09-02-21, 09:52 PM | #43 | ||||
| الفصل الأول رمشت بعينيها عدة مرات وهي تحاول إستيعاب وجوده أمامها .. لقد مرت سنوات ظنت خلالها أنه نساها .. لكنها كانت مخطئة فهذا الرجل لا ينسى بسهولة ولا يغفر ذنبا إقترفه أحدًا ما في حقه .. يا لها من فتاة غبية عندما ظنت أنه سينساها ويتخطى وجودها .. يا لها من حمقاء عندما سمعت كلام والديها وقررت العودة الى هذه البلاد مرة أخرى .. سمعته يسألها بصوته البارد كالجليد : " ألم تنتهي صدمتك بوجودي هنا بعد ..؟! ألم يحن الوقت لتستوعبي ما حدث ..؟!" إرتجفت شفتاها وهي تسأله بصوت خرج مرتعشا : " أنت كيف أصبحت هنا ..؟!" ضحك بقوة منتشيا بخوفها الواضح ورهبتها الشديدة منه قبل أن يجيب بثقة لطالما تحلى بها : " سؤال كهذا يبدو غريبا يا سيرين .. ألا تعلمين من يكون مراد القاضي وماذا بإمكانه أن يفعل ..؟!" نعم هي تعلم جيدا من يكون مراد القاضي وماذا بإمكانه أن يفعل .. تعرف جيدا مدى قوته ونفوذه .. طوال السنين السابقة كانت تتحاشى كل هذا .. تدعو ربها أن ينسى ما حدث وألا يستخدم هيمنته هذه ضدها .. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن .. وهاهي تقف بين ذراعيه من جديد .. قررت أن تتماسك قليلا وألا تسمح له بالسيطرة على الحديث الدائر بينهما فقالت وهي بالكاد تسيطر على رباطة جأشها : " ماذا تريد يا مراد ..؟! " والجواب كان واضحا صريحا وربما فجا : " جئت لأستعيد حقي منك يا سيرين .." صاحت به وقد تملكها الجنون في تلك اللحظة : " عن أي حق تتحدث بالضبط ..؟! لا حقوق لديك عندي يا مراد .." قال ببساطة وهو يتأمل وجهها الغاضب بسعادة : " بل لدي يا سيرين .. لدي حق تجاهلته لأكثر من خمسة أعوام .." ارتجف جسدها بالكامل وهي تعود بذاكرتها الى الماضي .. قبل خمسة أعوام حيث كانت هي سيرين الصغيرة وهو مراد العاشق .. خمسة أعوام مرت عليها نسته خلاها ولم تعد تتذكره إلا نادرا .. خمسة أعوام ظنت أن كل شيء انتهى وأن ماضيها معه إحترق كما إحترقت هي في تلك الليلة .. ولكن دوما ما يطرق الماضي أبوابنا محطما جميع أمالنا بحياة سعيدة خالية من أضغاثه .. " ماذا تريد بالضبط ..؟!" سألته بنبرة باردة تشبه برودة قلبها الذي لم يعد يهمه أي شيء ليجيبها بنبرة قاتمة : " أولا أريدك .. أريد الزواج بك .. وثانيا سوف تعرفينه فيما بعد .." عادت وسألته بصوت باهت وملامح متجهمة : " وإذا قلت لا ..؟!" رد عليها ببرود قاتل : " لا تستطيعين قول لا .. حينها سوف تخسرين الكثير يا سيرين .." إنه يهددها بالمجهول .. وهي تعرف جيدا أن مراد القاضي لا يمزح .. هي وحدها من تعرف مدى جبروته وبطشه حينما يقرر أن يستخدمهما .. " لماذا تفعل كل هذا يا مراد ..؟! ألم ينتهِ ما بيننا ..؟! " سألته وهي بالكاد تسيطر على أعصابها من الإنهيار الحتمي أمامه ليرد بقوة وهيمنة : " كلا لم ينتهِ.. لم ينتهِ أبدًا يا سيرين .." قالت رغما عنها وقد فاض الكيل بها : " هل يؤلمك تركي لكِ فجأة دون سابق إنذار إلى هذا الحد ..؟!" وليتها لم تقلها فالنظرة التي رأتها داخل عينيه تقسم أنها لم ترَ مثلها من قبل .. نظرة مخيفة أرعبتها وجعلتها تهتز من الداخل لا إراديا .. " لا تختبري صبري يا سيرين .." قالها بصوت خالي من أي مشاعر لتتلعثم وهي ترد عليه : " أنا لم أقل شيئا خاطئا .. أنت لم تتخطَ ما حدث في الماضي بعد .." رد عليها بنبرة حادة واثقة : " بل تخطيته يا سيرين .. وسوف أثبت لكِ هذا لاحقا .. لكن هذا لا يعني أنني سوف أتنازل عن حقي فيكِ .." لا تعرف لماذا أقلقتها كلماته .. كيف تخطى ماضيهما وهو ما زال يبحث عنها وخلفها ..؟! تجاهلت كلماته وهي تهتف به ببرود : " أخبرتك أنه لا يوجد لك حق عندي .." " إذا أنتِ غير موافقة عما قلته ..؟!" سألها ببرود وهو يجلس على الكرسي واضعا قدما فوق الأخرى لترد عليه بهدوء وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها : "نعم غير موافقة .." " إذا عليكِ تحمل ما سوف يجري لكِ ولعائلتكِ الكريمة .. ولكن إياكِ أن تأتي إلي حينها وأنتِ تبكين ..." سألته بصوت خافت مضطرب : " ماذا تقصد ..؟!" رد عليها : " أتحدث عن ديون والدك التي ستؤدي به الى السجن .. أتحدث عن مغامرات أخيكِ وفضائحه التي لا تنتهي .. وأشياء أخرى لا أحب الحديث عنها ..البيوت أسرار.." " أنت رجل مريض .." قالتها بنبرة كارهة حاقدة لينهض من مكانه ويصفعها على وجهها بقوة قبل أن يجذبها من شعرها ويهتف بها بينما يداه ما زالتا تمسكنَ بشعرها وعيناه تنظران إليها بتحدي : " إياكِ أن تكرريها .. هذه المرة إكتفيت بضربك .. مرة أخرى لن أترككِ حية .." ابتعدت عنه وهي تصرخ به : " لا تلمسني .." " اطمئني ، لا أنوي لمسك قبل أن تصبحين حلالي ..." ضحكت بقوة وهي تحاول إستيعاب كلماته .. هذا الرجل مجنون بحق وهي وحدها من إبتلت بجنونه .. توقفت أخيرا عن ضحكاتها لتهتف بنبرة سيطرت عليها المرارة : " حلالك ..؟! هل هذه مزحة جديدة يا سيد مراد ..؟! عن أي حلال تتحدث بعدما فعلته ..؟!" " وما الذي فعلته ..؟!" سألها ببساطة جعلتها تهب به غاضبة منفعلة : " أنت خدعتني .. طلقتني من زوجي .. ولم تكتفِ بهذا بل تريدني بعد كل هذا أن أكون لك .." قال وهو ينظر إلى عينيها بقوة : " هذه نتيجة أفعالك يا سيرين .. عليكِ تحملها .." حاولت قدر المستطاع ان تخفف من إنفعالها فهتفت بنبرة جاهدت كي تكون ثابتة : "مهما كانت أفعالي سيئة فهذا لا يعطيك الحق أن تفعل ما فعلته .. تصرفات كهذه لا يقوم بها سوى أشباه الرجال .." والرد منه كان صفعة أخرى قوية جعلتها تسقط أرضا ... زحفت على ركبتيها وهي تحاول النهوض من فوق أرضية الغرفة ... تحاملت على نفسها وهي تنهض من مكانها رغم الألم الحاد الذي سيطر عليها لتجده يهتف بها بنبرة حازمة : " يبدو أن اللين لا ينفع معكِ .. جهزي نفسكِ فعقد قراننا غدا ... " ثم تحرك خارج الشقة وأغلب الباب خلفه جيدا مع تنبيه الحراس خاصته على مراقبة العمارة بأكملها حرصا منه على عدم هروبها بأي طريقة ممكنة .. أما هي فإنهارت باكية على الكنبة تبكي حظها العاثر وما وصلت إليه .. .............................. يتبع | ||||
09-02-21, 09:53 PM | #45 | ||||
