آخر 10 مشاركات
الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إحساس جديد *متميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree1Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-07-21, 09:28 PM   #51

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الثالث عشر


الفصل الثالث عشر
—————————


لم يفكر مرتين وهو يفتح الباب بدون طلب الإذن يضئ الأنوار ليشاهدها مستلقية فوق فراشها فوق وجهها، وحركة جسدها تشي بمعاناة صاحبته، كانت تتلوى ألما كما ظهر له مع مقاومتها لكتم آلامها، اندفع يجذبها من كتفيها لتواجهه لعله يعلم سببا لمعاناتها إلا أن صرخاتها أجفلته وألقت بقلبه الرعب لرؤيتها بذلك الانهزام، فسألها وهو يمرر عينيه يتفحص وجهها المتعرق بتردد:
-"هنا"، ماذا بك؟
هزت رأسها ببطء لا تعرف بماذا تخبره هل تطلب العون من عدوها، ولكنها لن تتحمل ألم ما تشعر به أكثر من ذلك، فأجهشت بالبكاء على ما وصلت إليه، ظل يراقب تغضن جبينها بالألم وحركة رأسها الذي لم يفهم منها شيئا، ولكنه أرتعب عندما فاجأته بإجهاشها بالبكاء المتألم الذي أخذ في الارتفاع تدريجيا، رفع كفه يمسح على وجهها عرقها مزيلا خصلاتها الملتصقه أثر ذلك الابتلال لتواجهه سخونتها التي تؤشر بالخطر، فأبلغها بقلق:
-هل تعانين من حمى؟، حرارة جسدك مرتفعة، لمَ لم تبلغي أحدا؟
قبضت على قميصه من تلابيبه بإصرار تعجب منه، فهمست بألم بين شهقاتها المتقطعة:
-جمرٌ من نار يتشعل بجسدي، أطفئ تلك النار، ارجووووك!، لم أعد أتحمل تلك الآلام.
-حسنا، حسنا!
قال وعده بتوتر مما أصابهاx ورؤيته لها بتلك المعاناة،x وكاد أن يريح جسدها للخلف، صرخت صرخة شقت أوتار حنجرتها وثقبت أذنه؛ رفضا لما فعله، ليجدها تتشبث بملابسه أكثر برجاء جديد عليها:
-ظهري يؤلمني، ارجوك!، لم أعد أتحمل.
أمسك قبضتيها الممسكين بتلابيبه يهدئها بالربت عليهما ثم أراحها فوق وجهها بحرص كما كانت وقت ولوجه، قائل بلحن مذبذب:
-اهدئي قليلا، لا أعرف ماعليّ القيام به الآن فالوقت قد تأخر لإيجاد طبيب.
شاهدها تقبض فوق شرشفها تكتم آلامها الذي يجهل لها مصدرا أو سببا، ثم طلبت منه بصوت متألم:
-لا أريد سوى إزالة هذا الألم.
انتظر دقائق بجوارها يستمع لأنينها الخافت جاهلا كيف يقدم لها يد المساعدة في ذلك الوقت المتأخر، رفع كفه يمسح فوق وجهه بضيق كان ينقصه مرضها في تلك الساعة، ضيق عينيه عندما لاحظ سكونها وهدوء أنينها المكتوم، مما جعله يعقد حاجبيه خوفا من أن يكون أصابها مكروها
وفي الوقت نفسه يخشى أن يقلقها إن كانت سقطت في غيابيب نومها، قرب أنامله أسفل فتحتى أنفها ليستقبل هواء زفيرها الملتهب ليتأكد أنها لاتزالت على قيد الحياة فهمس لها عن قرب يتأكد من سقوطها نوما:
-"هنا" هل نمتي؟، "هنا"!
قابله السكون إلا من أنفاسها السريعة، فأحتار من شكواها عندما ذكرت أكثر من مرة أمر ظهرها، حك خلف رقبته يفكر بحيرة عن سبب ارتفاع درجة حرارتها بتلك الصورة وألم ظهرها، لم يفكر مرتين ليمد أنامله بخفة يحرك طرف سترتها لأعلى بحرص خوفا من استيقاظها والامساك به متلبسا بجرمه في التلصص على جسدها، فحدث نفسه بتهكم:ما ينقصني أن تستيقظ في تلك اللحظة لتقبض عليّ متلبسا بالتحرش ب...!
لم يكمل جملته لتجحظ عينيه وكادت أن تسقط من محجريها يتبعها شهقة ذكورية من حنجرته صدمة، ابتعد عنها كلملدوغ غير مصدقا لما شاهد بعينيه ظل على تخبطه بجوار فراشها ممررا نظره بين وجهها وظهرها تارة، ظهرها المتشكل فوق لوحة حروق حمراء اللون كبقع مفترشة على وسعها رفع كفيه يحصر بهما رأسه بقوة يحاول إيجاد حلا لمعاناتها، أسرع لحجرته ينتشل منه هاتفه الخاص ويعود كما كان بجوارها وبدأ يحاول البحث على محرك البحث لديه عن سبب ما تعانيه، بعد تصفحه عدة صور ظهرت لديه وسط القائمة صورة مشابهة لإصابتها وكانت صدمته عندما توصل أخيرا لاسم مرضها، ظل يهمس من بين شفتيه ب( حزام ناري)، رمق وجهها ليلاحظ ازدياد تعرقها وتغضن وجهها ألما فاقترب من أذنها يهمس لها :
-سيزول ألمك عما قريب لا تقلقي!، ولكن عليك التحمل.
تابع هو بجس حرارتها التي وشت بارتفاعها المبالغ فيه، همس عقله متسائلا:هل هذه هي النهاية سترحل عن عالمهم المخيف بعد تلك الوعكة، ماذا لو رحلت؟،هل وقتها ستنعم بسعادتك، هي العائق أمامك، هل ستعود ل"همسة" بعدها التي أسرعت بالارتباط بغيرك لتنعم بأحضانه بدلا منك، وإذا هي أسرعت في طي صفحتك، لمَ لم تفعل "هنا" مثلها وأسرعت هي الأخرى في غلق صفحاتها القديمة مثلما فعلت "همسة"، نار اشتعلت بصدره عندما وصل فكره بأن "همسة"x لم تكن صادقة ابدا في حبها له كما كان يظن بها، وأن ولاء "هنا" أبقى عنها، محافظة على عهدها مع شقيقه، هز رأسه ينفض شياطينه، واقترب منها يحاول إيقاظها بترقب بهزها من كتفها ببطء:
-"هنا" يجب عليك الاستيقاظ، فحرارتك مرتفعة جدا، "هنا" ارجوك، لن استطع الاستعانة ب"جميلة" في مثل ذلك الوقت، "هنا"!
رفرفت بأهدابها متأوهة عند ذكر اسم "جميلة" لتهمس بصوت أشبه بالبكاء:
-لم يكن ذنبي، اقسم لم يكن ذنبي.
عقد حاجبيه باسترابة من حديثها فقرب أذنه لشفاهها متسائلا:
-أي ذنب تقصدين؟، عن أي شيء تتحدثين؟
-لم أتسبب في موتهم، لم أكن السبب.
-من!، أنا لا أفهم!
هزها مرة أخرى بقوة أكبر من قبلها وقد تخبط من حديثها هل تهذي بسبب الحمى؟، فانفرجت جوزتيها لتظهر منهما بحيرتين من الدماء يحيطان بجزيرتهما البنية، وقد عادت لرشدها لتجده مقربا وجهه لوجهها بغرابة، فانكمشت على حالها تنهره بضعف:
-لم أنتَ بذلك القرب؟!
ابتعد قليلا وقد تأكد من عودتها لعالمه، فقال متهكما:
-لا شيء، فهناك من كان يتوسلني بأن أسكّن آلامه منذ دقائق أيتها الساحرة الشريرة.
-وهل هكذا تسكن ألمي بالنظر لوجهي؟، بدلا من إحضار قرصا لابتلاعه، هل هذا ما تعلمته بالمدارس التي أرتدتها؟
استقام واقفا يهمس من بين أسنانه:
-هل أقتلها وأتخلص منها؟ أم ماذا أفعل؟
صرخت بقوة فأجفلته عندما حاولت الاعتدال على ظهرها، فاقترب يبلغها بعناد زائف:
-كله من لسانك، لقد انتقم منك الخالق.
لم تستسغ دعابته وظلت على آلامها في محاولة منها التحرك ببطء نزولا من فوق الفراش، ظل يتتبعها بخطوات حثيثة في استعدادا منه لأن يتلقفها إن شعرت بالدوار فجأة وسقطت، ظل خلفها حتىx يحاوطها من بعيد بدون لمسها حتى نجحت للوصول إلى الحمام ولكن فاجأها الدوار لتميل بجسدها للخلف فأسرع بتلقفها لتسقط فوق صدره في مشهد يحسد عليه ما لا يعلم مابينهما، حاولت دفعه عنها ببغض،حتى نجحت في تكملة باقي خطواتها داخل الحمام، تلجلج بارتباك وأمرها بحدة زائفة:
-لا تغلقي الباب من الداخل، لا ينقصني مصائب على الصباح.
أجفل عندما ضربت الباب بوجهه كاد أن يلمس أنفه، متحدية أوامره باعتراض سافر، جعله يقبض بقبضته بقوة مغيظة يخبرها بصوت صارخا:
-حسنا أيتها الساحرة الشريرة.
x x x x x x x x xx ****************
أطالت في سجدتها تناجي خالقها بأن يغفر لوليدها ويهدي ما تبقى لديها، ويقرx عينهما بذريته قبل الانتقال للرفيق الأعلى ويسترد خالقها أمانته، رفعت رأسها وقد كان وجهها كفيلا بأن يوشي لرائيه من نظره واحدة بأنها أفرغت مخزون عبراتها المتبقية في تلك السجدة لعل الله يستمع لصوت أم مكلومة محتسباه من الشهداء، كادت أن تنتهي من تسليمتها الأخيرة ليصدح صوت "حامد" من خلفها وقد انتهى هو أيضا من آداء صلاته بالمسجد القريب منهم:
-لن تكفّ عن البكاء يا أم "مروان"، لقد تعبت عينيك واشتكت من قسوتك عليها.
مسحت بظهر كفها ما تبقى من عبرات، تبلغه بتأثر:
-لن تتوقف عيناي إلا بعد أن يستمع لي الله ويقر عيني.
حرك حبات سبحته السوداء يتمتم بأذكاره، متمعنا في كلماتها ببعض الشرود، لتسأله هي بفضول أم:
-ألم تقابل "مروان" بالمسجد؟
ابتسم على سؤالها يعلم أنها تتخذ موقفا حادا ضده لعله يخضع لما كتب عليه، ولكن قلب الأم حكم وكفى:
-لا، أعتقد لم ينتبه للآذان.
-جيد أنك لم تصعد توقظه، فأنا لا أريد رؤيته قبل سفرنا.
ضيق "حامد" عينيه وهو متأكد مما تقصده، فداعبها بخبثٍ:
-حقا!، جيد لأننا من الممكن أن نتأخر في السفر عدة أيام ولا نرغب فيما يقلب مزاجك.
-أبا "مروان"، هل بالفعل سنسافر بدون أن نراه كما تقول، فأنا لن أطيق السفر وهو غاضب مني.
رفع حاجبه مندهشا من تقلبها وقلبها الأبيض، فسألها مصدوما:
-من منكما الغاضب؟، هو؟، ألم تر ما فعلته به وطردتيه من فوق المائدة.
فراح يقلدها بتنعيم صوته مثلها:
-لا أريد رؤيتك أمامي، هياx أحمل طعامكما وأصعد حالا، لا أريد رؤيتك مرة أخرى حتى أهدأ.
ضربته بكتفه تلومه على تقليدها، قائلة:
-هكذا!، أنا أتكلم كذلك.
-أهدئي أهدئي، فهل يفعلها "مروان" ويقع "حامد" بها؟، هذا الولد لم يرث مني شيئا للأسف!
ضحكت "جميلة" ضحكة خافتة على دعابته فرغم شيب شعره إلا أنه لازال يحمل جاذبية كما كان في شبابه، تجيبه بامتنان لربها:
-بل ورث، ورث جاذبيتك الساحرةx وقلبك الطيب.
-فقط!
-لا ورأسك اليابسة أيضا!
-ولكن لم يرث شقاوتي.
ضحكا كلاهما على حديثهما ليقترب يحتويها بذراعه الحرة يقبل قمة رأسها يهمس لها بكلماته الممتنة:
-لا حرمني الله منك أبدا ولا من طيبة قلبك.
x x x x xx **************
تحركت بثقل تدلك رأسها المتألم بالممر المؤدي لحجرة نومها، لقد استهلكت أكثر من ثلاث أكواب من الشاي ولم تتخلص من آلامها مطلقا، ستجن من رد فعله تلك المرة، أول مرة تختبر تجاهله لها قلما ماكان ينشغل عنها، دوما تطلب فيجيب، تستعين فيُعين، حتى بعد الانفصال دائما يشعر بأرقها وحزنها، ليسرع في السؤال عنها والاطمئنان، لكن تلك المرة تشعر بأنه يتسرب من بين أيدها وهي غير معتادة على ذلك، فكانت بحاجة لبث شكواها كما تفعل ليقابلها بتجاهل رسائلها حتى عندما حاولت الاتصال قام بإغلاقها سريعا لتصلها رسالته القصيرة التي أوقدت النار بصدرها ("همسة" لن أستطع الرد الآن؛ ف"هنا" مريضة جدا)، تلك الجملة كانت كفيلة بأن تطلق ذئاب عقلها بعوائها المرعب لتنهش تفكيرها حد التمزيق، ولجت بثقلٍ لحجرة نومها مع المسمى زوجها لتجسده ساقط في غيبوبة نومه كعادته مؤخرا، كم أصبحت كما مهملا في ذلك البيت، لم تأخذ وضعها كأنثى مثلما أعتقدت، تقدمت تبحث في جرار الكيمود الجانبي على أي أقراص مسكنة لآلامها الطاحنة لتجفل عندما وجدت من يقبض على رسغها بقوة وتجده ينظر لها بين نعاسه وعينيه السابحان ببركتي دماء متسائلا بريبة من أمرها:
-عن أي شيء تفتشين في ذلك الوقت؟

