اليوم ينتظرها بكل طاقته على العند ،
لقاؤهما هذه المرة لن ينتهي كالعادة بجدار صد .
انتهى زمن نصب المصيدة و حان وقت التلذذ بالفريسة .
خرج من السيارة و شرع يتمشى في الخارج مبددا التململ المتفشي في جسده بخطوات واسعة و أنفاس عميقة .
ألقى نحو ساعته نظرة حادة ، و في سره لعن عجز عقا ربها عن مضاهاة السرعة التي يحترق بها فتيل صبره
و الاعتراف الأخير أيقظ لواحقه فضاقت عيناه و أقر بصراحة لم تعد تزعجه بأن كل وقته قربها يقضيه مركزا معها و معظم وقته بعيدا عنها يقضيه مفكرا فيها ، منشغلا بها و برغبته المحمومة في نيلها و بما هو أبعد من تلك الرغبة
أضحى متأثر بها كذلك لن ينكر ، برقتها ، بتناقضها و حتى بحزنها
هي تعجبه كثيرا بل تجاوزت خط الإعجاب و سارت في طرقات إبهاره
هي ليست فقط مميزة عن غيرها بل هي نكهة الموسم
هي الفاكهة التي تتعلق بأغصانها و لا تطالها الأيدي القصيرة
و هو يده طويلة غير أن نفسه لم يعد كذلك .
توقف عن السير و هو يراها تنعطف للشارع الذي ينتظرها فيه ، تتكلم في الهاتف و تتفاعل ملامحها مع من يحادثها بابتسامة واسعة جعلت نظرته أسيرة شفتيها .
راقب ابتسامتها تطير مذعورة و هي تبصره فتقدم نحوها بجسد يهدر كالموج العالي الذي يهز داخله .
وقف أمامها بصدر واسع و عينين ضيقتين و دون أن يترك لها فرصة لتغيير انفعالها المصدوم بادرها بلهجة جافة :
- تركت لك كل الوقت لتستعيدي سلامك النفسي ، طاف فوق تفاصيلها بنظرة منحرفة و أضاف ، و كذلك الكيلوجرامات التي فقدتها
الآن حان وقت تنفيذ وعدك لي .
- أي وعد ؟ سألت بتعثر و هي تخفض نظرتها متلافية لمعة عينيه التي أخافتها .
فوق صدره المضطرب عقد ذراعيه اللتين تريدان الآن أخذها بينهما و تخليص حق شهور الانتظار منها ثم قال بحدة :
- هل سنتغابى مع بعض الآن ؟
آخر مرة تقابلنا فيها ، في المستشفى وعدتني أن تجلسي معي في مكان من اختياري .
- ليس لدي وقت اليوم ، غمغمت و يداها تتشبثان بكتبها التي رفعتها حاجزا بينها و بينه كما في كل مرة سابقة .
- ستخرعين لي وقتا حياتي لأني لن أصبر أكثر .
- اسمعني يا أستاذ يجب عليك أن تفهم أنه ليس لك شيء عندي ، من تظن نفسك ؟
- اسألي السؤال لنفسك يا روحي ، أنت من تظنين نفسك حتى تلعبي الصعبة على مؤيد ؟
- أنا لا ...
بدأت تقول فقاطعها بشراسة :
- أنت تنسين متعمدة كل ما أقدر على منحه لك !
- لأني لا أريده ، هتفت بنبرات يائسة هشة ، كيف أجعلك تفهم ؟
- سننظر في هذا الأمر عندما نجلس مع بعضنا لوحدنا
تأنت نظرته على شفتيها ، جزء كخطة و جزء كرغبة مهووسة بتقبيلها لم يعد يطيق كتمانها فنكست برأسها عاجزة أن تدرأ عنها نظراته الفاضحة المفضوحة ثم غمغمت بملامح متزمتة :
- أنا سأترك الكلية
- و أنا لن أتركك لذلك يكفي تهديدات لن يطال أذاها أحدا سواك
- سأكلم الأستاذ شادي و أخبره
- أعلى ما في " معيزك " اركبيه ، هل تظنين أني أخاف من شادي ؟ نضح وجهه احتقارا و هو يضيف ، شادي الذي صار ألعوبة من قش في يد صديقتك ال...محترمة ؟
- فرح محترمة رغما عنك وعن ...