| عاد الى منزله أخيرا وهو منهك المشاعر .. كل شيء فيه مرهق متعب وبالذات قلبه .. قلبه الذي يرفض أن يغفر او ينسى .. قلبه الذي ما زال معلقا بها رافضاً أن ينسى عشقها ورافضاً في ذات الوقت أن يغفر فعلتها .. وكأنه مضطر الى مسايرة قلبه الذي لم يعد يفهم ما يريده أو يبتغيه .. تقدم الى الداخل بخطوات حذرة محاولا أن يتخلص من الضيق المرتسم على ملامحه .. وجد والدته هناك في صالة الجلوس ومعها أخويه زيد ورامي .. ألقى التحية عليهم لتستقبله والدته بإبتسامة واسعة سرعان ما إختفت وهي تتأمل إرهاقه الذي جاهد كليا لإخفائه : " ماذا بك يا مراد ..؟! تبدو مرهقا .." أومأ مراد برأسه وهو يجلس بجانبها على الكنبة ويهتف كاذبا : " كان لدي عدة أعمال في الشركة .. تعبت قليلا بسببها .." " حبيبي .. أنتَ تُرهق نفسك كثيرا في العمل .." قالتها نازك والدته بجدية قبل أن تكمل بتحذير : " انتبه على صحتك جيدا يا مراد .. أنتَ بحاجة الى فترة نقاهة .." تجاهل حديثها وهو يسألها : " أين والدي إذا ..؟!" أجابته وهي تتأفف بضيق : " لا أعلم .. لم يعد الى المنزل حتى الأن .." " يبدو لي أنه يلعب بذيله .." قالها رامي بتهكم ليضحك زيد ساخرا بينما يرمقهما مراد بنظرات محذرة فوالدته لن ترحم رامي على ما قاله .. صاحت به نازك بلهجة غاضبة : " انتبه على كلامك يا ولد .. أنتَ تتحدث عن والدك .." حاول مراد أن يتلافى الموضوع فسألهم بجدية : " ماذا عن حمزة وفريدة ..؟! ألم يعودا من عمليهما بعد ..؟!" ضحك رامي وهو يهتف بتهكم : " فريدة بالتأكيد مشغولة في عملها الذي لا ينتهي .. أما حمزة فستجده مع إحدى صديقاته الجدد .." هتفت به نازك بصوت محذر : " لا تتحدث عن أخيك بهذا الشكل .." رد زيد بنفس التهكم : " طبعا . ومن سيشهد للعروسة .." " زيد .. رامي .. كفى .." قالها مراد بصوته القوى محذرا إياهما من التمادي ليصمتا الاثنان بسرعة بينما تهز نازك رأسها بعدم رضا .. نهض مراد من مكانه وقال بينما يتجه خارج المكان : " سأذهب لأرتاح قليلا في غرفتي .." صعد الى الطابق العلوي حيث توجد غرفته .. دلف الى الداخل وفتح الأضواء ثم جلس على السرير وهو يتنهد بحرارة .. لم يتبقَ شيء وسوف تكون له .. يوم واحد فقط وسيعقد قرانه عليها وهي ستوافق بكل تأكيد .. لا يوجد خيار أخر أمامها فعدم موافقتها عليه تعني ضياع عائلتها الى الأبد .. بالرغم من علاقتها السيئة بعائلتها والتي يعلم عنها الكثير إلا إنه واثق من كونها ستضحي لأجلهم وتوافق على هذه الزيجة .. شرد قليلا في الماضي وتحديدا منذ خمسة أعوام عندما قابلها لأول مرة ..أغمض عينيه متذكرا ما حدث وقد بدأ المشهد يمر أمامه ببطء .. قبل خمسة أعوام .. كان مراد يقف بجانب صديقه أشرف ينتظر قدوم ضيفة الأخير بنفاذ صبر .. أخذ يتأفف عدة مرات بضيق جلي بينما أشرف يرمقه بنظرات باردة قبل أن يهتف به بملل : " كف عن التأفف يا مراد .. الفتاة وصلت .. هي فقط تنهي الإجراءات وتأتي حالا .." " متى ..؟! أنا لا أفهم السبب الذي يجعلك تتورط مع فتاة لا تعرف عنها أي شيء .." قالها مراد بحنق شديد ليرد أشرف بجدية : " إنها زميلتي .. تعرفت عليها أثناء دراستي في أمريكا .. الفتاة أرادت أن تزور بلادها لأول مرة .. ولا تعرف أحد سواي هنا .. هل أتركها لوحدها ..؟!" نظر مراد إليه بطرف عينيه وقال بتهكم واضح : " لا طبعا .. لا يصح أن تتركها لوحدها .. لكن يصح أن تجلبني معك منذ الصباح الباكر لإستقبال المدام فقط لأن سيارتك ما زالت في التصليح ووالدك يرفض إعطائك الأموال اللازمة لتصليحها .." قاطعه أشرف بتبرم: " لا تذكرني .. حقا أشعر بالضيق الشديد كلما أتذكر ما فعله والدي .. لقد حرمني من أمواله حتى إشعار أخر .." قال مراد بهدوء وجدية : " معه كل الحق في هذا .. طالما لا تنوي ترك تصرفاتك الغير محسوبة وأفعالك الخرقاء .." " ما بها تصرفاتي ..؟! هذا كله لأنني أعرف بعض الفتيات وأسهر ليلا في النوادي .. يا إلهي أنتَ نسخة طبق الأصل من والدي يا مراد .. لا أعرف حتى الأن كيف أصبحت صديقي ..؟!" كان أشرف يتحدث بعصبية شديدة فالجميع ينتقده على أفعاله وتصرفاته بينما غمغم مراد بخفوت : " هذا من حسن حظك أنني أصبحت صديقا لك .." رماه أشرف بنظرات محذرة بينما هز مراد كتفيه بلا مبالاة .. " ها قد جائت .. !" قالها أشرف بحماس وهو يشير إلى إحداهن تأتي من الجانب الأخر ليلتفت مراد إلى نفس الجهة فيلمحها تتقدم نحويهما وعلى شفتيها إبتسامة خلابة .. لا يعرف مراد مالذي جرى له سوى أنه تصنم في مكانه وقد علت نبضات قلبه تدريجيا حتى وصلت أشدها بينما يتأملها وهي تقترب منه بجسدها الرشيق وشعرها الأشقر الطويل .. تأملها من رأسها حتى أخمص قدميها حيث عينيها الخضراوين وبشرتها البيضاء الحليبية ، طولها الفارع وجسدها النحيل للغاية إضافة إلى ملابسها المكونة من بنطال جينز أزرق اللون فوقه تيشرت أسود ذو حمالات رفيعه يوجد عليه بعض التطريزات في منطقة الصدر .. وجدها تقترب من أشرف وتحتضنه بقوة .. لا يعرف لماذا شعر بضيق شديد يطبق على صدره وهو يراها تحتضنه بهذا الحماس وفكر للحظة أنهما قد يكونان حبيبين لكنه تراجع بسرعة عن هذه الفكرة وهو يتذكر كلام أشرف عن تلك الفتاة وكونها ليست سوى زميلة له في الجامعة .. ابتعدت سيرين عن أشرف الذي غمغم بلهجة مرحة : " وأخيرا إلتقينا يا حلوتي ..." ضحكت سيرين وهي ترد عليه : " أنت من سافرت مبكرا قبل أن تنهي دراستك .." ثم استدارت ناحية مراد الذي أخذ يتأملها بنظرات باردة لتسأل أشرف بجدية : " ألن تعرفني ..؟!" قال أشرف مشيرا الى مراد الواقف بجانبه : " مراد القاضي .. صديقي المقرب .." ثم أشار إليها قائلا : " سيرين العمري .. أخبرتك عنها مسبقا .." أومأ مراد متفهما وهو يمد يده لها لتستقبلها بكفها الرقيق وتحيي مراد قبل أن تبتعد عنه وهي تلتصق بأشرف متأبطة ذراعه هاتفة بلهجة حماسية : " إلى أين ستأخذني يا أشرف ..؟!" رد أشرف بهدوء : " الى الفندق طبعا .. فأنتِ يجب أن ترتاحي .. لقد حجزت لكِ في الفندق الخاص بعائلة مراد .. سوف تحبينه كثيرا .." أشارت سيرين الى مراد قائلة وعلى شفتيها إبتسامة واسعة : " شكرا كثيرا .." رد مراد بنبرة مقتضبة : " العفو .." خرج الثلاثة من المطار واتجهوا الى سيارة مراد حيث ركبا الصديقين في الأمام وركبت سيرين في الخلف .. قاد مراد السيارة متجها الى الفندق بينما أخذت سيرين تتحدث مع أشرف وتثرثر وسط إنزعاج مراد الغير مفهوم .. هبط الثلاثة من السيارة بعدما وصلوا الى الفندق واتجهت الى موظفة الإستعلامات التي أشار مراد إليها قائلا بلهجة عملية : " هل جهزتِ الجناح الذي طلبته للأنسة يا سوسن ..؟؟" أومأت سوسن برأسها وهي تخرج الكارت الخاص بالجناح