تملصت من قبضته حتى دفعته عنها تخبره بنزق:
-عن أي شيء أفتش يا سبع الرجال!، هل هناك كنز (علي بابا) وأنا لا أعلم؟.
-"همسة"، إلزمي أدبك وإلا أقسم بالله لتري وجها تتمنين ألا تريه أبدا، عن أي شيء تبحثين؟
-ماذا فعلت أنا لكل ذلك، كل هذا لأنني أبحث عن مسكنا لآلام رأسي.
هدأت ملامحه بعض الشيء واعتدل من نومته يمسح فوق خصلات شعره التي استطالت بعض الشيء، ثم أردف ببعض المراوغة:
-لن تجدي ما تبحثين عنه في ذلك الدرج
-ولكنني وجدت ذلك!
قالت جملته وهي ترفع أمام عينيه إحدى الشرائط المخدرة الذي حصل من صبيه "نجيب" فابتلع ريقه توترا وقد استشعرت ذلك بوضوح من نظرة عينيه الذي مررها بين مابيدها وبين عينيها الذي ضاقت باسترابة من أمره، فانتفضت ينزعه من كفها منتفضا من فوق الفراش يتحرك يضعه بجيب بنطاله المعلق فوق المشجب بآخر الحجرة، رنت منه بخطوات حثيثة كأفعى تتراقص بجسدها ثم أراحت كفها فوق صدره العاري بعهرٍ؛ لعلها تحرك بداخله غرائزهxx الذكورية الذي قتلها بإهماله، هامسة بنبرة شيطانية:
-حبيبي!، ألم تشتاق لهمستك؟، ماذا صدر مني من خطإٍ لتهجرني كل تلك المدة "حسن"!
بلل شفاه الجافتين وقد بدأ يضربه ارتفاع مفاجئ في حرارة جسده من قربها المثير بتلك الملابس الكاشفة لفتنتها، يعلم أنه كرجل يصعب عليه الصبر على عدم ملامسة أنثاه كل تلك الفترة، فرفع كفه يغمره بخصلاتها القصيرة، يداعبها بصمت فأغمضت عينيهاx تئن بانتشاء بأنها نجحت أخيرا في دكِّ حصونه المنيعة بإخضاعه لها ولرغباتها كما ترغب وقتما تشاء، صرخت مجفلة على جذبه لخصلاتها ببعض العنف مسببا آلاما برأسها، وصلها فحيح صوته المتلاعب:
-عليك نطقها بلسانك عزيزتي، يجب عليك القول أنك في حاجك إليّ، وأن كل ذرة بجسدك تصرخ منادية باسمي، اسمي أنا!
نطق همساته أمام شفاهها لتلفحها سخونة أنفاسه الحارقة، فتركت أثرا بعمق نفسها واهتزت شفاهها الملطخة بأحمر شفاهها القاني في تخبط من تصرفه مجيبة:
-ألست زوجتك وليّ حقٌ عليكَ.
-انطقيييها!، أريد سماعها.
قالها بحدة مخيفة مع زيادة جذبه لخصلاتها، أخفضت عينيها بدلال مصطنع لا يناسبها تحيك عليه تمثيلها بإتقان بأنها تلك الزوجة الخجولة التي تستحي من طلبها، فأخبرته بعد أن سكنت لدقائق بتلاعب:
-بالطبع، أرغب بقربك، بلمساتك "حسن"، فأنا...
انقضّ ملتهما شفتيها المتوردتين بعنفٍ جديدٍ غير مسيطرٍ على شهوته حديثة الانبثاق لم يحررها إلا عندما شعر بضرباتها فوق صدره العاري في محاولة تحرير نفسها من قبضته، بادلها لهاثها ولكن هيهات من لهاثها المرتعب وانتشاء لهاثه بمشاهدتها تنتفض كالفريسة المذعورة، فسألها بخبثٍ ينطلق من عينيه:
-هل ألمتك؟
هزت رأسها بالإيجاب تشعر بتغيره المخيف، فسمعته يردف بكبرياء رجلٍ عنيد:
-كم يسعدني ذلك!
دفن وجهه بجانب عنقها يلثمها بقوةٍ بقبلات جامحة، مع ترك حرية كفيه يستكشفا جسدها البض أسفل قميصها الحريري الأزرق، ليسقط بها فوق فراشه بعد سيره بضع خطوات منقضا على كل ذرة بجسدها، حتى أنتقل لشفتيها مرة أخرى مذيبا حصونها بقوته الغاشمة، فهمس أمام شفتيها المغتصبة عندما وصله أنينها الصادق:
-عليك من تلك اللحظة التوسل إليّ للتوقف مما سأفعله بكِ، زوجتي العزيزة.
-ماذا ستفعل؟!
صرخة موجعة عندما قبض على رسغيها فوق رأسها مانعا حركتها من الإفلات من قبضته.
x x x x xx *****************
وقفت تنظر لصورتها المنعكسة بمرآة حمامها تمرر أناملها فوق بشرتها بحرص تختبر تلك الكدمات القرمزية التي تركت أثرا بجانب عنقها مرورا بشفتيها السفلية المكدومة بجانب تورمها، كيف سمحت له بأن يفعل بها ذلك؟، بأن يستحل جسدها بتلك الطريقة تحت مسمى الزواج، فيما كانت تفكر عندما اندفعت كالبلهاء تطلب الانفصال من "مروان" حتى بعد محاولاته المستميتة في الإبقاء عليها، إلا أنها كانت كالطير المجروح يلفظ أنفاسه الأخيرة ترفض أي محاولة لمداوتها، لتسرع بالانتقام من رجولته بزواجها من أول شخص يطرق بابها على أمل أن يحقق لها أمنيتها في الحمل، طالما كان يرفض تلك الفكرة، بحجة أنه لم يتسن له الانتظار كحجة أولى للرفض، وخجلهُ من اقتراض المال من عمها "حامد" لإجراء مثل تلك العملية كحجة أخيرة، ولكن لا، لن تكن تلك النهاية، لن تقبل بأن تُفنى حياتها بجوار كريه الأنفاس المسمى كزوج، لا يجب أن تكون تلك النهاية، بل ستكون البداية.
x x
x x xx **************

يوم آخر يتغيب فيه عن عمله بسببها، رغم شهرته بانضباطه والتزامه الدائم إلا أنه أجبر للمرة الثانية على عدم التواجد بمكان عمله، زفر بضيق واضح وهو يسترجع تلك المكالمة التي تلقاها من زميلة ينهره على عدم انضباطه الذي أدى لتأخر بعض الرسومات والتصميمات الملزم بتسليمها بنفسه، أراح ظهره فوق المقعد المعدني، بمرر المشفى ليرمق تلك الجالسة بالجوار نظرة مغيظة، زفرة قوية وصلتها ليتبعها قوله متذمرا:
-لمَ تأخر الطبيب كل ذلك التأخير؟، لقد ضاع يوما من عملي مرة أخرى.
كانت حريصة كل الحرص على الابتعاد بقدر مناسب لا يسبب تلامس بينهما، بجلستها على حافة المقعد مبتعدة على قدرٍ ممكن بظهرها عنه، رمقته بنظرة مستخفة تخبره بتهكم:
-لم يرغمك أحد على اصطحابي، كان يمكنني الحضور بنفسي.
ابتسم ساخرا يجيبها بتقليل من شأنها:
-كيف وأنتِ لا تقدري على صلب جسدك الهذيل!، لولا وجودي لكنتِ سقطي على وجهك وسط الطريق وارتحتنا منك.
-أنا من ستكون ممتنة لذلك، لأنني سأرتاح من وجهك.
اعتدل في جلسته ليقترب بجذعه بعض الشيء ليقابل وجهه وجهها فنآت بوجهها عنه، ووصلها نبرته الخطرة بتساؤله:
-أدفع نصف عمري وأعرف، لمَ قبلت الزواج مني مادمتِ تكرهيني كل ذلك القدر؟!
شعر بارتباكها البسيط لمداهمته لسؤالها وأسرعت في ثبط توترها سريعا لتجيبه ساخرة بما أشعل صدره:
-عليك دفع عمرك كاملا، حتى تعرف السبب!
-السيدة "هنا"، دورك الآن.
قطع مشادتهما صوت الممرضة، فهز رأسه لها متفهما ليسرع في جذبها من كتفها حتى وقفت أمامه وقد أكل منها المرض، ليأمرها بصرامته المعتادة:
-هيّا، فأنا أريد التخلص من ذلك اليوم بسرعة.
x x x x x xx
انتظرها أمام مكتب الطبيب المختص المؤل له مهمة الكشف عليها، بتلاعب ببعض الأقلام حتى انتهاء الكشف، قطع شروده نبرة صوت تلك الممرضة المحتجة تتساءل بتعجبٍ واضح:
-يا استاذ! ، هل سترافق الطبيب أثناء الكشف؟!
-حسنا!
تحرك بثقل إتجاه الحاجز التي تستلقي خلفه ساحرته الشريرة فوق فراشا طبيا حديثا توليه ظهرها استعداد للكشف، تدثرها شرشف أبيض يخفي نص جسدها السفلي تحته، انتبه للممرضة وهي تحاول الكشف عن مكان شكواها ليظهر خصرها العاري وقد ازداد درجة التقرح إحمرارا عن ذي قبل، فسمع الطبيب يلقي بسؤاله له بتعجب من تحملها ذلك الألم بصمت:
-مذ متى وتلك الإصابات موجودة؟
-لا أعلم.
إرتاب الطبيب في أمره من إجابته فسأله بتهكم:
-ألست زوجها؟!
أسرعت في الإجابة بصوت منهك منهزم:
-أشعر بألم مذ قرابة الأسبوع تقريبا.
-هل تصاحبك أعراض أخرى غير الالتهاب والآلام المصحوبة؟
أسرع تلك المرة "مروان" كالثائر لإهانته وحتى يرمم صورته أمام الطبيب فأناب عنها:
-تشعر بالإجهاد، وأعتقد وزنها قل عن ذي قبل.
-هل تشعرين بالتحسس من الإضاءة العالية والميل للظلمة؟
هزت رأسها بالايجاب وآثرت الصمت، فتحرك الطبيب متسحبا لمكتبه الخاص ، ليترك لها مساحة ضبط ملابسها بمعاونة مساعدته، ثم تابع بنبرته العملية:
-ما يصيب المريضة فهي أعراض ل(الحزام الناري)، سيتطلب الكثير من الراحة وعدم الاجهاد في الفترة القادمة ويجب الحذر في التعامل مع الحالة لأن هناك وارد لنقل العدوى، هل هناك حمل أو تقومي بالإرضاع
هزت رأسها بالرفض فأسرع يدون بدفتره بخط يده كما هو معتاد ثم أمر مساعدته الخاصة:
-عليكِ أخذها بالغرفة الأخرى ليتم حقنها بإبرة(.......) اليوم.
انتظر برهة في انتظار خروجهما، ثم ولى اهتمامه لذلك المراقب الصامت لما يدور حوله كأن مايحدث لايخصه بشيء ، ليكمل حديثه:
-تلك الأدوية يجب عليها تناولها في مواعيدها ومعه دهان لمكان الإصابة ثلاث مرات يوميا، مع حقن تلك الإبرة مرة واحدة يوميا.
هز رأسه برتابة وهو يتناول تلك الوريقة منه، وكاد أن يتحرك بعد انتهائه من التعليمات الطبية:
-عليك أن تعرف أن نسبة كبيرة من تلك الإصابة تنتج عن التوتر والحالة النفسية السيئة.
ضيق عينيه باهتمام لما ألقاه على مسامعه مذ لحظة، فسأله بفضول:
-أليس مرضا عضويا؟
-بلى مرضا عضويا، ولكن ينتج إصابته نتيجة إصابة قديمة بمرض جلدي لم تتعافى منه جيدا، أو نتيجة لحالة نفسية سيئة تطفو وتظهر على شكل مرض جلدي مثل ال(حزام الناري).