سكتت في غل بينما قال هو بتسلية مغيظة في نبراته و اسوداد في نظراته :
- لو كانت محترمة لما أعطت أسبابا لرجل متزوج ليطمع فيها .
- و هل أنا أعطيتك أي أسباب يا أخ ؟
- عيب عليك يا بنت ، همس برفعة حاجب لائمة ، مؤيد لا يحتاج أسبابا .
أشاحت بوجهها و قد تعب رفضها من إلحاحه ثم سألت ببرود :
- و أين هو المقهى الذي تريد أن نجلس فيه كي نفض هذه السيرة ؟
- لا يوجد مقهى ، سنجلس في السيارة كي نتكلم براحتنا
- أبدا ، احتد صوتها و اتسعت عيناها برفضها .
- متأكدة ؟ و مخلصا لنذالته أضاف بصرامة ،
اسمعيني ستركبين معي الآن أو سأتصل حالا بجدتك
ثم فارضا عليها واقعا سيطر عليه و على أفكاره مد يده يجذب يدها ، قبض عليها في كفه ، فتحها عنوة و وضع بداخلها سلسلة مفاتيح قائلا في الأثناء :
- مفتاح السيارة سيظل لديك فليس مؤيد هو من سيجبرك على شيء لا تريدينه و ليس مؤيد من سيختطفك و يغتصبك كما يصور لك خيالك المعقد
لو كان هذا غرضي لأجرت من يفعلها و يحضرك لي في أي مكان أتمناه
لكن مؤيد يا حياتي ليس جائعا و لا محروما ، مؤيد يريدك برغبتك أنت ، بإرادتك أنت
- و أنا لا أريد
العند في رفضها بدل أن يصفعه ألهب عناده أكثر فاستمر يقول غير آبه :
- كل ما أريده الآن هو أن تفي بوعدك لي و كل ما سنفعله هو أننا سنجلس في السيارة معا ، نتكلم قليلا و إن لم يعجبك كلامي تنصرفين
زفرت بقنوط و أنزلت جفنيها كأنها تسدلهما ستارا ليس فقط بينها و بينه بل بينها و بين عجزها تجاهه .
- و إذا التزمت بوعدي هل ستلتزم أنت بوعدك و لن تكلمني بعد اليوم أبدا ؟
غمزها مميلا وجهه باتجاه وجهها المطرق و همس بنعومة بينما تداعب عيناه رقة تقاسيمها بحرية :
- جربيني يا روحي .
**
**
في السيارة بعد أن فتح الباب من أجلها و راقبها تستقر على الكرسي ، جلس في مقعد السائق ثم تعرى من سترته ملتفتا لها بابتسامة واسعة :
- الجو ساخن جدا علي
تلقت كلامه مزدوج المعنى بالجمود كرد فعل أحادي لا تنوي أن تبدله و اتجهت بوجهها إلى الأمام .
- لقاء
سمعته يهمس بنبرة غريبة فالتفتت ببطء نحوه ، كان يرتدي قميصا أسود لمعانه يشي بأن الحرير مصدره ، عدة أزرار مفتوحة أعلاه كشفت عن صدر عضلي تتدلى فوق جلده الأسمر قلادة ذهبية رأتها صفعة وقحة لمعتقداتها .
اكتفى هو الآخر بتأملها دون نطق فأدارت وجهها لتنظر أمامها ، شعرت به يتحرك فسكنت مكانها و قبل أن تطلق أنفاسها اتسعت عيناها و هي تراه يميل نحوها ، يأخذ كتبها من فوق حجرها بحركة سريعة و يلقيها فوق المقعد الخلفي .
- لا أريد أية حواجز بيننا ، مفهوم ؟
اقترب بنصفه العلوي أكثر منها فتأخرت بفزع واضح فيم قبضت يدها على سلسلة المفاتيح تستمد منها بعض الأمان .