وتعطيه الى مراد الذي منحه الى سيرين .. أخذته سيرين منه وشكرته بإمتنان ثم اتجهت مع احد العاملين الى جناحها تاركة مراد وأشرف يتابعانها حتى إختفت من أنظاريهما فهتف أشرف متسائلا : " ما رأيك ..؟!" زفر مراد أنفاسه قبل أن يجيبه بهدوء جلي : " جيدة .." " فقط ..؟!" قالها أشرف بعدم تصديق ليسأله مراد بضيق : " وهل يتوجب عليّ قول شيء أخر ..؟!" أجابه أشرف بجدية : " ظننتك ستقول جميلة للغاية أو لطيفة على الأقل .." لم يبالِ مراد بحديثه بل قال منهيا الحوار : " أنا سأذهب الى عملي .. هل تريد مني شيئا قبل الذهاب ..؟!" هز أشرف رأسه نفيا ثم شكر مراد على ما قاله قبل أن ينطلق هو الأخر نحو جناحه الخاص في الفندق فهو ترك منزل عائلته منذ شهرين بسببب خلافات بينهم .. أفاق من ألم الذكريات أخيراً لينهض من مكانه ويتجه نحو الحمام .. هناك أخذ يغسل وجهه مرارا بالمياه الباردة قبل أن ينظر إلى نفسه في المرأة ويسألها للمرة الألف ، هل تستحق سيرين أن يتنازل عن مبادئه ويفعل شيئا مشينا كهذا لأجلها ..؟! هو الذي لطالما عرف بنزاهته وأخلاقه العالية ينساق ورائها فقط لكي يحقق إنتقامه منها .. احتدت ملامحه وهو يفكر بأنها أخطأت كثيرا في حقه .. هو لن يفعل لها شيئا سوى أنه أحبها بصدق بل عشقها وتمناها زوجة وشريكة حياة إلى الأبد .. بماذا قابلت هي حبه وعشقه الصادق لها ..؟! بالجحود والنكران ..؟! جفف وجهه بالمنشفة وخرج من الحمام بل من الغرفة بأكملها واتجه الى غرفة أخرى قريبة من غرفته .. فتح الباب بعدما سمحت له هي بالدخول ليجدها تجلس بجانب صغيرتها النائمة تقرأ إحدى الروايات بسلام .. رفعت بصرها نحوه تتأمل ملامحه المرهقة بشفقة فإبتسمت بعذوبة وهي تسأله : " هل رأيتها أخيرا ..؟!" أومأ برأسه وهو يتقدم منها جالسا بجانبها هاتفا بلهجة هادئة : " نعم رأيتها وليتني لم أفعل .." " هل ندمت على ما فعلته ..؟!" سألته بحيرة ليتطلع إليها بنظرات تائهة فهو حقا لا يعرف إذا ما كان نادما أم لا .. " مراد ، إذا كنت نادما فما زال أمامك فرصة لتصحيح ما فعلته .." قالتها وهي ترجوه بنظراتها أن يتراجع عما فعله وقد تحرك الأمل داخلها بهذا .. " لا أستطيع .. لا أستطيع أن أنهي ما بدأته يا ملك .." سألته بسرعة : " لماذا ..؟! لماذا يا مراد ..؟!" رد عليها متحكما بنبرة الغضب التي ظهرت جلية داخل صوته : " لأنها تستحق .. لأنها خائنة .." تطلعت ملك إليه بحيرة وهي لا تعرف ماذا تقول فسألها هو بضيق من نظراتها التي تخبره أنها غير مقتنعه بما يقوله : " لماذا تنظرين إلي هكذا ..؟!" رمشت بعينيها وهي تجيبه بإرتباك : " ربما لأنك تبالغ قليلا يا مراد .. فسيرين لم تخنك .. هي فقط إختارت الرحيل .." رمقها بنظرات غير مقتنعه وقال بجمود : " رحيل بلا مقدمات .. بلا وداع .. بلا أي شيء .. يسمى هروباً وليس رحيلا يا ملك .." ردت ملك بهدوء تام : " على العموم هذا قرارك أنت يا مراد .. " ثم أردفت بصوت لطيف : " ولكن لا تقسو عليها كثيرا فهي في النهاية فتاة وحيدة في بلد غريب عنها .." حاول تغيير مجرى الحديث فسألها وهو ينظر الى ذلك الكتاب الذي تحمله : " تقرأين رواية جديدة ..؟!" أومأت برأسها وهي تبتسم له لتجده يهتف بعدها بضيق واضح : " حبك للروايات الرومانسية بهذا الشكل يزعجني يا ملك .. أنتِ تهربين من الواقع بها ولكن إلى متى ..؟!" تلعثمت في حديثها وهي تجيبه بخفوت وخجل : " الروايات هي ملجأي الوحيد في هذه الحياة يا مراد .. هي مهربي من هذا الواقع .." " أفهم هذا .. ولكن الهروب ليس حلا .. أنتِ يجب أن تواجهي واقعك .." اضطربت مشاعرها كليا وهي تفكر أنه معه كل الحق فيما يقوله لكنها عاجزة عن المواجهة .. عاجزة عن أي شيء .. شعر هو بتخبطها وإضطرابها فلم يشأ أن يحرجها أكثر .. قال بلهجة هادئة وهو يبتسم لها : " سأترككِ مع روايتك يا ملك .. أنا لا أقصد شيئا مما قلته فقط.. أنا أريدك فقط أن تتعايشي مع الواقع وتخرجي من قوقعتك هذه .." " شكرا يا مراد .." قالتها بإمتنان حقيقي ليربت على شعرها بحنو بالغ قبل أن يخرج من المكان تاركا إياها تطالع أثره بحزن .. .................................................. ........... كانت سيرين تجلس على الكنبة تحتضن جسدها داخل ذراعيها وتبكي بشدة .. ظلت على هذا الحال لفترة طويلة تبكي بصوت عالي قليلا ثم تتعب فيختفي صوتها وتظل دموعها وحدها شاهدة على وجعها وأهاتها .. رنين هاتفها جعلها تتوقف عن بكائها فظنت أن والدها أو والدتها هو المتصل بها لكنها فوجئت برقم غريب شردت به قليلا محاولة تذكر إذا ما كان له أو لغيره .. أجابت على الرقم بعدما فشلت في التذكر ليأتيها صوته البارد وهو يسألها : " لماذا لم تنامِ بعد ..؟!" وجدت نفسها تصرخ به بإنهيار وبكاء شديد : " مالذي تريده مني ..؟! ألا يكفيك ما فعلته ..؟! هل إرتحت الأن ..؟!" ضغط مراد على هاتفه بقوة كي لا ينفجر بتلك المتمردة التي تختبر صبره مرارا .. ضغط على أعصابه وهو يجيبها بهدوء خطير : " نعم إرتحت .. حتى إنني إتصلت بكِ كي أخبركِ أنني غدا في تمام الساعة السادسة مساء سوف أكون عندك مع المأذون وشاهدين لنعقد قراننا .." لم تجبه بل رمت الهاتف على أرضية الغرفة كي تتحطم أجزاءاً منه بينما جلست هي على الكنبة مرة أخرى وأخذت تبكي بصوت عالي .. تطلع مراد الى الهاتف للحظات قبل أن يرمي بجسده على السرير ويغمض عينيه مفكرا بها وبصوتها الباكي الذي جعله يشعر بالحزن رغماً عنه .. فتح عينيه بعدها وهو يذكر نفسه أن هو من بدأ هذا الطريق وعليه أن يستمر به حتى النهاية .. لن يتراجع عما قرره مهما حدث .. .................................................. .............. يتبع | ||||
09-02-21, 09:54 PM | #46 | ||||