حك خلف عنقه بحيرة من حديثه فأسرع يتأكد مما يريد:
-إذا لم أرجعته للحالة النفسية بالأخص؟!
-أنا لم أقر بذلك ولكن إصفرار وجهها وهذلها، وشرودها أثناء الكشف، شككني بذلك، وخاصة عندما لم تهتم بالتواجد أثناء الكشف عليها.
هز رأسه متفهما ومحرجا من صراحته وقبل أن يهم بالانصراف أراد أن يسأله بحيرة عن شكوكه:
-هل يعتبر السير أثناء النوم مرضا نفسيا يوجب العلاج؟
-على حسب درجة تطور الحالة، أعتقد يجب استشارة مختص في الأمر، ستجد دكتور "عبدالعظيم" استشاري كبير وله خبره كبيرة بالمجال.
شكره ممتنا لمساعدته:
-شكرا لك!
x تحرك شاردا في حديث الطبيب، لا يعلم هل يجب عليه الاهتمام بذلك الأمر وعرضها على طبيبٍ نفسي أم يتناسى الأمر، رفع حاجبه مضيقا عينيه لملاحظته لذلك الشاب الحاضن بين ذراعيه طفلته، يتجاذب الحديث معها باهتمام وابتسامة يتشدق بها ساذجة على محياه، فأقترب بهدف الكشف عن ما يحدث بفضول، وانطلق يسأل بشكل شبه هجومي:
-أي خدمة يا حضرة!
ازدادت ابتسامة "علي" وانطلق يتشدق بحديثه:
-"مروان" أليس كذلك كما أذكر؟
عقد حاجبيه في محاولة تذكر صاحب ذلك الوجه، فسمعه يسأله باندهاش من عدم تذكره:
-ألم تتذكرني؟، أنا "علي" شقيق "عمار" صديقك، لقد تقابلنا من قبل أمام بنايتك.
أربد وجه "مروان" على ذكر اسم صديقه ببعض التوتر ومرر نظره بينه وبينها ببعض الاحراج، دوما سيظل ذنبه متعلق بطرف ثوبه الأبيض لن يمحيه عمرا ولا تقدم زمنا، فمد يده يصافحه وقد استشعر الحيرة والتساؤالات التي تنطلق كالأسهم النافذة من عينيه:
-بالطبع لقد تذكرتك، اعذرنا فنحن على عجلة من أمرنا، سلامي ل"عمار" سأحدثه عما قريب.
ختم عبارته وهو يقبض على رسغ تلك الصامتة الشاردة بتيهٍ عن عالمنا في دائرتها الخاصة بغرض الانصراف، وبالفعل قد نجح في جذبها مبتعدا تحت انظار ذلك المتطفل الفضولية، حتى وصل لسيارته الصغيرة وقد أعطى لنفسه إشارة تحريرها، استمر طول الطريق يحاول أن يسيطر على انفعالاته يراقب ميل رأسها فوق زجاج النافذة بعينين مغمضتين كأن المسكن بدأ في الاقتصاص من ألمها ليثبطه قليلا، تنحنح يجلي حنجرته لها تستجيب وتنتبه ولكنها ظلت على ثباتها كالرافض للتأَخُذ مع من حوله، نداها بصوته الحاد:
-"هنا"!
-نعم
أجابته سريعا كأنها متأهبة للحديث وعلى معرفة بإتقاد نار فضوله، فأسرع يسألها كباشرة:
-عن ماذا كنتا تتحدثان قبل خروجي؟
صمتت ولم تهتم حتى لفتح عينيها بتجاهل فأسرع ينهرها:
-أنا أحدثك!
-ماذا تريد أن تعرف "مروان" بالضبط؟
تحركت تفاحته بعنقه وتنحى بوجهه ينظر للأمام، ثم برر فضوله:
-لا شيئا على التحديد، مجرد فضول.
ابتسامة شقت ثغرها ساخرة من جملته المبررة، فانفرجت لوزتيها لتضئ من خلف حجابهما شمسان بلون العسل، ظلت تنظر له لبرهة لتلاحظ مدى توترة من مراقبتها له فنطقت بتمهل مغيظ أشعل نيرانه أثر لغم يدوي بصدره:
-لا تقلق فلم أذكر له بأنني مع زوجي في كشف متعجل، رغم فضوله الذي انطلقx xx من عينيه عند رؤيتي بالمشفى.
إلتقت نظراتهما في حديث صامت مقبض لروحهما، هل بالفعل خشى على صورته أمام صديقه، وخوفه من أن يعلم صديقه بحقيقةذلك الزواج أم ضيقه ينبع مِنx أمر آخر.
x x x x x xx **********
-مَن تقصد ؟
تساءل "عمار" بحاجب مرفوع وقد توقفت يده بالهواء عن توجيهاx لفمه بما تحمله ملعقته من طعام ، ظل على تلك الوضعية المسترابة من حديث شقيقه على ذكر خاطفة القلب، وعندما وجده منهمكا في تناول طعامه متجاهلا غير مباليا مما أفتعله من اشتعال حريق فضوله بصدره، نهره بخشونة ليكمل ما بدأه:
-هل أصابتك الفجعة؟، انطق يا مغفل، مَن تقصد؟
رفع "علي" رأسه من صحنه وقد استشعر من نبرة شقيقة الانزعاج، فتوقف عن الطعام هو الآخر يرفع كتفيه بلا مبالاة قائلا:
- قلت لك أنها تلك الفتاة التي تركتك كالأبلة ماددا كفك كشوال أرزٍ، كانت مع صديقك، ولكن لم كل ذلك الغضب؟، على ذكري لرؤيتهما.
صمت لدقائق يمرر عينيه على وجه يستنتج سبب تبدل حاله، فسأله مرة أخرى بخبثٍ انطلق من عينيه:
-"عمار"!، أليست تلك الفتاة التي كنت أسمعك قديما تتحدث عنها، والتي توقفت عن حديث عنها أيضا فجأة؟
-اكمل طعامك، ولا تثرثر بهراءات تنبع من رأسك المنتفخ بالخيالات الكاذبة.
ختم "عمار" جملته بدس ملعقته المليئة بالأرز يوهم من حوله من رواد المطعم وقبلهم شقيقه الفضولي بتناوله الطعام بشهية مفتوحة ولكن الحقيقة كانت أبعد عن ذلك، فرأسه كانت تدور بها تروس طاحنة على ذكره لرؤيتها بالمشفى صباحا وبصحبة صديقه " مروان"، يتآكله القلق على حالها تري هل أصابها مكروه أم تواجدهما بالمشفى لأمر آخر يجهله، بل الأعجب صحبتها ل"مروان"، نفض عن عقله هواجسه قائلا: على الأغلب كانا معا برفقة زوجته "همسة" التي لم يأت بذكرها "علي".
x x x x x xx ***************
-"زينب" هل انتهيت من تسجيل ما طلبته؟
قالها "عدي" بنبرة أكثر عملية كما أعتادت عليها عندما يندمج في دوامات العمل الشاقة، وقفت تقرأ من وريقة صغيرة تبلغه ببعض التوتر الذي نقله إليها كالعدوى:
-سجلته، ولديك الآن نسخة أرسلتها على البريد الالكتروني.
خلع عنه سترته بدون أن ينظر إليها بإهمال فوق كرسيه، وقد بدأت حالة الطقس تتبدل بعض الشيء للحرارة، ظل يمرر بالفارة فوق شاشته وقد ظهر عليه التركيز التام مع تضيق عينيه فوق شاشة جهاز الحاسوب، ليسألها بسرعة وقد تذكر أمرا هاما:
-ياالله!، سيد "ثروت"!، موعده اليوم لستيلام إعلان دكانه الجديد؟ ماذا دهانا اليوم؟، لم كل شيء غير منضبط اليوم،ماذا حدث؟! الأعمال أصبحت ككومة متراكمة فوق رأسي!
لمحة منها لصغيرتها المشغولة بقطع الألعاب الذي أقتناها لها "عدي" أثناء شراؤه لهدية "رقية" بالمركز أمس، فشعرت بالذنب وكأنها مسئولة عن تعطل بعض الأعمال بسبب اصطحاب "حور" للعمل مرة أخرى لليوم الثاني.
-"زينب" !
-ماذا؟
عقد حاجبيه من شرودها مع طفلتها، فبادر باهتمام متعجبا من تحولها:
-فيما أنتِ شاردة؟
-في حديثك، عن تعطل الأعمال، أعتقد ذلك بسببي اليوم.
زفر زفرة خفيفة حاول طرد طاقته السلبية مصححا ما فهمته خطأً:
-لمَ أنتِ دائما بتلك الحساسية المفرطة؟!
دار حول مكتبه ينتشل "حور" من بين ألعابها لتستقر بين ذراعيه الآمنة يتبعها لثمة قوية لقمة رأسها باستمتاع أبوي بتلك القطعة الثمينة التي لايضاهيها ثمنا، ليلتفت لتلك الشاردة في مشهدهما بتألم ظهر بعينيها بوضوح:
-لن تكون "حور" سببا لأي سوء مطلقا بل مصدر رزقا وسعادة.
-أشكرك على تلك المجاملة اللطيفة.
أقترب خطوة لتفصل بينهما خطوة مماثلة يؤكد لها صدق مقولته:
-أنا لا أبالغ ولا أحب المجاملات في حياتي وخاصة العمل، بالفعل مذ ولوجكما معا اليوم وأمس، وأتى للمكتبة ستة عروض لأعمال جديدة حتى الآن، فتخيلي إن بقت معي يوميا ماذا سيحدث وقتها؟، فلن يكفيني ذلك المكتب لسد حاجات العملاء.
استرق السمع لضحكتها الخافتة، لترفرف حمامة السلام بجناحيها داخل تجويف صدره مهددة بالانطلاق والتحليق حولهما في مشهد رومانسي سيكتبه التاريخ ويوثقه للأجيال للتالية، تنحنح يخفي نبرته المهتزة ثم أراح طفلته مرة أخرى لنفس مكانها، بهدف التوجه لمكتبه لجارور مكتبه الخاص يخرج منه مظرفا أبيضا -مغلقا-، يزينه شعارا خاصا لمكتبه باللون الأحمر أعلى اليسار، ظلت على وضعها مشدوهة لا تفهم ما يقصد به من تمرير المظروف لها فتسألت بعدم فهمٍ:
-ماهذا؟
-راتبك!
رفعت حاجبيها مندهشة من مباغتتها بذلك، تُرى هل مر شهرا كاملا على عملها معه؟، ظلت تعتصر ذاكرتها تحاول التذكر؟، ولكنها فشلت في ذلك، فشعر بتخبطها، فأقترب ليفاجأها بمسك كفها يفتحه ويتبعه وضع المظروف به بهيمنةٍ لقراره، كانت تلك اللمسة كفيلة بأن تفصلها أميالا عن واقعها المر لتغدو حولها أشجار الياسمين ذات الروائح الندية كادت أن تصلها روائحها ليقطع أوهامها صوت رنين هاتفها بالخارج، سقط المظروف أرضا مع جذبها لكفها منه مجفلة من وضعهما تحمد خالقها وتشكر ذلك المتصل على توقيت اتصاله، انحنى ينتشل المظروف الساقط وعينيه تتابع هروبها للخارج، زفر بضيق من سخافة المتصل وتوقيت اتصاله الذي منعه من الاسترسال بما يرغب ويَكن، ألقى بالمظروف فوق مكتبه باهمالٍ، لتصله صرخاتها الناحبة، اندفع بقلب مقبض من سماع صراخها لتفاجئه بهيئتها المتبدلة التي زادت من رعبه عليها، وقبل أن يسألها وصله حديثها الغير مفهوم بين شهقاتها باسم واحد لا غيره:
-"عمممر"، ع ععمر!