تقارب حاجباه و عيناه تجولان ببطء فوق خوف ملامحها ، فتح فمه لتتدلى شفته السفلى الممتلئة في ابتسامة شهوانية حارة ، حدق في عمق عينيها كأنه يستفز شيئا ما فيها ثم بتملك بدائي بغيض ربت على خدها و همس بلوم لئيم
- و حيث أنك " بسكوته " لهذه الدرجة لماذا اخترت أن تلعبي مع مؤيد ؟
و قبل أن يعطي الفرصة لخوفها أن يسرح أكثر في كيانها أطلق ضحكة مجلجلة منتشية بسذاجة ذعرها ثم غير تعبيره بسلاسة لم تعد تستغربها و راقبت النذالة ترحل لصالح حنان كسول أطل عليها من بين جفنيه المرتخيين تزامنا مع همسه الدافئ :
- أنرت السيارة يا روحي .
قابلت ابتسامته بنظرة حاقدة ثم قررت مغالبة تشتتها منه بالتشبث بجمودها .
بابتسامة تحكي عمق استمتاعه ، تأمل هو ملامحها تعود لسكون لم يجز عليه ، كم يحلو له أن يؤرجح عصفورته بين الشك و الثقة ، بين رجفة الخوف و هدأة الاطمئنان ، كم يبسطه أن يؤجج اضطرابها ثم يدس بكلمة حانية وسط حديثه فتتهدأ و تستكين .
و بالنهاية ستلين لما ينتويه لها .
- هل تمانعين أن أدخن ؟ غمغم بهدوء و هو لا يسحب عينيه لحظة من على جانب وجهها .
في مكانها هزت رأسها بلامبالاة أقرب للاحتقار ، بعد أن عبأت عقلها بخبث كلامه هل سيضير رئتيها قليل من الدخان ؟
أخرج العلبة الذهبية من جيب سترته و طرفت لقاء بعينيها رغما عنها و هي ترى بريقها ينعكس داخل حدقتيه فيزيدهما التهابا ، استل السيجارة بتمهل من العلبة ثم وضعها بين شفتيه المسترخيتين ، ضمهما بحركة بطيئة حول طرفها و أطلق نفسا طويلا متقطعا مميلا وجهه قليلا حتى لا يستقبله وجهها .
طوال الوقت الذي قضاه في استنزاف سيجارته كانت تشعر رغم حركاته المسترخية بطاقة مكبوتة داخله ، و كان بين حين و آخر يفاجئها بنظرة حادة فتقتنص نيران عينيه فراشات الحذر الرقيق في ليل عينيها .
أنهى سيجارته فسحقها ببطء في المنفضة ثم مد يده بتلك البساطة البغيضة و حضن ذقنها و رغم أن بشرته كانت دافئة جدا لكن البرد هو ما سرى في أوصالها .
- أنت باردة جدا أو لنقل هكذا تظنين نفسك
أنا أريدك في فراشي لأجعل منك أنثى دافئة
أعرف أن شعرك أسود مثل حاجبيك ، سأشتته في كل اتجاه حول وجهك و سأحرص أن أول ما ترينه حين تفيقين هو ملامحي و أن أول ما تهمسين به هو اسمي و ستنطقينه بين شفتي .
كانت يده تتحرك قريبا من وجهها و هو يصف لها كيف و رغم ثبات نظرتها المتقنعة بعدم الخوف لكنها لم تقدر على منع نفسها من أن تطرف كلما اقتربت يده .
- أريد أن تمشي أصابعي فوق تفاصيلك و أقرأ ردود فعل جسدك ، أكمل هامسا بصوت خفيض مداعب .
ما يقوله يتجاوز مخيلتها و فكرها ، لسانها ينتفض داخل فمها و يريد أن يتفجر بمجموعة شتائم لم تقلها يوما و لا تقدر أن تفكر في من قد يستحقها مثله لكنها تمسكت بآخر خيوط سيطرتها المنسحبة و اكتفت بأن تهمس بمقت مغلول و يدها تستمر بضرب يده :
- أنا لا أريد كل القرف الذي تخبرني به
نظر لها بتعبير كانت لتُعَرِّفه على أنه تسامح لو كان صدر من شخص آخر ثم ضحك عاليا و ضاقت عيناه بمكر دافئ ، داعبت أصابعه خدها بينما يهمس لها :
- لا أحد يقول لا أريد عن شيء لم يجربه بعد
أنا سأجعلك تريدينه و ..تطلبينه .