| أوقفت سيارتها أمام أحد المطاعم الراقية وخرجت منها متجهة الى داخل المطعم .. كانت تسير بخطواتها الرشيقة الواثقة بينما العيون تنظر إليها بإعجاب واضح .. البعض منهم عرفها على الفور كيف لا وهي إبنة إحدى أهم العوائل في البلاد .. والبعض الأخر لم يعرفها لكنه إنبهر بجمالها وثقتها الواضحة بنفسها وهي تسير أمامهم بفستان بني سادة يصل أسفل ركبتها بقليل ذو حمالات عريضة مع حذاء كريمي اللون ذو كعب عالي يضيف طولا زيادة على طولها الفارع .. اتجهت نحو إحدى الطاولات حيث يوجد عليها رجل في بداية الخمسينات من عمره لكنه يبدو أصغر من عمره بكثير بسبب رشاقة جسده الملحوظة وإهتمامه الواضح بنفسه .. بإختصاركان يشبه نجوم السينما اللذين يحتفظون بوسامتهم ورشاقتهم رغم تقدمهم في السن .. جلست أمامه وهي تبتسم له قبل أن تهتف بإعتذار : " تأخرت عليك أليس كذلك ..؟!" قال وهو يبتسم لها بحب : " لا بأس حبيبتي .. أعرف أنكِ مشغولة في عملك هذه الفترة .." " كثيرا يا جمال .. مشغولة كثيرا .. " قالتها وهي تتنهد بإرهاق ليهتف بها بجدية : " أنتِ ترهقين نفسكِ كثيرا في العمل حبيبتي .. خففي عن نفسك .." مطت شفتيها وهي تهتف بعبوس : " ماذا أفعل ..؟! لقد فعلت المستحيل كي أنجز هذا المشروع بأسرع وقت .. ولم ينتهِ بعد .. إنه حلمي يا جمال .. حلمي الذي سعيت إليه طويلا .." ربت على كف يدها وهو يؤازرها : " أفهمكِ حبيبتي .. ولكن لا بأس في قليل من الراحة .." هزت رأسها موافقة بينما اقترب النادل منهما ووضع أماميهما قائمتي الطعام .. حملت قائمة الطعام وبدأت تقلب بها وفعل جمال المثل ... إستقر الإثنان على ما سيطلبانه فأشار جمال الى النادل الذي تقدم نحويهما وسجل طلباتهما .. إبتعد النادل عنهما لتهتف هي أخيرا بهدوء : " هل تحدثت مع زوجتك يا جمال ..؟!" تنحنح جمال وهو يهتف بها بجدية : " كلا لم أتحدث معها بعد .." سألته بضيق ظهر جليا على ملامح وجهها الجميلة : " لماذا يا جمال ..؟! متى سوف تخبرها بشأن علاقتنا ..؟! " تنهد جمال وهو يسألها : " وهل تحدثتِ أنتِ مع عائلتكِ يا فريدة ..؟! هل أخبرتهم بشأن علاقتنا ..؟!" هزت فريدة رأسها نفيا وهي تهتف بقوة : " أخبرهم عن ماذا بالضبط يا جمال ..؟! أليس من المفترض أن تتقدم لخطبتي أنت ..؟!" رد جمال بثقة : " أنا مستعد للتقدم لكِ اليوم قبل الغد .." صححت له ببرود : " في السر .. دون علم زوجتك وعائلتك .." قال جمال محاولا كسب دعمها : " فريدة إفهميني .. الموضوع ليس سهلا كما تظنين .." ردت فريدة وهي بالكاد تحاول السيطرة على صوتها كي لا يظهر عاليا : " أفهم ذلك جيدا .. ولكن نحن مع بعض منذ عامين .. نعرف بعضنا منذ عامين يا جمال .. ماذا ننتظر ..؟! تحدث مع زوجتك بصراحة وأخبرها بكل شيء .." التزم جمال الصمت ولم يستطع الرد عليه فهو بالفعل قد تأخر كثيرا في هذا الموضوع ليجدها تهتف به بنفاذ صبر: " قل شيئا من فضلك .. لا تبقى صامتا هكذا .." أومأ برأسه متفهما وهو يرد عليها : " إصبري عليّ قليلا حتى أستطيع أن أمهد لها الموضوع .." أشاحت وجهها بعيدا عنه بضيق بينما تقدم النادل منهما كي يضع الطعام أماميهما .. .................................................. ........... عادت فريدة الى منزلها متأخرة وهي بأشد حالاتها ضيقا .. هبطت من سيارتها بعدما صفتها في كراج المنزل لتنصدم بحمزة يدخل خلفها ويصف سيارته بجانب سيارتها .. إرتبكت قليلا وهي تراه ينزل من السيارة بملامح مكفهرة قبل أن يهتف بها : " الساعة تجاوزت الثانية عشر صباحا يا فريدة .. ماذا تفعلين كل هذا في الخارج ..؟!" ردت فريدة عليه ببرود وعيناها ترمقانه بتحدي : " كنت في العمل .. هل لديك مانع ..؟!" لطالما كانت علاقتها بحمزة سيئة .. كلاهما يقفان ندا لبعضيهما في كل شيء .. ربما بسبب إختلاف شخصياتهما أو ربما بسبب ما حدث في الماضي .. بكل الأحوال هي تكرهه بشدة وهو يبادلها هذا الشعور بمثله تماما .. من سوء حظها أنها وجدته أمامها .. لو كانت واحدة غيرها لما إهتم أبداً لكن هي على وجه التحديد سيهتم وكثيرا كي يضايقها ويعكر صفوها .. اقترب منها وعيناه الحادتان تقتحمان عينيها بنظرات غاضبة جعلتها ترتبك قليلا بينما صوته العصبي اخترق مسامعها بقوة : " هل توجد فتاة محترمة تعود الى منزلها بعد منتصف الليل ..؟!" ردت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها : " أخبرتك أنني كنت في العمل يا حمزة .. ماذا تريد بالضبط ..؟! هل أنت وصي علي وأنا لا أعلم ..؟!" " فريدة لا تثيري جنوني عليكِ .." قالها محذرا إياها من التمادي في برودها لترد عليه بنفاذ صبر : " أنا مرهقة كثيرا يا حمزة وأرغب في النوم .. عن إذنك .." رد عليها بجدية : " نامي يا فريدة ولكن غدا صباحاً لدينا حديث مطول مع العائلة .." .................................................. ................... دلف جمال الى منزله ليجده مظلما فيبدو أن الجميع نائم .. اتجه نحو غرفته ودلف إليها ليتفاجئ بزوجته ما زالت مستيقظة تقرأ في أحد الكتب .. لاحظت وجوده فرفعت بصرها نحوه وهتفت بإبتسامة واسعة : " حبيبي وأخيرا عدت .." منحها إبتسامة شاحبة قبل أن يخلع سترته ويبدأ بفك أزرار قميصه لتنهض من مكانها وتقترب منه تهتف به : " تبدو مرهقاً للغاية .." أومأ برأسه وهو يخلع ملابسه ويرتدي بيجامته قبل أن يهتف بجدية : " مرهق كثيرا يا سعاد .. فوق ما تتصورين .." " سوف أجهز لك طعام العشاء .." قالتها وهي تنوي الإتجاه خارج الغرفة ليوقفها بإشارة من يده وهو يهتف بها : " لا أريد .. لقد تناولت العشاء قبل مجيئي .." " حقا ..؟! أين تناولت عشائك .؟!" أجابها كاذبا وهو يلقي بجسده على السرير : " تناولته في الشركة .. طلبت طعاما جاهزة حينما وجدت نفسي جائعا .." أومأت برأسها متفهمة وهي تحمل ملابسه وتعلقها على الشماعة لتجده يسألها : " ما أخبار سما وديمة ..؟! وما أحوال دراستهما ..؟!" أجابته وهي تتجه بجانبه على السرير : " لا تقلق .. كلتاهما بخير .. سما متفوقة في جامعتها كالعادة .. أما ديمة فهي مرتبكة قليلا فهذه السنة حاسمة بالنسبة لها وأنت تعرف ذلك .." أومأ برأسه متفهما وهو يهتف بها بجدية : " أخبريها أنني سأمنحها ما تريد إذا دخلت كلية الطب مثل أختها .. " ردت سعاد بجدية : " هي من الأساس تريد دخول كلية الطب .. دون أن تمنحها شيئا .." " لا بأس .. أخبريها بهذا أيضا حتى تتحمس أكثر .." هزت رأسها موافقة قبل أن تغلق الأضواء وتتسطح بجانبه وتغط في نوم عميق تاركة جمال يفكر في فريدة التي بدأ صبرها ينفذ عليه وتريد علاقة رسمية مستقرة .. .................................................. ............ يتبع | ||||
09-02-21, 09:55 PM | #47 | ||||