نهاية الفصل 13
إن أعجبكم الفصل أتمنى أن أرى آراءكم وتعليقاتكم




وسام الأشقر غير متواجد حالياً  
قديم 10-07-21, 12:48 AM   #52

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فصل جميل يا وسام

عدى حالته حالة مش قادر يكتم حبه لزينب أكثر من ذلك شكله على وشك الأنفجار

و هنا ومروان مشكلة أخرى

فى أنتظار الفصل القادم لنعرف ماذا حدث لعمر

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


موضى و راكان غير متواجد حالياً  
قديم 11-07-21, 08:14 PM   #53

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فصل جميل يا وسام

عدى حالته حالة مش قادر يكتم حبه لزينب أكثر من ذلك شكله على وشك الأنفجار

و هنا ومروان مشكلة أخرى

فى أنتظار الفصل القادم لنعرف ماذا حدث لعمر

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
حبيبتي سعيدا جدا لمتابعتك للرواية وانتظريني بالفصل 14


وسام الأشقر غير متواجد حالياً  
قديم 11-07-21, 08:19 PM   #54

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الرابع عشر

الفصل الرابع عشر
—————-


أمسكها من ذراعيها يهدئ من نوبة هلعها التي انتقلت له كعدوى سريعة الانتشار:
-مابه؟، أهدئي قليلا حتى أفهم؟
صدمته بإجابتها بصوت متقطع وقد أيقن أن الآتي ليس سهلا أبدا:
-صدمته، صدمته سيارة، سيارة يا"عدي"!
شدد من كفيه فوق ذراعيها لعلها تستمد بعض القوة التي تفتقدها منه، يأمرها بصرامة لتتامسك:
-"زينب" عليك التماسك حتى نفكر جيدا، هل أُبلغتِي بمكانه؟
هزت رأسها بحركات متتابعة بالايجاب وقد أبتل نقابها من انهمار عبراتها غير المنتهية، فأمرها بقوة أكبر بصوته المسيطر:
-جيد جدا!، علينا التوجه الآن لمكانه حالا للاطمئنان عليه، هيا تحركي ولملمي أشيائك من الخارج.
حررها لتنطلق مسرعة بهدف غلق حاسوبها وجمع محتوياتها بحقيبتها اليدوية، ليصله دوي ارتطام أجفله ليشاهدها مفترشة أرضية مكتبه بثبات عميق كالأموات، صرخة باسمها خرجت من حنجرته أجفلت طفلتها رعبا لتنطلق في بكاء هستيري:
-"زينننب"!
وجه ناظريه لمفطورة القلب بكاءً وبين المفترشة أرضية مكتبه بتخبط، من يلحق فيهما؟، فكان اختياره لطفلته المنهارة ليسرع في حملها بين أحضانها يهديء من روعها لا يعرف حلا لم يحدث معه، وتوجه بها لتلك الفاقدة لوعيهاx وقد بدأ إجهاش "حور" في الانخفاض تدريجيا، ينحني بها في محاولة فاشلة في إفاقة تلك الغائبة عن عالمهم:
-"زينب" ، "زينب" بالله عليك افيقي!
مد كفه بغرض رفع نقابها ليسهل عليها التنفس، ولكن توقف فجأة عن فعلته بتردد، جاهلا هل له الحق بفعلها أم لا؟ فأسرع يربت فوق وجهها المغطى بخفة عدد من الربتات السريعة المتتالية في محاولة فاشلة منه لإعادتها لوعيها، باءت محاولاته بالفشل ليستقيم يتلفت حوله وهو مستمر بالتشديد على طفلته جيدا، ليطلق ساقيه للخارج في محاولة إيجاد مساعدة من الخارج وكاد أن ينجح في الخروج قابله "علي" وبصحبته "عمار" وقد ارتابا من مظهره المتخبط، فاندفع يستنجد بهما صارخا بعد لومه الواضح لذلك المتغيب عن عمله:
-أين كنتَ منذ الصباح؟، أنا في مصيبة!
تساءل "عمار" عن سبب غضبه بشك من هيأته الغريبة:
-مابكَ "عدي" ومن تلك الطفلة؟
x x x xx
xx ************
في المشفى
-------------
-لا ترهقينا معكِ، يجب عليك تناول بعض العصير حتى لا يصيبك الاغماء مرة أخرى.
قالها "عدي" موبخا متحجرة الرأس صعبة المراس كان أول مرة له يختبر عنادها الطفولي على رفض طلباتهم بثورة تعجبوا منه، رمق "عمار" الجالس على إحدى المقاعد بممر الاستقبال فيطلب منه العون في تزييل ذلك الرأس اليابس، فأشار له بأن ليس بيده شيئا هو الآخر، ألتفت يعطيها كل اهتمامها مرة أخرى، يتفحص عينيها المرهقتين وكحلها الأسود الذي لطخ جفنيها ونقابها الغير منضبط، مستندة الرأس على الجدار البارد بجوارها تلقي عليه همومها وأحزانها؛ تستمد منه بعض القوة، فأسرع يطمئنها أن الأمور ستكون بخير:
-"عمر" سيكون بخير لقد طمأنني أحد الأطباء بذلك صدقيني، يجب عليك التماسك أكثر من ذلك.
رفعت عينيها الذابلتين تتأكد من صدق حديثه هل بالفعل سيكون بخير بعد حادث السير الذي وصفه لها حارس المدرسة أثناء وجوده أمام بابها كعادته، فنطقت بصوت مبحوح من كثرة بكائها تتساءل عن ابنتها الصغيرة:
-أين "حور" ؟
-لا تقلقي فهي مع "علي" يبتاع لها الحلوى.
رفعت ظهر كفها الصغير تزيل بقايا عبراتها العالقة بأهدابها، تخبره بتشتت من حالها:
-"زيد"و"شهد" لحالهما بالمنزل!، ماذا عساي أن أفعل، ف"خالد" لا يجيب على اتصالاتي المتكررة.
أنهت جملتها في رفع هاتفها مرة أخرى كمحاولة أخيرة لعله يريح قلبها ويجيب عليها، رفع أمامها علبة العصير بإصرار منه مترجيا إياها بألا ترده خالي الوفاض وأن تقبل عرضه، فنظرت له بامتنان كيف سترد له جمائله التي تغرق بها فراحت تشكره ممتنة لشهامته النادرة:
-لا أعرف كيف سأرد جميلك هذا؟، فأنت دائما ترهق حالك من أجلنا، وأيضا السيد"عمار" لم يتركنا رغم أنه لا يعرفني.
-اصمتي قليلا لأنني لو تركتك تلقي بوجهي ماتريدينك كما ترغبي، سأصاب بذبحة صدرية قريبا.
شهقت من جملته وقد أعتصر لبها لتخيل ذلك، فنهرته بنبرة جديدة ذلك:
-لا تقل ذلك، حماك الله ل"رقية" ووالدتك، أطال الله في عمرك إن شاء الله.
-زينب!
-نعم!
انتبهت لنبرته الجادة الشجية، وقد اهتزت قرون استشعارها بأنه يرغب في قول أمرا يكافح في إخراجه بقوة، فنطق يؤكد لها:
-يجب أن تعلمي أني معك دائما وسأبقى معك!
قطع حديثهما خروج الطبيب المعالج من حجرته ليتأهب كلا منها وينضم إليهم سريعا "عمار" باهتمام لا يقل عنهما، فكان "عدي" أول من تحدث موجها حديثه باهتمام صادق:
-طمنّا رجاءً!
مرر عينيه على ثلاثتهم وأبلغهم بعمليته:
-الولد بخير وقد فاق من المخدر، حالته مستقرة الآن.
-هل الكسور التي أصابته ستترك أثرا فيما بعد.
وجه الطبيب نظره لها عندما وصله سؤالها القلق على صحة ولدها فأراد أن يطمئنها:
-كسر الفخذ لن يترك أثرا إن شاء الله وسنتأكد من ذلك بعد شفائه وفك الجبس ولكنه سيبقى به فترة ليست بالقصيرة، أما عن جرح رأسه فأمره سهلا.
شعر "عدي" بتخبطها وقلقها وأشفق عليها، فحيّا "عمار" الطبيب وألقى عليه عبارات الامتنان لجهده معهم وتنحى بنفسه جانبا لترك بعض الخصوصية لهما عندما رأى قدوم شقيقه من بعيد حاملا تلك الصغيرة وبيدها ماصة دائرية ملونة.
دخلت لأبنها بقلب منفطر تتفحص كل جزء منه خوفا من أن ينقص منه شيئا، فلاحظت ساقه المجبورة وقد كُسر شيءٌ بقلبها ككسر ساقه، رفعت عينيها تنظر لتلك الضمادة البيضاء أعلى رأسه نتيجة تقطيب جرح بها، وإلى عينيه المغلقتين، فأقتربت بقلب مخلوع تقبّل يده عدة قبلات متتالية، ماذا لو كانت فقدته في غفلة منها؟، فهمست بصوت سمعه بوضح ذلك الثابت خلفها ويراقب تصرفها باهتمام:
-أشعر بالذنب، كان يجب عليّ الاهتمام به أكثر من ذلك.
-لم تحملين حالك الذنب، فإنه حادث سير، وسيشفى بإذن الله عما قريب!
انحنت مرة أخرى تقبل رأسه المصاب، ثم تساءلت بقلقِ أمٍ:
-لم لم يفق حتى الآن؟، أريد أن أعرف ماذا أصابه؟، وأين كانت شقيقته من ذلك الحادث.
ربت فوق كتفها ببعض التردد بأن يلمسها ليهدئ روعها:
-اعتقد أن شقيقته لم تعلم بأمر الحادث، فالحادث كما فهمت كان خلالx طابور الصباح.
-كيف؟، كيف؟
أغمض عينيه بقوة يمنع نفسه بصعوبة بألا يحيطها بذراعيه يطمئنها ويهدئ نوبة اضطرابها، فأراد تغير مجرى تفكيرها قليلا وطلب منها بلباقته:
-يمكنك الدخول للحمام لغسل وجهك وضبط حجابك، لقد تبعثر قليلا بسبب نوبة إغمائك بالمكتب.
إلتفتت له محرجة على ذكر أمر إغمائها، فحركت يدها تلمس حجابها ونقابها بحركاتها الواهية وبعينين هاربتين من مراقبته، شكرته بامتنان صادقٍ:
-حقا لقد أنساني ما أنا فيه أن أشكرك على ما فعلته من أجلي.
ابتسم ابتسامة واسعة لحديثها، فتذكر عندما صرخ بوجه "علي" عندما تطوع للدخول ليساعده في إيفاقتها، حتى منعهx بغضب قبل أن يلج لمكانها؛ ليقفا كلا منهما وشقيقه "عمار" يتبادلان النظرات بحيرة في أمره، ليتدارك الموقف سريعا ويبرر اندفاعه بأنه يجب الاستعانة بإمرأة مثلها وليس من الصحيح تدخل أي أحد منهما للمساعدة بما فيهم هو شخصيا، لقد كان يكذب نعم كان يكذب عليهم ولكن لم يستطع الكذب على حاله فغيرته عليها هي من دفعته بقوة لمنعهما من مساعدتها والكشف عن وجهها أوملامساتها بغرض إيفاقتها، ابتسم أكثر على تذكره أنه خرج يبحث بعينيه عن المساعدة بالشقق المجاورة حتى ظهرت له إحداهن تخرج من المصعد بصحبة زوجها لتكون له طوق النجاة الوحيد ولها هي الأخرى، رفع عينيه لمكان وقوفها ليدرك أنها انسحبت بهدوء تلبي أمره بخنوع، فمرر عينيه فوق وجه طفلها مع رفع حاجبه الأيمن بمكرٍ، ثم انحنى يهمس بجوار أذنه بتلاعب:
-أعلم أنك مستيقظ أيها الماكر!
تحركت حدقتي "عمر" أسفل عينيه واستمر في تمثيله، ليهمس له "عدي" مرة أخرى بتعاطف:
-سأعدك بأنني لن أخبرها باستيقاظك بشرط واحد!
انفرجت عيني "عمر" بقوة ينظر له برجاء بألا يوشي به، فابتسم له "عدي" يطمئنه بربته خفيفة فوق رأسه، وأخبره بصوت هامس:
-بشرط أن تخبرني مما كنت تركض وجعلك حتى لم تنتبه للسائق الذي حاول تفاديك بصعوبة كما قال حارس المدرسة.
اهتزت حدقتيه توترا من معرفته بما كان يخفيه، فهمس يؤكد ولائه مع رفع خنصره مع ضم باقي أنامله بقبضته كعلامة العهد بينهما :
-أوعدك لن أذكر شيئا لأمك.
نظر "عمر" لخنصره المرفوع وقد اطمأن له وقرر أن يبوح بما يخفيه عن الجميع، فاندفع يخبره مع هز رأسه بحركات متتابعة موافقة:
-حسنا سأخبرك مادام وعدتني بألا تذكر ذلك لأمي.
x x x x x
************

نظرة أخيرة فوق حامل الطعام يقيم بعينيه ما تحتاجه غير الحساء الساخنx وكوب عصير المانجو وقطعة الدجاج التي تزين صحن الأرز، انهى تقييمه بانتشاء وغرور بأنه نجح في إعداد وجبة صحية لتتناولها وهو قلما ما يقوم بذلك، رفع الحامل بين يديه ليرنو بخطواته لحجرة نومه التي تحتلها مذ عودتهما من المشفى وقبل أن يطرق بابها للاستئذان جذب انتباهه رنين باب شقته بنغمته المميز ليعود لمائدة الطعام مرة أخرى يريح الحامل بغرض الكشف عن هوية الزائر، ما كاد أن يفتح الباب ليصدم من شخصية الثابت أمامه بشحمه ولحمه، جحظت عينيه رعبا لا يصدق ما تراه عيناه في تلك اللحظة هل هو بوعيه أم أصابه الهلوسات البصرية، نطق باسمه بصعوبة خرجت من حنجرته بصورة متحشرجة:
-"مص... مصطففى"!
رفع الآخر وجه الشاحب الذي طغى عليه الحزن يتشبث بلفة بيضاء بين ذراعيه بقوةٍ خوفا من ضياعها، ثم أخبره بنبرة مهتزة مذبذبة:
-لقد أشتقت لكم جميعا.
تراجع "مروان" برعب مما يشاهده هل "مصطفى" على قيد الحياة لم يمت وإذا كان ذلك صحيحا من دفن وأين كان كل تلك الفترة؟، والأهم لماذا؟، رفع كفيه يشد خصلاته بقوة كاد أن ينزعها من رأسه، فشاهده يتحرك بأريحية ورأس منحني متخاذل وألتفت ينظر له نظرات لائمة قبل أن يجلس بهدوء فوق الأريكة، تمالك "مروان" نفسه من صدمته فثار بغضب بوجه:
-لا أفهم شيئا هل هذه مزحة.
-الحياة والموت ليسا مزحة "مروان" نحن من نجعلها مزحة.
أقترب منه ينظر له ويتأكد هل هو بالفعل شقيقها المتوفي أم شخصا يشبه؟، ظل يمرر نظره عليه باسترابة ووقع نظره فوق اللفة البيضاء المستقرة بين ذراعي شقيقه، فقاطع تفحصه مصطفى يسأله بلوم واضح:
-لم كل ذلك مروان؟، ماذا استفدت؟
ضيق "مروان" عينيه وجلس بالأريكة المجاورة بحرص لا يفهم ما يرمي إليه شقيقه:
-لا أفهم ماذا تقصد.
-"هنا"، هي دوما مقصدي ودربي.
عقد "مروان" حاحبيه وأمر شقيقه يزيده حيرة والأكثر ما يضمه لصدره، فأجابه بحيرة:
-صدقني، لا أفهم ما تقصده.
-أنت تحبها، أحببت زوجة شقيقك، ألا تشعر بآلام ضميرك، وأنت تخن شقيقك بحبك لزوجته.
انتفض من جلسته يرفض اتهامه الصريح بذلك:
-هل جننت كيف صورلك عقلك ذلك؟، "هنا" لا تمثل لي أي أهمية، إنها زوجتك زوجتك، وإذا كنت تقصد زواجي منها فهذا كله بسببك، أنت من أختفيت لتوهم الجميع بموتك "مصطفى" ، وعليك تحمل أخطاءك لأنه خطأك أنت، أنت من ورطني في ذلك.
استقام "مصطفى" ببطئ وبنفس الرأس المنحني تخاذلا مما سمعه من أخيه، وقد ساد الصمت بينهما إلا من أنفاس "مروان" الخشنة غضبا، يتساءل في حيرة هل هذه هي النهاية ستعود "هنا" له وماذا عنه، فوجد "مصطفي" يبتسم له برضا يبلغه بحبور واضح في نبرته:
-أنا هنا الآن لتصحيح أخطائي لا تحمل همًّا، حضرت الآن لإصطحابها بعيدا عن هذا العالم كما أصطحبت ابننا من قبل.
ضيق "مروان" عينيه أكثر لينظر لما أشار له "مصطفى" بعينيه لتقع على تلك اللفة البيضاء صغيرة الحجم الواقعة بين ذراعيه، فقبضت عضلة قلبهx وقد شعر بالتيهة والضياع من حديثه، فنطق يسأله هامسا:
-أبنكما؟!
مد "مصطفى" ذراعيه ل"مروان" يريه ما يحتضنه ليجد طفلا حديث الولادة وسط لفته البيضاء مغمض العينين، ترقرقت العبرات بعيني "مروان" مشدوها لما رأى فنطق بصعوبة:
-ابنكَ؟!! كيف؟
-ابني الذي لم يُكتب له الحياة، هو في رعايتي، ونحن ننتظرها لنكمل رحلتنا معا.
شاهده "مروان" يتحرك جهة باب غرفته بغرض دخولها ليصحبها فهرول يقف أمامه يمنعه بضيق تملكه:
-لن تأخذها معك، لن أسمح لك.
-ولكنها ترغب في ذلك، وأنت أيضا تتمنى ذلك.
نطق "مروان" من بين أسنانك وعينيه ينطلق منها شرارة خطرة ويرفع ذراعيه بجانبيه يمنعه من التقدم:
-لا!، لن أسمح لك بأخذها، ابتعد عنّا!
رفع "مصطفى" نظره يرمقه بتعاطف لحالته قائلا:
-هي من ترغب في ذلك "مروان".
-لا لن أسمح لها سأقتلها إن فعلتها سأقتلها!
ابتسم مصطفى على حالة أخيه الكبير فرمقه بنظرة مطولة ثم أخبره بهدوء وقد تفهم تخبط شقيقه:
-إن كنت متمسكا بها بهذا القدْر، فعليك منعها.
ثم تحرك بخطواتٍ ثابتة يوليه ظهره متجها للخروج، ثم تابع قوله ليبدأ في التباعد تدريجيا:
-عليك منعها "مروان"، امنعها، امنعها، عليك منعهااااا!
انتفض من نوبة نومه العميقة يشهق بقوة متسارع الأنفاس يمسح جبينه المبتل عرقا، ينظر حوله ليكتشف نومه فوق الأريكة بالردهة حتى حل الظلام من حوله، أعتدل يحصر رأسه بين كفيه مع استناد مرفقيه فوق ركبتيه وحالة يأس تملكته من ذلك الحلم الغريب، ترددت بأذنه كلمات أخيه الأخيرة ظلت تتكرر مرارا ومرارا (امنعها)، بماذا يقصد بمنعها؟، رفع عينيه بقلبٍ مقبض ينظر لباب غرفتها لتقع عينيه فوق حامل الطعام الذي يقبع فوقه طعامها التي لم تمسسه، فعندما دخل عليها وقتها وجدها تغطس في نوم العميق أثر الأدوية التي تناولتها، ليتنحى بنفسه وقتها يستلقي فوق الأريكة حتى سحبه تفكيره العميق للسقوط في هوة أحلامه، انتفض من مجلسه بقلبٍ كبلون مثقوب يهوى بين قدميه رعبا، اندفع يفتح الباب الفاصل بعقل مسلوب يضيء إنارته ليكتشف من أول وهلة خلو فراشها منها فينظر سريعا للجانب الأيمن لتجحظ عينيه مما شاهده.
*******************


