163
?  التسِجيلٌ » Oct 2021
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » وردة فضية is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرواية مختلفة ومذهلة

وصلت للفصل العاشر.. ولي عودة بعد أن أتابع باقي الفصول..

شكرا لمن رشحتها لي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


وردة فضية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:08 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.