| حل الصباح مجددا .. هذا الصباح الذي انتظره طويلا فاليوم ستصبح زوجته أخيرا ورسميا وحينها سيفعل بها ما يشاء .. نهض مسرعا من فوق سريره واتجه الى الحمام حيث أخذ دوشا سريعا وارتدى ملابس عمله قبل أن يهبط الى الطابق السفلي فيجد الجميع مجتمع على مائدة الطعام بإستثناء فريدة .. ألقى التحية عليهم وجلس في مكانه المعتاد وهو يفكر بماذا سوف تكون ردة فعلهم حينما يعلمون بأمر زواجه من سيرين .. بالتأكيد لن يتقبلوه بسهولة وخاصة والدته التي تكرهها بشدة .. بدأ يتناول طعامه بصمت حينما سأله والده مهاب قائلا : " ما أخبار الصفقة الأخيرة ..؟! هل كل شيء يسير على ما يرام ..؟!" أومأ مراد برأسه وهو يجيبه بجدية : " لا تقلق .. كل شيء يسير كما أردت .." عاد مهاب وأشار الى حمزة متسائلا : " وأنتَ يا حمزة .. كيف تسير الأمور في المصنع ..؟!" رد حمزة بجدية وثقة : " كل شيء تمام .. لا تقلق أبداً .." هتفت نازك بضيق : " لا أحب أن يتحدث أحد عن العمل على سفرة الطعام وأنت تعرف هذا جيدا يا مهاب .." رد مهاب بضيق : " لم أقل سوى كلمتين يا نازك .. أليس هذا أفضل من الجلوس صامتين كالأموات على المائدة .." قال رامي وهو يضحك بقوة : " والله معك حق .. نتناول طعامنا كالأصنام .." رمقته نازك بنظرات حادة قبل أن تهتف بهم جميعا : " هذه أصول تناول الطعام ويجب أن نلتزم بها .." حاول مهاب تغيير الموضوع فسألها : " أين فريدة إذا ..؟! لماذا لم تستيقظ بعد ..؟!" أجاب حمزة نيابة عن والدته : " فريدة عادت الى المنزل متأخرة .. بعد الثانية عشر صباحا .." ثم أكمل بخبث : " عندما سألتها عن السبب قالت لي أنها مشغولة في عملها رغم أن شركتها كانت مقفلة منذ الساعة العاشرة .." تجهمت ملامح الأب وهو يستمع إلى حديث حمزة الماكر قبل أن يسأل نازك بحدة : " ماذا تفعل إبنتك خارج المنزل بعد منتصف الليل يا نازك ..؟!" تنحنحت نازك وهي تجيبه بإرتباك : " لا أعلم .. ربما كان لديها عملا أخر .." قال مراد بضيق شديد : " أي عمل أخر يعني ..؟! هل لديها مناوبة ليلية ونحن لا نعلم ..؟!" ابتسم حمزة براحة وهو يفكر بأن مراد سوف يسانده فيما يقوله بينما هتفت نازك محاولة تهدئة مراد الذي بدا متحفزا لإفتعال مشكلة : " عندما تستيقظ من نومها سوف أتحدث معها وأفهم كل شيء .." في نفس اللحظة دلفت فريدة الى المكان وألقت التحية عليهم قبل أن تجلس في مكانها المخصص بجانب والدتها ليهتف بها مهاب والدها : " أين كنت البارحة يا فريدة ..؟! لماذا تأخرتِ حتى منتصف الليل ..؟!" إرتبكت فريدة قليلا قبل أن تستعيد رباطة جأشها وهي ترمي حمزة بنظرات نارية ثم أجابت والدها : " كنت مع صديقة لي .. أسما بالتأكيد تعرفها .. تناولنا طعام العشاء سويا بعدما انتهينا من عملنا .." تدخل مراد في الحوار : " حتى لو يا فريدة .. تأخركِ في العودة غير مرحب به هنا .." إلتفتت فريدة نحوه ترمقه بنظرات حادة وتهتف به بقوة : "ماذا تقصد يا مراد ..؟! انتبه على حديثك من فضلك .." أجابها مراد بنبرة حادة حازمة : " ما أقصده أنكِ تتصرفين وكأنه لا يوجد في هذا المنزل خمسة رجال من المفترض أنهم مسؤولون عنكِ .." ردت فريدة بنبرة حادة بعض الشيء : " لا أحد مسؤول عني يا مراد .. انا في الثامنة والعشرين من عمري وأعرف جيدا ماذا أفعل وكيف أتصرف .." صاح الأب بنبرة عالية محذرة : " فريدة .. مراد أخوكِ الكبير ومن حقه أن يحاسبك طالما تتصرفين بشكل خاطئ .." قالت فريدة بجدية محاولة التماسك أمامهم جميعا : " أين الخطأ فيما فعلته ..؟! هذا كله لأنني تأخرت قليلا .. ماذا عن السيد حمزة الذي يتأخردوما حتى ساعات الفجر الإولى والله وحده يعلم كيف يقضي أوقاته ومع من .." قال حمزة محذرا إياها من التدخل فيما لا يعنيها : " أنا رجل يا فريدة .. ويحق لي أن أفعل ما أشاء .." قالت نازك مدافعة عن ابنها : " حمزة مشغول في عمله قليلا لذا يضطر أن يتأخر أحيانا فيه .." ضحكت فريدة ساخرة قبل أن تشير إلى والدتها قائلة : " أي أعمال بالضبط ..؟! مصاحبة الفتيات ..؟! هل تسمين هذا أعمال ماما ..؟!" " فريدة ..!!" صاح بها حمزة بنبرة أجفلتها للحظات لتنهض فريدة من مكانها وهي تهتف بوالدتها : " أنتِ تدافعين عنه طوال الوقت وكأنكِ لم تنجبِ غيره .. اعترفي لمرة واحدة بأنه مخطئ .. " ثم أشارت الى حمزة قائلة : " إياك أن تتدخل في حياتي مرة أخرى .. أنت أخي ولست وصيا علي .. هل فهمت ..؟!" صاح الأب بنبرة قوية بها : " يكفي يا فريدة .. ماذا تظنين نفسك فاعلة ..؟! ألا يستطيع أحد الوقوف في وجهك ..؟!" ردت فريدة بحيادية : " أعتذر منك بابا .. ولكن أنا فقط بحاجة لأن أضع حدا لتدخل البعض فيما لا يعينهم .." قال مراد بنبرة خرجت حادة رغما عنه : " البعض هم إخوانك ومسؤولون عنكِ يا فريدة .." حملت فريدة حقيبتها وقالت منهية الحوار فيبدو أنه لا فائدة من الإستمرار معهم به : " انا ذاهبة فلدي أعمال كثيرة تنتظرني ..عن إذنكم .." تطلع الجميع إلى أثرها حتى إختفت تماما ليتنهد مهاب وهو يهتف في زوجته بجدية : " تابعي ابنتك يا نازك وإنتبهي على تصرفاتها .. تصرفاتها باتت تزعجني كثيرا .." ثم أشار الى حمزة قائلا : " وأنتَ يا سيد حمزة .. ممنوع بعد الأن العودة بعد منتصف الليل .. هل فهمت ..؟!" رمقه حمزة بنظرات باردة قبل أن يرد بإقتضاب : " فهمت ..." ثم نهض من مكانه واتجه خارج المنزل يتبعه مراد الذي نادى عليه فإلتفت حمزة نحوه وسأله : " ماذا تريد ..؟!" رد مراد وقد إستشعر ضيق أخيه : " لا تتضايق مما قالته فريده .. ومما أمر به والدي .. أنت بحاجة لأن تترك مغامراتك النسائية قليلا .. " رد حمزة بقوة : " مغامراتي النسائية تخصني وحدي يا مراد طالما لا تؤثر على عملي وحياتي .." " لكن .." قاطعه حمزة بجدية : " ليس من الضروري أن يكون الجميع مثلك يا مراد .. مثالي ومستقيم .. أنا أختلف عنك .. " هز مراد رأسه موافقا وقال : " أنا فقط أردت المساعدة لا أكثر .." ربت حمزة على كتفه وقال : " أعلم هذا .. وأشكرك كثيرا .." ثم تحرك الاثنان متجهان الى عمليهما .. .................................................. ...................... يتبع | ||||
09-02-21, 09:56 PM | #48 | ||||