لقد وجدها تقف فوق أحد المقاعد المجاور للنافذة المفتوحة على مصرعيها بطولها الكامل ليصل حافته أسفل ركبتيها بعينين منفرجتين مما أكد له نوبة سيرها التي تباغتها كل فترة قد أصابتها مرة أخرى، توقف عقله عن الاستيعاب لدقائق قليلة لينهر نفسه سريعا على تيبسه ويتحرك بخطوات سريعة حتى وقف خلفها بصدر متألم مما سيحدث في اللحظة التالية إن تأخر عن ذلك وتهورت بصعود النافذة أو اختل توازنها لتكون نهايتها حتمية إن سقطت منها في غفلة، كان وقوفه بمثابة درع أمان لها فحاول أن يكون في أتم استعدادا لأي حركة مباغتة منها رغم جسده المنتفض خوفا بأن تؤذي حالها أثناء نومها، همس لها بصوت مرتعب مترجيها بأن تفق:
-"هههنا" هل جننتِ؟، "هنا" اعطني يدك وانزلي حالا.
رفع كفه لها منتظرا انتباهها أو محاولة لجذب انتباهها الضائع، وقف منتظرا بارتعاش أصابه تجاوبها الذي باء بالفشل، ظل يكرر ويكرر اسمها حتى سمعها تنطق بصعوبة فصدر صوتها كصدى صوت من بعيد:
-سأذهب إليه!
ختمت جملتها بحركة واحدة من قدمها ترفعها لتستقر بها على حافة النافذة كانت كفيلة له بأن ينتفض ثائرا لتخاذلهx الذي سيودي بحياتها، يحيط خصرها بذراعيه بقوة ليقابله ارتخاء ومرونة جسدها التي توشي باستسلامها وعدم مقاومتهاx مع سحبها من الخلف يريح جسدها أرضا بصدر متألم. ظل يلهث ككلب أجرب يشتهي الماء، ينظر لوجهها ضائع الملامح خلف شعرها المبعثر، رمى بجسده بقوة فوق أرضية الحجرة يشاركها نومتها يلتقط أنفاسه شاردا بسقف الحجرة يعيد شريط ماحدث منذ لحظات. بدايةً من حلمه الغريب لانقاذها المستميت، فمال برأس لجانبه ينظر لثباتها بحيرة ماذا عليه أن يتصرف في تلك المعضلة فاليوم كادت أن تلقي حتفها أثناء نومها، ماذا لو لم ينتبه لها؟ رفع جسده مستنداx بمرفقه ليواجهها عن قرب يزيل خصلات شعرها الغجري بلطف ويراقب انفراج عينيه بتعجب من حالتها فمد أنامله بتوتر يلمس وجنتها يمرر ويتحسس نعومتها بظهر أنامله مع قوله يطمئنها:
-اغلقي عينيك "هنا" فأنا هُنا معك.
قرب وجهه لوجهها يراقب تفاصيلها عن قرب يتخيل إن كان تأخر للحظة ولم يلحق بها لفقدها للأبد. ابتلع غصة ألمته على ذكر ذلك، واستمر يرتب خصلات شعرها بتعاطف غريب عليه ليجد نفسه كالممسوس يقتربت تدريجيا لوجهها ويهدي وجنتها قبلة ناعمة عميقة أغمض عينيه استمتاعا خلالها فزادت وتيرة تنفسه مما أقدم عليه، وقد ضربه شعورا لذيذا لذلك، حدّث حاله مرتابا من حاله الذي أضحى عليه: هل كان يحذرني؟ لا يعقل أن يكون ذلك الحُلم حقيقي، ولكنx سواء كان حقيقي أو أضغاث أحلام لن أسمح لكِ بفعلتها وتركي "هنا" ستبقين معي، ولن يأخذك مهما كلفني الأمر.
لاحظ انغلاق عينيها ببطء مع صدور تنهيدة رقيقة،x عابثه المجنون دفعه لأن ينخفض يتذوق شهد شفتيها بفضول، دفعهُ وياليته ما فعل التقطx شفتيها بروح مغيبة فضولا بأن يستكشفها فهي زوجته ولا يؤخذ عليه آخذة إن فعل، لم يشعر بنفسه إلا وهو يعمق قبلتها تدريجيا بجوع فقير حرم من فتات الخبز لسنوات، حاصر رأسها بكفيه ليضمن استخوازه الكلي عليها، وغاب عن وعيه وانتهى؛ ليتذوق كل شهدها دفعة واحدة غير مفكرا بعواقب فعلته، نطق باسمها بين قبلاتها المتقطعة وقد فُقِد زمام تحكمه بنفسه:
-ماذا فعلت؟ اخبريني!، لا استطيع التوقف!
استمر في تقبيلها مع تأوهه الرجولي مستمتعا بتلك اللحظة الجديدة بينهما، فجأة توقف صدمةً، وقد شلت أطرافه وعاد لواقعه البائس عندما وصله همسها الراجي من بين أحلامها:
x -"مصصطففى" !xx
ابتعد عنها كالملدوع بعقرب لا يصدق ما أقدم عليه رفع كفيه أمام عينيه ينظر لهما بعين اتهام، لا يعلم أي سحرٍ ألقته عليه ليغيب عن وعيه ويقبلها بذلك النهم والجوع، رفع كفه يمسح فوق وجهه بضيق من فعلته في حقها وحق نفسه، ليعود مرك أخري لدائرة اللوم والاتهام، هي سببا رئيسيا في وصل له الآن، فلن يسمح لها بأن تضعه في قالب الحقراء أمام نفسه، لن يسمح!
x x x x x x x xx **************
وقف منتظرا أمام باب بيتها بهيمنته الخاطفة للأنفاس، ولكن لم يستقبل ردا، رفع معصمه يدقق في ساعة معصمة يفكر هل ناما مبكرا هكذا؟، ولكن سريعا ماوصله صوت "شهد" من خلف تتساءل عن هوية الطارق:
-مَن بالخارج؟
ابتسم بوقاره وقد ذكرته تلك الطفلة بتصرف والدتها من قبل، فأسرع يطمئن روعها:
-عمك "عدي"، هل يمكنك فتح الباب؟
-لا!
صَدَمه جوابها السريع الذي لم يأخذ منها تفكيرا، فعقد حاجبيه وهو بنفس ابتسامته الرجولية، يسألها مداعبا:
-لمَ؟، هل هكذا تعاملين ضيوفك؟
ارتبكت لحديثه وقد أحرجها، فأسرعت تبرر بصوت متوتر:
-لو عليّ أنا لفتحت لك الباب وأدخلتك، ولكن ولكن...
صمتت للحظات تخبره باندفاع:
-ستعلقني أمي من جديلتي بمروحة سقفنا إن خالفت تعليماتها بعدم فتح الباب للغرباء.
انخفضت نبرتها تدريجيا بكلمتها الأخيرة، تعتذر منه:
-اعذرني عمي "عدي".
رفع حاجبه بشك في كلامها وقد عجبه صراحتها الفطرية، فسألها مداعبا غير مصدقا شراسة "زينب" مع أطفالها أبدا:
-حقًا؟!
-نعم، حقا، فهي لا تفعل ذلك فقط بل وصل بها الأمر بتذنيبنا بالوقوف على ساق واحدة إن خالفنا تعليماتها لمدةx ساعة كاملة.
كتفت ذراعيها أمام صدرها تنعي حظها بشكل مضحك بعد تنهيدة طويلة:
-قاسية أمي، أليس كذلك يابِك؟
فلتت ضحكة خشنة من فيهِ كتمها سريعا لايصدق خفة دم طفلتها فيوافق حديثها مدعيا:
-بالطبع، قاسية جددا بالفعل!، ولكن يافتاة هل أفهم من ذلك أنك ستذنبي عمك "عدي" أمام الباب ولن تفتحي له؟x
-بالطبع لن أفتح، ماذا أقول أنا منذ مدة؟
كتم ضحكته الخشنة مرة أخرى وأخبرها بتعاطف أبوي بأنه سيجعل "زينب" تتواصل معها لتبلغها بنفسها:
-حسنا أيتها المشاكسة!، سأتواصل مع...
قطعت جملته بفتح الباب فجأة تنظر له بتردد، قائلة بإحراجٍ زائف:
-يمكنك الدخول، ولكن لا تخبر أمي أنني كسرت قواعدها الأساسية.
فقال بمكرٍ:
-هناك من خالف تعليمات الوالدة القاسية وينتظره تذنيبا طويلا لساعات قادمة.
ضحك "زيد" على جملته، فرد عليه بثقة وهو يكتف ذراعيه انتشاءً لوقوع "عدي" في فخهما المخطط له مسبقا:
-هل جننا لتكسير تعليماتها؟، لقد أرسلت لنا أمي تخبرنا بحضورك لتصحبنا إليها للمشفى قبل حضورك بدقائق، لذا سمحنا لك بالدخول.
جحظت عينيه اندهاشا ولا يصدق أنه وقع في فخ الطفلين وتلاعبا به فعليا، ولكن الأصح قد وقع هو في فخ أمهما قبلهم.
انهى مكالمته الهامة بعد أن تأكد من إتمام كل مهامه كما يجب، وترك لنفسه حرية التحديق في جوانب بيتها البسيط يتخيل تجولها وجلوسها في كل ركن به، براحة ضربته من مجرد اشتمام انفاسها العبقة المختزنة بالمكان رغم عدم وجودها إلا أنه يشعر بطيفها متواجد معه يأنس به الآن، راقب حركة صغيرها "زيد" الذي اختار أحد المقاعد المقابلة له وهو يحاول جاهدا عقد رباط حذائه بضيق وتزمر طفولي وصل له بوضوح، فابتسم سريعا على هيئته واندفع يعرض مساعدته بتخوف من عدم تقبل الولد لذلك:
-استطيع مساعدتك في ربطه إن أحببت، فأنا بارع في تصميم عقدة رائعة غير قابلة للفكِ.
بادله" زيد" النظرات بشك في حديثه، وسأله بعدم اقتناع:
-لن تنفك أبدا؟
-عليك تجربتي إن أردت!
هز "زيد" رأسه بطاعة مع تحركه بحذائه جهة "عدي" ليسرع الأخير في حمله فوق ساقه اليمنى سريعا، يتبعه رفع قدم الصغير ليقوم بمهمته على أكمل وجه،
انتهى من مهمته ليلاحظ بريق انبهار بعين ذلك الطفل الرائع، فسأله يتأكد من رضاه عن عمله:
-مارأيك يابطل؟
-رائع، رائع جدا.!
قالها وهو ينظر لحذائه بانبهار، ورفع عينيه الصغيرتين يسأله بإعجاب انطلق من عينيه:
-هل أنت هكذا دوما؟
لم يفهم "عدي" مقصد الصغير فسأله بعد فهمٍ:
-دوما ماذا؟!
-هل أنتَ دوما لطيفا ومهذبا وتعامل أمثالي بلطفٍ، أم تغضب مثل أبي.
يكذب إن كان يتوقع مثل ذلك السؤال الصعب إجابته، ولكن عليه إجابة ذلك الصغير الذي يخفي الكثير خلف سؤاله:
-بالطبع أنا لطيف ومهذبا مع أمثالك فقط، ولكن سأعترف لك أنني أغضب أحيانا وأتهور وهذا ليس بالفعل الصحيح طبعا، ولكن أحاول جاهدا ألا أُذي أحبائي بذلك الغضب.
-هل يمكن أن يأتي يوما تؤذيني فيهx خلال نوبة غضبك؟
جحظت عيني "عدي" من ذلك السؤال وانطلق ينفي مستنكرا بسرعة:
-مطلقا، مستحيل.
-وأمي؟! هل يمكن أن تؤذيها يوما؟
سقط قلبه بين قدميه كاد أن يسمع تهشمه، فأكد له وقد تأكد أن ذلك الطفل الصغير يخفي أمرا كبيرا خلف أسئلته:
-لا يمكنني مساسها بأي سوءٍ!
باغته "زيد" بعناقٍ حميميٍّ لينطلق كالرصاصة يستقر بصدره فشدد عليه يبادله عناقه بحزن تملكه وهو يلعن والده الذي أهمل أولاده نكاية في طليقته متناسيا دوره الأبوي في تأسيس نفسية أطفاله ليواجهوا مجتمعهم بأنفس سوية لا أنفس مشوهة، سمع "زيد" يخبره بحبور:
-أنا أحبك جدا عمي "عدي"
شدد على عناقه يجيبه بصدق:
-أنا أحبكم فوق حبكم حبّا مضاعفا.
انتبها كلاهما لظهور "شهد" المتوترة وفي كفها هاتفها ويبدو عليها أنها كانت تتحدث به قبل خروجها من حجرتها فسألها "عدي" بفضول:
-هل انتهيت أم هناك أمر آخر؟
باغتته برفع هاتفها فوق أذنها تخبر الطرف المجهول من بين أسنانها بصوت منخفض:
-إنه يجلس فوقها؟ ماذا أفعل؟
نظر "عدي" حوله بقلق يرى أي شيء يجلس فوقه، فسمع "شهد" تهمس وقد وصله حديثها بوضوح:
- أنا أخفض صوتي أمي، ولكن ماذنبي أنا فأنت نسيتي نقلهم للداخل أمس، كيف لي أن أعلم أنه سيجلس فوق هذه الأريكة بعينيها؟
رفع حاجبه وقد استنتج سريعا أنها تحدث والدتها، ليشاهدها تنهي المحادثة بعد قولها بملل:
-حسنا أمي سنكون عندك فورا.
نظرت ل"عدي" تخبره برتابة:
-لقد انتهيت!
وقف "عدي" يضبط وضعية سترته الجلدية ويتمم على الطفلين ويتأكد من ملابسهما أنها تلائم الطقس البارد بالخارج، ولكنه توقف عندما طلبت منه "شهد" وقد شعر بالتلاعب في نبرتها:
-هل يمكنك إغلاق صمام الغاز لنا فأمي أوصتني بذلك وأخاف أن توبخني إن لم أفعل.
-أين هو ؟
أشارت له بيدها ليقع عينيه على مكانه سريعا، اتجه ينهي مهمته ولكنه لاحظ انتفاض "شهد" تنتزع شيء مجهول من فوق أريكته مع دسها بحقيبة الظهر الخاصة بها، ابتسم بسعادة على خجل تلك الفتاة رغم خفتها إلا أن ترث خجل وطباع والدتها، تحرك باتجاهها لتسبقه هي وشقيقه في الخطوات باتجاه باب الشقة لمحة فضولية أخذته لينظر جهة مكان جلوسه لتجحظ عينيه عند رؤيته لتلك الملابس الداخلية النسائية المطوية، ليرتبك لرؤية ذلك ويشعر كأن جمرتين عُلِقا بأذنيه، لمجرد تخيله أنه كان يلامس قطعة صغيرة من ملابسها بدون إدراك منه، فزفر يخفف توتره وانطلق يحرك يده أمام وجهه يستمد بعض الهواء وقد قرر أن يهرول خارج منزلها على الفور قبل أن يصاب بذبحة صدرية فورية وهو يهمس بغيظ من بين أسنانه:سامحك الله "زينب" سامحك الله!
x x x x x x x
x x x x x x x ************
أبسط ما يتمناه المرؤ جرعة اهتمام مركزّة المفعول وقت سقوطهx ليتأكد أنه ليس وحدهx في هذا العالم، هذا الحديث يناسب جميع البشر بختلف الأصناف والصنوف إلا هي، فما تتلاقاه الآن على يديه لا يصنف اهتماما أو ينسب حتى للإهمال، مزيج غريب تتلقاه على يديه، زفرت بضيق يتخلله الملل من نومتها فترة طويلة بتلك الوضعية، ثم رفعت رأسها لأعلى قليلا تنظر له بطرف عينيها وهو مفترش أراضا بجوار شرفته المقابلة للفراش الذي تحتله الآن، متكئا بذراعيه فوق ركبتيه القريبة من صدره ، يدخن سيجارته بنهم متعمق التفكير شارد العينين، هيأته الغير مرتبة وشعره الأشعث قبض عضلة قلبها، فمذ استيقاظها وتفاجأت بوجودها بغرفته فوق فراشه، رغم أنها أكيدة أنها كانت بالغرفة الأخرى قبل نومها جاهلة كيف وصلت لفراشه، لتتفاجأ به يراقبها عن قرب مضيقا عينيه بصمت مخيف، ليسرع بالانصراف من أمامها عما يفعله بالقرب منها ويجلب لها طعامها بنفس الصمت حتى أنه لم يُجب على أسئلتها الملحة -المتكررة- في كيفية وصولها لفراشه البغيض المسبب لها اشمئزازا، لينسحب لنفس البقعة الذي يحتلها الآن ويستمر في رمقها بنظرات خطرة بنفس الصمت، تحركت قليلا تكتم آلامها مع كشف الغطاء في محاولة مستميتة للتحرك من فوق الفراش نزولا، سببت لها تلك الحركة دوارا قويا جعلها تمسد فوق جبينها بلطف تخفف حدته، وخطت خطوات بطيئة إلا أنها انتبهت لتحفزه لحركاتها ليفاجئها بدهس سيجارته مسرعا يتبعه وقوفه أمامها يمنع استمرارها في التحرك، رفعت نظرها لوجهه المتحفز للعراك، فحاولت التحرك يمينه تتفادى وقفته ليفاجئها بمنعها مرة أخرى بسد خطوتها، رفعت حاجبها بشك في سلوكه وقد بدا لها كشيطان مارد مكفهر الأوداج فسألته باسترابة في أمره:
-ماذا؟
-إلى أين؟
سأل سؤاله بنبرة حادة، فأجابت ساخرة:
-هل سأطلب الأذن للتحرك؟
وتيرة أنفاسه الغاضبة ولمحها لقبضته المقبضة بقوة أطلقت الرعب في نفسها، فنهرته بقوة زائفة:
-ما بِك "مروان" هل جننت؟
صك على أسنانه حتى وصلها أزيزه مع رفع كفه يضغط بقوةعلى صدغها يخبرها بتحذير خطر:
-إن قطعت لسانك ستندمين وقتها أنك قمت باستفزازي يوما، ألم أحذرك من قبل؟!
تخصرت رغم شعورها بالآلام قد بدأت بالتفاقم لزوال المسكن وقرب أنفاسه الرجولية الممتزجة برائحة دخان سجائرة:
-لن تستطيع فعلها "مروان"، لن تجرؤ.
هز رأسه موافقا قولها مدعيا، وتشدق بابتسامة خطرة حتى ظنت تراجعه عن موقفه، ليباغتها بالانحناء وحملها فوق كتفه الأيمن ليتدلى رأسها للأسفل كشوال من الخيش، استمرت بصراخها وسبابها المتواصل :
-حقير لا تملك ذرة دماء بعروقك، اتعتقد أنك بعضلاتك ستخيفني ما يمنعني عنك حالتي الصحيةالآن.
صرخت بقوة أكبر عندما ألقى بها بقوة فوق الفراش خلفها ولم يكتف بذلك بل ثبت ذراعيها بقبضة واحدة فوق رأسها وقام بتثبيت ساقيها بركبتيه يمنعها من التحرك، قرب وجهه منها يشاهدها تتألم، فأراد استفزازها:
-تتألمين أليس كذلك؟
لم ترغب بانتشائه لهزيمتها أمامه، فتحت عينيها لتكشف مدى قربه منها فتقابلت عينيهما في حديث مطول تجهل ترجمته للغة تَفقها، حتى الآن تجهل تكوين شخصيته هل هو بالفعل كاره أم مهتم دائما وقحا ولكن يخفي خلف وقاحته أمرا يجعلها تتعجب منه، فصرخت به ليتركها ولكن باءت محاولاتها بالفشل المخزي، فأجابته بنزق:
-لن تكون سببا لألمي أبدا "مروان"، ليس لكرم أخلاقك، بل لأنني لن أسمح لك بذلك.
ضحك ساخرا على ثقتها الواهية، فإن علمت الآن بحالتها العقلية ستخر انهزاما أمامه وضعفا، ولكن هذا ليس مقامها الآن لكل مقام مقال، فأخبرها بتحدي وهو يشدد على قبضته:
-اجعليني أرى تلك الشجاعة الخرافية أثناء حقنك بعلاجك بالمكان الذي حدده الطبيب.
جحظت عينيها رعبا مما يفكر به، وازدادت رعبا عندما ختم جملته بغمزة ماكرة من عينه، فسألها باندهاش مدعيا:
-مابك!، هل أرى لمحة رعب تحلق بجوزتيك يا ساحرةx أم أختلط عليّ الأمر؟
-لن أسمح لك!
قالتها من بين أسنانها تحارب في معركتها لأخر نفس يلتقطه صدرها، فرفع حاجبه متحديا جملتها مع إلتواء ثغره بابتسامته الشيطانية:
-سنرى مدى مقاومتك أيتها الشريرة!
راقبته يمد يده الحرة يحرر حزامه الجلدي من سرواله بسهولة مع تكبيلها بقبضته الأخري، فصرخت بقوة تحاول التخلص منه بشراسة أنثى ولكن قوته العضلية فاقت قوتها، انتهى من تقييد يدها بالفراش من أعلى وظل يحاصر خصرها بثقل جسده يمنعها من مقاومته، انحنى برأسه أمام وجهها يزيد من جرعة غيظها يرتب خصلاتها المشعثة نتيجة حركاتها الهوجائية:
-أين ذهبت المقاومة يا فاشلة؟