انعقد حاجباها بعمق و نظرت لوجهه القريب بعدم اتزان ، تشعر بنفسها كريشة تتقاذفها الكلمات ، كشيء ضائع يطير ، هناك معنى خبيث لكنها لا تدركه جيدا بسبب عدم خبرتها كأنها سمكة تحاور طعما ما و لا تفهم كنهه .
- أنا أريد أن أخرج حالا
- و أنا أريد قبلة ، تمتم و هو يميل عليها و يمد ذراعه ليمسك بمقبض الباب .
ضربت يده الأخرى التي امتدت لتعانق خدها بعنف و صاحت بخوف لم يعد يهمها أن تخفيه :
- أقول لك أريد أن أغادر
- لماذا كل هذا التعقيد ، أخذ يهمس قريبا من وجهها ، أنفاسه تطوف فوق ملامحها المرتجفة بجنون يضاهي القبلات التي يتخيلها
كل ما أطلبه هو قبلة ، مجرد قبلة و أعدك أن ستستمتعين بها مثلي و أكثر
- لا أريد ، لا أريد
ارتجف صوتها مقاربا البكاء ثم تلفتت حولها فهمس و هو يقترب بوجهه أكثر منها :
- لو خائفة من أن يرانا الناس فتأكدي أن الزجاج مصمم بحيث يخفينا تماما عن الأنظار
- أنا لا أخاف سوى من ربنا ، فاهم ، اتركني أنزل ، حالا .
استمرارها بالكلام و تحرك شفتيها السريع كان عذابا مستعرا له ، يشحذ نصل رغبته فيشعر بها تنغرز في جلده و تجرح عروقه .
و مشتعلا بنار رغبته ، متلذذا بما يصوره له خياله ، مندفعا بالمتعة التي تنتظره ، انساقت شفتاه لاندفاع جنونه فانطلق يتكلم كأنه يهذي ، يهمس بدفء و نبرات أجشة كأنه ينتشي بكلماته :
- أحب شكلك جدا ، أحب وجهك ، عينيكي ، حاجبيك ، شفتيك
أحب كلك
تأملها مطلقا زفرة حارة و تباعدت شفتاه تشتهيان الوصل من شفتيها .
لهيب نظرته يقلها إلى أماكن لم تعتقد أنها موجودة فيها فسارعت لخفض عينيها قبل أن يبدو أثر ما أحدثه داخلها فيهما .
- هل يرضيك أن أخرج من كل هذه الأشهر فارغ اليدين ؟ على الأقل انطقي اسمي يا قاسية .
يريد اسمه بصوتها ، شيء منه تحضنه تلك الشفتان ، هذا يشبه القبلة و سيكون بداية امتلاكها .
- كلا لن أقوله و كن عند وعدك و اتركني أخرج
هزت ساقيها بتوتر فشدت بصره إليهما ثم صعد بلهيب نظراته ببطء يخترق كل شبر فيها حتى وصل لوجهها فتسمرت عيناه على حركة رموشها السريعة ،
يستطيع بكل يسر أن يتذوق خوفها ، يشم رائحة ارتجافها ، لقد انتشى كثيرا قبلها و ظن أنه شرب النساء حتى الثمالة لكن ها هي أمامه تثبت له أنه ظلت قطرة أخيرة في الكأس تحوي خلاصة كل من مررن قبلها و نسي مذاقهن
و تحوي ما لديهن جميعهن و ما لم يكن أبدا لدى أي منهن
الشره داخله يتوالد ، يتكاثر ، يتعاظم و يتسرب في هيجان أنفاسه ، في اشتعال نظراته ، في تصلب ملامحه ، في مزيد من انفراج شفتيه
هذه هي لحظة ما قبل الانتشاء التي يموت الاهتمام بكل ما دونها و سواها ، التي يقبل عليها الجسد بكل ذرة فيه
أغمض عينيه و أخذ يتشمم بعمق ، أنفاسها معطرة بخوفها البكر الذي لم يكتشفه رجل آخر سواه
هو لا يريد فقط جسدها ، يريدها كلها ، حتى خوفها ، حتى ارتجافها
كل جسده صار أفواها تطالب بها و العطش يستبد به فيتحجر حلقه و يتسارع نسق ابتلاعه لريقه
في مكانها تتحفز ، لم تكن تفهم ما يحصل معه لكن حتى براءتها لم تمنعها من الإحساس بالجو المشحون خبثا ماجنا بينهما
شعرت بكامل وطأته و بأنها في خطر .