| استيقظ من نومه متأخرا على غير العادة ليجدها تقف أمام المرأة وهي تصفف شعرها بعدما انتهت لتوها من تزيين وجهها .. اعتدل في جلسته وهو يتأمل جمالها الواضح والذي يسلب لبه كالعادة .. إلتفتت له وهي تبتسم بعذوبة قبل أن تهتف به بحب : " صباح الخير حبيبي .." نهض من مكانه وسار نحوها هاتفاً بها بلجة عاشقة أثارت خجلها : "صباح الحب جميلتي .." وقفت بجانبه وهي ما زالت محتفظة بإبتسامتها قبل أن تهمس له : " استيقظت متأخرا على غير العادة .." رد وهو يغمز لها بعبث : " ربما لأنني قضيت الليل بأكمله معك حيث كنا .." قاطعته بسرعة وخجل : " حسنا يكفي .. لا داعي أن تشرح لي ما حدث البارحة .." ضحك بخفوت وإحتضنها من ذراعيها هامسا بجانب إذنها : " أنتِ اليوم جميلة وفاتنة للغاية .." تحررت من بين أحضانه وقالت بدلال بينما تحيط خصرها بذراعيها : " اليوم فقط سيد زياد .." جذبها نحوه ملتقطا شفتيها بقبلة طويلة قبل أن يبعدها عنه كي تلتقط أنفاسها قليلا بينما يقول هو بلهجة قوية : " بل كل يوم يا سيدة رفيف .. " اقتربت منه ترمي نفسها بين ذراعيه تهتف بحب خالص لطالما تملكها : " أحبك زياد .. أحبك كثيرا .." طبع قبلة دافئة على جبينها وقال : " وأنا أعشقك يا قلب وروح زياد .." ابتعدت عنه وهي تقول بسرعة وعجلة : " هيا غير ملابسك بسرعة فوالدتي تنتظرنا على الغداء .." أومأ برأسه وهو يسير بخطوات متكاسلة نحو خزانة الملابس بينما لسانه يردد : " كل شيء ممكن إلا التأخير على حماتي .." ردت عليه وهي تضع عطرها المفضل على عنقها وجسدها : " سأذهب إلى غرفة رفيف .. ربما تحتاجني في شيء ما .." وبالفعل خرجت متجهة الى غرفة رفيف لتجدها تنتظرها في كامل أناقتها وهي تلعب على جهاز التابلت خاصتها .. اقتربت منها وهي تبتسم لها وتقول : " هل كل شيء جاهز ..؟!" أومأت الفتاة برأسها قبل أن تنهض من مكانها وتدور حولها وهي تصفر بإعجاب : " ما كل هذا الجمال يا ماما .." ضحكت رفيف وهي تسألها : " حقا أيتها الصغيرة .." زمت الصغيرة شفتيها وهي تهتف بعبوس : " لا تقولي لي صغيرة .." ثم همست وقد أضاءت السعادة وجهها : " حقا يا ماما .." " هيا اذا .. لملمي أغراضك التي ستأخذينها معك الى منزل جدك حتى نذهب .." اتجهت الصغيرة ونفذت ما أمرت به والدتها التي جلست على السرير وهي تشعر بالقليل من الإرهاق تملك منها .. انتهت الصغيرة مما تفعله لتشعر بتعب والدتها فتقترب منها وتسألها بحيرة : " ماما ، هل أنتِ بخير ...؟!" أومأت برأسها وهي تهتف بنبرة هادئة : " بخير حبيبتي .. لا تقلقي .." وضعت الصغيرة كفها الصغير على جبين والدتها وسألتها : " حقا بخير ..؟!" مسكت رفيف كف ابنتها وطبعت قبلة طويلة عليه ثم هتفت بها بنبرة حنون : " بخير صغيرتي .. هيا سنتأخر على والدك .." وبالفعل جاء زياد بعد لحظات وهو يبتسم لهما لتنهضا الاثنتين وتتجهان معه خارج المنزل حيث منزل عائلة رفيف ... وصل الثلاثة الى هناك بعد حوالي نصف ساعة لتستقبلهما والدة رفيف بسعادة جلية .. جلس الجميع في صالة الجلوس ليهتف زياد متسائلا : " أين عمي مصطفى ..؟!" أجابته والدة رفيف السيدة مريم : " سوف يأتي بعد قليل .. خرج ليشتري بعض الأطعمة لأجل رفيف .." " وأين مروة ..؟!" سألتها رفيف عن شقيقتها الصغرى لتخبرها والدتها بسرعة وهي تنهض من مكانها : " سوف أناديها حالا .." إلا أن رفيف أوقفتها وهي تقول بسرعة : " سوف أناديها أنا .." اتجهت رفيف نحو غرفة شقيقتها الصغرى ودلفت إليها بعدما طرقت على الباب لتجدها تقف أمام المرأة تمشط شعرها .. " رفيف .. أتيتِ أخيرا .." قالتها مروة وهي تستدير نحو أختها وتحتضنها لترد رفيف عليها وهي تبادلها حضنها : " نعم أتيت ، كيف حالك ..؟!" أجابتها مروة وهي تبتسم بحبور : " بخير .." ثم عقدت حاجبيها وهي تسألها : " من جاء معك ِ ..؟!" أجابتها رفيف وهي تضع خصلة من شعرها خلف إذنها : " زياد ورفيف .." توترت ملامح مروة على ذكر إسم زياد رغما عنها فنهرت نفسها بشدة ثم سألتها بإرتباك ملحوظ : " هل عاد أبي من الخارج ..؟!" أجابتها وهي تسير أمامها خارج الغرفة : " كلا ، لم يعد بعد .." اتجهتا الأختان الى الطابق السفلي وتحديدا الى صالة الجلوس لتقفز رفيف نحو مروة وتحتضنها بسعادة .. احتضنتها مروة بحب ثم إلتفتت نحو زياد وحييته بخجل وتوتر ليبتسم زياد لها ويبادلها تحيتها .. جلست مروة بجانب رفيف الصغيرة التي أخذت تحدثها عن دراستها وهي تحاول السيطرة على إرتباكها في حضرة وجود زياد .. جاء الأب بعد لحظات وهو يحمل الكثير من الأطعمه والحلويات الى حفيدته التي إستقبلته بحفاوة شديدة .. تجمعت بعدها العائلة على طاولة الطعام حيث أعدت السيدة مريم والدة رفيف الكثير من الأطعمة .. بدأ الجميع يتناول طعامه في جو حميمي خالص وسط ضحكات وشغب الصغيرة رفيف التي لا تنتهي .. .................................................. .................... أوقف زياد سيارته أمام منزله لتلتفت له رفيف وهي تقول بجدية : "لدي مشوار قصير مع صديقتي .. هل تعطيني سيارتك بدلا من إخراج سيارتي من الكراج ..؟!" " خذيه .." قالها زياد وهو يعطيها مفتاح السيارة ببساطة ثم يسألها بجدية : " ولكنكِ لم تخبريني عن هذا المشوار صباح اليوم .." ردت عليه محاولة إخفاء توترها : " اتصلت بي عندما كنت في منزل أهلي وطلبت مني مقابلتها لسبب هام .." فهم زياد على الفور إنها تكذب و أن هناك سبب مهم وراء طلبها هذا لكنه لم يشأ أن يحرجها فإبتسم لها وهو يقبلها من وجنتها و يقول : " لا تتأخري .." قالت له وهي تستدير نحو رفيف الجالسة في الخلف : " سوف أخذ رفيف معي .." أومأ زياد برأسه متفهما قبل أن يتحرك خارج السيارة ويقف على بعد مسافة منهما ملوحا لهما بيديه وإنقباضة غريبة سيطرت على قلبه أزعجته قليلا حاول تجاهلها وهو يتجه الى المنزل ... أما رفيف فقادت سيارتها متجهة الى أقرب مشفى لتجري إختبار الحمل فهي تشك بحملها منذ فترة طويلة .. وصلت إلى هناك وأخذت نفسا عميقا وهي تدعو ربها أن يحدث هذه المرة .. هبطت من السيارة واتجهت نحو ابنتها وفتحت لها الباب لتهبط الابنة من السيارة وتتجه معها الى داخل المشفى.. سألتها الصغيرة بقلق : " ماذا نفعل في المشفى ماما ..؟!" أجابتها رفيف وهي تنحني صوبها : " سوف تعرفين بعد قليل .. فقط ادعي لي أن يتم كل شيء على خير .." ثم سارت متوجهة الى مكان اجراء الإختبار لتأخذ العاملة منها عينة وتخبرها أن تنتظر النتيجة والتي ستظهر بعد عدة ساعات .. ظلت رفيف تنتظر النتيجة والتي ظهرت بالفعل بعد عدة ساعات حيث أخذت ورقة التحليل من العاملة وشعور التوتر والخوف سيطرا عليها .. " إقرأيها لي من فضلك .." قالتها رفيف وهي تعطي الورقة مرة أخرى الى الموظفة لتبتسم الموظفة لها برقة وتبدأ بقراءة التحليل .. انتهت الموظفة من قراءته فقالت لها بسرعة : " مبارك لكِ .. أنتِ حامل .." لم تسعها الفرحة وشعرت بضعف قدميها اللاتي عجزتا عن حملها لتجلس على الكرسي خلفها بينما ابنتها تقفز بسعادة بالغة : " ماما أنتِ حامل .." أومأت رفيف برأسها بلا وعي بينما سألتها الموظفة بقلق : " مدام .. هل