*************************

نهاية الفصل 14
لا تنسوا آراءكم وتعليقاتكم دعما للعمل❤


وسام الأشقر غير متواجد حالياً  
قديم 20-08-21, 05:24 AM   #55

وسام الأشقر
 
الصورة الرمزية وسام الأشقر

? العضوٌ??? » 462759
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 256
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » وسام الأشقر is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
سيؤتينا الله من فضله، وإنا إليه لراغبون.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل الخامس عشر

الفصل الخامس عشر
———————


x x x - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بحركة مباغتة قلب جسدها على وجهها ليزداد صراخها وسبابها المتواصل فتجاهل ذلك، ونجح في انتشال إبرة طبية من غلافها وبدأ في سحب المحلول بمهارة من زجاجتها الطبية (الأنبول)،أرتعدت عندنا شعرت بإزاحته لطرف سروالها لأسفل قليلا ليكشف عن ظهرها برفع سترتها لأعلى، فنفضته عنها صارخة بكره له:
-أقسم لك سأمرر أيامك، سأقتلك وأنزع قلبك بيدي "مروان"، أيها الحقير، كيف تجرؤ على كشف جسدي؟
بالفعل أنه لأمر محرج لم يشعر به إلا بعد إقدامه على فعلته، قيم بنظرة شملتها وضع ظهرها وإصاَبتها كعين خبير، اندفع يخبرها بنبرة متلاعبة زائفة:
-ماأبشع مظهر جسدك الآن!، إنه لشيءٍ مقزز.
فتجاهل تهديداتها ووعيدها بتمزيقه بأسنانها، ونصحها بنبرة غريبة مختلفة بدت لها حانية:
-حاذري، حتى لا تصيبي نفسك بأذى.
كان صادقا في نصيحته خوفا من حركة مباغتة منها أثناء الحقن تؤدي إلى أضرار لها متفاقمة، حقنها بهدوء وآثر الصمت حتى لا يستفذها في تلك اللحظة وتباغته بحركة هوجائية خطرة، نظر لها بصمت بعد أن ضبط وضعية ملابسها بحرص بالغ يستر جسدها كما كان، وقد شعر ببعض الندم لما فعل، فمؤكد أن ما حدث سيسبب إحراجا لكلاهما، انتظر قليلا أن تكمل وصلة سبابها، ولكنها فاجأته بصمت طويل إلا من اهتزاز جسدها الذي يوشي ببكائها الصامت، أسرع في تحريك جسدها لتواجهه فتفاجأ بوجهها المبتل بعبراتها الغزيرة ترك ذلك في قلبه أثرا، أقترب يمسح عبراتها بكفيه بلطف يزيل عنهما ملحوتهما مع الإسراع في فك قيد يديها، ورغب بأن يخرجها من دائرة صمتها حتى لو على حساب سبابها وإهانتها لشخصه، فسألها بلطف غريب:
-هل تبكين لأنني انتصرت عليكِ؟
لم تجبهx واستمرت في بكائها الخافت، فأخبرها يعدها بصدق نابعا من قلبه:
-حسنا!، إن أغضبك ذلك وسببت لك ألما أثناء الحقن، سأستعين بإحداهن من الصيدلية لتقوم بذلك بدلا مني ، أعدك بذلك!
تحرك مبتعدا تاركا لها حرية التحرك عندما شعر برغبتها في ذلك، وقف منتظرا ما ستفعله حتى نجحت في ذلك وقبل أن تمر من جواره متجاهلة إياه أمسكها من ذراعها بقوة يكمل مشاكسته بنبرة منخفضة دافئة:
-ألن تعترفي بهزيمتك؟
نظرت لقبضته فوق ذراعها قليلا وانتشلتها بهدوء رعبه، يتبعها نظراتها الثابتة بهدوء فوق وجهه تتأمله ببراءة وهشاشة خادعة، ثم أبلغته بنبرة أكثر قوة مما جعله يعقد حاجبيه ببلاهة:
-مَن عليه الاعتراف بالهزيمة، هو أنت "مروان".
لطمة قوية استقرت فوق وجنته كقذيفة مدوية أخلت بتوازنه يتبعها ركضها هروبا من أمامه، جعلته يستوضح معنى جملتها الأخيرة، رفع كفه يلمس مكان لطمتها القوية الغير ملائمة لقوتها بصدمة من إهانتها الموجهة لرجولته، فصرخ باسمهاكالممسوس يتلبسه شياطينه:
-"هناااااااااا"!، سأقتلك، أقسم لك، "هناااااااا"!
x x x x x xx *************
رنت بخطوات بها كثيرا من دلالها التي شبت عليه ليس زيفا؛ إنما طبعا متأصلا بعروقها وعرق أجدادها أصخاب الأنوف المتعالية، حتى وصلت لنفس المرآة الذي يستقر هو أمامها، تتحسس خصلات شعرها المصبوغ بكبرياء وغرور يتملكها، تسأله بملل من وضعه المنقلب منذ الصباح:
-ألن تفرج عن وجهك قليلا؟!، فأنت منذ الصباح ووجهك معقود بوجهي بدون سببا.
وقف "خالد" يكمل ربطة عنقه بضيق أربد بوجهه، يرميها بنظرة ضيقة وقد آثر الصمت؛ حتى يكون لحديثهما بقية بوقت آخر، ولكنها لم تكتفِ هي بصمت لتنهره على تجاهله المتعمد:
-أنا أحدثك "خالد"، ماذا حدث لك ذلك؟
أزال يدها الممسكة بكتفه ليتحرك جهة فراشه ببرود يلتقط سترة بذلته الرسمية-السوداء- فتحركت بحذائها العالي بغضب فأجابها ليختصر شجار تلك الليلة:
-ليس وقته "ندا" لنتحدث فيما بعد، فلا أرغب بالشجار الآن فأمامنا حفلا صاخبا للساعات الأولى من الصباح.
-يجب علينا الحديث الآن "خالد"، الآن!
ضم أطراف سترته ليتمم غلقها ثم أتبع ذلك مسك كفها الأيمن يلقي نظرة متهكمة على إصبعها المزدان بخاتم ماسي، فسألها ساخرا:
-أين المبلغ الذي أقترضته من "زينب" مذ مدة؟
جذبت كفها منه عنفا وقد فهمت ما يرمي إليه وأجابته بحدة جديدة عليها:
-لقد فهمت الآن سبب ضيقك، ألهذا غاضبا؟!
-اجيبي "ندا"، أين الأموال؟، ومن أين لك بثمن ذلك الخاتم باهظ الثمن؟
تحركت تنفض جسدها تلقيه فوق أريكتها المخملية ذات اللون الأحمر القاني واضعة ساقا فوق قرينتها تهزها بعصبية من تعليقه الموبخ لتصرفها، تجيبه بنزقٍ:
-أعجبني وأشتريته، هل هنا أعتراض "خالد"؟
-لقد جُننت "ندا"، تبتاعين مثل هذا الخاتم الثمين بأموال شقيقتي، فثمنه لن يكفيه عمل بدوامين لمدة عامٍ كامل، كيف سأرد لها ذلك المبلغ الآن؟
نظرت له نظرة متعالية تواجهه بحقيقة الأمر:
-لا تقل لي أنك كنتَ تفكر يوما في إرجاع المبلغ، لأن ببساطةِ الأمر إن كنت تنوي ذلك لكنت فعلتها من اللحظة الأولى "خالد".
وقف يفكر في حديثها القاسي بعض الشيء، واجهته بما كان يدفنه في أغوار نفسه، فهو لا يرغب بالاعتراف، المواجهة، مع ضميره، بأنه استغل واستنفذ تعاطف شقيقته لآخر قطرة تُمتص، فكان من الأولى التفكير مليا في مصلحة شقيقته وأولادها الذين أضحوا بحكم الأيتام لتصبح هي عائلهم الوحيد، جدار حمايتهم، بدونها يضلّون، لتأتي هي الآن تفشي بسر دناءته أمام عينيه، تكشف عن ستار خسته أمام روحه، رفع نظره يواجهها بقوة، يعترف لنفسه قبلها:
-نعم، فحديثك صحيحا "ندا"، ولكن على الإنسان أن يراجع ضميره بين الآونة والأخرى؛ حتى يأمن مكر نفسه وإنزلاق قدمه بهوة الخطيئة، نعم كنت أنوي منذ اللحظة الأولى الحصول على الأموال المشتركة بيني وبينها، طمعا لإرضائك وتوفير مالم أستطع عليه مقدرةً، باغتصابي لحقها وحق أولادها.
زفرت بضيق من تلك المحاضرة الرنانة، وتحركت تنظر لهيئتها المنعكسة بمرآتها، ترتب خصلات شعرها تجاهلا خطبته الصاخبة مبادئا، فقد اعتادت على أسلوبه في لعب دور الضحية؛ ليظهر دوما بدور المضحّي، يتساقط قطرات تضحية قطرة قطرة، احتراقا من أجل إضاءة عتمتها، أخبرته بصوت ساخر وقد حفظت خباياه:
-نوبة ضميرك، ستنتهي سريعا "خالد" عندما تندمج اليوم في الحفل المقام خصيصا ترقيةً لمكانتك وسط رجال الأعمال كعالم جديد، مع أول خطوة تخطوها في ذلك العالم المنفرد، ستنسى زينب وأولادها كعادتك، لتضحَى انتفاضة ضميرك صريعة أسفل قدميك.
انتهت من إلقاء عباراتها لتوقظه من وهم الأخوة الغريب عليه، مرورا به تلقي عليه نظرة أخيرة مستهزئة بوجومه، لتلقي عليه آخر اعتراف يثبت خسته:
-أبسط أمر، كنت أسرعت في الإجابة على اتصالاتها المتكررة التي لم تتوقف منذ الصباح حتى الآن.
لو كانت الكلمات تقتل لأردته صريعا.
تركته يلملم شتات نفسه التائهة لقد أضحى رجلا غريبا عن نفسه رجلٌ لا يعرفه، يبحث عن مبررات لأخطائه ولا هو راضٍ عن حياته السابقة ولا هو سعيدٍ لما وصل إليه.
x x x x x x x ***************
في قاعة الحفل
--------------
وقفت تحيي كل من تعرفه بأنفها المرفوع، تتباهى بردائها الباهظ ثمنا، ليزيد تفاصيلها فتنة وقد انساب بنعومة حول جسدها الرشيق كحيّة ملاصقةً لها حراشِفها، رنت بخطواتها الواثقة وبيدها كأس مشروبها المثلّج لنقطة تركيزها - هدفها- التي لم تبرحه بنظراتها مذ اللحظات الأولى للحفل، مالت بجسدها تحيط عنق "راجي" بدلالٍ مُبتدع؛ لعلها تلفت أنظارا بعينيها، تخبره بكلماتها ناعمة:
-متى ينتهي "راجي بِك" من أعماله التي لاتنتهي أبدا وتخطفه من ابنته الوحيدة.؟!
ضحك "راجي" ضحكاته الخشنة بحبور كبير، وراح يربت فوق ذراعها الملتف ربتات أبوية؛ فابنته المدللة لن تنضج أبدا، فبادر بالنظر في عيون المضيفين حول مائدته المستديرة الخاصة به، يخبرهم بانتشاءٍ لحصوله على مثل تلك القطعة النفيسة مختالا بنفسه:
-لا يتجرأ أحدا في العالم أجمع، أن يقتحم اجتماعاتي مثلها، حتى والدتها لم تتجرأ يوما.
أضاف أحدهم وهو يثني على جمالها:
-لها كل الحق راجي بيك، فمن يمتلك مثلها، كأنه ملك العالم أجمع، لها حق تتدلل وأبيها رجل أعمال مخضرم.
تنحت بنظراتها عن هدفها، وهي على نفس انحناءتها ترمي زوجها الشاهد على تلك المسرحية الهذلية بوجه مُربِد ضيقا بنظرات واثقة، وقد بدى عليه عدم تركيزه لم يحدث مِن حوله ولا مستمع لتلك الكلمات التي أثنى بها الجميع على زوجته المثيرة، انتبه على ركلة من ساق من يجاور مقعده من أسفل المائدة المزدان بشرشف حريري، أجفل ليرفع عينيه بتساؤل، لتواجهه نظرات "سعد" مساعد الذراع الأيمن لحميِه، الذي وجهه بإشارة من رأسه بأن ينتبه لحديث ربّ عمله "راجي بِك"، أولى كل اهتمامه لوالد زوجته ليكتشف أنه مراقب من باقي المضِيفين على المائدة، فتحنح ارتباكا بسبب شروده وعدم انتباهه للسؤال الموجه إليه:
-اعذرني، لم استمع لحديثك.
هز "راجي" رأسه بعدم رضا عن سلوك زوج ابنته ورمقه بنظراته النارية، لقد أحرجه أمام ضيوفه - رجال الأعمال بالسوق، فقاطع "صفوان" تلك الشحنات الكهربائية التي أنتقلت بين الأعضاء وراحوا ينظرون إلى بعضهم بحيرة:
-لقد سُئل "راجي بِك" إن كان يرى في ابنته "ندا" هانم، بارقةَ أملٍ لأن تصبح سيدة أعمال مخضرمة في الأسواق يوما ما، ولقد وكّلك أنتَ لتنوب عنه بالإجابة، بما أنك زوجها!
تلاقت نظراته بعينيها الهرَرية في حديث مطوّل، وقد لاحظ أن صمته عن الإجابة وترت الأجواء، فأسرع يثني بكلمات مادحة فيها مدعيا:
-بالطبع! لا يوجد أنسب منها لذلك!
x x x x xx **************
-ألا يكفي ذلك؟، يجب عليك الرحيل، فأنت معي منذ الصباح وقت تأخر الوقت بكَ.
قالتها "زينب" ببعض الإحراج من مرافقته لها كل تلك الفترة، يساندها موفرا لها كل سبل الراحة بالمشفى، رفع عينيه يرمقها بنظرات لائمة بوجه مضحك وراح يشهدx "شهد"، على والدتها قائلا بلوم محبب:
-هل ترغبين "شهد" في طردي؟
رفع حاجبه بشكل ساخر يكمل لومه المحبب وهو ينظر جهة الصغيرة:
-ليس هذا العشم بيننا "شهد"، كنت أعتقد أنكِ تحبي مجاورتي، يالحزنك ويأسك "عدي" !
عقدت "شهد" حاجبيها باسترابة من حديثه الموجه لها، فهي كانت مندمجة في هاتفها النقال تشاهد إحدى الفيديوهات هي وشقيقها المصاب التي تجاوره فوق فراشه يشاركها المشاهدة، رفع سبابتها، تشير لنفسها:
-أنا؟! ، لم أقُل شيئا!
-ولكن أمك قالت نيابة عنك، صغيرتي.
ختم "عدي" جملته بغمزة من عينه اليسرى، يُفهِمها دعابته، فهمت "شهد" ما يدور بينهما، فمالت على أُذن "عمر" وهي تراقبهما بعينين يملأوهما التلاعب:
-هل تلاحظ ما ألاحظه "عمر"؟ ، يبدو أن عمي "عدي"، يفكر بأمرٍ ما، تُرى ماهو؟
نظر لها "عمر" يوبخها على غبائها، يوضح لها بثقة:
-بالطبع ألاحظ، ياغبية، وأمك لا تقصر في شيء، تَعِدّ نفسها من أهل بَنهَا (محافظة بمصر)، لم أكن أتوقع أن تكون أمي بكل ذلك المكر، فعمّال المشفى أنتبهوا لاهتمامه المبالغ بها إلا هي.
نظرت له "شهد" بعين خبيرة رغم صغر سنها تشاكس أخيها بطريقة "عدي" في تلفظه لاسم والدتها:
-تتدلل السيدة "زينب"!
أما عنه فراح يبرر انتظاره وهو يتلاعب بخصلات شعر"زيد" الجالس بينهما فوق الأريكة، يخبرها ببعض الرسمية:
-أنا أنتظر شخصا مهما على وصول، لن ءأمن علي وجودك بالمشفى وحدك فترة الليل.
-من هو، ذلك الشخص؟