فجأة شعر هو بأن حريق أعصابه أتى على كامل صبره و في اللحظة التالية فوجئت به يضع يدا أسفل عنقها و يمسك ذقنها بيده الأخرى فتنجذب شفتها السفلى و تصير في وضع التقبيل :
- أنا أريدك جدا
كفاك عندا ، أنا أكاد أجن
إلى هذه الدرجة أنت منعدمة الإحساس ؟
عيناه تنزلقان بلهفة خارجة عن سيطرته بين عينيها و شفتيها و أنفاسها المضطربة تؤجج لهيب أنفاسه .
- ستكونين ملكي و مدللتي ، قولي نعم فقط و أنا سأعيشك النعيم
يدها تشبثت بكل قواها بالمفتاح كأن فيه نجاتها و أصابع اليد الأخرى تسلقت يده القابضة على ذقنها و حفرت بأظافرها في لحمه بعمق .
ترك ذقنها فورا و عبس و هو يرى الخطوط الدامية على بشرته .
- يا بنت ال ...
همس شتيمة فاحشة في حق أبيها بنفس النبرات الرقيقة التي كان يغازلها بها .
وضع يده أمام وجهها و فح بلوم :
- فيم أساء لك مؤيد بالضبط حتى تؤذيه هكذا يا روحي ؟
الآن يجب عليك فعلا تعويضي .
اتسعت عيناها بحيث ذابت باقي ملامحها و لم يعد ير غيرهما فمد يديه يثبت كلا ذراعيها على جانبيها و هوى بوجهه نحو وجهها .
أغمضت عينيها و ابتلعت شفتيها بسرعة إلى الداخل فشعرت بقبلاته الحارة تستبيحان كل وجهها .
أخذت تهتز بعنف وسط المساحة الصغيرة السوداء التي حاصرها فيها و ما إن استشعرت ابتعاد وجهه حتى علا نحيبها المرتعب و انبعثت توسلاتها متعثرة في شهقاتها :
- في عرضك ، اتركني ، اتركني
أنا لا أريد ، لا أريد
تراجعت يداه عن ذراعيها و بعنين زائغتين راقبها تضغط بتشنج على زر المفتاح و تزداد توترا و هي ترى الباب لا يفتح فتستمر بالضغط على نفس الموضع .
مد يده يتناول المفتاح فأطلقت شهقة فزع .
- اهدئي ، أمرها بملامح مظلمة ، أنت تضغطين على زر إغلاق الباب و لو استمريت هكذا ستعطلين القفل و تسجنين معي هنا .
ناظرته بتوسل مرتعب فأشاح بوجهه و قال :
- اضغطي الزر المرسوم عليه قفلا مفتوحا ، و بحدة أضاف ، و انقلعي بسرعة لأني لا أطيق أن أراك أكثر .
ترجلت من السيارة ، دموعها تتسابق فوق خديها الممتقعين ، و أخذت تمشي كأن كل خطوة هي احتضار .
أنفاسه الهائجة و كلماته الشهوانية مازالت تجرح سمعها و تغوص في عمقها ، لقد جرح لحم براءتها و تعرف يقينا أن جرحه لن يبرأ .
تلفتت حولها بذعر ، صوته بين هدير أمواج البشر المحيطة بها يلاحقها ، قلبها يضغط على أضلعها فتكاد تنثني بجسدها تجاريه في التوائه .
مادت بها الأرض و شعرت بأنها تكاد تنكفئ على نفسها ، جرت ساقيها المرتجفتين جرا حتى استندت إلى أقرب حائط ثم أخرجت هاتفها و ضغطت بأصابعها المرتجفة ، ظلت تستمع للرنين البارد دون تعب و ما إن فتحت المكالمة أخيرا حتى انبعث صوتها ضعيفا تقطعه بحة البكاء :
- فرح الحقيني
*************************
**************
نهاية الفصل