أنت بخير ..؟!" تماسكت رفيف وهي تجيبها على سؤالها : " نعم بخير .. " ثم أردفت بصوت متقطع وقد تجمعت الدموع داخل عينيها : " أنا فقط سعيدة للغاية .. لقد إنتظرت هذا اليوم طويلا .." سألتها العاملة وهي تعقد حاجبيها بحيرة : " هل هذا أول حمل لكِ ..؟!" هزت رأسها نفيا وهي تشرح لها : " كلا ، هذه ابنتي .. لكنني لم أحمل بعدها أبدا .. ثمان سنوات وأنا أنتظر حدوث هذا الحمل .." " يبدو أن الله عوضكِ أخيرا .. مبارك لكِ .." أومأت رفيف برأسها وهي بالكاد تسيطر على دموعها بينما الصغيرة تهتف بحماس : " متى سنخبر بابا ..؟!" نهضت رفيف من مكانها وقد إستعادت نشاطها لتهتف بإبنتها : " سنخبره حالما نصل الى المنزل .." شكرت رفيف العاملة وخرجت من المشفى وهي ممسكة بيد ابنتها .. ركبت السيارة وهي تكاد تجن من فرط السعادة .. أخذت تقودها وسط حماس ابنتها التي أخذت تقفز بشغب قبل أن تحاول ضم والدتها وتقبيلها فأخيرا سوف يصبح لديها أخ .. " رفيف صغيرتي إهدئي .." قالتها رفيف وهي تحاول تهدئة ابنتها التي أخذت تردد بسعادة جلية : " انا سعيدة للغاية .. سوف أتصل ببابا وأخبره أنا .." ثم جذبت هاتف والدتها وهمت بالإتصال به لتحاول رفيف جذب الهاتف منها وهي تهتف بها بترجي: " ليس الأن يا رفيف .. أنا من أريد إخباره .." وما إن إستدارت رفيف مرة أخرى نحو الأمام حتى فوجئت بسيارة نقل ضخمة تصطدم بسيارتها.. .................................................. ................... يتبع | ||||
09-02-21, 09:56 PM | #49 | ||||
| كانت تهبط درجات السلم بسرعة وحماس وهي تدندن بإحدى الأغاني الشهيرة حينما لمحته يقف في الحديقه ويتصل بأحدهم .. وقفت تتلصص السمع عليه فوجدته يحادث صديقة له وهو يهتف بها بصوت ضجر : " حسنا يا نهى فهمت.. لن أتحدث معها بعد الأن .." ابتسمت ساخرة وهي تتذكر تلك المدعوة نهى صديقته الجديدة بينما وجدته يكمل بنفاذ صبر واضح : " نهي لا تثيري جنوني الأن .. لماذا لا تفهمين علي ..؟! أنا لا أحب أن يفرض أحدهم عليّ رأيه .." أغلق الهاتف في وجهها لتنحنح بدورها وهي تقترب منه هاتفة به بضحكة خافتة : " لقد مل العصفور فورا من القفص الجديد .." رمقها بنظرات محذرة وهو يرد عليها : " انا حقا غاضب يا زينة .. فلا تزيدي من غضبي .." رفعت حاجبها وهي تسأله بسرعة : " غاضب لإجل نهى ..؟!" رد عليها بنفس السرعة : " أي نهى ..؟! انا غاضب بسبب درجتي في الإمتحان الأخير .." " رسبت .." صرخت به بصوت عالي ليكمم فمها وهو يهمس بجانب إذنها: " اخرسي .. سوف تفضحيننا .." ثم أكمل بعدما حرر فمها من كفه : " لم يكن إمتحانا مهما من الأساس .. " قالت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها : " أنت دائما تقول هذا ثم ترسب في الإمتحان النهائي وتعيد السنة بأكملها .." قال بجدية محاولا إنهاء الحوار : " حسنا إياكِ أن تخبري والدتي بأي شيء .." هزت رأسها متفهمة وقالت وهي تبرم شفتيها بضيق : " منذ متى وأنا أخبرها بأسرارك يا بيبرس ..؟!" ابتسم لها وهو يقرصها من وجنتها : " شطوره .." ضربته على خده وقالت وهي تخرج له لسانها : " لا تكررها فأنا لست بطفلة .." ركض خلفها محاولا الإمساك بها حينما وجد والدته تقف أمامه تنظر له بريبة فهتف بها بحيرة : " ماذا حدث ..؟!" " أريد الحديث معك .." زفر أنفاسه وهو يقول بضيق : " لقد هربت يا أمي .." " بيبرس .. تعال نتحدث في المكتب .." كانت والدته تتحدث بصرامة على غير عادتها فإضطر أن ينساق خلفها ويتجها سويا الى غرفة المكتب .. جلس أمامها يسألها بمرح : " ماذا هناك يا جوجو ..؟! " لكنها لم تبتسم لمزاحه فسألها بقلق : " ماذا حدث يا أمي ..؟!" " باسل .." شعر بالقلق يسيطر عليه حينما ذكرت إسم أخيه بهذه النبرة الحزينة فسألها بسرعة : " ما به باسل ..؟!" أجابته وهي تتنهد بصوت مسموع : " سوف يخرج من السجن بعد عدة أيام وأنا قلقة بشدة لأجل هذا .." قال بيبرس بسرعة وهو يرمقها بنظرات حائرة : " عجبا لكِ يا أمي .. كنت تتمنين فقط أن يخرج وترينه أمامك .." " وما زلت كذلك ..؟! ولكنني خائفة عليه .." " لماذا ..؟!" سألها بدهشة لترد بوجوم : " خائفة مما سيحدث وكيف سوف يتقبلونه الناس ..؟! أنت تعرف أنه بقي في السجن لمدة سبعة أعوام .." أومأ بيبرس برأسه متفهما ثم قال بنبرة جادة : " جميعنا سنقف بجانبه وندعمه حتى يتقبل الوضع الجديد .. مراد وزياد أصدقائه وبالتأكيد لن يتركونه لوحده .. وأنا أخوه الوحيد وسوف أكون دوما بجانبه .." " أتمنى هذا يا بيبرس .. حقا أتمنى هذا .." ربت على كف يدها وهتف بنبرة مؤازرة : " لا تقلقي .. كل شيء سيكون بخير .. ثقي بي .." أدمعت عينا الأم وهي تهتف بحزن : " إشتقت إليه كثيرا يا بيبرس .. " ابتسم بيبرس بحزن وهو يفكر بأن أخيه قد سجن لمدة طويلة وهو لا يستحق هذا .. حاول أن يخرج والدته من حزنها فهتف بضيق مفتعل : " لا تتهربي مني الأن .. هل أعجبك ما حدث ..؟! لقد هربت مني تلك الملعونة ..؟!" ضحكت والدته رغم ألمها ثم قالت بنبرة ذات مغزى وقد شعرت بأن الكلام هذا جاء لصالحها : " أين ستهرب منك ..؟! مصيرها ستكون إليك .." " ماذا تقصدين ..؟!" سألها بنبرة باهتة لترد وهي تغمز له : "لا تمثل عليّ عدم الفهم يا ولد .. " فهم بيبرس على الفور مقصدها فهتف بسرعة وعدم تصديق : " لا بالتأكيد لا .. ما تقولينه مستحيل .." " ولمَ لا ..؟! ابنة خالتك وأنت الأولى بها .." قالتها والدته بسرعة ليضحك رغما عنه وهو يردد بسخرية : " هذا في قانونك أنتِ وليس في قانون بيبرس القاضي .." زمت جميلة شفتيها بضيق وقالت : " وما هو قانون بيبرس القاضي ..؟!" ضحك على إنزعاجها وقال : " قانوني هو أنني لن أتزوج مهما حدث .. أنا أحب نفسي هكذا حر طليق .." قالت جميلة محاولة إقناعه : " بذمتك .. أليست زينة أفضل من صديقاتك السخيفات ..؟!" رد بيبرس بصدق : " بالطبع هي أفضل منهن جميعا لكن هذا لا يعني أن أتزوجها .. " " على العموم لا تأخذ قرارك الأن .. فكر جيدا قبل أن تأخذه .." قالتها جميلة وهي تنهض من مكانها وفي داخلها عقدت العزم .. ستزوج زينة لبيبرس مهما كلفها هذا الأمر .. .................................................. ....... أمام المرأة وقفت سيرين تتأمل هيئتها الأنيقة بملامح منتصرة .. كل شيء بها يدل على الأناقة والجاذبية لا محالة .. لقد قضت اليوم بأكمله تفكر فيما ستفعله .. وجدت نفسها مضطرة على الزواج به فمصير عائلتها بيده .. وهو لن يتركها وشأنها حتى وإن رفضت .. لذا ستوافق وتحافظ على ما تبقى من كرامتها .. لكن هذا لا يعني أنها سوف تصمت أو تخضع له كما يظن .. هو لا يعرفها جيدا بعد ولا يعرف ماذا بإمكانها أن تفعل .. ابتسمت بتهكم وهي تفكر أنها ستدخل حرب شرسة مع رجل داهية بحق .. تأملت ملامحها الناعمة بالمرأة ومظهرها الذي يشبه العرائس .. جميلة هي وفاتنة وعليها أن تجعل جمالها وفتنتها أحد أسلحتها .. كانت قد إرتدت فستانا أبيض قصيرا بعض الشيء يصل أسفل ركبتها بقليل ذو حمالات رفيعه ورفعت شعرها العالي بتسريحة على شكل كعكة أبرزت وجهها الرشيق وملامحها الجذابة .. وضعت مكياجا ناعما كعادتها وارتدت حذاء ذو كعب عالي وكأنها ينقصها المزيد من الطول .. لطالما انزعج من إرتدائها الكعوب العالية فبالرغم من طوله الجذاب إلا أنها مع الكعب توازيه بالطول مما يزعجه كثيرا وهاهي اليوم تتعمد إزعاجه أكثر .. ابتسمت ببرود أعصاب جاهدت كي تحصل عليه ثم سمعت صوت باب الشقة يفتح فأخذت نفسا عميقا قبل أن تتجه خارج الغرفة لتجد مراد أمامها يرتدي ملابس العمل العادية ويتأملها بملامح مندهشة من رأسها حتى أخمص قدميها .. حسنا هذا أخر ما توقعه .. أن تظهر أمامه بهيئة عروس متكاملة جذابة بهذا الشكل المهلك .. علامَ تنوي بالضبط ..؟! هذا أول ما خطر على باله فهي لا تفعل هذا دون سبب معين .. اقترب منها بخطوات بطيئة بينما ارتبكت سيرين وهي تستعد لسماع كلمة إعجاب أو إطراء منه .. " ارتدي شالا فوق الفستان فلحظات قليلة ويأتي المأذون مع الشهود .." " نعم .." قالتها سيرين ببلاهة وهي تفكر أن هذا أخر ما إنتظرته منه .. لا يوجد أي مديح أو إطراء فقط إلقاء أوامر بطريقة باردة جافة .. همت بالرد عليه لكنها فكرت أنها يجب أن تسايره حتى تصل إلى نتيجة مرضية لها فسارت بخطواتها الواثقة الى داخل غرفتها واخرجت شالا كريميا وإرتدته كما طلب منها .. خرجت له بعد لحظات لتجده يتأملها بملامح راضية قابلتها بنظرات لا مبالية وهي تتجه نحو الكنبة وتجلس عليها واضعة قدما فوق الأخرى .. جلس مراد على الكرسي المقابل لها بملامح واجمة وعيناه تسرقان النظر إليها بين الحين والأخر .. سمع صوت طرقات على الباب فنهض مسرعا وفتحه ليرحب بالشاهدين اللذين كانا من موظفينه ومعهما الشيخ .. تأملت سيرين الرجلين بملامح منتعشة فهما ليسا من أفراد عائلته وهذا بحد ذاته شيئا رائعا .. هو لا ينوي إعلان زواجه منها لذلك إستعان بموظفين من عنده .. جلس الجميع في صالة الجلوس وبدأ الشيخ بعقد القران .. سأل سيرين عن موافقتها فأخبرته بسرعة أنها موافقة وسط تعجب مراد الشديد فهي لم تقم بأي تصرف مزعج كما اعتقد ... انتهى الشيخ من عقد القران وبارك لهما ثم إنسحب مع الشاهدين خارج المكان ليغلق مراد الباب ويلتفت إليها فيجدها ترمقه بنظرات هادئة ورأسها شامخ بثقة .. " جهزي نفسك فسوف نتحرك الى المنزل حالا .." قالها بنبرة باردة فرمشت سيرين بعينيها وهي تسأله بحيرة : " عن أي منزل تتحدث ..؟!" أجابها بنبرة جافة : " منزل عائلتي .. وهل يوجد منزل أخر غيره ..؟!" سألته وهي تبتلع ريقها بتوتر : " هل أخبرتهم بأمر زواجنا ..؟!" رد عليها بهدوء : " كلا سنخبرهم سويا .." هذا ما كان ينقصها .. أن يخبر عائلته بشأن إرتباطه بها .. وفوق هذا ستعيش معهم .. مع نازك القاضي تحديدا .. لعنت حظها العاثر الذي لا ينوي أن يبتسم لها أبداً .. كيف ستتحمل العيش معهم ..؟! وخاصة مع نازك التي تكرهها بشدة .. حاولت أن تثنيه عن قراره فقالت بجدية : " لا داعي لهذا يا مراد .. أنا لا أريد زواجا معلنا .." قاطعا بإباء وعيناه تحذرانها من قول المزيد : " جهزي أغراضك في الحال ولا داعي لكثرة الأحاديث .." زفرت نفسا قويا وهي تتجه نحو الغرفة وتبدأ بلملمة أغراضها رغم ضيقها الشديد فبداية المعركة لم تكن لصالحها .. انتهت من تجهيز أغراضها التي حملها مراد وسار خلفها متجها الى خارج العمارة حيث توجد سيارته .. ركبت بجانبه دون أن يفتح لها الباب فلعنته بداخلها وهي تفكر بأنه غبي ومتخلف .. شعرت برهبة حقيقية حينما وجدت نفسها بجانبه لوحديهما كزوج وزوجة لأول مرة .. وصلا إلى الفيلا بعد فترة قصيرة فإلتفت مراد نحوها وهو يهتف بها بهدوء : " قد تسمعين بعض الكلام المزعج من والدتي .. تجاهليه تماما وإياكِ أن تردي عليها بأي شيء .." هبط من السيارة بعدها وهم بالتحرك الى داخل المنزل ليجدها ما زالت جالسة في مكانها فإتجه بنفاذ صبر نحوها وهتف بها بضيق : " لماذا ما زلت هنا ..؟!" أجابته ببرود : " من الأصول أن تفتح الباب لزوجتك كي تهبط من السيارة .." " انزلي حالا قبل أن أقول لكِ ما لا يعجبك .." غمغمت ببعض الكلمات المستاءة وهي تهبط من سيارتها وتسير خلفه وقد لعنته في داخلها ألف مرة .. فتحت الخادمة لهما الباب والتي إندهشت من وجودهما ليسألها مراد عن أهله متجاهلا دهشتها فتخبره الخادمة وهي ترمق سيرين بنظرات منزعجة : " ملك هانم مع جنة في صالة الجلوس .. السيدة نازك في غرفتها مع السيد مهاب .. بقية إخوتك ليسوا في المنزل .." " هيا بنا .. فهناك مفاجئة مهمة تنتظرك .." قالها مراد وهو يسحبها خلفه لتسأله بحيرة : " مفاجئة ماذا ..؟!" بينما اتجهت الخادمة زينات مسرعة الى الطابق العلوي لتخبر السيدة نازك بما يحدث .. دلف مراد بها الى صالة الجلوس لتتفاجئ بطفلة صغيرة تقفز نحوه وهي تهتف بنبرة سعيدة : " بابا أين كنت ..؟!" رمشت سيرين بعينيها عدة مرات وهي تحاول أن تستوعب كلام الصغيرة والتي استقبلها مراد بحفاوة شديدة بينما التفت مراد نحوها معرفا إياها على الطفلة : " جنة .. إبنتي .." ثم أشار الى ملك التي اقتربت منه على إستيحاء وقال : " ملك .. زوجتي .." شعرت سيرين بدوار شديد يسيطر عليها وهي تستمع الى ما قاله .. زوجته وابنته .. وما زاد الطين بله قدوم والدته مندفعة الى داخل المكان وهي تصرخ بصوت عالي : " مراد .. ماذا تفعل هذه البنت هنا ..؟!" ترنحت سيرين في وقفتها حتى سقطت أرضا بعدما فقدت وعيها تدريجيا .. نهاية الفصل الأول | ||||
10-02-21, 12:44 AM | #50 | |||||||||||
نجم روايتي
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 8 والزوار 16) موضى و راكان, أميرةالدموع, Um-ali, غائب, ريلينا بيسكرافت, Moon roro, ماسة الرين, Duaa kamel موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . | |||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|