…………………….
انتبهت لطرقتان متتاليتان بخفة فوق باب الغرفة، فاعتقدت من أول لحظة أنه الطبيب المسئول عن حالة ابنها الصغير،x لتجفل عندما اتجه "عدي" بغرض استقبال الطارق المنتظر، فرجت عينيها على اتساعهما عندما شاهدت آخر شخصين منx الممكن أن يتواجدا بالمكان.

دثرت ابنها الناعس بشرشفه الأبيض، تتأكد من حصوله على التدفئة المطلوبة، لتولي اهتمامها للزائرة، ثم تناولت علبة عصير من داخل الكيس البلاستيكي لتقدمها لها بامتنانٍ لاهتمامها للحضور:
-تفضلي!
تناولت "سهير" علبة العصير باطلاق عبارات امتنان لها:
-عندما أبلغني "عدي"، بأمر الولد، لم استطع الانتظار للصباح حتى اطمئن عليه.
تعجبت "زينب" قليلا من حديث "سهير" عن "عدي"، وقد لاحظت أنها أطلقت عليه اسمه بدون ألقاب كما اعتادت منها فدائما تضيف لفظ للبكوية لاسمه فالمرات التي جََمعتهم بمكتب المحاماه، ولكنها أسرعت تنفض اهتمامها المبالغ بالأمر، فأردفت تشكرها بودٍ حقيقي:
-لقد أتعبتي حالك، لم أتوقع الحقيقة ذلك وخاصة حضور استاذ "أبو بكر" معك اليوم.
رفعت "سهير" أناملها تلمس خصلات رأسها المعقوص المتدلية من ربطته بسلاسة:
-عندما أبلغت استاذي بذلك، قرر الاطمئنان بنفسه، فيبدو أن لك معزة خاصة لديه.
هزت "زينب" رأسه بابتسامتها التي تزين ثغرها، رغم الارهاق المتملك من جسدها، تذكرت شيئا هاما طرأ عقلها فجأة قد نسته في زحمة مشاكلها:
-ألا يوجد أخبارٌ جديدةٌ لقضية النفقة المرفوعة؟
تحرجت "سهير" من سؤالها فهي غير معتادة على مدِّ موكلي رب عملها بأي معلومات خاصة بقضاياهم، اعتذرت "سهير" بلباقة عن الإجابة بتهذيب:
-كل المعلومات الجديدة مع استاذي، فأن غير موكل لي بذلك، اعتذر عن امتناعي لمساعدتك.
تفهمت "زينب" موقفها وتقبلت إحراجها، ولكن ضربها الشك في أن قضيتها لم تنل الاهتمام المطلوب بسبب تأخر دفعة الاتعاب:
-أنا فقط قلقة بعض الشيء، وأخاف أن يكون الاستاذ لا يهتم بها بسبب تعطل دفعت أتعاب، وتأخري في سدادها.
جحظت عيني "سهير" من حديثها مستنكرة تفكيرها في ذلك، فاندفعت تدافع عنه بعد أن أخفضت ماصة العصير من فيهها:
-أي أتعابٍ التي لم تُدفع بعد؟، هل لك قضية أخرى غير النفقة وأنا لا أعلم عنها شيءٍ؟
-لا إنها قضية واحد، لمَ السؤال؟
حكت رأسها بحيرة، فيبدو على "زينب" أنها لا تعلم شيئا عن الأموال التي دفعها "عدي" لقضيتها، كانت تظن أنها على علم بذلك، نظرت "زينب" لعينيها وقرأت بعض التوتر المنبعث منهما فأصابها ببعض الغبطة، لتندفع تسألها بتروي:
-هل هناك أمر لا أعرفه؟
بللت "سهير" شفتيها لا تعلم إن كان من الصحيح إخبارها بتلك المعلومة أم لا ولكن ما تأكدت منه أن "عدي" يكن بداخله مشاعر خفية اتجاهها، لقد سعدت لذلك، فأجابتها بحرص:
-لا أعرف إن كان من الصحيح إخبارك بذلك أم لا؟، ف"عدي" قام بدفع كل الأتعاب للمكتب مذ فترة كبيرة.
صدمة ضربت رأسها، مع شعورها بذلك المتمرد الذي دغدغ تجويف صدرها مهددا بالانطلاق خارجه، "عدي" !، فعل ذلك من أجلها هي؟، عُدي؟، عدي! عدي!!، في كل لحظة وتفصيلة تمر بها تجد اسمه يتردد "عدي"، تخشى من التطرق لتلك الجزئية المؤُدة رعبا من صدق حدسها اتجاهه، تخشى أن تواجه نفسها دوما بحقيقة مشاعرة الخفية، ببناء فقاعة تحيط نفسها بها، تمنعها من التعلق، والبحث عن مشاعرها المدفونة منذ زمنٍ ولّى
x x x x xx ***********
الطبيعة الإنسانية تدفع صاحبها دوما لما ترغبه، طبيعته المتمردة بطبعها تكره القيود بأصنافها سواء كانت قوانين أو عادات أو حتى عقيدة تحكمها، ولكن مايميزنا كبشر، هو تقيدنا بتلك الأغلال برضا مكتمل وإلا سقطت في هوة الخطيئة.
رنت بخطواتها المتلاعبة وعينيها لم تبرح جسده العضلي كحيةٍ راقصة على مزمار حاويها رغم صمّها عن لحنِه إلا أن يكفيها إشارة منه لتتبع خطواته، توقف خلفه مانعة ساقيها عن التقدم، تاركة مسافة خطوة واحدة تمنعها من الإلتصاق بظهره، صمته وثباته عن الإلتفات أشعل ضيقها رغم تعمدها لإظهار صوت طرقعة حذائها العالي مع كل خطوة تدنو بها اتجاهه. ألتقطت صوته الخشن يمزجه بحّته القاتلة يخبرها واثقا:
-لن تتغيري أبدا، أعتقدت بزواجك وانجابك ستصبحين أكثر تعقلا عن ذي قبل.
إلتوى ثغرها بابتسامة واثقة، ثم أقتربت بخطواتها حتى أصبحت بجواره تنظر للمساحة الواسعة أمامها وتركت فجوة بينهما مانعة التلامس بينهما رغم تتوقها لذلك:
-ولكن أنت تغيرت كثيرا، "ندا" هانم!
ضحكت ضحكة رقيعة مع حرصها على عدم وصولها للجمع خارجا، ثم رمته بنظرة جانبية تراقب عضلة صدغه المتشنجة فقد كان حريصا على عدم إظهار تأثره بها ولكن لم يخف عليها ذلك، فمنذ لحظة ولوجها لحيزه لاحظت بوضوح تصلب عضلة جسده رغم إظهاره النقيض، إلتفت بجسدها تريح ظهرها لحاجز الشرفة لتبدو لها الرؤية أكثر وضوحا، تبلغه ساخرة مما نطق به منذ لحظات:
-هانم!، تلك الكلمة تخرج ثقيلة من فيك الغليظ سيد "صفوان"، لم يصلني مصداقيتها.
رفع سيجارته يريحها بين شفتيه الرجولية بعد أن رمقها نظرة جانبية مهملا حديثها، ثم أمرها بنزق:
-يجب عليك العودة للحفل "ندا هانم" حتى لاتثيري شكوك زوجك.
أدارته من ذراعيه ليواجه جسده العريض جسدها النحيف فتلاقت عينيه مع خاصتهاx وقد شرد كلاهما وانفصلا عن ما حولهما متناسين وجودهما، فاقت من تأثيره عليها لتهزه بضعف مناسب لها تخبره من بين أسنانها بغضبٍ لم ينطفئ أبدا:
-لم تتجاهل وجودي" صفوان" ، ماذا فعلت أنا لتعاقبني بذلك؟
لم يعقب على حديثها مشيحا بوجهه عنها حتى لاتؤثر عليه، فهو لن يسمح بأن تتوغل بأوردته مرة أخرى مثل سابقا، نصحها بنبرته القوية التي تخفي انهياره الداخلي الوشيك:
-"ندا" لا يصح ما تفعلينه الآن، أو ما تفكرين به.
-حقا هل تعلم ما أفكر به "صفوان" ، لا لن تدرك أبدا ما أفكر به الآن.
تشنجت عضلة صدغه بشكل ملحوظ مانعا نفسه عن التهور، يعلم مدى استيائها منه ولكن لن يسمح لها بأن تهد ما بناه في سنوات كفاحه:
-أعلم جيدا ما تفكرين به وبما تشعرين.
حررت كفيها من ذراعيه لتقبض بقوة على تلابيب قميصه المنفرج لتخدش أظافرها المطلية صدره المكشوف، تبثق كلماتها من فيها الصغير:
-لا لن تشعر أبدا باحتراقي كلما رأيتك أمام عيني مجاور أبي، ولا أستطيع الوصول إليك "صفوان" .
قبض بقوة فوق قبضتها المتشبثة به، مع بقائه على سيجارته التي أوشكت على الانتهاء، لينصحها بهدوء رافضا توترها:
-عليكِ لملمة شتات نفسك "ندا"، فما تفعلينه سيثير الشبهات حولنا، تعقلي قليلا!
-لا لن أتعقل أبدا، أين آتي بهذا العقل، لم فعلت بي هذا "صفوان"، هل تعلم كم أحببتك؟
شددت من قبضته فوق خاصتيها يفلت قميصه منها، رافضا فعلتها المجنونة:
-لقد أخبرتك كثيرا أنّ حُبك هذا يُعدّ تهورا، نحاسب عليه كلانا، يؤدي بي للهلاك.
رفعت كفيها تحاصر وجه بينهما بتوسل وقد بدأت حالة انهيار تتملك من عقلها،. فاندفعت ترجوه بجنونٍ :
-نهرب كلانا، إن كنت تخاف من ردة فعل أبي على ذلك، نهرب بعيدا عن هنا.
ابتلع ريقه بصعوبة من حالتها؛ فهي دوما هشة تزييف قوتها أمام الجميع، أزاح كفيها بصعوبة:
-الحديث لن ينفع معك "ندا"، لقد نسيت أمر زواجك وإنجابك.
ختم جملته بحركة منه مبتعدا عنه بغرض التخلص من ورطتها، ليتفاجأ بوقوفها أمامه تمنعه من الاستمرار لتندفع تلقي بجسدها وتقع بين أحضانه متشبسة به بقوة، توترة وتيرة أنفاسه وتسارعت فهي لها دوما تأثيرا طاغيا على خلايا جسده الرجولي، يكفيه ضعفه مرة، لن تتكرر مرة أخرى، ولكن إشارات جسده رفضت أمر عقله بابعادها ليرفع ذراعيه يحيط جسدها بقوة مؤلمة صدرت عنها آنات ظنها تألما، ولكن كانت حقيقتها استمتاعا بجسده التي عشقت ملمسه دوما، همست بانتشاء. قد نست مكانها وما حولهما:
-"صفوان" أعشقك بجنون، أشتقت لملمسك، أشتقت لأنفاسك الممتزجة دوما بدخان سجائرك، لمَ تدفعني للتوسل دوما.
أبعدها بدون أن يحررها يلامس ذقنها بأنملة سبابته رافعا وجهها له، فلفحت بشرتها أنفاسه المشتعلة وقد تأكدت من تأثره ووقوعه في فخ تلاعبها أخيرا، أغمضت عينيها استمتاعا عندما شعرت بأقترابه لتتلاقا شفتاه الغليظة بخاصتيها بلهفة في حديث طويل يبث كل منهما وجعه وشكواه،x فرفعت ذراعيها تحيط رقبته عندما ثبت كفه خلف رأسها يعمق تلك القبلة المشتاقة بنهمٍ بشفتيه، أبتعد عن وجهها يريح جبينه فوق خاصتها بصدر لاهث من دفعت المشاعر التي باغتته به فجأة:
-أيتها المتلاعبة أوقعتني مرة أخرى بمكرك وكيدك. وأنا لا أتعلّم.
عاد يلتهم شفتيها السفلية يقضمها بخفة، لتشق ثغرها الصغير ابتسامة فوز وانتصار، تخبره بتوتر وخجل مما قاله:
-"صفوان" لا يسقط أبدا إلا إذا كان يرغب في ذلك.
رفعت منديلا من سترته تمسح به أطراف شفتيه مزيلة لون الحمرة بها، تخبره بدلال قاتل وهي تخطو بخطواتٍ مبتعدة:
-انتظر مني اتصالا، ولكن عليك تلك المرة الإجابة عليه.
قبض على ذراعها يمنع مغادرته لتسقط مرة أخرى فوق صدره بدلال، يودعها قبلة عميقة أخيرة، ثم همس أمام شفتيها:
-سأنتظر الاتصال وأنا على أهبة الاستعداد.
x x x xx *************
(قليلٌ من السعادة تدق بابك على حين غرة، فلا تسمح لنفسك إلا بالاستمتاع بكل تفاصيلها كما يجب)

جلس بين أطفالها بأرضية حجرة المعيشة ولم تتخل الابتسامة عن وجهه أول مرة يعتبر ذلك الشعور بينهم، كيف وهبها الله مثل تلك القطع الغالية في حياتها، شعر بالغبطة وكاد أن يحسدها على ماتملكه بين يديها ليدرك مدى غباء والدهم الذي ضحى بهم من أجل الكيد لأمهم، شرد في خديث أبنها عمر وما أعترف به له خوفا من علم والدته ومعاقبته، كانت صدمة له عندما علم أن سبب حادثه كان والده أثناء مطاردته له ومحاولة الأخير في إجباره على الذهاب معه تاركا والدته، هل يندرج هذاx تحت مسمى الاختطاف؟، هل يوجد أب يخطف أبناءه، ماذا لو علمت "زينب" بذلك ستنهار حتما أو تخضع لتهديداته وتعود له، تاركة إياه في عشقه الصامت، ترى هل يجب عليه مصارحتها بمشاعره الآن أم سترفض تواجده في حياتها، رفع نظره عن "زيد" الممسك بذراع (البلاي ستيشن)، ليراقب "شهد" التي تلاعب "رقية" بعرائسها، من حسن حظه أن قدر على اقناعها بتواجد الأولاد معه تلك الليلة بعد فشلها بالتواصل شقيقها، حمد ربه أنه وفّر مُساعِدةمقيمة لأمه و "رقية" بعد الحادث الأخير، لتكون تلك الحجة الوحيدة التي استند عليها لتوافق على ذهاب الأطفال معه، لن يخفيه شكها في حديثه وتأكده من والدته هاتفيا حتى لا تسبب إزعاجا وحملا فوق عاتق المسنة، حِملا لا تقدر عليه، انتبه لهاتفه فتراقصت نبضاته مرفرفة بين ضلوعه، ولكن قلقا ضربه من اتصالها المتأخر؛ ليظن أن مكروها قد وقع، أسرع في إجابتها متلهفا:
-زينب أأنتِ بخير؟
تحركت حدقتيه باضطراب منتظرا إجابتها بقلب متتوق، أما عنها فألقت نظرة سريعا على "سهير" المحتلة الفراش الإضافي بعد أن أصرت على مبيتها وعدم تركها وحيدة، فرفعت خصلاتها الهاربة من عقصتها وتبلل شفتيها تنطق بأسمه هامسة:
-"عدي"، أ أطمئن فأنا بأحسن حال.
زفر براحة غريبة وتنحى بنفسه عن الحجرة يخطو بخطواته حتى استقر فوق أريكته المفضلة بالبهو، معقبا على قولها:
-الحمد لله، أنك بخير. هل الأمور تسير معكم على ما يرام؟
هزت رأسها كأنه يراها بنعم، ثم تابعت قولها باضطراب تملك من روحها:
-نعم، فأنت لم تترك أمرا إلا وأعتنيت به قبل ذهابك أنت والأولاد.
-جيدا جدا!
ضغطت بأسنانها على شفتيها وكادت أن تدميهما، ثم ضمت ساقيها لصدرها تزيد من تدفئة جسدها، تسأله بحرص خوفا من جوابه الذي سيقلب حياتها إن صرّح به:
-"عدي"، هل يمكنني سؤالك عن شيءٍ إجابته هامة بالنسبة لي؟
فضوله دفعه لمعرفة ماهية سؤالها فانحنى يسد مرفقيه فوق ساقيه بتركيزٍ أكبر، يخبرها بتتوق لمعرفته:
-بالطبع لك كل الحرية، تفضلي.
رمقت بعينيها تلك الحقيبة البلاستيكية التي تفاجأت به يضعها ويبلغها أنها تخصها، لتكتشف بعد انصرافه أنها تلك الرداءات التي اختارها لها من المركز التجاري يوم حادث تمزق نقابها وكانت قد رفضتهم منه يومها، وتركتها بسيارته رافضة إمتلاك تلك الملابس بدون أن تدفع ثمنها، لتتفاجأ اليوم بإصراره عليها بأن تبدل ملابسها بملابس نظيفة، نظفت حنجرتها لتُقْدم بشجاعة على حديثها:
-لمَ تفعل كل ذلك معي؟ وارجوك أن تكون صريحا معي.
أجلى حنجرته متوترا يحاول ترتيب عباراته، كيف يفهم تلك الغبية أنه يعشقها، كيف لم تشعر بعذابه حتى الآن وأنه يتتوق فقط لسماع نبرة صوتها؟، فاندفع يخبرها بعبارات مرتبة:
-هل ستصدقيني أنني أقوم بما أقوم به بدون إرادة مني ولاتفكير، كلما وقعت في مشكلة أجد نفسي أهرول لمساعدتك و إنقاذك حتى أضمن بقاء بسمتك أن تكون دائمة على شفتيكِ.
-تلك ليست إجابة واضحة "عدي"، إنك تراوغ وترغب في تشتيتي عن هدف سؤالي.
ابتسم على غضبها فأخبرها بصوت رقيق:
-كم أعشق مراوغتك "زينب"!
-"عدي"، هذا لا يليق ما تفعله فأنت دوما تشتت عقلي بسلوكك، لا استطيع الحكم عليك إن كنت مراوغا أم صادقا، اجبني من فضلك.
-حسنا "زينب" ترغبين معرفة سبب أهتمامي بك وبالأولاد رغم أني غريب عنك أليس هذا ما ترغبين معرفته؟
صمتت ولم تجبه خجلا، فرفع أنامله يمشط خصلات رأسه بأنامل مهتزة، لا يصدق أنه الآن على وشك الاعتراف، هل ستتقبله هل ستوافق أم ستنهار أحلامه برفضها القاطع:
-أنا!، أريد أن أعترف بآني..، أنا...!
قطع استرساله واعترافه متحججا بعبارات سريعة متهربا من الموقف أجمع:
-"رقية" تناديني، سأراك غدا، تصبحين على خير.
احتقن وجهها غيظا من تهربه فهي لم يصلها صوت "رقية" بالخلفية، فنادته غاضبة تمنعه:
-"عدي" لا تغلق المكالمة.
ابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه، ثم داعبها بكلمات تركتها مصدومة:
-تصبحين على رؤياي "زُنَيْبَةَ"!
x x x xx ************
انتهى من درجات الدرج الأخيرة قاصدا فتح باب شقته، بوجه غير مقروء الملامح، لا يصدق أنه ترك لها البيت أكثر من أربع ساعات متواصلة بعد أن أهانت رجولته بلطمها له، لم يقدر على التواجد معها وقد تملك منه شيطانه ليرديها صريعة في لحظتها، ولكن هروبها منه داخل الحمام متحصنة به، منعه من إصابتها بالأذي، ولج بأول خطواته لتضرب عينيه ظلمة كاحلة، فعقد حاجبيه تعجبا من إظلامها للمكان بذلك الشكل الغريب، تحسس الحائط المجاور ليصل لكبس الإنارة، ليحاول إنارة المكان فتعجب من إنقطاع التيار الكهربائي بشقته لأول مرة، أسرع بإضاءة هاتفه يتحسس الخطوات وينادي عليها لعلها مستيقظة، ولكن بعد فتحه لغرفته ويليها غرفتها لم يعثر على وجودها، أرتاب من عدم تواجدها فراح ينادي عليها بجنون وقد هيأ له شيطانه أسوء المشاهد، ليصله صوتها باسمه ممتزجا بشهقاتها المتقطعة من بعيد، استرق السمع لمصدر الصوت يناديها متسائلا:
-هنا!، أين أنتِ؟
وصله صوت بكائها بنبرة غريبة متوسلة بنبرة أعلى:
-"مروووان" !، أخرجني من هنا، أرجوك!
تأكد من وجودها داخل حمامها، فأسرع يطرق على بابها الموصود من الداخل بعد تأكده من أوصادها له، فأمرها متعجبا من ترك نفسها داخله في تلك الظلمة:
-افتحي الباب هنا، افتحي ذلك اللعين.
-أخرجني، أخرجني من هنا أرجوك.
رجائها بين شهقاتها أكد له أن هناك ما يمنعها من التحرك:
-"هنا" اسمعيني جيدا فأنا هنا معك لا يفصلنا إلا ذلك الباب الموصود، ليس مطلوب منك إلا التحرك بحرص وفتح المزلاج من الداخل لتصلي إليّ.
أجابته بنبرة منكسرة:
-لا استطيع، لن أقدر.
أعتصرت عضلة قلبه من حديثها فدفعه ذلك بضرب الباب بقبضته أعتراضا :
-تحركي يامجنونة ماذا يمنعك عن ذلك؟
نطقت بأخر شيء يتوقعه منها:
-إني، إنني خائفة!، بل مرتعبة من الظلام، ساقي متخدرتان لا أشعر بهما صدقني! ، أرجوك لا تتركني بالداخل أرجوك!
أراح جبهته فوق الباب الفاصل مغمض العينين محاولا إيجاد حلا سريعا، لورطتها، جحظت عينيه صدمة وارتعابا، عندما طرأت فكرة وجودها بالداخل منذ صدامهما منذ عدة ساعات:
-هنا، منذ متى وأنتِ بالداخل؟
-منذ، منذ شجارنا وهروبي للحمام.
رفع أنامله يجذب خصلات شعره وكاد أن يقتلعهم، فصرخ بها مذهولا:
-كيف تبقين كل ذلك الوقت داخل الحمام يا مجنونة، لم لم تحاولين الخروج؟
-"مروان" أرجوك فأنا أخاف من الظلام، لا أعرف ماذا حدث لقد انقطع التيار فجأة أثناء استحمامي.
أبتلع غصة بحلقة عرضية، وقد انتبه لجملتها الأخيرة وقد توقع وجودها عارية الآن مجردة من ملابسها، فأسرع يطمئنها بصوته الأجش يبثها آمانا تفتقده :
-هنا أسمعيني جيدا، سأخرجك من الداخل أقسم لك أنني سأنجح في ذلك.
لم يرَ تلك البسمة التي أحتلت جانب شفتيها وسط دموعها الغزيزة، تعلم أنه سيفعلها، نعم مروان سيفعلها.

يتبع،
نهاية الفصل الخامس عشر


وسام الأشقر غير متواجد حالياً  
قديم 21-09-21, 12:40 PM   #56

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

تغلق الرواية لحين عودة الكاتبة لانزال الفصول حسب قوانين قسم وحي الاعضاء للغلق

عند رغبة الكاتبة باعادة فتح الرواية يرجى مراسلة احدى مشرفات قسم وحي الاعضاء (rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065, ebti ، رغيدا)
تحياتنا

اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:12 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.